الشفاء الإلهيّات

الشفاء الإلهيّات0%

الشفاء الإلهيّات مؤلف:
الناشر: مكتبة آية الله العظمى المرعشي النجفي
تصنيف: مكتبة الفلسفة والعرفان
الصفحات: 489

الشفاء الإلهيّات

مؤلف: ابن سينا
الناشر: مكتبة آية الله العظمى المرعشي النجفي
تصنيف:

الصفحات: 489
المشاهدات: 84888
تحميل: 6580

توضيحات:

الشفاء الإلهيّات
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 489 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 84888 / تحميل: 6580
الحجم الحجم الحجم
الشفاء الإلهيّات

الشفاء الإلهيّات

مؤلف:
الناشر: مكتبة آية الله العظمى المرعشي النجفي
العربية

ومن رأى أن الأشياء إنما تتكون (١) من الأجناس والفصول جعلها الأسطقسات الأولى ، وخصوصا الواحد والهوية فقد جعلوها أولى المبادي بالمبدئية ، لأنها أشدها (٢) كلية وجنسية. ولو (٣) أنصفوا لعلموا أن القوام بالذات أنما هو للأشخاص ، فما يليها أولى بأن يكون جواهر وقائمات بأنفسها ، وأنها أولى بالوجود (٤) أيضا.

ولنعد إلى أمر العنصر (٥) فنقول : قد جرت العادة في مواضع (٦) بأن (٧) يقال : إن الشيء كان عن العنصر في مواضع (٨) ، ولم يجر في مواضع (٩) ، فإنه يقال : إنه كان من الخشب باب ، ولا يقال : كان (١٠) من الإنسان كاتب. وأن ينسب الكائن إلى الموضوع في مواضع (١١) ، وأن لا ينسب في مواضع ، فيقال ، تارة (١٢) ، إن هذا باب خشبي ، ولا يقال : إن هذا كاتب إنساني. فأما الأول ، فإذا وجدوا الموضوع (١٣) لم يتحرك إليه (١٤) البتة ولم يتغير في قبول الشيء ، فإنهم حينئذ (١٥) لا يقولون إنه كان عنه ، بل إنما يقولون دائما إنه كان عن العدم ، كما يقولون عن غير الكاتب. وإذا تغير وخصوصا فيما لا يجدون للعدم (١٦) منه (١٧) اسما ، فيقولون : كان عن غير (١٨) الموضوع. وأما بالنسبة (١٩) إلى الموضوع فإنما يستعمل في الأكثر إذا كان الموضوع قد يصلح غيره للصورة (٢٠). وأما الصورة فلا ينسب إليها ، ولا يقال كان منها ، إنما يشتق منها الاسم ، والموضوع قد (٢١) يكون مشتركا للكل وقد يكون مشتركا لعدة أمور ، مثل العصير (٢٢) للخل والخمر والطلاء والرب (٢٣) وغير ذلك.

وكل عنصر فإنه من حيث هو عنصر ، إنما له القبول فقط ، وأما حصول الصورة فله من غيره ، وما كان من العناصر أو (٢٤) القوابل مبدأ الحركة إلى الأثر موجود في نفسه

__________________

(١) تتكون : تكون ط. (٢) أشدها : أشد ، د ، ط

(٣) ولو : فلو ح ، د ، ص. (٤) بالوجود : بالوحدة ب ، ح ، ص ، ط ، م

(٥) أمر العنصر : الأمر العنصرى د. (٦) فى مواضع : ساقطة من ب

(٧) بأن : أن ب ، د ، م. (٨) عن العنصر فى مواضع : عن العنصر د ، م

(٩) ولم يجر فى مواضع : ولم يجر ح ، ص. (١٠) ولا يقال كان : ولا يقال م

(١١) الموضوع فى مواضع : الموضوع م. (١٢) تارة : ناقصة من ط

(١٣) وجدوا الموضوع : وجد كالموضوع ب. (١٤) إليه : ساقطة من ب ، ح ، د ، م

(١٥) حينئذ : ساقطة من ب ، م. (١٦) للعدم : للمعدوم ب

(١٧) منه : فيه ب ، ح ، ص ، ط. (١٨) غير : ساقطة من م

(١٩) بالنسبة : النسبة ب ، د ، ص ، ط ، م. (٢٠) للصورة : + لغيره وللصورة د

(٢١) والموضوع قد : والموضوع وقد د. (٢٢) العصير : العصر د

(٢٣) والرب : والربوب ط ( الرّبّ ما يطبخ من الثمر ـ تاج العروس ). (٢٤) أو : « و » ح ، ص ، ط.

٢٨١

ظن أنه متحرك إليه بنفسه ، وليس كذلك (١). فقد (٢) تبين (٣) لنا (٤) في مواضع أخرى أنه لا يجوز أن يكون شيء واحد فاعلا وقابلا لشيء واحد من غير أن يتجزأ ذاته ، لكن العنصر إذا كان مبدأ حركته فيه بذاته كان متحركا عن الطبيعة ، وكان ما يكون منه طبيعيا ، وإذا كان مبدأ الحركة (٥) فيه (٦) من خارج ولم يكن (٧) له أن يتحرك إلى ذلك الكمال من نفسه (٨) كان ما يكون منه صناعيا أو جاريا مجراه ، فهذا جمل ما نقوله في العنصر.

وأما الصورة فنقول : قد يقال صورة لكل معنى بالفعل يصلح أن يفعل حتى تكون الجواهر المفارقة صورا بهذا المعنى.

ويقال (٩) صورة لكل هيئة وفعل يكون في قابل وحداني أو بالتركيب (١٠) حتى تكون الحركات والأعراض صورا. ويقال صورة لما تتقوم (١١) به المادة بالفعل فلا تكون حينئذ الجواهر العقلية والأعراض صورا. ويقال صورة لما تكمل به المادة وإن لم تكن متقومة بها بالفعل ، مثل الصورة (١٢) وما يتحرك بها (١٣) إليها بالطبع ، ويقال صورة خاصة لما يحدث في المواد بالصناعة من الأشكال وغيرها. ويقال (١٤) صورة لنوع الشيء (١٥) ولجنسه ولفصله ولجميع ذلك. وتكون كلية الكلي صورة للأجزاء (١٦) أيضا ، والصورة قد تكون ناقصة كالحركة (١٧) وقد تكون تامة كالتربيع والتدوير.

وقد علمت أن الشيء الواحد يكون صورة وغاية ومبدأ فاعليا من وجوه مختلفة. وفي الصناعة أيضا ، فإن الصناعة (١٨) هي صورة المصنوع في النفس ، فإن البناء في نفسه صورة الحركة إلى صورة البيت ، وذلك هو المبدأ الذي يصدر عنه حصول الصورة في مادة البيت ، وكذلك الصحة هي (١٩) صورة البرء ، ومعرفة العلاج هي صورة الإبراء. والفاعل (٢٠) الناقص يحتاج إلى حركة وآلات (٢١) حتى يصدرما في نفسه محصلا في المادة ،

__________________

(١) كذلك : ذلك د. (٢) فقد : قد ب ، ح ، د ، م

(٣) تبين : يتبين م. (٤) لنا : لك ح. (٥) حركته فيه بذاته ... مبدأ الحركة : ساقطة من م

(٦) فيه : ساقطة من د. (٧) ولم يكن : وأن لم يكن ص. (٨) من نفسه : بنفسه د ، ص ، ط ، م

(٩) ويقال : وقد يقال ب ، ح ، ص ، ط. (١٠) أو بالتركيب : وبالتركيب د

(١١) تتقوم : تكمل مقومة د. (١٢) الصورة : الصحة ب ، ح ، ص ، ط ، م

(١٣) بها : ساقطة من ب ، ح ، ص ، ط ، م. (١٤) ويقال : أو يقال ب

(١٥) الشيء : شي ب. (١٦) للأجزاء : فى الأجزاء ح ، د ، ص ، ط ، م

(١٧) كالحركة : كحركة د. (١٨) فإن الصناعة : ساقطة من ب

(١٩) هى : هو : د ، م. (٢٠) والفاعل : فالفاعل ح. (٢١) وآلات : والآلات ح ، ص.

٢٨٢

والكامل فإن الصورة التي في ذاته يتبعها وجود (١) الصورة في مادتها ويشبه أن تكون الأمور الطبيعية صورها عند العلل المتقدمة للطبيعة بنوع ، وعند الطبيعة على طريق التسخير بنوع ، وأنت تعلم هذا بعد.

وأما الغاية فهي ما لأجله يكون الشيء ، وقد علمته فيما سلف ، وقد تكون الغاية في بعض الأشياء (٢) في نفس الفاعل فقط كالفرح بالغلبة ، وقد تكون الغاية في بعض الأشياء (٣) في شيء غير الفاعل ، وذلك تارة في الموضوع مثل غايات الحركات التي تصدر عن روية أو طبيعة (٤) ، وتارة في شيء ثالث كمن يفعل شيئا ليرضى به فلان ، فيكون (٥) رضاء فلان غاية خارجة عن الفاعل والقابل ، وإن كان الفرح بذلك الرضى أيضا غاية أخرى. ومن الغايات التشبه بشيء آخر ، والمتشبه (٦) به من حيث هو (٧) متشوق إليه (٨) غاية (٩) ، والتشبه نفسه أيضا غاية.

