الشفاء الإلهيّات

الشفاء الإلهيّات0%

الشفاء الإلهيّات مؤلف:
الناشر: مكتبة آية الله العظمى المرعشي النجفي
تصنيف: مكتبة الفلسفة والعرفان
الصفحات: 489

الشفاء الإلهيّات

مؤلف: ابن سينا
الناشر: مكتبة آية الله العظمى المرعشي النجفي
تصنيف:

الصفحات: 489
المشاهدات: 84837
تحميل: 6576

توضيحات:

الشفاء الإلهيّات
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 489 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 84837 / تحميل: 6576
الحجم الحجم الحجم
الشفاء الإلهيّات

الشفاء الإلهيّات

مؤلف:
الناشر: مكتبة آية الله العظمى المرعشي النجفي
العربية

إنما لها الوحدة المعدة للتكثر بسبب غير نفسها ، وذلك هو الجسم البسيط مثل الماء. فإن هذا الماء واحد بالعدد وهو ماء وفي (١) قوته أن يصير مياها كثيرة بالعدد لا لأجل المائية ، بل لمقارنة السبب الذي هو المقدار. فتكون تلك المياه الكثيرة بالعدد واحدة بالنوع وواحدة (٢) أيضا بالموضوع ، لأن من طبع موضوعها أن تتحد بالفعل واحدا بالعدد.

ولا كذلك أشخاص الناس ، فإنها ليس من شأن عدة موضوعات منها أن يتحد موضوع إنسان واحد نعم كل واحد منها واحد بموضوعه الواحد ، ولكن ليس المجتمع من الكثرة واحدا بالموضوع ، وليس حاله حال كل قطعة من الماء ، فإنها واحدة في نفسها بموضوعها (٣).

والجملة يقال إنها واحدة في الموضوع ، إذ من شأن موضوعاتها أن تتحد موضوعا واحدا بالاتصال (٤) ، فيكون جملتها حينئذ ماء واحدا.

لكن (٥) كل واحد من هذين القسمين إما أن يكون حاصلا فيه (٦) جميع ما يمكن أن يكون له أو لا يكون ، فإن كان فهو تام (٧) وواحد بالتمام ، وإن لم يكن فهو كثير ، ومن عادة الناس أن يجعلوا الكثير غير الواحد (٨). وهذه الوحدة (٩) التمامية (١٠) إما أن تكون بالفرض والوهم (١١) والوضع كدرهم تام ودينار تام ، وإما أن تكون بالحقيقة. وذلك إما بالصناعة كالبيت التام ، فإن البيت الناقص لا يقال له بيت واحد. وإما بالطبيعة كشخص إنسان واحد تام الأعضاء.

__________________

(١) وهو ماء وفى : مآ فى ب ؛ وما فى د ؛ ماء وفى ص ، م

(٢) وواحدة : ووحدة د

(٣) بموضوعها : لموضوعها د ؛ بموضوعه ج

(٤) بالاتصال : ساقطة من د ، ص ، م

(٥) لكن : ولكن ب

(٦) فيه : فى ط

(٧) تام : التمام د

(٨) الواحد : واحد د ، ص ، م

(٩) الوحدة : ساقطة من ج

(١٠) التمامية : التامة م

(١١) والوهم : ساقطة من د ، ص ، م.

١٠١

ولأن الخط المستقيم قد يقبل زيادة في استقامة ليست موجودة له ، فليس بواحد من جهة التمام.

وأما المستدير فإذ ليس يقبلها ، بل حصلت (١) له بالطبع الإحاطة (٢) بالمركز من كل جهة ، فهو تام وواحد (٣) بالتمام (٤) ، ويشبه أن يكون أيضا (٥) كل شخص من الناس واحدا من هذه الجهة ، فيكون بعض الأشياء يلزمه التمام كالأشخاص والخط المستدير (٦) ، وبعضها لا يلزمه التمام كالماء والخط المستقيم (٧).

وأما الواحد بالمساواة (٨) فهو (٩) بمناسبة (١٠) ما ، مثل أن حال السفن عند الربان وحال المدينة عند (١١) الملك (١٢) واحدة ، فإن هاتين حالتان متفقتان ، وليس وحدتهما بالعرض ، بل وحدة ما يتحد بهما بالعرض ، أعني وحدة السفينة والمدينة بهما هي وحدة بالعرض. وأما (١٣) وحدة الحالتين (١٤) فليست (١٥) الوحدة التي جعلناها وحدة بالعرض.

فنقول (١٦) من رأس : إنه إذا كانت الوحدة إما أن تقال على أشياء كثيرة (١٧) بالعدد ، أو تقال على شيء واحد بالعدد ، وقد بينا أنا (١٨) حصرنا (١٩) أقسام الواحد بالعدد.

فلنمل إلى الحيثية الأخرى ، فنقول : وأما الأشياء الكثيرة بالعدد فإنما يقال لها من جهة أخرى واحدة لاتفاق (٢٠) بينها (٢١) في معنى. فإما أن يكون اتفاقها في نسبة (٢٢) أو في محمول غير النسبة ، وإما في موضوع (٢٣). والمحمول إما جنس ، وإما نوع ،

__________________

(١) حصلت : حصل ب ، ج ، ط. (٢) الإحاطة : والإحاطة د ، م

(٣) وواحد : فهو واحد ب ، ج ، ص ، ط ، م. (٤) بالتمام : بالتام د

(٥) أيضا : ساقطة من ب. (٦) كالأشخاص والخط المستدير : ساقطة من م

(٧) كالماء والخط المستقيم : ساقطة من م. (٨) بالمساواة : بالمناسبة ص ؛ بالنسبة هامش ص

(٩) فهو : فهى ج ، د ، ط ، م. (١٠) بمناسبة : مناسبة ج ، د ، ص ، ط

(١١) عند : من ب ، ط ، م. (١٢) الملك : المليك د. (١٣) وأما : ساقطة من ص ، ط

(١٤) الحالتين : الحالين ص ؛ لحالتين ط. (١٥) فليست : فليس ج ، ط

(١٦) فنقول : ونقول ص. (١٧) كثيرة : هى كثيرة ج ، ص ، م ؛ هى كثرة د ، ط

(١٨) أنا : إذا ص. (١٩) حصرنا : أحصرنا ب. (٢٠) لا تفاق : لا تفارق د ، ط

(٢١) بينها : بينهما ب ، ط ، م

(٢٢) نسبة : بالنسبة د ؛ النسبة ص ، ط ، م

(٢٣) موضوع : الموضوع ط.

