الأمالي شيخ الصدوق

الأمالي شيخ الصدوق0%

الأمالي شيخ الصدوق مؤلف:
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 780

الأمالي شيخ الصدوق

مؤلف: محمد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه (الشيخ الصدوق)
تصنيف:

الصفحات: 780
المشاهدات: 411500
تحميل: 7992

توضيحات:

الأمالي شيخ الصدوق
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 780 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 411500 / تحميل: 7992
الحجم الحجم الحجم
الأمالي شيخ الصدوق

الأمالي شيخ الصدوق

مؤلف:
العربية

الحسين بن علي، عن أخيه الحسن بن عليّ عليهم السلام، قال: قال أميرالمؤمنين عليه السلام: إن( بِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ ) آية من فاتحة الكتاب، وهي سبع آيات تمامها( بِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ ) سمعت رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم يقول: إن الله عزّوجلّ قال لي: يا محمّد( وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِّنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ ) (١) فأفرد الامتنان علي بفاتحة الكتاب، وجعلها بإزاء القرآن العظيم، وإن فاتحة الكتاب أشرف ما في كنوز العرش، وإن الله عزّوجلّ خص محمّدا وشرفه بها. ولم يشرك معه فيها أحدا من أنبيائه، ما خلا سليمان عليه السلام، فإنه أعطاه منها (بسم الله الرحمن الرحيم)، ألا تراه يحكي عن بلقيس حين قالت( إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ ، إِنَّهُ مِن سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ ) (٢) ؟

ألا فمن قرأها معتقد لموالاة محمّد وآله الطيبين، منقادا لامرهما، مؤمنا بظاهرهما وباطنهما(٣) ، أعطاه الله عزّوجلّ بكل حرف منها حسنة، كل واحدة منها أفضل له من الدنيا بما فيها من أصناف أموالها وخيراتها، ومن استمع إلى قارئ يقرؤها كان له قدر ثلث ما للقارئ، فليستكثر أحدكم من هذا الخير المعرض لكم، فإنه غنيمة، لا يذهبن أوانه، فتبقى في قلوبكم الحسرة(٤) .

٢٥٦/٤ - حدّثنا أبي رحمه الله، قال: حدّثنا عليّ بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن عليّ بن الحكم، عن المفضل بن صالح، عن جابر، عن أبي جعفر عليه السلام، قال: لما نزلت هذه الآية( وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ ) (٥) سئل عن ذلك رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم، فقال: أخبرني الروح الامين أن الله لا إله غيره، إذا جمع الاولين والآخرين أتي بجهنم تقاد بألف زمام، آخذ بكل زمام مائة ألف ملك من الغلاظ

______________

(١) الحجر ١٥: ٨٧.

(٢) النمل ٢٧: ٢٩، ٣٠.

(٣) في نسخة: منقادا لامرهم، مؤمنا بظاهرها وباطنها.

(٤) عيون أخبار الرضا عليه السلام ١: ٣٠١/٦٠، بحار الانوار ٩٢: ٢٢٧/٥.

(٥) الفجر ٨٩: ٢٣.

٢٤١

الشداد، لها هدة(١) وتغيظ وزفير، وإنها لتزفر الزفرة، فلولا أن الله عزّوجلّ أخرهم إلى الحساب لاهلكت الجمع، ثم يخرج منها عنق(٢) يحيط بالخلائق البر منهم والفاجر، فما خلق الله عزّوجلّ عبدا من عباده ملكا ولا نبيا إلا نادى: رب نفسي نفسي، وأنت يا نبي الله تنادي: أمتي أمتي.

ثم يوضع عليها صراط أدق من حد السيف، عليه ثلاث قناطر: أما واحدة فعليها الامانة والرحم، وأما الاخرى فعليها الصلاة، وأما الاخرى فعليها عدل رب العالمين لا إله غيره، فيكلفون الممر عليه فتحبسهم الرحم والامانة، فإن نجوا منها حبستهم الصلاة، فإن نجوا منها كان المنتهى إلى رب العالمين عزّوجلّ، وهو قوله تبارك وتعالى:( إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ ) (٣) .

والناس على الصراط، فمتعلق، وقدم تزل، وقدم تستمسك والملائكة حولهم ينادون: يا حليم اغفر واصفح، وعد بفضلك وسلم، والناس يتهافتون فيها كالفراش، فإذا نجا ناج برحمة الله عزّوجلّ، نظر إليها فقال: الحمد لله الذي نجاني منك بعد إياس بمنه وفضله، إن ربنا لغفور شكور(٤) .

٢٥٧/٥ - حدّثنا محمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رحمه الله، قال: حدّثنا محمّد بن الحسن الصفار، قال: حدّثنا أحمد بن محمّد بن عيسى، عن محمّد بن خالد البرقي، عن القاسم بن محمّد الجوهري، عن عليّ بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي عبدالله الصادق جعفر بن محمّد عليه السلام، قال: الناس يمرون على الصراط طبقات، والصراط أدق من الشعر ومن حد السيف، فمنهم من يمر مثل البرق، ومنهم من يمر مثل عدو الفرس، ومنهم من يمر حبوا، ومنهم من يمر مشيا، ومنهم من يمر

______________

(١) الهدة: صوت وقوع الحائط ونحوه.

(٢) أي طائفة منها.

(٣) الفجر ٨٩: ١٤.

(٤) تفسير القمي ٢: ٤٢١، بحار الانوار ٧: ١٢٥/١.

٢٤٢

متعلقا، قد تأخذ النار منه شيئا وتترك شيئا(١) .

