الغدير في الكتاب والسنة والأدب الجزء ٨

الغدير في الكتاب والسنة والأدب0%

الغدير في الكتاب والسنة والأدب مؤلف:
تصنيف: الإمامة
الصفحات: 397

الغدير في الكتاب والسنة والأدب

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: العلامة الشيخ الأميني
تصنيف: الصفحات: 397
المشاهدات: 128836
تحميل: 4273


توضيحات:

الجزء 1 المقدمة المقدمة المقدمة المقدمة المقدمة المقدمة المقدمة المقدمة المقدمة المقدمة الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5 الجزء 6 الجزء 7 الجزء 8 الجزء 9 الجزء 10 الجزء 11
المقدمة
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 397 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 128836 / تحميل: 4273
الحجم الحجم الحجم
الغدير في الكتاب والسنة والأدب

الغدير في الكتاب والسنة والأدب الجزء 8

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

قال الأميني: إنَّ الثابت في السنَّة الشريفة إنَّ الخطبة في العيدين تكون بعد الصَّلاة، قال الترمذي في الصحيح ١، ٧٠: والعمل على هذا عند أهل العلم من أصحاب النبيِّ صلى الله عليه وسلم وغيرهم إنّ صلاة العيدين قبل الخطبة ويقال: إنَّ أوّل مَن خطب قبل الصَّلاة مروان بن الحكم.

وإليك جملة ممّا ورد فيها:

١ - عن ابن عبّاس قال: أشهد على رسول الله صلى الله عليه وسلم إنَّه صلّى يوم فطر أو أضحى قبل الخطبة ثمَّ خطب.

صحيح البخاري ٢: ١١٦، صحيح مسلم ١: ٣٢٥، سنن أبي داود ١: ١٧٨، ١٧٩، سنن ابن ماجة ١: ٣٨٥، سنن النسائي ٣: ١٨٤، سنن البيهقي ٣: ٢٩٦.

٢ - عن عبد الله بن عمر قال: كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم ثمَّ أبو بكر ثمَّ عمر يصلّون العيد قبل الخطبة. وفي لفظ الشافعي: إنَّ النبيَّ وأبا بكر وعمر كانوا يصلّون في العيدين قبل الخطبة، وفي لفظ للبخاري: إنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلّي في الأضحى والفطر ثمَّ يخطب بعد الصَّلاة.

صحيح البخاري ٢: ١١١، ١١٢، صحيح مسلم ١: ٣٢٦، موطأ مالك ١: ١٤٦، مسند أحمد ٢: ٣٨، كتاب الأُم للشافعي ١: ٢٠٨، سنن ابن ماجة ١: ٣٨٧، سنن البيهقي ٣: ٢٩٦، سنن الترمذي ١: ٧٠، سنن النسائي ٣: ١٨٣، المحلّى لابن حزم ٥: ٨٥، بدايع الصنايع ١: ٢٧٦.

٣ - عن أبي سعيد الخدري قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخرج يوم العيدين فيصلّي بالناس ركعتين ثمَّ يسلّم فيقف على رجليه. الخ.

سنن ابن ماجة ١: ٣٨٩، المدوَّنة الكُبرى لمالك ١: ١٥٥، سنن البيهقي ٣: ٢٩٧.

٤ - عن عبد الله بن السائب قال: حضرت العيد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلّى بنا العيد ثمَّ قال: قد قضينا الصّلاة فمن أحبّ أن يجلس للخطبة فليجلس، ومن أحبَّ أن يذهب فليذهب.

سنن ابن ماجة ١: ٣٨٦، سنن أبي داود ١: ١٨٠، سنن النسائي ٣: ١٨٥،

١٦١

سنن بيهقي ٣: ٣٠١، المحلّى ٥: ٨٦.

٥ - عن جابر بن عبد الله قال: إنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قام يوم الفطر فصلّى فبدأ بالصَّلاة قبل الخطبة ثمَّ خطب الناس.

صحيح البخاري ٢: ١١١، صحيح مسلم ١: ٣٢٥، سنن أبي داود ١: ١٧٨، سنن النسائي ٣: ١٨٦، سنن البيهقي ٢: ٢٩٦، ٦٩٨.

٦ - عن ابن عبّاس وجابر بن عبد الله وعبد الله بن عمر وأنس بن مالك: إنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلّي قبل الخطبة. المدوَّنة الكبرى ١: ١٥٥.

٧ - عن البراء بن عازب قال: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم النحر بعد الصَّلاة.

صحيح البخاري ٢: ١١٠، سنن النسائي ٣: ١٨٥.

٨ - عن أبي عبيد مولى ابن أزهر قال: شهدت العيد مع عليِّ بن أبي طالب و عثمان محصور فجاء فصلّى ثمَّ انصرف فخطب.

موطأ مالك ١: ١٤٧، كتاب الأُم للشافعي ١: ١٧١ ذكر من طريق مالك شطراً منه.

هذه الأحاديث تكشف عن استمرار رسول الله صلى الله عليه وآله على هذه السنَّة المرتبة ولم يعز إليه غيرها قطُّ، وعلى ذلك مضى الشيخان ومولانا أمير المؤمنين علي عليه السلام وعثمان نفسه ردحاً من أيّامه كما جاء في رواية ابن عمر من إنَّ النبيَّ وأبا بكر وعمر وعثمان كانوا يصلّون في العيدين قبل الخطبة(١) وظاهر هذا اللفظ وإن كان مطلقاً إلّا أنَّ الجمع بينه وبين ما جاء من مخالفة عثمان للقوم وإنَّه أوَّل من قدم الخطبة إنَّه كان أوَّلاً على وتيرتهم حتّى بدا له أن يغيّر الترتيب ففعل، ويؤيِّده سكوت ابن عمر نفسه عن عثمان فيما مرَّ ص ١٦١ من قوله: كان النبيُّ ثمَّ أبو بكر ثمَّ عمر يصلّون العيد قبل الخطبة. فإن كان عثمان أيضاً مستمرّاً على سيرتهم وسنَّتهم لذكره ولم يفصّل بينهم وبهذا يتأتَّى الجمع أيضاً بين حديثي ابن عبّاس من قوله: شهدت العيد مع النبيِّ وأبي بكر وعمر فبدؤا بالصَّلاة قبل الخطبة. ومن قوله: صلّى رسول الله ثمَّ خطب و أبو بكر وعمر وعثمان(٢) .

____________________

١ - كتاب الأم للشافعي ١: ٠٨ ٢، صحيح البخاري ٢: ١١٢.

٢ - مسند أحمد ١: ٣٤٥، ٣٤٦، صحيح مسلم ١: ٣٢٤.

١٦٢

وليتني أدري كيف يُتقرَّب إلى المولى سبحانه بصلاة بدَّلوا فيها سنَّة الله؟ التي لا تبديل لها، قال الشوكاني في نيل الأوطار ٢: ٣٦٣: قد اختلف في صحَّة العيدين مع تقدُّم الخطبة ففي مختصر المزني عن الشافعي ما يدلُّ على عدم الاعتداد بها وكذا قال النووي في شرح المهذَّب: إنَّ ظاهر نصِّ الشافعي إنَّه لا يعتدُّ بها. قال: وهو الصَّواب.

ثمَّ تابع عثمان المسيطرون من الأموِّيين من بعده فخالفوا السنَّة المتَّبعة بتقديم الخطبة لكن الوجه في فعل عثمان غيره في مَن تبعه، أمّا هو فكان يُرتج عليه القول فلا يروق المجتمعين ما يتكلّفه من تلفيقه غير المنسجم فيتفرَّقون عنه فقدَّمها ليصيخوا إليه وهم منتظرون بالصَّلاة ولا يسعهم التفرُّق قبلها.

