الأمالي شيخ الصدوق

الأمالي شيخ الصدوق0%

الأمالي شيخ الصدوق مؤلف:
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 780

الأمالي شيخ الصدوق

مؤلف: محمد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه (الشيخ الصدوق)
تصنيف:

الصفحات: 780
المشاهدات: 362942
تحميل: 6446

توضيحات:

الأمالي شيخ الصدوق
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 780 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 362942 / تحميل: 6446
الحجم الحجم الحجم
الأمالي شيخ الصدوق

الأمالي شيخ الصدوق

مؤلف:
العربية

التي من سار فيها صرف عنه السوء، والساعة التي من سار فيها حاق به الضر؟ من صدقك بهذا استغنى بقولك عن الاستعانة بالله عزّوجلّ في ذلك الوجه، وأحوج إلى الرغبة إليك في دفع المكروه عنه، وينبغي له أن يوليك الحمد دون ربه عزّوجلّ، فمن آمن لك بهذا فقد اتخذك من دون الله ندا وضدا.

ثم قال عليه السلام: اللهم لا طير إلا طيرك، ولا ضير إلا ضيرك، ولا خير إلا خيرك، ولا إله غيرك. ثم التفت إلى المنجم، فقال: بل نكذبك ونخالفك، ونسير في الساعة التي نهيت عنها(١) .

وصلّى الله على محمّد وآله الطاهرين، وحسبنا الله ونعم الوكيل

______________

(١) بحار الانوار ٥٨: ٢٢٤/٤، وسائل الشيعة ٨: ٢٦٩/٤.

٥٠١

[ ٦٥ ]

المجلس الخامس والستون

مجلس يوم الجمعة

التاسع من جمادى الاولى سنة ثمان وستين وثلاثمائة

٦٨٨/١ - حدّثنا الشيخ الجليل أبوجعفر محمّد بن عليّ بن الحسين بن موسي ابن بابويه القمي رضي الله عنه، قال: حدّثنا أبي رضي الله عنه، قال: حدّثنا سعد بن عبدالله، عن الهيثم بن أبي مسروق النهدي، عن الحسن بن محبوب، عن أبي أيوب الخزاز، عن محمّد بن مسلم الثقفي، قال: سئل أبوعبدالله جعفر بن محمّد الصادق عليه السلام، عن الخمر، فقال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: إن أول ما نهاني عنه ربي عزّوجلّ عن عبادة الاوثان، وشرب الخمر، وملاحاة الرجال، إن الله تبارك وتعالى بعثني رحمة للعالمين، ولامحق المعازف والمزامير، وأمور الجاهلية وأوثانها وأزلامها وأحداثها، أقسم ربي جل جلاله فقال: لا يشرب عبد لي خمرا في الدنيا إلا سقيته يو القيامة مثل ما شرب منها من الحميم، معذبا بعد أو مغفورا له.

وقال عليه السلام: لا تجالسوا شارب الخمر ولا تزوجوه، ولا تتزوجوا إليه، وإن مرض فلا تعودوه، وإن مات فلا تشيعوا جنازته، إن شارب الخمر يجئ يوم القيامة مسودا وجهه، مزرقة عيناه، مائلا شدقه، سائلا لعابه، دالعا لسانه من قفاه(١) .

______________

(١) بحار الانوار ٧٩: ١٢٥/٤.

٥٠٢

٦٨٩/٢ - حدّثنا أبي رضي الله عنه، قال: حدّثنا عبدالله بن جعفر الحميري، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن أبيه، عن محمّد بن أبي عمير، عن محمّد بن حمران، عن أبي عبيدة الحذاء، قال: قال أبوجعفر عليه السلام: يا زياد، إياك والخصومات، فإنها تورث الشك، وتحبط العمل، وتردي صاحبها، وعسى أن يتكلم الرجل بالشئ لا يغفر له.

يا زياد، إنه كان فيما مضى قوم تركوا علم ما وكلوا به، وطلبوا علما كفوه، حتى انتهى بهم الكلام إلى الله عزّوجلّ فتحيروا، فإن كان الرجل ليدعي من بين يديه فيجيب من خلفه، أو يدعى من خلفه فيجيب من بين يديه(١) .

٦٩٠/٣ - حدّثنا محمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضي الله عنه، قال: حدّثنا محمّد بن الحسن الصفار، قال: حدثني أحمد بن أبي عبدالله البرقي، قال: حدثني أبي، عن صفوان بن يحيى، عن أبي اليسع، عن سليمان بن خالد، قال: قال أبوعبدالله عليه السلام: إياكم والتفكر في الله، فإن التفكر في الله لا يزيد إلا تيها، إن الله عزّوجلّ لا تدركه الابصار، ولا يوصف بمقدار(٢) .

٦٩١/٤ - حدّثنا محمّد بن موسى بن المتوكل رحمه الله، قال: حدّثنا عبدالله بن جعفر الحميري، قال: حدّثنا أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن عنبسة العابد، عن أبي عبدالله الصادق عليه السلام، قال: إياكم والخصومة في الدين، فإنها تشغل القلب عن ذكر الله عزّوجلّ، وتورث النفاق، وتكسب الضغائن، وتستجيز الكذب(٣) .

٦٩٢/٥ - وبهذا الاسناد، عن الحسن بن محبوب، عن العلاء بن رزين، عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر الباقر عليه السلام، قال: لما خلق الله عزّوجلّ العقل

______________

(١) المحاسن: ٢٣٨/٢٠، بحار الانوار ٣: ٢٥٩/٣.

(٢) بحار الانوار ٣: ٢٥٩/٤.

(٣) بحار الانوار ٢: ١٢٨/٦.

