الخصال

الخصال9%

الخصال مؤلف:
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 653

الخصال المقدمة
  • البداية
  • السابق
  • 653 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 693364 / تحميل: 6969
الحجم الحجم الحجم
الخصال

الخصال

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

فقال : هو كما يعمي المطر ويعمي البحر بزبده ، وأراد كثرة الدعاء لها بالاستسقاء.

وقال الأزهري : كأنه لمّا كثر هذا الحرف في كلامهم حذفوا بعض حروفه المعرفة المخاطب به ، وهذا كقولهم : لا هُمَّ ، وتمام الكلام (اللهُمَّ) ، وكقولك : لَهِنَّكَ ، والأصلُ (للهِ إنَّك)(١) .

وكيف كان فالمقصود أنَّ من عادات العرب أنهم يقولون عند التحيَّة في الغداة : عم صباحاً.

وفي المساء : عم مساءً ، أي : انعم صباحك ومساءك ، من النعومة.

قال امرؤ القيس بن حجر الكندي :

ألا عِمْ صباحاً أیُّها الطَّللُ البالي

وهَلْ يَعِمَنْ مَنْ كانَ في العُصُرِ الخالي

وقال في (مجمع البحرين) : (اختلفت الأقاويل في معنى (السلام عليك) فمن قائل : معناه (الدعاء) أي : سَلِمتَ من المكاره.

ومن قائل : معناه (اسم الله عليك) ، أي : أنت في حفظه ، كما يقال : (الله معك) ، وإذا قلت : (السلام علينا) ، أو (السلام على الأموات) فلا وجه ؛ لكون المراد به الإعلام بالسلامة ، بل الوجه أن يقال : هو دعاء بالسلامة لصاحبه من آفات الدنيا ، ومن عذاب الآخرة ، وضعه الشارع موضع التحيَّة والبشري بالسلامة.

ثم إنه اختار لفظ (السلام) وجعله تحيّةً لما فيه من المعاني ، أو لأنه مطابق للسلام الَّذي هو اسم من أسماء الله تيَّمُناً وتبرُّكاً ، وكان يُحيّى به قبل الإسلام ، ويُحيّی بغيره ، بل كان السلام أقل ، وغيره أكثر وأغلب ، فلمَّا جاء الإسلام اقتصروا عليه ومنعوا ما سواه من تحايا الجاهلية.

__________________

(١) لسان العرب ١٢ : ٦٤١.

٢٨١

قالرحمه‌الله : وإيراده على صيغة التعريف أزين لفظاً ، وأبلغ معنی) ، انتهى(١) .

ولعمري إن هذا تبدیل بالأحسن ؛ لأن الحياة إن لم تكن مقرونة بالسلامة لي يعتد بها ، بل لعلَّ الموت خير منها.

[أحكام السلام]

إذا عرفت ذلك فهنا فروع :

الأوَّل : قَدْ عرفت أنَّ السلام من السُّنن الخاصة المؤكّدة ، وردّه فرض ؛ لصيغة الأمر الدالّة على الوجوب في آية التحيَّة(٢) ، المراد بها السلام ظاهراً على ما نصّ عليه أهل اللُّغة ، ودلّ عليه العرف.

قال في (القاموس) : (التحيَّة ، هي : السلام )(٣) .

وفي (لسان العرب) : (والتحيَّة : السلام ، وقد حيَّاهُ تحيَّةً )(٤) .

فلو كانت التحيَّة بغير لفظ السلام كقولك : صبّحك الله بالخير ، أو مسّاك الله بالخير ، لم يجب الردّ كما عليه الأكثر ، واختاره الأُستاذ (طاب ثراه) في (العروة)(٥) ، وذهب غير واحد من الفقهاء إلى وجوب الرد حينئذ ، منهم الفاضل المقدادرحمه‌الله في (کنز العرفان) ، فقد صرّح بأنه : (ليس المراد بحُيِّيتم في الآية : سلام عليکم ، بل كلّ تحيّة وبِرٍّ وإحسان )(٦) .

__________________

(١) مجمع البحرين ٢ : ٤٠٨.

(٢) وردت آية التحية في سورة النساء آية ٨٦ ، وهي : ﴿وَإِذَا حُيِّيتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا إِنَّ اللَّـهَ كَانَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ حَسِيبًا ﴾.

(٣) القاموس المحیط ٤ : ٣٢٢.

(٤) لسان العرب ١٤ : ٢١٦.

(٥) العروة الوثقی ٣ : ٢٢ مسألة ٢٧.

(٦) كنز العرفان ١ : ٢٢٣.

٢٨٢

واستند في ذلك إلى ما رواه علي بن إبراهيم في تفسيره عن الصادقينعليهما‌السلام أنه قال : «التحيَّة السلام وغيرُه من البرّ » ، انتهى(١) .

وربّما يُرشد إلى ذلك ما رواه في (المناقب) ، قال أنس : «حيّت جارية للحسنعليه‌السلام بطاقة ريحان ، فقال لها : «أنتِ حُرَّة لوجه الله » ، فقلت له في ذلك؟ فقال : «أدَّبنا الله عزَّ وجلَّ فقال : ﴿وَإِذَا حُيِّيتُم بِتَحِيَّةٍ ﴾ الآية ، وكان أحسن منها إعتاقها»»(٢) .

وما عن (الخصال) ، فيما علّم أمير المؤمنينعليه‌السلام أصحابه ، قال : «إذا عطس أحدكم فسمِّتوه ، قولوا : يرحمك الله ، ويقول : يغفر الله لكم ويرحمكم ، قال الله تعالى : ﴿وَإِذَا حُيِّيتُم ﴾ الآية»(٣) .

وقولهعليه‌السلام : «وحيَّا كما الله من كاتبين»(٤) .

أقول : لا شكّ في إطلاق التحيَّة قبل الإسلام على ما يشمل السلام وغيره من التحيَّات المعروفة عند الجاهلية كما تقدّم تفصيله ، فلمَّا جاء الإسلام اقتصروا من التحايا على السلام ، وتغلّب فيه الاستعمال كما هو الشائع في العرف وعند أهل البيتعليهم‌السلام من حيث لم يستعملوا سواه ، بل في (الكافي) عن السكوني ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال : «قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : يُكره للرجل أن يقول : حيّاك الله ، ثُمَّ يسكت حَتَّى يتبعها بالسلام »(٥) .

__________________

(١) تفسیر القمي ١ : ١٤٥.

(٢) مناقب آل أبي طالبعليهم‌السلام ٣ : ١٨٣.

(٣) الخصال : ٦٣٣.

(٤) مصباح المتهجد : ٢١٧ ح ٦٩ / ٣٣١ ضمن دعاء يُقرأ بعد الفجر.

(٥) الكافي ٢ : ٦٤٦ ح ١٥.

٢٨٣

فلا ريب في أنَّ إطلاق الآية يحمل على ذلك ، فأمّا الروايات المذكورة المتضمِّنة لإطلاق التحيَّة في الآية الشريفة على غير السلام من أنواع البرّ والإحسان ، فعلی تقدیر صحَّتها يمكن أن يكون ذلك من البطون التي أخبروا بهاعليهم‌السلام ، فلا ينافي كون المراد من ظاهرها خاصَّة السلام.

والحاصل : أنَّه لا يجب ردّ غير السلام من أفراد التحيَّة ، كما قاله الأكثر ؛ للأصل وعدم الدليل الدال على الوجوب ، بل ويظهر من بعض الروايات تخصيص الوجوب بالسلام خاصة ، كقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : «من بدأ بالكلام قبل السلام ، فلا تجيبوه »(١) .

إذ غير السلام من الأفراد داخل تحت عموم الكلام ، والعجب من المعاصر النوريرحمه‌الله في (شرح نجاة العباد) حيث استظهر عدم الإشكال في وجوب الرد في غير الصلاة ، وجعل محلّ الكلام في حال الصلاة ، مع اعترافه بأنَّ كثيراً من المفسِّرين وأهل اللُّغة فسّروا التحيَّة بالسلام(٢) ، وأنه على هذا لا عموم في الآية الكريمة ، هذا كلُّه في غير حال الصلاة ، وأمّا فيها فالأحوط الرد بقصد الدعاء إذا كان ممَّن يستحق الرد ؛ لما ثبت من جواز الدعاء في الصلاة لنفسه ولغيره وبدون ذلك لا يجوز.

الثاني : يجب ردُّ السلام نطقاً ، ولو كان في حال الصلاة ، وهو المجمع ع بین علمائنا كما في (التذكرة)(٣) ؛ ولإطلاق الأمر بالرد المتناول لحال الصلاة وغيرها ؛ ولأن ترك الجواب إهانة ، ولا يجوز إهانة المؤمن.

__________________

(١) الكافي ٢ : ٦٤٤.

(٢) وسيلة المعاد في شرح نجاة العباد ٢ : ٤١٠.

(٣) تذکرة الفقهاء ٣ : ٣٧٦.

٢٨٤

الثالث : الظاهر من الآية المعقبة بناء التعقيب من قوله تعالى : ﴿فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا ﴾ وجوب الفورية ، وفي (الجواهر) : (أنه ظاهر الأدلة والفتاوی )(١) .

وفي الحدائق : (أن معناه تعجيله بحيث لا يُعدُّ تاركاً له عرفاً ) ، انتهى(٢) .

ولا فرق في ذلك بين سائر الأحوال حَتَّى حال الصلاة ؛ وذلك لإطلاق الآية ، وعليه فالكلام يقع في مقامين :

المقام الأول : لو عصى المكلّف بالتراخي العرفي في غير حال الصلاة وأخلّ بالفورية ، أو ترکه ساهياً ، فهل يجب عليه إتيانه ثانياً ، وإن عصي فثالثاً ، وهكذا فوراً ففوراً ، أو أنه يسقط الوجوب بفوت الوقت ، أو يبقى الوجوب مُوسَّعاً ، فالساقط الفورية دون الوجوب ، اختار الأول الأردبيليرحمه‌الله في (شرح الإرشاد)(٣) ؛ نظراً منه إلى مقتضى ظاهر الواجبات الفورية في سائر الموارد ، فإنَّها من قبيل تعدُّد المطلوب ، وأنَّه لو كان المسلم حاضراً وجب عليه الرد دائماً ، ولو غاب يجب عليه قصده أينما كان حَتَّى يرد عليه ، بل احتمل الوجوب في نفسه ، ومع عدم إمكان الوصول إلى المسلِّم وعدم سماعه ؛ إذ ذاك يجب مع إمكانه ، فلا يسقط حينئذ أصل الرد ، وفيه أن الكلّية غير مسلَّمة في الواجبات الفورية ، وليس كلّ واجب فوري يتعدد فيه المطلوب ، بل إنَّما هو فيما إذا استفید فوريتها من الأمر ولو بالقرينة ، بخلاف ما نحن فيه ، فإنَّ فوریته مستفادة من الكيفية المأخوذة في ردِّ التحيَّة عُرفاً ، فهي من أوصاف المأمور به وقيوده ، أعني الرد لا الأمر.

__________________

(١) جواهر الكلام ١١ : ١٠٤.

(٢) الحدائق الناضرة ٩ : ٨١.

(٣) مجمع الفائدة ٣ : ١٢٢.

٢٨٥

وبعبارة اُخرى : إنَّ السلام وردَّه من قبيل الخطاب والجواب المرتبط أحدهما بالآخر ربطاً وضعياً ، نظير القبول الملحوظ فيه الفورية ؛ لربطه بالإيجاب ربطاً وضعياً ؛ ولذا لا يُكتفى بإتيانه في ثاني الحال وثالثه عند التخلُّف في أول الحال إلا بإعادة الإيجاب ثانياً ، وعلى هذا فمتى اُخلّ بالفورية العرفية سقط أصلُ الوجوب ، فعدم الوجوب حينئذ في ثاني الحال وثالثه ؛ لعدم صدق الردِّ عرفاً ، نظير ما لو قال المولى : إذا ركب الأمير فخذ ركابه. فكما أن من المعلوم وجوب المبادرة إلى الأخذ بالركاب حال الرکوب ، أيضاً من المعلوم عدم وجوب الأخذ في ثاني الحال وثالثه ، وما ذلك إلا من حيث فوات الكيفية المطلوبة فيه ، فلا يجب التلافي بعد ذلك لا قضاءً ولا أداءً.

