حقائق الاصول الجزء ٢

حقائق الاصول0%

حقائق الاصول مؤلف:
تصنيف: متون أصول الفقه
الصفحات: 617

حقائق الاصول

مؤلف: السيد محسن الطباطبائى الحكيم
تصنيف:

الصفحات: 617
المشاهدات: 193155
تحميل: 3500


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 617 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 193155 / تحميل: 3500
الحجم الحجم الحجم
حقائق الاصول

حقائق الاصول الجزء 2

مؤلف:
العربية

باتيان ما علم تعلقه به فانه واجب عقلا وان لم يكن في المأمور به مصحلة ولطف رأسا لتنجزه بالعلم به إجمالا وأما الزائد عليه - لو كان - فلا تبعة على مخالفته من جهته فان العقوبة عليه بلا بيان وذلك ضرورة أن حكم العقل بالبراءة - على مذهب الاشعري - لا يجدي من ذهب إلى ما عليه المشهور من العدلية بل من ذهب إلى ما عليه غير المشهور لاحتمال أن يكون الداعي إلى الامر ومصلحته على هذا المذهب ايضا هو ما في الواجبات من المصلحة وكونها ألطافا فافهم.

______________________________

 (قوله: باتيان ما علم) متعلق بالتخلص وضمير (تعلقه) راجع إلى الامر، وضمير (به) راجع إلى (ما علم) والمراد بما علم الأقل (قوله: مخالفته من جهته) ضمير (مخالفته) راجع إلى الأمر وضمير (جهته) راجع إلى الزائد (قوله: وذلك ضرورة) شروع في تعليل قوله سابقا: لا وجه للتفصي... الخ، وحاصل ما يرد الوجه الأول المنع من كون النزاع في المسألة من حيث التردد في التكليف من حيث الغرض ونحوه إذ لا ريب أن الحكم بالبراءة من حيث نفس التكليف يجدي عملا بالبراءة من حيث الغرض مع أن القائل بالبراءة هنا يجعلها مبني له في مقام الاستنباط للفروع وهو يذهب إلى المشهور بين العدلية، فلابد أن يكون بناؤه على البراءة من جميع الحيثيات حتى من حيث الغرض كما هو ظاهر (قوله: بل من ذهب) معطوف على قوله: (من ذهب) السابق الواقع مفعولا لقوله: (لا يجدي) يعني أن من ذهب إلى أن المصلحة في الامر لا يرى انه يجب أن تكون في الامر بل يجوز ذلك ويجوز كونها في المأمور به في قبال دعوى وجوب كونها في المأمور به، فإذا جاز عنده أن تكون في المأمور به كان الاقتصار على الأقل موجبا للشك في حصول الغرض. اللهم إلا أن يدعي أن الشك في حصول الغرض إنما يوجب الاحتياط لو كان المكلف مكلفا بتحصيله قبل الشك في حصوله وهو مما لم يحرز في المقام بعد احتمال

٣٢١

* وحصول اللطف والمصلحة في العبادة وان كان يتوقف على الاتيان بها على وجه الامتثال الا انه لا مجال لاحتمال اعتبار معرفة الأجزاء واتيانها على وجهها كيف ولا إشكال في إمكان الاحتياط ها هنا كما في المتباينين ولا يكاد يمكن مع اعتباره. هذا مع وضوح بطلان احتمال اعتبار قصد الوجه كذلك والمراد بالوجه في كلام من صرح بوجوب إيقاع الواجب على وجهه ووجوب اقترانه به هو وجه نفسه من وجوبه النفسي لا وجه أجزائه من وجوبها الغيري أو وجوبها العرضي واتيان الواجب مقترنا بوجهه غاية ووصفا باتيان الاكثر بمكان من الامكان لانطباق الواجب عليه

______________________________

كونه من فعل الآمر لا المأمور، ولعله إلى هذا أشار بقوله: فافهم (قوله: وحصول اللطف والمصلحة) هذا رد على الوجه الثاني من وجهي التفصي، وحاصله: انه لا يعتبر الجزم بالنية بالنسبة إلى الأجزاء في حصول الغرض للاجماع على امكان الاحتياط في المقام كما في المتباينين ولو كان يعتبر ذلك لما كان الاحتياط ممكنا. اللهم إلا أن يكون المراد من الاحتياط الممكن هو الاحتياط في المأمور به لا في الغرض (فالاولى أن يقال): إن امتناع حصول العلم بحصول الغرض لا يمنع من وجوب الاحتياط في المقام لما عرفت سابقا من وجوبه مع الشك في القدرة، ومنه المقام كما هو ظاهر. نعم لو علم بعدم حصول الغرض من فعل الأكثر من جهة الجزم باعتبار الجزم بالنية في حصول الامتثال لما وجب الاحتياط حينئذ، لكنه خلاف الفرض (قوله: قصد الوجه كذلك) يعني قصده في كل واحد من الاجزاء كما سيشير إليه (قوله: والمراد بالوجه) هذا خلاف المحكي عن المشهور بل خلاف اطلاق معقد الاجماع المحكي عن السيد الرضي الذي اقره عليه السيد المرتضى من بطلان صلاة من صلى صلاة لا يعرف أحكامها فلاحظ (قوله: من وجوبها الغيري) قد عرفت ان الاجزاء واجبة بالوجوب النفسي أصالة لا عرضا ولا بالوجوب الغيري. فتأمل (قوله: لانطباق الواجب عليه) من المعلوم أن الواجب لو كان في الواقع هو الأقل فلا ينطبق الا على نفسه

٣٢٢

ولو كان هو الاقل فيتأتى من المكلف معه قصد الوجه واحتمال اشتماله على ما ليس من أجزائه ليس بضائر إذا قصد وجوب المأتي على إجماله بلا تمييز ماله دخل في الواجب من أجزائه لا سيما إذا دار الزائد بين كونه جزءا لماهيته وجزءا لفرده حيث ينطبق الواجب على المأتي حينئذ بتمامه وكماله لان الطبيعي يصدق على الفرد

