بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة الجزء ١٢

بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة12%

بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة مؤلف:
تصنيف: أمير المؤمنين عليه السلام
الصفحات: 607

  • البداية
  • السابق
  • 607 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • المشاهدات: 110315 / تحميل: 3558
الحجم الحجم الحجم
بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة

بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة الجزء ١٢

مؤلف:
العربية

كتاب بهج الصباغة

في شرح نهج البلاغة

المجلد الثاني عشر

الشيخ محمد تقي التّستري

١

المجلد الثاني عشر

٢

تتمة الفصل السابع و الثلاثون في ذم الدنيا و فنائها

٣١

الحكمة ( ٤٦٣ ) و قال عليه السّلام :

اَلدُّنْيَا خُلِقَتْ لِغَيْرِهَا وَ لَمْ تُخْلَقْ لِنَفْسِهَا قال بعضهم : و نحن بنو الدنيا خلقنا لغيرها ، و قال ابن أبي الحديد : قال أبو العلاء :

خلق النّاس للبقاء فضلّت

أمّة يحسبونهم للنّفاد

انّما ينقلون من دار اعمال

إلى دار شقوة أو رشاد١

٣٢

الحكمة ( ١٩٥ ) وَ قَالَ ع وَ قَدْ مَرَّ بِقَذَرٍ عَلَى مَزْبَلَةٍ هَذَا مَا بَخِلَ بِهِ اَلْبَاخِلُونَ

____________________

( ١ ) شرح ابن أبي الحديد ٢ : ١٨١ .

٣

وَ رُوِيَ فِي خَبَرٍ آخَرَ أَنَّهُ قَالَ هَذَا مَا كُنْتُمْ تَتَنَافَسُونَ فِيهِ بِالْأَمْسِ قول المصنّف : « و قد مرّ بقذر على مزبلة » في الصحاح المزبل بالكسر :

السّرجين ، و موضعه مزبلة و مزبلة أي : بفتح الباء و ضمّها١ و في ( عقلاء مجانين النيسابوري ) : كان لجعفر بن سلمان جارية اسمها الخيزران و كان مفتونا بها ، فركب يوما في جماعة من الموالي يريد الجمعة فمرّ بأبي سعيد الضبعي فرفع رأسه و قال يا جعفر تحبّ خيزران ؟ قال : نعم فقال : أبو سعيد :

نبّئتها عشقت حشا فقلت لها

لا يعشق الحشّ إلاّ كلّ كنّاس٢

فضرب جعفر وجه دابّته ، و مضى حياء من الناس قوله عليه السلام : « هذا ما بخل به الباخلون » قيل بالفارسيّة :

عارفى روزى به راهى ميگذشت

واله و سرمست چون ميخوارگان

ديد گورستان و مبرز روبرو ( گفت )

اينش نعميت اينش نعمت خوارگان

و في ( تاريخ بغداد ) : قالت مولاة داود الطائي : طبخت له دسما ثمّ أتيته به ، فقال ما فعل أيتام فلان ؟ قلت : على حالهم ، قال : إذهبي بهذا إليهم ، فقلت : أنت لم تأكل أدما منذ كذا و كذا فقال : إنّ هذا إذا أكله اليتامى ، كان عند اللّه مذخورا ،

و إذا أكلته كان في الحشّ٣ هذا ، و قيل لزياد الأعجم ، الا تهجو جريرا ؟ فقال أليس الّذي يقول :

كأنّ بني طهيّة رهط سلمى

حجارة خارى‏ء يرمى كلابا٤

____________________

( ١ ) الصحاح : ( زبل ) .

( ٢ ) النيسابوري ، عقلاء المجانين : ٨٧ ٨٨ .

( ٣ ) تاريخ بغداد ٨ : ٣٥٣ رقم ( ٤٤٥٥ ) .

( ٤ ) الأغاني ٨ : ٧٤ .

٤

قالوا : بلى ، قال : ليس بيني و بين هذا عمل .

قول المصنّف : « و روى في خبر آخر أنّه عليه السّلام قال » ، قلت : و روى في خبر عنه عليه السّلام رواه ابن بابويه في ( فقيهه ) : إنّ الإنسان إذا نظر إلى حدثه بعد فراغه فليقل : ( اللّهمّ ارزقني الحلال و جنّبني الحرام )١ فانّ النبيّ صلّى اللَّه عليه و آله قال : ما من عبد إلاّ و قد وكّل اللَّه به ملكا يلوي عنقه إذا أحدث ، حتّى ينظر إليه ، فعند ذلك ينبغي أن يسأل اللَّه الحلال فإن الملك يقول : يا ابن آدم هذا ما حرصت عليه بالأمس انظر من أين أخذته و إلى ما ذا صار٢ « هذا ما كنتم تتنافسون فيه بالأمس » :

قد أولع النّاس في الدّنيا بأربعة

أكل و شرب و ملبوس و منكوح

و غاية الكلّ ان فكّرت فيه

روث و بول و مطروح و مفضوح

و ليتنافس في نعيم لا يحصل منه شي‏ء و هو نعيم الآخرة قال تعالى إنَّ الأبرار لفي نعيم على الارائك ينظرون تعرف في وجوههم نضرة النّعيم يسقون من رحيق مختوم ختامه مسك و في ذلك فليتنافس المتنافسون٣ هذا ، و في ( المعجم ) قال إبراهيم بن هلال ، كان الحسن بن محمّد المهلّبي يناصف العشرة أوقات خلوته و يبسطنا في المزح إلى أبعد غاية ، فإذا جلس للعمل كان أميرا و قورا آخذا في جدّ كامل ، فاتّفق أن صعد يوما من طيارة إلى داره ، و قد حقنه البول فقصد بعض الأخلية فوجده مقفّلا و كذلك كانت عادته حفاظا لها عن الابتذال ، فقال :

____________________

( ١ ) الفقيه ١ : ٢٣ ح ٣٨ .

( ٢ ) المصدر نفسه ١ : ٢٣ ح ٣٨ .

( ٣ ) المطففين : ٢٢ ٢٦ .

٥

فهبك طعامك استوثقت منه

فما بال الكنيف عليه قفل ؟

فقلت : إنّه لموضع عجب ، و إذا وقع الإحتياط في الأصل ، فقد استغنى عنه في الفرع ، فضحك ، و قال أوسعتنا هجاء١

٣٣

في الحكمة ( ١٠٣ ) إِنَّ اَلدُّنْيَا وَ اَلْآخِرَةَ عَدُوَّانِ مُتَفَاوِتَانِ وَ سَبِيلاَنِ مُخْتَلِفَانِ فَمَنْ أَحَبَّ اَلدُّنْيَا وَ تَوَلاَّهَا أَبْغَضَ اَلْآخِرَةَ وَ عَادَاهَا وَ هُمَا بِمَنْزِلَةِ اَلْمَشْرِقِ وَ اَلْمَغْرِبِ وَ مَاشٍ بَيْنَهُمَا كُلَّمَا قَرُبَ مِنْ وَاحِدٍ بَعُدَ مِنَ اَلْآخَرِ وَ هُمَا بَعْدُ ضَرَّتَانِ أقول : مراده عليه السلام بالدّنيا التي جعلها مع الآخرة كعدوين و سبيلين مختلفين كالمشرق و المغرب و كالضرّتين ، دنيا لم تجعل مقدّمة للآخرة ،

و معلوم أنّها مع الآخرة كعدوّين ، فلا يمكن أن يكون أحد محبّ الدّنيا و لا يكون مبغض الآخرة و معاديها ، كما قال عليه السّلام و لذا قال تعالى لنبيّه صلى اللَّه عليه و آله فأعرض عن من تولّى عن ذكرنا و لم يرد إلاّ الحياة الدُّنيا .٢ و كسبيلين كالمشرق و المغرب ، و معلوم أنّه كما قال عليه السّلام كلّما قرب سالك من أحدهما بعد عن الآخر ، قال شاعر :

إلى اللَّه أشكو بالمدينة حاجة

و بالشّام أخرى كيف تلتقيان

هذا ، و لمّا تزوّج سهيل بن عبد الرّحمن بن عوف الثّريا ، امرأة من أميّة الأصغر ، التي كان يشبّب بها عمر بن أبي ربيعة ، قال عمر :

أيّها المنكح الثّريا سهيلا

عمرك اللَّه كيف يلتقيان

____________________

( ١ ) معجم الادباء للحموي ٩ : ١٣٣ ١٣٤ ترجمة ( الحسن بن محمد المهلبي ) .

( ٢ ) النجم : ٢٩ .

٦

هي شاميّة إذا ما استقلّت

و سهيل إذا استقلّ يماني١

شبّه عمر الرّجل المسمّى بسهيل و المرأة المسمّاة بثريّا بالكوكبين المعروفين ( سهيل ) و ( ثريّا ) اللّذين لا يجتمعان .

قلت : و كان لسهيل أن ينقض كلامه عليه بأنّ الثّريّا كوكب و سهيل كوكب ، و الكوكب للكوكب فهي لي .

و في ( مقاتل أبي الفرج ) : قصر الضّرّتين موضع بالكوفة بايع الناس فيه محمّد بن ابراهيم بن اسماعيل بن طباطبا أيّام أبي السّرايا٢ هذا ، و كأنّه وقع في الكلام تغيّر ، و الأصل ، انّ الدّنيا و الآخرة عدوّان لا يجتمع حبّهما و تولّيهما ، فمن أحبّ الدّنيا و تولاّها أبغض الآخرة و عاداها ،

و بالعكس ، و هما سبيلان مختلفان متفاوتان كالمشرق و المغرب ، كلّما قرب ماش من واحد منهما بعد من الآخر .