بل لنا اختيار عدم وجوب الردِّ في الحال الثاني حَتَّى مع استفادة الفورية من نفس الأمر ، وهو الحق الحقيق الَّذي عليه أهل التحقيق ؛ إذ الظاهر من الصيغة على القول بدلالتها بنفسها على الفور هو الوجوب في أول الوقت ، والظاهر هو الحجّة وهو تكلیف واحد من قبيل المطلق والمقيَّد ، والحقُّ أنَّ المقيَّد ينتفي بانتفاء قيده ، فلا يبقى تكليف في الوقت الثاني مع الشك فيه ، كما هو مقتضی أصل البراءة ، وثبوت وجوب الموقَّت بعد فوات الوقت خلاف التحقيق ؛ لأن الجنس لا بقاء له بعد انتفاء الفصل كما حُقّق في محلّه.

والحقُّ أنَّ القضاء بفرض جديد فالخطاب غير شامل لثاني الحال ، ووجو مالم يشمله الخطاب غير معقول ، هذا كلّه مضافاً إلى السيرة القطعية وهو اختيار

٢٨٦

الشيخ في (الجواهر) ، وسيدنا الأُستاذ (طاب ثراه) في (العروة)(١) ، وممَّا ذكرنا تعرف ما في الوجه الثالث ، بل هو باطل حَتَّى مع البناء على اختلاف کيفيات الفور ، فبعضها على نحو تعدُّد المطلوب ، وبعضها على نحو وحدة المطلوب ؛ إذ مع الشك في دخول واجب فوري في أحد القسمين بخصوصه لم يكن لنا الحكم بإرادة بقائه في الذمَّة لو انتفت الفورية عمداً أو سهواً ؛ لأنَّ الشك حينئذ في التكليف الزائد المدفوع بالأصل ، ولا مجال للتمسُّك بالاستصحاب ، فإنَّه من قبيل الشكّ السَّببي الَّذي يُقدّم فيه الأصل على المسبَّب قطعاً.

المقام الثاني : فيما لو عصى المكلّف بالتراخي العرفي في أثناء الصلاة ، ففي بطلان ذلك وعدمه وجوه :

الأول : البطلان مطلقاً ؛ وستعرف وجه الإطلاق ، وهو اختيار العلّامة في (التحرير) قالرحمه‌الله : (لو ترك المصلّي ردَّ السلام مع تعيينه عليه ، فالوجه بطلان صلاته) ، انتهى(٢) .

وربّما يُستدل له بأن الأمر بالشيء يقتضي النهي عن الضد الخاص ، أو عدم الأمر به كما هو المنقول عن البهائي(٣) ، وضعفهما ظاهر ، أمّا الأول :

فلمنع الاقتضاء أولاً ، وثانياً وإنْ سلّمنا الاقتضاء فيدل عليه من باب المقدِّمة وبالتبعية ، ولو سلَّمنا دلالة النهي على الفساد في العبادات فهو مخصوص بالنهي

__________________

(١) مجمع الفائدة ٣ : ١١٤ وما بعدها ضمن أحكام السلام ، العروة الوثقى ٣ : ١٥ وما بعدها ضمن مبطلات الصلاة.

(٢) تحرير الأحكام ١ : ٢٦٩.

(٣) تعليقة على معالم الأُصول للقزويني ٣ : ٦٥٦.

٢٨٧

الأصلي لا التبعي ، مع أنَّ بطلان الصلاة ببطلان الجزء لا يتمُّ إلا إذا لم يتدارك فتأمَّل ، ومجرد القراءة المحرَّمة أو الذكر المحرَّم بين الصلاة لا دليل على كونه مبطلاً ، مع أنَّ تخصيص الكلام بالذكر والقراءة لا وجه له ؛ إذ قَدْ يضاد الردّ بعض الأكوان والأفعال كما لو سلّم عليه ومرّ مستعجلاً وتوقَّف إيصال جوابه إلى مشي وحركة ولا يمكن إيصاله برفع الصوت ، فإنَّ الأمر بالردّ يقتضي النهي عن الكون لا عن الذكر والقراءة.

وأمّا عن الثاني ؛ فلأن عدم الأمر بالضد لمانع الاستهجان العرفي أو العقلي لا ينافي المحبوبية الواقعية ، فالصلاة في حال الأمر بالردّ محبوبة وإن لم يمكن الشارع الأمر بها ، فيقصد المصلّي التارك للردّ أمثال المحبوبية الواقعية حينئذ ، وهو من المحقّق في محلّه في الأُصول.

هذا ، وربّما يُدَّعی ظهور النصوص في وجوب الرد في الصلاة ، فيكون کسائر ما يجب في الصلاة من الستر والاستفال ونحوهما ، ولا ينافيه وجوبه قبلها ؛ إذ هو فهم عرفي من اللفظ كالمحرم قبل الصلاة لو فرض مجيء نهي به نحو : لا تنظر إلى الأجنبية في الصلاة. وفيه أنه لاشك في ظهور الأدلَّة في إرادة أنَّ الصلاة لا تمنع من وجوب الردّ ، لا أنّه من واجبات الصلاة.

الثاني : وهو الأظهر عام البطلان مطلقاً كما اختاره الشيخ في (الجواهر) ، والسيد الأُستاذ في (العروة) تبعاً (للدروس) و (البيان) و (الذكری) و (الموجز)

٢٨٨

و (جامع المقاصد) و (فوائد الشرائع) و (الإرشاد) و (المسالك)(١) لما عرفت من بطلان الوجهين المزبورين اللَّذينِ يمكن الاستناد إليهما في القول بالبطلان.

الثالث : التفصيل بين ما لو اشتغل بشيء من الواجب في زمان الترك ، فالمتَّجه بطلان الصلاة وعدمه ، فالصحَّة بتقريب أن التعمُّد بالترك موجب لفساد الجزء المستلزم لفساد الكلّ ، إمّا لاقتضاء الأمر بالشيء والنهي عن الضدّ الخاص ، أو لعدم الأمر به ، فيلزم التشريع المفسد للجزء المستلزم لفساد الكلّ ، بحيث لا يجزي بعد إعادته على الوجه الصحيح ، أو لأنه في مثل المفروض من نحو کلام الآدميين في البطلان ، بخلاف ما لو ترك الردَّ وسكت حَتَّى مضى زمان الرد ، ثُمَّ اشتغل بالقراءة فإنَّه لا يبطل ؛ لعدم المقتضي ، وقد عرفت الجواب عمّا عدا الأخير ، وأمّا عنه فهو أنَّ القرآن قرآن بالنظم والأُسلوب ، وحرمة القراءة ـ على فرض تسليمها ـ لا تلحقه بكلام الآدميين مادام قصده الحكاية لكلام الله التي لا تحقق القرآنية بدونها ، إنْ هو إلّا كقراءة المجنب القرآن.

الرابع : يُستحب إفشاء السلام وتأكيده ، وفيه من الفضل حَتَّى قيل أنه مندوب أفضل من ردِّه الواجب ، ويدلُّ عليه مارواه في الكافي عن أبي عبد اللهعليه‌السلام : «من التواضع أن تسلّم على من لقيت »(٢) .

فإنَّ التواضع المطلوب لا يحصل عرفاً إلّا بالإفشاء ، وعن أبي جعفرعليه‌السلام قال : «كان سلمان رحمه‌الله يقول : افشوا سلام الله ؛ فإن سلام الله لا ينال الظالمين »(١) .

__________________

(١) جواهر الكلام ١١ : ٦٨ في حكم رد السلام ، العروة الوثقی ٣ : ١٦ مسألة ١٦ ، الدروس ١ : ١٨٦ ، البيان : ٩٥ ، ذكرى الشيعة ٤ : ٢٤ ، جامع المقاصد ٢ : ٣٥٦.

(٢) الكافي ٢ : ٦٤٦ ح ١٢.

٢٨٩

وفي هذا المعنى أخبار كثيرة.

الخامس : المشهور أنه يجب على الراد إسماع المسلّم تحقيقاً أو تقديراً ، واستدل عليه بالتبادر ، وحكم العرف والعادة ، وبما في الكافي عن ابن القدّاح ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام : «إذا سلّم أحدكم فليجهر بسلامه لا يقول : سلّمت فلم يردوا عليّ ، ولعلَّه يكون قَدْ سلّم ولم يُسمِعْهُم ، فإذا ردّ أحدكم فليجهر بردِّه ولا يقول المُسَلّم : سلَّمْتُ فلم يَرُدّوا عليَ »(٢) .

ويدلّ بعمومه على المصلّي وغيره ، وقيل : لا يجب الإسماع ، وهو ظاهر المحقِّق في (المعتبر) والأردبيلي في (شرح الإرشاد)(٣) ؛ لصحيحة منصور عن الصادقعليه‌السلام ، وموثَّقة عمّار الدالَّتينِ على إخفاء الرد ، وهما محمولان على التقية(٤) ، وكذلك رواية محمّد بن مسلم(٥) .

__________________

(١) الكافي ٢ : ٦٤٤.

(٢) الكافي ٢ : ٦٤٥ ح ٧.

(٣) المعتبر ٢ : ٢٦٣ ، مجمع الفائدة ٣ : ١١٩.

(٤) صحيحة منصور : «وبإسناده عن سعد ، عن محمّد بن عبد الحميد ، عن محمّد بن إسماعيل بن بزيع ، عن علي بن النعمان ، عن منصور بن حازم ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال : إذا سلَّم عليك الرجل وأنت تصلّي ، قال : تردّ عليه خفياً ، كما قال». (وسائل الشيعة ٧ : ٢٦٨ ح ٩٣٠٤ / ٣.

موثقة عمار : «وعنه ، عن أحمد بن الحسن ، عن عمرو بن سعيد ، عن مصدق بن صدقة ، عن عمر بن موسی ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : سألته عن السلام على المصلّي فقال : إذا سلّم عليك رجل من المسلمين وأنت في الصلاة فردّ عليه فيما بينك وبين نفسك ولا ترفع صوتك». (وسائل الشيعة ٧ : ٢٦٨ ح ٩٣٠٥ / ٤).

(٥) محمّد بن الحسن بإسناده ، عن احمد بن محمّد ، عن محمّد بن أبي عمير ، عن هشام ابن سالم ، عن محمّد بن مسلم قال : «دخلت على أبي جعفرعليه‌السلام وهو في الصلاة فقلت : السلام عليك. فقال : السلام عليك. فقلت : كيف أصبحت؟ فسكت ، فلمَّا انصرف ، قلت : أيردّ السلام وهو في الصلاة؟ قال : نعم ، مثل ما قيل له». (وسائل الشيعة ٧ : ٢٦٧ ح ٩٣٠٢ / ١).

٢٩٠

السادس : يتحقق السلام من الجماعة بوقوعه من واحد ، ويحصل الامتثال بالرد من واحد ؛ لأنَّهما من الأُمور الكفاية ، ويدل عليه ما رواه في (الكافي) عن غياث بن إبراهيم ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال : «إذا سلّم من القوم واحد أجزأ عنهم ، وإذا رد واحد أجزأ عنهم »(١) .

ونحوه رواية ابن أبي بكير ، عن بعض أصحابه ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام وصحيحة عبد الرحمن بن الحجَّاج ، ويترتب عليه أنّه لو سلّم على جماعة منهم المصلّي فردّ الجواب غيره لم يجز له الردّ بعد تمام الردّ ، نعم ، يجوز قبله.

السابع : قال الأستاذ (طاب ثراه) في (العروة) : (لو ردّ السلام صبيٌّ مميِّز ففي كفايته إشكال ، والأحوط ردّ المصلّي بقصد القرآن أو الدعاء)(٢) .