[ الفصل الخامس ]

( هـ ) فصل

(١٠) في إثبات الغاية وحل شكوك قيلت في إبطالها ، والفرق بين الغاية وبين الضروري

وتعريف الوجه الذي تتقدم به الغاية على سائر العلل والوجه الذي تتأخر به

فنقول : إنه قد بان ، مما (١١) سلف لنا من القول ، أن كل معلول فله مبدأ ، وكل حادث فله مادة وله صورة ، ولم يتبين بعد أن كل تحريك فله غاية ما ، فإن (١٢) هاهنا ما هو عبث ، وهاهنا ما هو اتفاق ، وأيضا هاهنا مثل حركة الفلك ، فإن لا غاية لها (١٣) في ظاهر الأمر ،

__________________

(١) وجود : وجوه ح ، ص ، ط

(٢) الأشياء : + أنقص ط. (٣) فى نفس الفاعل ...

الأشياء ساقطة من م. (٤) أو طبيعة : والطبيعة م

(٥) فيكون : فلأن ص : يكون ب ، د. (٦) والمتشبه : والتشبه ط

(٧) هو : + إليه د. (٨) إليه : + هو ب ، ح ، د ، ص

(٩) ومن الغايات .... إليه غاية : ساقطة من م

(١٠) فصل : الفصل الخامس ط ؛ ساقطة من د

(١١) مما : فيما ب ، ح ، د ، ص ، م

(١٢) فإن : وإن ط. (١٣) لها : ساقطة من ح.

٢٨٣

والكون والفساد لا غاية لهما في ظاهر الظن. ثم لقائل أن يقول : قد يجوز أن (١) يكون لكل غاية غاية ، كما يكون لكل (٢) ابتداء ابتداء ، فلا يكون بالحقيقة غاية وتمام ، لأن الغاية بالحقيقة ما يسكن لديه ، وقد نجد أشياء هي غايات ولها غايات أخرى إلى غير النهاية ، فإن هاهنا أشياء يظن أنها غايات ولا تتناهى ، كنتائج تترادف عن القياسات ولا تتناهى. ثم لقائل أن يقول : لنترك أن الغاية موجودة لكل فعل ، فلم جعلت علة (٣) متقدمة وهي بالحقيقة معلولة (٤) العلل كلها؟ ومما (٥) يليق أن نتكلم فيه بعد حل هذه الشبهة (٦) أنه هل الغاية والخير شيء واحد أم يختلف (٧)؟ وأيضا ما الفرق بين الجود والخيرية؟ فتقول (٨) :

أما الشك الأول المنسوب إلى الاتفاق والعبث فنحله ونقول (٩) : أما حال الاتفاق وأنه غاية ما فقد فرغ منه في الطبيعيات. وأما بيان أمر العبث فيجب أن نعرف أن كل حركة إرادية فلها مبدأ قريب ، ومبدأ بعيد (١٠) ، ومبدأ أبعد. فالمبدأ القريب هو القوة المحركة التي في عضلة العضو ، والمبدأ الذي يليه هو الإجماع من القوة الشوقية ، والأبعد من ذلك هو التخيل أو التفكر (١١). فإذا ارتسم في التخيل أو في الفكر (١٢) النطقي (١٣) صورة ما ، فتحركت (١٤) القوة الشوقية إلى الإجماع ، خدمتها القوة المحركة التي في الأعضاء ، فربما كانت الصورة المرسمة في التخيل أو (١٥) الفكر (١٦) هي نفس الغاية التي تنتهي إليها الحركة ، وربما كانت شيئا غير ذلك ، إلا أنه لا يتوصل إليه إلا بالحركة إلى ما تنتهي إليه الحركة ، أو تدوم عليه الحركة.

مثال الأول : أن الإنسان ربما ضجر عن المقام في موضع ما ، وتخيل (١٧) في نفسه صورة موضع آخر ، فاشتاق (١٨) إلى المقام فيه ، فتحرك نحوه ، فانتهت (١٩) حركته إليه ، فكان متشوقه نفس ما انتهى إليه تحريك القوى المحركة للعضلة.

__________________

(١) يجوز أن : + به ب. (٢) كما يكون لكل : كما لكل ب ، ح ، ص ، ط ، م

(٣) علة : علته ح ، ص ، ط. (٤) معلولة : معلول د

(٥) ومما : وما م. (٦) الشبهة : الشبه ح ، د ، ص ، ط. (٧) يختلف : مختلف ب ، ح ، ص ، ط ، م

(٨) فنقول : + الآن ح ، د ، ص ، ط ، م. (٩) ونقول : + الآن ح. (١٠) بعيد : + ومبدأ أبعد ح ، ص ، ط

(١١) أو التفكر : والتفكر د : والفكر ب. (١٢) الفكر : ساقطة من ط

(١٣) النطقى : المنطقى د. (١٤) فتحركت : فحركت ب ، ح ، د ، ص ، م

(١٥) أو : أو فى ب ، ح ، د ، ص ، م. (١٦) الفكر : التفكر د

(١٧) وتخيل : ويتخيل د. (١٨) فاشتاق : واشتاق د : اشتاق م

(١٩) فانتهت : وانتهت ب ، د ، ص ، ط ، م.

٢٨٤

ومثال الثاني : أن الإنسان قد يتخيل في نفسه صورة لقائه لصديق له ، فيشتاقه ، فيتحرك إلى المكان الذي يقدر مصادفته فيه ، فتنتهي حركته إلى ذلك المكان ، ولا تكون نفس ما انتهت إليه حركته نفس المتشوق (١) الأول الذي نزع (٢) إليه بل معنى آخر ، لكن المتشوق يتبعه ، ويحصل (٣) بعده ، وهو (٤) لقاء الصديق.

فقد عرفت هذين القسمين ، وتبين لك من ذلك بأدنى تأمل أن الغاية التي تنتهي إليها الحركة في كل حال من حيث هي غاية حركة (٥) ، هي غاية أولى حقيقية للقوة الفاعلة (٦) المحركة (٧) التي في الأعضاء ، وليس للقوة المحركة التي في الأعضاء غاية غيرها ، لكنه ربما كان (٨) للقوة التي قبلها غاية غيرها ، فليس يجب دائما أن يكون ذلك الأمر غاية أولى للقوة الشوقية : تخييلية كانت أو فكرية ، ولا أيضا دائما يجب أن لا يكون ، بل ربما كان ، وربما لم يكن ، كما قد تبين لك في المثالين.

أما الأول منهما فكانت الغاية فيهما (٩) واحدة ، وأما الثاني فكانت مختلفة.

والقوة المحركة التي في الأعضاء مبدأ حركة لا محالة ، والقوة الشوقية أيضا مبدأ أول لتلك الحركة ، فإنه لا يمكن أن تكون حركة نفسانية لا عن شوق البتة ، لأن الشيء الذي لا تنبعث إليه القوة ثم تنبعث إليه انبعاثا نفسانيا يكون بتشوق (١٠) نفساني لا محالة قد حدث بعد ما لم يكن. فإذن (١١) كل حركة نفسانية (١٢) مبدؤها الأقرب قوة محركة في عضل الأعضاء ، ومبدؤها الذي يليه شوق ، والشوق ـ كما علم (١٣) في علم كتاب (١٤) النفس ـ تابع لتخيل أو فكر لا محالة ، فيكون المبدأ الأبعد تخيلا أو فكرا.

فإذن هاهنا مبادئ للحركات (١٥) النفسانية.

منها واجبة بأعيانها ضرورة.

__________________

(١) المتشوق ( الأولى ) : المشوق د

(٢) نزع : ينزع ب ، ح ، د

(٣) ويحصل : أو يحصل ب ، ح ، م : أن يحصل ص

(٤) وهو : هو د. (٥) حركة : وحركة د. (٦) الفاعلة : الفاعلية ب ، ح ، د ، م

(٧) المحركة : للحركة م. (٨) كان : كانت ب ، ح ، د ، ص ، م

(٩) فيهما : فيما ط. (١٠) يتشوق : بشوق د : لشوق ب ، م : بشوقى ح ، ص

(١١) فإذن : فإن ح. (١٢) نفسانية : + فيكون ح ، ص ، م

(١٣) علم : علمت ح

(١٤) كتاب : ساقطة من م

(١٥) للحركات : للحركة ب ، ح ، د ، ص ، م.

٢٨٥

ومنها غير واجبة بأعيانها ضرورة ،

والواجبة ضرورة : هي (١) القوى المحركة في الأعضاء ، والقوة الشوقية.

وغير الواجبة : هي التخيل والفكر (٢) ، فإنه ليس يجب لا محالة أن يكون تخيل ولا فكر أو فكر ولا تخيل ولكل (٣) مبدإ حركة غاية لا محالة والمبدأ الذي لا بد منه في الحركة الإرادية له غاية لا بد منها ، والمبدأ (٤) الذي منه بد قد توجد الحركة خالية عن غايته ، فإن اتفق أن يتطابق (٥) المبدأ الأقرب ـ وهو القوة المحركة ـ والمبدءان اللذان بعده ـ أعني الشوقية مع التخيل أو الشوقية مع الفكرية (٦) ـ كانت نهاية الحركة هي الغاية للمبادئ كلها ، وكان ذلك غير عبث لا محالة.