و كيف كان ، فالثّالث ممّا شبّهها عليه السّلام به الضّرّتان و من طبعهما المباينة ، فمن وصل أحداهما قطعته الاخرى ، و شبّههما السّجاد عليه السّلام كفّتي ميزان أيّهما رجح ذهب بالاخرى ، ثم تلا عليه السّلام قوله تعالى إذا وقعت الواقعة ليس لوقعتها كاذبة خافضة رافعة٣ أي : خافضة لأعداء اللَّه إلى النّار ، رافعة لأوليائه إلى الجنّة ، و بالجملة حيث إنّهما ضدّان لا يمكن الجمع بينهما كاملا ، و قد ورد أنه ( لم يستكمل لذّة الدّنيا من اهتمّ بمواقيت صلواته ) .

____________________

( ١ ) الأغاني ١ : ١٠٦ ، و الكامل للمبرد : ٥٩٨ طبع القاهرة .

( ٢ ) مقاتل الطالبيين لأبي الفرج : ٣٤٨ .

( ٣ ) الواقعة : ١ ٣ .

٧

٣٤

الخطبة ( ٦٠ ) و من خطبة له عليه السّلام :

أَلاَ وَ إِنَّ اَلدُّنْيَا دَارٌ لاَ يُسْلَمُ مِنْهَا إِلاَّ فِيهَا وَ لاَ يُنْجَى بِشَيْ‏ءٍ كَانَ لَهَا اُبْتُلِيَ اَلنَّاسُ بِهَا فِتْنَةً فَمَا أَخَذُوهُ مِنْهَا لَهَا أُخْرِجُوا مِنْهُ وَ حُوسِبُوا عَلَيْهِ وَ مَا أَخَذُوهُ مِنْهَا لِغَيْرِهَا قَدِمُوا عَلَيْهِ وَ أَقَامُوا فِيهِ فَإِنَّهَا عِنْدَ ذَوِي اَلْعُقُولِ كَفَيْ‏ءِ اَلظِّلاَلِ بَيْنَا تَرَاهُ سَابِغاً حَتَّى قَلَصَ وَ زَائِداً حَتَّى نَقَصَ « ألا و انّ الدنيا دار لا يسلم منها إلاّ فيها » هي الدّاء و فيها الدّواء لمن أراد العلاج فمن داوى فيها سلم و من ترك هلك و هذا صراط ربِّك مستقيماً قد فصّلنا الآيات لقومٍ يذّكرون لهم دار السّلام عند ربِّهم و هو وليُّهم بما كانوا يعملون١ ، الذين تتوفّاهم الملائكة طيّبين يقولون سلامٌ عليكم ادخلوا الجنّة بما كنتم تعملون٢ ، و الملائكة يدخلون عليهم من كُلِّ بابٍ سلامٌ عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدّار٣ « و لا ينجى بشي‏ء كان لها » في ( الكافي ) عن الصادق عليه السّلام في مناجاة موسى : يا موسى إنّ الدنيا دار عقوبة ، عاقبت فيها آدم عند خطيئته ، و جعلتها ملعونة : ملعون ما فيها إلاّ ما كان فيها لي ، يا موسى إنّ عبادي الصّالحين زهدوا في الدّنيا بقدر علمهم ، و ساير الخلق رغبوا فيها بقدر جهلهم ، و ما من أحد عظّمها فقرّت عيناه فيها ، و لم يحقّرها أحد إلاّ انتفع بها٤

____________________

( ١ ) الأنعام : ١٢٦ ١٢٧ .

( ٢ ) النحل : ٣٢ .

( ٣ ) الرعد : ٢٣ ٢٤ .

( ٤ ) الكافي ٤ : ٥ ح ٩ .

٨

« ابتلى الناس فيها » هكذا في ( المصرية ) و الصواب : ( بها )١ كما في ( ابن أبي الحديد و ابن ميثم و الخطية )٢ « فتنة » أحسب النّاس أن يقولوا آمنّا و هم لا يفتنون و لقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمنّ اللَّه الّذين صدقوا و ليعلمنّ الكاذبين٣ « فما أخذوه منها لها أخرجوا منه » و تركتم ما خوّلناكم وراء ظهوركم . .٤ « و حوسبوا عليه » ثمّ لتسئلنَّ يومئذٍ عن النّعيم٥ « و ما أخذوه منها لغيرها قدموا عليه و أقاموا فيه » و ما تقدّموا لأنفسكم من خير تجدوه عند اللَّه هو خيرا و أعظم أجرا٦ « فانّها عند ذوي العقول كفي‏ء الظل » كلّ في‏ء ظلّ ، و ليس كلّ ظلّ فيئا ، قال روبة : كلّ ما كانت عليه الشمس فزالت عنه فهو في‏ء و ظلّ ، و ما لم يكن عليه الشمس فهو ظلّ ، و لكون الظّلّ أعمّ صحّ إضافة الفي‏ء إليه .

« بينا تراه » أي : في‏ء الظّلّ سابغا أي : كاملا وافيا .

« حتّى قلص » أي : نقص ، من قولهم ( ظلّ قالص ) .

« و زائدا حتّى نقص » قال ابن أبي الحديد : قال الشاعر :

١ ألا انّما الدّنيا كظلّ غمامة

أظلّت يسيرا ثم خفّت فولّت

____________________

( ١ ) الطبعة المصرية المصححة بلفظ : ١٦١ .

( ٢ ) شرح ابن أبي الحديد ٥ : ١٢٠ ح ٦٢ ، و شرح ابن ميثم بلفظ « فيها » ٢ : ٥٨ ح ٦٠ ، و الخطية : ٤١ بلفظ « بها » .

( ٣ ) العنكبوت : ٢ ٣ .

( ٤ ) الأنعام : ٩٤ .

( ٥ ) التكاثر : ٨ .

( ٦ ) المزمّل : ٢٠ .

٩

٢ ظلّ الغمام و أحوال المنام فما

تدوم يوما لمخلوق على حال١

و في ( شعراء ابن قتيبة ) قال لبيد :

و ما النّاس إلاّ كالدّيار و أهلها

بها يوم حلوّها و غدوا بلاقع

و ما المرء إلاّ كالشّهاب وضوئه

يحور رمادا بعد ما هو ساطع٢

٣٥

من الخطبة ( ١٦٨ ) أَلاَ وَ إِنَّ هَذِهِ اَلدُّنْيَا اَلَّتِي أَصْبَحْتُمْ تَتَمَنَّوْنَهَا وَ تَرْغَبُونَ فِيهَا وَ أَصْبَحَتْ تُغْضِبُكُمْ وَ تُرْضِيكُمْ لَيْسَتْ بِدَارِكُمْ وَ لاَ مَنْزِلِكُمُ اَلَّذِي خُلِقْتُمْ لَهُ وَ لاَ اَلَّذِي دُعِيتُمْ إِلَيْهِ أَلاَ وَ إِنَّهَا لَيْسَتْ بِبَاقِيَةٍ لَكُمْ وَ لاَ تَبْقَوْنَ عَلَيْهَا وَ هِيَ إِنْ غَرَّتْكُمْ مِنْهَا فَقَدْ حَذَّرَتْكُمْ شَرَّهَا فَدَعُوا غُرُورَهَا لِتَحْذِيرِهَا وَ أَطْمَاعَهَا لِتَخْوِيفِهَا وَ سَابِقُوا فِيهَا إِلَى اَلدَّارِ اَلَّتِي دُعِيتُمْ إِلَيْهَا وَ اِنْصَرِفُوا بِقُلُوبِكُمْ عَنْهَا وَ لاَ يَخِنَّنَّ أَحَدُكُمْ خَنِينَ اَلْأَمَةِ عَلَى مَا زُوِيَ عَنْهُ مِنْهَا وَ اِسْتَتِمُّوا نِعْمَةَ اَللَّهِ عَلَيْكُمْ بِالصَّبْرِ عَلَى طَاعَةِ اَللَّهِ وَ اَلْمُحَافَظَةِ عَلَى مَا اِسْتَحْفَظَكُمْ مِنْ كِتَابِهِ أَلاَ وَ إِنَّهُ لاَ يَضُرُّكُمْ تَضْيِيعُ شَيْ‏ءٍ مِنْ دُنْيَاكُمْ بَعْدَ حِفْظِكُمْ قَائِمَةَ دِينِكُمْ أَلاَ وَ إِنَّهُ لاَ يَنْفَعُكُمْ بَعْدَ تَضْيِيعِ دِينِكُمْ شَيْ‏ءٌ حَافَظْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَمْرِ دُنْيَاكُمْ أَخَذَ اَللَّهُ بِقُلُوبِنَا إِلَى اَلْحَقِّ وَ أَلْهَمَنَا وَ إِيَّاكُمُ اَلصَّبْرَ « ألاّ و انّ هذه الدّنيا التي أصبحتم تتمنّونها و ترغبون فيها » قلبا و روحا ،

قال الّذين يريدون الحياة الدُّنيا ياليت لنا مثل ما أوتي قارون إنُّه لذو حظّ عظيم٣

____________________

( ١ ) شرح ابن أبي الحديد ٥ : ١٤٤ .

( ٢ ) الشعر و الشعراء لابن قتيبة : ٩١ طبع القاهرة ١٩٣٢ .

( ٣ ) القصص : ٧٩ .

١٠

« و أصبحت تغضبكم و ترضيكم » و ليست هي متمنّية لكم و لا راغبة فيكم ،

بل تكون كمرأة فارك ، تغضب زوجها ثمّ ترضيه من غضبه بشي‏ء تخدعه .

ليست بداركم و لا منزلكم الّذي خلقتم له » :

طمعت إقامة في دار ظعن

فلا تطمع فرجلك في الرّكاب١

« و لا الّذي دعيتم إليه » إنّما هذه الحياة الدُّنيا متاعٌ و إنَّ الآخرة هي دار القرار٢ « ألا و إنّها ليست بباقية لكم و لا تبقون عليها » قال تعالى بعد ذكر عاد و ثمود : فهل ترى لهم من باقية٣ ، و كم أهلكنا قبلهم من قرنٍ هل تحسّ منهم من أحدٍ أو تسمع لهم ركزاً٤ ، ما عندكم ينفد و ما عند اللَّه باقٍ .٥ .