٥٠٣

استنطقه، ثم قال له: أقبل، فأقبل، ثم قال له: أدبر، فأدبر، ثم قال له: وعزتي وجلالي ما خلقت خلقا هو أحب إلي منك، ولا أكملك إلا فيمن أحب، أما إني إياك آمر، وإياك أنهى، وإياك أعاقب، وإياك أثيب(١) .

٦٩٣/٦ - حدّثنا عليّ بن أحمد بن موسى رضي الله عنه، قال: حدثني محمّد بن يعقوب، قال: حدثني عليّ بن محمّد بن عبدالله، عن إبراهيم بن إسحاق الاحمر، عن محمّد بن سليمان الديلمي، عن أبيه، قال: قلت لابي عبدالله الصادق عليه السلام: فلان من عبادته ودينه وفضله كذا وكذا. قال: فقال: كيف عقله؟ فقلت: لا أدري.

فقال: إن الثواب على قدر العقل، إن رجلا من بني إسرائيل كان يعبدالله عزّوجلّ في جزيرة من جزائر البحر خضراء نضرة كثيرة الشجر طاهرة الماء، وإن ملكا من الملائكة مر به فقال: يا رب، أرني ثواب عبدك هذا. فأراه الله عزّوجلّ ذلك، فاستقله الملك، فأوحى الله عزّوجلّ إليه: أن اصحبه. فأتاه الملك في صورة إنسي، فقال له: من أنت؟ قال: أنا رجل عابد، بلغنا مكانك وعبادتك بهذا المكان، فجئت لا عبدالله معك. فكان معه يومه ذلك، فلما أصبح قال له الملك، إن مكانك لنزهة. قال: ليت لربنا بهيمة، فلو كان لربنا حمار لرعيناه في هذا الموضع، فإن هذا الحشيش يضيع.

فقال له الملك: وما لربك حمار؟ فقال: لو كان له حمار ما كان يضيع مثل هذا الحشيش، فأوحى الله عزّوجلّ إلى الملك، إنما أثيبه على قدر عقله.

وقال الصادق عليه السلام: ما كلم رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم العباد بكنه عقله قط. قال: وقال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: إنا معاشر الانبياء أمرنا أن نكلم الناس على قدر عقولهم(٢) .

٦٩٤/٧ - حدّثنا محمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضي الله عنه، قال: حدثنا

______________

(١) المحاسن: ١٩٢/٦، الكافي ١: ٨/١، بحار الانوار ١: ٩٦/١.

(٢) بحار الانوار ١: ٨٤/٦، ٧.

٥٠٤

محمّد بن الحسن الصفار، عن العباس بن معروف، عن بكر بن محمّد الازدي، عن أبي بصير، قال: قال أبوعبدالله الصادق عليه السلام: أصول الكفر ثلاثة: الحرص، والاستكبار، والحسد، فأما الحرص فإن آدم عليه السلام حين نهي عن الشجرة حمله الحرص إلى أن أكل منها، وأما الاستكبار فإبليس حين أمر بالسجود لآدم استكبر، وأما الحسد فابنا آدم حين قتل أحدهما صاحبه حسدا(١) .

٦٩٥/٨ - حدّثنا أبي رحمه الله، قال: حدّثنا عليّ بن إبراهيم، عن أبيه إبراهيم بن هاشم، عن الحسين بن يزيد النوفلي، عن إسماعيل بن مسلم السكوني، عن الصادق جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن آبائه عليهم السلام، عن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم، قال: أركان الكفر أربعة: الرغبة، والرهبة، والسخط، والغضب(٢) .

٦٩٦/٩ - حدّثنا أحمد بن محمّد بن يحيى العطار رحمه الله، قال: حدّثنا أبي، عن يعقوب بن يزيد، عن زياد بن مروان القندي، عن أبي وكيع، عن أبي إسحاق السبيعي، عن الحارث الاعور، عن علي عليه السلام، قال: لا يصلح من الكذب جد ولا هزل، ولا أن يعد أحدكم صبيه ثم لا يفي له، إن الكذب يهدي إلى الفجور، والفجور يهدي إلى النار، وما يزال أحدكم يكذب حتى يقال: كذب وفجر وما يزال أحدكم يكذب حتى لا يبقى في قلبه موضع إبرة صدق، فيسمى عند الله كذابا(٣) .

٦٩٧/١٠ - حدّثنا محمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رحمه الله، قال: حدّثنا محمّد بن الحسن الصفار، عن أحمد بن أبي عبدالله البرقي، عن أبيه، عن غير واحد، عن الصادق جعفر بن محمّد عليهما السلام، قال: لا تغتب فتغتب، ولا تحفر لاخيك حفرة فتقع فيها، فإنك كما تدين تدان(٤) .

٦٩٨/١١ - وبهذا الاسناد، عن أحمد بن أبي عبدالله، قال: حدّثنا الحسين بن

______________

(١) الكافي ٢: ٢١٩/١ (نحوه)، الخصال: ٩٠/٢٨، بحار الانوار ٧٢: ١٢١/١٦.

(٢) الكافي ٢: ٢١٩/٢، بحار الانوار ٧٢: ١٠٥/٢، و: ١٢١/١٧.

(٣) بحار الانوار ٧٢: ٢٥٩/٢٤.

(٤) بحار الانوار ٧٥: ٢٤٨/١٦.

٥٠٥

يزيد، عن إسماعيل بن مسلم، عن الصادق جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن آبائه عليهم السلام، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: الجلوس في المسجد لانتظار الصلاة عبادة ما لم يحدث. قيل: يا رسول الله، وما الحدث؟ قال: الاغتياب(١) .

