الخصال

الخصال9%

الخصال مؤلف:
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 653

الخصال المقدمة
  • البداية
  • السابق
  • 653 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 696719 / تحميل: 7020
الحجم الحجم الحجم
الخصال

الخصال

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

ويدف وكان دفيفه أكثر من صفيفه أكل، وإن كان صفيفه أكثر من دفيفه لم يؤكل.

ما عجت الارض إلى ربها عزّوجلّ كعجيجها من ثلاثة

١٦٠ - حدثنا محمد بن علي ماجيلويه رضي الله عنه قال: حدثنا محمد بن يحيى العطار، عن محمد بن أحمد، عن إبراهيم بن هاشم، عن الحسن بن أبي الحسن(١) . الفارسي، عن سليمان بن حفص البصري، عن جعفر بن محمد عليهما السلام قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله: ما عجت الارض(٢) إلى ربها عزّوجلّ كعجيجها من ثلاثة، من دم حرام يسفك عليها، أو اغتسال من زنا، أو النوم عليها قبل طلوع الشمس.

ثلاثة لا يتقبل الله لهم بالحفظ

١٦١ - حدثنا أبي رضي الله عنه قال: حدثنا محمد بن يحيى العطار، عن محمد ابن أحمد، عن محمد بن الحسين بإسناده رفعه إلى رسول الله صلّى الله عليه وآله أنه قال: ثلاثة لا يتقبل الله عزّوجلّ لهم بالحفظ: رجل نزل في بيت خرب، ورجل صلى على قارعة الطريق(٣) ورجل أرسل راحلته ولم يستوثق منها.

ثلاثة يستظلون بظل عرش الله عزّوجلّ يوم القيامة

١٦٢ - حدثنا أبي رضي الله عنه قال: حدثنا سعد بن عبدالله، عن أحمد بن - أبي عبدالله، عن النهيكي، عن علي بن جعفر، عن أخيه موسى بن جعفر عليه السلام قال: ثلاثة يستظلون بظل عرش الله يوم لا ظل إلا ظله: رجل زوج أخاه المسلم، أو أخدمه أو كتم له سرا.

______________

(١) كذا وفي بعض النسخ « بن أبي الحسين ».

(٢) العج: رفع الصوت. والعجيج مثله.

(٣). قارعة الطريق: أعلاه.

١٤١

ثلاثة يشكون إلى الله عزّوجلّ

١٦٣ - حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل رضي الله عنه قال: حدثنا محمد بن يحيى العطار، عن [ محمد بن ] أحمد، عن موسى بن عمر(١) [ وسعد بن عبدالله، عن أحمد بن أبي عبدالله ] عن ابن فضال، عمن ذكره، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: ثلاثة يشكون إلى الله عزّوجلّ: مسجد خراب لا يصلي فيه أهله، وعالم بين جهال، ومصحف معلق قد وقع عليه غبار ولا يقرء فيه.

قراء القرآن ثلاثة

١٦٤ - حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضي الله عنه قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار، عن أحمد بن أبي عبدالله البرقي، عن إسماعيل بن مهران، عن عبيس بن هشام الناشري، عمن ذكره، عن أبي جعفر عليه السلام قال: قراء القرآن ثلاثة رجل قرأ القرآن فاتخذه بضاعة واستدر به الملوك واستطال به على الناس، ورجل قرأ القرآن فحفظ حروفه وضيع حدوده، ورجل قرأ القرآن فوضع دواء القرآن على داء قلبه، فأسهر به ليله، وأظمأ به نهاره. وقام به في مساجده، وتجافى به عن فراشه، فبأولئك يدفع الله العزيز الجبار البلاء، وبأولئك يديل الله من الاعداء(٢) وباولئك ينزل الله الغيث من السماء، فوالله هؤلاء قراء القرآن أعز من الكبريت الاحمر.

١٦٥ - حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني رضي الله عنه قال: حدثنا علي بن إبراهيم عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي عبدالله عليه السلام

______________

(١) وفى البحار والنسخ المطبوعة من الخصال، ونسخ الوسائل وبعض النسخ المخطوطة من الخصال أيضا هكذا « محمد بن موسى بن المتوكل عن سعد بن عبدالله عن أحمد ابن أبى عبدالله وعن محمد بن يحيى عن أحمد بن موسى بن عمر ». وأحمد بن موسى غير مذكور في الرجال.

(٢) من الادالة بمعنى النصرة والغلبة.

١٤٢

قال: القراء ثلاثة قارئ قرأ [ القرآن ] ليستدر به الملوك. ويستطيل به على الناس فذاك من أهل النار وقارئ قرأ القرآن فحفظ حروفه وضيع حدوده فذاك من أهل النار، وقارئ قرأ [ القرآن ] فاستتر به تحت برنسه(١) فهو يعمل بمحكمه ويؤمن بمتشابهه ويقيم فرائضه ويحل حلاله ويحرم حرامه فهذا ممن ينقذه الله من مضلات الفتن، وهو من أهل الجنة ويشفع فيمن شاء.

لا تشد الرحال الا إلى ثلاثة مساجد

١٦٦ - حدثنا أبي، ومحمد بن علي ماجيلويه رضي الله عنهما قالا: حدثنا محمد ابن يحيى العطار قال: حدثنا محمد بن أحمد بن يحيى بن عمران الاشعري، عن بعض أصحابنا، عن الحسن بن علي، وأبي الصخر جميعا يرفعانه إلى أميرالمؤمنين عليه السلام أنه قال: لا تشد الرجال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام، ومسجد رسول الله صلّى الله عليه واله، ومسجد الكوفة(٢) .

١٦٧ - حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمذاني رضي الله عنه قال: حدثنا

______________

(١) البرنس - كقنفذ - قلنسوة طويلة كان النساك يلبسونها في صدر الاسلام، أوكل ثوب رأسه منه، دراعة كانت أو جبة كما في القاموس. وقوله عليه السلام: « استتر به تحت برنسه » أي مشغول بنفسه، لا يرائى بقراءته. يقرء ليفهم: ويتدبر ليعلم، ويعلم ليعمل.

(٢) « لا تشد » بالبناء للمفعول اما نفى بمعنى النهى أو لمجرد الاخبار. والرحال جمع رحل، كنى به عن السفر، يعنى لا ينبغى شد الرحال للسفر إلى المساجد الا إلى هذه الثلاثة لفضلها الذاتي وشرفها الذى ليس لغيرها والمراد بالفضل والشرف ما يشهد الشرع باعتباره ورتب عليه حكما شرعيا كتخيير المسافر في القصر والاتمام في الصلاة فيها. وهذا مخصوص بالمساجد وزيارتها فحسب، واما شد الرحال إلى طلب العلم أو زيارة قبور الائمة عليهم السلام أو زيارة الصالحين فغير داخل في حيز المنع، كما أن زيارة سائر المساجد بدون الحاجة إلى المسافرة وشد الرحال خارجة عن هذا الحكم.

١٤٣

علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن ياسر الخادم قال: قال علي بن موسى الرضا عليه السلام: لا تشد الرحال إلى شئ من القبور إلا إلى قبورنا، ألا وإني لمقتول بالسم ظلما، ومدفون في موضع غربة، فمن شد رحله إلى زيارتي استجيب دعاؤه وغفر له ذنبه.

في الفجل ثلاث خصال

١٦٨ - حدثنا أبي رضي الله عنه قال: حدثنا سعد بن عبدالله، عن أحمد بن - أبي عبدالله البرقي قال: حدثنا عدة من أصحابنا، عن حنان بن سدير قال: كنت مع أبي عبدالله عليه السلام على المائدة فناولني فجلة، وقال لي: يا حنان كل الفجل فان فيه ثلاث خصال، ورقه يطرد الرياح. ولبه يسربل البول(١) واصوله تقطع البلغم.

ثلاثة لا تضر

١٦٩ - حدثنا أبي رضي الله عنه قال: حدثنا سعد بن عبدالله، عن أحمد بن - أبي عبدالله، عن النهيكي(٢) ، عن منصور بن يونس قال: سمعت أبا الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام يقول: ثلاثة لا تضر: العنب الرازقي، وقصب السكر، والتفاح اللبناني.

النبي صلّى الله عليه وآله زعيم بثلاثة بيوت في الجنة لمن ترك ثلاث خصال

١٧٠ - أخبرني الخليل بن أحمد السجزي قال: حدثنا أبوالعباس السراج قال: حدثنا قتيبة قال: حدثنا قزعة، عن إسماعيل بن امية، عن جبلة الافريقي أن رسول الله صلّى الله عليه وآله قال: أنا زعيم ببيت في ربض الجنة(٣) وبيت في وسط الجنة، وبيت في أعلى الجنة لمن ترك المراء وإن كان محقا، ولمن ترك الكذب وإن كان هازلا، ولمن حسن خلقه.

______________

(١) أي يحدر البول، وفى بعض النسخ « يزيل » وفى بعضها « يسهل » وفى بعضها « يستزيل » وفى الكافي كما في المتن.

(٢) هو عبدالله بن أحمد.

(٣) الزعيم: الكفيل. والربض - بالتحريك - النواحى.

١٤٤

أمر أميرالمؤمنين عليه السلام بقتال ثلاث فرق

١٧١ - حدثنا أبوسعيد محمد بن الفضل المذكر قال: حدثنا أبوعبدالله الراوساني قال: حدثنا علي بن سلمة(١) قال: حدثنا محمد بن بشر قال: حدثنا فطر بن خليفة، عن حكيم بن جبير، عن إبراهيم(٢) قال: سمعت علقمة يقول: سمعت علي بن أبي طالب عليه السلام يقول: امرت بقتال الناكثين والقاسطين والمارقين. قال مصنف هذا الكتاب رضي الله عنه: الناكثون أصحاب الجمل، والقاسطون أهل الشام ومعاوية، والمارقون أهل النهروان، وقد أخرجت كل ما رويته في هذا المعنى في كتاب وصف قتال الشراة المارقين(٣) .

ثلاث من لم تكن فيه فليس من الله عزّوجلّ ولا من رسوله

١٧٢ - أخبرني سليمان بن أحمد بن أيوب اللخمي قال: حدثنا عبد الوهاب ابن خراجة، قال: حدثنا أبوكريب قال: حدثنا علي بن جعفر العبسي(٤) قال: حدثنا الحسن بن الحسين العلوي، عن أبيه الحسين بن زيد، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن آبائه، عن علي بن أبي طالب عليهم السلام، عن النبي صلّى الله عليه وآله قال: ثلاث من لم تكن فيه فليس مني ولا من الله عزّوجلّ، قيل: يا رسول الله وما هن؟ قال: حلم

______________

(١) الراوسانى بفتح الراء والواو بينهما ألف ساكنة وبعدها سين مهملة مفتوحة وفى آخرها نون هذه النسبة إلى راوسان وهى قرية من قرى نيسابور فيما يظن السمعاني. وعلى بن - سلمة هو أبوالحسن على بن سلمة بن عقبة النيسابوري الثقة كان يروى عن محمد بن بشر ابن الفرافصة بن المختار، الحافظ العبدى الكوفى. وفى بعض النسخ « الراوستانى » ولم أجده وفى البحار « الراوستانى » نسبة إلى براوستان من قرى قم.

(٢) ابراهيم هو النخعي، وعلقمة هو ابن قيس وهما ثقتان.

(٣) الشراة - كقضاة - هم الخوارج سموا بذلك لزعمهم أنهم شروا دنياهم بالاخرة وأنفسهم بالجنة.

(٤) قد مر هذا السند بعينه في ص ١٥ تحت رقم ٥٥ وفيه « على بن حفص العبسى » ولم أجدهما، وفى حلية الاولياء ج ٣ ص ٢٠٣ على بن حفص العبسى.

١٤٥

يرد به جهل الجاهل، وحسن خلق يعيش به في الناس، وورع يحجزه عن معاصي الله عزّوجلّ.

