الميزان في تفسير القرآن الجزء ٤

الميزان في تفسير القرآن0%

الميزان في تفسير القرآن مؤلف:
تصنيف: تفسير القرآن
الصفحات: 458

الميزان في تفسير القرآن

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: العلامة السيد محمد حسين الطباطبائي
تصنيف: الصفحات: 458
المشاهدات: 120037
تحميل: 4288


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5 الجزء 6 الجزء 7 الجزء 8 الجزء 9 الجزء 10 الجزء 11 الجزء 12 الجزء 13 الجزء 14 الجزء 15 الجزء 16 الجزء 17 الجزء 18 الجزء 19 الجزء 20
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 458 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 120037 / تحميل: 4288
الحجم الحجم الحجم
الميزان في تفسير القرآن

الميزان في تفسير القرآن الجزء 4

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

( سورة آل عمران الآيات ١٦٥ - ١٧١)

أَ وَ لَمَّا أَصابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْها قُلْتُمْ أَنَّى هذا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ الله عَلى‏ كلّ شَيْ‏ءٍ قَدِيرٌ (١٦٥) وَ ما أَصابَكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعانِ فَبِإِذْنِ الله وَ لِيَعْلَمَ الْمُؤْمِنِينَ (١٦٦) وَ لِيَعْلَمَ الّذينَ نافَقُوا وَ قِيلَ لَهُمْ تَعالَوْا قاتِلُوا فِي سَبِيلِ الله أَوِ ادْفَعُوا قالُوا لَوْ نَعْلَمُ قِتالاً لاتَّبَعْناكُمْ هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلْإِيمانِ يَقُولُونَ بِأَفْواهِهِمْ ما لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ وَ الله أَعْلَمُ بِما يَكْتُمُونَ (١٦٧) الّذينَ قالُوا لِإِخْوانِهِمْ وَ قَعَدُوا لَوْ أَطاعُونا ما قُتِلُوا قُلْ فَادْرَؤُا عَنْ أَنْفُسِكُمُ الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (١٦٨) وَ لا تَحسبنَّ الّذينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ الله أَمْواتاً بَلْ أَحْياءٌ عِنْدَ ربّهم يُرْزَقُونَ (١٦٩) فَرِحِينَ بِما آتاهُمُ الله مِنْ فَضْلِهِ وَ يَسْتَبْشِرُونَ بِالّذينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ إلّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَ لا هُمْ يَحْزَنُونَ (١٧٠) يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ الله وَ فَضْلٍ وَ أَنَّ الله لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ (١٧١)

( بيان)

الآيات من تتمّة الآيات النازلة في خصوص غزوة اُحد، و فيه تعرّض لحال عدّة من المنافقين خذلوا جماعة المؤمنين عند خروجهم من المدينة إلى اُحد، و فيها جواب ما قالوه في المقتولين، و وصف حال المستشهدين بعد القتل و أنّهم منعّمون في حضرة القرب يستبشرون بإخوانهم من خلفهم.

قوله تعالى: ( أَ وَ لَمَّا أَصابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْها ) لمّا نهاهم أن يكونوا كالّذين كفروا في التحزّن لقتلاهم و التحسّر عليهم ببيان أنّ أمر الحياة و الموت إلى الله

٦١

وحده لا إليهم حتّى يدورا مدار قربهم و بعدهم و خروجهم إلى القتال أو قعودهم عنه رجع ثانياً إلى بيان سببه القريب على ما جرت عليه سنّة الأسباب، فبيّن أنّ سببه إنّما هو المعصية الواقعة يوم اُحد منهم و هو معصية الرماة بتخلية مراكزهم، و معصية من تولّى منهم عن القتال بعد ذلك، و بالجملة سببه معصيتهم الرسول - و هو قائدهم - و فشلهم و تنازعهم في الأمر و ذلك سبب للانهزام بحسب سنّة الطبيعة و العادة.

فالآية في معنى قوله: أ تدرون من أين أصابتكم مصيبة قد أصبتم مثليها؟ إنّما أصابتكم من عند أنفسكم و هو إفسادكم سبب الفتح و الظفر بأيديكم و مخالفتكم قائدكم و فشلكم و اختلاف كلمتكم.

و قد وصفت المصيبة بقوله:( قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْها ) و هو إشارة إلى مقايسة ما أصابهم الكفّار يوم اُحد، و هو قتل سبعين رجلاً منهم بما أصابوا الكفّار يوم بدر و هو مثلاً السبعين فإنّهم قتلوا منهم يوم بدر سبعين رجلاً و أسروا سبعين رجلاً.

و في هذا التوصيف تسكين لطيش قلوبهم و تحقير للمصيبة فإنّهم اُصيبوا من أعدائهم بنصف ما أصابوهم فلا ينبغي لهم أن يحزنوا أو يجزعوا.

و قيل: إنّ معنى الآية: إنّكم أنفسكم اخترتم هذه المصيبة، و ذلك أنّهم اختاروا الفداء من الأسرى يوم بدر، و كان الحكم فيهم القتل، و شرط عليهم أنّكم إن قبلتم الفداء قتل منكم في القابل بعدّتهم فقالوا: رضينا فإنّا نأخذ الفداء و ننتفع به، و إذا قتل منّا فيما بعد كنّا شهداء.

و يؤيّد هذا الوجه بل يدلّ عليه ما ذيّل به الآية أعني قوله:( إِنَّ الله عَلى‏ كلّ شَيْ‏ءٍ قَدِيرٌ ) إذ لا تلائم هذه الفقرة الوجه السابق البتّة إلّا بتعسّف، و سيجيي‏ء روايته عن أئمّة أهل البيتعليهم‌السلام في البحث الروائيّ الآتي.

قوله تعالى: ( وَ ما أَصابَكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعانِ ) إلى آخر الآيتين، الآية الاُولى تؤيّد ما تقدّم أنّ المراد بقوله:( قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ ) ، اختيارهم الفداء من أسرى يوم بدر، و شرطهم على أنفسهم لله ما شرطوا فإصابة هذه المصيبة بإذن الله، و أمّا الوجه الأوّل المذكور و هو أنّ المعنى أنّ سبب إصابة المصيبة القريب هو مخالفتكم فلا تلاؤم ظاهراً بينه و بين نسبة المصيبة إلى إذن الله و هو ظاهر.