٦٩٩/١٢ - حدّثنا أبي رحمه الله، قال: حدّثنا سعد بن عبدالله، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسن بن عليّ بن فضال، عن ثعلبة بن ميمون، عن أبي جميلة المفضل بن صالح، عن أبان بن تغلب، عن أبي عبدالله عليه السلام، قال: إذا قال العبد: علم الله، فكان كاذبا، قال الله عزّوجلّ: أما وجدت أحدا تكذب عليه غيري؟!(٢) .

٧٠٠/١٣ - وبهذا الاسناد، عن أحمد بن محمّد، عن عثمان بن عيسى، عن وهب، عن شهاب بن عبد ربه، عن أبي عبدالله الصادق عليه السلام، قال: من قال الله يعلم، فيما لم يعلم، اهتز العرش إعظاما له(٣) .

٧٠١/١٤ - حدّثنا جعفر بن محمّد بن مسرور رحمه الله، قال: حدّثنا الحسين بن محمّد بن عامر، عن معلى بن محمّد البصري، عن عليّ بن أسباط، عن جعفر بن سماعة، عن غير واحد، عن زرارة بن أعين، قال: سألت أبا جعفر الباقر عليه السلام: ما حق الله على العباد؟ قال: أن يقولوا ما يعلمون، ويقفوا عند ما لا يعلمون(٤) .

٧٠٢/١٥ - حدّثنا أبي رحمه الله، قال: حدّثنا عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن يونس بن يعقوب، عن أبي يعقوب إسحاق بن عبدالله، عن أبي عبدالله الصادق عليه السلام، قال: إن الله تبارك وتعالى عير عباده بآيتين من كتابه: أن لا يقولوا حتى يعلموا، ولا يردوا ما لم يعلموا، قال الله عزّوجلّ:( أَلَمْ يُؤْخَذْ عَلَيْهِم مِّيثَاقُ الْكِتَابِ أَن لَّا يَقُولُوا عَلَى اللَّـهِ إِلَّا الْحَقَّ ) (٥) ، وقال:( بَلْ كَذَّبُوا بِمَا لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ

______________

(١) بحار الانوار ٧٥: ٢٤٩/١٧.

(٢) بحار الانوار ١٠٤: ٢٠٧/٦.

(٣) بحار الانوار ١٠٤: ٢٠٧/٧.

(٤) بحار الانوار ٢: ١١٣/٢.

(٥) الاعراف ٧: ١٦٩.

٥٠٦

وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ ) (١) .

٧٠٣/١٦ - حدّثنا محمّد بن موسى بن المتوكل رحمه الله، قال: حدّثنا عليّ بن إبراهيم بن هاشم، عن محمّد بن عيسى بن عبيد، عن يونس بن عبد الرحمن، عن داود بن فرقد، عن ابن شبرمة، قال: ما ذكرت حديثا سمعته من جعفر بن محمّد عليه السلام إلا كاد أن يتصدع له قلبي، سمعته يقول حدثني أبي، عن جدي، عن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم - قال ابن شبرمة: وأقسم بالله ما كذب على أبيه، ولا كذب أبوه على جده، ولا كذب جده على رسول الله - قال: من عمل بالمقاييس فقد هلك وأهلك، ومن أفتى الناس وهو لا يعلم الناسخ من المنسوخ والمحكم من المتشابه فقد هلك وأهلك(٢) .

٧٠٤/١٧ - حدّثنا محمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضي الله عنه، قال: حدّثنا محمّد بن الحسن الصفار، عن إبراهيم بن هاشم، عن إسماعيل بن مرار، عن يونس بن عبد الرحمن، عن غير واحد، عن أبي عبدالله الصادق عليه السلام، قال: قام عيسى بن مريم عليه السلام خطيبا في بني إسرائيل، فقال: يا بني إسرائيل، لا تحدثوا الجهال بالحكمة فتظلموها، ولا تمنعوها أهلها فتظلموهم(٣) .

٧٠٥/١٨ - حدّثنا أبي، قال: حدّثنا سعد بن عبدالله، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن أبيه، عن محمّد بن سنان، عن طلحة بن زيد، قال: سمعت أبا عبدالله الصادق عليه السلام يقول: العامل على غير بصيرة كالسائر على غير الطريق ولا يزيده سرعه السير من الطريق إلا بعدا(٤) .

٧٠٦/١٩ - حدّثنا أحمد بن محمّد بن يحيى العطار رحمه الله، قال: حدّثنا أبي، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن محمّد بن سنان، عن ابن مسكان، عن الحسن بن

______________

(١) بحار الانوار ٢: ١١٣/٣، والآية من سورة يونس ١٠: ٣٩.

(٢) بحار الانوار ٢: ٢٩٨/١٨.

(٣) بحار الانوار ٢: ٦٦/٨.

(٤) المحاسن: ١٩٨/٢٤، الكافي ١: ٣٤/١، بحار الانوار ١: ٢٠٦/١.

٥٠٧

زياد الصيقل، قال: سمعت أبا عبدالله الصادق عليه السلام يقول: لا يقبل الله عزّوجلّ عملا إلا بمعرفة، ولا معرفة إلا بعمل، فمن عرف دلته المعرفة على العمل، ومن لم يعمل فلا معرفة له، إن الايمان بعضه من بعض(١) .

وصلّى الله على محمّد وآله

______________

(١) المحاسن: ١٩٨/٢٥، بحار الانوار ١: ٢٠٦/٢.

