الغدير في الكتاب والسنة والأدب الجزء ٧

الغدير في الكتاب والسنة والأدب0%

الغدير في الكتاب والسنة والأدب مؤلف:
الناشر: دارالكتب الإسلامية
تصنيف: الإمامة
الصفحات: 417

الغدير في الكتاب والسنة والأدب

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: العلامة الشيخ الأميني
الناشر: دارالكتب الإسلامية
تصنيف: الصفحات: 417
المشاهدات: 172528
تحميل: 4636


توضيحات:

الجزء 1 المقدمة المقدمة المقدمة المقدمة المقدمة المقدمة المقدمة المقدمة المقدمة المقدمة الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5 الجزء 6 الجزء 7 الجزء 8 الجزء 9 الجزء 10 الجزء 11
المقدمة
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 417 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 172528 / تحميل: 4636
الحجم الحجم الحجم
الغدير في الكتاب والسنة والأدب

الغدير في الكتاب والسنة والأدب الجزء 7

مؤلف:
الناشر: دارالكتب الإسلامية
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

ضيّعتمونا والوصايا ضُيِّعت

فينا وسهمُ الحور سارٍ سارحُ

يا فاطم الزهراء قومي وانظري

وجهَ الحسين له الصعيد مصافحُ

أكفانه نَسجُ الغبار وغسله

بدم الوريد ولم تنحه نوائحُ

وشبوله نهب السيوف تزورها

بين الطفوف فراعلٌ وجوارحُ(١)

وعلى السنانَ سنان رافع رأسه

ولجسمه خيل العداة روامحُ(٢)

والوحش يندب وحشةً لفراقه

والجنُّ إن جنَّ الظُّلام نوايحُ

والأرض ترجف والسماء لأجله

تبكي معاً والطِير غادٍ رايحُ

والدهر من عظم الشجى شق الردا

أسفاً عليه وفاضَ جفنٌ دالحُ(٣)

يا للرِّجال لظلم آل محمّدٍ

ولأجل ثارهمُ وأين الكادحُ؟(٤)

يُضحى الحسين بكربلاء مرَّملاً

عريان تكسوه التراب صحاصحُ(٥)

وعياله فيها حيارى حسَّرٌ

للذلِّ في اشخاصهنَّ ملامحُ(٦)

يُسري بهم أسرى إلى شرِّ الورى

مِن فوق أقتاب الجمال مضابحُ(٧)

ويُقاد زين العابدين مغلّلاً

بالقيد لم يشفق عليه مسامحُ

ما يكشف الغمّاء إلّا نفحةٌ

يحيى بها الموتى نسيمٌ نافحُ

نبويَّة علويَّةٌ مهديَّةٌ

يُشفى بريّاها العليل البارحُ

يضحى مناديها ينادي: يا لثا

رات الحسين وذاك يومٌ فارحُ

والجنُّ والأملاك حول لوائه

والرعب يقدم والحتوفُ تناوحُ(٨)

____________________

١ - فراعل ج الفرعل: والد الضبع. الجوارح ج الجارحة: ذات الصيد من السباع والطير والكلاب.

٢ - روامح من رمحته الدابة: رفسته.

٣ - الدالح: الكثير الماء.

٤ - الكادح: الذي جهد نفسه فى العمل.

٥ - صحاصح ج الصحصح: الارض الجرداء المستوية ذات حصى صغار.

٦ - الملاح: ما بدى من محاسن الوجه ومساويه.

٧ - المضابح: المقالى والمخاصم.

٨ - تناوح: تقابل.

٦١

و و في جذعيهما

خفضاً ونصب الصلب رفعٌ فاتحُ

و و و الإثم والـ

ـعدوان في ذُلِّ الهوان شوائحُ

لعنوا بما اقترفوا وكلُّ جريِمة

شبَّت لها منهم زنادٌ قادحُ

يا بن النبيِّ صبابتي لا تنقضي

كمداً وحزني في الجوانح جانحُ(١)

أبكيكُم بمدامع تترى إذا

بخل السحاب لها انصبابٌ سافحُ

فاستجلِ من مولاك عبد ولاك من

لولاك ما جادت عليه قرايحُ

برسيَّة كملت عقود نطامها

حليَّة ولها البديع وشايحُ(٢)

مدَّت إليك يداً وأنت منيلها

يا بن النبيِّ وعن خطاها صافحُ

يرجو بها (رجب) القبول إذا أتى

وهو الذي بِك واثقٌ لك مادحُ

أنت المعاذ لدى المعاد وأنت لي

إن ضاق بي رَجب البلاد الفاسحُ

صلّى عليك الله ما سكب الحيا

دمعاً وما هبَّ النسيم الفائحُ

وله في رثاء الامام السبط صلوات الله عليه قوله:

ما هاجني ذكر ذات البان والعلم

ولا السَّلام على سلمى بذيِ سلمِ

ولا صبوت لصبّ صاب مدمعه

من الصبابة صبَّ الوابل الرزمِ(٣)

ولا على طلل يوماً أطلت بهِ

مخاطباً لاُهيل الحيِّ والخيمِ

ولا تمسَّكت بالحادي وقلت له:

إن جئت سلعاً فسل عن جيرة العلمِ(٤)

لكن تذكرت مولاي الحسين وقد

أضحى بكرب البلا في كربلاء ظمي

ففاض صبري وفاض الدمع وابتـ

ـ عد الرقاد واقترب السهاد بالقسمِ

وهامَ إذ همت العبراتِ من عدم(٥)

قلبي ولم استطع مع ذاك منعَ دمي

____________________

١ - الجوانح: الضلوع تحت الترائب مما يلى الصدر. الجانح من جنحت السفينة: لزقت بالارض فلم تمض.

٢ - وشايح ج وشاح شبه قلادة يرصّع بالجوهر تشدّه المرأة بين عاتقها وكشحيها.

٣ - صبوت من صبا يصبو: حنّ. الصب: العاشق. الصبابة. الشوق ورقة الهوى. الوابل المطر الشديد. الرزم الذى لا ينقطع رعده.

٤ - مطلع بديعية صفى الدين الحلى. راجع ج ٦: ٤٤ ط ٢.

٥ - همت من همى يهمى هميا: سال لا يثنيه شىء.

٦٢

لم أنسه وجيوش الكفر جائشة

والجيش في أمل والدين في ألمِ

تطوف بالطفِّ فرسان الضَّلال به

والحقُّ يسمع والأسماع في صممِ

وللمنايا بفرسان المنى عجلٌ

والموت يسعى على ساقِ بلا قدمِ

مُسائلاَ ودموع العين سائلةٌ

وهو العليم بعلم اللوح والقلمِ:

ما إسم هذا الثرى يا قوم! فابتدروا

بقولهم يوصلون الكلم بالكلمِ:

بكربلا هذه تُدعى فقال: أجل

آجالنا بين تلك الهضب والاكمِ

حطوا الرِّحال فحال الموت حلَّ بنا

دون البقاء وغير الله لم يدمِ

يا للرِّجال لخطب حلَّ مخترم الآ

جال معتدياً في الأشهر الحرمِ

فهاهنا تصبح الأكباد من ظمأٍ

حرَّى وأجسادها تروى بفيض دمِ

وها هنا تصبح الأقمار آفلةً

والشَّمس في طفل والبدر في ظلمِ

وها هنا تملك السادات أعبدُها

ظلماً ومخدومها في قبضة الخدمِ

وها هنا تصبح الأجساد ثاويةً

على الثَرىّ مطعماً للبوم والرّخمِ(١)

