حقائق الاصول الجزء ٢

حقائق الاصول6%

حقائق الاصول مؤلف:
تصنيف: متون أصول الفقه
الصفحات: 617

الجزء ١ الجزء ٢
  • البداية
  • السابق
  • 617 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 219057 / تحميل: 5246
الحجم الحجم الحجم
حقائق الاصول

حقائق الاصول الجزء ٢

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

باتيان ما علم تعلقه به فانه واجب عقلا وان لم يكن في المأمور به مصحلة ولطف رأسا لتنجزه بالعلم به إجمالا وأما الزائد عليه - لو كان - فلا تبعة على مخالفته من جهته فان العقوبة عليه بلا بيان وذلك ضرورة أن حكم العقل بالبراءة - على مذهب الاشعري - لا يجدي من ذهب إلى ما عليه المشهور من العدلية بل من ذهب إلى ما عليه غير المشهور لاحتمال أن يكون الداعي إلى الامر ومصلحته على هذا المذهب ايضا هو ما في الواجبات من المصلحة وكونها ألطافا فافهم.

______________________________

 (قوله: باتيان ما علم) متعلق بالتخلص وضمير (تعلقه) راجع إلى الامر، وضمير (به) راجع إلى (ما علم) والمراد بما علم الأقل (قوله: مخالفته من جهته) ضمير (مخالفته) راجع إلى الأمر وضمير (جهته) راجع إلى الزائد (قوله: وذلك ضرورة) شروع في تعليل قوله سابقا: لا وجه للتفصي... الخ، وحاصل ما يرد الوجه الأول المنع من كون النزاع في المسألة من حيث التردد في التكليف من حيث الغرض ونحوه إذ لا ريب أن الحكم بالبراءة من حيث نفس التكليف يجدي عملا بالبراءة من حيث الغرض مع أن القائل بالبراءة هنا يجعلها مبني له في مقام الاستنباط للفروع وهو يذهب إلى المشهور بين العدلية، فلابد أن يكون بناؤه على البراءة من جميع الحيثيات حتى من حيث الغرض كما هو ظاهر (قوله: بل من ذهب) معطوف على قوله: (من ذهب) السابق الواقع مفعولا لقوله: (لا يجدي) يعني أن من ذهب إلى أن المصلحة في الامر لا يرى انه يجب أن تكون في الامر بل يجوز ذلك ويجوز كونها في المأمور به في قبال دعوى وجوب كونها في المأمور به، فإذا جاز عنده أن تكون في المأمور به كان الاقتصار على الأقل موجبا للشك في حصول الغرض. اللهم إلا أن يدعي أن الشك في حصول الغرض إنما يوجب الاحتياط لو كان المكلف مكلفا بتحصيله قبل الشك في حصوله وهو مما لم يحرز في المقام بعد احتمال

٣٢١

* وحصول اللطف والمصلحة في العبادة وان كان يتوقف على الاتيان بها على وجه الامتثال الا انه لا مجال لاحتمال اعتبار معرفة الأجزاء واتيانها على وجهها كيف ولا إشكال في إمكان الاحتياط ها هنا كما في المتباينين ولا يكاد يمكن مع اعتباره. هذا مع وضوح بطلان احتمال اعتبار قصد الوجه كذلك والمراد بالوجه في كلام من صرح بوجوب إيقاع الواجب على وجهه ووجوب اقترانه به هو وجه نفسه من وجوبه النفسي لا وجه أجزائه من وجوبها الغيري أو وجوبها العرضي واتيان الواجب مقترنا بوجهه غاية ووصفا باتيان الاكثر بمكان من الامكان لانطباق الواجب عليه

______________________________

كونه من فعل الآمر لا المأمور، ولعله إلى هذا أشار بقوله: فافهم (قوله: وحصول اللطف والمصلحة) هذا رد على الوجه الثاني من وجهي التفصي، وحاصله: انه لا يعتبر الجزم بالنية بالنسبة إلى الأجزاء في حصول الغرض للاجماع على امكان الاحتياط في المقام كما في المتباينين ولو كان يعتبر ذلك لما كان الاحتياط ممكنا. اللهم إلا أن يكون المراد من الاحتياط الممكن هو الاحتياط في المأمور به لا في الغرض (فالاولى أن يقال): إن امتناع حصول العلم بحصول الغرض لا يمنع من وجوب الاحتياط في المقام لما عرفت سابقا من وجوبه مع الشك في القدرة، ومنه المقام كما هو ظاهر. نعم لو علم بعدم حصول الغرض من فعل الأكثر من جهة الجزم باعتبار الجزم بالنية في حصول الامتثال لما وجب الاحتياط حينئذ، لكنه خلاف الفرض (قوله: قصد الوجه كذلك) يعني قصده في كل واحد من الاجزاء كما سيشير إليه (قوله: والمراد بالوجه) هذا خلاف المحكي عن المشهور بل خلاف اطلاق معقد الاجماع المحكي عن السيد الرضي الذي اقره عليه السيد المرتضى من بطلان صلاة من صلى صلاة لا يعرف أحكامها فلاحظ (قوله: من وجوبها الغيري) قد عرفت ان الاجزاء واجبة بالوجوب النفسي أصالة لا عرضا ولا بالوجوب الغيري. فتأمل (قوله: لانطباق الواجب عليه) من المعلوم أن الواجب لو كان في الواقع هو الأقل فلا ينطبق الا على نفسه

٣٢٢

ولو كان هو الاقل فيتأتى من المكلف معه قصد الوجه واحتمال اشتماله على ما ليس من أجزائه ليس بضائر إذا قصد وجوب المأتي على إجماله بلا تمييز ماله دخل في الواجب من أجزائه لا سيما إذا دار الزائد بين كونه جزءا لماهيته وجزءا لفرده حيث ينطبق الواجب على المأتي حينئذ بتمامه وكماله لان الطبيعي يصدق على الفرد

______________________________

ويمتنع أن ينطبق على الأكثر. نعم الاكثر فيه الواجب ويشتمل على الواجب لا أنه هو الواجب وحينئذ كيف يمكن فعل الاكثر مقترنا بوجهه غاية ووصفا. (فالأولى) أن يقال: ان قصد الوجه في الاجزاء أيضا ممكن لانه عبارة عن اتيان الفعل الخارجي عن ارادة فعل الواجب لوجوبه وهو حاصل لأن فعل الزائد لا يكون الا عن هذه الارادة، كما أشرنا إلى ذلك سابقا، ومثله فعل كل واحد من الأطراف في الشبهة الوجوبية مع التردد بين المتباينين لكن عرفت أن هذا خلاف ظاهر معقد الاجماع. فتأمل (قوله: جزءا لماهيته وجزءا لفرده) جزء الماهية هو الذي بانتفائه تنتفي الماهية وجزء الفرد هو الذي بانتفائه ينتفي الفرد وان لم تنتف الماهية ويكون ذلك في الماهيات المشككة التي تنطبق على الكثير بعين انطباقها على القليل فالكثير كله فرد واحد كالقليل وكل جزء من الكثير جزء من الفرد وليس جزءا من الماهية لأنه بانتفائه ينتفي الكثير ولا تنتفي الماهية، وحينئذ فإذا وجبت الماهية فعند الاتيان بالفرد الكثير لابد من قصد الوجوب في كل واحد من اجزائه لان الماهية الواجبة تنطبق على الكثير بتمام اجزائه، وحينئذ فإذا تردد الشئ بين كونه جزءا للماهية وجزءا للفرد يتأتى قصد الوجوب فيه، وإن لم يعلم وجوبه بوجوب الماهية للشك في كونه جزءا من الماهية. ومما ذكرنا يظهر لك الاشكال في كون الاذكار المستحبة في الصلاة مثل القنوت والتكبير للهوي للركوع والسجود وللرفع منهما وغيرهما أجزاء صلاتية لامتناع كونها أجزاء للماهية إذ انتفاؤها لا يوجب انتفاء الماهية وامتناع كونها أجزاء للفرد لامتناع قصد الوجوب فيها اجماعا ظاهرا فكيف تكون حينئذ اجزاء صلاتية، وقد يترتب

٣٢٣

بمشخصاته (نعم) لو دار بين كونه جزءا ومقارنا لما كان منطبقا عليه بتمامه لو لم يكن جزءا لكنه غير ضائر لانطباقه عليه أيضا فيما لم يكن ذاك الزائد جزءا غايته لا بتمامه بل بسائر أجزائه. هذا - مضافا إلى أن اعتبار قصد الوجه من رأس مما يقطع بخلافه - مع أن الكلام في هذه المسألة لا يختص بما لابد أن يؤتى به على وجه الامتثال من العبادات - مع أنه لو قيل باعتبار قصد الوجه في الامتثال فيها على وجه ينافيه التردد والاحتمال فلا وجه معه للزوم مراعات الامر المعلوم أصلا ولو باتيان الاقل لو لم يحصل الغرض

______________________________

على ذلك أن فعلها في غير محلها لا يوجب البطلان من جهة الزيادة العمدية المستفاد قدحها في الصلاة من مثل قوله - عليه السلام - في رواية أبي بصير: من زاد في صلاته فعليه الاعادة، لعدم صدق الزيادة عليها إذا كان فعلها في غير محلها على النحو الذي يؤتى بها عليه لو فعلت في محلها. نعم لو أتي بها في غير محلها بقصد الجزئية من الصلاة كسائر الاجزاء الصلاتية من الركوع والسجود بطلت الصلاة، بل الظاهر ذلك لو أتي بها في محلها بالقصد المذكور لما عرفت من عدم كونها أجزاء صلاتية فالاتيان بها بقصد الجزئية يوجب صدق الزيادة العمدية، كما اوضحنا ذلك في الفقه فراجع (قوله: بمشخصاته) كان الاولى أن يقول: باجزائه (قوله: لما كان منطبقا) جواب (لو) (قوله: بتمامه) يعني حتى الآمر المقارن لو لم يكن جزءا، وحينئذ لا يمكن الاتيان به بقصد الوجوب لاحتمال كونه مقارنا لاجزءا فلا يكون واجبا نظير الأذكار الصلاتية التي أشرنا إليها (قوله: لانطباقه عليه) يعني لانطباق الواجب على المأتي به في الجملة لا على تمامه بل على اجزائه المعلومة (قوله: لا يختص بما) بل يجري في التوصليات التي لا يتوقف حصول الغرض فيها على قصد الامتثال فضلا عن قصد الوجه (قوله: من العبادات) بيان لما الموصولة (قوله: مع انه لو قيل باعتبار قصد) هذا اشكال على قول المتفصي: فلم يبق الا التخلص (قوله: لو لم يحصل الغرض) فانه إذا لم يحصل غرض الآمر لا يسقط الأمر والعقل انما يحكم بوجوب موافقته

٣٢٤

وللزم الاحتياط باتيان الاكثر مع حصوله ليحصل القطع بالفراغ بعد القطع بالاشتغال لاحتمال بقائه مع الاقل بسبب بقاء غرضه. فافهم هذا بحسب حكم العقل

______________________________

لغاية سقوطه لا تعبدا فإذا لم يسقط لبقاء الغرض لا تجب موافقته عنده وهو واضح لكنه خلاف الفرض إذ الفرض الشك في حصول الغرض وعدمه فيمكن دعوى وجوب موافقة الامر حينئذ عقلا فلا يظهر توجه كلام المصنف (ره) عليه، ولعله إليه اشار بقوله: فافهم، وان كان بعيدا

الجواب عن شبهة الغرض

(قوله: لاحتمال بقائه) اي بقاء الغرض مع الاقتصار على الاقل (ثم) انه قد يجاب عن شبهة الغرض (تارة) بأن ترك الاقل مفوت للغرض قطعا بخلاف ترك الاكثر للشك في كونه مفوتا له ومع الشك في كونه مفوتا لا تعلم حرمته والاصل البراءة (وفيه) أنه يتم لو كان الثابت حرمة تفويت الغرض لا غير، اما لو كان الثابت وجوب تحصيله فمع الشك في حصوله يرجع إلى قاعدة الاشتغال التي هي المرجع عند الشك في المحصل (واخرى) بأن الاوامر الشرعية وان كانت أوامر غيرية والمطلوب النفسي هو نفس العرض إلا أن حب الغرض لما كان يلزمه كراهة تركه، وكما يحتمل أن يكون الوجه في الاوامر الغيرية هو حب الغرض يمكن أن يكون كراهة تركه بأن يكون للكراهة نحو جلوة بها كانت هي الداعي إلى الامر، وعلى التقدير الثاني لا يجب الاحتياط للشك في كون ترك الزائد تركا للغرض فيشك في كونه حراما والأصل البراءة (وفيه) (اولا) امتناع استناد الأمر الشرعي إلى كراهة ترك المصلحة وإنما يستند إلى ارادة فعلها إذ الارادة الغيرية إنما تستند إلى ارادة نفسية لا إلى كراهة نفسية كما هو ظاهر (وثانيا) أن استناد الأمر الشرعي إلى الكراهة لا أثر له في رفع وجوب الاحتياط بعد العلم بارادة المصلحة لنفسها فان هذا العلم يقتضي الاحتياط، وكون كراهة تركها لا يقتضي الاحتياط لا يجدي إذ المقام من قبيل اجتماع المقتضي واللا مقتضي، ولا ريب في كون الأثر فيه للمقتضي. فلاحظ (وقد) يجاب بأن

