الأمالي الشيخ الطوسي

الأمالي الشيخ الطوسي0%

الأمالي الشيخ الطوسي مؤلف:
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 799

الأمالي الشيخ الطوسي

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: أبو جعفر محمد بن الحسن بن علي بن الحسن الطوسي (شيخ الطائفة)
تصنيف: الصفحات: 799
المشاهدات: 838452
تحميل: 8068


توضيحات:

الأمالي الشيخ الطوسي المقدمة
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 799 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 838452 / تحميل: 8068
الحجم الحجم الحجم
الأمالي الشيخ الطوسي

الأمالي الشيخ الطوسي

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

المرزباني، قال: حدّثنا عليّ بن سليمان، قال: حدّثنا محمّد بن حميد، قال: حدّثنا محمّد بن إسحاق المسيبي، قال: حدّثنا محمّد بن فليح، عن موسى بن عقبة، عن محمّد بن شهاب الزهري، قا ل: لما قدم جعفر بن أبي طالبرضي‌الله‌عنه من بلاد الحبشة، بعثه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلى مؤتة، واستعمل على الجيش معه زيد بن حارثة وعبدالله بن رواحة، فمضى الناس معهم حتّى كانوا بتخوم البلقاء، فلقيهم جموع هرقل من الروم والعرب، فانحاز المسلمون إلى قرية يقال لها مؤتة، فالتقى الناس عندها واقتتلوا قتالا شديدا، وكان اللواء يومئذ مع زيد بن حارثة، فقاتل به حتّى شاط(١) في رماح القوم، ثم أخذه جعفر فقاتل به قتالا شديدا، ثم اقتحم عن فرس له شقراء فعقرها وقاتل حتّى قتل.

قال: وكان جعفر أول رجل من المسلمين عقر فرسه في الاسلام، ئم أخذ اللواء عبدالله بن رواحة فقاتل حتّى قتل، فأعطى المسلمون اللواء بعدهم خالد بن الوليد، فناوش القوم وراوغهم حتّى انحاز بالمسلمين منهزما، ونجابهم من الروم، وأنفذ رجلا من المسلمين يقال له عبدالرحمن بن سمرة إلى النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بالخبر.

فقال عبدالرحمن: فصرت إلى النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فلما وصلت إلى المسجد قال لي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : على رسلك يا عبدالرحمن. ثم قالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أخذ اللواء زيد فقاتل به فقتل، رحم الله زيدا، ثم أخذ اللواء جعفر وقاتل وقتل، رحم الله جعفرا، ثم أخذ اللواء عبدالله بن رواحة وقاتل وقتل، فرحم الله عبدالله.

قال: فبكى أصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وهم حوله، فقال لهم النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : وما يبكيكم؟ فقالوا: وما لنا لا نبكي وقد ذهب خيارنا وأشرافنا، وأهل الفضل منا!

فقال لهمعليه‌السلام : لا تبكوا، فإنما مثل أمتي مثل حديقة قام عليها صاحبها،

____________________

(١) شاط: هلك.

١٤١

فأصلح رواكبها(١) ، وبنى مساكنها، وحلق سعفها، فأطعمت عاما فوجا، ثم عاما فوجا، ثم عاما فوجا، فلعل آخرها طعما أن يكون أجودها قنوانا، وأطولها شمراخا، أما والذي بعثني بالحق نبيا، ليجدن عيسى بن مريم في أمتي خلقا من حواريه.

قال: وقال كعب بن مالك يرثي جعفر بن أبي طالب (رضي الله عنه وعن المستشهدين معه):

هدت العيون ودمع عينك يهمل

سخا كما وكف(٢) الضباب المخضل

وكأنما بين الجوانح والحشا

مما تأوبني شهاب مدخل

وجدا على النفر الذين تتابعوا

يوما بمؤتة أسندوا لم يقفلوا(٣)

فتغير القمر المنير لفقدهم

والشمس قدكسفت وكادت تأفل

قوم علابنيانهم من هاشم

فرع أشم وسؤدد ما ينقل

قوم بهم نصر الالة عبادة

وعليهم نزل الكتاب المنزل

وبهديهم رضي الاله لخلقه

وبجدهم نصر النبيّ المرسل

بيض الوجوه يرى بطون أكفهم

تندى إذا أغبر الزمان الممحل

 ٢٣١/٤٤ - أخبرنا محمّد بن محمّد، قال: أخبرنا أبوالحسن محمّد بن المظفر البزاز، قال: حدّثنا أحمد بن عبيد العطاردي، قال: حدّثنا أبوبشر بن بكير، قال: حدّثنا زياد بن المنذر، قال: حدثني أبوعبدالله مولى بني هاشم، قال: حدّثنا أبوسعيد الخدري، قال: لما كان يوم أحد شج النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في وجهه، وكسرت رباعيته، فقامعليه‌السلام رافعا يديه يقول: إن الله اشتد غضبه على اليهود أن قالوا: عزير بن الله، واشتد غضبه على النصارى أن قالوا: المسيح بن الله، وإن الله اشتذ غضبه على من أراق دمي وآذاني في عترتي.

٢٣٢/٤٥ - أخبرنا محمّد بن محمّد، قال: أخبرنا أبوالحسن عليّ بن مالك

____________________

(١) وهي الفسائل في أعلى النخلة متدلية لا تبلغ الارض.

(٢) أي قطر وسال.

(٣) أي لم يعودوا.

١٤٢

النحوي، قال: حدّثنا أحمد بن عبد الجبار، قال: حدّثنا بشر بن بكر، عن محمّد بن إسحاق، عن مشيخته، قال: لما رجع عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام من أحد نا ناول فاطمة سيفه وقال:

أفاطم هاك السيف غير ذميم

فلست برعديد(١) ولا بلئيم

لعمري لقد أعذرت في نصر أحمد

ومرضاة رب للعباد رحيم

قال: وسمع يوم أحد، وقد هاجت ريح عاصف، كلائم هاتف يهتف، وهو يقول:

لا سيف إلاذ والفقار

ولا فتى إلا علي

فإذا ندبتم هالكاً

فابكوا الوفن أخا الوفي

٢٣٣/٤٦ - أخبرنا محمّد بن محمّد، قال: أخبرني أبوالحسن عليّ بن محمّد الكاتب، قال: أخبرني الحسن بن عليّ بن عبد الكريم الزعفراني، قال: حدثني أبوإسحاق إبراهيم بن محمّد الثقفي، قال: حدّثنا محمّد بن عثمان، عن أبي عبد(٢) الله الاسلمي، عن موسى بن عبدالله الاسدي، قال: لما انهزم أهل البصرة أمر عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام أن تنزل عائشة قصر أبي خلف، فلقا نزلت جاءها عمار بن ياسررضي‌الله‌عنه فقال لها: يا أمت كيف رأيت ضرب بنيك دون دينهم بالسيف؟ فقالت: استبصرت يا عمار من أجل أنك غلبت.