______________________________

ويمتنع أن ينطبق على الأكثر. نعم الاكثر فيه الواجب ويشتمل على الواجب لا أنه هو الواجب وحينئذ كيف يمكن فعل الاكثر مقترنا بوجهه غاية ووصفا. (فالأولى) أن يقال: ان قصد الوجه في الاجزاء أيضا ممكن لانه عبارة عن اتيان الفعل الخارجي عن ارادة فعل الواجب لوجوبه وهو حاصل لأن فعل الزائد لا يكون الا عن هذه الارادة، كما أشرنا إلى ذلك سابقا، ومثله فعل كل واحد من الأطراف في الشبهة الوجوبية مع التردد بين المتباينين لكن عرفت أن هذا خلاف ظاهر معقد الاجماع. فتأمل (قوله: جزءا لماهيته وجزءا لفرده) جزء الماهية هو الذي بانتفائه تنتفي الماهية وجزء الفرد هو الذي بانتفائه ينتفي الفرد وان لم تنتف الماهية ويكون ذلك في الماهيات المشككة التي تنطبق على الكثير بعين انطباقها على القليل فالكثير كله فرد واحد كالقليل وكل جزء من الكثير جزء من الفرد وليس جزءا من الماهية لأنه بانتفائه ينتفي الكثير ولا تنتفي الماهية، وحينئذ فإذا وجبت الماهية فعند الاتيان بالفرد الكثير لابد من قصد الوجوب في كل واحد من اجزائه لان الماهية الواجبة تنطبق على الكثير بتمام اجزائه، وحينئذ فإذا تردد الشئ بين كونه جزءا للماهية وجزءا للفرد يتأتى قصد الوجوب فيه، وإن لم يعلم وجوبه بوجوب الماهية للشك في كونه جزءا من الماهية. ومما ذكرنا يظهر لك الاشكال في كون الاذكار المستحبة في الصلاة مثل القنوت والتكبير للهوي للركوع والسجود وللرفع منهما وغيرهما أجزاء صلاتية لامتناع كونها أجزاء للماهية إذ انتفاؤها لا يوجب انتفاء الماهية وامتناع كونها أجزاء للفرد لامتناع قصد الوجوب فيها اجماعا ظاهرا فكيف تكون حينئذ اجزاء صلاتية، وقد يترتب

٣٢٣

بمشخصاته (نعم) لو دار بين كونه جزءا ومقارنا لما كان منطبقا عليه بتمامه لو لم يكن جزءا لكنه غير ضائر لانطباقه عليه أيضا فيما لم يكن ذاك الزائد جزءا غايته لا بتمامه بل بسائر أجزائه. هذا - مضافا إلى أن اعتبار قصد الوجه من رأس مما يقطع بخلافه - مع أن الكلام في هذه المسألة لا يختص بما لابد أن يؤتى به على وجه الامتثال من العبادات - مع أنه لو قيل باعتبار قصد الوجه في الامتثال فيها على وجه ينافيه التردد والاحتمال فلا وجه معه للزوم مراعات الامر المعلوم أصلا ولو باتيان الاقل لو لم يحصل الغرض

______________________________

على ذلك أن فعلها في غير محلها لا يوجب البطلان من جهة الزيادة العمدية المستفاد قدحها في الصلاة من مثل قوله - عليه السلام - في رواية أبي بصير: من زاد في صلاته فعليه الاعادة، لعدم صدق الزيادة عليها إذا كان فعلها في غير محلها على النحو الذي يؤتى بها عليه لو فعلت في محلها. نعم لو أتي بها في غير محلها بقصد الجزئية من الصلاة كسائر الاجزاء الصلاتية من الركوع والسجود بطلت الصلاة، بل الظاهر ذلك لو أتي بها في محلها بالقصد المذكور لما عرفت من عدم كونها أجزاء صلاتية فالاتيان بها بقصد الجزئية يوجب صدق الزيادة العمدية، كما اوضحنا ذلك في الفقه فراجع (قوله: بمشخصاته) كان الاولى أن يقول: باجزائه (قوله: لما كان منطبقا) جواب (لو) (قوله: بتمامه) يعني حتى الآمر المقارن لو لم يكن جزءا، وحينئذ لا يمكن الاتيان به بقصد الوجوب لاحتمال كونه مقارنا لاجزءا فلا يكون واجبا نظير الأذكار الصلاتية التي أشرنا إليها (قوله: لانطباقه عليه) يعني لانطباق الواجب على المأتي به في الجملة لا على تمامه بل على اجزائه المعلومة (قوله: لا يختص بما) بل يجري في التوصليات التي لا يتوقف حصول الغرض فيها على قصد الامتثال فضلا عن قصد الوجه (قوله: من العبادات) بيان لما الموصولة (قوله: مع انه لو قيل باعتبار قصد) هذا اشكال على قول المتفصي: فلم يبق الا التخلص (قوله: لو لم يحصل الغرض) فانه إذا لم يحصل غرض الآمر لا يسقط الأمر والعقل انما يحكم بوجوب موافقته

٣٢٤

وللزم الاحتياط باتيان الاكثر مع حصوله ليحصل القطع بالفراغ بعد القطع بالاشتغال لاحتمال بقائه مع الاقل بسبب بقاء غرضه. فافهم هذا بحسب حكم العقل

______________________________

لغاية سقوطه لا تعبدا فإذا لم يسقط لبقاء الغرض لا تجب موافقته عنده وهو واضح لكنه خلاف الفرض إذ الفرض الشك في حصول الغرض وعدمه فيمكن دعوى وجوب موافقة الامر حينئذ عقلا فلا يظهر توجه كلام المصنف (ره) عليه، ولعله إليه اشار بقوله: فافهم، وان كان بعيدا

الجواب عن شبهة الغرض

(قوله: لاحتمال بقائه) اي بقاء الغرض مع الاقتصار على الاقل (ثم) انه قد يجاب عن شبهة الغرض (تارة) بأن ترك الاقل مفوت للغرض قطعا بخلاف ترك الاكثر للشك في كونه مفوتا له ومع الشك في كونه مفوتا لا تعلم حرمته والاصل البراءة (وفيه) أنه يتم لو كان الثابت حرمة تفويت الغرض لا غير، اما لو كان الثابت وجوب تحصيله فمع الشك في حصوله يرجع إلى قاعدة الاشتغال التي هي المرجع عند الشك في المحصل (واخرى) بأن الاوامر الشرعية وان كانت أوامر غيرية والمطلوب النفسي هو نفس العرض إلا أن حب الغرض لما كان يلزمه كراهة تركه، وكما يحتمل أن يكون الوجه في الاوامر الغيرية هو حب الغرض يمكن أن يكون كراهة تركه بأن يكون للكراهة نحو جلوة بها كانت هي الداعي إلى الامر، وعلى التقدير الثاني لا يجب الاحتياط للشك في كون ترك الزائد تركا للغرض فيشك في كونه حراما والأصل البراءة (وفيه) (اولا) امتناع استناد الأمر الشرعي إلى كراهة ترك المصلحة وإنما يستند إلى ارادة فعلها إذ الارادة الغيرية إنما تستند إلى ارادة نفسية لا إلى كراهة نفسية كما هو ظاهر (وثانيا) أن استناد الأمر الشرعي إلى الكراهة لا أثر له في رفع وجوب الاحتياط بعد العلم بارادة المصلحة لنفسها فان هذا العلم يقتضي الاحتياط، وكون كراهة تركها لا يقتضي الاحتياط لا يجدي إذ المقام من قبيل اجتماع المقتضي واللا مقتضي، ولا ريب في كون الأثر فيه للمقتضي. فلاحظ (وقد) يجاب بأن