٣٢٥

* واما النقل (١) فالظاهر أن عموم مثل حديث الرفع

______________________________

الغرض إنما يجب تحصيله إذا قامت عليه الحجة وليس عليه حجة في المقام غير الأمر والمعلوم منه ليس الا ما تعلق بالأقل فهو إنما يكشف عن غرض فيه لا في الاكثر (وفيه) ان ذلك مسلم إلا أنه لا يرفع الشك في حصول الغرض القائم بالاقل بفعل الأقل لاحتمال قيامه بالزائد على الأقل معه، ولا ساد لهذا الاحتمال إلا أن تقوم الحجة على عدم وجوب الزائد ومجرد عدم الحجة على وجوبه لا يكون حجة على عدم وجوبه، فما دام احتمال وجوبه موجودا كان احتمال عدم حصول الغرض من الأقل موجودا معه ايضا (والاولى) ان يجاب بأن العلم بالغرض والمصلحة ليس له اقتضاء في نظر العقل اكثر من اقتضاء العلم بالأمر، فان كان الشك في حصوله ناشئا من الشك في وجود موضوعه فالمرجع فيه اصالة الاشتغال، وان كان الشك في حصوله للشك في مقومه وموضوعه وانه الاقل أو الاكثر فالمرجع فيه اصالة البراءة والشاهد على ذلك ما عرفت من بناء العقلاء في امثال المقام على الرجوع إلى البراءة وعدم الاعتناء باحتمال عدم حصول الغرض مع فعل الأقل. نعم لو كان نفس الغرض موضوعا للامر كما لو قال: حصل مصلحة الصلاة، كان المرجع اصالة الاحتياط لو شك في حصوله للشك في نفس وجود الموضوع، فالجواب عن شبهة الغرض يكون هو الجواب عن شبهة الشك في سقوط الأمر بفعل الأقل الذي عرفته سابقا، والله سبحانه هو العالم (قوله: وأما النقل فالظاهر ان عموم مثل) الكلام في جريان البراءة الشرعية (تارة) يكون بناء على البراءة العقلية (واخرى) بناء على الاحتياط (فعلى) الاول نقول: إن كان الوجه في انحلال العلم الاجمالي بالوجوب النفسي هو العلم التفصيلي بوجوب الاقل لنفسه كما هو التحقيق

______________

(١) لكنه لا يخفى انه لا مجال للنقل فيما هو مورد حكم العقل بالاحتياط وهو ما إذا علم اجمالا بالتكليف الفعلي الامر الواقعي وهو واضح البطلان. منه مد ظله

٣٢٦

قاض برفع جزئية ما شك في جزئيته فبمثله يرتفع الاجمال والتردد عما تردد أمره بين الاقل والاكثر ويعينه في الاول (لا يقال): إن جزئية السورة المجهولة - مثلا - ليست بمجعولة وليس لها أثر مجعول والمرفوع بحديث الرفع إنما هو المجعول

______________________________

أمكن رفع الوجوب النفسي الضمني الثابت للزائد بمثل حديث الرفع لكونه مما لا يعلم، وان كان الوجه في الانحلال هو العلم الاجمالي بوجوب الأقل اما لنفسه أو لغيره أمكن رفع الوجوب النفسي الاستقلالي الثابت للاكثر بمثل الحديث المذكور لكونه أيضا مما لا يعلم وهذا واضح (وعلى) الثاني فان كان الوجه في الاحتياط امتناع الانحلال من جهة التلازم بين الوجوبات النفسية الضمنية وبين الوجوب النفسي والغيري اشكل جريان الحديث سواء كان لرفع الوجوب النفسي الاستقلالي للأكثر أم الضمني للزائد أو الجزئية، اما الاول فلانه يعارض بجريانه لرفع الوجوب النفسي للاقل والعلم الاجمالي بوجوب الأقل لنفسه أو لغيره لا يمنع من جريانه فيه لانه لا ينجز على تقدير الوجوب الغيري للاقل لارتفاع الوجوب النفسي للأكثر المانع من تنجز الوجوب الغيري للاقل - لو كان -. واما الثاني فلمنافاة جريانه لرفع الوجوب الضمني مع البناء على تنجز وجوب الاقل لنفسه لأن الجمع بينهما يوجب احتمال التفكيك، وقد عرفت انه ممتنع، ومنه يظهر الحال في الثالث إذ لا معنى لرفع الجزئية إلا رفع الوجوب الضمني المتعلق بالجزء لأن الجزئية من الاعتبارات المنتزعة من نفس الوجوب المذكور فلا معنى لرفعها الا رفع منشأ انتزاعها، وقد عرفت امتناعه لاقتضاء رفعه التفكيك بين الوجوبات الضمنية احتمالا، وقد عرفت انه ممتنع جزما، وان كان الوجه في الاحتياط شبهة الغرض، أو شبهة الشك في سقوط الامر، أو شبهة اهمال الموضوع، فلا مجال للبراءة الشرعية أيضا لعدم جريانها في امثال هذه المقامات. وبالجملة: فالتفكيك بين البراءة العقلية والشرعية في الجريان وعدمه مشكل جدا (قوله: قاض برفع جزئية) ربما ينسب إلى المصنف (ره) أن الوجه في تخصيص تطبيق الحديث على الجزئية المشكوكة دون

٣٢٧

بنفسه أو أثره ووجوب الاعادة إنما هو أثر بقاء الامر الاول بعد العلم مع انه عقلي وليس إلا من باب وجوب الاطاعة عقلا (لانه يقال): إن الجزئية وإن كانت غير مجعولة بنفسها إلا انها مجعولة بمنشأ انتزاعها وهذا كاف في صحة رفعها (لا يقال): إنما يكون ارتفاع الامر الانتزاعي برفع منشأ انتزاعه وهو الامر الاول ولا دليل آخر على امر آخر بالخالي عنه (لانه يقال): نعم وإن كان ارتفاعه بارتفاع منشأ انتزاعه

______________________________

الوجوب النفسي للاكثر أن تطبيقه على الوجوب المذكور معارض بتطبيقه على وجوب الاقل فانه مشكوك أيضا واحتمال معارضة تطبيقه على الجزئية بتطبيقه على كلية الاقل فانها مشكوكة. مندفع بأنه لا أثر لرفع كلية الاقل إذ وجوب الاتيان به عقلا ليس من آثار كليته. لكن فيه ما عرفت من أن الجزئية من الاعتبارات المنتزعة من الوجوب فرفعها إنما يكون برفعه فإذا امتنع رفعه امتنع رفعها. فتأمل (قوله: بنفسه أو اثره) إذا لرفع فيه رفع تشريعي والرفع التشريعي إنما يتعلق بالامر الشرعي فإذا لم يكن الشئ امرا شرعيا ولا ذا اثر شرعي ليكون رفعه بلحاظه امتنع رفعه تشريعا وان كان رفعه تكوينا ممكنا إلا ان الحديث ليس متضمنا لذلك والالزم الكذب (قوله: ووجوب الاعادة) دفع توهم أن الجزئية لها اثر شرعي وهو وجوب الاعادة فيصح رفعها بلحاظه. ووجه الدفع: ان وجوب الاعادة عبارة اخرى عن وجوب اطاعة الامر بفعل المأمور به تاما بعد فعله ناقصا وهو أثر عقلي لبقاء الامر الاول، واما وجوب الاعادة شرعا فهو عين بقاء الامر وعدم سقوطه بفعل الاقل وليس أثرا للجزئية اصلا (قوله: وهو الامر الاول) المراد بالامر الاول الوجوب النفسي الثابت للاكثر، وحينئذ يكون الوجوب النفسي للاقل مشكوكا فيجري فيه الحديث ولا دليل على وجوبه حينئذ كما عرفت، وهذا مبني على وجوب الجزء لغيره اما على تقدير وجوبه لنفسه فقد عرفت انه لا يمكن رفع الوجوب النفسي الضمني

٣٢٨

* إلا أن نسبة حديث الرفع الناظر إلى الادلة الدالة على بيان الاجزاء إليها نسبة الاستثناء وهو معها يكون دالة على جزئيتها إلا مع الجهل بها كما لا يخفى فتدبر جيدا

______________________________

لامتناع التفكيك الذي هو مبنى الاحتياط العقلي (قوله: إلا ان نسبة حديث الرفع) حاصل الجواب: أن الحديث الشريف لو كان موجبا لرفع الوجوب بتمامه على تقدير ثبوته للاكثر كان اجراؤه لرفعه موجبا للشك في وجوب الاقل لاحتمال كون الوجوب ثابتا للاكثر فيكون مرفوعا، أما إذا كان موجبا لرفع خصوص الوجوب الضمني القائم بالجزء مع بقاء وجوب الباقي بحاله فالاقل يكون معلوم الوجوب حينئذ ولا يمكن اجراء الحديث لرفع وجوبه فيكون حديث الرفع محددا لوجوب الاكثر على تقدير ثبوته واقعا والوجه في هذ التحديد هو الجمع بين ما دل على جزئية كل واحد وما دل على رفع الجزئية المجهولة، فان لازم الجمع المذكور هو وجوب الاقل لانه معلوم الجزئية وعدم وجوب الزائد على لكونه مجهول الجزئية (هذا) ويمكن الخدشة فيه بأن أدلة الجزئية الواقعية إنما تفيد حكما واقعيا، وحديث الرفع ونحوه إنما يفيد حكما ظاهريا، ومن المعلوم أن احدهما ليس في عرض الآخر حتى يكون دليل احدهما بمنزلة الاستثناء من دليل الآخر، فحديث الرفع ليس مما يرفع الجزئية واقعا حتى يكون بمنزلة الاستثناء مما دل على الجزئية واقعا، بل إنما يقتضي رفعها ظاهرا، وكونه بمنزلة الاستثناء يتوقف على وفاء ادلة الجزئية بثبوتها ظاهرا في كل واحد من الاجزاء حتى مشكوك الجزئية، ولا ريب في انها لا تفي بذلك، وليست دالة إلى على الجزئية واقعا. مضافا إلى ما عرفت من ان تخصيص الوجوب الضمني الثابت الزائد بالرفع يتوقف على إمكان التفكيك في التنجز بين الوجوبات الضمنية وهو غير مبني على الاحتياط، فانه لو جاز هذا التفكيك جاز الرجوع إلى البراءة العقلية في خصوص الزائد على الأقل، ولا مجال للاحتياط العقلي فيه الذى هو المختار عند المصنف (ره)

٣٢٩

وينبغي التنبيه على أمور

(الاول) أنه ظهر مما مر حال دوران الامر بين المشروط بشئ ومطلقه وبين الخاص كالانسان وعامه كالحيوان، وأنه لا مجال ههنا للبراءة عقلا بل كان الامر فيهما أظهر، فان الانحلال المتوهم في الاقل والاكثر لا يكاد يتوهم ههنا، بداهة

______________________________

فلاحظ وتأمل (قوله: الاول انه ظهر مما مر حال) هذا شروع في حكم الشك في شرطية شئ للمأمور به وفي حكم الدوران في الواجب بين التعيين التخيير كما لو شك في كون الاقامة شرطا للصلاة، أو شك في كون الواجب في الركوع والسجود مطلق الذكر أو خصوص التسبيح (وحاصل) ما ذكر في بيان حكمهما: انه لا مجال للبراءة العقلية فيهما سواء قلنا بها في الاقل والاكثر أم لم نقل. أما على الثاني فواضح إذ المانع المتقدم من انحلال العلم الاجمالي هناك جار بعينه هنا بل بطريق اولى كما سيظهر. وأما على الاول فللفرق بين مسألة الاقل والاكثر وبين هاتين المسألتين بأن الاولى انما تكون في المركب الخارجي الذي هو واحد اعتبارا ومتعدد خارجا فان كلا من اجزاء الاكثر له وجود ممتاز في قبال غيره إذ وجود التكبير غير وجود القراءة وهما غير وجود الركوع وهي غير وجود السجود وهكذا سائر اجزاء الصلاة واجزاء غيرها من الواجبات فتمكن فيها دعوى الانحلال لو شك في جزئية الاستعاذة مثلا للصلاة إذ يعلم تفصيلا بوجوب ما عدا الاستعاذة مثلا من الاجزاء ويشك في وجوب الاستعاذة فيتنجز ما علم وجوبه ويرجع في وجوب الاستعاذة إلى البراءة عقلا، ولا تمكن الدعوى المذكورة في المقام بأن يقال: وجوب ذات المشروط أو ذات العام معلوم ويشك في وجوب التقييد بالشرط أو الخصوصية، لأن ذات المشروط - على تقدير الشرطية - ليست مما يتصف بالوجوب الغيري ليعلم بوجوبها تفصيلا إما لنفسها أو لغيرها كما في ذات الأقل، لأنها في حال وجدان الشرط عين الواجب فتكون واجبة بالوجوب النفسي، وفي حال فقدانه مباينة للواجب وليست مقدمة له لتجب بوجوب غيري