قال: أنا أشد استبصارا من ذلك، أما والله لو ضربتمونا حتّى تبلغونا سعفات هجر لعلمنا أنا على الحق وأنكم على الباطل.

فقالت له عائشة: هكذا يخيل إليك، اتق الله يا عمار، فإن سنك قد كبرت، ودق عظمك، وفنى أجلك، وأذهبت دينك لابن أبي طالب.

فقال عمّاررحمه‌الله : إني والله اخترت لنفسي في أصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فرأيت عليا أقرأهم لكتاب الله (عزّوجلّ)، وأعلمهم بتأويله، وأشدهم

____________________

(١) الرعديد: الجبان الذي يرعد في الحرب جبنا.

(٢) في نسخة: عبيد.

١٤٣

تعظيما لحرمته، وأعرفهم بالسنة، مع قرابته من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وعظم عنائه وبلائه في الاسلام، فسكتت.

٢٣٤/٤٧ - أخبرنا محمّد بن محمّد، قال: أخبرني أبوالحسن أحمد بن محمّد ابن الحسن بن الوليدرضي‌الله‌عنه ، قال: حدثني أبي، قال: حدّثنا محمّد بن الحسن الصفار، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسن بن عليّ بن أبي حمزة، عن عبدالله بن الوليد، قال: دخلنا على أبي عبداللهعليه‌السلام في زمن بني مروان، فقال: ممن أنتم؟ قلنا: من أهل الكوفة. قال: ما من البلدان أكثر محبا لنا من أهل الكوفة، لا سيما هذه العصابة، إن الله هداكم لامر جهله الناس، فأحببتمونا وأبغضنا الناس، وبايعتمونا وخالفنا الناس، وصدقتمونا وكذبنا الناس، فأحياكم الله محيانا، وأماتكم مماتنا، فأشهد على أبي كان يقول: ما بين أحدكم وبين أن يرى ما تقر به عينه أو يغتبط إلا أن تبلغ نفسه هكذا - وأهوى بيده إلى خلقه - وقد قال الله (عزّوجلّ) في كتابة:( وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِّن قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجًا وَذُرِّيَّةً ) (١) فنحن ذرية رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (٢) .

٢٣٥/٤٨ - أخبرنا محمّد بن محمّد، قال: أخبرني أبوالقاسم جعفر بن محمّد ابن قولويه، عن أبيه، عن سعد بن عبدالله، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن محمّد ابن سنان، عن المفضل بن عمر، قال: سمعت أبا عبدالله جعفر بن محمّدعليه‌السلام يقول: إن في السماء الرابعة ملائكة يقولون في تسبيحهم « سبحان من دل هذا الخلق القليل من هذا الخلق الكثير على هذا الدين العزيز »

٢٣٦/٤٩ - أخبرنا محمّد بن محمّد، قال: أخبرنا أبوبكر محمّد بن عمر الجعابي، قال: حدّثنا أبوالعباس أحمد بن محمّد بن سعيد، قال: حدّثنا عبيد بن

____________________

(١) سورة الرعد ١٣: ٣٨.

(٢) يأتي في الحديث: ١٤٠.

١٤٤

حمدون، قال: حدّثنا محمّد بن حسان بن سهيل، قال: حدّثنا عامر بن الفضل(١) ، عن بشر بن سالم البجلي ومحمّد بن عمران الذهلي، عن جعفر بن محمّدعليهما‌السلام قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : من نسي الصلاة علي أخطأ طريق الجنة.

٢٣٧/٥٠ - أخبرنا محمّد بن محمّد، قال: أخبرنا أبوالقاسم جعفر بن محمّد بن قولويهرضي‌الله‌عنه ، قال: حدثني أبي، قال: حدّثنا سعد بن عبدالله، قال حدّثنا أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن سيف بن عميرة، عن جابر الجعفي، عن أبي جعفر محمّد بن عليّ الباقرعليه‌السلام ، عن آبائهعليهم‌السلام قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لجبرئيلعليه‌السلام : أي البقاع أحب إلى الله (تبارك وتعالى)؟ قال: المساجد، وأحب أهلها إلى الله أولهم دخولا إليها وآخرهم خروجا منها.

قال: فأي البقاع أبغض إلى الله تعالى؟ قال: الاسواق، وأبغض أهلها إليه أولهم دخولا إليها، وآخرهم خروجا منها.

٢٣٨/٥١ - أخبرنا محمّد بن محمّد، قال: أخبرني محمّد بن عمر الجعابي، قال: حدّثنا أبوالعباس أحمد بن محمّد بن سعيد الهمداني، قال: حدّثنا عبدالله بن أحمد بن مستورد، قال: حدّثنا عبدالله بن يحيى، قال: حدّثنا محمّد بن عثمان بن زيد ابن بكار بن الوليد الجهني، قال: سمعت أبا عبدالله جعفر بن محمّدعليه‌السلام يقول: من دخل سوقا فقال: « أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمّداً عبده ورسوله، اللهم إني أعوذ بك من الظلم والمأثم والمغرم » كتب الله له من الحسنات عدد من فيها من فصيح وأعجم.

٢٣٩/٥٢ - أخبرنا محمّد بن محمّد، قال: أخبرني أبوبكر محمّد بن عمر الجعابي، قال: حدّثنا أبوالعباس أحمد بن محمّد بن سعيد، قال: حدثني أحمد بن يوسف الجعفي، قال: حدّثنا محمّد بن حسان، قال: حدّثنا حفص بن راشد الهلالي، قال: حدّثنا محمّد بن عباد بن سريع البارقي، قال: سمعت جعفر بن محمّدعليهما‌السلام

____________________

(١) في نسخة: المفضل.

