الخصال

الخصال9%

الخصال مؤلف:
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 653

الخصال المقدمة
  • البداية
  • السابق
  • 653 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 694749 / تحميل: 6990
الحجم الحجم الحجم
الخصال

الخصال

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

المؤمنة بمرجعيته الفكرية والروحيّة ـ كانت حركة محدودة تخضع لمدى الرقابة والضغط الموجه إليه والى خاصته. فكان الإمامعليه‌السلام منتهجاً نفس السبيل الذي انتهجه آباؤهعليهم‌السلام ، وعلى وفق المصلحة العليا للرسالة الإسلامية وبمقدار ما تسمح به الظروف العامة والخاصة التي تحيط بالإمامعليه‌السلام في عصره وهي ضرورة الحفاظ على مفاهيم الرسالة الإسلامية أوّلاً ومنع خاصّته من الوقوع في الانحراف أو ما كان يكيده لهم السلطان العباسي من منزلقات ثانياً.

ويمكن أن نصور مواقف الإمام الهاديعليه‌السلام على منحيين:

المنحى الأول: هو إثبات الحق ونقد الباطل، على صعيد الأمة الإسلامية، سواء كان ذلك على مستوى جهاز الحكم أو على مستوى القواعد الشعبية العامة.

حتّى أن يحيى بن أكثم قال للمتوكل: «ما نحبّ أن تسأل هذا الرجل ـ أي الإمامعليه‌السلام ـ شيئاً بعد مسائلي هذه وإنه لا يرد عليه شيء بعدها إلاّ دونها، وفي ظهور علمه تقوية للرافضة»(١).

المنحى الثاني: هو المحافظة التامة على أصحابه ورعاية مصالحهم وتحذيرهم من الوقوع في أحابيل السلطة العباسيّة ومساعدتهم في إخفاء نشاطهم والحذر في التحرك بحسب الإمكان.(٢)

وتتضح لنا مواقف الإمام الهاديعليه‌السلام من خلال استعراض بعض الحوادث التي واجهها وما اتّخذ من إجراءات إزاءها لِنحصل على صورة واضحة المعالم حينما نأخذ كل ظروفه بنظر الاعتبار فتتضح من خلالها الحركة العامة للأئمة الأطهار والمواقف الخاصّة بكل إمام.

ــــــــــــ

(١) المناقب: ٤ / ٤٣٧.

(٢) الغيبة الصغرى: ١١٨.

٤١

الإمام الهاديعليه‌السلام والمتوكل العباسي

لقد سعى جماعة بالإمامعليه‌السلام إلى المتوكل، وأخبروه بأن في منزله سلاحاً وكتباً وغيرها وأنه يطلب الأمر لنفسه، فأرسل المتوكل مجموعة من الأتراك ليلاً ليهجموا على منزله على حين غفلة، فلمّا باغتوا الإمامعليه‌السلام وجدوه وحده، مستقبل القبلة وهو يقرأ القرآن، وليس بينه وبين الأرض بساط فأخذ على الصورة التي وجد عليها، وحمل إلى المتوكل في جوف الليل، فمثُل بين يدي المتوكل وهو في مجلس شرابه وفي يده كأس، فلمّا رآه أعظمه وأكبره وأجلسه إلى جانبه ولم يكن في منزله شيء ممّا قيل عنه ولم تكن للمتوكّل حجة يتعلّل بها على الإمامعليه‌السلام . فناول المتوكل الإمامعليه‌السلام الكأس الذي في يده.

فقال الإمامعليه‌السلام :ياأمير المؤمنين ما خامر لحمي ودمي قط، فأعفني ، فأعفاه، فقال المتوكل: أنشدني شعراً أستحسنه.

قال الإمامعليه‌السلام :إنّي لقليل الرواية للشعر .

قال المتوكل: لا بدّ أن تنشدني شيئاً. فأنشده الإمامعليه‌السلام :

باتوا على قلل الأجبال تحرسهم

غلب الرجال فما أغنتهم القلل

واستنزلوا من بعد عز من معاقلهم

فأودعوا حفراً يا بئس ما نزلوا

ناداهم صارخ من بعد ما قبروا

أين الأسرة والتيجان والحلل

أين الوجوه التي كانت منعمة

من دونها تضرب الأستار والكلل

فأفصح القبر عنهم حين ساءلهم

تلك الوجوه عليها الدود يقتتل

قد طالما أكلوا يوماً وما شربوا

فأصبحوا بعد طول الأكل قد أُكلوا

وطالما عمّروا دوراً لتحصنهم

ففارقوا الدور والأهلين وانتقلوا

وطالما كنزوا الأموال وادّخروا

فخلّفوها على الأعداء وارتحلوا

أضحت منازلهم قفراً معطَّلَةً

وساكِنوها إلى الأجداث قد رحلوا

٤٢

فبكى المتوكل بكاء كثيراً حتى بلّت دموعه لحيته، وبكى من حضر ثم أمر برفع الشراب، ثم قال ياأبا الحسن، أعليك دين ؟ قال الإمامعليه‌السلام :نعم، أربعة آلاف دينار ، فأمر بدفعها إليه، وردّه إلى منزله مكرّماً.(١)

فمواقف الإمامعليه‌السلام كانت تنسجم مع موقع الإمامة أوّلاً وتنسجم مع الظروف السياسية والاجتماعية التي تحيط بالإمامعليه‌السلام وشيعته ثانياً.

وكان الإمامعليه‌السلام يحاول إتمام الحجة وإقامة الحق كلما سمحت الفرصة بذلك، فقد روي أن نصرانيّاً جاء إلى دار الإمامعليه‌السلام حاملاً إليه بعض الأموال، فخرج إليه خادمه وقال له: أنت يوسف بن يعقوب ؟ فقال: نعم، قال: فانزل واقعد في الدهليز، فتعجّب النصراني من معرفته لاسمه واسم أبيه، وليس في البلد من يعرفه، ولا دخله قط. ثم خرج الخادم وقال: المئة دينار التي في كمك في الكاغد هاتها، فناولها إيّاه ثم دخل على الإمامعليه‌السلام وطلب منه أن يرجع إلى الحق وأن يدخل في الإسلام فلما قال له الإمام:يا يوسف أما آن لك؟ فقال يوسف يامولاي قد بان لي من البرهان ما فيه الكفاية لمن اكتفى، فقال له الإمامعليه‌السلام :هيهات إنك لا تسلم ولكنه سيسلم ولدك فلان وهو من شيعتنا (٢) .

ــــــــــــ

(١) مروج الذهب: ٤ / ١١ عن المبرّد، ولعلّ عنه ابن خلكان في وفيات الأعيان: ٢/٤٣٤ وعن المسعودي السبط في تذكرة الخواص: ٣٢٣.

(٢) الخرائج والجرائح: ١/٣٩٦ ح ٣ ب ١١ وعنه في كشف الغمة: ٣ / ١٨٢.

٤٣

الإمام الهاديعليه‌السلام ووزير المنتصر

وروي أن الإمامعليه‌السلام كان يساير أحمد بن الخصيب في أثناء وزارته وقد قصُرَ أبو الحسن ـ أي الإمام الهاديعليه‌السلام ـ عنه فقال له ابن الخصيب: سر، جُعلت فداك، فقال له أبو الحسنعليه‌السلام :«أنت المقدّم» ، يقول الراوي فما لبثنا إلاّ أربعة أيام حتى وضع الدهق على ساق ابن الخصيب وقتل.(١)

وابن الخصيب هذا من المتجبرين وقد استوزره المنتصر وندم على ذلك لما اشتهر بالظلم. فمن ذلك انه ركب يوماً فتظلم إليه متظلم بقصة فأخرج رجله من الركاب فزج بها في صدر المتكلم فقتله فتحدّث الناس في ذلك فقال بعض الشعراء:

قل للخليفة ياابن عم محمد

أشكل وزيرك إنه ركال

أشكله عن ركل الرجال فإن ترد

مالاً فعند وزيرك الأموال(٢)

الإمام الهاديعليه‌السلام والتحدّي العلمي

لم تنحصر تحديات السلطة بإجراءاتها القمعية ضد الإمامعليه‌السلام بل كانت تعمد بين الحين والآخر إلى إحراج الإمام في قضايا علميّة حيث تدفع بوعاظها إلى محاججة الإمامعليه‌السلام بطرح أسئلة في مجالس عامة.

على أن عجز فقهاء السلطة عن إيجاد حلول لمشاكل فقهية مستجدّة كان يدفع الخليفة لطرح الأسئلة على الإمامعليه‌السلام . فقد روي أن رجلاً نصرانياً قدم

ــــــــــــ

(١) أصول الكافي: ١/٥٠١ ح٦ وعنه في الإرشاد: ٢/٣٠٦ وإعلام الورى: ٢/١١٦ وعن الإرشاد في كشف الغمة: ٣/١٧٠.

(٢) مروج الذهب: ٤ / ٤٨، والكامل في التاريخ: ٥ / ٣١١.

٤٤

إلى المتوكل وكان قد فجر بامرأة مسلمة، فأراد أن يقيم الحد عليه، فأسلم، فقال يحيى ابن أكثم ـ وهو قاضي القضاة ـ قد هدم إيمانُه شِركَه وفِعلَه، وقال بعضهم يضرب ثلاثة حدود، إلى غير هذه الأقوال... فلمّا رأى المتوكل هذا الاختلاف بين الفقهاء أمر بالكتابة إلى أبي الحسن العسكري ـ الإمام الهاديعليه‌السلام ـ لسؤاله عن هذا المشكل الذي اختلفوا فيه، فلما قرأ الإمامعليه‌السلام الكتاب كتب:«يضرب حتى يموت» . فأنكر يحيى بن أكثم وأنكر فقهاء العسكر ـ أي سامراء ـ ذلك، فقالوا ياأمير المؤمنين: سله عن ذلك فإنه شيء لم ينطق به كتاب ولم يجيء به سنة.

فكتب المتوكل إلى الإمام قائلاً: إنّ الفقهاء قد أنكروا هذا وقالوا: لم يجيء به سنة ولم ينطق به كتاب، فبيّن لنا لم أوجبتَ علينا الضرب حتى الموت ؟!

فكتبعليه‌السلام :بسم الله الرحمن الرحيم ( فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا قَالُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَحْدَهُ وَكَفَرْنَا بِمَا كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ * فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا ) (١) . فأمر به المتوكل فضرب حتى مات. (٢)

الإمام الهاديعليه‌السلام وفتنة خلق القرآن

وفي فترة حكم المأمون العباسي، أثيرت من قبل السلطان العباسي قضية خلق القرآن من أجل إبعاد الأمة عن همومها وأهدافها بالإضافة إلى توسيع وتعميق شُقّة الخلاف بين أبناء الأمة، ليكون هذا الخلاف حاجزاً بينهم وبين السلطان المنحرف والبعيد في سلوكه ونشاطه عن الشريعة الإسلامية.

وهناك جهة ثالثة هي أن السلطة قد استغلت هذه القضية إذ جعلتها

ــــــــــــ

(١) غافر(٤٠): ٨٤ ـ ٨٥.

(٢) مناقب آل أبي طالب: ٤ / ٤٣٧.

٤٥

مصيدة لمعارضيها فكانت تتعرّف عليهم من خلالها ثم تقوم بتحجيم دورهم في أوساط الأمة.

وكتب الإمام الهاديعليه‌السلام إلى شيعته في بغداد لإبعادهم عن الخوض في مسألة خلق القرآن مع من يخوض فيها تجنّباً لهم من الآثار السلبيّة التي يمكن أن تلحق بهم وربما يكونون عرضة للوقوع تحت إجراءات قمعية ومطاردة من قبل السلطة، وقد روي عنهعليه‌السلام الكتاب الآتي:

عن محمد بن عيسى بن عبيد بن اليقطين قال كتب علي بن محمد بن علي بن موسى الرضاعليه‌السلام إلى بعض شيعته ببغداد:«بسم الله الرحمن الرحيم عصمنا الله وإياك من الفتنة فإن يفعل فأعظم بها نعمة وإلاّ يفعل فهي الهلكة نحن نرى إن الجدال في القرآن بدعة اشترك فيها السائل والمجيب فتعاطى السائل ما ليس له وتكلف المجيب ما ليس عليه وليس الخالق إلاّ الله، وما سواه مخلوق والقرآن كلام الله لا تجعل له اسماً من عندك فتكون من الضالين جعلنا الله وإياك من الذين يخشون ربهم بالغيب وهم من الساعة مشفقون» (١) .

