الأمالي شيخ الصدوق

الأمالي شيخ الصدوق0%

الأمالي شيخ الصدوق مؤلف:
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 780

الأمالي شيخ الصدوق

مؤلف: محمد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه (الشيخ الصدوق)
تصنيف:

الصفحات: 780
المشاهدات: 412289
تحميل: 8000

توضيحات:

الأمالي شيخ الصدوق
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 780 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 412289 / تحميل: 8000
الحجم الحجم الحجم
الأمالي شيخ الصدوق

الأمالي شيخ الصدوق

مؤلف:
العربية

داود عليه السلام: أن العبد من عبادي ليأتيني بالحسنة فأبيحه جنتي. قال: فقال داود عليه السلام: يا رب، وما تلك الحسنة؟ قال: يدخل على عبدي المؤمن سرورا ولو بتمرة. قال: فقال داود عليه السلام: حق لمن عرفك أن لا يقطع رجاءه(١) منك(٢) .

٩٥٦/٤ - حدّثنا محمّد بن عليّ ماجيلويه رضي الله عنه، قال: حدّثنا محمّد بن يحيى العطار، قال: حدثني سهل بن زياد، عن محمّد بن الوليد، قال: سمعت يونس ابن يعقوب يقول عن سنان بن طريف، عن أبي عبدالله الصادق عليه السلام، قال: قال: إنا أول أهل بيت نوه الله بأسمائنا، أنه لما خلق الله السماوات والارض أمر مناديا فنادى: أشهد أن لا إله إلا الله، ثلاثا، أشهد أن محمّدا رسول الله، ثلاثا، أشهد أن عليا أميرالمؤمنين حقا، ثلاثا(٣) .

٩٥٧/٥ - حدّثنا الحسين بن أحمد بن إدريس، قال: حدّثنا أبي، عن الحسين ابن عبيد الله، عن محمّد بن عبدالله، عن محمّد بن الفضيل، عن أبي حمزة، قال: سمعت أبا جعفر الباقر عليه السلام يقول: أوحى الله عزّوجلّ إلى محمّد صلّى الله عليه وآله وسلّم: يا محمّد، إني خلقتك ولم تك شيئا، ونفخت فيك من روحي كرامة مني أكرمتك بها، حتى أوجبت لك الطاعة على خلقي جميعا، فمن أطاعك فقد أطاعني، ومن عصاك فقد عصاني، وأوجبت ذلك في علي وفي نسله من اختصصت منهم لنفسي(٤) .

٩٥٨/٦ - حدّثنا محمّد بن عليّ ماجيلويه رضي الله عنه، قال: حدّثنا أبي، عن أحمد بن أبي عبدالله البرقي، عن أبيه، عن عباد بن يعقوب، عن الحسين بن زيد، عن جعفر بن محمّد الصادق، عن آبائه عليهم السلام، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: ما من صباح إلا وملكان يناديان، يقولان: يا باغي الخير هلم، ويا باغي الشر انته، هل من داع فيستجاب له، هل من مستغفر فيغفر له، هل من تائب فيتاب عليه، هل من مغموم

______________

(١) في نسخة: لا ينقطع رجاؤه.

(٢) قصص الانبياء للراوندي: ١٩٨/٢٥٠، بحار الانوار ١٤: ٣٤/٥.

(٣) بحار الانوار ٣٧: ٢٩٥/١٠.

(٤) بحار الانوار ٢٣: ١٢٧/٥٧.

٧٠١

فينفس عنه غمه، اللهم عجل للمنفق ماله خلفا، وللمسك تلفا، فهذا دعاؤهما حتى تغرب الشمس(١) .

٩٥٩/٧ - حدّثنا أبي رحمه الله، قال: حدّثنا سعد بن عبدالله، عن إبراهيم بن هاشم، عن إسماعيل بن مرار، عن يونس بن عبد الرحمن، عن عليّ بن أسباط، عن عليّ بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي عبدالله الصادق عليه السلام، قال: إن الله عزّوجلّ أوحى إلى عيسى بن مريم عليه السلام: يا عيسى، ما أكرمت خليقة بمثل ديني، ولا أنعمت عليها بمثل رحمتي، اغسل بالماء منك ما ظهر، وداو بالحسنات ما بطن، فإنك إلي راجع، شمر فكل ما هو آت قريب، وأسمعني منك صوتا حزينا(٢) .

٩٦٠/٨ - حدّثنا محمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضي الله عنه، قال: حدّثنا أحمد بن إدريس، قال: حدّثنا جعفر بن محمّد بن مالك الفزاري، عن محمّد بن الحسين بن زيد، عن محمّد بن سنان، عن العلاء بن الفضيل، عن الصادق جعفر بن محمّد عليه السلام، قال: من أحب كافرا فقد أبغض الله، ومن أبغض كافرا فقد أحب الله. ثم قال عليه السلام: صديق عدو الله عدو الله(٣) .

٩٦١/٩ - حدّثنا محمّد بن إبراهيم بن إسحاق رضي الله عنه، قال: حدّثنا أحمد بن محمّد الهمداني، قال: أخبرنا المنذر بن محمّد، قال: حدّثنا جعفر بن سليمان، عن عبدالله بن الفضل، عن سعد بن طريف، عن الاصبغ بن نباتة، قال: قال أميرالمؤمنين عليه السلام في بعض خطبه: أيها الناس، اسمعوا قولي واعقلوه عني، فإن الفراق قريب، أنا إمام البرية، ووصي خير الخليقة، وزوج سيدة نساء هذه الامة، وأبو العترة الطاهرة والائمة الهادية، أنا أخو رسول الله، ووصيه، ووليه، ووزيره، وصاحبه، وصفيه، وحبيبه، وخليله، أنا أميرالمؤمنين، وقائد الغر المحجلين، وسيد الوصيين،

______________

(١) بحار الانوار ٩٣: ٣٨٠/٣.

(٢) تقدم في المجلس (٧٨) الحديث (١) بسند آخر.

(٣) بحار الانوار ٦٩: ٢٣٧/٣.

