العقائد الإسلامية الجزء ٣

العقائد الإسلامية12%

العقائد الإسلامية مؤلف:
تصنيف: أصول الدين
الصفحات: 491

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤
  • البداية
  • السابق
  • 491 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 226854 / تحميل: 7976
الحجم الحجم الحجم
العقائد الإسلامية

العقائد الإسلامية الجزء ٣

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

كتاب الديات

ومقاصده ستة:الاول في الموجب

وهو: الاتلاف مباشرة، أو تسبيبا...الاول: المباشرة

وهي: فعل ما يحصل معه الاتلاف لا مع القصد، فالطبيب يضمن ما يتلف بعلاجه إن قصر، أو عالج طفلا أو مجنونا لم يأذن الولي، أو بالغا لم يأذن ولو كان حاذقا، وإن أذن له البالغ فآل إلى التلف ضمن على رأي في ماله، وهل يبرأ بالابراء قبله؟ فيه قولان(١) .

_____________________

(١) ذهب إلى الابرار الشيخ في النهاية: ٧٦٢، والحلبى في الكافى: ٤٠٢ والقاضى في المهذب ٢ / ٤٩٩، وغيرهم وأما القول الثانى، فقال الشيخ محمد حسن في جواهره ٤٣ / ٤٧: " ولكن لم نتحقق القاتل قبل المصنف(المحقق) وان حكى عن ابن ادريس.

نعم يظهر من الفاضل التردد فيه كالمصنف هما حيث اقتصر على نقل القولين وأما ما نقل عن ابن ادريس من أنه يذهب إلى عدم الابراء فلم أجد له موضعا، بل الموجود في السرائر خلافه، فان قال في ص ٤٢٩: " ومن تطب أو تبطير فليأخذ البراء‌ة من ولى من يطيبه أو صاحب الدابة والا فهو ضامن اذا هلك بفعله شئ، هذا اذا كان الذى جنى عليه الطبيب غير بالغ أو مجنونا، أما اذا كان عاقلا مكلفا فأمر الطيب بفعل شئ ففعله على ما أمره به فلا يضمن الطبيب، سواء البراء‌ة من الولى أو لم يأخذها " وقال السيد العاملى: ".

أما ابن ادريس فقد عرفت أنه ليس مخالفا " مفتاح الكرامة ١٠ / ٢٧٣(*)

٢٠١

وتضمن العاقلة ما يتلفه النائم بانقلابه وإن كانت ظئرا(١) للضرورة، وإن كانت للفخر فالدية في مالها(٢) .

ويضمن المعنف بزوجته بجماعة قبلا أو دبرا أو بضمه في ماله، وكذا(٣) الزوجة وحامل المتاع إذا كسره أو أصاب به غيره والصائح بالمريض أو المجنون أو الطفل(٤) أو العاقل مع غفلته أو بالمفاجأة(٥) بالصيحة مع التلف في ماله، وكذا المشهر سيفه في الوجه، ولو فر فألقى نفسه في بئر أو من سقف أو صادفه في هربه سبع قال الشيخ: لا ضمان(٦) ، ولو كان أعمى ضمن، أو مبصرا ولا يعلم البئر أو انخسف به السقف أو اضطره إلى مضيق فافترسه الاسد ضمن، والصادم هدر.

ويضمن دية المصدوم في ماله إذا لم يفرط - بأن يقف في المضيق(٧) - على إشكال، ولو تعثر بالجالس في المضيق ضمن الجالس، ولو تعثر بقائم فالعاثر هدر والقائم مضمون عليه، لا القيام من مرافق المشي بخلاف القعود، ولو مات المتصادمان فلورثة كل نصف ديته ونصف قيمة فرسه على الآخر ويقع التقاص في الدية، ولو ركب الصبيان بأنفسهما أو أركبهما الوليان فنصف دية كل منهما على عاقلة الآخر، ولو أركبهما أجنبي فديتهما عليه، ولو كانا عبدين تهادرا(٨) ولا يضمن المولى، ولو مات أحد المتصادمين فعلى الآخر نصف ديته، ولو كانا حاملين فعلى كل

_____________________

(١) وهى: المرضعة لغير ولدها، لانها تعطف على الرضيع، انظر: مجمع البحرين ٣ / ٦ ظأر.

٠٢) أى: ان الظئر ان كانت انما ظئرت للضرورة والفقر فالضمان على عاقلتها، وان كانت للفخر والعز فالضمان عليها من مالها خاصة.

(٣) أى: وكذا يمن ".

(٤) في(م): " أو الطفل أو المجنون ".

(٥) في(س) و(م): " أو المفاجاة ".

(٦) قاله في المبسوط ٧ / ١٥٩.

(٧) قال الشهيد في غاية المراد: " قوله: بأن يقف في المضيق تفسير للتفريط لا لعدم التفريط ".

(٨) في(س) و(م): " تهاترا "(*)

٢٠٢

[ واحدة ](١) نصف دية الجنين(٢) ، ولو مر بين الرماة فديته على عاقلة الرامي، إلا أن التحذير ويتمكن من العدول، ولو قرب البالغ صبيا فالضمان عليه لا على الرامي على إشكال.

ويضمن الختان حشفة الغلام لو قطعهما، ولو وقع على غيره من علو قصدا والوقوع قاتل قتل، وإلا فالدية، ولو اضطر أو قصد الوقوع لغير ذلك فالدية على العاقلة، ولو ألقاه الهواء أو زلق فلا ضمان، ولو أوقعه[ غيره ](٣) ضمنهما، ولو قمصت المركوبة بنخس ثالثة فصرعت الراكبة فالدية على الناخسة إن الجأت، وإلا القامصة، وقيل: بينهما(٤) ، وقيل: عليهما الثلثان(٥) .

ويضمن المخرج ليلا حتى يرجع، فإن عدم فالدية، وإن وجدت مقتولا فالقصاص، ولو ادعاه على غيره بالبينة برئ، ولو وجد ميتا ففي الضمان إشكال، ولو أنكر الولد أهله صدقت الظن مالم يعلم كذبها فتضمن الدية إلا أن تحضره أو من يشتبه به(٦) ، ولو استأجرت اخرى وسلمته ضمنته.

وعن الصادق عليه السلام في لص جمع الثياب ووطأ المرأة مكرها وقتل ولدها الثائر فلما خرج قتلته، ضمان(٧) أولياء اللص دية الولد، ودفع أربعة آلاف درهم إلى

_____________________

(١) في(الاصل): " واحد " والمثبت من(س) و(م) وهو الاصح.

(٢) في(س) و(م): " الجنينين ".

(٣) في(الاصل): " غيرهما " والصحيح ما اثبتناه وهو من(س).

(٤) قاله الشيخ في النهاية: ٧٦٣، والقاضى في المهذب ٢ / ٤٩٩.

(٥) قاله الشيخ المفيد في المقنعة: ١١٧، وابن زهرة في الغنية: ٥٥٩، والمحقق في الشرائع ٤ / ٢٥١، وغيرهم.

(٦) لفظ " به " لم يرد في(م).

(٧) في(س): " ضمن "(*)

٢٠٣

المرأة من تركته لمكابرتها(١) على فرجها، وليس عليها ضمان(٢) .

وعنه عليه السلام في امرأة أدخلت ليلة البناء بها صديقها(٣) إلى الحجلة فقتله زوجها فقتلت الزوج، تضمن المرأة دية الصديق وقتلها بالزوج(٤) .

وعن علي عليه السلام في أربعة سكروا فجرح اثنان وقتل اثنان، أن دية المقتولين على المجروحين، ووضع أرش الجراحات منها(٥) .

_____________________

(١) في(م): " لمكابرته ".

(٢) روى الحديث الكلينى في الكافى ٧ / حديث ١٢، والشيخ في التهذيب ١٠ / ٢٠٨ حديث ٨٢٣ بسندهما عن عبدالله بن طلحة عن أبى عبدالله عليه السلام قال: سألته عن رجل سارق دخل على امرأة ليسرق متاعها فلما جمع الثياب تابعته نفسه فكابرها على نفسها فواقعها، فتحرك ابنها فقام فقتله بفأس كان معه فلما فرغ حمل الثياب وذهب ليخرج، حملت عليه بالفأس فقتله، وجاء اهله يطلبون بدمه من الغد؟ فقال أبوعبدالله عليه السلام: اقض على هذا كما صفت لك، فقال: يضمن مواليه الذين يطلبون بدمه دية الغلام، ويضمن السارق فيما ترك أريعة ألاف درهم بمكابرتها(لمكابرتها) على فرجها، انه وهو في ماله عزيمة، وليس عليها في قتلها اياه شئ(لانه سارق) قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من كابر امرأة ليفجر بها فقتله فلا دية له ولا قود.علما بان الشق الاخير من الحديث الذى يبتدأ " قال رسول الله " تفرد بذكره الكلينى.وروى الحديث هذا الحديث الشيخ الصدوق في الفقيه ٤ / ١٢١ حديث ٤٢٢ بسنده عن يونس بن عبدالرحمن عن عبدالله بن سنان عن إبى عبدالله عليه السلام.

(٣) لفظ " إلى " ليس في(م).

(٤) روى هذا الحديث الكلينى في الكافى ٧ / ٢٩٤ حديث ١٣، والشيخ في التهذيب ١٠ / ٢٠٩ حديث ٨٢٤ بسندهما عن عبدالله بن لحة عن أبى عبدالله عليه السلام قال: قلت: رجل تزوج امرأة، فلما كان ليلة البناء عمدت المرأة إلى رجل صديق لها فأدخلته الجملة، فلما دخل الرجل يباضع أهله ثار الصديق واقتتلا في البيت، فقتل الزوج لصديق، وقامت المرأة فضربت الزوج ضربة فقتله بالصديق، فقال: تضمن المرأة دية الصديق، وتقتل بالزوج.

ورواه الشيخ الصدوق باختلاف في الفقيه ٤ / ١٢٢ حديث ٤٢٦ بسنده عن يونس بن عبدالرحمن عن عبدالله بن سنان(*)

(٥) روى هذا الحديث الكلينى في الكافى ٧ / ٢٨٤ حديث ٥، والشيخ في التهذيب ١٠ / ٢٤٠ حديث ٩٥٦، بسندها عن محمد بن قيس عن أبى جعفر عليه السلام، قال: قضى أميرالمؤمنين عليه السلام في أربعة شربوا فسكروا، فأخذ بعضهم عل يبعض السلاح، فاقتتلوا فقتل اثنان وجرح اثنان، فأمر بالمجروحين فضرب كل واحد منهما ثمانين جلدة، وقضى بدية المقتولين على المجروحين، وأمر أن تقاس جراحة المجروحين فنرفع من الدية، فان مات المجروحان فليس على أحد من أولياء المقتولين شئ.

٢٠٤

الثاني: التسبيب

وهما لايحصل التلف إلا معه بغيره كوضع الحجر في الطريق أو ملك غيره فتلف العابر(١) ، فيضمن في ماله، ولو وضعه في ملكه أو مباح لم يضمن، وكذا لو نصب سكينا فمات العاثر، أو حفر بئرا في الطريق أو ملك غيره(٢) ، فلو رضي المالك به أو كان في الطريق لمصلحة المسلمين فلا ضمان.

ويضمن معلم السباحة في ماله لو غرق الصغير البالغ الرشيد، ولو رمى مع غيره بالمنجنيق فقتله سقط ما قابل فعله وضمن الباقون في مالهم(٣) حصصهم، ويتعلق الضمان بمن يمد الحبال لا ممسك الخشب وغيره، وكذا لو اشتركوا في هدم حائط فوقع على أحدهم.

