الخصال

الخصال9%

الخصال مؤلف:
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 653

الخصال المقدمة
  • البداية
  • السابق
  • 653 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 693363 / تحميل: 6969
الحجم الحجم الحجم
الخصال

الخصال

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

فقال : هو كما يعمي المطر ويعمي البحر بزبده ، وأراد كثرة الدعاء لها بالاستسقاء.

وقال الأزهري : كأنه لمّا كثر هذا الحرف في كلامهم حذفوا بعض حروفه المعرفة المخاطب به ، وهذا كقولهم : لا هُمَّ ، وتمام الكلام (اللهُمَّ) ، وكقولك : لَهِنَّكَ ، والأصلُ (للهِ إنَّك)(١) .

وكيف كان فالمقصود أنَّ من عادات العرب أنهم يقولون عند التحيَّة في الغداة : عم صباحاً.

وفي المساء : عم مساءً ، أي : انعم صباحك ومساءك ، من النعومة.

قال امرؤ القيس بن حجر الكندي :

ألا عِمْ صباحاً أیُّها الطَّللُ البالي

وهَلْ يَعِمَنْ مَنْ كانَ في العُصُرِ الخالي

وقال في (مجمع البحرين) : (اختلفت الأقاويل في معنى (السلام عليك) فمن قائل : معناه (الدعاء) أي : سَلِمتَ من المكاره.

ومن قائل : معناه (اسم الله عليك) ، أي : أنت في حفظه ، كما يقال : (الله معك) ، وإذا قلت : (السلام علينا) ، أو (السلام على الأموات) فلا وجه ؛ لكون المراد به الإعلام بالسلامة ، بل الوجه أن يقال : هو دعاء بالسلامة لصاحبه من آفات الدنيا ، ومن عذاب الآخرة ، وضعه الشارع موضع التحيَّة والبشري بالسلامة.

ثم إنه اختار لفظ (السلام) وجعله تحيّةً لما فيه من المعاني ، أو لأنه مطابق للسلام الَّذي هو اسم من أسماء الله تيَّمُناً وتبرُّكاً ، وكان يُحيّى به قبل الإسلام ، ويُحيّی بغيره ، بل كان السلام أقل ، وغيره أكثر وأغلب ، فلمَّا جاء الإسلام اقتصروا عليه ومنعوا ما سواه من تحايا الجاهلية.

__________________

(١) لسان العرب ١٢ : ٦٤١.

٢٨١

قالرحمه‌الله : وإيراده على صيغة التعريف أزين لفظاً ، وأبلغ معنی) ، انتهى(١) .

ولعمري إن هذا تبدیل بالأحسن ؛ لأن الحياة إن لم تكن مقرونة بالسلامة لي يعتد بها ، بل لعلَّ الموت خير منها.

[أحكام السلام]

إذا عرفت ذلك فهنا فروع :

الأوَّل : قَدْ عرفت أنَّ السلام من السُّنن الخاصة المؤكّدة ، وردّه فرض ؛ لصيغة الأمر الدالّة على الوجوب في آية التحيَّة(٢) ، المراد بها السلام ظاهراً على ما نصّ عليه أهل اللُّغة ، ودلّ عليه العرف.

قال في (القاموس) : (التحيَّة ، هي : السلام )(٣) .

وفي (لسان العرب) : (والتحيَّة : السلام ، وقد حيَّاهُ تحيَّةً )(٤) .

فلو كانت التحيَّة بغير لفظ السلام كقولك : صبّحك الله بالخير ، أو مسّاك الله بالخير ، لم يجب الردّ كما عليه الأكثر ، واختاره الأُستاذ (طاب ثراه) في (العروة)(٥) ، وذهب غير واحد من الفقهاء إلى وجوب الرد حينئذ ، منهم الفاضل المقدادرحمه‌الله في (کنز العرفان) ، فقد صرّح بأنه : (ليس المراد بحُيِّيتم في الآية : سلام عليکم ، بل كلّ تحيّة وبِرٍّ وإحسان )(٦) .

__________________

(١) مجمع البحرين ٢ : ٤٠٨.

(٢) وردت آية التحية في سورة النساء آية ٨٦ ، وهي : ﴿وَإِذَا حُيِّيتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا إِنَّ اللَّـهَ كَانَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ حَسِيبًا ﴾.

(٣) القاموس المحیط ٤ : ٣٢٢.

(٤) لسان العرب ١٤ : ٢١٦.

(٥) العروة الوثقی ٣ : ٢٢ مسألة ٢٧.

(٦) كنز العرفان ١ : ٢٢٣.

٢٨٢

واستند في ذلك إلى ما رواه علي بن إبراهيم في تفسيره عن الصادقينعليهما‌السلام أنه قال : «التحيَّة السلام وغيرُه من البرّ » ، انتهى(١) .

وربّما يُرشد إلى ذلك ما رواه في (المناقب) ، قال أنس : «حيّت جارية للحسنعليه‌السلام بطاقة ريحان ، فقال لها : «أنتِ حُرَّة لوجه الله » ، فقلت له في ذلك؟ فقال : «أدَّبنا الله عزَّ وجلَّ فقال : ﴿وَإِذَا حُيِّيتُم بِتَحِيَّةٍ ﴾ الآية ، وكان أحسن منها إعتاقها»»(٢) .

وما عن (الخصال) ، فيما علّم أمير المؤمنينعليه‌السلام أصحابه ، قال : «إذا عطس أحدكم فسمِّتوه ، قولوا : يرحمك الله ، ويقول : يغفر الله لكم ويرحمكم ، قال الله تعالى : ﴿وَإِذَا حُيِّيتُم ﴾ الآية»(٣) .

وقولهعليه‌السلام : «وحيَّا كما الله من كاتبين»(٤) .

أقول : لا شكّ في إطلاق التحيَّة قبل الإسلام على ما يشمل السلام وغيره من التحيَّات المعروفة عند الجاهلية كما تقدّم تفصيله ، فلمَّا جاء الإسلام اقتصروا من التحايا على السلام ، وتغلّب فيه الاستعمال كما هو الشائع في العرف وعند أهل البيتعليهم‌السلام من حيث لم يستعملوا سواه ، بل في (الكافي) عن السكوني ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال : «قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : يُكره للرجل أن يقول : حيّاك الله ، ثُمَّ يسكت حَتَّى يتبعها بالسلام »(٥) .

__________________

(١) تفسیر القمي ١ : ١٤٥.

(٢) مناقب آل أبي طالبعليهم‌السلام ٣ : ١٨٣.

(٣) الخصال : ٦٣٣.

(٤) مصباح المتهجد : ٢١٧ ح ٦٩ / ٣٣١ ضمن دعاء يُقرأ بعد الفجر.

(٥) الكافي ٢ : ٦٤٦ ح ١٥.

٢٨٣

فلا ريب في أنَّ إطلاق الآية يحمل على ذلك ، فأمّا الروايات المذكورة المتضمِّنة لإطلاق التحيَّة في الآية الشريفة على غير السلام من أنواع البرّ والإحسان ، فعلی تقدیر صحَّتها يمكن أن يكون ذلك من البطون التي أخبروا بهاعليهم‌السلام ، فلا ينافي كون المراد من ظاهرها خاصَّة السلام.

والحاصل : أنَّه لا يجب ردّ غير السلام من أفراد التحيَّة ، كما قاله الأكثر ؛ للأصل وعدم الدليل الدال على الوجوب ، بل ويظهر من بعض الروايات تخصيص الوجوب بالسلام خاصة ، كقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : «من بدأ بالكلام قبل السلام ، فلا تجيبوه »(١) .

إذ غير السلام من الأفراد داخل تحت عموم الكلام ، والعجب من المعاصر النوريرحمه‌الله في (شرح نجاة العباد) حيث استظهر عدم الإشكال في وجوب الرد في غير الصلاة ، وجعل محلّ الكلام في حال الصلاة ، مع اعترافه بأنَّ كثيراً من المفسِّرين وأهل اللُّغة فسّروا التحيَّة بالسلام(٢) ، وأنه على هذا لا عموم في الآية الكريمة ، هذا كلُّه في غير حال الصلاة ، وأمّا فيها فالأحوط الرد بقصد الدعاء إذا كان ممَّن يستحق الرد ؛ لما ثبت من جواز الدعاء في الصلاة لنفسه ولغيره وبدون ذلك لا يجوز.

الثاني : يجب ردُّ السلام نطقاً ، ولو كان في حال الصلاة ، وهو المجمع ع بین علمائنا كما في (التذكرة)(٣) ؛ ولإطلاق الأمر بالرد المتناول لحال الصلاة وغيرها ؛ ولأن ترك الجواب إهانة ، ولا يجوز إهانة المؤمن.

__________________

(١) الكافي ٢ : ٦٤٤.

(٢) وسيلة المعاد في شرح نجاة العباد ٢ : ٤١٠.

(٣) تذکرة الفقهاء ٣ : ٣٧٦.

٢٨٤

الثالث : الظاهر من الآية المعقبة بناء التعقيب من قوله تعالى : ﴿فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا ﴾ وجوب الفورية ، وفي (الجواهر) : (أنه ظاهر الأدلة والفتاوی )(١) .

وفي الحدائق : (أن معناه تعجيله بحيث لا يُعدُّ تاركاً له عرفاً ) ، انتهى(٢) .

ولا فرق في ذلك بين سائر الأحوال حَتَّى حال الصلاة ؛ وذلك لإطلاق الآية ، وعليه فالكلام يقع في مقامين :

المقام الأول : لو عصى المكلّف بالتراخي العرفي في غير حال الصلاة وأخلّ بالفورية ، أو ترکه ساهياً ، فهل يجب عليه إتيانه ثانياً ، وإن عصي فثالثاً ، وهكذا فوراً ففوراً ، أو أنه يسقط الوجوب بفوت الوقت ، أو يبقى الوجوب مُوسَّعاً ، فالساقط الفورية دون الوجوب ، اختار الأول الأردبيليرحمه‌الله في (شرح الإرشاد)(٣) ؛ نظراً منه إلى مقتضى ظاهر الواجبات الفورية في سائر الموارد ، فإنَّها من قبيل تعدُّد المطلوب ، وأنَّه لو كان المسلم حاضراً وجب عليه الرد دائماً ، ولو غاب يجب عليه قصده أينما كان حَتَّى يرد عليه ، بل احتمل الوجوب في نفسه ، ومع عدم إمكان الوصول إلى المسلِّم وعدم سماعه ؛ إذ ذاك يجب مع إمكانه ، فلا يسقط حينئذ أصل الرد ، وفيه أن الكلّية غير مسلَّمة في الواجبات الفورية ، وليس كلّ واجب فوري يتعدد فيه المطلوب ، بل إنَّما هو فيما إذا استفید فوريتها من الأمر ولو بالقرينة ، بخلاف ما نحن فيه ، فإنَّ فوریته مستفادة من الكيفية المأخوذة في ردِّ التحيَّة عُرفاً ، فهي من أوصاف المأمور به وقيوده ، أعني الرد لا الأمر.

__________________

(١) جواهر الكلام ١١ : ١٠٤.

(٢) الحدائق الناضرة ٩ : ٨١.

(٣) مجمع الفائدة ٣ : ١٢٢.

٢٨٥

وبعبارة اُخرى : إنَّ السلام وردَّه من قبيل الخطاب والجواب المرتبط أحدهما بالآخر ربطاً وضعياً ، نظير القبول الملحوظ فيه الفورية ؛ لربطه بالإيجاب ربطاً وضعياً ؛ ولذا لا يُكتفى بإتيانه في ثاني الحال وثالثه عند التخلُّف في أول الحال إلا بإعادة الإيجاب ثانياً ، وعلى هذا فمتى اُخلّ بالفورية العرفية سقط أصلُ الوجوب ، فعدم الوجوب حينئذ في ثاني الحال وثالثه ؛ لعدم صدق الردِّ عرفاً ، نظير ما لو قال المولى : إذا ركب الأمير فخذ ركابه. فكما أن من المعلوم وجوب المبادرة إلى الأخذ بالركاب حال الرکوب ، أيضاً من المعلوم عدم وجوب الأخذ في ثاني الحال وثالثه ، وما ذلك إلا من حيث فوات الكيفية المطلوبة فيه ، فلا يجب التلافي بعد ذلك لا قضاءً ولا أداءً.