٧٠٢

حربي حرب الله، وسلمي سلم الله، وطاعتي طاعة الله وولايتي ولاية الله، وشيعتي أولياء الله، وأنصاري أنصار الله. والذي خلقني ولم أك شيئا، لقد علم المستحفظون من أصحاب محمّد صلّى الله عليه وآله وسلّم أن الناكثين والقاسطين والمارقين ملعونون على لسان النبي الامي، وقد خاب من افترى(١) .

٩٦٢/١٠ - حدّثنا عليّ بن أحمد بن موسى رضي الله عنه، قال: حدّثنا محمّد بن أبي عبدالله الكوفي، قال: حدّثنا موسى بن عمران النخعي، عن عمه الحسين بن يزيد، عن أبي الحسن موسى بن جعفر عليه السلام قال: سمع بعض آبائي(٢) عليهم السلام رجلا يقرأ أم القرآن فقال: شكر واجر، ثم سمعه يقرأ:( قُلْ هُوَ اللَّـهُ أَحَدٌ ) فقال: آمن وأمن، ثم سمعه يقرأ( إِنَّا أَنزَلْنَاهُ ) فقال: صدق وغفر له، ثم سمعه يقرأ آية الكرسي، فقال: بخ بخ، نزلت براءة هذا من النار(٣) .

٩٦٣/١١ - وبهذا الاسناد، عن أبي الحسن موسى بن جعفر عليه السلام، قال: إن لله عزّوجلّ يوم الجمعة ألف نفحة من رحمته، يعطي كل عبد منها ما يشاء، فمن قرأ( إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ ) بعد العصر يوم الجمعة مائة مرة، وهب الله له تلك الالف ومثلها(٤) .

٩٦٤/١٢ - حدّثنا محمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضي الله عنه، قال: حدّثنا محمّد بن الحسن الصفار، عن عليّ بن حسان الواسطي، عن عبد الرحمن بن كثير الهاشمي، قال: سمعت أبا عبدالله الصادق عليه السلام يقول: نزل جبرئيل على النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم، فقال: يا محمّد، إن الله جل جلاله يقرئك السلام، ويقول: إني قد حرمت النار على صلب أنزلك، وبطن حملك، وحجر كفلك. فقال: يا جبرئيل، بين لي ذلك؟ فقال: أما الصلب الذي أنزلك فعبدالله بن عبد المطلب، وأما البطن الذي

______________

(١) بحار الانوار ٣٩: ٣٣٥/٤.

(٢) في نسخة: آبائه.

(٣) بحار الانوار ٩٢: ٢٦٢/٢.

(٤) جمال الاسبوع: ٤٥٢، بحار الانوار ٩٠: ٩٤/١٠.

٧٠٣

حملك فآمنة بنت وهب، وأما الحجر الذي كفلك فأبو طالب بن عبد المطلب وفاطمة بنت أسد(١) .

٩٦٥/١٣ - حدّثنا جعفر بن محمّد بن مسرور رحمه الله، قال: حدّثنا الحسين بن محمّد بن عامر، عن عمه عبدالله بن عامر، عن شريف بن سابق التفليسي، عن الفضل ابن أبي قرة السمندي، قال: سمعت أبا عبدالله عليه السلام يقول: كان في بني إسرائيل مجاعة حتى نبشوا الموتى فأكلوهم، فنبشوا قبرا فوجدوا فيه لوحا فيه مكتوب: أنا فلان النبي، ينبش قبري حبشي، ما قدمنا وجدناه، وما أكلنا ربحناه، وما خلفنا خسرناه(٢) .

٩٦٦/١٤ - حدّثنا جعفر بن عليّ بن الحسن بن عليّ بن عبدالله بن المغيرة، الكوفي رضي الله عنه، قال: حدّثنا جدي الحسن بن علي، عن جده عبدالله بن المغيرة، عن إسماعيل بن أبي زياد، عن الصادق جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن آبائه عليهم السلام، قال: قال النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم: من كان في قلبه مثقال حبة من خردل عصبية، بعثه الله عزّوجلّ يوم القيامة مع أعراب الجاهلية(٣) .

٩٦٧/١٥ - حدّثنا عليّ بن أحمد بن عبدالله بن أحمد بن أبي عبدالله البرقي رحمه الله، قال: حدثني أبي، عن جده أحمد بن أبي عبدالله، عن أبي أيوب سليمان بن مقبل المدني، عن محمّد بن أبي عمير، عن سعد بن أبي خلف الزام، عن أبي عبيدة، قال: قال أبوعبدالله الصادق عليه السلام: من قال في السوق: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمّدا عبده ورسوله، كتب الله له ألف ألف حسنة(٤) .

٩٦٨/١٦ - حدّثنا أحمد بن هارون الفامي، قال: حدّثنا محمّد بن عبدالله

______________

(١) معاني الاخبار: ١٣٦/١، بحار الانوار ١٥: ١٠٨/٥٢.

(٢) بحار الانوار ٧٨: ٤٤٥/٢.

(٣) بحار الانوار ٧٣: ٢٨٩/٧.

(٤) بحار الانوار ١٠٣: ٩٧/٢٥.

٧٠٤

الحميري، عن أبيه، عن أحمد بن محمّد بن خالد البرقي، عن أبيه، عن محمّد بن سنان، عن أبي الجارود، عن أبي عبدالله الصادق، عن أبيه، عن جده عليهم السلام، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: من قال (سبحان الله) غرس الله له بها شجرة في الجنة، ومن قال (الحمد لله) غرس الله لها بها شجرة في الجنة، ومن قال (لا إله إلا الله) له غرس الله له بها شجرة في الجنة، ومن قال (الله أكبر) غرس الله له بها شجرة في الجنة.

فقال رجل من قريش: يا رسول الله، إن شجرنا في الجنة لكثير. قال: نعم، ولكن إياكم أن ترسلوا عليها نيرانا فتحرقوها، وذلك أن الله عزّوجلّ يقول:( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّـهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ ) (١) .

وصلّى الله على محمّد وآله

______________

(١) ثواب الاعمال: ١١، بحار الانوار ٨: ١٨٦/١٥٤، و ٩٣: ١٦٨/٣، والآية من سورة محمّد صلّى الله عليه وآله وسلّم ٤٧: ٣٣.