٢٥٨/٦ - حدّثنا أحمد بن زياد الهمداني رحمه الله، قال: حدّثنا عليّ بن إبراهيم ابن هاشم، عن أبيه، عن محمّد بن أبي عمير، عن جميل بن دراج، عن الصادق جعفر ابن محمّد عليه السلام، قال: إذا أراد الله عزّوجلّ أن يبعث الخلق أمطر السماء على الارض أربعين صباحا، فاجتمعت الاوصال ونبتت اللحوم(٢) .

٢٥٩/٧ - حدّثنا محمّد بن موسى بن المتوكل رحمه الله، قال: حدّثنا عليّ بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن الريان بن الصلت، عن الرضا عليّ بن موسى، عن أبيه موسى بن جعفر، عن أبيه جعفر بن محمّد، عن أبيه محمّد بن علي، عن أبيه عليّ بن الحسين، عن أبيه الحسين بن عليّ عليهم السلام، قال: رأى أميرالمؤمنين عليه السلام رجلا من شيعته بعد عهد طويل، وقد أثر السن فيه، وكان يتجلد في مشيته، فقال عليه السلام: كبر سنك يا رجل. قال: في طاعتك يا أميرالمؤمنين. فقال عليه السلام: إنك لتتجلد؟ قال: على أعدائك يا أميرالمؤمنين. فقال عليه السلام: أجد فيك بقية: قال: هي لك يا أميرالمؤمنين(٣) .

٢٦٠/٨ - قال الريان بن الصلت: وأنشدني الرضا عليه السلام لعبد المطلب:

يعيب الناس كلهم زمانا

وما لزماننا عيب سوانا

نعيب زماننا والعيب فينا

ولو نطق الزمان بنا هجانا

وإن الذئب يترك لحم ذئب

ويأكل بعضنا بعضا عيانا(٤)

٢٦١/٩ - حدّثنا جعفر بن محمّد بن مسرور رحمه الله، قال: حدّثنا الحسين بن محمّد بن عامر، عن عمه عبدالله بن عامر، عن محمّد بن أبي عمير، عن عبدالله بن القاسم، عن الصادق جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن جده، عن علي عليهم السلام، قال:

______________

(١) بحار الانوار ٨: ١/٦٤.

(٢) بحار الانوار ٧: ٣٣/١.

(٣) عيون أخبار الرضا عليه السلام ١: ٣٠٢/٦١، بحار الانوار ٤٢: ١٨٦/١.

(٤) عيون أخبار الرضا عليه السلام ٢: ١٧٧/٥، بحار الانوار ١٥: ١٢٥/٦٤.

٢٤٣

كن لما لا ترجو أرجى منك لما ترجو، فإن موسى بن عمران عليه السلام خرج يقتبس لاهله نارا، فكلمه الله عزّوجلّ فرجع نبيا، وخرجت ملكة سبأ فأسلمت مع سليمان عليه السلام، وخرج سحرة فرعون يطلبون العزة لفرعون فرجعوا مؤمنين(١) .

٢٦٢/١٠ - حدّثنا عليّ بن أحمد رحمه الله، قال: حدّثنا محمّد بن أبي عبدالله الكوفي، قال: حدّثنا موسى بن عمران النخعي، عن عمه الحسين بن يزيد النوفلي، عن محمّد بن سنان، عن المفضل بن عمر، قال: قال الصادق عليه السلام: حدثني أبي، عن أبيه عليهما السلام: أن الحسن بن عليّ بن أبي طالب عليه السلام كان أعبد الناس في زمانه، وأزهدهم وأفضلهم، وكان إذا حج حج ماشيا، وربما مشى حافيا، وكان إذا ذكر الموت بكى، وإذا ذكر القبر بكى، وإذا ذكر البعث والنشور(٢) بكى، وإذا ذكر الممر على الصراط بكى، وإذا ذكر العرض على الله تعالى ذكره شهق شهقة يغشى عليه منها. وكان إذا قام في صلاته ترتعد فرائصه بين يدي ربه عزّوجلّ، وكان إذا ذكر الجنة والنار اضطرب اضطراب السليم، وسأل الله تعالى الجنة، وتعوذ به من النار، وكان عليه السلام لا يقرأ من كتاب الله عزّوجلّ:( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ) إلا قال: لبيك اللهم لبيك، ولم ير في شئ من أحواله إلا ذاكرا لله سبحانه، وكان أصدق الناس لهجة، وأفصحهم منطقا.

ولقد قبل لمعاوية ذات يوم: لو أمرت الحسن بن عليّ بن أبي طالب، فصعد المنبر فخطب ليتبين للناس نقصه. فدعاه فقال له: اصعد المنبر وتكلم بكلمات تعظنا بها. فقام عليه السلام فصعد المنبر، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: أيها الناس، من عرفني فقد عرفني، ومن لم يعرفني فأنا الحسن بن عليّ بن أبي طالب، وابن سيدة النساء فاطمة بنت رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم، أنا ابن خير خلق الله، أنا ابن رسول الله، أنا ابن صاحب الفضائل، أنا ابن صاحب المعجزات والدلائل، أنا ابن أميرالمؤمنين، أنا

______________

(١) من لا يحضره الفقيه ٤: ٢٨٤/٨٥٠، بحار الانوار ٧١: ١٣٤/٩.

(٢) في نسخة: في النشور.

٢٤٤

المدفوع عن حقي، أنا وأخي الحسين سيدا شباب أهل الجنة، أنا ابن الركن والمقام، أنا ابن مكة ومنى، أنا ابن المشعر وعرفات.

فقال له معاوية: يا أبا محمّد، خذ في نعت الرطب ودع هذا. فقال عليه السلام: الريح تنفخه، والحر ينضجه، والبرد يطيبه. ثم عاد عليه السلام في كلامه، فقال: أنا إمام خلق الله، وابن محمّد رسول الله، فخشي معاوية أن يتكلم بعد ذلك بما يفتتن(١) به الناس، فقال: يا أبا محمّد، انزل فقد كفى ما جرى، فنزل(٢) .