٣٣٠

* ولما لم يعلم بوجوبها تفصيلا نفسيا أو غيريا كما في ذات الاقل لم يكن وجه للانحلال، وهكذا الحال في ذات العام إذا شك في وجوب الخاص. وعمدة النكتة فيه: ان الوجوب الوارد على المشروط ليس قائما بامرين ذات المشروط وأمر آخر لتكون ذات المشرط جزءا من الواجب ويجري عليها حكم الاقل، بل ليس قائما إلا بأمر واحد وهو ذات المشروط لا غير والتقييد بالشرط ليس جزءا للواجب بل إنما يوجب تضييق دائرة الذات في مقام موضوعيتها للوجوب، فالشك في الشرطية في الحقيقة شك في ان ذات المشروط التي هي تمام موضوع الطلب موضوع له في جميع الاحوال والاطوار، أو في خصوص بعضها، فليس هناك تكليف معلوم وتكليف مشكوك كما في باب الاقل والاكثر. ومنه يظهر أنه لو بني على وجوب الجزء نفسيا - كما هو التحقيق والمختار للمصنف (ره) في مبحث مقدمة الواجب - فالانحلال بالعلم التفصيلي بالوجوب النفسي الذي تقدم تقريره في الاقل والاكثر غير آت هنا، إذ الشك ليس في التكليف بل في اطلاق موضوع التكليف وتقييده، ومثله الشك في التعيين والتخيير بلا فرق اصلا بينهما في هذه الجهة. نعم بينهما فرق من جهة أخرى، وهي أن ذات المشروط لا تختلف باختلاف حالي وجود الشرط وعدمه، بل هما طارئان على أمر واحد خارجي فهما من أحواله وأطواره مع حفظ ذات واحدة فيهما فان زيدا في حال علمه هو زيد في حال جهله ولا يتعدد بتعدد الاطوار والاحوال اصلا، بخلاف الجامع بلحاظ حصصه وافراده فان الانسان المتحد مع خصوصية زيد غير المتحد مع خصوصية عمرو، وليست خصوصية زيد وعمرو من قبيل الخصوصيات الطارئة على ذات واحدة، بل هو متعدد بتعدد تلك الخصوصيات لعدم كون تلك الخصوصيات احوالا لأمر واحد وطارئه على شئ فارد، بل كل خصوصية منها مقومة لحصة معينة وبها تتباين تلك المقومات، ومن هذه الجهة من الفرق يمكن ان تفترق مسألتا الشك في الشرطية والدوران بين التعيين والتخيير في الرجوع إلى البراءة والاحتياط وان اتفقتا في عدم كون الشك فيهما في التكليف النفسي الضمني، فان الشك في الشرطية لما كان راجعا إلى الشك في

٣٣١

اطلاق موضوع التكليف النفسي وتقييده كانت الذات التي هي معروض الاطلاق والتقييد ما يعلم بتعلق التكليف بها وكونها في موضوعيتها له مقيدة أمر مشكوك، وهذا الشك يوجب الشك في تعلق الامر الغيري بالشرط بحيث يلزم من تركه مخالفة التكليف المعلوم، وحيث لا بيان على ذلك فالمرجع قاعدة قبح العقاب بلا بيان، والشك في التعيين لما كان راجعا إلى الشك في موضوع التكليف وانه الجامع بين الافراد أو خصوص فرد منه، ولم يكن هناك امر واحد محفوظ كان المكلف به مرددا بين المتباينين، والمرجع فيه الاشتغال (اللهم) إلا أن يقال: قد اشتهر ان مقوم العالي مقوم للسافل فالجامع لابد أن يكون موجودا ضمنا في الفرد، بل برهان الاشتراك في الأثر يقتضي وجود الجهة الجامعة بين الافراد، بل انتزاع مفهوم واحد من الافراد المتعددة يقتضي وجود منشأ الانتزاع في كل واحد منها، ولازم ذلك كله أن يكون الجامع مما يعلم تفصيلا كونه موضوعا للتكليف النفسي ويكون الشك في اعتبار الخصوصية زائدا عليه فيكون حال الشك في التعيين حال الشك في الشرطية، بل لعله حال الشك في الجزئية لكون الخصوصية الفردية مقومة للفرد المحتمل التعيين فيكون لها حظ من الوجوب النفسي فيكون الحكم فيه هو البراءة العقلية (فان قلت): ما ذكر مسلم إلا أن ما يعلم وجوده في ضمن الفرد هو الماهية المهملة المشتركة بين الماهية الشخصية - اعني الفرد - والمطلقة الصالحة للانطباق على كل فرد، والماهية المهملة غير صالحة للانطباق على غير الفرد المحتمل التعيين، وحينئذ فالماهية المطلقة مباينة للماهية المحدودة الشخصية، فإذا دار الواجب بينهما فقد تردد بين متباينين والماهية المهملة المتيقنة أمر ثالث غير كل واحد من الطرفين فتعين كونها موضوعا للتكليف النفسي لا يجدي في الانحلال بعد كون الواجب مرددا بين امرين متباينين (قلت): قد عرفت في الجواب عن بعض شبهات الاحتياط في الاقل والاكثر ان تردد الواجب بين المتباينين إنما يوجب الاحتياط إذا كان ما به الامتياز في كل واحد من المتباينين مما يقتضي التكليف حفظه، كما لو كان مرددا بين ما اخذ بشرط لا وبين ما اخذ بشرط شئ لا ما إذا تردد بين ما اخذ لا بشرط وبين ما اخذ

٣٣٢

أن الاجزاء التحليلية لا يكاد يتصف باللزوم من باب المقدمة عقلا، فالصلاة مثلا في ضمن الصلاة المشروطة أو الخاصة موجودة بعين وجودها في ضمن صلاة اخرى فاقدة لشرطها وخصوصيتها تكون متبائنة للمأمور بها كما لا يخفى (نعم) لا بأس بجريان البراءة النقلية في خصوص دوران الامر بين المشروط وغيره دون دوران الامر بين

______________________________

بشرط شئ. مضافا إلى أن الكلام هنا في الفرق بين الشك في التعيين والشك في الشرطية وما ذكر في الاول من تردد الواجب بين المتباينين وان المتيقن كونه موضوعا للتكليف هو الماهية المهملة وهي غير كل واحد منهما بعينه جار في الثاني لما عرفت من ان المتيقن مع الشك في الشرطية هو ذات المشروط مهملة والواجب مردد بين كونه مطلقا وكونه مشروطا، بل العلم التفصيلي الذي ادعي اقتضاؤه الانحلال مع الشك في الجزئية إنما قام على ثبوت التكليف لذات الاقل مهملة مع التردد في انها واجبة مع الباقي أو مطلقا فحكم مثل هذا الشك المقرون بمثل هذا العلم إن كان هو الاحتياط في المقام كان هو حكمه في الشك في الجزئية والشرطية أيضا، وان كان حكمه البراءة فيهما كانت حكمه في المقام أيضا، فلا موجب للفرق بين المقامات الثلاثة فان الجميع على نسق واحد (والتحقيق) الرجوع إلى البراءة في الجميع لما اشرنا إليه من عدم البيان الملزم لفعل الخصوصية الزائدة على الطبيعة المعلوم تعلق التكليف بها مهملة التي يعلم بحرمة تركها تفصيلا، والمقام محتاج إلى مزيد تأمل والله سبحانه هو الهادي (قوله: الاجزاء التحليلية) هي التي يحللها العقل ويميز بعضها عن بعض في مقابل الاجزاء الخارجية، والمراد من الاجزاء التحليلية في المقام ذات المشروط والتقييد وذات العام والخصوصية المفردة للعام (قوله: فالصلاة مثلا) بيان لوجه عدم الاتصاف باللزوم (قوله: موجودة بعين) يعني فلا يمكن تعلق الوجوب الغيري بها للزوم اجتماع المثلين، لكن هذا الاشكال بعينه جار في الاجزاء الخارجية، والمصحح لتعلق الوجوب الغيري بها من اخذ الحدود الذهنية جار ايضا (قوله: تكون متبائنة) يعني وليس بينهما

٣٣٣

الخاص وغيره لدلالة مثل حديث الرفع على عدم شرطية ما شك في شرطيته وليس كذلك خصوصية الخاص فانها إنما تكون منتزعة عن نفس الخاص فيكون الدوران بينه وبين غيره من قبيل الدوران بين المتباينين فتأمل جيدا

______________________________

المقدمية التي هي مناط الوجوب الغيري وإلا فمحض المباينة غير كاف في المنع إذ المقدمة لابد ان تكون مباينة كما هو ظاهر، ولكن يمكن ان يقال: إن مناط المقدمية في الجزء حال عدم اجتماع تمام الاجزاء ليس إلا كونه بحيث لو انضم إليه بقية الاجزاء لالتأم منه الكل وهو بعينه موجود في الصلاة الفاقدة للشرط إذ لو انضم إليها تمام ما يعتبر في المشروط لكانت عين المشروط. نعم لا تم ذلك في المقامين معا لو بني على اختصاص الوجوب الغيري بالمقدمة الموصلة، لكنه غير مختار المصنف (ره). فتأمل (قوله: لدلالة مثل حديث الرفع على) قد تقدمت الاشارة إلى أن الجزئية منتزعة من الوجوب الضمني القائم بالجزء فرفعها إنما يكون برفعه. أما الشرطية فان كانت منتزعة من تقييد المشروط بالشرط في رتبة سابقة على التكليف لم تكن شرعية ولا يمكن رفعها بحيث الرفع، وان كانت منتزعة من تعلق التكليف بالمقيد بالشرط كانت شرعية وكان رفعها برفع التكليف المذكور، لكن إن بنينا على الانحلال فلا اشكال إذ يكون رفعها برفع الخصوصية القائمة بالمقيد الموجبة لانتزاع اضافة الشرطية، أما بناء على عدم الانحلال كما يرى المصنف (ره) فيشكل رفع الخصوصية المذكورة لما تقدم في رفع الجزئية لعدم الفرق بين المقامين في هذه الجهات (قوله: منتزعه عن نفس الخاص) يعني لا من أمر خارج عنه حتى تكون نظير خصوصية الشرط بل هي منتزعة من نفس الخاص فتكون مقومة لنفس الواجب فيدور الأمر بين وجوب الخاص ووجوب العام فيكونان من قبيل المتباينين، لكن عرفت أن خصوصية الخاص وان كانت مقومة للخاص إلا أن الخاص لما كان متقوما بالعام ولو كان بنحو الطبيعة المهملة فالدروان بين وجوب الخاص ووجوب العام ملزوم لليقين بوجوب العام في الجملة

٣٣٤

* (الثاني) انه لا يخفى أن الأصل فيما إذا شك في جزئية شئ أو شرطيته في حال نسيانه عقلا ونقلا ما ذكر في الشك في أصل الجزئية أو الشرطية فلو لا مثل حديث الرفع مطلقا و (لا تعاد) في الصلاة يحكم عقلا بلزوم اعادة ما أخل بجزئه أو شرطه نسيانا كما هو الحال فيما ثبت شرعا جزئيته أو شرطيته مطلقا

______________________________

ويكون الشك في وجوبه مطلقا أو وجوب الخصوصية، ففي الحقيقة يكون الدوران بين الاطلاق والتقييد من حيث الافراد وهو كالدوران بين الاطلاق والتقييد من حيث الأحوال كما في الشك في الشرطية أو بين الاهمال والاطلاق من حيث الأحوال كما في الشك في الجزئية، وتباين صور المفاهيم في الجميع حاصل، فان كان مثله مانعا عن إعمال البراءة الشرعية فليكن كذلك في الجميع، وان لم يكن مانعا في بعضها لم يكن مانعا في الباقي. فتأمل جيدا والله سبحانه هو الهادي، (قوله: إذا شك في جزئية شئ) اعلم أن الكلام في الناسي (تارة) يكون في ناسي الجزئية مع الالتفات إلى ذات الجزء (وأخرى) في ناسى نفس الجزء (اما) حكم الأول فهو انه لا ريب في معذوريته في حال النسيان عقلا في ترك الجزء، وأما بعد الالتفات إليها فصحة المأتي به والاكتفاء به يتوقف على قيام دليل بالخصوص عليه، ولا ينبغي التأمل في دلالة حديث: لا تعاد الصلاة، عليه، لكنه مختص بالصلاة، واما حديث رفع النسيان فيشكل جريانه لاثبات ذلك سواء كان مفاده مفاد حكم العقل من المعذورية ورفع التنجز، أم رفع وجوب التحفظ أم رفع الجزئية حقيقة برفع الوجوب الضمني القائم بالجزء. إذ الأول ليس إلا حكم العقل بمعذورية الناسي وهو أعم من صحة الناقص، ومثله الثاني غاية الأمر أنه يقتضي نفي المؤاخدة على الناسي ولو كان نسيانه عن تقصير. واما الثالث فمع انه يشكل في نفسه باقتضائه اختصاص الوجوب الضمني بالملتفت مع ان الأحكام الواقعية مشتركة بين الملتفت والناسي اشتراكها بين العالم والجاهل اجماعا وللزوم الدور المشهور فتأمل، بل لزوم الخلف لأن عنوان نسيان الجزئية إنما يعتبر في فرض الجزئية حال