وقد شغلت هذه المسألة الذهنيّة الإسلامية فترة حكم المأمون والمعتصم والواثق، وكان جواب الإمامعليه‌السلام محدّداً وبليغاً ; إبعاداً للشيعة عن الوقوع في حبائل السلطان والخروج من هذه الفتنة بسلامة في الدين، فكان الإمام الهاديعليه‌السلام يترصّد الأحداث والظواهر التي تكتنف الحياة الإسلامية عامة وما تتطلب من مواقف خاصّة فيما يتعلق بشيعته لتجنيبهم مزالق الانحراف من الخوض في كثير من المسائل التي لا طائل منها سوى الكشف عن هويّتهم، وبالتالي التعرض لحبائل السلطة من القمع والاضطهاد والسجن.

ــــــــــــ

(١) أمالي الشيخ الصدوق: ٤٨٩.

٤٦

الإمام الهاديعليه‌السلام مع أصحابه وشيعته

لقد حفلت حياة الإمامعليه‌السلام بالأحداث المريرة إذ كان الصراع على السلطة على أشدّه بين أبناء الأسرة الحاكمة من جهة، وبين الأمراء والقوّاد الأتراك وغيرهم من الطامحين في السلطة من جهة ثانية. فكان نتيجة هذا الصراع أن ينال الإمام الهاديعليه‌السلام وأبناء عمومته وشيعته في هذه الظروف الكثير من الأذى والاضطهاد باعتباره زعيم الجبهة المعارضة لكل هؤلاء المتصارعين على السلطة من حكّام وأمراء ووزراء. فبالرغم من وجود هذا الصراع الشديد فان الحكام العباسيين كانوا يخافون الإمامعليه‌السلام ويرون أنّه سيد أهل البيت وإمام الأمة وصاحب الكلمة المسموعة بين الناس.

وكان الإمامعليه‌السلام يمارس دور التربية والتوجيه وإعداد المؤمنين بمرجعيته الفكرية والروحية من أجل تحصينهم ضد الانحرافات العقائدية والفكرية ويمنعهم من الخوض في كثير من المسائل التي يكون الخوض فيها كاشفاً عن هويتهم وارتباطهم بالإمامعليه‌السلام مما كان يؤدي إلى أن يكونوا تحت طائل عقوبات واضطهادات السلطة فيما إذا علموا موالاتهم للإمام وأهل البيتعليهم‌السلام كما حصل ذلك لابن السكّيت وغيره، حيث كانت تقوم السلطة بقتلهم أو زجّهم في السجون.

إنّ دارسي هذه الفترة ـ وهي العصر العباسي الثاني ـ وإن وصفوها بالضعف السياسي والإداري للسلطة لكن حكّام الدولة لم يتهاونوا في تشديد الرقابة على الإمام وأصحابه; محاولين بذلك تحديد دائرة نشاط الإمامعليه‌السلام وحدّها من التوسع في تأثيرها على قطاعات الأمة المختلفة. لذا نرى أن الإمامعليه‌السلام كان يكرّس جلّ وقته وتعليماته بخصوص شيعته ومواليه مع تحيّن الفرصة في اتخاذ المواقف التي تعكس وجهة النظر الإسلامية في الوقائع والأحداث مع بيان ابتعاد الحكّام العباسيين عن تطبيق تعاليم الإسلام وهم في قمة انحرافهم وانغماسهم في اللهو والمجون.وكانت مواقف الإمام الهاديعليه‌السلام تجاه الأحداث متناسبة مع تلك الظروف فكان يصدر توجيهاته وتعليماته بحذر ودقة وسرية تامة إلى شيعته وأصحابه.

٤٧

ولعلّ أهم وأوضح موقف وقفه الإمامعليه‌السلام في هذا الصدد بحسب ما لدينا من وثائق تاريخية هو موقفه تجاه محاولة المتوكل للنيل من الإمامعليه‌السلام عن طريق أخيه، حيث أغراه بعض جلسائه بدعوة موسى إليه لإشاعة أن ابن الرضا يجلس إلى المتوكل وينادمه الشرب واللهو، غير أن الإمامعليه‌السلام قد خرج فيمن خرج لاستقبال أخيه وحذّره عاقبة ما يقصده المتوكل ومن ثم أنبأه أنه لا يجتمع والمتوكل في مجلس، وكان كما قال الإمامعليه‌السلام حتى قتل المتوكل.(١)

رعاية الإمام الهاديعليه‌السلام لشيعته وقضاء حوائجهم

كتب الإمام الهاديعليه‌السلام كتاباً حذّر فيه محمد بن الفرج الرُخجي جاء فيه:

«يامحمد! اجمع أمرك وخذ حذرك» ، فلم يفهم ما أراده الإمام بكلامه هذا حيث قال محمد: فأنا في جمع أمري لست أدري ما الذي أراد ـ أي الإمام ـ بما كتب حتى ورد رسول حملني من وطني مصفّداً بالحديد، وضرب على كل ما أملك وكنت في السجن ثماني سنين.

ونجد أن رعاية الإمامعليه‌السلام لم تنقطع عن محمد هذا حتى كتب إليه وهو

ــــــــــــ

(١) أصول الكافي: ١/٥٠٢ ح ٨ وفي ط: ٢/٩ وعنه في الإرشاد: ٢/٣٠٧ وفي إعلام الورى: ٢/١٢١ ـ ١٢٢ وعن الإرشاد في كشف الغمة: ٣/١٧١.

٤٨

في السجن مبشّراً له بالخروج من السجن ثم أوصاه:يا محمد لا تنزل في ناحية الجانب الغربي .

وقال محمد: فقرأت الكتاب وقلت في نفسي: يكتب إلي أبو الحسن بهذا وأنا في السجن إنّ هذا لعجب، فما لبثت إلاّ أيّاماً يسيرة حتى فرّج عني وحلّت قيودي وخلي سبيلي(١) .

ومن ذلك أيضاً ما حدث بأحد أصحابه المتضررين من الحكم العباسي، حيث يقول قصدتُ الإمام يوماً فقلت: إن المتوكل قطع رزقي، وما أتّهم في ذلك إلاّ علمه بملازمتي لك، فينبغي أن تتفضّل عليّ بمساءلته.

فقال الإمامعليه‌السلام له:تُكفى إن شاء الله .

قال: فلما كان الليل طرقني رسل المتوكل رسول يتلو رسولاً، فجئت فوجدته في فراشه.

فقال: يا أبا موسى يشتغل شغلي عنك وتنسينا نفسك. أيّ شيء لك عندي به ؟ فقلت: الصلة الفلانيّة، وذكرت أشياء، فأمر لي بها وبضعفها، فقلت للفتح: وافى علي بن محمد إلى هاهنا ؟ وكتب رقعة ؟ قال: لا. قال فدخلت على الإمام فقال لي:ياأبا موسى هذا وجه الرضا . فقلت ببركتك ياسيدي، ولكن قالوا: إنك ما مضيت إليه ولا سألت ـ أي المتوكل ـ فأجابه الإمامعليه‌السلام مصححاً له رؤيته وتفكيره محاولاً أن يرتفع به إلى الانشداد بالله الواحد القادر سبحانه، بقوله:إن الله تعالى علم منّا أنّا لا نلجأ في المهمات إلاّ إليه، ولا نتوكل في الملمات إلاّ عليه وعوّدنا ـ إذا سألناه ـ الإجابة، ونخاف أن نعدل فيعدل بنا (٢) .

ــــــــــــ

(١) أصول الكافي: ١/٥٠٠ ح ٥ وعنه في الإرشاد: ٢/٣٠٦ وإعلام الورى: ٢/١١٥ وعن الإرشاد في كشف الغمة: ١٧٠.

(٢) أمالي الطوسي: ٢٨٥ ح ٥٥٥ وعنه في مناقب آل أبي طالب: ٤/٤٢٢.

٤٩

فكان الإمامعليه‌السلام على اطلاع دائم على الوضع والظروف التي كان يعيشها أصحابه وشيعته وهو يعمل جادّاً من أجل تخفيف وطأة ذلك عنهم لما يعلمه من سوء ظروفهم الاقتصادية والسياسية، وما تقوم به السلطة العباسية من التضييق وخلق ظروف يصعب عليهم التحرك أو العمل فيها فضلاً عن محاربتهم اقتصادياً وسياسياً وربّما كان يتوخى الإمامعليه‌السلام من ذلك أموراً مثل:

١ ـ تقوية صلتهم وتوجههم للارتباط بالله سبحانه وحده.

٢ ـ قضاء حوائجهم الخاصة.

٣ ـ إعادة الثقة بأنفسهم لمداومة نصرة الحق وخذلان الباطل.

٤ ـ تقوية صلتهم به والأخذ عنه وعن الثقات الذين يشير الإمام إليهم للتعامل معهم.

الإمام الهاديعليه‌السلام والغلاة

ظهر في عصر الإمامعليه‌السلام أشخاص وبرزت مجموعات تدعو إلى آراء وتوجهات خاصة بهم تحاول خداع السذّج من الناس لصرفهم عن قيادة الإمامعليه‌السلام وتشكيكهم في معتقداتهم لغرض تفتيت الحركة الشيعية وتحجيم دورها.

ولا يبعد أن تكون السلطة من وراء بعضها بواسطة أيادي كان يهمّها أن تضعف حركة الإمامعليه‌السلام وتضيق دائرة تأثيره فيما تبتدعه من أفكار هدّامة منافية للإسلام.

ومن هؤلاء الغلاة والمنحرفين علي بن حسكة والقاسم اليقطيني. ولما سئل الإمامعليه‌السلام من قبل أصحابه عن معتقدات(علي بن حسكة) قال

٥٠

الإمامعليه‌السلام عنها:«ليس هذا ديننا فاعتزله» (١) .

وعن محمد بن عيسى ـ أحد أصحاب الإمامعليه‌السلام ـ قال: كتب إلي أبو الحسن العسكري ابتداء منه:لعن الله القاسم اليقطيني ولعن الله علي بن حسكة القمي، انّ شيطاناً يتراءى للقاسم فيوحي إليه زخرف القول غروراً (٢) .

إلى غيرها من المواقف الكثيرة للإمامعليه‌السلام بهذا الخصوص لبيان وجه الحق وإثباتاً للعقيدة الحقة وتجنيباً لأصحابه وشيعته من الانحراف والزيغ.

الإمام الهاديعليه‌السلام والثورات في عصره

إن الظروف الاقتصادية والاجتماعية السيئة وظروف القهر والاستبداد السياسي التي عانت منها الأمة إبّان عصر الدولة العباسية الثاني حفّزت كثيراً من معارضي الدولة على الخروج المسلّح عليها فحدثت عدّة انتفاضات وثورات في أمصار الدولة كما كانت هناك حركات انفصالية قامت نتيجة لها دول وإمارات في أمصار مختلفة.

ولا ندعي شرعية جل هذه الحركات مع صعوبة معرفة موقف الإمامعليه‌السلام منها للحيطة والسرية التي كانت سمة تعامل الإمام وشيعته مع الأحداث إذ كانت وصاياه وتعليماته إلى خاصته وشيعته تتّسم بأعلى درجات السرية، وكانت تلك الثورات والانتفاضات على نوعين:

١ ـ الحركات والثورات التي تدعو إلى الرضا من آل محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

٢ ـ حركات معارضة لأسباب ودوافع متعددة منها الظلم والتعسّف السلطوي لحكام بني العباس وجور الولاة والأمراء وقوّاد الجند الأتراك ; لما امتازت به هذه الحقبة الزمنية من بروز دور واسع للأتراك في إدارة السلطة.

