الخصال

الخصال0%

الخصال مؤلف:
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 653

الخصال

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: محمد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه (الشيخ الصدوق)
تصنيف: الصفحات: 653
المشاهدات: 617457
تحميل: 5042


توضيحات:

الخصال المقدمة
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 653 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 617457 / تحميل: 5042
الحجم الحجم الحجم
الخصال

الخصال

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

المجذوم فرارك من الاسد(١) ، وكره البول على شط نهر جاري، وكره أن يحدث الرجل تحت شجرة قد أينعت يعني أثمرت، وكره أن يتنعل الرجل وهو قائم، وكره أن يدخل الرجل البيت المظلم إلا أن يكون بين يديه نار، وكره النفخ في موضع الصلاة.

صلاة الجماعة أفضل من صلاة الفرد بخمس وعشرين درجة

١٠ - أخبرني أبوالقاسم عبدالله بن أحمد الفقيه ببلخ فيما أجازه لي قال: حدثنا أبوحرب قال: حدثنا محمد بن أحيد، عن ابن أبي عيسى الحافظ قال: أخبرنا أبوالقاسم محمد بن إبراهيم(٢) قال: حدثنا ابن بكير قال: حدثنا الليث، عن ابن الهاد(٣) ، عن عبدالله بن خباب، عن أبي سعيد الخدري قال: إن رسول الله صلّى الله عليه واله قال: صلاة الجماعة أفضل من صلاة الفرد بخمس وعشرين درجة.

وقال أبي رضي الله عنه في رسالته إلي: لصلاة الرجل في جماعة على صلاة الرجل وحده خمس وعشرين درجة في الجنة.

______________

(١) هذا لا ينافي قوله صلّى الله عليه وآله « لا عدوى ولا طيرة ولا هامة » لان المراد به نفى ما يعتقدونه من أن تلك العلل المعدية مؤثرة بنفسها مستقلة في التأثير، فأعلمهم صلّى الله عليه وآله أن الامر ليس كذلك وانما هو بمشيئة الله تعالى وفعله والحاصل أن العدوى ليست علة تامة وقضية كلية بل قضية مهملة وعلة ناقصة قد يتخلف، ولا يدعى الاطباء كليتها كما قاله استاذنا الشعرانى.

(٢) محمد بن ابراهيم هو البوشنجى أبوعبدالله الفقيه الاديب ذكره ابن حبان في الثقات، واما أبوحرب ومحمد بن أحيد وابن أبى عيسى الحافظ فلم أجدهم وفى بعض النسخ « محمد ابن أحمد ». والخبر رواه الحاكم في المستدرك ج ١ ص ٢٠٨ باسناده عن عطاء بن يزيد عن أبى سعيد بزيادة.

(٣) هو يزيد بن عبدالله بن اسامة بن الهاد الليثى ذكره ابن حبان في الثقات يروى عن عبدالله بن خباب الانصاري النجارى مولاهم وثقه النسائي وأبو حاتم. وروى عنه ليث بن سعد بن عبد الرحمن الفهمى وهو ثقة يروى عنه يحيى بن عبدالله بن بكير وقال ابن حجر: ثقة في الليث.

٥٢١

في الصلاة تسع وعشرون خصلة

١١ - حدثنا محمد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني رضي الله عنه قال: حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد الهمداني مولى بني هاشم، قال: أخبرنا المنذر بن محمد قال: حدثنا جعفر(١) ، عن أبان الاحمر قال: حدثنا الحسين بن علوان، عن عمرو بن ثابت، عن أبيه، عن ضمرة بن حبيب، قال: سئل النبي صلّى الله عليه واله عن الصلاة، فقال عليه السلام: الصلاة من شرايع الدين، وفيها مرضات الرب عزّوجلّ، وهي منهاج الانبياء، وللمصلي حب الملائكة، وهدى وإيمان، ونور المعرفة، وبركة في الرزق، وراحة للبدن، وكراهة للشيطان، وسلاح على الكافر، وإجابة للدعاء، وقبول للاعمال، وزاد للمؤمن من الدنيا إلى الآخرة، وشفيع بينه وبين ملك الموت، وانس في قبره، وفراش تحت جنبه، وجواب لمنكر ونكير، وتكون صلاة العبد عند المحشر تاجا على رأسه ونورا على وجهه، ولباسا على بدنه، وسترا بينه وبين النار، وحجة بينه وبين الرب جل جلاله، ونجاة لبدنه من النار، وجوازا على الصراط، ومفتاحا للجنة، و مهورا لحور العين، وثمنا للجنة، بالصلاة يبلغ العبد إلى الدرجة العليا لان الصلاة تسبيح وتهليل وتحميد وتكبير وتمجيد وتقديس وقول ودعوة.

في العلم تسع وعشرون خصلة

١٢ - حدثنا أبي رضي الله عنه قال: حدثنا سعد بن عبدالله، عن محمد بن عيسى ابن عبيد اليقطيني قال: حدثنا جماعة من أصحابنا رفعوه إلى أميرالمؤمنين عليه السلام قال: قال رسول الله صلّى الله عليه واله: تعلموا العلم فإن تعلمه حسنة، ومدراسته تسبيح، والبحث عنه جهاد، وتعليمه من لا يعلمه صدقة، وبذله لاهله قربة، لانه معالم الحلال و الحرام، وسالك بطالبه سبيل الجنة، وهو أنيس في الوحشة، وصاحب في الوحدة، و دليل على السراء والضراء، وسلاح على الاعداء، وزين للاخلاء، يرفع الله به أقواما

______________

(١) يعنى جعفر بن سماعة وهو ثقة من أصحاب الكاظم عليه السلام وراويه المنذر بن محمد بن سعيد بن الجهم القابوسي ثقة من أصحابنا كما في (صه وجش).

٥٢٢

يجعلهم في الخير أئمة يقتدى بهم، ترمق أعمالهم، وتقتبس آثارهم، وترغب الملائكة في خلتهم، يمسحونهم في صلاتهم بأجنحتهم، ويستغفر لهم كل شئ حتى حيتان البحور وهوامها، وسباع البر وأنعامها، لان العلم حياة القلوب، ونور الابصار من العمى، وقوة الابدان من الضعف، ينزل الله حامله منازل الاخيار، ويمنحه مجالس الابرار في الدنيا والآخرة، بالعلم يطاع الله ويعبد، وبالعلم يعرف الله ويؤخذ، وبالعلم توصل الارحام، وبه يعرف الحلال والحرام، والعلم امام العمل والعمل تابعه، يلهمه الله السعداء ويحرمه الاشقياء.