١٠٢

وإما فصل (١) ، وإما عرض ، فيكون سهلا عليك من هذا الموضع أن تعرف أنا قد حققنا أقسام الواحد ، وأنت (٢) تعرف مما قد عرفت أيها أولى بالوحدة وأسبق استحقاقا لها ، فتعرف أن الواحد بالجنس أولى بالوحدة من الواحد بالمناسبة ، وأن الواحد بالنوع أولى من الواحد بالجنس ، والواحد بالعدد أولى من الواحد بالنوع ، والبسيط الذي لا ينقسم بوجه أولى من المركب ، والتام من الذي ينقسم أولى من الناقص.

والواحد قد يطابق الموجود في أن الواحد يقال على كل واحد من المقولات كالموجود ، لكن مفهومهما (٣) ـ على ما علمت (٤) ـ مختلف ، ويتفقان في أنه لا يدل واحد منهما على جوهر بشيء (٥) من الأشياء ، وقد علمت ذلك.

__________________

(١) وإما فصل : وفصل م

(٢) وأنت : فأنت د ؛ وأنك ج ، ط

(٣) مفهومهما : مفهومها طا ، م

(٤) على ما علمت : كما علمت د ، ص ، م

(٥) بشيء : شىء م.

١٠٣

[ الفصل الثالث ]

( ج ) فصل

في تحقيق الواحد والكثير (١) وإبانة أن العدد عرض

والذي (٢) يصعب علينا تحقيقه الآن (٣) ماهية الواحد. وذلك (٤) أنا إذا قلنا : إن الواحد هو الذي لا يتكثر ضرورة ، فأخذنا (٥) في بيان الواحد الكثرة.

وأما الكثرة فمن الضرورة أن تحد بالواحد ، لأن الواحد مبدأ الكثرة ، ومنه وجودها وماهيتها ، ثم أي حد حددنا به الكثرة استعملنا فيه الواحد بالضرورة. فمن ذلك ما تقول : إن الكثرة هي (٦) المجتمع من وحدات ، فقد أخذنا الوحدة في حد الكثرة ، ثم عملنا (٧) شيئا آخر وهو أنا أخذنا المجتمع في حدها ، والمجتمع يشبه أن يكون هو الكثرة نفسها. وإذا قلنا من الوحدات أو الواحدات أو الآحاد فقد أوردنا (٨) بدل (٩) لفظ الجمع (١٠) هذا (١١) اللفظ ، ولا يفهم (١٢) معناه ولا يعرف إلا بالكثرة.

وإذا (١٣) قلنا : إن الكثرة هي التي تعد بالواحد ، فنكون (١٤) قد أخذنا في حد الكثرة الوحدة (١٥) ، ونكون أيضا قد أخذنا في حدها العد والتقدير ، وذلك (١٦) إنما يفهم بالكثرة أيضا.

__________________

(١) الواحد والكثير : الوحدة والكثرة ج ، د ، ط

(٢) والذي : الذي ب ، ج ، ص ، ط ، م

(٣) تحقيقه الآن : الآن تحقيق ص ، ط

(٤) وذلك : والكثيرين طا

(٥) فأخذنا : فإنا أخذنا د

(٦) هى : هو ب ، ج ، ص ، ط ، م

(٧) عملنا : علمنا د

(٨) أوردنا : أخذنا ج ، د ، ص ، م

(٩) بدل : ساقطة من ج ، د ، ص ، ط ، م

(١٠) الجمع : الجميع م ؛ + مع ج ، ص ، ط ، م

(١١) هذا : وهذا د

(١٢) ولا يفهم : لا يفهم د ، ص. (١٣) وإذا : وإن ج.

(١٤) فنكون : نكون م. (١٥) الوحدة : الواحد ط

(١٦) وذلك : + هو ب ، د ، ط.

١٠٤

فما أعسر علينا أن نقول في هذا الباب شيئا يعتد به ، لكنه يشبه (١) أن تكون الكثرة أيضا أعرف عند تخيلنا (٢) ، والوحدة أعرف عند عقولنا (٣) ، ويشبه أن تكون الوحدة والكثرة من الأمور التي نتصورها بديا ، لكن الكثرة نتخيلها أولا ، والحدة نعقلها (٤) من غير مبدأ لتصورها عقلي ، بل (٥) إن كان ولا بد فخيالي (٦). ثم يكون تعريفنا الكثرة بالوحدة تعريفا عقليا ، وهنالك (٧) تؤخذ الوحدة متصورة بذاتها (٨) ومن أوائل التصور ، ويكون تعريفنا الوحدة بالكثرة تنبيها يستعمل فيه المذهب الخيالي لنومئ إلى معقول عندنا لا نتصوره حاضرا في الذهن.

فإذا قالوا : إن الوحدة هي الشيء الذي ليس فيه كثرة دلوا على أن المراد بهذه اللفظة الشيء المعقول عندنا بديا الذي يقابل هذا الآخر أو ليس (٩) هو فينبه عليه بسلب هذا عنه.

والعجب ممن يحد العدد فيقول : إن العدد كثرة مؤلفة من وحدات أو من آحاد ، والكثرة نفس العدد ، ليس كالجنس للعدد ، وحقيقة الكثرة أنها مؤلفة من وحدات. فقولهم : إن الكثرة مؤلفة من وحدات ، كقولهم : إن الكثرة كثرة. فإن الكثرة ليست إلا اسما للمؤلف من الوحدات.

فإن قال قائل : إن الكثرة قد تؤلف من أشياء غير الوحدات مثل الناس ، والدواب. فنقول (١٠) : إنه كما أن هذه الأشياء ليست وحدات ، بل أشياء موضوعة للوحدات ، كذلك أيضا ليست هي بكثرة ، بل أشياء موضوعة للكثرة ، وكما أن تلك الأشياء هي واحدات (١١) لا وحدات ، فكذلك (١٢) هي كثيرة لا كثرة (١٣).