٦٢

فعلى ما ذكرنا يكون ذكر استناد إصابة المصيبة إلى إذن الله بمنزلة البيان لقوله:( هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ ) ، و ليكون توطئة لانضمام قوله:( وَ لِيَعْلَمَ الْمُؤْمِنِينَ ) ، و بانضمامه يتمهّد الطريق للتعرّض لحال المنافقين و ما تكلّموا به و جوابه و بيان حقيقة هذا الموت الّذي هو القتل في سبيل الله.

و قوله: أو ادفعوا أي لو لم تقاتلوا في سبيل الله فادفعوا عن حريمكم و أنفسكم و قوله: هم للكفر يومئذ أقرب منهم للإيمان، اللّام بمعنى إلى فهذا حالهم بالنسبة إلى الكفر الصريح، و أمّا النفاق فقد واقعوه بفعلهم ذلك.

و قوله:( يَقُولُونَ بِأَفْواهِهِمْ ما لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ ) ، ذكر الأفواه للتأكيد و للتقابل بينها و بين القلوب.

قوله تعالى: ( الّذينَ قالُوا لِإِخْوانِهِمْ وَ قَعَدُوا لَوْ أَطاعُونا ما قُتِلُوا ) ، المراد بإخوانهم إخوانهم في النسب و هم القتلى، و إنّما ذكر اُخوّتهم لهم ليكون مع انضمام قوله: و قعدوا أوقع تعيير و تأنيب عليهم فإنّهم قعدوا عن إمداد إخوانهم حتّى أصابهم ما أصابهم من القتل الذريع، و قوله: قل فادرؤا جواب عن قولهم ذاك، و الدرء: الدفع.

قوله تعالى: ( وَ لا تَحسبنَّ الّذينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ الله أَمْواتاً ) الآية، و في الآية التفات عن خطاب المؤمنين إلى خطاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، و الوجه فيه ما تكرّر ذكره في تضاعيف هذه الآيات، و يحتمل أن يكون الخطاب تتمّة الخطاب في قوله:( قُلْ فَادْرَؤُا عَنْ أَنْفُسِكُمُ الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ ) .

و المراد بالموت بطلان الشعور و الفعل، و لذا ذكرهما في قوله:( بَلْ أَحْياءٌ ) إلخ حيث ذكر الارتزاق و هو فعل، و الفرح الاستبشار و معهما شعور.

قوله تعالى: ( فَرِحِينَ بِما آتاهُمُ الله ) الآية، الفرح ضدّ الحزن و، البشارة و البشرى ما يسرّك من الخبر و الاستبشار طلب السرور بالبشرى، و المعنى: أنّهم فرحون بما وجدوه من الفضل الإلهيّ الحاضر المشهود عندهم، و يطلبون السرور بما يأتيهم من البشرى بحسن حال من لم يلحقوا بهم من خلفهم أن لا خوف عليهم و لا هم يحزنون.

و من ذلك يظهر أوّلاً أنّ هؤلاء المقتولين في سبيل الله يأتيهم و يتّصل بهم أخبار خيار المؤمنين الباقين بعدهم في الدنيا.

٦٣

و ثانياً أنّ هذه البشرى هي ثواب أعمال المؤمنين و هو أن لا خوف عليهم و لا هم يحزنون و ليس ذلك إلّا بمشاهدتهم هذا الثواب في دارهم الّتي هم فيها مقيمون فإنّما شأنهم المشاهدة دون الاستدلّال ففي الآية دلالة على بقاء الإنسان بعد الموت ما بينه و بين يوم القيامة، و قد فصّلنا القول فيه في الكلام على نشأة البرزخ في ذيل قوله تعالى:( وَ لا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ الله أَمْواتٌ ) الآية البقرة: ١٥٤.

قوله تعالى: ( يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ الله وَ فَضْلٍ ) الآية، هذا الاستبشار أعمّ من الاستبشار بحال غيرهم و بحال أنفسهم و الدليل عليه قوله:( وَ أَنَّ الله لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ ) ، فإنّه بإطلاقه شامل للجميع، و لعلّ هذه هي النكتة في تكرار الاستبشار و كذا تكرار الفضل فتدبّر في الآية.

و قد نكّر الفضل و النعمة و أبهم الرزق في الآيات ليذهب ذهن السامع فيها كلّ مذهب ممكن، و لذا أبهم الخوف و الحزن ليدلّ في سياق النفي على العموم.

و التدبّر في الآيات يعطي أنّها في صدد بيان أجر المؤمنين أوّلاً، و أنّ هذا الأجر رزقهم عند الله سبحانه ثانياً، و أنّ هذا الرزق نعمة من الله و فضل ثالثاً، و أنّ الّذي يشخّص هذه النعمة و الفضل هو أنّهم لا خوف عليهم و لا هم يحزنون رابعاً.

و هذه الجملة أعني قوله: أن لا خوف عليهم و لا هم يحزنون كلمة عجيبة كلّما أمعنت في تدبّرها زاد في اتّساع معناها على لطف و رقّة و سهولة بيان، و أوّل ما يلوح من معناها أنّ الخوف و الحزن مرفوعان عنهم، و الخوف إنّما يكون من أمر ممكن محتمل يوجب انتفاء شي‏ء من سعادة الإنسان الّتي يقدّر نفسه واجدة لها، و كذا الحزن إنّما يكون من جهة أمر واقع يوجب ذلك، فالبليّة أو كلّ محذور إنّما يخاف منها إذا لم يقع بعد فإذا وقعت زال الخوف و عرض الحزن فلا خوف بعد الوقوع و لا حزن قبله.

فارتفاع مطلق الخوف عن الإنسان إنّما يكون إذا لم يكن ما عنده من وجوه النعم في معرض الزوال، و ارتفاع مطلق الحزن إنّما يتيسّر له إذا لم يفقد شيئاً من أنواع سعادته لا ابتداء و لا بعد الوجدان، فرفعه تعالى مطلق الخوف و الحزن عن الإنسان معناه أن يفيض عليه كلّ ما يمكنه أن يتنعّم به و يستلذّه، و أن لا يكون ذلك في معرض

٦٤

الزوال، و هذا هو خلود السعادة للإنسان و خلوده فيها.

و من هنا يتّضح أنّ نفي الخوف و الحزن هو بعينه ارتزاق الإنسان عندالله فهو سبحانه يقول:( وَ ما عِنْدَ الله خَيْرٌ ) آل عمران: ١٩٨، و يقول:( وَ ما عِنْدَ الله باقٍ ) النحل: ٩٦ فالآيتان تدلّان على أنّ ما عندالله نعمة باقية لا يشوبها نقمة و لا يعرضها فناء.