٧٠٥

[ ٨٩ ]

المجلس التاسع والثمانون

مجلس يوم الاحد

غرة شعبان سنة ثمان وستين وثلاثمائة

في دار السيد أبي محمّد يحيى بن محمّد العلوي رضي الله عنه

٩٦٩/١ - حدّثنا الشيخ الجليل أبوجعفر محمّد بن عليّ بن الحسين بن موسى ابن بابويه القمي رحمه الله، قال: حدثني أبي رضي الله عنه، قال: حدّثنا عليّ بن موسى بن جعفر بن أبي جعفر الكمنداني، قال: حدّثنا أحمد بن محمّد بن عيسى الاشعري، قال: حدّثنا عبد الرحمن بن أبي نجران، عن عاصم بن حميد، عن محمّد بن قيس، عن أبي جعفر محمّد بن عليّ الباقر عليه السلام، قال: أوحى الله تبارك وتعالى إلى آدم عليه السلام: يا آدم، إني أجمع لك الخير كله في أربع كلمات، واحدة منهن لي، وواحدة لك، وواحدة فيما بيني وبينك، وواحدة فيما بينك وبين الناس، فأما التي لي فتعبدني ولا تشرك بي شيئا، وأما التي لك فاجازيك بعملك أحوج ما تكون إليه، وأما التي بيني وبينك فعليك الدعاء وعلي الاجابة، وأما التي فيما بينك وبين الناس فترضى للناس ما ترضى لنفسك(١) .

٩٧٠/٢ - حدّثنا محمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضي الله عنه، قال: حدثنا

______________

(١) بحار الانوار ١: ٢٥٧/١.

٧٠٦

محمّد بن الحسن الصفار، قال: حدّثنا أحمد بن أبي عبدالله البرقي، عن أبي هاشم الجعفري، قال: سمعت عليّ بن موسى الرضا عليه السلام يقول: إلهي بدت قدرتك ولم تبد هيئة، فجهلوك وقدروك(١) ، والتقدير على غير ما به وصفوك، وإني برئ - يا إلهي - من الذين بالتشبية طلبوك، ليس كمثلك شئ، إلهي ولن يدركوك، وظاهر ما بهم من نعمك دليلهم عليك لو عرفوك، وفي خلقك - يا إلهي - مندوحة أن يتناولوك، بل سووك بخلقك، فمن ثم لم يعرفوك، واتخذوا بعض آياتك ربا، فبذلك وصفوك، تعاليت ربي عما به المشبهون نعتوك(٢) .

٩٧١/٣ - حدّثنا محمّد بن موسى بن المتوكل رضي الله عنه، قال: حدّثنا عليّ بن الحسين السعد آبادي، قال: حدّثنا أحمد بن محمّد بن خالد، عن أبيه، عن محمّد بن سنان، عن المفضل بن عمر، عن الصادق جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن جده عليهم السلام، قال: سئل الحسين بن عليّ عليهما السلام فقيل له: كيف أصبحت، يا بن رسول الله؟ قال: أصبحت ولي رب فوقي، والنار أمامي، والموت يطلبني، والحساب محدق بي، وأنا مرتهن بعملي، لا أجد ما أحب، ولا أدفع ما أكره، والامور بيد غيري، فإن شاء عذبني، وإن شاء عفا عني، فأي فقير أفقر مني!(٣)

٩٧٢/٤ - حدّثنا جعفر بن محمّد بن مسرور رضي الله عنه، قال: حدّثنا الحسين بن محمّد بن عامر، عن عمه عبدالله بن عامر، قال: حدثني أبوأحمد محمّد بن زياد الازدي، عن المفضل بن عمر، قال: قال الصادق جعفر بن محمّد عليه السلام: بلية الناس عظيمة، إن دعوناهم لم يجيبونا، وإن تركناهم لم يهتدوا بغيرنا(٤) .

٩٧٣/٥ - قال المفضل: وسمعت الصادق عليه السلام يقول لاصحابه: من وجد

______________

(١) في نسخة: وبه قدروك.

(٢) بحار الانوار ٣: ٢٩٣/١٤.

(٣) بحار الانوار ٧٨: ١١٦/١.

(٤) بحار الانوار ٢٣: ٩٩/١.

٧٠٧

برد حبنا على قلبه، فليكثر الدعاء لامه، فإنها لم تخن أباه(١) .

٩٧٤/٦ - حدّثنا الحسين بن إبراهيم بن ناتانه رحمه الله، قال: حدّثنا عليّ بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن محمّد بن أبي عمير، عن إبراهيم الكرخي، قال: قلت للصادق عليه السلام: إن رجلا رأى ربه عزّوجلّ في منامه، فما يكون ذلك؟ فقال: ذلك رجل لا دين له، إن الله تبارك وتعالى لا يرى في اليقظة، ولا في المنام، ولا في الدنيا، ولا في الآخرة(٢) .

٩٧٥/٧ - حدّثنا محمّد بن عليّ ماجيلويه رحمه الله، قال: حدّثنا عمي محمّد بن أبي القاسم، قال: حدثني محمّد بن عليّ الصيرفي الكوفي، قال: حدّثنا محمّد بن سنان، عن أبان بن عثمان الاحمر، قال: قلت للصادق جعفر بن محمّد عليه السلام: أخبرني عن الله تبارك وتعالى، لم يزل سميعا بصيرا عليما قادرا؟ قال: نعم.

فقلت له: فإن رجلا ينتحل موالاتكم أهل البيت يقول: إن الله تبارك وتعالى لم يزل سميعا بسمع، وبصيرا ببصر، وعليما بعلم، وقادرا بقدرة. قال: فغضب عليه السلام، ثم قال: من قال ذلك ودان به فهو مشرك، وليس من ولايتنا على شئ، إن الله تبارك وتعالى ذات علامة سميعة بصيرة قادرة(٣) .