بل لنا اختيار عدم وجوب الردِّ في الحال الثاني حَتَّى مع استفادة الفورية من نفس الأمر ، وهو الحق الحقيق الَّذي عليه أهل التحقيق ؛ إذ الظاهر من الصيغة على القول بدلالتها بنفسها على الفور هو الوجوب في أول الوقت ، والظاهر هو الحجّة وهو تكلیف واحد من قبيل المطلق والمقيَّد ، والحقُّ أنَّ المقيَّد ينتفي بانتفاء قيده ، فلا يبقى تكليف في الوقت الثاني مع الشك فيه ، كما هو مقتضی أصل البراءة ، وثبوت وجوب الموقَّت بعد فوات الوقت خلاف التحقيق ؛ لأن الجنس لا بقاء له بعد انتفاء الفصل كما حُقّق في محلّه.

والحقُّ أنَّ القضاء بفرض جديد فالخطاب غير شامل لثاني الحال ، ووجو مالم يشمله الخطاب غير معقول ، هذا كلّه مضافاً إلى السيرة القطعية وهو اختيار

٢٨٦

الشيخ في (الجواهر) ، وسيدنا الأُستاذ (طاب ثراه) في (العروة)(١) ، وممَّا ذكرنا تعرف ما في الوجه الثالث ، بل هو باطل حَتَّى مع البناء على اختلاف کيفيات الفور ، فبعضها على نحو تعدُّد المطلوب ، وبعضها على نحو وحدة المطلوب ؛ إذ مع الشك في دخول واجب فوري في أحد القسمين بخصوصه لم يكن لنا الحكم بإرادة بقائه في الذمَّة لو انتفت الفورية عمداً أو سهواً ؛ لأنَّ الشك حينئذ في التكليف الزائد المدفوع بالأصل ، ولا مجال للتمسُّك بالاستصحاب ، فإنَّه من قبيل الشكّ السَّببي الَّذي يُقدّم فيه الأصل على المسبَّب قطعاً.

المقام الثاني : فيما لو عصى المكلّف بالتراخي العرفي في أثناء الصلاة ، ففي بطلان ذلك وعدمه وجوه :

الأول : البطلان مطلقاً ؛ وستعرف وجه الإطلاق ، وهو اختيار العلّامة في (التحرير) قالرحمه‌الله : (لو ترك المصلّي ردَّ السلام مع تعيينه عليه ، فالوجه بطلان صلاته) ، انتهى(٢) .

وربّما يُستدل له بأن الأمر بالشيء يقتضي النهي عن الضد الخاص ، أو عدم الأمر به كما هو المنقول عن البهائي(٣) ، وضعفهما ظاهر ، أمّا الأول :

فلمنع الاقتضاء أولاً ، وثانياً وإنْ سلّمنا الاقتضاء فيدل عليه من باب المقدِّمة وبالتبعية ، ولو سلَّمنا دلالة النهي على الفساد في العبادات فهو مخصوص بالنهي

__________________

(١) مجمع الفائدة ٣ : ١١٤ وما بعدها ضمن أحكام السلام ، العروة الوثقى ٣ : ١٥ وما بعدها ضمن مبطلات الصلاة.

(٢) تحرير الأحكام ١ : ٢٦٩.

(٣) تعليقة على معالم الأُصول للقزويني ٣ : ٦٥٦.

٢٨٧

الأصلي لا التبعي ، مع أنَّ بطلان الصلاة ببطلان الجزء لا يتمُّ إلا إذا لم يتدارك فتأمَّل ، ومجرد القراءة المحرَّمة أو الذكر المحرَّم بين الصلاة لا دليل على كونه مبطلاً ، مع أنَّ تخصيص الكلام بالذكر والقراءة لا وجه له ؛ إذ قَدْ يضاد الردّ بعض الأكوان والأفعال كما لو سلّم عليه ومرّ مستعجلاً وتوقَّف إيصال جوابه إلى مشي وحركة ولا يمكن إيصاله برفع الصوت ، فإنَّ الأمر بالردّ يقتضي النهي عن الكون لا عن الذكر والقراءة.

وأمّا عن الثاني ؛ فلأن عدم الأمر بالضد لمانع الاستهجان العرفي أو العقلي لا ينافي المحبوبية الواقعية ، فالصلاة في حال الأمر بالردّ محبوبة وإن لم يمكن الشارع الأمر بها ، فيقصد المصلّي التارك للردّ أمثال المحبوبية الواقعية حينئذ ، وهو من المحقّق في محلّه في الأُصول.

هذا ، وربّما يُدَّعی ظهور النصوص في وجوب الرد في الصلاة ، فيكون کسائر ما يجب في الصلاة من الستر والاستفال ونحوهما ، ولا ينافيه وجوبه قبلها ؛ إذ هو فهم عرفي من اللفظ كالمحرم قبل الصلاة لو فرض مجيء نهي به نحو : لا تنظر إلى الأجنبية في الصلاة. وفيه أنه لاشك في ظهور الأدلَّة في إرادة أنَّ الصلاة لا تمنع من وجوب الردّ ، لا أنّه من واجبات الصلاة.

الثاني : وهو الأظهر عام البطلان مطلقاً كما اختاره الشيخ في (الجواهر) ، والسيد الأُستاذ في (العروة) تبعاً (للدروس) و (البيان) و (الذكری) و (الموجز)

٢٨٨

و (جامع المقاصد) و (فوائد الشرائع) و (الإرشاد) و (المسالك)(١) لما عرفت من بطلان الوجهين المزبورين اللَّذينِ يمكن الاستناد إليهما في القول بالبطلان.

الثالث : التفصيل بين ما لو اشتغل بشيء من الواجب في زمان الترك ، فالمتَّجه بطلان الصلاة وعدمه ، فالصحَّة بتقريب أن التعمُّد بالترك موجب لفساد الجزء المستلزم لفساد الكلّ ، إمّا لاقتضاء الأمر بالشيء والنهي عن الضدّ الخاص ، أو لعدم الأمر به ، فيلزم التشريع المفسد للجزء المستلزم لفساد الكلّ ، بحيث لا يجزي بعد إعادته على الوجه الصحيح ، أو لأنه في مثل المفروض من نحو کلام الآدميين في البطلان ، بخلاف ما لو ترك الردَّ وسكت حَتَّى مضى زمان الرد ، ثُمَّ اشتغل بالقراءة فإنَّه لا يبطل ؛ لعدم المقتضي ، وقد عرفت الجواب عمّا عدا الأخير ، وأمّا عنه فهو أنَّ القرآن قرآن بالنظم والأُسلوب ، وحرمة القراءة ـ على فرض تسليمها ـ لا تلحقه بكلام الآدميين مادام قصده الحكاية لكلام الله التي لا تحقق القرآنية بدونها ، إنْ هو إلّا كقراءة المجنب القرآن.

الرابع : يُستحب إفشاء السلام وتأكيده ، وفيه من الفضل حَتَّى قيل أنه مندوب أفضل من ردِّه الواجب ، ويدلُّ عليه مارواه في الكافي عن أبي عبد اللهعليه‌السلام : «من التواضع أن تسلّم على من لقيت »(٢) .

فإنَّ التواضع المطلوب لا يحصل عرفاً إلّا بالإفشاء ، وعن أبي جعفرعليه‌السلام قال : «كان سلمان رحمه‌الله يقول : افشوا سلام الله ؛ فإن سلام الله لا ينال الظالمين »(١) .

__________________

(١) جواهر الكلام ١١ : ٦٨ في حكم رد السلام ، العروة الوثقی ٣ : ١٦ مسألة ١٦ ، الدروس ١ : ١٨٦ ، البيان : ٩٥ ، ذكرى الشيعة ٤ : ٢٤ ، جامع المقاصد ٢ : ٣٥٦.

(٢) الكافي ٢ : ٦٤٦ ح ١٢.

٢٨٩

وفي هذا المعنى أخبار كثيرة.

الخامس : المشهور أنه يجب على الراد إسماع المسلّم تحقيقاً أو تقديراً ، واستدل عليه بالتبادر ، وحكم العرف والعادة ، وبما في الكافي عن ابن القدّاح ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام : «إذا سلّم أحدكم فليجهر بسلامه لا يقول : سلّمت فلم يردوا عليّ ، ولعلَّه يكون قَدْ سلّم ولم يُسمِعْهُم ، فإذا ردّ أحدكم فليجهر بردِّه ولا يقول المُسَلّم : سلَّمْتُ فلم يَرُدّوا عليَ »(٢) .

ويدلّ بعمومه على المصلّي وغيره ، وقيل : لا يجب الإسماع ، وهو ظاهر المحقِّق في (المعتبر) والأردبيلي في (شرح الإرشاد)(٣) ؛ لصحيحة منصور عن الصادقعليه‌السلام ، وموثَّقة عمّار الدالَّتينِ على إخفاء الرد ، وهما محمولان على التقية(٤) ، وكذلك رواية محمّد بن مسلم(٥) .

__________________

(١) الكافي ٢ : ٦٤٤.

(٢) الكافي ٢ : ٦٤٥ ح ٧.

(٣) المعتبر ٢ : ٢٦٣ ، مجمع الفائدة ٣ : ١١٩.

(٤) صحيحة منصور : «وبإسناده عن سعد ، عن محمّد بن عبد الحميد ، عن محمّد بن إسماعيل بن بزيع ، عن علي بن النعمان ، عن منصور بن حازم ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال : إذا سلَّم عليك الرجل وأنت تصلّي ، قال : تردّ عليه خفياً ، كما قال». (وسائل الشيعة ٧ : ٢٦٨ ح ٩٣٠٤ / ٣.

موثقة عمار : «وعنه ، عن أحمد بن الحسن ، عن عمرو بن سعيد ، عن مصدق بن صدقة ، عن عمر بن موسی ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : سألته عن السلام على المصلّي فقال : إذا سلّم عليك رجل من المسلمين وأنت في الصلاة فردّ عليه فيما بينك وبين نفسك ولا ترفع صوتك». (وسائل الشيعة ٧ : ٢٦٨ ح ٩٣٠٥ / ٤).

(٥) محمّد بن الحسن بإسناده ، عن احمد بن محمّد ، عن محمّد بن أبي عمير ، عن هشام ابن سالم ، عن محمّد بن مسلم قال : «دخلت على أبي جعفرعليه‌السلام وهو في الصلاة فقلت : السلام عليك. فقال : السلام عليك. فقلت : كيف أصبحت؟ فسكت ، فلمَّا انصرف ، قلت : أيردّ السلام وهو في الصلاة؟ قال : نعم ، مثل ما قيل له». (وسائل الشيعة ٧ : ٢٦٧ ح ٩٣٠٢ / ١).

٢٩٠

السادس : يتحقق السلام من الجماعة بوقوعه من واحد ، ويحصل الامتثال بالرد من واحد ؛ لأنَّهما من الأُمور الكفاية ، ويدل عليه ما رواه في (الكافي) عن غياث بن إبراهيم ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال : «إذا سلّم من القوم واحد أجزأ عنهم ، وإذا رد واحد أجزأ عنهم »(١) .

ونحوه رواية ابن أبي بكير ، عن بعض أصحابه ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام وصحيحة عبد الرحمن بن الحجَّاج ، ويترتب عليه أنّه لو سلّم على جماعة منهم المصلّي فردّ الجواب غيره لم يجز له الردّ بعد تمام الردّ ، نعم ، يجوز قبله.

السابع : قال الأستاذ (طاب ثراه) في (العروة) : (لو ردّ السلام صبيٌّ مميِّز ففي كفايته إشكال ، والأحوط ردّ المصلّي بقصد القرآن أو الدعاء)(٢) .