ــــــــــــ

(١) رجال الكشي: ٥١٦ ح ٩٩٤ و ٩٩٥.

(٢) رجال الكشي: ٥١٨ ح ٩٩٦.

٥١

الإمام الهاديعليه‌السلام وأساليب مواجهة السلطة

إن إبعاد الإمام الهاديعليه‌السلام عن المدينة وإقامته قريباً من مركز الخلافة في سامراء ما كان إلاّ لتحصى عليه حركاته وسكناته ومن ثم إبعاده عن شيعته وأهل بيته ومحبّيه كمحاولة من السلطة العباسية لإضعاف نشاط الإمام وتحجيم دوره وبالتالي إخضاعه لرقابة مشددة للتعرف على مدى تحرّكه أوّلاً ثم التعرف على شيعته وأصحابه ثانياً واتخاذ الإجراءات الكفيلة بإفشال تحرّكهم ومنع تأثير الإمام ومنع انتشار فكر الإمامعليه‌السلام بين أبناء الأمة الإسلامية التي عرفت الإمام الرضا ومدرسته وأبناءه الذين كانوا يشكّلون الجبهة الأساسية المعارضة للحكم القائم ثالثاً.

إذا ثبات الحكم العباسي كان يتوقّف على شل أيّ تحرّك ضده، من هنا نجد أنّ تعليمات الإمام وتوجيهاته لشيعته وأصحابه كانت تمتاز بالدقة والعمق لشدة وحراجة الظرف الذي كانوا يعيشونه.

وتبرز لنا صعوبة الظرف الذي كان يحيط بالإمامعليه‌السلام وشيعته من قبل السلطة العباسية الغاشمة من خلال نوع التعليمات التي كان يراعيها الإمام وشيعته وهي:

١ ـ اتخاذ أماكن سريّة للقاءات، فعن إسحاق الجلاب قال: دعاني الإمامعليه‌السلام فأدخلني من اصطبل داره إلى موضع واسع لا أعرفه(١) .

٢ ـ الحذر من كتابة المعلومات وما يصدر عن الإمامعليه‌السلام ، فعن داود الصرمي: أمرني سيدي ـ الإمام الهادي ـ بحوائج كثيرة فقالعليه‌السلام «قل: كيف تقول ؟ فلم أحفظ ما قال لي، فمر الدواة وكتب:

ــــــــــــ

(١) أصول الكافي: ١ / ٤٩٨ ـ ٤٩٩ ح ٣.

٥٢

بسم الله الرحمن الرحيم، أذكره إن شاء الله والأمر بيده ».

٣ ـ استعمال الأسماء السرية(١) .

٤ ـ استعمال القوة ضد العناصر التي كانت تشكّل خطراً.

٥ ـ الاعتماد على العناصر ذات الالتزام والإيمان والمخلصة في نقل الأخبار والرسائل(٢) .

هذا فضلاً عن أساليب أخرى لإيصال المعلومات أو اتّخاذ المواقف إزاء الأحداث العامة أو غيرها عن طريق طرح الأفكار في مجالس عامّة أو خاصّة أو عن طريق الأدعية والزيارات للأئمةعليهم‌السلام كما في الزيارة الجامعة الّتي تضمنت معاني سامية وأفكار عقائدية مهمّة.

لقد عاصر الإمام العسكريعليه‌السلام هذه الأحداث بكل تفاصيلها وشاهد كل ما ألَمَّ بأبيهعليه‌السلام وشيعته من إجراءات قمعية من قبل السلطة وما عانته الأمة منهم طيلة عقدين من الزمن.

٤ ـ زواج الإمام الحسن العسكريعليه‌السلام

روي عن بشر بن سليمان النخاس ـ وهو من ولد أبي أيوب الأنصاري ـ أحد موالي أبي الحسن الهادي وأبي محمد العسكريعليهما‌السلام أنّه قال: «أتاني كافور الخادم ـ خادم الإمام الهادي ـ فقال: مولانا أبو الحسن علي الهاديعليه‌السلام يدعوك إليه فأتيته فلما جلست بين يديه قال لي:يا بشر إنك من ولد الأنصار وهذه الموالاة لم تزل فيكم يرثها خلف عن سلف، فأنتم ثقاتنا أهل البيت، وإني مزكيك ومشرفك بفضيلة تسبق بها الشيعة في الموالاة بها، بسرّ أطلعك عليه، وأنفذك في ابتياع أمة .

ــــــــــــ

(١) يُراجع تاريخ الكوفة: ٣٩٣، ومنهاج التحرك عند الإمام الهادي: ٨٧ ـ ٩٣.

(٢) دلائل الإمامة: ٢١٩.

٥٣

فكتب كتاباً لطيفاً بخط رومي ولغة رومية وطبع عليه خاتمه وأخرج شقيقة صفراء فيها مئتان وعشرون ديناراً، فقال:خذها وتوجه إلى بغداد واحضر معبر الفرات ضحوة يوم كذا، فإذا وصلت إلى جانبك زواريق السبايا وترى الجواري فيها ستجد طوائف المبتاعين من وكلاء قواد بني العبّاس وشرذمة من فتيان العرب، فإذا رأيت ذلك فأشرف من البعد على المسمّى عمر بن يزيد النخّاس عامة نهارك إلى أن تبرز للمبتاعين جارية صفتها كذا وكذا، لابسة حريرين صفيقين تمتنع من العرض ولمس المعترض والانقياد لمن يحاول لمسها، وتسمع صرخة رومية من وراء ستر رقيق،(فاعلم) أنّها تقول: واهتك ستراه، فيقول بعض المبتاعين: عليّ ثلاثمئة دينار فقد زادني العفاف فيها رغبة، فتقول له بالعربية: ولو برزت في زيّ سليمان بن داود وعلى شبه ملكه ما بدت لي فيك رغبة فأشفق على مالك، فيقول النخّاس: فما الحيلة؟ ولا بد من بيعك، فتقول الجارية: وما العجلة؟ ولا بد من اختيار مبتاع يسكن قلبي إليه وإلى وفائه وأمانته، فعند ذلك قم إلى عمر بن يزيد النخّاس وقل له: أنّ معك كتاباً ملصقاً لبعض الأشراف كتبه بلغة رومية وخطّ رومي، ووصف فيه كرمه ووفاءه ونبله وسخاءه، فناولها لتتأمل منه أخلاق صاحبه فإن مالت إليه ورضيتهُ، فأنا وكيله في ابتياعها منك .

قال بشر بن سليمان: فامتثلت جميع ما حدّه لي مولاي أبو الحسنعليه‌السلام في أمر الجارية (فلما نَظَرَتْ) في الكتاب بكتْ بكاءً شديداً وقالت لعمر بن يزيد بِعني لصاحب هذا الكتاب، وحلفت بالمحرجة والمغلظة أنه متى امتنع من بيعها منه قتلتْ نفسها، فما زلت أُشاحّه في ثمنها حتّى استقرّ الأمر فيه على مقدار ما كان أصحبنيه مولايعليه‌السلام من الدنانير، فاستوفاه مني وتسلّمت الجارية ضاحكة مستبشرة، وانصرفت بها إلى الحجيرة التي كنت آوي إليها ببغداد، فما أخذها القرار حتّى أخرجت كتاب مولاناعليه‌السلام من جيبها وهي تلثمه وتطبقه على جفنها وتضعه على خدّها وتمسحه على بدنها، فقلت تعجباً

٥٤

منها: تلثمين كتاباً لا تعرفين صاحبه ؟ فقالت: أيها العاجز الضعيف المعرفة بمحلّ أولاد الأنبياء أعِرني سمعك وفرّغ لي قلبك أنا مليكة بنت يشوعا بن قيصر ملك الروم، وأمي من ولد الحواريين تنسب إلى وصيّ المسيح شمعون: أُنبِّئُك بالعجب: إنّ جدي قيصر أراد أن يزوّجني من ابن أخيه وأنا من بنات ثلاث عشرة سنة فجمع في قصره من نسل الحواريين من القسيّسين والرهبان ثلاثمئة رجل، ومن ذوي الأخطار منهم سبعمائة رجل، وجمع من أمراء الأجناد وقوّاد العسكر ونقباء الجيوش وملوك العشائر أربعة آلاف، وأبرز من بهيّ ملكه عرشاً مصنوعاً من أصناف الجوهر إلى صحن القصر، ورفعه فوق أربعين مرقاة فلما صعد ابن أخيه وأحدقت الصلب وقامت الأساقفة عكّفاً ونشرت أسفار الإنجيل تسافلت الصلب من الأعلى فلصقت بالأرض وتقوّضت أعمدة العرش فانهارت إلى القرار. وخرّ الصاعد من العرش مغشيًّا عليه فتغيّرت ألوان الأساقفة وارتعدت فرائصهم.

فقال كبيرهم لجدّي: أيّها الملك أعفنا من ملاقاة هذه النحوس الدالّة على زوال دولة هذا الدين المسيحي والمذهب الملكاني فتطيّر جدّي من ذلك تطيّراً شديداً(وقال) للأساقفة أقيموا هذه الأعمدة وارفعوا الصلبان وأحضروا أخا هذا المدبر العاثر المنكوس جدّه لأزوجه هذه الصبيّة فيدفع نحوسه عنكم بسعوده. فلمّا فعلوا ذلك حدث على الثاني مثل ما حدث على الأوّل وتفرّق الناس وقام جدّي قيصر مغتمّاً فدخل منزل النساء واُرخيت الستور واُريتُ في تلك الليلة كأنّ المسيح وشمعون وعدّة من الحواريين قد اجتمعوا في قصر جدّي ونصبوا فيه منبراً من نور يُباري السماء علوّاً وارتفاعاً في الموضع الذي كان نصب جدّي فيه عرشه، ودخل عليهم محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وختنه ووصيّه وعدّة من أبنائهعليهم‌السلام فتقدّم المسيح إليه فاعتنقه، فيقول له محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : يا روح الله

٥٥

جئتُك خاطباً من وصيّك شمعون فتاتَه مليكة لابني هذا ـ وأوْمأ بيده إلى أبي محمدعليه‌السلام ابن صاحب هذا الكتاب ـ فنظر المسيح إلى شمعون وقال له: قد أتاك الشرف فَصِل رَحِمَك رَحِمَ آلِ محمّدعليهم‌السلام قال: قد فعلتُ فصعد ذلك المنبر فخطب محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وزوّجني من ابنه وشهد المسيحعليه‌السلام ، وشهد أبناء محمّدعليهم‌السلام والحواريون.

فلما استيقظت أشفقْتُ أنْ أقصّ هذه الرؤيا على أبي وجدّي مخافة القتل فكنت أُسِرّها ولا أُبديها لهم وضرب صدري بمحبّة أبي محمّدعليه‌السلام حتى امتنعت من الطعام والشراب فضعُفتْ نفسي ودقّ شخصي، ومرضت مرضاً فما بقي في مدائن الروم طبيب إلاّ أحضره جدّي وسأله عن دوائي فلما برح به اليأس(قال): ياقرّة عيني وهل يخطر ببالك شهوة فازوّدكها في هذه الدنيا ؟ فقلت ياجدّي أرى أبواب الفرج عليّ مغلقة فلو كشفت العذاب عمّن في سجنك من اُسارى المسلمين وفككت عنهم الأغلال وتصدّقت عليهم ومنّيْتهم الخلاص رجوت أن يهب لي المسيح وأمه عافية، فلما فعل ذلك تجلّدت في إظهار الصحة من بدني قليلاً وتناولت يسيراً من الطعام فسُرّ بذلك وأقبل على إكرام الأُسارى وإعزازهم، فأُريتُ بعد أربع عشرة ليلة كأنّ سيدة نساء العالمين فاطمةعليها‌السلام قد زارتني ومعها مريم ابنة عمران وألف من وصائف الجنان، فتقول لي مريم: هذه سيدة نساء العالمين أم زوجك أبي محمدعليه‌السلام ، فأتعلّق بها وأبكي وأشكو إليها امتناع أبي محمّدعليه‌السلام من زيارتي، فقالت سيدة النساءعليها‌السلام إن ابني أبا محمد لا يزورك وأنت مشركة بالله على مذهب النّصارى، وهذه اُختي مريم بنت عمران تبرأ إلى الله تعالى من دينك فإن مِلْت إلى رضاء الله ورضاء المسيح ومريمعليهما‌السلام وزيارة أبي محمد إيّاك فقولي:

أشهد أن لا إله إلاّ الله وأنّ أبي محمداً، رسول الله، فلما تكلمت بهذه الكلمة

٥٦

ضمَّتني إلى صدرها سيّدة نساء العالمين وطَيَّبَتْ نفسي وقالت: الآن توقَّعي زيارة أبي محمّد فإني منفذته إليك، فانتبهت وأنا أقول وأتوقّع لقاء أبي محمدعليه‌السلام ، فلمّا كان في الليلة القابلة رأيت أبا محمدعليه‌السلام وكأنّي أقول له: جفوتني ياحبيبي بعد أن أتْلَفَتْ نفسي معالجة حبك. فقال: ما كان تأخّري عنك إلاّ لشركك ، فقد أسلمت وأنا زائرك في كل ليلة إلى أن يجمع الله تعالى شملنا في العيان، فما قطع عني زيارته بعد ذلك إلى هذه الغاية.