أقول : وجه الإشكال والترديد من عموم قوله تعالى : ﴿فَحَيُّوا ﴾ الشامل المثل الصبي المميِّز ، ولاسيَّما إذا كان ابن عشر سنين ؛ ولأن عبادته شرعية كما يظهر من بعض الأخبار ، ومن أنه مندوب ، ولا يسقط الواجب بالمندوب ، والأقوى الكفاية وسقوط الفرض بالنفل الكثير ، وعليه فلو كان المسلِّم على المصلي صبياً مميِّزاً ، فالأقوى وجوب الرد عليه بعنوان ردّ التحيَّة ، وإن أراد الاحتياط فليقصد القرآن أو الدعاء.

الثامن : إذا كان بعض المسلَّم عليهم مصلياً وبعضهم قاعداً ، فهل يجب الردّ على القاعد أو يتساويان؟ الأظهر التساوي وبردِّ أحدهما يسقط عن الآخر ، ولا يسقط بردِّ من لم يكن مقصوداً بالسلام ؛ لعدم صدق الردِّ عليه.

__________________

(١) الكافي ٢ : ٦٤٧ ح ٣.

(٢) العروة الوثقی ٣ : ١٩ مسألة ٢١.

٢٩١

التاسع : إذا سلّم واحد على جماعة يكفي جواب واحد إجماعاً ، كما هو الشأن في سقوط جميع الواجبات الكفائية بعد قيام من به الكفاية ، ولا يعتبر في السقوط قصد المجیب الردّ عن الجميع ، نعم ، قيل باستحباب أجوبة متعدِّدة ولو بعد جواب واحد فيما لم يكن في الصلاة ، ولم يكفِ ردُّ من لم يكن داخلاً في الجماعة لما ذكرناه.

العاشر : عكس السابق ، بأن سلّم جماعة على شخص واحد ، فهل يكتفي بجواب واحد بصيغة الجمع عن سلامهم بحيث يقصد منها جواب واحد الجماعة ، كما يكتفي بجواب واحد في المسألة السابقة ، أو يجب تكرار الجواب ورد المُسَلّمين؟

المنقول عن ظاهر المشهور الثاني ، وهو الحقُّ فإن تعدُّد التحيَّة بتعدُّد المسلّمین موجب لتعدُّد الردّ ، فلا معنى لكفاية ردّ واحد ، ولو كان بصيغة الجمع ؛ ضرورةَ عدم تعدُّد الردّ مع وحدة الصيغة ، ولا فرق في ذلك بين كون المسلّم عليه الواحد في الصلاة أو خارجها ، فيجب عليه التكرار في الجواب حَتَّی حال الصلاة بعدد أشخاص المسلّمين ، كما يجب عليه في خارجها ، وصریح بعض الأعلام في أجوية مسائله هو الاكتفاء بردّ واحد لو قصد بردّه الردّ على الجميع ، وكان المشروع بردّه بعد فراغ الجميع من صيغة السلام ، وهو كما ترى ؛ فإنَّ قصد التعدُّد لا يوجب التعدُّد الواقعي ، وهذا الفرع غير مذكور في العروة.

الحادي عشر : إنما يجب ردّ السلام على من علم بكونه مقصوداً بالتحيَّة خصوصاً أو عموماً ، أمّا لو شك فيه لم يجب ، ولو كان في حال الصلاة لا يجوز له ذلك حين بطلت صلاته ، إلّا أن يقصد بردّه القرآن أو الدعاء.

٢٩٢

الثاني عشر : يجب أن يكون الردّ في أثناء الصلاة بمثل ما سلَّمَ، فلو قال (قیل ـ ظ) : سلام عليکم. يجب أن يقول في الجواب : (سلام عليکم) ، بل الأحوط المماثلة في التعريف والتنكير والإفراد والجمع ، نعم ، لا يجب المماثلة إذا زاد قوله : ورحمة الله وبركاته ، كما لا تجب في أمير الصلاة أيضاً ، بل الأحوط إسقاط الزيادة المزبورة في حال الصلاة ، ولو اقتصر المسلّم في سلامه بلفظ (سلام) كما هو المتعارف ما بين كثير من العوام والنسوان ـ سواء كان مكلّفاً أو غير مكلّف ـ قيل بعدم وجوب ردّ مثل هذا السلام بغير الصلاة ، فإن التحيَّة التي وجب ردّها في الشرع إنَّما هي التحيَّة الصحيحة ، وأمَّا في أثناء الصلاة فالظاهر عدم جوازه ؛ لكونه موجباً لفساد الصلاة ، نعم ، ربّما فرق كما في (العروة)(١) بين ما لو كان المسلّم شخصاً عالماً عارفاً بقواعد النحو ، وأنَّ قوله : سلام ، متدأ محذوف الخبر وكان المحذوف منويّاً له ، وجب الردّ حينئذ ، وما لو لم يكن كذلك فلا يجب ، وفيه أن الصحَّة والغلط تابعان للّسان العربي ولا مدخلية الاقتصاد فيهما ، بل ولا العلم والجهل ، وحذف الخبر من الكلام يُعد من اللّسان العربي ، ولا فرق فيه بين العالم ، والجاهل ، والشيخ ، وصاحب الجواهر أوجب ردّ السلام الغلط ؛ لصدق التحيَّة به عرفاً ، وهو الأقرب ، هذا والظاهر أن العامَّة لا يوجبون الاتحاد مطلقاً.

قال الفخر الرازي في تفسيره : (المبتدئ يقول : السلام عليك ، والمجيب يقول : وعليکم السلام ، وهذا هو الترتيب الحسن ) ، انتهي(٢) .

__________________

(١) العروة الوثقی ٣ : ١٥ وما بعدها.

(٢) تفسير الرازي ١٠ : ٢١٢.

٢٩٣

ومنه ما يُحکی أنَّ جدّي بحر العلوم (طاب ثراه) مذ كان مجاوراً لبيت الله الحرام دخل عليه رجل من أهل مكَّة من أهل السنَّة وسلّم عليه ، فأجابه السيدرحمه‌الله بقوله : سلام عليکم.

ثُمَّ التفترحمه‌الله إلى أن المماثلة بين السلام وجوابه خلاف مذهب الجمهور ، وكانرحمه‌الله يستعمل التقيَّة معهم ، فأخذ في تدارك المطلب بأن قال للوارد : يا شيخ ، لقد تسالمنا ولم يرد أحدُنا جواب سلام صاحبه ، عليکم السلام ، فاعتقد الشيخ أنَّ السيِّد قصد بقوله : سلام عليکم ، التحيَّة للمبتدئ لا جواب التحيَّة ، والجواب إنَّما هو قوله : عليکم السلام.

الثالث عشر : يُشترط في صحَّة جواب التحيَّة صدوره من المجيب بعد فراغ المحيِّي من تمام الصيغة لعدم صدق الردّ قبل ذلك وهو واضح.

الرابع عشر : قال في (العروة) مقتضي بعض الأخبار عدم جواز الابتداء بالسلام على الكافر إلّا لضرورة ، ولكن يمكن الحمل على إرادة الكراهة(١) .

أقول : روى الصدوقرحمه‌الله في الخصال عن الصادقعليه‌السلام ، عن أبيه الباقرعليه‌السلام قال : «لا تسلّموا على اليهود ، ولا على النصارى ، ولا على المجوس ، ولا على عبدة الأوثان ، ولا على موائد شرب الخمر ، ولا على صاحب الشطرنج والنرد ، ولا على المخنَّث ، ولا على الشاعر الذي يقذف المحصنات ، ولا على المصلّي ؛ وذلك لأنَّ المصلّي لا يستطيع أن يردّ السلام ؛ لأنَّ التسليم من المسلّم تطوع

__________________

(١) العروة الوثقی ٣ : ٢٥ مسألة ٣٢.

٢٩٤

والرد عليه فريضة ، ولا على آكل الربا ، ولا على رجل جالس على غائط ، ولا على الَّذي في الحمّام ، ولا على الفاسق المعلن بفسقه »(١) .

وإنَّما حُمل النهي هنا على الكراهة جمعاً بينه وبين ما مرّ من الأخبار.

وإذا سلّم أهل الملل من الكفَّار ، فقل في الردّ عليهم : عليك ؛ لما رُوي عن أمير المؤمنينعليه‌السلام أنه قال : «لا تبدؤوا أهل الكتاب بالتسليم ، وإذا سلّموا عليكم فقولوا : وعليكم »(٢) .

وفي حديث آخر : «إذا سلّم عليك اليهودي والنصراني والمشرك فقل : عليك »(٣) .

وفي خبر آخر عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله أنهم سلّموا عليه فردّ عليهم بلفظ : «عليك»(٤) .

وفي خبر آخر تقول في الردّ : «سلام »(٥) .

روی هذه الأخبار في الكافي.

الخامس عشر : قال السيِّد الأُستاذ (طاب ثراه) في (العروة) : (المستفاد من بعض الأخبار أنه يُستحب أن يسلّم الراكب على الماشي ، وأصحاب الخيل على أصحاب البغال ، وهم على أصحاب الحمير ، والقائم على الجالس ، والجماعة القليلة على الجماعة الكثيرة ، والصغير على الكبير.

__________________

(١) الخصال : ٤٨٤ ح ٥٧.

(٢) الكافي ٢ : ٦٤٩ ح ٢.

(٣) الكافي ٢ : ٦٤٩ ح ٤.

(٤) الكافي ٢ : ٦٤٨ ح ١.

(٥) الكافي ٢ : ٦٤٨ ح ٦.

٢٩٥

قال : ومن المعلوم أنَّ هذا مستحب في مستحب ، وإلا فلو وقع العكس لم يخرج عن الاستحباب أيضاً)(١) .

هذا تمام الكلام في أحكام السَّلام.

رجع

[تتمة شرح الحديث]

[د] ـ «واجلس بين يديه ولا تجلس خلفه» : أي حيث تواجهه ولا تحوجه في الخطاب والمواجهة إلى الانحراف لما فيه من صعوبة نظره إليك ، وحرمانك من التشرُّف بنظرك إلى وجهه مع أنه عبادة.

[هـ] ـ «ولا تضجر بطول صحبته » : وفيه مبالغة على لزوم الوقوف عند العلماء ، وترك الإلحاح على السؤال من العالم ، بل اللازم انتظار صدور الكلام منه ، فإذا شرع البيان تصغي إليه بقلبك.

[و] ـ والمقصود من قوله : «فإنَّما مثل العالم مثل النخلة » : التمثيل للإيضاح ، بانَّك كما لا تسارع إلى الصعود على النخلة ولا إلى هزّها قبل أوان اقتطاف ثمرتها ، فكذلك ينبغي لك أن لا تحرِّك العالم ولا تضطره إلى كثرة الكلام ، واتباع السؤال بالسؤال.

[ز] ـ «والعالم أعظم أجراً من الصائم القائم » : إذ لا ريب أنَّ العالم الرباني الهادي للخلق إلى الحقّ أعظم أجراً من الصائم القائم ، فإنَّ الثاني إنَّما يكفُّ نفسه عن المفطرات والملهيات ، وفي ذلك تفع لنفسه دون غيره ، بخلاف الأول فإنه بعلمه ينقذ الناس من الوقوع في الشبهات والاعتقادات الباطلة ، وكذلك المجاهد

__________________

(١) العروة الوثقی ٣ : ٢٦ مسالة ٣٣.

٢٩٦

الغازي في سبيل الله ، فإنه بمجاهدته مع الكفَّار مدافع عن غلبة الكفَّار على أبدان الخلق ، بخلاف العالم ، فإنه بعلمه مدافع لجنود الجهل عن الاستيلاء على قلوب الضعفاء.

[ح] ـ «ثلم في الإسلام» : قال في (مجمع البحرين) : (الثلمة كبرمة : الخلل الواقع في الحائط وغيره ، والجمع : ثلم كبرم. وعلَّل ذلك بأنَّهم حصون كحصون سور المدينة ، فذكر ذلك على سبيل الاستعارة والتشبيه ) ، انتهى(١) .

ويستعمل متعديّاً ولازماً ؛ ولذا عُديّ بـ(في) في الحديث.

[في العالم العامل]

[ ٨٢] ـ قالرحمه‌الله : (فصل ، ويجب على العالم العمل ، كما يجب على غيره ، لكنَّه في حق العالم آكد ، ومن ثُمَّ جعل الله تعالی ثواب المطيعات من نساء النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله وعقاب العاصيات منهن ، ضعف ما لغيرهِنَّ ، وليجعل له حظاً وافراً من الطاعات والقربات ، فإنَّها تفيد النفس ملكةً صالحةً واستعداداً تامّاً لقبول الكمالات)(٢) .