٣٢٥

* واما النقل (١) فالظاهر أن عموم مثل حديث الرفع

______________________________

الغرض إنما يجب تحصيله إذا قامت عليه الحجة وليس عليه حجة في المقام غير الأمر والمعلوم منه ليس الا ما تعلق بالأقل فهو إنما يكشف عن غرض فيه لا في الاكثر (وفيه) ان ذلك مسلم إلا أنه لا يرفع الشك في حصول الغرض القائم بالاقل بفعل الأقل لاحتمال قيامه بالزائد على الأقل معه، ولا ساد لهذا الاحتمال إلا أن تقوم الحجة على عدم وجوب الزائد ومجرد عدم الحجة على وجوبه لا يكون حجة على عدم وجوبه، فما دام احتمال وجوبه موجودا كان احتمال عدم حصول الغرض من الأقل موجودا معه ايضا (والاولى) ان يجاب بأن العلم بالغرض والمصلحة ليس له اقتضاء في نظر العقل اكثر من اقتضاء العلم بالأمر، فان كان الشك في حصوله ناشئا من الشك في وجود موضوعه فالمرجع فيه اصالة الاشتغال، وان كان الشك في حصوله للشك في مقومه وموضوعه وانه الاقل أو الاكثر فالمرجع فيه اصالة البراءة والشاهد على ذلك ما عرفت من بناء العقلاء في امثال المقام على الرجوع إلى البراءة وعدم الاعتناء باحتمال عدم حصول الغرض مع فعل الأقل. نعم لو كان نفس الغرض موضوعا للامر كما لو قال: حصل مصلحة الصلاة، كان المرجع اصالة الاحتياط لو شك في حصوله للشك في نفس وجود الموضوع، فالجواب عن شبهة الغرض يكون هو الجواب عن شبهة الشك في سقوط الأمر بفعل الأقل الذي عرفته سابقا، والله سبحانه هو العالم (قوله: وأما النقل فالظاهر ان عموم مثل) الكلام في جريان البراءة الشرعية (تارة) يكون بناء على البراءة العقلية (واخرى) بناء على الاحتياط (فعلى) الاول نقول: إن كان الوجه في انحلال العلم الاجمالي بالوجوب النفسي هو العلم التفصيلي بوجوب الاقل لنفسه كما هو التحقيق

______________

(١) لكنه لا يخفى انه لا مجال للنقل فيما هو مورد حكم العقل بالاحتياط وهو ما إذا علم اجمالا بالتكليف الفعلي الامر الواقعي وهو واضح البطلان. منه مد ظله

٣٢٦

قاض برفع جزئية ما شك في جزئيته فبمثله يرتفع الاجمال والتردد عما تردد أمره بين الاقل والاكثر ويعينه في الاول (لا يقال): إن جزئية السورة المجهولة - مثلا - ليست بمجعولة وليس لها أثر مجعول والمرفوع بحديث الرفع إنما هو المجعول

______________________________

أمكن رفع الوجوب النفسي الضمني الثابت للزائد بمثل حديث الرفع لكونه مما لا يعلم، وان كان الوجه في الانحلال هو العلم الاجمالي بوجوب الأقل اما لنفسه أو لغيره أمكن رفع الوجوب النفسي الاستقلالي الثابت للاكثر بمثل الحديث المذكور لكونه أيضا مما لا يعلم وهذا واضح (وعلى) الثاني فان كان الوجه في الاحتياط امتناع الانحلال من جهة التلازم بين الوجوبات النفسية الضمنية وبين الوجوب النفسي والغيري اشكل جريان الحديث سواء كان لرفع الوجوب النفسي الاستقلالي للأكثر أم الضمني للزائد أو الجزئية، اما الاول فلانه يعارض بجريانه لرفع الوجوب النفسي للاقل والعلم الاجمالي بوجوب الأقل لنفسه أو لغيره لا يمنع من جريانه فيه لانه لا ينجز على تقدير الوجوب الغيري للاقل لارتفاع الوجوب النفسي للأكثر المانع من تنجز الوجوب الغيري للاقل - لو كان -. واما الثاني فلمنافاة جريانه لرفع الوجوب الضمني مع البناء على تنجز وجوب الاقل لنفسه لأن الجمع بينهما يوجب احتمال التفكيك، وقد عرفت انه ممتنع، ومنه يظهر الحال في الثالث إذ لا معنى لرفع الجزئية إلا رفع الوجوب الضمني المتعلق بالجزء لأن الجزئية من الاعتبارات المنتزعة من نفس الوجوب المذكور فلا معنى لرفعها الا رفع منشأ انتزاعها، وقد عرفت امتناعه لاقتضاء رفعه التفكيك بين الوجوبات الضمنية احتمالا، وقد عرفت انه ممتنع جزما، وان كان الوجه في الاحتياط شبهة الغرض، أو شبهة الشك في سقوط الامر، أو شبهة اهمال الموضوع، فلا مجال للبراءة الشرعية أيضا لعدم جريانها في امثال هذه المقامات. وبالجملة: فالتفكيك بين البراءة العقلية والشرعية في الجريان وعدمه مشكل جدا (قوله: قاض برفع جزئية) ربما ينسب إلى المصنف (ره) أن الوجه في تخصيص تطبيق الحديث على الجزئية المشكوكة دون

٣٢٧

بنفسه أو أثره ووجوب الاعادة إنما هو أثر بقاء الامر الاول بعد العلم مع انه عقلي وليس إلا من باب وجوب الاطاعة عقلا (لانه يقال): إن الجزئية وإن كانت غير مجعولة بنفسها إلا انها مجعولة بمنشأ انتزاعها وهذا كاف في صحة رفعها (لا يقال): إنما يكون ارتفاع الامر الانتزاعي برفع منشأ انتزاعه وهو الامر الاول ولا دليل آخر على امر آخر بالخالي عنه (لانه يقال): نعم وإن كان ارتفاعه بارتفاع منشأ انتزاعه