٩٧٦/٨ - حدّثنا حمزة بن محمّد بن أحمد بن جعفر بن محمّد بن زيد بن عليّ ابن الحسين بن عليّ بن أبي طالب عليهم السلام، قال: أخبرني عليّ بن إبراهيم بن هاشم سنة سبع وثلاثمائة، قال: حدّثنا أبي، قال: حدّثنا محمّد بن أبي عمير، عن حفص بن البختري، عن الصادق جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن جده عليهم السلام، قال: وقع بين سلمان الفارسي رحمه الله وبين رجل كلام وخصومة، فقال له الرجل: من أنت يا سلمان؟ فقال سلمان: أما أولي وأولك فنطفة قذرة، وأما آخري وآخرك فجيفة منتنة،

______________

(١) معاني الاخبار: ١٦١/٤، علل الشرائع: ١٤٢/٥، بحار الانوار ٢٧: ١٤٦/٦.

(٢) بحار الانوار ٤: ٣٢/٧.

(٣) بحار الانوار ٤: ٦٣/٢.

٧٠٨

فإذا كان يوم القيامة ووضعت الموازين، فمن ثقل ميزانه فهو الكريم، ومن خف ميزانه فهو اللئيم(١) .

٩٧٧/٩ - حدّثنا محمّد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني رضي الله عنه، قال: حدّثنا أحمد بن محمّد الهمداني، قال: حدّثنا عليّ بن الحسن بن عليّ بن فضال، عن أبيه، قال: سمعت أبا الحسن عليّ بن موسى الرضا عليه السلام يقول: إني مقتول ومسموم ومدفون بأرض غربة، أعلم ذلك بعهد عهده إلي أبي عن أبيه عن آبائه عن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم، ألا فمن زارني في غربتي كنت أنا وآبائي شفعاؤه يوم القيامة، ومن كنا شفعاؤه نجا ولو كان عليه مثل وزر الثقلين(٢) .

٩٧٨/١٠ - حدّثنا عليّ بن أحمد بن عبدالله بن أحمد بن أبي عبدالله البرقي، قال: حدثني أبي، عن جده أحمد بن أبي عبدالله البرقي، قال: حدثني جعفر بن عبدالله الناونجي(٣) ، عن عبد الجبار بن محمّد، عن داود الشعيري، عن الربيع صاحب المنصور، قال: بعث المنصور إلى الصادق جعفر بن محمّد عليه السلام يستقدمه لشئ بلغه عنه، فلما وافى بابه خرج إليه الحاجب فقال: أعيذك بالله من سطوة هذا الجبار، فإني رأيت حرده(٤) عليك شديدا، فقال الصادق عليه السلام: علي من الله جنة واقية تعينني عليه إن شاء الله، استأذن لي عليه، فاستأذن فأذن له، فلما دخل سلم فرد عليه السلام، ثم قال له: يا جعفر، قد علمت أن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم قال لابيك عليّ بن أبي طالب: لولا أن تقول فيك طوائف من أمتي ما قالت النصارى في المسيح، لقلت فيك قولا لا تمر بملا إلا أخذوا من تراب قدميك، يستشفون به.

وقال علي عليه السلام: يهلك في اثنان ولا ذنب لي: محب غال، ومفرط قال قال ذلك اعتذارا منه أنه لا يرضى بما يقول فيه الغالي والمفرط، ولعمري إن عيسى بن

______________

(١) بحار الانوار ٢٢: ٣٥٥/١.

(٢) بحار الانوار ١٠٢: ٣٤/١٥.

(٣) في نسخة: النماونجي.

(٤) الحرد: الغضب.

٧٠٩

مريم عليه السلام لو سكت عما قالت فيه النصارى لعذبه الله، ولقد تعلم ما يقال فيك من الزور والبهتان، وإمساكك عن ذلك ورضاك به سخط الديان، زعم أوغاد الحجاز ورعاع الناس أنك حبر الدهر وناموسه، وحجة المعبود وترجمانه، وعيبة علمه وميزان قسطه، مصباحه الذي يقطع به الطالب عرض الظلمة إلى ضياء النور، وأن الله لا يقبل من عامل جهل حدك(١) في الدنيا عملا، ولا يرفع له يوم القيامة وزنا، فنسبوك إلى غير حدك(٢) ، وقالوا فيك ما ليس فيك، فقل فإن أول من قال الحق جدك، وأول من صدقه عليه أبوك، وأنت حري أن تقتص آثارهما وتسلك سبيلهما.

فقال الصادق عليه السلام: أنا فرع من فروع الزيتونة، وقنديل من قناديل بيت النبوة، وأديب السفرة، وربيب الكرام البررة، ومصباح من مصابيح المشكاة التي فيها نور النور وصفو الكلمة الباقية في عقب المصطفين إلى يوم الحشر.

فالتفت المنصور إلى جلسائه، فقال: هذا قد أحالني على بحر مواج لا يدرك طرفه، ولا يبلغ عمقه، يحار فيه العلماء، ويغرق فيه السبحاء، ويضيق بالسابح عرض الفضاء، هذا الشجى المعترض في حلوق الخلفاء، الذي لا يجوز نفيه، ولا يحل قتله، ولولا ما يجمعني وإياه شجرة طاب أصلها، وبسق فرعها، وعذب ثمرها، وبوركت في الذر، وقدست في الزبر، لكان مني إليه مالا يحمد في العواقب لما يبلغني من شدة عيبه لنا وسوء القول فينا.

فقال الصادق عليه السلام: لا تقبل في ذي رحمك وأهل الرعاية من أهل بيتك قول من حرم الله عليه الجنة وجعل مأواه النار، فإن النمام شاهد زور وشريك إبليس في الاغراء بين الناس، وقد قال الله تعالى:( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَىٰ مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ ) (٣) . ونحن لك أنصار

______________

(١) في نسخة: جدك.

(٢) في نسخة: جدك.

(٣) الحجرات ٤٩: ٦.

٧١٠

وأعوان، ولملكك دعائم وأركان، ما أمرت بالعرف والاحسان، وأمضيت في الرعية أحكام القرآن، وأرغمت بطاعتك لله أنف الشيطان، وإن كان يجب عليك في سعة فهمك وكثرة علمك ومعرفتك بآداب الله أن تصل من قطعك، وتعطي من حرمك، وتعفو عمن ظلمك، فإن المكافي ليس بالواصل، إنما الواصل من إذا قطعته رحمه وصلها، فصل رحمك يزد الله في عمرك، ويخفف عنك الحساب يوم حشرك.