أقول : وجه الإشكال والترديد من عموم قوله تعالى : ﴿فَحَيُّوا ﴾ الشامل المثل الصبي المميِّز ، ولاسيَّما إذا كان ابن عشر سنين ؛ ولأن عبادته شرعية كما يظهر من بعض الأخبار ، ومن أنه مندوب ، ولا يسقط الواجب بالمندوب ، والأقوى الكفاية وسقوط الفرض بالنفل الكثير ، وعليه فلو كان المسلِّم على المصلي صبياً مميِّزاً ، فالأقوى وجوب الرد عليه بعنوان ردّ التحيَّة ، وإن أراد الاحتياط فليقصد القرآن أو الدعاء.

الثامن : إذا كان بعض المسلَّم عليهم مصلياً وبعضهم قاعداً ، فهل يجب الردّ على القاعد أو يتساويان؟ الأظهر التساوي وبردِّ أحدهما يسقط عن الآخر ، ولا يسقط بردِّ من لم يكن مقصوداً بالسلام ؛ لعدم صدق الردِّ عليه.

__________________

(١) الكافي ٢ : ٦٤٧ ح ٣.

(٢) العروة الوثقی ٣ : ١٩ مسألة ٢١.

٢٩١

التاسع : إذا سلّم واحد على جماعة يكفي جواب واحد إجماعاً ، كما هو الشأن في سقوط جميع الواجبات الكفائية بعد قيام من به الكفاية ، ولا يعتبر في السقوط قصد المجیب الردّ عن الجميع ، نعم ، قيل باستحباب أجوبة متعدِّدة ولو بعد جواب واحد فيما لم يكن في الصلاة ، ولم يكفِ ردُّ من لم يكن داخلاً في الجماعة لما ذكرناه.

العاشر : عكس السابق ، بأن سلّم جماعة على شخص واحد ، فهل يكتفي بجواب واحد بصيغة الجمع عن سلامهم بحيث يقصد منها جواب واحد الجماعة ، كما يكتفي بجواب واحد في المسألة السابقة ، أو يجب تكرار الجواب ورد المُسَلّمين؟

المنقول عن ظاهر المشهور الثاني ، وهو الحقُّ فإن تعدُّد التحيَّة بتعدُّد المسلّمین موجب لتعدُّد الردّ ، فلا معنى لكفاية ردّ واحد ، ولو كان بصيغة الجمع ؛ ضرورةَ عدم تعدُّد الردّ مع وحدة الصيغة ، ولا فرق في ذلك بين كون المسلّم عليه الواحد في الصلاة أو خارجها ، فيجب عليه التكرار في الجواب حَتَّی حال الصلاة بعدد أشخاص المسلّمين ، كما يجب عليه في خارجها ، وصریح بعض الأعلام في أجوية مسائله هو الاكتفاء بردّ واحد لو قصد بردّه الردّ على الجميع ، وكان المشروع بردّه بعد فراغ الجميع من صيغة السلام ، وهو كما ترى ؛ فإنَّ قصد التعدُّد لا يوجب التعدُّد الواقعي ، وهذا الفرع غير مذكور في العروة.

الحادي عشر : إنما يجب ردّ السلام على من علم بكونه مقصوداً بالتحيَّة خصوصاً أو عموماً ، أمّا لو شك فيه لم يجب ، ولو كان في حال الصلاة لا يجوز له ذلك حين بطلت صلاته ، إلّا أن يقصد بردّه القرآن أو الدعاء.

٢٩٢

الثاني عشر : يجب أن يكون الردّ في أثناء الصلاة بمثل ما سلَّمَ، فلو قال (قیل ـ ظ) : سلام عليکم. يجب أن يقول في الجواب : (سلام عليکم) ، بل الأحوط المماثلة في التعريف والتنكير والإفراد والجمع ، نعم ، لا يجب المماثلة إذا زاد قوله : ورحمة الله وبركاته ، كما لا تجب في أمير الصلاة أيضاً ، بل الأحوط إسقاط الزيادة المزبورة في حال الصلاة ، ولو اقتصر المسلّم في سلامه بلفظ (سلام) كما هو المتعارف ما بين كثير من العوام والنسوان ـ سواء كان مكلّفاً أو غير مكلّف ـ قيل بعدم وجوب ردّ مثل هذا السلام بغير الصلاة ، فإن التحيَّة التي وجب ردّها في الشرع إنَّما هي التحيَّة الصحيحة ، وأمَّا في أثناء الصلاة فالظاهر عدم جوازه ؛ لكونه موجباً لفساد الصلاة ، نعم ، ربّما فرق كما في (العروة)(١) بين ما لو كان المسلّم شخصاً عالماً عارفاً بقواعد النحو ، وأنَّ قوله : سلام ، متدأ محذوف الخبر وكان المحذوف منويّاً له ، وجب الردّ حينئذ ، وما لو لم يكن كذلك فلا يجب ، وفيه أن الصحَّة والغلط تابعان للّسان العربي ولا مدخلية الاقتصاد فيهما ، بل ولا العلم والجهل ، وحذف الخبر من الكلام يُعد من اللّسان العربي ، ولا فرق فيه بين العالم ، والجاهل ، والشيخ ، وصاحب الجواهر أوجب ردّ السلام الغلط ؛ لصدق التحيَّة به عرفاً ، وهو الأقرب ، هذا والظاهر أن العامَّة لا يوجبون الاتحاد مطلقاً.

قال الفخر الرازي في تفسيره : (المبتدئ يقول : السلام عليك ، والمجيب يقول : وعليکم السلام ، وهذا هو الترتيب الحسن ) ، انتهي(٢) .

__________________

(١) العروة الوثقی ٣ : ١٥ وما بعدها.

(٢) تفسير الرازي ١٠ : ٢١٢.

٢٩٣

ومنه ما يُحکی أنَّ جدّي بحر العلوم (طاب ثراه) مذ كان مجاوراً لبيت الله الحرام دخل عليه رجل من أهل مكَّة من أهل السنَّة وسلّم عليه ، فأجابه السيدرحمه‌الله بقوله : سلام عليکم.

ثُمَّ التفترحمه‌الله إلى أن المماثلة بين السلام وجوابه خلاف مذهب الجمهور ، وكانرحمه‌الله يستعمل التقيَّة معهم ، فأخذ في تدارك المطلب بأن قال للوارد : يا شيخ ، لقد تسالمنا ولم يرد أحدُنا جواب سلام صاحبه ، عليکم السلام ، فاعتقد الشيخ أنَّ السيِّد قصد بقوله : سلام عليکم ، التحيَّة للمبتدئ لا جواب التحيَّة ، والجواب إنَّما هو قوله : عليکم السلام.

الثالث عشر : يُشترط في صحَّة جواب التحيَّة صدوره من المجيب بعد فراغ المحيِّي من تمام الصيغة لعدم صدق الردّ قبل ذلك وهو واضح.

الرابع عشر : قال في (العروة) مقتضي بعض الأخبار عدم جواز الابتداء بالسلام على الكافر إلّا لضرورة ، ولكن يمكن الحمل على إرادة الكراهة(١) .

أقول : روى الصدوقرحمه‌الله في الخصال عن الصادقعليه‌السلام ، عن أبيه الباقرعليه‌السلام قال : «لا تسلّموا على اليهود ، ولا على النصارى ، ولا على المجوس ، ولا على عبدة الأوثان ، ولا على موائد شرب الخمر ، ولا على صاحب الشطرنج والنرد ، ولا على المخنَّث ، ولا على الشاعر الذي يقذف المحصنات ، ولا على المصلّي ؛ وذلك لأنَّ المصلّي لا يستطيع أن يردّ السلام ؛ لأنَّ التسليم من المسلّم تطوع

__________________

(١) العروة الوثقی ٣ : ٢٥ مسألة ٣٢.

٢٩٤

والرد عليه فريضة ، ولا على آكل الربا ، ولا على رجل جالس على غائط ، ولا على الَّذي في الحمّام ، ولا على الفاسق المعلن بفسقه »(١) .

وإنَّما حُمل النهي هنا على الكراهة جمعاً بينه وبين ما مرّ من الأخبار.

وإذا سلّم أهل الملل من الكفَّار ، فقل في الردّ عليهم : عليك ؛ لما رُوي عن أمير المؤمنينعليه‌السلام أنه قال : «لا تبدؤوا أهل الكتاب بالتسليم ، وإذا سلّموا عليكم فقولوا : وعليكم »(٢) .

وفي حديث آخر : «إذا سلّم عليك اليهودي والنصراني والمشرك فقل : عليك »(٣) .

وفي خبر آخر عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله أنهم سلّموا عليه فردّ عليهم بلفظ : «عليك»(٤) .

وفي خبر آخر تقول في الردّ : «سلام »(٥) .

روی هذه الأخبار في الكافي.

الخامس عشر : قال السيِّد الأُستاذ (طاب ثراه) في (العروة) : (المستفاد من بعض الأخبار أنه يُستحب أن يسلّم الراكب على الماشي ، وأصحاب الخيل على أصحاب البغال ، وهم على أصحاب الحمير ، والقائم على الجالس ، والجماعة القليلة على الجماعة الكثيرة ، والصغير على الكبير.

__________________

(١) الخصال : ٤٨٤ ح ٥٧.

(٢) الكافي ٢ : ٦٤٩ ح ٢.

(٣) الكافي ٢ : ٦٤٩ ح ٤.

(٤) الكافي ٢ : ٦٤٨ ح ١.

(٥) الكافي ٢ : ٦٤٨ ح ٦.

٢٩٥

قال : ومن المعلوم أنَّ هذا مستحب في مستحب ، وإلا فلو وقع العكس لم يخرج عن الاستحباب أيضاً)(١) .

هذا تمام الكلام في أحكام السَّلام.

رجع

[تتمة شرح الحديث]

[د] ـ «واجلس بين يديه ولا تجلس خلفه» : أي حيث تواجهه ولا تحوجه في الخطاب والمواجهة إلى الانحراف لما فيه من صعوبة نظره إليك ، وحرمانك من التشرُّف بنظرك إلى وجهه مع أنه عبادة.

[هـ] ـ «ولا تضجر بطول صحبته » : وفيه مبالغة على لزوم الوقوف عند العلماء ، وترك الإلحاح على السؤال من العالم ، بل اللازم انتظار صدور الكلام منه ، فإذا شرع البيان تصغي إليه بقلبك.

[و] ـ والمقصود من قوله : «فإنَّما مثل العالم مثل النخلة » : التمثيل للإيضاح ، بانَّك كما لا تسارع إلى الصعود على النخلة ولا إلى هزّها قبل أوان اقتطاف ثمرتها ، فكذلك ينبغي لك أن لا تحرِّك العالم ولا تضطره إلى كثرة الكلام ، واتباع السؤال بالسؤال.

[ز] ـ «والعالم أعظم أجراً من الصائم القائم » : إذ لا ريب أنَّ العالم الرباني الهادي للخلق إلى الحقّ أعظم أجراً من الصائم القائم ، فإنَّ الثاني إنَّما يكفُّ نفسه عن المفطرات والملهيات ، وفي ذلك تفع لنفسه دون غيره ، بخلاف الأول فإنه بعلمه ينقذ الناس من الوقوع في الشبهات والاعتقادات الباطلة ، وكذلك المجاهد

__________________

(١) العروة الوثقی ٣ : ٢٦ مسالة ٣٣.

٢٩٦

الغازي في سبيل الله ، فإنه بمجاهدته مع الكفَّار مدافع عن غلبة الكفَّار على أبدان الخلق ، بخلاف العالم ، فإنه بعلمه مدافع لجنود الجهل عن الاستيلاء على قلوب الضعفاء.

[ح] ـ «ثلم في الإسلام» : قال في (مجمع البحرين) : (الثلمة كبرمة : الخلل الواقع في الحائط وغيره ، والجمع : ثلم كبرم. وعلَّل ذلك بأنَّهم حصون كحصون سور المدينة ، فذكر ذلك على سبيل الاستعارة والتشبيه ) ، انتهى(١) .

