بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة الجزء ١٢

بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة0%

بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة مؤلف:
تصنيف: أمير المؤمنين عليه السلام
الصفحات: 607

بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة

مؤلف: الشيخ محمد تقي التّستري
تصنيف:

الصفحات: 607
المشاهدات: 97860
تحميل: 2379


توضيحات:

بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 607 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • المشاهدات: 97860 / تحميل: 2379
الحجم الحجم الحجم
بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة

بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة الجزء 12

مؤلف:
العربية

قول المصنّف : « قال الشّريف : أقول » هكذا في ( المصرية )١ و قوله : « قال الشريف » إنّما من الشّرّاح ، لا من النّهج ، و أمّا « أقول » فمحرّف « و أقول » كما يظهر من ( ابن أبي الحديد و ابن ميثم )٢ .

« لو كان كلام يأخذ بالأعناق إلى الزهد في الدّنيا و يضطرّ إلى عمل الآخرة لكان هذا الكلام » أي : كلام العنوان و لبعضهم في وصف تأثير الكلام :

« لو أنّ كلاما أذيب به صخر أو اطفى‏ء به جمر أو عوفي به مريض أو جبر به مهيض لكان كلامه الّذي يعوّد سامعيه الى السّجود و يجري في القلوب مجرى الماء في العود ألفاظه أنوار و معانيه ثمار » .

« و كفى به قاطعا لعلائق الآمال » بعد فهم أنّ الدّنيا أدبرت ، و الآخرة أقبلت .

« و قادحا زناد الاتّعاظ و الإزدجار » بعد كون السَّبقة الجنّة ، و الغاية النّار .

« و من أعجبه » أي : أعجب هذا الكلام .

« و لم يقل السّبقة » و في ( ابن ميثم )٣ و السّبقة .

« النّار كما قال السّبقة » و الصواب : « و السّبقة » كما في ( ابن أبي الحديد و ابن ميثم و الخطيّة )٤ .

« لأنّ الغاية ينتهي » الصواب : « و قد ينتهي » كما في الثلاثة .

« اليها من لا يسرّه الانتهاء » هكذا في ( المصرية ) و الصواب : « لانتهاء اليها » كما في الثلاثة أيضا .

« و لا يجوز في هذا الموضع » أي : موضع الآية . قل تمتّعوا فإنّ

____________________

( ١ ) الطبعة المصرية لا وجود لعبارة « قال الشريف » : ١٢٦ .

( ٢ ) شرح ابن أبي الحديد ٢ : ٩٢ ، و ابن ميثم ٢ : ٤١ .

( ٣ ) شرح ابن ميثم ٢ : ٤٠ .

( ٤ ) راجع البند ٣ .

١٠١

مصيركم إلى النار١ .

« أن يقال سبقتكم » و هكذا في ( المصرية )٢ و الصواب : أن يقال « فانّ سبقتكم » بسكون الياء هكذا في ( المصريتين ) و ليس قول ( بسكون الباء ) في ( ابن أبي الحديد و ابن ميثم و الخطيّة )٣ و هو غلط لأنّه يصير مفهومه انّ قول ( تمتَّعوا فانّ سبقتكم بالتحريك إلى النّار ) صحيح مع أنّه أراد أنّ الواجب هنا قول ( مصيركم ) دون سبقتكم رأسا .

« إلى النّار فتأمّل ذلك فباطنه عجيب و غوره بعيد » هكذا في ( المصرية ) و الصواب :٤ « بعيد لطيف » كما في ( ابن أبي الحديد و ابن ميثم )٥ .

« و كذلك أكثر كلامه عليه السّلام » في غاية العجب من حيث الفصاحة .

« و في بعض النسخ و قد جاء في رواية أخرى » هكذا في ( المصريتين )٦ و ليس قول « و في بعض النسخ » في ( ابن أبي الحديد و ابن ميثم و الخطيّة )٧ و هو غلط فاحش ، لأنّه لا معنى لأن يقول مصنّف عن كتابه : « و في بعض النّسخ » و انّما الشّراح و المحشّون يقولون ذلك ، أو المصنّف عن غير كتابه ،

فلابدّ أنّه من تخليط الحاشية بالمتن ، ثمّ بعد تصديق ( ابن أبي الحديد و ابن ميثم ) لقوله « و قد جاء . » الخ لا يبقى شكّ في كونه جزء الكتاب ، و من كلام الرّضيّ قطعا و أنّ الخالية ناقصة ، و قد رأيت نسخة خطّيّة قديمة خالية .

« و السّبقة الجنّة بضمّ السّين » هكذا في ( المصريتين )٨ و في ( ابن أبي

____________________

( ١ ) إبراهيم : ٣٠ .

( ٢ ) الطبعة المصرية : ١٢٦ .

( ٣ ) شرح ابن أبي الحديد ٢ : ٩٢ ، و ابن ميثم ٢ : ٤١ بدون لفظ « إنّ » أما الخطية : ٢٥ فمع ( أنّ ) .

( ٤ ) الخطية و المصرية و ابن ميثم بلفظ « بعيد » فقط اما شرح ابن أبي الحديد فبلفظ « بعيد لطيف » .

( ٥ ) الخطية و المصرية و ابن ميثم بلفظ « بعيد » فقط اما شرح ابن أبي الحديد فبلفظ « بعيد لطيف » .

( ٦ ) ابن ميثم كالمصرية في ذلك .

( ٧ ) ابن ميثم كالمصرية في ذلك .

( ٨ ) المصرية كابن ميثم : ١٢٧ ، و ابن ميثم ٢ : ٤١ .

١٠٢

الحديد و ابن ميثم )١ « و السّبقة بضمّ السّين » و كلمة « الجنّة » هنا لغو يجلّ المصنّف من مثله .

« و السبقة عندهم اسم لما يجعل للسّابق إذا سبق » و كذلك السّبق بالتّحريك و السّبق بالسّكون على ما قال ابن دريد ، فقال : و السّبق : الرّهن بين السّابقين و السَّبق ( فاز فلان سبقه و سبقه ) .٢ ، و أمّا الجوهري و الفيروز آبادي و الجزري فلم يذكروا غير السّبق بالتحريك٣ .

