الأمالي الشيخ الطوسي

الأمالي الشيخ الطوسي0%

الأمالي الشيخ الطوسي مؤلف:
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 799

الأمالي الشيخ الطوسي

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: أبو جعفر محمد بن الحسن بن علي بن الحسن الطوسي (شيخ الطائفة)
تصنيف: الصفحات: 799
المشاهدات: 838742
تحميل: 8070


توضيحات:

الأمالي الشيخ الطوسي المقدمة
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 799 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 838742 / تحميل: 8070
الحجم الحجم الحجم
الأمالي الشيخ الطوسي

الأمالي الشيخ الطوسي

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

[ ٢١ ]

مجلس يوم الجمعة

الحادي عشر من صفر سنة سبع وخمسين وأربع مائة

فيه بقية أحاديث أبي المفضل محمّد بن عبدالله الشيباني.

بسم الله الرحمن الرحيم

١١٧٤/١ - حدّثنا الشيخ أبوجعفر محمّد بن الحسن بن عليّ الطوسيرضي‌الله‌عنه ، قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدّثنا أبوالعباس أحمد بن محمّد بن سعيد بن عبدالرحمن الهمداني بالكوفة وسألته، قال: حدّثنا محمّد بن المفضل بن إبراهيم بن قيس الاشعري، قال: حدّثنا عليّ بن حسان الواسطي، قال: حدّثنا عبدالرحمن بن كثير، عن جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن جده عليّ بن الحسينعليهم‌السلام ، قال: لما أجمع الحسن بن عليّعليه‌السلام على صلح معاوية خرج حتّى لقيه، فلما اجتمعا قام معاوية خطيبا، فصعد المنبر وأمر الحسنعليه‌السلام أن يقوم أسفل منه بدرجة، ثم تكلم معاوية، فقال: أيها الناس، هذا الحسن بن عليّ وابن فاطمة، رآنا للخلافة أهلا، ولم ير نفسه لها أهلا، وقد أتانا ليبايع طوعا.

ثم قال: قم يا حسن؟ فقام الحسنعليه‌السلام فخطب فقال: الحمد لله المستحمد بالآلاء، وتتابع النعماء، وصارف الشدائد والبلاء، عند الفهماء وغير الفهماء،

٥٦١

المذعنين من عباده لامتناعه بجلاله وكبريائه، وعلوه عن لحوق الاوهام ببقائه، المرتفع عن كنه ظنانة المخلوقين، من أن تحيط بمكنون غيبه رويات عقول الرائين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده في ربوبيته، ووجوده ووحدانيته، صمدا لا شريك له، فردا لا ظهير له، وأشهد أن محمّدا عبده ورسوله، اصطفاه وانتجبه وارتضاه، وبعثه داعيا إلى الحق، وسراجا منيرا، وللعباد مما يخافون نذيرا، ولما يأملون بشيرا، فنصح للامة، وصدع بالرسالة، وأبان لهم درجات العمالة، شهادة عليها أموت وأحشر، وبها في الآجلة أقرب وأحبر.

وأقول معشر الخلائق فاسمعوا، ولكم أفئدة وأسماع فعوا: إنا أهل بيت أكرمنا الله بالاسلام، واختارنا واصطفانا واجتبانا، فأذهب عنا الرجس وطهرنا تطهيرا، والرجس هو الشك، فلا نشك في الله الحق ودينه أبدا، وطهرنا من كل أفن(١) وغية، مخلصين إلى آدم نعمة منه، لم يفترق الناس قط فرقتين إلا جعلنا الله في خيرهما، فأدت الامور وأفضت الدهور إلى أن بعث الله محمّداصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم للنبوة، واختاره للرسالة، وأنزل عليه كتابه، ثم أمره بالدعاء إلى الله (عزّوجلّ) فكان أبيعليه‌السلام أول من استجاب لله (تعالى)، ولرسولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأول من آمن وصدق الله ورسوله، وقد قال الله (تعالى) في كتابه المنزل على نبيه المرسل:( أَفَمَن كَانَ عَلَىٰ بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّهِ وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِّنْهُ ) (٢) فرسول الله الذي على بينة من ربه، وأبي الذي يتلوه، وهو شاهد منه.

وقد قال له رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حين أمره أن يسير إلى مكة والموسم ببراءة (سر بها يا علي، فإني أمرت أن لا يسير بها إلا أنا أو رجل مني، وأنت هو يا علي) فعلي من رسول الله، ورسول الله منه، وقال له نبي اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حين قضى بينه وبين أخيه جعفر بن أبي طالبعليهما‌السلام ومولاه زيد بن حارثة في ابنة حمزة: (أما أنت لا علي فمني وأنا منك، وأنت ولي كل مؤمن بعدي).

____________________

(١) أفن الرجل: ضعف رأيه.

(٢) سورة هود ١١: ١٧.

٥٦٢

فصدّق أبي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم سابقا ووقاه بنفسه، ثم لم يزل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في كل موطن يقدمه، ولكل شديدة يرسله ثقة منه وطمأنينة إليه، لعلمه بنصيحته لله ورسولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وإنه أقرب المقربين من الله ورسوله، وقد قال الله (عزّوجلّ):( وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ ، أُولَـٰئِكَ الْمُقَرَّبُونَ ) (١) وكان أبي سابق السابقين إلى الله (عزّوجلّ) وإلى رسولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأقرب الاقربين، فقد قال الله (تعالى):( لَا يَسْتَوِي مِنكُم مَّنْ أَنفَقَ مِن قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُولَـٰئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً ) (٢) .