الخصال التى سأل عنها ابو ذر رحمه الله رسول الله صلّى الله عليه وآله

١٣ - حدثنا أبوالحسن علي بن عبدالله بن أحمد الاسواري المذكر قال: حدثنا أبويوسف أحمد بن محمد بن قيس السجزي المذكر قال: حدثنا أبوالحسن عمر ابن حفص قال: حدثني أبومحمد عبيدالله بن محمد بن أسد ببغداد(١) قال: حدثنا الحسين ابن إبراهيم أبوعلي قال: حدثنا يحيى بن سعيد البصري(٢) قال: حدثني ابن جريج عن عطاء، عن عبيد بن عمير الليثي، عن أبي ذر رحمة الله عليه قال: دخلت على رسول الله صلّى الله عليه وآله وهو جالس في المسجد وحده، فاغتنمت خلوته فقال لي: يا أبا ذر للمسجد تحية، قلت: وما تحيته؟ قال: ركعتان تركعهما، فقلت: يا رسول الله إنك أمرتني بالصلاة فما الصلاة قال: خير موضوع فمن شاء أقل ومن شاء أكثر، قلت: يا رسول الله أي الاعمال أحب إلى الله عزّوجلّ؟ فقال: إيمان بالله، وجهاد في سبيله(٣) قلت: فأي [ وقت ] الليل أفضل؟ قال: جوف الليل الغابر، قلت: فأي

______________

(١) كذا في المعاني والبحار وفى بعض النسخ « عبدالله بن سعد بن أسد » ولم أجده. وعمر بن حفص الظاهر هو الشيباني البصري، صدوق.

(٢) هو يحيى بن سعيد بن فروخ القطان.

(٣) زاد في المعاني « قلت: أي المؤمنين أكمل ايمانا؟ قال: أحسنهم خلقا، قلت: وأى المؤمنين أفضل؟ قال: من سلم المسلمون من لسانه ويده » وزاد في البحار على المعاني: « قلت: وأى الهجرة أفضل؟ قال: من هجر السوء ».

٥٢٣

الصلاة أفضل؟ قال: طول القنوت، قلت: وأي الصدقة أفضل؟ قال: جهد من مقل إلى فقير ذي سن(١) ، قلت: ما الصوم؟ قال: فرض مجزي وعند الله أضعاف كثيرة، قلت: فأي الرقاب أفضل؟ قال: أغلاها ثمنا وأنفسها عند أهلها، قلت: فأي الجهاد أفضل قال: من عقر جواده واهريق دمه، قلت: فأي آية أنزلها الله عليك أعظم؟ قال: آية الكرسي.

ثم قال: يا أبا ذر ما السماوات السبع في الكرسي إلا كحلقة ملقاة في أرض فلاة، وفضل العرش على الكرسي كفضل الفلاة على تلك الحلقة، قلت: يا رسول الله كم النبيون؟ قال: مائة ألف وأربعة وعشرون ألف نبي، قلت: كم المرسلون منهم؟ قال: ثلاثمائة وثلاثة عشر جماء غفيراء(٢) قلت: من كان أول الانبياء؟ قال: آدم، قلت: وكان من الانبياء مرسلا، قال: نعم خلقه الله بيده ونفخ فيه من روحه.

ثم قال صلّى الله عليه واله: يا أبا ذر أربعة من الانبياء سريانيون: آدم وشيث واخنوخ، وهو إدريس عليهم السلام - وهو أول من خط بالقلم - ونوح عليه السلام. وأربعة من الانبياء من العرب: هود وصالح وشعيب ونبيك محمد. وأول نبي من بني إسرائيل موسى، وآخرهم عيسى، وستمائة نبي، قلت: يا رسول الله كم أنزل الله من كتاب؟ قال: مائة كتاب وأربعة كتب، أنزل الله على شيث خمسين صحيفة، وعلى إدريس ثلاثين صحيفة، وعلى إبراهيم عشرين صحيفة، وأنزل التوراة والانجيل والزبور والفرقان،

______________

(١) في البحار « إلى فقير ذى سر » والجهد: الطاقة وأقل الرجل صار إلى القلة وهى الفقر والهمزة للصيرورة، وربما يعبر بالقلة عن العدم فيقال: قليل الخير أي لا يكاد يفعله.

(٢) قال الجوهرى: جاؤوا جماء غفيراء - ممدودا - والجماء الغفير، وجم الغفير وجماء الغفير. أي جاؤوا بجماعتهم ولم يتخلف منهم أحد، وكانت فيهم كثرة. وقال: الجماء الغفير اسم وليس بفعل الا أنه تنصب المصادر التى هي في معناه كقولك جاؤوني جميعا وقاطبة وطرا وكافة، وأدخلوا فيه الالف واللام كما ادخلوا في قولهم: أوردها العراك أي أوردها عراكا.