(قال بشر) فقلت لها: وكيف وقعت في الأُسارى ؟ فقالت: أخبرني أبو محمّدعليه‌السلام ليلة من الليالي أنّ جدكِ سيسيّر جيشاً إلى قتال المسلمين يوم كذا وكذا، ثمّ يتّبعهم فعليك باللّحاق بهم مُتَنَكِّرة في زيّ الخدم مع عدّة من الوصائف من طريق كذا. ففعلت ذلك فوقعت علينا طلايع المسلمين حتّى كان من أمري ما رأيت وشاهدت وما شعر بأني ابنة ملك الروم إلى هذه الغاية أحد سواك، وذلك باطلاعي إياك عليه، ولقد سألني الشيخ الذي وقعتُ إليه في سهم الغنيمة عن اسمي فقلت: نرجس، فقال: اسم الجواري.

قلت: العجب إنّك روميّة ولسانك عربيّ، قالت: نعم من ولوع جدّي وحمله إيّاي على تعلّم الآداب أنْ أوعَز إلى امرأة ترجمانة لي في الاختلاف إليّ وكانت تقصدني صباحاً ومساءاً وتفيدني العربية حتى استمرّ لساني عليها واستقام.

(قال بشر): فلما انكفأت بها إلى سرّ من رأى دخلت على مولاي أبي الحسنعليه‌السلام فقال:كيف أراكِ اللهُ عزّ الإسلام، وذلّ النصرانيّة، وشرف محمّد وأهل بيته عليهم‌السلام ؟ قالت: كيف أصف لك يابن رسول الله ما أنت أعلم به منّي. قال:فإني أحببت أن أكرمك، فما أحب إليك عشرة آلاف دينار أم بشرى لك بشرف الأبد ؟

قالت بشرى بولد لي: قال لها:أبشري بولد يملك الدّنيا شرقاً وغرباً ويملأ

٥٧

الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً .

قالت: ممّن ؟ قال:ممّن خطبك رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم له ليلة كذا في شهر كذا من سنة كذا بالرومية .

قالت: من المسيح ووصيه ؟ قال لها:ممّن زوجك المسيح عليه‌السلام ووصيه ؟ قالت: من ابنك أبي محمدعليه‌السلام ؟ فقال:هل تعرفينه ؟ قالت: وهل خلت ليلة لم يرني فيها منذ الليلة التي أسلمت على يد سيّدة النساء صلوات الله عليها ؟ قال: فقال مولانا:يا كافور ادع أختي حكيمة، فلمّا دخلتْ قال لها: هاهية . فاعتنقتها طويلاً وسرّت بها كثيراً، فقال لها أبو الحسنعليه‌السلام :يا بنت رسول الله خذيها إلى منزلك وعلّميها الفرائض والسنن فإنّها زوجة أبي محمد وأم القائم (١) .

وروى الصدوق بسنده عن محمد بن عبد الله الطهري أنه قال: قصدت حكيمة بنت محمدعليه‌السلام بعد مضي أبي محمّدعليه‌السلام أسألها عن الحجة وما قد اختلف في الناس من الحيرة التي هم فيها، فقالت لي: اجلس فجلست ثم قالت: يا محمّد إن الله تبارك وتعالى لا يخلي الأرض من حجة ناطقة أو صامتة، ولم يجعلها في أخوين بعد الحسن والحسينعليهما‌السلام . تفضيلاً للحسن والحسين وتنزيهاً لهما أن يكون في الأرض عديلهما إلاّ أن الله تبارك وتعالى خصّ ولد الحسين بالفضل على ولد الحسنعليه‌السلام كما خصّ ولد هارون على ولد موسىعليه‌السلام وإن كان موسى حجة على هارون والفضل لولده إلى يوم القيامة. ولا بد للأمة من حيرة يرتاب فيها المبطلون ويخلص فيها المحقّون كيلا يكون للخلق على الله حجة، إن الحيرة لا بدّ واقعة بعد مضيّ أبي محمد الحسنعليه‌السلام .

ــــــــــــ

(١) الغيبة، للطوسي: ١٢٤ ـ ١٢٨.

٥٨

فقلت: يا مولاتي هل كان للحسنعليه‌السلام ولد ؟ فتبسّمت ثم قالت: إذا لم يكن للحسنعليه‌السلام عقب فمن الحجة من بعده ؟ وقد أخبرتك أنه لا إمامة لأخوين بعد الحسن والحسينعليهما‌السلام .

فقلت: يا سيدتي حدّثيني بولادة مولاي وغيبتهعليه‌السلام . وفي هذا النصّ تشير حكيمة إلى أن نرجس قد كانت جارية لها، وأنّ الإمام الحسن العسكريعليه‌السلام في زمن حياة أبيه الهاديعليه‌السلام يصرّح لعمّته بأنّ الله سيخرج منها ولداً كريماً على الله عزّ وجلّ فيملأ به الأرض قسطاً وعدلاً بعدما تملأ ظلماً وجوراً.

وهنا تبادر حكيمة فتستأذن الإمام الهاديعليه‌السلام لتهب هذه الجارية إلى ابنه الحسن العسكريعليه‌السلام .

وهنا تقول حكيمة: فلبست ثيابي وأتيت منزل أبي الحسنعليه‌السلام وجلست. فبدأنيعليه‌السلام وقال:يا حكيمة إبعثي نرجس إلى ابني أبي محمد . قالت: فقلت: يا سيدي على هذا قصدتك على أن استأذنك في ذلك. فقال لي:يا مباركة إن الله تبارك وتعالى أحبّ أن يشركك في الأجر ويجعل لك في الخير نصيباً .

قالت حكيمة: فلم ألبث أن رجعت إلى منزلي وزيّنتها ووهبتها لأبي محمدعليه‌السلام وجمعت بينه وبينها في منزلي فأقام عندي أيّاماً ثم مضى إلى والدهعليه‌السلام ووجّهت بها معه(١) .

والمشتركات بين الخبرين أمور عديدة ولا مانع من أن تكون هذه الرواية قد أهملت كثيراً من التفاصيل التي جاءت في الرواية الأولى.

وهناك روايات أخرى كلها تصرّح بوجود دور مهم لحكيمة عمّة الإمام الحسنعليه‌السلام في ولادة الإمام المهدي المنتظرعليه‌السلام .

ــــــــــــ

(١) كمال الدين: ٢ / ٤٢٦، وعنه في بحار الأنوار: ٥١ / ١١.

٥٩

٥ ـ علاقة الإمام الحسن العسكريعليه‌السلام بأخيه محمد

كان للإمام علي الهاديعليه‌السلام من الذكور أربعة وبنت واحدة، والذكور هم:

١ ـ السيد محمد وكنيته أبو جعفر.

٢ ـ الإمام الحسن العسكري.

٣ ـ جعفر(المعروف بالتوّاب أو الكذّاب).

٤ ـ الحسين.

والسيد محمد هو أكبر أولاد أبيه، وكان سيداً جليلاً ومجمعاً للكمالات(١) وكانت الشيعة تتصوّر أنه الإمام بعد ابيه، لما كان يتميّز به من ذكاء وخلق رفيع وسعة علم وسمو آداب.

وتحدّث العارف الكلاني عن وقاره ومعالي أخلاقه قائلاً: صحبت أبا جعفر محمد بن علي الرضا وهو حدث السن فما رأيت أوقر ولا أزكى ولا أجلّ منه... وكان ملازماً لأخيه أبي محمدعليه‌السلام لا يفارقه.(٢)

«ولما خرج الإمام الهاديعليه‌السلام من المدينة إلى سامرّاء ترك ابنه السيد محمد في المدينة المنوّرة وهو طفل، وبعد سنوات التحق بأبيه ومكث عنده مدّة، ثمّ أراد الرجوع إلى المدينة وفي الطريق وصل إلى مدينة بلد فمرض هناك وفارق الحياة في سنة(٢٥٢هـ). وعمره قد تجاوز العشرين سنة(٣) .

ــــــــــــ

(١) الإمام الهادي من المهد إلى اللحد: ١٣٦ ـ ١٣٧.

(٢) حياة الإمام الحسن العسكري: ٢٤ ـ ٢٥ عن المجدي في النسب(مخطوط).

(٣) الإمام الهادي من المهد إلى اللحد: ١٣٧.

٦٠

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

لهو المؤمن في ثلاثة أشياء

٢١٠ - حدثنا أبي رضي الله عنه قال: حدثنا سعد بن عبدالله قال: حدثني حماد بن يعلى بن حماد، عن أبيه، عن حماد بن عيسى الجهني، عن حريز بن عبدالله، عن زرارة بن أعين، عن أبي جعفر عليه السلام قال: لهو المؤمن في ثلاثة أشياء: التمتع بالنساء ومفاكهة الاخوان والصلاة بالليل.

من اجتمعت له ثلاث خصال فكأنما حيزت له الدنيا

٢١١ - حدثنا أبوالحسن محمد بن أحمد بن علي بن أسد الاسدي قال: حدثنا عبدالله بن سليمان، وعبدالله بن محمد الوهبي، وأحمد بن عمير، ومحمد بن أبي أيوب قالوا: حدثنا محمد بن بشر بن هانئ بن عبد الرحمن(١) قال: حدثنا أبي، عن عمه إبراهيم ابن أبي عبلة(٢) عن أم الدرداء، عن أبي الدرداء قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله: من أصبح معافى في جسده، آمنا في سربه، عنده قوت يومه، فكأنما حيزت(٣) له الدنيا. يا ابن خثعم(٤) يكفيك منها ما سد جوعتك ووارى عورتك فإن يكن بيت

______________

(١) السند إلى هنا هكذا في جميع النسخ. وفى الامالى للمصنف « عبدالله بن هانئ » بدل « محمد بن بشر بن هانئ ».

(٢) ابراهيم بن أبى عبلة - بسكون الموحدة - اسمه شمر بن يقظان الشامي يكنى أبا اسماعيل ثقة، وممن يروى عنه هانئ بن عبد الرحمن. وابراهيم ذكر فيمن يروى عن ام الدرداء كما في تهذيب التهذيب للعسقلاني.

(٣) في النهاية: يقال فلان آمن في سربه أي في نفسه وفلان واسع السرب أي رخى البال. ويروى - بالفتح - وهو المسلك والطريق، يقال: خل له سربه أي طريقه. وفى التنزيل « واتخذ سبيله في البحر سربا » أي مسلكا. قوله « حيزت » أي جمعت. وفى بعض النسخ « خيرت » وهو تصحيف.

(٤) كذا وهذا من غريب التصحيف الذى فعله النساخ والصواب « يا ابن آدم جفينة يكفيك - » كما رواه الطبراني في الكبير على ما في مجمع الزوائد ج ١٠ ص ٢٨٩ عن أبى الدرداء وهو هذا الحديث بلفظه. والجفينة تصغير جفنة وهى القصعة والمظنون جدا أنه =

١٦١

يكنك فذاك وإن تكن دابة تركبها فبخ، فلق الخبز وماء الجر(١) وما بعد ذلك حساب عليك أو عذاب.