__________________

(١) يشبه : يشتبه ب ، ج ، د ، ط

(٢) تخيلنا : تخليتنا ط ؛ تخليته م

(٣) والوحدة أعرف عند عقولنا : ساقطة من ب ، م

(٤) نعقلها : + أولا والوحدة نعقلها ج ، د ، ص ، ط

(٥) بل : ساقطة من م

(٦) فخيالى : فخيال ط

(٧) وهنالك : وهناك ب ، ج ، د ، ص ، ط

(٨) بذاتها : بذاتهما ط

(٩) أو ليس : ليس د ؛ إذ ليس هامش ص

(١٠) فنقول : فيقال د ، ص ، م. (١١) واحدات : آحاد ص ، ط

(١٢) فكذلك : كذلك ج ، د ، ص ، ط ، م. (١٣) كثيرة لا كثرة : كثرة لا كثيرة م.

١٠٥

والذين يحسبون أنهم إذا قالوا : إن العدد كمية منفصلة ذات ترتيب ، فقد تخلصوا من هذا ، فما تخلصوا. فإن الكمية يحوج تصورها للنفس إلى أن تعرف بالجزء والقسمة أو المساواة. أما الجزء والقسمة فإنما يمكن تصورها بالكمية (١) ، وأما المساواة فإن الكمية أعرف منها عند العقل الصريح لأن (٢) المساواة من الأعراض الخاصة (٣) بالكمية التي يجب أن توجد (٤) في حدها الكمية.

فيقال : إن المساواة هي اتحاد في الكمية والترتيب الذي أخذ في حد العدد أيضا ، هو مما لا يفهم إلا بعد فهم العدد. فيجب أن يعلم أن هذه كلها تنبيهات مثل التنبيهات بالأمثلة والأسماء المترادفة ، وأن هذه المعاني متصورة كلها أو بعضها لذواتها ، وإنما يدل عليها بهذه الأشياء لينبه عليها (٥) وتميز فقط.

فنقول الآن : إن الوحدة إما أن تقال على الأعراض ، وإما أن تقال على الجواهر. فإذا قيلت على الأعراض فلا تكون جوهرا ، ولا شك في ذلك ، وإذا قيلت على الجواهر فليست تقال عليها كفصل ولا جنس البتة ، إذ لا دخول لها في تحقيق ماهية جوهر من الجواهر ، بل هو أمر لازم للجوهر ، كما قد علمت. فلا يكون إذن قولها (٦) عليها قول الجنس والفصل ، بل قول « عرضي ». فيكون الواحد جوهرا ، والوحدة (٧) هي المعنى الذي هو العرض ، فإن العرض الذي هو أحد الخمسة ـ وإن كان كونه عرضا بذلك المعنى ـ قد يجوز عليه أن يكون جوهرا ، وإنما (٨) يجوز ذلك (٩) إذا أخذ مركبا ، كالأبيض. وأما طبيعة المعنى (١٠) البسيط منه

__________________

(١) بالكمية : بالكثرة ب ، هامش ص

(٢) لأن : ولأن د

(٣) الخاصة : الخاصية م

(٤) توجد : تؤخذ ص

(٥) لينبه عليها : ساقطة من د

(٦) قولها : قوله ج ، د ، ص ، ط ، م

(٧) جوهرا والوحدة : ساقطة من د

(٨) وإنما : فإنما ب ، د ، ص ، ط ، م

(٩) ذلك : + عليه م

(١٠) المعنى : بالمعنى ج ، ط.

١٠٦

فهي لا محالة عرض بالمعنى الآخر ، إذ هو موجود في الجوهر وليس كجزء منه ولا يصح (١) قوامه مفارقا له.

فلننظر الآن في الوحدة الموجودة في كل جوهر التي ليست بجزء منه مقومة (٢) له ، هل يصح قوامها مفارقة (٣) للجوهر؟

فنقول : إن هذا مستحيل ، وذلك لأنها إن قامت وحدة مجردة لم يخل إما أن تكون مجرد أن لا تنقسم وليس هناك طبيعة هي المحمول عليها أنها لا تنقسم ، أو تكون هناك طبيعة أخرى. والقسم الأول محال ، فإنه لا أقل من أن يكون هناك وجود ، ذلك الوجود لا ينقسم ، فإن كان ذلك الوجود لا محالة معنى غير الوحدة وأنه لا ينقسم ، فإما أن يكون ذلك الوجود (٤) جوهرا أو يكون عرضا ، فإن كان عرضا فالوحدة في عرض (٥) لا محالة ثم في جوهر ، وإن كان جوهرا ـ والوحدة (٦) لا تفارقه ـ فهي موجودة فيه وجود ما في الموضوع ، وإن كانت مفارقة (٧) ، تكون الوحدة ـ إذا فارقت ذلك الجوهر ـ يكون لها جوهر آخر تصير إليه وتقارنه (٨) إذا (٩) فرض وجودها مقارنة لجوهرية ، ويكون ذلك الجوهر ـ لو لم تصر إليه هذه (١٠) الوحدة ـ لم تكن له وحدة (١١) ، وهذا محال. أو تكون له وحدة كانت ووحدة لحقت ، فتكون له وحدتان لا وحدة (١٢) ، فيكون جوهران لا جوهر واحد ، لأن ذلك الجوهر واحدان ، وهذا محال. وأيضا فإن كانت كل وحدة في جوهر آخر ، فأحد (١٣) الجوهرين لم تنتقل إليه الوحدة

__________________

(١) ولا يصح : لا يصح ط

(٢) مقومة : مقوم ب ، ج ، ط ، م

(٣) مفارقة : مفارقا ب ، ج ، د ، ط ، م

(٤) الوجود : الموجود ص

(٥) عرض : العرض ب ، ج ، د ، ط

(٦) والوحدة : فالوحدة ج ، ط

(٧) مفارقة : مفارقة ص ، ط

(٨) وتقارنه :

وتفارقه هامش ص ، م

(٩) إذا : وإذ م

(١٠) هذه : ذلك ط

(١١) لم تكن له وحدة : ساقطة من د

(١٢) لا وحدة : ساقطة من د ، م. (١٣) فأحد : وأحد م.

١٠٧

وعاد الكلام جذعا فيما انتقل إليه الوحدة وصار أيضا جوهرين ، وإن كانت كل وحدة (١) في الجوهرين جميعا فتكون الوحدة اثنوية (٢) ، هذا خلف. فقد بان (٣) أن الوحدة ليس من شأنها أن تفارق الجوهر الذي هي فيه.