قال الجاحظ: صعد عثمان بن عفان رضي الله عنه المنبر فارتج عليه فقال: إنَّ أبا بكر وعمر كانا يعدّان لهذا المقام مقالاً، وأنتم إلى إمام عادل أحوج منكم إلى إمام خطيب، وستأتيكم الخطب على وجهها وتعلمون إن شاء الله(١) .

قال البلاذري في الأنساب ٥: ٢٤: إنَّ عثمان لما بويع خرج إلى الناس فخطب فحمد الله وأثنى عليه ثمَّ قال: أيّها الناس إنَّ أوَّل مركب صعب، وإنَّ بعد اليوم أيّاماً وإن أعش تأتكم الخطبة على وجهها، فما كنّا خطباء وسيعلّمنا الله. وبهذا اللفظ أخرجه ابن سعد في طبقاته ٣: ٤٣ ط ليدن، وفي لفظ أبي الفدا في تاريخه ج ١: ١٦٦: لما بويع عثمان رقى المنبر وقام خطيباً فحمد الله وتشهَّد ثمَّ ارتج عليه فقال: إنَّ أوَّل كلِّ أمر صعبٌ وإن أعش فستأتيكم الخطب على وجهها ثمَّ نزل.

وروى أبو مخنف كما في أنساب البلاذري: إنَّ عثمان لما صعد المنبر قال: أيّها الناس! إنَّ هذا مقامٌ لم أزوِّر له خطبةً ولا أعددت له كلاماً وسنعود ونقول إن شاء الله.

وعن غياث بن إبراهيم: إنَّ عثمان صعد المنبر فقال: أيُّها الناس إنّا لم نكن خطباء وإن نعش تأتكم الخطبة على وجهها إن شاء الله.

وروي إنَّ عثمان خطب فقال: إنَّ أبا بكر وعمر كانا يعدّان لهذا المقام مقالاً وسيأتي الله به. اهـ

وذكره اليعقوبي في تاريخه ٢: ١٤٠ فقال: صعد عثمان المنبر وجلس في الموضع

____________________

١ - البيان والتبيين ١: ٢٧٢، و ج ٢: ١٩٥.

١٦٣

الذي كان يجلس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ولم يجلس أبو بكر ولا عمر فيه، جلس أبو بكر دونه بمرقاة، وجلس عمر دون أبي بكر بمرقاة(١) فتكلّم النّاس في ذلك فقال بعضهم: اليوم ولد الشرُّ، وكان عثمان رجلاً حيياً فارتج عليه فقام مليّاً لا يتكلّم ثمَّ قال: إنَّ أبا بكر وعمر كانا يعدّان لهذا المقام مقالاً، وأنتم إلى إمام عادل أحوج منكم إلى إمام يشقِّق الخطب، وإن تعيشوا فستأتيكم الخطبة. ثمَّ نزل.

وفي لفظ ملك العلماء في بدايع الصنايع ١: ٢٦٢: إنَّ عثمان لما استخلف خطب في أوَّل جمعة فلمّا قال: الحمد لله. ارتج عليه فقال: أنتم إلى إمام فعّال أحوج منكم إلى إمام قوّال، وإنَّ أبا بكر وعمر كانا يعدَّان لهذا المكان مقالاً وستأتيكم الخطب من بعدُ، واستغفر الله لي ولكم. ونزل وصلّى بهم الجمعة.

ولعلّه لحراجة الموقف عليه كان يماطل الخطبة باستخبار الناس وسؤالهم عن أخبارهم وأسعارهم وهو على المنبر كما أخرجه أحمد في المسند ١: ٧٣ من طريق موسى بن طلحة. وذكره الهيثمي في المجمع ٢: ١٨٧ فقال: رجاله رجال الصحيح.

ولا يبرِّر عمل الخليفة ما احتجَّ به ابن حجر فيما مرَّ عن فتح الباري ص ١٦٠ من إنَّه رأى مصلحة الجماعة في إدراكهم الصَّلاة.. الخ. لأنَّ هذه المصلحة المزعومة كانت مرموقة على العهد النبويِّ لكنَّه صلى الله عليه وآله لم يرعها لما رآه من مصلحة التشريع الأقوى، فهذا الرأي تجاه ما ثبت من السنَّة نظير الاجتهاد في مقابلة النصِّ، ولو سوَّغنا تغيير الأحكام، وما قرَّره الشرع الأقدس بآراء الرجال، فلا تبقى قائمة للاسلام، فلا فرق بينه وبين ما ارتآه مروان في كونهما بدعة مستحدثة، وإنْ ضمَّ إليه شنعة أخرى من سبِّ مَن لا يحلُّ سبُّه.

هذا مجمل القول في أُحدوثة الخليفة، وأمّا مَن عداه مِن آل أُميّة، فكانوا يسبُّون ويلعنون مولانا أمير المؤمنين عليّاً صلوات الله عليه في خطبهم على صهوات المنابر، فلا تجلس لهم الناس وينثالون عنهم، فقدَّموا الخطبة ليضطرَّ الناس إلى الاستماع له بالرغم من عدم استباحتهم ذلك القول الشائن، لِما وعوه من حديث رسول الله صلى الله عليه وآله الصحيح المأثور من طريق ابن عبّاس وأُمّ سلمة من قوله: مَن سبَّ عليّاً فَقدْ سبَّني، ومَن

____________________

١ - وذكره غير واحد من مؤلّفي القوم.

١٦٤

سبَّني فقد سبَّ الله تعالى(١)

أخرج أئمَّة الصحاح من طريق أبي سعيد الخدري قال: أخرج مروان المنبر يوم العيد، فبدأ بالخطبة قبل الصَّلاة، فقام رجلٌ فقال: يا مروان! خالفت السنَّة، أخرجت المنبر يوم عيد، ولم يكن يُخرج به، وبدأت بالخطبة قبل الصَّلاة، ولم يكن يُبدأ بها. فقال مروان: ذاك شيءٌ قد ترك. فقال أبو سعيد: أمّا هذا فقد قضى ما عليه سمعت رسول الله يقول: مَنْ رأى منكراً فاستطاع أن يغيّره بيده فليغيّره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإنْ لم يستطع بلسانه فبقلبه، وذلك أضعف الأيمان.

وفي لفظ الشافعي في كتاب الأُم من طريق عياض بن عبد الله قال: إنَّ أبا سعيد الخدري قال: أرسل إليَّ مروان وإلى رجل قد سمّاه، فمشي بنا حتّى أتى المصلّى، فذهب ليصعد فجبذته(٢) إليَّ فقال: يا أبا سعيد؟ تُرك الذي تعلم. قال أبو سعيد: فهتفت ثلاث مرّات، فقلت: والله لا تأتون إلّا شرّاً منه.

وفي لفظ البخاري في صحيحه: خرجت مع مروان - وهو أمير المدينة - في أضحى أو فطر، فلمّا أتينا المصلّى إذا منبر بناه كثير بن الصلت، فإذا مروان يريد أن يرتقيه قبل أن يصلّي، فجبذت بثوبه فجبذني فارتفع فخطب قبل الصَّلاة، فقلت له: غيّرتم والله فقال: أبا سعيد! قد ذهب ما تعلم. فقلت ما أعلم والله خيرٌ ممّا لا أعلم، فقال: إنَّ الناس لم يكونوا يجلسون لنا بعد الصَّلاة فجعلتها قبل الصَّلاة(٣)

وفي لفظ قال أبو سعيد: قلتُ: أينَ الإبتداء بالصَّلاة؟ فقال: لا يا أبا سعيد! قد تُركَ ما تعلم، قُلتُ، كلا والذي نفسي بيده لا تأتون بخير ممّا أعلم. ثلاث مرّات.