١٤٥

يقول: لما ولد النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ولد ليلا، فأتى رجل من أهل الكتاب إلى الملا من قريش وهم مجتمعون: هشام بن المغيرة، ووليد بن المغيرة، وعتبة، وشيبة، فقال: أولد فيكم الليلة مولود؟ قالوا: لا، وما ذاك؟ قال: لقد ولد فيكم الليلة أو بفلسطين مولود اسمه أحمد، به شامة، يكون هلاك أهل الكتاب على يديه. فسألوا فأخبروا، فطلبوه فقالوا: لقد ولد فينا غلام. فقال: قبل أن آتيكم أو بعد؟ قالوا: قبل. قال: فانطلقوا معي أنظر إليه، فأتوا أمه وهو معهم، فأخبرتهم كيف سقط، وما رأت من النور، قال اليهودي: فأخرجيه، فنظر إليه ونظر إلى الشامة فخر مغشيا عليه، فأدخلته أمه، فلما أفاق قالوا له: ويلك مالك؟ قال ذهبت نبوة بني إسرائيل إلى يوم القيامة، هذا والله مبيرهم(١) ، ففرحت قريش لذلك، فلما رأى فرحهم قال: والله ليسطون بكم سطوة يتحدث بها أهل المشرق وأهل المغرب.

٢٤٠/٥٣ - أخبرنا محمّد بن محمّد، قال: أخبرنا أبوالطيب الحسين بن محمّد التمار، قال: حدّثنا محمّد بن القاسم الانباري، قال: حدّثنا أحمد بن عبيد، قال: حدّثنا عبد الرحيم بن قيس الهلالي، قال: حدّثنا العمري عن أبي وجزة السعدي، عن أبيه، قال: أوصى أميرالمؤمنين عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام إلى الحسن بن عليّعليه‌السلام فقال فيما أوصى به إليه: يا بني، لا فقر أشد من الجهل، ولا عدم أعدم من العقل، ولا وحدة أوحش من العجب، ولا حسب كحسن الخلق، ولا ورع كالكف عن محارم الله، ولا عبادة كالتفكر في صنعة الله (عزّوجلّ). يا بني، العقل خليل المرء، والحلم وزيره، والرفق والده، والصبر من خير جنوده. يا بني، إنه لابد للعاقل من أن ينظر في شأنه، فليحفظ لسانه، وليعرف أهل زما نه. يا بني، إن من البلاء الفاقة، وأشد من ذلك مرض البدن، وأشد من ذلك مرض

____________________

(١) أي مهلكهم.

١٤٦

القلب، وإن من النعم سعة المال، وأفضل من ذلك صحة البدن، وأفضل من ذلك تقوى القلوب.

يا بني، للمؤمن ثلاث ساعات: ساعة يناجي فيها ربه، وساعة يحاسب فيها نفسه، وساعة يخلو فيها بين نفسه ولذتها فيما يحل ويجمل، وليس للمؤمن بد من أن يكون شاخصا في ثلاث: مرمة لمعاش، أو خطوة لمعاد، أو لذة في غير محرم.

٢٤١/٥٤ - أخبرنا محمّد بن محمّد، قال: أخبرني أبوالقاسم جعفر بن محمّد ابن قولويهرحمه‌الله قال: حدثني محمّد بن يعقوب الكلينيرحمه‌الله ، عن عليّ بن إبراهيم بن هاشم، عن محمّد بن عيسى بن عبيد، عن حنان بن سدير الصيرفي، عن أبيه، عن أبي جعفر محمّد بن عليّ الباقرعليهما‌السلام ، قال: جلس جماعة من أصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ينتسبون ويفتخرون، وفيهم سلمانرحمه‌الله فقال له عمر: ما نسبتك أنت يا سلمان، وما أصلك؟

فقال: أنا سلمان بن عبدالله، كنت ضالا فهداني الله بمحمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وكنت عائلا فأغناني الله بمحمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وكنت مملوكا فأعتقني الله بمحمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فهذا حسبي ونسبي يا عمر.

ثم خرج رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فذكر له سلمان ما قال عمر، وما أجابه، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : يا معشر قريش، إن حسب المرء دينه، ومروء ته خلقه، وأصله عقله، قال الله (تعالى):( يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّـهِ أَتْقَاكُمْ ) (١) ثم أقبل على سلمانرحمه‌الله فقال له: يا سلمان، إنه ليس لاحد من هؤلاء عليك فضل إلا بتقوى الله، فمن كنت أتقى منه فأنت أفضل منه.

٢٤٢/٥٥ - أخبرنا محمّد بن محمّد، قال: أخبرني أبوبكر محمّد بن عمر الجعابي، قال: حدّثنا أبوالعباس أحمد بن محمّد بن سعيد، قال: حدّثنا أبوعوانة

____________________

(١) سورة الحجرات ٤٩: ١٣.

١٤٧

موسى بن يوسف بن راشد الكوفي، قال: حدّثنا محمّد بن يحيى الاودي، قال: حدّثنا إسماعيل بن أبان، قال: حدّثنا فضيل بن الزبير، قال: حدّثنا أبوعبدالله مولى بني هاشم، عن أبي سخيلة، قال: حججت أنا وسلمان الفارسيرحمه‌الله فمررنا بالربذة، وجلسنا إلى أبي ذز الغفاريرحمه‌الله ، فقال لنا: إنه ستكون بعدي فتنة، ولابد منها، فعليكم بكتاب الله والشيخ عليّ بن أبي طالب فالزموهما، فأشهد على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أني سمعته وهو يقول: علي أول من آمن بي، وأول صدقني، وأول من يصافحني يوم القيامة، وهو الصد يق الاكبر، وهو فاروق هذه الامة يفرق بين الحق والباطل، وهو يعسوب المؤمنين، والمال يعسوب المنافقين.