وها هنا بُعد بُعد الدار مدفننا

وموعد الخصم عند الواحد الحكمِ

وصاح بالصحب هذا الموت فابتدروا

اُسداً فرائسها الآساد في الأجمِ

من كل أبيض وضَّاح الجبين فتىً

يغشي صلى الحرب لا يخشى من الضرمِ

من كلِّ منتدبٍ لله محتسبٍ

في الله مُنتجب بالله مُعتصمِ

وكلِّ مصطلم الأبطال مصطلم

الآجال مُلتمس الآمال مُستلمِ

وراح ثَمَّ جواد السبط يندبه

عالي الصهيل خلّياً طالب الخيمِ

فمذ رأته النساء الطاهرات بدا

يكادم(٢) الأرض في خدّ له وفمِ

برزن نادبةً حسرى وثاكلةً

عبرى ومعلولة بالمدمع السجمِ

فجئن والسبط ملقىً بالنصال أبت

مِن كفّ مُستلمٍ أو ثغرِ ملتثمِ

والشمر ينحر منه النحر من حنقٍ

والأرض ترجف خوفاً مِن فعالهمِ

____________________

١ - البوم. طائر يسكن الخراب. الرخم: طائر من الجوارح الكبيرة الجثة الوحشية الطباع.

٢ - يكادم: يعضّ.

٦٣

فتستر الوجهَ في كمّ عقيلته

وتنحني فوق قلبٍ والهٍ كلمِ(١)

تدعو أخاها الغريب المستظام أخي

يا ليت طرف المنايا عن عُلاك عمِ

مَن إتكلت عليه في النساء ومَن

اوصيت فينا ومن يحنو على الحرمِ؟

هذي سكينة قد عزَّت سكينتها

وهذه فاطمٌ تبكي بفيض دَمٍ

تهوي لتقبيله والدمع منهمرٌ

والسبط عنها بكرب الموت في غممِ(٢)

فيمنع الدمَّ والنصل الكسير به

عنها فتنصلُّ لم تبرح ولم ترمِ

تضمُّه نحوها شوقاً وتلثمه

ويخضب النحرُ منه صدرَها بدمِ

تقول من عظم شكواها ولوعتها

وحزنها غير منقضٍّ ومُنفصمِ

: أخي لقد كنت نوراً يستضاء به

فما لنور الهدى والدين في ظلمِ

أخي لقد كنت غوثاً للأرامل يا

غوث اليتامى وبحر الجود والكرمِ

يا كافلي هل ترى الأيتامَ بعدك في

اسر المذلَّة والاوصاب(٣) والالمِ

يا واحدي يا بن اُمِّي يا حسين لقد

نال العدى ما تمنّوا مِن طلابهمِ

وبرَّدوا غلل الأحقادِ من ضغنٍ

وأظهروا ما تخفّى في صدورهمِ

أين الشفيقُ وقد بان الشقيق وقد

جار الرفيق ولجُّ الدَّهر في الازمِ(٤)

مات الكفيل وغاب اللّيث فابتدرت

عرج الضباع على الأشبال في نهمِ

وتستغيث رسول الله صارخةً:

يا جدُّ أين الوصايا في ذوي الرحمِ؟

يا جدُّ لو نظرتْ عيناك مِن حزن

للعترة الغرِّ بعد الصون والحشمِ

مشرَّدين عن الأوطان قد قهروا

ثكلى أسارى حيارى ضرِّجوا بدمِ

يسرى بهنَّ سبايا بعد عزَّهُم

فوق المطايا كسبي الروم والخدمِ

هذا بقيَّة آل الله سيّد أهل

الأرض زينُ عباد الله كلّهمِ

____________________

١ - الكلم من كلمه كلما: جرحه.

٢ - غمم بضم المعجمة ج الغمة: الحيرة واللبس.

٣ - الاوصاب ج الوصب راجع ص ٥٥.

٤ - الازم: من أزم الدهر القوم: استأصلهم. وأزم بصاحبه: لزم. وأزم الحبل: احكم فعله. والازم ج الازمة: الشدة.

_٤_

٦٤

نجل الحسين الفتى الباقي ووارثه

والسيِّد العابد السجّاد في الظلمِ

يُساق في الأسر نحو الشام مهتظماً

بين الأعادي فمن باكٍ ومبتسمِ

أين النبيُّ وثغر السِّبط يقرعه

يزيدُ بعضاً لخير الخلق كلّهمِ؟

أيَنكت الرجس ثغراً كان قبَّله

مِن حبِّه الطهر خيرُ العرب والعجمِ؟

ويدَّعي بعدها الإسلام من سفه

وكان أكفر من عاد من إرمِ؟

يا ويله حين تأتي الطُّهر فاطمةٌ

في الحشر صارخةً في موقف الاُممِ

تأتى فيطرق أهلُ الجمع أجمعهم

منها حياءً ووجه الأرض في قتمِ

وتشتكي عن يمين العرش صارخة

وتستغيث إلى الجبّار ذي النقمِ

هناك يظهر حكم الله في ملأ

عضّوا وخانوا فيا سحقاً لفعلهمِ

وفي يديها قميصٌ للحسين غدا

مضمَّخاً بدم قرناً إلى قَدمِ

أيا بني الوحي والذكر الحكيم ومَن

وِلاهمُ أملي والبرء مِن ألمي

حزني لكم أبداً لا ينقضي كمداً

حتى الممات وردِّ الروح في رممِ

حتّى تعود إليكم دولةٌ وُعدت

مهدَّية تملأ الأقطار بالنعمِ

فليس للدين مِن حامٍ ومُنتصرِ

إلَّا الإمام الفتى الكشّاف للظلمِ

القائم الخلف المهديُّ سيِّدنا

الطاهر العلم ابن الطاهر العلمِ

بدر الغياهب تيّار المواهب مَنـ

ـصور الكتائب حامي الحلّ والحرمِ(١)

يا بن الامام الزكيّ العسكريّ فتى

الهادي التقيّ عليِّ الطاهر الشيمِ

يا بن الجواد ويا نجل الرضا ويا

سليلَ كاظم غيظ مَنبع الكرمِ

خليفة الصّادق المولى الذي ظهرت

علومه فأنارت غيهب الظلمِ

خليفة الباقر المولى خليفة زين

العابدين عليّ طيِّب الخيمِ

نجل الحسين شهيد الطفِّ سيِّدنا

وحبَّذا مفخرٌ يعلو على الاُممِ

نجل الحسين سليل الطُّهر فاطمة

وابن الوصيّ عليٍّ كاسر الصنمِ(٢)

____________________

١ - الغياهب جمع الغيهب: الظلمة الشديد السواد من الليل. التيّار: موج البحر الهائج. الكتائب ج الكتيبة: القطعة من الجيش أو الجماعة من الخيل.

٢ - راجع من هذا الجزء ص ٩ - ١٣.