« و هي و إن غرّتكم منها » يا أيّها الناس انّ وعد اللَّه حقّ فلا تغرّنّكم الحياة الدُّنيا و لا يغرّنّكم باللَّه الغرور٦ ، . و غرّتكم الأماني حتّى جاء أمر اللَّه و غرّكم باللَّه الغرور٧ ، و ما الحياة الدُّنيا إلاّ متاع الغرور٨ .

« فقد حذّرتكم شرّها » في ( الطبري ) : لمّا أخذ ابن الزبير بالبيعة ليزيد في المدينة من قبل الوليد خرج تحت اللّيل هو و اخوه جعفر ليس معهما ثالث ،

فأخذ طريق الفرع ، و تجنب الطريق الأعظم ، مخافة الطّلب فبينا يسايران تمثّل جعفر بقول صبرة الحنظلي :

____________________

( ١ ) منسوب للإمام أمير المؤمنين ، الديوان : ٥٢ .

( ٢ ) غافر : ٣٩ .

( ٣ ) الحاقة : ٨ .

( ٤ ) مريم : ٩٨ .

( ٥ ) النحل : ٩٦ .

( ٦ ) فاطر : ٥ .

( ٧ ) الحديد : ١٤ .

( ٨ ) آل عمران : ١٨٥ .

١١

و كلّ بني امّ سيمسون ليلة

و لم يبق من أعقابهم غير واحد

فقال ابن الزّبير : سبحان اللَّه ما أردت يا أخي ؟ قال : و اللَّه ما أردت يا أخي به شيئا ممّا تكره ، فقال : فذاك و اللَّه أكره إليّ أن يكون جاء على لسانك من غير تعمّد ، و كأنّه قد تطيّر منه١ « فدعوا غرورها لتحذيرها و إطماعها لتخويفها » :

لقد خاب من غرّته دنيا دنيّة

و ما هي إن غرّت قرونا بطائل٢

١ تحرّز من الدّنيا فإنّ فناءها

محلّ فناء لا محلّ بقاء

فصفوتها ممزوجة بكدورة

و راحتها مقرونة بعناء٣

٢ إنّما الدّنيا فناء ليس للدّنيا ثبوت

إنّما الدّنيا كبيت نسجته العنكبوت٤

٣ قد رأيت القرون كيف تفانت

درست ثمّ قيل كان و كانت٥

هي دنيا كحيّة تنفث السّمّ

و ان كانت المجسّة لانت٦

٤ فلم أر كالدّنيا بها اغترّ أهلها

و لا كاليقين استوحش الدّهر صاحبه

____________________

( ١ ) تاريخ الطبري ٤ : ٢٥٢ .

( ٢ ) منسوب للإمام أمير المؤمنين عليه السّلام ، الديوان : ٩ .

( ٣ ) منسوب لأمير المؤمنين عليه السّلام في الديوان : ٣٩ .

( ٤ ) ديوان أمير المؤمنين عليه السّلام : ٦٤ .

( ٥ ) ديوان أمير المؤمنين عليه السّلام : ١١٦ .

( ٦ ) ديوان أمير المؤمنين عليه السّلام : ١١٦ .

١٢

أمرّ على رسم القريب كانّما

أمرّ على رسم امرى‏ء لا أناسبه١

اليقين : الموت .

« و سابقوا فيها إلى الدّار التي دعيتم إليها » سابقوا إلى مغفرةٍ من ربِّكم و جنّة عرضها كعرض السّماء و الأرض أُعدّت للّذين آمنوا باللَّه و رسله .٢ .

« و انصرفوا بقلوبكم عنها » :

إنّما الدّنيا كظلّ زائل

أو كضيف بات ليلا فارتحل

أو كنوم قد يراه نائم

أو كبرق لاح في أفق الأمل٣

« و لا يخننّ أحدكم خنين الأمة » في ( الصحاح ) : الخنين كالبكاء في الأنف و الضحك في الأنف٤ و المراد هنا الأوّل .

« على ما زورى عنه منها » :

هب الدّنيا تساق إليك عفوا

أليس مصير ذاك إلى الزّوال

و ما ترجو لشي‏ء ليس يبقى

و شيكا قد يغيّره الليالي٥

« و استتّموا نعمة اللّه عليكم بالصّبر على طاعة اللَّه ، و المحافظة على ما استحفظكم من كتابه » فمن لم يصبر على طاعته و عن معصيته يبدّل نعمته بالنقّمة :

باللَّه ربّك كم بيت مررت به

قد كان يعمر باللّذات و الطّرب

____________________

( ١ ) ديوان أمير المؤمنين عليه السّلام : ١٩ .

( ٢ ) الحديد : ٢١ .

( ٣ ) ديوان أمير المؤمنين عليه السّلام : ١٢٥ .

( ٤ ) الصحاح : ( خنن ) .

( ٥ ) ديوان أمير المؤمنين عليه السّلام : ١٢٥ .

١٣

طارت عقاب المنايا في جوانبه

فصار من بعدها للويل و الخرب١

« ألا و انّه لا يضرّكم تضييع شي‏ء من دنياكم بعد حفظ قائمة دينكم » في ( الكافي ) : ( كان رجل من أصحاب الصادق عليه السّلام يدخل عليه في حجّه فغبر زمانا لا يحجّ فدخل بعض معارفه عليه عليه السّلام فقال عليه السّلام له ما فعل فلان ؟ فجعل يضجع الكلام يظنّ انّه عليه السّلام يعني الميسرة و الدّنيا فقال عليه السّلام كيف دينه ؟

فقال هو و اللَّه كما تحبّ فقال عليه السّلام هو و اللَّه الغنى٢ .

و قال عليه السّلام في قوله تعالى في مؤمن آل فرعون فوقيه اللَّه سيئات ما مكروا .٣ : أما و اللّه لقد قسطوا عليه و قتلوه و لكن وقاه ان يفتنوه في دينه٤ .

و في ( الطبري ) : بعد ذكر قبول الحرّ ان يأخذ الحسين عليه السّلام طريقا لا يدخله الكوفة و لا يردّه إلى المدينة نصفا : و أقبل الحرّ يسايره و هو يقول له إنّي اذكّرك اللَّه في نفسك فانّي اشهد لئن قاتلت لتقتلنّ فقال عليه السّلام أفبالموت تخوّفني ؟ أقول لك ما قال أخو الأوس لابن عمّه لمّا لقيه و هو يريد نصرة النبيّ صلّى اللَّه عليه و آله فقال له فأين تذهب ؟ فانّك مقتول :

سأمضي و ما بالموت عار على الفتى

إذا ما نوى حقّا و جاهد مسلما

و واسى الرجال الصالحين بنفسه

و فارق مثبورا يغشّ و يرغما

فلمّا سمع الحرّ ذلك منه تنحّى عنه ، و كان يسير بأصحابه في ناحية و الحسين عليه السّلام في ناحية حتى انتهوا إلى عذيب الهجانات ، و كان هجائن النّعمان ترعى هنالك ، فإذا هم بأربعة نفر قد اقبلوا من الكوفة على رواحلهم يجنبون فرسا لنافع بن هلال يقال له الكامل ، و معهم دليلهم الطّرماح بن عديّ

____________________

( ١ ) ديوان أمير المؤمنين عليه السّلام : ٥٢ .

( ٢ ) الكافي ٣ : ٣٠٧ ح ٤ .

( ٣ ) غافر : ٤٥ .

( ٤ ) المصدر نفسه ٣ : ٣٠٦ ح ١ .

١٤

على فرسه و هو يقول :

يا ناقتي لا تذعري من زجري

و شمّري قبل طلوع الفجر

بخير ركبان و خير سفر

حتّى تحلّي بكريم النحر

الماجد الحرّ رحيب الصّدر

أتى به اللَّه لخير أمر

ثمّة أبقاه بقاء الدّهر

فقال عليه السّلام أما و اللَّه انّي لأرجو أن يكون خيرا ما أراد اللَّه بنا قتلنا أم ظفرنا١ .

« ألا و انّه لا ينفعكم بعد تضييع دينكم شي‏ء حافظتم عليه من أمر دنياكم » في ( الكافي ) عنه عليه السّلام : إذا حضرت بليّة فاجعلوا أموالكم دون أنفسكم ، و إذا نزلت نازلة اجعلوا أنفسكم دون دينكم ، و اعلموا انّ الهالك من هلك دينه ، و الحريب من حرب دينه .

« أخذ اللَّه بقلوبنا و قلوبكم إلى الحقّ و ألهمنا و إيّاكم الصبر »٢ ، قال الباقر عليه السّلام : إنّ هذا الدّنيا يعطيها اللَّه البرّ و الفاجر ، و لا يعطي الإيمان إلاّ صفوته من خلقه٣ .

و قال الصادق عليه السّلام من كان همّه همّا واحدا يعني لدينه كفاه اللَّه همّه ،

و من كان همّه في كلّ واد لم يبال اللَّه بأيّ واد هلك٤ .

٣٦

من الخطبة ( ١٧٣ ) أَيُّهَا اَلنَّاسُ إِنَّ اَلدُّنْيَا تَغُرُّ اَلْمُؤَمِّلَ لَهَا وَ اَلْمُخْلِدَ إِلَيْهَا وَ لاَ تَنْفَسُ بِمَنْ

____________________

( ١ ) تاريخ الطبري ٤ : ٣٠٥ .

( ٢ ) الكافي ٣ : ٣٠٦ ح ٢ .

( ٣ ) الكافي ٣ : ٣٠٥ ح ٣ .

( ٤ ) المصدر نفسه ٣ : ٣٤٤ ح ٥ .