« من مال أو عرض » في ( المصباح ) : العرض ( بالسّكون ) : المتاع ، قالوا :

الدّراهم و الدّنانير عين و ما سواهما عرض ، و الجمع عروض ، مثل فلس و فلوس ، و قال قوم و أبو عبيد : العروض الأمتعة التي لا يدخلها كيل و لا وزن و لا يكون حيوانا و لا عقارا٤ .

٨

في الخطبة ( ٨١ ) و منها في صفة الجنّة دَرَجَاتٌ مُتَفَاضِلاَتٌ وَ مَنَازِلُ مُتَفَاوِتَاتٌ لاَ يَنْقَطِعُ نَعِيمُهَا وَ لاَ يَظْعَنُ مُقِيمُهَا وَ لاَ يَهْرَمُ خَالِدُهَا وَ لاَ يَبْأَسُ سَاكِنُهَا أقول : قول المصنّف : « في صفة الجنّة » مثلُ الجنّة التي وعد المتّقون فيها أنهارٌ من ماءٍ غير آسنٍ و أنهارٌ من لبنٍ لم يتغيّر طعمه و أنهارٌ من خمرٍ لذّةٍ

____________________

( ١ ) المصرية كابن ميثم : ١٢٧ ، و ابن ميثم ٢ : ٤١ .

( ٢ ) ابن دريد ، جمهرة اللغة : ٣٣٨ « ب س ق » .

( ٣ ) الجوهري ، الصحاح « سبق » ، و الفيروز آبادي ، قاموس المحيط : ١١٥٢ السبق محرّكة ، و ابن الأثير الجزري في النهاية « سبقه » ٢ : ٣٣٨ .

( ٤ ) المصباح المنير للفيتوري « عروض » .

١٠٣

للشّاربين و أنهارٌ من عسلٍ مصفّى و لهم فيها من كُلّ الثّمرات .١ .

قوله عليه السّلام : « درجات متفاضلات » و السّابقون السّابقون أولئك المقرّبون في جنّات النّعيم ثُلَّةٌ من الأوّلين و قليلٌ من الآخرين على سررٍ موضونةٍ متّكئين عليها متقابلين يطوفُ عليهم ولدان مخلّدون بأكوابٍ و أباريق و كأسٍ من معين لا يصدّعون عنها و لا ينزِفون و فاكهةٍ ممّا يتخيّرون و لحم طيرٍ ممّا يشتهون و حورٌ عينٌ كأمثال اللؤلؤ المكنون جزاءً بما كانوا يعملون لا يسمعون فيها لغواً و لا تأثيماً إلاّ قيلاً سلاماً سلاماً و أصحابُ اليمين ما أصحاب اليمين في سدرٍ مخضودٍ و طلحٍ منضود و ظِلِّ ممدودٍ و ماءٍ مسكوبٍ و فاكهةٍ كثيرةٍ لا مقطوعةٍ و لا ممنوعةٍ و فرشٍ مرفوعةٍ إنّا أنشأناهنَّ إنشاءً فجعلناهنَّ أبكاراً عُرباً أتراباً لأصحاب اليمين٢ .

« و منازل متفاوتات » ان الأبرار يشربون من كأسٍ كان مِزاجها كافوراً عيناً يشربُ بها عباد اللَّه يفجّرونها تفجيراً يوفون بالنّذر و يخافون يوماً كان شرّه مستطيراً و يطعمون الطّعام على حبّه مسكيناً و يتيماً و أسيرا إنّما نُطعمكم لوجه اللَّه لا نُريد منكم جزاءً و لا شكوراً إنّا نخافُ مِنْ رَبِّنا يوماً عبوساً قمطريرا فوقيهم اللَّه شرّ ذلك اليوم و لقيّهم نضرةً و سرورا و جزاهم بما صبروا جنّةً و حريرا متّكئين فيها على الارائك لا يرون فيها شمساً و لا زمهريرا و دانيةً عليهم ظلالها و ذلّلت قطوفها تذليلاً و يطاف عليهم بآنيةٍ من فضّةٍ و أكوابٍ كانت قوارير قوارير من فضّةٍ قدّروها تقديراً و يسقون فيها كأساً كان مِزاجها زنجبيلاً عيناً فيها تسمّى

____________________

( ١ ) محمّد : ١٥ .

( ٢ ) الواقعة : ١٠ ٣٨ .

١٠٤

سلسبيلاً و يطوف عليهم ولدانٌ مخلّدون إذا رأيتهم حسبتهم لؤلؤاً منثوراً و إذا رأيت ثمّ رأيت نعيماً و مُلكاً كبيراً عليهم ثيابُ سندسٍ خضرٌ و استبرقٍ و حلّوا أساور من فِضّةٍ و سقاهم ربُّهم شراباً طهوراً إنَّ هذا كان لكم جزاءً و كان سعيكم مشكوراً١ .

« لا ينقطع نعيمها » إنَّ الّذين سبقت لهم منّا الحسنى أولئك عنها مبعدون لا يسمعون حسيسها و هم في ما اشتهت أنفسهم خالدون لا يحزنهم الفزع الأكبر و تتلقيّهم الملائكة هذا يومكم الّذي كنتم توعدون٢ و استشهد أيضا بقوله تعالى إنَّ هذا لرزقنا ماله من نفادٍ٣ ، مَثَلُ الجنّة التي وعد المتّقون تجري من تحتها الأنهار اُكلُلها دائمٌ و ظِلّها .٤ .

« و لا يظعن مقيمها » في ( الصحاح ) : ظعن أي : سار .٥ الّذين يرثون الفردوس هم فيها خالدون٦ ، و أمّا الّذين سُعدوا ففي الجنَّة خالدين فيها ما دامت السماوات و الأرض إلاّ ما شاء ربُّك عطاءً غير مجذوذٍ٧ ، قُل أذلكَ خيرٌ أم جنّة الخلد الّتي وُعد المتّقون كانت لهم جزاءً و مصيراً لهم فيها ما يشاءون خالدين كان على ربِّك وعداً مسئولاً٨ قال ابن أبي الحديد : و على قوله عليه السّلام اتّفاق أهل الملّة إلاّ ما يحكى عن أبي الهذيل انّ حركات أهل الجنّة تنتهي إلى سكون دائم و زعم بعضهم أنّه لم يقل بانقطاع النَّعيم ، لكن بانقطاع

____________________

( ١ ) الدهر : ٥ ٢٢ .

( ٢ ) الأنبياء : ١٠١ ١٠٣ .