فقال المنصور: قد صفحت عنك، لقدرك، وتجاوزت عنك لصدقك، فحدثني عن نفسك بحديث أتعظ به، ويكون لي زاجر صدق عن الموبقات.

فقال الصادق عليه السلام: عليك بالحلم فإنه ركن العلم، واملك نفسك عند أسباب القدرة، فإنك إن تفعل ما تقدر عليه كنت كمن شفى غيظا، أو تداوى حقدا، أو يحب أن يذكر بالصولة، اعلم بأنك إن عاقبت مستحقا لم تكن غاية ما توصف به إلا العدل، ولا أعرف حالا أفضل من حال العدل، والحال التي توجب الشكر أفضل من الحال التي توجب الصبر.

فقال المنصور: وعظت فأحسنت، وقلت فأوجزت، فحدثني عن فضل جدك عليّ بن أبي طالب عليه السلام حديثا لم تؤثره العامة، فقال الصادق عليه السلام: حدثني أبي، عن أبيه، عن جده، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: لما أسري بي إلى السماء عهد إلي ربي جل جلاله في علي عليه السلام ثلاث كلمات، فقال: يا محمّد. فقلت: لبيك ربي وسعديك. فقال عزّوجلّ: إن عليا إمام المتقين، وقائد الغر المحجلين، ويعسوب المؤمنين، فبشره بذلك. فبشره النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم بذلك، فخر علي عليه السلام ساجدا شكرا لله عزّوجلّ، ثم رفع رأسه فقال: يا رسول الله، بلغ من قدري حتى أني أذكر هناك؟ قال: نعم، وإن الله يعرفك، وإنك لتذكر في الرفيق الاعلى.

فقال المنصور: ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء(١) .

٩٧٩/١١ - حدّثنا أبي رضي الله عنه، قال: حدّثنا سعد بن عبدالله، قال: حدثنا

______________

(١) بحار الانوار ٤٧: ١٦٧/٩.

٧١١

أحمد بن أبي عبدالله البرقي، عن أبيه، عن خلف بن حماد الاسدي، عن أبي الحسن العبدي، عن الاعمش، عن عباية بن ربعي، عن عبدالله بن عباس، عن أبيه، قال: قال أبوطالب للنبي صلّى الله عليه وآله وسلّم: يا بن أخي، الله أرسلك؟ قال: نعم. قال: فأرني آية. قال: ادع لي تلك الشجرة. فدعاها فأقبلت حتى سجدت بين يديه، ثم انصرفت. فقال أبوطالب: أشهد أنك صادق، يا علي صل جناح ابن عمك(١) .

٩٨٠/١٢ - حدّثنا محمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضي الله عنه، قال: حدثني الحسن بن متيل الدقاق، قال: حدثني الحسن بن عليّ بن فضال، عن مروان ابن مسلم، عن ثابت بن دينار الثمالي، عن سعيد بن جبير، عن عبدالله بن عباس، أنه سأله، رجل فقال له: يا بن عم رسول الله، أخبرني عن أبي طالب، هل كان مسلما؟ فقال: وكيف لم يكن مسلما، وهو القائل:

وقد علموا أن ابننا لا مكذب

لدينا ولا يعبأ بقيل الأباطل

إن أبا طالب كان مثله كمثل أصحاب الكهب حين أسروا الايمان وأظهروا الشرك، فآتاهم الله أجرهم مرتين(٢) .

٩٨١/١٣ - حدّثنا محمّد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني رحمه الله، قال: حدّثنا أحمد بن محمّد الهمداني، قال: أخبرنا المنذر بن محمّد، عن جعفر بن سليمان، عن عبدالله بن الفضل الهاشمي، عن الصادق جعفر بن محمّد عليه السلام، أنه قال: إن مثل أبي طالب مثل أصحاب الكهف حين أسروا الايمان وأظهروا الشرك، فآتاهم الله أجرهم مرتين(٣) .

وصلّى الله على محمّد وآله

______________

(١) بحار الانوار ١٧: ٣٧٠/٢١.

(٢) بحار الانوار ٣٥: ٧٢/٦.

(٣) الكافي ١: ٣٧٣/٢٨، وسائل الشيعة ١١: ٤٧٥/١.

٧١٢

[ ٩٠ ]

المجلس التسعون

مجلس يوم الثلاثاء

الثالث من شعبان سنة ثمان وستين وثلاثمائة(١)

٩٨٢/١ - حدّثنا الشيخ الجليل أبوجعفر محمّد بن عليّ بن الحسين بن موسى ابن بابويه القمي رضي الله عنه، قال: حدّثنا أبي رحمه الله، قال: حدّثنا سعد بن عبدالله، قال: حدّثنا محمّد بن عيسى بن عبيد اليقطيني، قال: حدّثنا يونس بن عبد الرحمن، قال: حدّثنا الحسن بن زياد العطار، قال: حدّثنا سعد بن طريف، عن الاصبغ بن نباتة، قال: قال أميرالمؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام: تعلموا العلم، فإن تعلمه حسنة، ومدارسته تسبيح، والبحث عنه جهاد، وتعليمه من لا يعلمه صدقة، وهو عند الله لاهله قربة، لانه معالم الحلال والحرام، وسالك بطالبه سبيل الجنة، وهو أنيس في الوحشة، وصاحب في الوحدة، وسلاح على الاعداء، وزين الاخلاء، يرفع الله به أقواما يجعلهم في الخير أئمة يقتدي بهم، ترمق أعمالهم، وتقتبس آثارهم، وترغب الملائكة في خلتهم، يمسحونهم بأجنحتهم في صلاتهم، لان العلم حياة القلوب، ونور الابصار من العمى، وقوة الابدان من الضعف، ينزل الله حامله منازل الابرار، ويمنحه مجالسة الاخيار في الدنيا والآخرة، بالعلم يطاع الله ويعبد، وبالعلم يعرف الله

______________

(١) زاد في نسخة: في دار السيد أبي محمّد.

٧١٣

ويوحد، وبالعلم توصل الارحام، وبه يعرف الحلال والحرام، والعلم إمام العقل، والعقل تابعه، يلهمه الله السعداء، ويحرمه الاشقياء(١) .