قال ابن حزم في المحلّي ٥: ٨٦: أحدث بنو أُميَّة تقديم الخطبة قبل الصَّلاة واعتلّوا بأنَّ الناس كانوا إذا صلّوا تركوهم، ولم يشهدوا الخطبة، وذلك لأنَّهم كانوا يلعنون عليَّ بن أبي طالب رضي الله عنه، فكان المسلمون يفرُّون وحقّ لهم، فكيف

____________________

١ - المستدرك ٣: ١٢١، وستوافيك طرقه ومصادره.

٢ - جبذ: جذب.

٣ - راجع صحيح البخاري ٢: ١١١، صحيح مسلم ١: ٢٤٢، سنن أبي داود ١: ١٧٨، سنن ابن ماجة ١: ٣٨٦، سنن البيهقي ٣: ٢٩٧، مسند أحمد ٣: ١٠، ٢٠، ٥٢، ٥٤، ٩٢، بدايع الصنايع ١: ٢٧٦.

١٦٥

وليس الجلوس واجباً؟.

وقال ملك العلماء في بدايع الصنايع ١: ٢٧٦: وإنَّما أحدث بنو أُميَّة الخطبة قبل الصَّلاة لأنَّهم كانوا يتكلّمون في خطبتهم بما لا يحلُّ، وكان الناس لا يجلسون بعد الصَّلاة لسماعها فأحدثوها قبل الصَّلاة ليسمعها الناس. وبمثل هذا قال السرخسي في المبسوط ٢: ٣٧.

وقال السندي في شرح سنن ابن ماجة ١: ٣٨٦: قيل: سبب ذلك إنَّهم كانوا يسبُّون في الخطبة مَن لا يحلُّ سبُّه، فتفرَّق الناس عند الخطبة إذا كانت متأخِّرة لئلّا يسمعوا ذلك فقدَّم الخطبة ليسمعها.

وقال الشوكاني في نيل الأوطار ٣: ٣٦٣: قد ثبت في صحيح مسلم من رواية طارق بن شهاب عن أبي سعيد قال: أوَّل من بدأ بالخطبة يوم العيد قبل الصَّلاة مروان وقيل: أوَّل مَن فعل ذلك معاوية، حكاه القاضي عياض. وأخرجه الشافعي(١) عن ابن عبّاس بلفظ: حتّى قدم معاوية فقدَّم الخطبة. ورواه عبد الرزاق عن الزهري بلفظ: أوَّل من أحدث الخطبة قبل الصَّلاة في العيد معاوية. وقيل: أوَّل مَن فعل ذلك زياد بالبصرة في خلافة معاوية، حكاه القاضي أيضاً. وروى ابن المنذر عن ابن سيرين: إنَّ أوَّل من فعل ذلك زياد بالبصرة. قال: ولا مخالفة بين هذين الأثرين، وأثر مروان، لأنَّ كلّاً من مروان وزياد كان عاملاً لمعاوية فيحمل على إنَّه ابتدأ ذلك، وتبعه عمَّاله. ا هـ.

لا شكَّ إنَّ كلّاً من هؤلاء الثلاثة جاء ببدعة وتردَّى بالفضيحة، لكنَّ كلُّ التبعة على من جرَّأهم على تغيير السنَّة فعلّوا على أساسه، ولعبوا بسنن المصطفى حتّى الصَّلاة. أخرج الشافعي في كتاب الأُم ١: ٢٠٨ من طريق وهب بن كبسان قال: رأيت ابن الزبير يبدأ بالصَّلاة قبل الخطبة، ثمَّ قال: كلُّ سنن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد غُيّرتْ حتّى الصَّلاة.

فإن كان ما ينقم على الخليفة من هذا الوجه أمراً واحداً فهو في بقيَّة الأمويِّين

____________________

١ - أخرجه في كتاب الأم ١: ٢٠٨ من طريق عبد الله بن يزيد الخطمي، ولعل حديث ابن عبّاس مذكور في غير هذا الموضع.

١٦٦

أمران: مخالفة السنَّة. والابتداع بسبِّ أمير المؤمنين. فهم مورد مثل السائر: أحشفاً وسوء كيلة. أنا لا أعجب من هؤلاء الثلاثة إن جاءوا بالبدع، فإنَّ بقيَّة أعمالهم تلائم هاتيك الخطَّة، فإنَّ الخلاعة والتهتُّك مزيج نفسيَّاتهم، والمعاصي المقترفة ملأ أرديتهم فلا عجب منهم إنْ غيّروا السنَّة كلّها، ولا أعجب من مروان إنْ قال لأبي سعيد بكلِّ ابتهاج: تُرك الذي نعلم. أو قال: قد ذهب ما تعلم، ولا عجب إن بدَّلوا الخطبة المجعولة للموعظة وتهذيب النفوس، الخطبة التي قالوا فيها: وجبت لتعليم ما يجب إقامته يوم العيد والوعظ والتكبير كما في البدايع ١: ٢٧٦ بدَّلوها بما هو محظورٌ شرعاً أشدَّ الحظر من الوقيعة في أمير المؤمنين، وأوَّل المسلمين، وحامية الدين، الإمام المعصوم، المطهَّر بنصِّ الكتاب العزيز، نفس النبيِّ الأقدس بصريح القرآن، وعدل الثقل الأكبر في حديث الثقلين، صلوات الله عليه، ولعلّك لا تعجب من الخليفة أيضاً تغييره سنَّة الله وسنَّة رسوله بعد أن درست تاريخ حياته، وسيرته المعربة عن نفسيَّاته، وهو وهم من شجرةٍ واحدةٍ اجتثَّت من فوق الأرض ما لها من قرار.

لكنَّ العجب كلّه ممن يَرى هؤلاء وأمثالهم مِن سماسرة الشهوات والميول عدولاً بما أنَّهم من الصحابة، والصحابة كلّهم عدولٌ عندهم، وأعجب مِن هذا أن يُحتجَّ في غير واحد من أبواب الفقه بقول هؤلاء وعملهم. نعم: وافق شنٌّ طبقه.

- ١٢ -

رأيُ الخليفة في القصاص والدية

أخرج البيهقي في السنن الكبرى ٨: ٣٣ من طريق الزهري: إنَّ ابن شاس الجذامي قتل رجلاً من أنباط الشام، فرُفِع إلى عثمان رضي الله عنه فأمر بقتله، فكلّمه الزبير رضي الله عنه وناسٌ من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم رضي الله عنهم، فنهوه عن قتله، قال: فجعل ديتة ألف دينار. وذكره الشافعي في كتاب الأُم ٧: ٢٩٣.

وأخرج البيهقي من طريق الزهري، عن سالم، عن ابن عمر رضي الله عنه: إنَّ رجلاً مسلماً قتل رجلاً من أهل الذمَّة عمداً، ورفع إلى عثمان رضي الله عنه فلم يقتله وغلظ عليه الدية مثل دية المسلم.

وقال أبو عاصم الضحّاك في الديات ص ٧٦: وممّن يرى قتل المسلم بالكافر عمر

١٦٧

ابن عبد العزيز، وإبراهيم، وأبان بن عثمان بن عفان، وعبد الله، رواه الحكم عنهم، وممَّن أوجب دية الذمِّي مثل دية المسلم عثمان بن عفان.

قال الأمينيُّ: إنَّ عجبي مقسّمٌ بين إرادة الخليفة قتل المسلم بالكافر، وبين جعل عقل الكافر مثل دية المسلم، فلا هذا مدعومٌ بحجَّة، ولا ذلك مشفوعٌ بسنَّة، وأيّ خليفة هذا يزحزحه مثل الزبير المعروف سيرته والمكشوف سريرته عن رأيه في الدماء وينهاه عن فتياه؟ غير إنَّه يفتي بما هو لدة رأيه الأوَّل في البعد عن السنَّة، ويسكت عنه الزبير وأناسٌ نهوا الخليفة عمّا ارتآه أوَّلا واكتفوا بحقن دم المسلم وما راقهم مخالفة الخليفة مرَّة ثانية، وهذه النصوص النبويّة صريحةٌ في إنَّ المسلم لا يُقتل بالكافر، وإنَّ عقل الكتابي الذمِّي نصف عقل المسلم، وإليك لفظ تلكم النصوص في المسألتين أمّا الأولى منهما فقد جاء:

١ - عن أبي جحيفة قال: قلت لعليِّ بن أبي طالب: هل عندكم شيءٌ من العلم ليس عند الناس؟ قال: لا والله ما عندنا إلّا ما عند الناس إلّا أن يرزق الله رجلاً فهماً من القرآن أو ما في هذه الصحيفة، فيها الديات عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأن لا يُقتل مسلمٌ بكافر.