( ٣ ) ص : ٥٤ .

( ٤ ) الرعد : ٣٥ .

( ٥ ) الصحاح : ( ظعن ) .

( ٦ ) المؤمنون : ١١ .

( ٧ ) هود : ١٠٨ .

( ٨ ) الفرقان : ١٥ .

١٠٥

الحركة مع دوام النّعيم ، حمله على ذلك ، إنّه لمّا استدل على أنّ الحركة الماضية يستحيل ألاّ يكون لها أوّل ، عورض بالحركات المستقبلة لأهل الجنّة و النّار فالتزم أنّها متناهية .١ .

قلت : قال الشّهرستاني : انفرد أبو الهذيل عن أصحابه بعشر قواعد إلى أن قال الخامسة : أنّ حركات أهل الخالدين تنقطع و إنّهم يصيرون إلى سكون دائم خمودا ، و تجتمع اللّذات في ذلك السّكون لأهل الجنّة و تجتمع الآلآم في ذلك السّكون لأهل النّار و هذا قريب من مذهب جهم ، إذ حكم بفناء الجنّة و النّار و إنّما التزم أبو الهذيل هذا المذهب لأنّه لمّا ألزم في مسألة حدوث العالم ، انّ الحوادث التي لا أوّل لها كالحوادث التي لا آخر لها إذ كلّ واحدة لا تنتهي قال :

إنّي لا أقول بحركات لا تتناهى بل يصيرون إلى سكون دائم و كأنّه ظنّ أنّ ما لزمه في الحركة لا يلزمه في السّكون٢ .

« و لا يهرم خالدها » عن ( نوادر الرّاوندي ) : أبصر النّبي صلّى اللَّه عليه و آله امرأة عجوزا درداء فقال : أمّا إنّه لا يدخل الجنّة عجوز درداء فبكت فضحك النبيّ صلَّى اللَّه عليه و آله و قال :

لا تدخلين الجنّة على حالك ، و أبصر صلَّى اللَّه عليه و آله امرأة رمصاء العينين فقال صلَّى اللَّه عليه و آله اما انّه لا تدخل الجنّة رمصاء العينين فبكت فقال صلَّى اللَّه عليه و آله : لا تدخلين الجنّة على مثل صورتك هذه ، ثم قال : لا يدخل الجنّة أعور و لا أعمى٣ .

و في ( المناقب ) : قالت عجوز للنّبيّ صلَّى اللَّه عليه و آله : ادع لي بالجنّة فقال صلَّى اللَّه عليه و آله : إنّ الجنّة لا تدخلها العجز ، فبكت فضحك و قال لها : أما سمعت قوله تعالى إنّا أنشأناهنَّ إنشاءً فجعلناهنَّ أبكاراً٤ .

____________________

( ١ ) شرح ابن أبي الحديد ٦ : ٣٤٨ ( ٨٤ ) .

( ٢ ) الملل و النحل للشهرستاني ١ : ٥٤ .

( ٣ ) النوادر للراوندي : ١٠٠ ، و نقله المجلسي في البحار ١٦ : ٢٩٨ ح ( ٣ ) .

( ٤ ) المناقب لابن شهر آشوب ١ : ١٤٨ ، و الآية ٣٥ ٣٦ من سورة الواقعة .

١٠٦

و قال صلَّى اللَّه عليه و آله للعجوز الأشجعية : يا أشجعيّة لا تدخل العجوز الجنّة .

فرآها بلال باكية ، فوصفها للنبي صلَّى اللَّه عليه و آله فقال : و الأسود كذلك فجلسا يبكيان فرآهما العبّاس فذكرهما له ، فقال : و الشّيخ كذلك ، ثمّ دعاهم و طيّب قلوبهم ،

و قال : ينشئهم اللَّه كأحسن ما كانوا ، و ذكر أنّهم يدخلون الجنّة شبّانا منوّرين و قال : إنّ أهل الجنّة جرد مرد مكحّلون١ .

و روى ( العيون ) عن إسحاق بن حمّاد بن زيد في قصّة مجادله المأمون مع فقهاء العامّة في إمامة أمير المؤمنين عليه السّلام : ( فقال آخر منهم فقد جاء انّ النبيّ صلَّى اللَّه عليه و آله قال : أبو بكر و عمر سيّدا كهول أهل الجنّة ، قال المأمون : هذا الحديث محال لأنّه لا يكون في الجنّة كهل ، قال و يروى ، أنّ أشجعيّة كانت عند النبيّ صلَّى اللَّه عليه و آله فقال : لا يدخل الجنّة عجوز فبكت ، فقال لها النبيّ صلّى اللَّه عليه و آله : إنّ اللَّه تعالى يقول إنّا أنشأناهنّ إنشاءً٢ . .

قلت : وضعوا الخبر لهما في قبال قول النبيّ صلّى اللَّه عليه و آله في المتواتر « الحسن و الحسين سيّدا شباب أهل الجنّة »٣ ، و اللَّه يفضح الجاعل و يخزي الواضع .

« و لا يبأس ساكنها » يبأس بالفتح و ماضيه بالكسر ، و في ( الصحاح ) :

بئس الرّجل ، يبئس بؤسا و بئيسا اشتدّت حاجته فهو بائس٤ . .

لا يرون فيها شمساً و لا زمهريراً٥ ، إنَّ الّذين قالوا ربُّنا اللَّه ثمّ استقاموا تتنزَّل عليهم الملائكة ألاّ تخافوا و لا تحزنوا و أبشروا بالجنّة الّتي

____________________

( ١ ) المجلسي ، بحار الأنوار ١٦ : ٢٩٥ .

( ٢ ) الواقعة : ٣٥ ، و الرواية نقلها الصدوق في عيون أخبار الرضا ٢ : ١٨٧٠ .

( ٣ ) ذكره أحمد في مسنده ٣ : ٦٢٥٣ ، ٦٤ ، ٨٢ و في كنز العمّال ١٢٧٩٥ و ٣٤٢٤٦ و حلية الأولياء ٤ : ١٣٩ ، تاريخ بغداد ١١ : ٢٩٠ ، و معجم الطبراني ٣ : ٢٥ ٢٨ ، و مجمع الزوائد ٩ : ١٧٨ .

( ٤ ) الصحاح : ( بأس ) .

( ٥ ) الدهر : ١٣ .