ضرب النبي صلّى الله عليه وآله في الخندق بالمعول ثلاث مرات

وكبر ثلاث مرات

٢١٢ - حدثنا محمد بن إبراهيم بن أحمد بن يونس الليثي(٢) قال: حدثنا أبوعبدالله محمد بن الفرج الشروطي(٣) قال: حدثنا أبوعبدالله محمد بن يزيد بن المهلب قال: حدثنا أبوسفيان(٤) قال: حدثني عوف، عن ميمون قال: أخبرني البراء بن - عازب قال: لما أمر رسول الله صلّى الله عليه وآله: بحفر الخندق عرضت له صخرة عظيمة شديدة في عرض الخندق لا تأخذ فيها المعاول فجاء رسول الله صلّى الله عليه وآله فلما رآها وضع ثوبه فأخذ المعول، وقال: بسم الله وضرب ضربة فكسر ثلثها، فقال: الله أكبر اعطيت مفاتيح الشام، والله إني لابصر قصورها الحمر الساعة، ثم ضرب الثانية فقال: بسم الله، ففلق ثلثا آخر، فقال: الله أكبر اعطيت مفاتيح فارس، والله إني لابصر قصر المدائن الابيض، ثم ضرب الثالثة ففلق بقية الحجر، فقال: الله أكبر اعطيت مفاتيح اليمن، و الله إني لابصر أبواب صنعاء من مكاني هذا.

______________

= جعل الكاتب « جفينة » فوق « آدم » واتصل الهاء بالميم هكذا (جفينة يابن آدم) فقرأه بعضهم « يا ابن خثعم » كما في النسخ، وبعضهم « يا ابن جعشم » كما في الامالى والوسائل.

(١) في النسخ المطبوعة « فبخ بخ والخير وماء الخير » وهو أيضا من تصحيف النساخ، والجر لغة في الجرة - بالفتح - بمعنى الاناء، أو كتمرة وتمر كما في المصباح

(٢) احتمل بعض الافاضل اتحاده مع محمد بن أحمد بن ابراهيم بن أحمد المعاذى.

(٣) كذا، وفى الامالى « محمد بن عبدالله بن الفرج ».

(٤) هو أبوسفيان سعيد بن يحيى الحذاء الواسطي روى عن عوف الاعرابي البصري المترجم في التهذيب تحت رقم ٣٠١ وهو ممن يروى عن ميمون أبى عبدالله البصري الكندى المترجم فيه تحت رقم ٧٠٥ وهو عن البراء. وفى النسخ « حدثنا أبوسنان قال: حدثنى عوف بن ميمون » وهذا أيضا من تصحيف النساخ.

١٦٢

أحب الاعمال إلى الله عزّوجلّ ثلاثة

٢١٣ - أخبرني الخليل بن أحمد السجزي قال: أخبرنا أبوالقاسم البغوي قال: حدثنا علي - يعني ابن الجعد - قال: أخبرنا شعبة قال: أخبرني الوليد بن العيزار ابن حريث(١) قال: سمعت أبا عمرو الشيباني قال: حدثني صاحب هذه الدار وأشار بيده إلى دار عبدالله بن مسعود قال: سألت رسول الله صلّى الله عليه وآله أي الاعمال أحب إلى الله عزّوجلّ؟ قال: الصلاة لوقتها، قلت: ثم أي شئ؟ قال: بر الوالدين، قلت: ثم أي شئ؟ قال: الجهاد في سبيل الله عزّوجلّ، قال: فحدثني بهذا ولو استزدته لزادني.

أشد ما يتخوف على امتى ثلاثة أشياء

٢١٤ - حدثنا أبوأحمد الحسن بن عبدالله بن سعيد العسكري قال: أخبرنا أبوأسيد أحمد بن محمد بن اسيد الاصبهاني قال: حدثنا أحمد بن يحيى الصوفي قال: حدثنا أبوغسان قال: حدثنا مسعود بن سعد الجعفي - وكان من خيار من أدركنا - عن يزيد بن أبي زياد، عن مجاهد، عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله: أشد ما يتخوف على أمتي ثلاثة: زلة عالم، أو جدال منافق بالقرآن أو دنيا تقطع رقابكم، فاتهموها على أنفسكم.

من كان يؤمن بالله واليوم الاخر فلا يفعل ثلاثة اشياء

٢١٥ - حدثنا الخليل بن أحمد قال: أخبرنا محمد بن معاذ قال: حدثنا علي بن -

______________

(١) قال العسقلاني: على بن الجعد بن عبيد الجوهرى البغدادي ثقة ثبت رمى بالتشيع مات سنة ثلاثين ومائتين. وذكره فيمن يروى عن شعبة بن الحجاج وهو ممن يروى عن الوليد بن العيزار بن حريث العبدى الكوفى الثقة وهو ممن يروى عن سعد بن اياس أبى عمرو الشيباني وهو مخضرم عاش مائة وعشرين سنة، حضر القادسية ومات بعد ٩٦. وممن يروى عن على بن الجعد أبوالقاسم عبدالله بن محمد بن عبد العزيز البغوي المذكور في صدر السند.

١٦٣

خشرم قال: حدثنا عيسى بن يونس، عن أبي معمر، عن سعيد المقبري(١) عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله: من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يجلس على مائدة يشرب عليها الخمر(٢) ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يدخل الحمام إلا بمئزر، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يدع حليلته تخرج إلى الحمام(٣) .

التخوف على الامة من ثلاث خصال

٢١٦ - حدثنا أبوالحسن علي بن عبدالله الاسواري المذكر قال: حدثنا أبويوسف أحمد بن محمد بن قيس السجزي المذكر قال: حدثنا أبويعقوب قال: حدثنا علي بن خشرم قال: أخبرنا عيسى، عن أبي عبيدة(٤) عن محمد بن كعب قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله: إنما أتخوف على امتي من بعدي ثلاث خصال: أن يتأولوا القرآن على غير تأويله(٥) أو يتبعوا زلة العالم، أو يظهر فيهم المال حتى يطغوا ويبطروا، و سانبئكم المخرج من ذلك: أما القرآن فاعملوا بمحكمه وآمنوا بمتشابهه، وأما

______________

(١) سعيد بن أبي سعيد كيسان المقبرى أبوسعد المدنى ثقة. (التقريب).

(٢) وان لم يشرب هو وذلك لوجوب ازالة المنكر وحرمة الكون في مجلس يفعل فيه الحرام لانه تقرير على منكر.

(٣) أي بغير عذر شرعى كلزوم الطهارة أو إذا ما يترتب عليه مفسدة، أو إذا ما خرجت منفردة دون أن يراقبها أحد من محارمه.

(٤) المراد بعيسى عيسى بن يونس بن أبى اسحاق السبيعى كما في الحديث السابق وأبو عبيدة هو ابن عبيد الله بن عبد الرحمن الاشجعى. وما في نسخ الخصال من « ابن عبيدة » مصحف، وفى البحار كما في المتن وهو الصواب.

(٥) التأويل ارجاع الكلام وصرفه عن معناه الظاهرى إلى معنى أخفى منه مأخوذ من آل يؤل إذا رجع وصار إليه. واعلم أن التأويل غير جائز في مذهبنا وبابه مسدود الا عن أهله وهم الراسخون في العلم، والمراد بهم الائمة المعصومون عليهم السلام.

١٦٤

العالم فانتظروا فيئته ولا تتبعوا زلته(١) ، وأما المال فان المخرج منه شكر النعمة و أداء حقه.

حبب إلى النبي صلّى الله عليه وآله من الدنيا ثلاث

٢١٧ - حدثنا أبوأحمد محمد بن جعفر البندار الشافعي بفرغانة قال: حدثنا أبوالعباس الحمادي قال: حدثنا صالح بن محمد البغدادي قال: حدثنا علي بن الجعد، قال: أخبرنا سلام أبوالمنذر(٢) قال: سمعت ثابت البناني ولم أسمع من غيره يحدث عن أنس بن مالك، عن النبي صلّى الله عليه وآله قال: حبب إلي من الدنيا(٣) النساء. والطيب، وقرة عيني في الصلاة.

٢١٨ - حدثنا أبوعلي الحسن بن علي بن محمد بن [ علي بن ] عمر [ و ] العطار ببلخ قال: حدثنا أبومصعب محمد بن أحمد بن مصعب بن القاسم السلمي بترمذ قال: حدثنا أبومحمد أحمد بن محمد بن إسحاق بن هارون الآملي بآمل قال: حدثنا أحمد بن محمد بن غالب البصري الزاهد ببغداد قال: حدثنا يسار مولى أخا(٤) أنس بن مالك، عن أنس، عن النبي صلّى الله عليه وآله: قال: حبب إلي من دنياكم النساء والطيب، وجعل قرة عيني في الصلاة.

قال مصنف هذا الكتاب - رضي الله عنه -: إن الملحدين يتعلقون بهذا الخبر ويقولون: إن النبي صلّى الله عليه وآله قال: حبب إلي من دنياكم النساء والطيب، وأراد أن يقول الثالث فندم وقال: « وجعل قرة عيني في الصلاة » وكذبوا لانه صلّى الله عليه وآله لم يكن مراده بهذا الخبر إلا الصلاة وحدها لانه صلّى الله عليه وآله قال: ركعتين يصليهما المتزوج أفضل

______________

(١) أي فانتظروا رجوعه عن الزلة إلى الحق والاستقامة.

(٢) هو سلام سليمان المزني أبوالمنذر القارئ النحوي الكوفى قال ابن أبى حاتم صدوق صالح الحديث. وفى النسخ المطبوعة « سلام بن المنذر ».

(٣) زاد هنا في بعض النسخ « ثلاث » ولا أصل له إذ يغير المعنى لانه انما ذكر اثنين وفصل الاخير بقوله « قرة عينى ». ويأتى بيان الخبر عند قول المصنف.

(٤) كذا.

١٦٥

عند الله من سبعين ركعة يصليها غير متزوج، وإنما حبب الله إليه النساء لاجل الصلاة وهكذا قال: ركعتين يصليهما متعطر أفضل من سبعين ركعة يصليها غير متعطر، وإنما حبب الله إليه الطيب أيضا لاجل الصلاة، ثم قال عليه السلام « وجعل قرة عيني في الصلاة » لان الرجل لو تطيب وتزوج، ثم لم يصل لم يكن له في التزويج والطيب فضل و لا ثواب(١) .

______________

(١) ينبغى التأمل في ألفاظ الخبر قبل توضيحه. الاول قوله صلّى الله عليه وآله: « حبب » بصيغة المجهول دون « أحببت » والثانى « من دنياكم » والثالث « قرة عينى في الصلاة ». وأما قوله « حبب » اشارة إلى أن جبلته صلّى الله عليه وآله مجبولة على حب امور الآخرة دون الدنيا. ولكن الله تعالى حببه لهذين الشيئين: حب النساء والطيب من امور الدنيا لكثرة ما يترتب عليهما من المنافع والخيرات. اما النساء فيترتب على حبهن مضافا على كثرة التناسل امور اخر وقد أباح الله تعالى له صلّى الله عليه وآله تزويج تسعة من النساء دون أمته لتلك الامور وهى أن الله تعالى أراد نقل بواطن الشريعة وظواهرها وما يستحيا من ذكره وما لا يستحيا منه وكان صلّى الله عليه وآله أشد الناس حياء، فجعل الله له نسوة ينقلن من الشرع ما يرينه من أفعاله و يسمعنه من أقواله ويذكرنه من سنته في معاشرته معهن التى قد يستحيى من الافصاح بها بحضرة الرجال وذلك ليتكمل نقل الشريعة. فقد نقلن كثيرا من آدابه في تهجده وسواكه ونومه ويقظته وسائر اموره ما لم يكن ينقله غيرهن وما رأينه في منامه وخلواته من الايات الباهرات والحجج البالغات على نبوته، ومن جده واجتهاده في العبادة وخشيته من الله وغيرها مما يشهد كل ذى لب أنها لا تكون الا لنبى وما كان يشاهدها غيرهن، فحصل بذلك خير عظيم. و هذا هو المشاهد لمن سبر كتب الحديث.