ويضمن الراكب والقائد ما تجنيه الدابة بيديها ورأسها، فإن وقف أو ضربها أو ساقها ضمن جناية يديها ورجليها، ولو ركبها اثنان تساويا، ولوكان صاحبها معها ضمن دون الراكب، ولو ألقت الراكب لم يضمن المالك وإن كان معها، إلا أن ينفرها، ولو أركب مملوكه الصغير ضمن جناية الراكب، ويتعلق برقبة البالغ وفي المال يتبع.

والآذن لغيره في دخول منزله يضمن جناية الكلب، وإلا فلا، ويجب حفظ الصائلة فيضمن جنايتها لو أهمل، ولو جهل حالها أو لم يفرط فلا ضمان، ولا يضمن الدافع والهر كذلك، ولو جنت الداخلة ضمن صاحبها مع التفريط، ولا يضمن صاحب الاخرى جنايتها.

_____________________

(١) في(س) و(م): " فيتلف العائر ".

(٢) في(س): " ضمن ".

(٣) في(م): " ماله "(*)

٢٠٥

ولو سقط الاناء الموضوع على حائطه فلا ضمان لما يتلف به، ولا يضمن صاحب الحائط بوقوعه على أحد، فإن بناه مائلا إلى الطريق، أو بناه في غير ملكه، أو مال بعد بنائه إلى الطريق أو غير ملكه وتمكن من الازالة ضمن، ولو وقع قبل التمكن فلا ضمان، ولا يضمن ناصب الميزاب إلى الطريق بوقوعه، وكذا الرواشن(١) .

ولو أجج نارا في ملكه لم يضمن لو سرت إلى غيره، إلا مع الزيادة عن قدر الحاجة وغلبة الظن بالتعدي كأيام الهواء، ولو عصفت(٢) بغتة فلاضمان، ولو أجج في ملك غيره ضمن الانفس والاموال، ولو قصده(٣) قيد بالنفس مع تعذر الفرار.

ولو بالت دابته في الطريق قال الشيخ: يضمن لو زلق فيه غيره، ولو ألقى قمامة المنزل المزلقة أو رش الدرب قال: يضمن(٤) ، والوجه تخصيص الضمان بمن لم يشاهد القمامة والرش.

ولو اصطدمت سفينتان ضمن القيمان كل منهما نصف السفينتين وما فيهما من مالهما مع التفريط، وكذا الحمالان، ولو كانا مالكين فلكل على صاحبه نصف قيمة ما أتلفه، ولو لم يفرطا بأن غلبهما الهواء فلا ضمان، ولايضمن صاحب الواقفة

_____________________

(١) جمع روشن، وهى: أن تخرج أخشابا إلى الدرب وتبنى عليها وتجعل لها قوائم من أسفل، انظر: مجمع البحرين ٦ / ٢٥٥ روشن.

(٢) في(م): " عصف ".

(٣) في(م): " قصد ".

(٤) قالهما في المبسوط ٧ / ١٨٩(*)

٢٠٦

لو(١) وقعت عليها الاخرى، ويضمن صاحب الواقفة لو فرط، ولو أصلح السفينة حال السير أو أبدل لوحا أو أراد رم موضع فانهتك ضمن في ماله.

ولو وقع في زبية(٢) الاسد فتعلق بثان والثاني بثالث والثالث برابع، فعن علي عليه السلام: أن الاول فريسة الاسد وعليه ثلث دية الثاني، وعلى الثاني ثلثا دية الثالث، وعلى الثالث دية الرابع(٣) .

ويحتمل وجوب دية الثاني على الاول والثالث على الثاني والرابع على الثالث، ولو شرك بين مباشر الامساك والمشارك بالجذب، فعلى الاول دية ونصف وثلث، وعلى الثاني نصف وثلث، وعلى الثالث ثلث.

ولو جذب الاول ثانيا إلى بئر والثاني ثالثا وماتوا بوقوع كل منهم على صاحبه، فالاول مات بفعله وفعل الثاني فيسقط مقابل فعله، والثاني مات بجذبه الثالث وبجذب الاول فيسقط مقابل فعله، ولا ضمان على الثالث وله دية كاملة، فإن رجحنا المباشر فديته(٤) على الثاني، وإلا عليهما.

ولو صاح بصغير فارتعد وسقط من سطح ضمن، ولو خوف حاملا فأجهضت ضمن الجنين، ولو حفر في ملكه بئرا فسقط جدا جاره فلاضمان، ولو حفر بئرا قريبة العمق فعمقها آخر فالضمان على الاول، ويحتمل التساوي.

_____________________

(١) في(س) و(م): " اذا ".

(٢) قال المقدس في مجمعة " الزبية بالصم حفيرة تحفر لاسد، وهذه الواقعة مشهورة بين أصحابنا بلل بين غيرهم أيضا ".

(٣) روى الحديث الكلينى في الكافى ٧ / ٢٨٩ حديث ٣، والشيخ في التهذيب ١٠ / ٢٣٩ حديث ٩٥١، بسندها عن محمد بن قيس عن أبى جعفر عليه السلام قال: قضى أميرالمؤمنين عليه السلام في أربعة نفر اطلعوا في زبية الاسد، فخر أحدهم فاستمسك بالثانى واستمسك الثانى باثالث واستمسك الثالث بالرابع، حتى أسقط بعضهم بعضا على الاسد فقتلهم الاسد، فقضى بالاول فريسة الاسد وغرم أهله ثلث الدية لاهل الثانى وغرم أهل الثانى لاهل الثالث ثلثى الدية وغرم الثالث لاهل الرابع دية كاملة

(٤) في(م): " فالدية "(*).

٢٠٧

(ولو تصادمت مستولدتان بعد التكون علقة، وقيمة إحداهما مائتان والاخرى مائة، فلصاحب النفيسة مائة وعشرون، وعلى صاحب الخسيسة مائة، لانها أقل الامرين، وله سبعون، فيفضل عليه ثلاثون)(١) .

المقصد الثاني فيمن تجب عليه

تجب دية العمد وشبهه على الجاني في ماله، ودية الخطأ على العاقلة، فهنا مطالب:

الاول جهة العقل أربعة:

العصوبة، والعتق، وضمان الجريرة، والامامة.

فالعصبة كل من يتقرب بالاب أو بالابوين من الذكور البالغين العقلاء، كالاخوة وأولادهم والعمومة وأولادهم(٢) وإن كان غيرهم أولى بالميراث، قال الشيخ: ولا يدخل الآباء والاولاد، ولا يشركهم القاتل ولا الفقير، ويعتبر فقره عند المطالبة، ويقدم المتقرب بالابوين على المتقرب بالاب(٣) .

ويعقل المولى من أعلى لامن أسفل، ويعقل الضامن لا المضمون، ويقدم العصبة ثم المعتق ثم ضامن الجريرة ثم الامام، ولا تعقل العاقلة عبدا ولا صلحا ولا عمدا مع وجود القاتل وإن أوجبت الدية كقتل الاب، ولا ما يجنيه على نفسه خطأ

_____________________

(١) ما بين القوسين لم يرد في(م) ورود في متن نسخة(الاصل) ورود في متن نسخة(الاصل) وفي حاشيتها: " هذه المسألة ضرب المصنف رحمه الله عليها بخطه ".ورد أيضا في حاشية(س) مع وجود علامة القسط والصحة، ورود أيضا في(ع) معبرا عنه بالنسخة.قال الشهيد رحمه الله في غاية المراد بعد نقل نص ما بين القوسين: " أقول: هذه المسألة مضروب عليها في أصل المصنف الذى بخطه، وهى موجودة في أكثر النسخ، لانها ستارت قبل الضروب من المنصف أو غيره " فتأمل ".

(٢) لفظ " والعمومة وأولادهم " لم يرد في(م).

(٣) قاله في المبسوط ٧ / ١٧٤ و ١٧٥.

٢٠٨

ولا إقرارا، ودية جناية الذمي في ماله وإن كانت خطأ، فإن عجز فعلى الامام، وتحمل العاقلة دية الموضحة فما زاد، للشيخ(١) قولان فيما دونهما.

الثاني: في كيفية التوزيع

وتقسط على الغني نصف دينار وعلى الفقير ربع، وقيل: بحسب ما يراه الامام(٢) ، وتؤخذ من الاقرب، فإن ضاقت فمن الابعد أيضا، فإن ضاقت فمن المعتق، فإن ضاق فمن عصبة المعتق، فإن ضاقت فمن معتق المعتق، فإن ضاقت فمن عصبة معتق المعتق، فأن فقد(٣) فمن معتق[ معتق ](٤) المعتق، فإن فقد فمن معتق أب المعتق، فإن فقد فمن عصبة معتق أب المعتق وهكذا، ولو زادت الدية عن العاقلة أجمع فمن الامام، وقيل: من القاتل(٥) ، ولو زادت العاقلة عن الدية لم يخص البعض، ولو غاب البعض لم يخص الحاضر.

وتستأدى دية الخطأ في ثلاث سنين من حين الموت، وفي الطرف من حين الجناية، وفي السراية من حين الاندمال، ولا يتوقف الاجل على الحاكم، ولو مات بعض العاقلة بعد الحلول لم تسقط عن تركته، ولو هرب قاتل العمد وشبيهه أو مات أخذت من الاقرب إليه ممن يرث ديته، فإن فقد فمن بيت المال.

قال الشيخ: ويستأدى الارش بعد حول إن لم يزد على الثلث، وإلا اخذ

_____________________

(١) ذهب إلى التحميل في الخلاف: مسألة ١٠٦ من كتاب الديات وذهب إلى عدم التحميل في النهاية: ٧ ٧٣.

(٢) قاله الشيخ في المبسوط ٧ / ١٧٨، والمحقق في الشرائع ٤ / ٢٩٠، وغيرهما.

(٣) في(س) و(م): " فان ضافت "

(٤) زادة من في(س) و(م).

(٥) قال الشهيد في غاية المراد: " قول المصنف: وقيل القاتل، ما قواه المحقق من أنها على الاخ، فلا يكون ذلك قولا للمحقق، وليس هناك قائل فيما علمته بكونها على القاتل من خصوصيد هذه المسألة، نعم لو كانت العاقلة فقراء ابتداء وجبت على القاتل عند الشيخ في النهاية وسلار وأبى الصلاح ".

٢٠٩

الزائد بعد الحول الثاني، ولو كان أكثر من الدية كاليدين والرجلين لاثنين حل لكل واحد ثلث بعد سنة، وإن كان لواحد حل له ثلث لكل جناية سدس(١) .

الثالث: في الاحكام

فلا(٢) يعقل إلا من عرف كيفية انتسابه إلى القاتل، ولا يكفي كونه من القبيلة، ولو قتل الاب ولده خطأ فالدية على العاقلة، وأجود القولين(٣) منعه من الارث فيها لا في التركة(٤) ، ولا يضمن العاقلة جناية بهيمة ولا إتلاف مال وإن كان المتلف صبيا أو مجنونا.

ولو رمى طائرا ذميا(٥) ثم أسلم فقتل السهم مسلما، لم يعقل عصبته المسلمون

_____________________

(١) قاله في المبسوط ٧ / ١٧٦.

(٢) في(م): " ولا " وقال المقدس في مجمعه: " عدم الفاء أظهر، كانه أراد التفريح على ما سبق من أنه لما كان العقل على ما سبق أنه لما كان العقل على القرابة وذى النسب أولا فلا يضمن الا من عليه كيفية انتسابه إلى القاتل ".

(٣) لا اشكال في أن القاتل عمدا ظلما لا يرث مقتوله، انما الاشكال فيما اذا كان القاتل خطأ، فهل يرث مقتوله؟ فيه ثلاثة أقول:

(أ) يرث مطلقا، وهو اختيار سلار في المراسم ٢١٨، والمحقق في الشرائع ٤ / ١٤، وغيرهما.