٥٢٤

قلت: يا رسول الله فما كانت صحف إبراهيم؟ قال: كانت أمثالا كلها وكان فيها « أيها الملك المبتلى المغرور إنى لم أبعثك لتجمع الدنيا بعضها إلى بعض ولكن بعثتك لترد عني دعوة المظلوم، فإني لا أردها وإن كانت من كافر، وعلى العاقل ما لم يكن مغلوبا على عقله أن يكون له ساعات: ساعة يناجي فيها ربه عزّوجلّ، وساعة يحاسب نفسه، وساعة يتفكر فيما صنع الله عزّوجلّ إليه، وساعة يخلو فيها بحظ نفسه من الحلال، فإن هذه الساعة عون لتلك الساعات واستجمام للقلوب، و توزيع لها(١) ، وعلى العاقل أن يكون بصيرا بزمانه، مقبلا على شأنه، حافظا للسانه، فإن من حسب كلامه من عمله قل كلامه إلا فيما يعنيه، وعلى العاقل أن يكون طالبا لثلاث(٢) : مرمة لمعاش أو تزود لمعاد أو تلذذ في غير محرم ». قلت: يا رسول الله فما كانت صحف موسى؟ قال: كانت عبرانية كلها، وفيها « عجبت لمن أيقن بالموت كيف يفرح، ولمن أيقن بالنار لم يضحك، ولمن يرى الدنيا وتقلبها بأهلها لم يطمئن إليها، ولمن يؤمن بالقدر كيف ينصب(٣) ولمن أيقن بالحساب لم لا يعمل ». قلت: يا رسول الله هل في أيدينا مما أنزل الله عليك شئ مما كان في صحف إبراهيم وموسى؟ قال: يا أبا ذر اقرأ( قَدْ أَفْلَحَ مَن تَزَكَّىٰ ، وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّىٰ ، بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا ، وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَىٰ ، إِنَّ هَـٰذَا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولَىٰ ، صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَىٰ ) (٤) قلت: يا رسول الله: أوصني، قال: اوصيك بتقوى الله فإنه رأس الامر كله، قلت: زدني قال: عليك بتلاوة القرآن، وذكر الله كثيرا، فإنه ذكر لك في السماء، ونور

______________

(١) الاستجمام: التفريح يقال: استجم قلبى بشئ من اللهو أي أنى لا جعل قلبى يتفكه بشئ من اللهو. وقوله « وتوزيع لها » كذا في نسخ الخصال ولكن في معاني الاخبار ص ٣٣٤ « وتفريغ لها ».

(٢) في مجالس الشيخ الطوسى ج ٢ ص ١٥٣ « أن يكون ظاعنا لثلاث ».

(٣) أي يتعب نفسه بالجد والجهد، وفى بعض نسخ المعاني « لم يغضب » ولعله الاصح

(٤) الاعلى: ١٤ - ١٩، وقوله « ان هذا » أي هذه الآيات.

٥٢٥

لك في الارض، قلت: زدني، قال: عليك بطول الصمت فإنه مطردة للشياطين، وعون لك على أمر دينك، قلت: زدني، قال: إياك وكثرة الضحك فإنه يميت القلب و يذهب بنور الوجه، قلت: يا رسول الله زدني، قال: انظر إلى من هو تحتك ولا تنظر إلى من هو فوقك فانه أجدر أن لا تزدري نعمة الله عليك، قلت: يا رسول الله زدني، قال: صل قرابتك وإن قطعوك،(١) قلت: زدني، قال: احب المساكين(٢) ومجالستهم، قلت: زدني، قال: قل الحق وإن كان مرا، قلت: زدني قال: لا تخف في الله لومة لائم، قلت: زدني، قال: ليحجزك عن الناس ما تعلم من نفسك، ولا تجد عليهم(٣) فيما تأتي [ مثله ].

ثم قال: كفى بالمرء عيبا أن يكون فيه ثلاث خصال: يعرف من الناس ما يجهل من نفسه، ويستحيي لهم مما هو فيه، ويؤذي جليسه بما لا يعنيه، ثم قال عليه السلام: لا عقل كالتدبير، ولا ورع كالكف، ولا حسب كحسن الخلق(٤) .

______________

(١) من قوله « فانه يميت القلب » إلى هنا ليس في معاني الاخبار.

(٢) في المعاني « عليك بحب المساكين ».

(٣) أي لا تغضب عليهم.

(٤) رواه الشيخ - رحمة الله عليه - مرسلا في الامالى ج ٢ ص ١٥٢ ذيل حديث طويل رواه مسندا من حديث أبي ذر - رحمه الله -. ورواه جعفر بن احمد القمى في كتاب الغايات مختصرا كما في البحار.

٥٢٦

أبواب الثلاثين

وما فوقه للامام عليه السلام ثلاثون علامة

١ - حدثنا محمد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني رضي الله عنه قال: أخبرنا أحمد بن - محمد بن سعيد الكوفي قال: حدثنا علي بن الحسن بن فضال، عن أبيه(١) ، عن أبي الحسن علي بن موسى الرضا عليهما السلام قال: للامام علامات يكون أعلم الناس، وأحكم الناس،

______________

(١) قال النجاشي - رحمة الله عليه -: على بن الحسن بن على بن فضال أبوالحسن كان فقيه أصحابنا بالكوفة ووجههم وثقتهم وعارفهم بالحديث والمسموع قوله فيه، سمع منه شيئا كثيرا، ولم يعثر له على زلة فيه، ولا ما يشينه، وقل ما روى عن ضعيف، وكان فطحيا، ولم يرو عن أبيه شيئا، وقال: كنت أقابله وسنى ثمان عشرة سنة بكتبه ولا أفهم إذ ذاك الروايات ولا أستحل أن أرويها عنه. وروى عن أخويه عن أبيهما وذكر أحمد بن - الحسين (يعنى ابن الغضائري) رحمه الله أنه رأى نسخة أخرجها أبوجعفر بن بابويه وقال: حدثنا محمد بن ابراهيم بن اسحاق الطالقاني قال: حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد قال حدثنا على بن الحسن بن فضال عن أبيه عن الرضا عليه السلام ولا يعرف الكوفيون هذه النسخة ولا رويت من غير هذا الطريق. وقد صنف كتبا كثيرة منها ما وقع الينا، ثم عد الكتب - الخ. وقال الفاضل المحقق التسترى: ويمكن الجمع بان على بن الحسن بن فضال كان لا يستحل ذلك أولا واستحله أخيرا لان أباه كان يقابل معه كتبه وذلك يكفى في الرواية لانها كالشهادة في كون العبرة فيها وقت الاداء لا التحمل فعدم فهمه يومئذ غير مضر وحينئذ فالكوفيون رأوا قوله الاول والقميون عمله الاخير. وقال الشهيد في موضع من المسالك في رواية « فيها قصور من حيث السند لان في طريقها على بن الحسن بن فضال وهو فطحى ». وعنونه ابن داود في قسم المجروحين ولكن الشيخ (ره) قال في الفهرست: « على بن الحسن بن فضال فطحى المذهب ثقة كوفى كثير العلم، واسع الرواية والاخبار، جيد التصانيف غير معاند، وكان قريب الامر إلى أصحابنا الامامية و القائلين بالاثنى عشر - اه ». أقول: ويحتمل على بعد سقوط « عن أخيه » من قلم النساخ في النسخة التى رآها ابن الغضائري.