[أ] ـ أقول : إعلم أنَّه كلَّما ازداد العبد معرفة بالله تعالی ازداد خضوعاً له وخوفاً منه ، نظير خدم السلطان وحشمه ، فإنَّهم كلما ازدادوا قرباً من السلطان ازداد خطرهم وثقلت تكاليفهم ؛ لزيادة معرفتهم بشؤون السلطنة وعلو العرش الملوكي ، فما ظنُّك بمالك الملوك ووالي مملكة الوجود ، فإذا كان عالماً لا بدَّ له من العلم بأن الله مطَّلع على الضمائر ، عالم بالسرائر ، رقيب على أعمال عباده ، قائم على كل نفس بما كسبت ، وأن سرّ القلب في حقّه مکشوف ، كما أن ظاهر

__________________

(١) مجمع البحرين ١ : ٣٢٢.

(٢) معالم الدين : ١٨.

٢٩٧

البشرة للخلق مكشوف ، بل أشد من ذلك ، قال الله تعالى : ﴿أَلَمْ يَعْلَم بِأَنَّ اللَّـهَ يَرَىٰ(٢) ، وقال : ﴿إِنَّ اللَّـهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا(٣) ، فهذه المعومات التي هي من خصائص العلماء ، تقهر قلب العالم على مراعاة جانب الله ، وصرف الهمَّة إليه ، واستغراق قلبه بملاحظة ذلك الجلال منكسراً تحت هيبته ، فلا يبقى فيه متسع الالتفات إلى الغير ، فصار همّه همّاً واحداً ولابد من أن يكفيه الله سائر الهموم ، ومن ثُمَّ جعل الله ثواب المطيعات من نساء النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله وعقابهن ضعفاً بما أنهن عالمات بالأحكام الشرعية من حيث معاشرتهن لهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، واختصاصهن بصحبته ، وكسبهن الأخلاق الفاضلة من طول مجاورته ، وكان فعل الواجبات وترك المحرمات في حقّهن آكد من الغير ، وكذلك ثوابهن وعقابهن أكثر من الغير ، فإن الثواب والعقاب يتأكَّدان بتأكُّد الوجوب والحرمة ؛ إذ ربّما يخفّف العقاب عن بعض الجهّال لعذر الجهل ، وكذلك يخفف الثواب لوقوعه من العامل مع قلَّة معرفته فاقداً لشرائط الكمال.

[ب] ـ «وليجعل له حظاً وافراً إلخ » : بأن يجدَّ ويجتهد في العبادة كما قال أمير المؤمنينعليه‌السلام : «أفضل الناس من عشق العبادة ، فعانقها وأحبها بقلبه ، وباشرها بجسده وتفرغ لها ، فهو لا يبالي على ما أصبح من الدنيا ، على عسر أم على يسر »(٣) .

__________________

(١) سورة العلق : آية ١٣.

(٢) سورة النساء : من آية ١.

(٣) الكافي ٢ : ٨٣ ح ٣ وفيه وفي غيره من المصادر الحديثية أن الحديث عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فلاحظ.

٢٩٨

وعن أبي عبد اللهعليه‌السلام : مذ سأله بعض أصحابه عن طلب الصّيد ، إلى أن قالعليه‌السلام : «وإنَّ المؤمنَ لفي شُغُلٍ عن ذلك ، شغله طلب الآخرة عن طلب الملاهي »(١) .

وعن کميل بن زياد ، قال : قال أمير المؤمنينعليه‌السلام : «يا کميل ، إنّه لا تخلو من نعمة الله عزَّ وجلَّ عندك وعافيته ، فلا تخلُ من تحميده ، وتمجيده ، وتسبيحه ، وتقديسه ، وشكره ، وذكره على كلّ حال الخبر»(٢) .

وعن أبي عبد اللهعليه‌السلام في تفسير قول الله عزَّ وجلَّ : ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ(٣) ، قال : «خلقهم للعبادة »(٤) .

وبالجملة : فإن العالم أولى بهذه من غيره وأحرى.

قال علي بن الحسين : «إنَّ أحقَّ الناس بالاجتهاد ، والورع ، والعمل بما عند الله ويرضاه ، الأنبياءُ وأتباعُهم »(٥) .

والمعروف على قدر المعرفة ، والمراد من المعروف كلّ ما عُرف من طاعة الله والتقرُّب إليه ، فلا ينبغي للعالم أن يَنقُصَ معروفُه عن معرفته.

__________________

(١) مستدرك الوسائل ١ : ١٢١ ح ١٥١ / ٤.

(٢) بحار الأنوار ٧٤ : ٢٧٣ ضمن وصاياهعليه‌السلام .

(٣) سورة الذاريات : آية ٥٦.

(٤) تفسير العياشي ٢ : ١٦٤ ح ٨٢.

(٥) مستدرك الوسائل ١ : ١٢٥ ح ١٦٣ / ٩.

٢٩٩

الحديث السادس عشر

العلماء رجلان

[ ٨٣] ـ قالرحمه‌الله : وقد روينا بالإسناد السالف وغيره ، عن محمّد بن يعقوب ، عن محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن حمّاد بن عيسى ، عن عمر بن اُذينة ، عن أبان بن أبي عياش ، عن سليم بن قيس الهلالي ، قال : سمعت أمير المؤمنينعليه‌السلام يحدِّث عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أنه قال في كلام له : «العلماء رجلان : رجل عالم آخذ بعلمه فهذا ناجٍ ، وعالمٌ تارك لعلمه فهذا هالِكٌ ، وإنَّ أهل النار ليتأذَّون من ريح العالم التارك لعلمه ، وإن أشد أهل النار ندامة وحسرة رجل دعا عبداً إلى الله ، فاستجاب له وقبل منه ، فأطاع الله، فأدخله الجنَّة وأدخل الداعي النار بترکه علمه ، واتّباعِه الهوي ، وطول الأمل ، أمّا اتّباعُ الهوى فيصدُّ عن الحق ، وطولُ الأملِ يُنسي الآخرة »(١) .

أقول : أمّا رجال السند فقد تقدّم ذكرهم جميعاً ، وأمّا ما يتعلق بشرح المتن :

[أ] ـ قال صاحب الوافي : (هذا التقسيم للعلماء الَّذينَ علمهم مقصور على ما يتعلق بالعمل ، کالعالم بالشريعة ، وكالعالم بالأخلاق دون الَّذينَ علمُهم مقصود لذاته ، کالعالم بالمبدأ والمعاد ، فإنّه لا يكون غالباً إلا ناجياً ، وإذا وقع منه زلَّة أو ذنب تذکّر لربه وتاب ، وتضرّع إليه وأناب ) ، انتهى(٢) .

[ب] ـ «آخذ بعلمه » : يعني عامل بمقتضاه من تهذيب الظاهر والباطن عن الأعمال القبيحة ، والأخلاق الرذيلة ، وتحليتهما بالأعمال الحسنة ، والأخلاق الفاضلة.

__________________

(١) معالم الدين : ١٨ ، الكافي ١ : ٤٤ ح ١.

(٢) الوافي ١ : ٢٠٣ ح ١٣٧ / ١ باب استعمال العلم.

٣٠٠

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

ذلك الخطأ الذي لا شك فيه ولا امتراء، فلما أبوا إلا ذلك أردت أن احكم رجلا من أهل بيتي أو رجلا ممن أرضي رأيه وعقله وأثق بنصيحته ومودته ودينه. وأقبلت لا اسمي أحدا إلا امتنع منه ابن هند ولا أدعوه إلى شئ من الحق إلا أدبر عنه، وأقبل ابن هند يسومنا عسفا، وما ذاك إلا باتباع أصحابي له على ذلك فلما أبوا إلا غلبتي على التحكم تبرأت إلى الله عزّوجلّ منهم وفوضت ذلك إليهم فقلدوه امرءا فخدعه ابن العاص خديعة ظهرت في شرق الارض وغربها، وأظهر المخدوع عليها ندما، ثم أقبل عليه السلام على أصحابه فقال: أليس كذلك قالوا: بلى يا أميرالمؤمنين فقال عليه السلام :

وأما السابعة يا أخا اليهود فإن رسول الله صلّى الله عليه وآله كان عهد إلي أن أقاتل في آخر الزمان من أيامي قوما من أصحابي يصومون النهار ويقومون الليل ويتلون الكتاب، يمرقون بخلافهم علي ومحاربتهم إياي من الدين مروق السهم من الرمية، فيهم ذوالثدية يختم لى بقتلهم بالسعادة فلما انصرفت إلى موضعي هذا يعني بعد الحكمين أقبل بعض القوم على بعض باللائمة فيما صاروا إليه من تحكيم الحكمين، فلم يجدوا لانفسهم من ذلك مخرجا إلا أن قالوا: كان ينبعي لاميرنا أن لا يبايع من أخطأ وأن يقضى بحقيقة رأيه على قتل نفسه وقتل من خالفه منا فقد كفر بمتابعته إيانا وطاعته لنا في الخطأ، وأحل لنا بذلك قتله وسفك دمه، فتجمعوا على ذلك وخرجوا راكبين رؤوسهم ينادون بأعلى أصواتهم: لا حكم إلا لله، ثم تفرقوا فرقة بالنخيلة واخرى بحروراء واخرى راكبة رأسها تخبط الارض شرقا حتى عبرت دجلة، فلم تمر بمسلم إلا امتحنته، فمن تابعها استحيته، ومن خالفها قتلته، فخرجت إلى الاوليين واحدة بعد اخرى أدعوهم إلى طاعه الله عزّوجلّ والرجوع إليه فأبيا إلا السيف لا يقنعهما غير ذلك، فلما أعيت الحيلة فيهما حاكمتهما إلى الله عزّوجلّ فقتل الله هذه وهذه وكانوا - يا أخا اليهود - لولا ما فعلوا لكانوا ركنا قويا وسدا منيعا، فأبى الله إلا ما صاروا إليه، ثم كتبت إلى الفرقة الثالثة ووجهت رسلي تترى(١) وكانوا من جلة أصحابي و أهل التعبد منهم والزهد في الدنيا فأبت إلا اتباع اختيها والاحتذاء على مثالهما و

______________

(١) يعنى واحدا بعد واحد وأصله « وترى ».

٣٨١

أسرعت في قتل من خالفها من المسلمين وتتابعت إلي الاخبار بفعلهم، فخرجت حتى قطعت إليهم دجلة، أوجه السفراء والنصحاء وأطلب العتبي بجهدي(١) بهذا مرة و بهذا مرة - أومأ بيده إلى الاشتر، والاحنف بن قيس، وسعيد بن قيس الارحبي والاشعث بن قيس الكندي - فلما أبوا إلا تلك ركبتها منهم فقتلهم الله - يا أخا اليهود - عن آخرهم، وهم أربعة آلاف أو يزيدون حتى لم يفلت منهم مخبر، فاستخرجت ذا الثدية من قتلاهم بحضرة من ترى، له ثدي كثدي المرأة ثم التفت عليه السلام إلى أصحابه فقال، أليس كذلك؟ قالوا، بلى يا أميرالمؤمنين، فقال عليه السلام: قد وفيت سبعا وسبعا يا أخا اليهود، وبقيت الاخرى وأوشك بها فكان قد(٢) .

فبكى أصحاب علي عليه السلام وبكى رأس اليهود وقالوا: يا أميرالمؤمنين أخبرنا بالاخرى فقال: الاخرى أن تخضب هذه - وأومأ بيده إلى لحيته - من هذه - أومأ بيده إلى هامته، قال: وارتفعت أصوات الناس في المسجد الجامع بالضجة والبكاء حتى لم يبق بالكوفة دار إلا خرج أهلها فزعا، وأسلم رأس اليهود على يدي علي عليه السلام من ساعته ولم يزل مقيما حتى قتل أميرالمؤمنين عليه السلام وأخذ ابن ملجم - لعنه الله - فأقبل رأس اليهود حتى وقف على الحسن عليه السلام والناس حوله وابن ملجم - لعنه الله - بين يديه فقال له: يا أبا محمد اقتله قتله الله، فإني رأيت في الكتب التي انزلت على موسى عليه السلام أن هذا أعظم عند الله عزّوجلّ جرما من ابن آدم قاتل أخيه ومن القدار عاقر ناقة ثمود.