وأما الطيب وان كان تنعم في الدنيا الا أنه يقوى القلب والجوارح، مضافا إلى أنه حظ الملائكة ففى الخبر « لا تدع الطيب فان الملائكة تستنشق ريح الطيب من المؤمن ».

وأما قوله صلّى الله عليه وآله « من دنياكم » كما في الخبر الثاني ففيه مالا يخفى من اضافة الدنيا إلى غيره. وأما قوله صلّى الله عليه واله « قرة عينى في الصلاة » اشارة إلى أنه وان كان حبب إليه من الدنيا « النساء والطيب » لكن قرة عينه في الصلاة لا غير، يعنى محبوبه الحقيقي وما يقر عينه و =

١٦٦

كان الصادق (عليه السلام) لا يخلو من احدى ثلاث خصال

٢١٩ - حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل رضي الله عنه قال: حدثنا علي بن - الحسين السعد آبادي، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن أبيه قال: حدثنا أبوأحمد محمد بن زياد الازدي قال: سمعت مالك بن أنس(١) فقيه المدينة يقول: كنت أدخل على الصادق جعفر بن محمد عليهما السلام فيقدم لي مخدة ويعرف لي قدرا ويقول: يا مالك إني احبك فكنت أسر بذلك وأحمد الله عليه، وكان عليه السلام لا يخلو من إحدى ثلاث خصال: إما صائما وإما قائما وإما ذاكرا، وكان من عظماء العباد وأكابر الزهاد الذين يخشون الله عزّوجلّ، وكان كثير الحديث، طيب المجالسة، كثير الفوائد فإذا قال: « قال رسول الله صلّى الله عليه وآله » اخضر مرة واصفر اخرى حتى ينكره من يعرفه، ولقد حججت معه سنة فلما استوت به راحلته عند الاحرام كان كلما هم بالتلبية انقطع الصوت في حلقه وكاد يخر من راحلته، فقلت: قل يا ابن رسول الله فلابد لك من أن تقول، فقال عليه السلام: يا ابن أبي عامر كيف أجسر أن أقول: « لبيك اللهم لبيك » وأخشى أن يقول عزّوجلّ [ لي ]: لا لبيك ولا سعديك.(٢)

ينتفع زائر الرضا عليه السلام في ثلاث مواطن

٢٢٠ - حدثنا علي بن أحمد بن موسى رضي الله عنه قال: حدثنا محمد بن أبي -

______________

= يتعلق سويداء قلبه به هو في الصلاة هذا إذا كانت « الصلاة » بفتح الصاد، وأما إذا كان بكسر الصاد كما قد قرء فهو من باب « وصل » واحدها صلة بكسر الصاد فهى العطية والاحسان و الجائزة وما يقال له بالفارسية (چشم روشنى) فلعل المراد اهداء الطيب كما يظهر من بعض الاخبار ففى معاني الاخبار في معنى لا يأبى الكرامة الا الحمار المراد الطيب والتوسعة في المجلس. لكنه بعيد ومخالف لكتابة الصلاة لانها بالتاء المدور لا الممدود.

(١) هو مالك بن أنس بن مالك بن أبى عامر أبوعبدالله المدنى الفقيه.

(٢) لبيك أي مقيم على طاعتك اقامة بعد اقامة. وسعديك أي اسعدك اسعادا بعد اسعاد.

١٦٧

عبدالله الكوفي، عن أحمد بن محمد بن صالح الرازي، عن حمدان الديواني(١) قال: قال الرضا عليه السلام: من زارني على بعد داري أتيته يوم القيامة في ثلاث مواطن حتى اخلصه من أهوالها: إذا تطايرت الكتب يمينا وشمالا، وعند الصراط، وعند الميزان.

الاعمال على ثلاثة أحوال

٢٢١ - حدثنا أبوالحسن محمد بن عمرو بن علي البصري قال: حدثنا أبوالحسن علي بن الحسن بن الميثمي قال: حدثنا أبوالحسن علي بن مهرويه القزويني قال: حدثنا أبوأحمد الغازي قال: حدثنا علي بن موسى الرضا قال: حدثني أبي موسى ابن جعفر قال حدثني أبي جعفر بن محمد قال: حدثني أبي محمد بن علي قال: حدثنا أبي علي بن الحسين قال: حدثنا أبي الحسين بن علي قال: سمعت أبي علي بن أبي - طالب عليهم السلام يقول: الاعمال على ثلاثة أحوال فرائض، وفضائل، ومعاصي. فأما الفرائض فبأمر الله وبرضى الله وبقضاء الله وتقديره ومشيئته وعلمه عزّوجلّ. وأما الفضائل فليست بأمر الله(٢) ولكن برضى الله وبقضاء الله وبمشيئته الله وبعلم الله عز وجل، وأما المعاصي فليست بأمر الله ولكن بقضاء الله وبقدر الله وبمشيئته وعلمه ثم يعاقب عليها.

قال مصنف هذا الكتاب - رضي الله عنه - المعاصي بقضاء الله معناه بنهي الله لان حكمه عزّوجلّ فيها على عباده الانتهاء عنها، ومعنى قوله « بقدر الله » أي بعلم الله بمبلغها ومقدارها. ومعنى قوله « وبمشيئته » فانه عزّوجلّ شاء أن لا يمنع العاصي من المعاصي إلا بالزجر والقول والنهي والتحذير، دون الجبر والمنع بالقوة و الدفع بالقدرة.

______________

(١) في بعض النسخ « الديرانى ».

(٢) يعنى الامر الوجوبى. أي لا يأمر بها وجوبا.

١٦٨

أمر الباقر عليه السلام ابنه الصادق عليه السلام

بثلاث ونهاه عن ثلاث

٢٢٢ - حدثنا أبوأحمد القاسم بن محمد السراج الهمذاني بهمذان قال: حدثنا أبوبكر محمد بن أحمد الضبي قال: حدثنا محمد بن عبد العزيز الدينوري قال: حدثنا عبيد الله بن موسى العبسي، عن سفيان الثوري قال: لقيت الصادق بن الصادق جعفر بن - محمد عليهما السلام فقلت له: يا ابن رسول الله أوصني فقال لي: يا سفيان لا مروءة لكذوب، ولا أخ لملوك ولا راحة لحسود، ولا سودد لسيئ الخلق، فقلت: يا ابن رسول الله زدني، فقال لي: يا سفيان ثق بالله تكن مؤمنا، وارض بما قسم الله لك تكن غنيا، وأحسن مجاورة من جاورته تكن مسلما، ولا تصحب الفاجر فيعلمك من فجوره، وشاور في أمرك الذين يخشون الله عزّوجلّ، فقلت: يا ابن رسول الله زدني، فقال لي: يا سفيان من أراد عزا بلا عشيرة وغنى بلا مال وهيبة بلا سلطان فلينقل من ذل معصية الله إلى عز طاعته، فقلت: زدني يا ابن رسول الله، فقال لي: يا سفيان أمرني والدي عليه السلام بثلاث ونهاني عن ثلاث، فكان فيما قال لي: يا بني من يصحب صاحب السوء لا يسلم، ومن يدخل مداخل السوء يتهم، ومن لا يملك لسانه يندم، ثم أنشدني [ فقال ] عليه السلام:

عود لسانك قول الخير تحظ به

إن اللسان لما عودت يعتاد

موكل بتقاضي ما سننت له

في الخير والشر فانظر كيف تعتاد

إذا قام القائم عليه السلام حكم بثلاث لم يحكم بها أحد قبله

٢٢٣ - حدثنا علي بن أحمد بن موسى رضي الله عنه قال: حدثنا حمزة بن القاسم العلوي قال: حدثنا محمد بن عبدالله بن عمران البرقي قال: حدثنا محمد بن علي الهمداني، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي عبدالله وأبي الحسن عليهما السلام قالا: لو قد قام القائم(١) لحكم بثلاث لم يحكم بها أحد قبله: يقتل الشيخ الزاني، ويقتل مانع الزكاة، ويورث الاخ أخاه في الاظلة.(٢)

______________

(١) في بعض النسخ « إذا قام القائم » عليه السلام.

(٢) يعنى عالم الاظلة والاشباح وهو عالم الذر.

١٦٩

قول النبي صلّى الله عليه وآله لسلمان الفارسى (ره)

ان لك في علتك ثلاث خصال

٢٢٤ - حدثنا محمد بن علي بن الشاه قال: حدثنا أبوحامد قال: حدثنا أبويزيد أحمد بن خالد الخالدي قال: حدثنا محمد بن أحمد بن صالح التميمي، عن أبيه قال: حدثنا محمد بن حاتم القطان، عن حماد بن عمرو، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده، عن علي بن أبي طالب عليهم السلام قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله لسلمان الفارسي رضي الله عنه: يا سلمان إن لك في علتك إذا اعتللت ثلاث خصال أنت من الله تبارك وتعالى بذكر، ودعاؤك فيها مستجاب، ولا تدع العلة عليك ذنبا إلا حطته، متعك الله بالعافية إلى انقضاء أجلك.

قول عمر أتوب إلى الله من ثلاث

٢٢٥ - حدثنا أبي رضي الله عنه قال: حدثنا عبدالله بن الحسن المؤدب، عن أحمد بن علي الاصبهاني، عن إبراهيم بن محمد الثقفي قال: أخبرني يحيى بن الحسن ابن الفرات القزاز قال: حدثنا هارون بن عبيدة، عن يحيى بن عبدالله بن الحسن بن - الحسن بن علي بن أبي طالب عليهما السلام قال: قال عمر حين حضره الموت: أتوب إلى الله من ثلاث: اغتصابي هذا الامر أنا وأبو بكر من دون الناس واستخلافي عليهم، وتفضيلي المسلمين بعضهم على بعض(١) .

______________

(١) اعلم أن السنة النبوية جرت بالاتفاق على القسم بالسوية لان الفئ والغنائم ونحو ذلك هي من حقوق المسلمين يجب صرفها إليهم على الوجه الذى دلت عليه الشريعة المقدسة وتفضيل طائفة في القسمة واعطاءها اكثر مما جرت السنة عليه لا يمكن الا بمنع من استحق بالشرع حقه وهو غصب لمال الغير وصرف له في غير أهله، وأول من فضل السابقين على غيرهم وفضل المهاجرين من قريش على غيرهم من المهاجرين وفضلهم كافة على الانصار جميعا وفضل العرب على العجم وفضل الصريح على المولى عمر وقد كان أشار على ابى بكر أيام خلافته بذلك فلم يقبل وقال ان الله لم يفضل أحدا على أحد، ولكنه قال « انما الصدقات للفقراء والمساكين » =

١٧٠

٢٢٦ - حدثنا أبي رضي الله عنه قال: حدثنا عبدالله بن الحسن المؤدب، عن أحمد بن علي الاصبهاني، عن إبراهيم بن محمد الثقفي قال: حدثني المسعودي قال: حدثنا الحسن بن حماد الطائي، عن زياد بن المنذر، عن عطية - فيما يظن - عن جابر بن عبدالله قال: شهدت عمر عند موته يقول: أتوب إلى الله من ثلاث من ردي رقيق اليمن، ومن رجوعي عن جيش اسامة بعد أن أمره رسول الله صلّى الله عليه وآله علينا، ومن تعاقدنا على أهل هذا البيت إن قبض الله رسوله لا نولي منهم أحدا.

٢٢٧ - وبهذا الاسناد، عن إبراهيم بن محمد الثقفي قال: حدثني محمد بن علي قال: حدثنا الحسين بن سفيان، عن أبيه قال: حدثني فضل بن الزبير قال: حدثني أبوعبيدة الحذاء زياد بن عيسى قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: لما حضر عمر الموت قال: أتوب إلى الله من رجوعي عن جيش اسامة، وأتوب إلى الله من عتقي سبي اليمن، وأتوب إلى الله من شئ كنا أشعرناه قلوبنا نسئل الله أن يكفينا ضره، وأن بيعة أبي بكر كانت فلتة.