١٠٧

كنتم توعدون نحن أولياءكم في الحياة الدُّنيا و في الآخرة و لكم فيها ما تشتهي أنفسكم و لكم فيها ما تدّعون نُزُلاً من غفورٍ رحيم١ ، و استشهد له أيضا بقوله تعالى و قالوا الحمد للَّه الذي أذهب عنّا الحزن إنّ ربّنا لغفورٌ شكورٌ الّذي أحلّنا دار المُقامة من فضله لا يمسّنا فيها نصبُ و لا يمسّا فيها لغوب٢ .

٩

من الخطبة ( ١٦٠ ) منها في صفة الجنّة :

فَلَوْ رَمَيْتَ بِبَصَرِ قَلْبِكَ نَحْوَ مَا يُوصَفُ لَكَ مِنْهَا لَعَزَفَتْ نَفْسُكَ عَنْ بَدَائِعِ مَا أُخْرِجَ إِلَى اَلدُّنْيَا مِنْ شَهَوَاتِهَا وَ لَذَّاتِهَا وَ زَخَارِفِ مَنَاظِرِهَا وَ لَذَهِلَتْ بِالْفِكْرِ فِي اِصْطِفَاقِ أَشْجَارٍ غُيِّبَتْ عُرُوقُهَا فِي كُثْبَانِ اَلْمِسْكِ عَلَى سَوَاحِلِ أَنْهَارِهَا وَ فِي تَعْلِيقِ كَبَائِسِ اَللُّؤْلُؤِ اَلرَّطْبِ فِي عَسَالِيجِهَا وَ أَفْنَانِهَا وَ طُلُوعِ تِلْكَ اَلثِّمَارِ مُخْتَلِفَةً فِي غُلُفِ أَكْمَامِهَا تُجْنَى مِنْ غَيْرِ تَكَلُّفٍ فَتَأْتِي عَلَى مُنْيَةِ مُجْتَنِيهَا وَ يُطَافُ عَلَى نُزَّالِهَا فِي أَفْنِيَةِ قُصُورِهَا بِالْأَعْسَالِ اَلْمُصَفَّقَةِ وَ اَلْخُمُورِ اَلْمُرَوَّقَةِ قَوْمٌ لَمْ تَزَلِ اَلْكَرَامَةُ تَتَمَادَى بِهِمْ حَتَّى حَلُّوا دَارَ اَلْمُقَامَةِ وَ أَمِنُوا نُقْلَةَ اَلْأَسْفَارِ فَلَوْ شَغَلْتَ قَلْبَكَ أَيُّهَا اَلْمُسْتَمِعُ بِالْوُصُولِ إِلَى مَا يَهْجُمُ عَلَيْكَ مِنْ تِلْكَ اَلْمَنَاظِرِ اَلْمُونِقَةِ لَزَهِقَتْ نَفْسُكَ شَوْقاً إِلَيْهَا وَ لَتَحَمَّلْتَ مِنْ مَجْلِسِي هَذَا إِلَى مُجَاوَرَةِ أَهْلِ اَلْقُبُورِ اِسْتِعْجَالاً بِهَا جَعَلَنَا اَللَّهُ وَ إِيَّاكُمْ مِمَّنْ سَعَى إِلَى مَنَازِلِ اَلْأَبْرَارِ بِرَحْمَتِهِ

____________________

( ١ ) فصّلت : ٣٠ ٣٢ .

( ٢ ) فاطر : ٣٤ ٣٥ .

١٠٨

إلى أن قال المصنّف في ( تفسير غريبه ) و قوله عليه السّلام : « كبائس اللّؤلؤ الرّطب » الكباسة : العذق ، و العساليج : الغصون واحدها عسلوج » .

أقول : قوله عليه السّلام « فلو رميت ببصر قلبك » قال الخوئي الباء زائدة قلت : إنّ ( رمى ) و ان كان متعدّيا بنفسه فتقول ( رميت الصّيد ) إلاّ أنّه بالنسبة إلى الأوّل ،

و أمّا الثاني فلا ، تقول ( رميت الصّيد بالسّهم ) و البصر هنا المفعول الثّاني ،

و الأوّل ( نحو ما يوصف )١ .

و في ( المصباح ) : رميت بالقول : قذفته٢ .

« نحو ما يوصف لك منها » النَّحو كالنّاحية ، بمعنى الجانب .

« لعزفت نفسك » في ( الصحاح ) : عرفت نفسي عن الشي‏ء تعزف و تعزف عزوفا أي : زهدت فيه و انصرفت٣ .

« من بدايع ما اخرج إلى الدّنيا » هكذا في ( المصرية ) و في ( ابن أبي الحديد ) ( عن بدايع ) و هو الصحيح لما عرفت من أنّه يقال : ( عزفت نفسي عن الشي‏ء ) لا من الشي‏ء٤ .

« من شهواتها و لذّاتها » في ( مروج المسعودي ) : استسقى أمير المؤمنين عليه السّلام يوم الجمل فأتي بعسل و ماء فحسا منه حسوة و قال : هذا الطائفي و هو غريب البلد ، فقال له عبد اللَّه بن جعفر : ما شغلك ما نحن فيه عن علم هذا ، قال : إنّه و اللَّه يا نبيّ ، ما حلا بصدر عمّك شي‏ء قط من أمر الدنيا٥ .

« و زخارف مناظرها » في ( الصحاح ) : الزّخرف : الذّهب ، ثمّ يشبه به

____________________

( ١ ) شرح الخوئي ١٠ : ٦٥ ح ١٦٤ .

( ٢ ) المصباح المنير للفيتوري : ٢٩٢ « رمى » .

( ٣ ) الصحاح : ( عزف ) .

( ٤ ) الطبعة المصرية : ٣٦٠ ، و شرح ابن أبي الحديد باضافة ( عن ) ٩ : ٢٧٨ ح ١٦٦ .

( ٥ ) مروج الذهب للمسعودي ٢ : ٣٦٨ .

١٠٩

كلّ مموّه و مزوّر١ .

« و لذهلت » بسكون التاء عطفا على « لعزفت » أي : لذهلت نفسك ، و في ( المصباح ) : ذهلت عن الشي‏ء أذهل بفتحتين ذهولا : غفلت٢ .

« في اصطفاق أشجار » نقله ابن أبي الحديد في ( اصطفاف أشجار ) بالفاء و قال : و يروي ( في اصطفاق أغصان . )٣ .

