الغدير في الكتاب والسنة والأدب الجزء ٩

الغدير في الكتاب والسنة والأدب0%

الغدير في الكتاب والسنة والأدب مؤلف:
الناشر: دارالكتب الإسلامية
تصنيف: الإمامة
الصفحات: 403

الغدير في الكتاب والسنة والأدب

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: العلامة الشيخ الأميني
الناشر: دارالكتب الإسلامية
تصنيف: الصفحات: 403
المشاهدات: 115273
تحميل: 6932


توضيحات:

الجزء 1 المقدمة المقدمة المقدمة المقدمة المقدمة المقدمة المقدمة المقدمة المقدمة المقدمة الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5 الجزء 6 الجزء 7 الجزء 8 الجزء 9 الجزء 10 الجزء 11
المقدمة
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 403 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 115273 / تحميل: 6932
الحجم الحجم الحجم
الغدير في الكتاب والسنة والأدب

الغدير في الكتاب والسنة والأدب الجزء 9

مؤلف:
الناشر: دارالكتب الإسلامية
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

إنَّ الخَلافة لمـَّا أظعنت ظعنت

من أهل يثرب إذ غير الهدى سلكوا

صارت إلى أهلها منهم ووارثها

لَمّا رأى الله في عثمان ما انتهكوا

السافكي دمه ظلماً ومعصيةً

أيّ دم لا هُدوا من غيِّهم سفكوا

والهاتكي ستر ذي حقّ ومحرمة

فأيّ شرّ على أشياعهم هتكوا

والخيل عابسةٌ نضج الدماء بها

تنعى ابن أروى على أبطالها الشككُ

من كلِّ أبيض هنديّ وسابغة

تغشى البنان لها من نسجها حبكُ

قد نال جلّهم حصرٌ بمحصرة

ونال فتَّاكهم فتكٌ بما فتكوا

قرَّت بذاك عيونٌ واشتفين به

وقد تقرُّ بعين الثائر الدركُ

-٣٧-

كتاب أهل المدينة

إلى الصحابة في الثغور

أخرج الطبري من طريق عبد الرحمن بن يسار انَّه قال: لَمّا رأى النّاس ما صنع عثمان كتب مَن بالمدينة مِن أصحاب النبيِّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلى مَن بالآفاق منهم وكانوا قد تفرَّقوا في الثغور:

إنَّكم إنَّما خرجتم أن تجاهدوا في سبيل الله عزَّ وجلَّ تطلبون دين محمَّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فإنَّ دين محمَّد قد أفسده من خلفكم وترك، فهلمّوا فأقيموا دين محمَّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم . وفي لفظ ابن الأثير: فإنَّ دين محمَّد قد أفسده خليفتكم فاقيموه. وفي لفظ ابن أبي الحديد: قد أفسده خليفتكم فاخلعوه، فاختلفت عليه القلوب. فأقبلوا من كلِّ اُفق حتّى قتلوه(١) .

وأخرج من طريق محمَّد بن مسلمة قال: لَمّا كانت سنة ٣٤ كتب اصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بعضهم إلى بعض يتشاكون سيرة عثمان وتغييره وتبديله ويسأل بعضهم بعضاً: أن أقدموا فإن كنتم تريدون الجهاد فعندنا الجهاد، وكثر النّاس على عثمان، ونالوا منه أقبح ما نيل من أحد، وأصحاب رسول الله يرون ويسمعون ليس فيهم أحدٌ ينهي ولا يذبُّ إلّا نفير: زيد بن ثابت، وأبو اُسيد الساعدي، وكعب بن مالك، وحسان بن ثابت، فاجتمع المهاجرون وغيرهم إلى عليّ فسألوه أن يكلّم عثمان ويعظه فأتاه فقال له: إنَّ الناس ورائي. إلى آخر ما مرَّ في ص ٧٤.

____________________

١ - تاريخ الطبرى ٥: ١١٥، الكامل لابن الاثير ٥: ٧٠، شرح ابن ابى الحديد ١: ١٦٥.

١٦١

_٣٨_

كتاب المهاجرين الى مصر

بِسْمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ

من المهاجرين الأوَّلين وبقيَّة الشورى إلى مَن بمصر من الصحابة والتابعين.

أمّا بعد: أن تعالوا إلينا وتداركوا خلافة رسول الله قبل أن يسلبها أهلها، فإنَّ كتاب الله قد بُدِّل، وسنَّة رسول الله قد غيّرت، وأحكام الخليفتين قد بُدِّلت، فننشد الله مَن قرأ كتابنا من بقيَّة أصحاب رسول الله والتابعين بإحسان إلّا أقبل إلينا وأخذ الحقَّ لنا وأعطاناه، فأقبلوا إلينا إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر، وأقيموا الحقَّ على المنهاج الواضح الذي فارقتم عليه نبيّكم وفارقكم عليه الخلفاء، غلبنا على حقِّنا، واستولى على فيئنا، حيل بيننا وبين أمرنا، وكانت الخلافة بعد نبيّنا خلافة نبوَّة ورحمة وهي اليوم ملكٌ عضوضٌ مَن غلب على شيء أكله(١) .

_٣٩_

كتاب اهل المدينة الى عثمان

أخرج الطبري في تاريخه ٥: ١١٦ من طريق عبد الله بن الزبير عن أبيه قال: كتب أهل المدينة إلى عثمان يدعونه إلى التوبة ويحتجُّون ويقسمون له بالله لا يمسكون عنه أبداً حتّى يقتلوه، أو يعطيهم ما يلزمه من الله، فلمّا خاف القتل شاور نصحاءه و أهل بيته. إلى آخر ما يأتي.

____________________

١ - الامامة والسياسة ١: ٣٢.

١٦٢

الاجماع والخليفه

تُعلمنا هذه الأحاديث المتضافرة الواردة عن آحاد الصحابة من المهاجرين و الأنصار أو عامَّة الفريقين، أو عن جامعة الصحابة البالغة مائتين حديثاً انَّه لم يشذّ عن النقمة على عثمان منهم أحدٌ ما خلا أربعة وهم: زيد بن ثابت، وحسان بن ثابت، و كعب بن مالك، واُسيد الساعدي. فمن مُجهز عليه إلى محبذ لعمله، إلى محرض على قتله، إلى ناشر لاحداثه، إلى مؤلِّب عليه يسعى في إفساد أمره، إلى متجاسر عليه بالوقيعة فيه، إلى مناقد في فعاله يأمره بالمعروف وينهاه عن المنكر، إلى خاذل له بترك نصرته لا يرى هنالك في الناقمين الثائرين عليه منكراً ينهي عنه، أوفي جانب الخليفة حقّاً يتحيَّز إليه، وهم كما مرَّ في ص ١٥٧ عن مولانا أمير المؤمنينعليه‌السلام : ما كان الله ليجمعهم على ضلال، ولا ليضربهم بالعمى. فكان ذلك إجماعاً منهم أثبت من إجماعهم على نصب الخليفة في الصدر الأوَّل، فإن كانت فيه حجَّة فهي في المقامين إن لم تكن في المقام الثاني أولى بالاتِّباع.