٥٠٨

[ ٦٦ ]

المجلس السادس والستون

مجلس يوم الثلاثاء

الثالث عشر من جمادى الاولى سنة ثمان وستين وثلاثمائة

٧٠٧/١ - حدّثنا الشيخ الجليل أبوجعفر محمّد بن عليّ بن الحسين بن موسى ابن بابويه القمي رضي الله عنه، قال: حدّثنا حمزة بن محمّد بن أحمد بن جعفر بن محمّد ابن زيد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب عليهم السلام، قال: حدثني أبوعبدالله عبد العزيز بن محمّد بن عيسى الابهري، قال: حدّثنا أبوعبدالله محمّد بن زكريا الجوهري الغلابي البصري، قال: حدّثنا شعيب بن واقد، قال: حدّثنا الحسين بن يزيد، عن الصادق جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن آبائه، عن أميرالمؤمنين عليّ بن أبي طالب عليهم السلام، قال: نهى رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم عن الاكل على الجنابة، وقال: إنه يورث الفقر، ونهى عن تقليم الاظافير بالاسنان، وعن السواك في الحمام، والتنخع في المساجد، ونهى عن أكل سؤر الفأر.

وقال: لا تجعلوا المساجد طرقا حتى تصلوا فيها ركعتين، ونهى أن يبول أحد تحت شجرة مثمرة أو على قارعة الطريق، ونهى أن يأكل الانسان بشماله، وأن يأكل وهو متكئ، ونهى أن تجصص المقابر ويصلى فيها، وقال: إذا اغتسل أحدكم في فضاء من الارض فليحاذر على عورته، ولا يشربن أحدكم الماء من عند عروة الاناء فإنه مجتمع الوسخ، ونهى أن يبول أحد في الماء الراكد فإنه يكون منه ذهاب العقل،

٥٠٩

ونهى أن يمشي الرجل في فرد نعل، أو يتنعل وهو قائم، ونهى أن يبول الرجل وفرجه باد للشمس أو للقمر، وقال: إذا دخلتم الغائط فتجنبوا القبلة، ونهى عن الرنة عند المصيبة، ونهى عن النياحة والاستماع إليها، ونهى عن اتباع النساء الجنائز، ونهى أن يمحى شئ من كتاب الله عزّوجلّ بالبزاق أو يكتب منه، ونهى أن يكذب الرجل في رؤياه متعمدا، وقال: يكلفه الله عزّوجلّ يوم القيامة أن يعقد شعيرة وما هو بعاقدها.

ونهى عن التصاوير، وقال: من صور صورة كلفه الله يوم القيامة أن ينفخ فيها وليس بنافخ، ونهى أن يحرق شئ من الحيوان بالنار، ونهى عن سب الديك، وقال: إنه يوقظ للصلاة، ونهى أن يدخل الرجل في سوم(١) أخيه المسلم، ونهى أن يكثر الكلام عند المجامعة، وقال: منه يكون خرس الولد، وقال: لا تبيتوا القمامة في بيوتكم وأخرجوها نهارا، فإنها مقعد الشيطان، وقال لا يبيتن أحدكم ويده غمرة(٢) ، فإن فعل فأصابه لمم(٣) الشيطان فلا يلومن إلا نفسه.

ونهى أن يستنجي الرجل بالروث، ونهى أن تخرج المرأة من بيتها بغير إذن زوجها، فإن خرجت لعنها كل ملك في السماء وكل شئ تمر عليه من الجن والانس حتى ترجع إلى بيتها، ونهى أن تتزين المرأة لغير زوجها، فإن فعلت كان حقا على الله عزّوجلّ أن يحرقها بالنار، ونهى أن تتكلم المرأة عند غير زوجها وغير ذي محرم منها أكثر من خمس كلمات مما لا بد لها منه، ونهى أن تباشر المرأة المرأة ليس بينهما ثوب، ونهى أن تحدث المرأة المرأة بما تخلو به مع زوجها، ونهى أن يجامع الرجل أهله مستقبل القبلة أو على طريق عامر، فمن فعل ذلك فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، ونهى أن يقول الرجل للرجل: زوجني أختك حتى أزوجك أختي.

ونهى عن إتيان العراف، وقال: من أتاه وصدقه فقد برئ مما أنزل الله على

______________

(١) السوم: المساومة بين البائع والمشتري على السلعة لفصل ثمنها.

(٢) غمرت اليد: تعلق بها دسم اللحم أو ريحه.

(٣) اللمم: جنون خفيف، أو طرف من الجنون يلم بالانسان.

٥١٠

محمّد صلّى الله عليه وآله وسلّم، ونهى عن اللعب بالنرد والشطرنج والكوبة والعرطبة - يعني الطبل والطنبور - والعود، ونهى عن الغيبة والاستماع إليها، ونهى عن النميمة والاستماع إليها، وقال: لا يدخل الجنة قتات، يعني نماما.

ونهى عن إجابة الفاسقين إلى طعامهم، ونهى عن اليمين الكاذبة، وقال: إنها تترك الديار بلاقع(١) ، وقال: من حلف بيمين كاذبة صبرا ليقطع بها مال امرئ مسلم لقي الله عزّوجلّ وهو عليه غضبان إلا أن يتوب ويرجع، ونهى عن الجلوس على مائدة يشرب عليها الخمر، ونهى أن يدخل الرجل حليلته إلى الحمام، وقال: لا يدخلن أحدكم الحمام إلا بمئزر، ونهى عن المحادثة التي تدعو إلى غير الله، ونهى عن تصفيق الوجه(٢) ، ونهى عن الشرب في آنية الذهب والفضة، ونهى عن لبس الحرير والديباج والقز للرجال، فأما للنساء فلا بأس.

ونهى أن تباع الثمار حتى تزهو - يعني تصفر أو تحمر -، ونهى عن المحاقلة، - يعني بيع التمر بالرطب، والزبيب بالعنب وما أشبه ذلك -.