لله عزّوجلّ حرمات ثلاث

١٧٣ - أخبرنا سليمان بن أحمد اللخمي قال: حدثنا يحيى بن عثمان بن صالح ومطلب بن شعيب الازدي وأحمد بن رشيد البصريون(١) قالوا: حدثنا إبراهيم بن حماد عن أبي حازم المديني قال: حدثنا عمران بن عمر بن سعيد بن المسيب، عن أبيه، عن جده، عن أبى سعيد الخدرى قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله: إن لله حرمات ثلاث من حفظهن حفظ الله له أمر دينه ودنياه ومن لم يحفظهن لم يحفظ الله له شيئا: حرمة الاسلام وحرمتي، وحرمة عترتي.

١٧٤ - حدثنا أبي رضي الله عنه قال: حدثنا سعد بن عبدالله، عن محمد بن - عبد الحميد، عن ابن أبي نجران، عن عاصم بن حميد، عن أبي حمزة الثمالي، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: إن لله عزّوجلّ حرمات ثلاث ليس مثلهن شئ: كتابه وهو نوره وحكمته، وبيته الذي جعله للناس قبلة لا يقبل الله من أحد وجها إلى غيره، وعترة نبيكم محمد صلّى الله عليه واله.

حقيقة الايمان ثلاث خصال

١٧٥ - حدثنا أبي رضي الله عنه قال: حدثنا سعد بن عبدالله، عن محمد بن الحسين ابن أبي الخطاب، عن محمد بن إسماعيل بن بزيع، عن محمد بن عذافر، عن أبيه، عن أبي جعفر عليه السلام قال: بينا رسول الله صلّى الله عليه واله: ذات يوم في بعض أسفاره إذ لقيه ركب فقالوا: السلام عليك يا رسول الله فالتفت إليهم فقال: ما أنتم؟ قالوا: مؤمنون، قال: فما حقيقة إيمانكم؟ قالوا: الرضا بقضاء الله، والتسليم لامر الله، والتفويض إلى الله، فقال رسول الله صلّى الله عليه واله: علماء حكماء كادوا أن يكونوا من الحكمة أنبياء، فان كنتم صادقين فلا تبنوا ما لا تسكنون، ولا تجمعوا ما لا تأكلون، واتقوا الله الذي إليه ترجعون.

______________

(١) في بعض النسخ « المصريون » ولم أجدهم.

١٤٦

الحاج على ثلاثة وجوه

١٧٦ - حدثنا أبي رضي الله عنه قال: حدثنا سعد بن عبدالله، عن أحمد بن - محمد بن عيسى، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير، وزرارة بن أعين، عن أبي جعفر عليه السلام قال: الحاج على ثلاثة وجوه: رجل أفرد الحج بسياق الهدي، ورجل أفرد الحج ولم يسق، ورجل تمتع بالعمرة إلى الحج.

١٧٧ - حدثنا أبي رضي الله عنه قال: حدثنا سعد بن عبدالله، عن أحمد بن محمد ابن عيسى، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي، عن مفضل بن صالح(١) عن جابر الجعفي، عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال رسول الله صلّى الله عليه واله: الحاج ثلاثة فأفضلهم نصيبا رجل غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، ووقاه الله عذاب النار، وأما الذي يليه فرجل غفر له ما تقدم من ذنبه ويستأنف العمل فيما بقي من عمره، وأما الذي يليه فرجل حفظ في أهله وماله.

النهى عن ثلاث خصال

١٧٨ - حدثنا أبي رضي الله عنه قال: حدثنا علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن حماد بن عيسى، عمن ذكره، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: قال أميرالمؤمنين عليه السلام في وصيته لابنه محمد بن الحنفية: إياك والعجب، وسوء الخلق، وقلة الصبر، فانه لا يستقيم لك على هذه الخصال الثلاث صاحب، ولا يزال لك عليها من الناس مجانب، وألزم نفسك التودد، وصبر على مؤونات الناس نفسك، وابذل لصديقك نفسك ومالك، ولمعرفتك رفدك ومحضرك، وللعامة بشرك ومحبتك، ولعدوك عدلك وإنصافك، و اضنن بدينك وعرضك عن كل أحد، فانه أسلم لدينك ودنياك.

______________

(١) مفضل بن صالح أبوجميلة الاسدي النخاس ضعيف كذاب يضع الحديث مات في حياة الرضا عليه السلام (الخلاصة) والحديث صحيح لاجماع الاصحاب على تصحيح ما يصح عن البزنطى.

١٤٧

يكره السواد الا في ثلاثة أشياء

١٧٩ - حدثنا أحمد بن محمد بن يحيى العطار رضي الله عنه، عن أبيه محمد بن - يحيى، عن محمد بن أحمد، عن أحمد بن أبي عبدالله البرقي باسناده يرفعه إلى أبي عبدالله عليه السلام قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله: يكره السواد إلا في ثلاثة: العمامة، والخف، والكساء.

ما يعبأ بمن يؤم البيت إذا لم يكن فيه ثلاث خصال

١٨٠ - حدثنا أبي رضي الله عنه قال: حدثنا سعد بن عبدالله، عن أحمد بن - محمد بن عيسى، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي قال: حدثني مفضل بن صالح عن ميسر، عن أبي جعفر عليه السلام قال: ما يعبأ بمن يؤم هذا البيت(١) إذا لم يكن فيه ثلاث خصال: ورع يحجزه عن معاصي الله تعالى، وحلم يملك به غضبه، وحسن الصحابة لمن صحبه.

الضيافة ثلاثة ايام

١٨١ - حدثنا الحسين بن أحمد بن إدريس رضي الله عنه، عن أبيه، عن محمد ابن أحمد بن يحيى بن عمران الاشعري، عن أبي عبدالله الرازي، عن سجادة واسمه الحسن بن علي بن أبي عثمان(٢) عن واصل، عن عبدالله بن سنان، عن أبي عبدالله عليه السلام

______________

(١) أي لا يعتنى بمن قصد البيت أو يكون من أهل القبلة إذا لم تكن فيه هذه الخصال.

(٢) الحسن بن على بن أبى عثمان من أصحاب أبى جعفر الجواد عليه السلام غال ضعيف في عداد القميين، قال الكشى على السجادة لعنة الله ولعنة اللاعنين والملائكة والناس أجمعين فلقد كان من العليائية الذين يقعون في رسول الله صلّى الله عليه وآله ليس لهم في الاسلام نصيب (كذا في الخلاصة) وقال النجاشي: أبومحمد كوفى ضعفه أصحابنا وذكر أن أباه على بن أبى عثمان روى عن الكاظم عليه السلام، له كتاب روى عنه الحسين بن عبيدالله بن سهل في حال استقامته. أقول: الخبر رواه الكليني في الكافي عن الحسين بن محمد عن معلى بن محمد عن واصل عن ابن سنان.

١٤٨

قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله: الضيافة أول يوم حق والثاني والثالث. وما بعد ذلك فانها صدقة تصدق بها عليه، ثم قال عليه السلام: لا ينزلن أحدكم على أخيه حتى يوثمه(١) قيل: يا رسول الله وكيف يوثمه؟ قال: حتى لا يكون عنده ما ينفق عليه.

ثلاث لا يغل عليهن قلب امرء مسلم

١٨٢ - حدثنا أبي رضي الله عنه قال: حدثنا سعد بن عبدالله، عن أحمد بن - أبي عبدالله البرقي، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي، عن حماد بن عثمان، عن عبدالله بن أبي يعفور، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: خطب رسول الله صلّى الله عليه واله الناس بمنى في حجة الوداع في مسجد الخيف فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: نضر الله عبدا سمع مقالتي فوعاها، ثم بلغها إلى من لم يسمعها(٢) فرب حامل فقه غير فقيه(٣) ، ورب حامل فقه إلى من هو أفقه منه، ثلاث لا يغل عليهن قلب امرء مسلم(٤) إخلاص العمل

______________

(١) وثمه يثمه: دقه وكسره، وما أو ثمها: ما أقل رعيها (القاموس) وقوله عليه السلام يوثمه أي يوقعه في التعب والمشقة والتكلف في الانفاق وقد يقرء « يؤثمه » من الاثم فيكون تفسيرا باللازم.

(٢) « نضر الله » بضاد معجمة مشددة وتخفف من النضارة وهى الحسن أي خص بالبهجة والسرور بما رزق بعمله ومعرفته من علو القدر والمنزلة بين الناس في الدنيا ونعمه في الاخرة حتى يرى رونق الرخاء ورقيق النعمة. وانما خص صلّى الله عليه وآله حافظ سنته وكلامه ومبلغها بهذا الدعاء لانه سعى في نضارة العلم وتجديد السنة فجازاه في دعائه له بما يناسب حاله في المعاملة. (السراج المنير).

(٣) « غير فقيه » أي غير مستنبط علم الاحكام من طريق الاستدلال بل يحمل الرواية ويحكى الحكاية فقط. يدل على أن الراوى ليس من شرطه الفقه انما شرطه الحفظ وعلى الفقيه والتفهم والتدبر.

(٤) غل صدره يغل كضرب غلا: حقد، والغل هو الحقد والضغن.

١٤٩

لله، والنصيحة لائمة المسلمين، واللزوم لجماعتهم(١) ، فان دعوتهم محيطة من ورائهم. المسلمون إخوة، تتكافأ دماؤهم، يسعى بذمتهم أدناهم. وهم يد على من سواهم(٢) .

قول النبي صلّى الله عليه وآله ثلاث اقسم انهن حق

١٨٣ - حدثنا محمد بن الحسن رضي الله عنه قال: حدثنا سعد بن عبدالله، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن عبدالله بن محمد الحجال، عن نصر العطار. عمن رفعه باسناده قال: قال رسول الله صلّى الله عليه واله لعلي عليه السلام: ثلاث أقسم أنهن حق: إنك والاوصياء من بعدك عرفاء لا يعرف الله إلا بسبيل معرفتكم، وعرفاء لا يدخل الجنة إلا من عرفكم وعرفتموه، وعرفاء لا يدخل النار إلا من أنكركم وأنكرتموه.

______________

(١) أي جماعة الائمة أو جماعة المسلمين وهم أهل الحق، روى عن أبي عبدالله عليه السلام أنه قال: « سئل رسول الله صلّى الله عليه وآله عن جماعة أمته، فقال: جماعة امتي أهل الحق وان قلوا » قوله « فان دعوتهم محيطة من ورائهم » الضميران اما يرجعان إلى المسلمين وتكون اضافة الدعوة اضافة إلى الفاعل أو إلى المفعول، واما يرجع الاول إلى الائمة والثانى إلى المسلمين فعلى اضافة الفاعل يكون المعنى فان دعاء المسلمين بعضهم لبعض محيطة بهم من جميع جوانبهم، فإذا دخل فيهم أحد ولزم جماعتهم شمله ذلك الدعاء، وعلى اضافة المفعول يكون التقدير فان دعاء النبي صلّى الله عليه وآله للمسلمين محيطة بهم وشاملة لهم. وعلى الاخير صار الكلام فان دعاء الائمة عليه السلام لشيعتهم تحيط بهم وتشملهم. (كذا في هامش المطبوع).

(٢) قوله « تتكافأ دماؤهم » بالهمز وقد يخفف أي يتساوى دماؤهم، فإذا قتل شريف وضيعا أو جرحه يقتص منه، قوله « يسعى بذمتهم أدناهم » على بناء المعلوم والمراد بالذمة الامان أي يسعى أدنى المسلمين في عقد الامان من قبلهم وامضائه عليهم. وفى الكافي عن السكوني عن أبى عبدالله عليه السلام قال: « قلت له ما معنى قول النبي صلّى الله عليه وآله » يسعى بذمتهم ادناهم « قال: لو أن جيشا من المسلمين حاصروا قوما من المشركين فأشرف رجل فقال أعطوني الامان حتى ألقى صاحبكم وأناظره، فأعطاه أدناهم الامان وجب على أفضلهم الوفاء ». قوله « وهم يد على من سواهم » أي هم مجتمعون، على أعدائهم لا يسعهم التخاذل.