١٥

نَافَسَ فِيهَا وَ تَغْلِبُ مَنْ غَلَبَ عَلَيْهَا وَ اَيْمُ اَللَّهِ مَا كَانَ قَوْمٌ قَطُّ فِي غَضِّ نِعْمَةٍ مِنْ عَيْشٍ فَزَالَ عَنْهُمْ إِلاَّ بِذُنُوبٍ اِجْتَرَحُوهَا لِ أَنَّ اَللَّهَ لَيْسَ بِظَلاَّمٍ لِلْعَبِيدِ ٦ ١٠ ٣ : ١٨٢ وَ لَوْ أَنَّ اَلنَّاسَ حِينَ تَنْزِلُ بِهِمُ اَلنِّقَمُ وَ تَزُولُ عَنْهُمُ اَلنِّعَمُ فَزِعُوا إِلَى رَبِّهِمْ بِصِدْقٍ مِنْ نِيَّاتِهِمْ وَ وَلَهٍ مِنْ قُلُوبِهِمْ لَرَدَّ عَلَيْهِمْ كُلَّ شَارِدٍ وَ أَصْلَحَ لَهُمْ كُلَّ فَاسِدٍ « أيّها الناس أنّ الدنيا تغر المؤمّل لها » أي : تخدعه .

« و المخلد إليها » أي : الراكن إليها ، قال تعالى و اتل عليهم نبأ الّذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها فأتبعه الشيطان فكان من الغاوين و لو شئنا لرفعناه بها و لكنّه أخلد إلى الأرض و اتَّبع هواه فمثله كمثل الكلب إن تحمل عليه يلهث أو تتركه يلهث .١ .

« و لا تنفس بمن نافس فيها » أي : لا ترغب و لا تضنّ في من و بمن رغب فيها و ضنّ بها .

« و تغلب من غلب عليها » و في ( الكامل ) : بعد ذكر فتح صلاح الدّين حلب في سنة ( ٥٧٩ ) و ذكر مطعونيّة أخيه تاج الملوك الّذي كان فارسا شجاعا كريما حليما جامعا لمحاسن الأخلاق في ذاك الحرب في ركبته ، حضر صلاح الدّين عند أخيه يعوده و قال له : هذه حلب قد أخذناها و هي لك ، فقال : ذلك لو كان و أنا حيّ ، و و اللَّه لقد أخذتها غالية حيث تفقد مثلي ، فعمل صلاح الدين دعوة احتفل فيها ، فبيناهم في سرور إذ جاء من أسرّ إليه بموت أخيه٢ .

و كان المعتمد بن عباد صاحب اشبيليّة نكب و سجن باغمات فجاءه ببناته في عيد فقال :

____________________

( ١ ) الأعراف : ١٧٥ ١٧٦ .

( ٢ ) الكامل في التاريخ لابن الأثير ١١ : ٤٩٨ .

١٦

فيما مضى كنت بالأعياد مسرورا

فجاءك العيد بالاغمات مأسورا

ترى بناتك في الأنظار جائعة

يغزلن للنّاس ما يملكن قطميرا

يطأن في الطّين و الأقدام حافية

كأنّها لم تطأ مسكا و كافورا

قد كان دهرك إن تأمره ممتثلا

فردّك الدّهر منهيّا و مأمورا

من بات بعدك في ملك يسرّ به

فانّما بات في الأحلام مغرورا١

و في ( الأغاني ) : قال الشعبي دعاني عبد الملك في علّته التي مات فيها فغصّ بلقمته و أنا بين يديه ، فتساند طويلا ثم قال أصبحت كما قال الشاعر :

كأنّي و قد جاوزت سبعين حجّة

خلعت بها عن منكبيّ ردائيا

فقلت : الشعر للبيد و قد عاش إلى أن بلغ مائة و عشر فقال :

أ ليس في مائة قد عاشها رجل

و في تكامل عشر بعدها عمر

فعاش إلى أن بلغ مائة و عشرين فقال :

و لقد سأمت من الحياة و طولها

و سؤال هذا النّاس كيف لبيد ؟

غلب الرّجال و كان غير مغلّب

دهر جديد دائم ممدود

يوم أرى يأتي عليه و ليلة

و كلاهما بعد المضاء يعود

ففرح عبد الملك و قال : ما أرى بأسا ، و قد وجدت خفّة فأمر لي بأربعة آلاف درهم فقبضتها و خرجت فما بلغت الباب ، حتّى سمعت النّاعية عليه٢ .

« و ايم اللَّه » قسم مخفّف ( أيمن ) من اليمين و يجوز في همزتها الفتح و الكسر .

« ما كان قوم قطّ في غض نعمة من عيش » أي : طريّ نعمة و نضرتها .

« فزال عنهم إلاّ بذنوب اجترحوها » إنّ اللَّه لا يغيّر ما بقوم حتّى يغيّروا ما

____________________

( ١ ) الكامل لابن الأثير ١٠ : ٢٤٩ ذكر بعض الأبيات .

( ٢ ) الأغاني للأصفهاني ١٨ : ١٤٣ ١٤٤ .

١٧

بأنفسهم .١ ، كدأب آل فرعون و الّذين من قبلهم كفروا بآيات اللَّه فأخذهم اللَّه بذنوبهم إنّ اللَّه قوي شديد العقاب ذلك بأنّ اللَّه لم يكن مغيّراً نعمةً أنعمها على قوم حتّى يغيّروا ما بأنفسهم و انّ اللَّه سميعٌ عليم٢ .

« لأنّ اللَّه ليس بظلاّم للعبيد » و الأصل فيه قوله تعالى ذلك بما قدّمت أيديكم و انّ اللَّه ليس بظلاّمٍ للعبيد٣ .

« و لو انّ الناس حين تنزل بهم النقم و تزول عنهم النعم فزعوا إلى ربّهم » روى إنّه إذا تريد أن تعرف قصر البلاء من طوله ، فاعرفه في إلهام الدعاء و عدمه .

« لردّ عليهم كلّ شارد » يقال شرد البعير إذا نفر .

« و أصلح لهم كلّ فاسد » و لقد أرسلنا إلى أمم من قبلك فأخذناهم بالبأساء و الضّرّاء لعلّهم يضرّعون فلو لا إذ جاءهم بأسنا تضرّعوا و لكن قست قلوبهم و زين لهم الشيطان ما كانوا يعملون٤ ، فلو لا كانت قرية آمنت فنفعها إيمانها إلاّ قوم يونس لمَّا آمنوا كشفنا عنهم عذاب الخزي في الحياة الدُّنيا و متّعناهم إلى حين٥ .

٣٧

من الخطبة ( ١٨٦ ) وَ كُونُوا عَنِ اَلدُّنْيَا نُزَّاهاً وَ إِلَى اَلْآخِرَةِ وُلاَّهاً وَ لاَ تَضَعُوا مَنْ رَفَعَتْهُ اَلتَّقْوَى وَ لاَ تَرْفَعُوا مَنْ رَفَعَتْهُ اَلدُّنْيَا وَ لاَ تَشِيمُوا بَارِقَهَا وَ لاَ تَسْتَمِعُوا نَاطِقَهَا وَ لاَ تُجِيبُوا نَاعِقَهَا وَ لاَ تَسْتَضِيئُوا بِإِشْرَاقِهَا وَ لاَ تُفْتَنُوا

____________________

( ١ ) الرعد : ١١ .

( ٢ ) الأنفال : ٥٢ ٥٣ .

( ٣ ) آل عمران : ١٨٢ .

( ٤ ) الأنعام ٤٢ ٤٣ .

( ٥ ) يونس : ٩٨ .

١٨

بِأَعْلاَقِهَا فَإِنَّ بَرْقَهَا خَالِبٌ وَ نُطْقَهَا كَاذِبٌ وَ أَمْوَالَهَا مَحْرُوبَةٌ وَ أَعْلاَقَهَا مَسْلُوبَةٌ أَلاَ وَ هِيَ اَلْمُتَصَدِّيَةُ اَلْعَنُونُ وَ اَلْجَامِحَةُ اَلْحَرُونُ وَ اَلْمَائِنَةُ اَلْخَئُونُ وَ اَلْجَحُودُ اَلْكَنُودُ وَ اَلْعَنُودُ اَلصَّدُودُ وَ اَلْحَيُودُ اَلْمَيُودُ حَالُهَا اِنْتِقَالٌ وَ وَطْأَتُهَا زِلْزَالٌ وَ عِزُّهَا ذُلٌّ وَ جِدُّهَا هَزْلٌ وَ عُلْوُهَا سُفْلٌ دَارُ حَرَبٍ وَ سَلَبٍ وَ نَهْبٍ وَ عَطَبٍ أَهْلُهَا عَلَى سَاقٍ وَ سِيَاقٍ وَ لَحَاقٍ وَ فِرَاقٍ قَدْ تَحَيَّرَتْ مَذَاهِبُهَا وَ أَعْجَزَتْ مَهَارِبُهَا وَ خَابَتْ مَطَالِبُهَا فَأَسْلَمَتْهُمُ اَلْمَعَاقِلُ وَ لَفَظَتْهُمُ اَلْمَنَازِلُ وَ أَعْيَتْهُمُ اَلْمَحَاوِلُ فَمِنْ نَاجٍ مَعْقُورٍ وَ لَحْمٍ مَجْزُورٍ وَ شِلْوٍ مَذْبُوحٍ وَ دَمٍ مَسْفُوحٍ وَ عَاضٍّ عَلَى يَدَيْهِ وَ صَافِقٍ بِكَفَّيْهِ وَ مُرْتَفِقٍ بِخَدَّيْهِ وَ زَارٍ عَلَى رَأْيِهِ وَ رَاجِعٍ عَنْ عَزْمِهِ وَ قَدْ أَدْبَرَتِ اَلْحِيلَةُ وَ أَقْبَلَتِ اَلْغِيلَةُ وَ لاَتَ حِينَ مَنَاصٍ هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ قَدْ فَاتَ مَا فَاتَ وَ ذَهَبَ مَا ذَهَبَ وَ مَضَتِ اَلدُّنْيَا لِحَالِ بَالِهَا فَما بَكَتْ عَلَيْهِمُ اَلسَّماءُ وَ اَلْأَرْضُ وَ ما كانُوا مُنْظَرِينَ ١ ١٠ ٤٤ : ٢٩ « و كونوا عن الدنيا نزّاها » قال ابن السّكيت : ممّا يضعه النّاس في غير موضعه قولهم : خرجنا نتنزّه ، إذا خرجوا إلى البساتين ، و إنّما التنزّه ، التّباعد عن المياه و الأرياف ، و منه قيل : فلان يتنزّه عن الأقذار و ينزّه نفسه عنها أي :

يباعد عنها١ .