ونهى عن بيع النرد والشطرنج، وقال: من فعل ذلك فهو كآكل لحم الخنزير، ونهى عن بيع الخمر، وأن تشترى الخمر، وأن تسقى الخمر، وقال عليه السلام: لعن الله الخمر وعاصرها وغارسها، وشاربها وساقيها، وبائعها ومشتريها، وآكل ثمنها، وحاملها والمحمولة إليه. وقال عليه السلام: من شربها لم تقبل له صلاة أربعين يوما، وإن مات وفي بطنه شئ من ذلك كان حقا على الله أن يسقيه من طينة خبال، وهو صديد أهل النار، وما يخرج من فروج الزناة، فيجتمع ذلك في قدور جهنم، فيشربها أهل النار، فيصهر به ما في بطونهم والجلود.

ونهى عن أكل الربا وشهادة الزور وكتابة الربا، وقال عليه السلام: إن الله عزّوجلّ لعن آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه، ونهى عن بيع وسلف، ونهى عن

______________

(١) البلقع: الارض القفر التي لا شئ بها.

(٢) أي الضرب عليه باليد.

٥١١

بيعين في بيع، ونهى عن بيع ما ليس عندك، ونهى عن بيع ما لم يضمن، ونهى عن مصافحة الذمي، ونهى أن ينشد الشعر، أو تنشد الضالة في المسجد، ونهى أن يسل السيف في المسجد، ونهى عن ضرب وجوه البهائم، ونهى أن ينظر الرجل إلى عورة أخيه المسلم، وقال: من تأمل عورة أخيه لعنه سبعون ألف ملك، ونهى المرأة أن تنظر إلى عورة المرأة، ونهى أن ينفخ في طعام أو في شراب، أو ينفخ في موضع السجود، ونهى أن يصلي الرجل في المقابر والطرق والارحية والاودية ومرابط الابل وعلى ظهر الكعبة.

ونهى عن قتل النحل، ونهى عن الوسم في وجوه البهائم، ونهى أن يحلف الرجل بغير الله، وقال: من حلف بغير الله فليس من الله في شئ، ونهى أن يحلف الرجل بسورة من كتاب الله، وقال: من حلف بسورة من كتاب الله فعليه بكل آية منها يمين، فمن شاء بر، ومن شاء فجر، ونهى أن يقول الرجل للرجل: لا وحياتك وحياة فلان، ونهى أن يقعد الرجل في المسجد وهو جنب، ونهى عن التعري بالليل والنهار، ونهى عن الحجامة يوم الاربعاء والجمعة، ونهى عن الكلام يوم الجمعة والامام يخطب، فمن فعل ذلك فقد لغا، ومن لغا فلا جمعة له، ونهى عن التختم بخاتم صفر أو حديد، ونهى أن ينقش شئ من الحيوان على الخاتم.

ونهى عن الصلاة في ثلاث ساعات: عند طلوع الشمس، وعند غروبها، وعند استوائها، ونهى عن صيام ستة أيام: يوم الفطر، ويوم الشك، ويوم النحر، وأيام التشريق، ونهى أن يشرب الماء كرعا كما تشرب البهائم، وقال: اشربوا بأيديكم فإنها أفضل أوانيكم، ونهى عن البزاق في البئر التي يشرب منها، ونهى أن يستعمل أجير حتى يعلم ما أجرته، ونهى عن الهجران، فإن كان لابد فاعلا فلا يهجر أخاه أكثر من ثلاثة أيام، فمن كان مهاجرا لاخيه أكثر من ذلك كانت النار أولى به.

ونهى عن بيع الذهب والفضة بالنسية، ونهى عن بيع الذهب بالذهب زيادة إلا وزنا بوزن، ونهى عن المدح وقال: احثوا في وجوه المداحين التراب، وقال صلّى الله عليه وآله وسلّم: من تولى خصومة ظالم أو أعان عليها، ثم نزل به ملك الموت، قال

٥١٢

له: أبشر بلعنة الله ونار جهنم وبئس المصير، وقال: من مدح سلطانا جائرا وتخفف وتضعضع له طمعا فيه كان قرينه إلى النار، وقال صلّى الله عليه وآله وسلّم: قال الله عزّوجلّ:( وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ ) (١) .

وقال صلّى الله عليه وآله وسلّم: من دل جائرا على جور، كان قرين هامان في جهنم، ومن بنى بنيانا رياء وسمعة حمله يوم القيامة من الارض السابعة وهو نار تشتعل، ثم يطوق في عنقه، ويلقى في النار، فلا يحبسه شئ منها دون قعرها، إلا أن يتوب. قيل: يا رسول الله، كيف يبني رياء وسمعة، قال: يبني فضلا على ما يكفيه استطالة منه على جيرانه، ومباهاة لاخوانه.

وقال صلّى الله عليه وآله وسلّم: من ظلم أجيرا أجره أحبط الله عمله وحرم عليه ريح الجنة، وإن ريحها لتوجد من مسيرة خمسمائة عام، ومن خان جاره شبرا من الارض جعلها الله طوقا في عنقه من تخوم الارضين السابعة، حتى يلقى الله يوم القيامة مطوقا، إلا أن يتوب ويرجع.

ألا ومن تعلم القرآن ثم نسيه متعمدا، لقي الله يوم القيامة مغلولا، يسلط الله عليه بكل آية منه حية تكون قرينه إلى النار، إلا أن يغفر له، وقال صلّى الله عليه وآله وسلّم: من قرأ القرآن ثم شرب عليه حراما أو آثر عليه حبا للدنيا وزينتها، استوجب عليه سخط الله، إلا أن يتوب، ألا وإنه إن مات على غير توبة حاجة القرآن يوم القيامة، فلا يزايله إلا مدحوضا.

ألا ومن زنا بامرأة مسلمة أو يهودية أو نصرانية أو مجوسية، حرة أو أمة، ثم لم يتب ومات مصرا عليه، فتح الله له في قبره ثلاثمائة باب، تخرج منها حيات وعقارب وثعبان النار، فهو يحترق إلى يوم القيامة، فإذا بعث من قبره تأذى الناس من نتن ريحه، فيعرف بذلك وبما كان يعمل في دار الدنيا، حتى يؤمر به إلى النار.