وإن اتفق أن يختلف ، أعني أن لا يكون (٧) ما هو الغاية الذاتية للقوة المحركة غاية ، ذاتية للقوة الشوقية ، وجب ضرورة أن يكون للقوة الشوقية غاية أخرى بعد الغاية التي في القوة المحركة التي للعضو ، وذلك لأنا قد أوضحنا أن الحركة الإرادية لا تكون بلا شوق وكل ما هو شوق فهو شوق (٨) لشيء (٩) ، وإذا (١٠) لم يكن لمنتهى الحركة كان لشيء آخر غيره لا محالة ، وإذا كان ذلك الشيء يراد لأجله الحركة فيجب أن يكون بعد انتهاء الحركة (١١).

وكل (١٢) نهاية تنتهي إليها (١٣) الحركة (١٤) أو تحصل بعد نهاية الحركة ، ويكون الشوق التخيلي والفكري قد تطابقا (١٥) عليها (١٦) ، فبين أنها غاية إرادية ، وليست (١٧) بعبث البتة ، وكل نهاية تنتهي إليها (١٨) الحركة وتكون هي بعينها الغاية المتشوقة المتخيلة (١٩) ولا تكون المتشوقة (٢٠) بحسب الفكرة ، فهي التي تسمى العبث.

وكل غاية ليست هي نهاية الحركة ومبدؤها تشوق تخيلي غير فكري ، فلا يخلو (٢١) : إما أن يكون التخيل وحده هو المبدأ (٢٢) لحركة الشوق (٢٣).

__________________

(١) هى : هو ب. (٢) والفكر : والتفكر ح. (٣) ولكل : فلكل ح ، ط

(٤) والمبدأ : فالمبدأ ب : + الأول د ، ط. (٥) يتطابق : ساقطة من د

(٦) الفكرية : الفكرة ب ، م. (٧) أن لا يكون : أن ما لا يكون م

(٨) فهو شوق : فشوق د. (٩) لشىء : بشيء ط. (١٠) وإذا : إذا د. (١١) انتهاء الحركة : + نهاية د

(١٢) وكل : فكل ص. (١٣) إليها : إليه ص. (١٤) الحركة : + وكون انتهاء الحركة ب. (١٥) قد تطابقا : والتطابق د. (١٦) عليها : عليه ح ، م. (١٧) وليست : وليس د. (١٨) إليها : إليه د. (١٩) المتخيلة : التخيلية ب ، د ، ص ، ط ، م. (٢٠) المتشوقة ( الثانية ) : للمتشوقة ب ، د ، م. (٢١) يخلو : يختلف ح ، ص ، ط

(٢٢) المبدأ : مبدأ ص

(٢٣) الشوق : المتشوق د.

٢٨٦

أو التخيل مع طبيعة أو مزاج مثل التنفس أو حركة المريض.

أو التخيل مع خلق وملكة (١) نفسانية داعية إلى ذلك الفعل بلا روية.

فإن كان التخيل وحده هو المبدأ للشوق سمي ذلك الفعل جزافا ، ولم يسم عبثا.

وإن (٢) كان تخيل (٣) مع طبيعة مثل التنفس ، سمي ذلك الفعل قصدا ضروريا أو طبيعيا.

وإن كان تخيل مع خلق وملكة نفسانية سمي ذلك الفعل (٤) عادة ، لأن الخلق أنما يتقرر باستعمال الأفعال ، فما (٥) يكون بعد الخلق يكون عادة لا محالة.

وإذا كانت الغاية التي (٦) للقوة المحركة وهي نهاية الحركة موجودة ولم توجد الغاية الأخرى التي بعدها وينحو (٧) التشوق (٨) وهي غاية الشوق (٩) فيسمى (١٠) ذلك الفعل باطلا ، كمن حصل في المكان الذي قدر فيه مصادفة الصديق ولم يصادفه هناك ، فسمي فعله باطلا بالقياس إلى القوة المتشوقة دون القوة المحركة وبالقياس إلى الغاية الأولى دون الغاية الثانية.

وإذا (١١) تقررت هذه المقدمات فنقول : قول من يقول (١٢) إن العبث فعل من غير غاية البتة هو (١٣) قول كاذب.

وقول القائل أيضا (١٤) إن العبث فعل من غير غاية البتة هي (١٥) (١٦) خير أو مظنون خيرا ، هو (١٧) قول كاذب.

أما الأول فإن الفعل أنما يكون بلا غاية إذا لم يكن له غاية بالقياس إلى ما هو مبدأ حركته ، لا بالقياس إلى ما ليس مبدأ حركته ، وإلى أي شيء اتفق. وما مثل به في الشك من (١٨) اللعب باللحية ، فمبدأ حركته (١٩) القريبة (٢٠) هو القوة التي في العضلة ، والذي قبله

__________________

(١) وملكة : أو ملكة ح ، د ، ص ، م

(٢) وإن : فإن ب ، ط. (٣) تخيل : التخيل د. (٤) قصدا ضروريا .... ذلك الفعل : ساقطة من م

(٥) الأفعال فما : الانفعال فإنما م. (٦) التي : ساقطة من ط. (٧) وينحو : وينحوها ب ، د ، ص ، ط ، م

(٨) التشوق : بالتشوق ب ، م. (٩) الشوق : التشوق ب ، د ، ط ، م

(١٠) فسمى : فيسمى ح. (١١) وإذا : فإذا ح ، ط : فإذ ب

(١٢) قول من يقول : قول القائل ح ، د ، ص : القائل م

(١٣) هو : فهو ب. (١٤) أيضا : ساقطة من ب

(١٥) هى : هو ط. (١٧) هو : وهو ص. (١٦) قول كاذب ... البتة هى : ساقطة من م

(١٨) من : فى ط. (١٩) حركته : الحركة د. (٢٠) القريبة : القريب ص.

٢٨٧

تشوق تخيلي بلا فكر ، وليس مبدؤه فكرا البتة ، فليس (١) فيه غاية فكرية ، وقد حصلت فيه الغاية التي للتشوق (٢) التخيلي وللقوة المحركة ، فبين أن هذا الفعل بحسب مبدئه المحرك ، منته إلى غاية ، وأنه أنما لا يتحرك إلى غاية بحسب ما ليس مبدؤه المحرك.

ولا يجب أن يظن أن هذا يصدر لا عن شوق تخيلي (٣) ، فإن كل فعل نفساني كان بعد ما لم يكن ، فهناك شوق ما لا محالة ، وطلب نفساني ، وذلك مع تخيل ما ، إلا أن ذلك التخيل ربما كان غير ثابت بل سريع البطلان ، أو كان ثابتا ولكن لم يشعر به ، فليس كل من تخيل شيئا يشعر مع ذلك ويحكم أنه قد تخيل (٤) ، وذلك لأن التخيل غير الشعور بأنه قد تخيل. وهذا ظاهر ، ولو كان كل تخيل يتبعه شعور بالتخيل لذهب الأمر إلى غير النهاية.

وأما الثاني فلأن لانبعاث هذا الشوق علة ما لا محالة : إما عادة ، وإما ضجر عن هيئة وإرادة انتقال إلى هيئة أخرى ، وإما حرص من القوى (٥) المحركة والمحسة على أن يتجدد لها (٦) فعل تحريك وإحساس (٧).

والعادة لذيذة ، والانتقال عن المملول لذيذ ، والحرص على الفعل الجديد لذيذ ، أعني بحسب القوة الحيوانية والتخييلية. واللذة هي الخير (٨) الحسي ، والتخييلي ، والحيواني ، بالحقيقة وهي المظنونة خيرا ، بحسب الخير الإنساني فإذا كان المبدأ تخيلا (٩) حيوانيا فيكون خيره (١٠) لا محالة خيرا تخيليا (١١) حيوانيا فليس إذن هذا الفعل خاليا عن خير بحسبه ، وإن لم يكن خيرا حقيقيا أي بحسب العقل ثم وراء هذا علل لتخصيص هيئة دون هيئة (١٢) من الحركات جزئية لا تضبط.

وأما الشك الذي يليه فينكشف (١٣) بأن نعرف الفرق بين (١٤) الغاية بالذات وبين الضروري الذي هو أحد الغايات التي بالعرض. والفرق بينهما أن الغاية بالذات هي الغاية التي تطلب لذاتها ، والضروري أحد ثلاثة أمور.

__________________

(١) فليس : فليست ب ، ح ، ص ، ط ، م

(٢) للتشوق : للشوق ص. (٣) تخيلى : + البتة ح ، د ، ص ، ط ، م

(٤) قد تخيل : قد يتخيل د. (٥) القوى : القوة ح. (٦) لها : بها ط

(٧) وإحساس : أو إحساس ح ، ص ، ط ، م. (٨) الخير : + من ط

(٩) تخيلا : تخيليا ب ، م : تخييليا ح ، ص ، ط. (١٠) خيره : خير ص

(١١) تخيليا : تخييليا ب ، ح ، ص ، ط ، م. (١٢) دون هيئة : ساقط من د

(١٣) فينكشف : فيكشف د. (١٤) بين : من ب.