٥٢٧

وأتقى الناس، وأحلم الناس، وأشجع الناس، وأسخى الناس، وأعبد الناس، ويولد مختونا، ويكون مطهرا، ويرى من خلفه كما يرى من بين يديه، ولا يكون له ظل، وإذا وقع على الارض من [ بطن ] امه وقع على راحتيه رافعا صوته بالشهادة، ولا يحتلم، وتنام عينه ولا ينام قلبه، ويكون محدثا ويستوي عليه درع رسول الله صلّى الله عليه واله، ولا يرى له بول ولا غائط لان الله عزّوجلّ قد وكل الارض بابتلاع ما يخرج منه، ويكون له رائحة أطيب من رائحة المسك، ويكون أولى الناس منهم بأنفسهم وأشفق عليهم من آبائهم، وامهاتهم، ويكون أشد الناس تواضعا لله عزّوجلّ، ويكون آخذ الناس بما يأمرهم به وأكف الناس عما ينهى عنه، ويكون دعاؤه مستجابا حتى لو أنه دعا على صخرة لانشقت نصفين، ويكون عنده سلاح رسول الله صلّى الله عليه واله وسيفه ذو الفقار، ويكون عنده صحيفة فيها أسماء شيعته إلى يوم القيامة وصحيفة فيها أسماء أعدائهم إلى يوم القيامة، ويكون عنده الجامعة وهي صحيفة طولها سبعون ذراعا فيها جميع ما يحتاج إليه ولد آدم، ويكون عنده الجفر الاكبر والاصغر إهاب - ماعز وإهاب كبش فيهما جميع العلوم حتى أرش الخدش وحتى الجلدة ونصف الجلدة وثلث الجلدة، ويكون عند مصحف فاطمة عليها السلام.

٢ - وفي حديث آخر إن الامام مؤيد بروح القدس وبينه وبين الله عزّوجلّ عمود من نور يرى فيه أعمال العباد وكلما احتاج إليه لدلالة اطلع عليه.

٣ - وقال الصادق عليه السلام: يبسط لنا فنعلم، ويقبض عنا فلا نعلم، والامام يولد ويلد، ويصح ويمرض، ويأكل ويشرب، ويبول ويتغوط، ويفرح ويحزن، ويضحك ويبكي، ويموت ويقبر، ويزاد فيعلم، ودلالته في خصلتين: في العلم و استجابة الدعوة، وكلما أخبر به من الحوادث التي تحدث قبل كونها كذلك بعهد معهود إليه من رسول الله صلّى الله عليه واله توارثه من آبائه عليهم السلام.

وكون ذلك مما عهده إليه جبرئيل عن علام الغيوب، وجميع الائمة الاحد عشر بعد النبي صلّى الله عليه واله قتلوا، منهم بالسيف، وهو أميرالمؤمنين والحسين عليهما السلام، والباقون عليهم السلام قتلوا بالسم، وجرى ذلك عليهم على الحقيقة والصحة، لا كما يقوله الغلاة

٥٢٨

والمفوضة لعنهم الله بأنهم يقولون: إنهم لم يقتلوا على الحقيقة، وإنما شبه للناس أمرهم، وكذبوا ما شبه أمر أحد من أنبياء الله وحججه على الناس إلا أمر عيسى ابن مريم عليهما السلام وحده لانه رفع من الارض حيا وقبض روحه بين السماء والارض، ثم رفع إلى السماء ورد عليه روحه، وذلك قول الله عزّوجلّ:( إِذْ قَالَ اللَّـهُ يَا عِيسَىٰ إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ ) (١) وقال عزّوجلّ حكاية عما يقول عيسى يوم القيامة( وَكُنتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَّا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنتَ أَنتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنتَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ) (٢) ويقول المتجاوزون للحد في أمر الائمة عليهم السلام: إنه إن جاز أن يشبه أمر عيسى للناس، فلم لا يجوز أن يشبه أمرهم أيضا؟ والذي يجب أن يقال لهم: إن عيسى هو مولود من غير أب فلم لا يجوز أن يكونوا مولودين من غير أب، وإنهم لا يجسرون على إظهار مذهبهم - لعنهم الله - في ذلك ومتى جاز أن يكون جميع أنبياء الله وحججه عليهم السلام مولودين من الآباء والامهات وكان عيسى من بينهم مولودا من غير أب جاز أن يشبه أمره للناس دون أمر غيره من الانبياء والحجج عليهم السلام كما جاز أن يولد من غير أب دونهم وإنما أراد الله عزّوجلّ: إن يجعل أمره آية وعلامة ليعلم بذلك أن الله على كل شئ قدير.

شهر رمضان ثلاثون يوما لا ينقص أبدا

٤ - حدثنا أبي رضي الله عنه قال: حدثنا سعد بن عبدالله، وعبدالله بن جعفر الحميري، ومحمد بن يحيى العطار، وأحمد بن إدريس جميعا قالوا: حدثنا أحمد بن محمد ابن عيسى، ومحمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن محمد بن سنان، عن حذيفة بن منصور، عن معاذ بن كثير، ويقال له: معاذ بن مسلم الهراء،(٣) عن أبي عبدالله عليه السلام قال:

______________

(١) آل عمران: ٥٥.

(٢) المائدة: ١١٧.

(٣) كذا في الفقيه أيضا وذكر الرجاليون معاذ بن كثير تحت عنوان وقالوا: معاذ ابن كثير الكسائي من أصحاب الصادق عليه السلام وخاصته وبطانته وثقاته الفقهاء الصالحين و =

٥٢٩

شهر رمضان ثلاثون يوما لا ينقص والله أبدا(١) .

٥ - حدثنا محمد بن علي ماجيلويه رضي الله عنه قال: حدثنا علي بن إبراهيم ابن هاشم، عن أبيه، عن ياسر الخادم قال: قلت للرضا عليه السلام: هل يكون شهر رمضان تسعة وعشرين يوما؟ فقال: إن شهر رمضان لا ينقص عن ثلاثين يوما.