٢٤٣/٥٦ - أخبرنا محمّد بن محمّد، قال: أخبرنا أبوالقاسم جعفر بن محمّد، قال: حدثني أبي، عن سعد بن عبدالله، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن صفوان ابن يحيى، عن يعقوب بن شعيب، عن صالح بن ميثم التمار (رحمه الله عنه)، قال: وجدت في كتاب ميثمرضي‌الله‌عنه يقول: تمسينا ليلة عند أميرالمؤمنين عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام فقال لنا: ليس من عبد امتحن الله قلبه بالايمان إلا أصبح يجد مودتنا على قلبه، ولا أصبح عبد ممن سخط الله عليه إلا يجد بغضنا على قلبه، فأصبحنا نفرح بحب المؤمن لنا، ونعرف بغض المبغض لنا، وأصبح محبنا مغتبطا بحبنا برحمة من الله ينتظرها كل يوم، وأصبح مبغضنا يؤسس بنيانه على شفا جرف هار، فكان ذلك الشفا قد انهار به في نار جهنم، وكأن أبواب الرحمة قد فتحت لاصحاب الرحمة، فهنيئا لاصحاب الرحمة رحمتهم، وتعسا لاهل النار مثواهم، إن عبدا لن يقصر في حبنا لخير جعله الله في قلبه، ولن يحبنا من يحب مبغضنا، إن ذلك لا يجتمع في قلب واحد و( مَّا جَعَلَ اللَّـهُ لِرَجُلٍ مِّن قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ ) (١) يحب بهذا قوما، ويحب بالاخر عدوهم، والذي يحبنا فهو يخلص حبناكما يخلص الذهب لا غش فيه.

نحن النجباء وأفراطنا أفراط الانبياء، وأنا وصي الاوصياء، وأنا حزب الله

____________________

(١) سورة الاحزاب ٣٣: ٤.

١٤٨

ورسولهعليه‌السلام ، والفئة الباغية حزب الشيطان، فمن أحب أن يعلم حاله في حبنا فليمتحن قلبه، فإن وجد فيه حب من ألب علينا فليعلم أن الله عدوه وجبرئيل وميكائيل، والله عدو للكافرين.

٢٤٤/٥٧ - أخبرنا محمّد بن محمّد، قال: أخبرنا أبوالقاسم جعفر بن محمّد، قال: حدثني أبي، عن سعد بن عبدالله، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن محمّد بن خالد، عن فضالة، عن أبي بصير، عن أبي جعفر محمّد بن عليّعليهما‌السلام قال: إنا وشيعتنا خلقنا من طينة من عليين، وخلق عدونا من طينة خبال من حمأ مسنون.

٢٤٥/٥٨ - أخبرنا محمّد بن محمّد، قال: أخبرنا أبوبكر محمّد بن عمر الجعابي، قال: حدّثنا أبوالعباس أحمد بن محمّد بن سعيد، قال: حدّثنا محمّد بن يوسف بن إبراهيم، قال: حدّثنا محمّد بن زياد، عن أبي أيوب الخزاز، عن محمّد بن عبدة النيسابوري، قال: قلت لابي عبدالله جعفر بن محمّدعليهما‌السلام إن الناس يروون عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أن في الليل ساعة لا يدعو فيها عبد مؤمن بدعوة إلا استجيب له؟ قال: نعم.

قلت: متى هي، جعلت فداك؟ قال: ما بين نصف الليل إلى الثلث الباقي منه.

قلت له: أهي ليلة من الليالي معلومة، أوكل ليلة؟ قال: بل كل ليلة.

٢٤٦/٥٩ - أخبرنا محمّد بن محمّد، قال: أخبرنا أبوبكر محمّد بن عمر الجعابي، قال: حدّثنا محمّد بن يحيى بن أبي سليمان بن زياد المروزي، قال: حدّثنا عبيدالله بن محمّد العيشي، قال: حدّثنا حماد بن سلمة، عن أيوب، عن أبي قلابة، عن أبي هريرة: أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: هذا شهر رمضان، وهو شهر مبارك، افترض الله (تعالى) صيامه، تفتح فيه أبواب الجنان، وتصفد فيه الشياطين، وفيه ليلة خير من ألف شهر، فمن حرمها فقد حرم، يردد ذلك ثلاث مرات.

٢٤٧/٦٠ - أخبرتم محمّد بن محمّد، قال: حدّثنا أبوبكر محمّد بن عمر الجعابي، قال: حدّثنا محمّد بن يحيى بن أبي سليمان، قال: حدّثنا عبيدالله بن محمّد العيشي، قال: حدّثنا حماد بن سلمة، عن محمّد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي

١٤٩

هريرة، قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : من صام شهر رمضان إيمانا واحتسابا، غفر الله له ما تقدم من ذنبه، ومن صلى ليلة القدر إيمانا واحتسابا، غفر الله له ما تقدم من ذنبه.

٢٤٨/٦١ - أخبرنا محمّد بن محمّد، قال: حدّثنا أبوبكر محمّد بن عمر، قال: حدّثنا أبوالعباس أحمد بن محمّد بن سعيد، قال: حدّثنا عليّ بن الحسن بن فضال، عن الحسن بن عليّ بن يوسف، عن زكريا بن محمّد، عن أبي عبدالله المؤمن، عن ابن مسكان، عن سليمان بن خالد، عن أبي عبداللهعليه‌السلام ، قال: أربعة لا ترد لهم دعوة: الامام العادل لرعيته، والاخ لاخيه بظهر الغيب يوكل الله به ملكا يقول له: ولك مثل ما دعوت لاخيك، والوالد لولده، والمظلوم يقول الرب (عزّوجلّ): وعزتي وجلالي لانتقمن لك ولو بعد حين.

تمّ المجلس الخامس، ويتلوه المجلس السادس من أمالي الشيخ الجليل أبي جعفر الطوسي رحمة الله عليه ورضي عنه.

١٥٠

[ ٦ ]

المجلس السادس

فيه بقية أحاديث الشيخ المفيد محمّد بن محمّد بن النعمان.