و يتّضح أيضاً أنّ نفيهما هو بعينه إثبات النعمة و الفضل و هو العطيّة لكن تقدّم في أوائل الكتاب و سيجيي‏ء في قوله تعالى:( مَعَ الّذينَ أَنْعَمَ الله عَلَيْهِمْ ) النساء: ٦٩، أنّ النعمة إذا اُطلقت في عرف القرآن فهي الولاية الإلهيّة، و على ذلك فالمعنى: أنّ الله يتولّى أمرهم و يخصّهم بعطيّة منه.

و أمّا احتمال أن يكون المراد بالفضل الموهبة الزائدة على استحقاقهم بالعمل، و النعمة ما بحذائه فلا يلائمه قوله:( وَ أَنَّ الله لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ ) فإنّ الأجر يؤذن بالاستحقاق، و قد عرفت أنّ هذه الفقرات أعني قوله:( عِنْدَ ربّهم يُرْزَقُونَ ) و قوله:( فَرِحِينَ بِما ) إلخ و قوله:( يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ ) إلخ، و قوله:( وَ أَنَّ الله لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ ) مآلها إلى حقيقة واحدة.

و في الآيات أبحاث اُخر تقدّم بعضها في تفسير قوله:( وَ لا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ الله أَمْواتٌ ) البقرة: ١٥٤، و لعلّ الله يوفّقنا لاستيفاء ما يسعنا من البحث فيها في ما سيجيي‏ء من الموارد المناسبة إن شاء الله تعالى.

٦٥

( سورة آل عمران الآيات ١٧٢ - ١٧٥)

الّذِينَ اسْتَجَابُوا للّهِ‏ِ وَالرّسُولِ مِن بَعْدِمَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ لِلّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ( ١٧٢) الّذِينَ قَالَ لَهُمُ النّاسُ إِنّ النّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُوا حَسْبُنَا اللّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ( ١٧٣) فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُؤءٌ وَاتّبَعُوا رِضْوَانَ اللّهِ وَاللّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ( ١٧٤) إِنّمَا ذلِكُمُ الشّيْطَانُ يُخَوّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلاَ تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِن كُنْتُم مُؤْمِنِينَ( ١٧٥)

( بيان)

الآيات مرتبطة بآيات غزوة اُحد، و يشعر بذلك قوله:( مِنْ بَعْدِ ما أَصابَهُمُ الْقَرْحُ ) و قد قال فيها:( إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ ) .

قوله تعالى: ( الّذينَ اسْتَجابُوا لله وَ الرَّسُولِ ) الآية الاستجابة و الإجابة بمعنى واحد - كما قيل - و هي أن تسأل شيئاً فتجاب بالقبول.

و لعلّ ذكر الله و الرسول مع جواز الاكتفاء في المقام بذكر أحد اللّفظين إنّما هو لكونهم في وقعة اُحد عصوا الله و الرسول، فأمّا هو تعالى فقد عصوه بالفرار و التولّي و قد نهاهم الله عنه و أمر بالجهاد، و أمّا الرسول فقد عصوه بمخالفة أمره الّذي أصدره على الرماة بلزوم مراكزهم و حين كانوا يصعدون و هو يدعوهم في اُخراهم فلم يجيبوا دعوته، فلمّا استجابوا في هذه الوقعة وضع فيها بحذاء تلك الوقعة استجابتهم لله و الرسول.

و قوله:( لِلَّذِينَ أَحسنوا مِنْهُمْ وَ اتّقوا أَجْرٌ عَظِيمٌ ) ، قصر الوعد على بعض أفراد المستجيبيّن لأنّ الاستجابة فعل ظاهريّ لا يلازم حقيقة الإحسان و التقوى اللّذين عليهما مدار الأجر العظيم، و هذا من عجيب مراقبة القرآن في بيانه حيث لا يشغله شأن عن شأن، و من هنا يتبيّن أنّ هؤلاء الجماعة ما كانوا خالصين لله في أمره بل كان فيهم من لم يكن محسناً متّقياً يستحقّ عظيم الأجر من الله سبحانه، و ربّما يقال: إنّ( من ) في قوله:( مِنْهُمْ ) بيانيّة كما قيل مثله في قوله تعالى:( محمّد رَسُولُ الله وَ الّذينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكفّار - إلى أن قال -وَعَدَ الله

٦٦

الّذينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَ أَجْراً عَظِيماً ) الفتح: ٢٩، و هو تأوّل بما يدفعه السياق.

و يتبيّن أيضاً أنّ ما يمدحهم به الله سبحانه في قوله:( الّذينَ قالَ لَهُمُ النَّاسُ ) إلى آخر الآيات من قبيل وصف البعض المنسوب إلى الكلّ بعناية لفظيّة.

قوله تعالى: ( الّذينَ قالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ ) الآية، الناس هو الأفراد من الإنسان من حيث عدم أخذ ما يتميّز به بعضهم من بعض، و الناس الأوّل غير الثاني، فإنّ الثاني هو العدوّ الّذي كان يجمع الجموع، و أمّا الأوّل فهم الخاذلون المثبّطون الّذين كانوا يقولون ما يقولون ليخذلوا المؤمنين عن الخروج إلى قتال المشركين، فالناس الثاني اُريد به المشركون، و الناس الأوّل أيديهم على المؤمنين و عيونهم فيهم، و ظاهر الآية كونهم عدّة و جماعة لا واحداً، و هذا يؤيّد كون الآيات نازلة في قصّة خروج النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فيمن بقي من أصحابه بعد اُحد في أثر المشركين دون قصّة بدر الصغرى، و سيجي‏ء القصّتان في البحث الروائيّ الآتي.

و قوله:( قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ ) ، أي جمعوا جموعهم لقتالكم ثانياً (و الله أعلم).

و قوله:( فَزادَهُمْ إِيماناً ) ، و ذلك لما في طبع الإنسان أنّه إذا نهي عمّا يريده و يعزم عليه، فإن لم يحسن الظنّ بمن ينهاه كان ذلك إغراءً فأوجب انتباه قواه و اشتدّت بذلك عزيمته، و كلّما اُصرّ عليه بالمنع أصرّ على المضيّ على ما يريده و يقصده، و هذا إذا كان الممنوع يرى نفسه محقّاً معذوراً في فعاله أشدّ تأثيراً من غيره، و لذا كان المؤمنون كلّما لامهم في أمر الله لائم أو منعهم مانع زادوا قوّة في إيمانهم و شدّة في عزمهم و بأسهم.

و يمكن أن يكون زيادة إيمانهم لتأييد أمثال هذه الأخبار ما عندهم من خبر الوحي أنّهم سيؤذون في جنب الله حتّى يتمّ أمرهم بإذن الله و قد وعدهم النصر و لا يكون نصر إلّا في نزال و قتال.