و في ( الصحاح ) : صففت القوم فاصطفّوا إذا أقمتهم في الحرب صفّا٤ .

قال : و الرّيح تصفق الأشجار فتصطفق ، أي : تضطرب٥ .

« غيبّت عروقها » في ( الصحاح ) : العروق : عروق الشّجر ، الواحد عرق ،

و في الحديث : من أحيا أرضا ميتة فهي له و ليس لعرق ظالم حقّ٦ .

« في كثبان المسك » في ( الصحاح ) : انكثب الرّمل أي : اجتمع ، و كلّ ما انصب في شي‏ء فقد انكثب فيه ، و منه سمّي الكثيب من الرّمل لأنّه انصب في مكان فاجتمع فيه ، و الجمع الكثبان و هي تلال الرّمل٧ .

قال : و المسك من الطيّب ، فارسيّ معرّب ، و كانت العرب تسمّيه المشموم و قول الشّاعر :

و من أردانها المسك تنفح

فإنّما أنّثه لأنّه ذهب به إلى ريح المسك٨ .

____________________

( ١ ) الصحاح : ( زخرف ) .

( ٢ ) المصباح المنير للفيتوري : ٢١١ « ذهلت » .

( ٣ ) شرح ابن أبي الحديد ٩ : ٢٧٩ .

( ٤ ) الصحاح : ( صفف ) .

( ٥ ) الصحاح : ( صفق ) .

( ٦ ) الصحاح : ( عرق ) .

( ٧ ) الصحاح : ( كتب ) .

( ٨ ) الصحاح : ( مسك ) .

١١٠

« على سواحل أنهارها » في ( الجمهرة ) : السحّيل : الرّخو ، و ساحل البحر مقلوب في اللّفظ ، لأنّ الماء سحله فهو مسحول ، و قالوا ساحل كما قالوا :

عيشة راضية في معنى مرضيّة١ .

« و في تعليق كبائس اللؤلؤ الرّطب » في ( المصباح ) : الكباسة : عنقود النخل ،

و الجمع الكبائس٢ .

« في عساليجها » قد عرفت أنّ المصنّف فسّرها بالغصون .

« و أفنانها » في ( الصحاح ) : الفنن جمعه أفنان ثمّ الأفانين ، قال الرّاجز يصف رحى .

لها زمام من أفانين الشّجر٣ .

« و طلوع تلك الثّمار مختلفة » كلّما رزقوا منها من ثمرةٍ رزقاً قالوا هذا الّذي رُزِقنا من قبل و أُتُوا به متشابهاً .٤ .

« في غلف أكمامها » في ( المصباح ) غلاف السّكّين و نحوه ، جمعه غلف مثل كتاب و كتب٥ .

و في ( الصحاح ) : و الكمّ ( بالكسر ) و الكمامة : و عاء الطّلع ، و غطاء النّور و الجمع كمام و أكمّة و أكمام و أكاميم٦ .

« تجنى من غير تكلّف » في ( الصحاح ) : جنيت الثَّمرة اجنيها جنيّا و جنى

____________________

( ١ ) ابن دريد ، الجمهرة : ٥٣٢ « سحل » .

( ٢ ) المصباح المنير للفيتوري : ٢٠٩ « كبس » .

( ٣ ) الصحاح : ( فنن ) .

( ٤ ) البقرة : ٢٥ .

( ٥ ) المصباح المنير للفيتوري : ١٢٠ « علف » .

( ٦ ) الصحاح : ( كمم ) .

١١١

و اجتنيتها بمعنى .١ .

و لمن خاف مقام ربِّه جنّتان٢ إلى أن قال و جنى الجنّتين دانٍ٣ .

« فتأتي على منية مجتنيها » في ( المصباح ) : تمنّيت كذا ، قيل : إنّه مأخوذ من المنا و هو القدر لأنّ صاحبه يقدّر حصوله ، و الاسم المنية و الامنيّة ، و جمع الأولى منى مثل غرفة و غرف ، و جمع الثاني الأماني .٤ .

و أمددناهم بفاكهةٍ و لحمٍ ممّا يشتهون٥ ، إنّ المتّقين في ظلالٍ و عيونٍ و فواكه ممّا يشتهون كلوا و اشربوا هنيئاً بما كنتم تعملون٦ .

« و يطاف على نزّالها في أفنية قصورها » في ( المصباح ) : الفناء٧ مثل الكتاب : الوصيد ، و هو سعة أمام البيت ، و ما امتدّ من جوانبه و الجمع أفنية٨ .

و يطاف عليهم بآنيةٍ من فضّةٍ و أكوابٍ كانت قوارير ، قوارير من فضّةٍ قدّروها تقديراً٩ ، يُطافُ عليهم بكأسٍ من معينٍ بيضاء لذَّةٍ للشّاربين لا فيها غولٌ و لا هم عنها ينزفون١٠ .

« بالاعسال المصفّقة » نائب الفاعل لقوله « يطاف على نزّالها » كما انّ قوله

____________________

( ١ ) الصحاح : ( جنى ) .

( ٢ ) الرحمن : ٤٦ .

( ٣ ) الرحمن : ٥٤ .

( ٤ ) المصباح للفيتوري : ١٥٨ « منا » .

( ٥ ) الطور : ٢٢ .

( ٦ ) المرسلات : ٤١ ٤٣ .

( ٧ ) المصباح : ١٥٨ « فنا » .

( ٨ ) المصباح للفيتوري ١٥٨ « فنى » .

( ٩ ) الدهر : ١٥ ١٦ .

( ١٠ ) الصافات : ٤٥ ٤٧ .

١١٢

تعالى بآنيةٍ من فضّةٍ في الآية نايب الفاعل لقوله تعالى يطاف عليهم .

في ( الصحاح ) : تصفيق الشّراب أن تحوّله من اناء إلى اناء .١ و أنهارٌ من عسلٍ مصفّىً .٢ .

« و الخمور المروّقة » في ( الصحاح ) : راق الشّراب يروق روقاً و روّقته أنا ترويقا .٣ .

و سقاهم ربّهم شراباً طهوراً٤ ، و أنهارٌ من خمرٍ لذّةٍ للشاربين .٥ .