ونبتدئ (٤) فنقول : إنه إن كانت الوحدة ليست مجرد أنها لا تنقسم ، بل كانت وجودا لا ينقسم حتى يكون الوجود داخلا في الوحدة لا موضوعا لها (٥) ، فإذا فرضنا أنه قد فارقت هذه الوحدة الجوهر إن كانت يمكن أن توجد بذاتها كانت وجودا لا ينقسم مجردا ولم تكن (٦) وجودا لا ينقسم فقط ، بل تكون الوحدة وجودا جوهريا لا ينقسم إذا (٧) قام ذلك الوجود لا في موضوع. فلا تكون للأعراض وحدة بوجه من الوجوه. وإن كان (٨) للأعراض وحدة تكون وحدتها غير وحدة الجوهر ، وتكون الوحدة تقال عليها باشتراك الاسم.

فيكون أيضا من الأعداد ما تأليفه من وحدة الأعراض ، ومن الأعداد ما تأليفه (٩) من وحدة (١٠) الجواهر فلننظر هل يشتركان في معنى الوجود الذي لا ينقسم أو لا يشتركان؟ فإن لم يشتركا فتكون الوحدة في إحداهما وجودا منقسما وفي الآخر (١١) ليس كذلك. ولسنا نعني بوحدة الأعراض أو الجواهر ذلك ، حتى نعني في إحداهما بالوحدة شيئا غير أنه وجود غير منقسم. وإن اشتركا في ذلك المعنى ، فذلك (١٢) المعنى هو الوجود الغير المنقسم الذي إياه نعني بالوحدة ، وذلك المعنى أعم من المعنى الذي ذكرناه قبيل الآن ، فإن ذلك كان يلزمه

__________________

(١) وحدة : واحدة د

(٢) اثنويه : اثنوه ب ، م

(٣) فقد بان : فبين ج ، د ، ط ؛ فتبين ص ، م

(٤) ونبتدئ : ونبدأ م

(٥) لها : له م

(٦) تكن : + أيضا ج ، د ، ص ، ط ، م

(٧) إذا : إذ ج ، د ، ص ، ط

(٨) كان : كانت د

(٩) الأعراض ... ما تأليفه : ساقطة من م

(١٠) من وحدة : ساقطة من م

(١١) الآخر : الأخرى ب ، د ، ص ، ط ، طا ، م

(١٢) فذلك : وذلك د.

١٠٨

مع كونه وجودا (١) لا ينقسم ، أن يكون وجودا جوهريا ، إذ قد كان يمكن فرضه مجردا ، وذلك المعنى لا محالة إن (٢) كان جوهرا لم يعرض للعرض ، وليس يلزم أن نقول إنه إن (٣) كان عرضا لم يعرض للجوهر ، فإن الجوهر يعرض له العرض ويقوم به العرض ، والعرض لا يعرض له الجوهر حتى يكون قائما فيه.

فإذن الوحدة الجامعة أعم من ذلك المعنى وكلامنا فيها ، ومن حيث هي وجود لا ينقسم فقط بلا زيادة أخرى وذلك لا يفارق موضوعاته (٤) وإلا صار ذلك المعنى الأخص. فإنه (٥) من المحال (٦) أن تكون الوحدة وجودا غير منقسم في الأعراض والجواهر (٧) ويجوز مع ذلك أن تفارق ، فيكون جوهرا عرض لعرض ، أو أن تكون الوحدة مختلفة في الجواهر والأعراض.

فبين أن الوحدة حقيقتها معنى عرضي ومن جملة اللوازم للأشياء.

وليس لقائل أن يقول : إن هذه الوحدة إنما (٨) لا تفارق على سبيل ما لا تفارق المعاني العامة قائمة دون فصولها ، كما لا تفارق الإنسانية الحيوانية (٩).

وامتناع هذه المفارقة لا يوجب العرضية ، بل إنما يوجب العرضية امتناع مفارقة يكون للمعنى المحصل الموجود المشخص (١٠).

فنقول : ليس الأمر كذلك ، فإن نسبة ما فرضناه أعم إلى ما فرضناه (١١) أخص ليس نسبة المنقسم إليه بفصل مقوم. فقد بينا أن الوحدة غير داخلة في حد جوهر أو عرض ، بل نسبة لازم عام. وإذا أشرنا إلى بسيط واحد منه كان

__________________

(١) وجودا : وجوديا د ، م

(٢) إن : إذ م

(٣) إن : ساقطة من د

(٤) موضوعاته : موصوفاته م

(٥) فإنه : فإذ كان هذا ب ، ج ؛ فإذن كان بخ ؛ فإذا كان هذا د ، ص ؛ فإذ كان م

(٦) المحال : + أعنى ج ، ص

(٧) الجواهر : الجوهر ط

(٨) إنما : فإنما م

(٩) كما ... الحيوانية : ساقطة من م

(١٠) الموجود المشخص :

الوجود المشخصة م

(١١) إلى ما فرضناه : ساقطة من م.

١٠٩

متميز الذات عن التخصيص (١) الذي يقارنه ، لا كاللونية التي في البياض ، فإذا صح أنه غير مفارق صح أن المحمول الذي هو معنى لازم عام مشتق الاسم من اسم معنى بسيط هو معنى الوحدة ، وذلك البسيط عرض. وإذا (٢) كانت الوحدة عرضا ، فالعدد المؤلف من الوحدة عرض.

__________________

(١) التخصيص : + منه م

(٢) وإذا : وإن ج ؛ وإذ م.

١١٠

[ الفصل الرابع ]

( د )

فصل في أن المقادير (١) أعراض (٢)

وأما الكميات المتصلة (٣) فهي مقادير المتصلات ، أما الجسم الذي هو الكم فهو (٤) مقدار المتصل الذي هو الجسم بمعنى الصورة ، على ما عرفته في عدة مواضع ، وأما الجسم بالمعنى الآخر الداخل في مقولة الجوهر فقد فرغنا منه (٥).

وهذا المقدار قد بان أنه في مادة ، وأنه يزيد وينقص والجوهر باق ، فهو عرض لا محالة ، ولكنه من الأعراض التي تتعلق بالمادة وبشيء (٦) في المادة ، لأن هذا المقدار لا يفارق المادة إلا بالتوهم ، ولا يفارق الصورة التي للمادة ، لأنه مقدار (٧) الشيء المتصل (٨) الذي يقبل أبعاد (٩) كذا ، وهذا لا يمكن (١٠) أن يكون بلا هذا الشيء المتصل (١١) كما أن الزمان لا يكون إلا بالمتصل الذي هو المسافة وهذا المقدار هو كون المتصل بحيث يمسح بكذا كذا مرة (١٢) ، أو لا ينتهي (١٣) المسح إن توهم غير متناه توهما. وهذا مخالف (١٤) لكون الشيء بحيث يقبل فرض الأبعاد المذكورة ، فإن ذلك لا يختلف فيه جسم وجسم. وأما أنه (١٥) يمسح بكذا كذا (١٦) مرة ، أو أنه (١٧) لا يغني مسحه (١٨) بكذا البتة ، فقد يختلف فيه جسم وجسم.