و قوله:( وَ قالُوا حسبنَا الله وَ نِعْمَ الْوَكِيلُ ) أي كافينا الله و أصل الحسب من الحساب لأنّ الكفاية بحساب الحاجة، و هذا اكتفاء بالله بحسب الإيمان دون الأسباب

٦٧

الخارجيّة الجارية في السنة الإلهيّة و الوكيل هو الّذي يدبّر الأمر عن الإنسان، فمضمون الآية يرجع إلى معنى قوله:( وَ مَنْ يَتوکّل عَلَى الله فَهُوَ حسبه إِنَّ الله بالِغُ أَمْرِهِ ) الطلاق: ٣، و لذلك عقّب قوله:( وَ قالُوا حسبنَا الله وَ نِعْمَ الْوَكِيلُ ) بقوله:( فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ الله وَ فَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ ) إلخ ليكون تصديقاً لوعده تعالى، ثمّ حمدهم إذ اتّبعوا رضوانه فقال: و اتّبعوا رضوان الله و الله ذو فضل عظيم.

( كلام في التوکّل)

و حقيقة الأمر أنّ مضيّ الإرادة و الظفر بالمراد في نشأة المادّة يحتاج إلى أسباب طبيعيّة و اُخرى روحيّة و الإنسان إذا أراد الورود في أمر يهمّه و هيّأ من الأسباب الطبيعيّة ما يحتاج إليه لم يحل بينه و بين ما يبتغيه إلّا اختلال الأسباب الروحيّة كوهن الإرادة و الخوف و الحزن و الطيش و الشره و السفه و سوء الظنّ و غير ذلك و هي اُمور هامّة عامّة، و إذا توکّل على الله سبحانه و فيه اتّصال بسبب غير مغلوب البتّة و هو السبب الّذي فوق كلّ سبب قويت إرادته قوّة لا يغلبها شي‏ء من الأسباب الروحيّة المضادّة المنافية فكان نيلاً و سعادة.

و في التوکّل على الله جهة اُخرى يلحقه أثراً بخوارق العادة كما هو ظاهر قوله:( وَ مَنْ يَتوکّل عَلَى الله فَهُوَ حسبه إِنَّ الله بالِغُ أَمْرِهِ ) الآية، و قد تقدّم شطر من البحث المتعلّق بالمقام في الكلام على الإعجاز.

قوله تعالى: ( ذلِكُمُ الشَّيْطانُ يُخَوِّفُ أَوْلِياءَهُ ) الآية، ظاهر الآية أنّ الإشارة إلى الناس الّذين قالوا لهم ما قالوا، فيكون هذا من الموارد الّتي أطلق فيها القرآن الشيطان على الإنسان كما يظهر ذلك من قوله:( مِنْ شرّ الْوَسْواسِ الْخَنَّاسِ الّذي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ مِنَ الْجنّة وَ النَّاسِ ) الناس: ٦، و يؤيّده قوله تعالى بعد ذلك: فَلا تَخافُوهُمْ أي الناس القائلين لكم ما قالوا لأنّ ذلكم الشيطان، و سنبحث في هذا المعنى بما يكشف القناع عن وجه حقيقته إن شاء الله تعالى.

٦٨

( بحث روائي‏)

الروايات الواردة في غزوة اُحد كثيرة في الغاية، و هي مختلفة اختلافاً شديداً في جهات القصّة ربّما أدّت إلى سوء الظنّ بها، و أكثرها اختلافاً ما ورد منها في أسباب نزول كثير من آيات القصّة و هي تقرب من ستّين آية فإنّ أمرها عجيب، و لا يلبث الناظر المتأمّل فيها دون أن يقضي بأنّ المذاهب المختلفة أودعت فيها أرواحها لتنطق بلسانها بما تنتفع به، و هذا هو العذر في تركنا إيرادها في هذا البحث فمن أرادها فعليه بجوامع الحديث و مطوّلات التفاسير.

وفي الدرّ المنثور أخرج ابن أبي حاتم عن أبي الضحى قال: نزلت( وَ يَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَداءَ ) فقتل منهم يومئذ سبعون منهم أربعة من المهاجرين منهم حمزة بن عبدالمطّلب، و مصعب بن عمير أخوبني عبدالدار، و الشماس بن عثمان المخزوميّ، و عبدالله بن جحش الأسديّ، و سائرهم من الأنصار.

أقول: و ظاهر الرواية أنّ أباالضحى أخذ الشهداء في الآية بمعنى المقتولين في المعركة، و على ذلك جرى جمهور المفسّرين، و قد مرّ في البيان السابق أن لا دليل عليه من ظاهر الكتاب بل الظاهر أنّ المراد بالشهداء شهداء الأعمال.

و في تفسير العيّاشيّ في قوله تعالى:( أَمْ حسبتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجنّة وَ لَمَّا يَعْلَمِ الله ) الآية، عن الصادقعليه‌السلام قال: إنّ الله علم بما هو مكوّنه قبل أن يكوّنه و هم ذرّ و علم من يجاهد ممّن لا يجاهد كما علم أنّه يميت خلقه قبل أن يميتهم، و لم ير موتهم و هم أحياء.

أقول: إشارة إلى ما تقدّم أنّه فرق بين العلم قبل الإيجاد و العلم الفعليّ الّذي هو الفعل و أنّ المراد ليس هو العلم قبل الإيجاد.

و في تفسير القمّيّ، عن الصادقعليه‌السلام في قوله تعالى:( وَ لَقَدْ كُنْتُمْ تَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ ) الآية: إنّ المؤمنين لمّا أخبرهم الله تعالى بالّذي فعل بشهدائهم يوم بدر في منازلهم في الجنّة رغبوا في ذلك فقالوا: اللّهمّ أرنا قتالاً نستشهد فيه فأراهم الله يوم اُحد إيّاه

٦٩

فلم يثبتوا إلّا من شاء الله منهم فذلك قوله:( وَ لَقَدْ كُنْتُمْ تَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ ) الآية.

أقول: و روي هذا المعنى في الدرّ المنثور عن ابن عبّاس و مجاهد و قتادة و الحسن و السدّيّ.

و في تفسير القمّيّ، قالعليه‌السلام إنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم خرج يوم اُحد، و عهد العاهد به على تلك الحال فجعل الرجل يقول لمن لقيه: إنّ رسول الله قد قتل. النجا، فلمّا رجعوا إلى المدينة أنزل الله:( وَ ما محمّد إلّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ - إلى قوله -انْقَلَبْتُمْ عَلى‏ أَعْقابِكُمْ ( يقول: إلى الكفر)وَ مَنْ يَنْقَلِبْ عَلى‏ عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ الله شيئاً ) .