٦ - حدثنا محمد بن علي ماجيلويه رضي الله عنه قال: حدثني عمي محمد بن - أبي القاسم، عن أحمد بن أبي عبدالله البرقي، عن أبي الحسن علي بن الحسين الرقي(٢) عن عبدالله بن جبلة، عن معاوية بن عمار، عن الحسن بن عبدالله، عن أبائه، عن جده الحسن بن علي بن أبي طالب عليهما السلام قال: جاء نفر من اليهود إلى رسول الله صلّى الله عليه واله فسأله أعلمهم عن مسائل فكان فيما سأله أن قال: لاي شئ فرض الله الصوم على امتك بالنهار ثلاثين يوما وفرض على الامم أكثر من ذلك؟ فقال النبي صلّى الله عليه واله: إن آدم لما

______________

= معاذ بن مسلم الهراء تحت عنوان آخر وقالوا معاذ بن مسلم الهراء الانصاري النحوي الكوفى وفى رجال ابن داود هومن اصحاب الباقر والصادق عليهما السلام ممدوح وعنونه العلامة في القسم الاول من الخلاصة ووثقه. أقول: ان كان قوله: « ويقال له معاذ بن مسلم الهراء » كلام حذيفة بن منصور كما هو ظاهر تعبير الصدوق - رحمه الله - فكان قوله باتحادهما مقدما على قول غيره، لكن الظاهر كونه من اجتهاد الصدوق (ره) لان الكليني رواه في الكافي ج ٤ ص ٧٩ عن معاذ بن كثير وليس فيه هذه الجملة، هذا وقد عنون السيوطي في طبقات النحاة « معاذ بن مسلم » وقال شيعي من رواة جعفر ومن اعيان النحاة، واول من وضع على الصرف وقول الكافيجى: ان واضعه معاذ بن جبل خطأ، ويقال له: الهراء لانه كان يبيع الثياب الهروية.

(١) عمل المصنف في الفقيه بتلك الاخبار: ومعظم الاصحاب على خلافه وردوا تلك الاخبار اما بضعف السند ومخالفة المحسوس والاخبار المستفيضة، أو حملوها على معان صحيحة راجع تحقيق ذلك في هامش الكافي ج ٤ ص ٨٩. وأيضا هامش الوافى المحشى بقلم استاذنا العلامة الميرزا أبوالحسن الشعرانى (مد ظله).

(٢) تقدم هذا السند ص ٣٤٦ وفيه كما في المتن وفى ص ٣٥٥ وفيه « أبوالحسن على بن الحسين البرقي » ولم أجده بكلا العنوانين.

٥٣٠

أكل من الشجرة بقي في بطنه ثلاثين يوما ففرض الله عزّوجلّ على ذريته ثلاثين يوما الجوع والعطش والذي يأكلونه تفضل من الله عزّوجلّ عليهم كذلك كان على آدم ففرض الله ذلك على امتي، ثم تلا رسول الله صلّى الله عليه واله هذه الاية( كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ، أَيَّامًا مَّعْدُودَاتٍ ) (١) قال اليهودي صدقت يا محمد.

٧ - حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل رضي الله عنه قال: حدثنا محمد بن أبي عبدالله الكوفي، عن موسى بن عمران النخعي، عن عمه الحسين بن يزيد النوفلي، عن علي ابن حمزة، عن أبي بصير قال: سألت أبا عبدالله عليه السلام عن قول الله عزّوجلّ: « ولتكملوا العدة » قال: ثلاثين يوما(٢) .

٨ - حدثنا أبي ومحمد بن الحسن بن الوليد رضي الله عنهما قالا: حدثنا سعد بن - عبدالله، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن محمد بن إسماعيل بن بزيع، عن محمد ابن يعقوب بن شعيب، عن أبيه، عن أبي عبدالله عليه السلام أنه قال في حديث طويل: شهر رمضان ثلاثون يوما لقول الله عزّوجلّ: « ولتكملوا العدة » والكاملة التامة.

٩ - حدثنا أحمد بن الحسن القطان قال: حدثنا أحمد بن يحيى بن زكريا القطان، عن بكر بن عبدالله بن حبيب، عن تميم بن بهلول قال: حدثنا أبومعاوية، عن إسماعيل بن مهران قال: سمعت جعفر بن محمد عليهما السلام يقول: والله ما كلف الله العباد إلا دون ما يطيقون، إنما كلفهم في اليوم والليلة خمس صلوات، وكلفهم في كل ألف درهم خمسة وعشرين درهما، وكلفهم في السنة صيام ثلاثين يوما، وكلفهم حجة واحدة، وهم يطيقون أكثر من ذلك.

قال مصنف هذا الكتاب رضي الله عنه: مذهب خواص الشيعة وأهل الاستبصار منهم في شهر رمضان أنه لا ينقص عن ثلاثين يوما أبدا، والاخبار في ذلك موافقة للكتاب ومخالفة للعامة فمن ذهب من ضعفة الشيعة إلى الاخبار التي وردت للتقية في

______________

(١) البقرة: ١٨٠.

(٢) كذا.

٥٣١

أنه ينقص ويصيبه ما يصيبه الشهور من النقصان والتمام اتقى كما تتقى العامة(١) ، ولم يكلم إلا بما يكلم به العامة، ولا قوة إلا بالله(٢) .

الفروج المحرمة في الكتاب والسنة على أربعة وثلاثين وجها

١٠ - حدثنا أبومحمد الحسن بن حمزة بن علي بن عبدالله بن محمد بن الحسن بن - الحسين بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام قال: حدثنا محمد بن يزداد قال: حدثنا عبدالله بن أحمد بن محمد الكوفي قال: حدثنا أبوسعيد سهل بن صالح العباسي قال: حدثنا إبراهيم بن عبد الرحمن الآملي قال: حدثني موسى بن جعفر، عن أبيه جعفر بن محمد عليهم السلام قال: سئل أبي عليه السلام عما حرم الله عزّوجلّ من الفروج في القرآن وعما حرمه رسول الله صلّى الله عليه واله في سنته فقال: الذي حرم الله عزّوجلّ أربعة وثلاثون وجها سبعة عشر في القرآن وسبعة عشر في السنة، فأما التي في القرآن فالزنا قال الله عزّوجلّ:( وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَىٰ ) (٣) ونكاح امرأة الاب قال الله عزّوجلّ:( وَلَا تَنكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُم مِّنَ النِّسَاءِ ) (٤) و( أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالَاتُكُمْ وَبَنَاتُ الْأَخِ وَبَنَاتُ الْأُخْتِ وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُم مِّنَ الرَّضَاعَةِ وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُم مِّن نِّسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُم بِهِنَّ فَإِن لَّمْ تَكُونُوا دَخَلْتُم بِهِنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ وَحَلَائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلَابِكُمْ

______________

(١) الظاهر أنهما على صيغة المجهول، وكذا « لم يكلم » كما في هامش الوافى.