« قوم لم تزل الكرامة بهم » أي : نزّالها قوم لم تزل كرامة اللَّه عزّ و جلّ بهم قال تعالى إلاّ المصلّين الّذين هم على صلاتهم دائمون و الّذين في أموالهم حقٌّ معلومٌ للسائل و المحروم و الّذين يصدِّقون بيوم الدّين و الّذين هم من عذاب ربِّهم مشفقون إنَّ عذاب ربِّهم غير مأمونٍ و الّذين هم لفروجهم حافظون إلاّ على أزواجهم أو ما ملكت ايمانهم فانّهم غير ملومين فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون و الّذين هم لأماناتهم و عهدهم راعون و الّذين هم بشهاداتهم قائمون و الّذين هم على صلواتهم يحافظون أولئك في جنّاتٍ مكرمون٦ ، إلاّ عِباد اللَّه المخلصين أولئك لهم رزقٌ معلوم فواكه و هم مكرمون في جنّات النّعيم على سررٍ متقابلين٧ .

____________________

( ١ ) الصحاح : ( صفق ) .

( ٢ ) محمّد : ١٥ .

( ٣ ) الصحاح : ( روق ) .

( ٤ ) الدهر : ٢١ .

( ٥ ) محمّد : ١٥ .

( ٦ ) المعارج : ٢٢ ٣٥ .

( ٧ ) الصافات : ٤٠ ٤٤ .

١١٣

« تتمادى بهم » في ( المصباح ) تمادى فلان في غيّه إذا لجّ و دام على فعله١ .

« حتّى حلّوا دار القرار و أمنوا نقلة الأسفار » و منهم سابقً بالخيرات بإذن اللَّه ذلك هو الفضل الكبير جنّاتُ عدنٍ يدخلونها يُحلّون فيها من أساور من ذهبٍ و لؤلؤاً و لباسهم فيها حريرٌ و قالوا الحمد للَّه الّذي أذهب عنّا الحَزَن إنّ ربّنا لغفورٌ شكورٌ الّذي أحلّنا دار المقامة من فضله لا يمسَّنا فيها نصب و لا يمسّنا فيها لغوب٢ ، و هذا صراط ربِّك مستقيماً قد فصَّلنا الآيات لقومٍ يذّكرون لهم دار السّلام عند ربّهم و هو وليُّهم بما كانوا يعملون٣ .

و في ( تفسير البرهان ) عن الباقر عليه السّلام في قوله تعالى و اللَّه يدعو إلى دار السلام٤ : السّلام هو اللَّه عزّ و جلّ و داره التي خلقها لأوليائه الجنّة٥ ،

و عن ابن عبّاس ، دار السّلام : الجنّة ، و أهلها لهم السّلامة من جميع الآفات و العاهات و الأمراض و الأسقام و لهم السّلامة من الهرم و الموت و تغيّر الأحوال عليهم فهم المكرمون الّذين لا يهانون أبدا ، و هم الأعزّاء الذين لا يذلّون أبدا و هم الأغنياء الذين لا يفتقرون أبدا و هم السعداء الّذين لا يشقون أبدا و هم الفرحون المسرورون الّذين لا يغتمّون و لا يهتمّون أبدا و هم الأحياء الّذين لا يموتون أبدا فهم في قصور الدّرّ و المرجان أبوابها مشرّفة إلى عرش الرّحمن و الملائكة يدخلون عليهم من كلِّ بابٍ سلامٌ عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدّار٦ .

____________________

( ١ ) المصباح للفيتوري : ٣٥٣ .

( ٢ ) فاطر : ٣٢ ٣٥ .

( ٣ ) الأنعام : ١٢٦ ١٢٧ .

( ٤ ) يونس : ٢٥ .

( ٥ ) تفسير البرهان للبحراني ٢ : ١٨٢ .

( ٦ ) تفسير البرهان للبحراني ٢ : ١٨٣ ، و الآية ٣٣ ٣٤ من سورة الرعد .

١١٤

« فلو شغلت قلبك أيها المستمع بالوصول الى ما يهجم عليك من تلك المناظر المونقة » في ( الصحاح ) : آنقني الشي‏ء : أعجبني١ .

« لزهقت نفسك » في ( الصحاح ) : ( زهقت نفسه تزهق زهوقا ) أي : خرجت ،

و حكى بعضهم زهقت نفسه بالكسر٢ .

« شوقا إليها » عن بلال قال : قال النبيّ صلَّى اللَّه عليه و آله : إنّ سور الجنّة لبنة من ذهب ،

و لبنة من فضّة ، و لبنة من ياقوت ، و ملاطها المسك الأذفر و شرفها الياقوت الأحمر ، و الأخضر ، و الأصفر ، قال : قيل له : إذا دخلوا الجنّة ما يصنعون ؟ قال :

يسيرون على نهرين في مصاف في سفن الياقوت مجاذيفها اللّؤلؤ فيها ملائكة من نور عليهم ثياب خضر شديدة خضرتها ، قال : فأمّا جنّة عدنٍ فسورها ياقوت أحمر ، و حصباؤها الّلؤلؤ ، قال : ثمّ بكى بلال و شهق ثلاث شهقات ، فظننّا أنّه قد مات٣ .

« و لتحمّلت من مجلسي هذا » في ( الصحاح ) : تحمّلوا و احتملوا بمعنى ، أي :

ارتحلوا٤ .

« إلى مجاورة أهل القبور استعجالا بها » في خبر وفاة موسى عليه السّلام بعد ذكر كراهة موسى عليه السّلام لقبض روحه : و غاب موسى عليه السّلام عن قومه فمرَّ في غيبته برجل و هو يحفر قبراً فقال له موسى عليه السّلام ألا أعينك ؟ قال الرّجل : بلى ، فأعانه حتّى حفر قبرا و سوّى اللّحد ثمّ اضطجع موسى عليه السّلام فيه لينظر كيف هو ،

فكشف له الغطاء فرأى مكانه من الجنّة ، فقال : يا ربّ اقبضني إليك فقبض ملك الموت روحه مكانه ، و دفنه في القبر و سوّى عليه التُّراب ، و كان الّذي يحفر

____________________

( ١ ) الصحاح : ( أنق ) .

( ٢ ) الصحاح : ( زهق ) .

( ٣ ) الفقيه ١ : ٢٩٥ ح ٩٠٥ .

( ٤ ) الصحاح : ( حمل ) .

١١٥

القبر ملكا في صورة آدميّ ، و كان ذلك في التّيه .١ .