ما جاء في الايام السبعة وأسمائها الاحد والاثنين والثلثاء والاربعاء والخميس

والجمعة والسبت

٥٩ - حدثنا أبي رضي الله عنه قال: حدثنا سعد بن عبدالله قال: حدثنا علي ابن عبدالله بن إسحاق الاشعري(٣) ، عن الحسن بن محبوب، عن حبيب السجستاني،

______________

(١) العتبى - ككبرى - الرجوع عن الاساءة إلى المسرة.

(٢) أي ستوقع عن قريب.

(٣) في بعض النسخ « على بن عبديل بن اسحاق الاشعري » وفى البحار « على بن - عبديد الاشعري ».

٣٨٢

عن أبي عبدالله قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله: يوم الجمعة يوم عبادة فتعبدوا الله عزّوجلّ ويوم السبت لآل محمد عليهم السلام، ويوم الاحد لشيعتهم، ويوم الاثنين يوم بني امية، ويوم الثلثاء يوم لين، ويوم الاربعاء لبني العباس وفتحهم، ويوم الخميس يوم مبارك بورك لامتي في بكورها فيه(١) .

ما جاء في الاحد وما بعده

٦٠ - حدثنا أبي رضي الله عنه قال: حدثنا سعد بن عبدالله قال، حدثني أحمد ابن الحسين بن سعيد، عن الحسين بن أسد البصري، عن الحسين بن سعيد، عمن رواه عن خلف بن حماد، عن رجل، عن أبي عبدالله عليه السلام أنه مر بقوم يحتجمون فقال: ما كان عليكم لو أخرتموه إلى عشية الاحد فكان يكون أنزل للداء.

٦١ - حدثنا أبي رضي الله عنه قال: حدثنا محمد بن يحيى العطار، عن سهل ابن زياد الادمي قال: حدثنا أبوالحسن عمر [ و ] بن سفيان الجرجاني(٢) رفع الحديث إلى أبي عبدالله عليه السلام أنه قال لرجل من مواليه: يا فلان مالك لم تخرج؟ قال: جعلت فداك اليوم الاحد، قال: وما للاحد؟ قال الرجل: للحديث الذي جاء عن النبي صلّى الله عليه وآله أنه قال: احذروا حد الاحد فإن له حدا مثل حد السيف، قال: كذبوا كذبوا ما قال ذلك رسول الله صلّى الله علية وآله فإن الاحد اسم من أسماء الله عزّوجلّ، قال: قلت: جعلت فداك فالاثنين؟ قال: سمي باسمهما، قال الرجل: فسمي باسمهما ولم يكونا، فقال له أبوعبدالله: إذا حدثت فافهم أن الله تبارك وتعالى قد علم اليوم الذي يقبض فيه نبيه صلّى الله عليه وآله واليوم الذي يظلم فيه وصيه فسماه باسمهما، قال: قلت: فالثلثاء قال: خلقت يوم الثلثاء النار وذلك قوله تعالى( انطَلِقُوا إِلَىٰ مَا كُنتُم بِهِ تُكَذِّبُونَ ،

______________

(١) ضمير في بكورها راجع إلى الامة، أي مباكرتهم في طلب الحوائج وتوجههم إليها بكرة.

(٢) ما عثرت على عنوانه في كتب الرجال أو معاجم التراجم.

٣٨٣

انطَلِقُوا إِلَىٰ ظِلٍّ ذِي ثَلَاثِ شُعَبٍ ، لَّا ظَلِيلٍ وَلَا يُغْنِي مِنَ اللَّـهَبِ ) (١) قال: قلت: فالاربعاء؟ قال: بنيت أربعة أركان النار يوم الاربعاء، قال: قلت: فالخميس؟ قال: خلق الله الجنة(٢) يوم الخميس، قال: قلت: فالجمعة؟ قال: جمع الله عزّوجلّ الخلق لولايتنا يوم الجمعة قال: قلت: فالسبت؟ قال: سبتت المللائكة لربها يوم السبت فوجدته لم يزل واحدا.

٦٢ - حدثنا أبوالحسن محمد بن عمرو بن علي بن عبدالله البصري بإيلاق قال: حدثنا أبوعبدالله محمد بن عبدالله بن أحمد بن جبلة الواعظ قال: حدثنا أبوالقاسم عبدالله بن أحمد بن عامر الطائي قال: حدثنا أبي قال: حدثنا علي بن موسى الرضا قال: حدثني موسى ين حعفر قال: حدثني جعفر بن محمد قال: حدثنا محمد بن علي قال: حدثني علي بن الحسين قال: حدثني الحسين بن علي عليه السلام قال: قال أميرالمؤمنين عليه السلام: يوم السبت يوم مكر وخديعة، ويوم الاحد يوم غرس وبناء، ويوم الاثنين يوم سفر وطلب، ويوم الثلثاء يوم حرب ودم، ويوم الاربعاء يوم شوم فيه يتطير الناس، ويوم الخميس يوم الدخول على الامراء وقضاء الحوائج، ويوم الجمعة يوم خطبة ونكاح.

قال مصنف هذا الكتاب رضي الله عنه: يوم اثنين يوم سفر إلى موضع الاستسقاء والطلب للمطر.

ما جاء في يوم الاثنين

٦٣ - حدثنا أبي رضي الله عنه قال: حدثنا أحمد بن إدريس، عن محمد بن أحمد ابن يحيى بن عمران الاشعري، عن علي بن السندي، عن محمد بن عمرو بن سعيد، عن يونس بن يعقوب قال: سمعت أبا عبدالله عليه السلام يقول: احتجم رسول الله صلى لله عليه وآله يوم الاثنين وأعطى الحجام برا.

٦٤ - حدثنا محمد بن الحسن رضي الله عنه قال: حدثنا محمد بن يحيى العطار قال: حدثني محمد بن أحمد، قال: حدثني الحسن بن الحسين اللؤلؤي، عن محمد بن - إسماعيل، وأحمد بن الحسن الميثمي أو أحدهما، عن أبراهيم بن مهزم، عمن ذكره عن أبي عبدالله عليه السلام قال: كان رسول الله صلّى الله عليه وآله يحتجم يوم الاثنين بعد العصر.

______________

(١) المرسلات: ٢٩ - ٣١.

(٢) في بعض النسخ « الخمسة ».

٣٨٤

٦٥ - حدثنا أبي رضي الله عنه قال: حدثنا سعد بن عبدالله قال: حدثني يعقوب بن يزيد، ومحمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن حماد بن عيسى، عمن ذكره عن أبي عبدالله عليه السلام قال: الحجامة يوم الاثنين من آخر النهار تسل الداء سلا من البدن.

٦٦ - حدثنا محمد بن الحسن رضي الله عنه قال: حدثنا محمد بن يحيى العطار قال: حدثنا محمد بن أحمد بن يحيى بن عمران الاشعري، عن العباس بن معروف، عن محمد بن أبي عمير، عن أبى حمزة، عن عقبة بن بشير الازدي قال: جئت إلى أبي جعفر عليه السلام يوم الاثنين فقال: كل، فقلت: إنى صائم فقال: وكيف صمت؟ قال: قلت: لان رسول الله صلّى الله عليه وآله ولد فيه، فقال: أما ما ولد فيه فلا تعلمون، وأما ما قبض فيه فنعم ثم قال: فلا تصم ولا تسافر فيه.

٦٧ - حدثنا أبي رضي الله عنه قال: حدثنا سعد بن عبدالله قال: حدثني أحمد ابن محمد بن عيسى، عن موسى بن القاسم البجلي، عن علي بن جعفر قال: جاء رجل إلى أخي موسى بن جعفر عليهما السلام فقال له: جعلت فداك إني اريد الخروج فادع لى فقال: ومتى تخرج؟ قال: يوم الاثنين؟ فقال له: ولم تخرج يوم الاثنين؟ قال: أطلب فيه البركة لان رسول الله صلّى الله عليه وآله ولد يوم الاثنين، فقال: كذبوا ولد رسول الله صلّى الله عليه وآله يوم الجمعة، وما من يوم أعظم شوما من يوم الاثنين، يوم مات فيه رسول الله صلّى الله عليه واله وانقطع فيه وحي السماء، وظلمنا فيه حقنا، ألا أدلك على يوم سهل لين ألان الله لداود عليه السلام فيه الحديد؟ فقال الرجل: بلى جعلت فداك، فقال: اخرج يوم الثلثاء.

ما جاء في يوم الثلثاء

٦٨ - حدثنا محمد بن الحسن رضي الله عنه قال: حدثنا سعد بن عبدالله قال: حدثنا أحمد بن أبي عبدالله البرقي، عن أبي الخزرج(١) ، عن سليمان، عن أبي نضرة عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله من احتجم يوم الثلثاء لسبع عشرة أو تسع عشرة أو لاحدى وعشرين من الشهر كانت له شفاء من كل داء من أدواء -

______________

(١) يعنى الحسن بن الزبرقان القمى.

٣٨٥

السنة كلها وكانت لما سوى ذلك شفاء من رجع الرأس والاضراس والجنون والجذام والبرص.

٦٩ - حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضي الله عنه قال: حدثنا سعد ابن عبد لله، عن القاسم بن محمد الاصبهاني، عن سليمان بن داود المنقري، عن حفص ابن غياث النخعي، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: من كان مسافرا فليسافر يوم السبت، فلو أن حجرا زال عن حجر يوم السبت لرده الله إلى مكانه، ومن تعذرت عليه الحوائج فليلتمس طلبها يوم الثلثاء فإنه اليوم الذي ألان الله فيه الحديد لداود عليه السلام.

ما جاء في يوم الاربعاء

٧٠ - حدثني أبي رضي الله عنه قال: حدثنا سعد بن عبد لله، عن يعقوب بن - يزيد، عن بعض أصحابنا قال: دخلت على أبي الحسن على بن محمد العسكري عليهما السلام يوم الاربعاء وهو يحتجم فقلت له: إن أهل الحرمين يروون عن رسول الله صلّى الله عليه وآله أنه قال: من احتجم يوم الاربعاء فأصابه بياض فلا يلومن إلا نفسه، فقال: كذبوا إنما يصيب ذلك من حملته امة من طمث.

٧١ - حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضي الله عنه قال: حدثنا محمد ابن الحسن الصفار قال: حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى، عن عبد الرحمن بن عمرو بن أسلم قال: رأيت أبا الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام احتجم يوم الاربعاء وهو محموم فلم تتركه الحمى فاحتجم يوم الجمعة فتركته الحمى.

٧٢ - حدثنا محمد بن الحسن رضي الله عنه قال: حدثنا محمد بن يحيى العطار قال: حدثني محمد بن أحمد بن يحيى بن عمران الاشعري قال: حدثنا السياري، عن محمد بن أحمد الدقاق البغدادي قال: كتبت إلى أبي الحسن الثاني عليه السلام أسأله عن الخروج يوم الاربعاء لا يدور(١) فكتب عليه السلام من خرج يوم الاربعاء لا يدور خلافا على

______________

(١) « الاربعاء لا يدور » آخر أربعاء من الشهر والجملة صفة ليوم الاربعاء.

٣٨٦

أهل الطيرة وقى من كل آفة، وعوفي من كل داء وعاهة، وقضى الله له حاجته. وكتبت إليه مرة اخرى أسأله عن الحجامة يوم الاربعاء لا يدور، فكتب عليه السلام من احتجم في يوم الاربعاء لا يدور خلافا على أهل الطيرة عوفي من كل آفة، ووقي من كل عاهة، ولم تخضر محاجمه(١) .

٧٣ - حدثنا محمد بن أحمد البغدادي الوراق قال: حدثنا علي بن محمد بن جعفر ابن أحمد بن عنبسة مولى الرشيد قال: حدثنا دارم بن قبيصة قال: حدثنا علي بن - موسى الرضا قال: سمعت أبي يحدث، عن أبيه، عن محمد بن علي، عن أبيه علي ابن الحسين، عن أبيه الحسين بن علي، عن أبيه على بن أبي طالب عليهم السلام قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله: آخر أربعاء في الشهر يوم نحس مستمر.