__________________

(١) المقادير : الكميات د

(٢) أعراض : عرض م

(٣) المتصلة : ساقطة من ط

(٤) فهو : وهو ب

(٥) منه : عنه ب ، ج ، ص ، ط. (٦) وبشيء : ويسمى د. (٧) مقدار : + هذا ص

(٨) الشيء المتصل : الشيء ب ، ص ، ط ، م ؛ المتصل ج

(٩) أبعاد : أبعادا ج

(١٠) لا يمكن : لا يكون د. (١١) هذا الشيء المتصل : هذا الشيء ب ، ص ، م

(١٢) كذا مرة : وكذا مرة ج ، ط ؛ ساقطة من د. (١٣) أولا ينتهى : منته أو لا ينتهى ص ؛ منه أو لا ينتهى م

(١٤) مخالف : يخالف م. (١٥) أنه : + جسم د

(١٦) كذا : وكذا ج ، ط ؛ بكذا د

(١٧) أو أنه : وأنه ج ، ط ، م. (١٨) مسحه : + مسحه د.

١١١

فهذا المعنى هو كمية الجسم ، وذلك صورته. وهذه الكمية لا تفارق تلك الصورة في الوهم البتة ، لكن (١) هي والصورة تفارقان المادة في الوهم.

وأما (٢) السطح والخط فبالحري أن يكون له (٣) اعتبار أنه نهاية ، واعتبار أنه مقدار ، وأيضا للسطح اعتبار أنه يقبل فرض بعدين فيه على صفة الأبعاد المذكورة ، أعني بعدين فقط يتقاطعان على زاوية قائمة ، وأيضا أنه يقدر ويمسح ، ويكون أعظم وأصغر ، وأنه يفرض فيه أيضا أبعاد بحسب اختلاف الأشكال.

فلنتأمل هذه الأحوال فيه (٤) فنقول : أما قبوله لفرض بعدين (٥) فإنما ذلك له لأنه نهاية الجسم الذي هو قابل لفرض الأبعاد (٦) الثلاثة ، فإن كون الشيء نهاية لقابل الثلاثة من حيث هو نهاية لمثل ذلك لا أنه (٧) نهاية مطلقا ، ومقتضاه أن يكون قابلا لفرض بعدين ، وليس هو بهذه الجهة مقدار ، بل هو بهذه الجهة مضاف. وإن كان مضافا لا يكون إلا مقدارا ، وقد عرفت الفرق بين المضاف مطلقا وبين المضاف الذي هو المقولة التي (٨) لا تجوز ، على ما بينا أن يكون مقدارا أو كيفا. وأما أنه مقدار فهو بالجهة الأخرى التي (٩) بها (١٠) يمكن أن يخالف غيره من السطوح في القدر والمساحة ولا يمكن أن يخالفها بالمعنى الأول بوجه ، لكنه (١١) من الجهتين جميعا عرض ، فإنه من حيث هو نهاية عارض للمتناهي ، لأنه موجود فيه كجزء منه ولا يقوم دونه ، وقد قلنا إنه ليس من شرط الموجود في شيء أن يطابق ذاته ، وأما أين قلنا هذا ففي الطبيعيات ، فليتأمل هناك إن عرضت من هذه الجهة شبهة.

__________________

(١) لكن : هى م

(٢) وأما : فأما د

(٣) له : ساقطة من م

(٤) فيه : ساقطة من ب

(٥) بعدين : البعدين ج ، د ، ص ، م

(٦) الأبعاد : ساقطة من ب ، ج ، د ، ط ، م

(٧) أنه : أنها م

(٨) المقولة التي : مقولة الذي ج ، د ، ط ، م

(٩) التي : الذي ج

(١٠) بها : لها ط ، م

(١١) لكنه : لكن ط.

١١٢

وأيضا (١) من حيث هو مقدار هو عرض ، ولو كان كون السطح بحيث يفرض فيه بعدان أمرا له (٢) في نفسه لم تكن نسبة (٣) المقدارية في السطح إلى ذلك الأمر نسبة المقدارية إلى الصورة الجسمية ، بل تكون نسبة ذلك المعنى إلى المقدارية في السطح (٤) نسبة فصل إلى جنس ، والنسبة الأخرى نسبة عارض إلى صورة. وأنت تعلم هذا بتأمل الأصول.

واعلم أن السطح لعرضيته ما يحدث (٥) ويبطل في الجسم بالاتصال والانفصال واختلاف الأشكال والتقاطيع (٦) ، وقد يكون سطح الجسم مسطحا ، فيبطل من حيث هو مسطح ، فيحدث (٧) مستدير. وقد علمت فيما سلف من الأقاويل أن السطح الواحد بالحقيقة لا يكون موضوعا للكرية والتسطيح (٨) في الوجود ، ولذلك (٩) ليس كما أن الجسم الواحد يكون موضوعا لاختلاف أبعاد بالفعل تترادف عليه فكذلك السطح (١٠) إذا أزيل عن شكله (١١) حتى تبطل أبعاده فلا يمكن ذلك إلا بقطعه. وفي القطع إبطال (١٢) صورة السطح الواحدة (١٣) التي بالفعل ، وقد علمت هذا من أقوال أخرى ، وعلمت (١٤) أن هذا لا يلزم في الهيولى حتى تكون الهيولى للاتصال غيرها للانفصال ، وقد علمت أنه إذا ألفت (١٥) سطوح ووصل بعضها ببعض تأليفا يبطل الحدود المشتركة كان الكائن سطحا آخر بالعدد ، لو أعيد إلى تأليفه الأول لم يكن ذلك السطح الأول بالعدد بل آخر (١٦) مثله بالعدد ، وذلك لأن المعدوم لا يعاد.