فأبي كان أولهم إسلاما وايمانا، وأولهم إلى الله ورسوله هجرة ولحوقا وأولهم على وجده ووسعه نفقة، قال (سبحانه):( وَالَّذِينَ جَاءُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ ) (٣) فالناس من جميع الامم يستغفرون له بسبقه إياهم الايمان بنبيهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وذلك أنه لم يسبقه إلى الايمان أحد، وقد قال الله (تعالى):( وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ ) (٤) فهو سابق جميع السابقين، فكما أن الله (عزّوجلّ) فضل السابقين على المتخلفين والمتأخرين، فكذلك فضل سابق السابقين على السابقين، وقد قال الله (عزّوجلّ:( أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّـهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ) (٥) . (فكان أبي المؤمن بالله واليوم الآخر) والمجاهد في سبيل الله حقا، وفيه نزلت هذه الآية.

وكان ممن استجاب لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عمه حمزة وجعفر ابن عمه، فقتلا شهيدينرضي‌الله‌عنهما في قتلى كثيرة معهما من أصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ،

____________________

(١) سورة الواقعة ٥٦: ١٠، ١١.

(٢) سورة الحديد ٥٧: ١٠.

(٣) سورة الحشر ٥٩: ١٠.

(٤) سورة التوبة ٩: ١٠٠.

(٥) سورة التوبة ٩: ١٩.

٥٦٣

فجعل الله (تعالى) حمزة سيد الشهداء من بينهم، وجعل لجعفر جناحين يطير بهما مع الملائكة كيف يشاء من بينهم، وذلك لمكانهما من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ومنزلتهما وقرابتهما منهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وصلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على حمزة سبعين صلاة من بين الشهداء الذين استشهدوا معه.

وكذلك جعل الله (تعالى) لنساء النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم للمحسنة منهن أجرين، وللمسيئة منهن وزرين ضعفين، لمكانهن من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وجعل الصلاة في مسجد رسول الله بألف صلاة في سائر المساجد إلا مسجد خليله إبراهيمعليه‌السلام بمكة، وذلك لمكان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من ربه.

وفرض الله (عزّوجلّ) الصلاة على نبيهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على كافة المؤمنين، فقالوا: يا رسول الله، كيف الصلاة عليك؟ فقال: قولوا: « اللهم صل على محمّد وآل محمّد » فحق على كل مسلم أن يصلي علينا مع الصلاة على النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فريضة واجبة.

وأحل الله (تعالى) خمس الغنيمة لرسولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وأوجبها له في كتابه، وأوجب لنا من ذلك ما أوجب له، وحرم عليه الصدقة وحرمها علينا معه، فأدخلنا - فله الحمد - فيما أدخل فيه نبيهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأخرجنا ونزهنا مما أخرجه منه ونزهه عنه، كرامة أكرمنا الله (عزّوجلّ) بها، وفضيلة فضلنا بها على سائر العباد، فقال الله (تعالى) لمحمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حين جحده كفرة أهل الكتاب وحاجوه:( فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنفُسَنَا وَأَنفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَل لَّعْنَتَ اللَّـهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ ) (١) فأخرج رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من الانفس معه أبي، ومن البنين إياي وأخي، ومن النساء أمي فاطمة من الناس جميعا، فنحن أهله ولحمه ودمه ونفسه، ونحن منه وهو منا.

وقد قال الله (تعالى):( إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّـهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ

____________________

(١) سورة آل عمران ٣: ٦١.

٥٦٤

تَطْهِيرًا ) (١) . فلما نزلت آية التطهير جمعنا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنا وأخي وأمي وأبي، فجللنا ونفسه في كساء لام سلمة خيبري، وذلك في حجرتها وفي يومها، فقال: اللهم هؤلاء أهل بيتي، وهؤلاء أهلي وعترتي، فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا. فقالت أم سلمةرضي‌الله‌عنه : أدخل معهم يا رسول الله؟ فقال لهاصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : يرحمك الله، أنت على خير وإلى خير، وما أرضاني عنك! ولكنها خاصة لي ولهم.

ثم مكث رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بعد ذلك بقية عمره حتّى قبضه الله إليه، يأتينا كل يوم عند طلوع الفجر فيقول: « الصلاة يرحمكم الله، إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا »

وأمر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بسد الابواب الشارعة في مسجده غير بابنا، فكلموه في ذلك، فقال: « إني لم أسد أبوابكم وافتح باب علي من تلقاء نفسي، ولكني اتبع ما يوحى إلي، وإن الله أمر بسدها وفتح بابه » فلم يكن من بعده ذلك أحد تصيبه جنابة في مسجد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ويولد فيه الاولاد غير رسول الله وأبي علي ابن أبي طالبعليها‌السلام تكرمة من الله (تعالى) لنا، وفضلا اختصنا به على جميع الناس.

وهذا باب أبي قرين باب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في مسجده، ومنزلنا بين منازل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وذلك أن الله أمر نبيهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أن يبني مسجده، فبنى فيه عشرة أبيات تسعة لبنيه وأزواجه وعاشرها وهو متوسطها لابي فها هو لبسبيل مقيم، والبيت هو المسجد المطهر، وهو الذي قال الله (تعالى):( أَهْلَ الْبَيْتِ ) فنحن أهل البيت، ونحن الذين أذهب الله عنا الرجس وطهرنا تطهيرا.