٢٨٨

إما أمر لا بد من وجوده حتى توجد الغاية على أنه علة للغاية بوجه ، مثل صلابة الحديد حتى يتم القطع به.

وإما أمر لا بد من وجوده حتى توجد الغاية لا على أنه علة للغاية (١) ، بل على أنه أمر (٢) لازم للعلة ، مثل أنه لا بد من أن يكون جسم أدكن حتى يتم القطع به ، وإنما لم يكن بد من جسم أدكن لا لدكنته (٣) ، لكن لأنه كان لازما للحديد الذي لا بد منه.

وإما أمر لا بد من وجوده لازما للعلة (٤) الغائية نفسها (٥) ، مثل أن العلة الغائية في (٦) التزويج مثلا (٧) التوليد (٨) ، ثم التوليد (٩) يتبعه حب الولد ويلزمه ، لأن (١٠) التزويج كان لأجله. فهذه (١١) كلها غايات بالعرض الضروري ، لا العرض الاتفاقي. وقد (١٢) علمت الغايات العرضية الاتفاقية (١٣) في موضع (١٤) آخر.

واعلم أن وجود مبادئ الشر في الطبيعة ، هو من القسم الثاني من هذه الأقسام ، فإنه مثلا لما كان يجب في الغاية (١٥) الإلهية ـ التي هي (١٦) الجود ـ أن يؤتى (١٧) كل ممكن الوجود (١٨) وجوده الخيري (١٩) ، وكان (٢٠) الوجود الذي للمركبات من العناصر ، وكان لا يمكن أن تكون المركبات إلا من العناصر وكان لا يمكن أن تكون (٢١) العناصر لها إلا الأرض والماء والنار والهواء ، وكان لا يمكن أن تكون النار على الجهة (٢٢) المؤدية إلى الغاية الخيرية المقصودة بها إلا أن تكون محرقة مفرقة ، لزم ذلك ضرورة أن يكون بحيث تضر الصالحين وتفسد كثيرا من المركبات.

وكأنا (٢٣) قد خرجنا عن غرضنا ، فلنعد إليه ، ولنجب (٢٤) عن الشك المورد فنقول : أما أشخاص الكائنات الغير المتناهية فليست هي بغايات ذاتية في الطبيعة ، ولكن الغايات (٢٥)

__________________

(١) للغاية : ساقطة من د ، م. (٢) أمر ( الثانية ) : ساقطة من ص ، م

(٣) لدكنته : لدلالته م. (٤) للعلة : للعلل ط. (٥) نفسها : بنفسها ح ، د ، ص ، م. (٦) فى : + أمر ب ، د ، ص ، ط ، م. (٧) مثلا : مثل د. (٨) التوليد : للتوليد ب

(٩) ثم التوليد : ساقطة من م. (١٠) لأنّ : لا أن ب ، م : أن د : لا لأن ح ، ص

(١١) فهذه : وهذه ب. (١٢) وقد : فقد ب ، ح ، د ، م

(١٣) الاتفاقية : والاتفاقية ح ، د ، ط. (١٤) موضع : مواضع د

(١٥) الغاية : العناية ص ، ط ، م. (١٦) التي هى : والذي هو د

(١٧) يؤتى : نوفى د ؛ يعطى م. (١٨) الوجود : + الخيرى ب ، ح ، د ، ط ، م

(١٩) الخيرى : ساقطة من م. (٢٠) وكان : + منها مبدأ د ، ط ؛ + منها د ، ص ، ط ؛ + مبدأ د ، ط ، م

(٢١) المركبات ...... لا يمكن أن تكون : ساقطة من ب. (٢٢) الجهة : جهة د

(٢٣) وكأنا : فكأنا د. (٢٤) ولنجب : ولنبحث ب ، د. (٢٥) الغايات : الغاية ب ، د ، م.

٢٨٩

الذاتية هي (١) مثلا أن يوجد الجوهر الذي هو الإنسان أو الفرس (٢) أو النخلة ، وأن يكون هذا الوجود وجودا دائما ثابتا ، وكان (٣) هذا ممتنعا في الشخص الواحد المشار إليه ، لأن كل كائن يلزمه ضرورة الفساد ، وأعني (٤) الكائنات من الهيولى الجسمانية (٥) ، ولما امتنع في الشخص استبقى بالنوع ، فالغرض الأول إذن هو بقاء الطبيعة الإنسانية مثلا ، أو غيرها ، أو شخص منتشر غير معين (٦) ، وهو العلة التمامية لفعل الطبيعة الكلية ، وهو واحد ، لكن هذا الواحد لا بد له في حصوله باقيا من أن يكون (٧) أشخاص بعد أشخاص بلا نهاية ، فيكون لا تناهي الأشخاص بالعدد غرضا على المعنى (٨) الضروري من القسم الأول ، لا على أنه عرض بنفسه ، لأنه لو أمكن أن يبقى الإنسان دائما كما تبقى الشمس والقمر (٩) لما احتيج (١٠) إلى التوالد والتكاثر بالنسل.

على أنه وإن سلمنا أن الغرض لا تناهي الأشخاص (١١) كان لا تناهي الأشخاص (١٢) (١٣) غير معنى كل شخص ، وإنما يذهب بلا نهاية شخص بعد شخص (١٤) ، لا لا تناه بعد لا تناه ، فإذن الغاية بالحقيقة (١٥) هاهنا موجودة (١٦) ، وهي وجود شخص منتشر (١٧) ، أو لا تناهي الأشخاص ثم الشخص الذي يؤدي إلى شخص آخر إلى ثالث إلى رابع ليس هو بعينه غاية للطبيعة (١٨) الكلية ، بل للطبيعة الجزئية إذ هي غاية للطبيعة (١٩) (٢٠) الجزئية (٢١) فليس غيرها بعدها غرضا وغاية (٢٢) لتلك الطبيعة الجزئية التي هي غايتها.

__________________

(١) هى : هو ب. (٢) أو الفرس : والفرس د

(٣) وكان : فكان ح ، د ، ط ، م. (٤) وأعنى : أعنى ب ، د ، ص ، ط ، م

(٥) الجسمانية : الجسمانيات ط. (٦) معين : متعين م

(٧) يكون : + له ح ، ص ، ط. (٨) المعنى : معنى م ، ص

(٩) والقمر : والفلك ب. (١٠) والقمر لما احتيج : ساقط من د

(١١) لا تناهى الأشخاص : كان لا تتناهى الأشخاص ح

(١٢) كان لا تناهى الأشخاص : ولا تناهى الأشخاص معنى ح ، م

(١٣) الأشخاص : + معنى ب ، د ، ص

(١٤) بعد شخص : ساقطة من م. (١٥) بالحقيقة : لا الحقيقة ص : ساقطة من د ، ص ، ط

(١٦) موجودة : + بالحقيقة ط. (١٧) فإذن الغاية ... شخص منتشر : ساقطة من د ، م

(١٨) للطبيعة : الطبيعة م. (١٩) للطبيعة : الطبيعة م

(٢٠) غاية للطبيعة : غاية الطبيعة د. (٢١) « فإذ هى غاية للطبيعة الجزئية » : ساقطة من ص

(٢٢) وغاية : أو غاية ب.

٢٩٠

وأعني بالطبيعة الجزئية القوة الخاصة التدبير (١) بشخص واحد (٢).

وأعني (٣) بالطبيعة (٤) الكلية القوة القابضة من (٥) جواهر السماويات كشيء واحد وهي المدبرة (٦) لكلية ما (٧) في الكون. وأنت (٨) تعلم هذه كلها (٩) بعد هذا

وأما الحركة الذاهبة إلى غير النهاية فإنها (١٠) واحدة بالاتصال كما علمت في الطبيعيات. وأيضا فإن الغرض في تلك الحركة ليس هو نفس الحركة بما هي هذه الحركة ، بل الغرض هناك الدوام الذي نصفه بعد ، وهذا الدوام معنى واحد إلا أنه متعلق الوجود بأشياء لنسلم أن عددها بغير نهاية.

وأما حديث المقدمات والنتيجة ، فيجب أن يعلم أن المراد بقولنا (١١) : إن العلة الغائية تتناهى وتقف ، أن العلة الغائية التي بحسب (١٢) فاعل واحد وفعل واحد تتناهى ، ولا يجوز أن يكون فاعل طبيعي أو اختياري يفعل فعلا يروم به بعينه غاية بعد غاية من غير أن يقف عند نهاية.

وأما المبدأ الواحد إذا كان قد يصدر عنه فعل بعد فعل ، ويصير بحسب كل فعل فاعلا غير الفاعل الذي كان بحسب الفعل الآخر ، وإن لم يكن بالذات والموضوع غيره ، فيجوز أن تتكثر (١٣) غاياته ويكون له بحسب كل كون منه فاعلا (١٤) غاية أخرى ، وإن جاز أن يعتبر له كونه فاعلا بعد كونه فاعلا إلى غير النهاية ، كانت غاياته (١٥) بغير نهاية.