قلت : و يصدّق ما قاله مورد كلامه عليه السّلام في الأمر بالتنزّه عن الدنيا و قولهم أنّه تعالى منزَّه عن النقائص .

« و إلى الآخرة ولاّها » الوله : التحيّر من شدّة الوجد ، قال تعالى إنّما هذه الحياة الدُّنيا متاع و إنّ الآخرة هي دار القرار٢ ، قال الذين يريدون الحياة

____________________

( ١ ) نسبه ابن منظور لابن سيدة : ٣٧٧ راجع لسان العرب ١٣ : ٥٤٨ ( نزه ) .

( ٢ ) غافر : ٣٩ .

١٩

الدُّنيا يا ليت لنا مثل ما أوتي قارون إنّه لذو حظّ عظيم و قال الّذين أوتوا العلم ويلكم ثواب اللَّه خيرٌ لمن آمن و عمل صالحاً و لا يُلقّيها إلاّ الصابرون فخسفنا به و بداره الأرض فما كان له من فئة ينصرونه من دون اللَّه و ما كان من المنتصرين و أصبح الّذين تمنّوا مكانه بالأمس يقولون و يكانّ اللَّه يبسط الرزّق لمن يشاء من عباده و يقدر لو لا ان منَّ اللَّه علينا لخسف بنا١ .

« و لا تضعوا من رفعته التّقوى » و اصبر نفسك مع الّذين يدعون ربّهم بالغداة و العشيّ يريدون وجهه و لا تعد عيناك عنهم تريد زينة الحياة الدُّنيا و لا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا و كان أمره فرطا٢ .

و في ( أسباب نزول الواحدي ) : عن سلمان قال : جاءت المؤلّفة القلوب عيينية بن حصن و الأقرع بن حابس و ذو وهم إلى النبيّ صلّى اللَّه عليه و آله و سلم فقالوا : انّك لو جلست في صدر المجلس ، و نحيّت عنّا هؤلاء و أرواح جبابهم يعنون سلمان و أباذر و فقراء المسلمين و كانت عليهم جباب الصّوف جلسنا إليك و حادثناك و أخذنا عنك ، فأنزل تعالى و اصبر نفسك مع الّذين يدعون ربّهم بالغداة و العشيّ الآيات فقام النبيّ صلّى اللَّه عليه و آله يلتمسهم حتّى إذا أصابهم في مؤخر المسجد يذكرون اللَّه تعالى ، فقال النبيّ صلّى اللَّه عليه و آله : الحمد للَّه الذي لم يمتني حتّى أمرني أن أصبر نفسي مع رجال من أمّتي ، معكم المحيا و معكم الممات٣ .

« و لا ترفعوا من رفعته الدنيا » و لا تمدّن عينيك إلى ما متّعنا به أزواجا منهم زهرة الحياة الدُّنيا لنفتنهم فيه و رزق ربِّك خيرٌ و أبقى٤ .

____________________

( ١ ) القصص : ٧٩ ٨٢ .

( ٢ ) الكهف : ٢٨ .

( ٣ ) أسباب النزول للواحدي : ٢٢٥ .

( ٤ ) طه : ١٣١ .

٢٠

الخلَّالي ، أخبرنا أبو محمد عبد الله بن زيد البجلي ، حدَّثنا أبو كُرَيب. حدَّثنا سفيان بن عيينة ، عن عمرو بن دينار ، عن سعيد بن جُبَيْر ، عن ابن عباس قال :

كان رسول الله ـصلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ لا يعرف ختم السورة حتى ينزل عليه( بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ) .

١٧ ـ أخبرنا عبد القاهر بن طاهر البغدادي ، أخبرنا محمد بن جعفر بن مطر ، أخبرنا إبراهيم بن علي الذُّهلي ، حدثنا يحيى بن يحيى ، أخبرنا عمرو بن الحجاج العبدي ، عن عبد الله بن أبي حسين ، ذكر عن عبد الله بن مسعود قال :

كنا لا نعلم فصل ما بين السورتين حتى تنزل( بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ) .

١٨ ـ أخبرنا سعيد بن محمد بن أحمد بن جعفر ، أخبرنا جدي ، أخبرنا أبو عمرو أحمد بن محمد الْحَرشِيّ ، حدَّثنا محمد بن يحيى ، حدَّثنا محمد بن عيسى بن أبي فُدَيْك ، عن عبد الله بن نافع ، عن أبيه ، عن ابن عمر قال :

نزلت( بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ) في كل سورة.

[٤]

القول في سورة الفاتحة

اختلفوا فيها : فعند الأكثرين : هي مكية من أوائل ما نزل من القرآن.

١٩ ـ أخبرنا أبو عثمان سعيد بن محمد بن أحمد الزاهد ، أخبرنا جدي ،

__________________

وأخرجه البزار (٢١٨٧ كشف) وقال الهيثمي في المجمع (٦ / ٣١٠) : رواه البزار بإسنادين ورجال أحدهما رجال الصحيح.

وعزاه السيوطي في الدر (١ / ٧) لأبي داود والبزار والطبراني والحاكم والبيهقي في الدلائل.

[١٧] في إسناده مجهول حيث إنه قال : ذُكر عن عبد الله بن مسعود.

وعزاه السيوطي في الدر (١ / ٧) للواحدي والبيهقي في شعب الإيمان.

[١٨] إسناده ضعيف : عبد الله بن نافع ضعيف ، تقريب [١ / ٤٥٦] مجروحين [٢ / ٢٠] ـ التاريخ الكبير [٥ / ٢١٤] ـ ميزان [٢ / ٥١٣].

[١٩] مرسل. وعزاه السيوطي في الدر (١ / ٢) لابن أبي شيبة وأبي نعيم والبيهقي في الدلائل والواحدي والثعلبي.

٢١

أخبرنا أبو عمرو الحِيرِي ، حدَّثنا إبراهيم بن الحارث وعلي بن سهل بن المغيرة قالا : حدَّثنا يحيى بن [أبي] بكير ، حدَّثنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن أبي مَيْسَرَة :

أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم كان إذا برز سمع منادياً يناديه : يا محمد ، فإذا سمع الصوت انطلق هارباً ، فقال له ورقة بن نوفل : إذا سمعت النداء فاثبت حتى تسمع ما يقول لك. قال : فلما برز سمع النداء : يا محمد ، فقال : لبيك ، قال : قل : أشهد أن لا إله إلَّا الله أشهد وأن محمداً رسول الله ، ثم قال : قل :( بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ* الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ ) حتى فرع من فاتحة الكتاب.

وهذا قول علي بن أبي طالب.

٢٠ ـ أخبرنا أبو إسحاق أحمد بن محمد المفسر ، أخبرنا الحسن بن جعفر المفسر ، قال : أخبرنا أبو الحسن بن محمد بن محمود المَرْوَزِيّ ، حدَّثنا عبد الله بن محمود السعدي ، حدَّثنا أبو يحيى القَصْرِي ، حدَّثنا مروان بن معاوية ، عن العلاء بن المسيب ، عن الفضيل بن عمرو ، عن علي بن أبي طالب قال :

نزلت فاتحة الكتاب بمكة من كنز تحت العرش.

٢١ ـ وبهذا الإسناد عن السعدي : حدَّثنا عمرو بن صالح ، حدثنا أبي ، عن الكلبي ، عن أبي صالح ، عن ابن عباس قال :

قام النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم بمكة فقال : بسم الله الرحمن الرحيم ، الحمد لله رب العالمين. فقالت قريش : دَقَّ الله فاك أو نحو هذا ، قاله الحسن وقتادة.

وعند مجاهد : أن الفاتحة مدنية. قال الحسين بن الفضل : لكل عالم هفوة ،

__________________

وهو عند ابن أبي شيبة (١٤ / ٢٩٢) ولم أهتد إليه في دلائل البيهقي.

[٢٠] في إسناده انقطاع : الفضيل بن عمرو لم يسمع من علي والحديث أخرجه الديلمي في الفردوس بمأثور الخطاب رقم (٦٨١٦) من طريق فضيل بن عمرو ، وفي كنز العمال (٢٥٢١) وعزاه للديلمي.

وعزاه في الدر (١ / ٥) لإسحاق بن راهويه عن علي مرفوعاً.

[٢١] إسناده ضعيف : في إسناده الكلبي ، وقد مرت ترجمته في رقم (١٠)

٢٢

وهذه بادرة من مجاهد ، لأنه تفرد بهذا القول ، والعلماء على خلافه. ومما يقطع به على أنها مكية قوله تعالى :( وَلَقَدْ آتَيْناكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ ) يعني الفاتحة.

٢٢ ـ أخبرنا محمد بن عبد الرحمن النحوي ، أخبرنا محمد بن أحمد بن علي الحيري ، أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى ، حدَّثنا يحيى بن أيوب ، حدَّثنا إسماعيل بن جعفر ، أخبرني العلاء ، عن أبيه ، عن أبي هريرة قال :

قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وقرأ عليه أبيّ بن كعب أُمَّ القرآن فقال : والذي نفسي بيده ، ما أنزل الله في التوراة ولا في الإنجيل ولا في الزبور ولا في القرآن مثلَها ، إنها لَهِيَ السبعُ المثاني والقرآن العظيم الذي أوتيته.

وسورة «الحجر» مكية بلا اختلاف ، ولم يكن الله ليمتن على رسوله بإيتائه فاتحة الكتاب وهو بمكة ثم ينزلها بالمدينة. ولا يسعنا القول : بِأن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم قام بمكة بضع عشرة سنة يصلي بلا فاتحة الكتاب. هذا مما لا تقبله العقول.

__________________

[٢٢] أخرجه الترمذي في التفسير (٣١٢٥) والحاكم في المستدرك (٢ / ٢٥٨) وصححه ووافقه الذهبي على شرط مسلم.

وأخرجه عبد الله بن أحمد في زوائد المسند (٥ / ١١٤) من طريق عبد الحميد بن جعفر به.