١٥٠

ليس يتبع الرجل بعد موته الا ثلاث خصال

١٨٤ - حدثنا أبي رضي الله عنه قال: حدثنا عبدالله بن جعفر الحميري، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن علي بن رئاب، عن الحلبي، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: ليس يتبع الرجل بعد موته من الاجر إلا ثلاث خصال: صدقة أجراها في حياته فهي تجري بعد موته إلى يوم القيامة - صدقة موقوفة لا تورث -، أو سنة هدى سنها فكان يعمل بها، وعمل بها من بعده غيره، أو ولد صالح يستغفر له.

لا يسكن الله عز وجل جنته ثلاثة أصناف

١٨٥ - حدثنا أبي رضي الله عنه قال: حدثنا أحمد بن إدريس، عن محمد بن - يحيى بن عمران الاشعري، عن سهل بن زياد، عن محمد بن الحسين بن زيد(١) ، عن محمد بن سنان، عن منذر بن يزيد قال: حدثني أبوهارون المكفوف قال: قال لي أبوعبدالله عليه السلام: يا أبا هارون إن الله تبارك وتعالى آلى على نفسه أن لا يجاوره خائن(٢) قال: قلت: وما الخائن؟ قال: من ادخر عن مؤمن درهما أو حبس عنه شيئا من أمر الدنيا، قال: أعوذ بالله من غضب الله، فقال: إن الله تبارك وتعالى آلى على نفسه أن لا يسكن جنته أصنافا ثلاثة: راد على الله عزّوجلّ، أو راد على إمام هدى، أو من حبس حق امرء مؤمن، قال: قلت: يعطيه من فضل ما يملك؟ قال: يعطيه من نفسه وروحه، فان بخل عليه مسلم بنفسه فليس منه، إنما هو شرك الشيطان.

قال مصنف هذا الكتاب - أدام الله تأييده -: الاعطاء من النفس والروح إنما هو بذل الجاه له إذا احتاج إلى معاونته، وهو السعي له في حوائجه.

______________

(١) هو محمد بن الحسين ابو الخطاب أبوجعفر الزيات الهمداني جليل من أصحابنا عظيم القدر كثير الرواية ثقة عين حسن التصانيف مسكون إلى روايته (صه، جش).

(٢) في بعض النسخ « يجاوزه خائن ».

١٥١

الاباء ثلاثة

١٨٦ - حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضي الله عنه قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار قال: حدثني أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن إسماعيل، عن الحسن بن ظريف، عن أبي عبد الرحمن، عن معاوية بن عمار، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: الآباء ثلاثة: آدم ولد مؤمنا، والجان ولد مؤمنا وكافرا، وإبليس ولد كافرا وليس فيهم نتاج، إنما يبيض ويفرخ، وولده ذكور ليس فيهم إناث.

اعطى المؤمن ثلاث خصال

١٨٧ - حدثنا أبي رضي الله عنه قال: حدثنا سعد بن عبدالله قال: حدثنا أحمد ابن أبي عبدالله البرقي، عن الحسن بن محبوب، عن أبي أيوب، عن عبد المؤمن الانصاري، عن أبي جعفر عليه السلام قال: إن الله عز وجل أعطى المؤمن ثلاث خصال العزة في الدنيا، والفلح في الآخرة، والمهابة في صدور الظالمين(١) ، ثم قرأ( وَلِلَّـهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ ) . وقرأ( قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ - إلي قوله -هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ) .

أحق الناس بتمني ثلاثة أشياء ثلاثة نفر

١٨٨ - حدثنا أبي رضي الله عنه قال: حدثنا سعد بن عبدالله، عن أحمد بن - محمد بن خالد، عن أبيه، عن محمد بن سنان، عن ابن مسكان، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: إن أحق الناس أن يتمنى للناس الغنى البخلاء، لان الناس إذا استغنوا كفوا عن أموالهم، وأحق الناس أن يتمنى للناس الصلاح أهل العيوب، لان الناس إذا صلحوا كفوا عن تتبع عيوب الناس، وأحق الناس أن يتمنى للناس الحلم أهل السفه الذين يحتاجون إلى أن يعفى عن سفههم، فأصبح أهل البخل يتمنون فقر الناس، وأصبح أهل العيوب يتمنون معايب الناس، وأصبح أهل السفه يتمنون سفه الناس،

______________

(١) هذا الخبر إلى هنا تقدم في هذا الباب تحت رقم ١٥٨.

١٥٢

وفي الفقر الحاجة إلى البخيل، وفي الفساد طلب عورة أهل العيوب، وفي السفه المكافأة بالذنوب.

الامور ثلاثة

١٨٩ - حدثنا أبي رضي الله عنه قال: حدثنا محمد بن يحيى العطار قال: حدثني الحسين بن إسحاق التاجر، عن علي بن مهزيار، عن الحسن بن سعيد، عن الحارث بن الاحول صاحب الطاق، عن جميل بن صالح، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله في حديث طويل: الامور ثلاثة أمر تبين لك رشده فاتبعه، وأمر تبين لك غيه فاجتنبه، وأمر اختلف فيه فرده إلى الله عزّوجلّ.

السراق ثلاثة

١٩٠ - حدثنا محمد بن الحسن رضي الله عنه قال: حدثنا محمد بن يحيى العطار، عن محمد بن أحمد قال: حدثني أبوعبدالله الرازي، عن علي بن سليمان بن رشيد، عن الحسن بن علي بن يقطين، عن يونس بن عبد الرحمن، عن إسماعيل بن كثير بن بسام قال: قال أبوعبدالله عليه السلام: السراق ثلاثة: مانع الزكاة، ومستحل مهور النساء، و كذلك من استدان دينا ولم ينو قضاءه.

الملائكة على ثلاثة أصناف

١٩١ - حدثنا أبي رضي الله عنه قال: حدثنا سعد بن عبدالله، عن أحمد بن محمد ابن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن محمد بن طلحة بإسناده يرفعه إلى النبي صلّى الله عليه وآله قال: الملائكة على ثلاثة أجزاء، فجزء لهم جناحان، وجزء لهم ثلاثة أجنحة، وجزء لهم أربعة أجنحة(١)

______________

(١) هذا كناية عن اختلاف درجاتهم في القدرة ومراتبهم في القرب ولم يرد خصوصية العدد، وقد روى عن ابن عباس عن النبي صلّى الله عليه وآله أنه رأى جبرئيل عليه السلام ليلة المعراج وله ستمائة جناح.

١٥٣

الجن على ثلاثة أجزاء، والانس على ثلاثة أجزاء

١٩٢ - حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل رضي الله عنه قال: حدثنا عبدالله بن - جعفر الحميري، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عمن ذكره، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: الجن على ثلاثة أجزاء، فجزء مع الملائكة، وجزء يطيرون في الهواء، وجزء كلاب وحيات، والانس على ثلاثة أجزاء، فجزء تحت ظل العرش يوم لا ظل إلا ظله، وجزء عليهم الحساب والعذاب، وجزء وجوهم وجوه الآدميين وقلوبهم قلوب الشياطين.

ثلاثة لا يصلى خلفهم

١٩٣ - حدثنا أبي رضي الله عنه قال: حدثنا سعد بن عبدالله، عن محمد بن عيسى ابن عبيد، عن الحسن علي بن يقطين، عن عمرو بن إبراهيم، عن خلف بن حماد، عن رجل من أصحابنا - نسي الحسن بن علي اسمه - عن أبي عبدالله عليه السلام قال: ثلاثة لا يصلى خلفهم: المجهول، والغالي وإن كان يقول بقولك(١) ، والمجاهر بالفسق و إن كان مقتصدا.

______________

(١) غلا في الدين غلوا من باب قعد: تصلب وشدد حتى تجاوز الحد، وفى التنزيل( لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ ) . والغلو يطلق على معنيين الاول الغلو في أئمة أهل البيت عليهم السلام فالغالى هو الذى يقول فيهم عليهم السلام ما ليس لهم كتفويض أمر الكائنات إليهم مثلا. والثانى الاعتقاد بأن معرفة الامام وولايته يكفى عن الفرائض فيتركون الصلاة والزكاة وجميع العبادات اعتمادا على ولايتهم. و جل ما ورد في كتب الرجال بان فلانا غال بهذا المعنى والدليل على ذلك ما رواه أحمد بن الحسين الغضائري عن الحسن بن محمد بن بندار القمى قال: سمعت مشايخي يقولون ان محمد ابن اورمة لما طعن عليه بالغلو بعث إليه الاشاعرة ليقتلوه فوجدوه يصلى الليل أوله إلى آخره ليالى عدة فتوقفوا عن اعتقادهم، وفى فلاح السائل عن الحسين بن أحمد المالكى قلت لاحمد بن مليك الكرخي عما يقال في محمد بن سنان من أمر الغلو فقال: معاذ الله هو والله علمني الطهور. إلى غير ذلك من الاخبار تدل على أن المراد بالغلو والغالي في كتب =

١٥٤

ثلاثة لا يؤكلن فيسمن وثلاثة يؤكلن فيهزلن

١٩٤ - حدثنا أبي رضي الله عنه قال: حدثنا محمد بن يحيى العطار، عن محمد ابن أحمد، عن موسى بن عمر، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمار، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: ثلاثة يسمن، وثلاثة يهزلن، فأما التي يسمن فادمان الحمام، وشم الرائحة الطيبة، ولبس الثياب اللينة، وأما التي يهزلن فإدمان أكل البيض والسمك والطلع(١) .

قال مصنف هذا الكتاب رضي الله عنه: يعني بادمان الحمام أن يدخله يوم ويوم لا، فانه إن دخله كل يوم نقص من لحمه.

جميع احكام المسلمين تجرى على ثلاثة أوجه

١٩٥ - حدثنا أبي رضي الله عنه قال: حدثنا سعد بن عبدالله قال: حدثنا أحمد بن أبي عبدالله البرقي، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي، عن أبي جميلة، عن إسماعيل بن أبي أويس، عن ضمرة بن أبي ضمرة، عن أبيه، عن جده قال: قال أميرالمؤمنين عليه السلام: جميع أحكام المسلمين تجري على ثلاثة أوجه: شهادة عادلة، أو يمين قاطعة، أو سنة جارية مع أئمة الهدى.

______________

= الرجاليين من القدماء هذا المعنى لا الاول، واشتبه الامر على بعض المتأخرين وزعم أن المراد بالغالى معنى الاول فلذا طعن على القدماء وقال: رميهم بعض الروات بالغلو لنقلهم بعض المعجزات عنهم أو اعتقادهم في الامام أنه يعلم الغيب أو نظير ذلك. وهذا زعم باطل وسوء ظن بمشايخ الحديث والاجلاء عصمنا الله منه.

(١) الطلع - بالفتح - ما يطلع من النخلة ثم يصير ثمرا ان كانت انثى وان كانت النخلة ذكرا لم يصر ثمرا بل يؤكل طريا ويترك على النخلة أياما معلومة حتى يصير فيه شئ أبيض مثل الدقيق وله رائحة ذكية فيلقح به الانثى. (المصباح).

١٥٥

ثلاثة مقرون بها ثلاثة

١٩٦ - حدثنا محمد بن علي ماجيلويه رضي الله عنه قال: حدثني أبي، عن أحمد ابن أبي عبدالله البرقي، عن السياري، عن الحارث بن دلهاث، عن أبيه، عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال: إن الله عزّوجلّ أمر بثلاثة مقرون بها ثلاثة اخرى: أمر بالصلاة والزكاة(١) فمن صلى ولم يزك لم تقبل منه صلاته، وأمر بالشكر له وللوالدين(٢) ، فمن لم يشكر والديه لم يشكر الله، وأمر باتقاء الله وصلة الرحم(٣) ، فمن لم يصل رحمه لم يتق الله عزّوجلّ.