وفي لفظ الشافعي: لا يُقتل مؤمنٌ بكافر. فقال: لا يُقتل مؤمنٌ عبدٌ ولا حرٌّ ولا امرأةٌ بكافر في حال أبدا، وكلُّ من وصف الإيمان من أعجميّ وأبكم يعقل ويشير بالإيمان ويصلّي فقتل كافراً فلا قود عليه، وعليه ديته في ماله حالة، وسواءٌ أكثر القتل في الكفار أو لم يكثر، وسواءٌ قتل كافراً على مال يأخذه منه أو على غير مال، لا يحلُّ والله أعلم قتل مؤمن بكافر بحال في قطع طريق ولا غيره.

راجع صحيح البخاري ١٠: ٧٨، سنن الدارمي ٢: ١٩٠، سنن ابن ماجة ٢: ١٤٥، سنن النسائي ٨: ٢٣، سنن البيهقي ٨: ٢٨، صحيح الترمذي ١: ١٦٩، مسند أحمد ١: ٧٩، كتاب الأم للشافعي ٦: ٣٣، ٩٢، أحكام القرآن للجصاص ١: ١٦٥، الاعتبار لابن حزم ص ١٩٠، تفسير ابن كثير ١: ٢١٠ فقال ذهب الجمهور إلى أنّ المسلم لا يُقتل بالكافر لما ثبت في البخاري عن عليّ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يُقتل مسلمٌ بكافر. ولا يصحّ حديثٌ ولا تأويلٌ يخالف هذا، وأمّا أبو حنيفة فذهب إلى أنَّه يُقتل به لعموم آية المائدة.

١٦٨

قال الأميني: يعني من آية المائدة قوله تعالى:( وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنّ النّفْسَ بِالنّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالْأَنْفَ بِالْأَنْفِ وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ وَالسّنّ بِالسّنّ وَالجُرُوحَ قِصَاصٌ ) الآية: ٤٥. وقد خفي على المجتهد في تجاه النصوص الصحيحة الثابتة أنَّ عموم الآية لا يأباها عن التخصيص، وقد خصَّصها هو نفسه بمخصّصات، أجاب عن هذا الاستدلال الواهي كثيرٌ من الفقهاء وفي مقدَّمهم الإمام الشافعي قال في كتاب الأُمّ ٧: ٢٩٥ في مناظرة وقعت بينه وبين بعض أصحاب أبي حنيفة: قلنا: فلسنا نريد أن نحتجَّ عليك بأكثر من قولك إنَّ هذه الآية عامَّة، فزعمت أنَّ فيها خمسة أحكام مفردة وحكماً سادساً جامعاً فخالفت جميع الأربعة الأحكام التي بعد الحكم الأوَّل و الحكم الخامس والسادس جماعتها في موضعين: في الحرِّ يقتل العبد. والرجل يقتل المرأة. فزعمت أن عينه ليس بعينها ولا عين العبد، ولا أنفه بأنفها ولا أنف العبد، ولا أُذنه بأُذنها ولا أُذن العبد، ولا سنَّه بسنِّها ولا سنّ العبد، ولا جروحه كلّها بجروحها ولا جروح العبد، وقد بدأت أوَّلاً بالذي زعمت أنّك أخذت به فخالفته في بعض ووافقته في بعض، فزعمت أنَّ الرجل يقتل عبده فلا تقتله به، ويقتل إبنه فلا تقتله به، ويقتل المستأمن فلا تقتله به، وكلُّ هذه نفوسٌ محرَّمة.

قال «يعني المدافع عن أبي حنيفة»: اتَّبعت في هذا أثراً. قلنا: فتخالف الأثر الكتاب؟ قال: لا قلنا: فالكتاب إذا على غير ما تأوَّلت؟ فلِمَ فرَّقت بين أحكام الله عزَّوجلَّ على ما تأوَّلت؟ قال بعض من حضره: دع هذا فهو يلزمه كلّه.

قال: والآية الأُخرى: قال الله عزَّوجلَّ:( وَمَن قُتِلَ مُظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيّهِ سُلْطَاناً فَلا يُسْرِف فِي الْقَتْلِ ) (١) دلالةٌ على أنَّ من قُتل مظلوماً فلوليِّه أن يقتل قاتله. قيل له: فيُعاد عليك ذلك الكلام بعينه في الإبن يقتله أبوه، والعبد يقتله سيِّده، و المستأمن يقتله المسلم.

قال: فلي من كلِّ هذه مخرجٌ. قلت: فاذكر مخرجك. قال: إنَّ الله تبارك و تعالى لما جعل الدم إلى الوليِّ كان الأب وليّاً فلم يكن له أن يقتل نفسه. قلنا: أفرأيت إن كان له إبنٌ بالغٌ أتخرج الأب من الولاية وتجعل للابن أن يقتله؟ قال: لا أفعل.

____________________

١ - سورة الاسراء، آية: ٣٣

١٦٩

قلت: فلا تخرجه بالقتل من الولاية؟ قال: لا. قلت: فما تقول في ابن عمّ لرجل قتله وهو وليُّه ووارثه لو لم يقتله وكان له ابن عمّ هو أبعد منه؟ أفتجعل للأبعد أن يقتل الأقرب؟ قال: نعم قلنا: ومن أين وهذا وليّه وهو قاتلٌ؟ قال: القاتل يخرج بالقتل من الولاية. قلنا: والقاتل يخرج بالقتل من الولاية؟ قال نعم. قلنا: فلِمَ لم تخرج الأب من الولاية وأنت تخرجه من الميراث؟ قال: اتَّبعت في الأب الأثر. قلنا: فالأثر يدلّك على خلاف ما قلت، قال: فاتَّبعت فيه الإجماع. قلنا: فالاجماع يدلّك على خلاف ما تأوَّلت فيه القرآن، فالعبد يكون له ابن حرّ فيقتله مولاه أيخرج القاتل من الولاية ويكون لابنه أن يقتل مولاه؟ قال: لا، بالاجماع. قلت: فالمستأمن يكون معه إبنه أيكون له أن يقتل المسلم الذي قتله؟ قال، لا، بالإجماع. قلت: أفيكون الإجماع على خلاف الكتاب؟ قال: لا. قلنا: فالاجماع إذاً يدلّك على إنَّك قد أخطأت في تأويل كتاب الله عزَّوجلَّ، وقلنا له: لم يجمع معك أحدٌ على أن لا يقتل الرجل بعبده إلّا من مذهبه أن لا يُقتل الحرُّ بالعبد ولا يُقتل المؤمن بالكافر، فكيف جعلت إجماعهم حجَّة، وقد زعمت أنَّهم أخطؤا في أصل ما ذهبو إليه. والله أعلم.

٢ - عن قيس بن عباد قال: إنطلقت أنا والأشتر إلى عليّ فقلنا: هل عهد إليك رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئاً لم يعهده إلى الناس عامَّة؟ قال: لا إلّا ما في كتابي هذا. فأخرج كتاباً فإذا فيه: لا يُقتل مؤمنٌ بكافر ولا ذو عهد في عهده.

