حقائق الاصول الجزء ٢

حقائق الاصول9%

حقائق الاصول مؤلف:
تصنيف: متون أصول الفقه
الصفحات: 617

الجزء ١ الجزء ٢
  • البداية
  • السابق
  • 617 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 218972 / تحميل: 5245
الحجم الحجم الحجم
حقائق الاصول

حقائق الاصول الجزء ٢

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

مطلقاً.

( الثاني ) قوله: « وإني قائد الناس طرّاً إلى الاسلام من عرب وعجم » فيه دلالة واضحة على أنهعليه‌السلام هو السبب في إسلام جميع الناس من عرب وعجم، فهو إذن أفضلهم مطلقاً.

( الثالث ) قوله: « وقاتل كل صنديد رئيس وجبار من الكفار ضخم » فيه دلالة على أفضليته، لأن من عمدة أسباب قوة الدين قتل الكفار والمعاندين، وهوعليه‌السلام قاتلهم باعتراف جميع المخالفين.

( الرابع ) قوله: « وفي القرآن ألزمهم ولائي وأوجب طاعتي فرضاً بعزم » فيه دلالة صريحة على وجوب اتّباعه وأطاعته والانقياد له، فهوعليه‌السلام إمام الأمة بعد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بأمرٍ من الله تعالى من القرآن الكريم، لأن من وجبت طاعته فهو الامام كما اعترف بذلك ( الدهلوي ).

( الخامس ) قوله: « فمن منكم يعادلني بسهمي وإسلامي وسابقتي ورحمي؟ » فيه دلالة صريحة على أفضليتهعليه‌السلام .

ثم إن استماع كبار الصحابة لهذه الأشعار - كما في رواية الواحدي - وتقريرهم لما قالهعليه‌السلام من أقوى الشواهد على ما نذهب إليه من دلالة حديث الغدير على الإِمامة، وبذلك تذهب تأويلات أتباع أولئك الأصحاب أدراج الرياح.

ترجمة الميبدي شارح ديوان الامام

والحسين الميبدي من مشاهير علماء أهل السنة، قد أطروه وأثنوا عليه الثناء البالغ في كتبهم، كما لا يخفى على من راجعها. وممن أثنى عليه: غياث الدين المدعو بخواند أمير في تاريخه ( حبيب السير ). كما نقل عن شرحه للديوان: محمود ابن سليمان الكفوي في طبقاته للحنفية المسمى بـ ( كتائب أعلام الأخيار من فقهاء مذهب النعمان المختار ).

٣٢١

وفي ( كشف الظنون ): « ديوان علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه، وقد شرحه حسين بن معين الدين الميبدي اليزدي المتوفى سنة ٨٧٠ بالفارسية ».

* * *

٣٢٢

(٦)

نزول قوله تعالى:

سأل سائل بعذابٍ واقع

٣٢٣

٣٢٤

ونزل قوله تعالى:( سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ لِلْكافِرينَ لَيْسَ لَهُ دافِعٌ ) بحق ( الحارث بن نعمان ) الذي قال ما قال بعد ما سمع كلام النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله في غدير خم.

وهذا دليل قطعي آخر على دلالة حديث الغدير على إمامة أمير المؤمنينعليه‌السلام .

ذكر من روى ذلك

وقد روى حديث نزول الآية المباركة في هذا الشأن جماعة كبيرة من أكابر أعلام أهل السنة وهم:

١ - أحمد بن محمّد بن إبراهيم الثعلبي النيسابوري.

٢ - شمس الدين سبط ابن الجوزي.

٣ - إبراهيم بن عبد الله اليمني الوصابي. ؛

٤ - محمّد بن يوسف الزرندي المدني.

٥ - شهاب الدين بن شمس الدين الدولت آبادي.

٦ - نور الدين علي بن عبد الله السمهودي.

٣٢٥

٧ - نور الدين علي بن محمّد بن الصبّاغ.

٨ - عطاء الله بن فضل الله المحدّث الشيرازي.

٩ - شمس الدين عبد الرءوف المنّاوي.

١٠ - شيخ بن عبد الله العيدروس.

١١ - محمود بن محمّد الشيخاني القادري المدني.

١٢ - نور الدين علي بن إبراهيم الحلبي.

١٣ - أحمد بن الفضل باكثير المكي.

١٤ - محمّد محبوب عالم.

١٥ - محمّد صدر عالم.

١٦ - محمّد بن إسماعيل بن صلاح الأمير.

١٧ - أحمد بن عبد القادر العجيلي.

١٨ - السيد مؤمن بن حسن الشبلنجي.

(١)

رواية الثعلبي

قال أبو إسحاق الثعلبي: « سئل سفيان بن عيينة عن قول الله عز وجل:( سَأَلَ سائِلٌ ) فيمن نزلت؟ فقال: لقد سألتني عن مسألة ما سألني عنها أحد قبلك.

حدثني أبي عن جعفر بن محمّد عن آبائه: لمـّا كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بغدير خم، نادى الناس فاجتمعوا، فأخذ بيد علي بن أبي طالب فقال: من كنت مولاه فعلي مولاه، فشاع ذلك وطار في البلاد، فبلغ ذلك الحارث بن النعمان الفهري، فأتى رسول الله على ناقة حتى أتى الأبطح، فنزل عن ناقته فأناخها

٣٢٦

وعقلها، ثم أتى النبي وهو في ملأ من أصحابه فقال:

يا محمد! أمرتنا عن الله أن نشهد أن لا إله إلّا الله وأنك رسول الله، فقبلناه منك. وأمرتنا أن نصلّي خمساً، فقبلناه منك، وأمرتنا بالزكاة فقبلناه، وأمرتنا أن نصوم شهر رمضان فقبلناه منك، وأمرتنا بالحج فقبلناه. ثم لم ترض بهذا حتى رفعت بضبعي ابن عمك ففضّلته علينا وقلت: من كنت مولاه فعلي مولاه!! فهذا شيء منك أم من الله عزّ وجلّ؟!

فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : والذي لا إله إلّا هو إنّ هذا من الله.

فولّى الحارث بن النعمان يريد راحلته وهو يقول: اللهم إنْ كان ما يقوله محمّد حقاً فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم.

فما وصل إليها حتى رماه الله بحجر فسقط على هامته وخرج من دبره فقتله. وأنزل الله عز وجل:( سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ لِلْكافِرينَ لَيْسَ لَهُ دافِعٌ ) »(١) .

ترجمة أبي إسحاق الثعلبي

١ - ياقوت الحموي: بترجمة الواحدي: « وقال أبو الحسن الواحدي في مقدمة البسيط: وأظنني لم آل جهداً في إحكام أصول هذا العلم [ على ] حسب ما يليق بزماننا [ بزمننا ] هذا وتسعه سنو عمري على قلة أعدادها، فقد وفق الله [ تعالى ] وله الحمد حتى اقتبست كلّما احتجت إليه فيه هذا الباب في مظانه وأخذته من معادنه.

أما اللغة فقد درستها على الشيخ أبي الفضل أحمد بن محمّد بن عبد الله بن يوسف العروضيرحمه‌الله حتى عاتبني شيخيرحمه‌الله يوماً وقال: إنك لم تبق ديواناً من الشعر إلّا قضيت حقه، أما آن لك أن تتفرّغ لتفسير كتاب الله

____________________

(١). تفسير الثعلبي - مخطوط.

٣٢٧

العزيز، تقرأه على هذا الرجل الذي يأتيه البعداء من أقاصي البلاد وتتركه أنت على قرب ما بيننا من الجوار - يعني الأستاذ الامام أحمد بن محمّد بن ابراهيم الثعلبي -؟!

فقلت: يا أبت إنما أتدرّج بهذا إلى ذلك الذي تريد، وإذا المرء أحكم الأدب بجدٍ وتعبٍ رمى في غرض التفسير من كثب. ثم لم أغبّ زيارته يوماً من الأيام حتى حال بيننا قدر الحمام

ثم فرغت للاستاذ أبي اسحاق أحمد بن محمّد بن إبراهيم الثعلبيرحمه‌الله ، وكان خير العلماء بل بحرهم، ونجم الفضلاء بل بدرهم، وزين الأئمة بل فخرهم، وأوحد الأئمة بل صدرهم. وله التفسير الملقّب بالكشف والبيان عن تفسير القرآن، الذي رفعت به المطايا في السهل والأوعار، وسارت به الفلك في البحار، وهبّ هبوب الريح في الأقطار، وسار مسير الشمس في كلّ بلدة، وهب هبوب الريح في البر والبحر، وأصفقت عليه كافة الأمة على اختلاف نحلهم، وأقروا بالفضيلة في تصنيفه ما لم يسبق إلى مثله، فمن أدركه وصحبه علم أنه كان منقطع القرين، ومن لم يدركه فلينظر في مصنفاته ليستدل لها أنه كان بحراً لا ينزف وغمراً لا يسبر، وقرأت عليه من مصنفاته أكثر من خمسمائة جزء، منها تفسيره الكبير، وكتابه المعنون بالكامل في علم القرآن وغيرهما »(١) .

ترجمة العروضي مادح الثعلبي

وأبو الفضل العروضي الذي نقل عنه الواحدي مدحه للثعلبي من كبار مشايخ علماء أهل السنة في اللغة والأدب، وقد ترجموا له في معاجم الرجال:

قالجلال الدين السيوطي: « أحمد بن محمّد بن عبد الله بن يوسف بن محمد النهشلي، الأديب، أبو الفضل العروضي الصفار الشافعي. قال عبد الغافر: هو

____________________

(١). معجم الأدباء ١٢ / ٢٦٢.

٣٢٨

شيخ أهل الأدب في عصره، حدّث عن الأصم وأبي منصور الأزهري والطبقة. وتخرّج به جماعة من الأئمة منهم الواحدي. وقال الثعالبي: إمام في الأدب، خنّق التسعين في خدمة الكتب، وأنفق عمره على مطالعة العلوم وتدريس مؤدبي نيسابوري. ولد سنة ٣٣٤ ومات بعد سنة ٤١٦ »(١) .

٢ - ابن خلكان: « أبو إسحاق أحمد بن محمّد بن إبراهيم الثعلبي. النيسابوري، المفسر المشهور، كان أوحد أهل زمانه في علم التفسير. وصنف التفسير الكبير الذي فاق غيره من التفاسير، وله كتاب العرائس في قصص الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم، وغير ذلك. ذكره السمعاني وقال: يقال له الثعلبي والثعالبي، وهو لقب له وليس بنسب قاله بعض العلماء.

وقال أبو القاسم القشيري: رأيت رب العزة عز وجل في المنام وهو يخاطبني وأخاطبه، فكان في أثناء ذلك أن قال الرب تعالى اسمه: أقبل الرجل الصالح. فالتفتّ فإذا أحمد الثعلبي مقبل.