و في الدرّ المنثور أخرج ابن جرير و ابن أبي حاتم عن الربيع في الآية قال: ذلك يوم اُحد حين أصابهم ما أصابهم من القتل و القرح و تداعوا نبيّ الله قالوا: قد قتل و قال اُناس منهم: لو كان نبيّاً ما قتل، و قال اُناس من علية أصحاب النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : قاتلوا على ما قاتل عليه نبيّكم حتّى يفتح الله عليكم أو تلحقوا به، و ذكر لنا أنّ رجلاً من المهاجرين مرّ على رجل من الأنصار و هو يتشحّط في دمه فقال: يا فلان أ شعرت أنّ محمّداً قد قتل؟ فقال الأنصاريّ: إن كان محمّد قد قتل فقد بلّغ، فقاتلوا عن دينكم، فأنزل الله:( وَ ما محمّد إلّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى‏ أَعْقابِكُمْ ) يقول: ارتددتم كفّاراً بعد إيمانكم.

و فيه أخرج ابن جرير عن السدّيّ قال: فشا في الناس يوم اُحد أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قد قتل فقال بعض أصحاب الصخرة: ليت لنا رسولاً إلى عبدالله بن اُبيّ فيأخذ لنا أماناً من أبي سفيان يا قوم إنّ محمّداً قتل فارجعوا إلى قومكم قبل أن يأتوكم فيقتلوكم قال أنس بن النضر: يا قوم إن كان محمّد قد قتل فإنّ ربّ محمّد لم يقتل فقاتلوا على ما قاتل عليه محمّد، اللّهمّ إنّي أعتذر إليك ممّا يقول هؤلاء، و أبرء إليك ممّا جاء به هؤلاء فشدّ بسيفه فقاتل حتّى قتل فأنزل الله:( وَ ما محمّد إلّا رَسُولٌ ) الآية.

أقول: و روي هذه المعاني بطرق اُخر كثيرة.

و في الكافي عن الباقرعليه‌السلام : أنّه أصاب عليّاً يوم اُحد ستون جراحة و أنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أمر اُمّ سليم و اُمّ عطيّة أن تداوياه فقالتا إنّا لا نعالج منه مكاناً إلّا انفتق مكان

٧٠

و قد خفنا عليه، و دخل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم و المسلمون يعودونه و هو قرحة واحدة، و جعل يمسحه بيده و يقول: إنّ رجلاً لقي هذا في الله فقد أبلى و أعذر، فكان القرح الّذي يمسحه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يلتئم فقال عليّ: الحمد لله إذ لم أفرّ و لم اُولّ الدبر فشكر الله له ذلك في موضعين من القرآن و هو قوله:( وَ سَيَجْزِي الله الشَّاكِرِينَ ) ،( و سَنَجْزِي الشَّاكِرِينَ ) .

أقول: يعني شكر الله له ثباته لا قوله: الحمد لله الّذي.

و في تفسير العيّاشيّ، عن الصادقعليه‌السلام أنّه قرأ: و كأيّن من نبيّ قتل معه ربّيّون كثير، قال: اُلوف و اُلوف ثمّ قال: إي و الله يقتلون.

أقول: و روي هذه القراءة و المعنى في الدرّ المنثور عن ابن مسعود و غيره، و روي عن ابن عبّاس أنّه سئل عن قوله ربّيّون قال: جموع.

و في الدرّ المنثور أخرج عبد بن حميد و ابن أبي حاتم عن مجاهد( مِنْ بَعْدِ ما أَراكُمْ ما تُحِبُّونَ ) قال: نصرالله المؤمنين على المشركين حتّى ركب نساء المشركين على كلّ صعب و ذلول ثمّ اُديل عليهم المشركون بمعصيتهم للنبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

و فيه أخرج ابن إسحاق و ابن راهويه و عبد بن حميد و ابن جرير و ابن المنذر و ابن أبي حاتم و البيهقيّ في الدلائل عن الزبير قال: لقد رأيتني مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حين اشتدّ الخوف علينا أرسل الله علينا النوم فما منّا من رجل إلّا ذقنه في صدره فوالله إنّي لأسمع قول معتب بن قشير - ما أسمعه إلّا كالحلم -: لو كان لنا من الأمر شي‏ء ما قتلنا ههنا فحفظتها منه، و في ذلك أنزل الله:( ثمّ أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً نُعاساً - إلى قوله -ما قُتِلْنا ههنا ) لقول معتب بن قشير.

أقول: و قد روي هذا المعنى عن الزبير بن العوّام بطرق كثيرة.

و فيه أخرج ابن مندة في معرفة الصحابة عن ابن عبّاس في قوله:( إِنَّ الّذينَ تَوَلَّوْا مِنْكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعانِ ) الآية، قال: نزلت في عثمان و رافع بن المعلّى و حارثة بن زيد.

أقول: و روي ما يقرب منه في عدّة طرق عن عبدالرحمن بن عوف و عكرمة و

٧١

ابن إسحاق و اُضيف إليهم في بعضها أبو حذيفة بن عقبة و الوليد بن عقبة و سعد بن عثمان و عقبة بن عثمان.

و على أيّ حال ذكر عثمان و من عدّ منهم بأسمائهم من باب ذكر المصداق و إلّا فالآية نزلت في جميع من تولّى من الأصحاب و عصى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، و الّذي يخصّ عثمان هو أنّه و من معه فرّوا حتّى بلغوا الجلعب (جبل بناحية المدينة ممّا يلي الأغوص) فأقاموا به ثلاثاً ثمّ رجعوا إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال لهم: لقد ذهبتم فيها عريضة.

و أمّا أصحابه عامّة فقد تكاثرت الروايات أنّهم تولّوا عن آخرهم، و لم يبق مع رسول الله منهم إلّا رجلان من المهاجرين و سبعة من الأنصار ثمّ إنّ المشركين هجموا على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقتل دون الدفاع عنه الأنصار واحداً بعد واحد حتّى لم يبق معه منهم أحد.

و روي أنّ الّذين ثبتوا معه أحد عشر، و روي ثمانية عشر حتّى روي ثلاثون، و هو أضعف الروايات.