أيها الناس، إني لو قمت حولا فحولا أذكر الذي أعطانا الله (عزّوجلّ) وخصنا به من الفضل في كتابه وعلى لسان نبيهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لم أحصه، وأنا ابن النبيّ النذير البشير، السراج المنير، الذي جعله الله رحمة للعالمين، وأبي علي، ولي المؤمنين، وشبيه هارون، وإن معاوية بن صخر زعم أني رأيته للخلافة أهلا، ولم أر نفسي لها

____________________

(١) سورة الاحزاب ٣٣: ٣٣.

٥٦٥

أهلا، فكذب معاوية، وأيم الله لانا أولى الناس بالناس في كتاب الله وعلى لسان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، غير أنا لم نزل أهل البيت مخيفين مظلومين مضطهدين منذ قبض رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فالله بيننا وبين من ظلمنا حقنا، ونزل على رقابنا، وحمل الناس على أكتافنا، ومنعنا سهمنا في كتاب الله (من الفئ) والغنائم، ومنع أمنا فاطمة إرثها من أبيها.

إنا لا نسمي أحدا، ولكن أقسم بالله قسما تاليا، لو أن الناس سمعوا قول الله (عزّوجلّ) ورسوله، لاعطتهم السماء قطرها، والارض بركتها، ولما اختلف في هذه الامة سيفان، ولاكلوها خضراء خضرة إلى يوم القيامة، وما طمعت فيها يا معاوية، ولكنها لما أخرجت سالفا من معدنها، وزحزحت عن قواعدها، تنازعتها قريش بينها، وترامتها كترامي الكرة حتّى طمعت فيها أنت يا معاوية وأصحابك من بعدك، وقد قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « ما ولت أمة أمرها رجلا قط وفيهم من هو أعلم منه إلا لم يزل أمرهم يذهب سفالا حتّى يرجعوا إلى ما تركوا »

وقد تركت بنو إسرائيل - وكانوا أصحاب موسىعليه‌السلام - هارون أخاه وخليفته ووزيره، وعكفوا على العجل وأطاعوا فيه سامريهم، وهم يعلمون أنه خليفة موسى، وقد سمعت هذه الامة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول ذلك لابيعليه‌السلام (إنه مني بمنرلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي) وقد رأوا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حين نصبه لهم بغدير خم وسمعوه، ونادى له بالولاية، ثم أمرهم أن يبلغ الشاهد منهم الغائب، وقد خرج رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حذارا من قومه إلى الغار - لما أجمعوا أن يمكروا به، وهو يدعوهم - لما لم يجد عليهم أعوانا، ولو وجد عليهم أعوانا لجاهدهم.

وقد كف أبي يده وناشدهم واستغاث أصحابه فلم يغث ولم ينصر، ولو وجد عليهم أعوانا ما أجابهم، وقد جعل في سعة كما جعل النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في سعة.

وقد خذلتني الامة وبايعتك يابن حرب، ولو وجدت عليك أعوانا يخلصون ما بايعتك، وقد جعل الله (عزّوجلّ) هارون في سعة حين استضعفه قومه وعادوه، كذلك أنا

٥٦٦

وأبي في سعة حين تركتنا الامة وبايعت غيرنا، ولم نجد عليهم أعوانا، وإنما هي السنن والامثال تتبع بعضها بعضا.

أيها الناس، إنكم لو التمستم بين المشرق والمغرب رجلا جده رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأبوه وصي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لم تجدوا غيري وغير أخي، فاتقوا الله ولا تضلوا بعد البيان، وكيف بكم وأنى ذلك منكم! ألا وإني قد بايعت هذا - وأشار بيده إلى معاوية –( وَإِنْ أَدْرِي لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَّكُمْ وَمَتَاعٌ إِلَىٰ حِينٍ ) (١) .

أيها الناس، إنه لا يعاب أحد بترك حقه، وإنما يعاب أن يأخذ ما ليس له، وكل صواب نافع، وكل خطأ ضار لاهله، وقد كانت القضية ففهمها سليمان فنفعت سليمان ولم تضر داود، فاما القرابة فقد نفعت المشرك وهي والله للمؤمن أنفع، قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لعمه أبي طالب وهو في الموت: « قل لا إله إلا الله، أشفع لك بها يوم القيامة » ولم يكن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول له إلا ما يكون منه على يقين، وليس ذلك لاحد من الناس كلهم غير شيخنا - أعني أبا طالب - يقول الله (عزّوجلّ:( وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّىٰ إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ وَلَا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَـٰئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا ) (٢) .

أيها الناس، اسمعوا وعوا، واتقوا الله وراجعوا، وهيهات منكم الرجعة إلى الحق، وقد صارعكم النكوص، وخامركم الطغيان والجحود( أَنُلْزِمُكُمُوهَا وَأَنتُمْ لَهَا كَارِهُونَ ) (٣) والسلام على من اتبع الهدى.

قال: فقال معاوية: والله ما نزل الحسن حتّى أظلمت علي الارض، وهممت أن أبطش به، ثم علمت أن الاغضاء أقرب إلى العافية.

____________________

(١) سورة الانبياء ٢١: ١١١.

(٢) سورة النساء ٤: ١٨.

(٣) سورة هود ١١: ٢٨.

٥٦٧

[ ٢٢ ]

مجلس يوم الجمعة

السابع عشر من صفر سنة سبع وخمسين وأربع مائة

فيه بقية أحاديث أبي المفضل محمّد بن عبدالله الشيباني.