ومن أمعن النظر فيما مرَّ ويأتي من النصوص الواردة عن مولانا أمير المؤمنين و

٢ - عائشة اُمِّ المؤمنين. و

٣ - عبد الرَّحمن بن عوف. أحد العشرة المبشَّرة ورجالات الشورى. و

٤ - طلحة بن عبد الله. أحد العشرة المبشَّرة. و

٥ - الزبير بن العوام. أحد العشرة المبشَّرة. و

٦ - عبد الله بن مسعود صاحب سرِّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم . « بدريٌّ » و

٧ - عمّارِ جلدة ما بين عيني النبيِّ، النازل فيه القرآن « بدريّ » و

٨ - المقداد بن أبي الأسود، الممدوح بلسان النبيِّ الطاهر. « بدريٌّ » و

٩ - حجر بن عدي الكوفي الصالح الناسك. و

١٠ - هاشم المرقال الذي كان من الفضلاء الخيار كما في « الاستيعاب » و

١١ - جهجاه بن سعيد الغفاري، من رجالات بيعة الشجرة. و

١٦٣

١٢ - سهل بن حنيف الأنصاري « بدريّ » و

١٣ - رفاعة بن رافع الأنصاري « بدريّ » و

١٤ - حجّاج بن غزيَّة الأنصاري. و

١٥ - أبي أيّوب الأنصاري صاحب منزل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم « بدريّ » و

١٦ - قيس بن سعد الأنصاري، أمير الخزرج الصالح « بدريّ » و

١٧ - فروة بن عمرو البياضي الأنصاري « بدريّ » و

١٨ - محمَّد بن عمرو بن حزم الأنصاري « بدريّ » و

١٩ - جابر بن عبد الله الأنصاري. و

٢٠ - جبلة بن عمرو الساعدي الأنصاري « بدريّ » و

٢١ - محمّد بن مسلمة الأنصاري « بدريّ » و

٢٢ - عبد الله بن عبّاس حبر الاُمّة. و

٢٣ - عمرو بن العاصي. و

٢٤ - عامر بن واثلة أبي الطفيل الكناني الليثي. و

٢٥ - سعد بن أبي وقاص. أحد العشرة المبشّرة. و

٢٦ - مالك بن الحارث الأشتر. وهل موجودٌ كمالك؟ قاله أمير المؤمنين. و

٢٧ - عبد الله بن عكيم. و

٢٨ - محمّد بن أبي حذيفة العبشمي. و

٢٩ - عمرو بن زرارة بن قيس النخعي. و

٣٠ - صعصعة بن صوحان، سيِّد عبد القيس. و

٣١ - حكيم بن جبلة العبدي الشهيد يوم الجمل. و

٣٢ - هشام بن الوليد المخزومي. و

٣٣ - معاوية بن أبي سفيان. و

٣٤ - زيد بن صوحان، من الخيار الأبرار كما في الحديث. و

٣٥ - عمرو بن الحمق الخزاعي المشرَّف بدعاء النبيِّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم . و

٣٦ - عديِّ بن حاتم الطائي الصحابيِّ العظيم. و

١٦٤

٣٧ - عروة بن السعد الصحابيِّ. و

٣٨ - عبد الرّحمن بن حسان العنزي الكوفي. و

٣٩ - محمّد بن أبي بكر بن أبي قحافة. الممدوح بلسان مولانا أمير المؤمنين. و

٤٠ - كميل بن زياد النخعي. و

٤١ - عائذ بن حملة الطهوي التميمي. و

٤٢ - جندب بن الزهير الأزدي. و

٤٣ - الأرقم بن عبد الله الكندي. و

٤٤ - شريك بن شداد الخضرمي. و

٤٥ - قبيصة بن ضُبيعة العبسي. و

٤٦ - كريم بن عفيف الخثعمي العامري. و

٤٧ - عاصم بن عوف البجلي. و

٤٨ - ورقاء بن سميّ البجلي. و

٤٩ - كدام بن حيّان العنزي. و

٥٠ - صيفي بن فسيل الشيباني. و

٥١ - محزر بن شهاب التميمي المنقري. و

٥٢ - عبد الله بن حويّة السعدي التميمي. و

٥٣ - عتبة بن الأخنس السعدي. و

٥٤ - سعيد بن نمران الهمداني. و

٥٥ - ثابت بن قيس النخعي. و

٥٦ - أصعر بن قيس الحارثي. و

٥٧ - يزيد بن المكفكف النخعي. و

٥٨ - الحارث بن عبد الله الأعور الهمداني. و

٥٩ - الفضل بن العبّاس الهاشمي. و

٦٠ - عمرو بن بديل بن ورقاء الخزاعي. و

٦١ - زياد بن النضر الحارثي. و

١٦٥

٦٢ - عبد الله الأصم العامري. و

٦٣ - عمرو بن الأهتم نزيل الكوفة. و

٦٤ - ذريح بن عباد العبدي. و

٦٥ - بشر بن شريح القيسي. و

٦٦ - سودان بن حمران السكوني. و

٦٧ - عبد الرَّحمن بن عديس أبي محمّد البلوي. و

٦٨ - عروة بن شييم ابن البيّاع الكناني الليثي. و

٦٩ - كنانة بن بشر السكوني التجيبي. و

٧٠ - الغافقي بن حرب العكي. و

٧١ - كعب بن عبدة، الزاهد الناسك. و

٧٢ - مثنى بن مخربة العبدي. و

٧٣ - عامر بن بكير بن عبد ياليل الليثي الكناني « بدريّ » و

٧٤ - عبيد بن رفاعة بن رافع الزرقي. و

٧٥ - عبد الرَّحمن بن عبد الله الجمحي. و

٧٦ - مسلم بن كريب القابضي الهمداني. و

٧٧ - عمرو بن عبيد الحارثي الهمداني. و

٧٨ - عمرو بن حزم الأنصاري. و

٧٩ - عمير بن ضابئ التميمي البرجمي. و

٨٠ - أسلم بن أوس بن بجرة الساعدي.

إلى نظرائهم ممَّن مرَّ حديثه أو يأتي في هذا الجزء يزداد بصيرةً في إنعقاد هذا الإجماع الذي لا محيد عن مؤدّاه، ولا منتدح عن الجري معه، ولا محيص عن أخذه حجَّة قاطعة، وكيف لا؟ وفيهم عُمد الصحابة ودعائمها، وعظماء الملّة وأعضادها، وذوو الرأي والتقوى والصلاح من البدريِّين وغيرهم، وفيهم: اُمُّ المؤمنين وغير واحد مِن العشرة المبشَّرة، ورجال الشورى، فاذا لم يحتجّ بإجماع مثله لا يحتجُّ بأيِّ اجماع قطُّ، و لو جاءت عن أحد من هؤلاء كلمةٌ واحدة في حقِّ أي إنسان مدحاً أو ذمّا لأتّخذوه

١٦٦

حجّة دامغة، فكيف بهم؟ وقد اجتمعوا على كلمة واحدة.