و لعلّ هذا الاختلاف بحسب اختلاف اطّلاعات الرواة و غير ذلك، و الّذي تدلّ عليه روايات دفاع نسيبة المازنيّة عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنّه لم يكن عنده ساعتئذ أحد، و كان من ثبت منهم و لم ينهزم مشغولاً بالقتال، و لم يتّفق كلمة الرواة في ذلك على أحد إلّا عليّعليه‌السلام و لعلّ أبا دجّانة الأنصاريّ سماك بن خرشة كذلك إلّا أنّه قاتل بسيف رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أوّلاً ثمّ وقى بنفسه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حين جلى عنه أصحابه يدفع عنه النبال بمجنّه و بظهره حتّى اُثخن رضي الله عنه.

و أمّا بقيّة أصحابه فمن ملحق به حين ما عرفصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم و علم أنّه لم يقتل، و ملحق به بعد حين، و هؤلاء هم الّذين أنزل الله عليهم النعاس غير أنّ الله تعالى عفا عن الجميع و قد عرفت فيما تقدّم من البيان معنى العفو، و ذكر بعض المفسّرين أنّ معنى العفو في هذه الآية صرفه تعالى المشركين عنهم حيث لم يبيدوهم و لم يقتلوهم عن آخرهم.

و في الدرّ المنثور، أخرج ابن عديّ و البيهقيّ في الشعب بسند حسن عن ابن

٧٢

عبّاس قال: لمّا نزلت: وَ شاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أمّا إنّ الله و رسوله لغنيّان عنها و لكن جعلها الله رحمة لاُمّتي فمن استشار منهم لم يعدم رشداً، و من تركها لم يعدم غيّاً.

و فيه أخرج الطبرانيّ في الأوسط، عن أنس قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ما خاب من استخار، و لا ندم من استشار.

و في نهج البلاغة: من استبدّ برأيه هلك، و من شاور الرجال شاركها في عقولها.

و فيه،: الاستشارة عين الهداية، و قد خاطر من استبدّ برأيه.

و في الصافي، عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : لا وحدة أوحش من العجب، و لا مظاهرة أوثق من المشاورة.

أقول: و الروايات في المشاورة كثيرة جدّاً، و موردها ما يجوز للمستشير فعله و تركه بحسب المرجّحات، و أمّا الأحكام الإلهيّة الثابتة فلا مورد للاستشارة فيها كما لا رخصة في تغييرها لأحد و إلّا كان اختلاف الحوادث الجارية ناسخاً لكلام الله تعالى.

و في المجالس، عن الصادقعليه‌السلام : إنّ رضي الناس لا يملك، و ألسنتهم لا تضبط ألم ينسبوه يوم بدر أنّه أخذ لنفسه من المغنم قطيفة حمراء؟ حتّى أظهره الله على القطيفة، و برّأ نبيّه من الخيانة، و أنزل في كتابه: وَ ما كانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ، الآية.

أقول: و ذكر ذلك القمّيّ في تفسيره، و فيه: فجاء رجل إلى رسول اللهعليه‌السلام فقال: إنّ فلاناً غلّ قطيفة حمراء فأحفرها هنالك فأمر رسول اللهعليه‌السلام بحفر ذلك الموضع فأخرج القطيفة.

و قد روي هذا المعنى و ما يقرب منه في الدرّ المنثور بطرق كثيرة و لعلّ المراد بكون الآية نزلت فيها كون الآية مشيرة إليها و إلّا فسياق الآيات أنّها نزلت بعد غزوة اُحد كما تقدّم بيانه.

و في تفسير القمّيّ، عن الباقرعليه‌السلام : من غلّ شيئاً رآه يوم القيامة في النار ثمّ يكلّف أن يدخل إليه فيخرجه من النار.

أقول: و هو استفادة لطيفة من قوله تعالى:( وَ مَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِما غَلَّ يَوْمَ الْقِيامَةِ ) .

٧٣

و في تفسير العيّاشيّ، في قوله تعالى:( هُمْ دَرَجاتٌ عِنْدَ الله ) عن الصادقعليه‌السلام : الّذين اتّبعوا رضوان الله هم الأئمّة، و هم و الله درجات عندالله للمؤمنين، و بولايتهم و مودّتهم إيّانا يضاعف الله لهم أعمالهم، و يرفع الله لهم الدرجات العلى، و الّذين باءوا بسخط من الله هم الّذين جحدوا حقّ علي و حقّ الأئمّة منّا أهل البيت فباءوا لذلك بسخط من الله.

أقول: و هو من الجري و الانطباق.

و فيه، عن الرضاعليه‌السلام : الدرجة ما بين السماء و الأرض.

و في تفسير العيّاشيّ، أيضاً: في قوله تعالى:( أَ وَ لَمَّا أَصابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْها ) عن الصادقعليه‌السلام : كان المسلمون قد أصابوا ببدر مائة و أربعين رجلاً: قتلوا سبعين رجلاً و أسروا سبعين فلمّا كان يوم اُحد اُصيب من المسلمين سبعون رجلاً فاغتمّوا بذلك فنزلت.

و في الدرّ المنثور، أخرج ابن أبي شيبة و الترمذيّ - و حسنّه - و ابن جرير و ابن مردويه عن عليّ قال: جاء جبرئيل إلى النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال: يا محمّد إنّ الله قد كره ما صنع قومك في أخذهم الاُسارى، و قد أمرك أن تخيّرهم بين أمرين: أمّا أن يقدّموا فتضرب أعناقهم و بين أن يأخذوا الفداء على أن يقتل منهم عدّتهم، فدعا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الناس فذكر ذلك لهم فقالوا: يا رسول الله عشائرنا و أقوامنا نأخذ فداءهم فنقوى به على قتال عدوّنا، و يستشهد منّا بعدّتهم فليس في ذلك ما نكره فقتل منهم يوم اُحد سبعون رجلاً عدّة اُسارى أهل بدر.

أقول: و رواه في المجمع عن عليّعليه‌السلام ، و أورده القمّيّ في تفسيره.

و في المجمع، في قوله تعالى:( وَ لا تَحسبنَّ الّذينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ الله ) الآيات عن الباقرعليه‌السلام : نزلت في شهداء بدر و اُحد معاً.

أقول: و على ذلك روايات كثيرة رواها في الدرّ المنثور و غيره و قد عرفت أنّ معنى الآيات عامّ شامل لكلّ من قتل في سبيل الله حقيقةً أو حكماً و ربّما قيل: إنّ الآيات نازلة في شهداء بئر معونة، و هم سبعون رجلاً أو أربعون من أصحاب النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم

٧٤

أرسلهم لدعوة عامر بن الطفيل و قومه و كانوا على ذلك الماء فقدّموا أبا ملحان الأنصاريّ إليهم بالرسالة فقتلوه أوّلاً ثمّ تتايعوا على أصحاب النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقاتلوهم فقتلوهم جميعاً رضي الله عنهم.