ويستعمل متعديّاً ولازماً ؛ ولذا عُديّ بـ(في) في الحديث.

[في العالم العامل]

[ ٨٢] ـ قالرحمه‌الله : (فصل ، ويجب على العالم العمل ، كما يجب على غيره ، لكنَّه في حق العالم آكد ، ومن ثُمَّ جعل الله تعالی ثواب المطيعات من نساء النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله وعقاب العاصيات منهن ، ضعف ما لغيرهِنَّ ، وليجعل له حظاً وافراً من الطاعات والقربات ، فإنَّها تفيد النفس ملكةً صالحةً واستعداداً تامّاً لقبول الكمالات)(٢) .

[أ] ـ أقول : إعلم أنَّه كلَّما ازداد العبد معرفة بالله تعالی ازداد خضوعاً له وخوفاً منه ، نظير خدم السلطان وحشمه ، فإنَّهم كلما ازدادوا قرباً من السلطان ازداد خطرهم وثقلت تكاليفهم ؛ لزيادة معرفتهم بشؤون السلطنة وعلو العرش الملوكي ، فما ظنُّك بمالك الملوك ووالي مملكة الوجود ، فإذا كان عالماً لا بدَّ له من العلم بأن الله مطَّلع على الضمائر ، عالم بالسرائر ، رقيب على أعمال عباده ، قائم على كل نفس بما كسبت ، وأن سرّ القلب في حقّه مکشوف ، كما أن ظاهر

__________________

(١) مجمع البحرين ١ : ٣٢٢.

(٢) معالم الدين : ١٨.

٢٩٧

البشرة للخلق مكشوف ، بل أشد من ذلك ، قال الله تعالى : ﴿أَلَمْ يَعْلَم بِأَنَّ اللَّـهَ يَرَىٰ(٢) ، وقال : ﴿إِنَّ اللَّـهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا(٣) ، فهذه المعومات التي هي من خصائص العلماء ، تقهر قلب العالم على مراعاة جانب الله ، وصرف الهمَّة إليه ، واستغراق قلبه بملاحظة ذلك الجلال منكسراً تحت هيبته ، فلا يبقى فيه متسع الالتفات إلى الغير ، فصار همّه همّاً واحداً ولابد من أن يكفيه الله سائر الهموم ، ومن ثُمَّ جعل الله ثواب المطيعات من نساء النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله وعقابهن ضعفاً بما أنهن عالمات بالأحكام الشرعية من حيث معاشرتهن لهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، واختصاصهن بصحبته ، وكسبهن الأخلاق الفاضلة من طول مجاورته ، وكان فعل الواجبات وترك المحرمات في حقّهن آكد من الغير ، وكذلك ثوابهن وعقابهن أكثر من الغير ، فإن الثواب والعقاب يتأكَّدان بتأكُّد الوجوب والحرمة ؛ إذ ربّما يخفّف العقاب عن بعض الجهّال لعذر الجهل ، وكذلك يخفف الثواب لوقوعه من العامل مع قلَّة معرفته فاقداً لشرائط الكمال.

[ب] ـ «وليجعل له حظاً وافراً إلخ » : بأن يجدَّ ويجتهد في العبادة كما قال أمير المؤمنينعليه‌السلام : «أفضل الناس من عشق العبادة ، فعانقها وأحبها بقلبه ، وباشرها بجسده وتفرغ لها ، فهو لا يبالي على ما أصبح من الدنيا ، على عسر أم على يسر »(٣) .

__________________

(١) سورة العلق : آية ١٣.

(٢) سورة النساء : من آية ١.

(٣) الكافي ٢ : ٨٣ ح ٣ وفيه وفي غيره من المصادر الحديثية أن الحديث عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فلاحظ.

٢٩٨

وعن أبي عبد اللهعليه‌السلام : مذ سأله بعض أصحابه عن طلب الصّيد ، إلى أن قالعليه‌السلام : «وإنَّ المؤمنَ لفي شُغُلٍ عن ذلك ، شغله طلب الآخرة عن طلب الملاهي »(١) .

وعن کميل بن زياد ، قال : قال أمير المؤمنينعليه‌السلام : «يا کميل ، إنّه لا تخلو من نعمة الله عزَّ وجلَّ عندك وعافيته ، فلا تخلُ من تحميده ، وتمجيده ، وتسبيحه ، وتقديسه ، وشكره ، وذكره على كلّ حال الخبر»(٢) .

وعن أبي عبد اللهعليه‌السلام في تفسير قول الله عزَّ وجلَّ : ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ(٣) ، قال : «خلقهم للعبادة »(٤) .

وبالجملة : فإن العالم أولى بهذه من غيره وأحرى.

قال علي بن الحسين : «إنَّ أحقَّ الناس بالاجتهاد ، والورع ، والعمل بما عند الله ويرضاه ، الأنبياءُ وأتباعُهم »(٥) .

والمعروف على قدر المعرفة ، والمراد من المعروف كلّ ما عُرف من طاعة الله والتقرُّب إليه ، فلا ينبغي للعالم أن يَنقُصَ معروفُه عن معرفته.

__________________

(١) مستدرك الوسائل ١ : ١٢١ ح ١٥١ / ٤.

(٢) بحار الأنوار ٧٤ : ٢٧٣ ضمن وصاياهعليه‌السلام .

(٣) سورة الذاريات : آية ٥٦.

(٤) تفسير العياشي ٢ : ١٦٤ ح ٨٢.

(٥) مستدرك الوسائل ١ : ١٢٥ ح ١٦٣ / ٩.

٢٩٩

الحديث السادس عشر

العلماء رجلان

[ ٨٣] ـ قالرحمه‌الله : وقد روينا بالإسناد السالف وغيره ، عن محمّد بن يعقوب ، عن محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن حمّاد بن عيسى ، عن عمر بن اُذينة ، عن أبان بن أبي عياش ، عن سليم بن قيس الهلالي ، قال : سمعت أمير المؤمنينعليه‌السلام يحدِّث عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أنه قال في كلام له : «العلماء رجلان : رجل عالم آخذ بعلمه فهذا ناجٍ ، وعالمٌ تارك لعلمه فهذا هالِكٌ ، وإنَّ أهل النار ليتأذَّون من ريح العالم التارك لعلمه ، وإن أشد أهل النار ندامة وحسرة رجل دعا عبداً إلى الله ، فاستجاب له وقبل منه ، فأطاع الله، فأدخله الجنَّة وأدخل الداعي النار بترکه علمه ، واتّباعِه الهوي ، وطول الأمل ، أمّا اتّباعُ الهوى فيصدُّ عن الحق ، وطولُ الأملِ يُنسي الآخرة »(١) .

أقول : أمّا رجال السند فقد تقدّم ذكرهم جميعاً ، وأمّا ما يتعلق بشرح المتن :

[أ] ـ قال صاحب الوافي : (هذا التقسيم للعلماء الَّذينَ علمهم مقصور على ما يتعلق بالعمل ، کالعالم بالشريعة ، وكالعالم بالأخلاق دون الَّذينَ علمُهم مقصود لذاته ، کالعالم بالمبدأ والمعاد ، فإنّه لا يكون غالباً إلا ناجياً ، وإذا وقع منه زلَّة أو ذنب تذکّر لربه وتاب ، وتضرّع إليه وأناب ) ، انتهى(٢) .

[ب] ـ «آخذ بعلمه » : يعني عامل بمقتضاه من تهذيب الظاهر والباطن عن الأعمال القبيحة ، والأخلاق الرذيلة ، وتحليتهما بالأعمال الحسنة ، والأخلاق الفاضلة.

__________________

(١) معالم الدين : ١٨ ، الكافي ١ : ٤٤ ح ١.

(٢) الوافي ١ : ٢٠٣ ح ١٣٧ / ١ باب استعمال العلم.

٣٠٠

السهلة، ومسجد بالخمراء، ومسجد جعفي. وليس هو مسجدهم اليوم ويقال: درس(١) . واما المساجد المعونة: فمسجد ثقيف، ومسجد الاشعث، ومسجد جرير البجلي، ومسجد سماك. ومسجد بالخمراء بني على قبر فرعون من الفراعنة.

النهي عن الصلاة في خمسة مساجد بالكوفة

٧٦- حدثنا ابي رضي الله عنه قال: حدثنا سعد بن عبدالله، عن محمد بن الحسين ابن ابي الخطاب قال: حدثني صفوان بن يحيى، عمن ذكره، عن ابي عبدالله عليه السلام قال: ان أميرالمؤمنين عليه السلام نهى عن الصلاة في خمسة مساجد بالكوفة: مسجد الاشعث بن قيس الكندي، ومسجد جرير بن عبدالله البجلي، ومسجد سماك بن مخرمة، ومسجد شبث بن ربعي(٢) ومسجد تيم، قال: وكان أميرالمؤمنين عليه السلام إذا نظر إلى مسجدهم

______________

(١) غنى حي من غطفان. وبنو ظفر - محركة - بطن في الانصار. وبطن في سليم. والسهلة - بالكسر تراب رملي يجئ به الماء ومنه مسجد السهلة. وبالخمراء - بالموحدة والخاء المعجمة والراء - قرية بقرب الكوفة بها قبر ابراهيم بن عبدالله بن الحسن بن الحسن بن علي عليهما السلام، وضبطه في القاموس باخمرى - كسكرى -. وجعفى - ككرسي - ابن سعد العشيرة ابوحي من اليمن والنسبة جعفى ايضا. وثقيف كامير أبوحي من هوازن. والاشعث هو اشعث بن قيس الكندي من اصحاب رسول الله وأميرالمؤمنين عليهما السلام ارتد بعد النبي صلّى الله عليه واله في ردة اهل ياسر ثم صار ملعونا خارجيا. وجرير بالجيم - ابن عبدالله البجلي سكن الكوفة وقدم الشام برسالة أميرالمؤمنين إلى معاوية ولصق به قيل كان طوله ستة أذرع. وسماك - ككتاب - ابن مخرمة بالمعجمة والراء، ومسجد بالخمراء ثانيا استيناف لا فائدة له. وفي التهذيب واكثر نسخ الكتاب « مسجد الحمراء » بدون الباء واهمال الحاء في الموضعين. (الوافى). وفي المراصد باخمرا موضع بين الكوفة وواسط.

(٢) شبث - بفتح اوله والموحدة ثم المثلثة - ابن ربعى التميمي اليربوعي أبوعبد - القدوس الكوفي مخضرم كان مؤذن سجاح، ثم أسلم، ثم كان ممن أعان على عثمان، ثم صحب عليا، ثم صار من الخوارج عليه، ثم تاب فحضر قتل الحسين، ثم كان ممن طلب بدم الحسين مع المختار ثم ولى شرطة الكوفة. ثم حضر قتل المختار ومات بالكوفة في حدود سنة الثمانين (التقريب).

٣٠١

قال: هذه بقعة تيم، ومعناه إنهم قعدوا عنه لا يصلون معه عداوة له وبغضا. لعنهم الله(١)

خمسة يجب عليهم التمام في السفر

٧٧ - حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل رضي الله عنه قال: حدثنا علي بن الحسين السعد آبادي قال: حدثنا أحمد بن أبي عبدالله البرقي، عن أبيه محمد بن خالد عن محمد بن أبي عمير يرفعه إلى أبي عبدالله عليه السلام قال: خمسة يتمون في سفر كانوا أو في حضر: المكاري والكري والاشتقان - وهو البريد - والراعي، والملاح لانه عملهم(٢) .

للرجل أن يرى من المرأة التي ليست له بمحرم خمسة اشياء

٧٨ - حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضي الله عنه قال: حدثنا محمد ابن الحسن الصفار، عن أحمد بن محمد، عن مروك بن عبيد(٣) ، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: قلت له: ما للرجل ان يرى من المرأة إذا لم يكن لها بمحرم، قال: الوجه، والكفين، والقدمين(٤) .