وذكره عبد الغافر بن إسماعيل الفارسي في كتاب سياق تاريخ نيسابور وأثنى عليه وقال: هو صحيح النقل موثوق به، حدّث عن أبي طاهر بن خزيمة، والامام أبي بكر بن مهران المقري، وكان كثير الحديث كثير الشيوخ، توفي سنة ٤٢٧، وقال غيره: توفي في محرم سنة ٤٢٧. وقال غيره: توفي يوم الأربعاء لسبع بقين من المحرم سنة ٤٣٧ رحمه الله تعالى »(٢) .

٣ - الذهبي: « وفيها توفي أبو إسحاق الثعلبي وكان حافظاً واعظاً، رأساً في التفسير والعربية، متين الديانة، توفي في المحرم »(٣) .

٤ - ابن الوردي: « صحيح النقل، روى عن جماعة »(٤) .

____________________

(١). بغية الوعاة ١ / ٣٦٩.

(٢). وفيات الأعيان ١ / ٦١ - ٦٢.

(٣). العبر - حوادث ٤٢٧.

(٤). تتمة المختصر حوادث ٤٢٧.

٣٢٩

٥ - الصفدي: « روى عن جماعة، وكان حافظاً عالماً بارعاً في العربية موثقاً » ثم ذكر منام القشيري وكلام عبد الغافر المذكورين(١) .

٦ - اليافعي: « المفسّر المشهور، وكان حافظاً واعظاً رأساً في التفسير والعربية والدين والديانة، فاق تفسيره الكبير سائر التفاسير »(٢) .

٧ - ابن الشحنة: « كان واحد زمانه في علم التفسير، وله كتاب العرائس في قصص الأنبياء وهو صحيح النقل »(٣) .

٨ - ابن قاضي شهبة: « أخذ عنه أبو الحسن الواحدي، روى عن أبي القاسم القشيري قال الذهبي: وكان حافظاً رأساً في التفسير والعربية متين الديانة »(٤) .

٩ - السيوطي: « كان كبيراً إماماً حافظاً للغة بارعاً في العربية »(٥)

١٠ - وذكره ولي الله الدهلوي - الذي عدّه ولده ( الدهلوي ) آية من آيات الله ومعجزة من المعاجز النبوية، وطالما استند إلى أقواله، ووصفه الفاضل رشيد الدين خان الدهلوي بـ « عمدة المحدثين وقدوة العارفين » ووصفه المولوي حيدر علي الفيض آبادي بـ « خاتم العارفين وقاصم المخالفين، سيد المحدّثين سند المتكلّمين، حجة الله على العالمين » في كلام له في ( إزالة الخفاء ) في بيان كون الخلفاء الراشدين وسائط بين النبي والأمة - ذكر أبا إسحاق الثعلبي من جملة علماء التفسير الذين كانوا وسائط في حفظ الدين المبين، وإيصال الشريعة المطهّرة، إلى الأمة، وإن القرون المتأخرة أخذت علم التفسير منهم.

وذكر أن الثعلبي إمام المفسرين ومقتداهم، كما أن أبا حنيفة إمام الحنفية،

____________________

(١). الوافي بالوفيات ٨ / ٣٣ وفيه السهلي.

(٢). مرآة الجنان حوادث سنة ٤٢٧.

(٣). روض المناظر حوادث ٤٢٧.

(٤). طبقات الشافعية ١ / ٢٠٧.

(٥). بغية الوعاة ١ / ٣٥٦.

٣٣٠

والشافعي إمام الشافعية وأن ما ذكره الثعلبي في تفسيره مأخوذ من السلف الصالح لأهل السنة، وأنه بمنزلة اللوح، وكأنه اللوح المحفوظ من المحو والإثبات والمصون من تطرّق الأغلاط والشبهات إليه، إلى غير ذلك من الأوصاف الحميدة التي ذكرها للثعلبي وتفسيره.

رواية القوم لتفسير الثعلبي

وتفسير الثعلبي من الكتب المعروفة المعتمدة لدى القوم، وهم يروونه بأسانيدهم عن مؤلفه، وينقلون عنه رواياته ويعتمدون اليها، فقد ذكره عز الدين ابن الأثير في الفصل الذي ذكر فيه أسانيد الكتب التي خرّج منها الأحاديث في صدر تلك الكتب حيث قال: « فصل نذكر فيه أسانيد الكتب التي خرجت منها الأحاديث وغيرها، وتركت ذكرها في الكتاب لئلّا يطول الاسناد، ولا أذكر في أثناء الكتاب إلّا اسم المصنف وما بعده فليعلم ذلك:

تفسير القرآن المجيد لأبي إسحاق الثعلبي. أخبرنا به أبو العباس أحمد بن عثمان بن أبي علي بن مهدي الزرزاري الشيخ الصالح رحمه الله تعالى قال: أخبرنا الرئيس مسعود بن الحسن بن القاسم الاصبهاني وأبو عبد الله الحسن بن العباس الرستمي قالا: أخبرنا أحمد بن خلف الشيرازي قال: أنبأنا أبو إسحاق أحمد بن محمّد بن إبراهيم الثعلبي بجميع كتاب الكشف والبيان في تفسير القرآن، سمعت عليه من أول الكتاب الى آخر سورة النساء. وأما من أول سورة المائدة الى آخر الكتاب فانه حصل لي بعضه سماعاً وبعضه اجازة واختلط السماع بالاجازة، فأنا أقول فيه أخبرنا به إجازة ان لم يكن سماعاً، فاذا قلت أخبرنا أحمد باسناده إلى الثعلبي فهو بهذا الاسناد »(١) .

ثم إنه ذكر أسانيد الكتب الأخرى ومنها الصحاح والمسانيد.

____________________

(١). أسد الغابة ١ / ٨.

٣٣١

وقال أبو محمّد بن محمّد الأمير في ( رسالة أسانيده ): « تفسير الثعلبي وسائر مؤلفاته بسند صاحب المنح من طريق ابن البخاري عن منصور بن عبد المنعم وعبد الله بن عمر الصفار والمؤيد بن محمّد الطريثيثي كلهم عن أبي محمّد العباس بن محمّد بن أبي منصور الطوسي عن أبي سعيد بن محمّد عن أبي اسحاق أحمد بن محمد النيسابوري الثعلبي وهو لقب وليس بنسب توفي سنة ٤٢٧».

اعتماد القوم على تفسير الثعلبي

ولقد كثر نقل علماء القوم عن تفسير الثعلبي وغيره من مؤلفاته واستشهادهم برواياته واعتمادهم عليها، ونحن نذكر موارد من ذلك من باب التمثيل:

قال القرطبي بتفسير قوله تعالى:( وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَ ) : « ذكر الثعلبي وغيره: أن عائشة رضي الله عنها كانت إذا قرأت هذه الآية تبكي حتى تبلّ خمارها. وذكر أن سودة قيل لها: لم لا تحجّين ولا تعتمرين كما تفعل أخواتك؟ فقالت: قد حججت واعتمرت، وأمرني الله أن أقرّ في بيتي. قال الراوي: فو الله ما خرجت من باب حجرتها حتى أخرجت جنازتها، رضوان الله عليها»(١) .

وفيه بتفسير( وَأَوْحَيْنا إِلى أُمِّ مُوسى ) : « وقال الثعلبي: واسم أم موسى: لوخا بنت هاند بن لاوي بن يعقوب »(٢) .

وقال النووي بترجمة آدمعليه‌السلام : « قال الامام أبو إسحاق الثعلبي في قول الله عزّ وجلّ إخباراً عن إبليس( خَلَقْتَنِي مِنْ نارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ ) قال الحكماء: أخطأ عدو الله في تفضيله النار على الطين، لأن الطين أفضل منه من أوجه »(٣) .

____________________

(١). تفسير القرطبي ١٤ / ١٨٠ - ١٨١.

(٢). المصدر نفسه ١٣ / ٢٥٠.

(٣). تهذيب الأسماء واللغات ١ / ٩٦.

٣٣٢

وقد نقل عنه النووي في مواضع أخر مع وصفه بـ « الامام ».

وقال كمال الدين الدميري: « وقال محمّد الباقررضي‌الله‌عنه : كان أصحاب الكهف صياقلة، واسم الكهف حيوم، والقصة طويلة في كتب التفاسير والقصص، وقد وقفت على جمل من ذلك في كتب التفاسير والقصص مطوّلاً ومختصراً، فمن ذلك ما ساقه الامام أبو إسحاق أحمد بن محمّد بن أحمد بن إبراهيم النيسابوري الثعلبي، في كتابه الكشف والبيان في تفسير القرآن »(١) .

وقال نور الدين الحلبي في ( السيرة ): « وفي العرائس: إن فرعون لمـّا أمر بذبح أبناء بني إسرائيل جعلت المرأة، أي بعض النساء كما لا يخفى، إذا ولدت الغلام انطلقت به سرّاً إلى واد أو غار فأخفته ».

وقال الحسين الديار بكري في مقدّمة تاريخه: « هذه مجموعة من سير سيد المرسلين انتخبتها من الكتب المعتمدة تحفةً للاخوان البررة وهي: التفسير الكبير، والكشاف، وحاشيته للجرجاني الشريف، والكشف، والوسيط، ومعالم التنزيل والعرائس للثعلبي، وسحّ السحابة، وأصول الصفار، والبحر العميق وسرّ الأدب، والانسان الكامل، وسمّيتها بالخميس في أحوال النفس النفيس ».

وقال محمّد بن معتمد خان البدخشي: « وأخرج العلّامة أبو إسحاق أحمد ابن محمّد بن إبراهيم الثعلبي المفسّر النيسابوري في تفسيره، عن جعفر بن محمد الصادق رضي الله عنهما أنه قال: نحن حبل الله الذي قال الله تعالى:( وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا ) (٢) .

وقال أحمد بن باكثير المكي: « وروى الثعلبي في تفسير قوله تعالى:( وَعَلَى الْأَعْرافِ رِجالٌ يَعْرِفُونَ كُلًّا بِسِيماهُمْ ) عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: الأعراف موضع عال من الصراط، عليه العباس وحمزة وعلي بن أبي طالب وجعفر

____________________

(١). حياة الحيوان « الكلب ».

(٢). مفتاح النجا - مخطوط.

٣٣٣

ذو الجناحين، يعرفون محبّهم ببياض الوجه ومبغضهم بسواد الوجه »(١) .

(٢)

رواية سبط ابن الجوزي

وقال سبط ابن الجوزي: « اتفق علماء السير أن قصة الغدير بعد رجوع النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من حجة الوداع، في الثامن عشر من ذي الحجة، جمع الصحابة وكانوا مائة وعشرين ألفاً و قال: من كنت مولاه فعلي مولاه. الحديث. نصّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على ذلك بصريح العبارة دون التلويح والإِشارة. وذكر أبو إسحاق الثعلبي في تفسير بإسناده: أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لمـّا قال ذلك طار في الأقطار وشاع في البلاد والأمصار، وبلغ ذلك الحارث بن نعمان الفهري »(٢) .