وبهذه كلّها تظهر قيمة الكلم التافهة التي جاء بها القوم لإغراء الدهماء بالجهل أمثال ما في تاريخ ابن كثير ٨: ١٢ من قوله: قال أيّوب والدار قطني: مَن قدَّم عليّاً على عثمان فقد أزرى بالمهاجرين والأنصار. وهذا الكلام حقٌّ وصدقٌ وصحيحٌ ومليح.ا ه. إقرأ واضحك أو إبك. فمن قدَّم عثمان على أيِّ موحّد أسلم وجهه لِلّه وهو مؤمن بعد هذا الإجماع والمتسالم عليه فضلاً عن مولى المؤمنين عليّ صلوات الله عليه فقد أزرى بالمهاجرين والأنصار، والصحابة الأوَّلين والتابعين لهم بإحسان.

لقد جاءك الحقُّ من ربِّك فلا تكوننَّ من الممترين.

١٦٧

_٤٠_

قصّة الحصار الأولّ

الإجتماع على عثمان من أهل الأمصار:

المدينة. الكوفة. البصرة. مصر

أخرج البلاذري وغيره بالإسناد: إلتقى أهل الأمصار الثلاثة: الكوفة والبصرة ومصر في المسجد الحرام قبل مقتل عثمان بعام، وكان رئيس أهل الكوفة كعب بن عبدة، ورئيس أهل البصرة المثنى بن مخربة العبدي، ورئيس أهل مصر كنانة بن بشر بن عتّاب ابن عوف السكوني ثمَّ التجيبي، فتذاكروا سيرة عثمان وتبديله وتركه الوفاء بما أعطى من نفسه وعاهد الله عليه، وقالوا: لا يسعنا الرضى بهذا، فاجتمع رأيهم على أن يرجع كلُّ واحد من هؤلاء الثلاثة إلى مصره فيكون رسول من شهد مكّة من أهل الخلاف على عثمان إلى مَن كان على مثل رأيهم من أهل بلده، وأن يوافوا عثمان في العام المقبل في داره فيستمعوه، فإن أعتب، وإلّا رأوا رأيهم فيه ففعلوا ذلك.

فلمّا حضر الوقت خرج الأشتر مع أهل الكوفة إلى المدينة في مائتين، وقال ابن قتيبة: أقبل الأشتر من الكوفة في ألف رجل في أربع رفاق، وكان اُمراؤهم هو وزيد بن صوحان العبدي، وزياد بن النضر الحارثي، وعبد الله بن الأصم العامري، و على الجميع عمرو بن الأهتم.

وخرج حكيم بن جبلة العبدي في مائة من أهل البصرة ولحق به بعد ذلك خمسون فكان في مائة وخمسين وفيهم: ذريح بن عبّاد العبدي، وبشر بن شريح القيسي، وابن المحرّش - ابن المحترش - وقال ابن خلدون: وكلّهم في مثل عدد أهل مصر في أربع رايات.

وجاء أهل مصر وهم أربع مائة، ويقال: خمس مائة، ويقال: سبع مائة، ويقال: ست مائة، ويقال: ألف، وفي شرح ابن أبي الحديد: كانوا ألفين. وكان فيهم: محمَّد بن أبي بكر، وسودان بن حمران السكوني، وميسرة - ويقال قتيرة - السكوني، وعمرو

١٦٨

ابن الحمِق الخزاعي وكان من رؤسهم وعليهم اُمراء أربعة:

١ - عمرو بن بديل بن ورقاء الخزاعي.

على رُبع

٢ - عبد الرَّحمن بن عديس أبو محمَّد البلوي.

على رُبع

٣ - عروة بن شييم بن البياع الكناني الليثي.

على رُبع

٤ - كنانة بن بشر السكوني التجيبي.

على رُبع

وعليهم جميعاً: الغافقي بن حرب العكي، وكان يصلّي بالناس في أيّام الحصار، قال الطبري: كان جماع أمرهم جميعاً إلى عمرو بن بديل الخزاعي، وكان من أصحاب النبيِّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وإلى عبد الرحمن بن عديس التجيبي.

فلمّا أتوا المدينة أتوا دار عثمان، ووثب معهم رجال من أهل المدينة من المهاجرين والأنصار منهم: عمّار بن ياسر العبسي وكان بدريّاً، ورفاعة بن رافع الأنصاري وكان بدريّاً، والحجاج بن غزية وكانت له صحبة، وعامر بن بكير وكان بدريّاً أحد بني كنانة.

وفي كتاب لنائلة امرأة عثمان إلى معاوية في رواية ابن عبد ربّه: وأهل مصر قد أسندوا أمرهم إلى عليّ ومحمّد بن أبي بكر وعمّار بن ياسر وطلحة والزبير فأمروهم بقتله، وكان معهم من القبائل خزاعة، وسعد بن بكر، وهذيل، وطوائف من جهينة و مزينة وأنباط يثرب، وهؤلاء كانوا أشدَّ الناس عليه.

وفي حديث سعيد بن المسيب في الأنساب والعقد الفريد وغيرهما: وقد كانت من عثمان قبلُ هنات إلى عبد الله بن مسعود وأبي ذر وعمّار بن ياسر: فكان في قلوب هذيل وبني زهرة وبني غفار وأحلافها من غضب لأبي ذر ما فيها، وحنقت بنو مخزوم لحال عمّار بن ياسر.

وفي لفظ المسعودي: وفي الناس بنو زهرة لأجل عبد الله بن مسعود، لأنَّه كان من أحلافها، وهذيل لأنَّه كان منها، وبنو مخزوم وأحلافها لعمّار، وغفار وأحلافها لأجل أبي ذر، وتيم بن مرة مع محمَّد بن أبي بكر، وغير هؤلاء ممَّن لا يحمل ذكره كتابنا. فحصروا عثمان الحصار الأوَّل(١)

____________________

١ - راجع طبقات ابن سعد ط ليدن ٣: ٤٩، الانساب للبلاذرى ٥: ٦ ٢، ٥٩، الامامة و السياسة ١: ٣٤، المعارف لابن قتيبة ص ٨٤، تاريخ الطبرى ٥: ١١٦، مروج الذهب ١: ٤٤١، العقد الفريد ٢: ٢٦٢، ٢٦٩، الرياض النضرة ٢: ١٢٣، ١٢٤، الكامل لابن الاثير ٣: ٦٦، تاريخ ابن خلدون ٢: ٣٩٣، شرح ابن ابى الحديد ١: ١٠٢، تاريخ ابن كثير ٧: ١٧٠، ١٧٤، حياة الحيوان للدميرى ١: ٥٣، الاصابة ٢: ٤١١، الصواعق ص ٦٩، تاريخ الخلفاء للسيوطى ص ١٠٦، تاريخ الخميس ٢: ٢٥٩.