وصلّى الله على رسوله محمّد وآله.

______________

(١) في نسخة: يفتن.

(٢) بحار الانوار ٤٣: ٣٣١/١.

٢٤٥

[ ٣٤ ]

المجلس الرابع والثلاثون

مجلس يوم الثلاثاء

التاسع عشر من المحرم سنة ثمان وستين وثلاثمائة

٢٦٣/١ - حدّثنا الشيخ الجليل أبوجعفر محمّد بن عليّ بن الحسين بن موسى ابن بابويه القمي رحمه الله، قال: حدّثنا أبي رضي الله عنه، قال: حدّثنا سعد بن عبدالله، عن أحمد بن أبي عبدالله، قال: حدثني محمّد بن تسنيم، عن العباس بن عامر، عن ابن بكير، عن سلام بن غانم، عن الصادق جعفر بن محمّد، عن آبائه عليهم السلام، أن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم قال: من قم مسجدا(١) كتب الله له عتق رقبة، ومن أخرج منه ما يقذي عينا كتب الله عزّوجلّ له كفلين(٢) من رحمته(٣) .

٢٦٤/٢ - حدّثنا محمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رحمه الله، قال: حدّثنا محمّد بن أبي القاسم، عن محمّد بن عليّ القرشي، عن محمّد بن سنان، عن المفضل ابن عمر، عن يونس بن ظبيان، عن الصادق جعفر بن محمّد عليهما السلام، قال: بينا موسى بن عمران عليه السلام يناجي ربه عزّوجلّ إذ رأى رجلا تحت ظل عرش

______________

(١) أي كنسه.

(٢) أي ضعفين.

(٣) المحاسن: ٥٦/٨٧، بحار الانوار ٨٣: ٣٨٣/٥٦.

٢٤٦

الله عزّوجلّ، فقال: يا رب، من هذا الذي قد أظله عرشك؟ فقال: هذا كان بار بوالديه، ولم يمش بالنميمة(١) .

٢٦٥/٣ - حدّثنا جعفر بن عليّ بن الحسن بن عليّ بن عبدالله بن المغيرة الكوفي، قال: حدثني جدي الحسن بن علي، عن جده عبدالله بن المغيرة، عن إسماعيل بن مسلم، عن الصادق جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن آبائه عليهم السلام، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: عجب لمن يحتمي من الطعام مخافة الداء، كيف لا يحتمي من الذنوب مخافة النار(٢) !

٢٦٦/٤ - حدّثنا الحسين(٣) بن أحمد بن إدريس رحمه الله، قال: حدّثنا أبي، عن محمّد بن أحمد بن يحيى بن عمران الاشعري(٤) ، عن محمّد بن علي، عن عيسى بن عبدالله العلوي العمري، عن أبيه، عن آبائه، عن علي عليهما السلام، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: اللهم ارحم خلفائي، ثلاثا. قيل: يا رسول الله، ومن خلفاؤك؟ قال: الذين يبلغون(٥) حديثي وسنتي، ثم يعلمونها أمتي(٦) .

٢٦٧/٥ - حدّثنا عليّ بن أحمد بن عبدالله بن أحمد بن أبي عبدالله البرقي، قال: حدثني أبي، عن جده أحمد بن أبي عبدالله، عن محمّد بن عليّ القرشي، عن محمّد بن سنان، عن عبدالله بن طلحة وإسماعيل بن جابر وعمار بن مروان، عن الصادق جعفر بن محمّد عليه السلام: أن عيسى بن مريم عليه السلام توجه في بعض حوائجه ومعه ثلاثة نفر من أصحابه، فمر بلبنات ثلاث من ذهب على ظهر الطريق، فقال عيسى عليه السلام لاصحابه: إن هذا يقتل الناس. ثم مضى، فقال أحدهم: إن لي

______________

(١) بحار الانوار ٧٤: ٦٥/٣٠، و ٧٥: ٢٦٣/٢.

(٢) بحار الانوار ٧٣: ٣٤٧/٣٤.

(٣) في نسخة: الحسن.

(٤) زاد في نسخة: عن محمّد بن حسان الرازي، انظر معجم رجال الحديث ١٥: ٤٥.

(٥) في البحار: يتبعون.

(٦) بحار الانوار ٢: ١٤٤/٣.

٢٤٧

حاجة. قال: فانصرف، ثم قال آخر: إن لي حاجة. فانصرف، ثم قال الآخر: لي حاجة. فانصرف، فوافوا عند الذهب ثلاثتهم، فقال اثنان لواحد: اشتر لنا طعاما. فذهب ليشتري لهما طعاما، فجعل فيه سما ليقتلهما كي لا يشاركاه في الذهب، وقال الاثنان: إذ جاء قتلناه كي لا يشاركنا. فلما جاء قاما إليه فقتلاه، ثم تغذيا فماتا، فرجع إليهم عيسى عليه السلام وهم موتى حوله، فأحياهم بإذن الله تعالى ذكره، ثم قال: ألم أقل لكم: إن هذا يقتل الناس؟!(١) .

٢٦٨/٦ - حدّثنا محمّد بن موسى بن المتوكل رحمه الله، قال: حدّثنا عليّ بن الحسين السعد آبادي، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن أبيه، عن صفوان بن يحيى، عن محمّد بن أبي الهزهاز، عن عليّ بن السري، قال: سمعت أبا عبدالله الصادق عليه السلام يقول: إن الله عزّوجلّ جعل أرزاق المؤمنين من حيث لم يحتسبوا، وذلك أن العبد إذا لم يعرف وجه رزقه كثر دعاؤه(٢) .