بسم الله الرحمن الرحيم

٢٤٩/١ - حدّثنا أبوعبدالله محمّد بن محمّد بن النعمان (رحمه الله عنه)، قال: حدّثنا أبوحفص عمر بن محمّد، قال: حدّثنا أبوعبدالله الحسين بن إسماعيل، قال: حدّثنا عبدالله بن شبيب، قال: حدثني محمّد بن محمّد بن عبد العزيز، قال: وجدت في كتاب أبي، عن الزهري، عن عبيدالله بن عبدالله، عن ابن عباس، قال: وجدت حفصة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مع أم إبراهيم في يوم عائشة، فقالت: لاخبرنها. فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : اكتمي ذلك وهي علي حرام، فأخبرت حفصة عائشة بذلك، فأعلم الله نبيهعليه‌السلام ، فعرف حفصة أنها أفشت سره فقالت له: من أنبأك هذا؟ قال: نبأني العليم الخبير، فآلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من نسائه شهرا، فأنزل الله (عزّاسمه)( إِن تَتُوبَا إِلَى اللَّـهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا ) (١) .

قال ابن عباس: فسألت عمر بن الخطاب من اللتان تظاهرتا على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم . فقال: حفصة وعائشة.

____________________

(١) سورة التحريم ٦٦: ٤.

١٥١

٢٥٠/٢ - حدّثنا محمّد بن محمّد، قال: حدّثنا أبونصر محمّد بن الحسين البصير، قال: حدّثنا العباس بن السري المقرئ، قال: حدّثنا شداد بن عبدالله المخزومي، عن عامر بن حفص، قال: قدم عروة بن الزبير على الوليد بن عبد الملك ومعه محمّد بن عروة، فدخل محمّد دار الدواب، فضربته دابة فخر ميتا، ووقعت في رجل عروة الاكلة(١) ، ولم تدع(٢) وركه تلك الليلة، فقال له الوليد: اقطعها، فقال: لا، فترقت إلى ساقة فقال له: اقطعها وإلا أفسدت عليك جسدك، فقطعها بالمنشار وهو شيخ كبير لم يمسكه أحد، وقال: لقد لقينا من سفرنا هذا نصبا.

وقدم على الوليد في تلك السنة قوم من بني عبس فيهم رجل ضرير، فسأله الوليد عن عينه وسبب ذهابها، فقال: يا أميرالمؤمنين، بت ليلة في بطن واد، ولا أعلم عبسيا تزيد حاله على حالي، فطرقنا سيل، فذهب ماكان لي من أهل وولد ومال غير بعير وصبي مولود، وكان البعير صغيرا صعبا فند(٣) ، فوضعت الصبي، وأتبعت البعير، فلم أجاوز إلا قليلا حتّى سمعت صيحة ابني، فرجعت إليه وراس الذئب في بطنه يأكله، ولحقت البعير لاحتبسه فنفحني برجله في وجهي فحطمه وذهب بعيني، فأصبحت لا مال لي ولا أهل ولا ولد ولا بصر. فقالى الوليد: انطلقوا به إلى عروة ليعلم أن في الناس من هو أعظم منه بلاء.

وشخص عروة إلى المدينة فأتته قريش والانصار، فقال له عيسى بن طلحة بن عبيدالله: ابشر يا أبا عبدالله، فقد صنع الله بك خيرا، والله ما بك حاجة إلى المشي. فقال: ما أحسن ما صنع الله بي! وهب لي سبعة بنين فمتعني بهم ما شاء، ثم أخذ واحدا وترك ستة، ووهب لي ستة جوارح متعني بهن ما شاء ثم أخذ واحدة وترك خمسا: يدين، ورجلا وسمعا وبصرا. ثم قال: إلهي لئن كنت أخذت لقد أبقيت،

____________________

(١) الاكلة: الحكة، وداء في العضو يأتكل منه.

(٢) ودع يدع: سكن واستقر.

(٣) ند البعير: نفر وشرد.

١٥٢

وإن كنت ابتليت لقد عافيت.

٢٥١/٣ - أخبرنا محمّد بن محمّد، قال: أخبرنا أبوبكر محمّد بن عمر الجعابي، قال: حدّثنا أبوالعباس أحمد بن محمّد بن سعيد، قال: حدّثنا أحمد بن يوسف الجعفي، قال: حدّثنا الحسين بن محمّد، قال: حدّثنا أبي، عن آدم بن عيينة الهلالي، قال: سمعت جعفر بن محمّدعليهما‌السلام يقول: كم من صبر ساعة قد أورث فرحا طويلا، وكم من لذة ساعة قد أورثت حزنأ طويلا.

٢٥٢/٤ - أخبرنا محمّد بن محمّد، قال: أخبرني أبوالطيب الحسين بن محمّد التمار، قال: حدّثنا عليّ بن ماهان، قال: حدّثنا الحارث بن محمّد بن داهر، قال: حدّثنا داود بن المحبر، قال: حدّثنا عباد بن كثير، عن سهيل بن عبدالله، عن أبيه، عن أبي هريرة، قال: سمعت أبا القاسم (صلوات الله عليه) يقول: استرشدوا العاقل، ولا تعصوه فتند موا.

٢٥٣/٥ - أخبرنا محمّد بن محمّد، قال: أخبرنا أبوبكر محمّد بن عمر الجعابي، قال: حدّثنا أبوالعباس أحمد بن محمّد بن سعيد، قال: حدّثنا الحسن بن جعفر، قال: حدثني عمي طاهر بن مدرك، قال: حدثني زر بن أنس، قال: سمعت جعفر بن محمّدعليهما‌السلام يقول: لا يكون المؤمن مؤمنا حتّى يكون كامل العقل، ولا يكون كامل العقل حتّى تكون فيه عشر خصال. الخير منه مأمول، والشر منه مأمون، يستقل كثير الخير من نفسه، ويستكثر قليل الخير من غيره، ويستكثر قليل الشر من نفسه، ويستقل كثير الشر من غيره، ولا يتبرم بطلب الحوائج قبله، ولا يسأم من طلب العلم عمره، الذل أحب إليه من العز، والفقر أحب إليه من الغنى، حسبه من الدنيا قوت، والعاشرة وما العاشرة: لا يلقى أحدا إلا قال: هو خير مني وأتقى. إنما الناس رجلان: رجل خير منه وأتقى، وآخر شر منه وأدنى، فإذالقي الذي هو خير منه تواضع له ليلحق به، وإذا لقي الذي هو شرمنه وأدنى قال: لعل شر هذا ظاهر وخيره باطن، فإذا فعل ذلك علا وساد أهل زمانه.