(ب) بمنع مطلقا، وهو اختيار الفضل بن شاذان كما عنه في الكافى ٧ / ١٤٢، وابن أبى عقيل كما عنه في المختلف: ٧٤٢، وظاهر الكلينى في الكافى ٧ / ١٤٢ فانه نقله عن الفضل وسكت، وغيرهم.

(ج) يمنع من الدية خاصة، وهو اختيار ابن الجنيد كما عنه في المختلف ٧٤٣، والسيد المرتضى في الانتصار: ٣٠٧، وأبوالصلاح في الكافى: ٣٧٥، وابن البراج في المهذب ٢ / ١٦٢، وابن حمزة في الوسيلة: ٤٧٥، وابن زهرة في الغنيية ٥٤٦، وابن ادريس في السرائر ٤٠٥ وغيرهم ولزيادة راجع: مفتاح الكرامة ٨ / ٤١ ٤٦، جواهر الكلم ٣٩ / ٣٧ ٤٠.

(٤) في(م): " وأجود القول منعه ممن الارث منها من التركة ".

(٥) لفظ " ذميا " منصوب على الحال، أى: رمى في حال كونه ذميا، وفي(م): " ذمى ".

٢١٠

لانه حال الرمي ذمي، ولا الكفار لتجدد الرمي ذمي، ولا الكفار لتجدد إسلامه، فيضمن الديد في ماله، ولو رمى طائرا مسلما(١) ثم ارتد ثم أصاب مسلما م يعقل عصبت المسلمون على إشكال، ولا الكفار.

والشركاء في عتق عبد واحد كالواحد يلزمهم نصف دينار، فإن مات أحدهم لم يضمن عصبته أكثر من حصته.

والمتولد بين عتيقين يعقله مولى الاب، فإن كان الاب رقيقا عقله مولى الام، فإن اعتق الاب انجر الولاء، فإن جنى الولد قبل جر الولاء فأرش الجناية على مولى الام والزائد بالسراية بعد الانجرار على الجاني، لانه نتيجة جناية قبل الجر فلا يحمله مولى الاب، وحصل بعد الجر فلا يحمله مولى الام، وهو بين موال فلا يحمله الامام.

المقصد الثالث في دية النفس

المقتول إما مسلم(٢) ومن هو بحكمه، أو كافر، والثاني لادية له إلا أن يكون يهوديا أو نصرانيا أو مجوسيا، فديته ثمانمائة درهم إن كان ذكرا حرا، وإن كان عبدا فقيمته مالم تتجاوز دية مولاه، وإن كان انثى فأربعمائة، وإن كانت أمة فقيمتها ما لم تتجاوز دية الذمية، وحكم أطفالهم حكمهم، وفي المسلم عبد الذمي إشكال.

وأما المسلم ومن هو بحكمه من الاطفال المولودين على الفطرة أو الملتحق بإسلام أحد أبويه، فإن كان حرا ذكرا وكان القتل عمدا فديته أحد الستة: إما ألف دينار، أو ألف شاة، أو عشرة آلاف(٣) درهم، أو مائتا حلة هي أربعمائة ثوب من برود اليمن، أو مائة من مسان الابل، أو مائتا بقرة، وتستأدي في سنة واحدة من مال الجاني، ويتخير الجاني في بذل أيها شاة، ولا تجزي المراض ولا القيمة.

_____________________

(١) لفظ " مسلما " منصوب على الحال، أى رمى في حال كونه مسلما.

(٢) في(م): " أما ".

(٣) في(س): " ألف "(*)

٢١١

ودية شبيه العمد ثلاث وثلاثون حقة وثلاث وثلاثون بنت لبون وأربع وثلاثون ثنية طروقة الفحل، أو أحد الخمسة المذكورة من مال الجاني في سنتين، ويرجع في معرفة الحامل إلى العارف، فإن ظهر الغلط وجب البدل، وكذا لو أزلقت(١) قبل التسليم وإن احضر، وإن(٢) كان بعده فلا شئ.

ودية الخطأ المحض أحد الخمسة، أو مائة من الابل: عشرون بنت مخاض وعشرون ابن لبون ذكر وثلاثون بنت لبون وثلاثون حقة من مال العاقلة، وتستأدى في ثلاث سنين وإن كانت دية طرف.

ولو قتل في الشهر الحرام أو الحرم الزم دية وثلثا، ولا تغليظ في الاطراف، ولو رمى في الحل فقتل في الحرم غلظ، وفي العكس إشكال، ويضيق على الملتجئ إلى الحرم إلى أن يخرج فيقتص منه، ولو جنى في الحرم اقتص منه فيه(٣) ، قال الشيخ: وكذا في مشاهد الائمة عليهم السلام(٤) .

ودية الانثى نصف ذلك، وولد الزنا كالمسلم على رأي، وكالذمي على رأي، ولا دية لغير الذمي وإن كانوا أهل عهد أو لم تبلغهم الدعوة، ودية العبد قيمته ما لم تتجاوز دية الحر فترد إليها.

ودية جنين الحر المسلم مائة دينار إذا تم ولم تلجه الروح ذكرا كان أو انثى، وجنين(٥) الذمي عشر دية أبيه، والمملوك عشر قيمة امه المملوكة، وتعتبر قيمتها وقت الجناية لا الالقاء، ولو كان الحمل زائدا عن واحد فلكل واحد دية.

_____________________

(١) أى: أسقطت.

(٢) في(م): " ولو ".

(٣) لفظ " فيه " لم يرد في(م).

(٤) قاله في النهاية: ٦ ٧٥.

(٥) في(م): " ودية جنين "(*)

٢١٢

ولو ولجته الروح فدية كاملة للذكر ونصف للانثى بشرط تيقن(١) الحياة، ولو لم تتم خلقته قيل: غرة(٢) ، والمشهور في النطفة بعد استقرارها عشرون دينارا وفي العلقة أربعون، وفي المضغة ستون، وفي العظم ثمانون، وفيما بين ذلك بحسابه.

ولو قتلت ومات معها بعد علم حياته فدية للمرأة ونصف الديتين للجنين إن جهل حاله، ولو علمت الذكورة أو الانوثة حكم بديتها، ولو ألقته ضمنت وإن كان تسبيبا، ولو افزعت فالدية على المفزع، ولو افزع المجامع فعزل فعليه عشرة دنانير.

ولو أسلمت الذمية بعد الضرب ثم ألقته لزمه دية جنين مسلم، ولو ضرب الحربية فلا شئ لعدم الضمان حال الضرب، ولو كانت أمة فاعتقت فللمولى عشر قيمة أمته يوم الجناية.

ولو اعترف الجاني بحياته ضمن العاقلة جنينا غير حي والضارب الباقي، ولو أنكر فأقام هو والولي بينتين(٣) حكم للولي، ولو ألقته فمات بعد الالقاء، أو بقي ضمنا(٤) حتى مات، أو كان صحيحا ومثله لا يعيش قتل الضارب مع العمد، ولو كانت حياته مستقرة فقتله آخر عزر الاول وقتل الثاني مع العمد، ولو لم تكن مستقرة عزر الثاني وقتل الاول، ولو اشتبه فلا قود وعليه الدية، ولو وطأها ذمي ومسلم واشتبه اقرع والزم الضارب دية جنين من الحق به.

_____________________

(١) في متن(س): " تعيين " وفى الحاشية: " تيقن خ ل ".

(٢) الغرة عند الفقهاء: العبد الذى ثمنه عشر الدية، انظر: مجمع البحرين ٣ / ٤٢٢، غرر ويحتمل في نسخة(الاصل) و(س): " عشرة " وعلى كل حال فالقائل بهذا القول الشيخ في الخلاف: مسألة ١٢٦ من كتاب الفرائض: وفيه: أن عليه غرة.

(٣) في(م): " ببينتين ".

(٤) أى: مريضا زمنا، انظر: لسان العرب ١٣ / ٢٦٠ ضمن(*)

٢١٣

ولو ألقت عضوا فدية عضو الجنين، وكذا لو ألقت أربعة أيد، ولو ماتت لزمه ديتها ودية الجنين، ولو ألقت العضو ثم الجنين تداخلت دية العضو في دية الجنين، سواء كان ميتا أو حيا غير مستقر الحياة، ولو استقرت حياته ضمن دية اليد، ولو تأخر وحكم العارفون بأنها يدحي فنصف الدية، وإلا فنصف المائة.

ويرث دية الجنين وارث المال الاقرب فالاقرب، ودية جراحاته وأعضائه(١) بنسبة ديته، وفي قطع رأس الميت مائة دينار، وفي جوارحه وشجاجه بحسب ذلك، ويصرف في وجوه البر لا الوارث، وقال المرتضى(٢) : لبيت المال(٣) .

تتمة: من أتلف مأكول اللحم أو غيره مما تقع عليه الذكاة بالذكاة ضمن الارش، وليس للمالك دفعه وأخذ القيمة على رأي، ولو أتلفه لا بالذكاة أو ما لاتقع عليه الذكاة فالقيمة، ففي كلب الصيد أربعون درهما، وفي كلب الغنم كبش أو عشرون(٤) ،

_____________________

(١) في(م): " ودية أعضائه وجراحاته ".

(٢) قال النجاشى في رجاله ٢٧٠ و ٢٧١: " على بن الحسين بن موسى بن محمد بن موسى ابن ابراهيم بن موسى بن جعفر بن محمد بن على بن الحسين بن على بن أبى طالب عليه السلام، أبوالقاسم المرتضى، حاز من العلوم ما لم يدانه فيه أحد في زمانه، وسمع من الحديث فأكثر، وكان متكلما شاعرا أديبا عظيم المنزلة في العلم والدين والدنيا.

مات رضى الله عنه لخمس بقين من شهر ربيع الاول سنة ست وثلاثين وأربعمائه، وصلى عليه ابنه في داره ودفن فيها، وتوليت غسله ومعى الشريف أبويل محمد بن الحسن الجعفرى وسلار بن عبدالعزيز " وقال المصنف في رجاله:٩٤ ".ذو المجدين علم الهدى رضى الله عنه، متوحد في علوم كثيرة مجمع على فضله مقدم في علوم، مثل علم الكلام والفقيه واصول الفقه في علوم كثيرة مجمع على فضله مقدم في علوم، مثل علم الكلام والفقه واصول الفقه والادب من النحو والشعر واللغة وغير ذلك، وله ديوان شعر يزيد على عشرين ألف بيت.وكان مولده سنة خمس وخمسين وثلاثمائة، ويوم توفى كان عمره ثمانين سنة وثمانية أشهر وأيام، نضر الله وجهه.

(٣) نقله عنه المحقق في الشرائع ٤ / ٢٨٤، ولم أجده في كتبه المتوفرة لدى.

(٤) في حاشية(س): " درهما خ ل "(*)

٢١٤

وفي كلب الحائط عشرون، وفي كلب الزرع قفيز(١) بر، ولا قيمة لغيرها من الكلاب، وهذه التقديرات للقاتل، أما الغاصب فالقيمة وإن زادت، ولو أتلف على الذمي خنزيرا فالقيمة عند مستحليه وفي أطرافه الارش، ولو أتلف الذمي(٢) خمرا أو آلة لهو لمثله ضمنها، ولو كان مسلما لمسلم أو لذمي متظاهر فلا ضمان، ولو كان لذمي مستتر ضمن بقيمته عند مستحليه، ولو جنت الماشية على الزرع ضمن مالكها مع التفريط لا بدونه، وقيل: يضمن ليلا لانهارا(٣) ، وعن علي عليه السلام في بعير عقل أحد الاربعة يده فوقع في بئر فاندق: يضمن(٤) الثلاثة حصته(٥) .