تفتح ابواب السماء في خمسة مواقيت

٧٩ - حدثنا أبي رضي الله عنه قال: حدثنا سعد بن عبدالله قال: حدثني أحمد ابن محمد بن عيسى، عن ابن يحيى(٥) ، عن جده الحسن بن راشد، عن أبي بصير، ومحمد

______________

(١) لا يقال هذه المساجد قد أحدثت بعد أميرالمؤمنين فكيف يستقيم نهيه عن الصلاة فيها لانا نقول هذه المساجد بنيت قبل ودرست وجددت بعد، كما في خبر عبيس بن هشام عن سالم عن أبي جعفر عليه السلام قال « جددت أربعة مساجد بالكوفة فرحا لقتل الحسين: مسجد الاشعث ومسجد جرير ومسجد سماك ومسجد شبث بن ربعي » فتكون قديمة موجودة في عصره عليه السلام.

(٢) تقدم نحوه في باب الاربعة تحت رقم ١٢٢.

(٣) مروك بن عبيد بن سالم ثقة صدوق (صه).

(٤) الخبر يدل على أن الوجه والكفين والقدمين ليست في المرأة من العورة.

(٥) الظاهر هو القاسم بن يحيى.

٣٠٢

ابن مسلم، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: حدثني أبي، عن جدي، عن آبائه عليهم السلام أن أميرالمؤمنين عليه السلام قال فيما علم أصحابه: تفتح أبواب السماء في خمسة مواقيت، عند نزول الغيث، وعند الزحف، وعند الاذان، وعند قراءة القرآن، ومع زوال الشمس، وعند طلوع الفجر(١) .

الجنة تشتاق إلى خمسة

٨٠ - حدثنا القاضي محمد بن عمر بن محمد بن سالم بن البراء الحافظ البغدادي رضي الله عنه قال: حدثنا الحسن بن عبدالله بن محمد بن علي بن العباس الرازي قال: حدثني أبي قال: حدثني سيدي علي بن موسى الرضا، عن أبيه، عن جعفر بن محمد عن أبيه، عن علي بن الحسين، عن أبيه الحسين بن علي، عن علي عليهم السلام قال: قال النبي صلّى الله عليه واله: الجنة تشتاق إليك والى عمار و [ إلى ] سلمان وأبي ذر والمقداد.

خمس يطلقن على كل حال

٨١ - حدثنا أبي رضي الله عنه قال: حدثنا سعد بن عبدالله، عن يعقوب بن يزيد عن محمد بن أبي عمير، عن حماد بن عثمان، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: خمس يطلقن على كل حال: الحامل والتي قد يئست من المحيض، والتي لم يدخل بها، والغائب عنها زوجها، والتي لم تبلغ المحيض.

علامات خروج القائم عليه السلام خمس

٨٢ - حدثنا أبي رضي الله عنه قال: حدثنا عبدالله بن جعفر الحميري، عن إبراهيم بن مهزيار، عن أخيه علي بن مهزيار، عن الحسين بن سعيد، عن صفوان ابن يحيى، عن محمد بن حكيم، عن ميمون البان، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: خمس قبل قيام القائم: [ خروج ] اليماني، والسفياني، والمنادي ينادي من السماء، وخسف البيداء، وقتل النفس الزكية.

______________

(١) كذا. والعدد لا يطابق المعدود.

٣٠٣

ليس بين خمس من النساء وبين أزواجهن ملاعنة

٨٣- حدثنا أبي رضي الله عنه قال: حدثنا سعد بن عبدالله قال: حدثني أحمد وعبدالله ابنا محمد بن عيسى، عن العباس بن معروف، عن الحسين بن يزيد النوفلي، عن علي بن داود اليعقوبي، عن سليمان بن حفص البصري، عن أبي عبدالله جعفر بن - محمد، عن أبيه، عن جده عليهم السلام أن عليا عليه السلام قال: ليس بين خمس من النساء وبين أزواجهن ملاعنة: اليهودية تكون تحت المسلم، والنصرانية والامة تكونان تحت الحر(١) فيقذفهما، والحرة تكون تحت العبد فيقذفها، والمجلود في الفرية، لان الله عزّوجلّ يقول:( وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا ) (٢) والخرساء ليس بينها وبين زوجها لعان إنما اللعان باللسان.

الكلمات التي ابتلى ابراهيم ربه بهن فاتمهن خمس

٨٤ - حدثنا علي بن أحمد بن موسى رضي الله عنه قال: حدثنا حمزة بن القاسم العلوي العباسي(٣) قال: حدثنا جعفر بن محمد بن مالك الكوفي الفزاري(٤) قال: حدثنا محمد بن الحسين بن زيد الزيات قال: حدثنا محمد بن زياد الازدي، عن المفضل

______________

(١) يعني الحر المسلم.

(٢) في قوله تعالى:( وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا ) النور: ٤.

(٣) هو حمزة بن القاسم بن علي بن حمزة بن الحسن بن عبدالله بن العباس بن علي ابن أبي طالب عليه السلام ابو يعلى ثقة جليل القدر من أصحابنا كثير الحديث. كما في جش وصه.

(٤) هو جعفر بن محمد بن مالك بن عيسى بن سابور أبوعبدالله الكوفي مولى، كان ضعيفا في الحديث قال أحمد بن الحسين: كان يضع الحديث وضعا ويروى عن المجاهيل و سمعنا من قال كان أيضا فاسد المذهب والرواية ولا أدري كيف روى عنه شيخنا النبيل الثقة أبوعلي بن همام وشيخنا الجليل الثقة ابو غالب الزراري رحمهما الله تعالى (جش) وعنه (صه) وقال ابن الغضائري: انه كان كذابا متروك الحديث، واما محمد بن الحسين بن زيد أبوجعفر الزيات فهو ثقة جليل، عظيم القدر، كثير الرواية، حسن التصانيف، مسكون إلى روايته، واما محمد بن زياد فهو ابن أبي عمير.

٣٠٤

ابن عمر، عن الصادق جعفر بن محمد عليهما السلام قال: سألته عن قول الله عزّوجلّ:( وَإِذِ ابْتَلَىٰ إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ ) (١) ما هذه الكلمات؟ قال: هي الكلمات التي تلقاها آدم من ربه فتاب عليه وهو أنه قال: يا رب أسألك بحق محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين الا تبت علي، فتاب الله عليه إنه هو التواب الرحيم. فقلت له: يا ابن رسول الله فما يعني عزّوجلّ بقوله( فَأَتَمَّهُنَّ ) ؟ قال: يعني فأتمهن إلى القائم عليه السلام اثني عشر إماما تسعة من ولد الحسين.

قال المفضل: فقلت له: يا ابن رسول الله فأخبرني عن قول الله عزّوجلّ:( وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ ) (٢) ؟ قال: يعني بذلك الامامة جعلها الله في عقب الحسين إلى يوم القيامة. قال: فقلت له: يا ابن رسول الله فكيف صارت الامامة في ولد الحسين دون ولد الحسن عليهما السلام، وهما جميعا ولدا رسول صلّى الله عليه واله وسبطاه وسيدا شباب أهل الجنة؟ فقال عليه السلام إن موسى وهارون كانا نبيين مرسلين أخوين فجعل الله النبوة في صلب هارون دون صلب موسى، ولم يكن لاحد أن يقول: لم فعل الله ذلك، وإن الامامة خلافة [ من ] الله عزّوجلّ ليس لاحد أن يقول: لم جعلها الله في صلب الحسين دون صلب الحسن، لان الله هو الحكيم في أفعاله، لا يسئل عما يفعل وهم يسألون(٣) .

ولقول الله تبارك وتعالى( وَإِذِ ابْتَلَىٰ إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ ) وجه آخر وما ذكرناه أصله والابتلاء على ضربين أحدهما يستحيل على الله تعالى ذكره، والآخر جائز، فأما ما يستحيل فهو أن يختبره ليعلم ما تكشف الايام عنه، وهذا ما لا يصح له لانه عزّوجلّ علام الغيوب، والضرب الآخر من الابتلاء أن يبتليه حتى يصبر فيما يبتليه به فيكون ما يعطيه من العطاء على سبيل الاستحقاق، ولينظر إليه الناظر فيقتدي به، فيعلم من حكمة الله عزّوجلّ أنه لم يكل أسباب الامامة إلا إلى الكافي المستقل، الذي كشفت الايام عنه بخبره، فأما الكلمات فمنها ما ذكرناه، ومنها اليقين وذلك قول الله

______________

(١) البقرة: ١٢٤.

(٢) الزخرف: ٢٧.

(٣) إلى هنا تمام الخبر وما بعده من كلام الصدوق رحمه الله كما هو الظاهر من ألفاظه.

٣٠٥

عزّوجلّ:( وَكَذَٰلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ ) (١) ومنها المعرفة بقدم باريه وتوحيده وتنزيهه عن التشبيه حين نظر إلى الكوكب، والقمر والشمس فاستدل بأفول كل واحد منها على حدثه وبحدثه على محدثه(٢) ، ثم علمه عليه السلام بأن الحكم بالنجوم خطأ في قوله عزّوجلّ:( فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النُّجُومِ ، فَقَالَ إِنِّي سَقِيمٌ ) (٣) وإنما قيده الله سبحانه بالنظرة الواحدة لان النظرة الواحدة لا توجب الخطأ إلا بعد النظرة الثانية بدلالة قول النبي صلّى الله عليه وآله لما قال لأميرالمؤمنين عليه السلام: « يا علي أول النظرة لك، والثانية عليك لا لك »، ومنها الشجاعة وقد كشفت الايام عنه بدلالة قوله عزّوجلّ:( إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا هَـٰذِهِ التَّمَاثِيلُ الَّتِي أَنتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ ، قَالُوا وَجَدْنَا آبَاءَنَا لَهَا عَابِدِينَ ، قَالَ لَقَدْ كُنتُمْ أَنتُمْ وَآبَاؤُكُمْ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ ، قَالُوا أَجِئْتَنَا بِالْحَقِّ أَمْ أَنتَ مِنَ اللَّاعِبِينَ ، قَالَ بَل رَّبُّكُمْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الَّذِي فَطَرَهُنَّ وَأَنَا عَلَىٰ ذَٰلِكُم مِّنَ الشَّاهِدِينَ ، وَتَاللَّـهِ لَأَكِيدَنَّ أَصْنَامَكُم (٤) بَعْدَ أَن تُوَلُّوا مُدْبِرِينَ ، فَجَعَلَهُمْ جُذَاذًا إِلَّا كَبِيرًا لَّهُمْ لَعَلَّهُمْ إِلَيْهِ يَرْجِعُونَ ) (٥) . ومقاومة الرجل الواحد ألوفا من أعداء الله عزّوجلّ تمام الشجاعة، ثم الحلم مضمن معناه في قوله عزّوجلّ:( إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُّنِيبٌ ) (٦) ثم السخاء وبيانه في حديث ضيف إبراهيم المكرمين، ثم العزلة عن أهل البيت والعشيرة مضمن معناه في قوله:( وَأَعْتَزِلُكُمْ وَمَا تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّـهِ – الآية) (٧) والامر بالمعروف والنهي عن المنكر بيان ذلك

______________

(١) الانعام: ٧٥.

(٢) كذا ولا يجيئ مصدر حدث يحدث الا « حدوثا وحداثة » والظاهر أنه كان « على حدوثه وبحدوثه على محدثه » فصحف.

(٣) الصافات: ٨٨ و ٨٩.

(٤) أكيدن أي لادبرن أو لاجتهدن في كسر أصنامكم.

(٥) الانبياء. ٥٢ إلى ٥٨. والجذاذ من الجذ وهو القطع.

(٦) هود: ٧٥. و « أواه » أي كثير التآلف على الناس ومنيب أي راجع إلى الله.

(٧) مريم: ٤٨.