قول أبى بكر لا آسى من الدنيا الا على ثلاث فعلتها وددت أنى تركتها، وثلاث تركتها وددت أنى فعلتها، وثلاث وددت أنى كنت سألت عنها رسول الله صلّى الله عليه وآله

٢٢٨ - حدثنا المظفر بن جعفر بن المظفر العلوي السمرقندي قال: حدثنا جعفر بن محمد بن مسعود العياشي، عن أبيه قال: حدثنا محمد بن حاتم قال: حدثنا عبدالله بن حماد، وسليمان بن معبد قالا: حدثنا عبدالله بن صالح قال: حدثني الليث بن سعد، عن علوان بن داود بن صالح، عن صالح بن كيسان، عن عبد الرحمن ابن حميد بن عبد الرحمن بن عوف، عن أبيه قال: قال أبوبكر في مرضه الذي قبض فيه: أما إني لا آسى من الدنيا إلا على ثلاث فعلتها ووددت أني تركتها، وثلاث تركتها

______________

= ولم يخص قوما دون قوم، فلما أفضت إليه الخلافة عمل بما كان أشار به أولا، وخالفه في ذلك على عليه السلام وقصته عليه السلام مع أخيه عقيل المسماة بالحديدة المحماة مشهورة (كذا في هامش المطبوع الحروفى).

١٧١

ووددت أني فعلتها، وثلاث وددت أني كنت سألت عنهن رسول الله صلّى الله عليه واله أما التي وددت أني تركتها فوددت أني لم أكن كشفت بيت فاطمة وإن كان أعلن(١) علي الحرب. ووددت أني لم أكن أحرقت الفجاءة(٢) وأني قتلته سريحا أو أطلقته نجيحا، ووددت أني يوم سقيفة بني ساعدة كنت قذفت الامر في عنق أحد الرجلين: عمر، أو أبي عبيدة، فكان أميرا وكنت وزيرا. وأما التي تركتها [ فوددت أني فعلتها ] فوددت أني يوم أتيت بالاشعث أسيرا كنت ضربت عنقه فانه يخيل لي(٣) أنه لم ير صاحب شر إلا أعانه، ووددت أني حين سيرت خالدا إلى أهل الردة(٤) كنت قدمت إلى قرية فان

______________

(١) في بعض النسخ المخطوطة « أغلق » وفى النسخ المطبوعة « علق ».

(٢) قوله « لم اكن أحرقت الفجاءة » هو اياس بن عبدالله بن عبد ياليل رجل من بنى سليم قدم على أبى بكر فقال انى مسلم وقد اردت جهاد من ارتد من الكفار، فاحملني وأعنى، فحمله أبوبكر على ظهر وأعطاه سلاحا فخرج يستعرض الناس المسلم والمرتد فشن الغارة على كل مسلم في سليم وعامر وهوازن فأخذ أموالهم ويصيب من امتنع منهم، فلما بلغ أبا بكر خبره ارسل إلى طريفة بن حاجز وكتب إليه: أن عدو الله الفجاءة أتانى يزعم أنه مسلم ويسألني أن أقويه على من ارتد عن الاسلام، فحملته وسلحته، ثم انتهى إلى - من يقين - الخبر أن عدو الله قد استعرض الناس المسلم والمرتد، يأخذ اموالهم، ويقتل من خالفه منهم، فسر إليه بمن معك من المسلمين حتى تقتله أو تأخذه فتأتيني به فسار إليه طريفة فهرب الفجاءة فلحقه فأسره ثم بعث به إلى أبى بكر فلما قدم عليه أمر أبوبكر أن توقد له نار في مصلى المدينة ثم رمى به فيها مكتوفا مقموطا. راجع تاريخ الطبري والكامل لابن الاثير ج ٢ ص ٢٣٧.

(٣) يعنى به الاشعث بن قيس الكندى الزنديق وكان سبب اسارته ومقاتلة قومه امتناعهم عن البيعة وتركهم الصدقة لكن لما قدم على أبى بكر عفى عنه وزوجه اخته أم فروة و قوله « يخيل لى »: على بناء المفعول من التخييل وفى بعض النسخ « إلى » بدل « لى » والمعنى أظن.

(٤) يعنى به مالك بن نويرة وقومه حيث أنكروا خلافته وامتنعوا من اعطاء الصدقات إلى عامله فامر أبوبكر خالد بن وليد بقتله فذهب خالد إليه في جمع وقتله وأسر نساءه و تزوج بزوجته ليلته.

١٧٢

ظفر المسلمون ظفروا وإن هزموا كيدا كنت بصدد لقاء أو مدد، ووددت أني كنت إذ وجهت خالدا إلى الشام قذفت المشرق لعمر بن الخطاب فكنت بسطت يدي يميني وشمالي في سبيل الله، وأما التي وددت أني كنت سألت عنهن رسول الله صلّى الله عليه وآله فوددت أني كنت سألته فيمن هذا الامر فلم ننازعه أهله، ووددت أني كنت سألته هل للانصار في هذا الامر نصيب، ووددت أني كنت سألته عن ميراث الاخ والعم، فان في نفسي منها حاجة(١) .

قال مصنف هذا الكتاب رضي الله عنه: إن يوم غدير خم لم يدع لاحد عذرا هكذا قالت سيدة النسوان فاطمة عليها السلام لما منعت فدك وخاطبت الانصار، فقالوا: يا بنت محمد لو سمعنا هذا الكلام منك قبل بيعتنا لابي بكر ما عدلنا بعلي أحدا، فقالت: وهل ترك أبي يوم غدير خم لاحد عذرا.

قول عبدالله بن مسعود علماء الارض ثلاثة

٢٢٩ - حدثنا أبوالقاسم الحسن بن محمد السكوني المزكي(٢) بالكوفة قال: حدثنا محمد بن عبدالله الحضرمي قال: حدثنا محمد بن مرزوق قال: حدثنا حسين قال: حدثنا يحيى بن سلمة بن كهيل، عن أبيه، عن أبي الزعراء قال: قال عبدالله بن مسعود: علماء الارض ثلاثة: عالم بالشام، وعالم بالحجاز، وعالم بالعراق، أما عالم الشام فأبو الدرداء، وأما عالم الحجاز فهو علي عليه السلام، وأما عالم العراق فهو أخ لكم بالكوفة(٣) ، وعالم الشام، وعالم العراق محتاجان إلى عالم الحجاز، وعالم الحجاز

______________

(١) أورد نحوه صاحب الامامة والسياسة في مرض أبى بكر.

(٢) كذا، ولعل الصواب المذكر. وفى بعض النسخ « المولى ».

(٣) قوله فهو أخ لكم بالكوفة: أراد به نفسه ونقل عن الشيرازي في طبقات الفقهاء انه قال مسروق: « انتهى العلم إلى ثلاثة عالم بالمدينة وعالم بالشام وعالم بالعراق، فعالم المدينة على بن أبى طالب وعالم العراق عبدالله بن مسعود وعالم الشام أبوالدرداء، فإذا التقوا سأل عالم العراق وعالم الشام عالم المدينة، ولم يسألهما ».

١٧٣

لا يحتاج إليهما.

ثلاثة لم يكفروا بالوحى طرفة عين

٢٣٠ - حدثنا عبدالله بن محمد بن عبد الوهاب [ الاصبهاني ] قال: حدثنا أحمد ابن الفضل بن المغيرة قال: حدثنا أبونصر منصور بن عبدالله بن إبراهيم الاصبهاني قال: حدثنا علي بن عبدالله قال: حدثنا محمد بن هارون بن حميد قال: حدثنا محمد بن المغيرة الشهرزوري قال: حدثنا يحيى بن الحسين المدايني قال: حدثنا ابن لهيعة(١) ، عن أبي الزبير، عن جابر بن عبدالله قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله: ثلاثة لم يكفروا بالوحي طرفة عين: مؤمن آل يس، وعلي بن أبي طالب عليه السلام، وآسية امرأة فرعون.

ثواب من كن له ثلاث بنات فصبر عليهن

٢٣١ - حدثنا أبومحمد محمد بن أبي عبدالله الشافعي الفرغاني بفرغانة قال: حدثنا أبوجعفر محمد بن جعفر بن الاشعث قال: حدثنا أبوحاتم قال: حدثنا محمد بن - عبدالله الانصاري قال: حدثني ابن جريج، عن أبي الزبير، عن عمر بن نبهان(٢) ، عن أبي هريرة، عن النبي صلّى الله عليه وآله قال: من كن له ثلاث بنات فصبر على لاوائهن و ضرائهن وسرائهن كن له حجابا يوم القيامة.

ثلاثة يشكون إلى الله عزّوجلّ يوم القيامة

٢٣٢ - حدثنا محمد بن عمر الحافظ البغدادي المعروف بالجعابي قال: حدثنا

______________

(١) تقدم ضبطه وأنه عبدالله بن لهيعة في ص ١١٣. وهو ممن يروى عن محمد بن مسلم ابن تدرس أبى الزبير المكى.

(٢) ذكره ابن حبان في الثقات. وفى جميع النسخ « عمر بن تيهان » وهو تصحيف راجع التهذيب ج ٧ تحت رقم ٨٣٧.

١٧٤

عبدالله بن بشير(١) قال: حدثنا الحسن بن الزبرقان المرادي قال: حدثنا أبوبكر ابن عياش، عن الاجلح(٢) ، عن أبي الزبير، عن جابر قال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وآله يقول: يجئ يوم القيامة ثلاثة يشكون إلى الله عزّوجلّ: المصحف، والمسجد، والعترة. يقول المصحف: يا رب حرقوني ومزقوني، ويقول المسجد: يا رب عطلوني وضيعوني، وتقول العترة: يا رب قتلونا وطردونا وشردونا فأجثوا للركبتين للخصومة، فيقول الله جل جلاله لي: أنا أولى بذلك.

رفع القلم عن ثلاثة

٢٣٣ - حدثنا الحسن بن محمد السكوني المزكي بالكوفة(٣) قال: حدثنا محمد بن عبدالله الحضرمي قال: حدثنا إبراهيم بن أبي معاوية قال: حدثني أبي، عن الاعمش، عن أبي ظبيان قال: أتى عمر بامرأة مجنونة قد فجرت فأمر عمر برجمها، فمروا بها على علي عليه السلام فقال: ما هذه؟ فقالوا: مجنونة قد فجرت، فأمر بها عمر أن ترجم، فقال: لا تعجلوا فأتى عمر فقال: أما علمت أن القلم رفع عن ثلاثة عن الصبي حتى يحتلم وعن المجنون حتى يفيق وعن النائم حتى يستيقظ(٤) .

قال مصنف هذا الكتاب رضي الله عنه جاء هذا الحديث هكذا، والاصل في هذا قول أهل البيت عليهم السلام أن المجنون إذا زنى حد والمجنونة إذا زنت لم تحد لان المجنون يأتي والمجنونة تؤتى.

الشح يولد ثلاث خصال مذمومة

٢٣٤ - حدثنا الخليل بن أحمد قال: حدثنا ابن صاعد قال: حدثنا الحسن بن -

______________

(١) كذا في الوسائل والموجود في كتب الرجال، وفى النسخ « عبدالله بشر ».

(٢) هو يحيى بن عبدالله. كما في التقريب.

(٣) تقدم الكلام فيه.

(٤) هذا الخبر بهذا السند مع قول المصنف تقدم تحت رقم ٤٠ من هذا الباب والظاهر أن التكرار من المؤلف لوجوده في جميع النسخ في الموضعين.

١٧٥

عرفة قال: حدثنا عمر بن عبد الرحمن أبوحفص الابار، عن محمد بن جحادة(١) عن بكير ابن عبدالله المدني، عن عبدالله بن عمرو، عن النبي صلّى الله عليه وآله قال: إياكم والشح(٢) فانما هلك من كان قبلكم بالشح، أمرهم بالكذب فكذبوا، وأمرهم بالظلم فظلموا، وأمرهم بالقطيعة فقطعوا(٣) .