ترجمة السبط والثناء عليه

١ - الذهبي: « وابن الجوزي العلّامة الواعظ المؤرّخ، شمس الدين أبو المظفر، يوسف بن قزعلي التركي ثم البغدادي العوني الهبيري، الحنفي، سبط الشيخ جمال الدين أبي الفرج ابن الجوزي، أسمعه جدّه منه ومن ابن كلبي وجماعة، وقدم دمشق سنة بضع وستمائة فوعظ بها، وحصل له القبول العظيم، للطف شمائله وعذوبة وعظه، وله تفسير في تسعة وعشرين مجلّدا، وشرح الجامع الكبير، وجمع مجلّداً في مناقب أبي حنيفة، ودرّس وأفتى، وكان في شبيبته حنبليّاً.

____________________

(١). وسيلة المآل - مخطوط.

(٢). تذكرة خواص الأمة: ٣٠.

٣٣٤

توفي في الحادي والعشرين من ذي الحجّة، وكان وافر الحرمة عند الملوك »(١) .

٢ - ابن الوردي: « وفيها توفي الشيخ شمس الدين يوسف، سبط جمال الدين ابن الجوزي: واعظ فاضل، له مرآة الزمان تاريخ جامع. قلت: وله تذكرة الخواص من الأمة في ذكر مناقب الأئمة. والله أعلم »(٢) .

(٣)

رواية الوصابي

ورواه إبراهيم بن عبد الله اليمني الوصابي عن « الامام الثعلبي في تفسيره » كذلك.

اعتماد العلماء على كتاب الاكتفاء

وكتاب ( الإِكتفاء في فضل الأربعة الخلفاء ) لليمني الوصابي من الكتب المشهورة لدى القوم، فقد نقل عنه محمّد محبوب في مواضع من تفسيره ( تفسير شاهي ) منها قوله: « و في الاكتفاء عن علي بن أبي طالبرضي‌الله‌عنه قال: وقع بيني وبين العباس مفاخرة، ففخر عليّ العباس بسقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام أنهما له، قال علي فقلت: ألآن أخبرك بمن هو خير من هذا كله!، الذي قرع خراطيمكم بالسيف وقادكم إلى الإِسلام. فعزّ ذلك على العباسرضي‌الله‌عنه ، فأنزل عزّ وجلّ:( أَجَعَلْتُمْ سِقايَةَ الْحاجِّ وَعِمارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَجاهَدَ فِي سَبِيلِ اللهِ ) يعني علياًرضي‌الله‌عنه »(٣) .

____________________

(١). العبر في خبر من غبر حوادث ٦٥٦.

(٢). تتمة المختصر حوادث ٦٥٦.

(٣). تفسير شاهي. بتفسير الآية.

٣٣٥

ومنها: « في الإِكتفاء عن علي بن أبي طالبرضي‌الله‌عنه قال: لمـّا أراد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أن يغزو تبوك، دعا جعفر بن أبي طالب، فأمره أن يتخلّف على المدينة فقال: لا أتخلّف بعدك يا رسول الله. فعزم عليَّ لمـّا تخلّفت قبل أن أتكلّم فبكيت، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ما يبكيك يا علي؟ قال: يا رسول الله يبكيني خصال غير واحد، تقول قريش غداً ما أسرع ما تخلّف عن ابن عمه وخذله، وتبكيني خصلة أخرى، كنت أريد أن أتعرّض للجهاد في سبيل الله »(١) .

ونقل شهاب الدين أحمد بن عبد القادر العجيلي عن ( أسنى المطالب في فضائل علي بن أبي طالب ) وهو الكتاب الرابع من ( الاكتفاء في فضل الأربعة الخلفاء )(٢) .

(٤)

رواية الزرندي

وروى محمّد بن يوسف الزرندي حديث نزول الآية المباركة المذكورة في شأن الحارث بن النعمان الفهري، عن الثعلبي واصفاً إياه بـ « الامام » عن سفيان ابن عيينة كما تقدّم(٣) .

ترجمة الزرندي والاعتماد على كتبه

وقال ابن حجر العسقلاني بترجمة الزرندي: « محمّد بن يوسف بن الحسن

____________________

(١). المصدر.

(٢). ذخيرة المآل - مخطوط.

(٣). معارج الوصول - مخطوط - نظم درر السمطين ٩٣.

٣٣٦

ابن محمّد بن محمود بن الحسن، الزرندي المدني الحنفي، شمس الدين، أخو نور الدين علي. قرأت في مشيخة الجنيد البلياني تخريج الحافظ شمس الدين الجزري الدمشقي نزيل شيراز أنه كان عالماً، وأرّخ مولده سنة ٦٩٣ ووفاته بشيراز سنة بضع وخمسين وسبعمائة. وذكر أنه صنف درر السمطين في مناقب السبطين. وبغية المرتاح جمع فيها أربعين حديثاً بأسانيدها وشرحها »(١) .

وفي ( الفصول المهمة لابن الصباغ المالكي ): « حكى شيخ الاسلام العلّامة المحدّث بالحرم الشريف النبوي، جمال الدين محمّد بن يوسف الزرندي، في كتابه المسمى بدرر السمطين في فضل المصطفى والمرتضى والسبطين: أن الامام المعظم والحبر المكرم، أحد الأئمة المتّبعين المقتدى بهم في أمور الدين، محمّد بن إدريس الشافعي المطّلبي -رضي‌الله‌عنه وأرضاه وجعل الجنة منقلبه ومثواه - لما صرّح بمحبّة أهل البيت وأنه من شيعتهم، قيل فيه هذا وهو السيد الجليل، فقال مجيبا عن ذلك بأبيات:

إذا نحن فضّلنا علياً فإننا

روافض بالتفضيل عند ذوي الجهل

إلى آخر الأشعار »(٢) .

ووصفه شهاب الدين أحمد عند النقل عنه بـ: « الامام المحدّث بالحرم الشريف النبوي المحمدي»(٣) .

وقد ذكر الكاتب الجلبي كتابيه ( نظم درر السمطين ) و ( بغية المرتاح ) في ( كشف الظنون)(٤) .

____________________

(١). الدرر الكامنة ٤ / ٢٩٥.

(٢). الفصول المهمة: ٢١.

(٣). توضيح الدلائل - مخطوط.

(٤). كشف الظنون ١ / ٧٤٧ باسم: درر السمطين و ٢٥٠١.

٣٣٧

كما عدَّ الديار بكري كتابه ( الإِعلام ) ضمن مصادر كتابه ( الخميس ).

وقال السمهودي: « وقال الحافظ جمال الدين المذكور: وقال أبو الليث عبد السلام بن صالح الهروي: كنت مع علي بن موسى الرضا - وقد دخل نيسابور وهو على بغله شهباء - فغدا في طلبه العلماء من أهل البلد وقالوا: بحق آبائك الطاهرين حدّثنا بحديث سمعته من أبيك. فقال: حدثني أبي العبد الصالح موسى بن جعفر وقال: حدثني أبي جعفر الصادق ابن محمّد قال: حدثني أبي باقر علم الأنبياء محمّد بن علي قال: حدثني أبي سيّد العابدين علي بن الحسين قال: حدثني أبي سيد شباب أهل الجنة الحسين بن علي قال: سمعت أبي سيد العرب علي بن أبي طالب يقول: سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: الإِيمان معرفة بالقلب وإقرار باللسان وعمل بالأركان.

قال الامام أحمد بن حنبلرحمه‌الله : لو قرأت هذا الاسناد على مجنون لبرئ من حينه.

وروى بعضهم أن المستملي لهذا الحديث أبو زرعة الرازي ومحمّد بن أسلم الطوسي »(١) .

وهكذا نقل عنه في مواضع عديدة واصفاً إياه بـ « الحافظ ».

(٥)

رواية الدولت آبادي

وروى ملك العلماء شهاب الدين بن شمس الدين الدولت آبادي حديث نزول قوله تعالى:( سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ ) في واقعة حديث الغدير قوله: « وفي

____________________

(١). جواهر العقدين - مخطوط.

٣٣٨

الزاهدية عند قوله تعالى:( سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ ) :في تفسير الثعلبي نزولا: أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال يوماً . من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه وانصر من نصره واخذل من خذله. فسمع ذلك واحد من الكفرة من جملة الخوارج، فجاء إلى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال: يا محمد هذا من عندك أو من عند الله؟ فقال: هذا من عند الله. فخرج الكافر من المسجد وقام على عتبة الباب وقال: إنْ كان ما يقوله حقاً فأنزل عليّ حجراً من السماء قال: فنزل حجر ورضخ رأسه. فنزلت السورة »(١) .

ترجمة الدولت آبادي

وشهاب الدين الدولت آبادي من أعلام علماء أهل السنة، فقد ذكره غلام علي آزاد قائلاً: « مولانا القاضي شهاب الدين بن شمس الدين ابن عمر الزاولي الدولت آبادي نوّر الله ضريحه. ولد بدولت آباد دهلي، وتلمّذ على القاضي عبد المقتدر الدهلوي، ومولانا خواجكي الدهلوي وهو من تلامذة مولانا معين الدين العمراني رحمهم ‌الله تعالى. وفاق أقرانه وسبق إخوانه. وكان القاضي عبد المقتدر يقول في حقه: يأتيني من الطلبة من جلده علم ولحمه علم وعظمه علم.

... وألّف كتباً سارت بها ركبان العرب والعجم، وأذكى سرجاً أهدى من النار الموقدة على العلم.

توفي لخمس بقين من رجب المرجب، سنة تسع وأربعين وثمانمائة، ودفن بجو نفور في الجانب الجنوبي من مسجد السلطان إبراهيم الشرقي »(٢) .

كما ترجم له الشيخ عبد الحق الدهلوي وأثنى عليه الثناء البالغ(٣) .

____________________

(١). هداية السعداء. الجلوة الثانية من الهداية الثامنة.

(٢). سبحة المرجان في آثار هندوستان: ٣٩.

(٣). أخبار الأخيار: ١٧٣.

٣٣٩

وذكر كاشف الظنون أحد كتب شهاب الدين الدولت آبادي وهو ( الارشاد في النحو ) ووصف مؤلفه بـ « الشيخ الفاضل » والكتاب بقوله: « وهو متن لطيف، تعمّق في تهذيبه كل التعمق، وتأنق في ترتيبه حق التأنق ».

وكذا مدح ولي الله الدهلوي مؤلفات الدولت آبادي في كتابه ( المقدمة السنية في الانتصار للفرقة السنية ).

وقد عدّ رشيد الدين الدهلوي ملك العلماء في عداد عظماء العلماء من أهل السنة، الذين ألّفوا كتباً ورسائل في مناقب الأئمة الطاهرين من أهل البيتعليهم‌السلام .