٣٠٦

في قوله عزّوجلّ:( يَا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جَاءَنِي مِنَ الْعِلْمِ مَا لَمْ يَأْتِكَ فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِرَاطًا سَوِيًّا ، يَا أَبَتِ لَا تَعْبُدِ الشَّيْطَانَ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلرَّحْمَـٰنِ عَصِيًّا ، يَا أَبَتِ إِنِّي أَخَافُ أَن يَمَسَّكَ عَذَابٌ مِّنَ الرَّحْمَـٰنِ فَتَكُونَ لِلشَّيْطَانِ وَلِيًّا ) (١) ودفع السيئة بالحسنة، وذلك لما قال له أبوه:( أَرَاغِبٌ أَنتَ عَنْ آلِهَتِي يَا إِبْرَاهِيمُ لَئِن لَّمْ تَنتَهِ لَأَرْجُمَنَّكَ وَاهْجُرْنِي مَلِيًّا ) فقال في جواب أبيه( سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيًّا ) (٢) والتوكل بيان ذلك في قوله:( الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ ، وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ ، وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ ، وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ ، وَالَّذِي أَطْمَعُ أَن يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ ) (٣) ثم الحكم والانتماء إلى الصالحين في قوله:( رَبِّ هَبْ لِي حُكْمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ ) (٤) يعني بالصالحين الذين لا يحكمون إلا بحكم الله عزّوجلّ، ولا يحكمون بالآراء والمقائيس حتى يشهد له من يكون بعده من الحجج بالصدق بيان ذلك في قوله:( وَاجْعَل لِّي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ ) (٤) أراد به هذه الامة الفاضلة فأجابه الله وجعل له ولغيره من أنبيائه لسان صدق في الآخرين، وهو علي بن أبي طالب عليه السلام وذلك قوله عزّوجلّ:( وَجَعَلْنَا لَهُمْ لِسَانَ صِدْقٍ عَلِيًّا ) (٥) والمحنة في النفس حين جعل في المنجنيق وقذف به في النار، ثم المحنة في الولد حين امر بذبح ابنه إسماعيل، ثم المحنة بالاهل حين خلص الله عزّوجلّ حرمته من عزازة القبطي المذكور في هذه القصة(٦) ، ثم الصبر على سوء خلق سارة، ثم استقصار النفس في الطاعة في قوله:( وَلَا تُخْزِنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ ) (٧) ثم

______________

(١) مريم: ٤٣ إلى ٤٥ « أهدك صراطا سويا » أي أوضح لك طريقا مستقيما.

(٢) مريم: ٤٦ و ٤٧. أرجمنك باللسان يعني الشتم والذم أو بالحجارة حتى تموت « مليا » أي زمانا طويلا. و « حفيا » أي بارا لطيفا.

(٣) الشعراء: ٧٨ إلى ٨٢.

(٤) الشعراء: ٨٣ و ٨٤.

(٥) مريم: ٥٠. عبر باللسان عما يوجد به.

(٦) في المعاني « عرارة » والقصة مذكورة في روضة الكافي تحت رقم ٥٦٠، وعزازة أو عرارة اسم ذلك القبطي.

(٧) الشعراء: ٨٧.

٣٠٧

النزاهة في قوله عزّوجلّ:( مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلَا نَصْرَانِيًّا وَلَـٰكِن كَانَ حَنِيفًا مُّسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ) (١) ثم الجمع لاشراط الكلمات(٢) في قوله:( إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّـهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ، لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَٰلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ ) (٣) فقد جمع في قوله( مَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّـهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ) جميع أشراط الطاعات كلها حتى لا تعزب عنه عازبة ولا تغيب عن معانيها غائبة(٤) .

ثم استجابة الله دعوته حين قال:( رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَىٰ ) (٥) وهذه آية متشابهة معناها أنه سأل عن الكيفية والكيفية من فعل الله عزّوجلّ متى لم يعلمها العالم لم يلحقه عيب، ولا عرض في توحيده نقص، فقال الله عزّوجلّ:( أَوَلَمْ تُؤْمِن قَالَ بَلَىٰ ) هذا شرط عامة من آمن به متى سئل واحد منهم( أَوَلَمْ تُؤْمِن ) وجب أن يقول: بلى، كما قال إبراهيم، ولما قال الله عزّوجلّ لجميع أرواح بني آدم:( أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَىٰ ) (٦) قال: أول من قال بلى محمد صلّى الله عليه وآله فصار بسبقه إلى( بَلَىٰ ) سيد الاولين والآخرين، وأفضل النبيين والمرسلين. فمن لم يجب عن هذه المسألة بجواب إبراهيم فقد رغب عن ملته، قال الله عزّوجلّ:( وَمَن يَرْغَبُ عَن مِّلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلَّا مَن سَفِهَ نَفْسَهُ ) (٧) ثم اصطفاء الله عزّوجلّ إياه في الدنيا ثم شهادته له في العاقبة أنه من الصالحين في قوله عزّوجلّ:( وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ ) (٧) والصالحون هم النبي والائمة صلوات الله عليهم أجمعين الاخذون عن اله عزّوجلّ أمره ونهية والملتمسون للصلاح من عنده والمجتنبون للرأي والقياس في دينه في قوله:( إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ ) (٨) ثم اقتداء من بعده من الانبياء عليهم السلام به في قوله عزّوجلّ:( وَوَصَّىٰ بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّـهَ اصْطَفَىٰ لَكُمُ الدِّينَ

______________

(١) آل عمران: ٦٧.

(٢) في بعض النسخ « لاشتراط الكلمات ».

(٣) الانعام: ٢٦٢.

(٤) اي لا يخفى عنه شئ، وعزب أي بعد وغاب وخفى.

(٥) البقرة: ٢٦٠.

(٦) الاعراف: ١٧١.

(٧) البقرة: ١٣٠.

(٨) البقرة: ١٣١.

٣٠٨

فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ ) (١) وفي قوله عزّوجلّ لنبيه صلّى الله عليه وآله،( ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ) (٢) وفي قوله عزّوجلّ:( مِّلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِن قَبْلُ ) (٣) وأشراط كلمات الامام(٤) مأخوذة مما تحتاج إليه الامة من جهته من مصالح الدنيا والآخرة. وقول إبراهيم عليه السلام:( وَمِن ذُرِّيَّتِي ) (٥) ( مِن ) حرف تبعيض ليعلم أن من الذرية من يستحق الامامة، و منهم من لا يستحق الامامة، هذا من جملة المسلمين، وذلك أنه يستحيل أن يدعو إبراهيم بالامامة للكافر أو للمسلم الذي ليس بمعصوم، فصح أن باب التبعيض وقع على خواص المؤمنين والخواص إنما صاروا خواصا بالبعد عن الكفر، ثم من اجتنب الكبائر صار من جملة الخواص أخص(٦) ، ثم المعصوم هو الخاص الاخص ولو كان للتخصيص صورة أربى عليه(٧) لجعل ذلك من أوصاف الامام قد سمى الله عزّوجلّ عيسى من ذرية إبراهيم وكان ابن ابنته من بعده، ولما صح أن ابن البنت ذرية ودعا إبراهيم لذريته بالامامة وجب على محمد صلّى الله عليه وآله الاقتداء به في وضع الامامة في المعصومين من ذريته حذو النعل بالنعل بعد ما أوحى الله عزّوجلّ إليه وحكم عليه بقوله( ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا - الآية) (٢) ولو خالف ذلك لكان داخلا في قوله عزّوجلّ:( وَمَن يَرْغَبُ عَن مِّلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلَّا مَن سَفِهَ نَفْسَهُ ) (٨) جل نبي الله عن ذلك، وقال الله عزّوجلّ:( إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَـٰذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا ) (٩) وأميرالمؤمنين عليه السلام أبوذرية النبي صلّى الله عليه واله ووضع

______________

(١) البقرة: ١٣٢.

(٢) النحل: ١٢٣. والحنيف المستقيم طريقته.

(٣) الحج: ٧٨. « من قبل » أي من قبل نزول القرآن.

(٤) في بعض نسخ الكتاب ومعاني الاخبار « اشتراط كلمات الامام ».

(٥) البقرة: ١٢٤.

(٦) في بعض النسخ « الاخص ».

(٧) أي أعلا مرتبة. وفي بعض النسخ « ادنى عليه ».

(٨) البقرة: ١٣٠.

(٩) آل عمران: ٦٨.

٣٠٩

الامامية فيه وضعها في ذريته المعصومين، وقوله عزّوجلّ:( لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ ) عني به أن الامامة لا تصلح لمن قد عبد صنما أو وثنا أو أشرك بالله طرفة عين وإن أسلم بعد ذلك والظلم وضع الشئ في غير موضعه، وأعظم الظلم الشرك قال الله عزّوجلّ:( إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ ) (١) وكذلك لا تصلح الامامة لمن قد ارتكب من المحارم شيئا صغيرا كان أو كبيرا وإن تاب منه بعد ذلك، وكذلك لا يقم الحد من في جنبه حد فإذا لا يكون الامام إلا معصوما ولا تعلم عصمته إلا بنص الله عزّوجلّ عليه على لسان نبيه صلّى الله عليه واله لان العصمة ليست في ظاهر الخلقة فترى كالسواد والبياض وما أشبه ذلك وهي مغيبة لا تعرف إلا بتعريف علام الغيوب عزّوجلّ.

كتب أميرالمؤمنين عليه السلام إلى عماله بخمس خصال

٨٥ - حدثنا محمد بن علي ماجيلويه رضي الله عنه قال: حدثنا محمد ين يحيى العطار قال: حدثني سهل بن زياد الادمي، عن يعقوب بن يزيد، عن محمد بن إبراهيم النوفلي رفعه إلى جعفر بن محمد أنه ذكر عن آبائه عليهم السلام أن أميرالمؤمنين عليه السلام كتب إلى عماله: ادقوا أقلامكم، وقاربوا بين سطوركم، واحذفوا عني فضولكم، واقصدوا قصد المعاني، وإياكم والاكثار، فإن أموال المسلمين لا تحتمل الاضرار.

خمس من الفطرة

٨٦ - حدثنا أبوأحمد محمد بن جعفر البندار قال: حدثنا جعفر بن محمد بن نوح قال: حدثنا أبومحمد عبدالله بن أحمد بن حماد من أهل قومس قال: حدثنا أبومحمد الحسن ابن علي الحلواني قال حدثنا بشر بن عمر قال: حدثنا مالك بن أنس، عن سعيد بن - أبي سعيد المقبري، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلّى الله عليه واله: خمس من الفطرة: تقليم الاظفار: وقص الشارب، ونتف الابط، وحلق العانة، والاختتان.

______________

(١) لقمان: ١٢.

٣١٠

خمس مناقب لأميرالمؤمنين عليه السلام

٨٧ - حدثنا أبوعبدالله الحسين بن أحمد الاستر آبادي العدل ببلخ قال: أخبرنا جدي قال: حدثنا محمد بن أحمد الجرجاني قال: حدثنا إسماعيل بن أبان قال: حدثنا زافر بن سليمان، عن إسرائيل، عن عبيد الله بن شريك العامري، عن الحارث بن ثعلبة قال: قلت لسعد: أشهدت شيئا من مناقب علي عليه السلام قال: نعم شهدت له أربع مناقب والخامسة قد شهدتها لان يكون لي واحدة منهن أحب إلي من حمر النعم: بعث رسول الله صلّى الله عليه واله أبا بكر ببراءة، ثم أرسل عليا عليه السلام فأخذها منه فرجع أبوبكر فقال: يا رسول الله أنزل في شئ؟ قال: لا إلا أنه لا يبلغ عني إلا رجل مني. وسد رسول الله صلّى الله عليه وآله أبوابا كانت في المسجد وترك باب علي عليه السلام فقالوا: سددت الابواب وتركت بابه؟ فقال صلّى الله عليه واله: ما انا سددتها ولا أنا تركته. قال: وبعث رسول الله صلّى الله عليه واله عمر بن الخطاب ورجلا آخر إلى خيبر فرجعا منهزمين فقال النبي صلّى الله عليه وآله: لاعطين الراية غدا رجلا يحب الله ورسوله، ويحبه الله ورسوله في ثناء كثير، قال: فتعرض لها غير واحد فدعا عليا عليه السلام فأعطاه الراية فلم يرجع حتى فتح الله له. والرابعة يوم غدير خم أخذ رسول الله صلّى الله عليه واله بيد علي عليه السلام فرفعها حتى رأى بياض آباطهما فقال النبي صلّى الله عليه وآله: ألست أولى بكم من أنفسكم؟ قالوا: بلى يا رسول الله، قال: فمن كنت مولاه فعلي مولاه، والخامسة خلفه رسول الله صلّى الله عليه واله في أهله ثم لحق به فقال له: أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي.