و ورد أيضا أنّ المؤمن لا يكره على قبض روحه و لكن يكشف له عن درجته فيختار الموت٢ .

و ما عند اللَّه خيرٌ للأبرار٣ .

« جعلنا اللَّه و إيّاكم ممن سعى إلى منازل الأبرار برحمته » امّا السّعي فقد قال تعالى : و من أراد الآخرة و سعى لها سعيها و هو مؤمنٌ فأولئك كان سعيهم مشكوراً٤ ، و أمّا منازل الأبرار فقد قال تعالى : كلاّ إنَّ كتاب الأبرار لفي علّيّين و ما أدراك ما علّيّون كتابٌ مرقوم يشهده المقرّبون إنَّ الأبرار لفي نعيم على الأرائك ينظرون تعرف في وجوههم نظرة النعيم يسقون من رحيقٍ مختوم ختامه مسكٌ و في ذلك فليتنافس المتنافسون و مزاجه من تسنيم عيناً يشرب بها المقرّبون٥ ، إنَّ الأبرار يشربون من كأسٍ كان مزاجها كافوراً عيناً يشرب بها عباد اللَّه يفجّرونها تفجيراً يوفون بالنّذر و يخافون يوماً كان شرّه مستطيراً و يطعمون الطعام على حبّه مسكيناً و يتيماً و أسيراً إنّما نطعمكم لوجه اللَّه لا نريد منكم جزاءً و لا شكوراً إنّا نخافُ من ربِّنا يوماً عبوساً قمطريراً فوقاهم اللَّه شرَّ ذلك اليوم و لقاهم نضرةً و سروراً و جزاهم بما صبروا جنّةً و حريراً متّكئين فيها على الأرائك لا يرون فيها شمساً و لا زمهريراً و دانيةً عليهم ظِلالها و ذُلِّلت قطوفها تذليلاً و يطافُ عليهم بآنيةٍ من فضّةٍ و أكوابٍ كانت قوارير قوارير

____________________

( ١ ) الأمالي للصدوق : ١٤٠ ، و نقله المجلسي في البحار ١٣ : ٣٦٦ ح ٨ .

( ٢ ) بحار الأنوار للمجلسي ٦ : ١٦٣ .

( ٣ ) آل عمران : ١٩٨ .

( ٤ ) الاسراء : ١٩ .

( ٥ ) المطففين : ١٨ ٢٨ .

١١٦

من فضّةٍ قدّروها تقديراً و يسقون فيها كأساً كان مزاجها زنجبيلاً عيناً فيها تسمّى سلسبيلاً و يطوف عليهم ولدانٌ مخلّدون إذا رأيتهم حسبتهم لؤلؤاً منثوراً و إذا رأيت ثمّ رأيت نعيماً و مُلكاً كبيراً عليهم ثيابُ سُندسٍ خُضرٌ و إستبرقٍ و حُلّوا أساور من فضّةٍ و سقاهم ربُّهم شراباً طهوراً إنَّ هذا كان لكم جزاءً و كان سعيكم مشكوراً١ .

و روى ( الرّوضة ) عن أبي جعفر عليه السّلام : إنّ النبيّ صلَّى اللَّه عليه و آله سئل عن قوله عزّ و جلّ : يوم نحشرُ المتّقين إلى الرّحمن وفداً٢ ، فقال : إنّ الوفد لا يكونون إلاّ ركبانا أولئك رجال اتّقوا اللَّه فأحبّهم اللَّه و اختصَّهم و رضى أعمالهم ، و الّذي فلق الحبّة و برأ النسمة انّهم ليخرجون من قبورهم و إنّ الملائكة لتستقبلهم بنوق من نوق العزّ ، عليها رحائل الذّهب ، مكلّلة بالدّرّ و الياقوت و جلائلها الإستبرق و السّندس و خطمها جدل الارجوان تطير بهم إلى الحشر مع كلّ رجل منهم ألف ملك من قدّامه و عن يمينه و عن شماله يزفّونهم زفّا حتّى ينتهوا بهم إلى باب الجنّة الأعظم و على باب الجنّة شجرة انّ الورقة منها ليستظلّ تحتها ألف رجل من النّاس و عن يمين الشجرة عين مطهّرة مزكيّة قال : فيسقون منها شربة فيطهّر اللَّه بها قلوبهم من الحسد و يسقط عن أبشارهم الشّعر و ذلك قوله تعالى . و سقاهم ربُّهم شراباً طهوراً٣ من تلك العين المطهّرة ثمّ يصرفون إلى عين اخرى عن يسار الشّجرة فيغتسلون فيها و هي عين الحياة فلا يموتون أبدا ثمّ يوقف بهم قدّام العرش و قد سلموا من الآفات و العاهات و الحرّ و البرد فيقول الجبّار جلّ ذكره للملائكة الّذين

____________________

( ١ ) الدهر : ٥ ٢٢ .

( ٢ ) مريم : ٨٥ .

( ٣ ) الدهر : ٢١ .

١١٧

معهم : احشروا أوليائي إلى الجنّة فإذا انتهوا إلى باب الجنّة الأعظم ضرب الملائكة الحلقة ضربة تصرّ صريرا فبلغ صوت صريرها كلّ حوراء أعدّها اللَّه تعالى لأوليائه في الجنان فيتباشرون بهم فيقول بعضهم لبعض : قد جاءنا أولياء اللَّه فيفتح لهم الباب فيدخلون الجنّة و يشرف عليهم أزواجهم من الحور العين و الآدميّين فيقلن مرحبا بكم فما كان أشدّ شوقنا إليكم و يقول لهنّ أولياء اللَّه مثل ذلك ، فقيل أخبرنا يا رسول اللَّه عن قوله تعالى غرفٌ من فوقها غرف .١ بماذا بنيت ؟ فقال تلك غرف بنى اللَّه تعالى لأوليائه بالدّر و الياقوت و الزّبرجد سقوفها الذّهب محبوكة بالفضّة لكلّ غرفة منها ألف باب من ذهب على كلّ باب منها ملك موكّل به فيها فرش مرفوعة بعضها فوق بعض من الحرير و الدّيباج بألوان مختلفة و حشوها المسك و العنبر و الكافور و ذلك قوله تعالى و فرشٍ مرفوعةٍ٢ ، إذا دخل المؤمن إلى منازله في الجنّة و وضع على رأسه تاج الملك و الكرامة ألبس حلل الذّهب و الفضّة و الياقوت و الدّر منظومة في الإكليل تحت التّاج و ألبس سبعين حلّة حرير بألوان مختلفة و ضروب مختلطة منسوجة بالذّهب و الفضّة و اللّؤلؤ و الياقوت الأحمر فذلك قوله تعالى يُحلَّونَ فيها من أساور من ذهبٍ و لؤلؤاً و لباسهم فيها حرير٣ ، فاذا جلس المؤمن على سريره اهتزّ سريره فرحاً فاذا استقرّ وليّ اللَّه في الجنان استأذن عليه الملك الموكّل بجنانه ليهنّيه بكرامة اللَّه عزّ و جلّ إيّاه فيقول له خدّام المؤمن من الوصفاء و الوصائف مكانك فانّ وليّ اللَّه قد اتّكأ على اريكته و زوجته الحوراء تهيّأ له فاصبر لوليّ اللَّه ، قال فيخرج عليه