ثم النتيجة هي علة غاية (١٦) تمامية للقياس (١٧) الذي يكون على مطلوب محدود ، وكل تركيب قياس فعل (١٨) مبتدإ ، وللنفس بحسب كل قياس فعل مستأنف يصدر عنه استحقاق أن يقال له (١٩) فاعل مستأنف ، وفي كل واحد من مرات كونه فاعلا غاية محدودة بعينها لا يجوز أن تكون ذاهبة إلى غير النهاية إذ (٢٠) لكل قياس واحد نتيجة واحدة (٢١) لا محالة.

__________________

(١) التدبير : للتدبر د. (٢) بشخص واحد : بالشخص الواحد ح ، د ، ص ، ط

(٣) بالطبيعة الجزئية ... وأعنى : ساقطة من م. (٤) بالطبيعة : طبيعة د

(٥) من : فى ب ، ح ، ط ، م. (٦) وهى المدبرة : والمدبرة ب ، م : هى المدبرة ط

(٧) لكلية ما : الكلية ما : الكلية ب ، د ، ط. (٨) وأنت : فأنت د

(٩) كلها : + من ب ، د ، ص ، ط ، م. (١٠) فإنها : فإنه د

(١١) بقولنا : فى قولنا ح ، ص ، م. (١٢) بحسب : فحسب ص ، ط

(١٣) تتكثر : تكثر م : تتكسر ح ، ص. (١٤) فاعلا : + وغيره ط

(١٥) غاياته : غايته ح. (١٦) غاية : ساقطة من ب ، ح ، د ، ص ، م. (١٧) للقياس : القياس ط. (١٨) فعل : ساقطة من ب ، ح ، د ، م. (١٩) له : لها ح ، ط. (٢٠) إذ : أو د. (٢١) واحدة : واحد د.

٢٩١

وأما الشك الذي يليه فينحل بأن يعلم أن الغاية تفرض (١) شيئا. وتفرض موجودا ، وفرق بين الشيء والموجود ، وإن كان الشيء لا يكون إلا (٢) موجودا ، كالفرق بين الأمر ولازمه ، وقد علمت هذا وتحققته (٣) فاستأنف تأمله (٤) من الإنسان. فإن للإنسان حقيقة هي حده وماهيته من غير شرط وجود (٥) خاص أو عام في الأعيان أو في النفس بالقوة شيء من ذلك أو بالفعل (٦).

وكل علة فإنها من حيث هي تلك العلة لها حقيقة وشيئية ، فالعلة الغائية هي في شيئيتها سبب لأن تكون (٧) سائر العلل موجودة بالفعل عللا ، والعلة الغائية في وجودها مسببة لوجود (٨) سائر العلل عللا بالفعل ، فكان (٩) الشيئية (١٠) من العلة الغائية علة علة وجودها (١١) ، وكان (١٢) وجودها معلول معلول شيئيتها ، لكن شيئيتها (١٣) لا تكون علة ما لم تحصل متصورة في النفس (١٤) أو ما يجري (١٥) مجراها (١٦) ، ولا علة للعلة الغائية في شيئيتها (١٧) إلا علة أخرى غير العلة التي تحرك إليها أو يتحرك إليها.

واعلم أن الشيء :

يكون معلولا في شيئيته.

ويكون معلولا في وجوده.

فالمعلول (١٨) في شيئيته مثل الاثنينية (١٩) ، فإنها (٢٠) في حد كونها (٢١) اثنينية معلولة للوحدة.

والمعلول في وجوده (٢٢) ظاهر لا يخفى.

وكذلك قد يكون للشيء (٢٣) أمر حاصل موجود (٢٤) في شيئيته مثل العددية للاثنينية.

__________________

(١) تفرض : تفتزض م. (٢) إلا : + يكون م

(٣) وتحققته : وتحقيقه ح : ساقطة من د. (٤) فاستأنف تأمله : واستأنف تأمله ص ؛ فاستأنف بأمثلة د ؛ ساقطة من ط

(٥) وجود : وجوده ح. (٦) فاستأنف تأمله ..... أو بالفعل : ساقطة من ب ، م

(٧) لأن تكون : لا يكون ب ، د. (٨) لوجود : + سبب ط

(٩) فكأن : وكأن ح ، ص ، ط. (١٠) الشيئية : + بالفعل م

(١١) وجودها : لوجودها ح ، د ، ص ، ط ، م. (١٢) وكأن : فكأن ب ، ح ، ص ، ط ، م

(١٣) لكن شيئيتها : ساقطة من د. (١٤) النفس : نفس ب ، د ، ص ، ط ، م

(١٥) ما يجرى : وما يجرى د. (١٦) مجراها : مجراه ب ، د ، م

(١٧) شيئيتها : شيئية م. (١٨) فالمعلول : والمعلول د ، م. (١٩) الاثنينية : ثنينية ح ، ص ، ط

(٢٠) فإنها : فإنهما د. (٢١) كونها : كونهما د

(٢٢) وجوده : وجود د. (٢٣) للشىء : لشىء د. (٢٤) موجود : لوجوده د.

٢٩٢

وقد يكون الأمر زائدا لأمر زائد (١) على شيئيته مثل كون التربيع في الخشب أو الحجر (٢).

والأجسام الطبيعية علة لشيئية (٣) كثير من الصور والأعراض ، أعني (٤) التي لا يتجدد إلا بها ، وعلة لوجود بعضها دون شيئيته (٥) كما يظن أن الحكم في التعليميات كذلك.

فقد سهل (٦) لك أن تفهم (٧) أن العلة الغائية في الشيئية قبل العلل (٨) الفاعلة (٩) والقابلة (١٠) ، وكذلك قبل الصورة من جهة ما الصورة علة صورية مؤدية إليها ، وكذلك أيضا العلة الغائية في وجودها في النفس قبل العلل الأخرى. أما في نفس الفاعل فلأنها توجد أولا ثم يتصور عنده الفاعلية (١١) ، وطلب القابل ، وكيفية (١٢) الصورة. وأما في نفس غير الفاعل فليس لبعضها ترتيب على الآخر (١٣) ضروري (١٤) ، فإذن في اعتبار الشيئية واعتبار الوجود في العقل ليست علة أقدم من الغائية بل هي علة لصيرورة سائر العلل عللا ، ولكن (١٥) وجود العلل الأخرى بالفعل عللا ، علة لوجودها ، وليست العلة الغائية علة على أنها موجودة (١٦) ، بل على أنها شيء فبالجهة التي هي علة ، هي (١٧) علة العلل (١٨) ، وبالجهة الأخرى هي (١٩) معلولة العلل (٢٠).

هذا إذا كانت العلة الغائية في الكون ، وأما إذا كانت العلة الغائية ليست في الكون ولكن وجودها أعلى من الكون على ما سيتضح في موضعه فلا يكون شيء من العلل الأخرى علة لها ولا في الواحد الذي هو الحصول والوجود ، فتكون إذن العلة الغائية ليست معلولة (٢١) لسائر العلل لا لأنها (٢٢) علة غائية ولكن لأنها ذات كون ، ولو كانت ليست ذات كون ، لما كانت معلولة البتة ، وأما إذا اعتبرت كونها علة غائية فتجدها علة لسائر العلل في أن تكون عللا مثل أن تكون علة فاعلية وعلة قابلية وعلة صورية ، لا في أن تكون كائنة

__________________

(١) لأمر زائد : الأمر زائدا ح. (٢) الخشب أو الحجر : خشب أو حجر ح ، م

(٣) مثل كون التربيع .... لشيئية : ساقطة من ب. (٤) أعنى : ساقطة من ط

(٥) شيئيته : شيئيتها ط. (٦) سهل : اتضح ب. (٧) أن تفهم : إذن ب. (٨) العلل : العلة ط

(٩) الفاعلة : الفاعلية ب ، ح ، د ، م ، ص. (١٠) القابلة : القابلية ب ، ح ، د ، ص

(١١) الفاعلية : الفعلية ب ، د ، م. (١٢) وكيفية : وكيفيته ط. (١٣) الآخر : الأخرى ط. (١٤) وأما فى نفس .... ضرورى : ساقطة من م. (١٥) ولكن : لكن ب ، د ، ص ، ط ، م. (١٦) موجودة : موجود ح. (١٧) هى ( الثانية ) : ساقطة من د. (١٨) علة العلل : + هى علة ط. (١٩) هى ( الثالثة ) : وهى ب ، ح ، د ، ص ، ط

(٢٠) معلولة العلل : + الأخرى د. (٢١) معلولة : معلولا د. (٢٢) لا لأنها : لأنها ب ، ح ، ص ، ط ، م.

٢٩٣

وموجودة في أنفسها (١) ، فإذن الذي بالذات للعلة الغائية بما هي علة غائية ، أن تكون علة لسائر العلل ويعرض لها من جهة أن معناها قد يكون واقعا في الكون أن يكون معلولا من جهة (٢) الكون.

فقد (٣) تبين لك أنه كيف يكون الشيء علة ومعلولا ، على أنه فاعل وغاية ، وهذا من المبادي للطبيعيين (٤).

وأما البحث الذي بعد هذا فينكشف (٥) بما نقوله : إن (٦) الغاية التي تحصل في فعل الفاعل تنقسم (٧) إلى قسمين :

غاية تكون صورة أو عرضا في منفعل قابل للفعل.