٢٦٩/٧ - حدّثنا أحمد بن عليّ بن إبراهيم رحمه الله، قال حدّثنا أبي، عن أبيه إبراهيم بن هاشم، عن حماد بن عيسى، عن الحسين بن المختار، عن أبي بصير، عن أبي عبدالله عليه السلام، قال: درهم ربا أعظم عند الله من ثلاثين زنية كلها بذات محرم مثل خالة وعمة(٣) .

٢٧٠/٨ - حدّثنا عليّ بن محمّد بن الحسن القزويني المعروف بابن مقبرة، قال: حدّثنا محمّد بن عبدالله الحضرمي، قال: حدّثنا جندل بن والق، قال: حدّثنا محمّد ابن عمر المازني، عن عباد الكليبي، عن جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن عليّ بن الحسين، عن فاطمة الصغرى، عن الحسين بن علي، عن أمه فاطمة بنت محمّد (صلوات الله عليهم)، قالت: خرج علينا رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم عشية عرفة فقال: إن الله تبارك وتعالى باهى

______________

(١) بحار الانوار ١٤: ٢٨٤/٥.

(٢) الكافي ٥: ٨٤/٤، التهذيب ٦: ٣٢٨/٩٠٥، من لا يحضره الفقيه ٣: ١٠١/٣٩٥، التوحيد: ٤٠٢/٨، بحار الانوار ٩٣: ٢٨٩/٧.

(٣) بحار الانوار ١٠٣: ١١٦/٥.

٢٤٨

بكم وغفر لكم عامة، ولعلي خاصة، وإني رسول الله إليكم غير محاب لقرابتي، هذا جبرئيل يخبرني أن السعيد كل السعيد حق السعيد من أحب عليا في حياته وبعد موته، وأن الشقي كل الشقي حق الشقي من أبغض عليا في حياته وبعد وفاته(١) .

٢٧١/٩ - حدّثنا أحمد بن الحسن القطان، قال: حدّثنا أبوسعيد السكري، قال: أخبرنا محمّد بن زكريا، قال: حدّثنا العباس بن بكار، قال: حدّثنا عبدالله بن المثنى، عن عمه ثمامة بن عبدالله، عن أنس بن مالك، عن أمه، قالت: ما رأت فاطمة عليهما السلام دما في حيض ولا في نفاس(٢) .

٢٧٢/١٠ - حدّثنا أحمد بن زياد الهمداني رحمه الله، قال: حدثني عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن إسماعيل بن مهران، عن درست بن أبي منصور، عن عيسى بن بشير، عن أبي حمزة، عن أبي جعفر عليه السلام، قال: لما حضرت عليّ بن الحسين عليهما السلام الوفاة ضمني إلى صدره، ثم قال: يا بني، أوصيك بما أوصاني به أبي عليه السلام حين حضرته الوفاة، وبما ذكر أن أباه أوصاه به، فقال: يا بني إياك وظلم من لا يجد عليك ناصرا إلا الله(٣) .

٢٧٣/١١ - حدّثنا الحسين بن إبراهيم بن ناتانه رحمه الله، قال: حدّثنا عليّ بن إبراهيم، عن أبيه إبراهيم بن هاشم، عن محمّد بن أبي عمير، عن يحيى بن عمران الحلبي، عن الحارث بن المغيرة النصري، قال: سمعت أبا عبدالله الصادق عليه السلام يقول: من قال سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر، أربعين مرة في دبر كل صلاة فريضة قبل أن يثني رجليه، ثم سأل الله أعطي ما سأل(٤) .

٢٧٤/١٢ - حدّثنا أحمد بن محمّد بن حمدان المكتب، قال: حدّثنا أبوعبدالله محمّد بن عبد الرحمن الصفار، قال: حدّثنا محمّد بن عيسى الدامغاني، قال:

______________

(١) بحار الانوار ٢٧: ٧٤/١.

(٢) بحار الانوار ٤٣: ٢١/٩.

(٣) الخصال: ١٦/٥٩، بحار الانوار ٧٥: ٣٠٨/١، ٢.

(٤) بحار الانوار ٨٦: ٢١/١٩.

٢٤٩

حدثنا يحيى بن المغيرة، قال: حدّثنا جرير، عن الاعمش، عن عطية، عن أبي سعيد الخدري، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: ليلة أسري بي إلى السماء أخذ جبرئيل بيدي، فأدخلني الجنة، وأجلسني على درنوك(١) من درانيك الجنة، فناولني سفرجلة، فانفلقت بنصفين، فخرجت منها حوراء كأن أشفار عينيها مقاديم(٢) النسور، فقالت: السلام عليك يا أحمد، السلام عليك يا رسول الله، السلام عليك يا محمّد. فقلت: من أنت يرحمك الله؟ قالت: أنا الراضية المرضية، خلقني الجبار من ثلاثة أنواع: أسفلي من المسك، وأعلاي من الكافور، ووسطى من العنبر، وعجنت بماء الحيوان، قال الجليل: كوني، فكنت، خلقت لابن عمك ووصيك ووزيرك عليّ بن أبي طالب عليه السلام(٣) .

٢٧٥/١٣ - حدّثنا الحسين بن عليّ بن شعيب الجوهري رضي الله عنه، قال: حدّثنا أحمد بن يحيى بن زكريا القطان، قال: حدّثنا بكر بن عبدالله بن حبيب، قال: حدّثنا الفضل بن الصقر العبدي، قال: حدّثنا أبومعاوية، عن الاعمش، عن الصادق جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن آبائه عليهم السلام، قال: خرج رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم وعليه خميصة(٤) وقد اشتمل بها، فقيل: يا رسول الله، من كساك هذه القميصة؟ فقال: كساني حبيبي وصفيي، وخاصتي وخالصتي، والمؤدي عني، ووصيي ووارثي وأخي، وأول المؤمنين إسلاما، وأخلصهم إيمانا، وأسمح الناس كفا، سيد الناس بعدي، قائد الغر المحجلين، إمام أهل الارض عليّ بن أبي طالب، فلم يزل يبكي حتى ابتل الحصى من دموعه شوقا إليه(٥) .