المقصد الرابع في دية الاطراف

كل ما لا تقدير فيه ففيه الارش، وفي شعر الرأس أو اللحية الدية، فإن نبتا(٦) فالارش، وفي شعر المرأة ديتها، فإن نبت فمهر نسائها، وفي الحاجبين خمسمائة دينار، وفي أحدهما النصف، وفى البعض بالحساب، وفي الاهداب الارش ولا شئ مع الاجفان وقال الشيخ: الدية، ومع الاجفان ديتان(٧) .

_____________________

(١) في(م): " قفيز من بر "

(٢) لفظ " على الذمى " لم يرد في(م).

(٣) ذهب اليه الشيخ في المبسوط ٨ / ٧٩ وأبوالصلاح في الكافى: ٤٠١، وابن حمزة في الوسيلة: ٤٢٨، وغيرهم.

(٤) في(م): " تضمين ".

(٥) روى هذا الحديث الشيخ في التهذيب ١٠ / ٢٣ حديث ٩١٠، والصدوق في الفقيه ٤ / ١٢٧ حديث ٤٥٠، بسندهما عن محمد بن قيس عن ابى جعفر عليه السلام قال: قضى اميرالمؤمنين عليه السلام في أربعد أنفس شركاء في بعير، فعقله أحدهم فانطلق البعير فبعث في عقاله فتردى فانكسر، فقال أصحابه للذى عقله: اغرام لنا بعيرنا، قال: فقضى بينهم أن يغرموا له من أجل أنه أوثق حظه فذهب بحظه.

(٦) في(س): " ثبتا ".

(٧) قاله في الخلاف: مسألة ٢٥ من كتاب الديات، وفي(س) وم): " الديتان ".

٢١٥

وفي العينين الدية، وفي كل واحدة النصف، وفي الاجفان الدية، وفي كل واحد الربع على رأي، وفي البعض بالحساب، ولا تتداخل مع العين، وفي صحيحة الاعور خلقة أو بآفة من الله الدية، ولو استحق أرشها فالنصف، وفي خسف العوراء الثلث.

وفي الانف الدية، وكذا مارنه(١) أو كسر ففسد، ولو جبر على غير عيب فمائة، وفي شلله ثلثا ديته، وفي الروثة - وهي: الحاجز - نصف الدية، وفي أحد المنخرين النصف، وقيل: الثلث(٢) .

وفي الاذنين الدية، وفي كل واحدة النصف، وفي البعض بالحساب، وفي شحمتها ثلث ديتها، وفي خرمها ثلث ديتها.

وفي الشفتين الدية وفي كل واحدة النصف، وقيل: الثلث في العليا(٣) ، وقيل: أربعمائة وفي السفلى الباقي وفي البعض بالنسبة مساحة(٤) ، وحد السفلى: ما يتجافى(٥) عن اللثة مع طول الفم، والعليا: ما يتجافى(٦) عنها متصلا بالمنخرين مع طول الفم، وليست حاشية الشدقين منهما، فإن تقلصت فالحكومة، وقيل: ديتها(٧) ، وفي الاسترخاء الثلثان.

وفي اللسان الدية، وفي الاخرس الثلث، وفي البعض بنسبة ما يسقطه من حروف المعجم - وهي: ثمانية وعشرون حرفا(٨) - فلو أسقط نصفها فنصف الدية

_____________________

(١) المارن: ما دون قصبة الانف، وهو: مالان، انظر: مجمع البحرين ٦ / ٣١٦ مرن.

(٢) ذهب اليه ابن الجنيد كما عنه في المختلف: ٨١٩، والمحقق في الشرائع ٤ / ٢٦٣، وغيرهما.

(٣) اختاره الشيخ في المبسوط ٧ / ١٣٢، وسلار في المراسم، ٤ ٢٤، والحلبى في الكافى: ٣٩٨، وغيرهم.

(٤) قاله ابن حمزة في الوسيلة:، ٤٤٣ وعيره، وفي(م): " وفى البعض بنسية مساحته ".

(٥) و(٦) في(س) و(م): " ما تجافى ".

(٧) قاله الشيخ في المبسوط ٧ / ١٣٣.

(٨) لفظ " حرفا " لم يردفى(م)(*)

٢١٦

وإن قطع ربعه، وبالعكس(١) ، وفي الاخرس بالمساحة، ولو ازداد سرعة أو ثقلا أو[ نقل ](٢) الفاسد إلى الصحيح فالحكومة، فإن جنى آخر بعد ذهاب بعض الحروف أخذ بنسبما ذهب من الباقي، ولو قطعه آخر بعد إعدام الكلام فعليه الثلث، وفي لسان الطفل الدية، فإن بلغ حد الكلام ولم يتكلم فالثلث، فإن تكلم بعد[ قطعه ](٣) حسب الذاهب من الحروف وأخذ من الجاني بنسبته، ويصدق الصحيح في ذهاب نطقه عند الجناية مع القسامة بالاشارة، ولو اذهب النطق عاد فللشيخ قولان(٤) في استعادة الدية، ولو أنبت الله اللسان بعد قطعه فلا استرجاع وكذا سن المثغر(٥) ولو كان له طرفان فأذهب أحدهما ونطق بالحروف فالارش.

وفي الاسنان الدية، وتقسم على ثمانية وعشرين: اثنا عشر مقاديم ثنيتان ورباعيتان ونابان ومثلها من أسفل وستة عشر مآخير، وهي: من كل جانب ضاحك وثلاثة أضراس، ففي كل سن من المقاديم خمسون دينارا، وفي كل من المآخير خمسة[ و ](٦) عشرون، وفي الزائدة المنفردة(٧) الثلث، ولا شئ مع الانضمام، فإن اسودت بالجناية ولم تسقط أو انصدعت(٨) فالثلثان، وفى المسودة الثلث، ودية السن في الظاهر مع السنخ، ولوكسر الظاهر خاصة فالدية فإن قلع آخر

_____________________

(١) أى: لو أسقط ربعها فربع الدية وان قطع نصفه.

(٢) في(الاصل) و(س): " تنقل " والمثبت من هو الانسب.

(٣) زيادة من(س).

(٤) ذهب إلى الاستعادة في المبسوط ٧ / ١٣٦، وذهب إلى عدم الاستعادة في الخلاف: مسألة ١٣٦ من كتاب الديات.

(٥) أى: وكذا في سن المثعر لاسترجاع فيه، والمثغر: من سقطت أسنانه الرواضع التى من شأنها السقوط ونبت مكانها، انظر: مجمع البحرين ٣ / ٢٣٦ ثغر، وفي(م): " المتغر ".

(٦) زيادة من(س) و(م).

(٧) في(س) و(م): " منفردة ".

(٨) في(س) و(م): " تصدعت "

٢١٧

فعليه حكومة، فإن(١) نبت سن الصغير فالارش، وإلا الدية.وفي العنق إذا كسر فاضور(٢) أو منع الازدراد فالدية، فإن زال فالارش، وفي اللحيين(٣) من الطفل أو من(٤) لا أسنان له الدية، ولو قلعا مع الاسنان فديتان، وفي نقصان المضغ أو تصلبهما الارش.

وفي اليدين الدية، وفي كل واحدة(٥) النصف، وحدهما: المعصم، فإن قطع معها بعض الزند فالدية وحكومة، وإن قطعت من المرفق أو المنكب فدية واحدة، ولوكان على المعصم كفان باطشان فالازيد[ بطشا ](٦) هو الاصلي وإن كانت منحرفة عن الساعد، ولو تساويا فلا قصاص في إحداهما وفيه نصف دية اليد وزيادة حكومة، وفي الذراعين الدية، وكذا في العضدين، وفي كل اصبع من اليدين أو الرجلين مائة دينار، وفي كل أنملة ثلثها، إلا في الابهام فالنصف، وفي الزائدة ثلث الاصلية سواء الاصبع والانملة، وفي شلل الاصبع ثلثا ديتها، وفي قطع المشلولة الثلث وإن كان خلقة، وفي الظفر عشرة دنانير إن لم ينبت أو نبت أسود، فإن نبت أبيض فخمسة، ولو قطعت اليد دخلت الاصابع في ديتها، فإن قطع الكف بعد الاصابع فالحكومة.

وفي الظهر إذا كسر أو أحدودب أو تعذر القعود فالدية، فإن صلح فالثلث، ولو كسر الصلب وجبر على غير عيب فمائة دينار(٧) ، فإن عثم(٨) فألف، ولو شلت الرجلان بكسرة فدية وثلثان، ولو ذهب مشيه وجماعه بكسره فديتان.

_____________________

(١) في(م): " وان ".

(٢) أى: التورى، انظر: مجمع البحرين ٣ / ٣٧٥ ضور.

(٣) بفتح الام: العظمان اللذان تنبت اللحية عل بشرتهما، ويقال لملتقاهما الذفن، وعليهما نبات الاسنان السفلى، انظر: مجمع البحرين ١ / ٣٧٣ لحا.

(٤) في(م): " ومن لا ".

(٥) في(س): " واحد ".

(٦) زيادة من(س).

(٧) لفظ " دينار " لم يرد في(م).

(٨) أى: انجير على غير استواء، انظر: لسان العرب ١٢ / ٣٨٤ عثم

٢١٨

وفي قطع النخاع الدية، وفي الذكر وإن كان للصبي أو المسلول أو الحشفة فما زاد الدية، ولو قطع بعض الحشفة نسب المقطوع إلى باقيها خاصة، ولو قطع الحشفة وآخر الباقي فعلى الاول دية وعلى الثاني حكومة، وفي العنين الثلث.

وفي الخصيتين الدية، وفي كل واحدة النصف، وقيل: في اليسرى الثلثان(١) ، وفي ادرة(٢) الخصيتين أربعمائة دينار، فإن فحج(٣) وتعذر المشي فثمانمائة[ دينار ](٤) وفي الاليين الدية، وفي كل واحدة النصف.

وفي الرجلين الدية، وفي كل واحدة النصف، وحدهما: مفصل الساق(٥) ، وفي الساقين الدية، وكذا في الفخذين، وفي الشفرين الدية(٦) ، وفي كل واحدة(٧) النصف(٨) ، وفي الركب حكومة.

وفي إفضائها ديتها إلا من الزوج للبالغة، فإن كان قبله ضمن الزوج المهر والدية وأنفق حتى يموت أحدهما، وإن أكرهها غير الزوج فالمهر الدية، ولا مهر لو طاوعته وعليه الدية، ولو كانت بكرا فلها أرش البكارة زائدا عن المهر، فإن اقتض بكرا بإصبعه فخرق مثانتها بحيث لا تملك بولها فالدية ومهر المثل.

وفي الثديين ديتها، وفي كل واحد(٩) النصف، ولو انقطع اللبن أو تعذر

_____________________

(١) قاله سلار في المراسم: ٢٤٤، والقاضى في المهذب ٢ / ٤٨١، وابن حمزة في الوسيلة: ٤٥١.

(٢) وهى: النفخة، انظر: العين ٨ / ٦٥ أدر.

(٣) الفحج: تباعد ما بين الرجلين، انظر: مجمع البحرين ٢ / ٣٢١ فحج، والمراد منه هنا شدد انتفاخ الخصيتين، بحيث تكون سببا في تباعد ما بين الرجلين فيتعذر المشى.

(٤) زيادة من(س).

(٥) في(س): " الساقين ".

(٦) في(س) و(م): " دية المرأة ".

(٧) في(س) و(م): " واحد ".

(٨) في(س): " نصف ".

(٩) في(م): " واحدة "

٢١٩

نزوله منهما فالحكومة، فإن قطع معهما شئ(١) من جلد الصدر فديتها(٢) والحكومة، وفي الحملتين ديتهما(٣) ، وكذا في حلمتي الرجل على رأي، وقيل: في حلمتي(٤) الرجل الثمن(٥) .

وفي كل ضلع يخالط القلب إذا كسر خمسة وعشرون دينارا، وفيما يلي العضدين عشرة، وفي كسر البعصوص(٦) بحيث لا يملك الغائط، أو العجان(٧) بحيث لا يملك الغائط والبول الدية.