أخرجه أبو عاصم في الديات ص ٢٧، وأحمد في المسند ١: ١١٩، ١٢٢، و أبو داود في سننه ٢: ٢٤٩، والنسائي في سننه ٨: ٢٤، البيهقي في السنن الكبرى ٨: ٢٩، ١٩٤، والجصّاص في أحكام القرآن ١: ٦٥، وابن حازم في الإعتبار ص ١٨٩، وذكره الشوكاني في نيل الأوطار ٧: ١٥٢ وقال:

هو دليلٌ على أنَّ المسلم لا يُقاد بالكافر، أمّا الكافر الحربيُّ فذلك إجماعٌ كما حكاه البحر وأمّا الذمّي فذهب إليه الجمهور لصدق اسم الكافر عليه، وذهب الشعبي والنخعي وأبو حنيفة وأصحابه إلى إنَّه يُقتل المسلم بالذميِّ. ثمَّ بسط القول في أدلَّتهم وزيَّفها بأحسن بيان. فراجع.

٣ - عن عائشة قالت: وُجد في قائم سيف رسول الله صلى الله عليه وسلم كتابان وفي أحدهما:

١٧٠

لا يُقتل مسلمٌ بكافر ولا ذو عهد في عهده.

أخرجه أبو عاصم في الديات ص ٢٧، والبيهقي في سننه الكبرى ٨: ٣٠.

٤ - عن معقل بن يسار مرفوعاً: لا يُقتل مؤمنٌ بكافر، ولا ذو عهد في عهده، والمسلمون يدٌ على من سواهم تتكافأ دماؤهم.

أخرجه البيهقي في سننه الكبرى ٨: ٣٠.

٥ - عن ابن عبّاس مرفوعاً: لا يُقتل مؤمنٌ بكافر، ولا ذو عهد في عهده.

أخرجه ابن ماجة في سننه ٢: ١٤٥.

٦ - عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جدّه عبد الله بن عمر بن العاصي مرفوعاً: لا يُقتل مسلمٌ بكافر.

وفي لفظ أحمد: لا يُقتل مؤمنٌ بكافر ولا ذو عهد في عهده.

أخرجه أبو عاصم الضحاك في الديات ص ٥١، وأبو داود في سننه ٢: ٢٤٩، وأحمد في مسنده ٢، ٢١١، والترمذي في سننه ١: ١٦٩، وابن ماجة في سننه ٢: ١٤٥، والجصّاص في أحكام القرآن ١: ١٦٩ بلفظ أحمد، وذكره الشوكاني في نيل الأوطار ٧: ١٥٠ فقال: رجاله رجال الصحيح. وقال في ١٥١:

هذا في غاية الصحَّة فلا يصحُّ عن أحد من الصحابة شيءٌ غير هذا إلّا ما رويناه عن عمر إنَّه كتب في مثل ذلك أن يُقاد به ثمَّ ألحقه كتاباً فقال: لا تقتلوه ولكن اعتقلوه(١) .

٧ - عن عمران بن الحصين مرفوعاً: لا يُقتل مؤمنٌ بكافر.

قال الشافعي في كتاب الأُمّ ٦: ٣٣: سمعت عدداً من أهل المغازي، وبلغني عن عدد منهم أنَّه كان في خطبة رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الفتح: لا يُقتل مؤمنٌ بكافر. وبلغني عن عمران بن الحصين رضي الله تعالى عنه إنَّه روى ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أخبرنا مسلم بن خالد عن ابن أبي حسين عن مجاهد وعطاء وأحسب طاووساً والحسن إنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في خطبة عام الفتح: لا يُقتل مؤمنٌ بكافر.

وأخرجه البيهقي في السنن ٨: ٢٩ فقال: قال الشافعي رحمه الله صلى الله عليه وسلم: وهذا

____________________

١ - أسلفنا في ج ٦: ١٢١، ١٢٢ ما يعرب عن عدم وقوف الخليفة على حكم المسألة.

١٧١

عامٌّ عند أهل المغازي إنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم تكلّم به في خطبته يوم الفتح وهو يروي عن النبيّ صلى الله عليه وسلم مسنداً من حديث عمر بن شعيب وحديث عمران بن الحصين.

وذكره الشوكاني في نيل الأوطار ٧: ١٥٣ فقال: إنَّ السبب في خطبته صلى الله عليه وسلم يوم الفتح بقوله: لا يُقتل مسلمٌ بكافر. ما ذكره الشافعي في «الأمِّ» حيث قال: وخطبته يوم الفتح كانت بسبب القتيل الذي قتلته خزاعة وكان له عهد فخطب النبيُّ صلى الله عليه وسلم فقال: لو قتلت مسلماً بكافر لقتلته به. وقال: لا يُقتل مؤمنٌ بكافر. الخ.

٨ - عن عبد الله بن عمر مرفوعاً: لا يُقتل مؤمنٌ بكافر، ولا ذو عهده في عهده.

أخرجه الجصّاص في أحكام القرآن ١: ١٦٥.

*(أما الثانية)* ففيها:

عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جدِّه إنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى أنَّ عقل أهل الكتابين نصف عقل المسلمين وهم اليهود والنصارى(١) .

وفي لفظ أبي داود: كانت قيمة الدية على عهد رسول الله ثمانمائة دينار، ثمانية آلاف درهم، ودية أهل الكتاب يومئذ النصف من دية المسلمين، قال: فكان ذلك كذلك حتّى استخلف عمر فقام خطيباً فقال: إنَّ الإبل قد غلت. ففرضها عمر على أهل الذهب ألف دينار. الحديث سنن أبي داود ٢: ٢٥١.

وفي لفظ آخر لأبي داود: دية المعاهد نصف دية الحرِّ. ٢: ٢٥٧.

وفي لفظ أبي عاصم الضحّاك في الديات ص ٥١: دية الكافر على النصف من دية المسلم، ولا يُقتل مسلمٌ بكافر.

قال الخطابي في شرح سنن ابن ماجة في ذيل الحديث ٢: ١٤٢: ليس في دية أهل الكتاب شيءٌ أثبت من هذا، وإليه ذهب مالك وأحمد، وقال أصحاب أبي حنيفة: ديته كدية المسلم. وقال الشافعي: ثلث دية المسلم. والوجه الأخذ بالحديث ولا بأس بإسناده.

وأخرج النسائي في سننه ٨: ٤٥ من طريق عبد الله بن عمر مرفوعاً: عقل الكافر نصف عقل المؤمن. وأخرجه الترمذي في سننه ١: ١٦٩.

____________________

١ - سنن ابن ماجة ٢: ١٤٢، سنن النسائي ٨: ٤٥.

١٧٢

هذه سنَّة رسول الله صلى الله عليه وآله، وإليها ذهب الجمهور، وعليها جرت الفقهاء من المذاهب، غير انَّ لأبي حنيفة شذوذاً عنها في المسألتين أخذا بما يُعرب عن قصوره عن فهم السنَّة، وعرفان الحديث، وفقه الكتاب، وقد ذكر غير واحد من أعلام المذاهب أدلَّته في المقامين وزيَّفها، وبسط القول في بطلانها، وحسبك في المقام كلمة الإمام الشافعي في كتاب الأُم ٧: ٢٩١ فإنه فصّل القول فيها تفصيلاً وجاء بفوائد جمَّة. فراجع وعمدة ما ركن إليه أبو حنيفة في المسألة الأولى تجاه تلكم الصحاح مرسلة عبد الرحمن بن البيلماني، وقد ضعَّفها الدارقني وابن حازم في الإعتبار ص ١٨٩ وغيرهما، وذكر البيهقي في سننه ٨: ٣٠: باب بيان ضعف الخبر الذي روي في قتل المؤمن بالكافر. وذكر لها طرقاً وزيَّفها بأسرها.