وغاية لا تكون صورة (٨) ولا عرضا في منفعل قابل البتة فتكون في الفاعل لا محالة ، لأنها إن لم تكن في الفاعل ولا في المنفعل ، وليس يجوز أن يكون ما يقوم (٩) بنفسه جوهرا حدث لا من مادة ولا في مادة ، فلا يكون لها وجود البتة.

فمثال الأول صورة الإنسانية في المادة (١٠) الإنسانية ، فإنها غاية للقوة الفاعلة (١١) للتصوير في مادة (١٢) الإنسان ، وإليها يتوجه فعلها وتحريكها.

ومثال الثاني الاستكنان ، فإنه (١٣) غاية لمستبني البيت الذي هو مبدأ (١٤) لحركة كونه ، وليس هو البتة صورة في البيت. ويشبه أن تكون غاية الفاعل القريب الملاصق لتحريك المادة صورة في المادة ، وأن يكون ما ليس غايته صورة في المادة ليس مبدأ قريبا للحركة بما هو كذلك ، فإن عرض أن يكون ما غايته صورة في المادة المتعاطاة (١٥) وما غايته معنى ليس صورة (١٦) في تلك المادة شيئا واحدا ، فإن وحدته تكون بالعرض ، مثل أن يكون

__________________

(١) فى أنفسها : لا فى أنفسها ص

(٢) جهة : جملة ط. (٣) فقد : قد م. (٤) للطبيعيين : للطبيعى ط

(٥) فينكشف : فيكشف د

(٦) إن : إلى د. (٧) تنقسم : منقسمة ح ، د ، ص ، م

(٨) لا تكون صورة : لا صورة ط : تكون لا صورة م

(٩) ما يقوم : مما يقوم ط ، م. (١٠) فى المادة : فى مادة ح

(١١) الفاعلة : الفاعلية ح ، د. (١٢) مادة : المادة د

(١٣) فإنه : فإنها ح(١٤) مبدأ : + الحركة ح ، د ، ص

(١٥) المتعاطاة : المتواطأة د

(١٦) صورة : صورته ط.

٢٩٤

الإنسان يبني بيتا ليستكن (١) فيه (٢) ، فإنه من جهة ما هو طالب الكن داع إلى البناء وعلة أولى للبناء ، ومن جهة ما هو بناء معلول لما هو مستكن ، فيكون الغاية لما هو مستكن ، غير الغاية لما هو بان (٣). وإذا كان كذلك فيكون أيضا في الإنسان الواحد المستكن الباني غايته بما هو مستكن غير غايته بما هو بان.

وإذ قد (٤) تقرر هذا فنقول : أما في القسم الأول فإن للغاية نسبة إلى أمور كثيرة هي قبلها في الحصول بالفعل والوجود ، لأن لها نسبة إلى الفاعل ، ونسبة إلى القابل (٥) ، وهي (٦) بالقوة ، ونسبة إلى القابل ، وهي (٧) بالفعل قابل (٨) ، ونسبة إلى الحركة ، فهي بقياسها (٩) إلى الفاعل غاية وبقياسها (١٠) إلى الحركة (١١) نهاية وليست بغاية (١٢) ، لأن الغاية التي لأجلها الشيء ويؤمها الشيء لا يبطل مع وجودها الشيء ، بل يستكمل بها (١٣) الشيء والحركة تبطل مع انتهائها ، وهي (١٤) بقياسها (١٥) إلى القابل المستكمل به وهو بالقوة خير يصلحه ، لأن الشر هو العدم لكماله ، والخير الذي يقابله هو الوجود والحصول بالفعل ، وبالقياس (١٦) إلى القابل وهو بالفعل صورة.

وأما الغاية التي بحسب القسم الثاني فبين أنها ليست صورة للمادة المنفعلة ، ولا هي نفس نهاية الحركة. وقد بان أنها تكون صورة أو عرضا في الفاعل ، ويكون لا محالة قد خرج بها الفاعل من الذي بالقوة إلى الذي بالفعل ، والذي بالقوة هو (١٧) لأجل العدم الذي يقارنه شر ، والذي بالفعل هو الخير (١٨) الذي يقابله. فتكون إذن هذه (١٩) الغاية خيرا بالقياس إلى ذات الفاعل (٢٠) ، لا (٢١) إلى ذات القابل ، فإذا (٢٢) نسبت (٢٣) إلى الفاعل من جهة ما هو مبدأ حركة وفاعل ، كانت غاية ، وإذا (٢٤) نسبت (٢٥) إليه من جهة ما هو خارج بها من القوة إلى

__________________

(١) ليستكن : ليسكن م. (٢) فيه : ساقطة من ح ، م. (٣) فتكون الغاية .... لما هو بان : ساقطة من م

(٤) قد : ساقطة من ط ، م. (٥) ونسبة إلى القابل : ساقطة من م. (٦) وهى : وهو ط

(٧) وهى : وهو ، ب ، ط. (٨) قابل : ساقطة من م. (٩) بقياسها : لقياسها ح. (١٠) بقياسها : لقياسها د

(١١) وبقياسها إلى الحركة : ساقطة من ط. (١٢) وليست بغاية : + لغاية الحركة ح

(١٣) بها : به د. (١٤) وهى : وهو ب ، ح ، د ، ط ، م. (١٥) بقياسها : بقياسه ب ، ح ، د ، ط ، م

(١٦) وبالقياس : والقياس د. (١٧) هو : + هو د

(١٨) الخير : ساقطة من م. (١٩) هذه : هى د

(٢٠) ذات الفاعل : للفاعل د. (٢١) لا : + بالقياس د

(٢٢) فإذا : وإذا د. (٢٣) نسبت : نسب ب ، م

(٢٤) وإذا : فإذا ح. (٢٥) نسبت : نسب ب ، د ، م.

٢٩٥

الفعل ومستكمل ، كانت خيرا إذا (١) كان (٢) ذلك الخروج من القوة إلى الفعل في معنى نافع في الوجود أو بقاء الوجود ، وكانت الحركة طبيعية أو اختيارية عقلية ، وأما إن كانت تخيلية (٣) فليس (٤) يجب أن يكون خيرا حقيقيا ، بل قد يكون خيرا مظنونا ، فيكون إذن كل غاية فهي باعتبار غاية ، وباعتبار آخر خير إما مظنون وإما حقيقي ، فهذا هو حال الخير والعلة التمامية.

وأما حال الجود والخير فيجب أن يعلم أن شيئا واحدا له قياس إلى القابل المستكمل به ، وقياس إلى الفاعل الذي يصدر عنه ، وإذا كان قياسه إلى الفاعل الذي يصدر عنه ، بحيث لا يوجب أن يكون الفاعل منفعلا به أو بشيء يتبعه كان قياسه إلى الفاعل جودا وإلى المنفعل خيرا ، ولفظة الجود وما يقوم مقامها موضوعها الأول في اللغات إفادة المفيد لغيره (٥) فائدة لا يستعيض منها بدلا ، وأنه إذا استعاض منها بدلا قيل له مبايع أو معاوض ، وبالجملة معامل ، ولأن الشكر والثناء والصيت وسائر الأحوال (٦) المستحسنة (٧) لا تعد عند الجمهور من الأعواض (٨) ، بل إما جواهر وإما أعراض يقررونها (٩) في موضوعات يظن أن (١٠) المفيد غيره فائدة يربح (١١) منها شكرا هو أيضا جواد وليس مبايعا ولا معاوضا (١٢) ، وهو في الحقيقة معاوض (١٣) ، لأنه أفاد واستفاد (١٤) سواء استفاد عوضا (١٥) ماليا (١٦) ، إما (١٧) من جنسه ، وإما (١٨) من غير جنسه ، أو شكرا ، أو ثناء يفرح (١٩) به ، أو استفاد أن صار فاضلا محمودا ، بأن فعل ما هو أولى وأحرى الذي لو لم (٢٠) يفعله لم يكن جميل الحال في فضيلته.

لكن الجمهور لا يعدون هذه المعاني في الأعواض ، فلا يمتنعون عن تسمية (٢١) من يحسن إلى غيره بشيء (٢٢) من هذه (٢٣) الخيرات (٢٤) المظنونة أو الحقيقية التي يحصل له بذلك ثناء (٢٥) ، جوادا ،

__________________

(١) إذا : وإذا : ب ، ح ، د ، ص. (٢) كان : كانت ب ، ح ، ص ، ط

(٣) تخيلية : تخييلية ط. (٤) فليس : فليست د. (٥) لغيره : لغير ص. (٦) الأحوال : الأفعال ح

(٧) المستخسنة : المستحبة ح ، د ، ص ، م. (٨) الأعواض : الأعراض م. (٩) يقررونها : يقرونها د ، م. (١٠) أن : ساقطة من ب ، د ، ط. (١١) يربح : ربح د. (١٢) معاوضا : معارضا م

(١٣) معاوض : معارض م. (١٤) استفاد : ساقطة من ح

(١٥) عوضا : + ما ح ، ص ، م. (١٦) ماليا : ساقطة من د ، م

(١٧) إما : ساقطة من ب ؛ + هو د. (١٨) وإما : + هو د ؛ أو ط ، م

(١٩) يفرح : ويفرح د. (٢٠) لو لم : + يكن د. (٢١) تسمية : تسميته د. (٢٢) بشيء : لشىء ب ، ح ، د ، م

(٢٣) هذه : هذا د. (٢٤) الخيرات : الحركات م. (٢٥) ثناء : ساقطة من ب ، م.