٢٣

سورة البقرة

مدنية بلا خلاف.

٢٣ ـ أخبرنا أحمد بن محمد بن إبراهيم ، أخبرنا عبد الله بن حامد ، أخبرنا أحمد بن محمد بن يوسف ، حدَّثنا يعقوب بن سفيان الصغير ، حدَّثنا يعقوب بن سفيان الكبير ، حدَّثنا هشام بن عمار ، حدَّثنا الوليد بن مسلم ، حدَّثنا شعيب بن زُرَيق ، عن عطاء الخراساني ، عن عكرمة قال :

أول سورة أنزلت بالمدينة سورة البقرة.

[٥]

قوله تعالى :( الم* ذلِكَ الْكِتابُ ) . [١ ، ٢].

٢٤ ـ أخبرنا أبو عثمان [الثقفي] الزَّعفراني ، أخبرنا أبو عمرو بن مطر ، أخبرنا جعفر بن محمد بن الليث ، حدَّثنا أبو حذيفة ، حدَّثنا شِبْل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد قال :

__________________

[٢٣] مرسل.

وعزاه السيوطي في الدر (١ / ١٧) لأبي داود في الناسخ والمنسوخ.

[٢٤] الأربع آيات التي نزلت في المؤمنين هي من أول السورة حتى قوله تعالى( وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ) في قراءة من لم يعتبر( الم ) آية.

والآيتان بعدها في الكافرين ، والثلاثة عشر آية التي بعدها حتى قوله تعالى ( إِنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ) نزلت في المنافقين.

٢٤

أربع آيات من أول هذه السورة نزلت في المؤمنين ، وآيتان بعدها نزلتا في الكافرين ، وثلاث عشرة بعدها نزلت في المنافقين.

[٦]

قوله تعالى :( إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَواءٌ عَلَيْهِمْ ) . [٦].

٢٥ ـ قال الضحاك : نزلت في أبي جهل وخمسة من أهل بيته. وقال الكلبي : يعني اليهود.

[٧] قوله تعالى :( وَإِذا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قالُوا آمَنَّا ) . [١٤].

٢٦ ـ أخبرنا أحمد بن محمد بن إبراهيم ، أخبرنا شيبة بن محمد ، حدَّثنا علي بن محمد بن قرة ، حدَّثنا أحمد بن محمد بن نصر ، حدَّثنا يوسف بن بلال ، حدَّثنا محمد بن مروان عن الكلبي ، عن صالح ، عن ابن عباس :

نزلت هذه الآية في عبد الله بن أبيّ وأصحابه ، وذلك : أنهم خرجوا ذات يوم فاستقبلهم نفر من أصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فقال عبد الله بن أبي : انظروا كيف أرد هؤلاء السفهاء عنكم ، فذهب فأخذ بيد أبي بكر الصديقرضي‌الله‌عنه فقال : مرحباً بالصِّديق سيد بني تيم ، وشيخ الإسلام ، وثاني رسول الله في الغار ، الباذل نفسه وماله. ثم أخذ بيد عمررضي‌الله‌عنه فقال : مرحباً بسيد بني عَدِيّ بن كعب ، الفاروق القوي في دين الله ، الباذل نفسه وماله لرسول الله. ثم أخذ بيد علي كرم الله وجهه فقال : مرحباً بابن عم رسول الله وخَتِنَه ، سيد بني هاشم ما خلا رسول الله. ثم افترقوا. فقال عبد الله لأصحابه : كيف رأيتموني فعلت؟ فإذا رأيتموهم فافعلوا كما فعلت فأثْنَوْا عليه خيراً. فرجع المسلمون إلى النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وأخبروه بذلك. فأنزل الله هذه الآية.

__________________

[٢٥] أثر الضحاك مرسل ، والكلبي ضعيف.

[٢٦] إسناده واه جداً : محمد بن مروان بن السائب عن الكلبي عن أبي صالح ، أطلق العلماء على هذا الإسناد : سلسلة الكذب أ. ه.

والأثر ذكره السيوطي في الدر (١ / ٣١) وعزاه للواحدي والثعلبي بسند واه.

٢٥

[٨]

قوله :( يا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ ) . [٢١].

٢٧ ـ [أخبرنا سعيد بن محمد بن أحمد الزاهد ، أخبرنا أبو علي بن أحمد الفقيه ، أخبرنا أبو تراب القُهُسْتَاني ، حدَّثنا عبد الرحمن بن بشر ، حدَّثنا رَوْح ، حدَّثنا شعبة ، عن سفيان الثّوري ، عن الأعمش ، عن إبراهيم] ، [عن علقمة قال :

كلّ شيء نزل فيه يا أيها الناس ، فهو مكي ، ويا أيها الذين آمنوا ، فهو مدني.

يعني أن يا أيها الناس خطاب أهل مكة ، ويا أيها الذين آمنوا خطاب أهل المدينة. فقوله :( يا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ ) خطاب لمشركي مكة إلى قوله :( وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا ) . وهذه الآية نازلة في المؤمنين ، وذلك : أن الله تعالى لمَّا ذكر جزاء الكافرين بقوله :( النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكافِرِينَ ) ذكر جزاء المؤمنين].

[٩]

قوله تعالى : / بقره ٢٦( إِنَّ اللهَ لا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلاً ) . [٢٦].

٢٨ ـ قال ابن عباس في رواية أبي صالح] : لما ضرب الله تعالى هذين المثلين للمنافقين ، يعني قوله :( مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ ناراً ) وقوله :( أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّماءِ ) ـ قالوا : الله أجل وأعلى من أن يضرب الأمثال. فأنزل الله هذه الآية.]

٢٩ ـ وقال الحسن وقتادة : لما ذكر الله الذباب والعنكبوت في كتابه ، وضرب

__________________

[٢٧] عزاه في الدر (١ / ٣٣) لأبي عبيد وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن الضريس وابن المنذر وأبي الشيخ.

[٢٨] أبو صالح لم يسمع ابن عباس فهو منقطع.

وأخرجه ابن جرير (١ / ١٣٨)

[٢٩] مرسل.

٢٦

للمشركين [به] المثل ـ ضحكت اليهود وقالوا : ما يشبه هذا كلام الله ، فأنزل الله هذه الآية.]

٣٠ ـ أخبرنا أحمد بن عبد الله بن إسحاق الحافظ في كتابه ، أخبرنا سليمان بن أيوب الطبراني ، حدَّثنا بكر بن سهل ، حدَّثنا عبد العزيز بن سعيد ، عن موسى بن عبد الرحمن عن ابن جريج ، عن عطاء ،] [بقره ٢٦ عن ابن عباس في قوله تعالى :( إِنَّ اللهَ لا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلاً ) قال :

وذلك أن الله ذكر آلهة المشركين فقال( وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبابُ شَيْئاً ) وذكر كيد الآلهة فجعله كبيت العنكبوت ، فقالوا : أرأيت حيث ذكر الله الذباب والعنكبوت فيما أنزل من القرآن على محمد ، أيّ شيء يصنع بهذا؟ فأنزل الله هذه الآية.

[١٠]

قوله تعالى : / بقره ٤٤( أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ ) . [٤٤]

٣١ ـ [قال ابن عباس في رواية الكلبي ، عن أبي صالح بالإسناد الذي ذكر :] نزلت في يهود [أهل] المدينة ، كان الرجل منهم يقول لصهره ولذوي قرابته ولمن بينهم وبينه رضاع من المسلمين : اثبت على الدين الذي أنت عليه ، وما يأمرك به هذا الرجل ـ يعنون محمداًصلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ فإنَّ أمره حق. فكانوا يأمرون الناس بذلك ولا يفعلونه.]

[١١]

قوله تعالى :( وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ ) . [٤٥].

عند أكثر أهل العلم : أن هذه الآية خطاب لأهل الكتاب ، وهو مع ذلك أدب لجميع العباد. وقال بعضهم : رجع بهذا الخطاب إلى خطاب المسلمين. والقول الأول أظهر.

__________________

[٣٠] إسناده ضعيف : في إسناده ابن جريح وهو مدلس وقد عنعنه.

وعزاه السيوطي في الدر (١ / ٤١) لعبد الغني في تفسيره والواحدي.

[٣١] إسناده ضعيف لضعف الكلبي.

٢٧

[١٢]

قوله تعالى :( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هادُوا ) الآية. [٦٢].

٣٢ ـ أخبرنا أحمد بن محمد بن أحمد الحافظ ، أخبرنا عبد الله بن محمد بن جعفر الحافظ ، حدَّثنا أبو يحيى الرازي ، حدَّثنا سهل بن عثمان العسكري ، حدَّثنا يحيى بن أبي زائدة قال : قال ابن جريج ، عن عبد الله بن كثير عن مجاهد قال :

لما قص سَلْمَان على النبي ،صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، قصة أصحاب الدير ، قال : هم في النار. قال سلمان : فأظلمت عليّ الأرض ، فنزلت :( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هادُوا ) إلى قوله :( وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ ) قال : فكأنما كشف عني جبل.

٣٣ ـ أخبرني محمد بن عبد العزيز المَرْوَزِيّ ، أخبرنا محمد بن الحسين الحدّادي ، أخبرنا أبو يزيد ، أخبرنا إسحاق بن إبراهيم ، أخبرنا عمرو ، عن أسباط عن السُّدِّي :( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هادُوا ) الآية ، قال : نزلت في أصحاب سلمان الفارسي لما قدم سلمان على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، جعل يخبر عن عبادتهم واجتهادهم ، وقال : يا رسول الله. كانوا يصلون ويصومون ، ويؤمنون بك ، ويشهدون أنك تبعث نبيِّاً. فلما فرغ سلمان من ثنائه عليهم قال رسول الله ـصلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ : يا سلمان هم من أهل النار ، فأنزل الله :( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هادُوا ) وتلا إلى قوله :( وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ ) .

٣٤ ـ أخبرنا محمد بن أحمد بن محمد بن جعفر ، أخبرنا محمد بن

__________________

[٣٢] مرسل. وأخرجه ابن جرير (١ / ٢٥٦) من طريق ابن جريح عن مجاهد.