ثلاثة يشفعون إلى الله عزّوجلّ فيشفعون

١٩٧ - حدثنا أبي رضي الله عنه قال: حدثنا عبدالله بن جعفر الحميري، عن هارون بن مسلم، عن مسعدة بن صدقة، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن آبائه، عن علي عليهم السلام قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله: ثلاثة يشفعون إلى الله عزّوجلّ فيشفعون: الانبياء، ثم العلماء، ثم الشهداء.

أول من سوهم عليه ثلاثة

١٩٨ - حدثنا أحمد بن هارون الفامي، وجعفر بن محمد بن مسرور رضي الله عنهما قالا: حدثنا محمد بن جعفر بن بطة، عن محمد بن الحسن الصفار، عن العباس بن معروف عن حماد بن عيسى، عن حريز، عمن أخبره، عن أبي جعفر عليه السلام: قال: أول من سوهم عليه مريم بنت عمران وهو قول الله عزّوجلّ( وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلَامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ ) (٤) والسهام ستة، ثم استهموا في يونس لما ركب مع القوم فوقفت

______________

(١) في قوله تعالى( وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ ) البقرة: ٤٣.

(٢) في قوله تعالى( أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ ) لقمان: ١٤.

(٣) في قوله تعالى( وَاتَّقُوا اللَّـهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ ) النساء: ٢.

(٤) آل عمران: ٤٤.

١٥٦

السفينة في اللجة، فاستهموا فوقع السهم على يونس ثلاث مرات قال: فمضى يونس إلى صدر السفينة فإذا الحوت فاتح فاه فرمى بنفسه، ثم كان عبد المطلب ولد له تسعة فنذر في العاشر إن يرزقه الله غلاما أن يذبحه قال: فلما ولد عبدالله لم يكن يقدر أن يذبحه ورسول الله صلّى الله عليه وآله في صلبه، فجاء بعشر من الابل وساهم عليها وعلى عبدالله فخرج السهام على عبدالله فزاد عشرا، فلم تزل السهام تخرج على عبدالله، ويزيد عشرا، فلما [ أن ] بلغت مائة خرجت السهام على الابل، فقال عبد المطلب: ما أنصفت ربي، فأعاد السهام ثلاثا فخرجت على الابل، فقال: الآن علمت أن ربي قد رضي فنحرها.

السفرجل فيه ثلاث خصال

١٩٩ - حدثنا محمد بن الحسن رضي الله عنه قال: حدثنا محمد بن يحيى العطار، عن محمد بن أحمد، عن محمد بن علي البصري، عن فضالة بن أيوب، ووهب بن حفص، عن شهاب بن عبد ربه قال: سمعت أبا عبدالله عليه السلام يقول: إن الزبير دخل على رسول الله صلّى الله عليه وآله وبيده سفرجلة، فقال له رسول الله صلّى الله عليه وآله: يا زبير ما هذه بيدك؟ فقال له: يا رسول الله هذه سفرجلة، فقال: يا زبير كل السفرجل فان فيه ثلاث خصال، قال: وما هي يا رسول الله؟ قال: يجم الفؤاد(١) ، ويسخي البخيل، ويشجع الجبان.

قال مصنف هذا الكتاب رضي الله عنه: سمعت شيخنا محمد بن الحسن رضي الله عنه يروي أن الصادق عليه السلام قال: ما زال الزبير منا أهل البيت حتى أدرك فرخه(٢) فنهاه عن رأيه.

في البصل ثلاث خصال

٢٠٠ - حدثنا محمد بن علي ماجيلويه رضي الله عنه قال: حدثنا محمد بن يحيى العطار، عن محمد بن أحمد بن علي الهمداني، عن الحسن بن علي الكسائي(٣) عن ميسر

______________

(١) أي يريح القلب.

(٢) كناية عن ابنه عبدالله.

(٣) كذا في النسخ وفى الكافي ج ٦ ص ٣٧٤ « عن محمد بن على الهمداني عن الحسن ابن على الكسلان ».

١٥٧

بياع الزطي وكان خاله قال: سمعت أبا عبدالله عليه السلام يقول: كلوا البصل فان فيه ثلاث خصال: يطيب النكهة(١) ، ويشد اللثة، ويزيد في الماء والجماع.

لا رقى الا في ثلاثة

٢٠١ - حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضي الله عنه قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار، عن إبراهيم بن هاشم، عن النوفلي، عن السكوني، عن جعفر ابن محمد، عن أبيه عليهما السلام أن النبي صلّى الله عليه وآله قال: لا رقى إلا في ثلاثة: في حمة أو عين أو دم لا يرقأ.

ثلاث خصال من علامات الفقه

٢٠٢ - حدثنا أبي رضي الله عنه قال: حدثنا علي بن موسى بن جعفر بن - أبي جعفر الكميداني، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي قال: قال أبوالحسن عليه السلام: من علامات الفقه الحلم والعلم والصمت، إن الصمت باب من أبواب الحكمة، وإن الصمت يكسب المحبة، [ و ] إنه دليل على كل خير.

يكره النفخ في ثلاثة أشياء

٢٠٣ - حدثنا أحمد بن محمد بن الهيثم العجلي رضي الله عنه قال: حدثنا أحمد بن يحيى بن زكريا القطان قال: حدثنا بكر بن عبدالله بن حبيب، عن تميم بن - بهلول، عن أبيه، عن الحسين بن مصعب قال: قال أبوعبدالله عليه السلام: يكره النفخ في الرقى، والطعام، وموضع السجود.

ثلاث خصال من كن فيه فهو في جهنم

٢٠٤ - حدثنا محمد بن الحسن رضي الله عنه قال: حدثنا سعد بن عبدالله، عن

______________

(١) النكهة: ريح الفم. واللثة - بكسر اللام وتخفيف المثلثة -: خفيف لحم الاسنان والاصل لثى مثال عنب فحذفت اللام وعوض عنها الهاء والجمع لثات على لفظ المفرد.

١٥٨

أحمد بن محمد بن خالد، عن محمد بن عيسى، عن محمد بن سنان، عن العلاء بن فضيل، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: ثلاث إذا كن في الرجل فلا تحرج أن تقول: إنه في جهنم: الجفاء والجبن والبخل، وثلاث إذا كن في المرأة فلا تحرج أن تقول: إنها في جهنم البذاء والخيلاء والفجر(١) .

من كسب مالا من غير حله سلط الله عليه ثلاثة أشياء

٢٠٥ - حدثنا أبي رضي الله عنه قال: حدثنا علي بن الحسين السعد آبادي، عن أحمد بن أبي عبدالله البرقي، عن أبيه، عن محمد بن أبي عمير، عن هشام بن الحكم، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: من كسب مالا من غير حل(٢) سلط الله عليه البناء والماء والطين.

ثلاثة للمؤمن فيهن راحة

٢٠٦ - حدثنا أبي رضي الله عنه قال: حدثني محمد بن علي بن الصلت، عن أحمد بن محمد بن علي بن خالد، عن منصور بن العباس، عن سعيد بن جناح، عن مطرف مولى معن، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: ثلاثة للمؤمن فيهن راحة: دار واسعة تواري عورته وسوء حاله من الناس. وامرأة صالحة تعينه على أمر الدنيا والآخرة، وابنة أو اخت يخرجها من منزله بموت أو بتزويج.

من سعادة المرء أن يكون له ثلاثة أشياء

٢٠٧ - حدثنا أبي رضي الله عنه قال: حدثنا علي بن الحسين السعد آبادي، عن أحمد بن محمد بن خالد البرقي، عن عثمان بن عيسى، عن عبدالله بن مسكان يرفعه إلى علي بن الحسين عليهما السلام أنه قال: من سعادة المرء أن يكون متجره في بلاده، ويكون خلطاؤه صالحين، ويكون له ولد يستعين بهم.

______________

(١) في بعض النسخ « والفخر ».

(٢) في بعض النسخ « حله ».

١٥٩

ثلاثة لا يستجاب لهم دعوة

٢٠٨ - حدثنا أبي رضي الله عنه قال: حدثنا سعد بن عبدالله، عن أحمد بن - محمد بن عيسى، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي، عن عبدالله بن سنان، عن الوليد ابن صبيح، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: كنت عنده وعنده جفنة من رطب فجاء سائل فأعطاه ثم جاء سائل آخر فأعطاه، ثم جاء آخر فأعطاه، ثم جاء آخر فقال: وسع الله عليك، ثم قال: إن رجلا لو كان له مال يبلغ ثلاثين أو أربعين ألفا، ثم شاء أن لا يبقى منه شئ إلا قسمه في حق فعل فيبقى لا مال له، فيكون من الثلاثة الذين يرد دعاؤهم عليهم، قال: قلت: جعلت فداك من هم؟ قال: رجل رزقه الله عزّوجلّ مالا فأنفقه في وجوهه ثم قال: يا رب ارزقني [ فيقول الله عزّوجلّ أولم أرزقك ] و رجل دعا على امرأته وهو ظالم لها(١) فيقال له: ألم أجعل أمرها بيدك، ورجل جلس في بيته وترك الطلب، ثم يقول: يا رب ارزقني فيقول [ الله ] عزّوجلّ ألم أجعل لك السبيل إلى الطلب للرزق.

صيام السنة ثلاثة أيام من كل شهر

٢٠٩ - حدثنا علي بن أحمد بن موسى رضي الله عنه قال: حدثنا محمد بن أبي عبدالله الكوفي، عن موسى بن عمران النخعي، عن عمه الحسين بن يزيد النوفلي، عن علي ابن أبي حمزة، عن أبيه قال: سألت أبا عبدالله عليه السلام عما جرت به السنة في الصوم من رسول الله صلّى الله عليه وآله قال: ثلاثة أيام في كل شهر: خميس في العشر الاول، وأربعاء في العشر الاوسط، وخميس في العشر الاخير، يعدل صيامهن صيام الدهر لقول الله عزّوجلّ( مَن جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا ) فمن لم يقدر عليها لضعف فصدقة درهم أفضل له من صيام يوم.

______________

(١) كذا في جميع النسخ وفى الكافي ج ٢ ص ٥١١ أيضا. ولعل الصواب « هي ظالمة له » لما روى عن أبى عبدالله عليه السلام قال: « قال رسول الله صلّى الله عليه وآله: خمسه لا يستجاب لهم: رجل جعل الله بيده طلاق امرأته فهى تؤذيه وعنده ما يعطيها، ولم يخل سبيلها - الحديث ».

١٦٠

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

والذي يدل على تمدحه شيئان:

أحدهما: إجماع الأمة فإنه لا خلاف بينهم في أنه تعالى تمدح بهذه الآية، فقولنا تمدح بنفي الإدراك عن نفسه لاستحالته عليه، وقال المخالف تمدح لأنه قادر على منع الأبصار من رؤيته. فالإجماع حاصل على أن فيها مدحة.

والثاني: أن جميع الأوصاف التي وصف بها نفسه قبل هذه الآية وبعدها مدحة، فلا يجوز أن يتخلل ذلك ما ليس بمدحة. والذي يدل على أن الإدراك يفيد الرؤية أن أهل اللغة لا يفرقون بين قولهم: أدركت ببصري شخصاً، وآنست، وأحسست ببصري. وأنه يراد بذلك أجمع الرؤية. فلو جاز الخلاف في الإدراك لجاز الخلاف فيما عداه من الأقسام.

فأما الإدراك في اللغة، فقد يكون بمعنى اللحوق كقولهم: أدرك قتادة الحسن. ويكون بمعنى النضج، كقولهم أدركت الثمرة، وأدركت القدر، وإدرك الغلام إذا بلغ حال الرجال.