٣٣٥

النسيان فلا يمكن أن يكون رافعا لها، لا يجدي في اثبات صحة الناقص فان نسيان الجزئية وان كان لا يقتضي في نفسه إلا رفع نفس الوجوب الضمني الذي هو منشأ انتزاع الجزئية إلا أن رفع الوجوب المذكور لما كان ملازما لرفع وجوب الناقص لتلازم الوجوبات الضمنية في مقام الثبوت والسقوط كان تطبيقه لرفع الوجوب الخاص بالجزء دالا بالالتزام على ارتفاع وجوب الباقي، وليس في الحديث الشريف دلالة على ثبوت الوجوب للناقص لأنه رافع وليس فيه شائبة الوضع (فان قلت): الأدلة الواقعية دالة على ثبوت كل واحد من تلك الوجوبات الضمنية، وحديث الرفع لا يصلح للحكومة عليها الا من حيث دلالتها على وجوب الجزء المنسي جزئيته فترفع اليد عن دلالتها عليه ولا وجه لرفع اليد عن دلالتها على ثبوت بقية الوجوبات (قلت): لا ريب في دلالتها على ثبوت كل واحد من تلك الوجوبات لكنها تدل مع ذلك على انها وجوبات ضمنية لا استقلالية وبواسطة دلالتها على الضمنية يكون الحديث دالا بالمطابقة على رفع خصوص الوجوب الضمني القائم بالجزء المنسية جزئيته وبالالتزام على رفع الوجوب الباقي، فهو يعارض الأدلة الواقعية في تمام مدلولها ولازم تقديمه عليها سقوط حجيتها في تمام ايضا، وحينئذ فلا دليل على صحة الناقص المأتي به ولازم ذلك وجوب الاعادة بعد الالتفات لعموم دليل التكليف الواقعي بالتام ورفع اليد عنه حال النسيان لا يمنع من وجوب الأخذ به بعد الالتفات، واما وجوب القضاء خارج الوقت فيتوقف على اقتضاء دليله ذلك، وقد تقدم في مبحث الإجزاء بعض الكلام فيه فراجع.

نسيان الجزء

(وأما) نسيان الجزء فالكلام فيه (تارة) فيما لم يقم دليل من عموم أو اطلاق على جزئية المنسي في حال نسيانه بناء على امكان التفكيك بين الناسي للجزء وغيره في الجزئية (وأخرى) فيما لو قام (اما) الكلام في الاول فظاهر المصنف - رحمه الله - هو الاحتياط العقلي والبراءة الشرعية، وكأن الوجه في

٣٣٦

الأول ما دل على الاحتياط عقلا مع الشك في الجزئية، وفى الثاني ما دل على البراءة الشرعية لعدم الفرق بين الشك في جزئية المنسي بعد الالتفات والشك في أصل الجزئية. ويمكن الخدشة فيه بالفرق بين المقامين بحدوث الشك بعد فعل الاقل فالعلم الاجمالي بوجوب المردد بين الاقل والاكثر لا يوجب الاحتياط لحصوله بعد الامتثال في أحد الاطراف، ومثله لا ينجز كما لو علم بوجوب صوم أمس أو غد، ومثله الاستصحاب التعليقي لأنه كان لو التفت وجب عليه فعل المنسي فكذا بعد الالتفات، لأن الملازمة فيه ليست شرعية، نعم لو بني على الاحتياط في المسألة السابقة من جهة الشك في حصول الغرض أو الشك في سقوط الامر المتعلق بالأقل لزم البناء عليه هنا ايضا لذلك كما يمكن البناء على الاحتياط لاستصحاب التكليف بالجزء المنسي الثابت قبل نسيانه، لكنه مختص بما إذا طرأ النسيان في الاثناء بعد التكليف بالتمام دون ما لو كان النسيان من أول الامر لعدم اليقين المصحح للاستصحاب، بل ومبني على عدم اقتضاء حديث رفع النسيان رفعه حقيقة، والا فهو حاكم على الاستصحاب للعم بارتفاع الحالة السابقة. ثم لو تم الاستصحاب المذكور فلا مجال للبراءة الشرعية لحكومته عليها كما سيأتي، ولا فرق بين حديث الرفع وغيره من أدلتها. نعم قول أبي جعفر - عليه السلام - لزرارة: لا تعاد الصلاة الا من خمسة.. الخ مقدم على الاستصحاب بل وسائر أدلة الجزئية المقتضية للاعادة. ومن هذا يظهر لك أن المراد من حديث الرفع في كلام المصنف - رحمه الله - رفع ما لا يعلمون لا رفع النسيان لأن محل كلامه صورة الشك في الجزئية حال النسيان ورفع النسيان إنما يجري في صورة العلم بالجزئية لولاه. نعم يبقي الاشكال على المصنف - رحمه الله - في إعمال حديث: لا تعاد، في صورة الشك وليس موضوعه ذلك إذ هو نظير رفع النسيان موضوعه الجزء المعلوم الجزئية، وليس هو من الاحكام الظاهرية فتأمل جيدا، (وأما) الكلام في الثاني فيظهر الحال فيه مما سبق إذ مقتضى قيام الدليل على الجزئية حال النسيان وجوب الاعادة وعدم الاكتفاء بالناقض إلا أن يقوم دليل

٣٣٧

* نصا أو إجماعا. ثم لا يذهب عليك أنه كما يمكن رفع الجزئية أو الشرطية في هذا الحال بمثل حديث الرفع كذلك يمكن تخصيصها بهذا الحال بحسب الأدلة الاجتهادية

______________________________

بالخصوص على الاكتفاء به، ولا ريب في اقتضاء حديث: لا تعاد الصلاة. ذلك في خصوص الصلاة، وأما حديث رفع النسيان فقد عرفت الكلام فيه في نسيان الجزئية وأنه لا يدل على صحة الناقص والاكتفاء به بوجه. فراجع وتأمل (قوله: نصا) كالخمسة المذكورة في حديث لا تعاد (قوله: أو اجماعا) كتكبيرة الافتتاح وسائر الأركان (قوله: كذلك يمكن تخصيصها بهذا) شروع في امكان التفكيك بين ناسي الجزء والملتفت إليه في الواجب، خلافا لشيخه (ره) حيث بنى على امتناعه - كما سيشير إليه - (وتوضيح) الاشكال: أنه إذا قام دليل على جزئية شئ ولم يكن له اطلاق يشمل حال نسيان الجزء وجب الحكم بجزئيته في ذلك الحال لأنه لو لم يكن جزءا في حال النسيان يلزم أن يكون الملتفت مكلفا بالتام الشامل لذلك الجزء والناسي مكلفا بالناقص الخالي عن ذلك الجزء، وهذا التنويع محال لامتناع جعل عنوان الناسي موضوعا لكل خطاب، إذ الغرض من الخطابات ليس الا البعث والزجر وهو لا يترتب على خطاب الناسي، لأن تأثيره في البعث يتوقف على علم المكلف بانطباق عنوانه عليه وعلمه بانطباق عنوان الناسي عليه يوجب التفاته إلى المنسي فينتفي عنه العنوان المذكور، فلا يترتب الغرض المذكور على خطاب موضوعه الناسي أصلا، فيكون محالا. وقد أجاب المصنف - رحمه الله - عنه بان التفكيك بين الناسي والملتفت في جزئية المنسي وعدمها لا يتوقف على جعل الناسي موضوعا للخطاب ليرد المحذور، بل يمكن أن يكون على أحد وجوه (الأول) أن يجعل عنوان المكلف الشامل للملتفت والناسي موضوعا للخطاب بما عدا المنسي من الاجزاء لا غير، ثم تكليف الملتفت بالمنسي فالملتفت الآتي بالتمام آت بما هو المأمور به والناسي الآتي بالناقص ايضا آت بما هو مأمور به (فان قلت): أخذ الالتفات قيدا في موضوع الخطاب بالجزء

٣٣٨

محال لان الالتفات متأخر عن الحكم فكيف يؤخذ في موضوعه (قلت): ذاك في الالتفات إلى الحكم لا في الالتفات إلى الموضوع، والثاني هو محل الكلام (الثاني) أن يكلف الملتفت بالتمام والناسي بالناقص ولكن لا بعنوان الناسي بل بعنوان ملازم له مثل ضعيف الدماغ أو رطب الدماغ أو نحو ذلك (الثالث) أن يكلف الملتفت بالتمام ولا يكلف الناسي بشئ ولكن يصح فعله للناقص لاشتماله على المصلحة ويكفي في بعثه إلى الناقص اعتقاده توجه أمر الملتفت إليه فيأتي بالناقص بداعي موافقة أمر الملتفت بالتمام، وهذا الوجه الاخير ذكره المصنف (رحمه الله) في حاشيته على الرسائل، والوجهان الاولان وان كان لا بأس بهما في مقام الثبوت إلا انهما خلاف ما عليه الادلة الدالة على الجزئية وعدمها بالاضافة إلى الملتفت والناسي، فان الجمع بين الادلة الدالة على الجزئية وبين حديث: لا تعاد الصلاة ونحوه مما دل على صحه صلاة الناسي إذا ترك ما عدا الاركان يقتضي اطلاق جزئية الاركان وثبوتها في حالي الالتفات إليها والنسيان وتخصيص جزئية كل جزء جزء عداها بالالتفات إليه، فما التفت إليه منها فهو جزء وما لم يلتفت إليه فليس بجزء، فالملتفت والناسي لابد أن يشتركا في الامر بالأركان وقد يشتركان في الأمر بما عداها إذا لم يكن موضوعا للنسيان فيختلف أمر الناسي سعة وضيقا باختلاف حال النسيان من حيث طروئه على تمام ما عدا الاركان أو على بعضه كثيرا أو قليلا. ومنه يظهر لك عدم تمامية الوجه الاخير (اولا) من جهة انه لابد من أمر الناسي بالاركان وبالمقدار الملتفت إليه من الاجزاء زائدا عليها لوجود المقتضي وهو المصلحة في فعله وعدم المانع (وثانيا) من جهة أن اطاعة أمر الملتفت لا توجب عبادية فعله بعد ما لم يكن فعله موضوعا له إلا أن يكون من باب الاشتباه في التطبيق. فتأمل. كما منه يظهر أن فعل الناسي انما كان عبادة وطاعة لامره المتعلق به وليس له في ذلك خطأ واشتباه، بل كما هو غافل عن كونه ناسيا غافل عن كونه ملتفتا. نعم هو ملتفت إلى ما فعله من الاجزاء كالملتفت إلى تمام الاجزاء وليس الاختلاف بينه وبين الملتفت الا غفلته عن الجزء المنسي والتفات الملتفت إليه الذي هو معنى كونه

٣٣٩

كما إذا وجه الخطاب على نحو يعم الذاكر والناسي بالخالي عما شك في دخله مطلقا وقد دل دليل آخر على دخله في حق الذاكر أو وجه إلى الناسي خطاب يخصه بوجوب الخالي بعنوان آخر عام أو خاص لا بعنوان الناسي كي يلزم استحالة ايجاب ذلك عليه بهذا العنوان لخروجه عنه بتوجيه الخطاب إليه لا محالة كما توهم لذلك استحالة تخصيص الجزئية أو الشرطية بحال الذكر وايجاب العمل الخالي عن المنسي على الناسي فلا تغفل (الثالث) أنه ظهر مما مر حال زيادة الجزء إذا شك في اعتبار عدمها شرطا أو شطرا في الواجب

______________________________

ناسيا في قبال الملتفت. وهذا الذي ذكرناه قريب مما ذكره المصنف (ره) اولا. فلاحظ وتأمل (قوله: كما إذا وجه الخطاب) هذا هو الوجه الاول (قوله: بالخالي) متعلق بالخطاب (قوله: مطلقا) يعني حتى في حق الناسي (قوله: أو وجه إلى) هذا هو الوجه الثاني) قوله: بهذا العنوان) يعني عنوان الناسي (قوله: لخروجه) تعليل للاستحالة، (قوله: كما توهم لذلك) يعني لاجل استحالة خطاب الناسي بعنوان النسيان توهم بعض استحالة تخصيص الجزئية بحال الذكر وانما كان توهما لعدم التلازم بين استحالة الخطاب على النحو المذكور واستحالة التخصيص المذكور لما عرفت (قوله: حال زيادة الجزء) اعلم أنه الجزء المعتبر في المركب يمكن اعتباره على أحد وجوه، فتارة يعتبر بنحو صرف الوجود المضاف إلى نفس الجامع بين الأفراد الذي هو نقيض عدمه، وأخرى يعتبر بشرط لا - يعني شرط ان لا يتكرر الوجود - وثالثة بشرط شئ - أي بشرط أن يتكرر وجوده - ورابعة بنحو يصدق على القليل والكثير المتدرج كما في موارد التخيير بين الأقل والأكثر كما في التسبيح في الركوع والسجود بناء على كون تمام التسبيح المتعدد واجبا، ثم إن عنوان زيادة الجزء انما يصح انتزاعه في الصورتين الأوليين دون الأخيرتين لأن الزيادة عبارة عن كون الوجود مما لا يترتب عليه أثر مقصود مرغوب،