و في تفسير العيّاشيّ، عن الصادق قال: هم و الله شيعتنا حين صارت أرواحهم في الجنّة، و استقبلوا الكرامة من الله عزّوجلّ علموا و استيقنوا أنّهم كانوا على الحقّ و على دين الله عزّوجلّ فاستبشروا بمن لم يلحقوا بهم من إخوانهم من خلفهم من المؤمنين.

أقول: و هو من الجري، و معنى علمهم و استيقانهم بأنّهم كانوا على الحقّ أنّهم ينالون ذلك بعين اليقين بعد ما نالوه في الدنيا بعلم اليقين لا أنّهم كانوا في الدنيا شاكّين مرتابين.

و في الدرّ المنثور، أخرج أحمد و هنّاد و عبد بن حميد و أبوداود و ابن جرير و ابن المنذر و الحاكم - و صحّحه - و البيهقيّ في الدلائل عن ابن عبّاس قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : لمّا اُصيب إخوانكم باُحد جعل الله أرواحهم في أجواف طير خضر ترد أنهار الجنّة، و تأكل من ثمارها و تأوي إلى قناديل من ذهب معلّقة في ظلّ العرش.

فلمّا وجدوا طيب مأكلهم و مشربهم و حسن مقيلهم قالوا: يا ليت إخواننا يعلمون ما صنع الله لنا، و في لفظ: قالوا: إنّا أحياء في الجنّة نرزق لئلّا يزهدوا في الجهاد و لا ينكلوا عن الحرب فقال الله: أنا اُبلّغهم عنكم فأنزل الله هؤلاء الآيات:( وَ لا تَحسبنَّ الّذينَ قُتِلُوا ) الآية و ما بعدها.

أقول: و في هذا المعنى روايات كثيرة رووها عن أبي سعيد الخدريّ و عبدالله بن مسعود و أبي العالية و ابن عبّاس و غيرهم، و في بعضها: في صور طير خضر كرواية أبي العالية، و في بعضها: في طير خضر كرواية أبي سعيد، و في بعضها: كطير خضر كرواية ابن مسعود، و الألفاظ متقاربة.

و قد ورد من طرق أئمّة أهل البيت: أنّ الرواية عرضت عليهم فأنكروها عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ‏، و في بعضها: أنّهم أوّلوها، و لا شكّ - بالنظر إلى الاُصول الثابتة المسلّمة - في لزوم تأويل الرواية لو لم تطرح.

٧٥

و الروايات مع ذلك ليست في مقام بيان حالهم في جنّة الآخرة بل المراد بها جنّة البرزخ و الدليل عليه ما في رواية ابن جرير عن مجاهد قال: يرزقون من ثمر الجنّة و يجدون ريحها و ليسوا فيها، و ما في رواية ابن جرير عن السدّيّ: إنّ أرواح الشهداء في أجواف طير خضر في قناديل من ذهب معلّقة بالعرش فهي ترعى بكرة و عشيّة في الجنّة، و تبيت في القناديل.

و قد عرفت فيما تقدّم من البحث في البرزخ أنّ مضمون هاتين الروايتين إنّما يستقيم في جنّة الدنيا و هي البرزخ لا في جنّة الآخرة.

و في الدرّ المنثور في قوله تعالى: الّذينَ اسْتَجابُوا لله الآية أخرج ابن إسحاق و ابن جرير و البيهقيّ في الدلائل عن عبدالله بن ابي بكر بن محمّد بن عمرو بن حزم قال: خرج رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لحمراء الأسد و قد أجمع أبوسفيان بالرجعة إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم و أصحابه، و قالوا: رجعنا قبل أن نستأصلهم لنكرّنّ على بقيّتهم، فبلغه أنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم خرج في أصحاب يطلبهم فثنّى ذلك أباسفيان و أصحابه، و مرّ ركب من عبدالقيس فقال لهم أبوسفيان: بلّغوا محمّداً أنّا قد أجمعنا الرجعة إلى أصحابه لنستأصلهم، فلمّا مرّ الركب برسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بحمراء الأسد أخبروه بالّذي قال أبوسفيان، فقال رسول الله و المؤمنون معه: حسبنا الله و نعم الوكيل، فأنزل الله في ذلك: الّذينَ اسْتَجابُوا لله وَ الرَّسُولِ الآيات.

أقول: و رواه القمّيّ في تفسيره مفصّلاً و فيه أنّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أخرج معه إلى حمراء الأسد من أصحابه من كان به جراحة، و في بعض الروايات أنّه إنّما أخرج معه من كان في اُحد، و المآل واحد.

و فيه أخرج موسى بن عقبة في مغازيه و البيهقيّ في الدلائل عن ابن شهاب قال: إنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم استنفر المسلمين لموعد أبي سفيان بدراً فاحتمل الشيطان أولياءه من الناس فمشوا في الناس يخوّفونهم، و قالوا: قد اُخبرنا أن قد جمعوا لكم من الناس مثل اللّيل يرجون أن يواقعوكم فينتهبوكم فالحذر الحذر، فعصم الله المسلمين من تخويف الشيطان فاستجابوا لله و رسوله، و خرجوا ببضائع لهم، و قالوا: إن لقينا أباسفيان فهو

٧٦

الّذي خرجنا له، و إن لم نلقه ابتعنا بضائعنا، و كان بدر متجراً يوافي كلّ عامّ فانطلقوا حتّى أتوا موسم بدر فقضوا منه حاجتهم، و أخلف أبوسفيان الموعد فلم يخرج هو و لا أصحابه، و مرّ عليهم ابن حمام فقال: من هؤلاء؟ قالوا: رسول الله و أصحابه ينتظرون أباسفيان و من معه من قريش، فقدم على قريش فأخبرهم فاُرعب أبوسفيان و رجع إلى مكّة، و انصرف رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلى المدينة بنعمة من الله و فضل، فكانت تلك الغزوة تعدّ غزوة جيش السويق و كانت في شعبان سنة ثلاث.

أقول: و رواه من غير هذا الطريق، و رواه في المجمع مفصّلاً عن الباقرعليه‌السلام ، و فيها: أنّ الآيات نزلت في غزوة بدر الصغرى، و المراد بجيش السويق جيش أبي سفيان فإنّه خرج من مكّة في جيش من قريش و قد حملوا معهم أحمالاً من سويق فنزلوا خارج مكّة فاقتاتوا بالسويق ثمّ رجعوا إلى مكّة لما أخذهم الرعب من لقاء المسلمين ببدر، فسمّاهم الناس جيش السويق تهكّماً و استهزاءً.