ألا إن الله حرم الحرام، وحد الحدود، وما أحد أغير من الله، ومن غيرته حرم الفواحش، ونهى أن يطلع الرجل في بيت جاره، وقال: من نظر إلى عورة أخيه المسلم

______________

(١) هود ١١: ١١٣.

٥١٣

أو عورة غير أهله متعمدا، أدخله الله مع المنافقين الذين كانوا يبحثون عن عورات المسلمين، ولم يخرج من الدنيا حتى يفضحه الله، إلا أن يتوب.

وقال صلّى الله عليه وآله وسلّم: من لم يرض بما قسم الله له من الرزق، وبث شكواه، ولم يصبر ولم يحتسب، لم ترفع له حسنة، ويلقى الله وهو عليه غضبان، إلا أن يتوب، ونهى أن يختال الرجل في مشيته، وقال: من لبس ثوبا فاختال فيه خسف الله به من شفير جهنم، وكان قرين قارون، لانه أول من اختال فخسف الله به وبداره الارض، ومن اختال فقد نازع الله في جبروته.

وقال صلّى الله عليه وآله وسلّم: من ظلم امرأة مهرها فهو عند الله زان، يقول الله عزّوجلّ يوم القيامة: عبدي زوجتك أمتي على عهدي، فلم توف بعهدي، وظلمت أمتي، فيؤخذ من حسناته، فيدفع إليها بقدر حقها، فإذا لم تبق له حسنة أمر به إلى النار بنكثه للعهد( إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا ) (١) .

ونهى صلّى الله عليه وآله وسلّم عن كتمان الشهادة، وقال: من كتمها أطعمه الله لحمه على رؤوس الخلائق، وهو قول الله عزّوجلّ:( وَلَا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ وَمَن يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ ) (٢) ، وقال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: من آذى جاره حرم الله عليه ريح الجنة، ومأواه جهنم وبئس المصير، ومن ضيع حق جاره فليس منا، وما زال جبرئيل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه، وما زال يوصيني بالمماليك حتى ظننت أنه سيجعل لهم وقتا إذا بلغوا ذلك الوقت اعتقوا، وما زال يوصيني بالسواك حتى ظننت أنه سيجعله فريضة، وما زال يوصيني بقيام الليل حتى ظننت أن خيار أمتي لن يناموا.

ألا ومن استخف بفقير مسلم، فقد استخف بحق الله، والله يستخف به يوم القيامة، إلا أن يتوب، وقال صلّى الله عليه وآله وسلّم: من أكرم فقيرا مسلما، لقي الله يوم القيامة وهو عنه راض. وقال صلّى الله عليه وآله وسلّم: من عرضت له فاحشة أو شهوة، فاجتنبها من

______________

(١) الاسراء ١٧: ٣٤.

(٢) البقرة ٢: ٢٨٣.

٥١٤

مخافة الله عزّوجلّ، حرم الله عليه النار، وآمنه من الفزع الاكبر، وأنجز له ما وعده في كتابه، في قوله:( وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ ) (١) .

ألا ومن عرضت له دنيا وآخرة، فاختار الدنيا على الآخرة، لقي الله يوم القيامة وليست له حسنة يتقي بها النار، ومن اختار الآخرة على الدنيا(٢) رضي الله عنه وغفر له مساوئ عمله، ومن ملا عينه من حرام ملا الله عينه يوم القيامة من النار، إلا أن يتوب ويرجع.

وقال صلّى الله عليه وآله وسلّم: من صافح امرأة تحرم عليه، فقباء بسخط من الله، ومن التزم امرأة حراما، قرن في سلسلة من النار مع الشيطان، فيقذفان في النار، ومن غش مسلما في شراء أو بيع فليس منا، ويحشر يوم القيامة مع اليهود، لانهم أغش الخلق للمسلمين، ونهى رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم أن يمنع أحد الماعون، وقال: من منع الماعون جاره منعه الله خيره يوم القيامة، ووكله إلى نفسه، ومن وكله إلى نفسه فما أسوأ حاله!

وقال صلّى الله عليه وآله وسلّم: أيما امرأة آذت زوجها بلسانها، لم يقبل الله منها صرفا ولا عدلا ولا حسنة من عملها حتى ترضيه، وإن صامت نهارها، وقامت ليلها، واعتقت الرقاب، وحملت على جياد الخيل في سبيل الله، وكانت أول من يرد النار، وكذلك الرجل إذا كان لها ظالما.

ألا ومن لطم خد مسلم أو وجهه، بدد الله عظامه يوم القيامة، وحشر مغلولا حتى يدخل جهنم، إلا أن يتوب، ومن بات وفي قلبه غش لاخيه المسلم بات في سخط الله، وأصبح كذلك حتى يتوب.

ونهى عن الغيبة، وقال: من اغتاب امرءا مسلما، بطل صومه، ونقض وضوؤه، وجاء يوم القيامة تفوح من فيه رائحة أنتن من الجيفة، يتأذى به أهل الموقف، فإن

______________

(١) الرحمن ٥٥: ٤٦.

(٢) في نسخة: اختار الآخرة فترك الدنيا.

٥١٥

مات قبل أن يتوب مات مستحلا لما حرم الله. وقال صلّى الله عليه وآله وسلّم: من كظم غيظا وهو قادر على إنفاذه وحلم عنه، أعطاه الله أجر شهيد، ألا ومن تطول على أخيه في غيبة سمعها فيه في مجلس فردها عنه، رد الله عنه ألف باب من السوء في الدنيا والآخرة، فإن هو لم يردها وهو قادر على ردها، كان عليه كوزر من اغتابه سبعين مرة.