بسم الله الرحمن الرحيم

١١٧٥/١ - حدّثنا الشيخ أبوجعفر محمّد بن الحسن بن عليّ بن الحسن الطوسي (قدس الله روحه)، قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثني أبوعلي أحمد بن عليّ بن مهدي بن صدقة البرقي أملاه علي إملاء من كتابه، قال: حدّثنا (لابي، قال: حدّثنا) الرضا أبوالحسن عليّ بن موسى، قال: حدثني أبي موسى بن جعفر، قال: حدثني أبي جعفر بن محمّد، قال: حدثني أبي محمّد بن علي، قال: حدثني أبي عليّ بن الحسين، قال: حدثني أبي الحسين بن عليّعليهم‌السلام ، قال: لما أتى أبوبكر وعمر إلى منزل أميرالمؤمنينعليه‌السلام وخاطباه في البيعة وخرجا من عنده، خرج أميرالمؤمنينعليه‌السلام إلى المسجد، فحمد الله وأثنى عليه بما اصطنع عندهم أهل البيت، إذ بعث فيهم رسولا منهم، وأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا.

ثم قال: إن فلانا وفلانا أتياني وطالباني بالبيعة لمن سبيله أن يبايعني، أنا ابن عم النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وأبو ابنيه، والصديق الاكبر، وأخو رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لا يقولها أحد غيري إلا كاذب، وأسلمت وصليت، وأنا وصيه، وزوج ابنته سيدة نساء العالمين فاطمة بنت محمّدعليهما‌السلام ، وأبو حسن وحسين سبطي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ونحن أهل بيت الرحمة، بنا هداكم الله، وبنا استنقذكم من الضلالة، وأنا صاحب يوم الدوح،

٥٦٨

وفي نزلت سورة من القرآن، وأنا الوصي على الاموات من أهل بيتهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وأنا بقيته على الاحياء من أمته، فاتقوا الله يثبت أقدامكم ويتم نعمته عليكم، ثم رجععليه‌السلام إلى بيته.

١١٧٦/٢ - وعنه، قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدّثنا أبوعبدالله جعفر بن محمّد بن جعفر بن الحسن الحسنيرحمه‌الله في رجب سنة سبع وثلاث مائة، قال: حدثني محمّد بن عليّ بن الحسين (بن زيد بن عليّ بن الحسين) بن عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام ، قال: حدثني الرضا عليّ بن موسى، عن أبيه موسى بن جعفر، عن أبيه جعفر، عن أبيه محمّد، عن أبيه عليّ بن الحسين، عن أبيه الحسين، عن أميرالمؤمنين عليّ بن أبي طالبعليهم‌السلام ، قال: سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: طلب العلم فريضة على كل مسلم، فاطلبوا العلم من مظانه، واقتبسوه من أهله، فإن تعليمه لله حسنة، وطلبه عبادة، والمذاكرة فيه تسبيح، والعمل به جهاد، وتعليمه من لا يعلمه صدقة، وبذله لاهله قربة إلى الله (تعالى)، لانه معالم الحلال والحرام، ومنار سبيل الجنة، والمؤنس في الوحشة، والصاحب في الغربة والوحدة، والمحدث في الخلوة، والدليل على السراء والضراء، والسلاح على الاعداء، والزين عند الاخلاء، يرفع الله به أقواما ويجعلهم في الخير (قادة)(١) .

١١٧٧/٣ - وباسناده عن عليّ بن الحسين، عن أبيه الحسين بن علي، عن أبيه عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام ، في قول الله (عزّوجلّ):( هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ ) (٢) قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : هل جزاء من أنعمت عليه بالتوحيد إلا الجنة.

١١٧٨/٤ - وعنه، قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدّثنا أبوعبدالله جعفر بن محمّد بن جعفر بن الحسن بن جعفر بن الحسن بن أميرالمؤمنين

____________________

(١) تقدمت قطعة منه في الحديث: ١٠٦٩.

(٢) سورة الرحمن ٥٥: ٦٠.

٥٦٩

عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام في رجب سنة سبع وثلاث مائة، قال: حدئني محمّد بن عليّ بن الحسين بن زيد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالبعليهم‌السلام منذ خمس وسبعين سنة قال: حدّثنا الرضا عليّ بن موسى، قال: حدّثنا أبي موسى بن جعفر، قال: حدّثنا أبي جعفر بن محمّد، قال: حدثني أبي محمّد بن علي، عن أبيه عليّ بن الحسين، عن أبيه الحسين، عن أبيه عليّ بن أبي طالبعليهم‌السلام ، قال: سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: التوحيد ثمن الجنة، والحمد لله وفاء شكر كل نعمة، وخشية الله مفتاح كل حكمة، والاخلاص ملاك كل طاعة.

١١٧٩/٥ - وباسناده، قال: سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: إني سميت فاطمة لانها فطمت وذريتها من النار، من لقي الله منهم بالتوحيد والايمان بما جئت به.

١١٨٠/٦ - وعنه، قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدّثنا أبوالحسن عليّ بن الحسين بن حمزة بن الحسن بن عبيدالله بن العباس بن أميرالمؤمنينعليه‌السلام ، قال: حدّثنا عمي عليّ بن حمزة، قال: حدّثنا عليّ بن جعفر بن محمّد، عن أخيه موسى بن جعفر، عن أبيه جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن جده، عن الحسين، عن عليعليهم‌السلام ، قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ما اختلج عرق ولا عثرت قدم إلا بما قدمت أيديكم، وما يعفو الله (عزّوجلّ) عنه أكثر.