- ١٣ -

رأي الخليفة في القراءة

قال ملك العلماء في بدايع الصنايع ١: ١١١: إنَّ عمر رضي الله عنه ترك القراءة في المغرب في إحدى الأوليين فقضا هافي الركعة الأخيرة وجهر، وعثمان رضي الله عنه ترك القراءة في الأوليين من صلاة العشاء فقضاها في الأُخريين وجهر.

وقال في صفحة ١٧٢: روي عن عمر رضي الله عنه: إنَّه ترك القراءة في ركعة من صلاة المغرب فقضاها في الركعة الثالثة وجهر. ورُوي عن عثمان رضي الله عنه: إنَّه ترك السورة في الأوليين فقضاها في الأُخريين وجهر.

قال الأميني: إنَّ ما ارتكبه الخليفتان مخالفٌ للسنَّة من ناحيتين، الأولى: الاجتزاء بركعة لا قراءة فيها. والثانية: تكرير الحمد في الأخيرة أو الأُخريين بقضاء الفائتة مع صاحبة الركعة، وكلاهما خارجان عن السنَّة الثابتة لا يتجزّأ بالصَّلاة التي يكونان فيها، أمّا الناحية الأولى فإليك نبذةٌ ممّا ورد فيها:

١ - عن عبادة بن الصامت مرفوعاً: لا صلاة لمن لم يقرأ بأُمِّ القرآن فصاعداً.

وفي لفظ: لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب إمام أو غير إمام.

وفي لفظ الدارمي: مَن لم يقرأ بأُمِّ الكتاب فلا صلاة له.

١٧٣

راجع صحيح البخاري ١: ٣٠٢، صحيح مسلم ١: ١٥٥، صحيح أبي داود ١: ١٣١، سنن الترمذي ١: ٣٤، ٤١، سنن النسائي ٢: ١٣٧، ١٣٨، سنن الدارمي ١: ٢٨٣، سنن ابن ماجة ١: ٢٧٦، سنن البيهقي ٢: ٣٨، ٦١، ١٦٤، مسند أحمد ٥: ٣١٤، ٣٢١، كتاب الأُم ١: ٩٣، المحلّى لابن حزم ٣: ٢٣٦، المصابيح للبغوي ١: ٥٧ وصحّحه، المدوّنة الكبرى ١: ٧٠.

٢ - عن أبي هريرة مرفوعاً: لا صلاة لمن لا يقرأ فيها بأمِّ القرآن فهي خداجٌ، فهي خداجٌ، فهي خداجٌ، غير تمام.

وفي لفظ: من صلّى صَلاة لَمْ يقرأ فيها بفاتحة الكتاب، فهي خداج «ثلاثاً» غير تمام.

وفي لفظ الشافعي: كلّ صلاة لم يقرأ فيها بأمِّ القرآن فهي خداج. الحديث.

وفي لفظ أحمد: أيَّما صلاة لا يقرأ فيها بفاتحة الكتاب فهي خداجٌ، ثمَّ هي خداجٌ، ثمَّ هي خداج.

راجع مسند أحمد ٢: ٢٤١، ٢٨٥، كتاب الأمّ للشافعي ١: ٩٣، موطأ مالك ١: ٨١، المدوّنة الكبرى ١: ٧٠، صحيح مسلم ١: ١٥٥، ١٥٦، سنن أبي داود ١: ١٣٠، سنن ابن ماجة ١: ٢٧٧، سنن الترمذي ١: ٤٢، سنن النسائي ٢: ١٣٥، سنن البيهقي ٢: ٣٨، ٣٩، ٤٠، ١٥٩، ١٦٧، مصابيح السنَّة ١: ٥٧.

٣ - عن أبي هريرة قال: إنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم أمره أن يخرج فينادي: لا صلاة إلّا بقراءة فاتحة الكتاب فما زاد.

أخرجه أحمد في المسند ٢: ٤٢٨، الترمذي في صحيحه ١: ٤٢، أبو داود في سننه ١: ١٣٠، البيهقي في سننه ٢: ٣٧، ٥٩، والحاكم في المستدرك ١: ٢٣٩ وقال: صحيح لا غبار عليه.

٤ - عن عائشة مرفوعاً: مَن صلّى صلاة لم يقرأ فيها بأمِّ القرآن فهي خداج.

أخرجه أحمد في مسنده ٦: ١٤٦، ٢٧٥، وابن ماجة في سننه ١: ٢٧٧. ويوجد في كنز العمّال ٤: ٩٥، ٩٦ من طريق عائشة، وابن عمر، وعلي، وأبي أمامة نقلاً عن أحمد، وابن ماجة، والبيهقي، والخطيب، وابن حبَّان، وابن عساكر، وابن عدي.

٥ - عن أبي سعيد الخدري مرفوعاً: لا صلاة لمن لم يقرأ في كلِّ ركعة الحمد

١٧٤

وسورة في فريضة أو غيرها. صحيح الترمذي ١: ٣٢، سنن ابن ماجة ١: ٢٧٧، كنز العمّال ٥: ٩٥.

٦ - عن أبي سعيد قال أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نقرأ بفاتحة الكتاب وبما تيسَّر.

سنن البيهقي ٢: ٦٠، سنن أبي داود ١: ١٣٠، تيسير الوصول ٢: ٢٢٣.

٧ - عن أبي قتادة قال: إنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في الركعتين الأوليين من الظهر والعصر بفاتحة الكتاب وسورة، وفي الأُخريين بفاتحة الكتاب.

وفي لفظ مسلم وأبي داود: كان يصلّي بنا فيقرأ في الظهر والعصر في الركعتين الأوليين بفاتحة الكتاب وسورتين. الحديث.

راجع صحيح البخاري ٢: ٥٥، صحيح مسلم ١: ١٧٧، سنن الدارمي ١: ٢٩٦، سنن أبي داود ١: ١٢٨، سنن النسائي ٢: ١٦٥، ١٦٦، سنن ابن ماجة ١: ٢٧٥، سنن البيهقي ٢: ٥٩، ٦٣، ٦٦، ١٩٣، مصابيح السنَّة ١: ٥٧ وصحَّحه.

٨ - عن سمرة بن جندب قال: حفظت سكتتين في الصَّلاة. وفي لفظ: حفظت سكتتين عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: سكتة إذا كبَّر الإمام حتّى يقرأ، وسكتة إذا فرغ من فاتحة الكتاب وسورة عند الركوع.

سنن أبي داود ١: ١٢٤، صحيح الترمذي ١: ٣٤، سنن الدارمي ١: ٢٨٣، سنن ابن ماجة ١: ٢٧٨، سنن البيهقي ٢: ١٩٦، مستدرك الحاكم ١: ٢١٥، مصابيح السنَّة ١: ٥٦، تيسير الوصول ٢: ٢٢٩.

٩ - عن رفاعة بن رافع قال: جاء رجلٌ يصلّي في المسجد قريباً من رسول الله صلى الله عليه وسلم ثمَّ جاء فسلم على النبيِّ صلى الله عليه وسلم فقال له النبيُّ صلى الله عليه وسلم: أعد صلاتك فإنَّك لم تصلِّ. فعاد فصلّى كنحو ممّا صلّى فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: أعد صلاتك فإنَّك لم تصلّ. فقال: علّمني يا رسول الله كيف أصلّي؟ قال: إذا توجّهت إلى القبلة فكبِّر ثمَّ اقرأ بأمِّ القرآن وما شاء الله أن تقرأ، فإذا ركعت فاجعل راحتيك على ركبتيك ومكِّن ركوعك وإمداد ظهرك فإذا رفعت فأقم صلبك، وارفع رأسك حتّى ترجع العظام إلى مفاصلها، فإذا سجدت فمكِّن سجودك فإذا رفعت فاجلس على فخذك اليسرى، ثمَّ اصنع ذلك في كلِّ ركعة وسجدة حتّى تطمئنّ. وفي لفظ أحمد: فإذا أتممت صلاتك على هذا فقد أتممتها، وما انتقصت

١٧٥

من هذا من شيء فإنَّما تنقصه من صلاتك.