__________________

(١) وأيضا : + هو ج د ، ط ، م

(٢) أمرا له : أمر إليه ط

(٣) نسبة : نسبته ط

(٤) السطح : + إلى ط

(٥) ما يحدث : ما يعرض يحدث م

(٦) والتقاطيع : والتقاطع د

(٧) فيحدث : ويحدث ص

(٨) والتسطيح : وللتسطيح م

(٩) ولذلك : وكذلك م

(١٠) السطح : لأن السطح ب ، ج ، ص ، م

(١١) شكله : أشكاله ط

(١٢) إبطال : إبطاله م

(١٣) الواحدة : الواحد ج

(١٤) وعلمت : وقد علمت د ، ص ، ط

(١٥) ألفت : ألف ب ، ط. (١٦) بل آخر : ساقطة من م.

١١٣

وإذ قد عرفت صورة الحال في السطح فقد عرفت في الخط فاجعله قياسا عليه. فقد تبين لك أن هذه أعراض (١) لا تفارق المادة وجودا ، وعرفت (٢) أيضا أنها لا تفارق الصورة التي هي في طباعها (٣) مادية توهما أيضا. فقد بقي أن تعلم (٤) كيف ينبغي أن يفهم قولنا : إن السطح يفارق الجسم توهما ، وإن الخط (٥) يفارق السطح توهما (٦).

فنقول : إن هذه المفارقة تفهم في هذا الموضع (٧) على وجهين : أحدهما أن نفرض (٨) في الوهم سطح ولا جسم ، وخط ولا سطح ، والآخر أن يلتفت إلى السطح ولا يلتفت إلى الجسم أصلا أنه معه أو ليس معه. وأنت تعرف (٩) أن الفرق بين الأمرين ظاهر ، فإنه فرق بين أن ينظر إلى الشيء وحده وإن كان معتقدا أنه مع غيره لا يفارقه ، وبين أن ينظر إليه وحده مع شرط مفارقته (١٠) ما هو (١١) معه ، محكوما عليه بأنه كما التفت إليه وحده حتى يكون (١٢) هو في وهمك قائم وحده. فهو مع ذلك يفرق (١٣) بينه وبين الشيء الآخر محكوما (١٤) بأن ذلك الشيء ليس معه.

فمن ظن أن السطح والخط والنقطة قد يمكن أن يتوهم سطحا وخطا ونقطة مع فرض أن لا جسم مع السطح ولا مع الخط ولا مع النقطة فقد ظن باطلا ، وذلك لأنه لا يمكن أن يفرض السطح في الوهم مفردا (١٥) ليس نهاية لشيء إلا أن يتوهم مع وضع خاص ويتوهم له جهتان توصلان الصائر إليه إيصالا يلقي جانبين غيرين ، كما علمت. فيكون حينئذ ما توهم سطحا (١٦) غير سطح.

__________________

(١) أعراض : الاعراض د

(٢) وعرفت : وقد عرفت ص ، ط

(٣) طباعها : طباعه م

(٤) تعلم : + أيضا ج

(٥) وإن الخط : والخط ب

(٦) وإن الخط ... توهما : ساقطة من ط ، م

(٧) الموضع : الموضوع د

(٨) نفرض : يعرض ب ، د ، ط

(٩) تعرف : تعلم ب ، ج ، ص

(١٠) مفارقته : مفارقة ج ، ص

(١١) ما هو : هو د. (١٢) يكون : ساقطة من د ، م

(١٣) يفرق : + فارق ج ، م. (١٤) محكوما : محكوم ج ، ص ، م

(١٥) مفردا : مفرط ط. (١٦) جانبين ... سطحا : ساقطة من ط.

١١٤

فإن السطح هو نفس (١) الحد لا ذو الحدين ، وإن توهم السطح نفس النهاية التي تلي جهة واحدة فقط من حيث هو كذلك أو نفس الجهة ، والحد (٢) ـ على أن لا انفصال له من جهة أخرى ـ كان ما هو نهايته متوهما معه بوجه ما ، وكذلك الحال في الخط والنقطة.

والذي يقال إن النقطة ترسم بحركتها الخط فإنه أمر (٣) يقال للتخيل (٤) ، ولا إمكان وجود له (٥) ، لا لأن النقطة لا يمكن أن تفرض (٦) لها مماسة منتقلة ، فإنا قد بينا أن ذلك ممكن (٧) فيها بوجه ، لكن المماسة لما (٨) كانت لا تثبت وكان (٩) لا يبقى الشيء بعد المماسة إلا كما كان قبل المماسة ، فلا تكون هناك نقطة بقيت مبدأ خط بعد المماسة ولا يبقى (١٠) امتداد بينها وبين أجزاء (١١) المماسة ، لأن تلك النقطة إنما صارت نقطة واحدة (١٢) كما علمت في الطبيعيات بالمماسة لا غير ، فإذا بطلت المماسة بالحركة فكيف تبقى هي نقطة؟ وكذلك كيف يبقى ما هي مبدأ له رسما ثابتا؟ بل (١٣) إنما ذلك في الوهم والتخيل (١٤) فقط. وأيضا فإن حركتها تكون لا محالة ، وهناك شيء موجود تكون الحركة عليه أو فيه (١٥) ، وذلك الشيء قابل لأن يتحرك فيه فهو جسم (١٦) أو سطح أو بعد في سطح أو بعد (١٧) هو خط (١٨) ، فتكون هذه الأشياء موجودة قبل حركة النقطة ، فلا تكون حركة النقطة علة لأن توجد هي.

__________________

(١) نفس : + الخط م

(٢) والحد : فالحد ج

(٣) فإنه أمر : فأمر ص ، ط

(٤) للتخيل : للتخييل ج ، ص ، ط ؛ التخيل م

(٥) له : + بوجه ج

(٦) تفرض : يعرض ج

(٧) ممكن : جائز ج ، د ، ص ، م.

(٨) مماسة ... لما : ساقطة من ب. (٩) وكان : فكان ج ، د

(١٠) يبقى : بقى ص. (١١) أجزاء : الأجزاء ص ؛ أخر م

(١٢) واحدة : واحدا ب ، ج ، م. (١٣) بل : + له ط ، م

(١٤) فى الوهم والتخيل : فى التخيل ب ، د ، ط ، م

(١٥) أو فيه : وفيه م

(١٦) فهو جسم : فهو بعد جسم بخ ، ج ؛ بعد جسم د

(١٧) فى سطح أو بعد : ساقطة من د.