١٦٩

كتاب المصريّين الى عثمان

أخرج الطبري في تاريخه ٥ ص ١١٦ من طريق عبد الله بن الزبير عن أبيه قال: كتب أهل مصر بالسقيا(١) أو بذي خُشب(٢) إلى عثمان بكتاب فجاء به رجلٌ منهم، حتّى دخل به عليه فلم يردّ عليه شيئاً فأمر به فاُخرج من الدار، وكان فيما كتبوا اليه:

بِسْمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ

أمّا بعد: فاعلم أنَّ الله لا يغيّر ما بقوم حتّى يغيّروا ما بأنفسهم، فالله الله ثمَّ الله الله، فإنَّك على دنيا فاستتمَّ إليها معها آخرة، ولا تلبس(٣) نصيبك من الآخرة فلا تسوغ لك الدنيا، واعلم أنّا والله لِلّه نغضب وفي الله نرضي، وإنّا لن نضع سيوفنا عن عواتقنا حتّى تأتينا منك توبة مصرّحة أو ضلالة مجلّحة مبلّجة، فهذه مقالتنا لك وقضَّيتنا إليك والله عذيرنا منك. والسَّلام.

عهد الخليفة على نفسه

أن يعمل بالكتاب والسَّنة وذلك في سنة ٣٥ ه‍

أخرج البلاذري من رواية أبي مخنف في الأنساب ٥: ٦٢: انَّ المصريِّين وردوا المدينة فأحاطوا وغيرهم بدار عثمان في المرَّة الاُولى « إلى أن قال » : وأتى المغيرة بن شعبة فقال له: دعني آتِ القوم فأنظر ما يريدون، فمضى نحوهم فلمّا دنا منهم صاحوا به: يا أعور! وراءك، يا فاجر! وراءك، يا فاسق! وراءك. فرجع، ودعا عثمان عمرو بن العاص فقال له: ائت القوم فادعهم إلى كتاب الله والعتبى ممّا ساءهم. فلمّا دنا منهم سلّم فقالوا

____________________

١ - من أسافل أودية تهامة.

٢ - واد على مسيرة ليلة من المدينة كما مرّ.

٣ - كذا ولعله: لا تنس نصيبك، أخذا من القرآن الكريم.

١٧٠

لا سلّم الله عليك، ارجع يا عدوَّ الله! راجع يا ابن النابغة! فلست عندنا بأمين ولا مأمون فقال له ابن عمر وغيره: ليس لهم إلّا عليّ بن أبي طالب فلمّا أتاه قال: يا أبا الحسن! ائت هؤلاء القوم فادعهم إلى كتاب الله وسنَّة نبيِّه. قال: نعم إن أعطيتني عهد الله وميثاقه على إنَّك تفي لهم بكلِّ ما أضمنه عنك، قال: نعم. فأخذ عليُّ عليه عهد الله وميثاقه على أوكد ما يكون وأغلظ وخرج إلى القوم فقالوا: وراءك، قال: لا، بل أمامي، تُعطَون كتاب الله وتُعتبون من كلِّ ما سخطتم، فعرض عليهم ما بذل عثمان، فقالوا: أتضمن ذلك عنه؟ قال: نعم، قالوا: رضينا. وأقبل وجوههم وأشرافهم مع عليّ حتّى دخلوا على عثمان و عاتبوه فأعتبهم من كلِّ شيء فقالوا: اكتب بهذا كتاباً فكتب.

بِسْمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ

هذا كتابٌ من عبد الله عثمان أمير المؤمنين لمن نقم عليه من المؤمنين والمسلمين انَّ لكم أن أعمل فيكم بكتاب الله وسنَّة نبيِّه، يُعطى المحروم، ويُؤمن الخائف، ويُردُّ المنفيُّ، ولا تجمر(١) البعوث، ويُوفر الفئ، وعليُّ بن أبي طالب ضمين المؤمنين والمسلمين على عثمان بالوفاء في هذا الكتاب.

شهد الزبير بن العوام، وطلحة بن عبيد الله؟ وسعد بن مالك بن أبي وقّاص، و عبد الله بن عمرو، وزيد بن ثابت، وسهل بن خُنيف، وأبو أيوب خالد بن زيد.

وكتب في ذي العقدة سنة خمس وثلاثين. فأخذ كلُّ قوم كتاباً فانصرفوا.

وقال عليُّ بن أبي طالب لعثمان: أخرج فتكلّم كلاماً يسمعه الناس ويحملونه عنك وأشهد الله ما في قلبك، فانَّ البلاد قد تمخَّضت عليك، ولا تأمَن أن يأتي ركبٌ آخر من الكوفة أو من البصرة أو من مصر فتقول: يا عليّ اركب إليهم. فإن لم أفعل قلت: قطع رحمي، واستخفَّ بحقِّي، فخرج عثمان فخطب الناس فأقرَّ بما فعل واستغفر الله منه، وقال: سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: من زلَّ فليُنب. فأنا أوَّل من اتَّعظ، فإذا نزلت فليأتني أشرافكم فليردُّوني برأيهم، فوالله لو ردَّني إلى الحقِّ عبدٌ لاتَّبعته وما عن الله مذهب إلّا إليه، فسرَّ الناس بخطبته واجتمعوا إلى بابه مبتهجين بما كان منه

____________________

١ - تجمر الجيش: تحبس فى ارض العدو ولم يقفل.

١٧١

فخرج إليهم مروان فزبرهم وقال: شاهت وجوهكم ما اجتماعكم؟ أمير المؤمنين مشغولٌ عنكم، فإن احتاج إلى أحد منكم فسيدعوه فانصرفوا، وبلغ عليّاً الخبر فأتى عثمان و هو مُغضب فقال: أمّا رضيت من مروان ولا رضي منك إلّا بافساد دينك، وخديعتك عن عقلك؟ وإنِّي لأراه سيوردك ثمَّ لا يُصدرك، وما أنا بعائدٍ بعد مقامي هذا لمعاتبتك وقالت له امرأته نائلة بنت الفرافصة: قد سمعت قول عليِّ بن أبي طالب في مروان وقد أخبرك انَّه غير عائد إليك، وقد أطعت مروان ولا قدر له عند الناس ولا هيبة، فبعث إلى عليّ فلم يأته.

وأخرج ابن سعد من طريق أبي عون قال: سمعت عبد الرَّحمن بن الأسود بن عبد يغوث ذكر مروان فقال: قبَّحه الله خرج عثمان على الناس فأعطاهم الرضى وبكى على المنبر حتّى استهلّت دموعه، فلم يزل مروان يفتله في الذروة والغارب(١) حتّى لَفَته عن رأيه، قال: وجئت إلى عليّ فأجده بين القبر والمنبر ومعه عمّار بن ياسر ومحمَّد بن أبي بكر وهما يقولون: صنع مروان بالناس؟ قلت: نعم(٢) .

صورة أخرى من توبة الخليفة

أخرج الطبري من طريق عليِّ بن عمر بن أبيه قال: إنَّ عليّاً جاء عثمان بعد انصراف المصريِّين فقال له: تكلّم كلاماً يسمعه الناس منك، ويشهدون عليه ويشهد الله على ما في قلبك من النزوع والإنابة، فانَّ البلاد قد تمخَّضت عليك فلا آمن ركباً آخرين يقدمون من الكوفة فتقول: يا عليّ إركب إليهم. ولا أقدر أن أركب إليهم ولا أسمع عذراً.