وهذا المقدار يكفي لبيان كون الدولت آبادي من علماء أهل السنة، المعتمدين الموثوقين لديهم.

(٦)

رواية السمهودي

وروى نور الدين لي بن عبد الله السمهودي الشافعي، حديث نزول الآية الشريفة في حق الحارث في الواقعة المذكورة، عن الثعلبي أيضاً، حيث قال:

« وروى الامام الثعلبي في تفسيره: إنّ سفيان بن عيينةرحمه‌الله سئل عن قول الله عز وجل:( سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ ) فيمن نزلت؟ فقال للسائل: سألتني عن مسألة ما سألني عنها أحد قبلك، حدثني أبي عن جعفر بن محمّد عن آبائه: إن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لمـّا كان بغدير خم نادى الناس فاجتمعوا، فأخذ بيد عليرضي‌الله‌عنه وقال: من كنت مولاه فعلي مولاه، فشاع ذلك وطار في البلاد، فبلغ ذلك الحارث ابن النعمان الفهري، فأتى رسول الله على ناقة، فنزل بالأبطح عن ناقته وأناخها وقال:

٣٤٠

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

ثم الحكم الذي أريد نفيه بنفي الضرر

______________________________

حديث الرفع حيث لم يمكن حمله على نفي السبب (قوله: ثم الحكم الذي اريد نفيه) هذا تعرض لكيفية الاخذ بها في قبال القواعد الشرعية المثبتة للاحكام، والكلام (تارة) فيما دل على ثبوت الحكم الضرري (وأخرى) فيما دل على ثبوته للموضوع الذى قد يطرأ عليه الضرر (وثالثة) فيما دل على ثبوته للموضوع الضرري بذاته (ورابعة) فيما دل على ثبوته للموضوع الذي قد طرأ عليه الضرر مع تعرضه لحال الضرر بالخصوص (أما الكلام) في الاول مثل قوله (ع): من اضر بطريق المسلمين فهو له ضامن، فهو انه لا معارضة بين القاعدة المذكورة وبينه سواء أكان مفادها نفي الحكم المؤدي إلى الضرر - كما اختاره الشيخ الاعظم قدس سره - ام نفي الحكم بلسان نفي الموضوع كما يراه المصنف (ره) (اما) على الاول فواضح لأن الحكم الثابت للضرر غير الحكم الذي يؤدي إلى الضرر فنفي الثاني الذى هو مفاد القاعدة لا ينافي ثبوت الاول الذي هو مفاد الدليل المذكور، وحيث لم يتناف مفادهما وجب الاخذ بهما معا (فان قلت): الحكم بالضمان على الضرر وان كان حكما على الضرر إلا أنه ايضا موجب للضرر فان الضمان من الاحكام الضررية لاقتضائه اشتغال ذمة الضامن بالمال وهو ضرر (قلت): الحكم المذكور ذو جهتين احداهما كونه حكما للضرر، والاخرى كونه موجبا للضرر، والكلام هنا فيه من الجهة الاولى لا غير، وأما من حيث الجهة الثانية فيأتى في الكلام في النوع الثالث، ولا تلازم بين الجهتين لجواز كون الحكم الثابت للضرر غير ضرري، (واما) على مختار المصنف (ره) فلأن الاحكام التي يقصد نفيها بالقاعدة لا تشمل الاحكام الثابتة لعنوان الضرر لأن الظاهر من القاعدة كون الضرر هو العلة في نفي الحكم، والظاهر من دليل الحكم المثبت للضرر كون الضرر علة لثبوته، ولامتناع كون الشئ الواحد علة للنقيضين يمتنع ان يكون الحكم المنفي بالضرر عين الحكم الذى يثبت به، واذ لم يتحد الحكم المنفي بالقاعدة مع الحكم الثابت للضرر لم يكن تناف بينها وبين دليل ذلك الحكم، كما تقدم نظيره

٣٨١

في حديث الرفع، وعليه فتختص القاعدة نفي الحكم الذي لا يكون موضوعه عنوان الضرر (فان قلت): ذلك يتوقف على ظهور دليل القاعدة في كون الضرر علة للنفي وهو لا يتم على مختاره - اعني كنه من قبيل نفي الحكم بلسان نفي الموضوع - لأن كونه من ذلك القبيل يتوقف على كون الضرر موضوعا للحكم ليكون نفيه بنفيه فيكون علة له لا موضوعا لعدمه ليكون علة لعدمه وحينئذ يتعين شمول القاعدة للحكم الذي يكون موضوعه الضرر لا غير (قلت): ظهور القاعدة في كون الضرر علة لنفي الحكم مما لا مساغ لانكاره ولا يتوقف على أخذ الضرر فيها موضوعا لعدم الحكم بل يكفي في استفادة ذلك المناسبات العرفية ولا سيما بملاحظة سوق القضية مساق الامتنان فيتم البرهان (فان قلت): إذا تم ظهور القضية في كون الضرر علة لعدم الحكم امتنع حينئذ أن تكون القضية من قبيل نفي الحكم بلسان نفي الموضوع لأن حمل القضية على ذلك يلازم ظهورها في علية الضرر لنفس الحكم إذ هو لازم كونه موضوعا له ومنفيا بنفيه ويمتنع ظهورها في ذلك مع ظهورها فيما سبق إذ لازم الظهورين كون الضرر علة للحكم ولعدمه وهو ممتنع، فلابد إما من رفع اليد عن الظهور الاول فلا يتم البرهان أو عن الظهور الثاني فلا يتم مختاره (قلت): يمكن المحافظة على الأخذ بالظهورين معا بحمل الضرر في القاعدة على العناوين الضررية مثل الوضوء والنسل الضرريين فيكون الوضوء مثلا علة للحكم لأنه موضوعه والضرر علة لعدمه لأنه موضوع لنفي الحكم عن الوضوء، ومنه يظهر أن ظاهر القضية حينئذ - ولو بملاحظة المناسبات العرفية ومقام الامتنان - كون الضرر موضوعا لعدم الحكم ومنه استفيد عليته له وموضوع الحكم الذى استظهر من القضية نفي حكمه بلسان نفيه هو الوضوء الضرري لا عنوان الضرر. هذا وقد عرفت سابقا أن مبنى ما اختاره المصنف (ره) من الاستظهار حمل الضرر على الطريقية، وعليه فلا مجال لتوهم منافاة القاعدة لأدلة أحكام عنوان الضرر حتى يتفصى عنها بالبرهان المذكور. فتأمل (وأما الكلام) في الثاني مثل ما دل على وجوب الوضوء للصلاة مطلقا

٣٨٢

ولو كان ضرريا، فهو أن بينه وبين القاعدة عموما من وجه إلا أن الجمع العرفي بينهما حمل ما دل على ثبوت الحكم للموضوع مطلقا ولو في حال الضرر على كونه حكما اقتضائيا وحمل القاعدة على كون عنوان الضرر مانعا فيرتفع التنافي لأن وجود المقتضي لا ينافي وجود المانع وفي مثله يكون العمل على المانع (فان قلت): إذا حمل دليل العنوان الاولي على الاقتضائي فلا طريق لاثبات فعليته في غير مورد الضرر لاحتمال وجود المانع عن فعليته أيضا إلا بناء على قاعدة الاقتضاء الراجعة إلى وجوب ترتيب أثر المقتضي مع الشك في المانع (قلت): ظاهر الدليل فعلية الحكم في جميع موارد العنوان ورفع اليد عن فعليته في مورد الضرر لا يقتضي التوقف في فعليته في غير مورده لأنه رفع لليد عن الحجة بلا وجه صالح لذلك، ومجرد احتمال وجود المانع لا يصلح للتوقف لأن ظهور الدليل في الفعلية في غير مورد الضرر حجة على عدم المانع عنه في تلك الموارد فيلغي به احتمال المانع فليس المراد من حمل الدليل على كونه اقتضائيا حمله على مجرد الحكاية عن وجود المقتضي في العنوان الاولي مطلقا ليرد ذلك، بل المراد كونه دالا على كونه اقتضائيا في خصوص مورد المعارضة في قبال دليل الضرر المحمول على كونه مانعا في خصوص مورده فان التوفيق بينهما عرفا بذلك يوجب تقديم دليل الضرر، ولو توقف العرف عن الجمع بين العامين من وجه بذلك وجاز عندهم تكاذبهما في اصل وجود المقتضي للحكم لم يكن مجال لترجيح احدهما على الآخر في مورد المعارضة. فلاحظ (وأما الكلام) في الثالث مثل ما دل على وجوب الخمس والزكوات والانفاقات والجهاد ونحوها من الاحكام الضررية فهو انه لما كان بينه وبين القاعدة خصوص مطلق وكان دليلها أخص من دليل القاعدة وجب تقديمه عليه كما هو الحال في أمثاله من موارد اجتماع الخاص والعام التي يدور الامر فيها بين التخصيص والطرح والتخصيص أولى من الطرح (وأما الكلام) في الرابع مثل ما دل على وجوب الغسل على من أجنب متعمدا وهو مريض وان كان يتضرر به فالكلام فيه هو الكلام فيما قبله لاتحادهما في مناط

٣٨٣

هو الحكم الثابت للافعال بعناوينها أو المتوهم ثبوته لها كذلك في حال الضرر لا الثابت له بعنوانه لوضوح أنه العلة للنفي ولا يكاد يكون الموضوع يمنع عن حكمه وينفيه بل يثبته ويقتضيه، ومن هنا لا يلاحظ النسبة بين أدلة نفيه وأدلة الاحكام وتقدم أدلته على أدلتها مع أنها عموم من وجه حيث أنه يوفق بينهما عرفا بأن الثابت للعناوين الاولية اقتضائي يمنع عنه فعلا ما عرض عليها من عنوان الضرر بأدلة كما هو الحال في التوفيق بين سائر الأدلة المثبتة أو النافية لحكم الافعال بعناوينها الثانوية والأدلة التكفلة لحكمها بعناوينها الاولية (نعم) ربما يعكس الامر فيما أحرز بوجه معتبر أن الحكم في المورد ليس بنحو الاقتضاء بل بنحو العلية التامة وبالجملة الحكم الثابت بعنوان أولي (تارة) يكون بنحو الفعلية