٧٤ - حدثنا أبي رضي الله عنه قال: حدثنا سعد بن عبدالله قال: حدثنا أحمد ابن محمد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن فضالة، عن أبان، عن أبي جعفر الاحول عن بشار بن يسار(٢) قال: قلت لابي عبدالله عليه السلام: لاي شئ يصام يوم الاربعاء؟ قال: لان النار خلقت يوم الاربعاء.

٧٥ - حدثنا أبي رضي الله عنه قال: حدثنا محمد بن يحيى العطار قال: حدثنا أبوسعيد الادمي قال: حدثنا محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن محمد بن سنان، عن حذيفة بن منصور، قال رأيت أبا عبدالله عليه السلام احتجم يوم الاربعاء بعد العصر.

٧٦ - حدثنا محمد بن الحسن رضي الله عنه قال: حدثنا أحمد بن إدريس قال: حدثنا محمد بن أحمد بن عمران الاشعري، عن إبراهيم بن إسحاق، عن القاسم بن يحيى عن جده الحسن بن راشد، عن أبي بصير، عن أبي عبدالله، عن أبيه، عن آبائه، عن أميرالمؤمنين عليهم السلام قال: توقوا الحجامة يوم الاربعاء والنورة: فإن يوم الاربعاء يوم

______________

(١) اخضرار المحاجم فساد محل الحجامة وسواده.

(٢) في جميع النسخ التى بايدينا « بشار بن بشار » وهو تصحيف وبشار بن يسار هو أخو سعيد الضبيعى مولى بنى ضبيعة بن عجل وكان ثقة.

٣٨٧

نحس مستمر، وفيه خلقت جهنم.

٧٧ - حدثنا محمد بن الحسن رضي الله عنه قال: حدثنا أحمد بن إدريس، عن محمد بن أحمد، عن أحمد بن عيسى اليقطيني، عن القاسم بن يحيى، عن جده الحسن بن - راشد، عن محمد بن مسلم، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: قال أمير المؤمينن عليه السلام: ينبغي للرجل أن يتوقى النورة يوم الاربعاء فإنه يوم نحس مستمر.

٧٨ - حدثنا أبوالحسن محمد بن عمرو بن علي بن عبدالله البصري بايلاق قال حدثنا أبوعبدالله محمد بن عبدالله بن أحمد بن جبلة الواعظ قال: حدثنا أبوالقاسم عبدالله ابن أحمد بن عامر الطائي قال: حدثنا أبي قال: حدثنا علي بن موسى الرضا قال: حدثنا موسى بن جعفر قال: حدثنا جعفر بن محمد قال: حدثنا محمد بن علي قال: حدثنا علي بن الحسين قال: حدثنا الحسين بن علي عليهم السلام قال: قام رجل إلى أميرالمؤمنين عليه السلام في الجامع بالكوفة فقال: يا أميرالمؤمنين أخبرني عن يوم الاربعاء والتطير منه وثقله؟ وأي أربعاء هو؟ فقال عليه السلام: آخر أربعاء في الشهر وهو المحاق وفيه قتل قابيل هابيل أخاه، ويوم الاربعاء القي إبراهيم عليه السلام في النار، ويوم الاربعاء وضعوا المنجنيق(١) ويوم الاربعاء غرق الله فرعون، ويوم الاربعاء جعل الله عزّوجلّ أرض قوم لوط عاليها سافلها، ويوم الاربعاء أرسل الله عزّوجلّ فيه الريح على قوم عاد، ويوم الاربعاء أصبحت كالصريم، ويوم الاربعاء سلط الله على نمرود البقة، ويوم الاربعاء طلب فرعون موسى ليقتله، ويوم الاربعاء خر عليهم السقف من فوقهم، ويوم الاربعاء أمر فرعون بذبح الغلمان، ويوم الاربعاء خرب بيت المقدس، ويوم الاربعاء أحرق مسجد سليمان بن داود عليهما السلام واصطخر من كورة فارس، ويوم الاربعاء قتل يحيى بن زكريا، ويوم الاربعاء ظل قوم فرعون أول العذاب، ويوم الاربعاء خسف الله عزّوجلّ بقارون، ويوم الاربعاء ابتلى الله أيوب عليه السلام بذهاب ماله وولده ويوم الاربعاء ادخل يوسف السجن، ويوم الاربعاء قال الله عزّوجلّ:( أَنَّا دَمَّرْنَاهُمْ

______________

(١) في العلل والعيون « وضعوه في المنجنيق ».

٣٨٨

وَقَوْمَهُمْ أَجْمَعِينَ ) (١) ويوم الاربعاء أخذتهم الصيحة، ويوم الاربعاء عقروا الناقة، ويوم الاربعاء امطر عليهم حجارة من سجيل، ويوم الاربعاء شج النبي صلّى الله عليه وآله وكسرت رباعيته، ويوم الاربعاء أخذت العماليق التابوت(٢) .

قال مصنف هذا الكتاب رضي الله عنه: من اضطر إلى الخروج في سفر يوم الاربعاء أو تبيع به الدم(٣) في يوم الاربعاء فجائز له أن يسافر أو يحتجم فيه، ولا يكون ذلك شوما عليه لا سيما إذا فعل ذلك خلافا على أهل الطيرة، ومن استغنى عن الخروج فيه أو عن إخراج الدم فالاولى أن يتوقى ولا يسافر فيه ولا يحتجم.

ما جاء في يوم الخميس

٧٩ - حدثنا أبي رضي الله عنه قال: حدثنا سعد بن عبدالله قال: حدثنا يعقوب بن يزيد، عن مروان بن عبيد، عن محمد بن سنان، عن معتب بن المبارك قال: دخلت على أبي عبدالله عليه السلام في يوم الخميس وهو يحتجم فقلت له: يا ابن رسول الله أتحتجم في يوم الخميس؟ فقال: نعم من كان منكم محتجما فليحتجم في يوم الخميس فإن عشية كل جمعة يبتدر الدم فرقا من القيامة ولا يرجع إلى وكره إلى غداة الخميس، ثم التفت إلى غلامه ربيح فقال: يا ربيح اشدد قصب الملازم، واجعل مصك رخيا، واجعل شرطك زحفا(٤) وقال أبوعبدالله: من احتجم في آخر خميس من الشهر في أول النهار سل منه الداء سلا.

______________

(١) النمل: ٥١.

(٢) قال العلامة المجلسي - رحمه الله -: يحتمل أن يكون وضع المنجنيق في غير يوم الالقاء، ويحتمل اتحادهما. « يوم الاربعاء قال الله » أي في شأنه وهذا في قصة صالح وقومه وكذا الصيحة لهم وهو ينافى كون عقر النافة يوم الاربعاء، لانه لم يكن بينهما الا ثلاثة أيام، الا أن يكون المراد ابتداء ارادتهم وتمهيدهم للعقر، وأيضا شج النبي صلّى الله عليه وآله كان في غزوة أحد، والمشهور بين المفسرين والمورخين أنها كانت يوم السبت، وكل ذلك مما يضعف الرواية. أقول: الخبر موضوع بلا مرية ولا يخفى ذلك على من له انس بكلمات أميرالمؤمنين عليه السلام وحالاته ومقالاته.

(٣) تبيغ الدم: هاج وغلب.

(٤) يعنى تيغ را آرام زن.

٣٨٩

٨٠ - حدثنا محمد بن الحسن رضي الله عنه قال: حدثنا الحسين بن الحسن بن - أبان، عن الحسين بن سعيد، عن محمد بن أبي عمير، عن أبي أيوب، عن محمد بن مسلم، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: كان رسول الله صلّى الله عليه وآله أول ما بعث يصوم حتى يقال: لا يفطر ويفطر حتى يقال: لا يصوم، ثم ترك ذلك وصام يوما وترك يوما وهو صوم داود عليه السلام ثم ترك ذلك، ثم قبض وهو يصوم خميسين بينهما أربعاء.

٨١ - وبهذا الاسناد، عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن هشام بن - سالم، عن الاحول، عن أبي عبدالله عليه السلام أن رسول الله صلّى الله عليه وآله سئل عن صوم خميسين بينهما أربعاء فقال: أما الخميس فيوم تعرض فيه الاعمال، وأما الاربعاء فيوم خلقت فيه النار، وأما الصوم فجنة.

٨٢ - حدثنا أبي رضى الله عنه قال: حدثنا أحمد بن إدريس، عن محمد بن أحمد قال: حدثنا أبوعبدالله الرازي، عن محمد بن عبدالله، عن إبراهيم بن عقبة، عن زكريا، عن أبيه، عن يحيى قال: قال أبوعبدالله عليه السلام من قص أظافيره يوم الخميس وترك واحدة ليوم الجمعة نفى الله عنه الفقر.

ما جاء في يوم الجمعة

٨٣ - حدثنا أبي رضى الله عنه قال: حدثنا سعد بن عبدالله قال: حدثني محمد ابن عيسى بن عبيد، عن زكريا المؤمن، عن محمد بن رباح القلاء قال: رأيت أبا إبراهيم عليه السلام يحتجم يوم الجمعة فقلت: جعلت فداك تحتجم يوم الجمعة قال: أقرأ آية الكرسي. فإذا هاج بك الدم ليلا كان أو نهارا فاقرأ آية الكرسي واحتجم.

٨٤ - حدثنا محمد بن أحمد البغدادي الوراق قال: حدثنا علي بن محمد مولى الرشيد قال: حدثنا دارم بن قبيصة قال: حدثنا علي بن موسى الرضا قال: حدثني موسى بن جعفر، عن أبيه جعفر بن محمد، عن أبيه محمد بن علي، عن أبيه علي بن الحسين، عن أبيه الحسين بن علي، عن أبيه علي بن أبي طالب عليهم السلام قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله: تقوم الساعة يوم الجمعة بين صلاة الظهر والعصر.

٣٩٠

٨٥ - وعن السكوني، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن آبائه، عن علي عليهم السلام قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله: اطرفوا أهاليكم(١) في كل جمعة بشئ من الفاكهة واللحم حتى يفرحوا بالجمعة وكان النبي صلّى الله عليه وآله إذا خرج في الصيف من بيت خرج يوم الخميس وإذا أراد أن يدخل البيت في الشتاء من البرد دخل يوم الجمعة، وقد روي أنه كان دخوله وخروجه يوم الجمعة.

٨٦ - حدثنا أبي رضي الله عنه قال: حدثنا سعد بن عبدالله، عن محمد بن الحسين ابن أبي الخطاب، عن صالح بن عقبة، عن أبي كهمس قال: قلت لابي عبدالله عليه السلام: علمني دعاء أستنزل به الرزق فقال لي: خذ من شاربك وأظفارك وليكن ذلك في يوم الجمعة.

٨٧ - حدثنا أبي رضي الله عنه قال: حدثنا سعد بن عبدالله، عن محمد بن - عيسى، عن عتيبة، عن أبي أيوب المديني، عن ابن أبي عمير، عن هاشم بن سالم عن أبي عبدالله عليه السلام قال: تقليم الاظفار يوم الجمعة يؤمن من الجذام والبرص والعمى وإن لم يحتج فحكها حكا، وقال أبوعبدالله عليه السلام: من قلم أظفاره وقص شاربه في كل جمعة ثم قال: « بسم الله وبالله وعلى سنة محمد وآل محمد » اعطي بكل قلامة وجزازة عتق رقبة من ولد إسماعيل.

٨٨ - حدثنا أبي رضي الله عنه قال: حدثنا محمد بن يحيى العطار، عن محمد بن - أحمد قال: حدثنا محمد بن حسان الرازي، عن أبي محمد الرازي، عن الحسين بن يزيد، عن السكوني عن أبي عبدالله، عن أبيه عليهما السلام قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله: من قلم أظفاره يوم الجمعة أخرج الله من أنامله الداء وأدخل فيه الداوء. وروي أنه لا يصيبه جنون والجذام ولا برص.