٢٧٦/١٤ - حدّثنا محمّد بن عليّ ماجيلويه رحمه الله، قال: حدّثنا عليّ بن

______________

(١) الدرنوك: ماله خمل من بساط أو ثوب.

(٢) المقاديم: الريش الذي في مقدم جناح الطائر، وتسمى القوادم أيضا.

(٣) بحار الانوار ١٨: ٣٣٢/٣٥، و ٤٠: ٤/٨.

(٤) المخميصة: كساء أسود مربع له علمان.

(٥) بحار الانوار ٣٨: ٩٦/١٣.

٢٥٠

إبراهيم، عن أبيه إبراهيم بن هاشم، قال: حدثني أبوالصلت عبد السلام بن صالح، قال: حدثني محمّد بن يوسف الفريابي، عن سفيان، عن الاوزاعي، عن يحيى بن أبي كثير، عن حبيب بن الجهم، قال: لما رحل بنا عليّ بن أبي طالب عليه السلام إلى بلاد صفين، نزل بقرية يقال لها صندوداء، ثم أمرنا فعربنا عنها، ثم عرس(١) بنا في أرض بلقع(٢) ، فقام إليه مالك بن الحارث الاشتر، فقال: يا أميرالمؤمنين، أتنزل الناس على غير ماء! فقال: يا مالك، إن الله عزّوجلّ سيسقينا في هذا المكان ماء أعذب من الشهد، وألين من الزبد الزلال، وأبرد من الثلج، وأصفى من الياقوت، فتعجبنا ولا عجب من قول أميرالمؤمنين عليه السلام.

ثم أقبل يجر رداءه، وبيده سيفه، حتى وقف على أرض بلقع، فقال: يا مالك، احتفر أنت وأصحابك. فقال مالك: احتفرنا فإذا نحن بصخرة سوداء عظيمة، فيها حلقة تبرق كاللجين(٣) ، فقال لنا: روموها، فرمناها بأجمعنا ونحن مائة رجل، فلم نستطع أن نزيلها عن موضعها، فدنا أميرالمؤمنين عليه السلام رافعا يده إلى السماء يدعو، وهو يقول: طاب طاب مريا عالم طيبوا ثابوثه شمثيا(٤) كوبا حاحانو ثاتو ديثابر حوثا، آمين آمين رب العالمين، رب موسى وهارون، ثم اجتذبها فرماها عن العين أربعين ذراعا.

قال مالك بن الحارث الاشتر: فظهر لنا ماء أعذب من الشهد، وأبرد من الثلج، وأصفى من الياقوت، فشربنا وسقينا، ثم رد الصخرة وأمرنا أن نحثو عليها التراب، ثم ارتحل، فما سرنا إلا غير بعيد، قال: من منكم يعرف موضع العين؟ فقلنا: كلنا، يا أميرالمؤمنين.

فرجعنا فطلبنا العين فخفي مكانها علينا أشد خفاء، فظننا أن أمير

______________

(١) عرس المسافرون: نزلوا آخر الليل للراحة.

(٢) أي خالية من كل شئ.

(٣) اللجين: الفضة.

(٤) في نسخة: شتميا، وفي اخرى: شميتا.

٢٥١

المؤمنين عليه السلام قد رهقه العطش، فأومأنا بأطرافنا، فإذا نحن بصومعة(١) راهب فدنونا منها، فإذا نحن براهب قد سقط حاجباه على عينيه من الكبر، فقلنا: يا راهب، عندك ماء نسقي منه صاحبنا. قال: عندي ماء قد استعذبته منذ يومين. فأنزل إلينا ماء مرا خشنا(٢) ، فقلنا: هذا قد استعذبته منذ يومين! فكيف لو شربت من الماء الذي سقانا منه صاحبنا؟ وحدثناه بالامر، فقال: صاحبكم هذا نبي؟ قلنا: لا، ولكنه وصي نبي. فنزل إلينا بعد وحشته منا، وقال: انطلقوا بي إلى صاحبكم. فانطلقنا به، فلما بصر به أميرالمؤمنين عليه السلام، قال: شمعون؟ قال الراهب: نعم شمعون، هذا اسم سمتني به أمي، ما أطلع عليه أحد إلا الله تبارك وتعالى، ثم أنت، فكيف عرفته، فأتم حتى أتمه لك؟ قال: وما تشاء يا شمعون؟ قال: هذا العين واسمه. قال: هذا عين راحوما وهو من الجنة، شرب منه ثلاثمائة وثلاثة عشر وصيا وأنا آخر الوصيين شربت منه. قال الراهب: هكذا وجدت في جميع كتب الانجيل، وأنا أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمّدا رسول الله، وأنك وصي محمّد صلّى الله عليه وآله وسلّم.

ثم رحل أميرالمؤمنين عليه السلام والراهب يقدمه حتى نزل صفين، ونزل معه بعابدين(٣) والتقى الصفان، فكان أول من أصابته الشهادة الراهب، فنزل أميرالمؤمنين عليه السلام وعيناه تهملان وهو يقول: المرء مع من أحب، الراهب معنا يوم القيامة، ورفيقي في الجنة(٤) .

٢٧٧/١٥ - حدّثنا محمّد بن أحمد السناني رحمه الله، قال: حدّثنا أحمد بن يحيى بن زكريا القطان، قال: حدّثنا بكر بن عبدالله بن حبيب، قال: حدّثنا الفضل بن الصقر العبدي، قال: حدّثنا أبومعاوية، عن سليمان بن مهران الاعمش، عن الصادق جعفر بن محمّد، عن أبيه محمّد بن علي، عن أبيه عليّ بن الحسين عليهم السلام، قال:

______________

(١) الصومعة: متعبد الناسك، وبيت العبادة عند النصارى.