٣٤٠

* مع عدم اعتباره في جزئية والا لم يكن من زيادته بل من نقصانه وذلك لاندارجه في الشك في دخل شئ فيه جزءا أو شرطا فيصح لو اتى به مع الزيادة عمدا تشريعا أو جهلا قصورا أو تقصيرا أو سهوا

______________________________

والوجود الثاني في الأخيرتين ليس كذلك كما هو ظاهر. نعم هو في الأوليين كذلك إلا أن اعتبار عدم الزيادة في المركب انما يصح في الصورة الأولى دون الثانية لأن اعتباره في الجزء يمنع من اعتباره ثانيا في المركب للغويته كما هو ظاهر. ثم ان اعتبار العدم المذكور في المركب يوجب اعتبار عنوان المانعية للزيادة، واما اعتباره شطرا فالظاهر امتناعه لأن العدم غير صالح للتأثير فيمتنع أن يكون جزءا من المؤثر وكأن ذكر المصنف (ره) له من باب الفرض والتقدير (قوله: مع عدم اعتباره) هذا قيد لقوله: زيادة الجزء. يعني أن كون الزيادة من باب زيادة الجزء إذا لم يعتبر عدمها في الجزء والا كانت من نقص الجزء لان اعتبار العدم في الجزء يقتضي فوات الجزء بفوات شرطه فيكون وجود الجزء ثانيا موجبا لنقص الجزء لا زيادة الجزء، لكن عرفت أن ذلك لا ينافي صدق زيادة الجزء على نفس الوجود وان كان موجبا لنقص الجزء أيضا، كما أن اعتبار العدم في المركب موجب لكون الوجود زيادة للجزء ونقصا لعدمه ايضا فصدق الزيادة للجزء والنقص له حاصل في المقامين لكنه مختلف بالاعتبار (قوله: وذلك لاندارجه) تعليل لظهور حال الزيادة مما مر. يعني أن أخذ العدم شرطا أو شطرا في الواجب كاخذ الوجود شرطا أو شطرا فيه، وكما أن الثاني يرجع فيه إلى الاحتياط العقلي لولا البراءة الشرعية كذلك الاول لجريان جميع ما سبق من التقريبات فيه، وعليه يترتب صحة المأتي به مشتملا على الزيادة وعدم لزوم الاحتياط بتركها سواء كان فعلها عن عمد تشريعا أم عن جهل قصورا أو تقصيرا أم عن سهو (قوله: تشريعا) يعني لو جاء بالزيادة بعنوان العبادة كما لو كان الواجب عبادة والا فلا ملازمة بين العمد والتشريع (قوله: أو جهلا) يعني باعتقاد كون الزيادة واجبة فلا تشريع حينئذ

٣٤١

* وان استقل العقل - لولا النقل - بلزوم الاحتياط لقاعدة الاشتغال. نعم لو كان عبادة وأتى

______________________________

سواء كان الجهل عن قصور أم تقصير (قوله: وان استقل) متعلق بقوله: فيصح (قوله: بلزوم) متعلق ب‍ (استقل) (قوله: نعم لو كان عبادة) شروع في تحقيق حال الاشكال في صحة المأتي به المشتمل على الزيادة لا من جهة احتمال قدح الزيادة بذاتها بل من جهة فقد التقرب المعتبر في صحة العبادة، وهذا الاشكال يختص بالواجب العبادي دون التوصلي. وكأن وجه الاشكال: أن الفعل المشتمل على الزيادة ليس مأمورا به إذ الأمر إنما تعلق بما عدا الزيادة فالاتيان بالجموع بداعي الامر لابد أن يكون بداعي امر تشريعي غير الامر الواقعي، فلا يكون الفعل طاعة لامره فلا يصح بعد فرض اعتبار التقرب فيه لان التقرب إنما يكون بالفعل عن داعي امره لا عن داعي امر غيره (وتوضيح) دفع الاشكال: ان الزيادة الماتي بها - حسبما اشار المصنف (ره) - تارة تكون عمدا تشريعا، واخرى جهلا أو سهوا، فان كان الاول فالتشريع (تارة) يكون في نفس الأمر بذاته بان يلتزم بامر تشريعي غير الامر الواقعي قائم بالمجموع من الزيادة والمزيد فيه ويأتي بالزيادة بداعي هذا الامر الملتزم به (وأخرى) في نفس الأمر بحده بان يلتزم بكون الامر له سعة تشمل الزيادة بحيث يلتزم بمقدار من الوجوب الضمني قائم بالزيادة فيأتي بالزيادة بداعي هذا الوجوب الضمني الملتزم به (وثالثة) في نفس المأمور به بان يلتزم أن الواجب يشتمل على الزيادة تشريعا بلا تصرف في الامر اصلا، (ورابعة) بأن يلتزم بانطباق الخالي على ما يشمل الزيادة فلا تصرف في الأمر ولا في المأمور به ولكن في تطبيق المأمور به على المشتمل على الجزء، فيلتزم بانه هو هو نظير الاستعارة على مذهب السكاكي، ولا ينبغي التأمل في البطلان لو كان التشريع على الصورة الأولى لما ذكر المستشكل في تقرير الاشكال، أما لو كان على الصورة الثانية فالبطلان إنما يكون لو كان الاتيان بالاجزاء الواقعية عن اوامرها الضمنية مقيدا بدخول الزيادة في موضوع الأمر، بأن يكون تأثير تلك الاوامر في ايجاد متعلقاتها منوطا بانضمام

٣٤٢

به كذلك على نحو لو لم يكن للزائد دخل فيه لما يدعو إليه وجوبه لكان باطلا مطلقا أو في صورة عدم دخله في لعدم تصور الامتثال في هذه الصورة مع استقلال العقل بلزوم الاعادة مع اشتباه الحال لقاعدة الاشتغال وأما لو أتى به على نحو يدعوه إليه على أي حال كان صحيحا ولو كان مشرعا في دخله الزائد فيه

______________________________

الزيادة إليها في موضوعيتها للامر، فان ذلك يوجب تحقق التقرب المعتبر في العبادة منوطا بالامر الضمني المذكور فإذا لم يكن للامر الضمني المذكور وجود واقعي لم يحصل التقرب، اما لو لم يكن تأثير تلك الاوامر منوطا في نظر المكلف بذلك بل كان بعثها له مطلقا فلا موجب لفقد التقرب، بل هو حاصل كما هو ظاهر لدى التأمل واما لو كان التشريع على النحوين الاخيرين فلا موجب للبطلان لصدور تلك الاجزاء عن امرها وهو عين التقرب المعتبر في العبادة، وان كان الثاني فحيث عرفت أنه لا تشريع اصلا غاية الامر أن المكلف اعتقد الامر بالزيادة فجاء بها فيبتني البطلان على كون الاتيان بالاجزاء عن اوامرها الضمنية كان بنحو التقييد أو مطلقا كما في الصورة الثانية المتقدمة، فان كان بنحو التقييد لم يحصل التقرب المعتبر والا فهو حاصل كما عرفت فلا وجه لدعوى البطلان بدعوى فقد التقرب بفعل الزيادة مطلقا. فلاحظ وتأمل (قوله: به كذلك) يعني عمدا تشريعا (قوله: على نحو لو لم) اشارة إلى صورة التقييد (قوله: باطلا مطلقا) يعني حتى في صورة الدخل واقعا، لكنه لا وجه له لتحقق داعوية الامر الواقعي حينئذ، إلا أن يدعى ان التقييد تحكم من العبد ينافي مقام عبوديته (وفيه) انه ممنوع (قوله: لعدم تصور) وذلك لعدم كون الامر الواقعي على ما هو عليه داعيا للمكلف إلى الفعل (قوله: في هذه الصورة) أي صورة عدم الدخل واقعا (قوله: مع اشتباه الحال) يعني إذا لم يعلم الدخل واقعا وعدمه. ووجه حكم العقل بالاعادة حينئذ الشك في تحقق الامتثال والتقرب الذى هو شرط في صحة العبادة (قوله: على نحو يدعوه إليه) يعني لم تكن داعوية الامر مشروطة بدخل الزيادة في الموضوع بل كانت

٣٤٣

* بنحو مع عدم علمه بدخله فان تشريعه في تطبيق المأتي مع المأمور به وهو لا ينافي قصده الامتثال والتقرب به على كل حال ثم. انه ربما تمسك لصحة ما أتي به مع الزيادة باستصحاب الصحة وهو لا يخلو من كلام ونقض وإبرام خارج عما هو المهم في المقام ويأتي تحقيقه في مبحث الاستصحاب انشاء الله تعالى

______________________________

في جميع الاحوال (قوله: بنحو مع عدم) إذ لو كان مع ادخاله الزائد عن اعتقاد دخله لم يكن تشريعا ولو كان خطأ (قوله: فان تشريعه في تطبيق) يعني لا في ذات الامر حتى لا تكون الاطاعة للامر الواقعي، وقد عرفت امكان كون التشريع على نحو آخر في غير التطبيق (قوله: باستصحاب الصحة) الصحة المستصحبة (تارة) يراد بها موافقة الجزء السابق للأمر (وأخرى) كونه بحيث لو انضم إليه بقية الاجزاء لالتأم منه الكل (وثالثة) كونه معتدا به في حصول الكل (ورابعة) كونه باقيا على ما هو له من الأثر فان الجزء لما كان جزءا من الواجب الذي يترتب عليه الأثر كان مما يترتب عليه بعض الأثر لكونه بعض المؤثر (وخامسة) بمعنى تنجز الوجوب بالجزء اللاحق، حسبما ذكره بعض الاعيان في حاشيته على الرسائل حيث قال (ره): إن الامر بالاجزاء اللاحقة في مثل الصلاة وغيرها من العبادات إنما ينتنجز بعد الفراغ عن الجزء السابق، فوجوبها قبل الاتيان بالجزء السابق تعليقي وبعد الامتثال بكل جزء يتنجز الامر بما بعده، فمتي شك في طروء في الاثناء يشك المانع في ارتفاع الطلب التنجيزي عن الجزء اللاحق فيستصحب... الخ (فان أريد) الاول فلا مجال لاستصحابها لليقين ببقائها حتى مع القطع بطروء المفسد (وان أريد) الثاني فكذلك لليقين بالشرطية المذكورة، غاية الامر أن المفسد الطارئ مانع عن الانضمام. وان اريد من الانضمام مطلق الانضمام الخارجي فاحرازه لا يجدي في سقوط الامر كما لو احرز اجتماع تمام اجزاء الواجب مقرونة بطروء المفسد (وان اريد) الثالث فلا يجدي استصحابها في عدم مانعية الطارئ ولا في الاعتداد بالاجزاء اللاحقة، إذ هو على تقدير

٣٤٤

مانعيته مانع من الاعتداد بالاجزاء اللاحقة كالسباقة على نسق واحد، لأن الوجه في اقتضاء الطارئ، عدم الاعتداد بالاجزاء السابقة أخذ عدمه قيدا في المركب، والمركب عبارة عن تمام الاجزاء فوجوده مانع من الاعتداد بالجميع. فتأمل (وان اريد) الرابع ففيه أنه إنما يصح الاستصحاب لو كان الطارئ المحتمل القدح على تقدير قدحه رافعا لأثر الاجزاء السابقة، أما لو كان مانعا من ترتب الأثر عليها أو رافعا لأثر الاجزاء اللاحقة، فلا مجال له للشك في ثبوت الاثر من اول الامر، وليس الشك في بقائه، مع أنه لو فرض كونه على تقدير قدحه رافعا لأثر الاجزاء السابقة لا غير، فالشك في بقاء الاجزاء السابقة لما كان ملازما للشك في ترتب الأثر على الاجزاء اللاحقة لتلازم الاجزاء في مقام التأثير، ولذا كان وجوبها ارتباطيا، فاستصحاب بقاء الأثر المترتب على الاجزاء السابقة لا يوجب العلم بترتب الأثر على الاجزاء اللاحقة واقعا كما هو ظاهر، ولا تعبدا الا بناء على القول بالاصل المثبت. فتأمل جيدا (وان اريد) الخامس ففيه أن اجزاء الواجب الارتباطي لما كانت وجوباتها الضمنية متلازمة في مقام الثبوت والسقوط لتلازم الغرض المقصود منها كان سقوط الوجوب القائم بأول الاجزاء بمجرد فعله ملازما لسقوط الوجوب القائم بآخرها في ظرفه، وحينئذ فطروء محتمل القادحية في الاثناء يوجب الشك في سقوط الوجوب القائم بالاجزاء السابقة من أول الأمر لا أن الوجوب القائم بها يسقط واقعا وبعروض القادح يثبت بعد السقوط، إذ هو ظاهر المنع، وإنما يحكم بسقوط الوجوب بفعل بعض الاجزاء جريا على ظاهر الحال أو غيره، وإلا فمن أول الامر يشك في السقوط للشك في لحقوق بقية الاجزاء على الوجه المعتبر إذ على تقدير عدم لحوقها واقعا لا سقوط من اول الامر لا أنها تسقط ثم تثبت كما توهم، بل التزم بعض الاساطين بعدم سقوط الوجوب القائم بالاجزاء السابقة الا بعد فعل تمام الاجزاء اللاحقة فتسقط جميعها في آن واحد، لكن التحقيق ما عرفت وان الوجوب الضمني القائم بكل جزء يسقط بمجرد فعل الجزء لكن منوطا بسقوط الامر بعده بفعله في ظرفه. فلاحظ (ثم إن) هنا