٦٥

يا بن النبيِّ ويا بن الطُّهر حيدرة

يا بن البتولِ ويا بن الحلِّ والحرمِ

أنت الفخار ومعناه وصورته

ونقطة الحكم لا بل خطّة الحِكمِ

أيَّامك البيض خضرٌ فهي خاتمة

الدنيا وختم سعود الدين الاممِ

متى نراك فلا ظُلمٌ ولا ظلم

والدين في رَغَد والكفر في رغمِ؟

أقبل فسبل الهدى والدين قد طمست

ومسّها نصبٌ والحقُّ في عدمِ

يا آل طاها ومَن حبّي لهم شرفٌ

أعدُّه في الورى من أعظم النعمِ

إليكمُ مِدحةٌ جاءت منظَّمةً

ميمونة صغتها مِن جوهر الكلمِ

بسيطة إن شذت أو انشدت عطرت

بمدحكم كبساط الزهر منخرمِ

بكراً عروساً ثكولاً زفَّها حزنٌ

على المنابر غير الدَّمع لم تسمِ

يرجو بها (رجب) رَحب المقام غداً

بعد العناء غناء غير منهدمِ

يا سادة الحقِّ مالي غيركم أملٌ

وحبّكم عدّتي والمدح معتصمي

ما قدر مدحيَ والرَّحمن مادحكم

في هل أتى قد أتى مع نون والقلمِ

حاشاكم تحرموا الراجي مكارمكم

ويرجع الجارُ عنكم غيرَ محترمِ

أو يختشي الزلَّة (البرسيُّ) وهو يرى

ولاكم فوق ذي القربى وذي الرحمِ

إليكمُ تحف التسليم واصلةٌ

ومنكمُ وبكم أنجو مِن النقمِ

صلّى الإ~له عليكم ما بدا نسمٌ(١)

وما أتت نسمات الصبح في الحرمِ

وله قوله:

أما والّذي لِدَمي حلّلا

وخصَّ اُهيل الولا بالبلا

لئن أسق فيه كؤس الحمام

لما قال قلبي لساقيه: لا

فموتي حياتي وفي حبِّه

يلذُّ افتضاحيَ بين الملا

فمن يسل عنه؟ فإنَّ الفؤا

د تسلّى وما قطُّ آناً سلا

مضت سنَّة الله في خلقه

بأنَّ المحبَّ هو المبتلى

وله قوله:

لقد أظهرتَ يا حافظُ

سرّاً كان مخفيّاً

____________________

١ - نسم ج النسمة: الانسان أو كل دابة فيها روح.

٦٦

وأبرزتَ مِن الأنوارِ

نوراً كان مطويّا

به قد صرت عند اللهِ

والسّادات علويّا

ومقبولاً ومسعوداً

و محسوداً ومرضيّا

فطب نفساً وعش فرداً

وكن طيراً سماويّا

غريباً يألف الخلوةَ

لا يقرب إنسيّا

غدا في الناس بالخلوةِ

والوحدة منسيّا

وإن أصبحت مرفوضاً

بسهم البغض مرميّا

فلم يبغضك إلّا مَن

أبوه الزنج بصريّاً

عمانيّاً مراديّاً

مجوسيّاً يهوديّا

لهذا قد غدا يبغض

ذاك الطين كوفيّا

وفي المولد والمحتد

برسيّاً وحليّا

وله في الغزل قوله:

لقد شاع عّني حبُّ ليلى وإنَّني

كلفت بها عشقاً وهمت بها وجداً

وأصبحت اُدعى سيِّداً بين قومها

كما أنَّني أصبحت فيهم لها عبدا

اُلاقي الورى في حبِّها في تنكُّر

فذا مانحٌ صدّاً وذا صاعرٌ خدّا

وذا عابسٌ وجهاً يطوِّل أنفه

عليَّ كأنّي قد قتلتُ له وُلدا

ولا ذنب لي في هجرهم لي وهُجرهم

سوى إنَّني أصبحتُ في حبِّها فردا

ولو عرفوا ما قد عرفتُ ويمّموا

حماها كما يمّمته أعذروا حدّا

وظنّوا وبعض الظنِّ إثمٌ وشنَّعوا

بأنّ امتداحي جاوز الحدَّ والعدّا

فوالله ما وصفي لها جاز حدَّه

ولكنها في الحسن قد جازت الحدّا

هذه جملة ما وقفنا عليه من شعر شيخنا الحافظ البرسي وهي ٥٤٠ بيتاً ولا يوجد فيها كما ترى شيء ممّا يرمى به من الارتفاع والغلوّ فالأمر كما قال هو:

وظّنوا وبعض الظنِّ إثمٌ وشنّعوا

بأنَّ امتداحي جاوز الحدَّ والعدّا

فوالله ما وصفي لها جاز حدَّه

ولكنَّها في الحسن قد جازت الحدّا

توجد ترجمته في أمل الآمل. ورياض العلماء. ورياض الجنّة في الروضة الرابعة.

٦٧

وروضات الجنات. وتتميم الأمل للسيّد ابن أبي شبانة. الكنى والألقاب. وأعيان الشيعة. والطليعة. والبابليات.

ولم نقف على تاريخ ولادة شاعرنا الحافظ ووفاته، غير أنّه أرَّخ بعض تآليفه بقوله: إنَّ بين ولادة المهديعليه‌السلام وبين تأليف هذا الكتاب خمسمائة وثمانية عشر سنة. فيوافق ٧٧٣، أخذاً برواية ٢٥٥ في ولادة الإمام المنصور صلوات الله عليه، ومرَّ في تاريخ بعض كتبه أنّه أرَّخه بـ ٨١٣، ولعلّه توفّي حدود هذا التاريخ والله العالم.

٦٨

(المغالاة في الفضائل)

لمـّا وقع غير واحد من شعراء الغدير نظراء المترجم - البرسي - في شبك النقد والاعتراض، ورُموا بالغلوِّ، وجاء غير واحد من المؤلِّفين(١) فشنَّ عليهم الغارات بالقذف والسباب المقذع فيهمّنا إيقاف الباحث على هذا المهمِّ حتّى لا يستهويه اللغب و الصخب، ولا يصيخ إلى النعرات الطائفيَّة الممقوتة، وقول الزور فنقول:

الغلوّ على ما صرَّح به أئمَّة اللغة كالجوهري والفيّومي والراغب وغيرهم هو تجاوز الحدِّ، ومنه غلا السعر يغلو غلاء، وغلا الرجل غلوّاً، وغلا بالجارية لحمها وعظمها إذا اسرعت الشباب فجاوزت لِداتها قال الحرث بن خالد المخزومي:

خمصانة قلق موشحها

رود الشباب غلابها عظم

ومنه قول رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : لا تغالوا في النساء فانَّما هنَّ سقيا الله(٢) وقول عمر: لا تغالوا في مهور النساء(٣) والغلوُّ ممقوت لا محالة أينما كان وحيثما كان في أيِّ أمر كان، ولا سيِّما في الدِّين وعليه ينزّل قوله تعالى في موضعين(٤) من الذكر الحكيم: يا أهل الكتاب لا تغلوا في دينكم. ويعني في ذلك كما ذكره المفسرون(٥) غلوّ اليهود في عيسى حتى قذفوا مريم، وغلوّ النصارى فيه حتى جعلوه ربّاً. فالإفراط والتقصير كله سيِّئة. والحسنة بين السيِّئتين كما قاله مطرف بن عبد الله، وقال الشاعر:

وأوف ولا تستوف حقّك كله

وصافح فلم يستوف قطُّ كريمُ

ولا تغلُ في شيء من الأمر واقتصد

كلا طرفي قصد الأمور ذميمُ

____________________

١ - كابن تيمية وابن كثير، والقصيمى وموسى جار الله. ومن لفّ لفهم.