ويقدم ركبٌ آخرون من البصرة فتقول: يا عليُّ إركب إليهم. فإن لم أفعل رأيتني قد قطعت رحمك واستخففت بحقِّك. قال: فخرج عثمان وخطب الخطبة التي نزع فيها و أعطى النّاس من نفسه التوبة فقام فحمد الله وأثنى عليه بما هو أهله ثمَّ قال:

أمَّا بعد: أيُّها النّاس فوالله ما عاب مَن عاب منكم شيئاً أجهله، وما جئت شيئاً إلّا وأنا أعرفه، ولكنِّي منّتني نفسي وكذبتني، وضلَّ عنِّي رشدي، ولقد سمعت رسول

____________________

١ - لم يزل يفتل فى الذروة والغارب. مثل فى المخادعة. اى يدور من وراء خديعته.

٢ - واخرج الطبرى حديث ابن عون هذا وتبعه ابن الاثير وسيوافيك لفظه، واوعز اليه الدميرى فى حياة الحيوان ١: ٥٣.

١٧٢

اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: من زل َّ فليتب(١) ومن أخطأ فليتب ولا يتمادى في الهلكة، إنَّ من تمادى في الجور كان أبعد من الطريق، فأنا أوَّل من اتَّعظ، أستغفر الله عمّا فعلت، و أتوب إليه، فمثلي نزع وتاب، فإذا نزلت فليأتني أشرافكم فليروني رأيهم، فوالله لئن ردَّني إلى الحقِّ عبدٌ لأستنن بسنّة العبد، ولأذلنَّ ذلّ العبد، ولأكوننَّ كالمرقوق إن مُلك مصر، وإن عُتق شكر، وما عن الله مذهبٌ إلّا إليه، فلا يعجزن عنكم خياركم أن يدنوا إليَّ، لئن أبت يميني لتتابعني شمالي.

قال: فرقَّ الناس له يومئذ وبكى من بكى منهم وقام إليه سعيد بن يزيد فقال: يا أمير المؤمنين! ليس بواصل لك من ليس معك، الله الله في نفسك، فاتمم على ما قلت فلمّا نزل عثمان وجد في منزله مروان وسعيداً(٢) ونفراً من بني اُميّة ولم يكونوا شهدوا الخطبة فلمّا جلس قال مروان: يا أمير المؤمنين! أتكلّم أم أصمت؟ فقالت نائلة ابنه الفرافصة امرأة عثمان الكلبيَّة: لا بل اصمت فانَّهم والله قاتلوه ومؤتّموه، انّه قد قال مقالة لا ينبغي له أن ينزع عنها. فأقبل عليها مروان فقال: ما أنتِ وذاك؟ فوالله لقد مات أبوكِ وما يحسن يتوضَّأ. فقالت له: مهلاً يا مروان! عن ذكر الآباء تخبر عن أبي وهو غائب تكذب عليه، وأنَّ أباك لا يستطيع أن يدفع عنه، أما والله لولا أنّه عمّه و وأنّه يناله غمّه أخبرتك عنه ما لن أكذب عليه.قال: فأعرض عنها مروان ثمَّ قال: يا أمير المؤمنين! أتكلّم أم أصمت؟ قال: بل تكلّم.فقال مروان: بأبي أنت واُمِّي والله لوددت أنَّ مقالتك هذه كانت وأنت مُمنّعٌ منيع فكنت أوَّل من رضي بها وأعان عليها لكنّك قلت ما قلت حين بلغ الحزام الطُبيين، وخلف السيل الزبى، وحين أعطى الخطّة الذليلة الذليل، والله لإقامة على خطيئة تستغفر الله منها أجمل من توبة تخوَّف عليها، وإنّك إن شئت تقرَّبت بالتوبة ولم تقرِّر بالخطيئة وقد اجتمع اليك على الباب مثل الجبال من الناس.فقال عثمان: فاخرج إليهم فكلّمهم فإنِّي أستحي أن اُكلّمهم، قال: فخرج مروان إلى الباب والناس يركب بعضهم بعضاً فقال: ما شأنكم قد اجتمعتم؟ كأنَّكم قد جئتم لنهب، شاهت الوجوه، كلّ إنسان آخذٌ باذن صاحبه إلّا من اُريد(٣) جئتم

____________________

١ - كذا فى تاريخ الطبرى والصحيح ما مر فى رواية البلاذرى: من زل فلينب.

٢ - هو سعيد بن العاص.

٣ - كذا فى تاريخ الطبرى وفى الكامل: شاهت الوجوه الى من اريد.

١٧٣

تريدون أن تنزعوا ملكنا من إيدينا أخرجوا عنّا، أما والله لئن رمتمونا ليمرنَّ عليكم منّا أمرٌ لا يسرّكم ولا تحمدوا غبّ رأيكم، ارجعوا إلى منازلكم، فإنّا والله ما نحن مغلوبين على ما في أيدينا، قال: فرجع النّاس وخرج بعضهم حتّى أتا عليّاً فأخبره الخبر فجاء عليٌّعليه‌السلام مغضباً حتّى دخل على عثمان فقال: أما رضيت من مروان ولا رضي منك إلّا بتحرّفك(١) عن دينك وعن عقلك مثل جَمَل الظعينة يُقاد حيث يسار به؟ والله ما مروان بذي رأي في دينه، ولا نفسه، وأيم الله انِّي لأراه سيوردك ثمَّ لا يصدرك، وما أنا بعائد بعد مقامي هذا لمعاتبتك، أذهبت شرفك، وغُلبت على أمرك.

فلمّا خرج عليٌّ دخلت عليه نائلة ابنة الفرافصة امرأته فقالت: أتكلّم أو أسكت؟ فقال: تكلّمي. فقالت: قد سمعت قول عليّ لك وانَّه ليس يعاودك؟ وقد أطعت مروان يقودك حيت شاء قال: فما أصنع؟ قالت: تتقي الله وحده لا شريك له وتت َّ بع سنَّة صاحبيك من قبلك، فإنَّك متى أطعت مروان قتلك، ومروان ليس له عند الناس قدر ولا هيبة ولا محبّة، وإنّما تركك النّاس لمكان مروان، فأرسل إلى عليّ فاستصلحه فإنَّ له قرابةً منك وهو لا يُعصى.قال: فأرسل عثمان إلى عليّ فأبي أن يأتيه، وقال: قد أعلمته: أنِّي لست بعائد.فبلغ مروان مقالة نائلة فيه فجاء إلى عثمان فجلس بين يديه فقال: أتكلّم أو أسكت؟ فقال: تكلّم. فقال: إنَّ بنت الفرافصة. فقال عثمان: لا تذكرنَّها بحرف فأسوء لك وجهك فهي والله أنصح لي منك. فكفَّ مروان(٢) .