وفي كسر عظم من عضو خمس دية العضو، فإن صلح على غير عيب فأربعة أخماس دية كسره، وفي موضحته ربع دية كسره، وفي رضه ثلث ديته، فإن صلح على غير عيب فأربعة أخماس دية رضه، وفي فكه بحيث يتعطل العضو ثلثا ديته، فإن صلح على غير عيب فأربعة أخماس دية فكه.

وفي الترقوة(٨) إذا كسرت فجبرت على غير عيب أربعون[ دينارا ](٩) ومن داس بطن إنسان حتى أحدث اقتص منه، أو فدى نفسه بثلث الدية.

_____________________

(١) في(م): " شيئا ".

(٢) في(س): " فديتهما ".

(٣) قال الشهيد في غاية المراد: " الضمير في ديتهما يعود إلى الثديين، والمراد منه: حملتا ثدى المرأد ".

(٤) في(س): حملة ".

(٥) هذا القول في كتاب ظريف بن ناصح عنه في الفقيه ٤ / ٩٥ والتهذيب ١٠ / ٦٥، واختاره أيضا الشيخ الصدوق في الفقيه ٤ / ٩١، وابن حمزه في الوسيلة: ٤٥٠، وابن سعيد في الجامع: ٥٩٠.

(٦) وهو: عظم دقيق حول الدبر، انظر: مجمع البحرين ٤ / ١٦٤ بعص.

(٧) وهو: ما بين الخصيصة وحلقة الدبر، انظر: مجمع البحرين ٦ / ٢٨١ عجن.

(٨) وهى: العظام المكتنفة لثغرة النحر، انظر: مجمع البحرين ٥ / ١٤٢ ترق.

(٩) زيادة من(س).

٢٢٠

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

فمنها حديث الحاكم المتقدم الصحيح على شرط الشيخين، الذي يعطي الشفاعة في الموحدين ليعقوبعليه‌السلام قبل نبيناصلى‌الله‌عليه‌وآله بحجة أن يعقوب هو الذبيح!!

ومنها حديث البخاري المتقدم في ج ٤ ص ١٣٣ حيث جاء فيه (فإنه ينفخ في الصور فيصعق من في السموات ومن في الأرض إلا من شاء الله، ثم ينفخ فيه أخرى فأكون أول من بعث، فإذا موسى آخذٌ بالعرش، فلا أدري أحوسب بصعقته يوم الطور، أم بعث قبلي. ولا أقول إن أحداً أفضل من يونس بن متى!) ومثله في مسلم ج ٧ ص ١٠٠

- وفي البخاري ج ٤ ص ١٢٥:

عن ابن عباس عن النبي صلّى الله عليه وسلم قال: لا ينبغي لعبد أن يقول أنا خير من يونس بن متى، ونسبه إلى أبيه.

- وفي ج ٤ ص ١٣٢:

عن ابن عباس أيضاً، عن النبى صلّى الله عليه وسلم قال: لا يقولن أحدكم إني خير من يونس، زاد مسدد يونس بن متى. ونحوه في ج ٤ ص ١٣٢ و ج ٤ ص ١٣٣ و ج ٥ ص ١٨٥ وص ١٩٣ بروايتين، وفي ج ٨ ص ٢١٣

وقد صرحت رواية مسلم ج ٧ ص ١٠٢ بأنه حديث قدسي!! وأنه يشمل كل الناس حتى نبيناصلى‌الله‌عليه‌وآله قال:

عن النبي صلّى الله عليه وسلم أنه قال يعني الله تبارك وتعالى: لا ينبغي لعبد لي - وقال ابن المثنى لعبدي - أن يقول أنا خير من يونس بن متىعليه‌السلام )! وروى نحوه في ص ١٠٣

أما ابن ماجة فقد شدد على الموضوع فروى في ج ٢ ص ١٤٢٨ عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أنه قال (ومن قال: أناخير من يونس بن متى فقد كذب!. في الزوائد: إسناده صحيح رجاله ثقات.

وروى نحو ما في البخاري أبو داود في سننه ج ٢ ص ٤٠٦ والترمذى ج١ ص ١١٨ وج ٥ ص ٥١

٤٠١

- وعلل أفضلية يونس في كنز العمال ج ١٢ ص ٤٧٦

فروى عن عدة مصادر، عن علي، عن النبي صلّى الله عليه وسلم قال: لا ينبغي لأحدٍ - وفي لفظ لعبدٍ - أن يقول أنا خيرٌ من يونس بن متى، سبح الله في الظلمات!

* *

أما رواياتهم عن نبي الله داودعليه‌السلام فقد تكون أكثر صراحةً بتفضيله على نبيناصلى‌الله‌عليه‌وآله !!

- ففي مجمع الزوائد ج ٨ ص ٢٠٦

عن أبي الدرداء قال: وكان رسول الله صلّى الله عليه وسلم إذا ذكر داود صلّى الله عليه وسلم قال: كان أعبد البشر. رواه البزار في حديث طويل وإسناده حسن.

- وفي كنز العمال ج ١٢ ص ٤٧٦

عن ابن عساكر، عن أنس أن رجلاً قال للنبي صلّى الله عليه وسلم: يا خير الناس، قال: ذاك إبراهيم! قال: يا أعبد الناس، قال: ذاك داود!!. وفي ج ٣ ص ٦٧١ (إن أخي داود كان أعبد البشر)

- وفي صحيح البخاري ج ٦ ص ٣١ ونحوه في ج ٤ ص ١٣٥

قال سألت مجاهداً عن سجدة( سورة) (ص) فقال سألت ابن عباس: من أين سجدت (يعني لماذا) فقال: أو ما تقرأ: ومن ذريته داود وسليمان أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده، فكان داود ممن أُمِرَ نبيكم صلّى الله عليه وسلم أن يقتدي به، فسجدها رسول الله صلّى الله عليه وسلم!!

* *

ونفس المشكلة تجدها في رواياتهم عن يحيىعليه‌السلام ، فقد روى الهندي في كنز العمال ج ١١ ص ٥٢١ عن مسند أحمد وطبقات ابن سعد وغيرهما، عن ابن عباس: ما من أحد من ولد آدم إلا وقد أخطأ أو هم بخطيئة، إلا يحيى بن زكريا، فإنه لم يهم بها ولم يعملها)

٤٠٢

- وفي كنز العمال ج ١١ ص ٥٢٢ عن ابن عساكر: لا ينبغي لأحد أن يقول أنا خير من يحيى بن زكريا، ما همَّ يخطيئة ولا جالت في صدره امرأة.

* *

والنتيجة: أنه لابد للباحث من القول بأن روايات بني اسرائيل وجدت طريقها الى مصادر إخواننا السنيين في عقيدة الشفاعة، وبقيت ضعيفة في بعض الحالات، ولكنها في حالاتٍ أخرى صارت الى صفِّ الروايات الإسلامية وبستواها من الصحة.. وأحياناً صارت أقوى منها وحلت محلها!!

أحسن تصور في مصادر السنيين عن شفاعة نبيناصلى‌الله‌عليه‌وآله

- حاول القاضي عياض في كتابه (الشفا) أن يقدم أفضل صورةٍ عن شفاعة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ولذلك لم يتقيد بروايات الصحاح، وجمع روايات لم يصححوها، وجرَّدها من كثير من الإسرائيليات التي تفضل أنبياء بني إسرائيل على نبينا، كما جرَّد بعض رواياتها من تجسيم الاسرائيليات، وبقي في بعضها، ولم يجردها من التهم التي تضمنتها لآدم وإبراهيم وموسى وعيسىعليهم‌السلام عندما يطلب الناس منهم الشفاعة يوم القيامة فيتكلمون عن خطاياهم وجرائمهم التي لم تغفر! فجاءت صورة عياض قريبة إلى أحاديث أهل البيتعليهم‌السلام ، وكانت أحسن تصور قدمها عالمٌ سنيٌّ عن شفاعة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله .

وفيما يلي مقتطفات من كلامه من ص ٢١٦ وما بعدها:

- وعن أبي هريرة سئل عنها رسول الله صلّى الله عليه وسلم يعني قوله: عسى أن يبعثك ربك مقاماً محموداً، فقال: هي الشفاعة.

- وروى كعب بن مالك عنه صلّى الله عليه وسلم: يحشر الناس يوم القيامة فأكون أنا وأمتي على تل، ويكسوني ربي حلة خضراء، ثم يؤذن لي فأقول ما شاء الله أن

٤٠٣

أقول، فذلك المقام المحمود.

- وعن ابن عمر رضي الله عنهما وذكر حديث الشفاعة قال: فيمشي حتى يأخذ بحلقة الجنة، فيومئذ يبعثه الله المقام المحمود الذي وعده.

- وعن ابن مسعود قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: إني لقائم المقام المحمود، قيل وما هو؟ قال: ذلك يوم ينزل الله تبارك وتعالى على كرسيه...!!

- وقال جابر بن عبد الله ليزيد الفقير: سمعت بمقام محمد يعني الذي يبعثه الله فيه: قال قلت نعم، قال: فإنه مقام محمد المحمود، الذى يخرج الله به من يخرج يعني من النار، وذكر حديث الشفاعة في إخراج الجهنميين.

- وفي رواية أنس وأبي هريرة وغيرهما دخل حديث بعضهم فى حديث بعض قال صلّى الله عليه وسلم: يجمع الله الأولين والآخرين يوم القيامة فيلهمون فيقولون لو استشفعنا إلى ربنا. ومن طريق آخر عنه ماج الناس بعضهم فى بعض، وعن أبى هريرة: وتدنو الشمس فيبلغ الناس من الغم ما لا يطيقون ولا يحتملون، فيقولون ألا تنظرون من يشفع لكم فيأتون آدم فيقولون.....

- وفي رواية: فآتي تحت العرش فأخر ساجداً، وفى رواية فأقوم بين يديه فأحمده بمحامد لا أقدر عليها، إلا أنه يلهمنيها الله، وفي رواية: فيفتح الله عليَّ من محامده وحسن الثناء عليه شيئاً لم يفتحه على أحد قبلي...

- وفي رواية قتادة عنه قال فلا أدري في الثالثة أو الرابعة فأقول يا رب ما بقي في النار إلا من حبسه القرآن أي من وجب عليه الخلود...

- ومن طريق زياد النميري عن أنس أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال: أنا أول من تنفلق الأرض عن جمجمته ولا فخر، وأنا سيد الناس يوم القيامة ولا فخر، ومعى لواء الحمد يوم القيامة، وأنا أول من تفتح له الجنة ولا فخر، فآتي فآخذ بحلقة الجنة، فيقال من هذا؟ فأقول محمد، فيفتح لي فيستقبلني الجبار تعالى! فأخر ساجداً...

٤٠٤

- وفي رواية أنس سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلم يقول: لأشفعن يوم القيامة لأكثر مما في الأرض من حجر وشجر.

فقد اجتمع من اختلاف ألفاظ هذه الآثار أن شفاعته صلّى الله عليه وسلم ومقامه المحمود من أول الشفاعات إلى آخرها، من حين يجتمع الناس للحشر وتضيق بهم الحاجر، ويبلغ منهم العرق والشمس والوقوف مبلغه، وذلك قبل الحساب، فيشفع حينئذ لإراحة الناس من الموقف، ثم يوضع الصراط ويحاسب الناس كما جاء في الحديث عن أبي هريرة وحذيفة، وهذا الحديث أتقن، فيشفع في تعجيل من لا حساب عليه من أمته إلى الجنة...

ثم يشفع فيمن وجب عليه العذاب ودخل النار منهم حسبما تقتضيه الأحاديث الصحيحة ثم فيمن قال لا إله إلا الله. وليس هذا لسواه صلّى الله عليه وسلم...