٢ - البيان والتبيين ٢ ص ٢١.

٣ - راجع الجزء السادس من الكتاب ص ٩٦ ط ٢.

٤ - النساء: ١٧١، المائدة: ٧٧.

٥ - تفسير القرطبى ٦ ص ٢١.

٦٩

وقال آخر:

عليك بأوساط الامور فانَّها

نجاةٌ ولا تركب ذلولاً ولا صعبا

وقال مولانا أمير المؤمنين: إنَّ دين الله بين المقصّر والغالي فعليكم بالنمرقة الوسطى فيها يلحق المقصّر، ويرجع اليها الغالي(١) غير أنّ من الواجب تعيين الحدِّ الذي لا يجوز في الدين أن يتجاوزه الإنسان لاستلزام الغلوِّ الكذب تارة، والإغراء بالجهل اُخرى، وبخس الحقوق الواجبة آونة، لا ما دأبت عليه اُمَّة من الرميِّ بالغلوِّ كلّ قائل ما لا يروقها، وتحدوها العصبيَّة العمياء إلى التجهم أمام القول بما لا يلائم ذوقها، ومن هذا الباب أكثر ما ترمى به الشيعة الإماميَّة من الغلوِّ لاعتقادهم أو روايتهم فضائل لأئمَّة أهل البيت عليهم السّلام، وقد طفحت بها الصحاح والمسانيد، وتدفَّقت بنقلها الكتب والمؤلِّفات، حيث لمُ يقمَ من نَبزَهم به لأئمة الهدى وزناً تقيمه الحقيقة ويقتضيه مقامهم الأسمى، ذلك المقام الشامخ المستنبط من الكتاب والسّنة والإعتبار الصحيح والقضايا الخارجيَّة الصادقة المتسالم عليها بين الاُمّة، لولا أنّ هناك من يتعامى أو يتصامم عن رؤية هذه وسماع هاتك، أو تقصر مُنَّته العلميَّة عن تحليل الفلسفة الصحيحة، أو يقصر باعه عن الإحاطة بالكائنات التاريخيَّة، من الذين استأسرهم الهوى وتَدَهور بهم الجهل إلى هوَّة التيه والضلال، فعدّوا من الغلوِّ الفاحش القول بعلم الغيب فيهم أو إخبارهم عمّا في الضمير، أو تكلّم الموتى معهم، أو علمهم بمنطق الطير والحيوانات، أو إحياء الله الموتى بدعائهم، أو استجابة دعواتهم في برء الأكمه والأبرص، وبلّ كلّ ذي عاهة، أو القول بالرجعة لهم، أو ظهور كرامة لهم تخرق العادة، أو الشخوص إلى زيارة قبورهم والتوسُّل بهم، والتبرّك بتربتهم، والدعاء والصَّلاة عند مراقدهم، أو التلهف والتأسف على ما انتابهم من المصائب، إلى كثير من أمثال هذه من مبادئ تراها الشيعة في العترة الهادية من فضائلهم المدعومة بالبرهنة الصحيحة والحجج القويَّة ممّا أنكرته أبناء حزم وجوزيّ وتيميَّة وقيّم وُكثير ومَن حذا حذوهم ولفَّ لفَّهم.

ولعلَّ لهم العذر في ذلك بأنَّ الذي يرتأونه في الخليفة لا يزيد على أنَّه رجلٌ يقطع

____________________

١ - ربيع الابرار للزمخشرى.

٧٠

السارق ويقتصُّ من القاتل، ويحفظ الثغور، ويدحر الهرج في الأوساط، ويجمع الفيء ويقسِّم، إلى أمثال هذه ممّا هو شأن الملوك والاُمراء في الاُمم والأجيال، وتُعرب عنه خطب أبي بكر وعمر لمـّا استخلفا(١) واستخلاف عثمان ومعاوية وابنه الطاغي، وهلمّ جرّا، وحديث عبد الله بن عمر وحميد بن عبد الرحمن كما يأتي بيانه.

وهم لا يوجبون في الخليفة قوَّةً في النفس منبعثةً عن نزاهة وقداسة وعصمة يتصرَّف بها صاحبها في الكائنات كيفما اقتضته المصلحة، ويبصر المغيَّب بعين بصيرته، أو بنور بصره الذي لا يقلُّ عن أشعَّة (رنتجن) التي يبصر صاحبها الأمعاء من وراء الجلد الغليظ وتُري ما في قبضة المسك بيده من ظهر اليد، وبلغت بها القوَّة حتى أخذت بها الصورة الشمسيَّة من وراء سياج الصندوق الحديدي.

والذي يخبت في القوى النفسيّة إلى مثل التنويم المغناطيسي الصناعي أو استحضار الأرواح واستخدامها للجواب عن كلِّ مسألة يريدها الإنسان ممّا في وراء عالم الشهود بقوَّة نفسه كيف يسعه إنكار ردّ الأرواح إلى الأجسام باذن ربِّها لدعاء وليٍّ، أو مقدرة صدِّيق موهوبة له من بارئ كيانه؟ وليس على الله بعزيز، هو الذي يحيي ويميت فإذا قضى أمراً فإنَّما يقول له كن فيكون.

وكذلكَ من يشهد: انَّ الطائرات الجوِّية تطوي مئات من الفراسخ في آونة قصيرة، وكان يستدعي ذلك اشغال أشهر من الزمن يوم كانوا يطوونها على الظهور، أنّى يُسيغ له حجاه أن ينكر طيّ الأرض لمن يحمل بين جنبيه قوىً مفاضةً من المبدء الحقِّ سبحانه؟ وترى الجبال تحسبها جامدةً وهي تمرُّ مرَّ السحاب(٢) .

ومثله: الذي يبصر المذياع وهو ينقل الأصوات من أبعد المسافات فيسمعها كأنَّه يتلو القرآن الكريم، أو يُلقي خطابته، أو يسرد أخباره، أو يغنّي بأهازيجه إلى جنبه فهو لا يسعه إنكار ما يشابه ذلك في إمام حقّ مؤيَّد من عند الله، إنّ الله يُسمع مَن يشاء وما أنت بمسمع مَن في القبور(٣) .

____________________

١ - راجع الجزء السادس من الكتاب ص ١٩١ ط ٢ وهذا الجزء فيما يأتى.

٢ - سورة النمل آية ٨٨.

٣ - سورة فاطر آية ٢٢.

٧١

ونظيره: المتكلّم الذي تُمثَّل له بالقوى الممثِّلة صورةُ مَن يخاطبه ويتكلّم معه (في الهاتف) مِن صقعٍ شاسعٍ كأنّه يراه وينظر اليه من كَثَب. وكذلك نُري إبراهيم ملكوت السَّموات والأرض(١) .

وأمثال هذه في المكتشفات الحديثة من آثار الكهرباء وغيره كثيرة ذلَّلت فيهم المعضلات التي كانت تقصر عنها العقول السذّج قبل هذا اليوم، ولعلَّ في المستقبل الكشَّاف يكون ما هو أعظم وأعظم من هذه كلّها، فإنَّ العلم لم يقف على حدّ، ولا دلَّت البرهنة على وصول الكشف إلى غايته المحدودة، فمن الجائز أن يتدرَّج إلى الأمام كما تدرَّج في هذه القرون الأخيرة جلّت قدرة بارئها.