______________________________

الترجيح ووجوب تقديمه على القاعدة (قوله: هو الحكم الثابت للافعال) يريد به النوع الثاني (قوله: أو المتوهم ثبوته) يعني لا يجب ان يكون الحكم ثابتا محققا بل يكفي أن يكون متوهم الثبوت في نظر من قصد إفهامه، وإن شئت قلت: يعتبر في صحة نفي الحكم بلسان نفي الموضوع أن يكون الموضوع مفروغا عن ثبوت حكم له سواء كان ثابتا قبل الخطاب ام بعده ام متوهم الثبوت (قوله: لا الثابت له بعنوانه) يشير به إلى القسم الاول (قوله: ومن هنا) يعني من أجل وضوح كون الضرر علة للنفي (قوله: وادلة الاحكام) يعني الثابتة للعناوين الأولية (قوله: مع أنها) يعني مع أن النسبة عموم من وجه وشأن العامين من وجه الرجوع في مورد المعارضة لهما إلى قواعد التعارض أو الاصل العملي (قوله: كما هو الحال في التوفيق) و (ربما) يوفق بوجه آخر وهو أنه لو بنى على تقديم أدلة الاحكام الاولية لم يبق لأدلة الأحكام الثانوية مورد فيلزم الطرح، ولو بني على تخصيص أدلة الاحكام الاولية لم يلزم الا التخصيص وإذا دار الامر بين التخصيص والطرح كان الأول أولى (وقد يوفق) بوجه ثالث وهو أن التعارض بين اطلاق أدلة العناوين الأولية وإطلاق أدلة العناوين الثانوية، وتقييد الأول أولى من تقييد الثاني لأن الاطلاق

٣٨٤

مطلقا أو بالاضافة إلى عارض دون عارض بدلالة لا يجوز الاغماض عنها بسبب دليل حكم العارض المخالف له فيقدم دليل ذاك العنوان على دليله (وأخرى) يكون على نحو لو كانت هناك دلالة للزم الاغماض عنها بسببه عرفا حيث كان اجتماعهما قرينة على أنه بمجرد المقتضي وأن العارض مانع فعلي، هذا ولو لم نقل بحكومة دليله على دليله لعدم ثبوت نظره إلى مدلوله كما قيل

______________________________

الاول بلحاظ حالي الضرر مثلا وعدمه، ويقرب جدا في نظر العرف اختلاف الحالين في الحكم والاطلاق الثاني بلحاظ الضرر في الوضوء والضرر في الغسل والضرر في غيرها، ويبعد جدا في نظر العرف اختلاف الافراد المذكورة في الحكم فيكون التصرف في الاطلاق الاول في نظر العرف اولى لضعف الاول وقوة الثاني، والفرق بين الوجهين أن الاول مبني على ملاحظة أدلة الاحكام الاولية دفعة واحدة والثاني مبني على ملاحظة كل واحد منها في نفسه في قبال دليل العنوان الثانوي (قوله: مطلقا) يعني بالنسبة إلى جميع العوارض (قوله: بدلالة لا يجوز) يعني بحيث تكون دلالته على الفعلية بالنصوصية بنحو تأبي التصرف فيه بالحمل على الاقتضاء، وحينئذ يقدم دليله على دليل الضرر ونحوه من العناوين الثانوية فيخصص به (قوله: بسببه) يعني بسبب دليل حكم العارض (قوله: هذا ولو لم نقل) يعني أن تقديم دليل الضرر بالوجه الذي ذكرنا يتم ولو لم نقل بحكومته على أدلة أحكام العناوين الاولية لان الجمع المذكور في قبال الجمع بين الحاكم والمحكوم بالحكومة (قوله: لعدم ثبوت) تعليل للنفي (قوله: كما قيل) هذا تعريض بشيخنا الاعظم (ره) حيث ذكر أن الوجه في تقديم القاعدة على الأدلة المتكفلة لاثبات احكام العناوين الاولية هو حكومتها عليها والحاكم يقدم على الدليل المحكوم كما سيأتي، والمصنف (ره) منع من هذه الحكومة هنا اشارة وفى الحاشية تصريحا. والوجه في المنع: ان الحكومة عبارة عن كون الدليل (الحاكم) ناظرا إلى الدليل المحكوم سواء أكان لاغيا لولاه كما يراه شيخنا الاعظم (قدس سره) ام لا كما يراه

٣٨٥

(ثم) انقدح بذلك حال توارد دليلي العارضين

______________________________

المصنف (ره) على الاخلاف الآتي بينهما انشاء الله تعالى، ودليل القاعدة المذكورة ليس له هذا النظر بل هو دليل في عرض الادلة الاولية، فشيخنا الاعظم (قدس سره) يفسر القاعدة بأن الاحكام المجعولة في الاسلام لم تجعل على نحو تؤدي إلى الضرر بل إنما جعلت في غير حال الضرر فتكون شارحة لحال الاحكام المجعولة في الاسلام، والمصنف (ره) يمنع من كون معناها ذلك بل ليس معناها الا أمرا واقعيا وهو نفي الضرر من دون نظر إلى أدلة الاحكام أصلا (هذا) ولكن لا يخفى انه لو بني على كون مفاد القاعدة نفي الحكم بلسان نفي الموضوع كما يراه المصنف (ره) وجب الالتزام بكون القاعدة حاكمة على أدلة الاحكام مضيقة لموضوعها بتنزيلها السلبي، كما ان ادلة التنزيل الاثباتي مثل قوله (ع): الطواف بالبيت صلاة، وقوله (ع): الفقاع خمر استصغره الناس، حاكمة على ادلة الصلاة والخمر موسعة لموضوعهما، وبالجملة: دليل نفي الحكم بلسان نفي الموضوع كدليل اثبات الحكم بلسان اثبات الموضوع حاكم على دليل الحكم للموضوع باجلي مظاهر الحكومة بحيث لولاه لكان لاغيا، ولو بني على كون مفادها نفي السبب بلسان نفي المسبب كما يراه شيخنا الاعظم (قدس سره) ففي كونها حاكمة خفاء واشكال (قوله: انقدح بذلك حال توارد) هذا تعرض لحكم تعارض القاعدة مع أدلة الاحكام الثابتة للعناوين الثانوية غير عنوان الضرر، يعنى حيث كان الجمع العرفي بين أدلة الاحكام الثانوية وأدلة الاحكام الاولية حمل الثانية على الاقتضاء والاولى على المنع الفعلي كان اللازم في مورد تنافي الدليلين المتكفلين للحكمين الثانويين البناء على التعارض أو التزاحم لعدم امكان الجمع العرفي بينهما حيث كانا من قبيل واحد فهما مع احراز المقتضي لكل منهما في مورد التنافي يكونان متزاحمين ومع عدمه يكونان متعارضين، فعلى الاول ينظر في المقتضيين فان كان احدهما اقوى يؤخذ به ويحكم بثبوت مقتضاه ومع التساوي يتخير المكلف في العمل على أحدهما، وعلى الثاني يرجع إلى قواعد التعارض من الترجيح أو التخيير

٣٨٦

كدليل نفي العسر ودليل نفي الضرر مثلا فيعامل معهما معاملة المتعارضين لو لم يكن من باب تزاحم المقتضيين وإلا فيقدم ما كان مقتضيه أقوى وان كان دليل الآخر أرجح وأولى ولا يبعد ان الغالب في توارد العارضين أن يكون من ذاك الباب بثبوت المقتضي فيهما مع تواردهما لا من باب التعارض لعدم ثبوته إلا في احدهما كما لا يخفى هذا حال تعارض الضرر مع عنان أولي أو ثانوي آخر، وأما لو تعارض مع ضرر آخر فمحل القول فيه أن الدوران ان كان بين ضرري شخص واحد أو اثنين

______________________________

أو الاصل (قوله: كدليل نفي العسر ودليل) يمكن ان يخدش بأن أدلة نفي العسر كادلة نفي الضرر امتنانية لا تجرى في مورد يلزم من اجرائها خلاف الامتنان لأن ورودها مورد الامتنان موجب لقصورها عن شمول المورد المذكور ونفي الضرر إذا كان يلزم منه الحرج خلاف الامتنان كما أن نفي الحرج إذا كان يلزم منه الضرر خلاف الامتنان فدليل نفي كل منهما يقصر عن شمول مورد الدوران ولو لم يكن دليل نفي الآخر فلا مجال حينئذ لاعمال قواعد التزاحم والتعارض بين دليليهما بل اللازم اجراء حكم تعارض الضررين الذي سيأتي بيانه في كلامه (قوله: معاملة المتعارضين) من الاخذ بالراجح لو كان والا فالتخيير أو الرجوع إلى الاصل من اول الامر على الخلاف الآتي في العامين من وجه (قوله: فيقدم ما كان) لانه اولى بالتأثير من الاضعف (قوله: ارجح واولى) يعني في مقام الدليلية، والوجه في ذلك اختصاص ادلة احكام ادلة المتعارضين بهما فلا تشمل المتزاحمين (قوله: لعدم ثوبته) تعليل لكونه من باب التعارض (قوله: هذا حال تعارض الضرر) مما اشرنا إليه تعرف أن تعارض الضرر مع عنوان ثانوي آخر يختلف حكمه باختلاف كون الثاني امتنانيا، فعلى الاول يجري فيه حكم تعارض الضررين، وعلى الثاني يسقط دليل نفي الضرر إذا لزم من اجرائه خلاف الامتنان ويكون العمل على الآخر لا غير، والا فكون العمل على دليل نفى الضرر أو عليه تابع لكونهما من المتعارضين أو المتزاحمين واعمال قواعد التعارض أو التزاحم

٣٨٧

فلا مسرح الا لاختيار أقلهما لو كان والا فهو مختار وأما لو كان بين ضرر نفسه وضرر غيره فالاظهر عدم لزوم تحمله الضرر ولو كان ضرر الآخر اكثر فان نفيه يكون للمنة على الامة ولامنة على تحمل الضرر لدفعه عن الآخر وان كان أكثر (نعم) لو كان الضرر متوجها إليه

______________________________

 (قوله: فلا مسرح الا لاختيار) هذا في صورة تعارض ضرري شخص واحد ظاهر لأن في نفي الاكثر من الضررين كمال الامتنان فتجري القاعدة لنفيه بعد فرض كون الوقوع في المقدار الاقل مما لابد منه أما في تعارض ضرري شخصين فمشكل لما سيأتي في صورة تعارض ضرري نفسه وغيره (قوله: بين ضرر نفسه وضرر) كما لو كان تصرف المالك في ملكه موجبا لتضرر جاره وترك تصرفه فيه موجبا لضرر نفسه (قوله: فالاظهر عدم لزوم) كما هو المشهور بل عن الشيخ في المبسوط والعلامة (ره) في التذكرة نفي الخلاف فيه قال في محكي الاول: ان حفر رجل بئرا في داره وأراد جاره ان يحفر بالوعة أو بئر كنيف بقرب هذه البئر لم يمنع منه وان ادى ذلك إلى تغير ماء البئر أو كان صاحب البئر يستقذر ماء بئره لقربه من الكنيف والبالوعة لان له ان يتصرف في ملكه بلا خلاف، وقال في محكي الثاني في باب حريم الحقوق: وان أراد الانسان ان يحفر في ملكه أو داره بئرا وأراد جاره ان يحفر لنفسه بئرا بقرب تلك البئر لم يمنع من ذلك بلا خلاف وان نقص بذلك ماء البئر الاولى لان الناس مسلطون على اموالهم، وفي ظهور الاول في نفي الخلاف فيما نحن فيه اشكال ظاهر وان جزم به بعض، نعم عن غير واحد من القدماء دعوى الاجماع عليه، والوجه فيه ما اشار إليه المصنف (ره) من الرجوع إلى قاعدة السلطنة بعد سقوط قاعدة نفي الضرر في كل منهما لقصورها بلزوم خلاف الامتنان من اجرائها (فان) قلت: القاعدة المذكورة وان كانت امتنانية إلا ان المقصود من ذلك كون الموجب لتشريعها الامتنان في حق المتضرر، ولا ريب أن نفي كل من الضررين امتنان في حق المتضررين فلا وجه لرفع اليد عنها غاية الامر انه