(٢) هذه المسألة مما تعارض فيه ظاهر الاخبار، والحق أنه لا تعارض بين المتواتر والاحاد، وهذه الاخبار التى أورده المصنف من الشاذ النادر، والاخبار التى يعارضها من الاخبار لمتواترة التى عمل بها من الصدر الاول إلى زماننا هذا قاطبة أهل الاسلام والاستهلال والشهادة بالاهلة عمل جميع المسلمين في جميع الاعصار، وللشيخ الطوسى في رد قول المصنف ومن حذا حذوه كلام طويل الذيل أورده صاحب الوافى (في ابواب فرض الصوم باب ١٦) وفى هامشه بيان لاستاذنا الاجل الشعرانى (مد ظله) فليراجع.

(٣) الاسراء. ٣٢.

(٤) النساء: ٢٢.

٥٣٢

وَأَن تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ ) (١) والحائض حتى تطهر قال الله عزّوجلّ:( وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّىٰ يَطْهُرْنَ ) (٢) والنكاح في الاعتكاف قال الله عزّوجلّ:( وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ ) (٣) .

وأما التي في السنة فالمواقعة في شهر رمضان نهارا، وتزويج الملاعنة بعد اللعان والتزويج في العدة، والمواقعة في الاحرام، والمحرم يتزوج أو يزوج، والمظاهر قبل أن يكفر، وتزويج المشركة، وتزويج الرجل امرأة قد طلقها للعدة تسع تطليقات، وتزوج الامة على الحرة، وتزويج الذمية على المسلمة، وتزويج المرأة على عمتها وخالتها، وتزويج الامة من غير إذن مولاها، وتزويج الامة على من يقدر على تزويج الحرة، والجارية من السبي قبل القسمة، والجارية المشتركة، والجارية المشتراة قبل أن يستبرئها، والمكاتبة التي قد أدت بعض المكاتبة.

فرض الله تبارك وتعالى على الناس من الجمعة إلى

الجمعة خمسا وثلاثين صلاة

١١ - حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني رضي الله عنه قال: حدثنا علي ابن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن حماد بن عيسى، عن حريز، عن زرارة، عن أبي جعفر عليه السلام قال: إنما فرض الله عزّوجلّ من الجمعة إلى الجمعة خمسا وثلاثين صلاة، فيها صلاة واحدة فرضها الله في جماعة وهي الجمعة.

______________

(١) النساء ٢٣. وصدر الاية( حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ - الاية) .

(٢) البقرة: ٢٢٢.

(٣) البقرة: ١٨٧.

٥٣٣

أبواب الاربعين

وما فوقه شارب الخمر لا تقبل صلاته أربعين يوما

١ - حدثنا محمد بن الحسن بن الوليد رضي الله عنه قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار، عن معاوية بن حكيم، عن محمد بن أبي عمير، عن أبان بن عثمان، عن الفضيل ابن يسار قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: من شرب الخمر فسكر منها لم تقبل صلاته أربعين يوما، فان ترك الصلاة في هذه الايام ضوعف عليه العذاب لترك الصلاة، وفي خبر آخر إن شارب الخمر توقف صلاته بين السماء والارض، فإذا تاب ردت عليه.

الصوم على أربعين وجها

٢ - حدثنا أبي رضي الله عنه قال: حدثنا سعد بن عبدالله، عن القاسم بن محمد الاصفهاني، عن سليمان بن داود المنقري، عن سفيان بن عيينة، عن الزهري قال: دخلت على علي بن الحسين عليهما السلام فقال لي: يا زهري من أين جئت؟ قلت: من المسجد، قال: فيم كنتم، قال: تذاكرنا أمر الصوم فأجمع رأيي ورأي أصحابي أنه ليس من الصوم شئ واجب إلا صوم شهر رمضان، فقال: يا زهري ليس كما قلتم إن الصوم على أربعين وجها فعشرة أوجه منها واجبة كوجوب شهر رمضان، وعشرة أوجه منها صيامهن حرام، وأربعة عشر وجها منها صاحبها فيها بالخيار إن شاء صام و إن شاء أفطر، وصوم الاذن على ثلاثة أوجه، وصوم التأديب، وصوم الاباحة، وصوم السفر والمرض.

قلت: فسرهن لي جعلت فداك، قال: أما الواجب فصيام شهر رمضان، وصيام شهرين متتابعين لمن أفطر يوما من شهر رمضان متعمدا، وصيام شهرين متتابعين في قتل الخطأ لمن لم يجد العتق واجب قال الله عزّوجلّ:( ومن قتل مؤمنا خطأ فتحرير

٥٣٤

رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَىٰ أَهْلِهِ - إلى قوله -فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ ) (١) وصيام شهرين متتابعين في كفارة الظهار لمن لم يجد العتق واجب قال الله تبارك وتعالى: و( الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنكُم مِّن نِّسَائِهِم مَّا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلَّا اللَّائِي وَلَدْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنكَرًا مِّنَ الْقَوْلِ وَزُورًا وَإِنَّ اللَّـهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ ، وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِن نِّسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِّن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا ) (٢) وصيام ثلاثة أيام في كفارة اليمين واجب لمن لم يجد الاطعام قال الله تبارك وتعالى:( فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ذَٰلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ ) (٣) كل ذلك متتابع وليس بمتفرق، وصيام أذى الحلق حلق الرأس واجب قال الله تبارك وتعالى( فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِّن رَّأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِّن صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ ) (٤) و صاحبها فيها بالخيار وإن صام صام ثلاثا، وصوم دم المتعة واجب لمن لم يجد الهدي قال الله تبارك وتعالى:( فَمَن تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ ) (٥) وصوم جزاء الصيد واجب قال الله تبارك وتعالى:( وَمَن قَتَلَهُ مِنكُم مُّتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِّثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِّنكُمْ هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ أَوْ عَدْلُ ذَٰلِكَ صِيَامًا ) (٦) ثم قال: أو تدري كيف يكون عدل ذلك صياما يا زهري؟ فقلت: لا أدري، قال: تقوم الصيد قيمة، ثم تفض تلك القيمة على البر، ثم يكال ذلك البر أصواعا فيصوم لكل نصف صاع يوما، وصوم النذر واجب وصوم الاعتكاف واجب.