______________________________

الوجوب النفسي للاكثر أن تطبيقه على الوجوب المذكور معارض بتطبيقه على وجوب الاقل فانه مشكوك أيضا واحتمال معارضة تطبيقه على الجزئية بتطبيقه على كلية الاقل فانها مشكوكة. مندفع بأنه لا أثر لرفع كلية الاقل إذ وجوب الاتيان به عقلا ليس من آثار كليته. لكن فيه ما عرفت من أن الجزئية من الاعتبارات المنتزعة من الوجوب فرفعها إنما يكون برفعه فإذا امتنع رفعه امتنع رفعها. فتأمل (قوله: بنفسه أو اثره) إذا لرفع فيه رفع تشريعي والرفع التشريعي إنما يتعلق بالامر الشرعي فإذا لم يكن الشئ امرا شرعيا ولا ذا اثر شرعي ليكون رفعه بلحاظه امتنع رفعه تشريعا وان كان رفعه تكوينا ممكنا إلا ان الحديث ليس متضمنا لذلك والالزم الكذب (قوله: ووجوب الاعادة) دفع توهم أن الجزئية لها اثر شرعي وهو وجوب الاعادة فيصح رفعها بلحاظه. ووجه الدفع: ان وجوب الاعادة عبارة اخرى عن وجوب اطاعة الامر بفعل المأمور به تاما بعد فعله ناقصا وهو أثر عقلي لبقاء الامر الاول، واما وجوب الاعادة شرعا فهو عين بقاء الامر وعدم سقوطه بفعل الاقل وليس أثرا للجزئية اصلا (قوله: وهو الامر الاول) المراد بالامر الاول الوجوب النفسي الثابت للاكثر، وحينئذ يكون الوجوب النفسي للاقل مشكوكا فيجري فيه الحديث ولا دليل على وجوبه حينئذ كما عرفت، وهذا مبني على وجوب الجزء لغيره اما على تقدير وجوبه لنفسه فقد عرفت انه لا يمكن رفع الوجوب النفسي الضمني

٣٢٨

* إلا أن نسبة حديث الرفع الناظر إلى الادلة الدالة على بيان الاجزاء إليها نسبة الاستثناء وهو معها يكون دالة على جزئيتها إلا مع الجهل بها كما لا يخفى فتدبر جيدا

______________________________

لامتناع التفكيك الذي هو مبنى الاحتياط العقلي (قوله: إلا ان نسبة حديث الرفع) حاصل الجواب: أن الحديث الشريف لو كان موجبا لرفع الوجوب بتمامه على تقدير ثبوته للاكثر كان اجراؤه لرفعه موجبا للشك في وجوب الاقل لاحتمال كون الوجوب ثابتا للاكثر فيكون مرفوعا، أما إذا كان موجبا لرفع خصوص الوجوب الضمني القائم بالجزء مع بقاء وجوب الباقي بحاله فالاقل يكون معلوم الوجوب حينئذ ولا يمكن اجراء الحديث لرفع وجوبه فيكون حديث الرفع محددا لوجوب الاكثر على تقدير ثبوته واقعا والوجه في هذ التحديد هو الجمع بين ما دل على جزئية كل واحد وما دل على رفع الجزئية المجهولة، فان لازم الجمع المذكور هو وجوب الاقل لانه معلوم الجزئية وعدم وجوب الزائد على لكونه مجهول الجزئية (هذا) ويمكن الخدشة فيه بأن أدلة الجزئية الواقعية إنما تفيد حكما واقعيا، وحديث الرفع ونحوه إنما يفيد حكما ظاهريا، ومن المعلوم أن احدهما ليس في عرض الآخر حتى يكون دليل احدهما بمنزلة الاستثناء من دليل الآخر، فحديث الرفع ليس مما يرفع الجزئية واقعا حتى يكون بمنزلة الاستثناء مما دل على الجزئية واقعا، بل إنما يقتضي رفعها ظاهرا، وكونه بمنزلة الاستثناء يتوقف على وفاء ادلة الجزئية بثبوتها ظاهرا في كل واحد من الاجزاء حتى مشكوك الجزئية، ولا ريب في انها لا تفي بذلك، وليست دالة إلى على الجزئية واقعا. مضافا إلى ما عرفت من ان تخصيص الوجوب الضمني الثابت الزائد بالرفع يتوقف على إمكان التفكيك في التنجز بين الوجوبات الضمنية وهو غير مبني على الاحتياط، فانه لو جاز هذا التفكيك جاز الرجوع إلى البراءة العقلية في خصوص الزائد على الأقل، ولا مجال للاحتياط العقلي فيه الذى هو المختار عند المصنف (ره)

٣٢٩

وينبغي التنبيه على أمور

(الاول) أنه ظهر مما مر حال دوران الامر بين المشروط بشئ ومطلقه وبين الخاص كالانسان وعامه كالحيوان، وأنه لا مجال ههنا للبراءة عقلا بل كان الامر فيهما أظهر، فان الانحلال المتوهم في الاقل والاكثر لا يكاد يتوهم ههنا، بداهة

______________________________

فلاحظ وتأمل (قوله: الاول انه ظهر مما مر حال) هذا شروع في حكم الشك في شرطية شئ للمأمور به وفي حكم الدوران في الواجب بين التعيين التخيير كما لو شك في كون الاقامة شرطا للصلاة، أو شك في كون الواجب في الركوع والسجود مطلق الذكر أو خصوص التسبيح (وحاصل) ما ذكر في بيان حكمهما: انه لا مجال للبراءة العقلية فيهما سواء قلنا بها في الاقل والاكثر أم لم نقل. أما على الثاني فواضح إذ المانع المتقدم من انحلال العلم الاجمالي هناك جار بعينه هنا بل بطريق اولى كما سيظهر. وأما على الاول فللفرق بين مسألة الاقل والاكثر وبين هاتين المسألتين بأن الاولى انما تكون في المركب الخارجي الذي هو واحد اعتبارا ومتعدد خارجا فان كلا من اجزاء الاكثر له وجود ممتاز في قبال غيره إذ وجود التكبير غير وجود القراءة وهما غير وجود الركوع وهي غير وجود السجود وهكذا سائر اجزاء الصلاة واجزاء غيرها من الواجبات فتمكن فيها دعوى الانحلال لو شك في جزئية الاستعاذة مثلا للصلاة إذ يعلم تفصيلا بوجوب ما عدا الاستعاذة مثلا من الاجزاء ويشك في وجوب الاستعاذة فيتنجز ما علم وجوبه ويرجع في وجوب الاستعاذة إلى البراءة عقلا، ولا تمكن الدعوى المذكورة في المقام بأن يقال: وجوب ذات المشروط أو ذات العام معلوم ويشك في وجوب التقييد بالشرط أو الخصوصية، لأن ذات المشروط - على تقدير الشرطية - ليست مما يتصف بالوجوب الغيري ليعلم بوجوبها تفصيلا إما لنفسها أو لغيرها كما في ذات الأقل، لأنها في حال وجدان الشرط عين الواجب فتكون واجبة بالوجوب النفسي، وفي حال فقدانه مباينة للواجب وليست مقدمة له لتجب بوجوب غيري