٢٩٦

ولو فطنوا لهذا المعنى لم يسموه جوادا ، إذ (١) الواحد منهم إذا أحسن إليه لعوض (٢) وإن كان شيئا غير المال ، ففطن له ، استخف المنة أو أنكرها (٣) وأبى (٤) أن يكون المحسن إليه (٥) جوادا إذ (٦) كان فعله لعلة ، فإذا حقق وحصل (٧) معنى الجود كان إفادة الغير كمالا في جوهره أو في أحواله من غير أن يكون بإزائه ، عوض (٨) بوجه من الوجوه ، فكل فاعل يفعل فعلا لغرض يؤدي (٩) إلى شبه عوض فليس بجواد ، وكل (١٠) مفيد للقابل صورة أو عرضا وله (١١) غاية أخرى يحصل بالخير الذي أفاده إياه فليس بجواد.

بل نقول : إن الغرض والمراد في المقصود لا يقع إلا للشيء الناقص الذات ، وذلك لأن الغرض إما أن يكون بحسب نفسه في ذاته (١٢) ، أو بحسب مصالح ذاته ، أو بحسب شيء آخر في ذاته ، أو في مصالحه. ومعلوم أنه إن كان (١٣) بحسب ذاته أو بحسب مصالح ذاته (١٤) أو بحسب شيء آخر في مصالحه (١٥) ، وبالجملة بحسب أمر يعود إلى (١٦) ذاته بعائدة (١٧) ما ، فذاته ناقصة في وجودها ، أو في كمالاتها. وإن كان بحسب شيء آخر فلا يخلو إما أن يكون صدور ذلك المعنى عنه إلى غيره بحيث (١٨) كونه عنه (١٩) له ولا كونه عنه بمنزلة ، حتى (٢٠) إنه لو لم يصدر عنه ذلك (٢١) الخير الذي هو خير بحسب غيره كانت حاله من كل جهة كحاله لو صدر عنه ذلك ، فلم يكن ذلك أجمل به وأحسن به وأجلب إليه (٢٢) لمحمدة أو غيرها من الأغراض الخاصة (٢٣) في ذاته ولا ضده غير الأجمل به وغير الجالب إليه محمدة (٢٤) أو غيرها من الأغراض المأثورة والنافعة ، وحتى لو لم يفعل ذلك لما ترك ما هو الأولى (٢٥) والأحسن به (٢٦) (٢٧) ، فيكون لا داعي له إلى ذلك ولا مرجح (٢٨) لأن يصدر عنه ذلك الخير إلى غيره على مقابلة (٢٩).

__________________

(١) إذ : وب. (٢) لعوض : لغرض ص ، م ؛ + أيضا ص. (٣) أو أنكرها : وأنكرها م

(٤) وأبى : وإلى د. (٥) إليه : ساقطة من م. (٦) إذ : إذا ط. (٧) وحصل : واجعل د. (٨) عوض : غرض ب

(٩) يؤدى : ويؤدى د. (١٠) وكل : فكل ب ، ط. (١١) وله : فله د

(٢٩) بل نقول .... مقابلة : ساقطة من م. (١٢) ذاته ( الأولى ) : وذاته د

(١٣) إن كان : + غرضه ط. (١٤) إنه إن كان .... مصالح ذاته : ساقطة من ب

(١٥) أو بحسب شىء آخر فى مصالحه : ساقطة من ب ، ح ، ص ، ط

(١٦) إلى : على ب ، د ، ص ، ط

(١٧) بعائدة : بفائدة د. (١٨) بحيث : بحسب د. (١٩) عنه : ساقطة من ب ، ح ، د ، ص

(٢٠) حتى : وحتى ب ، ح ، د ، ص. (٢١) ذلك : ساقطة من ب ، ح ، د ، ص

(٢٢) إليه : ساقطة من ب ، د ، ص ، ط. (٢٣) الخاصة : الخاصية ب

(٢٤) محمدة : لمحمدة ط. (٢٥) الأولى : + به د ، ص. (٢٦) والأحسن به : ولا حين فيه د

(٢٧) به : فيه ح ، ص. (٢٨) ولا مرجح : والمرجح ح ، ص ، ط.

٢٩٧

ومثل هذا إن لم يكن شيئا يصدر عن طبع وعن (١) إرادة ليست (٢) على سبيل إجابة داع بل على وجه آخر سيوقف عليه فلا يكون مصدرا لأمر (٣) من الأمور عن علة من العلل ، بل يجب أن يكون الأولى بالفاعل (٤) القاصد بالقصد (٥) المذكور أن يكون إنما يفيض خيرا على غيره (٦) ، لأنه أولى به ، وضده غير الأولى به ، ويرجع آخر الأمر (٧) إلى غرض يتصل (٨) بذاته ويعود على ذاته ويرجع إلى (٩) ذاته ، وحينئذ لا يكون وجود ذلك الغرض ولا وجوده بمنزلة واحدة بالقياس (١٠) إلى ذاته وكمالات ذاته ومصالحها ، بل يكون كونه عن ذاته كون الأغراض التي تختص بذاته فيعود إلى أن ذاته تنال (١١) بذلك كمالا وحظا خاصا (١٢).

وكذلك (١٣) فإن سؤال اللم لا يزال يتكرر إلى أن يبلغ المبلغ الراجع إلى الذات. مثاله إذا قيل للفاعل : لم فعلت كذا؟ فقال (١٤). لينال فلان غرضا ، فيقال له : ولم طلبت أن ينال فلان غرضا؟ فقال (١٥) : لأن الإحسان حسن ، لم يقف السؤال ، بل قيل : ولم تطلب ما هو حسن؟فإذا أجيب حينئذ بخير يعود إليه أو شر ينتفي عنه (١٦) ، وقف السؤال ، فإن حصول الخير لكل شيء وزوال الشر (١٧) عنه هو المطلوب لذاته (١٨) مطلقا.

وأما (١٩) الشفقة والرحمة (٢٠) والعطف على الغير والفرح بما يحسن إلى الغير ، والغم بما يقع من التقصير (٢١) وغير ذلك ، فهي أغراض خاصة للفاعل ، ودواع (٢٢) يذم عاملها (٢٣) أو تنحط به منزلة كماله (٢٤). فالجود (٢٥) إفادة الغنى في جميع الجهات عن الإفادة كمالا فيكون ذلك المعنى (٢٦) بالقياس إلى القابل خيرا ، وبالقياس إلى الفاعل جودا ، وكل إفادة كمال فإنه يكون بالقياس إلى القابل خيرا ، سواء كان بعوض أو لا بعوض ولا يكون بالقياس إلى الفاعل جودا (٢٧) إلا أن يكون لا بعوض (٢٨). فهذا هو (٢٩) البيان لحقيقة الخير والجود.

وقد (٣٠) تكلمنا على العلل وأحوالها ، وبقي أن نكمل (٣١) فيها (٣٢) القول فنقول : إن (٣٣) هذه (٣٤) العلل الأربع وإن كان يظن بها أنها تجتمع (٣٥) في كثير من الأمور الموجودة في العلوم ، فإن الأمور

__________________

(١) وعن : أو عن ح ، د ، ص ، ط. (٢) ليست : وليست د. (٣) مصدر الأمر : مصدر أمر ح. (٤) بالفاعل : للفاعل ب. (٥) بالقصد : القصد ح ، هـ : المقصد د. (٦) على غيره : + جهة خيرية ط. (٧) الأمر : الأمور د. (٨) يتصل : + به ب. (٩) إلى : على ب ، د. (١٠) بالقياس : وبالقياس د. (١١) تنال : نال د. (١٢) خاصا : خاصية ح. (١٣) وكذلك : ولذلك ح ، ط ، ه. (١٤) فقال : فيقول له ص. (١٥) فقال : فيقول له ص. (١٦) عنه : منه ب. (١٧) الشر : شر ح. (١٨) لذاته : بذاته ب ، ح ، ص ، ط. (١٩) وأما : فأما د ، ط. (٢٠) والرحمة : والمرحمة ح ، د. (٢١) التقصير : النقص ب. (٢٢) ودواع : وداع د. (٢٣) عاملها : عاصيها ب ، ح ، د ، ط. (٢٤) ومثل ... كماله : ساقطة من م. (٢٥) فالجود : + هو ب ، د ، ص ، ط ، م. (٢٦) المعنى : الغنى د : ساقطة من ص ، ط. (٢٧) جودا : جوادا م. (٢٨) بعوض : لعوض ب ، ح. (٢٩) فهذا هو : هذا وهو ، د. (٣٠) وقد : فقد د ، ص ، م. (٣١) نكمل : نجمل ب ، ح ، د ، ط ، م. (٣٢) فيها : فيه ب. (٣٣) إن : ساقطة من م. (٣٤) هذه : هذا د(٣٥) تجتمع : لا تجتمع ب ، د ، ص ، ط ، م.