(٢) في نسخة: خشينا.

(٣) في نسخة: بعاندين.

(٤) بحار الانوار ٣٣: ٣٩/٣٨١.

٢٥٢

نحن أئمة المسلمين، وحجج الله على العالمين، وسادة المؤمنين، وقادة الغر المحجلين، وموالي المؤمنين، ونحن أمان أهل الارض كما أن النجوم أمان لاهل السماء، ونحن الذين بنا يمسك الله السماء أن تقع على الارض إلا بإذنه، وبنا يمسك الارض أن تميد بأهلها، وبنا ينزل الغيث، وبنا ينشر الرحمة، ويخرج بركات الارض، ولولا ما في الارض منا لساخت بأهلها.

قال عليه السلام: ولم تخل الارض منذ خلق الله آدم من حجة لله فيها، ظاهر مشهور، أو غائب مستور، ولا تخلو إلى أن تقوم الساعة من حجة لله فيها، ولولا ذلك لم يعبدالله. قال سليمان: فقلت للصادق عليه السلام: فكيف ينتفع الناس بالحجة الغائب المستور؟ قال: كما ينتفعون بالشمس إذا سترها السحاب(١) .

٢٧٨/١٦ - وأنشدنا الشيخ الجليل أبوجعفر لبعضهم:

العالم العاقل ابن نفسه

أغناه جنس علمه عن جنسه

كم بين من تكرمه لغيره

وبين من تكرمه لنفسه(٢)

وصلّى الله على رسوله محمّد المصطفى وآله الطاهرين وسلم تسليما

______________

(١) كمال الدين وتمام النعمة: ٢٠٧/٢٢، بحار الانوار ٢٣: ٥/١٠.

(٢) بحار الانوار ٢: ١٤.

٢٥٣

[ ٣٥ ]

المجلس الخامس والثلاثون

مجلس يوم الجمعة

الثاني والعشرين من المحرم سنة ثمان وستين وثلاثمائة

٢٧٩/١ - حدّثنا الشيخ الجليل أبوجعفر محمّد بن عليّ بن الحسين بن موسى ابن بابويه القمي رضي الله عنه، قال: حدّثنا محمّد بن عليّ ماجيلويه، عن عمه محمّد بن أبي القاسم، عن أحمد بن أبي عبدالله البرقي، عن أبي الحسن عليّ بن الحسين البرقي، عن عبدالله بن جبلة، عن معاوية بن عمار، عن الحسن بن عبدالله، عن أبيه، عن جده الحسن بن عليّ بن أبي طالب عليه السلام، قال: جاء نفر من اليهود إلى رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم فقالوا: يا محمّد، أنت الذي تزعم أنك رسول الله، وأنك الذي يوحى إليك كما أوحي إلى موسى بن عمران عليه السلام؟ فسكت النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم ساعة، ثم قال: نعم، أنا سيد ولد آدم ولا فخر، وأنا خاتم النبيين، وإمام المتقين، ورسول رب العالمين.

قالوا: إلى من، إلى العرب، أم إلى العجم، أم إلينا؟ فأنزل الله عزّوجلّ هذه الآية (قل) يا محمّد (يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعا)(١) .

قال اليهودي الذي كان أعلمهم: يا محمّد، إني أسألك عن عشر كلمات أعطى

______________

(١) الاعراف ٧: ١٥٨.

٢٥٤

الله عزّوجلّ موسى بن عمران في البقعة المباركة حيث ناجاه، لا يعلمها إلا نبي مرسل أو ملك مقرب. قال النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم: سلني. قال: أخبرني - يا محمّد - عن الكلمات التي اختارهن الله لابراهيم حيث بنى البيت. قال: النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم: نعم، سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر.

قال اليهودي: فبأي شئ بنى هذه الكعبة مربعة؟ قال النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم: بالكلمات الاربع.

قال: لاي شئ سميت الكعبة؟ قال النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم: لانها وسط الدنيا.

قال اليهودي: أخبرني عن تفسير: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر.

قال النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم: علم الله عزّوجلّ أن بني آدم يكذبون على الله، فقال: سبحان الله، تبريا مما يقولون، وأما قوله: الحمد لله، فإنه علم أن العباد لا يؤدون شكر نعمته، فحمد نفسه قبل أن يحمدوه، وهو أول الكلام، لو لا ذلك لما أنعم الله على أحد بنعمته، وقوله: لا إله إلا الله، يعني وحدانيته، لا يقبل الله الاعمال إلا بها، وهي كلمة التقوى، ويثقل الله بها الموازين يوم القيامة، وأما قوله: والله أكبر، فهي كلمة أعلى الكلمات وأحبها إلى الله عزّوجلّ، يعني أنه ليس شئ أكبر مني، لاتفتتح الصلوات إلا بها لكرامتها على الله وهو الاسم الاكرم.

قال اليهودي: صدقت يا محمّد، فما جزاء قائلها؟

قال صلّى الله عليه وآله وسلّم: إذا قال العبد: سبحان الله، سبح معه ما دون العرش فيعطى قائلها عشر أمثالها، وإذا قال: الحمد لله، أنعم الله عليه بنعيم الدنيا موصولا بنعيم الآخرة، وهي الكلمة التي يقولها أهل الجنة إذا دخلوها، وينقطع الكلام الذي يقولونه في الدنيا ما خلا الحمد لله، وذلك قوله عزّوجلّ:( دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَانَكَ اللَّـهُمَّ وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلَامٌ وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّـهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ) (١) . وأما قوله: لا إله

______________

(١) يونس ١٠: ١٠.