٣٣٠

* ولما لم يعلم بوجوبها تفصيلا نفسيا أو غيريا كما في ذات الاقل لم يكن وجه للانحلال، وهكذا الحال في ذات العام إذا شك في وجوب الخاص. وعمدة النكتة فيه: ان الوجوب الوارد على المشروط ليس قائما بامرين ذات المشروط وأمر آخر لتكون ذات المشرط جزءا من الواجب ويجري عليها حكم الاقل، بل ليس قائما إلا بأمر واحد وهو ذات المشروط لا غير والتقييد بالشرط ليس جزءا للواجب بل إنما يوجب تضييق دائرة الذات في مقام موضوعيتها للوجوب، فالشك في الشرطية في الحقيقة شك في ان ذات المشروط التي هي تمام موضوع الطلب موضوع له في جميع الاحوال والاطوار، أو في خصوص بعضها، فليس هناك تكليف معلوم وتكليف مشكوك كما في باب الاقل والاكثر. ومنه يظهر أنه لو بني على وجوب الجزء نفسيا - كما هو التحقيق والمختار للمصنف (ره) في مبحث مقدمة الواجب - فالانحلال بالعلم التفصيلي بالوجوب النفسي الذي تقدم تقريره في الاقل والاكثر غير آت هنا، إذ الشك ليس في التكليف بل في اطلاق موضوع التكليف وتقييده، ومثله الشك في التعيين والتخيير بلا فرق اصلا بينهما في هذه الجهة. نعم بينهما فرق من جهة أخرى، وهي أن ذات المشروط لا تختلف باختلاف حالي وجود الشرط وعدمه، بل هما طارئان على أمر واحد خارجي فهما من أحواله وأطواره مع حفظ ذات واحدة فيهما فان زيدا في حال علمه هو زيد في حال جهله ولا يتعدد بتعدد الاطوار والاحوال اصلا، بخلاف الجامع بلحاظ حصصه وافراده فان الانسان المتحد مع خصوصية زيد غير المتحد مع خصوصية عمرو، وليست خصوصية زيد وعمرو من قبيل الخصوصيات الطارئة على ذات واحدة، بل هو متعدد بتعدد تلك الخصوصيات لعدم كون تلك الخصوصيات احوالا لأمر واحد وطارئه على شئ فارد، بل كل خصوصية منها مقومة لحصة معينة وبها تتباين تلك المقومات، ومن هذه الجهة من الفرق يمكن ان تفترق مسألتا الشك في الشرطية والدوران بين التعيين والتخيير في الرجوع إلى البراءة والاحتياط وان اتفقتا في عدم كون الشك فيهما في التكليف النفسي الضمني، فان الشك في الشرطية لما كان راجعا إلى الشك في

٣٣١

اطلاق موضوع التكليف النفسي وتقييده كانت الذات التي هي معروض الاطلاق والتقييد ما يعلم بتعلق التكليف بها وكونها في موضوعيتها له مقيدة أمر مشكوك، وهذا الشك يوجب الشك في تعلق الامر الغيري بالشرط بحيث يلزم من تركه مخالفة التكليف المعلوم، وحيث لا بيان على ذلك فالمرجع قاعدة قبح العقاب بلا بيان، والشك في التعيين لما كان راجعا إلى الشك في موضوع التكليف وانه الجامع بين الافراد أو خصوص فرد منه، ولم يكن هناك امر واحد محفوظ كان المكلف به مرددا بين المتباينين، والمرجع فيه الاشتغال (اللهم) إلا أن يقال: قد اشتهر ان مقوم العالي مقوم للسافل فالجامع لابد أن يكون موجودا ضمنا في الفرد، بل برهان الاشتراك في الأثر يقتضي وجود الجهة الجامعة بين الافراد، بل انتزاع مفهوم واحد من الافراد المتعددة يقتضي وجود منشأ الانتزاع في كل واحد منها، ولازم ذلك كله أن يكون الجامع مما يعلم تفصيلا كونه موضوعا للتكليف النفسي ويكون الشك في اعتبار الخصوصية زائدا عليه فيكون حال الشك في التعيين حال الشك في الشرطية، بل لعله حال الشك في الجزئية لكون الخصوصية الفردية مقومة للفرد المحتمل التعيين فيكون لها حظ من الوجوب النفسي فيكون الحكم فيه هو البراءة العقلية (فان قلت): ما ذكر مسلم إلا أن ما يعلم وجوده في ضمن الفرد هو الماهية المهملة المشتركة بين الماهية الشخصية - اعني الفرد - والمطلقة الصالحة للانطباق على كل فرد، والماهية المهملة غير صالحة للانطباق على غير الفرد المحتمل التعيين، وحينئذ فالماهية المطلقة مباينة للماهية المحدودة الشخصية، فإذا دار الواجب بينهما فقد تردد بين متباينين والماهية المهملة المتيقنة أمر ثالث غير كل واحد من الطرفين فتعين كونها موضوعا للتكليف النفسي لا يجدي في الانحلال بعد كون الواجب مرددا بين امرين متباينين (قلت): قد عرفت في الجواب عن بعض شبهات الاحتياط في الاقل والاكثر ان تردد الواجب بين المتباينين إنما يوجب الاحتياط إذا كان ما به الامتياز في كل واحد من المتباينين مما يقتضي التكليف حفظه، كما لو كان مرددا بين ما اخذ بشرط لا وبين ما اخذ بشرط شئ لا ما إذا تردد بين ما اخذ لا بشرط وبين ما اخذ

٣٣٢

أن الاجزاء التحليلية لا يكاد يتصف باللزوم من باب المقدمة عقلا، فالصلاة مثلا في ضمن الصلاة المشروطة أو الخاصة موجودة بعين وجودها في ضمن صلاة اخرى فاقدة لشرطها وخصوصيتها تكون متبائنة للمأمور بها كما لا يخفى (نعم) لا بأس بجريان البراءة النقلية في خصوص دوران الامر بين المشروط وغيره دون دوران الامر بين