٣٤٥

معنى آخر للصحة وهو القابلية بناء على أن شأن المانع رفع القابلية سواء كان المراد من القابلية قابلية الاجزاء السابقة للحوق الاجزاء اللاحقة بها أم قابلية الاجزاء اللاحقة للالتحاق بالسابقة ام قابليتهما، وحينئذ فإذا شك في مانعية الطارئ فقد شك في بقاء القابلية فيستصحب. هذا ولا يخفى ان استصحاب القابلية لا يصلح لاثبات الفعلية فلا محرز لفعلية الالتحاق التي هي موضوع سقوط الأمر (فان قلت) ترتب سقوط الامر على وجود المأمور به ليس ترتبا شرعيا فان سقوط الامر من اللوازم العقلية لوجود المأمور به، فاثبات فعلية الالتحاق لا يجدي في اثبات سقوط الامر (قلت): قد عرفت فيما سبق من مباحث العلم الاجمالي أن للشارع الاقدس التصرف في مقام الفراغ بجعل البدل بلسان ثبوت موضوع التكليف كما في جميع القواعد التي تعمل في مقام الفراغ مثل قاعدتي التجاوز والفراغ، والاستصحاب المثبت لاجزاء الواجب وشرائطه، مثل استصحاب الطهارة من الحدث الذي هو مورد صحيح زرارة المستدل به على حجية الاستصحاب، والسقوط وان كان من الاحكام العقلية لوجود المأمور به إلا أن ادلة الاصول المذكورة ترجع في الحقيقة إلى توسعة موضوع الحكم الواقعي بنحو يشمل مجاريها ظاهرا، ولازم ذلك سقوط الحكم بوجود الموضوع المصطنع بالاصل، وكما ان توسعة الموضوع واقعا امر شرعي كذلك توسعته ظاهرا، فإذا العمدة في سقوط مثل استصحاب القابلية كونه ليس اصلا موسعا للموضوع بنحو يكون مجديا في ترتب السقوط. فلاحظ وتأمل (وهناك) معنى آخر لاستصحاب الصحة وهو استصحاب نفس الشرط والجزء المعتبر في الواجب كما لو شك في ناقضية المذي للطهارة المعتبرة شرطا في الصلاة أو قاطعية الصفق للهيئة الاتصالية المعتبرة جزءا مثلا فيها، فانه بطروء المذي والصفق يستصحب كل من الطهارة والهيئة الاتصالية، ولا ينبغي الاشكال في صحة الاستصحاب المذكور. نعم يمكن الاشكال في عدم الدليل على اعتبار الهيئة الاتصالية في الصلاة حتى تستصحب مع الشك في طروء محتمل القاطعية وان ادعاه شيخنا المرتضي - اعلى

٣٤٦

* (الرابع) أنه لو علم بجزئية شئ أو شرطيته في الجملة ودارا لامر بين أن يكون جزءا أو شرطا مطلقا ولو في حال العجز عنه وبين أن يكون جزءا أو شرطا في خصوص حال التمكن منه فيسقط الامر بالعجز عنه على الاول لعدم القدرة حينئذ على المأمور به لا على الثاني فيبقى معلقا بالباقي ولم يكن هناك ما يعين أحد الامرين من إطلاق دليل اعتباره جزءا أو شرطا أو إطلاق دليل المأمور به مع إجمال دليل اعتباره أو إهماله لاستقل العقل بالبراءة عن الباقي فان العقاب على تركه بلا بيان والمؤاخذة عليه بلا برهان (لا يقال): نعم ولكن قضية مثل حديث الرفع عدم الجزئية أو الشرطية إلا في حال التمكن منه

______________________________

بذلك اعم عرفا مما ادعاه، إذ المفهوم عرفا من ذلك كون الشئ مانعا من انضمام الاجزاء اللاحقة إلى الاجزاء السابقة على نحو يلتئم منها الكل ويترتب عليه الغرض والله سبحانه اعلم (قوله: ولو في حال العجز) بيان لوجه الاطلاق (قوله: ولم يكن هناك) معطوف على قوله: علم بجزئيته (قوله: من اطلاق دليل) يعني فتتعين جزئيته في حال العجز فيترتب على ذلك السقوط حاله لعدم القدرة، إلا أن ترفع اليد عن اطلاق دليل اعتباره جزءا أو شرطا بحديث رفع الاضطرار ويكون الحال كما لو لم يكن له اطلاق فيرجع إلى اطلاق دليل المأمور به - لو كان - فيثبت وجوب الباقي، وان لم يكن فالى اصالة البراءة عقلا ونقلا عنه، لكن رفع اليد عن اطلاق دليل الجزء أو الشرط بحديث رفع الاضطرار مشكل لأنه امتناني فلا يجري إذا لزم من جريانه خلاف الامتنان ووجوب الباقي خلاف الامتنان، وسيأتي نظيره في كلام المصنف (ره) (قوله: أو اطلاق دليل) يعني فيتعين عدم جزئيته أو شرطيته، ولازمه وجوب الباقي حال العجز عن التمام لعدم المانع (قوله: لاستقل العقل) جواب (لو) في قوله: لو علم بجزئية شئ... الخ (قوله: ولكن قضية مثل حديث) المراد من حديث الرفع (رفع ما لا يعلمون) لكون البحث عن حكم الشك كما تقدم مثله في النسيان. وحاصل

٣٤٧

(فانه يقال): إنه لا مجال ههنا لمثله بداهة انه ورد في مقام الامتنان فيختص بما يوجب نفي التكليف لا اثباته (نعم) ربما يقال بان قضية الاستصحاب في بعض الصور وجوب الباقي في حال التعذر ايضا ولكنه لا يكاد يصح إلا بناء على صحة القسم الثالث من استصحاب الكلي

______________________________

الاشكال: ان الشك في وجوب الباقي ناشئ عن الشك في اعتبار المقدار المتعذر فإذا رفع اعتباره بحديث الرفع ثبت وجوب الباقي كما ثبت به وجوب الناقص في صورة النسيان حسب ما تقدم (قوله: لا مجال ههنا) يعني يفترق المقام عن النسيان بأن إجراء الحديث في المقام حال التعذر فيترتب عليه وجوب فعل الباقي فيكون الحديث موجبا لكلفة المكلف وهي خلاف الامتنان، وليس كذلك في النسيان لأن اجراءه فيه بعد الالتفات فيترتب عليه نفي وجوب الاعادة، وفي ذلك كمال الامتنان، واما فعل الناسي للناقص فليس مستندا إلى إجراء الحديث بوجه كما هو ظاهر. هذا ولكن عرفت امتناع اجراء الحديث في نظائر المقام ولو لم يكن امتنانيا لأن رفع الجزئية والشرطية المشكوكة لا يقتضي بنفسه ثبوت الباقي، لأن الحديث مسوق للرفع وليس فيه شائبة الاثبات، مع أن رفع التكليف فيه لا معنى له لارتفاعه عقلا بالتعذر، ورفع مباديه - مثل الدخل في الغرض - غير ممكن لانها لا تقبل الوضع والرفع التشريعيين بعد ما كانت واقعية ناشئة من مقتضياتها الذاتية، وهكذا الحال في النسيان ايضا (فان قلت): فما معنى رفع الخطأ والنسيان والاضطرار في حديث الرفع (قلت): لابد أن يحمل على رفع المؤاخذة في مورد لا يحكم العقل برفعها كما لو كان الخطأ أو نحوه عن تقصير في المقدمات فيكون في الحقيقة رفعا لوجوب التحفظ المؤدي إلى المؤاخذة، كما اشار إلى ذلك شيخنا الاعظم (قدس سره) في رسائله (قوله: نعم ربما يقال بان) هذا استدارك على قوله: لاستقل العقل بالبراءة... الخ، فان حكم العقل بالبراءة عن الباقي انما يكون إذا لم يكن حجة على وجوبه واستصحاب وجوبه حجة عليه فهو مقدم على

٣٤٨

* البراءة، وللاستصحاب في المقام وجوه (الاول) استصحاب كلي الوجوب القائم بالباقي الجامع بين الوجوب النفسي والغيري فان الباقي في ظرف امكان التام واجب لغيره وبعد تعذره يحتمل وجوبه لنفسه فيستصحب كلي الوجوب مع الغض عن خصوصيتي الغيرية والنفسية (الثاني) استصحاب الوجوب النفسي له بدعوى اتحاده مع التام عرفا فيقال مثلا: كانت الصلاة واجبة وبعد تعذر جزء أو شرط لها باقية على وجوبها (الثالث) استصحاب الوجوب النفسي القائم بالباقي بناء على وجوب الاجزاء بالوجوب النفسي غاية الامر أن الوجوب المتيقن كان ضمنيا موجودا بحد الوجوب للتام والمشكوك استقلاليا موجودا بحد نفسه واختلاف الحدود لا يوجب تعدد وجود المحدود. هذه عمدة الوجوه التي تذكر في المقام (واورد) المصنف (ره) على الاول بانه من القسم الثالث من استصحاب الكلي حيث أن المتيقن من وجود الكلي كان في ضمن فرد معلوم الزوال والمشكوك في ضمن فرد مشكوك الحدوث، ومثله لا يصح كما سيأتي (ويمكن) ان يخدش بأن صفتي النفسية والغيرية من الجهات التعليلية التي لا يوجب اختلافها تعدد الوجوب فلو كان الباقي واجبا لنفسه كان وجوبه كذلك بقاء لوجوبه لغيره سابقا، غاية الامر أن حدوثه لملاك وبقاءه لملاك آخر، بل المحتمل أن يكون ملاك الوجوب النفسي فيه حاصلا من أول الأمر فيكون حدوث وجوبه لملاكين وبقاؤه لبقاء احدهما، فاين هو من القسم الثالث بل هو من القسم الاول. نعم يمكن الخدش فيه (اولا) بأنه مبني على وجوب الجزء لغيره وقد عرفت انه خلاف التحقيق لكنه اشكال في المبنى (وثانيا) بان استصحاب الوجوب بشخصه لا ينفع في حكم العقل بوجوب موافقته ما لم يحرز انه بملاك لنفسه لا لغيره بناء على عدم وجوب موافقة الوجوب الغيري، واحراز ذلك موقوف على القول بالاصل المثبت فتأمل (واورد) المصنف (ره) على الثاني بانه موقوف على المسامحة في موضوع الاستصحاب وهو محل الكلام لكن المختار للمصنف (ره) جواز المسامحة فيه إذا كان يصدق عرفا أن الشك في البقاء وان كان انما ينفع في المقام لو كان المتعذر مقدارا لا يمنع من لاتحاد عرفا دون ما لو

٣٤٩

أو على المسامحة في تعيين الموضوع في الاستصحاب وكان ما تعذر مما يسامح به عرفا بحيث يصدق مع تعذره بقاء الوجوب لو قيل بوجوب الباقي وارتفاعه لو قيل بعدم وجوبه ويأتي تحقيق الكلام فيه في غير المقام. كما ان وجوب الباقي في الجملة ربما قيل بكونه مقتضى ما يستفاد من قوله - صلى الله عليه وآله: (إذا أمرتكم بشئ فأتوا منه ما استطعتم) وقوله: (الميسور لا يسقط بالمعسور) (و قوله: (ما لا يدرك كله لا يترك كله) ودلالة الاول مبنية على كون كلمة (من) تبعيضية لا بيانية ولا بمعنى الباء وظهورها في التبعيض وإن كان مما لا يكاد يخفى الا أن كونه بحسب الأجزاء غير واضح

______________________________

كان بحيث منه عرفا (واما الوجه الثالث) فلا مجال للاشكال عليه حتى لو قبل بأن تعدد الملاك يوجب تعدد ذي الملاك عرفا وان لم يوجبه عقلا ودقة إذ من المحتمل - كما عرفت - بقاء الوجوب لبقاء ملاكه قبل التعذر غاية الأمر أن حدوثه لملاكين وبقاءه لاحدهما، وليس هو من تعدد الملاك الموجب لتعدد وجود ذيه. فلاحظ وتأمل (قوله: أو على المسامحة في) هذا الترديد لاختلاف وجه تقريب الاستصحاب كما عرفت (قوله: في غير المقام) يعني في آخر الاستصحاب.