وأيضاً فإن الإدراك إذا أضيف إلى واحد من الحواس أفاد ما تلك الحاسة آلة فيه. ألا ترى أنهم يقولون: أدركته بأذني يريدون سمعته، وأدركته بأنفي يريدون شممته، وأدركته بفمي يريدون ذقته. وكذلك إذا قالوا: أدركته ببصري يريدون رأيته. وأما قولهم أدركت حرارة الميل ببصري فغير معروف ولا مسموع، ومع هذا ليس بمطلق بل هو مقيد، لأن قولهم حرارة الميل تقييد لأن الحرارة تدرك بكل محل فيه حياة، ولو قال أدركت الميل ببصري لما استفيد به إلا الرؤية.

وقولهم إن الإدراك هو الإحاطة باطل، لأنه لو كان كذلك لقالوا: أدرك الجراب بالدقيق وأدرك الحب بالماء وأدرك السور بالمدينة لإحاطة جميع ذلك بما فيه، والأمر بخلاف ذلك. وقوله: حتى إذا أدركه الغرق، فليس المراد به الإحاطة بل المعنى حتى إذا لحقه الغرق، كما يقولون أدركت فلاناً إذا لحقته، ومثله: فلما تراءى الجمعان قال أصحاب موسى إنا لمدركون، أي لملحوقون.

٣٠١

والذي يدل على أن المدح إذا كان متعلقاً بنفي فإثباته لا يكون إلا نقصاً، قوله:لا تأخذه سنة ولا نوم ، وقوله:ما اتخذ الله من ولد وما كان معه من إله ، لما كان مدحاً متعلقاً بنفي فلو ثبت في حال لكان نقصاً.

فإن قيل: كيف يتمدح بنفي الرؤية ومع هذا يشاركه فيها ما ليس بممدوح من المعدومات والضمائر.

قلنا: إنما كان ذلك مدحاً بشرط كونه مدركاً للأبصار، وبذلك تميز من جميع الموجودات، لأنه ليس في الموجودات ما يدرك ولا يدرك.

فإن قيل: ولم إذا كان يدرك ولا يدرك يجب أن يكون ممدوحاً.

قلنا: قد ثبت أن الآية مدحة بما دللنا عليه، ولابد فيها من وجه مدحة فلا يخلو من أحد وجهين: إما أن يكون وجه المدحة أنه يستحيل رؤيته مع كونه رائياً، أو ما قالوه من أنه يقدر على منع الأبصار من رؤيته بأن لا يفعل فيها الإدراك، وما قالوه باطل لقيام الدلالة على أن الإدراك ليس بمعنى الإحاطة، فإذا بطل ذلك لم يبق إلا ما قلناه، وإلا خرجت الآية من كونها مدحة. وقد قيل: إن وجه المدحة في ذلك أن من حق المرئي أن يكون مقابلاً أو في حكم المقابل، وذلك يدل على مدحته، وهذا دليل من أصل المسألة لا يمكن أن يكون جواباً في الآية.

فإن قيل: إنه تعالى نفى أن تكون الأبصار تدركه فمن أين أن المبصرين لا يدركونه؟

قلنا: الأبصار لا تدرك شيئاً البتة فلا اختصاص لها به دون غيره، وأيضاً فإن العادة أن يضاف الإدراك إلى الأبصار ويراد به ذووا الأبصار، كما يقولون: بطشت يدي وسمعت أذني وتكلم لساني، ويراد به أجمع ذووا الجارحة.

فإن قيل: إنه تعالى نفى أن جميع المبصرين لا يدركونه، فمن أين أن البعض لا يدركونه وهم المؤمنون؟

قلنا: إذا كان تمدحه في استحالة الرؤية عليه لما قدمناه، فلا اختصاص لذلك براء دون رائي، ولك أن تستدل بأن تقول: هو تعالى نفى الإدراك عن نفسه نفياً عاماً كما

٣٠٢

أنه أثبت لنفسه ذلك عاماً، فلو جاز أن يخص ذلك بوقت دون وقت لجاز مثله في كونه مدركاً. وإذا ثبت نفي إدراكه على كل حال، فكل من قال بذلك قال الرؤية مستحيلة عليه. ومن أجاز الرؤية لم ينفها نفياً عاماً فالقول بنفيها عموماً، مع جواز الرؤية عليه قول خارج عن الإجماع.

فإن عورضت هذه الآية بقوله: وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة، فإنا نبين أنه لا تعارض بينهما وأنه ليس في هذه الآية مايدل على جواز الرؤية إذا انتهينا إليها إنشاء الله.

- تفسير التبيان ج ١ ص ٢٢٨

وقال قوم: إن النظر إذا كان معه إلى لا يحتمل إلا الرؤية. وحملوا قوله: إلى ربها ناظرة على ذلك وقالوا لا يحتمل التأمل. وذلك غلط لأنهم يقولون: إنما أنظر إلى الله ثم إليك بمعنى أتوقع فضل الله ثم فضلك. وقال الطريح بن إسماعيل:

وإذا نظرت إليك من ملك

والبحر دونك جرتني نعماء

وقال جميل بن معمر:

إني إليك لما وعدت لناظر

نظر الفقير إلى الغني الموسر

وقال آخر:

وجوه يوم بدر ناظرات

إلى الرحمان تأتي بالفلاح

وأتوا ب- (إلى) على معنى نظر الإنتظار.

والصحيح أن النظر لا يفيد الرؤية وإنما حقيقته تحديق الجارحة الصحيحة نحو المرئي طلباً لرؤيته، ولو أفاد الرؤية لما جعل غاية لنفسه، ألا تراهم يقولون: ما زلت أنظر إليه (حتى رأيته) ولا يقولون ما زلت أراه حتى رأيته، ولأنهم يثبتون النظر وينفون الرؤية فيقولون: نظرت إليه فلم أره، ولا يقولون رأيته فلم أره.

- تفسير التبيان ج ١٠ ص ١٩٧

ثم قسم تعالى أهل الآخرة فقال(وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ * إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ) أي مشرقة مضيئة، فالنضرة الصورة الحسنة التي تملأ القلب سروراً عند الرؤية، نضر وجهه

٣٠٣

ينضر نضرة ونضارة فهو ناضر. والنضرة مثل البهجة والطلاقة، وضده العبوس والبسور، فوجوه المؤمنين المستحقين للثواب بهذه الصفة بما جعل الله عليها من النور علامة للخلق، والملائكة على أنهم مؤمنون مستحقون الثواب.

وقوله:إلى ربها ناظرة ، معناه منتظرة نعمة ربها وثوابه أن يصل إليهم.

وقيل (ناضرة) أي مشرفة (إلى) ثواب ربها (ناظرة) وليس في ذلك تنغيص، لأن الإنتظار إنما يكون فيه تنغيص إذا كان لا يوثق بوصوله إلى المنتظر أو هو محتاج إليه في الحال، والمؤمنون بخلاف ذلك، لأنهم في الحال مستغنون منعمون، وهم أيضاً واثقون أنهم يصلون إلى الثواب المنتظر.

والنظر هو تقليب الحدقة الصحية نحو المرئي طلباً للرؤية، ويكون النظر بمعنى الإنتظار، كما قال تعالى:(وإنّي مرسلة إليهم بهدية فناظرة) أي منتظرة، وقال الشاعر:

وجوه يوم بدر ناظرات

إلى الرحمن تأتي بالفلاح

أي منتظرة للرحمة التي تنزل عليهم.

وقد يقول القائل: إنما عيني ممدودة إلى الله وإلى فلان، وأنظر إليه أي أنتظر خيره ونفعه وأؤمل ذلك من جهته، وقوله: ولا ينظر إليهم يوم القيامة، معناه لا ينيلهم رحمته.

ويكون النظر بمعنى المقابلة، ومنه المناظرة في الجدل، ومنه نظر الرحمة أي قابله بالرحمة، ويقال: دور بني فلان تتناظر أي تتقابل، وهو وينظر إلى فلان أي يؤمله وينتظر خيره، وليس النظر بمعنى الرؤية أصلاً، بدلالة أنهم يقولون: نظرت إلى الهلال فلم أره، فلو كان بمعنى الرؤية لكان متناقضاً، ولأنهم يجعلون الرؤية غاية للنظر يقولون: ما زلت أنظر إليه حتى رأيته، ولا يجعل الشيء غاية لنفسه لا يقال: بما زلت أراه حتى رأيته، ويعلم الناظر ناظراً ضرورة، ولا يعلم كونه رائياً بل يسأل بعد ذلك هل رأيت أم لا.

٣٠٤

ودخول (إلى) في الآية لا يدل على أن المراد بالنظر الرؤية، ولا تعليقه بالوجوه يدل على ذلك، لأنا أنشدنا البيت وفيه تعليق النظر بالوجه وتعديه بحرف (إلى) والمراد به الإنتظار، وقال جميل بن معمر:

وإذا نظرت إليك من ملك

والبحر دونك جدتني نعما

والمراد به الإنتظار والتأميل.

وأيضاً، فإنه في مقابلة قوله في صفة أهل النار: تظن أن يفعل بها فاقرة، فالمؤمنون يؤمنون بتجديد الكرامة وينتظرون الثواب، والكفار يظنون الفاقرة، وكله راجع إلى فعل القلب.

ولو سلمنا أن النظر يعد الرؤية لجاز أن يكون المراد أنها رؤية ثواب ربها، لأن الثواب الذي هو أنواع اللذات من المأكول والمشروب والمنكوح تصح رؤيته.

ويجوز أيضاً أن يكون إلى واحد إلاء وفي واحدها لغات (ألا) مثل قفا و (ألي) مثل معي و (ألي) مثل حدي و (أل) مثل حسا، فإذا أضيف إلى غيره سقط التنوين، ولا يكون (إلى) حرفاً في الآية. وكل ذلك يبطل قول من أجاز الرؤية على الله تعالى.

وليس لأحد أن يقول: إن الوجه الأخير يخالف الإجماع، أعني إجماع المفسرين، وذلك لأنا لا نسلم لهم ذلك، بل قد قال مجاهد وأبو صالح والحسن وسعيد بن جبير والضحاك: إن المراد نظر الثواب. وروي مثله عن عليعليه‌السلام .

وقد فرق أهل اللغة بين نظر الغضبان ونظر الراضي، يقولون: نظر غضبان، ونظر راض، ونظر عداوة ونظر مودة، قال الشاعر:

تخبرني العينان ما الصدر كاتم

ولا حن بالبعضاء والنظر الشزر

والرؤية ليست كذلك فإنهم لا يضيفونها، فدل على أن النظر غير الرؤية، والمرئي هو المدرك، والرؤية هي الإدراك بالبصر، والرائي هو المدرك، ولا تصح الرؤية وهي الإدراك إلا على الأجسام أو الجوهر أو الألوان. ومن شرط المرئي أن يكون هو أو محله مقابلاً أو في حكم المقابل، وذلك يستحيل عليه تعالى، فكيف تجيز الرؤية عليه تعالى!

٣٠٥

أمير المؤمنينعليه‌السلام يدفع الشبهات

- كتاب التوحيد للصدوق ص ٢٥٤ - ٢٦٩

حدثنا أحمد بن الحسن القطان قال: حدثنا أحمد بن يحيى، عن بكر بن عبد الله بن حبيب قال: حدثني أحمد بن يعقوب بن مطر قال: حدثنا محمد بن الحسن ابن عبد العزيز الأحدب الجند بنيسابور قال: وجدت في كتاب أبي بخطه: حدثنا طلحة بن يزيد، عن عبيد الله بن عبيد عن أبي معمر السعداني أن رجلاً أتى أمير المؤمنين علي بن أبي طالبعليه‌السلام فقال: يا أمير المؤمنين إني قد شككت في كتاب الله المنزل، قال لهعليه‌السلام : ثكلتك أمك وكيف شككت في كتاب الله المنزل؟

قال: لأني وجدت الكتاب يكذب بعضه بعضاً فكيف لا أشك فيه.

فقال علي بن أبي طالبعليه‌السلام : إن كتاب الله ليصدق بعضه بعضاً ولا يكذب بعضه بعضاً، ولكنك لم ترزق عقلاً تنتفع به، فهات ما شككت فيه من كتاب الله عز وجل.