٩٨٣/٢ - حدّثنا محمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضي الله عنه، قال: حدّثنا محمّد بن الحسن الصفار، قال: حدّثنا إبراهيم بن هاشم، عن عبدالله بن ميمون المكي، عن الصادق جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن آبائه عليهم السلام، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: استحيوا من الله حق الحياء. قالوا: وما نفعل، يا رسول الله؟ قال: فإن كنتم فاعلين فلا يبيتن أحدكم إلا وأجله بين عينيه، وليحفظ الرأس وما حوى، والبطن وما وعى، وليذكر القبر والبلى، ومن أراد الآخرة فليدع زينة الحياة الدنيا(٢) .

٩٨٤/٣ - حدّثنا محمّد بن موسى بن المتوكل رضي الله عنه، قال: حدّثنا سعد بن عبدالله، قال: حدّثنا القاسم بن محمّد الاصبهاني، عن سليمان بن داود المنقري، عن حفص بن غياث النخعي القاضي، قال: قلت للصادق جعفر بن محمّد عليه السلام: ما الزهد في الدنيا؟ فقال: قد حد الله عزّوجلّ ذلك في كتابه فقال:( لِّكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَىٰ مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ ) (٣) .

٩٨٥/٤ - حدّثنا جعفر بن محمّد بن مسرور رحمه الله، قال: حدّثنا الحسين بن محمّد بن عامر، عن عمه عبدالله بن عامر، عن أبي أحمد محمّد بن زياد الازدي، عن الفضل بن يونس، قال: كان ابن أبي العوجاء من تلامذة الحسن البصري، فانحرف عن التوحيد، فقيل له: تركت مذهب صاحبك، ودخلت فيما لا أصل له ولا حقيقة؟ فقال: إن صاحبي كان مخلطا، كان يقول طورا بالقدر، وطورا بالجبر، وما أعلمه اعتقد مذهبا دام عليه.

قال: ودخل مكة تمردا وإنكارا على من يحج، وكان يكره العلماء مساءلته

______________

(١) أمالي الطوسي: ٤٨٧/١٠٦٩ و: ٥٦٩/١١٧٦ (نحوه)، بحار الانوار ١: ١٦٦/٧.

(٢) قرب الاسناد: ٢٣/٧٩، الخصال: ٢٩٣/٥٨، بحار الانوار ٦: ١٣١/٢٥.

(٣) مشكاة الانوار: ١١٥، والآية من سورة الحديد ٥٧: ٢٣.

٧١٤

إياهم ومجالسته لهم، لخبث لسانه، وفساد ضميره، فأتى الصادق جعفر بن محمّد عليه السلام فجلس إليه في جماعة من نظرائه، ثم قال له: يا أبا عبدالله، إن المجالس أمانات، ولا بد لكل من كان به سعال أن يسعل، فتأذن لي في الكلام؟ فقال الصادق عليه السلام: تكلم بما شئت.

فقال ابن أبي العوجاء: إلى كم تدوسون هذا البيدر، وتلوذون بهذا الحجر، وتعبدون هذا البيت المرفوع بالطوب(١) والمدر، وتهرولون حوله هرولة البعير إذا نفر، من فكر في هذا أو قدر، علم أن هذا فعل أسسه غير حكيم ولا ذي نظر، فقل فإنك رأس هذا الامر وسنامه، وأبوك اُسَه ونظامه.

فقال الصادق عليه السلام: إن من أضله الله وأعمى قلبه، استوخم الحق فلم يستعذبه، وصار الشيطان وليه، يورده مناهل الهلكة ثم لا يصدره، وهذا بيت استعبدالله به خلقه، ليختبر طاعتهم في إتيانه، فحثهم على تعظيمه وزيارته، وقد جعله محل الانبياء، وقبلة للمصلين له، وهو شعبة من رضوانه، وطريق يؤدي إلى غفرانه، منصوب على استواء الكمال ومجتمع العظمة، خلقه الله قبل دحو الارض بألفي عام، وأحق من اطيع فيما أمر، وانتهي عما نهى عنه وزجر، الله المنشئ للارواح والصور.

فقال ابن أبي العوجاء: ذكرت - يا أبا عبدالله - فأحلت على غائب. فقال: ويلك، وكيف يكون غائبا من هو مع خلقه شاهد، وإليهم أقرب من حبل الوريد، يسمع كلامهم، ويرى أشخاصهم، ويعلم أسرارهم، وإنما المخلوق الذي إذا انتقل من مكان، اشتغل به مكان، وخلا منه مكان، فلا يدري في المكان الذي صار إليه ما حدث في المكان الذي كان فيه، فأما الله العظيم الشأن الملك الديان، فإنه لا يخلو منه مكان، ولا يشتغل به مكان، فلا يكون إلى مكان أقرب منه إلى مكان، والذي بعثه بالآيات المحكمة والبراهين الواضحة وأيده بنصره، واختاره لتبليغ رسالاته، صدقنا قوله بأن ربه بعثه وكلمه.

______________

(١) الطوب: الآجر.

٧١٥

فقام عنه ابن أبي العوجاء، وقال لاصحابه: من ألقاني في بحر(١) هذا؟ سألتكم أن تلتمسوا لي خمرة، فألقيتموني على جمرة. قالوا: ما كنت في مجلسه إلا حقيرا. قال: إنه ابن من حلق رؤوس من ترون(٢) .

٩٨٦/٥ - حدّثنا الحسين بن عبدالله بن سعيد العسكري، قال: أخبرنا أبوإسحاق إبراهيم بن رعل(٣) العبشمي، قال: حدّثنا ثبيت بن محمّد، قال: حدّثنا أبوالاحوص المصري، قال: حدّثنا جماعة من أهل العلم، عن الصادق جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن جده عليهم السلام، قال: بينما أميرالمؤمنين (صلوات الله عليهم) في أصعب موقف بصفين، إذ قام إليه رجل من بني دودان، فقال: ما بال قومكم دفعوكم عن هذا الامر، وأنتم الاعلون نسبا، وأشد نوطا(٤) بالرسول، وفهما بالكتاب والسنة؟

فقالت: سألت - يا أخا بني دودان - ولك حق المسألة، وذمام الصهر(٥) ، وإنك لقلق الوضين(٦) ، ترسل عن ذي مسد(٧) ، إنها إمرة شحت عليها نفوس قوم، وسخت

______________

(١) في نسخة: في نحر: أي في مواجهته أو قبالته.