صورة اخرى من التوبة

من طريق أبي عون قال: سمعت عبد الرحمن بن الأسود بن عبد يغوث يذكر مروان بن الحكم قال: قبَّح الله مروان، خرج عثمان إلى الناس فأعطاهم الرضا وبكى على المنبر وبكى الناس حتى نظرت الى لحية عثمانُ مخضلَّة من الدموع وهو يقول: أللهمَّ إنِّي أتوب اليك، أللهمَّ إنِّي أتوب اليك، أللهمَّ إنِّي أتوب اليك، والله لئن ردَّني الحقّ إلى

____________________

١ - فى لفظ البلاذرى: الا بافساد دينك، وخديعتك عن عقلك. وفى لفظ ابن كثير: الا بتحويلك عن دينك وعقلك، وان مثلك مثل جمل الظعينة سار حيث يسار به.

٢ - الانساب للبلاذرى ٥: ٦٤، ٦٥، تاريخ طبرى ٥: ١١١، الكامل لابن الاثير ٣: ٦٨، تاريخ ابن كثير ٧: ١٧٢، شرح ابن ابى الحديد ١، ١٦٣، ١٦٤، تاريخ ابن خلدون ٢: ٣٩٦، ٣٩٧.

١٧٤

أن أكون عبداً قِناًّ لأرضينَّ به، إذا دخلت منزلي فادخلوا عليَّ، فوالله لا أحتجب منكم ولأعطينَّكم ولأزيدنَّكم على الرضا، ولأنحينَّ مروان وذويه.

قال: فلمَّا دخل أمر بالباب ففتح ودخل بيته ودخل عليه مروان فلم يزل يفتله في الذروة والغارب حتى فتله عن رأيه وأزاله عمّا كان يريد، فلقد مكث عثمان ثلاثة أيَّام ما خرج استحياءً من الناس، وخرج مروان إلى الناس فقال: شاهت الوجوه إلّا مَن اُريد ارجعوا إلى منازلكم، فإن يكن لأمير المؤمنين حاجة بأحد منكم يرسل إليه وإلاّ قرَّ في بيته. قال عبد الرّحمن: فجئت إلى عليّ فأجده بين القبر والمنبر وأجد عنده عمّار بن ياسر ومحمَّد بن أبي بكر وهما يقولان: صنع مروان بالناس وصنع، قال: فأقبل عليَّ عليٌّ فقال: أحضرتَ خطبة عثمان؟ قلت: نعم.قال: أفحضرتَ مقالة مروان للناس؟ قلت نعم. قال عليٌّ: عياذ الله يا للمسلمين، إنِّي إن قعدت في بيتي قال لي: تركتني وقرابتي وحقِّي، وإنِّي إن تكلَّمت فجاء ما يريد يلعب به مروان فصار سيقة له يسوقه حيث شاء بعدِ كبَر السنِّ وصحبة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

قال عبد الرَّحمن بن الأسود: فلم يزل حتَّى جاء رسول عثمان إئتني فقال عليُّ بصوت مرتفعٍ عالٍ مغضبٍ: قل له: ما أنا بداخل عليك ولا عائد. قال: فانصرف الرسول فلقيت عثمان بعد ذلك بليلتين جائياً فسألت ناتلاً غلامه من أين جاء أمير المؤمنين؟ فقال: كان عند عليّ، فقال عبد الرَّحمن بن الأسود فغدوت فجلست مع عليّعليه‌السلام فقال لي: جاءني عثمان بارحة فجعل يقول: إنِّي غير عائد وإنِّي فاعل، قال: فقلت له. بعد ما تكلّمت به على منبر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأعطيت من نفسك، ثمَّ دخلت بيتك، وخرج مروان إلى الناس فشتمهم على بابك ويؤذيهم؟ قال: فرجع وهو يقول: قطعت رحمي وخذلني و جرَّأت الناس عليَّ فقلت: والله إنِّي لأذبُّ الناس عنك، ولكنِّي كلّما جئتك بهنَةٍ أظنُّها لك رضى جاء باُخرى فسمعت قول مروان عليَّ واستدخلت مروان. قال: ثمَّ انصرف إلى بيته أزل أرى عليّاً منكّباً عنه لا يفعل ما كان يفعل(١) .

عهد آخر بعد حنث الاول

أخرج الطبري من طريق عبد الله بن الزبير عن أبيه قال: كتب أهل المدينة إلى

____________________

١ - تاريخ الطبرى ٥: ١١٢، الكامل لابن الاثير ٣: ٩٦.

١٧٥

عثمان يدعونه إلى التوبة، ويحتجّون ويقسمون له بالله لا يمسكون عنه أبداً حتى يقتلوه أو يعطيهم ما يلزمه من حقِّ الله، فلمّا خاف القتل شاور نصحاءه وأهل بيته فقال لهم: قد صنع القوم ما قد رأيتم فما المخرج؟ فأشاروا عليه أن يرسل إلى عليِّ بن أبي طالب فيطلب إليه أن يردَّهم عنه ويعطيهم ما يرضيهم ليطاولهم حتَّى يأتيه أمداده فقال: إنَّ القوم لن يقبلوا التعليل وهي محمّلي عهداً وقد كان منِّي في قدمتهم الأولى ما كان، فمتى أعطهم ذلك يسألوني الوفاء به. فقال مروان بن الحكم: يا أمير المؤمنين! مقاربتهم حتَّى تقوى أمثل من مكاثرتهم على القرب، فاعطهم ما سألوك، وطاولهم ما طاولوك، فانَّما هم بغوا عليك فلا عهد لهم، فأرسل إلى عليّ فدعاه فلمّا جاءه قال: يا أبا حسن! إنَّه قد كان من الناس ما قد رأيت وكان منِّي ما قد علمت، ولست آمنهم على قتلي فأرددهم عنِّي فإنَّ لهم الله عزَّ وجلَّ أن اُعتبهم من كلِّ ما يكرهون، وأن أعطيهم الحقَّ من نفسي ومن غيري وإن كان في ذلك سفك دمي، فقال له عليٌّ: الناس إلى عدلك أحوج منهم إلى قتلك، وإنِّي لأرى قوماً لا يرضون إلّا بالرضا وقد كنت أعطيهم في قدمتهم الأولى عهداً من الله لترجعنَّ عن جميع ما نقموا فرددتهم عنك، ثمَّ لم تفٍ لهم بشيء من ذلك فلا تغرَّني هذه المرَّة من شيء، فانِّي معطيهم عليك الحقَّ. قال: نعم فاعطهم فوالله لأفينَّ لهم. فخرج عليٌّ إلى الناس فقال: أيُّها الناس إنَّكم إنَّما طلبتم الحقَّ فقد اعطيتموه إنَّ عثمان قد زعم انَّه منصفكم من نفسه ومن غيره، وراجعٌ عن جميع ما تكرهون، فاقبلوا منه ووكّدوا عليه. قال الناس: قد قبلنا فاستوثق منه لنا فإنّا والله لا نرضى بقول دون فعل. فقال لهم عليٌّ: ذلك لكم. ثمَّ دخل عليه فأخبره الخبر، فقال عثمان: اضرب بيني وبينهم أجلاً يكون لي في مهلة، فانِّي لا أقدر على ردِّ ما كرهوا في يوم واحد، قال له عليٌّ: ما حضر بالمدينة فلا أجل فيه، وما غاب فأجله وصول أمرك، قال: نعم، ولكن أجِّلني فيما بالمدينة ثلاثة أيّام. قال عليٌّ: نعم. فخرج إلى الناس فأخبرهم بذلك وكتب بينهم وبين عثمان كتاباً أجَّله فيه ثلاثاً على أن يردَّ كلَّ مظلمة، ويعزل كل عامل كرهوه، ثمَّ أخذ عليه في الكتاب أعظم ما أخذ الله على أحد من خلقه من عهد وميثاق وأشهد عليه ناساً من وجوه المهاجرين والأنصار، فكفَّ المسلمون عنه ورجعوا إلى أن يفي لهم بما أعطاهم من نفسه، فجعل يتأهَّب للقتال ويستعدُّ بالسَلاح، قد كان اتَّخذ