(١٨) فهو جسم ... خط : ساقطة من م

١١٥

فأما وجود المقدار الجسماني فظاهر ، وأما وجود السطح فلوجوب تناهي المقدار الجسماني ، وأما وجود الخط فبسبب (١) جواز قطع السطوح وافتراض الحدود لها. وأما الزاوية فقد ظن بها أنها كمية متصلة غير السطح والجسم ، فينبغي أن ينظر في أمرها ، فنقول : إن المقدار جسما كان أو سطحا فقد يعرض له أن يكون محاطا بين نهايات تلتقي عند نقطة واحدة ، فيكون من حيث هو بين هذه النهايات شيئا ذا زاوية من غير أن ينظر إلى حال نهاياته من جهة فكأنه مقدار أكثر من بعد ينتهي عند نقطة ، فإن شئت سميت نفس هذا المقدار من حيث هو كذلك زاوية ، وإن شئت سميت الكيفية التي له (٢) من حيث هو هكذا (٣) زاوية ، فيكون الأول كالمربع والثاني كالتربيع. فإن أوقعت الاسم على المعنى الأول قلت : زاوية مساوية وناقصة وزائدة لنفسها ، لأن جوهرها مقدار ، وإن أوقعت على المعنى الثاني قلت ذلك لها بسبب المقدار الذي هي (٤) فيه كما للتربيع ، ولأن (٥) هذا الذي هو الزاوية بالمعنى الأول يمكن أن يفرض فيه إما أبعاد ثلاثة أو بعدان ، فهو مقدار جسم أو سطح.

والذي يظنه من يقول : إنه إنما يكون سطحا إذا (٦) تحرك الخط الفاعل إياه في الوهم بكلتي نقطتيه حتى أحدثه ، حتى كان قد يحرك الطول عرضا بالحقيقة فحدث عرض بعد الطول فكان طول وعرض ، بل لم يتحرك الخط (٧) المحدث للزاوية لا في الطول وحده كما هو ولا في العرض حتى يحدث سطح ، وإنما تحرك بأحد رأسيه فحدثت الزاوية. فجعل الزاوية جنسا رابعا من المقادير.

__________________

(١) قيسبب : يسبب د

(٢) له : ساقطة من د

(٣) هكذا : كذا ب ، ج ، ص

(٤) هى : هو ج ، ص ، ط

(٥) ولأن : فلأن ج ، ص ، م

(٦) إذا : لو ب ؛ إن لو د ؛ أو م

(٧) الخط : ساقطة من ط.

١١٦

والسبب في هذا جهله بمعنى قولنا : إن للشيء (١) ثلاثة أبعاد أو بعدين حتى يكون مجسما أو مسطحا. فإذ قد عرفت ذلك عرفت (٢) أن هذا الذي قاله لا يلزم ، ولا ينبغي أن يكون للعاقل إليه إصغاء ، وإنما هو شروع من ذلك الإنسان قيما لا يعنيه. وهذا الغافل الحيران قد يذهب إلى أن السطح بالحقيقة هو المربع أو المستطيل لا غير. وليس كلامه مما (٣) يهم فضل شغل به. فقد عرفت وجود الأقدار وأنها أعراض وأنها ليست مبادئ للأجسام ، إذ الغلط في ذلك إنما عرض لما عرفت.

وأما الزمان فقد كان تحقق لك عرضيته وتعلقه بالحركة فيما سلف ، فبقي (٤) أن تعلم (٥) أنه لا مقدار خارجا عن هذه المقادير ، فنقول : إن (٦) الكم المتصل لا يخلو إما أن يكون قارا حاصل الوجود بجميع أجزائه ، أو لا يكون ، فإن لم يكن ، بل كان متجدد الوجود شيئا بعد شيء فهو (٧) الزمان.

وإن كان قارا وهو المقدار (٨) ، فإما أن يكون أتم المقادير وهو الذي يمكن فيه (٩) فرض أبعاد ثلاثة ، إذ ليس يمكن أن يفرض فيه فوق ذلك ، وهذا هو المقدار المجسم ، وإما أن يفرض فيه (١٠) بعدان فقط ، وإما أن يكون ذا بعد واحد (١١) فقط إذ كل متصل فله بعد ما بالفعل أو بالقوة (١٢) ، ولما كان لا أكثر من ثلاثة ولا أقل من واحد فالمقادير ثلاثة والكميات (١٣) المتصلة لذاتها أربعة. وقد يقال لأشياء أخر أنها كميات متصلة وليست (١٤) كذلك.

__________________

(١) للشىء : الشىء د ، ط ، م

(٢) ذلك عرفت : ساقطة من د

(٣) مما : فيما د ، ص ، ط ، م

(٤) فبقى : فيبقى ص

(٥) أن تعلم : ساقطة من ط

(٦) إن : لأن ب ، م. (٧) فهو : وهو م

(٨) وهو المقدار : فهو المقدار د ، ط

(٩) فيه : ساقطة من ج

(١٠) فوق ... يفرض فيه : ساقطة من م

(١١) واحد : ساقطة من ط

(١٢) بالقوة : القوة ج ، م

(١٣) والكميات : فالكميات ب ، ج ، ط

(١٤) وليست : وليس ج.

١١٧

أما المكان فهو السطح ، وأما الثقل والخفة فإنها توجب بحركاتها (١) مقادير في الأزمنة والأمكنة ، وليس لها (٢) في نفسها (٣) أن تجزأ بجزء يعدها (٤) ، وأن تقابل بالمساواة والمفاوتة (٥) بأن يفرض لها (٦) حد ينطبق على حد ما يجانسه ، حتى ينطبق (٧) ما يليه منه على (٨) ما يليه مما يجانسه ، فينطبق عليه الحد الآخر فيساوي أو يختلف فلا يساوي ، بل يفاوت ، فإنا نعني بالمساواة والمفاوتة المعرفتين للمقدار هذا المعنى. وأما التجزئة التي تعرض للخفة والثقل بأن يكون ثقل نصف ثقل فإن ذلك لأنه يتحرك (٩) في الزمان نصف المسافة ، أو في المسافة ضعف الزمان ، أو تحرك الأعظم إلى أسفل في آلة (١٠) حركة يلزم معها أن يتحرك الأصغر إلى العلو أو أمرا مما يجري هذا المجرى.

فهو كالحرارة التي تكون (١١) ضعف الحرارة لأجل أنها تفعل في الضعف (١٢) أو لأنها (١٣) في ضعف الجسم الحار (١٤) المتشابه (١٥) في الحرارة (١٦). وكذلك حال الصغير والكبير والكثير والقليل فإن هذه (١٧) أعراض أيضا تلحق الكميات من باب المضاف ، وأنت قد حصلت الكلام في جميع هذه في موضع آخر (١٨).