خمسة أشياء يجب الاخذ فيها على القاضي بظاهر الحكم

٨٨ - حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضي الله عنه قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار. عن إبراهيم بن هاشم، عن أبي جعفر المقرئ بإسناده رفعه إلى أبي - عبدالله عليه السلام، عن أبيه، عن آبائه عليهم السلام قال: قال أميرالمؤمنين عليه السلام: خمسة أشياء يجب على القاضي الاخذ فيه بظاهر الحكم: الولاية، والمناكح، والمواريث،

٣١١

والذبايح، والشهادات، إذا كان ظاهر الشهود مأمونا جازت شهادتهم ولا يسأل عن باطنهم.

السباق الخمسة

٨٩ - أخبرني محمد بن علي بن إسماعيل قال: حدثنا البجيري(١) قال: حدثنا محمد بن حرب الواسطي قال: حدثني يزيد بن هارون، عن أبي شيبة قال: حدثنا رجل من همدان، عن أبيه قال: قال علي بن أبي طالب عليه السلام: السباق خمسة فأنا سابق العرب، وسلمان سابق فارس(٢) وصهيب سابق الروم، وبلال سابق الحبش، وخباب سابق النبط(٣) .

سن عبد المطلب في الجاهلية خمس سنن اجراها الله عزّوجلّ في الاسلام

٩٠ - حدثنا محمد بن علي بن الشاه قال: حدثنا أبوحامد قال: حدثنا أبويزيد قال: حدثنا محمد بن أحمد بن صالح التميمي، عن أبيه قال: حدثنا أنس بن محمد أبومالك، عن أبيه، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده، عن علي بن أبي طالب عليه السلام عن النبي صلّى الله عليه واله أنه قال في وصيته له: يا علي إن عبد المطلب سن في الجاهلية خمس سنن أجارها الله له في الاسلام، حرم نساء الآباء على الابناء فأنزل الله

______________

(١) الظاهر هو عمرو بن محمد بن بجير الذي ذكر في جملة رواة محمد بن - حرب الواسطي. وفي بعض النسخ « البحتري » وفي بعضها « البحيرى ».

(٢) اي سابق فارس إلى الاسلام يعني هو أولهم اسلاما. وأنشد بعضهم:

لعمرك ما الانسان الا ابن دينه

فلا تترك التقوى اتكالا على النسب

فقد رفع الاسلام سلمان فارس

وقد وضع الكفر الحسيب أبا لهب

أسلم سلمان بالمدينة لما قدم النبي صلّى الله عليه وآله بها مهاجرا وكان من المعمرين عاش مائتين وخمسين سنة وقيل ثلاثمائة وخمسين سنة والاول أصح وكان يأكل من عمل يده ويتصدق بعطائه، ومناقبه كثيرة، مات بالمدائن سنة ٣٥.

(٣) يعني به خباب بن الارت التميمي أبوعبدالله من كبار الصحابة والسابقين إلى الاسلام وكان يعذب في الله، شهد بدرا ثم نزل الكوفة ومات بها سنة سبع وثلاثين.

٣١٢

عزّوجلّ( وَلَا تَنكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُم مِّنَ النِّسَاءِ ) (١) ووجد كنزا فأخرج منه الخمس وتصدق به، فأنزل الله عزّوجلّ:( وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّـهِ خُمُسَهُ - الاية) (٢) ولما حفر زمزم سماها سقاية الحاج، فأنزل الله( أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّـهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ - الآية) وسن في القتل مائة من الابل فأجرى الله عزّوجلّ ذلك في الاسلام، ولم يكن للطواف عدد عند قريش فسن فيهم عبد المطلب سبعة أشواط، فأجرى الله ذلك في الاسلام. يا علي إن عبد المطلب كان لا يستقسم بالازلام، ولا يعبد الاصنام، ولا يأكل ما ذبح على النصب، ويقول: أنا على دين أبي إبراهيم عليه السلام.

لا وليمة الا في خمس

٩١ - حدثنا محمد بن علي ماجيلويه رضي الله عنه قال: حدثني عمي محمد بن - أبي القاسم، عن أحمد بن أبي عبدالله البرقي، عن سجادة العابد واسمه الحسن بن علي ابن أبي عثمان، عن موسى بن بكر قال: قال أبوالحسن الاول عليه السلام: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله: لا وليمة إلا في خمس: في عرس أو خرس أو عذار، أو وكار أو ركاز، فأما العرس فالتزويج، والخرس النفاس بالولد، والعذار الختان، والوكار الرجل يشتري الدار، والركاز الذي يقدم من مكة.

٩٢ - حدثنا محمد بن علي بن الشاه قال: حدثنا أبوحامد أحمد بن محمد بن الحسين قال: حدثنا أبويزيد أحمد بن خالد الخالدي قال: حدثنا محمد بن أحمد بن صالح التميمي، عن أبيه قال: حدثنا أنس بن محمد أبومالك، عن أبيه، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده، عن علي بن أبي طالب عليهم السلام عن النبي صلّى الله عليه واله أنه قال في وصيته له: يا علي لا وليمة إلا في خمس: في عرس أو خرس أو عذار أو وكار أو ركاز. والعرس التزويج، والخرس النفاس بالولد، والعذار الختان، والوكار في شراء الدار، والركاز الذي يقدم من مكة.

______________

(١) النساء: ٢٢.

(٢) الانفال: ٤١.

٣١٣

قال مصنف هذا الكتاب رضي الله عنه: يقال للطعام الذي يدعا إليه الناس عند بناء الدار أو شرائها: الوكيرة، والوكار منه، ويقال للطعام الذي يتخذ للقادم من السفر: النقيعة، والركاز الغنيمة كأنه يريد أن في اتخاذ الطعام للقدوم من مكة غنيمة لصاحبه من الثواب الجزيل. ومنه قول النبي صلّى الله عليه واله: « الصوم في الشتاء الغنيمة الباردة »(١) .

سأل رسول الله صلّى الله عليه وآله ربه عزّوجلّ

في علي عليه السلام خمس خصال

٩٣ - حدثنا أبومنصور أحمد بن إبراهيم بن بكر قال: حدثنا زيد بن محمد البغدادي قال: حدثنا أبوالقاسم عبدالله بن أحمد الطائي قال: حدثني أبي قال: حدثني علي بن موسى الرضا، عن أبيه، عن آبائه، عن علي عليهم السلام قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله: يا علي سألت ربي فيك خمس خصال فأعطاني، أما أولها فسألت ربي أن أكون أول من تنشق عنه الارض وأنفض التراب عن رأسي وأنت معي، فأعطاني. وأما الثانية فسألت ربي أن يقفني عند كفة الميزان وأنت معي، فأعطاني. وأما الثالثة فسألت ربي أن يجعلك في القيامة صاحب لوائي، فأعطاني. وأما الرابعة فسألت ربي أن يسقى امتي من حوضي بيدك، فأعطاني. وأما الخامسة فسألت ربي أن يجعلك قائد امتي إلى الجنة فأعطاني. فالحمد لله الذي من علي بذلك.

٩٤ - حدثنا الحسين بن إبراهيم بن ناتانة، والحسين بن إبراهيم بن أحمد بن هشام المكتب، وأحمد بن زياد بن جعفر الهمداني، وعلي بن عبدالله الوراق رضي الله عنهم قالوا: حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن ياسر الخادم قال: حدثنا علي بن موسى الرضا، عن أبيه موسى بن جعفر، عن أبيه جعفر بن محمد، عن أبيه محمد ابن علي، عن أبيه علي بن الحسين، عن أبيه الحسين بن علي، عن أبيه أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب عليهم السلام قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله: يا علي إني سألت ربي عزّوجلّ فيك خمس خصال فأعطاني، أما أولها فاني سألته أن تنشق الارض عني فأنفض التراب عن رأسي وأنت معي، فأعطاني. وأما الثانية فاني سألته أن يقفني عند كفة الميزان وأنت معي، فأعطاني. وأما الثالثة فسألت ربي عزّوجلّ أن يجعلك حامل

______________

(١) راجع معاني الاخبار ص ٢٧٢.

٣١٤

لوائي وهو لواء الله الاكبر، عليه مكتوب « المفلحون الفائزون بالجنة »، فأعطاني. وأما الرابعة فاني سألته أن يسقى امتي من حوضي بيدك، فأعطاني. وأما الخامسة فإني سألته أن يجعلك قائد امتي إلى الجنة فأعطاني. والحمد لله الذي من علي به.

خمسة لو رحل الناس فيهن ما قدروا على مثلهن

٩٥ - حدثنا أبومنصور أحمد بن إبراهيم قال: حدثنا زيد بن محمد البغدادي قال: حدثنا أبوالقاسم عبدالله بن أحمد الطائي قال: حدثنا أبي قال: حدثنا علي ابن موسى الرضا، عن أبيه موسى بن جعفر، عن أبيه جعفر بن محمد، عن آبائه عليهم السلام قال: قال علي عليه السلام: خمس لو رحلتم فيهن ما قدرتم على مثلهن: لا يخاف عبد إلا ذنبه، ولا يرجو إلا ربه عزّوجلّ، ولا يستحيي الجاهل إذا سئل عما لا يعلم أن يتعلم، [ ولا يستحيي أحدكم، إذا سئل عما لا يعلم أن يقول: لا أعلم: ] والصبر من الايمان بمنزلة الرأس من الجسد ولا إيمان لمن لا صبر له.

٩٦ - حدثنا الحسن بن محمد السكوني بالكوفة قال: حدثنا محمد بن عبدالله الحضرمي قال: حدثنا سعيد بن عمرو الاشعثي قال: حدثنا سفيان بن عيينة، عن السري، عن الشعبي قال: قال علي عليه السلام: خذوا عني كلمات لو ركبتم المطى فأنضيتموها لم تصيبوا مثلهن: ألا لا يرجو أحد إلا ربه، ولا يخافن إلا ذنبه، ولا يستحيي [ العالم ] إذا لم يعلم أن يتعلم، ولا يستحيي إذا سئل عما لا يعلم أن يقول: الله أعلم، واعلموا أن الصبر من الايمان بمنزلة الرأس من الجسد ولا خير في جسد لا رأس له.

في يوم الجمعة خمس خصال

٩٧ - حدثنا أبومحمد عبدوس بن علي بن العباس الجرجاني بسمرقند، قال: حدثنا أبوالقاسم أحمد بن محمد بن إسحاق المعروف بابن الشغال(١) قال: حدثنا الحارث ابن محمد بن أبي اسامة(٢) قال: حدثني يحيى بن أبي بكير قال: حدثنا زهير بن محمد، عن عبدالله بن محمد بن عقيل، عن عبد الرحمن بن يزيد، عن أبي لبابة بن عبد المنذر

______________

(١) كذا ولم أظفر به.

(٢) عنونه الخطيب في التاريخ ج ٨ ص ٢١٨.

٣١٥

قال: قال رسول الله صلّى الله عليه واله إن يوم الجمعة سيد الايام، وأعظم عند الله عزّوجلّ من يوم الاضحى ويوم الفطر، فيه خمس خصال: خلق الله عزّوجلّ فيه آدم عليه السلام، وأهبط الله فيه آدم إلى الارض، وفيه توفى الله آدم، وفيه ساعة لا يسأل الله العبد فيها شيئا إلا آتاه، ما لم يسأل حراما، وما من ملك مقرب، ولا سماء ولا أرض ولا رياح ولا جبال ولا بر ولا بحر إلا وهن يشفقن من يوم الجمعة أن تقوم فيه الساعة.