______________________________

بشرط شئ. مضافا إلى أن الكلام هنا في الفرق بين الشك في التعيين والشك في الشرطية وما ذكر في الاول من تردد الواجب بين المتباينين وان المتيقن كونه موضوعا للتكليف هو الماهية المهملة وهي غير كل واحد منهما بعينه جار في الثاني لما عرفت من ان المتيقن مع الشك في الشرطية هو ذات المشروط مهملة والواجب مردد بين كونه مطلقا وكونه مشروطا، بل العلم التفصيلي الذي ادعي اقتضاؤه الانحلال مع الشك في الجزئية إنما قام على ثبوت التكليف لذات الاقل مهملة مع التردد في انها واجبة مع الباقي أو مطلقا فحكم مثل هذا الشك المقرون بمثل هذا العلم إن كان هو الاحتياط في المقام كان هو حكمه في الشك في الجزئية والشرطية أيضا، وان كان حكمه البراءة فيهما كانت حكمه في المقام أيضا، فلا موجب للفرق بين المقامات الثلاثة فان الجميع على نسق واحد (والتحقيق) الرجوع إلى البراءة في الجميع لما اشرنا إليه من عدم البيان الملزم لفعل الخصوصية الزائدة على الطبيعة المعلوم تعلق التكليف بها مهملة التي يعلم بحرمة تركها تفصيلا، والمقام محتاج إلى مزيد تأمل والله سبحانه هو الهادي (قوله: الاجزاء التحليلية) هي التي يحللها العقل ويميز بعضها عن بعض في مقابل الاجزاء الخارجية، والمراد من الاجزاء التحليلية في المقام ذات المشروط والتقييد وذات العام والخصوصية المفردة للعام (قوله: فالصلاة مثلا) بيان لوجه عدم الاتصاف باللزوم (قوله: موجودة بعين) يعني فلا يمكن تعلق الوجوب الغيري بها للزوم اجتماع المثلين، لكن هذا الاشكال بعينه جار في الاجزاء الخارجية، والمصحح لتعلق الوجوب الغيري بها من اخذ الحدود الذهنية جار ايضا (قوله: تكون متبائنة) يعني وليس بينهما

٣٣٣

الخاص وغيره لدلالة مثل حديث الرفع على عدم شرطية ما شك في شرطيته وليس كذلك خصوصية الخاص فانها إنما تكون منتزعة عن نفس الخاص فيكون الدوران بينه وبين غيره من قبيل الدوران بين المتباينين فتأمل جيدا

______________________________

المقدمية التي هي مناط الوجوب الغيري وإلا فمحض المباينة غير كاف في المنع إذ المقدمة لابد ان تكون مباينة كما هو ظاهر، ولكن يمكن ان يقال: إن مناط المقدمية في الجزء حال عدم اجتماع تمام الاجزاء ليس إلا كونه بحيث لو انضم إليه بقية الاجزاء لالتأم منه الكل وهو بعينه موجود في الصلاة الفاقدة للشرط إذ لو انضم إليها تمام ما يعتبر في المشروط لكانت عين المشروط. نعم لا تم ذلك في المقامين معا لو بني على اختصاص الوجوب الغيري بالمقدمة الموصلة، لكنه غير مختار المصنف (ره). فتأمل (قوله: لدلالة مثل حديث الرفع على) قد تقدمت الاشارة إلى أن الجزئية منتزعة من الوجوب الضمني القائم بالجزء فرفعها إنما يكون برفعه. أما الشرطية فان كانت منتزعة من تقييد المشروط بالشرط في رتبة سابقة على التكليف لم تكن شرعية ولا يمكن رفعها بحيث الرفع، وان كانت منتزعة من تعلق التكليف بالمقيد بالشرط كانت شرعية وكان رفعها برفع التكليف المذكور، لكن إن بنينا على الانحلال فلا اشكال إذ يكون رفعها برفع الخصوصية القائمة بالمقيد الموجبة لانتزاع اضافة الشرطية، أما بناء على عدم الانحلال كما يرى المصنف (ره) فيشكل رفع الخصوصية المذكورة لما تقدم في رفع الجزئية لعدم الفرق بين المقامين في هذه الجهات (قوله: منتزعه عن نفس الخاص) يعني لا من أمر خارج عنه حتى تكون نظير خصوصية الشرط بل هي منتزعة من نفس الخاص فتكون مقومة لنفس الواجب فيدور الأمر بين وجوب الخاص ووجوب العام فيكونان من قبيل المتباينين، لكن عرفت أن خصوصية الخاص وان كانت مقومة للخاص إلا أن الخاص لما كان متقوما بالعام ولو كان بنحو الطبيعة المهملة فالدروان بين وجوب الخاص ووجوب العام ملزوم لليقين بوجوب العام في الجملة

٣٣٤

* (الثاني) انه لا يخفى أن الأصل فيما إذا شك في جزئية شئ أو شرطيته في حال نسيانه عقلا ونقلا ما ذكر في الشك في أصل الجزئية أو الشرطية فلو لا مثل حديث الرفع مطلقا و (لا تعاد) في الصلاة يحكم عقلا بلزوم اعادة ما أخل بجزئه أو شرطه نسيانا كما هو الحال فيما ثبت شرعا جزئيته أو شرطيته مطلقا

______________________________

ويكون الشك في وجوبه مطلقا أو وجوب الخصوصية، ففي الحقيقة يكون الدوران بين الاطلاق والتقييد من حيث الافراد وهو كالدوران بين الاطلاق والتقييد من حيث الأحوال كما في الشك في الشرطية أو بين الاهمال والاطلاق من حيث الأحوال كما في الشك في الجزئية، وتباين صور المفاهيم في الجميع حاصل، فان كان مثله مانعا عن إعمال البراءة الشرعية فليكن كذلك في الجميع، وان لم يكن مانعا في بعضها لم يكن مانعا في الباقي. فتأمل جيدا والله سبحانه هو الهادي، (قوله: إذا شك في جزئية شئ) اعلم أن الكلام في الناسي (تارة) يكون في ناسي الجزئية مع الالتفات إلى ذات الجزء (وأخرى) في ناسى نفس الجزء (اما) حكم الأول فهو انه لا ريب في معذوريته في حال النسيان عقلا في ترك الجزء، وأما بعد الالتفات إليها فصحة المأتي به والاكتفاء به يتوقف على قيام دليل بالخصوص عليه، ولا ينبغي التأمل في دلالة حديث: لا تعاد الصلاة، عليه، لكنه مختص بالصلاة، واما حديث رفع النسيان فيشكل جريانه لاثبات ذلك سواء كان مفاده مفاد حكم العقل من المعذورية ورفع التنجز، أم رفع وجوب التحفظ أم رفع الجزئية حقيقة برفع الوجوب الضمني القائم بالجزء. إذ الأول ليس إلا حكم العقل بمعذورية الناسي وهو أعم من صحة الناقص، ومثله الثاني غاية الأمر أنه يقتضي نفي المؤاخدة على الناسي ولو كان نسيانه عن تقصير. واما الثالث فمع انه يشكل في نفسه باقتضائه اختصاص الوجوب الضمني بالملتفت مع ان الأحكام الواقعية مشتركة بين الملتفت والناسي اشتراكها بين العالم والجاهل اجماعا وللزوم الدور المشهور فتأمل، بل لزوم الخلف لأن عنوان نسيان الجزئية إنما يعتبر في فرض الجزئية حال