وأما الصوم الحرام فصوم يوم الفطر ويوم الاضحى وثلاثة أيام من أيام التشريق(٧)

______________

(١) النساء: ٩٥.

(٢) المجادلة: ٢ و ٣. « يتماسا » أي يجامعا.

(٣) المائدة: ٨٩.

(٤) البقرة: ١٩٦ وقوله: « نسك » جمع نسيكة وهى الذبيحة.

(٥) البقرة: ١٩٦.

(٦) المائدة: ٩٥.

(٧) لمن كان بمنى ناسكا.

٥٣٥

وصوم يوم الشك امرنا به ونهينا عنه، امرنا أن نصومه مع شعبان، ونهينا أن ينفرد الرجل بصيامه(١) في اليوم الذي يشك فيه الناس، قلت: جعلت فداك فإن لم يكن صام من شعبان شيئا كيف يصنع؟ قال: ينوي ليلة الشك أنه صائم من شعبان فان كان من شهر رمضان أجزأ عنه وإن كان من شعبان لم يضر، قلت: وكيف يجزي صوم تطوع عن فريضة؟ فقال: لو أن رجلا صام يوما من شهر رمضان تطوعا وهو لا يدري ولا يعلم أنه من شهر رمضان، ثم علم بعد ذلك أجزأ عنه لان الفرض إنما وقع على اليوم بعينه، وصوم الوصال حرام(٢) وصوم الصمت حرام، وصوم النذر للمعصية حرام، وصوم الدهر حرام(٣) .

وأما الصوم الذي صاحبه فيه بالخيار فصوم يوم الجمعة والخميس والاثنين، وصوم أيام البيض، وصوم ستة أيام من شوال بعد شهر رمضان، ويوم عرفة، ويوم

______________

(١) الظاهر أن المراد بصيامه أن ينويه من رمضان من بين سائر الناس من غير أن يصح أنه منه والظاهر أن الراوى لم يتفطن لذلك وزعم أن مراده عليه السلام أنه لا يجوز صيامه إذا لم يصم جميع شعبان فأجابه عليه السلام بما يظهر فساد وهمه.

(٢) ذهب الشيخ في النهاية وأكثر الاصحاب إلى أن معناه أن ينوى صوم يوم وليلة إلى السحر وذهب (ره) أيضا في الاقتصاد وابن ادريس إلى أن معناه أن يصوم يومين مع ليلة بينهما وانما يحرم تأخير العشاء إلى السحر إذا نوى كونه جزءا من الصوم أما لو أخره الصائم بغير نية فانه لا يحرم فيها، قطع به الاصحاب والاحتياط يقتضى اجتناب ذلك. واما صوم الصمت فهو أن ينوى الصوم ساكتا وقد أجمع الاصحاب على تحريمه. كذا قال العلامة المجلسي (ره) في المرآة.

(٣) حرمة صوم الدهر اما لاشتماله على الايام المحرمة ان كان المراد كل السنة وان كان المراد ما سوى الايام المحرمة فلعله انما يحرم إذا صام على اعتقاد انه سنة مؤكدة فانه يقتضى الافتراء على الله تعالى ويمكن حمله على الكراهة أو التقية لاشتهار الخبر بهذا المضمون بين العامة (المرآة).

٥٣٦

عاشورا(١) كل ذلك صاحبه فيه بالخيار إن شاء صام، وإن شاء أفطر.

وأما صوم الاذن فان المرأة لا تصوم تطوعا إلا باذن زوجها، والعبد لا يصوم تطوعا إلا باذن سيده، والضيف لا يصوم تطوعا إلا باذن صاحبه، قال رسول الله صلّى الله عليه وآله: « فمن نزل على قوم فلا يصومن تطوعا إلا باذنهم ».

وأما صوم التأديب فإنه يؤمر الصبي إذا راهق(٢) بالصوم تأديبا وليس بفرض تأديبا وليس بفرض، وكذلك المسافر إذا أكل من أول النهار، ثم قدم أهله امر بالامساك بقية يومه تأديبا وليس بفرض(٣) .

وأما صوم الاباحة فمن أكل أو شرب ناسيا أو تقيأ من غير تعمد فقد أباح الله ذلك له وأجزأ عنه صومه.

وأما صوم السفر والمرض فإن العامة اختلفت فيه فقال قوم: يصوم، وقال قوم: لا يصوم، وقال قوم: إن شاء صام وإن شاء أفطر، وأما نحن فنقول: يفطر في الحالين جميعا فإن صام في السفر أو في حال المرض فعليه القضاء في ذلك لان الله عزّوجلّ يقول:( فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ) (٤) .

فيمن قدم أربعين رجلا من اخوانه في دعائه ثم دعا لنفسه

٣ - حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضي الله عنه قال: حدثنا محمد

______________

(١) لاستاذنا العلامة « الميرزا أبوالحسن الشعرانى مد ظله » تحقيق دقيق في صوم عاشورا راجع كلامه في كتابه لغات القرآن الملحق بتفسير أبى الفتوح ص ٥٨٩.

(٢) راهق الغلام أي قارب الحلم فهو مراهق.

(٣) روى الخبر الشيخ في التهذيب ج ١ ص ٣٠٣ نقلا عن الكليني وزاد فيه « و كذلك الحائض إذا طهرت امسكت بقية يومها » ولكن ليست هذه الجملة في الكافي ولا في الفقيه ولعله سقط من قلم النساخ بعد زمان الشيخ رحمه الله.