٢٥٤/٦ - أخبرنا محمّد بن محمّد، قال: حدّثنا الشريف الصالح أبومحمّد

١٥٣

الحسن بن حمزة العلوي الطبري الحسيني، قال: حدّثنا محمّد بن الفضل بن حاتم، المعروف بأبي بكر النجار الطبري الفقيه، قال: حدّثنا محمّد بن عبد الحميد، قال: حدّثنا داهر بن محمّد بن يحيى الاحمري، قال: حدّثنا المنذر بن الزبير، عن أبي ذر الغفاريرحمه‌الله قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : لا تضادوا بعلي أحداً فتكفروا، ولا تفضلوا عليه أحدا فترتدوا.

٢٥٥/٧ - أخبرنا محمّد بن محمّد، قال: أخبرنا أبوالحسين زيد بن محمّد بن جعفر السلمي إجازة، قال: حدّثنا أبوعبدالله الحسين بن الحكم الكندي، قال: حدّثنا إسماعيل بن صبيح اليشكري، قال: حدّثنا خالد بن العلاء، عن المنهال بن عمرو، قال: كنت جالسا مع محمّد بن عليّ الباقرعليهما‌السلام إذ جاءه رجل فسلم عليه فرد عليه السلام، قال الرجل: كيف أنتم؟

فقال له محمّدعليه‌السلام : أوما آن لكم أن تعلموا كيف نحن، إنما مثلنا في هذه الامة مثل بني إسرائيل، كان يذبح أبناؤهم وتستحيا نساؤهم، ألا وإن هؤلاء يذبحون أبناءنا ويستحيون نساءنا، زعمت العرب أن لهم فضلا على العجم، فقالت العجم: وبماذا؟ قالوا: كان محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عربيا. قالوا لهم: صدقتم، وزعمت قريش أن لها فضلا على غيرها من العرب، فقالت لهم العرب من غيرهم: وبما ذاك؟ قالوا: كان محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قرشيا. قالوا لهم: صدقتم؟ فإن كان القوم صدقوا فلنا فضل على الناس، لانا ذرية محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وأهل بيته خاصة وعترته، لا يشركه في ذلك غيرنا.

فقال له الرجل: والله إني لاحبكم أهل البيت. قال: فاتخذ للبلاء جلبابا، فوالله إنه لاسرع إلينا والى شيعتنا من السيل في الوادي، وبنا يبدأ البلاء ثم بكم، وبنا يبدأ الرخاء ثم بكم.

٢٥٦/٨ - أخبرنا محمّد بن محمّد، قال: حدّثنا أبوأحمد إسماعيل بن يحيى العبسي، قال: حدّثنا أبوجعفر محمّد بن جرير الطبري، قال: حدّثنا محمّد بن إسماعيل الضراري، قال: حدثني عبد السلام بن صالح الهروي، قال: حدّثنا الحسين

١٥٤

ابن الحسن الاشقر، قال: حدّثنا قيس بن الربيع، عن الاعمش، عن عباية بن ربعي الاسدي، عن أبي أيوب الانصاري، قال: مرض رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مرضة، فأتته فاطمةعليهما‌السلام تعوده، فلما رأت ما برسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من المرض والجهد استعبرت وبكت حتّى سألت دموعها على خديها، فقال لها النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : يا فاطمة، إني لكرامة الله إياك زوجتك أقدمهم سلما، وأكثرهم علما، وأعظمهم حلما، إن الله (تعالى) اطلع إلى أهل الارض إطلاعة فاختارني منها فبعثني نبيا، واطلع إليها ثانية فاختار بعلك فجعله وصيا.

فسرت فاطمةعليها‌السلام فاستبشرت، فأراد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أن يزيدها مزيد الخير، فقال: يا فاطمة، إنا أهل بيت أعطينا سبعا لم يعطها أحد قبلنا ولا يعطاها أحد بعدنا: نبينا أفضل الانبياء وهو أبوك، ووصينا أفضل الاوصياء وهو بعلك، وشهيدنا أفضل الشهداء وهو عمك، ومنا من جعل الله له جناحين يطير بهما مع الملائكة وهو ابن عمك، ومنا سبطا هذه الامة وهما ابناك. والذي نفسي بيده لابد لهذه لامة من مهدي، وهو والله من ولدك.

٢٥٧/٩ - أخبرنا محمّد بن محمّد، قال: أخبرنا محمّد بن أحمد بن عبيدالله المنصوري إجازة، قال: حدّثنا أبوالفضل محمود بن محمّد، قال: حدّثنا أحمد بن محمّد بن يزيد، قال: حدّثنا إسماعيل بن أبان، قال: حدّثنا الاعمش، عن المنهال بن عمرو، عن زاذان، عن سلمانرضي‌الله‌عنه ، قال: بايعنا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على النصح للمسلمين، والائتمام بعليّ بن أبي طالبعليه‌السلام ، والموالاة له.

٢٥٨/١٠ - أخبرنا محمّد بن محمّد، قال: أخبرني محمّد بن أحمد بن عبيدالله المنصوري، قال: حدّثنا سليمان بن سهل، قال: حدّثنا عيسى بن إسحاق القرشي، قال: حدّثنا حمدان بن عليّ الخفاف، قال: حدّثنا عاصم بن حميد، عن أبي حمزة الثمالي، عن أبي جعفر محمّد بن عليّعليهما‌السلام ، عن أبيه عليّ بن الحسينعليه‌السلام ، عن محمّد بن عمار بن ياسر، عن أبيه عماررضي‌الله‌عنه ، قال: لما مرضت فاطمةعليها‌السلام مرضها الذي توفيت فيه وثقلت، جاءها العباس بن

١٥٥

عبد المطلبرضي‌الله‌عنه عائدا، فقيل له: إنها ثقيلة، وليس يدخل عليها أحد، فانصرف إلى داره، فأرسل إلى عليّعليه‌السلام فقال لرسوله: قل له: يابن أخ، عمك يقرئك السلام، ويقول لك: قد فجأني من الغم بشكاة حبيبة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وقرة عينه وعيني فاطمة ما هدني، وإني لاظنها أولنا لحوقا برسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، والله يختار لها ويحبوها ويزلفها لديه، فإن كان من أمرها ما لابد منه، فاجمع - أنا لك الفداء - المهاجرين والانصار حتّى يصيبوا الاجر في حضورها والصلاة عليها، وفي ذلك جمال للد ين. فقال عليّعليه‌السلام لرسوله وأنا حاضر عنده: أبلغ عمي السلام، وقل: لا عدمت إشفاقك وتحننك، وقد عرفت مشورتك ولرأيك فضله، إن فاطمة بنت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لم تزل مظلومة من حقها ممنوعة، وعن ميراثها مدفوعة، لم تحفظ فيها وصية رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ولا رعي فيها حقه، ولا حق الله (عزّوجلّ)، وكفى بالله حاكما ومن الظالمين منتقما، وإني أسألك يا عم أن تسمح لي بترك ما أشرت به، فإنها وصتني بستر أمرها.