٢٩٨

التي لا تتحرك والتعليميات (١) لا يظن أن فيها فاعلا أي (٢) مبدأ حركة ، ولا أيضا يظن أن فيها غاية لأن الغاية يظن أنها للحركة ، ولا أيضا لها مادة بل إنما يبحث عن صورها ، فلذلك (٣) استخف بها من استخف ، قائلا : إنها لا تدل على علة (٤) تمامية ، فالنظر فيها لهذا العلم لا (٥) أن علما واحدا يتناولها ، كما للمتقابلات فليست متقابلة ، ولكن لأن علما واحدا بالوجه الذي به هذا (٦) العلم واحد يشرح أمرها.

وذلك لأنا وإن سلمنا (٧) أن هذه العلل لا تجتمع في العلوم كلها حتى تكون من الأمور العامة الواقعة في موضوعات للعلوم (٨) مختلفة ، فإنها أيضا قد توجد (٩) في علوم (١٠) متفرقة مختلفة ، ولو (١١) كانت أيضا (١٢) في علم واحد لم يكن في منة (١٣) صاحب ذلك العلم الواحد (١٤) كالطبيعي مثلا الذي في صناعته هذه المبادي كلها ، أن يبينها ، لأنها مبادئ (١٥) للعلم الطبيعي (١٦) ويتكلم فيما يعرض لها على أنه ليس الأمر كذلك. فليس كل فاعل مبدأ حركة على ما قيل ، فالأمور التعليمية في طبائعها (١٧) أنما يجب وجودها بغيرها (١٨) ، وطبائعها لا تفارق المادة وإن جردت عن المادة (١٩) في (٢٠) الوهم فقد يلزمها في الوهم من (٢١) القسمة ومن التشكل (٢٢) ما يكون بسبب المادة ، ويكاد أن (٢٣) تكون المقادير هيولات (٢٤) قريبة للأشكال المقدارية والوحدات أيضا للعدد ، والعدد لخواص العدد ، فهذه يوجد لها مبدأ (٢٥) فاعلي ومبدأ قابلي وحيث (٢٦) كانا ، كان تمام ، والتمام هو الاعتدال ، والتحديد والترتيب التي بها يكون لها (٢٧) ما يكون من الخواص ، وإنما هي لأجل أن يكون على ما هي عليه من الترتيب والاعتدال والتحديد ، فإن منع أن يكون هذا تماما أي غاية حركة فلا يمنع أن يكون خيرا ويكون (٢٨) علة (٢٩) لأنه خير ، وهناك (٣٠) أيضا إنما كان علة لأنه خير ثم (٣١) كان اتفق لذلك الخير إن كان (٣٢) تماما لحركة ، إذ (٣٣) كان السبيل إليه بحركة.

__________________

(١) والتعليميات : والتعليمات ب ، د ، ط ، م. (٢) أى : + أو د. (٣) فلذلك : فذلك ب ، د. (٤) علة : علته ح ، ص ، ط. (٥) لا : إلا م. (٦) هذا : وهذا ب. (٧) سلمنا : أسلمنا د. (٨) للعلوم : + فى علوم ط. (٩) قد توجد : + متفرقة د. (١٠) فى علوم : على علوم د. (١١) ولو : فلو د. (١٢) أيضا : ساقطة من ط. (١٣) منة : منته ح ، د ، ص ، ط. (١٤) الواحد : ساقطة من ط. (١٥) مبادئ : مباد ح ، د ، ص. (١٦) لأنها مبادئ للعلم الطبيعى : ساقطة من م

(١٧) طبائعها : طباعها ب ، د ، ص ، م. (١٨) بغيرها : لغيرها ح. (١٩) عن المادة : ساقطة من ب ، ح. (٢٠) المادة فى : ساقطة من د ، ص. (٢١) من : عن د. (٢٢) التشكل : التشكيل م. (٢٣) أن : ساقطة من م. (٢٤) هيولات : هيوليات د ، ط ، م. (٢٥) مبدأ : منتهى د. (٢٦) وحيث : حيث م. (٢٧) لها : ساقطة من م. (٢٨) ويكون : أو يكون ب. (٢٩) علة : غائية ط. (٣٠) وهناك : أو هناك د. (٣١) ثم : + إن د. (٣٢) كان : يكون د. (٣٣) إذ : أو د.

٢٩٩

ولو لا أن الخواص واللواحق التي لهذه هي غايات تتأدى إليها هيئاتها (١) لما كان الطالب يطلبها في المواد لتلك الغايات ، فإن الصانع يحرك المادة إلى أن تكون مستديرة (٢) ، ولا تكون الغاية هي الاستدارة نفسها بل شيء من خواصها ولواحقها ، فتطلب الدائرة لها ، فقد صارت هذه العلل أيضا (٣) مشتركة فيجب أن ينظر فيها صاحب هذا العلم (٤) ، وليس (٥) ينظر في المشترك فقط بل ينظر فيما يخص علما علما (٦) ، لكنه مبدأ لذلك العلم وعارض (٧) للمشترك ، فإن هذا العلم قد ينظر في العوارض المخصصة للجزئيات (٨) إذا كانت (٩) لذاتها أولا (١٠) وكانت (١١) لم تتأدى بعد إلى أن تكون أعراضا ذاتية لموضوعات العلوم الجزئية ، ولو كانت هذه علوما مفردة لكان أفضلها علم الغاية وكان يكون ذلك هو الحكمة. والآن فذلك أيضا أفضل أجزاء هذا العلم ، أعني العلم الناظر في العلل الغائية للأشياء (١٢) (١٣).

__________________

(١) هيئاتها : مبادئها ب ، ح ، د ، ص. (٢) مستديرة : مستديرا ب ، د ، م.

(٣) أيضا : ساقطة من م. (٤) مشتركة فيجب ..... هذا العلم : ساقطة من ب.

(٥) وليس : + إنما ب ، د ، ص ، ط ، م

(٦) علما ( الثانية ) : ساقطة من د

(٧) وعارض : وعار د. (٨) للجزئيات : فى الجزئيات د

(٩) كانت : كان د. (١٠) أولا : وأولا ب ، ح ، د ، ط ، م

(١١) وكانت : كانت م. (١٢) للأشياء : للشىء ط

(١٣) للأشياء : + بل نقول إن الغرض والمراد فى المقصود لا يقع إلا للشىء الناقص الذات وذلك لأن الغرض إما أن يكون بحسب نفسه فى ذاته أو بحسب مصالح ذاته أو بحسب شىء آخر فى ذاته أو فى مصالحه ومعلوم أنه إن كان عرضه بحسب ذاته أو بحسب مصالح ذاته وبالجملة بحسب أمر يعود على ذاته بعائدة ما ، فذاته ناقصة فى وجودها أو فى كمالاتها وإن كان بحسب شىء آخر فلا يخلو إما أن يكون صدور ذلك المعنى عنه إلى غيره بحيث كونه عنه له ولا كونه بمنزلة وحتى إنه لو لم يصدر عنه ذلك الجزء الذي هو خير بحسب غيره كانت حاله من كل جهة كحاله لو صدر عنه فلم يكن ذلك أجمل به وأحسن به وأجلب لمحمدة أو غيرها من الأعراض الخاصية فى ذاته ولا ضده غير الأجمل به وغير الجالب إليه محمدة أو غيرها من الأعراض المأثورة والنافعة وحتى لو لم يفعل ذلك لما ترك هو الأولى به والأحسن به فيكون له داعى له ولا مرجح لأن يصدر عنه ذلك الخير إلى غيره على مقابله ومثل هذا إن لم يكن شيئا يصدر عن طبع أو عن إرادة ليست على سبيل إجابة داع بل على وجه آخر سيوقف عليه فلا يكون لأن مصدر الأمر من الأمور عن علة من العلل بأن يجب وإما أن لا يكون الأولى بالفاعل القاصد القصد المذكور أن يكون إنما يفيض جزءا على غيره لأنه أولى به وضده عن الأولى به ويرجع آخر الأمر إلى غرض مقبل بذاته ويعود على ذاته ويرجع على ذاته وحينئذ ولا يكون وجود ذلك العرض ولا وجوده بمنزلة واحدة بالقياس إلى ذاته وكمالات ذاته ومصالحها بل يكون كونه عن ذاته كون الأعراض الذي يختص بذاته فيعود إلى أن ذاته تنال بذلك كمالا وحظا خاصا وكذلك فإن سؤال الكم لا يزال يتكرر إلى أن يبلغ المبلغ الراجع إلى الذات مثاله إذا قيل للفاعل لم فعلت كذا فقال لينال فلان غرضا فيقال له ولم طلبت أن ينال فلان غرضا فقال لأن الإحسان حسن لم يقف السؤال بل قيل ولم تطلب ما هو حسن فإذا أجيب حينئذ بخير يعود عليه أو شر ينفى عنه وقف السؤال فإن حصول الخير لكل شىء وزوال الشر عنه هو المطلوب بذاته مطلقا وأما الشفقة والرحمة والعطف على الغير والفرح بما يحسن إلى الغير والغم بما يقع من التقصير وغير ذلك فهى أعراض خاصة للفاعل ودواع ندم عاصيها أو تنحط به منزلة كماله م.

٣٠٠