٢٥٥

إلا الله، فالجنة جزاؤه، وذلك قوله عزّوجلّ:( هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ ) (١) يقول: هل جزاء لا إله إلا الله إلا الجنة.

فقال اليهودي: صدقت يا محمّد، قد أخبرت واحدة، فتأذن لي أن أسألك الثانية. فقال النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم: صلني عما شئت، وجبرئيل عن يمين النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم: وميكائيل عن يساره يلقنانه، فقال اليهودي: لاي شئ سميت محمّدا وأحمد وأبا القاسم وبشيرا ونذيرا وداعيا؟

فقال النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم: أما محمّد فإني محمود فإني في الارض، وأما أحمد فإني محمود في السماء، وأما أبوالقاسم فإن الله عزّوجلّ يقسم يوم القيامة قسمة النار، فمن كفر بي من الاولين والآخرين ففي النار، ويقسم قسمة الجنة، فمن آمن بي وأقر بنبوتي ففي الجنة، وأما الداعي فإني أدعوا الناس إلى دين ربي، وأما النذير فإني أنذر بالنار من عصاني، وأما البشير فإني ابشر بالجنة من أطاعني.

قال: صدقت يا محمّد، فأخبرني عن الله عزّوجلّ، لاي شئ وقت هذه الخمس صلوات في خمس مواقيت على أمتك في ساعات الليل والنهار؟

قال النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم: إن الشمس إذا طلعت عند الزوال، لها حلقة تدخل فيها، فإذا دخلت فيها زالت الشمس، فيسبح كل شئ دون العرش لوجه ربي، وهي الساعة التي يصلي علي فيها ربي، ففرض الله عزّوجلّ علي وعلى أمتي فيها الصلاة، وقال:( أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَىٰ غَسَقِ اللَّيْلِ ) (٢) وهي الساعة التي يؤتى فيها بجهنم يوم القيامة، فما من مؤمن يوفق تلك الساعة أن يكون ساجدا أو راكعا أو قائما إلا حرم الله عزّوجلّ جسده على النار.

وأما صلاة العصر، فهي الساعة التي أكل فيها آدم من الشجرة، فأخرجه الله من الجنة، فأمر الله ذريته بهذه الصلاة إلى يوم القيامة، واختارها لامتي، فهي من أحب

______________

(١) الرحمن ٥٥: ٦٠.

(٢) الاسراء ١٧: ٧٨.

٢٥٦

الصلوات إلى الله عزّوجلّ، وأوصاني أن أحفظها من بين الصلوات.

وأما صلاة المغرب، فهي الساعة التي تاب الله فيها على آدم، وكان بين ما أكل من الشجرة، وبين ما تاب الله عليه ثلاثمائة سنة من أيام الدنيا، وفي أيام الآخرة يوم كألف سنة، من وقت صلاة العصر إلى العشاء، فصلى آدم ثلاث ركعات: ركعة لخطيئته، وركعة لخطيئة حواء، وركعة لتوبته، فافترض الله عزّوجلّ هذه الثلاث ركعات على أمتي، وهي الساعة التي يستجاب فيها الدعاء، فوعدني ربي أن يستجيب لمن دعاه فيها، وهذه الصلاة التي أمرني بها ربي عزّوجلّ، فقال( سُبْحَانَ اللَّـهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ ) (١) .

وأما صلاة العشاء الآخرة، فإن للقبر ظلمة، وليوم القيامة ظلمة، أمرني الله وأمتي بهذه الصلاة في ذلك الوقت، لتنور لهم القبور، وليعطوا النور على الصراط، وما من قدم مشت إلى صلاة العتمة إلا حرم الله جسدها على النار، وهي الصلاة التي اختارها الله للمرسلين قبلي.

وأما صلاة الفجر، فإن الشمس إذا طلعت تطلع على قرني الشيطان، فأمرني الله عزّوجلّ أن أصلي صلاة الفجر قبل طلوع الشمس، وقبل أن يسجد لها الكافر، فتسجد أمتي لله، وسرعتها أحب إلى الله، وهي الصلاة التي تشهدها ملائكة الليل وملائكة النهار.

قال: صدقت يا محمّد، فأخبرني لاي شئ توضأ هذه الجوارح الاربع، وهي أنظف المواضع في الجسد؟

قال النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم: لما أن وسوس الشيطان إلى آدم، ودنا آدم من الشجرة ونظر إليها، ذهب ماء وجهه، ثم قام، وهو أول قدم مشت إلى الخطيئة، ثم تناول بيده، ثم مسها فأكل منها، فطار الحلي والحلل عن جسده، ثم وضع يده على أم رأسه وبكى، فلما تاب الله عزّوجلّ عليه، فرض الله عزّوجلّ عليه وعلى ذريته الوضوء

______________

(١) الروم ٣٠: ١٧.

٢٥٧

على هذه الجوارح الاربع، وأمره أن يغسل الوجه لما نظر إلى الشجرة، وأمره بغسل الساعدين إلى المرفقين لما تناول منها وأمره بمسح الرأس لما وضع يده على رأسه، وأمره بمسح القدمين لما مشى إلى الخطيئة، ثم سن على أمتي المضمضة لتنقي القلب من الحرام، والاستنشاق لتحرم عليهم رائحة النار ونتنها.

قال اليهودي: صدقت يا محمّد، فما جزاء عاملها؟

قال النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم: أول ما يمس الماء يتباعد عنه الشيطان، فإذا تمضمض نور الله قلبه ولسانه بالحكمة، فإذا استنشق آمنه الله من النار ورزقه رائحة الجنة، فإذا غسل وجهه بيض الله وجهه يوم تبيض فيه وجوه وتسود وجوه، وإذا غسل ساعديه حرم الله عليه أغلال النار، وإذا مسح رأسه مسح الله عنه سيئاته، وإذا مسح قدميه أجازه الله على الصراط يوم تزل فيه الاقدام.