٣٨٨

ليس له دفعه عن نفسه بايراده على الآخر اللهم الا ان يقال: إن نفي الضرر وان كان للمنة إلا أنه بلحاظ نوع الامة واختيار الاقل بلحاظ النوع منه. فتأمل

______________________________

لا يمكن اعمالها في نفيهما معا فليرجع إلى قاعدة التزاحم الموجبة لاعمالها في حق الاكثر ضررا فانه أولى كما هو ظاهر (قلت): ظهور دليل نفى الضرر في كونه امتنانا محضا مما لا ينبغي ان يكون مجالا للاشكال وهو كاف في قصوره عن شمول صورة ما لو لزم من اجرائه خلاف الامتنان، وليس المقصود انه امتنان على كل احد حتى يدفع بظهوره في كونه امتنانا على خصوص المتضرر كما لعله ظاهر بالتأمل هذا مضافا إلى ان مفاد القاعدة مجرد النفي والنفي لا يقبل التأكد إذ لا تأكد في الاعدام (قوله: ليس له دفعه عن نفسه) لان دفعه عن نفسه إلى غيره مناف لاعمال قاعدة نفي الضرر في حق الغير الذي يقصد دفع الضرر إليه (فان) قلت: يلزم من تطبيق القاعدة لنفي الضرر عن الغير خلاف الامتنان في حقه (قلت): ممنوع فان توجه الضرر إليه لم يجئ من اجراء القاعدة وانما جاء من قبل اسبابه التكوينية التي اقتضت توجهه إليه وليس ضرره مستندا إلى حكم الشارع ليرفع برفعه وانما الذي يجيئ من قبل الحكم خصوص توجيه الضرر إلى غيره الذي عرفت انه مرفوع برفعه (قوله: اللهم الا ان يقال) هذا استدارك على قوله: ولامنة على تحمل الضرر... الخ يعني أن ذلك يتم لو لوحظ كل واحد من الامة في قبال غيره اما لو لوحظ مجموع الامة امرا واحدا كان الحال كما لو تعارض ضررا شخص واحد في تحقق الامتنان برفع اكثر الضررين (قوله: فتأمل) لعله اشارة إلى منع ما ذكر وان الظاهر كون الامتنان بلحاظ كل واحد واحد من الامة في نفسه، ثم انه حيث بني على جواز التصرف المؤدي إلى ضرر الغير إذا كان يلزم من تركه الضرر على المالك لقاعدة السلطنة فالمعروف عدم الضمان بل قيل: لا ينبغي الاشكال فيه، وكأن الوجه عدم الدليل عليه بعد البناء على جواز التصرف ولكنه لا يخلو عن الاشكال إذ الجواز اعم من عدم الضمان فلا موجب لرفع اليد عن عموم ما يقتضي الضمان

٣٨٩

فصل

في الاستصحاب وفي حجيته إثباتا ونفيا أقوال للاصحاب

ولا يخفى أن عباراتهم في تعريفه وان كانت شتى

______________________________

من قاعدة الاتلاف، كما انه يشكل التصرف المؤدي إلى ضرر الغير إذا لم يكن في تركه الضرر وان كان فيه منفعة عائدة إلى المالك لعموم نفي الضرر (ودعوى) ان ترك التصرف حرج (ممنوعة) في الفرض المذكور وان صدرت عن جماعة من الاعاظم، كدعوى كون ترك منع المالك عن التصرف المذكور ضررا عليه إذ هي مع كونها خلفا ممنوعة، ومنه يظهر المنع فيما لو كان التصرف لغير منفعة عائدة له بل كان لغوا محضا ولعله ظاهر. (إلى هنا) انتهى الكلام فيما قصد توضيحه من مباحث البراءة والاشتغال والحمد لله سبحانه على كل حال، وكان ذلك في النجف الأشرف ليلة الاثنين السادس من ربيع الثاني من السنة السادسة والاربعين بعد الالف والثلثمائة هجرية على يد الاحقر (محسن) خلف العلامة المرحوم السيد (مهدي) الطباطبائي الحكيم قدس الله روحه ونور ضريحه واسكنه أعلى عليين.

الكلام في الاستصحاب

(قوله: وان كانت شتى) مثل: (أنه) إبقاء ما كان (وأنه) إثبات الحكم في الزمان الثاني تعويلا على ثوبته في الزمان الاول { وأنه } اثبات حكم في زمان لوجوده في زمان سابق عليه (وأنه) التمسك بثبوت ما ثبت في وقت أو حال على بقائه بعد ذلك الوقت أو غير تلك الحال (وأنه) كون حكم أو وصف يقيني الحصول في الآن السابق مشكوك البقاء في الآن اللاحق (وانه) الحكم على حكم مثبت في وقت أو حال ببقائه بعده من حيث ثبوته في الاول مع عدم العلم بالبقاء ولو تقديرا و (أنه) ابقاء ما كان في الزمن الثاني تعويلا على ثبوته في الزمن الاول

٣٩٠

إلا أنها تشير إلى مفهوم واحد ومعنى فارد وهو الحكم ببقاء حكم أو موضوع ذي حكم شك في بقائه (إما) من جهة بناء العقلاء على ذلك في أحكامهم العرفية مطلقا أو في الجملة تعبدا (أو للظن) به الناشئ عن ملاحظة ثبوته سابقا (وإما) من جهة دلالة النص أو دعوى الاجماع عليه كذلك حسبما يأتي الاشارة إلى ذلك مفصلا ولا يخفى أن هذا المعنى هو القابل لان يقع فيه النزاع والخلاف في نفيه واثباته مطلقا أو في الجملة وفي وجه ثبوته على أقوال ضرورة أنه لو كان الاستصحاب هو نفس بناء العقلاء على البقاء أو الظن به الناشئ من العلم بثبوته لما تقابل في الاقوال ولما كان النفي والاثبات واردين على مورد واحد بل موردين وتعريفه بما

______________________________

ولو تقديرا مع عدم العلم بالبقاء ولو تقديرا... إلى غير ذلك (قوله: الا انها تشير إلى) كون التعاريف المذكورة تشير إلى مفهوم واحد وهو ما ذكره المصنف (ره) مما لا ينبغي الاشكال فيه، نعم بناء على كونه من الامارات لا من الاصول يشكل جعله عبارة عن الحكم المذكور فانه مؤدى الاستصحاب على هذا المبني لا نفسه بل هو اما نفس ظن البقاء أو نفس الوجود السابق، الا ان يجعل الاستصحاب عبارة عن نفس الحكم الظاهري بالبقاء الذي هو مؤدى الظن به أو الوجود السابق كما يقتضيه التعريف الثاني ونحوه لا نفس الامارة الدالة على الحكم ولا مشاحة في الاصطلاح لو ثبت (قوله: مطلقا أو في الجملة) اشارة إلى بعض التفصيلات الآتية (قوله: تعبدا) يعني فيكون اصلا (قوله: أو للظن) معطوف على قوله: تعبدا، وعليه فيكون مدلول الامارة (قوله: عليه كذلك) يعني مطلقا أو في الجملة (قوله: وفى وجه ثبوته) يعني دليل ثبوته وانه النص أو الاجماع أو بناء العقلاء (قوله: لما تقابل فيه الاقوال) يعني الاقوال في ثبوت الاستصحاب ونفيه فالقائل بثبوت الاستصحاب قد لا يثبت البناء المذكور بل يقول بثبوته من الاخبار، والقائل بنفيه قد لا ينفي البناء المذكور لكنه لا يرى البناء حجة فتأمل، وكذا لو كان هو الظن إذا القائل بثبوت الاستصحاب قد

٣٩١

ينطبق على بعضها وإن كان ربما يوهم أن لا يكون هو الحكم بالبقاء بل ذاك الوجه ألا أنه حيث لم يكن بحد ولا برسم بل من قبيل شرح الاسم كما هو الحال في التعريفات غالبا لم يكن له دلالة على أنه نفس الوجه بل الاشارة إليه من هذا الوجه ولذا لا وقع للاشكال على ما ذكر في تعريفه بعدم الطرد أو العكس فانه لم يكن به إذا لم يكن بالحد أو الرسم بأس فانقدح أن ذكر تعريفات القوم له وما ذكر فيها من الاشكال بلا حاصل وتطويل بلا طائل (ثم) لا يخفى ان البحث في حجيته مسألة أصولية حيث يبحث فيها لتمهيد قاعدة تقع في طريق استنباط الأحكام الفرعية وليس مفادها حم العمل بلا واسطة

______________________________

لا يعترف بثبوت الظن المذكور والقائل بنفيه قد لا يلتزم بنفي الظن بل يمنع الدليل على حجيته، ومنه يظهر المراد من قوله: ولما كان النفي... الخ فانه مفسر لما قبله (قوله: ينطبق على بعضها) كما قد يعطيه التعريف الرابع ومثله اشكالا التعريف الخامس المذكور في القوانين (قوله: بل ذاك الوجه) يعني المذكور في التعريف وكذا قوله فيما ياتي: انه نفس الوجه (قوله بأس) فاعل (يكن) في قوله: فانه لم يكن، وقد عرفت التأمل فيما ذكره (قده) مرارا وانه لو كان المقصود مجرد الاشارة لم يكن وجه للعدول عن تعريف المشهور ولا سيما وكون العدول بعد النقض والابرام في الطرد والعكس في تعريفات القوم فتأمل (قوله: يبحث فيها لتمهيد) هذا يختص بالاستصحاب الجاري لاثبات الحكم الاصولي أو الحكم الفرعي الكلي دون الجاري في الموضوعات الجزئية مثل حياة المفقود وطهارة الاناء والاحكام الجزئية مثل حلية هذا المايع وحرمته، فان ذلك لا يقع في طريق استنباط الاحكام الفرعية بل هو من الاحكام الفرعية نظير قاعدة التجاوز والفراغ والبناء على الاكثر والحرية واليد والصحة ونحوها من الاصول الحكمية والموضوعية فانها من المسائل الفرعية جزما. نعم لو كان يكفي في كون المسألة اصولية وقوعها في الجملة في طريق استنباط الاحكام وان كانت في بعض مواردها ليست كذلك كانت مسألة الاستصحاب كلية من المسائل الأصولية لوقوعها في طريق الاستنباط في الجملة (قوله: حكم العمل بلا واسطة)