قاعدة الميسور

(قوله: كلمة من تبعيضية لا بيانية) يحتمل في كلمة (من) ان تكون تبعيضية وهي التي يصح قيام كلمة بعض مقامها، نحو قوله تعالى: (منهم من كلم الله) وان تكون بيانية وهي التي يكون مدخولها جنسا نحو قوله تعالى: (أساور من ذهب وثيابا خضرا من سندس واستبرق) وأما كونها بمعنى الباء فلم ينقل عن أحد الا عن يونس مستشهدا عليه بقوله تعالى: (ينظرون اليك من طرف خفي) وانكره غيره وادعى انها في الآية للابتداء، لكن لو سلم فليس

٣٥٠

لاحتمال أن يكون بلحاظ الافراد ولو سلم فلا محيص عن انه ههنا

______________________________

منه المقام، وكأن الوجه في احتماله: أن الاتيان يتعدى بالباء إلى المأتي به نحو قوله تعالى: (ومن يغلل يات بما غل)، وقوله تعالى: (إلا أن ياتين بفاحشة) وبنفسه إلى الماتي نحو قوله تعالى: (واللاتي ياتين الفاحشة) وتقول: جئتك بزيد وجئت زيدا بالمال. فيحتمل كونه هنا متعديا ب‍ (من) إلى الماتي به على أنها بمعني الباء، وهو توهم ظاهر إذ لم تذكر التعدية من معاني (من) ولا ذكر معنى الباء من معانيها الا يونس على - ما حكي عنه - وليس مراده باء التعدية - كما هو ظاهر فالتردد ينبغي أن يكون بين المعنيين الاولين. فتأمل. والاستدلال يتوقف على كونها للأول إذ لو حملت على الثاني كانت دالة على وجوب التكرار وهو غير المقصود بالاستدلال بها كما هو ظاهر (قوله: لاحتمال ان يكون) يعني أن حملها على التبعيض إنما ينفع في الاستدلال لو حمل الشئ على الكل ذي الاجزاء أما لو حمل على العام ذي الافراد كانت من التبعيض في الافراد وهو غير محل الكلام. والتحقيق: أن كلمة شئ ظاهرة في الأمر الواحد فان جعل بمعنى الجنس كانت (من) بيانية، وان جعل بمعني الكل كانت تبعيضية، والعام ذو الافراد المتكثرة إن لوحظت افراده لحاظ اجزاء الكل كان داخلا في الكل غايته يكون من الاجزاء ماهية، وإلا امتنع حمل الشئ عليه لأنه ليس شيئا واحدا كما هو ظاهر، وعليه فإذا كان الظاهر هو التبعيض صح الاستدلال، ولا مجال للاشكال بالاجمال لاحتمال كون الحكم بلحاظ الافراد لأنها إن لوحظت على وجه تكون كلا فهي داخلة في اطلاق الرواية، وعلى وجه آخر تكون كثيرا فهي خارجة عنها بالمرة، فالعمدة حينئذ اثبات ظهور (من) في التبعيض، ويبعده أنها لو حملت على التبعيض فاما ان تتعلق بما استطعتم بجعل (ما) موصولة أو موصوفة، وهو خلاف الظاهر، أو بالاتيان بجعل ما مصدرية، وهو كذلك، بل لا معنى له، أو به بجعل (ما) موصولة أو موصوفة بدلا من (منه)، فهو كذلك ايضا فيتعين تعلقها

٣٥١

بهذا اللحاظ يراد حيث ورد جوابا عن السؤال عن تكرار الحج بعد أمره به فقد روي أنه خطب رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم فقال: (إن الله كتب عليكم الحج، فقام عكاشة - ويروى سراقة بن مالك - فقال: في كل عام يا رسول الله فاعرض عنه حتى أعاد مرتين أو ثلاثا فقال: ويحك وما يؤمنك أن أقول: نعم، والله لو قلت: نعم، لوجب ولو وجب ما استطعتم ولو تركتم لكفرتم فاتركوني ما تركتم وإنما هلك من كان قبلكم بكثرة سؤالهم واختلافهم إلى أنبيائهم فإذا أمرتكم بشئ فاتوا منه ما استطعتم وإذا نهيتكم عن شئ فاجتنبوه، ومن ذلك ظهر الاشكال في دلالة الثاني أيضا حيث لم يظهر في عدم سقوط الميسور من الأجزاء بمعسورها لاحتمال إرادة عدم سقوط الميسور من أفراد العام بالمعسور منها. هذا مضافا إلى عدم دلالته على عدم السقوط لزوما لعدم اختصاصه بالواجب ولا مجال معه

______________________________

بالاتيان وجعل (ما) مصدرية وكونها بيانية. فتأمل جيدا (قوله: بهذا اللحاظ يراد) يعني بلحاظ الافراد (قوله: حيث ورد جوابا) مقتضى ذلك كونها بيانية لا تبعيضية بلحاظ الافراد. فتأمل، والمراد من الاستطاعة العرفية كما هو المراد منها من قوله: ولو وجب ما استطعتم، بقرينة قوله: ولو تركتم... الخ (قوله: لاحتمال ارادة عدم) إن كان المراد احتمال عدم سقوط الميسور من الافراد دون الاجزاء فلا وجه له لأنه خلاف الاطلاق، وان كان المراد احتمال ارادة ذلك مع ارادة عدم السقوط في الاجزاء فهو متعين لكونه مقتضى الاطلاق كما عرفت ولا يمنع من الاستدلال. وبالجملة: المفهوم أن كل ميسور مطلقا لا يسقط بالمعسور إلا أنه لما كان واردا مورد توهم السقوط اختص بالواجبات الضمنية سواء كانت افرادا لكلي ام اجزاء لكل لما عرفت من رجوع الاولى إلى الثانية، ويخرج منه الواجبات الاستقلالية حيث لا مجال لتوهم السقوط فيها (قوله: مضافا إلى عدم دلالته) يعني ان قوله: الميسور لا يسقط، يتعذر حمله على الوجوب لأنه

٣٥٢

لتوهم دلالته على انه بنحو اللزوم إلا أن يكون المراد عدم سقوطه بما له من الحكم وجوبا كان أو ندبا بسبب سقوطه عن المعسور بان يكون قضية الميسور كناية عن عدم سقوطه بحكمه حيث ان الظاهر من مثله هو ذلك، كما أن الظاهر من مثل (لا ضرر ولا ضرار) هو نفي ماله من تكليف أو وضع لا أنها عبارة عن عدم سقوطه بنفسه وبقائه على عهدة المكلف كي لا يكون له دلالة على جريان القاعدة في المستحبات على وجه أولا يكون له دلالة على وجوب الميسور في الواجبات على آخر فافهم (وأما الثالث) فبعد تسليم ظهور كون الكل في المجموعي لا الأفرادي لا دلالة له إلا على

______________________________

يلزم منه خروج المستحبات إذا تعذر بعض اجزائها، إذ لا ريب في عدم وجوب الباقي فيها فيدور الامر بين تخصيصه بالواجبات وبين حمله على الثبوت ولو بنحو الاستحباب، والثاني اولى لأنه أظهر، وعليه فلا تدل على وجوب الباقي (قوله: الا ان يكون المراد) هذا استدارك على الاشكال ودفع له، وحاصله: ان المراد من عدم السقوط ليس مجرد المطلوبية حتى يرد الاشكال، بل عدم سقوط حكم الميسور، وحينئذ تقتضي في الواجبات وجوب الباقي، وفى المستحبات استحبابه فيتم المطلوب، والوجه في هذا المعنى: تعارف التعبير عن مقام ثبوت الحكم أو نفيه بثبوت موضوعه أو نفيه كما في (لا ضرر) بناء على ما سيأتي من كون المراد نفي الحكم الثابت للموضوع الضرري (قوله: على وجه) وهو حمل عدم السقوط على اللزوم (قوله: على آخر) وهو حمله على الثبوت في الجملة (قوله: فافهم) يمكن أن يكون إشارة إلى أن حمل عدم السقوط على البقاء في العهدة يلزم منه خروج المستحبات جزما إذ لا عهدة لها وانما تكون العهدة للواجبات فقط. هذا ولعل الأولى الجمود على ظاهر نسبة السقوط إلى نفس الميسور وحمله على ارادة عدم السقوط عن مقام التشريع وجوبا كان أو استحبابا (قوله: فبعد تسليم ظهور) قد عرفت الكلام فيه فيما سبق (قوله: لا دلالة له الا على) إلا أن يحمل على معنى لا يسقط - كما هو غير بعيد - فيكون

٣٥٣

رجحان الاتيان بباقي الفعل المأمور به واجبا كان أو مستحبا عند تعذر بعض أجزائه لظهور الموصول فيما يعمهما وليس ظهور (لا يترك) في الوجوب لو سلم موجبا لتخصيصه بالواجب لو لم يكن ظهوره في الأعم قرينة على إرادة خصوص الكراهة أو مطلق المرجوحية من النفي، وكيف كان فليس ظاهرا في اللزوم ههنا ولو قيل بظهوره فيه في غير المقام (ثم) إنه حيث كان الملاك

______________________________

المراد منه عدم ارتباط الاجزاء في المصلحة عند تعذر بعضها فلاحظ (قوله: لو سلم) اشارة إلى الاشكال في ثبوت ظهور الجملة الخبرية في الوجوب إلا ان تكون (لا) ناهية لا نافيه (قوله: ظهوره) الضمير راجع إلى الموصول، ثم إن ما ذكره من تعارض ظاهري الحكم والموضوع جار في كثير من العمومات المخصصة التى بنوافيها على التخصيص بالتصرف في الموضوع فتأمل (قوله: ثم انه حيث كان الملاك) من الواضح أن لفظ الميسور كسائر الالفاظ الواقعة في الكتاب والسنة يرجع في تشخيص مفهومها إلى العرف، فإذا اخذ المفهوم منه يرجع في تشخيص مصداقه إلى العقل ولا اعتبار بتطبيق العرف ذلك المفهوم وعدمه اصلا إذ مهما طبق العقل ذلك المفهوم على مصداق حصل عنده صغرى وجدانية فيضمها إلى الكبرى الشرعية المستفادة من دليل القاعدة، ويستنتج منهما النتيجة، وان توقف العرف في التطبيق، ومهما توقف العقل عن التطبيق امتنع عنده الاستنتاج وان ثم التطبيق عند العرف إذ تطبيق العرف وعدمه مع الخطأ لا اعتبار به وعليه فإذا رجعنا إلى العرف لتشخيص مفهوم الميسور فوجدناه عندهم عبارة عن بعض مراتب ما اشتمل على المعسور امتنع انطباقه على المباين، ولازمه عدم وجوب الفاقد للشرط إذا كان الواجب هو الواجد له وقد تعذر ذلك الشرط لأن الفاقد ليس من مراتب الواجد بل مباين له فلا يكون ميسورا منه وان كان العرف يعد الفاقد ميسورا للواجد كان اللازم الحكم بوجوب الواحد من العشرة إذا كان الواجب هو العشرة وقد تعذر منها تسعة لكون الواحد بعض مراتب العشرة فيكون ميسورا

٣٥٤

في قاعدة الميسور هو صدق الميسور على الباقي عرفا كانت القاعدة جارية مع تعذر الشرط ايضا لصدقه حقيقة عليه مع تعذره عرفا كصدقه عليه كذلك مع تعذر الجزء في الجملة وان كان فاقد الشرط مباينا للواجد عقلا، ولاجل ذلك ربما لا يكون الباقي الفاقد لمعظم الأجزاء أو لركنها موردا لها فيما إذا لم يصدق عليه الميسور عرفا وان كان غير مبائن للواجد عقلا (نعم) ربما يلحق به شرعا مالا يعد بميسور عرفا

______________________________

لها واقعا وان كان العرف لا يعدها ميسورا نعم ربما يكون خطأ العرف ممضى في نظر الشارع بتوسط مقدمات الاطلاق المقامي الجارية في كل ما يغفل عنه غالبا كما تقدم غير مرة فيكون تطبيق العرف وعدمه حينئذ حجة ايضا وعليه جرى المصنف (ره) في كلامه في المقام فلاحظ (قوله: الشرط ايضا) يعني كما تجرى مع تعذر الجزء (قوله: عليه مع تعذره عرفا) ضمير (عليه) راجع إلى الباقي وضمير (تعذره) إلى الشرط وقوله (عرفا) قيد لصدقه (قوله: عليه كذلك) يعني عرفا (قوله: الجزء في الجملة) لا مطلقا كما سيأتي (قوله: عقلا) قيد لقوله: (مباينا) (قوله: وان كان غير مبائن) بل كان بعض مراتبه لكن خفاء ذلك أوجب عدم عده ميسورا عرفا (قوله: بتخطئته للعرف) من الواضح ان اطلاق الميسور (تارة) يكون بلحاظ الحكم الوجوبي أو الاستحبابي (واخرى) بلحاظ الغرض الباعث على الحكم (فان) كان بلحاظ الاول فلا مجال لتخطئة العرف في تطبيقه وعدمه الا في مثل ما سبق بأن يقوم الدليل على أن الفاقد للشرط مثلا ليس ميسورا للواجد له وان كان وافيا بمعظم الغرض أو على أن الواحد ميسور للعشرة وان لم يكن وافيا الا بمقدار يسير من الغرض فان الدليل المذكور يكون تخطئه للعرف في تطبيقهم الميسور في الاول وعدمه في الثاني، ولا دخل للقيام بمعظم الغرض وعدمه في التخطئة، وان كان بلحاظ الغرض كان المعيار في صدق الميسور كون بعض الواجب وافيا بمقدار من الغرض، فإذا صدق الميسور عرفا على