أنا لا اُحاول جعل تلكم المعاجز وكرامات الأولياء من قبيل ما ذكرته من مجاري الناموس الطبيعيِّ، ولو أنَّها لا يعدوها الاعجاز حتَّى لو كانت على تلك المجاري، لأنَّها حدثت يوم لم تكن هذه الآثار مكتشفة، ولا عرفها أحدٌ من الناس، حتى أنَّه لو فاهَ بها أحدٌ لما كانوا يحفلون به إلّا بالهزء والسخريَّة معتقدين بأنّه يلهج بالمحال فصدورها من إنسان هذا ظرفه وتلك أحوال اُمَّته، ولم يعهد أنَّه دخل كلِّية أو تخرَّج على يد استاذ لا يعدوه أن تكون معجزة، لكنّا نعتقد أنَّ اولئك الأئمّة بما أنهَّم مقيّضون لإصلاح الاُمَّة ولا يكون إلّا بخضوعها لهم، وأقوى الحجج لاستلانة جماحها لذلك الخضوع هو صدور المعجزات والخوارق - لهم صلة بالمبدء الأقدس يسدِّدهم بها من فوق عالم الطبيعة، وهو لازم اللطف الواجب على الله سبحانه من تقريب البعيد إلى ما ذكرناه من الإكتشافات الحديثة لتقريب الأذهان وتشحيذها، وإيقاف المنصف على الحقايق. وقد فصَّلنا القول في بعض الموضوع في الجزء الخامس ٥٢، ٦٥ ط ٢.

فهلمَّ معي إلى اناس يشنِّعون على الشيعة باثبات تلكم النسب ويقذفونهم بالغلوِّ والكفر والشرك وهم يثبتونها لغير واحد من أولياءهم، وذكروا أضعاف ما عند الشيعة من تلكم الفضائل المرميَّة بالغلوِّ في تراجم العاديِّين من رجالهم، ونشروها في الملأ واتَّخذوها تاريخاً صحيحاً من دون أيِّ غمز وإنكار في السند، ومن غير مناقشة و نظرةٍ صحيحة في المتون، كلّ ذلك حبّاً وكرامة لأولئك الرجال، وحبُّ الشيىء يعمي

____________________

١ - سوره الانعام آية ٧٥.

٧٢

ويصمّ، وهذه السيرة مطَّردة فيهم منذ القرن الأول حتّى اليوم، ولا يسع لأيِّ باحثٍ رميُ أولئك المؤلِّفين الحفّاظ بالضَّلال والشرك والغلوِّ وخروجهم عمّا أجمعت عليه الاُمّة الاسلاميّة كما هم رموا الشيعة بذلك، على أنَّ الباحث يجد فيما لفَّقته يد الدعاية والنشر، ونسجته أكفُّ المخرقة والغلوِّ في الفضائل، عجائب وغرائب أو قل: سفاسف وسفسطات، تبعد عن نطاق العقل السليم، فضلاً عن أن تكون مشروعةً أو غير مشروعة وإليك البيان:

(الغلوّ فى أبى بكر)

ليس من العسير الشديد عرفان حدود أيِّ فرد شئت من الصَّحابة، إذ التاريخ - مع ما فيه من الخبط والخلط، مع ما نسجت عليه أيدي المعرَّة الأثيمة، مع ما طمس صحيحه بالفتن المظلمة في أدوارها وقرونها الخالية، مع ما لعبت به الأهواء المضلّة بالتحريف والاختلاق، مع ما دسَّ فيه عباقية الإفك والافتعال، مع ما سوِّدت صفحاته بآراء تافهة، و نظريّات سخيفة، ومبادئ فاسدة، ونعرات طائفيَّة، ومخاريق قوميَّة، وجنايات شعوبيّة - فيه رمزٌ من الحقيقة، لا يختلط للناقد البصير زُبده بخاثره، وصحيحه بسقيمه، ويسع له أن يستخرج المحض بالمخض، يتَّخذ منه دروس الحقايق، ويعرف به حدود الرجال، ومقاييس السلف، ومقادير الاُمم الغابرة.

ومن اللازم المحتوم علينا النظرة في تراجم الشخصيّات البارزة من رجال الإسلام سلفاً وخلفاً بعين الإكبار دون عين رمصة، ولا سيِّما من عُرف منهم بالخلافة الراشدة بين الملأ الدينيِّ ولو بالإنتخاب الدستوري الذي ليس له أيّ قيمة وكرامة في سوق الإعتبار، وميزان العدل، ربّك يخلق ما يشاء ويختار، ما كان لهم الخيرة(١) وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمراً أن يكون لهم الخيرة من أمرهم(٢) ولله الأمر مِن قبلُ ومِن بعدُ، وهو وليّهم بما كانوا يعملون، وكذَّبوا وأتبَّعوا أهوائهم وكلّ أمر مستقرّ.

____________________

١ - سورة القصص آية ٦٨.

٢ - سورة الاحزاب آية ٣٦.

٧٣

فصاحب النبيِّ الأعظم في الغار، والمهاجر الوحيد معه في الرعيل الأوَّل من المهاجرين السابقين يهمّنا إكباره وإعظامه، ويُعدُّ من الجنايات الفاحشة بخس حقّه، والتقصير في تحديد نفسيّاته، والخروج عن قضاء العدل فيها، والنزول على حكم العاطفة.

ونحن لا نحوم حول موضوع الخلافة وانَّها كيف تمَّت؟ كيف صارت؟ كيف قامت؟ كيف دامت؟ وانَّ الآراء فيها هل كانت حرَّة؟ ووصايا المشرِّع الأعظم هل كانت متَّبعة؟ أو كانت للأهواء والشهوات يوم ذاك حكومة جبّارة هي تبطش وتقبض، وهي ترفع وتخفض، وهي ترتق وتفتق، وهي تنقض وتبرم، وهي تحلُّ وتعقد.

لا يهمّنا البحث عن هذه كلّها بعد ما سمعت اُذن الدنيا حديث السقيفة مجتمع الثويلة، وقرّطت بنبأ تلك الصاخّة الكبرى، والتحارش العظيم بين المهاجرين والأنصار، إذا وقعت الواقعة، ليس لوقعتها كاذبة، خافضة رافعة.

ما عساني أن أقول؟ والتاريخ بين يدي الباحث يدرسه بانَّ كلَّ رجل من سواد الناس يوم ذاك كان يرى الفوز والسّلامة لنفسه في عدم التحزُّب بأحد من تلكم الأحزاب المتكثّرة، وترك الإقتحام في تلك الثورات النائرة، وكانت الخواطر تهدِّده بالقتل مهما أبدى الشقاق، أو التحيز إلى فئة دون فئة، بعد ما رأت عيناه فِرند الصارم المسلول، وسمعت اُذناه نداء محزّ(١) يتوعّد بالقتل كلَّ قائل بموت رسول الله ويقول: لا أسمع رجلاً يقول: مات رسول الله. إلّا ضربته بسيفي. أو يقول: من قال: إنَّه مات. علّوت رأسه بسيفي، وإنّما ارتفع إلى السَّماء(٢) .

يصيح: مَن قال نفس المصطفى قبضت

علّوت هامته بالسيف أبريها(٣)

بعد ما تشازرت الاُمَّة وتلاكمت وتكالمت وقام الشيخان يعرض كلٌّ منهما البيعة

____________________

١ - المحز: الرجل الغليظ الكلام.