١١٨١/٧ - وعنه، قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدّثنا عليّ بن محمّد بن مهرويه الصامغاني بقزوين، قال: حدّثنا داود بن سليمان الغازي القزويني، قال: حدّثنا عليّ بن موسى الرضا، قال: حدّثنا أبي موسى، عن جعفر بن محمّد، عن أبيه محمّد بن علي، عن أبيه عليّ بن الحسين، عن أبيه الحسين، عن عليّ بن أبي طالبعليهم‌السلام ، قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : يقول الله (عزّوجلّ): يابن آدم ما تنصفني، أتحبب إليك بالنعم، وتتمقت إلي بالمعاصي، خيري إليك منزل، وشرك إلي صاعد، ولا يزال ملك كريم يعرج إلي عنك في كل يوم وليلة بعمل قبيح، يابن آدم

٥٧٠

لو سمعت وصفك من غيرك وأنت لا تدري من الموصوف إذن لسارعت إلى مقته(١) .

١١٨٢/٨ - وعنه، قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدّثنا أبومحمّد عبدالله بن محمّد بن ياسين بن محمّد بن عجلان التميمي العابد مولى الباقرعليه‌السلام ، قال: حدثني مولاي أبوالحسن عليّ بن محمّد بن عليّ بن موسى بن جعفر، قال: حدثني أبي، عن أبيه، عن موسى بن جعفر، عن أبيه الصادق، عن آبائهعليهم‌السلام ، عن عليّعليه‌السلام ، قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : الناس اثنان: رجل أراح ورجل استراح، فالمؤمن استراح من الدنيا وتعبها، وأفضى إلى رحمة الله وكريم ثوابه، وأما الذي أراح فالفاجر أراح منه الناس والشجر والدواب، وأفضى إلى ما قدم.

١١٨٣/٩ - وعنه، قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدّثنا أبوعلي أحمد بن محمّد بن الحسين بن إسحاق بن جعفر بن محمّد العلوي العريضي بحران، قال: حدّثنا محمّد بن إسماعيل بن إبراهيم بن موسى بن جعفر، قال: حدثني عماي عليّ بن موسى والحسين بن موسى، عن أبيهما موسى بن جعفر، عن أبيه جعفر بن محمّد، عن أبيه محمّد بن علي، عن أبيه عليّ بن الحسين، عن أبيه الحسين، عن عليعليهم‌السلام ، عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، قال: يوحي الله (عزّوجلّ) إلى الحفظة الكرام: لا تكتبوا على عبدي المؤمن عند ضجره شيئا.

١١٨٤/١٠ - وعنه، قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدّثنا أبوأحمد عبيدالله بن الحسين بن إبراهيم، عن عليّ بن عبدالله بن الحسين بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أميرالمؤمنين عليّ بن أبي طالبعليهم‌السلام ، قال: حدّثنا عليّ بن القاسم بن الحسين بن زيد بن علي، عن أبيه القاسم بن الحسين، عن أبيه الحسين بن زيد، عن أبي عبدالله جعفر بن محمّد، عن آبائه، عن عليعليهم‌السلام ، قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : لولا أن الذنب خير للمؤمن من العجب ما خلى الله (عزّوجلّ) بين عبده

____________________

(١) تقدم في الحديث: ١٩٧، والحديث: ٥٣٢.

٥٧١

المؤمن وبين ذنب أبدا.

١١٨٥/١١ - وعنه، قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: أخبرنا رجاء ابن يحيى بن سامان العبرتائي الكاتب، قال: حدّثنا هارون بن مسلم بن سعدان الكاتب بسر من رأى سنة أربعين ومائتين، قال: حدّثنا مسعدة بن صدقة العبدي، قال: سمعت أبا عبدالله جعفر بن محمّدعليهما‌السلام يحدث عن أبيه، عن جده، عن أبيه، عن عليعليهم‌السلام ، قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : المجالس بالامانة، ولا يحل لمؤمن أن يأئر(١) عن مؤمن - أو قال: عن أخيه المؤمن - قبيحا.

١١٨٦/١٢ - وعنه، قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثني محمّد ابن جعفر بن محمّد بن رياح الاشجعي، قال: حدّثنا عباد بن يعقوب الاسدي، قال: أخبرنا إبراهيم بن محمّد الرؤاسي الخثعمي، قال: حدثني عدي بن زيد الهجري، عن أبي خالد الواسطي، قال إبراهيم بن محمّد: ولقيت أبا خالد عمرو بن خالد فحدثني عن زيد بن علي، عن أبيه، عن جده، عن عليّ بن أبي طالبعليهم‌السلام ، قال: كنت عند رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في مرضه الذي قبض فيه، فكان رأسه في حجري والعباس يذب عن وجه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فأغمي عليه إغماءة ثم فتح عينيه، فقال: يا عباس يا عم رسول الله، اقبل وصيتي واضمن ديني وعداتي. فقال: يا رسول الله، أنت أجود من الريح المرسلة، وليس في مالي وفاء لدينك وعداتك. فقال النبيّعليه‌السلام ذلك ثلاثا يعيده عليه والعباس في كل ذلك يجيبه بما قال أول مرة.