قال له الرجل: إني وجدت الله يقول: فاليوم ننساهم كما نسوا لقاء يومهم هذا، وقال أيضاً: نسوا الله فنسيهم، وقال: وما كان ربك نسياً، فمرة يخبر أنه ينسى، ومرة يخبر أنه لا ينسى، فأنى ذلك يا أمير المؤمنين!

قال: هات ما شككت فيه أيضاً.

قال: وأجد الله يقول: يوم يقوم الروح والملائكة صفاً لا يتكلمون إلا من أذن له الرحمن وقال صواباً، وقال واستنطقوا فقالوا والله ربنا ما كنا مشركين، وقال: يوم القيمة يكفر بعضكم ببعض ويلعن بعضكم بعضاً، وقال: إن ذلك لحق تخاصم أهل النار، وقال:لا تختصموا لدي وقد قدمت إليكم بالوعيد ، وقال:نختم على أفواههم وتكلمنا أيديهم وتشهد أرجلهم بما كانوا يكسبون ، فمرة يخبر أنهم يتكلمون ومرة يخبر أنهم لا يتكلمون إلا من أذن له الرحمن وقال صواباً، ومرة يخبر أن الخلق لا ينطقون ويقول عن مقالتهم: والله ربنا ما كنّا مشركين: ومرة يخبر أنهم يختصمون، فأنى ذلك يا أمير المؤمنين، وكيف لا أشك فيما تسمع.....

٣٠٦

قال: هات ويحك ما شككت فيه.

قال: وأجد الله عز وجل يقول:وجوه يومئذ ناضرة * إلى ربها ناظرة ، ويقول:لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبير ، ويقول:ولقد رآه نزلة أخرى * عند سدرة المنتهى ، ويقول: يومئذ لا تنفع الشفاعة إلا من أذن له الرحمن ورضي له قولاً * يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولا يحيطون به علماً ، ومن أدركته الأبصار فقد أحاط به العلم، فأنى ذلك يا أمير المؤمنين وكيف لا أشك فيما تسمع؟....

فقالعليه‌السلام : وأما قوله عز وجل:وجوه يومئذ ناضرة * إلى ربها ناظرة ، وقوله:لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار ، وقوله:ولقد رآه نزلة أخرى * عند سدرة المنتهى ، وقوله:: يومئذ لا تنفع الشفاعة إلا من أذن له الرحمن ورضي له قولاً * يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولا يحيطون به علماً ، فأما قوله: وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظره، فإن ذلك في موضع ينتهي فيه أولياء الله عز وجل بعدما يفرغ من الحساب إلى نهر يسمى الحيوان فيغتسلون فيه ويشربون منه فتنضر وجوههم إشراقاً فيذهب عنهم كل قذى ووعث، ثم يؤمرون بدخول الجنة، فمن هذا المقام ينظرون إلى ربهم كيف يثيبهم، ومنه يدخلون الجنة، فذلك قوله عز وجل من تسليم الملائكة عليهم: سلام عليكم طبتم فادخلوها خالدين، فعند ذلك أيقنوا بدخول الجنة والنظر إلى ما وعدهم ربهم فذلك قوله: إلى ربها ناظرة، وإنما (عنى) بالنظر إليه النظر إلى ثوابه يعني لا تحيط به الأوهام. وهو يدرك الأبصار، يعني يحيط بها وهو اللطيف الخبير، وذلك مدح امتدح به ربنا نفسه تبارك وتعالى وتقدس علواً كبيرا، وقد سأل موسىعليه‌السلام وجرى على لسانه من حمد الله عز وجل: رب أرني أنظر إليك، فكانت مسألته تلك أمراً عظيماً، فقال الله تبارك وتعالى: لن تراني.. فانظر إلى الجبل فإن استقر مكانه فسوف تراني، فأبدى الله سبحان بعض آياته وتجلى ربنا للجبل فتقطع الجبل فصار رميماً وخر موسى صعقاً، يعني ميتاً، ثم أحياه الله وبعثه وتاب عليه، فقال: سبحانك تبت إليك وأنا أول المؤمنين، يعني أول مؤمن آمن بك منهم أنه لن يراك.

٣٠٧

وأما قوله: ولقد رآه نزلة أخرى عند سدرة المنتهى، يعني محمداًصلى‌الله‌عليه‌وآله كان عند سدرة المنتهى حيث لا يتجاوزها خلق من خلق الله، وقوله في آخر الآية: ما زاغ البصر وما طغى لقد رأى من آيات ربه الكبرى، رأى جبرئيلعليه‌السلام في صورته مرتين هذه المرة ومرة أخرى، وذلك أن خلق جبرئيل عظيم فهو من الروحانيين الذين لا يدرك خلقهم وصفتهم إلا الله رب العالمين. ورواه الطبرسي في الإحتجاج ج ١ ص ٣٥٨ - ٣٦٢ ورواه المجلسي في بحار الأنوار ج ٤ ص ٣٢

- شرح الأسماء الحسنى ج ١ ص ١٨٥

(يا من يَرى ولا يُرى)

طال التشاجر بين الأشاعرة والمعتزلة في مسألة الرؤية فذهب الأشاعرة إلى أن الله تعالى يرى في الآخرة وينكشف انكشاف البدر المرئي ولكن بلا مقابلة وجهة ومكان، خلافاً للمعتزلة حيث نفوها، وللمشبهة والكرامية فإنهم وإن جوزوا رؤيته تعالى ولكن في الجهة والمكان وعلى سبيل المقابلة، لاعتقادهم جسميته تعالى عما يقول الظالمون علواً كبيرا.

وحرر بعض متأخري الأشاعرة حل النزاع بأنه لا نزاع للنافين في جواز الإنكشاف التام العلمي، ولا للمثبتين في امتناع ارتسام صورة المرئي في العين، أو اتصال الشعاع الخارج من العين بالمرئي.

وإنما محل النزاع أنا إذا عرفنا الشمس مثلاً بحد أو رسم كان نوعاً من المعرفة، ثم إذا أبصرناها وغمضنا العين كان نوعاً آخر من المعرفة فوق الأول، ثم إذا فتحنا العين حصل نوع آخر من الإدراك فوق الأولين، نسميها الرؤية ولا يتعلق في الدنيا إلا بما هو في جهة ومكان، فمثل هذه الحالة الإدراكية هل يصح أن تقع بدون المقابلة والجهة، وأن تتعلق بذات الله تعالى منزها عن الجهة والمكان أم لا.

واحتج الأشاعرة بحجة عقلية كلامية لا نطيل الكلام بذكرها، وأدلة نقلية منها قوله تعالى حكاية عن موسىعليه‌السلام : رب أرني أنظر إليك....

٣٠٨

ومنها، قوله تعالى:لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبير .

ومنها، هذا الإسم الشريف الذي هو نظير هذه الآية.

وبالجملة كل الآيات والسنن التنزيهية تدل عليه نصاً وظاهراً ومنطوقاً ومفهوماً، والحق أن مراد محققي الأشاعرة من الرؤية هو الشهود بنوره لنوره والإنكشاف البالغ حد العيان، أيدته الأذواق وصدقه قاطع البرهان، بدليل قولهم بلا مقابلة وجهة ومكان، وكذا قولهم في تحرير محل النزاع، فمثل تلك الحالة الإدراكية أعدل شاهد على ذلك، إذ ليس مرادهم ما هو ظاهره حتى يقال حصول مثل تلك الحالة وعدم حصول مقابله ولا جهة، ومع هذا تكون رؤية لا تعقلاً، بل مرادهم أنه كما أن تلك الحالة ممتازة عن التعقل والتخيل والإحساس بالحس المشترك ومشاهدة وشهود للبصر، كذلك سيحصل لنا حالة عيانية ممتازة عنها وعلم حضوري بالنسبة إليه تعالى، هو شهود لا على المشاعر الجامع لجميعها بنحو أعلى، خذ الغايات ودع المباديَ أي المبادي الطبيعية المحدودة، كما ذكرنا في كونه سميعاً بصيراً أن المشاهدة التي يترتب على قوانا يترتب على ذاته النورية بنحو أنور فإنه سميع بصير بذاته لا بالسمع والبصر، فهذا مرادهم، وإلا فكما لا يليق بالعلماء التكلم في مسموعيته أو مشموميته مثلاً إذ ليس من سنخ المسموعات أو المشمومات، كذلك لا يليق بهم التكلم في مبصريته إذ ليس من سنخ المبصرات لأن المبصر بالذات هو الضوء واللون عند التحقيق، وإن كانت الجواهر الفردة عند المتكلم مبصرة بالذات.

فإذا عرفت هذا، فاعلم أن أرباب القشور منهم حرفوا الكلم عن مواضعه فلم يتفوهوا بما هو مخ القول، وعموا وصموا عما هو لب الحق، إذ كان المراد هو الشهود، والمعتزلة أيضاً لا ينكرونه، وإنما أنكروا الرؤية الظاهرية التي بالجارحة كما مر في محل النزاع أنه لا نزاع للنافين في جواز الإنكشاف التام العلمي بأن يكون المراد بالعلمي العلم الحضوري، ولكن لا على سبيل الإكتناه، كما قيل إن العارفين المتألهين يشاهدونه ولكن لا بالكنه بل على سبيل الفناء الذي هو قرة عين العرفاء والعلماء، بأن يرى كل فعل وصفة ووجود مستهلكة في فعله وصفته ووجوده تعالى.

٣٠٩

ولا يجوز للمؤمن إنكار ذلك الشهود لأن إنكاره إنكار الكتب السماوية والسنن النبوية والآثار الولوية، بل هو غاية إرسال المرسلين وإرشاد الأئمة الهادين وسير السايرين وسلوك السالكين، ولولاه لم يكن سماء ولا أرض ولا بسيط ولا مركب، كما قال تعالى: ما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون، أي ليعرفون، وفي الحديث القدسي: فخلقت الخلق لأعرف، فالكتاب المجيد الذي هو تنزيل من حكيم حميد مشحون منه قال تعالى:من كان يرجو لقاء الله فإن أجل الله لآت .يا أيتها النفس المطمئنه ارجعي إلى ربك .شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولوا العلم . والشهادة بالوحدانية فرع الشهادة بالوجود وشهوده، وهكذا كل آية مشتملة على ما دل على الشهود حتى لفظ الإيمان باعتبار بعض درجاته العالية....

قال سيد الأولياءعليه‌السلام : لم أعبد رباً لم أره. ما رأيت شيئاً إلا ورأيت الله فيه أو قبله أو معه.

وقال ابنه سيد الشهداءعليه‌السلام : عميت عين لا تراك.

وقال أيضاً: تعرفت بكل شيء فما جهلك شيء. تعرفت إليّ في كل شيء فرأيتك ظاهراً في كل شيء، فأنت الظاهر لكل شيء.

وليكف هذا اليسير من الكثير لأن كل أشراك مقالاتهم وحبايل تحريراتهم لاصطياد هذا الصيد العديم المثال، فتمام سهام قصودهم واقعة على هذا الغرض الرفيع المنال، وحيث حملنا الرؤية على الشهود فلا تخصيص له بالآخرة، فإن أبناء اليقين لموتهم الإرادي قبل موتهم الطبيعي وفنائهم عن ذواتهم قامت قيامتهم ورأوا ما رأوا، ومن كان في هذه أعمى فهو في الآخرة أعمى:

روى الشيخ الصدوقرحمه‌الله عن أبي بصير قال قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام : أخبرني عن الله تعالى هل يراه المؤمنون يوم القيمة قال: نعم وقد رأوه قبل يوم القيامة، فقلت متى؟ قال: حين قال ألست بربكم قالوا بلى. ثم سكت ساعة ثم قال: وإن المؤمنين يرونه في الدنيا قبل يوم القيامة. ألست تراه في وقتك هذا قال أبو بصير فقلت: جعلت

٣١٠

فداك فأحدث بهذا عنك؟ فقال: لا فإنك إذا حدثت به فأنكره منكر جاهل بمعنى ما تقول ثم قدر أن هذا تشبيه كفر، وليست الرؤية بالقلب كالرؤية بالعين تعالى عما يصفه المشبهون والملحدون.