٨٩ - حدثنا أبي رضي الله عنه قال: حدثنا محمد بن يحيى العطار، عن محمد بن -

______________

(١) أي اتحفوا، وفى بعض النسخ « اطرقوا » فالمراد ليلة الجمعة لان الطرق اتيان القوم ليلا.

٣٩١

أحمد بن يحيى بن عمران الاشعري قال: حدثنا أحمد بن محمد بن خالد، عن أبيه، عن بكر بن صالح، عن الجعفري قال: سمعت أبا الحسن عليه السلام يقول: قلموا أظفاركم يوم الثلثاء واستحموا يوم الاربعاء واصيبوا من الحجام حاجتكم يوم الخميس وتطيبوا بأطيب طيبكم يوم الجمعة.

٩٠ - حدثنا أبي رضي الله عنه قال: حدثنا محمد بن يحيى العطار، عن محمد ابن أحمد، عن معاوية بن حكيم، عن معمر بن خلاد، عن أبي الحسن الرضا عليه السلام(١) قال: لا يبغي للرجل أن يدع الطيب في كل يوم، فإن لم يقدر عليه فيوم ويوم لا، فان لم يقدر ففي كل جمعة، ولا يدع ذلك.

٩١ - حدثنا أبي رضي الله عنه قال: حدثنا محمد بن يحيى العطار، عن محمد بن - أحمد، عن أبي جعفر أحمد بن أبي عبدالله قال: حدثنا محمد بن موسى بن الفرات، عن علي بن مطر، عن السكن الخزاز قال: سمعت أبا عبدالله عليه السلام يقول: لله حق على كل محتلم(٢) في كل جمعة: أخذ شاربه وأظفاره، ومس شئ من الطيب.

٩٢ - حدثنا أبوعلي الحسن بن علي بن محمد بن علي بن عمرو العطار القزويني ببلخ قال: حدثنا أبومصعب محمد بن أحمد بن مصعب بن القاسم السلمي بترمد قال: حدثنا أبومحمد أحمد بن محمد بن إسحاق بن هارون الآملي بآمل قال: حدثنا أحمد بن - محمد بن غالب البصري الزاهد ببغداد قال: حدثنا دينار مولى أنس بن مالك، عن أنس، عن النبي صلّى الله عليه وآله قال: إن ليلة الجمعة ويوم الجمعة أربع وعشرون ساعة لله عز - وجل في كل ساعة ستمائة ألف عتيق من النار.

٩٣ - حدثنا أحمد بن زياد الهمداني رضي الله عنه قال: حدثنا علي بن إبراهيم ابن هاشم، عن أبيه، عن محمد بن أبي عمير، وعلى بن الحكم جميعا، عن هشام بن الحكم عن أبي عبدالله عليه السلام في الرجل يريد أن يعمل شيئا من الخير مثل الصدقة والصوم و

______________

(١) رواه الكليني في الكافي ج ٦ ص ٥١٠ عن محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد، عن معمر عنه عليه السلام.

(٢) أي كل بالغ، وفى بعض نسخ الكافي « على كل مسلم ».

٣٩٢

نحو هذا، قال: يستحب أن يكون ذلك يوم الجمعة فإن العمل يوم الجمعة يضاعف.

٩٤ - حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني رضي الله عنه قال: حدثني علي بن ابراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن إبراهيم بن أبي البلاد، عمن رواه، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: من أنشد بيت شعر يوم الجمعة فهو حظه من ذلك اليوم، وقال رسول الله صلّى الله عليه وآله: إذا رأيتم الشيخ يحدث يوم الجمعة بأحاديث الجاهلية فارموا رأسه [ ولو ] بالحصى.

٩٥ - حدثنا أبي رضي الله عنه قال: حدثنا سعد بن عبدالله، عن أيوب بن - نوح، عن محمد بن أبي عمير، عن عبدالله بن سنان، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: من قال في آخر سجدة من النافلة بعد المغرب ليلة الجمعة وإن قاله كل ليلة فهو أفضل « اللهم إني أسالك بوجهك الكريم واسمك العظيم أن تصلي على محمد وآل محمد وأن تغفر لي ذنبي العظيم » - سبع مرات - انصرف وقد غفر له. قال: وقال أبوعبدالله عليه السلام: إذا كانت عشية الخميس وليلة الجمعة نزلت ملائكة من السماء معها أقلام الذهب وصحف الفضة لا يكتبون عشية الخميس وليلة الجمعة ويوم الجمعة إلى أن تغيب الشمس إلا الصلاة على النبي صلّى الله عليه وآله، ويكره السفر والسعي في الحوائج يوم الجمعة. يكره من أجل الصلاة فأما بعد الصلاة فجائز يتبرك به.

٩٦ - حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضي الله عنه قال: حدثنا محمد ابن الحسن الصفار، عن يعقوب بن يزيد، عن محمد بن أبي عمير، عن أبي أيوب إبراهيم ابن عثمان الخزاز أنه قال: سألت أبا عبدالله عن قول الله عزّوجلّ:( فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِن فَضْلِ اللَّـهِ ) قال: الصلاة يوم الجمعة والانتشار يوم السبت، وقال أبوعبدالله عليه السلام: اف للرجل المسلم أن لا يفرغ نفسه في الاسبوع يوم الجمعة لامر دينه فيسأل عنه.

ما جاء في يوم السبت

٩٧ - حدثنا أبي رضي الله عنه قال: حدثنا سعد بن عبدالله، عن القاسم بن محمد

٣٩٣

الاصبهاني، عن سليمان بن داود المنقري، عن حفص بن غياث النخعي، عن أبي - عبدالله عليه السلام قال: من كان مسافرا فليسافر يوم السبت، فلو أن حجرا زال عن جبل في يوم السبت لرده الله إلى مكانه.

٩٨ - حدثنا محمد بن أحمد البغدادي الوراق قال: حدثنا علي بن محمد بن جعفر ابن أحمد بن عنبسة مولى الرشيد قال: حدثنا دارم بن قبيصة، ونعيم بن صالح الطبري قالا: حدثنا علي بن موسى الرضا، عن أبيه موسى، عن أبيه جعفر، عن أبيه محمد، عن أبيه علي، عن أبيه الحسين، عن أبيه علي بن أبي طالب عليهم السلام قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله: اللهم بارك لا متي في بكورها يوم سبتها وخميسها.

٩٩ - وبهذا الاسناد قال: قال النبي صلّى الله عليه وآله: باكروا بالحوائج فإنها ميسرة، وتربوا الكتاب فإنه أنجح للحاجة، واطلبوا الخير عند حسان الوجوه.

١٠٠ - حدثنا محمد بن الحسن رضي الله عنه قال: حدثنا أحمد بن إدريس، عن محمد بن أحمد، عن محمد بن حسان، عن أبي محمد الرازي، عن الحسين بن يزيد النوفلي، عن السكوني، عن جعفر بن محمد، عن أبيه عليهما السلام قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله: من قلم أظفاره يوم السبت ويوم الخميس وأخذ من شاربه عوفي من وجع الاضراس ووجع العين.

١٠١ - حدثنا أبي رضي الله عنه قال: حدثنا سعد بن عبدالله، عن يعقوب بن - يزيد، عن محمد بن أبي عمير، عن غير واحد، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: السبت لنا، والاحد لشيعتنا، والاثنين لاعدائنا، والثلثاء لبني امية، والاربعاء يوم شرب الدواء، والخميس تقضى فيه الحوائج، والجمعة للتنظف والتطيب، وهو عيد المسلمين وهو أفضل من الفطر والاضحى، ويوم الغدير أفضل الاعياد، وهو ثامن عشر من ذي الحجة وكان يوم الجمعة، ويخرج قائمنا أهل البيت يوم الجمعة، ويقوم القيامة يوم الجمعة، وما من عمل يوم الجمعة أفضل من الصلاة على محمد وآله.

معنى الحديث الذى روى عن النبي صلّى الله عليه وآله قال:

لا تعادوا الايام فتعاديكم

١٠٢ - حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل رضي الله عنه قال: حدثنا علي بن -

٣٩٤

ابراهيم بن هاشم قال: حدثنا عبدالله بن أحمد الموصلي، عن الصقر بن أبي دلف الكرخي قال: لما حمل المتوكل سيدنا أبا الحسن العسكري عليه السلام جئت أسأل عن خبره قال: فنظر إلي الرازقي وكان حاجبا للمتوكل فامر أن ادخل إليه فادخلت إليه فقال: يا صقر ما شأنك؟ فقلت: خير أيها الاستاد، فقال: اقعد فأخذني ما تقدم وما تأخر(١) وقلت: أخطأت في المجئ قال: فوحى الناس عنه(٢) ثم قال لي: ما شأنك، وفيم جئت؟ قلت: لخير ما(٣) فقال: لعلك تسأل عن خبر مولاك؟ فقلت له: ومن مولاي؟ مولاي أميرالمؤمنين فقال: أسكت مولاك هو الحق فلا تحتشمني فإني على مذهبك، فقلت: الحمد لله قال: أتحب أن تراه؟ قلت: نعم، قال: اجلس حتى يخرج صاحب البريد من عنده(٤) قال: فجلست فلما خرج، قال لغلام له: خذ بيد الصقر وأدخله إلى الحجرة التي فيها العلوي المحبوس وخل بينه وبينه قال: فأدخلني إلى الحجرة [ التي فيه العلوي ] فأومأ إلى بيت فدخلت فإذا عليه السلام جالس على صدر حصير وبحذاه قبر محفور، قال: فسلمت فرد، ثم أمرني بالجلوس، ثم قال لي: يا صقر ما أتى بك؟ قلت: يا سيدي جئت أتعرف خبرك؟ قال: ثم نظرت إلى القبر فبكيت، فنظر إلي فقال: يا صقر لا عليك(٥) لن يصلوا إلينا

______________

(١) أي بالسؤال عما تقدم وعما تأخر، يعنى الامور المختلفة لاستعلام حالى وسبب مجيئي. فلذا ندم على الذهاب إليه لئلا يطلع على حاله ومذهبه، أو الموصول فاعل « أخذني » بتقدير أي أخذني التفكر فيما تقدم من الامور من ظنه التشيع بى وفيما تأخر مما يترتب على مجيئي من المفاسد كما في البحار.

(٢) أي أشار إليهم أن يبعدوا عنه، أو على بناء التفعيل أي عجلهم في الذهاب، أو على بناء المجرد والناس فاعل أي أسرعوا في الذهاب.

(٣) في بعض النسخ « لخبر ما ».

(٤) صاحب البريد يمكن أن يكون رئيس البريد أو المراد بالبريد المرتب والرسل على دواب البريد. قال في النهاية البريد كلمة فارسية يراد بها في الاصل البغل وأصلها « بريده دم » أي محذوف الذنب، لان بغال البريد كانت محذوفة الاذناب كالعلامة لها، فأعربت وخففت، ثم سمى الرسول الذى يركبه بريدا، والمسافة التى بين السكتين بريدا.

(٥) أي لا حزن عليك.

٣٩٥

بسوء الآن، فقلت: الحمدلله، ثم قلت: يا سيدي حديث يروي عن النبي صلّى الله عليه وآله لا أعرف معناه، قال: وما هو؟ فقلت: قوله: « لا تعادوا الايام فتعاديكم » ما معناه؟ فقال: نعم الايام نحن ما قامت السماوات والارض فالسبت اسم رسول الله صلّى الله عليه واله، والاحد كناية عن أميرالمؤمنين عليه السلام، والاثنين الحسن والحسين والثلثاء علي بن الحسين ومحمد ابن علي وجعفر بن محمد، والاربعاء موسى بن جعفر وعلي بن موسى ومحمد بن علي وأنا، والخميس ابني الحسن بن علي، والجمعة ابن ابني وإليه تجتمع عصابة الحق وهو الذي يملاها قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا، فهذا معنى الايام فلا تعادوهم في الدنيا فيعادوكم في الآخرة، ثم قال عليه السلام: ودع واخرج فلا آمن عليك.