قال: فلما أتى العباس رسوله بما قاله عليّعليه‌السلام قال: يغفر الله لابن أخي، فإنه لمغفور له، إن رأي ابن أخي لا يطعن فيه، إنه لم يولد لعبد المطلب مولود أعظم بركة من علي إلا النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، إن عليا لم يزل أسبقهم إلى كل مكرمة، وأعلمهم بكل قضية، وأشجعهم في الكريهة، وأشدهم جهادا للاعداء في نصرة الحنيفية، وأول من آمن بالله ورسولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

٢٥٩/١١ - أخبرنا محمّد بن محمّد، قال: أخبرني أبوبكر محمّد بن عمر الجعابي، قال: حدّثنا أبوالعباس أحمد بن محمّد بن سعيد الهمداني، قال: حدّثنا محمّد بن القاسم الحارثي، قال: حدّثنا أحمد بن صبيح، قال: حدّثنا محمّد بن إسماعيل الهمداني، عن الحسين بن مصعب، قال: سمعت جعفر بن محمّدعليه‌السلام يقول: من أحبنا لله، وأحب محبنا لا لغرض دنيا يصيبها منه، وعادى عدونا لا لا حنة(١)

____________________

(١) الاحنة: الحقد والعداوة.

١٥٦

كانت بينه وبينه، ثم جاء يوم القيامة وعليه من الذنوب مثل رمل عالج وزبد البحر، غفرها الله (تعالى) له.

٢٦٠/١٢ - أخبرنا محمّد بن محمّد، قال: أخبرنا أبوبكر محمّد بن عمر الجعابي، قال: حدّثنا أحمد بن محمّد بن سعيد، قال: حدّثنا جعفر بن محمّد بن عبيد، قال: حدّثنا الحسن بن محمّد، قال: حدّثنا أبي، عن محمّد بن المثنى الازدي: أنه سمع أبا عبدالله جعفر بن محمّدعليه‌السلام يقول: نحن السبب بينكم وبين الله (عزّوجلّ).

٢٦١/١٣ - أخبرنا محمّد بن محمّد، عن أبي بكر محمّد بن عمر الجعابي، قال: حدّثنا أحمد بن محمّد بن سعيد، قال: حدّثنا أحمد بن يحيى، قال: حدّثنا أسيد بن زيد، عن محمّد بن مروان، عن جعفر بن محمّدعليه‌السلام قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : بكروا بالصدقة، فإن البلاء لا يتخطاها.

٢٦٢/١٤ - أخبرنا محمّد بن محمّد، قال: أخبرنا أبوالحسين محمّد بن المظفر البزاز، قال: حدّثنا الحسن بن رجاء، قال: حدّثنا عبيدالله بن سليمان، عن محمّد بن عليّ العطار، عن هارون بن أبي بردة، عن عبيدالله بن موسى، عن المبارك بن حسان، عن عطية، عن ابن عباس، قال: قيل: يا رسول الله، أي الجلساء خير؟ قال: من ذكركم بالله رؤيته، وزادكم في علمكم منطقه، وذكركم بالاخرة عمله.

٢٦٣/١٥ - حدثني محمّد بن محمّد، قال: حدثني أبوحفص عمربن محمّد الصيرفي، قال: حدثني عليّ بن مهرويه القزويني، قال: حدثني داود بن سليمان الغازي، قال: حدّثنا الرضا عليّ بن موسىعليه‌السلام ، عن أبيه موسى بن جعفر، عن أبيه جعفر بن محمّد، عن أبيه محمّد بن علي، عن أبيه عليّ بن الحسين، عن أبيه الحسين ابن علي، عن أميرالمؤمنينعليهم‌السلام ، قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ثلاثة أخافهن على أمتي: الضلالة بعد المعرفة، ومضلات الفتن، وشهوة البطن والفرج.

٢٦٤/١٦ - أخبرني محمّد بن محمّد، قال: أخبرني أبوبكر محمّد بن عمر الجعابي، قال: حدّثنا أحمد بن محمّد بن سعيد الهمداني، قال: حدّثنا الحسن بن

١٥٧

عتبة، قال: حدّثنا أحمد بن النضر، قال: حدّثنا محمّد بن الصامت الجعفي، قال: كنا عند أبي عبداللهعليه‌السلام وعنده قوم من البصريين، فحدثهم بحديث أبيه عن جابر ابن عبدالله في الحج أملاه عليهم، فلما قاموا قال أبوعبداللهعليه‌السلام : إن الناس أخذوا يمينا وشمالا، وإنكم لزمتم صاحبكم، فإلى أين ترون يرد بكم؟ إلى الجنة، والله إلى الجنة، والله إلى الجنة، والله.

٢٦٥/١٧ - أخبرنا محمّد بن محمّد، قال: أخبرني أبوحفص عمر بن محمّد الصيرفي، قال: حدّثنا أبوعبدالله الحسين بن إسماعيل الضبي، قال: حدّثنا عبدالله بن شبيب، قال: حدثني إسماعيل ابن أبي أويس، قال: حدثني إسحاق بن يحيى، عن أبي بردة الاسلمي، عن أبيه، قال: كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إذا صلى الصبح رفع صوته حتّى يسمع أصحابه يقول: « اللهم اصلح لي ديني الذي جعلته لي عصمة » ثلاث مرات، « اللهم اصلح لي دنياي التي جعلت فيها معاشي » ثلاث مرات، « اللهم اصلح لي آخرتي التي جعلت إليها مرجعي » ثلاث مرات، « اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك، وأعوذ بعفوك من نقمتك » ثلاث مرات، « اللهم إني أعوذ بك منك، لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد » .

٢٦٦/١٨ - أخبرني محمّد بن محمّد، قال: أخبرنا أبوجعفر محمّد بن عليّ بن الحسين بن بابويهرحمه‌الله قال: حدّثنا محمّد بن موسى بن المتوكل، قال: حدّثنا محمّد بن جعفر الأسدي، قال: حدّثنا موسى بن عمران النخعي، عن عمه الحسين بن يزيد النوفلي، عن محمّد بن سنان، عن المفضل بن عمر الجعفي، قال: قال أبوعبدالله جعفر بن محمّدعليهما‌السلام : إن الله (تعالى) ضمن للمؤمن ضمانا. قال: قلت: وما هو؟ قال: ضمن له إن أقر لله بالربوبية، ولمحمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بالنبوة، ولعليّعليه‌السلام بالامامة، وأدى ما افترض عليه، أن يسكنه في جواره.

قال: فقلت: هذه والله هي الكرامة التي لا يشبهها كرامة الادميين. ثم قال أبوعبداللهعليه‌السلام : اعملوا قليلا تنعموا كثيرا.

٢٦٧/١٩ - حدّثنا محمّد بن محمّد، قال: حدّثنا أبوالحسن عليّ بن بلال

١٥٨

المهلبي، قال: حدّثنا مزاحم بن عبد الوارث بن عباد البصري بمصر، قال: حدّثنا محمّد بن زكريا الغلابي، قال: حدّثنا العباس بن بكار، قال: حدّثنا أبوبكر الهذلي، عن عكرمة، عن ابن عباس.

قال الغلابي: وحدّثنا أحمد بن محمّد الواسطي، قال: حدّثنا محمّد بن صالح ابن النطاح ومحمّد بن الصلت الواسطي، قالا: حدّثنا عمر بن يونس اليمامي، عن الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس.

قال: وحدّثنا أبوعيسى عبيدالله بن الفضل الطائي، قال: حدّثنا الحسين بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن عمربن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالبعليهم‌السلام ، قال: حدثني محمّد بن سلام الكوفي، قال: حدّثنا أحمد بن محمّد الواسطي، قال: حدّثنا محمّد بن صالح، ومحمّد بن الصلت، قالا: حدّثنا عمر بن يونس اليمامي، عن الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس، قال: دخل الحسين بن عليّعليهما‌السلام على أخيه الحسن بن عليّعليهما‌السلام في مرضه الذي توفي فيه، فقال له: كيف تجدك يا أخي؟ قال: أجدني في أول يوم من أيام الاخرة وآخر يوم من أيام الدنيا، واعلم أني لا أسبق أجلي، وأني وارد على أبي وجديعليهما‌السلام ، على كره مني لفراقك وفراق إخوتك وفراق الاحبة، واستغفر الله من مقالتي هذه وأتوب إليه، بل على محبة مني للقاء رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأميرالمؤمنين عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام ولقاء فاطمة وحمزة وجعفرعليهم‌السلام ، وفي الله (عزّوجلّ) خلف من كل هالك، وعزاء من كل مصيبة، ودرك من كل ما فات.

رأيت يا أخي كبدي آنفا في الطست، ولقد عرفت من دهاني، ومن أين أتيت، فما أنت صانع به يا أخي؟ فقال الحسينعليه‌السلام : أقتله والله.

قال: فلا أخبرك به أبدا حتّى نلقى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ولكن اكتب: « هذا ما أوصى به الحسن بن عليّ إلى أخيه الحسين بن علي، أوصى أنه يشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأنه يعبده حق عبادته، لا شريك له في الملك، ولاولي له من الذل، وأنه خلق كل شئ فقدره تقديرا، وأنه أولى من عبد وأحق من حمد، من

١٥٩

أطاعه رشد، ومن عصاه غوى، ومن تاب إليه اهتدى.

فإني أوصيك يا حسين بمن خلفت من أهلي وولدي وأهل بيتك، أن تصفح عن مسيئهم، وتقبل من محسنهم، وتكون لهم خلفا و والداً، وأن تدفنني مع جدي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فإني أحق به وببيته ممن أدخل بيته بغير إذنه ولا كتاب جاءهم من بعده، قال الله (تعالى) فيما أنزله على نبيهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في كتابه:( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النبيّ إِلَّا أَن يُؤْذَنَ لَكُمْ ) (١) فوالله ما أذن لهم في الدخول عليه في حياته بغير إذنه، ولا جاءهم الاذن في ذلك من بعد وفاته، ونحن مأذون لنا في التصرف فيما ورثناه من بعده، فإن أبت عليك الامرأة فأنشدك بالقرابة التي قرب الله (عزّوجلّ) منك، والرحم الماسة من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أن لا تهريق في محجمة(٢) من دم حتّى نلقى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فنختصم إليه، ونخبر بما كان من الناس إلينا بعده » ثم قبضعليه‌السلام .

قال ابن عباس: فدعاني الحسينعليه‌السلام وعبدالله بن جعفر وعليّ بن عبدالله بن العباس فقال: اغسلوا ابن عمكم، فغسلناه وحنطناه وألبسناه أكفانه، ثم خرجنا به حتّى صلينا عليه في المسجد، وإن الحسينعليه‌السلام أمر أن يفتح البيت، فحال دون ذلك مروان بن الحكم وآل أبي سفيان ومن حضر هناك من ولد عثمان بن عفان، وقالوا: أيدفن أميرالمؤمنين عثمان الشهيد القتيل ظلما بالبقيع بشر مكان ويدفن الحسن مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ! والله لا يكون ذلك أبدا حتّى تكسر السيوف بيننا وتنقصف الرماح وينفد النبل.

فقال الحسينعليه‌السلام : أما والله الذي حرم مكة للحسن بن عليّ بن فاطمة أحق برسول الله وبيته ممن أدخل بيته بغير إذنه، وهو والله أحق به من حمال الخطايا، مسير أبي ذررحمه‌الله ، الفاعل بعمار ما فعل، وبعبدالله ما صنع، الحامي الحمى،

____________________

(١) سورة الاحزاب ٣٣: ٥٣.

(٢) المحجمة: أداة الحجم، والقارورة التي يجمع فيها دم الحجامة.

١٦٠