سنن أبي داود ١: ١٣٧، سنن البيهقي ٢: ٣٤٥، مسند أحمد ٤: ٣٤٠، كتاب الأُم للشافعي ١: ٨٨، مستدرك الحاكم ١: ٢٤١، ٢٤٢، المحلّى لابن حزم ٣: ٢٥٦.

وأخرج البخاري مثله من طريق أبي هريرة في صحيحه ١: ٣١٤، وكذلك مسلم في صحيحه ١: ١١٧، وذكره البيهقي في سننه ٢: ٣٧، ٦٢، ١٢٢ نقلاً عن الشيخين.

١٠ - عن وائل بن حجر قال: شهدت النبيَّ صلى الله عليه وسلم وأُتي باناء «إلى أن قال»: فدخل في المحراب فصفَّ الناس خلفه وعن يمينه وعن يساره ثمَّ رفع يديه حتّى حاذتا شحمة أذنيه ثمَّ وضع يمينه على يساره وعند صدره ثمَّ افتتح القَراءة فجهر بالحمد ثمَّ فرغ من سورة الحمد فقال: آمين. حتى سمع من خلفه ثمَّ قرأ سورة أُخرى ثمَّ رفع يديه بالتكبير حتّى حاذتا بشحمة أُذنيه، ثمَّ ركع فجعل يديه على ركبته «إلى أن قال»: ثمَّ صلّى أربع ركعات يفعل فيهنَّ ما فعل في هذه. مجمع الزوائد ٢: ١٣٤.

١١ - عن عبد الرحمن بن أبزي قال: ألا أُريكم صلاة رسول الله؟ فقلنا: بلى. فقام فكبَّر ثمَّ قرأ ثمَّ ركع فوضع يديه على ركبتيه حتّى أخذ كلُّ عضو مأخذه ثمَّ رفع حتّى أخذ كلُّ عضو مأخذه، ثمَّ سجد حتّى أخذ كلُّ عضو مأخذه، ثمَّ رفع حتّى أخذ كلُّ وعضو مأخذه، ثمَّ سجد حتّى أخذ كلُّ عضو مأخذه، ثمَّ رفع فصنع في الركعة الثانية كما صنع في الركعة الأولى. ثمَّ قال: هكذا صلاة رسول الله.

أخرجه أحمد في المسند ٣: ٤٠٧، وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد ٢: ١٣٠ فقال: رجاله ثقات.

١٢ - عن عبد الرحمن بن غنم قال: إنَّ أبا ملك الأشعري قال لقومه: قوموا حتّى أُصلّي بكم صلاة النبيِّ صلى الله عليه وسلم فصففنا خلفه وكبّر ثمَّ قرأ بفاتحة الكتاب فسمع من يليه ثمَّ كبّر فركع ثمَّ رفع رأسه فكبَّر، فصنع ذلك في صلاته كلّها.

*(صورة مفصّلة بلفظ أحمد )*

إنَّ أبا ملك الأشعري جمع قومه فقال: يا معشر الأشعريِّين اجتمعوا واجمعوا نساءكم وأبناءكم أعلّمكم صلاة النبيِّ صلى الله عليه وسلم صلّى لنا بالمدينة. فاجتمعوا وجمعوا نساءهم وأبناءهم فتوضَّأ وأراهم كيف يتوضَّأ فأحصى الوضوء إلى أماكنه حتّى لما

١٧٦

أن فاء الفئ وانكسر الظلُّ قام فأذَّن وصفَّ الرجال في أدنى الصفِّ، وصفَّ الولدان خلفهم، وصفَّ النساء خلف الولدان، ثمَّ أقام الصَّلاة فتقدّم فرفع يديه وكبَّر فقرأ بفاتحة الكتاب وسورة يسرُّ بهما ثمَّ كبَّر فركع فقال: سبحان الله وبحمده. ثلاث مرّات ثمَّ قال: سمع الله لمن حمده، واستوى قائماً، ثمَّ كبَّر وخرَّ ساجداً، ثمَّ كبَّر فرفع رأسه، ثمَّ كبَّر فسجد، ثمَّ كبَّر فانتهض قائماً، فكان تكبيره في أوَّل ركعة ستُّ تكبيرات وكبَّر حين قام إلى الركعة الثانية، فلمّا قضى صلاته أقبل على قومه بوجهه فقال: احفظوا تكبيري وتعلّموا ركوعي وسجودي فإنَّها صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم التي كان يصلّي لنا كذي الساعة من النهار.

أخرجه أحمد في المسند ٥: ٣٤٣، وعبد الرزاق والعقيلي كما في كنز العمال ٤: ٢٢١، وذكره الهيثمي في المجمع ٢: ١٣٠.

١٣ - أخرج أبو حنيفة وأبو معاوية وابن فضيل وأبو سفيان عن أبي نضرة عن سعيد عن النبيِّ عليه السلام قال: لا تجزي صلاة لمن لم يقرأ في كلِّ ركعة بالحمد لله وسورة في الفريضة وغيرها. أحكام القرآن للجصاص ١: ٢٣.

١٤ - عن أنس بن مالك: كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر يستفتحون القراءة بالحمد لله ربِّ العالمين. كتاب الأمّ للشافعي ١: ٩٣.

١٥ - عن عليِّ بن أبي طالب قال: من السنَّة أن يقرأ الإمام في الركعتين الأوليين من صلاة الظهر بأمِّ الكتاب وسورة سرّاً في نفسه، وينصت من خلفه ويقرأون في أنفسهم ويقرأ في الركعتين الأُخريين بفاتحة الكتاب في كلِّ ركعة ويستغفر الله ويذكره ويفعل في العصر مثل ذلك.

بهذا اللفظ حكاه السيوطي عن البيهقي كما في كنز العمَّال ٤: ٢٥١ وفي السنن الكبرى للبيهقي ٢: ١٦٨ لفظه: إنّه كان يأمر أو يحثُّ أن يقرأ خلف الإمام في الظهر والعصر في الركعتين الأوليين بفاتحة الكتاب وسورة، وفي الركعتين الأُخريين بفاتحة الكتاب. وقريباً من هذا اللفظ أخرجه الحاكم في المستدرك ١: ٢٣٩.

١٦ - عن عائشة قالت: كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم يفتتح الصَّلاة بالتكبير والقراءة بالحمد لله ربِّ العالمين.

١٧٧

راجع صحيح مسلم ١: ١٤٢، سنن أبي داود ٢: ١٢٥، سنن ابن ماجة ١: ٢٧١، سنن البيهقي ٢: ١١٣.

١٧ - عن أبي هريرة قال: في كلِّ الصَّلاة يُقرأ، فما أسمعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أسمعنا كم، وما أخفى علينا أخفينا عليكم. وفي لفظ: في كلِّ صلاة قراءة.

مسند أحمد ٢: ٣٤٨، صحيح مسلم ١: ١١٦، سنن أبي داود ١: ١٢٧، سنن النسائي ٢: ١٦٣، سنن البيهقي ٢: ٤٠ عن مسلم، وفي ص ٦١ عن البخاري، تيسير الوصول ٢: ٢٢٨.

١٨ - عن أبي هريرة قال: إنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم كان يفتتح القراءة بالحمد لله ربِّ العالمين. أخرجه ابن ماجة في سننه ١: ٢٧١.

وأخرجه الدارمي من طريق أنس بن مالك مع زيادة في سننه ١: ٨٣، والنسائي في سننه ٢: ١٣٣، والشافعي في كتاب الأمّ ١: ٩٣.