٣٣٥

النسيان فلا يمكن أن يكون رافعا لها، لا يجدي في اثبات صحة الناقص فان نسيان الجزئية وان كان لا يقتضي في نفسه إلا رفع نفس الوجوب الضمني الذي هو منشأ انتزاع الجزئية إلا أن رفع الوجوب المذكور لما كان ملازما لرفع وجوب الناقص لتلازم الوجوبات الضمنية في مقام الثبوت والسقوط كان تطبيقه لرفع الوجوب الخاص بالجزء دالا بالالتزام على ارتفاع وجوب الباقي، وليس في الحديث الشريف دلالة على ثبوت الوجوب للناقص لأنه رافع وليس فيه شائبة الوضع (فان قلت): الأدلة الواقعية دالة على ثبوت كل واحد من تلك الوجوبات الضمنية، وحديث الرفع لا يصلح للحكومة عليها الا من حيث دلالتها على وجوب الجزء المنسي جزئيته فترفع اليد عن دلالتها عليه ولا وجه لرفع اليد عن دلالتها على ثبوت بقية الوجوبات (قلت): لا ريب في دلالتها على ثبوت كل واحد من تلك الوجوبات لكنها تدل مع ذلك على انها وجوبات ضمنية لا استقلالية وبواسطة دلالتها على الضمنية يكون الحديث دالا بالمطابقة على رفع خصوص الوجوب الضمني القائم بالجزء المنسية جزئيته وبالالتزام على رفع الوجوب الباقي، فهو يعارض الأدلة الواقعية في تمام مدلولها ولازم تقديمه عليها سقوط حجيتها في تمام ايضا، وحينئذ فلا دليل على صحة الناقص المأتي به ولازم ذلك وجوب الاعادة بعد الالتفات لعموم دليل التكليف الواقعي بالتام ورفع اليد عنه حال النسيان لا يمنع من وجوب الأخذ به بعد الالتفات، واما وجوب القضاء خارج الوقت فيتوقف على اقتضاء دليله ذلك، وقد تقدم في مبحث الإجزاء بعض الكلام فيه فراجع.

نسيان الجزء

(وأما) نسيان الجزء فالكلام فيه (تارة) فيما لم يقم دليل من عموم أو اطلاق على جزئية المنسي في حال نسيانه بناء على امكان التفكيك بين الناسي للجزء وغيره في الجزئية (وأخرى) فيما لو قام (اما) الكلام في الاول فظاهر المصنف - رحمه الله - هو الاحتياط العقلي والبراءة الشرعية، وكأن الوجه في

٣٣٦

الأول ما دل على الاحتياط عقلا مع الشك في الجزئية، وفى الثاني ما دل على البراءة الشرعية لعدم الفرق بين الشك في جزئية المنسي بعد الالتفات والشك في أصل الجزئية. ويمكن الخدشة فيه بالفرق بين المقامين بحدوث الشك بعد فعل الاقل فالعلم الاجمالي بوجوب المردد بين الاقل والاكثر لا يوجب الاحتياط لحصوله بعد الامتثال في أحد الاطراف، ومثله لا ينجز كما لو علم بوجوب صوم أمس أو غد، ومثله الاستصحاب التعليقي لأنه كان لو التفت وجب عليه فعل المنسي فكذا بعد الالتفات، لأن الملازمة فيه ليست شرعية، نعم لو بني على الاحتياط في المسألة السابقة من جهة الشك في حصول الغرض أو الشك في سقوط الامر المتعلق بالأقل لزم البناء عليه هنا ايضا لذلك كما يمكن البناء على الاحتياط لاستصحاب التكليف بالجزء المنسي الثابت قبل نسيانه، لكنه مختص بما إذا طرأ النسيان في الاثناء بعد التكليف بالتمام دون ما لو كان النسيان من أول الامر لعدم اليقين المصحح للاستصحاب، بل ومبني على عدم اقتضاء حديث رفع النسيان رفعه حقيقة، والا فهو حاكم على الاستصحاب للعم بارتفاع الحالة السابقة. ثم لو تم الاستصحاب المذكور فلا مجال للبراءة الشرعية لحكومته عليها كما سيأتي، ولا فرق بين حديث الرفع وغيره من أدلتها. نعم قول أبي جعفر - عليه السلام - لزرارة: لا تعاد الصلاة الا من خمسة.. الخ مقدم على الاستصحاب بل وسائر أدلة الجزئية المقتضية للاعادة. ومن هذا يظهر لك أن المراد من حديث الرفع في كلام المصنف - رحمه الله - رفع ما لا يعلمون لا رفع النسيان لأن محل كلامه صورة الشك في الجزئية حال النسيان ورفع النسيان إنما يجري في صورة العلم بالجزئية لولاه. نعم يبقي الاشكال على المصنف - رحمه الله - في إعمال حديث: لا تعاد، في صورة الشك وليس موضوعه ذلك إذ هو نظير رفع النسيان موضوعه الجزء المعلوم الجزئية، وليس هو من الاحكام الظاهرية فتأمل جيدا، (وأما) الكلام في الثاني فيظهر الحال فيه مما سبق إذ مقتضى قيام الدليل على الجزئية حال النسيان وجوب الاعادة وعدم الاكتفاء بالناقض إلا أن يقوم دليل

٣٣٧

* نصا أو إجماعا. ثم لا يذهب عليك أنه كما يمكن رفع الجزئية أو الشرطية في هذا الحال بمثل حديث الرفع كذلك يمكن تخصيصها بهذا الحال بحسب الأدلة الاجتهادية