وقال سيد الموقنين ومولى المكاشفين: لو كشف الغطاء ما ازددت يقيناً....

وقولهعليه‌السلام ما ازددت يقيناً، لعل المراد منه نفي الزيادة الكمية لا الكيفية، ومن ثم قالصلى‌الله‌عليه‌وآله : إن العيش عيش الآخرة. ونعم ما قال العارف عبد الرحمن الجاميقدس‌سره السامي:

تا بود باقى بقاياى وجود

كى شودصاف از كدر جام شهود

تا بود پيوند جان وتن بجاى

كى شود مقصود كل برقع گشاى

تا بود قالب غبار چشم جان

كى توان ديدنرخ جانان عيان

ثم إن الشهود الحاصل لأهل الله في الدنيا ليس لهم بما هم بأبدانهم فرشيون دنيويون، بل بما هم بقلوبهم عرشيون أخرويون، فيصدق أن الرؤية والشهود مطلقاً مخصوصة بالآخرة.

ويمكن أيضاً التوفيق بين المذهبين بأن الرؤية وإن كانت بمعنى الشهود لا يمكن في الدنيا والآخرة بالنسبة إلى كنه ذاته، احتجب عن العقول كما احتجب عن الأبصار، ويمكن بالنسبة إلى وجهه:أينما تولوا فثم وجه الله .

بل هاهنا نظر آخر فيه حصر النظر على وجهه الكريم كما قال المعصومعليه‌السلام بنقل القاضي سعيد القمي: لا أرى إلا وجهك ولا أسمع إلا صوتك، يا من يخلق ولا يخلق، يا من يهدي ولا يهدى، يا من يحيي ولا يحيى، يا من يسأل ولا يسأل. هذا الإسم الشريف مأخوذ من الآية الشريفة وهي: لا يسأل عما يفعل وهم يسألون.

وقد تمسك الأشاعرة بها في كثير من المواضع، منها أنهم قالوا بنفي اللمية الغائية والداعي وجواز الترجيح من غير مرجح، فإذا سئل عنهم ما المخصص لأحداث العالم في وقت مخصوص دون ساير الأوقات مع تشابهها، وما المرجح للإمساك في

٣١١

أوقات غير متناهية، كما هو مذهبهم من التعطيل والإفاضة في وقت؟ مع كونه تعالى علة تامة غير محتاج إلى شرط أو آلة أو معاون أو حالة منتظرة، وبالجملة ما به يتم فاعليته؟ قالوا: لا يسئل عما يفعل، والتزموا القدرة الخرافية.

ومنها، أنهم حيث قالوا بالتحسين والتقبيح الشرعيين دون العقليين قالوا بنفي العلاقة اللزومية بين الأعمال الحسنة ودخول الجنة وبين الأعمال القبيحة ودخول النار، بحيث جوزوا أن يدخل الله السعيد في النار خالداً والشقي في الجنة أبداً، فإذا قيل عليهم إن هذا ظلم صريح، قالوا: لا يسأل عما يفعل.... إلخ.

واحتج المعتزلة أيضاً بحجج عقلية ونقلية كثيرة، نذكر بعضها ونترك أكثرها، لأن من أنس بالقواعد العقلية وحافظ على تنزيه الله من سمات المحدثات وصفات الأجسام قدر على إقامة حجج كثيرة وإبطال ما هو ظاهر الأشاعرة من الرؤية.

فمنها، أنه فيما عندنا من المبصرات يجب الرؤية عند تحقق شروط ثمانية ككون الحاسة سليمة وكون الشيء جايز الرؤية وكون الشيء مقابلاً أو في حكم المقابل وعدم كون المرئي في غاية القرب وغاية البعد وغاية اللطافة وغاية الصغر وأن لا يكون بين الرائي والمرئي حجاب، إذ لو لم تجب الرؤية عند حصول الشرائط جاز أن يكون بحضرتنا جبال وأشخاص لا نراها، والستة الأخيرة لا يمكن اعتبارها في رؤيته تعالى لتنزهه عن الجهة والحيز، بقي سلامة الحاسة وجواز الرؤية، وسلامة الحاسة حاصلة فلو جاز الرؤية وجب أن تراه في الدنيا والجنة دائماً، والأول منتف بالضرورة والثاني بالإجماع والنصوص القاطعة الدالة على اشتغالهم بغير ذلك من اللذات.

تفسيرهم الموافق لمذهبنا

روى السيوطي في الدر المنثور ج ٣ ص ٣٧ عدداً من الروايات التي توافق مذهبنا ومذهب عائشة، قال:

- وأخرج عبد ابن حميد وأبوالشيخ عن قتادة: لا تدركه الأبصار، قال هو أجلُّ من ذلك وأعظم من أن تدركه الأبصار.

٣١٢

- وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله:لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار ، يقول لا يراه شيء وهو يرى الخلائق.

- تفسير الطبري ج ٩ ص ٣٨

معاوية عن علي (بن طلحة) عن ابن عباس قوله تعالى:سبحانك تبت إليك وأنا أول المؤمنين ، يقول أنا أول من يؤمن أنه لا يراك شيء من خلقك. انتهى.

وقد تقدم استدلال عائشة بالآية على عدم إمكان الرؤية، قال الرازي في المطالب العالية ج ١ جزء ١ ص ٨٧: إن عائشةرضي‌الله‌عنها قالت: من حدثكم أن محمداً رأى ربه فقد أعظم الفرية، ثم قرأت:لا تدركه الأبصار .

محاولاتهم تأويل الآية وإبطال معناها

- رد النووي على عائشة في شرح مسلم - هامش الساري ج ٢ ص ٩٣ فقال : فأما إحتجاج عائشة بقول الله تعالى لا تدركه الأبصار. فجوابه ظاهر فإن الإدراك هو الإحاطة والله تعالى لايحاط به! وإذا ورد النص بنفي الإحاطة فلما يلزم منه نفي الرؤية بغير إحاطة. انتهى. ولكن المنفي هنا هو إدراك البصر، وهو أعم من الرؤية الجزئية والإحاطة!

- وقال الجويني في لمع الأدلة ص ١٠١ - ١٠٥

مذهب أهل الحق أن الباري تعالى مرئي، ويجوز أن يراه الراؤون بالأبصار....

والدليل على جواز الرؤية عقلاً: أن الرب سبحانه وتعالى موجود، وكل موجود مرئي. وبيان ذلك: أنا نرى الجواهر والألوان، فإن رئي الجوهر لكونه جوهراً لزم ألا يرى الجوهر، وإن رئيا لوجودهما لزم أن يرى كل موجود، والباري سبحانه وتعالى: موجود فصح أن يرى.

فإن قالوا: إنما يرى ما يرى لحدوثه والرب تعالى أزلي قديم الذات فلا يرى، فالجواب من وجهين: أحدهما أن نقول كلامكم هذا نقض عليكم لجواز رؤية الطعوم والروائح والعلوم ونحوها فإنها حوادث، وعندكم يستحيل أن ترى.

٣١٣

ثم الجواب الحقيقي أن نقول: الحدوث ينبيء عن موجود مسبوق بعدم والعدم السابق لا يصحح الرؤية، فانحصر التصحيح في الوجود، فدل على أن كل موجود صح أن يرى.

ويستدل على جواز الرؤية وأنها ستكون في الجنان وعداً من الله صدقاً وقولاً منه حقاً بقوله تعالى: وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة. والنظر إذا عدي بإلى اقتضى رؤية البصر. وإن عارضونا بقوله تعالى: لا تدركه الأبصار. قلنا: فمن أصحابنا من قال الرب تعالى يرى ولا يدرك فإن الإدراك ينبيء عن الإحاطة ودرك الغاية، والرب مقدس عن الغاية والنهاية. فإن عارضونا بقوله تعالى في جواب موسىعليه‌السلام : لن تراني، فزعموا أن لن تقتضي النفي على التأييد.....

قلنا: هذه الآية من أوضح الأدلة على جواز الرؤية! فإنها لو كانت مستحيلة لكان معتقد جوازها ضالاً أو كافراً، وكيف يعتقد ما لا يجوز على الله تعالى من اصطفاه الله تعالى لرسالته واجتباه لنبوته وخصصه بتكريمه وشرفه بتكليمه وجعله أفضل أهل زمانه وأيده ببرهانه، ويجوز على الأنبياء الريب في أمر يتعلق بعلم الغيب، أما ما يتعلق بوصف الباري عز وعلا فلا يجوز الريب عليهم، فيجب حمل الآية على أن ما اعتقد موسىعليه‌السلام جوازه جائز، لكن ظن أن ما اعتقد جوازه ناجزاً فيرجع النفي في الجواب إلى السؤال. وما سأل موسىعليه‌السلام ربه رؤية في الدنيا لينصرف النفي إليها، والجواب نزل على قضية الخطاب. انتهى. وقد تقدم أن موسىعليه‌السلام لم يطلب رؤية ذات اللّه تعالى، بل طلب أن يريه شيئاً من آياته كأنه ينظر إليه.

- وروى السيوطي في الدر المنثور ج ٣ ص ٣٧

وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن إسماعيل بن علية، في قوله: لا تدركه الأبصار، قال: هذا في الدنيا!

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه عن عكرمة عن ابن عباس قال: إن النبى صلى الله عليه وسلم رأى ربه، فقال له رجل عند ذلك أليس قال الله:لا تدركه

٣١٤

الأبصار ! فقال له عكرمة: ألست ترى السماء؟ قال: بلى، قال فكلها ترى! (يقصد بما أن الله تعالى كبير فإنا نرى جزءً منه فقط!)

وأخرج الترمذي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني والحاكم وصححه وابن مردويه واللالكائي في السنة عن ابن عباس قال: رأى محمد ربه، قال عكرمة فقلت له: أليس الله يقول لا تدركه الأبصار! وهو يدرك الأبصار قال: لا أم لك، ذاك نوره الذي هو نوره إذا تجلى بنوره لا يدركه شيء، وفي لفظ: إنما ذلك إذا تجلى بكيفيته لم يقم له بصر. انتهى. وهو يقصد أن ذات اللّه تعالى ترى ولكن نوره لاتدركه الأبصار!!

ثم أكد السيوطي رأي عكرمة فنقل في ج ٣ ص ٣٧ قول ابن جريح في تفسير الآية أن الأبصار لا تدرك الله تعالى كله لكبر حجمه! قال:

وأخرج ابن المنذر عن ابن جريح في قوله: لا تدركه الأبصار، قال: قالت امرأة استشفع لي يا رسول الله على ربك. قال: هل تدرين على من تستشفعين، إنه ملأ كرسيه السموات والأرض ثم جلس عليه فما يفضل منه من كل أربع أصابع، ثم قال: إن له أطيطاً كأطيط الرحل الجديد فذلك قوله: لا تدركه الأبصار، ينقطع به بصره قبل أن يبلغ أرجاء السماء. زعموا أن أول من يعلم بقيام الساعة الجن تذهب فإذا أرجاؤها قد سقطت لا تجد منفذاً تذهب في المشرق والمغرب واليمن والشام. انتهى.

وأعجب منه روايتهم التي تفسر الأبصار التي لا تدركه بأنها أبصار العقول، ومع ذلك تدركه أبصار العيون!! قال: وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ واللالكائي من طريق عبد الرحمن بن مهدي قال سمعت أبا الحصين يحيى بن الحصين قارئ أهل مكة يقول: لا تدركه الأبصار قال أبصار العقول. انتهى.