ونهى رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم عن الخيانة، وقال: من خان أمانة في الدنيا ولم يردها إلى أهلها، ثم أدركه الموت، مات على غير ملتي، ويلقى الله وهو عليه غضبان. وقال صلّى الله عليه وآله وسلّم: من شهد شهادة زور على أحد من الناس، علق بلسانه مع المنافقين في الدرك الاسفل من النار، ومن اشترى خيانة وهو يعلم، فهو كالذي خانها، ومن حبس عن أخيه المسلم شيئا من حق حرم الله عليه بركة الرزق إلا أن يتوب.

ألا ومن سمع فاحشة فأفشاها فهو كالذي أتاها، ومن احتاج إليه أخوه المسلم في قرض وهو يقدر عليه، فلم يفعل، حرم الله عليه ريح الجنة. ألا ومن صبر على خلق امرأة سيئة الخلق، واحتسب في ذلك الاجر، أعطاه الله ثواب الشاكرين في الآخرة. ألا وأيما امرأة لم ترفق بزوجها، وحملته على ما لا يقدر عليه وما لا يطيق، لم تقبل منها حسنة، وتلقى الله وهو عليها غضبان. ألا ومن أكرم أخاه المسلم فإنما يكرم الله عزّوجلّ.

ونهى رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم أن يؤم الرجل قوما إلا بإذنهم، وقال: من أم قوما بإذنهم وهم به راضون، فاقتصد بهم في حضوره، وأحسن صلاته بقيامه وقرائته وركوعه وسجوده وقعوده، فله مثل أجر القوم، ولا ينقص من أجورهم شئ. ألا ومن أم قوما بأمرهم ثم لم يتم بهم الصلاة، ولم يحسن في خشوعه وركوعه وسجوده وقراءته ردت عليه صلاته ولم تجاوز ترقوته، وكانت منزلته كمنزلة إمام جائر معتد، لم يصلح إلى رعية، ولم يقم فيهم بحق، ولا قام فيهم بأمر.

وقال: من مشى إلى ذي قرابة بنفسه وماله، ليصل رحمه، أعطاه الله عزّوجلّ أجر مائه شهيد، وله بكل خطوة أربعون ألف حسنة، ويمحى عنه أربعون ألف سيئة، ويرفع له من الدرجات مثل ذلك، وكأنما عبدالله مائة سنة صابرا محتسبا، ومن كفى ضريرا حاجة من حوائج الدنيا، ومشى له فيها حتى يقضي الله له حاجة، أعطاه الله

٥١٦

براءة من النفاق وبراءة من النار، وقضى له سبعين حاجة من حوائج الدنيا، ولا يزال يخوض في رحمة الله عزّوجلّ حتى يرجع.

ومن مرض يوما وليلة فلم يشك إلى عواده، بعثه الله يوم القيامة مع خليله إبراهيم خليل الرحمن حتى يجوز الصراط كالبرق اللامع، ومن سعى لمريض في حاجة قضاها أو لم يقضها، خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه، فقال رجل من الانصار: بأبي أنت وأمي يا رسول الله، فإن كان المريض من أهل بيته، أو ليس ذلك أعظم أجرا إذا سعى في حاجة أهل بيته؟ قال: نعم.

ألا ومن فرج عن مؤمن كربة من كرب الدنيا، فرج الله عنه اثنتين وسبعين كربة من كرب الآخرة، واثنتين وسبعين كربة من كرب الدنيا أهونها المغص. قال: ومن يبطل على ذي حق حقه، وهو يقدر على أداء حقه، فعليه كل يوم خطيئة عشار، ألا ومن علق سوطا بين يدي سلطان جائر، جعل الله ذلك السوط يوم القيامة ثعبانا من النار طوله سبعون ذراعا، يسلط عليه في نار جهنم وبئس المصير، ومن اصطنع إلى أخيه معروفا فأمتن به، أحبط الله عمله، وثبت وزره، ولم يشكر له سعيه، ثم قال صلّى الله عليه وآله وسلّم: يقول الله عزّوجلّ: حرمت الجنة على المنان والبخيل والقتات، وهو النمام.

ألا ومن تصدق بصدقة، فله بوزن كل درهم مثل جبل أحد من نعيم الجنة، ومن مشى بصدقه إلى محتاج، كان له كأجر صاحبها من غير أن ينقص من أجره شئ، ومن صلى على ميت صلى عليه وسبعون ألف ملك، وغفر الله له ما تقدم من ذنبه، فإن أقام حتى يدفن ويحثي عليه التراب، كان له بكل قدم نقلها قيراط من الاجر، والقيراط مثل جبل أحد.

ألا ومن ذرفت عيناه من خشية الله، كان له بكل قطرت قطرت من دموعه قصر في الجنة مكلل بالدر والجوهر، فيه ما لا عين رأت ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر، ألا ومن مشى إلى مسجد يطلب فيه الجماعة، كان له بكل خطوة سبعون ألف حسنة، ويرفع له من الدرجات مثل ذلك، وإن مات وهو على ذلك، وكل الله به سبعين

٥١٧

ألف ملك يعودونه(١) في قبره، ويؤنسونه في وحدته، ويستغفرون له حتى يبعث.

ألا ومن أذن محتسبا، يريد بذلك وجه الله عزّوجلّ، أعطاه الله ثواب أربعين ألف شهيد وأربعين ألف صديق، ويدخل في شفاعته أربعون ألف مسئ من أمتي إلى الجنة، ألا وإن المؤذن إذا قال: أشهد أن لا إله إلا الله، صلى عليه تسعون ألف ملك، واستغفروا له، وكان يوم القيامة في ظل العرش حتى يفرغ من حساب الخلائق، ويكتب ثواب قوله: أشهد أن محمّدا رسول الله، أربعون ألف ملك، ومن حافظ على الصف الاول، والتكبيرة الاولى، لا يؤذي مسلما، أعطاه الله من الاجر ما يعطى المؤذنون في الدنيا والآخرة.