٣٥٥

بتخطئته للعرف وان عدم العد كان لعدم الاطلاع على ما هو عليه الفاقد من قيامه في هذا الحال بتمام ما قام عليه الواجد أو بمعظمه في غير الحال وإلا عد أنه ميسوره كما ربما يقوم الدليل على سقوط ميسور عرفي لذلك أي للتخطئة وانه لا يقوم بشئ من ذلك (وبالجملة) ما لم يكن دليل على الاخراج أو الالحاق كان المرجع هو الاطلاق ويستكشف منه أن الباقي قائم بما يكون المأمور به قائما بتمامه أو بمقدار يوجب ايجابه في الواجب واستحبابه في المستحب وإذا قام دليل على احدهما فيخرج أو يدرج تخطئة أو تخصيصا

______________________________

شئ لاعتقادهم وفاءه بمرتبة من الغرض أو لم يصدق عليه لاعتقادهم عدم وفائه بذلك جاز تخطئتهم إذا كان الواقع على خلاف اعتقادهم، ولا دخل لقلة الاجزاء وكثرتها في ذلك، فيتوقف الحكم بالتخطئة حينئذ على امور (الأول) كون القاعدة بلحاظ الغرض (الثاني) حصول الاعتقاد الخطئي عند العرف (الثالث) تعرض الدليل للتخطئة إذ لو دل على وجوب بعض الاجزاء عند تعذر الباقي لغرض أجنبي عن الغرض القائم بالتام لم يكن ذلك تخطئة للعرف في شئ اصلا، والاولان في نهاية من المنع إذ ليس دليل القاعدة ناظرا إلى مقام الوفاء بالغرض، وليس للعرف اعتقاد به إذ ليس لهم اطلاع على مقام الاغراض كما لا يخفى، ومن هنا يظهر لك الاشكال فيما يظهر من كلام المصنف (ره) كما سنشير إليه ايضا (قوله: بتخطئته للعرف) الضمير راجع إلى الشرع (قوله: والاعدانه) يعني وان كان العرف له الاطلاع على وفائه بالغرض عده ميسورا لكن عرفت أنه ممنوع فإذا الدليل لا يقتضي الا الالحاق بلا تخطئة (قوله: لذلك أي للتخطئة) بل هو ممنوع فليس الدليل الا مخصصا بحتا (قوله: هو الاطلاق) أي الاطلاق المقامي المقتضي لحجية تطبيق العرف (قوله: ويستكشف منه) بل لا يستكشف منه الا وفاؤه بغرض ما وان لم يكن من مراتب الغرض من التام (قوله: على احدهما) يعني الاخراج

٣٥٦

في الأول وتشريكا في الحكم من دون الاندراج في الموضوع في الثاني فانهم (تذنيب) لا يخفى أنه إذا دار الامر بين جزئية شئ أو شرطيته وبين مانعته أو قاطعيته لكان من قبيل المتبائنين ولا يكاد يكون من الدوران بين المحذورين لامكان الاحتياط باتيان العمل مرتين مع ذاك الشئ مرة وبدونه أخرى كما هو اوضح من أن يخفى.

خاتمة في شرائط الاصول

(أما الاحتياط) فلا يعتبر في حسنه شئ أصلا بل يحسن على كل حال الا إذا كان موجبا لاختلال النظام ولا تفاوت فيه بين المعاملات والعبادات مطلقا

______________________________

والالحاق (قوله: في الاول) يعني الاخراج فانه قد يكون من التخطئة وقد يكون من التخصيص (قوله: وتشريكا) كان المناسب أن يقول بعده: أو تخطئة كما ذكره بقوله سابقا: نعم ربما يلحق... الخ (قوله: في الثاني) يعنى الالحاق (قوله: ولا يكاد يكون من) كأن وجه توهم كونه من الدوران بين المحذورين دوران وجود الشئ بين الوجوب والحرمة لأنه على تقدير الجزئية أو الشرطية يكون واجبا وعلى تقدير المانعية أو القاطعية يكون حراما، لكنه إنما يتم لو لم يمكن التكرار أما إذا امكن التكرار فلا، لأنه إذا فعله اولا يحتمل الموافقة على تقدير الجزئية أو الشرطية ولا يحتمل المخالفة حينئذ إذ لا حرمة في فعل المانع أو القاطع إذا امكن فعل الواجب ثانيا مقرونا بعدمه وإذا تركه ثانيا يحتمل الموافقة ولا يحتمل المخالفة كما هو ظاهر ولابد في باب الدوران بين المحذورين من احتمال الموافقة والمخالفة في كل واحد من الفعل والترك (قوله: فلا يعتبر في حسنه شئ) قد يقال كما يعتبر الفحص في البراءة يعتبر في الاحتياط أيضا إذ قد يؤدي ترك الفحص إلى ابتلاء المكلف بالتزاحم في الاحتياط بين احتمال الواجب الأهم واحتمال الواجب المهم فيجب عليه تقديم الاحتياط في الاول ولا يكون معذورا في ترك الثاني لاستناد تعذر الاحتياط

٣٥٧

ولو كان موجبا للتكرار فيها و (توهم) كون التكرار عبثا ولعبا بأمر المولى وهو ينافي قصد الامتثال المعتبر في العبادة (فاسد) لوضوح أن التكرار ربما يكون بداع صحيح عقلائي مع أنه لو لم يكن بهذا الداعي وكان اصل اتيانه بداعي امر مولاة بلا داع له سواه لما ينافي قصد الامتثال وان كان لاعبا في كيفية امتثاله (فافهم) بل يحسن ايضا فيما قامت الحجة على البراءة عن التكليف لئلا يقع فيما كان في مخالفته على تقدير ثبوته من المفسدة وفوت المصلحة

______________________________

فيه إلى تقصيره في ترك الفحص المؤدي إلى ذلك لان المفروض كونه بحيث لو فحص لامكنه الجمع بين الواجبين المتزاحمين (وفيه) أن الملاك في حسن الاحتياط عقلا ليس الا كونه انقيادا إلى المولى، وهذا المعنى لا يفرق فيه بين الحالات، ومجرد كون ترك الفحص مؤديا إلى مخالفة الواقع إنما يقتضي وجوب الفحص للفرار عن المخالفة لا لاجل كونه دخيلا في حسن الاحتياط كما هو مقتضى دعوى كونه شرطا فيه كما هو واضح (قوله: ولو كان موجبا) بيان لوجه الاطلاق (قوله: فاسد لوضوح) تقدم الكلام فيه في القطع (قوله: امتثاله فافهم) لعله اشارة إلى أن كيفية الامتثال عبارة عن نفس فعل محتملات الواقع فإذا كانت كيفية الامتثال لعبا امتنع انطباق الاطاعة والانقياد عليها فلا يصح الواقع إذ كان عبادة (وفيه) ان اللعب انما ينطبق على الفعل عن الامر المحتمل فالفعل عن الامر المحتمل الذي هو الانقياد مأخوذ في موضوعه فلا ينافيه ولا يمنع من انطباقه (قوله: بل يحسن ايضا فيما) يعنى يحسن الاحتياط عقلا لو قام الدليل على نفي التكليف كما لو قام الخبر المعتبر على عدم وجوب شئ أو عدم حرمته فان كونه حجة شرعا على نفي التكليف لا ينافي حسن الاحتياط عقلا لأن الوجه في حسن الاحتياط كونه انقياد أو اطاعة حكمية وهو حاصل عند قيام الحجة على عدم التكليف لان احتمال ثبوته حاصل لاحتمال خطأ الحجة فيحسن عقلا الفعل في الاول والترك في الثاني برجاء موافقة الواقع (قوله: لئلا يقع) تعليل لحسن الاحتياط عقلا (قوله: في مخالفته على تقدير) ضمير مخالفته راجع إلى (الاحتياط) وضمير

٣٥٨

* (وأما البراءة) العقلية فلا يجوز إجراؤها إلا بعد الفحص واليأس عن الظفر بالحجه على التكليف لما مرت الاشارة إليه من عدم استقلال العقل بها الا بعدهما (واما البراءة) النقلية فقضية إطلاق أدلتها

______________________________

ثبوته راجع إلى (ما) وقوله: من المفسدة الخ بيان ل‍ (ما) وهذا بناء على ان قصد مثل ذلك كاف في تحقق الانقياد. (قوله: لما مرت الاشارة) يعني في الدليل الرابع من ادلة البراءة (قوله: من عدم استقلال العقل) ووجه توقف العقل عن حكمه بالبراءة قبل الفحص والياس احد امور (الاول) كون احتمال التكليف بيانا ومنجزا عند العقلاء كسائر الحجج العقلائية (الثاني) كون البيان الذي عدمه موضوع لقبح العقاب هو الحجة الواقعية فمع احتمال وجود الحجة لا يحرز موضوع القاعدة فلا حكم للعقل للشك في موضوعه (الثالث) كون البيان المذكور هو الحجة الواصلة لولا تقصير المكلف بترك الفحص فقبل الفحص لا يحرز عدم مثل هذه الحجة لجواز وصولها إلى المكلف بالفحص فلا حكم للعقل بقبح العقاب ويترتب على الاول حسن العقاب على مخالفة الواقع قبل الفحص وان لم تكن عليه حجة في الواقع لتحقق الحجة عليه وهي الاحتمال، وليس كذلك الاخيران ويترتب على الثاني حسن العقاب إذا كان حجة على التكليف في الواقع وان لم يمكن أن يعثر عليها بعد الفحص وليس كذلك الاخير فان حسن العقاب عليه مشروط بامرين وجود حجة على الواقع وكونها يعثر عليها بعد الفحص، ولو قلنا بان المراد بالبيان هو الحجة الواصلة فعلا جاز الرجوع إلى البراءة العقلية قبل الفحص بمجرد الشك لعدم وصول الحجة حينئذ والاول غريب وليس له نظير، وتوهم وجود النظير له وهو الشك في الفراغ قد عرفت ما فيه سابقا وان المنجز ليس هو الشك بل هو العلم المستمر حال الشك في الفراغ والثاني اضعف منه يظهر ذلك مما عرفت من لازمه والثالث قريب، ولكن الاخير منه اقرب لعدم صحة الاحتجاج في نظر العقلاء بوجود الحجة واقعا مع عدم وصولها إلى المكلف وجهله بها، ومجرد كونه قادرا على رفع جهله لا يصحح العقاب كما هو الحال في الشبهات الموضوعية ايضا (قوله: فقضية اطلاق ادلتها) حيث

٣٥٩

وان كان هو عدم اعتبار الفحص في جريانها كما هو حالها في الشبهات الموضوعية إلا انه استدل على اعتباره بالاجماع وبالعقل فانه لا مجال لها بدونه حيث يعلم اجمالا بثبوت التكليف بين موارد الشبهات بحيث لو تفحص عنه لظفر به ولا يخفى أن الاجماع ههنا غير حاصل ونقله لوهنه بلا طائل فان تحصيله في مثل هذه المسألة مما للعقل إليه سبيل صعب لو لم يكن عادة بمستحيل لقوة احتمال أن يكون المستند للجل لولا الكل هو ما ذكر من حكم العقل وان الكلام في البراءة فيما لم يكن هناك على موجب

______________________________

أن الظاهر من ادلة البراءة مثل حديث الرفع والسعة ونحوهما أن موضوعها مجرد عدم العلم بالواقع وهو حاصل قبل الفحص كما هو حاصل بعده فليس في أدلتها اعتبار الفحص في جريانها. نعم لو كان موضوعها عدم الدليل على الواقع اشكل تطبيق ادلتها قبل الفحص للشك في الدليل، بل وبعد الفحص ايضا الا مع العلم بعدمه أو يجعل اليأس طريقا إلى عدمه أو يكون المراد منه ما يعثر عليه بالفحص نعم يمكن تطبيقها قبل الفحص أو بعده مع الشك لاصالة عدم الدليل (قوله: فانه لا مجال لها) بيان لوجه الاستدلال بالعقل (قوله: بحيث لو تفحص عنه) لولا هذا القيد لم ينفع الفحص في جواز الرجوع إلى البراءة إذ ما دام الشك في التكليف موجودا لم تخرج الواقعة عن كونها من اطراف العلم الاجمالي فيجب فيها الاحتياط، ولأجل تقييد المعلوم بالاجمال بالقيد المذكور يرجع إلى البراءة بعد الفحص لأنه لما لم يعثر على التكليف في الواقعة يكون التكليف المحتمل خارجا عن اطراف المعلوم بالاجمال فيسوغ الرجوع فيها إلى البراءة (قوله: ان الاجماع ههنا) يعنى الاجماع المحصل (قوله: فان تحصيله) يعنى على وجه يكشف عن رأي المعصوم عليه السلام (قوله: من حكم العقل) يعني الناشئ من العلم الاجمالي (قوله: ان الكلام في البراءة) تعرض للاستدلال بالعقل (قوله: فيما لم يكن هناك) هو مسلم لكن بقرينة غلبة وجود العلم المذكور وكون محل الكلام في المسألة ابتلائيا فعليا لا فرضي يكون الاستدلال بالعلم المذكور على وجوب الفحص ليس

٣٦٠

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617