٢ - تأريخ الطبرى ٣: ١٩٨، شرح ابن ابى الحديد ١: ١٢٨، تاريخ ابن كثير ٥: ٢٤٢، تأريخ ابى الفدا ج ١: ١٥٦، المواهب اللدنية للقسطلانى، روضة المناظر لابن شحنة هامش الكامل ٧: ١٦٤، شرح المواهب للزرقانى ٨: ٢٨٠، السيرة النبوية لزينى دحلان هامش الحلبية ٣: ٣٧١ - ٣٧٤، ذكرى حافظ للدمياطى ص ٣٦ نقلا عن الغزالى.

٣ - من ابيات القصيدة العمرية لحافظ ابراهيم شاعر النيل.

٧٤

لصاحبه قبل أخذ الرأي عن أيِّ أحد، كأنَّ الأمر دبّر بليل، فيقول هذا لصاحبه: ابسط يدك فلاُبايعك. ويقول آخر: بل أنت. وكلٌّ منهما يريد أن يفتح يد صاحبه ويبايعه، ومعهما أبو عبيدة الجراح حفّار القبور بالمدينة(١) يدعو الناس اليهما(٢) والوصيُّ الأقدس والعترة الهادية وبنو هاشم ألهاهم النبيُّ الأعظم وهو مسجّى بين يديهم وقد أغلق دونه الباب أهله(٣) وخلّى أصحابهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بينه وبين أهله فولوا إجنانه(٤) و مكث ثلاثة أيّام لا يُدفن(٥) أو من يوم الاءثنين إلى يوم الأربعاء أو ليلته(٦) فدفنه أهله ولم يله إلّا أقاربه(٧) دفنوه في الليل أو في آخره(٨) ولم يعلم به القوم إلّا بعد سماع صريف المساحي وهم في بيوتهم من جوف الليل(٩) ولم يشهد الشيخان دفنهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (١٠) .

بعد ما رأى الرجل عمر بن الخطاب محتجراً يهرول بين يدي أبي بكر وقد نبر حتى أزبد شدقاه(١١) .

بعد ما قرعت سمعه عقيرة صحابيّ بدريّ عظيم - الحباب بن المنذر - وقد انتضى سيفه على أبي بكر ويقول: والله لا يردُّ عليَّ أحدٌ ما أقول إلّا حطمت أنفه بالسيف،

____________________

١ - راجع الجزء الخامس من هذا الكتاب ص ٣١٤، ٣١٥ ط ٢.

٢ - تأريخ الطبرى ٣: ١٩٩.

٣ - سيرة ابن هشام ٤: ٣٣٦، الرياض النضرة ١: ١٦٣.

٤ - طبقات ابن سعد ص ٨٢١ ط ليدن ج ٢ من القسم الثانى ص ٧٦.

٥ - تأريخ ابن كثير ٥ ص ٢٧١، تاريخ ابى الفدا ج ١: ١٥٢.

٦ - طبقات ابن سعد ط ليدن ج ٢ ص ٥٨، ٧٩، سيرة ابن هشام ٤ ص ٣٤٣، ٣٤٤، مسند احمد ٦: ٢٧٤، سنن ابن ماجة ١ ص ٤٩٩، سيرة ابن سيد الناس ٢ ص ٣٤٠، تأريخ ابي الفداء ١: ١٥٢ وقال: الاصح دفنه ليلة الاربعاء، تاريخ ابن كثير ٥ ص ١٧١ وقال: هو المشهور عن الجمهور. وقال: والصحيح انه دفن ليلة الاربعاء، السيرة الحلبية ٣ ص ٣٩٤، شرح المواهب للزرقانى ٨ ص ٢٨٤، سيرة زينى دحلان هامش الحلبية ٣ ص ٣٨٠.

٧ - طبقات ابن سعد ص ٨٢٤، ط ليدن ٢ من القسم الثاني ص ٧٨.

٨ - سنن ابن ماجة ١ ص ٤٩٩، مسند احمد ٦: ٢٧٤.

٩ - الطبقات لابن سعد ص ٨٢٤ ط ليدن ٢ من القسم الثانى ص ٧٨، مسند احمد ٦: ٢٧٤، سيرة ابن هشام ٤ ص ٣٤٤، تأريخ ابن كثير ٥ ص ٢٧٠.

١٠ - أخرجه ابن ابى شيبة كما فى

كنز العمال ٣ ص ١٤٠.

١١ - طبقات ابن سعد ص ٧٨٧، ط ليدن ج ٢ من القسم الثاني ص ٥٣، شرح ابن ابى الحديد ١ ص ١٣٣.

٧٥

أنا جُذيلها المحكَّك(١) وعُذيقها المرجّب، أنا أبو شبل في عرينة الأسد يُعزى إلى الاسد، فيقال عليه: إذن يقتلك الله. فيقول: بل إياك يقتل. أو: بل أراك تقتل(٢) فأخذ ووطىء في بطنه، وُدسَّ في فيه التراب(٣) .

بعد ما شاهد ثالثاً يخالف البيعة لابي بكر وينادي: أما والله أرميكم بكلِّ سهم في كنانتي من نبل. وأخضب منكم سناني ورمحي، وأضربكم بسيفي ما ملكته يدي، واُقاتلكم مع من معي من أهلي وعشيرتي(٤) .

بعد ما رأى رابعاً يتذمَّر على البيعة، ويشبُّ نار الحرب بقوله: إنِّي لأرى عجاجة لا يطفئها إلّا دم(٥) .

بعد ما نظر إلى مثل سعد بن عبادة أمير الخزرج وقد وقع في ورطة الهون يُنزى عليه، ويُنادى عليه بغضب: اقتلوا سعداً قتله الله إنِّه منافق. أو: صاحب فتنة. وقد قام الرجل على رأسه ويقول: لقد هممت أن أطئك حتَّى تندر عضوك. أو تندر عيونك(٦) .

بعد ما شاهد قيس بن سعد قد أخذ بلحية عمر قائلاً: والله لو حصصت منه شعرة ما رجعت وفي فيك واضحة. أو: لو خفضت منه شعرة ما رجعت وفيك جارحة(٧)

____________________

١ - الجذل بالكسر والفتح: أصل الشجرة والعود الذى ينصب للابل الجربى لتحتكّ به فتستشفى به، فالقول مثل يضرب لمن يستشفى برأيه ويعتمد عليه، والتصغير للتعظيم.

وكذلك عذيقها المرجّب. والعذق: النخلة بحملها والترجيب أن تدعم الشجرة اذ اكثر حملها لئلا تنكسر اغصانها.

٢ - صحيح البخارى ١٠ ص ٤٥، مسند احمد ١ ص ٥٦، البيان والتبيين ٣ ص ١٨١. سيرة ابن هشام ٤ ص ٣٣٩ العقد الفريد ٢ ص ٢٤٨، الامامة والسياسة ١ ص ٩، تاريخ الطبرى ٣ ص ٢٠٩، ٢١٠، تاريخ ابن الاثير ٢ ص ١٣٦، ١٣٧، الرياض النضرة ١ ص ١٦٢، ١٦٤، تاريخ ابن كثير ٥ ص ٢٤٦ ج ٧ ص ١٤٢، الصفوة ١ ص ٩٧، تيسير الوصول ٢ ص ٤٥، شرح ابن ابى الحديد ١ ص ١٢٨ و ج ٢ ص ٤، السيرة الحلبية ٣ ص ٣٨٧، ابو بكر الصديق للاستاذ محمد رضا المصرى ص ٢٥.