فقال النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : لاقولنها لمن يقبلها، ولا يقول - يا عباس - مثل مقالتك. قال: فقال: يا علي، اقبل وصيتي، واضمن ديني وعداتي. قال: فخنقتني العبرة، وارتج جسدي، ونظرت إلى رأس رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يذهب ويجئ في حجري، فقطرت دموعي على وجهه، ولم أقدر أن أجيبه، ثم ثنى فقال: يا علي، اقبل وصيتي واضمن ديني وعداتي. قال: قلت: نعم بأبي وأمي. قال: اجلسني، فأجلسته،

____________________

(١) أثر الحديث: نقله ورواه عن غيره.

٥٧٢

فكان ظهره في صدري، فقال: يا علي، أنت أخي في الدنيا والآخرة، ووصيي وخليفتي في أهلي.

ثم قال: يا بلال، هلم سيفي ودرعي وبغلتي وسرجها ولجامها ومنطقتي التي أشدها على درعي، فجاء بلال بهذه الاشياء، فوقف بالبغلة بين يدي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال: قم يا علي فاقبض. قال: فقمت وقام العباس فجلس مكاني، فقمت فقبضت ذلك، فقال: انطلق به إلى منزلك، فانطلقت ثم جئت فقمت بين يدي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فنظر إلي ثم عمد إلى خاتمه فنزعه ثم دفعه إلي، فقال. هاك يا علي هذا في الدنيا والآخرة، والبيت غاص من بني هاشم والمسلمين، فقال: يا بني هاشم، يا معشر المسلمين، لا تخالفوا عليا فتضلوا، ولا تحسدوه فتكفروا، يا عباس قم من مكان علي. فقال. تقيم الشيخ وتجلس الغلام! فأعادها عليه ثلاث مرات، فقام العباس فنهض مغضبا وجلست مكاني، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : يا عباس، يا عم رسول الله، لا أخرج من الدنيا وأنا ساخط عليك، فيدخلك سخطي عليك النار، فرجع فجلس.

٥٧٣

[ ٢٣ ]

مجلس يوم الجمعة

الرابع والعشرين من صفر سنة سبع وخمسين وأربع مائة

فيه بقتة أحاديث أبي المفضل محمّد بن عبدالله الشيباني.

بسم الله الرحمن الرحيم

١١٨٧/١ - حدّثنا الشيخ أبوجعفر محمّد بن الحسن بن عليّ بن الحسن الطوسي (قدس الله ررحه)، قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدّثنا أحمد بن عبيدالله بن محمّد بن عمار الثقفي، قال: حدثني عليّ بن محمّد بن سليمان النوفلي سنة خمس وأربعين ومائتين، قال: حدثني أبي، عن يزيد بن عبد الملك النوفلي، عن أبيه، عن المغيرة بن الحارث بن نوفل بن الحارث، عن أبيه، عن جده نوفل: أنه كان يحدث عن يوم حنين، قال: فر الناس جميعا وأعروا(١) رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فلم يبق معه إلا سبعة نفر من بني عبد المطلب: العباس، وابنه الفضل، وعلي، وأخوه عقيل، وأبو سفيان، وربيعة، ونوفل بنو الحارث بن عبد المطلب، ورسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مصلت سيفه في المجتلد، وهو على بغلته الدلدل، وهو يقول:

أنا النبيّ لا كذب

أنا ابن عبد المطلب

____________________

(١) أعراه: تركه ولم ينصره.

٥٧٤

قال الحارث بن نوفل: فحدثني الفضل بن العباس، قال: التفت العباس يومئذ وقد أقشع الناس(١) عن بكرة أبيهم، فلم ير علياعليه‌السلام في من ثبت، فقال: شوهة بوهة، أفي مثل هذا الحال يرغب ابن أبي طالب بنفسه عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وهو صاحب ما هو صاحبه! - يعني المواطن المشهورة له - فقلت: نقص قولك لابن أخيك يا أبه. قال: ما ذاك، يا فضل؟ قلت: أما تراه في الرعيل الاول، أما تره في الرهج(٢) ، قال: أشعره لي يا بني. قلت: ذو كذا ذو كذا ذو البردة. قال: فما تلك البرقة؟ قلت: سيفه يزيل به بين الاقران. فقال: بر بن بر، فداه عم وخال. قال: فضرب عليّعليه‌السلام يومئذ أربعين مبارزا، كلهم يقده حتّى أنفه وذكره، قال: وكانت ضرباته مبتكرة(٣) .

١١٨٨/٢ - وعنه، قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدّثنا صالح بن أحمد بن أبي مقاتل القيراطي، ومحمّد بن القاسم بن زكريا المحاربي، قال: حدّثنا أبوطاهر محمّد بن تسنيم الحضرمي الوراق، قال: حدّثنا جعفر بن محمّد بن حكيم الخثعمي، عن إبراهيم بن عبد الحميد، عن رقبة بن مصقلة بن عبدالثه بن خوتعة بن صبرة العبدي، عن أبيه، عن جده عبدالله بن خوتعة، قال: قدمنا وفد عبد القيس في إمارة عمر بن الخطاب، فسأله رجلان منا عن طلاق الامة، فقام معهما قال: انطلقا، فجاء إلى حلقة فيها رجل أصلع، فقال: يا أصلع، ما طلاق الامة؟ قال: فأشار له باصبعيه هكذا - يعني اثنتين - قال: فالتفت عمر إلى الرجلين فقال: طلاقها اثنتان. فقال له أحدهما: سبحان الله، جئناك وأنت أميرالمؤمنين فسألناك، فجئت إلى رجل فوالله ما كلمك! فقال له عمر: ويلك أتدري من هذا؟ هذا عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام ، سمعتي النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: لو أن السماوات والارض وضعتا في كفة، ووضع

____________________

(١) أي تفرقوا.