٣٩٢

* وان كان ينتهي إليه كيف وربما لا يكون مجرى الاستصحاب إلا حكما أصوليا كالحجية مثلا ؟. هذا لو كان الاستصحاب عبارة عما ذكرنا وأما لو كان عبارة عن بناء العقلاء على بقاء ما علم ثبوته أو الظن به الناشئ من ملاحظة ثبوته فلا اشكال في كونه مسألة اصولية، وكيف كان فقد ظهر مما ذكرنا في تعريفه اعتبار أمرين في مورده، القطع بثبوت شئ، والشك في بقائه ولا يكاد يكون الشك في البقاء الا مع اتحاد القضية المشكوكة

______________________________

اشتهر تعريف الحكم الفرعي بانه ما يتعلق بالعمل بلا واسطة وادعى بعض المحققين ان تقييد لتعلق بالعمل لاخراج الاحكام الأصولية فانها تتعلق بالادلة وتقييده بعدم الواسطة لاخراج الاحكام الاعتقادية فانها تتعلق بالعمل بواسطة اعتبار موضوعها في صحة العمل، وعليه فجميع القواعد الظاهرية ومنها الاستصحاب من الاحكام الفرعية لانها تتعلق بالعمل بلا واسطة ولو اريد من الواسطة الواسطة في العروض كانت جميع القواعد من الاحكام الاصولية لتعلقها بالعمل بواسطة عنوان الشك، وكأن دعوى المصنف (ره) ان ليس مفاد الاستصحاب حكم العمل بلا واسطة بلحاظ بعض موارد الاستصحاب مثلا استصحاب الحجية فلاحظ (قوله: عما ذكرنا) يعني نفس الحكم ببقاء ما ثبت (قوله: فلا اشكال في كونه) لان البحث فيه يكون من قبيل البحث عن حجية الخبر وغيره من الادله والاشكال فيه هو الاشكال فيها والجواب هو الجواب، وكأن مقصود المصنف (ره) من نفي الاشكال نفي الاشكال الوارد على تقدير كونه حكما من انه كيف يكون البحث عنه بحثا عن مسألة اصولية مع انه بحث عن الحكم الشرعي المتعلق بفعل المكلف بتخيل انه نظير بعض القواعد الشرعية المتكفلة لجعل الحكم لفعل المكلف التي لا ريب في كونها مسائل فرعية (قوله: اعتبار امرين في مورده) اما ظهور اعتبار الثاني فلذكره صريحا في التعريف واما اعتبار الاول فلدلالة الشك في البقاء على كون الحدوث مفروغا عن ثبوته (قوله: اتحاد القضية المشكوكة) المراد من القضية اعم مما كان مفاد كان التامة كما إذا كان المستصحب وجود زيد

٣٩٣

* والمتيقنة بحسب الموضوع والمحمول، وهذا مما لا غبار عليه في الموضوعات الخارجية في الجملة، وأما الأحكام الشرعية سواء كان مدركها العقل أم النقل فيشكل حصوله فيها لانه لا يكاد يشك في بقاء الحكم إلا من جهة الشك في بقاء موضوعه

______________________________

أو ليس التامة كما إذا كان المستصحب عدم زيد أو كان الناقصة كما إذا كان المستصحب كون الماء كرا، أو ليس الناقصة كما إذا كان المستصحب ليس الماء كرا، ثم المراد من اتحاد الموضوع والمحمول اتحادهما بحسب الوجود لا بسحب الذات والماهية إذ الاتحاد في الماهية مع تعدد الوجود لا يكفي في صدق البقاء عرفا ولذا لا يكون وجود عمرو مقارنا لعدم زيد بقاء لوجود الانسان مع اتحادهما ذاتا ومن هنا لم يجر الاستصحاب في القسم الثالث من اقسام الشك في وجود الكلي (قوله: لا غبار عليه في الموضوعات) كأن الوجه في عدم تأتي الاشكال الآتي فيها أنه مع الشك في تبدل قيود الموضوع يمكن أن يستصحب بقيوده فيكون الاستصحاب مثبتا لقيده كما يكون مثبتا لذاته، ومع العلم بتبدلها على تقدير بقاء ذاته ان اختلاف الحالات وتبادلها عليها لا يوجب اختلافا فيها فلا يختل الشك في بقاء الذات فيها بخلاف الاحكام الكلية فان موضوعاتها نفس المفاهيم الكلية ومن الواضح أن اختلاف القيود موجب لاختلاف المفهوم المأخوذ موضوعا للحكم فلا يصدق على الشك في الحكم أنه شك في بقاء الحكم لأن صدقه يتوقف على وحدة الموضوع لذلك الحكم ومع اختلافه يكون الشك في حدوث حكم لموضوع آخر لا في بقاء ذلك الحكم لموضوعه (قوله: حصوله فيها) يعنى حصول الاتحاد في الاحكام (قوله: الا من جهة الشك في بقاء موضوعه) هذا بني على ارجاع جميع القيود التي تؤخذ في القضية إلى الموضوع ولأجل ذلك بنى شيخنا الأعظم (قده) على ارجاع الواجبات المشروطة إلى الواجبات المعلقة، لكن عرفت أنه لا دليل عليه ظاهر من عقل أو عرف، بل عرفت في مبحث المقدمة امتناع كون شرائط الوجوب - اعني شرائط الاحتياج - شروطا للواجب فوجود الاستطاعة له دخل في عروض الوجوب على الحج نفسه لا الحج عن استطاعة، وكذا المجاورة للنار دخيلة في عروض الحرارة على نفس الجسم لا الجسم

٣٩٤

بسبب تغير بعض ما هو عليه احتمل دخله فيه حدوثا أو بقاء والا لا يتخلف الحكم عن موضوعه إلا بنحو البداء بالمعنى المستحيل في حقه تعالى ولذا كان النسخ بحسب الحقيقة دفعا لا رفعا، ويندفع هذا الاشكال بان الاتحاد في القضيتين بحسبهما

______________________________

المقيد بالمجاورة، فالحار هو نفس الجسم واتصال الحطب بالنار دخيل في عروض الاحتراق عليه فموضوع الاحتراق نفس الحطب. نعم لا اطلاق للموضوع يشمل حال عدم القيد وان كان غير مقيد به، ومنه يظهر أن تسجيل الاشكال لا يتوقف على اخذ القيود المذكورة في الموضوع، بل يكفي فيه عدم الاطلاق فيه الشامل لحال عدمها فانه كاف في اختلاف المفهوم الموجب لتعدد الموضوع المانع من صدق الشك في البقاء على الشك في الحكم للموضوع في حال عدم القيد (قوله: والا لا يتخلف) يعني والا يكون الشك في الموضوع بل كان محرزا امتنع الشك في الحكم لان الموضوع علة تامة للحكم ويستحيل الشك في المعلول مع العلم بالعلة (قوله: الا بنحو البداء) بان يبدو للحاكم الخطأ في حكمه فيعدل عنه من دون اختلاف في موضوعه اصلا، ولذا كان مستحيلا في حقه تعالى لأنه يستدعي الجهل بحال الموضوع وهو عليه ممتنع (قوله: ويندفع هذا الاشكال) سيأتي انشاء الله أن المدار في اتحاد القضيتين وتعددهما هو العرف لا العقل ولا الدليل، وعليه يبتني جواز استصحاب الحكم مع العلم بارتفاع بعض القيود المأخوذة في لسان الدليل في موضوع الحكم، كما لو دل الدليل على نجاسة الماء المتغير فزال تغيره بنفسه فشك في بقاء نجاسته فانه يجوز استصحاب النجاسة لذات الماء بعد زوال التغير لعدم كونه مقوما للموضوع عرفا ولا يكون زواله موجبا للتعدد، وحينئذ فإذا جاز الاستصحاب في ذلك جاز مع اختلال بعض القيود التي ترجع لنا إلى الموضوع بطريق اولى إذا كانت من قبيل التغير ليست مقومة للموضوع في نظر العرف (وبالجملة) مبنى هذه الشبهة كون المرجع في بقاء الموضوع هو العقل، وسيأتي ان التحقيق خلافه (قوله: بحسبهما) يعنى الموضوع والمحمول

٣٩٥

* وان كان مما لا محيص عنه في جريانه إلا أنه لما كان الاتحاد بحسب نظر العرف كافيا في تحققه وفي صدق الحكم ببقاء ما شك في بقائه وكان بعض ما عليه الموضوع من الخصوصيات التي يقطع معها بثبوت الحكم له مما يعد بالنظر العرفي من حالاته وان كان واقعا من قيوده ومقوماته كان جريان الاستصحاب في الاحكام الشرعية الثابتة لموضوعاتها عند الشك فيها لاجل طروء انتفاء بعض ما احتمل دخله فيها مما عد من حالاتها لا من مقوماتها بمكان من الامكان، ضرورة صحة إمكان دعوى بناء العقلاء على البقاء تعبدا أو لكونه مظنونا ولو نوعا أو دعوى دلالة النص أو قيام الاجماع عليه قطعا بلا تفاوت في ذلك بين كون دليل الحكم نقلا أو عقلا، أما الاول فواضح وأما الثاني فلان الحكم الشرعي

______________________________

 (قوله: في تحققه) يعني الاتحاد في القضيتين (قوله: من حالاته) يعنى بحيث لا يكون ارتفاعها موجبا لارتفاع الموضوع كما هو شأن الحال (قوله: من قيوده ومقوماته) يعنى بحيث يكون ارتفاعها موجبا لارتفاع الموضوع كما هو شأن المقوم (قوله: ضرورة صحة امكان) تعليل لكفاية الاتحاد في نظر العرف، وحاصله: صدق كون الشك في البقاء بلا فرق بين كون الدليل على الحجبة بناء العقلاء، أو النص أو الاجماع. هذا ولكن في صحة ذلك تأمل إذ لو كان الدليل بناء العقلاء أو الاجماع فحيث ان القدر المتيقن غير ذلك يجب الاقتصار عليه إذ ليس لهما اطلاق يؤخذ به كما هو غير خفي، ولعله يأتي فيما ياتي انشاء الله (قوله: واما الثاني فلأن الحكم الشرعي هذا شروع في جواز استصحاب الحكم الشرعي المستكشف بتوسط حكم العقل. ووجه الاشكال فيه ما عرفت من الاشكال في جواز استصحاب مطلق الاحكام الشرعية الكلية. ومنه يتضح أن الوجه في الجواز هو الوجه في جوازه بعينه (وتوضيح) ما ذكره المصنف (ره) انه لا اشكال في أن كل قيد من القيود المأخوذة في موضوع الحكم لعقلي مما ينتفي بانتفائه الحكم العقلي لكن لا يلزم من انتفائه انتفاء ملاكه ومناطه إذ يجوز أن يكون الشئ مما له دخل في