قال: صدقت يا محمّد، فأخبرني عن الخامسة، لاي شئ أمر الله بالاغتسال من الجنابة، ولم يمر من البول والغائط؟

قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: إن آدم لما آكل من الشجرة دب ذلك في عروقه وشعره وبشره، فإذا جامع الرجل أهله خرج الماء من كل عرق وشعرة، فأوجب الله على ذريته الاغتسال من الجنابة إلى يوم القيامة، والبول يخرج من فضلة الشراب الذي يشربه الانسان، والغائط يخرج من فضلة الطعام الذي يأكله، فعليهم منهما الوضوء.

قال اليهودي: صدقت يا محمّد، فأخبرني ما جزاء من اغتسل من الحلال؟

قال النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم: إن المؤمن إذا جامع أهله بسط سبعون ألف ملك جناحه، وتنزل الرحمة، فإذا اغتسل بنى الله له بكل قطرة بيتا في الجنة، وهو سر فيما بين الله وبين خلقه - يعني الاغتسال من الجنابة -.

قال اليهودي: صدقت يا محمّد، فأخبرني عن السادسة، عن خمسة أشياء مكتوبات في التوراة، أمر الله بني إسرائيل أن يقتدوا بموسى فيها من بعده.

قال النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم: فأنشدتك بالله إن أنا أخبرتك تقر لي؟ قال اليهودي:

٢٥٨

نعم يا محمّد.

قال: فقال النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم: أول ما في التوراة مكتوب محمّد رسول الله، وهي بالعبرانية: طاب، ثم تلا رسول الله هذه الآية( يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنجِيلِ ) (١) ، و( مُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ ) (٢) ، وفي السطر الثاني اسم وصيي عليّ بن أبي طالب عليه السلام، والثالث والرابع سبطي الحسن والحسين، وفي السطر الخامس أمهما فاطمة سيدة نساء العالمين، وفي التوراة اسم وصيي أليا، واسم سبطي شبر وشبير، وهما نورا فاطمة.

فقال اليهودي: صدقت يا محمّد، فأخبرني عن فضلكم أهل البيت.

قال النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم: لي فضل على النبيين، فما من نبي إلا دعا على قومه بدعوة، وأنا أخرت دعوتي لامتي لاشفع لهم يوم القيامة، وأما فضل أهل بيتي وذريتي على غيرهم كفضل الماء على كل شئ، وبه حياة كل شئ وحب أهل بيتي وذريتي استكمال الدين، وتلا رسول الله هذه الآية( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا ) (٣) إلى آخر الآية.

قال اليهودي: صدقت يا محمّد، فأخبرني بالسابع: ما فضل الرجال على النساء؟

قال النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم: كفضل السماء على الارض، وكفضل الماء على الارض، فبالماء تحيا الارض، وبالرجال تحيا النساء، لولا الرجال ما خلق النساء، لقول الله عزّوجلّ:( الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّـهُ بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ ) (٤) .

قال اليهودي: لاي شئ كان هكذا؟

قال النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم: خلق الله عزّوجلّ آدم من طين، ومن فضلته وبقيته

______________

(١) الاعراف ٧: ١٥٧.

(٢) الصف ٦١: ٦.

(٣) المائدة ٥: ٣.

(٤) النساء ٤: ٣٤.

٢٥٩

خلقت حواء، وأول من أطاع النساء آدم فأنزله الله من الجنة، وقد بين فضل الرجال على النساء في الدنيا، ألا ترى إلى النساء كيف يحضن ولا يمكنهن العبادة من القذارة، والرجال لا يصيبهم شئ من الطمث!

قال اليهودي: صدقت يا محمّد، فأخبرني لاي شئ فرض الله عزّوجلّ الصوم على أمتك بالنهار ثلاثين يوما، وفرض على الامم أكثر من ذلك؟

قال النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم: إن آدم لما أكل من الشجرة بقي في بطنه ثلاثين يوما، ففرض الله على ذريته ثلاثين يوما الجوع والعطش، والذي يأكلونه بالليل تفضل من الله عزّوجلّ عليهم، وكذلك كان على آدم، ففرض الله عزّوجلّ على امتي ذلك، ثم تلا رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم هذه الآية( كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ، أَيَّامًا مَّعْدُودَاتٍ ) (١) .

قال اليهودي: صدقت يا محمّد، فما جزاء من صامها؟

فقال النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم: ما من مؤمن يصوم شهر رمضان احتسابا إلا أوجب الله له سبع خصال: أولها: يذوب الحرام في جسده، والثانية يقرب من رحمة الله، والثالثة: يكون قد كفر خطيئة أبيه آدم، والرابعة: يهون الله عليه سكرات الموت، والخامسة: أمان من الجوع والعطش يوم القيامة، والسادسة: يعطيه الله براءة من النار، والسابعة: يطعمه الله من ثمرات الجنة.

قال: صدقت يا محمّد، فأخبرني عن التاسعة، لاي شئ أمر الله بالوقوف بعرفات بعد العصر؟

قال النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم: إن العصر هي الساعة التي عصى فيها آدم ربه، ففرض الله عزّوجلّ على امتي الوقوف والتضرع والدعاء في أحب المواضع إليه، وتكفل لهم بالجنة، والساعة التي ينصرف فيها الناس هي الساعة التي تلقى فيها آدم من ربه كلمات فتاب عليه إنه هو التواب الرحيم.

______________

(١) البقرة ٢: ١٨٣، ١٨٤.

٢٦٠