(٤) البقرة: ١٨٤. أي فعليه صوم عدة أيام المرض أو السفر في أيام اخر.

٥٣٧

ابن الحسن الصفار، عن محمد بن عبد الجبار، عن محمد بن أبي عمير، عن غير واحد من أصحابنا، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: من قدم أربعين رجلا من إخوانه فدعا لهم ثم دعا لنفسه استجيب له فيهم وفي نفسه.

فيمن شهد له بعد موته أربعون رجلا من المؤمنين بالخير

٤ - حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضي الله عنه قال: حدثنا محمد ابن الحسن الصفار، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن أبيه، عن ابن سنان، عن عبدالله بن - مسكان، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: إذا مات المؤمن فحضر جنازته أربعون رجلا من المؤمنين فقالوا: اللهم إنا لا نعلم منه إلا خيرا وأنت أعلم به منا، قال الله تبارك وتعالى: إني قد أجزت شهادتكم وغفرت له ما علمت مما لا تعلمون.

في النهى عن ترك حلق العانة فوق اربعين يوما

٥ - حدثنا محمد بن علي ماجيلويه رضي الله عنه قال: حدثني عمي محمد بن - أبي القاسم، عن هارون بن مسلم، عن مسعدة بن صدقة، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن آبائه، عن علي عليهم السلام قال: قال رسول الله صلّى الله عليه واله: من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يترك حلق عانته فوق الاربعين، فان لم يجد فليستقرض بعد الاربعين ولا يؤخر.

الارض تنجس من بول الاغلف أربعين صباحا

٦ - حدثنا أبي رضي الله عنه قال: حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن الحسين بن يزيد النوفلي، عن إسماعيل بن مسلم السكوني، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن آبائه، عن علي عليهم السلام قال: قال رسول الله صلّى الله عليه واله: ختنوا أولادكم يوم السابع فإنه أطهر وأطيب وأسرع لنبات اللحم، فإن الارض تنجس من بول الاغلف أربعين صباحا.

٥٣٨

فيمن اتخذ جارية فلم يأتها في كل أربعين يوما ثم أتت محرما

٧ - حدثنا أبي رضي الله عنه قال: حدثنا سعد بن عبدالله قال: حدثني يعقوب ابن يزيد، عن محمد بن إبراهيم، عن الحسين بن المختار، باسناده يرفعه إلى سلمان - رحمة الله عليه - أنه قال في حديث له(١) : من اتخذ جارية فلم يأتها في كل أربعين يوما، ثم أتت محرما كان وزر ذلك عليه.

٨ - حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضي الله عنه قال: حدثنا محمد بن - الحسن الصفار، عن يعقوب بن يزيد، عثمان بن عيسى، عمن ذكره، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: من اتخذ جارية فلم يأتها في كل أربعين يوما كان وزر ذلك عليه.

دية كلب الصيد أربعون درهما

٩ - حدثنا أبي رضي الله عنه قال: حدثنا سعد بن عبدالله قال: حدثنا أحمد ابن أبي عبدالله البرقي، عن الحسن بن علي بن فضال، عن عبدالله بن بكير، عن عبد الاعلى ابن أعين، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: في كتاب علي عليه السلام دية كلب الصيد أربعون درهما.

١٠ - حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضي الله عنه قال: حدثنا محمد بن - الحسن الصفار، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن إبراهيم ابن عبد الحميد، عن الوليد بن صبيح، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: دية كلب الصيد السلوقي أربعون درهما مما أمر رسول الله صلّى الله عليه واله به لبني خزيمة.

أملى الله تبارك وتعالى لفرعون بين كلمتيه أربعين سنة

١١ - حدثنا أبي رضي الله عنه قال: حدثنا سعد بن عبدالله قال: حدثنا إبراهيم بن مهزيار، عن أخيه، عن علي بن مهزيار، عن عيسى بن محمد، عن بعض أصحابنا، عن عبدالله بن محمد، عن أبي جميلة، عن زرارة، عن أبي جعفر عليه السلام قال: أملى

______________

(١) في بعض النسخ « في حديث طويل ».

٥٣٩

الله عزّوجلّ لفرعون ما بين الكلمتين: قوله:( أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَىٰ ) (١) وقوله:( مَا عَلِمْتُ لَكُم مِّنْ إِلَـٰهٍ غَيْرِي ) (٢) أربعين سنة، ثم أخذه الله نكال الآخرة والاولى، وكان بين أن قال الله عزّوجلّ لموسى وهارون عليهما السلام:( قَدْ أُجِيبَت دَّعْوَتُكُمَا ) (٣) وبين أن عرفه الله تعالى الاجابة أربعين سنة، ثم قال: قال جبرئيل عليه السلام: نازلت ربي في فرعون منازلة شديدة فقلت: يا رب تدعه وقد قال: أنا ربكم الاعلى، فقال: إنما يقول مثل هذا عبد مثلك.

استغفار يغفر به أربعون كبيرة

١٢ - حدثنا محمد بن علي ماجيلويه رضي الله عنه قال: حدثني عمي محمد بن - أبي القاسم، عن أحمد بن أبي عبدالله البرقي، عن الحسن بن محبوب، عن هشام بن سالم، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: مامن مؤمن يقترف في يوم وليلة أربعين كبيرة فيقول وهو نادم: « أستغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم، بديع السماوات والارض، ذا الجلال والاكرام، وأسأله أن يتوب علي » إلا غفرها الله له، ثم قال: ولا خير فيمن يقارف في كل يوم وليلة أربعين كبيرة.

الرحم تلتقي في أربعين أبا

١٣ - حدثنا أبي رضي الله عنه قال: حدثنا عبدالله بن جعفر الحميري، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن علي الوشاء، عن أبي الحسن الرضا، عن أبيه، عن آبائه، عن علي عليهم السلام قال: قال رسول الله صلّى الله عليه واله: لما اسري بي إلى السماء رأيت رحما متعلقة بالعرش تشكو رحما إلى ربها، فقلت لها: كم بينك وبينها من أب؟ فقالت: نلتقي في أربعين أبا.

______________

(١) النازعات: ٢٤.

(٢) القصص: ٣٨.

(٣) يونس: ٨٩.

٥٤٠