_١١_

١٧٦

جنداً عظيماً من رقيق الخمس، فلمّا مضت الأيّام الثلاثة وهو على حاله لم يغيِّر شيئاً ممّا كرهوه، ولم يعزل عاملاً، ثار به الناس، وخرج عمرو بن حزم الأنصاري حتّى أتى المصريِّين وهم بذي خُشب فأخبرهم الخبر وسار معهم حتّى قدموا المدينة فأرسلوا إلى عثمان: ألم نفارقك على انَّك زعمت انّك تائبٌ من أحداثك، وراجعٌ عمّا كرهنا منك وأعطيتنا على ذلك عهد الله وميثاقه؟ قال: بلى أنا على ذلك. قال: فما هذا الكتاب الذي وجدنا مع رسولك؟ الحديث(١) .

سياسة ضئيلة

لَمّا تكلّم عليٌّ مع المصريِّين ورجَّعهم إلى بلادهم ورجع هو إلى المدينة دخل على عثمان وأخبره انَّهم قد رجعوا فمكث عثمان ذلك اليوم حتَّى إذا كان الغد جاءه مروان فقال له: تكلّم وأعلم النّاس أنَّ أهل مصر قد رجعوا، وانَّ ما بلغهم عن إمامهم كان باطلاً فإنَّ خطبتك تسير في البلاد قبل أن يتحلّب الناس عليك من أمصارهم فيأتيك من لا تستطيع دفعه. فأبى عثمان أن يخرج. فلم يزل به مروان حتَّى خرج فجلس على المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثمَّ قال: أمّا بعد: إنَّ هؤلاء القوم من أهل مصر كان بلغهم عن إمامهم أمرٌ فلمّا تيقّنوا انَّه باطلٌ ما عنه رجعوا إلى بلادهم.

فناداه الناس من كلِّ ناحية: اتَّق الله يا عثمان! وتب إلى الله. وكان أوَّلهم عمرو ابن العاصي. قال: إتَّق الله يا عثمان! فانَّك قد ركبت نهابير وركبناها معك فتب إلى الله نتب. إلى آخر ما مرَّ في هذا الجزء صفحة ١٣٧.

قصّة الحصار الثانى(٢)

أخرج البلاذري من طريق أبي مخنف قال: لَمّا شخص المصريّون بعد الكتاب

____________________

١ - تاريخ الطبرى ٥: ١١٦، الكامل لابن الاثير ٣: ٧١، ٧٢، شرح ابن أبى الحديد: ١: ١٦٦.

٢ - مصادرها: الانساب ٥: ٢٦ - ٦٩، ٩٥ الامامة والسياسة ١: ٣٣ - ٣٧، المعارف لابن قتيبة ص ٨٤، العقد الفريد ٢: ٢٦٣، تاريخ الطبرى ٥، ١١٩، ١٢٠، الرياض النضرة ٢: ١٢٣، ١٢٥، الكامل لا بن الاثير ٣: ٧٠، ٧١، شرح ابن أبي الحديد ١: ١٦٥، ١٦٦ تاريخ ابن خلدون ٢: ٣٩٧، تاريخ ابن كثير ٧: ١٧٣، ١٧٤، ١٨٦، ١٨٩، حياة الحيوان للدميرى ١: ٥٣، الصواعق ص ٦٩، تاريخ الخلفاء للسيوطى ص ١٠٦، ١٠٧، السيرة الحلبية ٢: ٨٤، ٨٦، ٨٧، تاريخ الخميس ٢: ٢٥٩، واللفظ للبلاذرى والطبرى.

١٧٧

الذي كتبه عثمان فصاروا بأيلة(١) أو بمنزل قبلها رأوا راكباً خلفهم يريد مصر فقالوا له: من أنت؟ فقال: رسول أمير المؤمنين إلى عبد الله بن سعد، وأنا غلام أمير المؤمنين. وكان أسود فقال بعضهم لبعض: لو أنزلناه وفتَّشناه ألّا يكون صاحبه قد كتب فينا بشيء، ففعلوا فلم يجدوا معه شيئاً، فقال بعضهم لبعض: خلّوا سبيله فقال كنانة بن بشر: أما والله دون أن أنظر في إداوته فلا. فقالوا: سبحان الله أيكون كتابٌ في ماء؟ فقال: إنَّ للنّاس حِيَلاً. ثمَّ حلَّ الإداوة فإذا فيها قارورةٌ مختومةٌ، أو قال: مضمومة، في جوف القارورة كتابٌ في أنبوب من رصاص فأخرجه فقُرئ فإذا فيه:

أمّا بعد: فإذا قدم عليك عمرو بن بُديل فاضرب عنقه، واقطع يدي ابن عُديس و كنانة، وعروة، ثمَّ دعهم يتشحّطون في دمائهم حتَّى يموتوا، ثمَّ أوثقهم على جذوع نخل.

فيقال: إنَّ مروان كتب الكتاب بغير علم عثمان، فلمّا عرفوا ما في الكتاب، قالوا: عثمان مُحَلُّ، ثمَّ رجعوا عودهم على بدئهم حتَّى دخلوا المدينة فلقوا عليّاً بالكتاب وكان خاتمه من رصاص، فدخل به عليُّ على عثمان فحلف بالله ما هو كتابه ولا يعرفه وقال: أمّا الخطّ فخطُّ كاتبي، وأمّا الخاتم فعلى خاتمي، قال عليٌّ فمن تتَّهم؟ قال: أتَّهمك وأتَّهم كاتبي. فخرج عليٌّ مغضباً وهو يقول: بل هو أمرك. قال أبو مخنف: وكان خاتم عثمان بَدءً عند حُمران بن أبان ثمَّ أخذه مروان حين شخص حمران إلى البصرة فكان معه:

وفي لفظ جُهيم الفهري قال: أنا حاضرٌ أمر عثمان فذكر كلاماً في أمر عمّار.

فانصرف القوم راضين ثمَّ وجدوا كتاباً إلى عامله على مصر أن يضرب أعناق رؤساء المصريِّين، فرجعوا ودفعوا الكتاب إلى عليّ فأتاه به فحلف له أنَّه لم يكتبه ولم يعلم به.

فقال له عليٌّ: فمن تتَّهم فيه؟ فقال: أتَّهم كاتبي وأتَّهمك يا عليُّ! لأنَّك مُطاع عند القوم ولم تردّهم عنِّي.