١٩ - عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جدِّه عبد الله بن عمرو بن العاصي مرفوعاً: كلُّ صلاة لا يُقرأ فيها بفاتحة الكتاب فهي خداجٌ، فهي خداجٌ، فهي خداجٌ. وفي لفظ أحمد: فهي خداجٌ، ثمَّ هي خداجٌ، ثمَّ هي خداجٌ.

أخرجه أحمد في المسند ٢: ٢٠٤، ٢١٥، وابن ماجة في سننه ١: ٢٧٨.

٢٠ - أخرج أبو داود في سننه ١: ١١٩ من طريق عليِّ بن أبي طالب رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إنَّه كان إذا قام إلى الصَّلاة كبَّر ورفع يديه حذو منكبيه، ويصنع ذلك إذا قضى قراءته وإذا أراد أن يركع.

٢١ - كان أبو حميد الساعدي في عشرة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم منهم أبو قتادة فقال أبو حميد: أنا أعلّمكم بصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، كان رسول الله إذا قام إلى الصَّلاة يرفع يديه حتّى يحاذي بهما منكبيه ثمَّ يقرأ حتّى يقرَّ كلُّ عظم في موضعه معتدلاً ثمَّ يقرأ ثمَّ يكبِّر فيرفع يديه حتّى يحاذي بهما منكبيه ثمَّ يركع «ثمَّ ذكر كيفيَّة الركوع والسجدتين» فقال: ثمَّ يصنع في الركعة الأخرى مثل ذلك.

سنن أبي داود ١: ١١٦، سنن الدارمي ١: ٣١٣، سنن ابن ماجة ١: ٢٨٣ وذكر شطرا منه، سنن البيهقي ٢: ٧٢، مصابيح السنة ١: ٥٤.

١٧٨

٢٢ - عن جابر بن عبد الله قال: يقرأ في الأوليين بفاتحة الكتاب وسورة وفي الأُخريين بفاتحة الكتاب. قال: وكنّا نحدِّث إنَّه لا صلاة إلّا بفاتحة الكتاب فما فوق ذاك. وفي لفظ الطبراني: سنَّة القراءة في الصَّلاة أن يقرأ في الأوليين بأمِّ القرآن وسورة، وفي الأُخريين بأمِّ القرآن.

سنن البيهقي ٢: ٦٣ فقال: وروينا ما دلَّ على هذا عن عليِّ بن أبي طالب وعبد الله بن مسعود وعائشة. وأخرجه ابن أبي شيبة كما في كنز العمّال ٤: ٢٠٩، ٢٥٠، ورواه الطبراني باللفظ المذكور كما في مجمع الزوائد ٢: ١١٥.

٢٣ - عن جابر بن عبد الله: من صلّى ركعة لم يقرأ فيها بأمِّ القرآن فلم يصلِّ إلّا وراء إمام.

صحيح الترمذي ١: ٤٢، وصحَّحه، موطأ مالك ١: ٨٠، المدوّنة الكبرى لمالك ١: ٧٠، سنن البيهقي ٢: ١٦٠، تيسير الوصول ٢: ٢٢٣.

٢٤ - عن عبد الله بن عمر مرفوعاً: مَن صلّى مكتوبة أو سبحة فليقرأ بأمِّ القرآن وقرآن معها، ومَن صلّى صلاةً لم يقرأ فيها فهي خداجٌ. ثلاثا.

أخرجه عبد الرزاق كما في كنز العمّال ٤: ٩٦ وحسَّنه.

٢٥ - عن أبي هريرة مرفوعاً: لا تجزئ صلاة لمن لم يقرأ فيها بفاتحة الكتاب.

وفي لفظ الدار قطني وصحَّحه: لا تجزئ صلاة لا يقرأ الرجل فيها فاتحة الكتاب. وفي لفظ أحمد: لا تُقبل صلاةٌ لا يُقرأ فيها بأمِّ الكتاب.

كنز العمّال ٤: ٩٦ نقلاً عن جمع من الحفّاظ.

٢٦ - عن أبي الدرداء: إقرأ في الركعتين الأوليين من الظهر والعصر والعشاء الآخرة في كلِّ ركعة بأمِّ القرآن وسورة، وفي الركعة الآخرة من المغرب بأمِّ القرآن كنز العمَّال ٤: ٢٠٧.

٢٧ - عن حسين بن عرفطة مرفوعاً: إذا قمت في الصَّلاة فقل: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله ربِّ العالمين. حتى تختمها، قل هو الله أحد إلى آخرها. أخرجه الدار قطني كما في كنز العمال ٤: ٩٦.

٢٨ - عن ابن عبّاس: لا تصلّينَّ صلاةً حتّى تقرأ بفاتحة الكتاب وسورة، ولا

١٧٩

تدعْ أنْ تقرأ بفاتحة الكتاب في كلِّ ركعة. أخرجه عبد الرزّاق في الكنز ٤: ٢٠٨.

٢٩ - عن ابنِ سيرين قال: إنَّ ابن مسعود كان يقرأ في الظُهر والعصر في الركعتين الأوليين بفاتحة الكتاب وسورة في كلِّ ركعة، وفي الأُخريين بفاتحة الكتاب.

ذكره الهيثمي في مجمع الزوائد ٢: ١١٧ فقال: رجاله ثقاتٌ إلّا أنَّ ابن سيرين لم يسمع من ابن مسعود.

٣٠ - عن زيد بن ثابت قال: القراءة سنَّة لا تخالف الناس برأيك. أخرجه الطبراني في الكبير كما في مجمع الزوائد ٢: ١١٥.

هذه سنَّة نبيِّ الاسلام في قراءة الفاتحة في كلَّ ركعة من الفرائض والنوافل وعلى هذه فتاوى أئمَّة المذاهب وإليك نصوصها:

*(رأي الشافعي )*

قال إمام الشافعية في كتاب «الأُم» ١: ٩٣: سنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقرأ القارئ في الصَّلاة بأُمِّ القرآن، ودلَّ على إنَّها فرضٌ على المصلّي إذا كان يحسن أن يقرؤها. فذكر عدَّة من الأحاديث فقال: فواجبٌ على مَن صلّى منفرداً أو إماماً أن يقرأ بأمِّ القرآن في كلِّ ركعة لا يجزيه غيرها، وإن ترك من أُمِّ القرآن حرفاً واحداً ناسياً أو تساهياً لم يعتدَّ بتلك الركعة، من ترك منها حرفاً لا يُقال له قرأ أُمَّ القرآن على الكمال

وقال في صفحة ٨٩ فيمن لا يحسن القراءة: فإنْ لم يحسن سبع آيات وأحسن أقلّ منهنَّ لم يجزه إلّا أن يقرأ بما أحسن كلّه إذا كان سبع آيات أو أقلّ، فإن قرأ بأقلّ منه أعاد الركعة التي لم يكمل فيها سبع آيات إذا أحسنهنَّ. وقال: ومَن أحسن أقلّ من سبع آيات فأمَّ أو صلّى منفرداً ردّد بعض الآي حتّى يقرأ به سبع آيات أو ثمان آيات، وإن لم أر عليه إعادة، ولا يجزيه في كلِّ ركعة إلّا قراءة ما أحسن ممّا بينه وبين أن يكمل سبع آيات أو ثمان آيات من أحسنهنَّ.

وقال(١) : وأقلُّ ما يجزئ من عمل الصَّلاة أن يحرم ويقرأ بأم القرآن يبتدئها ب‍ «بسم الله الرحمن الرحيم» إن أحسنها، ويركع حتّى يطمأنَّ راكعاً، ويرفع حتّى يعتدل قائماً، ويسجد حتّى يطمئنَّ ساجداً على الجبهة، ثمَّ يرفع حتّى يعتدل جالساً، ثمَّ

____________________

١ - ذكره المزني في مختصره هامش كتاب الأم ١: ٩٠، ٩١.

١٨٠