فالكمية بالجملة حدها (١٩) هي أنها (٢٠) التي يمكن أن يوجد فيها شيء منها يصح أن يكون واحدا عادا ، وبكون ذلك لذاته سواء كانت الصحة وجودية أو فرضية.

__________________

(١) فإنها توجب بحركاتها : فإنهما يوجبان بحركاتهما ط

(٢) لها : لهما ص ، ط

(٣) نفسها : نفسهما ص ، ط

(٤) يعدها : يعدهما ط ، م

(٥) والمفارقة : والمتفاوتة د

(٦) لها : لهما ج ، ص ، ط

(٧) حتى ينطبق : فينطبق ب ؛ وينطبق ج ، د ؛ ويطبق م

(٨) على : ساقطة من ص

(٩) يتحرك : تحرك م

(١٠) فى آلة : وآلة م

(١١) تكون : ساقطة من م

(١٢) فى الضعف : بالضعف د

(١٣) أو لأنها : ولأنها ط. (١٤) الحار : + بالحار د

(١٥) المتشابه : المشابه ب. (١٦) فى الحرارة : للحرارة د

(١٧) هذه : هذا ط. (١٨) موضع آخر : مواضع أخر ب

(١٩) حدها : ساقطة من م. (٢٠) أنها : إنما ب ؛ ساقطة من ج ، د ، ط ، م.

١١٨

[ الفصل الخامس ]

( هـ ) فصل

في تحقيق ماهية العدد ، وتحديد أنواعه ، وبيان أوائله

وبالحري أن نحقق (١) هاهنا طبيعة الأعداد ، وخاصياتها ، وكيف يجب أن يتصور حالها ووجودها ، فقد انتقلنا عنها (٢) إلى الكميات المتصلة مستعجلين ، لأن غرضنا كان يوجب ذلك. فنقول : إن العدد له وجود في الأشياء ، ووجود في النفس. وليس قول من قال : إن العدد لا وجود له إلا في النفس بشيء يعتد به ، أما إن قال : إن العدد لا وجود له مجردا عن المعدودات التي في الأعيان إلا في النفس ، فهو حق. فإنا (٣) قد بينا أن الواحد لا يتجرد عن الأعيان قائما بنفسه إلا في الذهن ، فكذلك ما يترتب وجوده على وجود الواحد. وأما أن يكون (٤) في الموجودات أعداد فذلك أمر لا شك فيه إذا (٥) كان في الموجودات وحدات فوق واحدة ، وكل واحد من الأعداد (٦) فإنه نوع بنفسه ، وهو واحد في نفسه من حيث هو ذلك النوع ، وله من حيث هو ذلك النوع خواص. والشيء الذي لا حقيقة له محال أن تكون له خاصية (٧) الأولية أو التركيبية (٨) أو التمامية أو الزائدية (٩) أو الناقصية أو المربعية أو المكعبية أو الصمم وسائر الأشكال التي لها.

__________________

(١) نحقق : نتحقق ج ، د ، ص ، ط ، م

(٢) عنها : عنه ط

(٣) فإنا : + إذ م

(٤) يكون : ساقطة من م

(٥) إذا : إذ ج ، ص ؛ أو د

(٦) الأعداد : الوحدات طا

(٧) خاصية : خاصيته : ص ، ط

(٨) التركيبية : التركيب ج ، د ، ص ، م

(٩) الزائدية : الزائدة م.

١١٩

فإذن (١) لكل واحد (٢) من الأعداد حقيقة تخصه (٣) وصورة يتصور منها في النفس ، وتلك الحقيقة وحدته التي بها هو ما هو. وليس العدد كثرة لا تجتمع في وحدة حتى يقال : إنه مجموع آحاد. فإنه من حيث هو مجموع هو واحد يحتمل خواص ليست لغيره. وليس (٤) (٥) بعجيب (٦) أن يكون الشيء واحدا من حيث له صورة ما كالعشرية مثلا أو الثلاثية وله كثرة ، فمن حيث العشرية ما هو بالخواص التي للعشرة (٧) ، وأما لكثرته فليس له فيها إلا الخواص التي للكثرة المقابلة للوحدة ، ولذلك فإن (٨) العشرة لا تنقسم في العشرية إلى عشرتين لكل واحدة (٩) منهما خواص العشرية.

وليس يجب أن يقال : إن العشرة ليس هي إلا (١٠) تسعة وواحد (١١) ، أو خمسة وخمسة ، أو واحد وواحد وواحد (١٢) كذلك (١٣) حتى ننتهي إلى العشرة (١٤). فإن قولك : العشرة تسعة وواحد (١٥) ، قول حملت فيه التسعة على العشرة وعطفت عليه الواحد ، فتكون كأنك (١٦) قلت : إن العشرة (١٧) أسود وحلو ، فيجب أن تصدق عليه الصفتان المعطوفة إحداهما (١٨) على الأخرى ، فتكون (١٩) العشرة تسعة وأيضا واحدا. فإن لم ترد بالعطف تعريفا ، بل عنيت ما يقال : إن الإنسان حيوان وناطق ، أي حيوان ذلك الحيوان الذي هو ناطق (٢٠). تكون كأنك قلت : إن العشرة تسعة ، تلك التسعة التي هي واحد ، وهذا أيضا مستحيل. وإن عنيت

__________________

(١) فإذن : فإن م

(٢) واحد : ساقطة من ج ، ص ، ط

(٣) تخصه : شخصية د ، ط

(٤) لغيره وليس : ساقطة من د

(٥) وليس : ليس م

(٦) بعجيب : بعجب ص ، م

(٧) التي للعشرة : إلى العشرة م

(٨) فإن : قال د

(٩) واحدة : واحد ب ، ج ، د ، م

(١٠) هى إلا : هو إلا ب ، ج ، د ، م ؛ إلا هو ط

(١١) وواحد : وواحدة ج ، ط. (١٢) وواحد وواحد : وواحد ج ، د ؛ وواحد واحد ص ، م

(١٣) كذلك : ساقطة من م. (١٤) إلى العشرة : ساقطة من م

(١٥) وواحد : وواحدة ص ، ط. (١٦) فتبكون كأنك : فكأنك ج

(١٧) إن العشرة : العشرة ب ، ج ، ط ، م. (١٨) إحداهما : أحدهما م

(١٩) فتكون : + كأنك قلت واحد ط. (٢٠) ناطق : الناطق ج ، ط.

١٢٠