وقد تقدم في أول الباب عن (إمام الأئمة) ابن خزيمة حملته الشديدة على عائشة وتفسيره للآية بأن جميع الأبصار لا تدركه ولكن البصر الواحد يدركه! قال في كتاب التوحيد ص ٢٢٦

لأن قوله: لا تدركه الأبصار، قد يحتمل معنيين على مذهب من يثبت رؤية النبي

٣١٥

صلى الله عليه وسلم خالقه عز وجل، قد يحتمل بأن يكون معنى قوله:لا تدركه الأبصار ، على ما قال ترجمان القرآن لمولاه عكرمة ذاك نوره الذي هو نوره إذا تجلى بنوره لا يدركه شيء. والمعنى الثاني أي لا تدركه الأبصار أبصار الناس لأن الأعم والأظهر من لغة العرب أن الأبصار إنما تقع على أبصار جماعة، لا أحسب غريباً يجيء من طريق اللغة أن يقال لبصر امريء واحد أبصار وإنما يقال لبصر امريء واحد بصر، لا ولا سمعنا غريباً يقال لعين امريء واحد بصران فكيف أبصار، ولو قلنا: إن الأبصار ترى ربنا في الدنيا لكنا قد قلنا الباطل والبهتان، فأما من قال إن النبي صلى الله عليه وسلم قد رأى ربه دون سائر الخلق فلم يقل إن الأبصار قد رأت ربها في الدنيا فكيف يكون - يا ذوي الحجا - من ينفي أن النبي صلى الله عليه وسلم محمداً قد رأى ربه دون سائر الخلق مثبتاً أن الأبصار قد رأت ربها، فتفهموا يا ذوي الحجا هذه النكتة تعلموا أن ابن عباسرضي‌الله‌عنهما وأباذر وأنس بن مالك ومن وافقهم لم يعظموا الفرية على الله، لا ولا خالفوا حرفاً من كتاب الله في هذه المسألة! انتهى.

وقد علق على ذلك محقق كتابه وهو الشيخ محمد الهراس من علماء الأزهر، فقال:

عجباً لإمام الأئمة كيف خانه علمه فتوهم أن المنفي هو إدراك الأبصار له إذا اجتمعت فإذا انفرد واحد منها أمكن أن يراه! فهل إذا قال قائل لا آكل الرمان، يكون معنى هذا أنه لا يأكل الحبات منه ولكن يأكل الحبة! يرحم الله ابن خزيمة فلقد كبا ولكل جواد كبوة.

- وقد كان الطبري من أعقلهم في تفسير الآية حيث اعترف بأنه لا مجال للهروب منها ولابد من الإعتراف بأنها تنفي إمكان الرؤية مطلقاً، وأن الأخبار المروية في رؤيته تعالى تنافيها، ولكن لابد لنا من قبول الأخبار وطرح الآية!

قال في تفسيره ج ٧ ص ٢٠٠ - ٢٠٣:

قالوا فإن قال لنا قائل: وما أنكرتم أن يكون معنى قوله:لا تدركه الأبصار ، لا تراه الأبصار؟ قلنا له: أنكرنا ذلك لأن الله جل ثناؤه أخبر في كتابه أن وجوهاً في القيامة

٣١٦

إليه ناظرة، وأن رسول الله (ص) أخبر أمته أنهم سيرون ربهم يوم القيامة كما يرى القمر ليلة البدر....

وقال آخرون.. لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار، إلا أنه جائز أن يكون معنى الآية لا تدركه أبصار الظالمين في الدنيا والآخرة، وتدركه أبصار المؤمنين وأولياء الله. قالوا وجائز أن يكون معناها لا تدركه الأبصار بالنهاية والإحاطة وأما الرؤية فبلى. وقال آخرون: الآية على العموم ولن يدرك الله بصر أحد في الدنيا والآخرة، ولكن الله يحدث لأوليائه يوم القيامة حاسة سادسة سوى حواسهم الخمس فيرونه بها.... والصواب من القول في ذلك: عذرنا ما تظاهرت به الأخبار عن رسول الله (ص) أنه قال إنكم سترون ربكم يوم القيامة كما ترون القمر ليلة البدر. انتهى.

ولم يبين الطبري ولا غيره كيف صار هذا هو الصواب، وهل كلما عارض صريح القرآن خبر أخذنا به وخصصنا به القرآن وقلنا: عذرنا الأخبار المناقضة للقرآن!

- قال القسطلاني في إرشاد الساري ج ١٠ ص ٣٦٤

قوله تعالى في سورة الأنعام:لا تدركه الأبصار ، وأجاب المثبتون بأن معنى الآية لا تحيط به الأبصار أو لا تدركه الأبصار، وإنما يدركه المبصرون! أو لا تدركه في الدنيا لضعف تركيبها في الدنيا، فإذا كان في الآخرة خلق الله تعالى فيهم قوة يقدرون بها على الرؤية. انتهى.

ولكنهم بهذه المواصفات الجديدة للعين ونظام الرؤية، خرجوا عن موضوع البحث، بل هربوا منه، وفي نفس الوقت ردوا أحاديثهم في الرؤية التي ظاهرها رؤيته تعالى في الدنيا والآخرة بالعين المتعارفة المجردة، في أحسن صورة، وكما يرى القمر ليلة البدر على حد زعمهم!

- وقال الشوكاني في فتح القدير ج ٢ ص ١٨٥

في قوله:لا تدركه الأبصار .... التقدير لا تدركه كل الأبصار بل بعضها، وهي أبصار المؤمنين!....

٣١٧

- وقال التلمساني في نفح الطيب ج ٧ ص ٢٩٦

سئل النصيبي عن الرؤية بمجلس عضد الدولة فأنكرها محتجاً بأن كل شيء يرى بالعين فهو في مقابلتها، فقال له القاضي ابن الطيب: لا يرى بالعين، قال له الملك: فبماذا يرى؟ قال: بالإدراك الذي يحدثه الله في العين.. وهذا الأجهر عينه قائمة ولا يرى بها شيئاً! انتهى.

- وقال في نفح الطيب ج ٨ ص ٣٤

حكاية أبي بكر بن الطيب مع رؤساء بعض المعتزلة، وذلك أنه اجتمع معه في مجلس الخليفة، فناظره في مسألة رؤية الباري فقال رئيسهم: ما الدليل أيها القاضي على جواز رؤية الله تعالى؟ قال: قوله تعالى:لا تدركه الأبصار ! فنظر بعض المعتزلة إلى بعض وقالوا: جنَّ القاضي، وذلك أن هذه الآية هي معظم ما احتجوا على مذهبهم، وهو ساكت، ثم قال لهم: أتقولون إن من لسان العرب قولك: الحائط لا يبصر قالوا: لا.. قال: فلا يصح إذن نفي الصفة عما من شأنه صحة إثباتها له؟ قالوا نعم، قال: فكذلك قوله تعالى(لا تدركه الأبصار) لولا جواز إدراك الأبصار له لم يصح نفيه عنه. انتهى. ولابدّ أنهم أجابوه إن الذي يصحح النفي هو توهم جواز الرؤية لا جوازها وإمكانها!

وهكذا يحرِّم إخواننا التأويل، ولكنهم إذا وصلوا إلى آيات نفي الرؤية وأحاديثها هجموا عليها بمعاول التأويل والمغالطات بلا رحمة ولا ضابطة، حتى يجعلوا من النفي إثباتاً، وقد يجعلون من الكفر إيماناً!

* *

تفسير آية: ما كذب الفؤاد ما رأى

قال الله تعالى:وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى * مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى * وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلاّ وَحْيٌ يُوحَى * عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى * ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى * وَهُوَ بِالأُفُقِ

٣١٨

الأَعْلَى * ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى * فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى * فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى * مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى * أَفَتُمَارُونَهُ عَلَى مَا يَرَى * وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى * عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى * عِنْدَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى * إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى * مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى * لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى . النجم ١ - ١٨

قال أهل البيت: رأى ربه بفؤاده ورأى آياته بعينيه

تقدم في الفصول السابقة عدد من الأحاديث عن النبي وآلهصلى‌الله‌عليه‌وآله في تفسير هذه الآية، ونضيف إليها هنا مايلي:

- روى الصدوق في كتاب التوحيد ص ١٠٨:

أبيرحمه‌الله قال: حدثنا محمد بن يحيى العطار، عن أحمد بن محمد بن عيسى، قال: حدثنا ابن أبي نصر، عن أبي الحسن الرضاعليه‌السلام قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : لما أسري بي إلى السماء بلغ بي جبرئيل مكاناً لم يطأه جبرئيل قط، فكشف لي فأراني الله عز وجل من نور عظمته ما أحب.

- و في ص ١١٦:

حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليدرضي‌الله‌عنه قال: حدثنا إبراهيم بن هاشم، عن ابن أبي عمير، عن مرازم، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: سمعته يقول: رأى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ربه عز وجل يعني بقلبه، وتصديق ذلك: ما حدثنا به محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليدرحمه‌الله قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن محمد بن الفضيل قال: سألت أبا الحسنعليه‌السلام هل رأى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ربه عز وجل؟ فقال: نعم بقلبه رآه، أما سمعت الله عز وجل يقول: ما كذب الفؤاد ما رأى، أي لم يره بالبصر، لكن رآه بالفؤاد.

- وقد عقد الصدوق في التوحيد باباً بعنوان (ما جاء في الرؤية) ص ١٠٧ ، نورد بعض روايته قال:

٣١٩

حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل، قال: حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد الله، عن آبائهعليهم‌السلام قال: مر النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله على رجل وهو رافع بصره إلى السماء يدعو، فقال له رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : غض بصرك فإنك لن تراه.

وقال: ومر النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله على رجل رافع يديه إلى السماء وهو يدعو، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : أقصر من يديك فإنك لن تناله.

حدثنا علي بن أحمد بن محمد بن عمران الدقاقرحمه‌الله ، قال: حدثنا محمد بن أبي عبد الله الكوفي، عن علي بن أبي القاسم، عن يعقوب بن إسحاق قال: كتبت إلى أبي محمدعليه‌السلام أسأله كيف يعبد العبد ربه وهو لا يراه؟ فوقععليه‌السلام يا أبا يوسف جل سيدي ومولاي والمنعم عليّ وعلى آبائي أن يرى.

قال: وسألته هل رأى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ربه؟ فوقععليه‌السلام إن الله تبارك وتعالى أرى رسوله بقلبه من نور عظمته ما أحب.

حدثنا الحسين بن أحمد بن إدريسرحمه‌الله ، عن أبيه، عن محمد بن عبدالجبار، عن صفوان بن يحيى، عن عاصم بن حميد، قال: ذاكرت أبا عبد اللهعليه‌السلام فيما يروون من الرؤية، فقال: الشمس جزء من سبعين جزءاً من نور الكرسي، والكرسي جزء من سبعين جزءاً من نور العرش، والعرش جزء من سبعين جزءاً من نور الحجاب، والحجاب جزء من سبعين جزءاً من نور الستر، فإن كانوا صادقين فليملؤوا أعينهم من الشمس ليس دونها سحاب.

- وفي علل الشرائع ج ١ ص ١٣١

حدثنا محمد بن أحمد بن السناني وعلي بن أحمد بن محمد الدقاق والحسين بن إبراهيم بن أحمد بن هشام المؤدب وعلي بن عبد الله الوراقرضي‌الله‌عنهم ، قالوا حدثنا محمد بن أبي عبد الله الكوفي الأسدي، عن موسى بن عمران النخعي، عن عمه الحسين بن يزيد النوفلي، عن علي بن سالم، عن أبيه، عن ثابت بن دينار، قال سألت زين العابدين علي بن الحسين بن علي بن أبي طالبعليه‌السلام عن الله جل

٣٢٠

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617

618

619

620

621

622

623

624

625

626

627

628

629

630

631

632

633

634

635

636

637

638

639

640

641

642

643

644

645

646

647

648

649

650

651

652

653