(٢) الرهج: الغبار.

(٣) أي إن ضربته كانت بكرا، يقتل بواحدة منها، لا يحتاج أن يعيد الضربة ثانيا، يقال: ضربة بكر. إذا كانت قاطعة لا تثنى.

٥٧٥

إيمان علي في كفة، لرجح إيمان علي.

١١٨٩/٣ - وعنه، قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدّثنا أبوالطيب محمّد بن الحسين بن حميد بن الربيع اللخمي الكوفي ببغداد، قال: حدّثنا أبوعبدالله جعفر بن عبدالله بن جعفر العلوي المحمّدي، قال: حدّثنا منصور بن أبي بريرة، قال: حدثني نوح بن دراج القاضي، عن ثابت بن أبي صفية، قال: حدثني يحيى ابن أم الطويل، عن نوف بن عبدالله البكالي، قال: قال لي عليّعليه‌السلام : يا نوف، خلقنا من طينة طيبة، وخلق شيعتنا من طينتنا، فإذا كان يوم القيامة ألحقوا بنا.

قال: نوف: فقلت: صف لي شيعتك، يا أميرالمؤمنين؟ فبكى لذكرى شيعته، ثم قال: يا نوف، شيعتي والله الحلماء العلماء بالله ودينه، العاملون بطاعته وأمره، المهتدون بحبه، أنضاء(١) عبادة، أحلاس زهادة(٢) ، صفر الوجوه من التهجد، عمش العيون من البكاء، ذبل الشفاه من الذكر، خمص البطون من الطوى، تعرف الربانية في وجوههم، والرهبانية في سمتهم، مصابيح كل ظلمة، وريحان كل قبيل، لا يثنون من المسلمين سلفا، ولا يقفون لهم خلفا، شرورهم مكنونة، وقلوبهم محزونة، وأنفسهم عفيفة، وحوائجهم خفيفة، أنفسهم منهم في عناء، والناس منهم في راحة، فهم الكاسة الالباء، والخالصة النجباء، وهم الرواغون فرارا بدينهم، إن شهدوا لم يعرفوا، وان غابوا لم يفتقدوا، أولئك شيعتي الاطيبون، وإخواني الاكرمون، ألا هاه شوقا إليهم.

١١٩٠/٤ - وعنه، قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدّثنا أبوأحمد عبيدالله بن حسين بن إبراهيم، قال: حدّثنا أبوإسماعيل إبراهيم بن أحمد بن إبراهيم العلوي الحسني، قال: حدثني عمي الحسن بن إبراهيم، قال: حدثني أبي إبراهيم بن إسماعيل، عن أبيه إسماعيل، عن أبيه إبراهيم بن الحسن بن الحسن، عن امه فاطمة بنت الحسين، عن أبيها الحسين بن علي، عن أبيه عليّ بن أبي طالبعليهم‌السلام ، قال:

____________________

(١) الانضاء: جمع نضو، المهزول.

(٢) أي ملازمون للزهد، أو ملازمون للبيوت لزهدهم.

٥٧٦

قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : من أعطي أربع خصال في الدنيا، فقد اعطي خير الدنيا والآخرة، وفاز بحظه منهما: ورع يعصمه عن محارم الله، وحسن خلق يعيش به في الناس، وحلم يدفع به جهل الجاهل، وزوجة صالحة تعينه على أمر الدنيا والآخرة.

١١٩١/٥ - وعنه، قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدّثنا أبوالقاسم جعفر بن محمّد العلوي في منزله بمكة سنة ثماني عشرة وثلاث مائة، قال: حدّثنا عبيدالله بن أحمد بن نهيك، قال: حدّثنا محمّد بن أبي عمير، عن حمزة بن حمران، عن أبي عبدالله، عن أبيه، عن جده، عن أبيه الحسين بن علي، عن عليعليهم‌السلام ، قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : طالب العلم بين الجهال كالحي بين الاموات.

١١٩٢/٦ - وعنه، قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدّثنا أبوعبدالله جعفر بن محمّد العلوي الحسني، قال: حدّثنا أحمد بن عبد المنعم الصيداوي، قال: حدّثنا محمّد بن جعفر بن محمّد، عن أبيه أبي عبداللهعليه‌السلام ، عن آبائه، عن عليّعليه‌السلام ، قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : سيد الاعمال ثلاثة: إنصاف الناس من نفسك، ومواساة الاخ في الله، وذكر الله على كل حال.

١١٩٣/٧ - وعنه، قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدّثنا عبد الرزاق بن سليمان بن غالب الازدي بأرتاح، ومحمّد بن سعيد بن شرحبيل الترخمي بحمص، قالا: حدّثنا أبوعبد الغني الحسن بن عليّ بن عبد الغني الازدي بمعان، قال: حدّثنا عبد الوهاب بن همام الحميري، قال: حدثني أبي همام بن نافع، عن أبيه، عن سعيد بن جبير، عن عبدالله بن عباس، عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنه قال: أنا مدينة الجنة وعلي بابها، فمن أراد الجنة فليأتها من بابها.