كراهة التزويج بخمس

٩٨ - حدثنا أبوالحسن محمد بن عمرو البصري قال: حدثنا أبوالحسن علي ابن الحسن بن البندار التميمي الطبري بأسفرايين في الجامع قال: حدثنا أبونصر محمد بن يوسف الطوسي بطبران قال: حدثنا أبي قال: حدثنا علي بن خشرم المروزي قال: حدثنا الفضل بن موسى السيناني المروزي(١) قال: قال أبوحنيفة النعمان ابن ثابت افيدك حديثا طريفا لم تسمع أطرف منه، قال: فقلت: نعم، قال أبوحنيفة: أخبرني حماد بن أبي سليمان، عن إبراهيم النخعي، عن عبدالله ابن بحينة(٢) عن زيد ابن ثابت قال: قال لي رسول الله صلّى الله عليه وآله: يا زيد تزوجت؟ قال: قلت: لا، قال: تزوج تستعف مع عفتك، ولا تزوجن خمسا، قال زيد: من هن يارسول الله؟ فقال رسول الله صلّى الله عليه واله: لا تزوجن شهبرة ولا لهبرة ولا نهبرة ولا هيدرة ولا لفوتا. فقال زيد يا رسول الله: ما عرفت مما قلت شيئا، وإني بأمرهن لجاهل، فقال رسول الله صلّى الله عليه وآله: ألستم عربا! أما الشهبرة فالزرقاء البذية، وأما اللهبرة فالطويلة المهزولة، وأما النهبرة فالقصيرة الدميمة، وأما الهيدرة فالعجوز المدبرة، واما اللفوت فذات الولد من غيرك.

______________

(١) الفضل بن موسى السينانى - بمهملة مكسورة ونونين - أبوعبدالله المروزي ثقة ثبت (التقريب).

(٢) هو عبدالله بن مالك بن القشب - بكسر القاف وسكون المعجمة بعدها موحدة - الازدي ابو محمد حليف بنى عبد المطلب يعرف بابن بحينة بموحدة ومهملة مصغرا صحابي معروف مات بعد الخمسين.

٣١٦

خيار العباد الذين يفعلون خمس خصال

٩٩ - حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضي الله عنه قال: حدثنا محمد ابن الحسن الصفار قال: حدثنا أحمد بن أبي عبدالله البرقي، عن إسماعيل بن مهران عن سيف بن عميرة، عن سليمان بن جعفر النخعي، عن محمد بن مسلم، وغيره، عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر عليهما السلام قال: سئل رسول الله صلّى الله عليه وآله عن خيار العباد، فقال: الذين إذا أحسنوا استبشروا، وإذا أساؤوا استغفروا، وإذا اعطوا شكروا، وإذا ابتلوا صبروا. وإذا غضبوا غفروا.

في القول الحسن خمس خصال

١٠٠ - حدثنا يحيى بن زيد بن العباس بن الوليد البزاز بالكوفة قال: حدثنا عمي علي بن العباس، قال: حدثنا إبراهيم بن بشر بن خالد العبدي قال: حدثنا عمرو بن خالد قال: حدثنا أبوحمزة الثمالي، عن علي بن الحسين عليهما السلام قال: القول الحسن يثري المال، وينمي الرزق، وينسأ في الاجل، ويحبب إلى الاهل، ويدخل الجنة.

اعطيت امة محمد صلّى الله عليه وآله في شهر رمضان

خمسا لم يعطهن امة نبي قبله

١٠١ - حدثنا أبوالحسن محمد بن عمرو البصري قال: حدثنا أبوالفضل أحمد ابن محمد بن حمدون النسائي بها، قال: حدثنا محمد بن عبدالله الازدي ببغداد، وكان ثقة قال: حدثنا الحسن بن عبد الوهاب بن عطاء قال: حدثنا هشيم، عن أبي الحواري زيد العمي(١) ، عن أبي نضرة، عن جابر بن عبدالله، عن النبي صلّى الله عليه واله قال اعطيت امتي في شهر رمضان خمسا لم يعطهن أمة نبي قبلي: أما واحدة فإذا كان أول

______________

(١) في النسخ « الهيثم بن الجويري عن زيد العمى، عن أبي نصرة » وهذا من غريب التصحيف. وزيد العمى أبوالحوارى البصري هو قاضي هراة وكان مولى زياد بن أبيه يروى عن أبي نضرة منذر بن مالك العبدي، وروى عنه هشيم - مصغرا - كما في تهذيب التهذيب.

٣١٧

ليلة من شهر رمضان نظر الله عزّوجلّ إليهم ومن نظر الله إليه لم يعذبه أبدا، وأما الثانية فإن خلوف أفواههم(١) - حين يمسون - عند الله عزّوجلّ أطيب من ريح المسك. وأما الثالثة فإن الملائكة يستغفرون لهم في ليلهم ونهارهم. وأما الرابعة فإن الله عزّوجلّ يأمر جنته أن استغفري وتزيني لعبادي، فيوشك أن يذهب عنهم نصب الدنيا وأذاها ويصيروا إلى جنتي وكرامتي. وأما الخامسة فإذا كان آخر ليلة غفر لهم جميعا. فقال رجل: في ليلة القدر يا رسول الله؟ فقال: ألم تر إلى العمال إذا فرغوا من أعمالهم وفوا.

يفر يوم القيامة خمسة من خمسة

١٠٢ - حدثنا أبوالحسن محمد بن عمرو بن علي بن عبدالله البصري بايلاق قال: حدثنا أبوعبدالله محمد بن عبدالله بن أحمد بن جبلة الواعظ قال: حدثنا أبوالقاسم عبدالله بن أحمد الطائي قال: حدثنا أبي: قال: حدثنا علي بن موسى الرضا قال: حدثنا موسى بن جعفر قال: حدثنا جعفر بن محمد قال: حدثنا محمد بن علي قال: حدثنا علي بن الحسين قال: حدثنا الحسين بن علي عليهم السلام قال: كان علي بن - أبي طالب عليه السلام بالكوفة في الجامع إذ قام إليه رجل من أهل الشام فسأله عن مسائل فكان فيما سأله أن قال: أخبرني عن قول الله عزّوجلّ:( يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ ، وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ ، وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ ) من هم؟ فقال عليه السلام: قابيل يفر من هابيل، والذي يفر من أمه موسى، والذي يفر من أبيه إبراهيم، والذي يفر من صاحبته لوط، والذي يفر من ابنه نوح، يفر من ابنه كنعان.

قال مصنف هذا الكتاب رضي الله عنه: إنما يفر موسى من امه خشية أن يكون قصر فيما وجب عليه من حقها، وإبراهيم إنما يفر من الاب المربي المشرك لا من الاب الوالد وهو تارخ.

______________

(١) اي تغير رائحة أفواههم.

٣١٨

خمسة من الانبياء عليهم السلام تكلموا بالعربية

١٠٣ - حدثنا أبوالحسن محمد بن عمرو البصري قال: حدثنا أبوعبدالله محمد بن - عبدالله الواعظ قال: حدثنا أبوالقاسم الطائي قال: حدثنا أبي قال: حدثنا علي بن موسى الرضا عن آبائه، عن الحسين بن علي عليهم السلام قال: كان علي بن أبي طالب عليه السلام بالكوفة في الجامع إذ قام إليه رجل من أهل الشام فسأله عن مسائل فكان فيما سأله أن قال له: أخبرني عن خمسة من الانبياء تكلموا بالعربية فقال: هود وصالح وشعيب وإسماعيل ومحمد صلوات الله عليهم أجمعين.

خمسة من شر خلق الله عزّوجلّ

١٠٤ - حدثنا علي بن محمد بن موسى الدقاق رضي الله عنه قال: حدثنا أحمد ابن يحيى بن زكريا القطان قال: حدثنا بكر بن عبدالله بن حبيب قال: حدثني نصير بن عبيد(١) قال: حدثنا نصر بن مزاحم المنقري قال: حدثني يحيى بن يعلى، عن يحيى بن سلمة بن كهيل، عن أبيه، عن سالم بن أبي الجعد(٢) ، عن أبي حرب ابن أبي الاسود، عن رجل من أهل الشام، عن أبيه قال: سمعت النبي صلّى الله عليه واله يقول: « من شر خلق الله خمسة: إبليس، وابن آدم الذي قتل أخاه، وفرعون ذو الاوتاد، ورجل من بني اسرائيل ردهم عن دينهم، ورجل من هذه الامة يبايع على كفر عند باب لد »(٣) ، قال: ثم قال: إني لما رأيت معاوية يبايع عند باب لد، ذكرت قول رسول الله صلّى الله عليه واله فلحقت بعلي عليه السلام فكنت معه(٤) .

______________

(١) في بعض النسخ « نصر بن عبيد ».

(٢) هو سالم بن أبي الجعد رافع الغطفاني الاشجعي مولاهم. مات سنة سبع أو ثمان وتسعين وقيل مائة، وأما أبوحرب بن أبي الاسود الديلى [ أو الدئلى ] البصري، ثقة، قيل اسمه محجن وقيل عطاء، مات سنة ١٠٨ (تهذيب التهذيب).

(٣) لد - بالضم والتشديد - قرية قرب بيت المقدس من نواحي فلسطين.

(٤) أورده نصر في كتابه وقعة صفين اوائل الجزء الرابع.

٣١٩

باب الستة

في هذه الامة ست خصال

١- حدثنا محمد بن علي بن الشاه ابو الحسين الفقيه بمروالروذ، قال: حدثنا إبراهيم بن عبد الرزاق أبوإسحاق الانطاكي قال: حدثنا يحيى بن المستفاد قال: حدثنا يزيد بن سلمة النميري قال: حدثنا عيسى بن يونس، عن زكريا بن أبي زائدة [ عن زائدة ]، عن زاذان، عن زر بن حبيش قال: سمعت محمد بن الحنفية رضي الله عنه يقول: فينا ست خصال لم تكن في أحد ممن كان قبلنا، ولا تكون في أحد بعدنا: منا محمد سيد المرسلين وعلي سيد الوصيين، وحمزة سيد الشهداء، والحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة، وجعفر بن أبي طالب المزين بالجناحين يطير بهما في الجنة حيث يشاء ومهدي هذه الامة الذي يصلي خلفه عيسى بن مريم عليه السلام.

في الزنا ست خصال

٢ - أخبرنا أبوالعباس الفضل بن الفضل الكندي بهمدان منصرفي من الحج قال: أخبرنا أبوالحسن أحمد بن سعيد الدمشقي قال: حدثنا هشام بن عمار قال: حدثنا مسلمة بن علي(١) ، عن الاعمش، عن شقيق، عن حذيفة بن اليمان قال: قال رسول الله صلّى الله عليه واله: [ يا ] معشر المسلمين إياكم والزنا فان فيه ست خصال، ثلاث في الدنيا وثلاث في الآخرة، فأما التي في الدنيا فانه يذهب بالبهاء، ويورث الفقر، و ينقص العمر، وأما التي في الآخرة فانه يوجب سخط الرب وسوء الحساب والخلود في النار. ثم قال النبي صلّى الله عليه واله: « سولت( لَهُمْ أَنفُسُهُمْ أَن سَخِطَ اللَّـهُ عَلَيْهِمْ وَفِي الْعَذَابِ هُمْ خَالِدُونَ ) ».

٣ - حدثنا محمد بن علي بن الشاه قال: حدثنا أبوحامد قال: حدثنا أبويزيد قال: حدثنا محمد بن أحمد بن صالح التميمي، عن أبيه قال: حدثنا أنس بن محمد أبومالك

______________

(١) هو مسلمة بن علي بن خلف الخشنى أبوسعيد الدمشقي البلاطى.

٣٢٠

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617

618

619

620

621

622

623

624

625

626

627

628

629

630

631

632

633

634

635

636

637

638

639

640

641

642

643

644

645

646

647

648

649

650

651

652

653