٣٩٦

المستكشف به عند طروء انتفاء ما احتمل دخله في موضوعه مما لا يرى مقوما له كان مشكوك البقاء عرفا لاحتمال عدم دخله فيه واقعا وإن كان لا حكم للعقل بدونه قطعا (ان قلت): كيف هذا مع الملازمة بين الحكمين (قلت): ذلك لان الملازمة إنما تكون في مقام الاثبات والاستكشاف لا في مقام الثبوت فعدم استقلال العقل الا في حال غير ملازم لعدم حكم الشرع إلا في تلك الحال وذلك لاحتمال أن يكون ما هو ملاك حكم الشرع من المصلحة أو المفسدة التي هي ملاك حكم العقل كان على حاله في كلتا الحالتين

______________________________

حصول القطع بوجود الملاك ولا يكون له دخل في وجود الملاك واقعا بحيث لا يحرز العقل وجود ملاك حكمه الا في ظرف القيد وان لم يكن لوجود القيد دخل واقعا في نفس وجود الملاك، ولازم ذلك ان لو انتفى مثل القيد المذكور ينتفي حكم العقل جزما ويكون ملاكه محتمل البقاء واحتمال بقاء الملاك ملزوم لاحتمال بقاء الحكم الشرعي لانه تابع له فإذا فرض ان انتفاء القيد لا يوجب تعدد الموضوع في نظر العرف يصدق على الشك في الحكم أنه شك في بقائه فيشمله دليل الاستصحاب مضافا إلى أنه لو سلم أن ارتفاع القيد موجب لارتفاع الملاك واقعا، لكن لا مانع من احتمال وجود ملاك آخر للحكم الشرعي لو يطلع عليه العقل فيحتمل لاجله بقاء الحكم غاية الأمر أن الحكم الشرعي بحدوثه يستند إلى الجامع بين الملاكين وببقائه يستند إلى الملاك الآخر الذي لم يرتفع بارتفاع القيد واختلاف علة الحدوث والبقاء لا يوجب تعددا في وجود المعلول فضلا عما إذا كان بهذا المقدار من الاختلاف إذا الاستناد ليس الا إلى الجامع غاية الامر ان الجامع كان موجودا اولا في ضمن فردين ثم صار موجودا في ضمن احدهما (قوله: قطعا) هو قيد للنفي (قوله: في مقام الاثبات) يعني بحيث لو حكم العقل علم بحكم الشرع (قوله: لا في مقام الثبوت) يعني لا يصدق قولنا لو لم يكن حكم للعقل لم يكن حكم للشرع لعدم الدليل عليه بل الدليل على خلافه ضرورة صدق قولنا: قد يكون حكم الشرع ولا حكم للعقل كما إذا كان ملاك الحكم العقلي موجودا ولم يطلع عليه العقل فانه لا حكم للعقل لعدم احراز

٣٩٧

* وان لم يدركه الا في احداهما لاحتمال عدم دخل تلك الحالة فيه أو احتمال ان يكون معه ملاك آخر بلا دخل لها فيه أصلا وان كان لها دخل فيما اطلع عليه من الملاك (وبالجملة) حكم الشرع إنما يتبع ما هو ملاك حكم العقل واقعا لا ما هو مناط حكمه فعلا وموضوع حكمه كذلك مما لا يكاد يتطرق إليه الاهمال والاجمال مع تطرقه إلى ما هو موضوع حكمه شأنا وهو ما قام به ملاك حكمه واقعا فرب خصوصية لها دخل في استقلاله مع احتمال عدم دخله فبدونها لا استقلال له بشئ قطعا مع احتمال بقاء ملاكه واقعا ومعه يحتمل بقاء حكم الشرع جدا لدورانه معه وجودا وعدما فافهم وتأمل جيدا (ثم) انه لا يخفى اختلاف آراء الأصحاب في حجية الاستصحاب مطلقا وعدم حجيته كذلك والتفصيل بين الموضوعات والأحكام أو بين ما كان الشك في الرافع وما كان في المقتضي إلى غير ذلك من التفاصيل الكثيرة على أقوال شتى لا يهمنا نقلها ونقل ما ذكر من الاستدلال عليها وأنما المهم الاستدلال على ما هو المختار منها وهو الحجية مطلقا على نحو يظهر بطلان سائرها فقد استدل عليه بوجوه (الوجه الاول) استقرار بناء العقلاء من الانسان بل ذوي الشعور من كافة أنواع الحيوان على العمل على طبق الحالة السابقة وحيث لم يردع عنه الشارع كان ماضيا

______________________________

ملاكه ويثبت حكم الشرع لاحراز ملاكه عنده (قوله: وان لم يدركه الا) فيكون وجود القيد دخيلا في العلم بالمناط لا في نفس وجوده (قوله: أو احتمال ان يكون) يعنى يحتمل ايضا ان يكون في المقيد ملا كان احدهما يرتفع بارتفاع القيد لدخله في وجوده والآخر يبقى ولو مع ارتفاع القيد لعدم دخله فيه (قوله: حكمه كذلك) يعني فعلا (قوله: في استقلاله) يعنى دخيلة في حكمه فعلا لدخلها في احراز مناطه مع احتمال عدم دخلها في مناطه وملاكه (قوله: ومعه يحتمل) يعنى مع احتمال بقاء ملاكه واقعا (قوله: على طبق الحالة السابقة) يعنى من حيث كونه عملا على طبق الحالة السابقة فيكون عندهم اصلا تعبديا لا من جهة

٣٩٨

(وفيه) أولا منع استقرار بنائهم على ذلك تعبدا بل إما رجاء واحتياطا، أو اطمينانا بالبقاء، أو ظنا ولو نوعا، أو غفلة كما هو الحال في ساير الحيوانات دائما وفى الانسان أحيانا (وثانيا) سلمنا ذلك لكنه لم يعلم ان الشارع به راض وهو عنده ماض ويكفي في الردع عن مثله ما دل من الكتاب والسنة على النهي عن اتباع غير العلم وما دل على البراءة أو الاحتياط في الشبهات فلا وجه لاتباع هذا البناء فيما لابد في اتباعه من الدلالة على إمضائه فتأمل جيدا (الوجه الثاني)) أن الثبوت في السابق موجب للظن به في اللاحق (وفيه) منع اقتضاء مجرد الثبوت للظن بالبقاء فعلا ولا نوعا فانه لا وجه له اصلا إلا كون الغالب فيما ثبت أن يدوم مع امكان ان لا يدوم وهو غير معلوم ولو سلم فلا دليل على اعتباره بالخصوص مع نهوض الحجة على عدم اعتباره بالعموم (الوجه الثالث) دعوى الاجماع عليه كما عن المبادئ حيث قال: الاستصحاب حجة لاجماع الفقهاء على انه

______________________________

الظن ليكون امارة كما يظهر من مقابلة هذا الوجه بما بعده (قوله: منع استقرار بنائهم) الانصاف ان المنع عن بنائهم على ذلك مطلقا لا يخلو من منع أو تأمل (قوله: على ذلك تعبدا بل اما) يعني انهم وان عملوا على طبق الحالة السابقة لكن ليس لانه عملا على طبقها كما يريد المستدل بل قد يكون وجه العمل الاحتياط وقد يكون الاطمئنان وقد يكون الظن ولو النوعي (قوله: أو غفلة كما هو الحال) هذا لا ينبغي أن يعد من العمل على طبق الحالة السابقة بوجه فان عمل الحيوانات دائما وعمل الانسان احيانا ليس الا لمحض العادة الناشئة من تكرر العمل وان انتقضت مرة أو اكثر ما لم تتبدل بعادة اخرى على خلافها فترى الانسان الذي اعتاد سلوك طريق معين إلى داره إذا انتقل منها إلى اخرى يسلك طريقا آخر إلى الثانية مرة أو مرات فإذا غفل سلك طريقه الاول لمحض العادة السابقة وإلا فهو على خلاف العادة السابقة وكذا الحال في عمل الحيوانات (قوله: ويكفي في الردع) تقدم الكلام فيه في أدلة حجية الخبر (قوله: وهو غير معلوم)

٣٩٩

* متى حصل حكم ثم وقع الشك في انه طرأ ما يزيله أم لا ؟ وجب الحكم ببقائه على ما كان أولا، ولولا القول بان الاستصحاب حجة لكان ترجيحا لاحد طرفي الممكن من غير مرجح (انتهى) وقد نقل عن غيره أيضا (وفيه) أن تحصيل الاجماع في مثل هذه المسألة مما له مبان مختلفة في غاية الاشكال ولو مع الاتفاق فضلا عما إذا لم يكن وكان مع الخلاف من المعظم حيث ذهبوا إلى عدم حجيته مطلقا أو في الجملة ونقله موهون جدا لذلك ولو قيل بحجيته لولا ذلك (الوجه الرابع) وهو العمدة في الباب الاخبار المستفيضة منها صحيحة زرارة: قال: قلت له: الرجل ينام وهو على وضوء أيوجب الخفقة والخفقتان عليه الوضوء ؟ قال: يا زرارة قد تنام العين ولا ينام القلب والاذن وإذا نامت العين والاذن والقلب فقد وجب الوضوء، قلت: فان حرك في جنبه شئ وهو لا يعلم قال: لاحتى يستيقن انه قد نام حتى يجئ من ذلك أمر بين وإلا فانه على يقين من وضوئه ولا ينقض اليقين بالشك أبدا ولكنه ينقضه بيقين آخر، وهذه الرواية وإن كانت مضمرة الا أن إضمارها لا يضر باعتبارها حيث كان مضمرها

______________________________

يعني بنحو الكلية والا فهو يختلف باختلاف استعداد مشكوك البقاء لو كان الشك في المقتضي أو باختلاف غلبة وجود الرافع لو كان الشك في الرافع (قوله: تحصيل الاجماع) يعني الاجماع المحصل الكاشف عن رأي المعصوم (ع) (قوله: في غاية الاشكال) إذ قد يكون الذاهب إلى الحجية انما يذهب ايها على تقدير صحة مبناه وإلا فهو ذاهب إلى عدم الحجية لو كان مبناه باطلا فكيف يكون كاشفا حينئذ عن رأي المعصوم (ع) (قوله: الخلاف من المعظم) لا تخلو هذه النسبة من تأمل وغالب التفصيلات منسوبة إلى اشخاص معينين (قوله: ونقله موهون) يعني الاجماع المنقول موهون نقله في المقام لخلاف المعظم (قوله: منها صحيحة زرارة) رواها الشيخ (ره) عن الحسين بن سعيد عن حماد عن حريز عن زرارة وطريق الشيخ إلى الحسين صحيح وهو ومن قبله من أجلاء ثقات اصحابنا (قدس سرهم) (قوله: حيث كان مضمرها) بل اثبات الشيخ

٤٠٠

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617