ألا ومن تولى عرافة قوم، حبسه الله عزّوجلّ على شفير جهنم، بكل يوم ألف سنة، وحشر يوم القيامة ويداه مغلولتان إلى عنقه، فإن قام فيهم بأمر الله أطلقه الله، وإن كان ظالما هوى به في نار جهنم وبئس المصير.

وقال صلّى الله عليه وآله وسلّم: لا تحقروا شيئا من الشر، وإن صغر في أعينكم، ولا تستكثروا الخير، وإن كثر في أعينكم، فانه لا كبير مع الاستغفار، ولا صغير مع الاصرار.

قال محمّد بن زكريا الغلابي، سألت عن طول هذا الاثر شعيبا المزني، فقال لي: يا أبا عبدالله، سألت الحسين بن زيد عن طول هذا الحديث، فقال: حدثني جعفر بن محمّد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب عليهم السلام، أنه جمع هذا الحديث من الكتاب الذي هو إملاء رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم وخط عليّ بن أبي طالب عليه السلام(٢) .

وصلّى الله على رسوله محمّد وآله، وحسبنا الله ونعم الوكيل

______________

(١) في نسخة: يعوذونه.

(٢) بحار الانوار ٧٦: ٣٢٨/١.

٥١٨

[ ٦٧ ]

المجلس السابع والستون

مجلس يوم الجمعة

السادس عشر من جمادى الاولى سنة ثمان وستين وثلاثمائة

٧٠٨/١ - حدّثنا الشيخ الجليل أبوجعفر محمّد بن عليّ بن الحسين بن موسى ابن بابويه القمي رضي الله عنه، قال: حدّثنا محمّد بن إبراهيم بن إسحاق رضي الله عنه، قال: حدّثنا محمّد بن جرير الطبري، قال: حدّثنا أحمد بن رشيد، قال: حدّثنا أبومعمر سعيد بن خيثم(١) ، قال: حدثني سعد، عن الحسن البصري، أنه بلغه أن زاعما يزعم أنه ينتقص عليا عليه السلام، فقام في أصحابه يوما، فقال: لقد هممت أن أغلق بابي ثم لا أخرج من بيتي حتى يأتيني أجلي، بلغني أن زاعما منكم يزعم أني أنتقص خير الناس بعد نبينا صلّى الله عليه وآله وسلّم، وأنيسه وجليسه، والمفرج للكرب عنه عند الزلازل، والقاتل للاقران يوم التنازل، لقد فارقكم رجل قرأ القرآن فوقره، وأخذ العلم فوفره وحاز البأس فاستعمله في طاعة ربه، صابرا على مضض الحرب، شاكرا عند اللاواء(٢) والكرب، فعمل بكتاب ربه، ونصح لنبيه وابن عمه وأخيه، آخاه دون أصحابه، وجعل عنده سره، وجاهد عنه صغيرا، وقاتل معه كبيرا، يقتل الاقران،

______________

(١) في نسخة: خيثم.

(٢) اللاواء: ضيق المعيشة، وشدة المرض.

٥١٩

وينازل الفرسان دون دين الله، حتى وضعت الحرب أوزارها، متمسكا بعهد نبيه صلّى الله عليه وآله وسلّم، لا يصده صاد، ولا يمالي عليه مضاد، ثم مضى النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم وهو عنه راض.

أعلم المسلمين علما، وأفهمهم فهما، وأقدمهم في الاسلام، لا نظير له في مناقبه، ولا شبيه له في ضرائبه، فظلفت(١) نفسه عن الشهوات، وعمل لله في الغفلات وأسبغ الطهور في السبرات(٢) ، وخشع في الصلوات، وقطع نفسه عن اللذات، مشمرا عن ساق، طيب الاخلاق، كريم الاعراق، اتبع سنن نبيه، واقتفى آثار وليه، فكيف أقول فيه ما يو بقني؟! وما أحد أعلمه يجد فيه مقالا، فكفوا عنا الاذى، وتجنبو طريق الردى(٣) .

٧٠٩/٢ - حدّثنا أحمد بن الحسن القطان، وعليّ بن أحمد بن موسى الدقاق، ومحمّد بن أحمد السناني، وعبدالله بن محمّد الصائغ (رضي الله عنهم)، قالوا: حدّثنا أبوالعباس أحمد بن يحيى بن زكريا القطان، قال: حدّثنا أبومحمّد بكر بن عبدالله بن حبيب، قال: حدثني عليّ بن محمّد، قال: حدّثنا الفضل بن العباس، قال: حدّثنا عبد القدوس الوراق، قال: حدّثنا محمّد بن كثير، عن الاعمش.

وحدثنا الحسين بن إبراهيم بن أحمد المكتب رضي الله عنه، قال: حدّثنا أحمد بن يحيى القطان، قال: حدّثنا بكر بن عبدالله بن حبيب، قال: حدثني عبدالله بن محمّد ابن باطويه، قال: حدّثنا محمّد بن كثير، عن الاعمش.

وأخبرنا سليمان بن أحمد بن أيوب اللخمي، فيما كتب إلينا من أصبهان، قال: حدّثنا أحمد بن القاسم بن مساور الجوهري سنة ست وثمانين ومائتين، قال: حدّثنا الوليد بن الفضل العنزي، قال: حدّثنا مندل بن عليّ العنزي، عن الاعمش.

______________

(١) أي كفت وترفعت.

(٢) السبرات: جمع سبرة، الغداة الباردة.

(٣) بحار الانوار ٤٠: ١١٧/٢.

٥٢٠