وجاء المصريُّون إلى دار عثمان فأحدقوا بها وقالوا لعثمان وقد أشرف عليهم: يا عثمان! أهذا كتابك؟ فجحد وحلف فقالوا: هذا شرّ، يكتب عنك بما لا تعلمه، ما مثلك

____________________

١ - أيلة بالفتح: مدينة على ساحل بحر القلزم ممّا يلى الشام. وقيل: هى آخر الحجاز وأول الشام.

١٧٨

يلي اُمور المسلمين، فاختلع من الخلافة. فقال: ما كنت لأنزع قميصاً قمَّصنيه الله، أو قال: سربلنيه الله. وقالت بنو اُميّة: يا عليُّ أفسدت علينا أمرنا ودسست وألَّبت، فقال: يا سفهاء! إنّكم لتعلمون انَّه لا ناقة لي في هذا ولا جمل، وإنِّي رددت أهل مصر عن عثمان ثمَّ أصلحت أمره مرَّة بعد اُخرى. فما حيلتي؟ وانصرف وهو يقول: أللهمَّ إنِّي بريءٌ ممَّا يقولون ومن دمه إن حدث به حدثٌ.

قال: وكتب عثمان حين حصروه كتاباً قرأه ابن الزبير على النّاس يقول فيه: والله ما كتبت الكتاب ولا أمرت به ولا علمت بقصَّته وأنتم مُعتَبون من كلِّ ما ساءكم، فأمِّروا على مصركم من أحببتم، وهذه مفاتيح بيت مالكم فادفعوا إلى من شئتم فقالوا: قد اتَّهمناك بالكتاب فاعتزلنا.

وأخرج ابن سعد من طريق جابر بن عبد الله الأنصاري قال: إنَّ عثمان وجَّه إلى المصريِّين لمـَّا أقبلوا يريدونه محمَّد بن مسلمة في خمسين من الأنصار أنا فيهم فأعطاهم الرضى وانصرفوا فلمّا كانوا ببعض الطريق رأوا جملاً عليه ميسم الصدقة فأخذوه فإذا غلامٌ لعثمان ففتَّشوه فإذا معه قصبةُ من رصاص في جوف إداوة فيها كتابٌ إلى عامل مصر: أن افعل بفلان كذا، وبفلان كذا، فرجع القوم إلى المدينة فأرسل إليهم عثمان محمَّد بن مسلمة فلم يرجعوا وحصروه.

صورةٌ اُخرى

عن سعيد بن المسيِّب قال: إنَّ عثمان لمـّا ولي كره ولايته نفرٌ من أصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لأنَّ عثمان كان يحبُّ قومه، فولي الناس اثنتى عشرة سنة، وكان كثيراً ما يولِّي بني اُميّة ممَّن لم يكن له من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم صحبة، وكان يجيئُ من اُمرائه ما يكره أصحاب محمَّد، فكان يُستعتب فيهم فلا يعزلهم، فلمّا كان في الحجج الآخرة استأثر ببني عمِّه فولّاهم وولّى عبد الله بن سعد بن أبي سرح مصر، فمكث عليها سنين فجاء أهل مصر يشكونه ويتظلّمون منه، وقد كانت من عثمان قبل هُنات إلى عبد الله ابن مسعود وأبي ذر عمّار بن ياسر، فكان في قلوب هُذيل وبني زهرة وبني غفار و أحلافها من غضب لأبي ذر ما فيها، وحنقت بنو مخزوم لحال عمّار بن ياسر، فلمّا جاء أهل مصر يشكون ابن أبي سرح، كتب إليه كتاباً يتهدَّده فيه، فأبى أن ينزع عمّا نهاه

١٧٩

عثمان عنه وضرب بعض من شكاه إلى عثمان من أهل مصر حتّى قتله، فخرج من أهل مصر سبع مائة رجل إلى المدينة فنزلوا المسجد وشكوا ما صنع بهم ابن أبي سرح في مواقيت الصّلاة إلى أصحاب محمَّد، فقام طلحة إلى عثمان فكلّمه بكلام شديد، وأرسلت إليه عائشة رضي الله عنها تسأله أن ينصفهم من عامله، ودخل عليه عليُّ بن أبي طالب وكان متكلّم القوم فقال له: إنَّما يسألك القوم رجلاً مكان رجل، وقد ادَّعوا قِبَله دماً فاعزله واقض بينهم، فإن وجب عليه حقٌّ فانصفهم منه. فقال لهم: اختاروا رجلاً اُولّيه عليكم مكانه. فأشار النَّاس عليهم بمحمَّد بن أبي بكر الصدِّيق فقالوا: استعمل علينا محمَّد بن أبي بكر. فكتب عهده وولّاه ووجَّه معهم عدَّة من المهاجرين والأنصار ينظرون فيما بينهم وبين ابن أبي سرح، فشخص محمَّد بن أبي بكر وشخصوا جميعاً فلمّا كانوا على مسيرة ثلاث من المدينة إذا هم بغلام أسود على بعير وهو يخبط البعير خبطاً كأنَّه رجلٌ يَطلب أو يُطلب، فقال له أصحاب محمَّد بن أبي بكر: ما قصَّتك؟ وما شأنك؟ كأنَّك هاربٌ أو طالب. فقال لهم مرَّة: أنا غلام أمير المؤمنين، وقال اُخرى: أنا غلام مروان، وجَّهني إلى عامل مصر برسالة، قالوا: فمعك كتابٌ؟ قال: لا. ففتَّشوه، فلم يجدوا معه شيئاً وكانت معه إداوة قد يبست فيها شيءٌ يتقلقل فحرَّكوه ليخرج فلم يخرج فشقّوا الإداوة فإذا فيها كتابٌ من عثمان إلى ابن أبي سرح.

فجمع محمَّد من كان معه المهاجرين والأنصار وغيرهم ثمَّ فكَّ الكتاب بمحضر منهم فإذا فيه: إذا أتاك محمَّد بن أبي بكر وفلان وفلان فاحتل لقتلهم وأبطل كتاب محمّد وقرّ على عملك حتّى يأتيك رأيي، واحبس من يجيء إليَّ متظلّماً منك إن شاء الله، فلمّا قرأوا الكتاب فزعوا وغضبوا ورجعوا إلى المدينة وختم محمَّد بن أبي بكر الكتاب بخواتيم نفر ممَّن كان معه، ودفعه إلى رجل منهم وقدموا المدينة، فجمعوا عليّاً وطلحة والزبير وسعداً ومن كان من أصحاب النبيِّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ثمَّ فكّوا الكتاب بمحضر منهم و أخبروهم بقصّة الغلام وأقرأوهم الكتاب، فلم يبق أحدٌ من أهل المدينة إلّا حنق على عثمان، وزاد ذلك من كان غضب لابن مسعود وعمَّار بن ياسر وأبي ذر حنقاً وغيظاً، وقام أصحاب النبيِّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بمنازلهم ما منهم أحدٌ إلّا وهو مغتمّ لِما في الكتاب.

وحاصر الناس عثمان وأجلب عليه محمَّد بن أبي بكر ببني تيم وغيرهم، وأعانه على

١٨٠