١١٩٤/٨ - وعنه، قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدّثنا أحمد بن عيسى بن محمّد بن الفراء الكبير ببغداد سنة عشر وثلاث مائة، قال: حدّثنا محمّد بن عبدالله بن عمرو بن مسلم الا حقي الصفار بالبصرة سنة أربع وأربعين ومائتين، قال: حدّثنا أبوالحسن عليّ بن موسى الرضا، عن أبيه موسى بن جعفر، عن أبيه جعفر بن

٥٧٧

محمّد، عن أبيه محمّد بن علي، عن أبيه عليّ بن الحسين، عن أبيه الحسين بن علي، عن أبيه عليّ بن أبي طالبعليهم‌السلام ، قال: قال لي النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أنا مدينة العلم وأنت الباب، وكذب من زعم أنه يصل إلى المدينة لا من قبل الباب.

١١٩٥/٩ - وعنه، قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثني أحمد ابن إسحاق بن العباس بن إسحاق بن موسى بن جعفر بن محمّد العلوي بديبل، قال: حدّثنا محمّد بن الحسن بن بيان، عن حمران المدائني قاضي تفليس، قال: حدثني جدي لامي شريف بن سابق التفليسي، قال: حدّثنا الفضل بن أبي قرة التميمي، عن جابر الجعفي، عن أبي الطفيل عامر بن واثلة، عن أبي ذر، قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : من سره أن يحيا حياتي ويموت مماتي ويسكن جنة عدن التي غرسها ربي، فليتول عليا بعدي، وليوال وليه، وليقتد بالائمة من بعده، فإنهم عترتي، خلقهم الله من لحمي ودمي، وحباهم فهمي وعلمي، ويل للمكذبين بفضلهم من أمتي، لا أنالهم الله شفاعتي.

٥٧٨

[ ٢٤ ]

مجلس يوم الجمعة

التاسع من ربيع الاول سنة سبع وخمسين وأربع مائة

فيه بقية أحاديث أبي المفضل محمّد بن عبدالله الشيباني.

بسم الله الرحمن الرحيم

١١٩٦/١ - حدّثنا الشيخ أبوجعفر محمّد بن الحسن بن عليّ بن الحسن الطوسيرضي‌الله‌عنه ، قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدّثنا محمّد بن معاذ ابن سعيد الحضرمي بالجار، قال: حدّثنا محمّد بن زكريا بن سارية المكي القرشي بجدة، قال: حدثني أبي، عن كثير بن طارق مولى بني هاشم، عن معروف بن خربوذ، عن أبي الطفيل، عن أبي ذر، قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وقد قدم عليه وفد أهل الطائف: « يا أهل الطائف، والله لتقيمن الصلاة، ولتؤتن الزكاة، أو لابعثن إليكم رجلا كنفسي، يحب الله ورسوله، ويحبه الله ورسوله، يقصعكم بالسيف » فتطاول لها أصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فأخذ بيد عليّعليه‌السلام فأشالها، ثم قال: هو هذا. فقال أبوبكر وعمر: ما رأينا كاليوم في الفضل قط.

١١٩٧/٢ - وعنه، قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدّثنا عبدالله ابن محمّد بن عبيد بن ياسين بن محمّد بن عجلان مولى الباقرعليه‌السلام ، قال: سمعت مولاي أبا الحسن عليّ بن محمّد بن الرضاعليهم‌السلام يذكر عن آبائه، عن جعفر بن

٥٧٩

محمّدعليه‌السلام ، قال: قال أميرالمؤمنينعليه‌السلام : ما أنعم الله على عبد نعمة فشكرها بقلبه إلا استوجب المزيد فيها قبل أن يظهر شكرها على لسانه.

١١٩٨/٣ - قال: وقال أميرالمؤمنينعليه‌السلام : من أصبح والآخرة همه، استغنى بغير مال، واستأنس بغير أهل، وعز بغير عشيرة.

١١٩٩/٤ - قال: وقال أميرالمؤمنينعليه‌السلام : المؤمن لا يحيف على من يبغض، ولا يأثم فيمن يحب، وإن بغي عليه صبر حتّى يكون الله (عزّوجلّ) هو المنتصر.

١٢٠٠/٥ - قال: وقال أميرالمؤمنينعليه‌السلام : إن من العزة بالله أن يصبر العبد على المعصية، ويتمنى على الله المغفرة.

١٢٠١/٦ - قال: وسمع أميرالمؤمنينعليه‌السلام رجلا يقول: اللهم إني أعوذ بك من الفتنة. قال: أراك تتعوذ من مالك وولدك، يقول الله (تعالى):( إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ ) (١) ولكن قل: اللهم إني أعوذ بك من مضلات الفتن.

١٢٠٢/٧ - وعنه، قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدّثنا رجاء بن يحيى أبوالحسين العبرتائي، قال: حدّثنا يعقوب بن السكيت النحوي، قال: سمعت أبا الحسن عليّ بن محمّد بن الرضاعليها‌السلام يقول: قال أميرالمؤمنينعليه‌السلام : إياكم والايكال بالمنى، فإنها من بضائع العجزة.

قال: وأنشدني ابن السكيت:

إذا ما رمى بي الهم في ضيق مذهب

رمت بي المنى عنه إلى مذهب رحب

١٢٠٣/٨ - وعنه، قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدّثنا أبوالحسين رجاء بن يحيى العبرتائي، قال: حدّثنا يعقوب بن السكيت النحوي، قال: سألت أبا الحسن عليّ بن محمّد بن الرضاعليهم‌السلام : ما بال القرآن لا يزداد على النشر والدرس إلا غضاضة؟

قال: إن الله (تعالى) لم يجعله لزمان دون زمان ولا لناس دون ناس، فهو في كل

____________________

(١) سورة التغابن ٦٤: ١٥.

٥٨٠