٣ - شرح ابن ابى الحديد ٢ ص ١٦.

٤ - الامامة والسياسة ١ ص ١١، تاريخ الطبرى ٣ ص ٢١٠، تاريخ ابن الاثير ٢ ص ١٣٧. شرح ابن ابى الحديد ١ ص ١٢٨، السيرة الحلبية ٣ ص ٣٨٧.

٥ - راجع الجزء الثالث من كتابنا هذا صفحة ٢٥٣ ط ٢.

٦ - مسند احمد ١ ص ٥٦، العقد الفريد ٢ ص ٢٤٩، تاريخ الطبرى ٣ ص ٢١٠، سيرة ابن هشام ٤ ص ٣٣٩، الرياض النضرة ١: ١٦٢، ١٦٤، السيرة الحلبية ٣ ص ٣٨٧.

٧ - تاريخ الطبرى ٣ ص ٢١٠، السيرة الحلبية ٣ ص ٣٨٧.

٧٦

بعد ما عاين الزبير وقد اخترط سيفه ويقول: لا أغمده حتى يبايع عليٌّ فيقول عمر: عليكم الكلب، فيؤخذ سيفه من يده ويُضرب به الحجر ويُكسر(١) .

بعد ما بصر مقداداً ذلك الرجل العظيم وهو يدافع في صدره أو نظر إلى الحباب ابن المنذر وهو يحطَّم أنفه، وتُضرب يده. أو إلي اللائذين بدار النبوَّة، مأمن الاُمَّة، وبيت شرفها، بيت فاطمة وعليٍّ - سلام الله عليهما - وقد لحقهم الإرهاب والترعيد(٢) وبعث إليهم أبو بكر عمر بن الخطاب وقال لهم: إن أبوا فقاتلهم. فأقبل عمر بقبس من نار على أن يضرم عليهم الدار فلقيته فاطمة فقالت: يا بن الخطّاب أجئت لتحرق دارنا؟ قال: نعم، أو تدخلوا فيما دخل فيه الاُمَّة(٣) .

بعد ما رأى هجوم رجال الحزب السياسيِّ دار أهل الوحي وكشف بيت فاطمة(٤) وقد علت عقيرة قائدهم بعد ما دعا بالحطب: والله لتحرقنَّ عليكم أو لتخرجنَّ إلى البيعة. أو لتخرجنَّ إلى البيعة أو لأحرقنَّها على مَن فيها، فيقال للرجل: إنَّ فيها فاطمة فيقول: وإن(٥) .

بعد قول ابن شحنة: إنَّ عمر جاء إلى بيت عليٍّ ليحرقه على من فيه فلقيته فاطمة فقال: ادخلوا فيما دخلت فيه الاُمَّة « تاريخ ابن شحنة هامش الكامل ٧ ص ١٦٤ »

بعد ما سمع أنّةً وحنّةً من حزينة كئيبة - بضعة المصطفى - وقد خرجت عن خدرها وهي تبكي وتنادي بأعلى صوتها: يا أبت يا رسول الله! ماذا لقينا بعدك من ابن الخطاب و إبن أبي قحافة؟(٦) .

____________________

١ - الامامة والسياسة ١ ص ١١، تاريخ الطبرى ٣ ص ١٩٩، الرياض النضرة ١ ص ١٦٧، شرح ابن ابى الحديد ١ ص ٥٨، ١٣٢، ج ٢ ص ٥، ١٩.

٢ - تاريخ الطبرى ٣: ٢١٠، شرح ابن أبى الحديد ١: ٥٨.

٣ - العقد الفريد ٢: ٢٥٠ تاريخ ابى الفدا ج ١: ١٥٦، اعلام النساء ٣: ١٢٠٧.

٤ - الاموال لابى عبيد ص ١٣١، الامامة والسياسة لابن قتيبة ١: ١٨، تاريخ الطبرى ٤: ٥٢ مروج الذهب ١: ٤١٤، العقد الفريد ٢: ٢٥٤، تاريخ اليعقوبى ٢: ١٠٥.

٥ - تاريخ الطبرى ٣: ١٩٨، الامامة والسياسة ١: ١٣، شرح ابن ابى الحديد ١: ١٣٤. ج ٢: ١٩ اعلام النساء ٣: ١٢٠٥.

٦ - الامامة والسياسة ١: ١٣ اعلام النساء ٣: ١٢٠٦. الامام على لعبد الفتاح عبد المقصود ١: ٢٢٥.

٧٧

بعد ما رآها وهي تصرخ وتولول ومعها نسوة من الهاشميّات تنادي: يا أبا بكر ما أسرع ما أغرتم على أهل بيت رسول الله، والله لا أكلّم عمر حتّى ألقى الله.

« شرح ابن ابي الحديد ١ ص ١٣٤ ج ٢ ص ١٩ »

بعد ما شاهد هيكل القداسة والعظمة - أمير المؤمنين - يُقاد إلى البيعة كما يُقاد الجمل المخشوش(١) ويُدفع ويٌساق سوقاً عنيفاً واجتمع الناس ينظرون ويقال له: بايع: فيقول: إن أنا لم أفعل فمه؟ فيقال: إذن والله الذي لا إلـ~ـه إلّا هو نضرب عنقك فيقول: إذن تقتلون عبد الله وأخا رسوله(٢) .

بعد ما رأى صنو المصطفى عليّاً لاذ بقبر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وهو يصيح ويبكي و يقول: يا ابن اُمّ! إنَّ القوم استضعفوني وكادوا يقتلونني(٣) .

بعد نداء أبي عبيدة الجرّاح لعليّعليه‌السلام يوم سيق إلى البيعة: يا بن عمّ إنَّك حديث السنِّ وهؤلاء مشيخة قومك ليس لك مثل تجربتهم ومعرفتهم بالاُمور ولا أرى أبا بكر إلّا أقوى على هذا الأمر منك وأشدّ احتمالاً واستطلالا، فسلّم لأبي بكر هذا الأمر فإنَّك إن تعش ويطل بك بقاء فأنت لهذا الأمر خليقٌ وحقيقٌ في فضلك ودينك وعلمك وفهمك وسابقتك ونسبك وصهرك(٤) .

بعد رفع الأنصار عقيرتهم في ذلك اليوم العصبصب بقولهم: لا نبايع إلّا عليّاً. و بعد صياح بدريِّهم: منّا أميرٌ ومنكم أميرٌ، وقول عمر له: إذ كان ذلك فمت إن استطعت(٥) .

بعد قول أبي بكر للأنصار: نحن الاُمراء وأنتم الوزراء، وهذا الأمر بيننا وبينكم

____________________

١ - العقد الفريد ٢ ص ٢٨٥، صبح الاعشى ١ ص ٢٢٨. شرح ابن ابى الحديد ٣ ص ٤٠٧.

٢ - الامامة السياسة ١ ص ١٣، شرح ابن ابى الحديد ٢ ص ٨ و ١٩، اعلام النساء ٣ ص ١٢٠٦.

٣ - الامامة والسياسة ١: ١٤.