وعزاه في الدر (١ / ٧٤) لابن جرير عن مجاهد.

وأخرج الحاكم في المستدرك (٣ / ٥٩٩ ـ ٦٠٢) وصححه ووافقه الذهبي من حديث سلمان وجاء فيه «فأنزل الله على النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ( ذلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْباناً وَأَنَّهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ ) ....».

انظر قصة إسلام سلمان الفارسي : مسند أحمد (٥ / ٤٤١ ـ ٤٤٤).

حلية الأولياء ١ / ١٩٠ ـ ١٩٥ ، الطبقات الكبرى لابن سعد ٤ / ٥٣ ـ ٥٤.

[٣٣] مرسل. وأخرجه ابن جرير (١ / ٢٥٤) من طريق عمرو عن السدي.

وعزاه في الدر (١ / ٧٣) لابن جرير وابن أبي حاتم.

وقد ثبت في الأثر السابق أن الآية التي نزلت ( ذلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْباناً ) .

[٣٤] انظر رقم (٣٢) ، (٣٣) ـ وأبو صالح لم يسمع من ابن عباس.

٢٨

عبد الله بن زكرياء ، أخبرنا محمد بن عبد الرحمن الدّغولي ، أخبرنا أبو بكر بن أبي خيثمة ، حدثنا عمرو بن حماد ، حدثنا أسباط ، عن السدي ، عن أبي مالك ، عن أبي صالح ، عن ابن عباس ، وعن مُرَّة ، عن ابن مسعود] ،وعن ناس من أصحاب النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم :

( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هادُوا ) الآية ، نزلت هذه الآية في سلمان الفارسي.

وكان من أهل جُنْدَيْسَابُور من أشرافهم ، وما بعد هذه الآية نازلة في اليهود.

[١٣]

قوله تعالى :( فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هذا مِنْ عِنْدِ اللهِ ) الآية. [٧٩].

نزلت في الذين غيروا صفة النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وبدلوا نعته.

٣٥ ـ بقره ٧٩ قال الكلبي بالإسناد الذي ذكرنا : إنهم غيّروا صفة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، في كتابهم ، وجعلوه آدَمَ سَبْطاً طويلاً ، وكان رَبْعَةً أسمرصلى‌الله‌عليه‌وسلم . وقالوا لأصحابهم وأتباعهم : انظروا إلى صفة النبي الذي يُبعث في آخر الزمان ، ليس يشبه نعت هذا. وكانت للأحبار والعلماء مَأكَلة من سائر اليهود ، فخافوا أن تذهب مأكلتهم إن بَيَّنُوا الصفةَ ، فمِنْ ثَمَّ غيّروا.

[١٤]

قوله تعالى :( وَقالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّاماً مَعْدُودَةً ) . [٨٠].

٣٦ ـ أخبرنا إسماعيل بن أبي القاسم الصوفي ، أخبرنا أبو الحسين

__________________

[٣٥] في إسناده الكلبي ـ وذكر السيوطي في الدر (١ / ٨٢) عن ابن عباس في قوله( فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتابَ بِأَيْدِيهِمْ ) قال : نزلت في أهل الكتاب ، وعزاه لوكيع وابن المنذر والنسائي.

[٣٦] في إسناده محمد بن أبي محمد مولى زيد بن ثابت : قال الحافظ في تهذيب التهذيب : ذكره ابن حبان في الثقات. وقال الذهبي : لا يعرف.

وقد أخرجه من نفس الطريق ابن جرير (١ / ٣٠٣)

٢٩

[محمد بن أحمد بن حامد] العطار ، أخبرنا أحمد بن الحسن بن عبد الجبار ، أخبرنا أبو القاسم ، عبد الله بن سعد الزهري ، حدَّثنا أبي وعمّي قالا : حدَّثنا أبي عن ابن إسحاق ، حدَّثنا محمد بن أبي محمد ، عن عكرمة ،] [بقره ٨٠ عن ابن عباس ، قال :

قدم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، المدينة ، واليهود تقول : إنما هذه الدنيا سبعة آلاف سنة ، وإنما يعذَّب الناس في النار لكل ألف سنة من أيام الدنيا يوماً واحداً في النار ، من أيام الآخرة ، وإنما هي سبعة أيام ثم ينقطع العذاب ، فأنزل الله تعالى في ذلك من قولهم :( وَقالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّاماً مَعْدُودَةً ) .

(٣٦) م ـ أخبرنا أبو بكر أحمد بن محمد التَّمِيمي ، أخبرنا عبد الله بن محمد بن حيّان ، حدَّثنا محمد بن عبد الرحمن الرازيّ ، حدَّثنا سهل بن عثمان ، حدَّثنا مروان بن معاوية حدَّثنا جُويبر ، عن الضحاك] عن ابن عباس : في قوله :( وَقالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّاماً مَعْدُودَةً ) قال] :

وجد أهل الكتاب ما بين طرفي جهنم مسيرة أربعين [عاماً] فقالوا : لن نعذب في النار إلا ما وجدنا في التوراة. فإذا كان يوم القيامة اقتحموا في النار. فساروا في العذاب حتى انتهوا إلى سقر ، وفيها شجرة الزقوم ، إلى آخر يوم من الأيام المعدودة ، قال : فقال لهم خزنة [أهل] النار : يا أعداء الله ، زعمتم أنكم لن تعذبوا في النار إلَّا أياماً معدودة ، فقد انقضى العدد ، وبقي الأبد.

[١٥]

قوله تعالى :( أَفَتَطْمَعُونَ أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ ) الآية(١) . [٧٥].

__________________

وعزاه السيوطي في الدر (١ / ٨٤) لابن إسحاق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني والواحدي.

[٣٦] م في إسناده انقطاع : الضحاك لم يسمع من ابن عباس.

وأخرجه ابن جرير من طريق العوفي عن ابن عباس (١ / ٣٠٢) والعوفي هو عطية بن سعد وهو ضعيف.

وعزاه في الدر (١ / ٨٤) لابن جرير وابن أبي حاتم وابن المنذر والواحدي.

[١] هكذا بالأصل وهي في غير ترتيبها.

٣٠

٣٧ ـ [بقره ٨٠ قال ابن عباس ومقاتل : نزلت في السبعين الذين اختارهم موسى ليذهبوا معه إلى الله تعالى ، فلما ذهبوا معه [إلى الميقات] وسمعوا كلام الله تعالى وهو يأمره وينهاه رجعوا إلى قومهم. فأما الصادقون فأدَّوْا كما سمعوا. وقالت طائفة منهم : سمعنا الله في آخر كلامه يقول : إن استطعتم أن تفعلوا هذه الأشياء فافعلوا ، وإن شئتم فلا تفعلوا ولا بأس.

وعند أكثر المفسرين : نزلت الآية في الذين غيروا آية الرجم وصفة محمدصلى‌الله‌عليه‌وسلم .

[١٦]

قوله تعالى :( وَكانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا ) . [٨٩].

٣٨ ـ قال ابن عباس : كان يهود خيبر تقاتل غطفان ، فكلما التقوا هزمت يهود خيبر ، فعاذت اليهود بهذا الدعاء ، وقالت : اللهم إنا نسألك بحق النبي الأمي الذي وعدتنا أن تخرجه لنا في آخر الزمان إلَّا نصرتنا عليهم. قال : فكانوا إذا التقوا دعوا بهذا الدعاء ، فهزَموا غطفان. فلما بعث النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم كفروا به ، فأنزل الله تعالى :( وَكانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا ) أي بك يا محمد ، إلى قوله :( فَلَعْنَةُ اللهِ عَلَى الْكافِرِينَ )

٣٨ م ـ وقال السدي : كانت العرب تمر بيهود فَيَلْقَوْن منهم أذى ، وكانت اليهود تجد نعت محمد في التوراة [ويسألون الله] أن يبعثه ، فيقاتلون معه العرب. فلما جاءهم محمدصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، كفروا به حسداً ، وقالوا : إنما كانت الرسل من بني إسرائيل ، فما بال هذا من بني إسماعيل؟!.

__________________

[٣٧] بدون سند.

[٣٨١] بدون إسناد. وعزاه السيوطي في (لباب النقول في أسباب النزول) ص ١٥ وفي الدر (١ / ٨٨) للحاكم والبيهقي في الدلائل.

وقد أخرجه الحاكم (٢ / ٢٦٣) من طريق عبد الملك بن هارون. وقال الحاكم : أدت الضرورة إلى إخراجه في التفسير. وتعقبه الذهبي بقوله : لا ضرورة في ذلك فعبد الملك متروك هالك.

قلت : عبد الملك بن هارون له ترجمة في المجروحين (٢ / ١٣٣) وقال ابن حبان : كان ممن يضع الحديث.

[٣٨] م مرسل. وقد أخرجه ابن جرير عن السدي (١ / ٣٢٦)

٣١

[١٧]

قوله تعالى :( قُلْ مَنْ كانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ ) الآية. [٩٧].

٣٩ ـ أخبرنا سعيد بن محمد بن أحمد الزاهد ، أخبرنا الحسن بن أحمد الشيباني ، أخبرنا المؤمل بن الحسن [بن عيسى] ، حدَّثنا محمد بن إسماعيل بن سالم ، حدَّثنا أبو نعيم ، حدَّثنا عبد الله بن الوليد ، عن بُكَيْر ، عن ابن شهاب ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس قال :

أقبلت اليهود إلى النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم فقالوا : يا أبا القاسم نسألك عن أشياء فإن أجبتنا فيها اتبعناك ، أخبرنا من الذي يأتيك من الملائكة؟ فإنه ليس [من] نبي إلَّا يأتيه ملك من عند ربهعزوجل بالرسالة وبالوحي ، فمن صاحبك؟ قال : جبريل ، قالوا : ذاك الذي ينزل بالحرب وبالقتال ، ذاك عدونا ، لو قلت : ميكائيل الذي ينزل بالقطر والرحمة تابعناك. فأنزل الله تعالى :( قُلْ مَنْ كانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلى قَلْبِكَ ) إلى قوله :( فَإِنَّ اللهَ عَدُوٌّ لِلْكافِرِينَ ) .