قال مصنف هذا الكتاب رضي الله عنه: الايام ليست بأئمة ولكن كنى بها عليه السلام عن الائمة لئلا يدرك معناه غير أهل الحق كما كنى الله عزّوجلّ بالتين والزيتون و طور سينين وهذا البلد الامين عن النبي صلّى الله عليه وآله وعلي والحسن والحسين عليهم السلام وكما كنى عزّوجلّ بالنعاج عن النساء على قول من روى ذلك في قصة داود والخصمين، و كما كنى بالسير في الارض عن النظر في القرآن، سئل الصادق عليه السلام عن قول الله عزّوجلّ:( أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ ) (١) قال: معناه أو لم ينظروا في القرآن. وكما كنى عزّوجلّ بالسر عن النكاح في قوله عزّوجلّ:( وَلَـٰكِن لَّا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا ) (٢) . وكما كنى عزّوجلّ بأكل الطعام عن التغوط فقال في عيس وامه:( كَانَا يَأْكُلَانِ الطَّعَامَ ) (٣) ومعناه أنهما كانا يتغوطان، وكما كنى بالنحل عن رسول الله صلّى الله عليه وآله في قوله( وَأَوْحَىٰ رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ ) (٤) ومثل هذا كثير.

كان لبث آدم وحواء عليهما السلام في الجنة حتى أخرجهما منها سبع ساعات

١٠٣ - حدثنا أبي، ومحمد بن الحسن رضي الله عنهما قالا: حدثنا سعد بن عبدالله

______________

(١) الروم: ٩.

(٢) البقرة ٢٣٥.

(٣) المائدة ٧٥. ولازم أكل الطعام التغوط وهو غير الكناية.

(٤) النحل: ٦٨. المراد بالنحل في الاية النحل نفسها واريد بالوحى الالهام. وهذا عجيب من المؤلف رحمه الله. وما ورد في بعض الاخبار « نحن والله النحل » هو تأويل لا تفسير.

٣٩٦

وعبدالله بن جعفر الحميري قالا: حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى، وأحمد بن أبي عبدالله البرقي، ومحمد بن الحسين بن أبي الخطاب قالوا: حدثنا الحسن بن محبوب، عن محمد ابن إسحاق، عن أبي جعفر محمد بن علي، عن آبائه، عن علي عليهم السلام عن رسول الله صلّى الله عليه وآله قال: إنما كان لبث آدم وحواء في الجنة حتى اخرجا منها سبع ساعات من أيام الدنيا حتى أهبطهما الله من يومهما ذلك.

في الشيعة سبع خصال

١٠٤ - حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضي الله عنه قال: حدثنا محمد ابن الحسن الصفار قال: حدثنا العباس بن معروف، عن الحسن بن علي بن فضال، عن ظريف بن ناصح، عن عمرو بن أبي المقدام، عن محمد بن علي عليهما السلام قال: إنما كانت شيعة علي المتباذلون في ولايتنا، والمتحابون في مودتنا، المتزاورون لاحياء أمرنا إن غضبوا لم يظلموا، وأن رضوا لم يسرفوا بركة لمن جاوروا، سلم لمن خالطوا. وقد أخرجت ما رويته في هذا المعنى في كتاب صفات الشيعة.

لعن رسول الله صلّى الله عليه وآله أبا سفيان في سبعة مواطن

١٠٥ - حدثنا علي بن أحمد بن موسى رضي الله عنه قال: حدثنا محمد بن موسى الدقاق قال: حدثنا أحمد بن محمد بن داود الحنظلي قال: حدثنا الحسين بن عبدالله الجعفي، عن حكم بن مسكين قال: حدثنا أبوالجارود، عن أبي الطفيل عامر بن - واثلة قال: إن رسول لله صلّى الله عليه وآله لعن أبا سفيان في سبعة مواطن في كلهن لا يستطيع إلا أن يلعنه، أولهن يوم لعنه الله ورسوله وهو خارج من مكة إلى المدينة مهاجرا و أبوسفيان جائي من الشام فوقع فيه أبوسفيان يسبه ويوعده وهم أن يبطش به فصرفه الله عن رسوله، والثانية يوم العير إذا طردها ليحرزها عن رسول الله صلّى الله عليه وآله فلعنه الله و رسوله، والثالثة يوم احد قال أبوسفيان: اعل هبل، فقال رسول الله صلّى الله عليه وآله: الله أعلى و أجل، فقال أبوسفيان: لنا عزى ولا عزى لكم، فقال رسول الله صلّى الله عليه وآله: الله مولانا و

٣٩٧

لا مولى لكم، والرابعة يوم الخندق يوم جاء أبوسفيان في جميع قريش فرد هم الله بغيظهم لم ينالوا خيرا، وأنزل الله عزّوجلّ في القرآن آيتين في سورة الاحزاب فسمى أبا سفيان وأصحابه كفارا، ومعاوية مشرك عدو لله ولرسوله، والخامسة يوم الحديبية والهدى معكوفا أن يبلغ محله وصد مشركوا قريش رسول الله صلّى الله عليه وآله عن المسجد الحرام وصدوا بدنه(١) أن تبلغ المنحر فرجع رسول الله صلّى الله عليه وآله لم يطف بالكعبة ولم يقض نسكه فلعنه الله ورسوله، والسادسة يوم الاحزاب يوم جاء أبوسفيان بجمع قريش وعامر بن الطفيل بجمع هوازن وعيينة بن حصن بقطفان، وواعد لهم قريظة والنضير أن يأتوهم فلعن رسول الله صلّى الله عليه واله القادة والاتباع وقال: أما الاتباع فلا تصيب اللعنة مؤمنا، وأما القادة فليس فيهم مؤمن ولا نجيب ولا ناج، والسابعة يوم حملوا على رسول الله صلّى الله عليه وآله في العقبة وهم اثنا عشر رجلا من بني امية وخمسة من سائر الناس فلعن رسول الله صلّى الله عليه وآله من على العقبة غير النبي صلّى الله عليه وآله وناقته وسائقه وقائده.

قال مصنف هذا الكتاب رضي الله عنه: جاء هذا الخبر هكذا والصحيح أن أصحاب العقبة كانوا أربعة عشر - الحديث.

الصناديق السبعة في النار

١٠٦ - حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضي الله عنه قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار قال: حدثنا عباد بن سليمان، عن محمد بن سليمان، عن أبيه سليمان الديلمي، عن إسحاق بن عمار الصيرفي، عن أبي الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام في حديث طويل يقول فيه: يا إسحاق إن في النار لواديا يقال له: سقر، لم يتنفس منذ خلقه الله، ولو أذن الله عزّوجلّ له في التنفس بقدر مخيط لاحرق ما على وجه الارض وإن أهل النار ليتعوذون من حر ذلك الوادي ونتنه وقذره وما أعد الله فيه لاهله، وإن في ذلك الوادي لجبلا يتعوذ جميع أهل ذلك الوادي من حر ذلك

______________

(١) البدن - كقفل -: جمع بدنة - بالتحريك - وهى الهدى من الابل والبقر تساق إلى مكة كالاضحية من الغنم. وذلك في صلح الحديبية.

٣٩٨

الجبل ونتنه وقذره وما أعد الله فيه لاهله، وإن في ذلك الجبل لشعبا يتعوذ جميع أهل ذلك الجبل من حر ذلك الشعب ونتنه وقذره وما أعد الله فيه لاهله، وإن في ذلك الشعب لقليبا(١) يتعوذ أهل ذلك الشعب من حر ذلك القليب ونتنه وقذره وما أعد الله فيه لاهله، وإن في ذلك القليب لحية يتعوذ جميع أهل ذلك القليب من خبث تلك الحية ونتنها وقذرها وما أعد الله في أنيابها من السم لاهلها، وإن في جوف تلك الحية لسبعة صناديق فيها خمسة من الامم السالفة واثنان من هذه الامة قال: قلت جعلت فداك ومن الخمسة؟ ومن الاثنان؟ قال: وأما الخمسة فقابيل الذي قتل هابيل ونمرود الذي حاج إبراهيم في ربه، فقال: أن احيى واميت، وفرعون الذي قال: أنا ربكم الاعلى، ويهود الذي هود اليهود، ويونس الذي نصر النصارى، ومن هذه الامة أعرابيان.

ابتلى أيوب عليه السلام سبع سنين بلا ذنب

١٠٧ - حدثنا أبي رضي الله عنه قال: حدثنا سعد بن عبدالله قال: حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن علي الخزاز، عن فضل الاشعري، عن الحسين ابن المختار، عن أبي بصير، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: ابتلى أيوب عليه السلام سبع سنين بلا ذنب.

١٠٨ - حدثنا أحمد بن الحسن القطان قال: حدثنا الحسن بن علي السكري قال حدثنا محمد بن زكريا الجوهري قال: حدثنا جعفر بن محمد بن عمارة، عن أبيه، عن جعفر بن محمد، عن أبيه عليهم السلام قال: إن أيوب عليه السلام ابتلى من غير ذنب، وإن الانبياء لا يذنبون لانهم معصومون مطهرون، لا يذنبون ولا يزيغون ولا يرتكبون ذنبا، صغير ولا كبيرا.

وقال عليه السلام: إن أيوب عليه السلام مع جميع ما ابتلى به لم ينتن له رائحة، ولا قبحت

______________

(١) القليب: البئر.

٣٩٩

له صورة، ولا خرجت منه مدة من دم ولا قيح ولا استقذره أحد رآه، ولا استوحش منه أحد شاهده، ولا يدود شئ من جسده، وهكذا يصنع الله عزّوجلّ بجميع من يبتليه من أنبيائه وأوليائه المكرمين عليه، وإنما اجتنبه الناس لفقره وضعفه في ظاهر أمره لجهلهم بماله عند ربه تعالى ذكره من التأييد والفرج، وقد قال النبي صلّى الله عليه وآله: « أعظم الناس بلاء الانبياء، ثم الامثل فالامثل » وإنما ابتلاه الله عزّوجلّ بالبلاء العظيم الذي يهون معه على جميع الناس لئلا يدعوا له الربوبية إذا شاهدوا ما أراد الله أن يوصله إليه من عظائم نعمه متى شاهدوه ليستدلوا بذلك على أن الثواب من الله تعالى ذكره على ضربين استحقاق واختصاص ولئلا يحتقروا ضعيفا لضعفه، ولا فقيرا لفقره ولا مريضا لمرضه وليعلموا أنه يسقم من يشاء ويشفي من يشاء، متى شاء كيف شاء بأي سبب شاء، ويجعل ذلك عبرة لمن يشاء وشقاوة لمن يشاء وسعادة لمن يشاء، وهو في جميع ذلك عدل في قضائه وحكيم في أفعاله، لا يفعل بعباده إلا الاصلح لهم ولا قوة لهم إلا به.

الملائكة على سبعة اصناف والحجب سبعة

١٠٩ - حدثنا أحمد بن الحسن القطان قال: حدثنا أحمد بن زكريا القطان قال: حدثنا بكر بن عبدالله بن حبيب، عن تميم بن بهلول، عن نصر بن مزاحم المنقري عن عمر بن سعد(١) عن أبي مخنف لوط بن يحيى، عن أبي منصور، عن زيد بن وهب قال: سئل أمير المؤنين عليه السلام عن قدرة الله عزّوجلّ جلت عظمته، فقام خطيبا فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: إن لله تبارك وتعالى ملائكة لو أن ملكا منهم هبط إلى الارض ما وسعته لعظم خلقه وكثرة أجنحته، ومنهم من لو كلفت الجن والانس على أن يصفوه ما وصفوه لبعد ما بين مفاصله وحسن تركيب صورته، وكيف يوصف من ملائكته من سبع مائة عام ما بين منكبيه وشحمة اذنيه، ومنهم من يسد الافق بجناح من

______________

(١) يحتمل كونه عمر بن سعد بن أبى الصيد الاسدي الذى روى عنه نصر بن مزاحم كثيرا في كتاب صفين. وقال بعض الافاضل في هامش كتاب التوحيد للمؤلف: « أظن أن الصحيح » عمرو بن سعيد المدائني.

٤٠٠

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617

618

619

620

621

622

623

624

625

626

627

628

629

630

631

632

633

634

635

636

637

638

639

640

641

642

643

644

645

646

647

648

649

650

651

652

653