- وفي ص ٢٠٧

أورد القاضي عياض أحاديث في أن نبيناصلى‌الله‌عليه‌وآله هو الشفيع الأول قبل غيره من الأنبياء منها:

أنا أول الناس خروجاً إذا بعثوا، وأنا قائدهم إذا وفدوا، وأنا خطيبهم إذا أنصتوا، وأنا شفيعهم إذا حبسوا، وأنا مبشرهم إذا أبلسوا، لواء الكرم بيدي وأنا أكرم ولد آدم على ربي ولا فخر، ويطوف عليَّ ألف خادم كأنهم لؤلؤ مكنون.

وعن أبي هريرة: وأكسى حلةً من حلل الجنة، ثم أقوم عن يمين العرش ليس أحد من الخلائق يقوم ذلك المقام غيري.

وعن أبي سعيد الخدري قال قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: أنا سيد ولد آدم يوم القيامة، وبيدى لواء الحمد ولا فخر، وما نبي يومئذ آدم فمن سواه إلا تحت لوائي، وأنا أول من تنشق عنه الأرض ولا فخر.

- وعن ابن عباس رضي الله عنهما: أنا حامل لواء الحمد يوم القيامة ولا فخر، وأنا أول شافع وأول مشفع ولا فخر، وأنا أول من يحرك حلق الجنة فيفتح لي فأدخلها

٤٠٥

فيدخل معي فقراء المؤمنين ولا فخر، وأنا أكرم الأولين والآخرين ولا فخر.

وعن أنس رضي الله عنه قال قال النبي صلّى الله عليه وسلم: أنا سيد الناس يوم القيامة، وتدرون لم ذلك؟ يجمع الله الأولين والآخرين.. وذكر حديث الشفاعة.

- وفي حديث آخر: أما ترضون أن يكون إبراهيم وعيسى فيكم يوم القيامة، ثم قال إنهما في أمتي يوم القيامة، أما إبراهيم فيقول أنت دعوتي وذريتي فاجعلني من أمتك، وأما عيسى فالأنبياء إخوة بنو علاتٍ أمهاتهم شتى، وإن عيسى أخي ليس بيني وبينه نبي، وأنا أولى الناس به...

- قوله أنا سيد الناس يوم القيامة: هو سيدهم في الدنيا ويوم القيامة ولكن أشار صلّى الله عليه وسلم لإنفراده فيه بالسؤدد والشفاعة دون غيره، إذ لجأ الناس إليه في ذلك فلم يجدوا سواه. والسيد هو الذى يلجأ الناس إليه في حوائجهم، فكان حينئذ سيداً منفرداً من بين البشر لم يزاحمه أحد فى ذلك ولا ادعاه. انتهى.

* *

والنتيجة أن روايات الشفيع الأول في مصادر السنيين متعارضة بشكل لا يمكن الجمع بينها فلا بد من ترجيح طائفة منها وإسقاط الأخرى، ولا شك في أن الأرجحية للطائفة الموافقة لأحاديث أهل البيتعليهم‌السلام وللعقل، المخالفة لليهود.

٤٠٦

مسألتا: الذبيح وأول من يكسى كسوة الجنة يوم القيامة

يوجد مسألتان على الأقل ترتبطان بمسألة الشفيع الأول، تغلب فيهما الإسرائيليات في مصادر السنيين يناسب أن نتعرض لهما باختصار، خاصة أن شفاعة إسحاق وإبراهيمعليهما‌السلام وردت في رواياتهما:

الأولى منهما في تعيين الذبيح المذكور في القرآن، وهل هو إسحاق أوإسماعيل؟

والثانية في أول من يكسى كسوة الجنة يوم القيامة، هل هو إبراهيم أم نبينا صلّى الله عليهما وآلهما!

المسألة الأولى

رأي الشيعة أن الذبيح هو اسماعيلعليه‌السلام كما سيأتي.

وقالت اليهود إن الذبيح هو إسحاق وليس اسماعيل.

قال السيد جعفر مرتضى في (الصحيح) من السيرة ج ٢ ص ٤٧:

السؤال الذي يلح في طلب الإجابة عليه هو: من أين جاء هذا الأمر الغريب: أن الذبيح هو إسحاق؟

والجواب: هو ما قاله ابن كثير وغيره (إنما أخذوه والله أعلم من كعب الأحبار أو من صحف أهل الكتاب، وليس في ذلك حديث صحيح عن المعصوم حتى نترك من أجله ظاهر الكتاب.(١)

فاليهود إذن قد أرادوا ترويج عقيدتهم بين المسلمين، وتخصيص هذه الفضيلة بجدهم إسحاق حسب زعمهم. ولكن اليهود أنفسهم قد فاتهم أن التوراة المتدوالة نفسها متناقضة في هذا الأمر، فإنها في حين تقول (خذ ابنك وحيدك الذي تحبه إسحاق. وإذهب إلى أرض المريا وأصعده هناك محرقة على..الخ.(٢) فقد عبرت هنا بكلمة وحيدك الدالة على أن إسحاق هو أكبر ولد إبراهيم، ولكنها تعود فتكذِّب

٤٠٧

نفسها وتنص على أن إسحاق لم يكن وحيداً وإنما ولِدَ وعمرُ إسماعيل أربعة عشر سنة. انتهى.

وقال في هامشه:

(١) البداية والنهاية ج ١ ص ١٦١ و ١٥٩ وراجع السيرة الحلبية ج ١ ص ٣٨ عن ابن تيمية.

(٢) سفر التكوين: الإصحاح ٢٢ الفقرة ١ - ٣٣ ولتراجع سائر فقرات الإصحاح أيضاً.

(٣) سفر التكوين الإصحاح ١٦ فقرة ١٥- ١٦ نص على أن عمرَ إبراهيم حين ولادة إسماعيل ٨٦ سنة. وفي سفر التكوين الإصحاح ١٧ والإصحاح ١٨ نص على أنه ولد له إسماعيل وهو ابن ٩٩ أو مئة سنة. انتهى.

أما السنيون فقد تحيروا تحيراً شديداً في من هو الذبيح، وروت مصادرهم روايات (صحيحة) متناقضة! فقد روى الحاكم مثلاً عدة روايات في أن الذبيح المذكور في القرآن هو اسماعيل، وصحح بعضها على شرط الشيخين!

- قال الحاكم في ج ٢ ص ٤٣٠

عن ابن أبي نجيح عن مجاهد عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله عز وجل: وإن من شيعته لإبراهيم، قال من شيعة نوح إبراهيم على منهاجه وسنته. بلغ معه السعي: شب حتى بلغ سعيه إبراهيم في العمل. فلما أسلما: ما أمرا به.

وتله للجبين: وضع وجهه إلى الأرض فقال لا تذبحني وأنت تنظر عسى أن ترحمني فلا تجهز علي، إربط يدي إلى رقبتي ثم ضع وجهي على الأرض، فلما أدخل يده ليذبحه فلم يحرك المدية حتى نودي: أن يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا فأمسك يده ورفع.

قوله فديناه بذبح عظيم: بكبش عظيم متقبل. وزعم ابن عباس أن الذبيح اسمعيل، هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه. انتهى.

وقال في ج ٢ ص ٥٥٤

عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: الذبيح اسمعيل. هذا حديث صحيح على

٤٠٨

شرط الشيخين ولم يخرجاه. انتهى.

وروى في الصفحة التي بعدها:

عن عطاء بن أبي رباح عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أنه قال: المفدى اسمعيل، وزعمت اليهود أنه إسحاق وكذبت اليهود. انتهى.

ثم روى الحاكم عدة رواياتٍ في أن الذبيح هو إسحاق، وأنه هو الذي يشفع للموحدين! ولم يذكر فيها شيئاً عن شفاعة نبيناصلى‌الله‌عليه‌وآله وصحح بعضها أيضاً على شرط الشيخين! قال في ج ٢ ص ٥٥٧ عن إحدى رواياته: قال الحاكم: سياقة هذا الحديث من كلام كعب بن ماتع الأحبار، ولو ظهر فيه سندٌ لحكمتُ بالصحة على شرط الشيخين، فإن هذاإسنادٌ صحيحٌ لا غبار عليه!

- وقال في ص ٥٥٩

حدثنا إسمعيل بن الفضل بن محمد الشعراني، ثنا جدي، ثنا سنيد بن داود، ثنا حجاج بن محمد، عن شعبة، عن أبي إسحاق، عن أبي الأحوص، عن عبد الله قال عبد الله قال: الذبيح إسحاق. هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه.

وحدثنا محمد بن عمرو الأويسي، عن أبي الزبير، عن جابر رضي الله عنه قال: لما رأى إبراهيم في المنام أن يذبح إسحاق أخذ بيده. فذكره بطوله... قال الحاكم: وقد ذكره الواقدي بأسانيده. وهذا القول عن أبي هريرة، وعبد الله بن سلام، وعمير بن قتادة الليثي، وعثمان بن عفان، وأبي بن كعب، وعبد الله بن مسعود، وعبد الله بن عمر، وعبد الله بن عمرو، والله أعلم. وقد كنت أرى مشائخ الحديث قبلنا وفي سائر المدن التي طلبنا الحديث فيها، وهم لا يختلفون أن الذبيح إسمعيل، وقاعدتهم فيه قول النبي صلّى الله عليه وسلم: أنا ابن الذبيحين، إذ لا خلاف أنه من ولد إسمعيل، وأن الذبيح الآخر أبوه الأدنى عبد الله بن عبد المطلب. والآن فإني أجد مصنفي هذه الأدلة يختارون قول من قال إنه إسحاق. انتهى.

٤٠٩

فقد بين الحاكم أنه يوجد عند السنيين اتجاهان في تعيين الذبيح: قول بأنه اسماعيل، وهو الإتجاه الشعبي عند الناس وعند مشايخ الحديث الأكثر تقديساً للنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله واختلاطاً بالناس، ولم يكن عندهم شكٌّ ولا خلافٌ بأن الذبيح اسماعيل.

وقول بأنه إسحاق، وهو اتجاه (مصنفي هذه الأدلة) أي مجموعات الأحاديث التي أمرت دولة الخلافة بتصنيفها، وكانت تكتبها على دفاتر وتبعث بها الى الآفاق، ومن راجع قصص دفاتر الزهري والعلماء الذين صنفوا الحديث برعاية الدولة، يعرف أن مقصود الحاكم هؤلاء المصنفين! ثم أشار الحاكم إلى أن هذه الأحاديث أوجبت عليه أن يتوقف فيما هو مشهور عند مشائخ الحديث، وأن يميل إلى اتجاه المصنفين، وأن الذبيح إسحاق وليس إسماعيل!