(٢) علل الشرائع: ٤٠٣/٤، التوحيد: ٢٥٣/٤، الارشاد: ٢٨٠، كنز الفوائد ٢: ٧٥، الاحتجاج: ٣٣٥، بحار الانوار ٣: ٣٣/٧، و ١٠: ٢٠٩/١١، و ٩٩: ٢٨/١.

(٣) في نسخة: رعد.

(٤) أي تعلقا وارتباطا.

(٥) الذمام: الحق أو الحرية، أما المصاهرة فهي أن زينب بنت جحش الاسدية، زوج رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم، من بني دودان، وهم من بني أسد، وأمها أمية بنت عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف، فهي بنت عمة رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم.

(٦) الوضين: حزام عريض يشد به الرحل على البعير. ويقال للرجل المضطرب في أموره: إنك لقلق الوضين.

(٧) كذا، وفي نسخة: سد، وفي المسترشد، وتسأل عن غير ذي مسألة، وفي الارشاد، ترسل غير ذي مسد، والظاهر أن الصواب ما في العلل والنهج: ترسل في غير سدد، أي تتكلم في غير قصد وفي غير صواب. قال المجلسي رحمه الله المسد: الحبل الممسود - أي المفتول - من نبات أو لحاء شجرة، وقيل: المسد، مرود البكرة الذي تدور عليه - ذكرهما في النهاية - فيمكن أن يقرأ على بناء المعلوم، أي ترسل الكلام كما ترسل البكرة على المرود عند الاستقاء، أو المعني تطلق حيوانا له مسد ربط به، كناية عن التكلم بما له مانع عن التكلم به، وعلى المجهول أي تنطق بالكلام عن غير تأمل، ثم تصير معلقا بالحبل بين السماء والارض لا =

٧١٦

عنها نفوس آخرين، ونعم الحكم الله.

فدع عنك نهبا صيح في حجراته(١) ، وهلم الخطب في ابن أبي سفيان، فلقد أضحكني الدهر بعد إبكائه(٢) .

لا غرو إلا جارتي وسؤالها

ألا هل لنا أهل سألت كذلك

بئس القوم من خفضني(٣) ، وحاولوا الادهان في دين الله، فإن ترفع عنا محن البلوى أحملهم من الحق على مخضه، وأن تكن الاخرى( فَلَا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ ) (٤) إليك عني، يا أخا بني دودان(٥) .

٩٨٧/٦ - حدّثنا الحسن بن عبدالله بن سعيد، قال: حدّثنا أبوعبدالله محمّد بن عبدالله بن محمّد بن الحجاج العدل، قال: حدّثنا أحمد بن محمّد النحوي، قال: حدّثنا شعيب بن واقد، قال: حدّثنا صالح بن الصلت، عن عبدالله بن زهير، قال: وفد العلاء بن الحضرمي على النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم فقال: يا رسول الله، إن لي أهل بيت أحسن إليهم فيسيئون، وأصلهم فيقطعون.

فقال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم:( ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ ، وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ ) (٦) .

______________

= تدري الحيلة فيه، أو بتشديد الدال، أي ترسل الماء عن مجرى له محل سد أو وسد، والاظهر أنه تصحيف. « بحار الانوار ٢٩: ٤٨٧ »

(١) النهب: المال المنهوب، الحجرات: النواحي، وهو مثل يضرب لمن ذهب من ماله شئ، ثم ذهب بعده ما هو أجل منه، وهو شطر بيت لامرئ القيس أيضا، انظر مجمع الامثال ١: ٢٦٧/١٤٠٢.

(٢) في نسخة: بكائه.

(٣) في نسخة: خفضي، وفي الارشاد: يئس القوم - والله - من خفضي.

(٤) المائدة ٥: ٢٦.

(٥) علل الشرائع: ١٤٥/٢، المسترشد: ٣٧١ « نحوه »، الارشاد ١: ٢٩٤ « نحوه » نهج البلاغة: ٢٣١ الخطبة ١٦٢ « نحوه »، بحار الانوار ٢٩: ٤٨٣/٥.

(٦) فصلت ٤١: ٣٤ و ٣٥.

٧١٧

فقال العلاء بن الحضرمي، إني قد قلت شعرا، هو أحسن من هذا، قال: وما قلت؟ فأنشده:

وحي ذوي الاضعان تسب قلوبهم

تحيتك العظمى فقد يرفع النغل

فإن أظهروا خيرا فجاز بمثله

وإن خنسوا عنك الحديث فلا تسل

فإن الذي يؤذيك منه سماعه

وإن الذي قالوا وراءك لم يقل

فقال النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم: إن من الشعر لحكما(١) ، وإن من البيان لسحرا، وإن شعرك لحسن، وإن كتاب الله أحسن(٢) .

٩٨٨/٧ - حدّثنا عليّ بن أحمد بن موسى الدقاق رضي الله عنه، قال: حدّثنا محمّد بن الحسن الطائي، قال: حدّثنا محمّد بن الحسين الخشاب، قال: حدّثنا محمّد ابن محسن، عن المفضل بن عمر، عن الصادق جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن جده، عن أبيه عليهم السلام، قال: قال أميرالمؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام: والله ما دنياكم عندي إلا كسفر(٣) على منهل حلوا، إذ صاح بهم سائقهم فارتحلوا، ولا لذاذتها في عيني إلا كحميم أشربه غساقا(٤) ، وعلقم أتجرعه زعاقا(٥) ، وسم أفعى(٦) أسقاه دهاقا(٧) ، وقلادة من نار أوهقها(٨) خناقا، ولقد رقعت مدرعتي(٩) هذه حتى استحييت

______________

(١) قال الجزري: أي إن من الشعر كلاما نافعا يمنع من الجهل والسفة، وينهى عنهما. قيل: أراد بها المواعظ والامثال التي ينتفع بها الناس. والحكم: العلم والفقه والقضاء بالعدل. (النهاية ١: ٤١٩).

(٢) بحار الانوار ٧١: ٤١٥/٣٦.