______________________________

بالخصوص على الاكتفاء به، ولا ريب في اقتضاء حديث: لا تعاد الصلاة. ذلك في خصوص الصلاة، وأما حديث رفع النسيان فقد عرفت الكلام فيه في نسيان الجزئية وأنه لا يدل على صحة الناقص والاكتفاء به بوجه. فراجع وتأمل (قوله: نصا) كالخمسة المذكورة في حديث لا تعاد (قوله: أو اجماعا) كتكبيرة الافتتاح وسائر الأركان (قوله: كذلك يمكن تخصيصها بهذا) شروع في امكان التفكيك بين ناسي الجزء والملتفت إليه في الواجب، خلافا لشيخه (ره) حيث بنى على امتناعه - كما سيشير إليه - (وتوضيح) الاشكال: أنه إذا قام دليل على جزئية شئ ولم يكن له اطلاق يشمل حال نسيان الجزء وجب الحكم بجزئيته في ذلك الحال لأنه لو لم يكن جزءا في حال النسيان يلزم أن يكون الملتفت مكلفا بالتام الشامل لذلك الجزء والناسي مكلفا بالناقص الخالي عن ذلك الجزء، وهذا التنويع محال لامتناع جعل عنوان الناسي موضوعا لكل خطاب، إذ الغرض من الخطابات ليس الا البعث والزجر وهو لا يترتب على خطاب الناسي، لأن تأثيره في البعث يتوقف على علم المكلف بانطباق عنوانه عليه وعلمه بانطباق عنوان الناسي عليه يوجب التفاته إلى المنسي فينتفي عنه العنوان المذكور، فلا يترتب الغرض المذكور على خطاب موضوعه الناسي أصلا، فيكون محالا. وقد أجاب المصنف - رحمه الله - عنه بان التفكيك بين الناسي والملتفت في جزئية المنسي وعدمها لا يتوقف على جعل الناسي موضوعا للخطاب ليرد المحذور، بل يمكن أن يكون على أحد وجوه (الأول) أن يجعل عنوان المكلف الشامل للملتفت والناسي موضوعا للخطاب بما عدا المنسي من الاجزاء لا غير، ثم تكليف الملتفت بالمنسي فالملتفت الآتي بالتمام آت بما هو المأمور به والناسي الآتي بالناقص ايضا آت بما هو مأمور به (فان قلت): أخذ الالتفات قيدا في موضوع الخطاب بالجزء

٣٣٨

محال لان الالتفات متأخر عن الحكم فكيف يؤخذ في موضوعه (قلت): ذاك في الالتفات إلى الحكم لا في الالتفات إلى الموضوع، والثاني هو محل الكلام (الثاني) أن يكلف الملتفت بالتمام والناسي بالناقص ولكن لا بعنوان الناسي بل بعنوان ملازم له مثل ضعيف الدماغ أو رطب الدماغ أو نحو ذلك (الثالث) أن يكلف الملتفت بالتمام ولا يكلف الناسي بشئ ولكن يصح فعله للناقص لاشتماله على المصلحة ويكفي في بعثه إلى الناقص اعتقاده توجه أمر الملتفت إليه فيأتي بالناقص بداعي موافقة أمر الملتفت بالتمام، وهذا الوجه الاخير ذكره المصنف (رحمه الله) في حاشيته على الرسائل، والوجهان الاولان وان كان لا بأس بهما في مقام الثبوت إلا انهما خلاف ما عليه الادلة الدالة على الجزئية وعدمها بالاضافة إلى الملتفت والناسي، فان الجمع بين الادلة الدالة على الجزئية وبين حديث: لا تعاد الصلاة ونحوه مما دل على صحه صلاة الناسي إذا ترك ما عدا الاركان يقتضي اطلاق جزئية الاركان وثبوتها في حالي الالتفات إليها والنسيان وتخصيص جزئية كل جزء جزء عداها بالالتفات إليه، فما التفت إليه منها فهو جزء وما لم يلتفت إليه فليس بجزء، فالملتفت والناسي لابد أن يشتركا في الامر بالأركان وقد يشتركان في الأمر بما عداها إذا لم يكن موضوعا للنسيان فيختلف أمر الناسي سعة وضيقا باختلاف حال النسيان من حيث طروئه على تمام ما عدا الاركان أو على بعضه كثيرا أو قليلا. ومنه يظهر لك عدم تمامية الوجه الاخير (اولا) من جهة انه لابد من أمر الناسي بالاركان وبالمقدار الملتفت إليه من الاجزاء زائدا عليها لوجود المقتضي وهو المصلحة في فعله وعدم المانع (وثانيا) من جهة أن اطاعة أمر الملتفت لا توجب عبادية فعله بعد ما لم يكن فعله موضوعا له إلا أن يكون من باب الاشتباه في التطبيق. فتأمل. كما منه يظهر أن فعل الناسي انما كان عبادة وطاعة لامره المتعلق به وليس له في ذلك خطأ واشتباه، بل كما هو غافل عن كونه ناسيا غافل عن كونه ملتفتا. نعم هو ملتفت إلى ما فعله من الاجزاء كالملتفت إلى تمام الاجزاء وليس الاختلاف بينه وبين الملتفت الا غفلته عن الجزء المنسي والتفات الملتفت إليه الذي هو معنى كونه

٣٣٩

كما إذا وجه الخطاب على نحو يعم الذاكر والناسي بالخالي عما شك في دخله مطلقا وقد دل دليل آخر على دخله في حق الذاكر أو وجه إلى الناسي خطاب يخصه بوجوب الخالي بعنوان آخر عام أو خاص لا بعنوان الناسي كي يلزم استحالة ايجاب ذلك عليه بهذا العنوان لخروجه عنه بتوجيه الخطاب إليه لا محالة كما توهم لذلك استحالة تخصيص الجزئية أو الشرطية بحال الذكر وايجاب العمل الخالي عن المنسي على الناسي فلا تغفل (الثالث) أنه ظهر مما مر حال زيادة الجزء إذا شك في اعتبار عدمها شرطا أو شطرا في الواجب

______________________________

ناسيا في قبال الملتفت. وهذا الذي ذكرناه قريب مما ذكره المصنف (ره) اولا. فلاحظ وتأمل (قوله: كما إذا وجه الخطاب) هذا هو الوجه الاول (قوله: بالخالي) متعلق بالخطاب (قوله: مطلقا) يعني حتى في حق الناسي (قوله: أو وجه إلى) هذا هو الوجه الثاني) قوله: بهذا العنوان) يعني عنوان الناسي (قوله: لخروجه) تعليل للاستحالة، (قوله: كما توهم لذلك) يعني لاجل استحالة خطاب الناسي بعنوان النسيان توهم بعض استحالة تخصيص الجزئية بحال الذكر وانما كان توهما لعدم التلازم بين استحالة الخطاب على النحو المذكور واستحالة التخصيص المذكور لما عرفت (قوله: حال زيادة الجزء) اعلم أنه الجزء المعتبر في المركب يمكن اعتباره على أحد وجوه، فتارة يعتبر بنحو صرف الوجود المضاف إلى نفس الجامع بين الأفراد الذي هو نقيض عدمه، وأخرى يعتبر بشرط لا - يعني شرط ان لا يتكرر الوجود - وثالثة بشرط شئ - أي بشرط أن يتكرر وجوده - ورابعة بنحو يصدق على القليل والكثير المتدرج كما في موارد التخيير بين الأقل والأكثر كما في التسبيح في الركوع والسجود بناء على كون تمام التسبيح المتعدد واجبا، ثم إن عنوان زيادة الجزء انما يصح انتزاعه في الصورتين الأوليين دون الأخيرتين لأن الزيادة عبارة عن كون الوجود مما لا يترتب عليه أثر مقصود مرغوب،

٣٤٠