٤ - الامامة والسياسة ١ ص ١٣، شرح ابن ابى الحديد ٢ ص ٥.

٥ - صحيح البخارى فى مناقب ابى بكر وفى باب رجم الحبلى ج ١٠ ص ٤٥، طبقات ابن سعد ٢ ص ٥٥ و ج ٣ ص ١٢٩، البيان والتبيين للجاحظ ٣ ص ١٨١، سيرة ابن هشام ٤ ص ٣٣٩. التمهيد للباقلانى ص ١٩٧، تاريخ الطبرى ٣ ص ٢٠٦ و ٢٠٩، مستدرك الحاكم ٣ ص ٦٧، الرياض النضرة ١ ص ١٦٢، ١٦٣، ١٦٤، تاريخ ابن كثير ٥ ص ١٤٦، تيسير الوصول ٢ ص ٤١، ٤٥.

٧٨

نصفان كشقِّ الابلمة - يعني الخوصة -(١) .

مدَّت لها الاوس كفّاكي تناولها

فمدَّت الخزرج الأيدي تباريها

وظنَّ كلُّ فريق أنّ صاحبه

أولى بها وأتى الشحناء آتيها(٢)

بعد قول امّ مسطح بن أثاثة واقفةً عند قبر النبيِّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وهي تنادي: يا رسول الله!

قد كان بعدك أنباءٌ وهنبثةٌ(٣)

لو كنت شاهدها لم تكثر الخطبُ

إنّا فقدناك فقد الأرض وابلها

واختلَّ قومك فاشهدهم ولا تغب(٤)

هذه كلّها كانت تهدِّد السواد، وتروِّع عامَّة الناس وما كان لأحد في إصلاح القوم مطمع، ولا لأيّ من الاُمَّة بعد ما شاهد الحل يوم ذاك حسبان حرمة ولا كرامة لنفسه يقوم بها تجاه ذلك التيّار المتدفِّق.

وكانت هناك اُمَّةٌ تراها سكارى - وما هي بسكارى - من حراجة الموقف تسارّها هواجسها بالتربّص إلى حين، حتّى تضع الغائلة أوزارها، ويتّضح مآل أمر دبّر بليل، ويتبيَّن الرشد من الغيِّ، وهواجس تجعل جماعة كالنزيعة تجهش وتحنُّ وتقرع سنَّ الأسف، وكم حنون لا يجديه حنينه.

وما عساني أن قول في تلك الخلافة؟ بعد ما رآها أبو بكر وعمر بن الخطاب فلتة كفلتة الجاهليَّة وقى الله شرَّها(٥) .

بعد ما حكم عمر بقتل من عاد إلى مثل تلك البيعة(٦) .

بعد قوله يوم السقيفة: من بايع أميراً عن غير مشورة المسلمين فلا بيعة له ولا

____________________

١ - صحيح البخارى فى مناقب ابى بكر البيان والتبيين ١ ص ١٨١، عيون الاخبار لابن قتيبة ٢ ص ٢٣٤، طبقات ابن سعد ٢ ص ٥٥، ج ٣ ص ١٢٩، العقد الفريد ٢ ص ١٥٨، تيسير الوصول ٢ ص ٤٥٢، السيرة الحلبية ٣ ص ٣٨٦، نهاية ابن الاثير ١ ص ١٣ فيه: كقد الابلمة. تاج العروس ٨ ص ٢٠٥.

٢ - من أبيات القصيدة العمرية الحافظ ابراهيم شاعر النيل.

٣ - الهنبثة: الامر الشديد والاختلاط فى القول.

٤ - طبقات ابن سعد ص ٨٥٣، شرح ابن ابى الحديد ٢ ص ١٧، و ج ١ ص ١٣٢، وقد يعزى البيتان مع ابيات اخرى الى الصديقة فاطمة سلام الله عليها.

٥ - التمهيد للباقلانى ص ١٩٦، شرح ابن ابى الحديد ٢: ١٩، الغدير لنا ج ٥: ٣٧٠.

٦ - التمهيد ص ١٩٦ شرح ابن ابي الحديد ١: ١٢٣، ١٢٤، الصواعق لابن حجر ص ٢١.

٧٩

بيعة للذي بايعه تغرّة أن يقتلا(١) .

بعد قوله لابن عباس: لقد كان عليٌّ فيكم أولى بهذا الأمر منّي ومن أبي بكر(٢) بعد قوله: إنّا والله ما فعلناه عن عداوة ولكن استصغرناه، وحسبنا أن لا يجتمع عليه العرب وقريش لما قد وترها.

بعد قول ابن عبّاس له في جوابه: كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يبعثه فينطح كبشها فلم يستصغره، أفتستصغره أنت وصاحبك؟(٣) .

بعد قول عمر لابن عبّاس: يا بن عبّاس! ما أظنُّ صاحبك الّا مظلوماً. وقول ابن عبّاس له: والله ما استصغره الله حين أمره أن يأخذ سورة براءة من أبي بكر، (شرح ابن أبي الحديد ٢ ص ١٨)

بعد قول أبي السبطين أمير المؤمنين: أنا عبد الله وأخو رسول الله، أنا أحقُّ بهذا الأمر منكم، لا اُبايعكم وأنتم أولى بالبيعة لي، فيقول عمر: لستَ متروكاً حتى تبايع. فيقول عليٌّ: احلب يا عمر! حلباً لك شطره(٤) .

بعد قولهعليه‌السلام : ألله ألله يا معشر المهاجرين! ألا تخرجوا سلطان محمَّد في العرب من داره، وقعر بيته إلى دوركم، وتدفعون أهله عن مقامه في الناس وحقّه، فوالله يا معشر المهاجرين فنحن أحقُّ الناس به لأنّا أهل البيت ونحن أحقُّ بهذا الأمر منكم، ما كان فينا القارئ لكتاب الله، العالم بسنن الله، المتطلّع لأمر الرعيَّة الدافع عنهم الأمور السيّئة، القاسم بينهم بالسويَّة، والله انَّه لفينا، فلا تتَّبعوا الهوى فتضلّوا عن سبيل الله فتزدادوا من الحقِّ بعدا(٥) .

بعد قولهعليه‌السلام : لَمّا مضى - المصطفى - لسبيله تنازع المسلمون الأمر بعده، فوالله ما كان يُلقى في روعى، ولا يخطر على بالي أنَّ العرب تعدل هذ الأمر بعد محمَّد

____________________

١ - صحيح البخارى ١٠: ٤٤ باب رجم الحبلى من الزنا، مسند أحمد ١: ٥٦، سيرة ابن هشام ٤: ٣٣٨ نهاية ابن الاثير ٣: ١٧٥، تيسير الوصول ٢: ٤٥ شرح ابن ابي الحديد ١: ١٢٨، تاريخ ابن كثير ٥: ٢٤٦.

٢ - شرح ابن ابى الحديد ١: ١٣٤ و ج ٢: ٢٠، الغدير كتابنا هذا ج ١: ٣٨٩.

٣ - راجع الجزء الاول من كتابنا هذا ص ٣٨٩ ط ٢، كنز العمال ٦ ص ٣٩١.

٤ - الامامة والسياسة ١ ص ١٢، شرح ابن أبى الحديد ٢ ص ٥.

٥ - الامامة والسياسة ١ ص ١٢، شرح ابن أبى الحديد ٢ ص ٥.

_٥_

٨٠