(٣) السفر: جمع السافر، وهو المسافر.

(٤) الغساق: ما يسيل من صديد أهل النار.

(٥) السم الزعاق: الذي يقتل سريعا، والماء الزعاق: المر الغليظ الذي لا يطاق شربه. ومن الطعام: الكثير الملح.

(٦) في نسخة: أفعاة.

(٧) يقال: كأس دهاق، أي مترعة ممتلئة، أو متتابعة على شاربها، وماء دهاق: أي كثير.

(٨) أوهقه: طرح في عنقه الوهق، وهو حبل في أحد طرفيه أنشوطة يطرح في عنق الدابة والانسان حتى يؤخذ.

(٩) المدرعة: القميص.

٧١٨

من راقعها، وقال لي: اقذف بها قذف الاتن(١) ، لا يرتضيها ليرقعها. فقلت له: اغرب عني، فعند الصباح يحمد القوم السرى، وتنجلي عنا علالات الكرى(٢) .

ولو شئت لتسربلت بالعبقري المنقوش من ديباجكم، ولاكلت لباب هذا البر بصدور دجاجكم، ولشربت الماء الزلال برقيق زجاجكم، ولكني اصدق الله جلت عظمته حيث يقول:( مَن كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لَا يُبْخَسُونَ ، أُولَـٰئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ ) (٣) ، فكيف أستطيع الصبر على نار لو قذفت بشررة إلى الارض لاحرقت نبتها، ولو اعتصمت نفس بقلة لانضجها وهج النار في قلتها؟ وأيما(٤) خير لعلي أن يكون عند ذي العرش مقربا، أو يكون في لظى خسيئا مبعدا، مسخوطا عليه بجرمه مكذبا.

والله لان أبيت على حسك السعدان(٥) مرقدا، وتحتي أطمار على سفاها(٦) ممددا، أو أجر في أغلالي مصفدا، أحب إلي من أن ألقى في القيامة محمّدا خائنا في

______________

(١) في نسخة: الابن، قال المجلسي رحمه الله، قوله: قذف الاتن، وهو بضمتين جمع الاتان وهي الحمارة، والتشبية بقذفها لكونها أشد امتناعا للحمل من غيرها، وربما يقرأ: الابن بالباء الموحدة المفتوحة وضم الهمزة، جمع الابنة، وهي العيب القبيح، فتكون الاضافة إلى المفعول، بحار الانوار ٤٠: ٣٤٩.

(٢) العلالة: بقية كل شئ، وهو مثل يضرب للرجل يحتمل المشقة رجاء الراحة، انظر: الامثال لابن سلام: ١٧٠ و ٢٣١، مجمع الامثال ٢: ٣.

(٣) هود ١١: ١٥ و ١٦.

(٤) في نخسة: وإنما.

(٥) السعدان: نبت له حسك ترعاه الابل.

(٦) السفا: التراب الذي تسفيه الريح وكل شجر له شوك، والضمير في (سفاها) راجع إلى الارض بقرينة المقام أو إلى حسك السعدان، أي ما ألقته الرياح من تلك الاشجار، وقيل: والواو للحال عن ضمير (مرقدا) قدم للسجع. وأطمار بكسر الراء على حذف ياء المتكلم، يريد أطماره الملبوسة له بدون فراش على حدة، والظرف متعلق بممدد، والضمير في (سفاها) لسعدان، وممددا على صيغة إسم المفعول حال اخرى عن ضمير (أبيت)، وفائدة ذكر هذه الفقرة أن البيتوتة على حسك السعدان على قسمين، الاول: البيتوتة على الساقط منه والشدة فيها قليلة، الثاني: البيتوتة عليه حين هو على الشجرة والشدة فيها عظيمة، ولا سيما إذا لم يكن مع فراش، وهو المراد هنا.

٧١٩

ذي يتمة أظلمه بفلسه متعمدا، ولم أظلم اليتيم وغير اليتيم! لنفس تسرع إلى البلاء(١) قفولها، ويمتد في أطباق الثرى حلولها، وإن عاشت رويدا فبذي العرش نزولها.

معاشر شيعتي، احذروا فقد عظتكم الدنيا بأنيابها، تختطف منكم نفسا بعد نفس كذئابها، وهذه مطايا الرحيل قد أنيخت لركابها. ألا إن الحديث ذو شجون، فلا يقولن قائلكم: إن كلام علي متناقض، لان الكلام عارض.

ولقد بلغني أن رجلا من قطان(٢) المدائن تبع بعد الحنيفية علوجه، ولبس من نالة(٣) دهقانه منسوجه، وتضمخ بمسك هذه النوافج(٤) صباحه، وتبخر بعود الهند رواحه، وحوله ريحان حديقة يشم نفاحه، وقد مد له مفروشات الروم على سرره، تعسا له بعد ما ناهز السبعين من عمره، وحوله شيخ يدب على أرضه من هرمه، وذو يتمة تضور من ضره ومن قرمه(٥) ، فما واساهم بفاضلات من علقمه، لئن أمكنني الله منه لاخضمنه خضم البر، ولاقيمن عليه حد المرتد، ولاضربنه الثمانين بعد حد، ولاسدن من جهله كل مسد، تعسا له أفلا شعر، أفلا صوف، أفلا وبر، أفلا رغيف قفار(٦) الليل إفطار مقدم(٧) ، أفلا عبرة على خد في ظلمة ليال تنحدر؟ ولو كان مؤمنا لا تسقت له الحجة إذا ضيع ما لا يملك.

والله لقد رأيت عقيلا أخي وقد أملق حتى استماحني من بركم صاعه، وعاودني في عشر وسق(٨) من شعيركم يطعمه جياعه، ويكاد يلوي ثالث أيامه

______________

(١) في نسخة: البلى، وكلاهما بمعنى.

(٢) أي سكان.

(٣) النالة: جمع نائل، وهو العطاء.

(٤) النوافج: جمع نافجة، وهي وعاء المسك.

(٥) القرم: شدة شهوة اللحم.

(٦) القفار من الخبز: مالا إدام معه.

(٧) في نسخة: لليل إفطار معدم.

(٨) الوسق: مكيلة تساوي ستين صاعا.

٧٢٠