ثم أورد رواية عن وهب ابن منبه (اليهودي المقبول في مصادرهم) تؤكد أن الذبيح إسحاق وأنه هو شفيع الموحدين!! قال الحاكم:

عن وهب بن منبه قال: حديث إسحاق حين أمر الله إبراهيم أن يذبحه: وهب الله لإبراهيم إسحاق في الليلة التي فارقته الملائكة، فلما كان ابن سبع أوحى الله إلى إبراهيم أن يذبحه ويجعله قرباناً، وكان القربان يومئذٍ يتقبل ويرفع، فكتم إبراهيم ذلك إسحاق وجميع الناس وأسرَّه إلى خليل له، فقال العازر الصديق وهو أول من آمن بإبراهيم وقوله، فقال له الصديق: إن الله لا يبتلي بمثل هذا مثلك ولكنه يريد أن يجربك ويختبرك، فلا تسوأن بالله ظنك، فإن الله يجعلك للناس إماماً ولا حول ولا قوة لإبراهيم وإسحاق إلا بالله الرحمن الرحيم. فذكر وهب حديثا طويلاً إلى أن قال وهب: وبلغني أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: لقد سبق إسحاق الناس إلى دعوة ما سبقها إليه أحد! ويقومن يوم القيامة فليشفعن لأهل هذه الدعوة، وأقبل الله على إبراهيم في ذلك المقام فقال:

إسمع مني يا إبراهيم أصدق الصادقين. وقال لإسحاق: إسمع مني يا أصبر الصابرين، فإني قد ابتليتكما اليوم ببلاءٍ عظيمٍ لم أبتل به أحداً من خلقي، ابتليتك يا

٤١٠

إبراهيم بالحريق فصبر صبراً لم يصبر مثله أحد من العالمين، وابتليتك بالجهاد فيَّ وأنت وحيدٌ وضعيفٌ فصدقت وصبرت صبراً وصدقاً لم يصدق مثله أحد من العالمين، وابتليتك يا إسحاق بالذبح فلم تبخل بنفسك ولم تعظم ذلك في طاعة أبيك، ورأيت ذلك هنيئاً صغيراً في الله كما يرجو من أحسن ثوابه ويسر به حسن لقائه، وإني أعاهدكما اليوم عهداً لا أحبسن به: أما أنت يا إبراهيم فقد وجبت لك الجنة عليَّ فأنت خليلي من بين أهل الأرض دون رجال العالمين، وهي فضيلة لم ينلها أحد قبلك ولا أحد بعدك، فخرَّ إبراهيم ساجداً تعظيماً لما سمع من قول الله متشكراً لله.

وأما أنت يا إسحاق فتمنَّ عليَّ بما شئت، وسلني واحتكم، أوتك سؤلك.

قال: أسألك يا إلهي أن تصطفيني لنفسك، وأن تشفعني في عبادك الموحدين، فلا يلقاك عبدٌ لا يشرك بك شيئاً إلا أجرته من النار.

قال له ربه: أوجبت لك ما سألت وضمنت لك ولأبيك ما وعدتكما على نفسي، وعداً لا أخلفه، وعهداً لا أحبسن به، وعطاء هنيئاً ليس بمردود. انتهى.

والنتيجة أن الحاكم يشهد بأن الروايات القائلة بأن الذبيح اسماعيل صحيحة ومشهورة عند مشائخ الحديث وعامة الناس.

ويشهد أيضاً بأن الروايات القائلة بأن الذبيح إسحاق صحيحة أيضاً عند أهل المصنفات، وهو يرجحها مع أنها مخالفة للمشهور!

لكن يبقى السؤال: من أين جاء هذان الإتجاهان في المسألة!

أما البخاري فقد تهرب في صحيحه من تعيين الذبيح ولكنه اختار في تاريخه أنه إسحاق وليس إسماعيل رغم وجود عدة روايات صحيحة على شرطه تقول إنه اسماعيل ومن البعيد جداً أنه لم يرها!

- قال السيوطي في الدر المنثور ج ٥ ص ٢٨٢

وأخرج عبد بن حميد والبخاري في تاريخه وابن جرير وابن المنذر وابن أبي

٤١١

حاتم وابن مردويه عن العباس بن عبد المطلب قال: الذبيح إسحاق. انتهى.

بل يمكن القول إن البخاري اختار في صحيحه أيضاً أن الذبيح إسحاق لأن الرواية اليتيمة التي رواها عن الموضوع اقتطعها وانتقاها من رواية مجاهد المتقدمة في مستدرك الحاكم، وقد حذف منها أن الذبيح اسماعيل!!

- قال البخاري في صحيحه ج ٨ ص ٧٠

باب رؤيا إبراهيم وقوله تعالى: فلما بلغ معه السعي قال يا بني إني أرى في المنام أني أذبحك فانظر ماذا ترى.... قال مجاهد: أسلما: سلما ما أمرا به، وتله: وضع وجهه بالأرض. انتهى.

ولابد أن البخاري لم يرتض رأي مجاهد في أصل هذه الرواية وغيرها بأن الذبيح اسماعيل، ولذلك حذفه من تفسيره للآيات الذي نقله عنه! ولكنه لم يشير إلى ما فعل مع الأسف!

ووما يدل على أن رأي مجاهد القاطع بأن الذبيح اسماعيل: مارواه السيوطي في الدر المنثور ج ٥ ص ٢٨٠ قال:

وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر وابن أبى حاتم من طريق مجاهد ويوسف بن ماهك عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: الذبيح اسمعيلعليه‌السلام .

- وأخرج عبد بن حميد وابن جرير من طريق يوسف بن مهران وأبي الطفيل عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: الذبيح اسمعيلعليه‌السلام .

- وأخرج عبد بن حميد عن سعيد بن المسيب وسعيد بن جبير قالا: الذي أراد إبراهيمعليه‌السلام ذبحه اسمعيلعليه‌السلام .

- وأخرج ابن جرير عن الشعبي ومجاهد والحسن ويوسف بن مهران ومحمد بن كعب القرظي مثله. انتهى.

وأما مسلم، فلم نجد فيه رواية تعين الذبيح! ولو كان يرى أنه إسماعيل لذكره،

٤١٢

لوجود روايات عديدة صحيحة على شرطه في ذلك، ومن البعيد أنه لم يرها! فلا بد أنه كالبخاري والحاكم رجح أن الذبيح إسحاق.

أما لماذا فعل أصحاب المصنفات والصحاح ذلك؟

ولماذا أسقطوا الأحاديث الصحيحة بأن الذبيح اسماعيل!

فالجواب : أنهم فعلوه لحاجة في نفس يعقوب!!

والحاجة التي في نفس يعقوب هنا: أن قريشاً تبنت القول بأن الذبيح هو إسحاق حتى لا تضطر إلى الإعتراف بحديث (أنا ابن الذبيحين) لأن هذا الحديث يعطي لعبد المطلب مقاماً شبيهاً بمقام إبراهيمعليه‌السلام وأنه كان ولياً ملهماً كالأنبياء وأن الله تعالى امتحنه فأمره بذبح أحد أبنائه.. وإذا اعترفت بذلك، فإن حق الحكم بعد النبي يجب أن يكون في ذرية عبد المطلب دون غيرهم من بيوتات قريش وقبائلها!!

فالأفضل للقرشيين في تصورهم أن يقولوا إن عبد المطلب وأبا طالب وكل أسرة النبي الماضين، كانوا كفاراً وأنهم في النار، وأن ورثة سلطان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله هم جيل قريش الذين عاصروه من جميع قبائل قريش الثلاث والعشرين!

ولهذا نجد أن شخص (الخليفة) يتدخل في هذا الموضوع ويصير راوياً، ويقول إن النبي لم يقل إنه ابن الذبيحين، ولكن بدوياً فقيراً تقرب إليه بهذه العبارة، فتبسم لها النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ! وقد كان تبسمه اشتباهاً ورأياً رآه من عنده ولم ينزل عليه به وحي!!

- روى الحاكم في المستدرك ج ٢ ص ٥٥٤ عن: عبد الله بن سعيد الصنابحي قال: حضرنا مجلس معاوية بن أبي سفيان فتذاكر القوم اسمعيل وإسحاق بن إبراهيم فقال بعضهم: بل إسحاق الذبيح فقال معاوية: سقطتم على الخبير كنا عند رسول الله فأتاه الأعرابي فقال: يا رسول الله خلفت البلاد يابسة والماء يابساً هلك المال وضاع العيال فعد علي بما أفاء الله عليك يابن الذبيحين فتبسم رسول الله ولم ينكر عليه!!

فقلنا يا أميرالمؤمنين وما الذبيحان قال إن عبد المطلب لما أمر بحفر زمزم نذر لله إن سهل الله أمرها أن ينحر بعض ولده فأخرجهم فأسهم بينهم فخرج السهم لعبد الله

٤١٣

فأراد ذبحه فمنعه أخواله من بني مخزوم وقالوا: أرض ربك وافد ابنك. قال ففداه بمائة ناقة فهو الذبيح واسمعيل الثاني. انتهى.

وفي ظني أن الراوي تصرف في القسم الأخير من كلام معاوية، لأنه في القسم الأول نفى مسألة الذبيح من أصلها! ولا بد أن تكون بقية حديث معاوية في نفي الذبيحين بلسان معاوية أو عن لسان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله !

لقد التقت مصلحة القرشيين في هذه المسألة مع مصلحة اليهود! وكعب الأحبار وجماعته حاضرون لاغتنام هذه الفرصة، ليثبتوا أن الذبيح اسحاق، وليس إسماعيل، وينقضوا على الشفاعة للموحدين فيأخذوها من النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ويجعلوها لإسحاق!!

ويتضح عمل كعب في الموضوع من الرواية التالية التي رواها عبد الرزاق في تفسيره ج ٢ ص ١٢٣ عن الزهري عن القاسم بن محمد في قوله: إني أرى في المنام أني أذبحك، قال: اجتمع أبو هريرة وكعب فجعل أبو هريرة يحدث كعباً عن النبي (ص) وجعل كعب يحدث أبا هريرة عن الكتب!! فقال: أبو هريرة قال النبي (ص): إن لكل نبي دعوة مستجابة وإني خبأت دعوتي شفاعة لأمتي يوم القيامة فقال له كعب: أنت سمعت هذا من رسول الله! قال نعم.

قال كعب: فداه أبي وأمي أفلا أخبرك عن إبراهيم إنه لما رأى ذبح ابنه إسحاق قال الشيطان: إن لم أفتن هؤلاء عند هذه لم أفتنهما أبدا فخرج إبراهيم بابنه ليذبحه فذهب الشيطان فدخل على سارة فقال: أين ذهب إبراهيم بابنك قالت: غدا به لبعض حاجته فقال: إنه لم يغد به لحاجة إنما ذهب ليذبحه. قالت: ولم يذبحه! قال: يزعم أن ربه أمره بذلك! قالت: فقد أحسن أن يطيع ربه في ذلك فخرج الشيطان في أثرهما فقال للغلام أين يذهب بك أبوك قال لحاجته قال إنما يذهب بك ليذبحك! قال لم يذبحني قال يزعم أن ربه أمره بذلك! قال والله لئن كان أمره بذلك ليفعلن.

٤١٤

قال فتركه ولحق بإبراهيم فقال: أين غدوت بابنك فقال لحاجة قال: فإنك لم تغد به لحاجة إنما غدوت لتذبحنه! قال ولم أذبحه قال تزعم أن ربك أمرك بذلك! قال: فوالله لئن كان أمرني بذلك لافعلن. قال: فتركه ويئس أن يطاع. انتهى.

- وروى الطبري في تاريخه ج ١ ص ١٨٧

رواية معاوية وعدة روايات عن كعب الأحبار في أن الذبيح إسحاق، ومنها رواية عبد الرزاق بألفاظ مشابهة وزاد فيها: فلما أخذ إبراهيم إسحاق ليذبحه وسلم إسحاق أعفاه الله وفداه بذبح عظيم قال إبراهيم لإسحاق قم أي بني فإن الله قد أعفاك فأوحى الله إلى إسحاق إني أعطيك دعوة أستجيب لك فيها قال إسحاق: اللّهمّ فإني أدعوك أن تستجيب لي أيما عبد لقيك من الأولين والآخرين لا يشرك بك شيئاً فأدخله الجنة. انتهى.

وبذلك يقول لنا كعب: إن الذبيح هو إسحاق جد اليهود وليس جد العرب، ثم إنكم تزعمون أن محمداً يشفع في الموحدين، وقد سبقه إلى ذلك إسحاق فلم يبق معنى لشفاعة نبيكم!

- وقال السيوطي في الدر المنثور ج ٥ ص ٢٨٢

وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم وصححه والبيهقي في شعب الإيمان عن كعب رضي الله عنه أنه قال لأبي هريرة: ألا أخبرك عن اسحاق قال بلى قال: لما رأى إبراهيم أن يذبح إسحاق... وذكر شفاعة اسحاق للموحدين بنحو رواية الطبري المتقدمة!