و فيه أيضاً أخرج النسائيّ و ابن أبي حاتم و الطبرانيّ بسند صحيح عن عكرمة عن ابن عبّاس قال: لمّا رجع المشركون عن اُحد قالوا: لا محمّداً قتلتم و لا الكواعب أردفتم بئس ما صنعتم ارجعوا، فسمع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بذلك فندب المسلمين فانتدبوا حتّى بلغ حمراء الأسد أو بئر أبي عتبة - شكّ سفيان - فقال المشركون نرجع قابل فرجع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فكانت تعدّ غزوة فأنزل الله:( الّذينَ اسْتَجابُوا لله وَ الرَّسُولِ ) الآية، و قد كان أبوسفيان قال للنبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : موعدكم موسم بدر حيث قتلتم أصحابنا فأمّا الجبان فرجع، و أمّا الشجاع فأخذ اُهبة القتال و التجارة فأتوه فلم يجدوا به أحداً و تسوّقوا فأنزل الله:( فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ الله وَ فَضْلٍ ) الآية.

أقول: و إنّما أوردنا هذه الرواية مع مخالفته للاختصّار و التلخيص المؤثّر في المباحث الروائيّة بإيراد اُنموذج جامع من كلّ باب ليتبصّر الباحث المتأمّل أنّ ما ذكروه من أسباب النزول كلّها أو جلّها نظريّة بمعنى أنّهم يروون غالباً الحوادث التاريخيّة ثمّ يشفّعونها بما يقبل الانطباق عليها من الآيات الكريمة فيعدّونها أسباب النزول و ربّما أدّى ذلك إلى تجزئة آية واحدة أو آيات ذات سياق واحد ثمّ نسبة كلّ جزء

٧٧

إلى تنزيل واحد مستقلّ و إن أوجب ذلك اختلال نظم الآيات و بطلان سياقها، و هذا أحد أسباب الوهن في نوع الروايات الواردة في أسباب النزول.

و أضف إلى ذلك ما ذكرناه في أوّل هذا البحث أنّ لاختلاف المذاهب تأثيراً في لحن هذه الروايات و سوقها إلى ما يوجّه به المذاهب الخاصّة.

على أنّ للأجواء السياسيّة و البيئات الحاكمة في كلّ زمان أثراً قويّاً في الحقائق من حيث إخفاؤها أو إبهامها فيجب على الباحث المتأمّل أن لا يهمل أمر هذه الأسباب الدخيلة في فهم الحقائق و الله الهادي.

( بحث تاريخي)

شهداء المسلمين يوم اُحد سبعون رجلاً و هاك فهرسّ أسمائهم:

١ - حمزة بن عبدالمطّلب بن هاشم.

٢ - عبدالله بن جحش.

٣ - مصعب بن عمير.

٤ - شماس بن عثمان و هؤلاء الأربعة هم الشهداء من المهاجرين.

٥ - عمرو بن معاذ بن النعمان.

٦ - الحارث بن أنس بن رافع.

٧ - عمارة بن زياد بن السكن.

٨ - سلمة بن ثابت بن وقش.

٩ - عمرو بن ثابت بن وقش.

١٠ - ثابت بن وقش.

١١ - رفاعة بن وقش.

١٢ - حسيل بن جابر أبو حذيفة اليمان.

١٣ - صيفيّ بن قيظيّ.

١٤ - حباب بن قيظيّ.

٧٨

١٥ - عبّاد بن سهل.

١٦ - الحارث بن أوس بن معاذ.

١٧ - إياس بن أوس.

١٨ - عبيد بن التيّهان.

١٩ - حبيب بن يزيد بن تيم.

٢٠ - يزيد بن حاطب بن اُميّة بن رافع.

٢١ - أبوسفيان بن الحارث بن قيس بن زيد.

٢٢ - حنظلة بن أبي عامر و هو غسيل الملائكة.

٢٣ - اُنيس بن قتادة.

٢٤ - أبوحبّة بن عمر بن ثابت.

٢٥ - عبدالله بن جبير بن النعمان و هو أمير الرماة.

٢٦ - أبوسعد خيثمة بن خيثمة.

٢٧ - عبدالله بن سلمة.

٢٨ - سبيع بن حاطب بن الحارث.

٢٩ - عمرو بن قيس.

٣٠ - قيس بن عمرو بن قيس.

٣١ - ثابت بن عمرو بن يزيد.

٣٢ - عامر بن مخلّد.

٣٣ - أبوهبيرة بن الحارث بن علقمة بن عمرو.

٣٤ - عمرو بن مطرّف بن علقمة بن عمرو.

٣٥ - أوس بن ثابت بن المنذر أخو حسّان بن ثابت.

٣٦ - أنس بن النضر عمّ أنس بن مالك خادم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

٣٧ - قيس بن مخلّد.

٣٨ - كيسان، عبد لبني النجّار.

٧٩

٣٩ - سليم بن الحارث.

٤٠ - نعمان بن عبد عمرو.

٤١ - خارجة بن زيد بن أبي زهير.

٤٢ - سعد بن الربيع بن عمرو بن أبي زهير.

٤٣ - أوس بن الأرقم.

٤٤ - مالك بن سنان من بني خدرة و هو والد أبي سعيد الخدريّ.

٤٥ - سعيد بن سويد.

٤٦ - عتبة بن ربيع.

٤٧ - ثعلبة بن سعد بن مالك.

٤٨ - سقف بن فروة بن البديّ.

٤٩ - عبدالله بن عمرو بن وهب.

٥٠ - ضمرة حليف لبني طريف.

٥١ - نوفل بن عبدالله.

٥٢ - عبّاس بن عبادة.

٥٣ - نعمان بن مالك بن ثعلبة.

٥٤ - المجدّر بن زياد.

٥٥ - عبادة بن الحسحاس، و قد دفن نعمان و المجدّر و عبادة في قبر واحد.

٥٦ - رفاعة بن عمرو.

٥٧ - عبدالله بن عمرو من بني حرام.

٥٨ - عمرو بن الجموح من بني حرام، دفنا في قبر واحد.

٥٩ - خلّاد بن عمرو بن الجموح.

٦٠ - أبو أيمن مولى عمرو بن الجموح.

٦١ - سليم بن عمرو بن حديدة.

٦٢ - عنترة مولى سليم.

٨٠