٢٣٥ - أخبرني الخليل بن أحمد قال: أخبرنا أبوالعباس السراج قال: حدثنا قتيبة قال: حدثنا بكر بن عجلان(٤) عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة أن رسول الله صلّى الله عليه وآله قال: إياكم والفحش فان الله عزّوجلّ لا يحب الفاحش المتفحش(٥) وإياكم والظلم فان الظلم عند الله هو الظلمات يوم القيامة، وإياكم والشح فانه دعا الذين من قبلكم حتى سفكوا دماءهم، ودعاهم حتى قطعوا أرحامهم، ودعاهم

______________

(١) محمد بن جحادة - بتقديم المعجمة على المهملة والدال المخففة - ثقة، يروى عنه عمر بن عبد الرحمن أبوحفص الابار - بتشديد الباء - الكوفى الحافظ نزيل بغداد هو أيضا صدوق ثقة مات في ولاية هارون. وروى محمد بن جحادة عن بكير بن عبدالله بن الاشج أبى عبدالله المدنى، نزيل مصر.

(٢) تقدم أن الشح هو البخل مع الحرص.

(٣) المراد بالقطيعة هو قطيعة الرحم فالشح مخالف للايمان ومانع من السعادة والفلاح( وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَـٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ) .

(٤) بكر بن عجلان غير مذكور في الرجال والصحيح « قتيبة قال حدثنا: بكر، عن ابن عجلان » وهو قتيبة بن سعيد راوي بكر بن مضر راوي محمد بن عجلان راوي سعيد بن أبى سعيد المقبرى كما في التهذيب.

(٥) قوله الفاحش المتفحش: قال في النهاية الفاحش ذو الفحش في كلامه وفعاله والمتفحش الذى يتكلف ذلك ويتعمده انتهى. وقيل ان المراد بالمتفحش الذى يقبل الفحش من غيره فالفاحش المتفحش هو الذى لا يبالى ما قال ولا ما قيل له ويؤيد ذلك ما روى في الكافي عن أبى جعفر عليه السلام قال خطب رسول الله صلّى الله عليه وآله الناس - إلى قوله - ثم قال صلّى الله عليه وآله: ألا اخبركم بمن هو شر من ذلك قالوا بلى يا رسول الله قال: المتفحش اللعان، الذى إذا ذكر عنده المؤمنون لعنهم وإذا ذكروه لعنوه » بناء على كون الجزء الثاني تفسيرا للمتفحش.

١٧٦

حتى انتهكوا واستحلوا محارمهم.(١)

بدء أمر النبي صلّى الله عليه وآله من ثلاثة

٢٣٦ - حدثنا أبوأحمد محمد بن جعفر البندار الفقيه بأخسيكث(٢) قال: حدثنا أبوالعباس محمد بن جمهور(٣) الحمادي قال: حدثني أبوعلي صالح بن محمد البغدادي ببخارا قال: حدثنا سعيد بن سليمان، ومحمد بن بكار، وإسماعيل بن إبراهيم قال(٤) : حدثنا الفرج بن فضالة، عن لقمان بن عامر، عن أبي امامة قال: قلت: يا رسول الله ما كان بدء أمرك، قال: دعوة أبي إبراهيم، وبشرى عيسى بن مريم، ورأت أمي أنه خرج منها شئ أضاءت منه قصور الشام(٥) .

ثلاث خصال من فعلهن فله ما للمسلمين وعليه ما عليهم

٢٣٧ - حدثنا أبوأحمد محمد بن جعفر البندار قال: حدثنا أبوالعباس محمد بن محمد ابن جمهور(٣) الحمادي قال: حدثنا صالح بن محمد البغدادي(٦) قال: حدثنا العباس بن -

______________

(١) انتهك فلان الحرمة: تناولها بما لا يحل. وفلان فلانا نقض عرضه وذهب بحرمته. وفى بعض النسخ « انهتكوا » وهتك الله ستر الفاجر أي فضحه.

(٢) كذا وأخسيكت بالتاء المثناة أو الثاء المثلثة. من بلاد فرغانة وفى اللباب: الاخسيكثى - بفتح الهمزة وسكون الخاء المعجمة وكسر السين المهملة وسكون الياء المنقوطة باثنتين من تحتها وفتح الكاف وفى آخرها الثاء المثلثة هذه النسبة إلى اخسيكث.

(٣) كذا.

(٤) كذا أي قال كل واحد منهم: حدثنا.

(٥) قوله « دعوة ابراهيم » اشارة إلى قوله تعالى( رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ - الاية) البقرة: ١٢٩. و « بشرى عيسى بن مريم » اشارة إلى قوله تعالى:( وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ ) الصف: ٦. و « رأت أمي » يعنى ما رأته حين ولادته صلّى الله عليه وآله كما في المناقب ج ١ ص ٢٣.

(٦) راجع ترجمته مفصلا تاريخ بغداد ج ٩ ص ٣٢٢.

١٧٧

الوليد النرسي(١) قال: حدثنا عبد الرحمن بن مهدي قال: حدثنا منصور بن سعد، عن ميمون بن سياه، عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله: من استقبل قبلتنا، و صلى صلاتنا، وأكل ذبيحتنا فله مالنا وعليه ما علينا.

ثلاثة أشياء كل واحد منها جزء من خمسة وأربعين جزءا من النبوة

٢٣٨ - حدثنا أبوأحمد محمد بن جعفر البندار قال: حدثنا أبوالعباس الحمادي قال: حدثنا صالح بن محمد البغدادي قال: حدثنا محمد بن بكار قال: حدثنا عبيدة ابن حميد قال: حدثنا قابوس بن أبي ظبيان، عن أبيه، عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله: الهدى الصالح، والسمت الصالح(٢) ، والاقتصاد جزء من خمسة وأربعين جزءا من النبوة.

الايمان ثلاثة أشياء

٢٣٩ - حدثنا أبوأحمد محمد بن جعفر البندار قال: حدثنا أبوالعباس الحمادي قال: حدثنا محمد بن عمر بن منصور البلخي بمكة قال: حدثنا أبويونس أحمد بن محمد ابن يزيد بن عبدالله الجمحي قال: حدثنا عبد السلام بن صالح، عن علي بن موسى، عن أبيه موسى بن جعفر، عن أبيه جعفر بن محمد، عن أبيه محمد بن علي، عن علي بن - الحسين، عن الحسين بن علي، عن علي بن أبي طالب عليهم السلام قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله: الايمان معرفة بالقلب وإقرار باللسان وعمل بالاركان.

٢٤٠ - حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضي الله عنه قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن بكر بن صالح الرازي، عن أبي الصلت الهروي قال: سألت الرضا عليه السلام عن الايمان فقال: الايمان عقد بالقلب

______________

(١) النرسى بفتح النون وسكون الراء بعدها سين مهملة. وهو عباس بن الوليد بن نصر النرسى ابو الفضل البصري.

(٢) الهدى - بفتح الهاء وسكون الدال -: الطريقة والسيرة. والسمت هيئة أهل الخير.

١٧٨

[ و ] لفظ باللسان [ و ] عمل بالجوارح، لا يكون الايمان إلا هكذا.

٢٤١ - أخبرنا سليمان بن أحمد بن أيوب اللخمي قال: حدثني علي بن - عبد العزيز، ومعاذ بن المثنى قالا: حدثنا عبد السلام بن صالح الهروي قال: حدثنا علي بن موسى الرضا، عن أبيه موسى، عن أبيه جعفر بن محمد، عن أبيه محمد بن علي، عن أبيه علي بن الحسين، عن أبيه، عن علي عليهم السلام قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله: الايمان معرفة بالقلب، وإقرار باللسان، وعمل بالاركان.

٢٤٢ - حدثنا حمزة بن محمد بن أحمد العلوي رضي الله عنه قال: حدثنا أبوالحسن علي بن محمد البزاز قال: حدثنا أبوأحمد داود بن سليمان الغازي قال: حدثني علي ابن موسى الرضا عليهما السلام قال: حدثني أبي موسى بن جعفر قال: حدثني أبي جعفر ابن محمد قال: حدثني أبي محمد بن علي الباقر قال: حدثني أبي علي بن الحسين قال: حدثني أبي الحسين بن علي قال: حدثني أبي أميرالمؤمنين عليهم السلام قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله: الايمان إقرار باللسان ومعرفة بالقلب وعمل بالاركان.

قال حمزة بن محمد رضي الله عنه وسمعت عبد الرحمن بن أبي حاتم يقول: سمعت أبي يقول: وقد روى هذا الحديث عن أبي الصلت الهروي عبد السلام بن صالح، عن علي ابن موسى الرضا عليهما السلام باسناد مثله. قال أبوحاتم: لو قرء هذا الاسناد على مجنون لبرأ.

ثلاثة لا يدخلون الجنة

٢٤٣ - حدثنا أبوالعباس محمد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني رضي الله عنه قال: حدثنا أبومحمد يحيى بن محمد بن صاعد بمدينة السلام قال: حدثنا إبراهيم بن - جميل قال: حدثنا معتمر بن سليمان قال: قرأت على فضيل بن ميسرة، عن أبي جرير أن أبا بردة حدثه، عن أبي موسى الاشعري قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله: ثلاثة لا يدخلون الجنة مدمن خمر، ومدمن سحر، وقاطع رحم. ومن مات مدمن خمر سقاه الله عزّوجلّ من نهر الغوطة، قيل: وما نهر الغوطة؟ قال: نهر يجري من فروج المومسات(١) يؤذي

______________

(١) المومسة: الفاجرة.

١٧٩

أهل النار ريحهن.

٢٤٤ - حدثنا أبي رضي الله عنه قال: حدثنا سعد بن عبدالله، عن أحمد بن - أبي عبدالله، عن أبيه، عن محمد بن سنان، عن بعض رجاله، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: ثلاثة لا يدخلون الجنة: السفاك للدم، وشارب الخمر، ومشاء بنميمة.

فيمن مات له ثلاثة أولاد

٢٤٥ - أخبرنا الخليل بن أحمد قال: أخبرنا المخلدي(١) قال: حدثنا يونس ابن عبد الاعلى قال: حدثنا عبدالله بن وهب قال: حدثني عمرو بن الحارث أن أبا عشانة المعافري(٢) حدثه أنه سمع عقبة بن عامر يقول: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله: من ثكل ثلاثة من صلبه فاحتسبهم على الله عزّوجلّ وجبت له الجنة.

ثواب ثلاث خصال: اسباغ الوضوء وافشاء السلام وصدقة السر

٢٤٦ - حدثنا أبوالحسن محمد بن عمرو بن علي البصري قال: حدثنا أبوعبدالله عبد السلام بن محمد بن هارون بن الفضل بن العباس بن علي بن عبدالله بن العباس بن - عبدالله المأمون بن هارون الرشيد بن موسى الهادي(٣) بن محمد المهدي بن عبدالله المنصور ابن محمد بن علي بن عبدالله بن العباس قال: حدثنا محمد بن محمد بن عقبة الشيباني(٤) قال: حدثنا أبوالقاسم الخضر بن أبان، عن أبي هدية إبراهيم بن هدية البصري(٥) عن أنس

______________

(١) الظاهر هو بقى بن المخلد. وفى بعض النسخ « الخلدى ».

(٢) ابو عشانة المعافرى هو حى بن يؤمن بن حجيل بن جريج المصرى ثقة من أحبار اليمن توفى سنة ١١٨.

(٣) كذا. واشتبه على الراوى فان موسى الهادى هو اخو هارون وانما أبوه هو المهدى.

(٤) كذا.

(٥) بالياء المثناة التحتانية على ما في نسخ الخصال، لكن في نسخة الوسائل هدبة بضم الهاء وسكون الدال بعدها باء موحدة وهو والخضر بن أبان عنونهما الخطيب في التاريخ ولم أجد راويه محمد بن محمد بن عقبة. ولعله محمد بن عقبة الشيباني أبوجعفر الطحان.

١٨٠

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617

618

619

620

621

622

623

624

625

626

627

628

629

630

631

632

633

634

635

636

637

638

639

640

641

642

643

644

645

646

647

648

649

650

651

652

653