- وقال ابن خلدون في تاريخه ج ٢ ص ٣٨

واختلف في ذلك الذبيح من ولديه، فقيل اسمعيل وقيل اسحاق وذهب إلى كلا القولين جماعة من الصحابة والتابعين فالقول باسمعيل لابن عباس وابن عمر والشعبي ومجاهد والحسن ومحمد بن كعب القرظي وقد يحتجون له بقوله صلّى الله

٤١٥

عليه وسلم: أنا ابن الذبيحين ولا تقوى الحجة به لأن عم الرجل قد يجعل أباه بضرب من التجوز لا سيما في مثل هذا الفخر!!

ويحتجون أيضاً بقوله تعالى: فبشرناها بإسحاق ومن وراء اسحاق يعقوب ولو كان ذبيحاً في زمن الصبا لم تصح البشارة بابن يكون له لأن الذبح في الصبا ينافي وجود الولد ولا تقوم من ذلك حجة لأن البشارة إنما وقعت على وفق العلم بأنه لا يذبح وأنما كان ابتلاء لإبراهيم.

والقول بإسحاق للعباس وعمر وعلي وابن مسعود وكعب الأحبار وزيد بن أسلم ومسروق وعكرمة وسعيد بن جبير وعطاء والزهري ومكحول والسدي وقتادة. انتهى.

وينبغي الإلتفات هنا إلى أن أصل القول بأن الذبيح إسحاق من شخصين حسب رواية ابن خلدون وغيره:

الأول: الخليفة عمر مؤسس الخلافة القرشية وصاحب مشروع عزل بني هاشم عن الخلافة.

والثاني: كعب الأحبار حامل راية الثقافة الإسرائيلية.

وقد ذكر الرواة المؤيدون للخلافة القرشية اسم علي والعباس، ورووا عنهما أن الذبيح إسحاق لأنهما من أولاد عبد المطلب، ومن المناسب الإحتجاج بشهادتهما لسلب هذه المنقبة العظيمة عن عبد المطلب، التي تجعله بنص الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله إبراهيم الثاني!

ويظهر أن قريشاً وكعباً لم يستطيعوا إقناع جمهور المسلمين بمقولتهم المخالفة لظاهر القرآن، ولا إسكات بني هاشم ومنهم ابن عباس بأن الذبيح هو إسحاق، وإن رووا ذلك عنهم، فقد بقي عوام المسلمين مع ظاهر القرآن وفطرتهم، وبقيت روايات أهل البيت الصريحة، وروايات ابن عباس التي تقدمت في مستدرك الحاكم ج

٤١٦

٢ ص ٥٥٥: قال: المفدى إسمعيل وزعمت اليهود أنه إسحاق وكذبت اليهود. انتهى. بقي كل ذلك يتحدى رواة الخلافة القرشية واسرائيلياتها!

رأي أهل البيتعليهم‌السلام

تؤكد مصادر أهل البيتعليهم‌السلام أن الذبيح هو اسماعيلعليه‌السلام وقد قوى العلماء رواياته وضعفوا رواية أن الذبيح إسحاق حتى صار ذلك من مختصات مذهبنا.. ففي تفسير القمي ج ٢ ص ٢٢٦: قال: وحدثني أبي عن صفوان بن يحيى وحماد عن عبدالله بن المغيرة عن ابن سنان عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال سألناه عن صاحب الذبح فقال: اسماعيل. وروي عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أنه قال: أنا ابن الذبيحين يعني اسماعيل وعبد الله بن عبد المطلب.

- وفي تفسير التبيان ج ٨ ص ٥١٧

واختلفوا في الذبيح فقال ابن عباس وعبد الله بن عمر ومحمد بن كعب القرطي وسعيد بن المسيب والحسن في إحدى الروايتين عنه والشعبي: إنه كان إسماعيل وهو الظاهر في روايات أصحابنا ويقويه قوله بعد هذه القصة وتمامها: وبشرناه بإسحاق نبياً من الصالحين فدل على أن الذبيح كان اسماعيل. ومن قال: إنه بشر بنبوة إسحاق دون مولده فقد ترك الظاهر لأن الظاهر يقتضي البشارة بإسحاق دون نبوته.

ويدل أيضاً عليه قوله: فبشرناها بإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب ولم يذكر اسماعيل. فدل على أنه كان مولوداً قبله.

وأيضاً فإنه بشره بإسحاق وأنه سيولد له يعقوب فكيف يأمره بذبحه مع ذلك؟ وأجابوا عن ذلك بأن الله لم يقل إن يعقوب يكون من ولد إسحاق.

وقالوا أيضاً يجوز أن يكون أمره بذبحه بعد ولادة يعقوب. والأول هو الأقوى على ما بيناه. وقد روى عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أنه قال: أنا ابن الذبيحين ولا خلاف أنه كان من ولد اسماعيل والذبيح الآخر عبد الله أبوه. انتهى.

٤١٧

- وفي تفسير نور الثقلين ج ٤ ص ٤٢١

في أمالي شيخ الطائفة قدس سره بإسناده إلى سليمان بن يزيد قال: حدثنا علي بن موسى قال: حدثني أبي عن أبيه عن أبي جعفر عن أبيه عن آبائهعليهم‌السلام قال: الذبيح اسماعيلعليه‌السلام .

وفي مهج الدعوات في دعاء مروي عن أمير المؤمنينعليه‌السلام عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : يا من فدى اسماعيل من الذبح.

- وفي مستدرك الوسائل ج ١٦ ص ٩٨

وفي العيون: عن أحمد بن الحسن القطان عن أحمد بن محمد بن سعيد الكوفي عن علي بن حسن بن فضال عن أبيه قال: سألت أبا الحسن الرضاعليه‌السلام عن معنى قول النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : أنا ابن الذبيحين قال: يعني إسماعيل بن إبراهيم الخليلعليهما‌السلام وعبد الله بن عبدالمطلب... إلى أن قال: وأما الآخر فإن عبدالمطلب كان تعلق بحلقة باب الكعبة ودعا الله عز وجل أن يرزقه عشرة بنين ونذر لله عز وجل أن يذبح واحداً منهم متى أجاب الله دعوته فلما بلغوا عشرة قال: قد وفى الله تعالى لي فلافين لله عز وجل فأدخل ولده الكعبة وأسهم بينهم فخرج سهم عبد الله.. الخبر.

- ابن شهر آشوب في المناقب: تصور لعبد المطلب أن ذبح الولد أفضل قربة لما علم من حال اسماعيل فنذر أنه متى رزق عشرة أولاد ذكوراً أن ينحر أحدهم في الكعبة شكراً لربه فلما وجدهم عشرة قال لهم: يا بني ما تقولون في نذري فقالوا: الأمر إليك ونحن بين يديك.. الخبر. انتهى.

بحث في إيمان عبد المطلب ورواية أنا ابن الذبيحين

نظراً لأهمية هذه المسألة وارتباطها بشفاعة النبي وشخصية أبيه وجدهصلى‌الله‌عليه‌وآله .. نستعرضها بشكل موجز، ونبين ظلامة عبد المطلب في مصادر السنيين:

فقد روت مصادرهم بأسانيد صحيحة عن لسان أصدق الصادقين الناطق بإلهام

٤١٨

رب العالمينصلى‌الله‌عليه‌وآله ، نقاطاً ملفتة في مدح عبد المطلب، توجب الإعتقاد بأن شخصيته شخصية ربانية، وتوجب رفض الروايات التي تعارضها وتتهمه بالشرك وعبادة الأصنام!

فمن هذه الأحاديث:

أنه عندما انهزم المسلمون في حنين وتركوا نبيهمصلى‌الله‌عليه‌وآله بين سهام الكفار ورماحهم وسيوفهم في أشد ظروف الخطر، ولم يبق معه إلا الملائكة وعلي وبعض بني هاشم.. ترجلصلى‌الله‌عليه‌وآله للحرب وافتخر على الكفار بأمرين: نبوته، وأنه ابن عبد المطلب وباهاهم بذلك بين يدي الله تعالى وقاتلهم!

والنبي العادي لا يفتخر بجده وآبائه إذا كانوا كفاراً، فكيف بسيد الأنبياء والمرسلين وأتقى الموحدينصلى‌الله‌عليه‌وآله !

- قال البخاري في صحيحه ج ٥ ص ٩٨

عن أبي إسحاق قال سمعت البراء وجاءه رجل فقال: يا أبا عمارة أتوليت يوم حنين! فقال أما أنا فأشهد على النبي صلّى الله عليه وسلم أنه لم يول ولكن عجل سرعان القوم فرشقتهم هوازن وأبو سفيان بن الحرث (بن عبد المطلب) آخذ برأس بغلته البيضاء (وهو) يقول: أنا النبي لا كذب أنا ابن عبد المطلب

- وقال البخاري في ج ٣ ص ٢٢٠

قال: لا والله ما ولى النبي صلّى الله عليه وسلم، ولكن ولى سرعان الناس، فلقيهم هوازن بالنبل، والنبي صلّى الله عليه وسلم على بغلته البيضاء، وأبو سفيان بن الحر ث آخذ بلجامها، والنبي صلّى الله عليه وسلم يقول:

أنا النبي لا كذب

أنا ابن عبد المطلب

- وقال في ج ٤ ص ٢٨

... فلما غشيه المشركون نزل فجعل يقول: أنا النبي لا كذب أنا ابن عبد المطلب قال: فما رؤي من الناس يومئذ أشد منه! ورواه مسلم في ج ٥ ص ١٦٨ و ١٦٩

٤١٩

- وقال البخاري في صحيحه ج ٤ ص ١٦١

باب من انتسب إلى آبائه في الإسلام والجاهلية. وقال ابن عمرو وأبو هريرة عن النبي صلّى الله عليه وسلم: إن الكريم ابن الكريم بن الكريم بن الكريم يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم خليل الله. وقال البراء عن النبي صلّى الله عليه وسلم: أنا ابن عبد المطلب.

ومن هذه الأحاديث:

ما دل أن الله تعالى جعل في شريعته الخالدة مالية خاصة لأبناء عبد المطلب إلى يوم القيامة، فحرم عليهم الصدقات لأنها أوساخ الناس، وجعل لهم بدلها الخمس. وإن شخصاً يكون في ذريته أبرار وأخيار بهذا المستوى إلى يوم القيامة، يستبعد أن يكون مشركاً عابداً للأصنام!

- قال النسائي في سننه ج ٧ ص ١٣٤

عن مجاهد قال الخمس الذي لله وللرسول كان للنبي صلّى الله عليه وسلم وقرابته لا يأكلون من الصدقة شيئاً... قال الله جل ثناؤه: واعلموا أنما غنمتم من شيء فإن لله خمسه وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل.

- وقال أبو داود في سننه ج ٢ ص ٢٦

حدثنا حسين بن علي العجلي، ثنا وكيع، عن الحسن بن صالح، عن السدي، في ذي القربى قال: هم بنو عبد المطلب.

- وقال النسائي ج ٥ ص ١٠٥

باب استعمال آل النبي صلّى الله عليه وسلم على الصدقة... أخبرنا عمرو بن سواد بن الأسود بن عمرو عن ابن وهب قال حدثنا يونس عن ابن شهاب عن عبدالله بن الحرث بن نوفل الهاشمي أن عبد المطلب بن ربيعة بن الحرث بن عبد المطلب أخبره أن أباه ربيعة بن الحرث قال لعبد المطلب بن ربيعة بن الحرث والفضل بن العباس بن عبد المطلب ائتيا رسول الله صلّى الله عليه وسلم فقولا له استعملنا يا

٤٢٠

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491