____________________

( ١ ) الزمر : ٢٠ .

( ٢ ) الواقعة : ٣٤ .

( ٣ ) الحج : ٢٣ .

١١٨

زوجته الحوراء من خمية له تمشي مقبلة و حولها وصائفها و عليها سبعون حلّة منسوجة بالياقوت و اللّؤلؤ و الزّبرجد من مسك و عنبر و على رأسها تاج الكرامة و عليها نعلان من ذهب مكلّلتان بالياقوت و اللؤلؤ شراكهما ياقوت أحمر فاذا دنت من وليّ اللَّه فهمّ أن يقوم إليها شوقا فتقول له يا وليّ اللَّه ليس هذا يوم تعب و لا نصب فلا تقم أنا لك و أنت لي قال فيعتنقان مقدار خمسمائة عام من أعوام الدّنيا لا يملُّها و لا تملُّه قال : فاذ أفتر بعض الفتور من غير ملال نظر إلى عنقها فاذا عليها قلائد من قصب من ياقوت أحمر وسطها لوح صفحة درّة مكتوب فيها أنت يا وليّ اللَّه حبيبي ، و أنا الحوراء حبيبك ، إليك تناهت نفسي و إليّ تناهت نفسك ، ثمّ يبعث اللَّه تعالى ألف ملك يهنّئونه بالجنّة و يزوّجونه فينتهون إلى أوّل باب من جنانه فيقولون للملك الموكّل بأبواب جنانه استأذن لنا على ولّي اللَّه فانّ اللَّه بعثنا إليه نهنّيه فيقول لهم الملك حتّى أقول للحاجب فيعلم مكانكم فيدخل الملك إلى الحاجب و بينه و بين الحاجب ثلاث جنان حتّى ينتهي إلى أوّل باب فيقول للحاجب انّ على باب العرصة ألف ملك أرسلهم ربّ العالمين ليهنّئوا وليّ اللَّه و قد سألوني ان اذن لهم عليه فيقول الحاجب انّه ليعظم عليّ أن استأذن لأحد على وليّ اللَّه و هو مع زوجته الحوراء قال و بين الحاجب و بين وليّ اللَّه جنّتان فيدخل الحاجب إلى القيّم فيقول له انّ على باب العرصة ألف ملك أرسلهم ربّ العزّة فاعلموه بمكانهم فيعلمونه فيؤذن للملائكة فيدخلون على وليّ اللَّه و هو في الغرفة و لها ألف باب و على كلّ باب من أبوابها ملك موكّل به فاذا اذن فتح كلّ ملك بابه الموكّل به فيدخل القيّم كلّ ملك من باب من أبواب الغرفة فيبلغون رسالة الجبّار عزّ و جلّ و ذلك قوله تعالى و الملائكة يدخلون عليهم من كلّ باب١ من أبواب الغرفة سلامٌ

____________________

( ١ ) الرعد : ٢٣ .

١١٩

عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدّار١ و ذلك قوله تعالى و إذا رأيت ثمّ رأيت نعيماً و ملكاً كبيراً٢ يعني بذلك وليّ اللَّه و ما هو فيه من الكرامة و النّعيم و الملك العظيم الكبير ، انّ الملائكة من رسله تعالى يستأذنون عليه فلا يدخلون عليه إلاّ باذنه ، قال و الأنهار تجري من تحت مساكنهم و ذلك قوله تعالى تجري من تحتهم الأنهار .٣ و الثّمار دانية منهم و هو قوله تعالى و دانيةً عليهم ظِلالها و ذُلّلت قطوفها تذليلاً٤ من قربها منهم يتناول المؤمن من النّوع الّذي تشتهيه من الثمار بعينه و هو متّكى‏ء و انّ الأنواع من الفاكهة ليقلن لوليّ اللَّه يا وليّ اللَّه كلني قبل أن تأكل هذا قبلي ، قال و ليس من مؤمن في الجنّة إلاّ و له جنان كثيرة معروشات و انهار من خمر و أنهار من ماء و أنهار من لبن و أنهار من عسل فاذا دعا وليّ اللَّه بغداءه أتى بما تشتهي نفسه عند طلبه من غير أن يسمّى شهوته قال ثمّ يتخلّى مع اخوانه و يزور بعضهم بعضاً و يتنّعمون في جنّاتهم في ظلّ ممدود في مثل ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشّمس و أطيب من ذلك لكلّ مؤمن سبعون زوجة حوراء و أربع نسوة من الآدميّين و المؤمن ساعة مع الحوراء و ساعة مع الآدميّة و ساعة يخلو بنفسه على الارائك متّكئا ينظر بعض المؤمنين إلى بعض ، و إنّ المؤمن يغشاه شعاع نور و هو على اريكته و يقول لخدّامه ما هذا الشّعاع اللاّمع لعلّ الجبّار لحظني فتقول له خدّامه قدّوس قدّوس بل هذه حوراء من نساءك ممّن تدخل بها بعد أن أشرقت عليك من خيمتها شوقاً إليك و قد تعرّضت لك و أحبّت لقاءك فلما ان رآك متّكئاً على سريرك تبسّمت نحوك شوقاً فالشّعاع الذي رأيت

____________________

( ١ ) الرعد : ٢٤ .

( ٢ ) الدهر : ٢٠ .

( ٣ ) الأعراف : ٤٣ .

( ٤ ) الدهر : ١٤ .

١٢٠