[١٨]

قوله تعالى :( مَنْ كانَ عَدُوًّا لِلَّهِ وَمَلائِكَتِهِ ) الآية. [٩٨].

٤٠ ـ أخبرنا أبو بكر الأصفهاني ، أخبرنا أبو الشيخ الحافظ ، حدَّثنا أبو يحيى

__________________

[٣٩] إسناده حسن : أخرجه النسائي في عشرة النساء (١٩٠) والترمذي في التفسير (٣١١٧) وقال : حسن غريب.

وأخرجه ابن جرير في تفسيره (١ / ٣٤٢) من طريق عبد الحميد بن بهرام عن شهر بن حوشب عن ابن عباس.

وعند النسائي وابن جرير : فأنزل الله ( مَنْ كانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ ) وسياق المصنف مختصر جداً.

وأخرجه أحمد في مسنده (١ / ٢٧٤) من طريق عبد الله بن الوليد به.

والبيهقي في الدلائل (٦ / ٢٦٦).

وزاد السيوطي نسبته في الدر (١ / ٨٩) للطيالسي والفريابي وعبد بن حميد وابن أبي حاتم والطبراني وأبي نعيم في الدلائل.

[٤٠] إسناده فيه انقطاع : الشعبي لم يدرك عمر.

ذكره السيوطي في لباب النقول (ص ١٧) وعزاه لإسحاق بن راهويه وابن جرير (٢ / ٣٤٣) وقال :

إسناده صحيح إلى الشعبي ولكنه لم يدرك عمر.

٣٢

الرازي ، حدَّثنا سهل بن عثمان ، حدَّثنا علي بن مُسْهِر ، عن داود ، عن الشعبي ، قال :

قال عمر بن الخطابرضي‌الله‌عنه : كنت آتي اليهود عند دراستهم التوراة ، فَأَعْجَبُ من موافقة القرآن التوراة ، وموافقة التوراة القرآن. فقالوا : يا عمر ما أحدٌ أحبَّ إلينا منك ، قلت : ولم؟ قالوا : لأنك تأتينا وتغشانا ، قلت : إنما أجيء لأعجب من تصديق كتاب الله بعضه بعضاً ، وموافقة التوراة القرآن ، وموافقة القرآن التوراة. فبينا أنا عندهم ذات يوم إذ مرّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، خلف ظهري ، فقالوا : هذا صاحبك فقم إليه. فالتفت إليه فإذا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، قد دخل خَوْخَة من المدينة ، فأقبلت عليهم فقلت : أنشدكم الله وما أنزل عليكم من كتاب ، أتعلمون أنه رسول الله؟ فقال سيدهم : قد نَشَدَكم باللهِ فأخبروه. فقالوا : أنت سيدنا فأَخْبِرْهُ. فقال سيدهم : إنا نعلم أنه رسول الله ، قال : قلت : فأنت أهلكهم إن كنتم تعلمون أنه رسول الله ، ثم لم تتبعوه. قالوا : إن لنا عدواً من الملائكة ، وسلماً من الملائكة. فقلت : من عدوكم؟ ومن سلمكم؟ قالوا : عدونا جبريل ، وهو ملك الفظاظة والغلظة ، والآصار والتشديد. قلت : ومن سلمكم؟ قال : ميكائيل ، وهو ملك الرأفة واللين والتيسير. قلت : فإني أشهد ما يحل لجبريل أن يعادي سلم ميكائيل ، وما يحل لميكائيل أن يسالم عدو جبريل ، فإنهما جميعاً ومن معهما أعداء لمن عادوا ، وسلم لمن سالموا. ثم قمت فدخلت الخَوْخَة التي دخلها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فاستقبلني فقال : يا ابن الخطاب ، ألا أُقْرِئُكَ آيات أنزلت عليّ قبل؟ قلت : بلى. قال : فقرأ( قُلْ مَنْ كانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ ) الآية حتى بلغ :( وَما يَكْفُرُ بِها إِلَّا الْفاسِقُونَ ) . قلت : والذي بعثك بالحق نبياً ما جئت إلَّا أخبرك بقول اليهود ، فإذا اللطيف الخبير قد سبقني بالخبر. قال عمر : فقد رأيتني أشدَّ في دين الله من حجر.

٤١ ـ وقال ابن عباس : إن حَبْراً من أحبار اليهود من «فَدَك» يقال له : عبد الله

__________________

وأخرجه ابن أبي شيبة (١٤ / ٢٨٥).

وعزاه السيوطي في الدر (١ / ٩٠) لابن أبي شيبة وإسحاق بن راهويه وابن جرير وابن أبي حاتم.

[٤١] بدون إسناد.

٣٣

ابن صُوْرِيا ، حاجَّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فسأله عن أشياء ، فلما اتجهت الحجة عليه قال : أيّ ملك يأتيك من السماء؟ قال : جبريل ، ولم يبعث الله نبياً إلَّا وهو وليّه. قال : ذاك عدونا من الملائكة ، ولو كان ميكائيل [مكانه] لآمنا بك ، إنّ جبريل ينزل بالعذاب والقتال والشدة ، وإنه عادانا مراراً كثيرة ، وكان أشدُّ ذلك علينا أن الله أنزل على نبينا : أن بيت المقدس سيخرب على يدي رجل يقال له : بُخْتُنَّصْر ، وأخبرنا بالحين الذي يخرب فيه ، فلما كان وقته بَعَثْنا رجلاً من أقوياء بني إسرائيل في طلب بخْتُنَصَّر ليقتله ، فانطلق يطلبه حتى لقيه ببابل غلاماً مسكيناً ليست له قوة ، فأخذه صاحبنا ليقتله ، فدفع عنه جبريل ، وقال لصاحبنا : إن كان ربكم الذي أذن في هلاككم فلن تسلط عليه ، وإن لم يكن هذا فعلى أي شيء تقتله؟ فصدّقه صاحبنا ، ورجع إلينا ، وكبر بُخْتُنَصَّرُ وقوي ، وغزانا وخرب بيت المقدس ، فلهذا نتخذه عدواً. فأنزل الله هذه الآية.

٤٢ ـ وقال مقاتل : قالت اليهود : إن جبريل عدونا ، أُمِرَ أن يجعل النبوة فينا ، فجعلها في غيرنا. فأنزل الله هذه الآية.

[١٩]

قوله تعالى :( وَلَقَدْ أَنْزَلْنا إِلَيْكَ آياتٍ بَيِّناتٍ ) . [٩٩].

٤٣ ـ قال ابن عباس : هذا جواب لابن صُوريا حيث قال لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم : يا محمد ما جئتنا بشيء نعرفه ، وما أنزل عليك من آية بينة بها. فأنزل الله هذه الآية.

[٢٠]

قوله تعالى :( وَاتَّبَعُوا ما تَتْلُوا الشَّياطِينُ عَلى مُلْكِ سُلَيْمانَ ) الآية. [١٠٢].

٤٤ ـ أخبرنا محمد بن عبد العزيز القَنْطَرِي ، أخبرنا أبو الفضل الحدادي ،

__________________

[٤٢] بدون إسناد.

[٤٣] ذكره السيوطي في لباب النقول (ص ١٨) وعزاه في الدر (١ / ٩٤) لابن إسحاق وابن جرير وابن أبي حاتم. وأخرجه ابن جرير (١ / ٣٥٠)

[٤٤] إسناده صحيح : أخرجه الحاكم في المستدرك (٢ / ٢٦٥) وصححه ووافقه الذهبي على شرط مسلم. وأخرجه ابن جرير (١ / ٣٥٧)

٣٤

أخبرنا أبو يزيد الخالدي ، أخبرنا إسحاق بن إبراهيم ، حدَّثنا جرير ، أخبرنا حُصين بن عبد الرحمن ، عن عمران بن الحارث قال :

بينما نحن عند ابن عباس إذ قال : إن الشياطين كانوا يسترقون السمع من السماء ، فيجيء أحدهم بكلمة حق ، فإذا جُرِّب من أحدهم الصدق كذَب معها سبعين كذبة ، فيشربها قلوبَ الناس. فاطلع على ذلك سليمان فأخذها فدفنها تحت الكرسي ، فلما مات سليمان قام شيطان بالطريق فقال : ألا أدلكم على كنز سليمان الممنع الذي لا كنز له مثله؟ قالوا : نعم ، قال : تحت الكرسي ، فأخرجوه فقالوا : هذا سحر. فتناسخته الأمم ، فأنزل الله تعالى عذر سليمان( وَاتَّبَعُوا ما تَتْلُوا الشَّياطِينُ عَلى مُلْكِ سُلَيْمانَ وَما كَفَرَ سُلَيْمانُ )

٤٤ م ـ وقال الكلبي : إن الشياطين كتبوا السحر والنَيْرَنْجِيَّات على لسان آصف : هذا ما علَّم آصفُ بن برخيا سليمانَ الملك ، ثم دفنوها تحت مصلاه حين نزع الله ملكه ، ولم يشعر بذلك سليمان ، فلما مات سليمان استخرجوه من تحت مصلاه ، وقالوا للناس : إنما ملككم سليمان بهذا فتعلموه. فأما علماء بني إسرائيل فقالوا : معاذ الله أن يكون هذا علم سليمان. وأما السفلة فقالوا : هذا علم سليمان ، وأقبلوا على تعلّمه ، ورفضوا كتب أنبيائهم. ففشت الملامة لسليمان ، فلم تزل هذه حالهم حتى بعث الله محمداًصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فأنزل الله عذر سليمان على لسانه ، وأظهر براءته مما رمي به ، فقال :( وَاتَّبَعُوا ما تَتْلُوا الشَّياطِينُ ) الآية.

٤٥ ـ أخبرنا سعيد بن العباس القرشي كتابة : أن الفضل بن زكرياء ، حدثهم عن أحمد بن نجدة ، أخبرنا سعيد بن منصور ، حدَّثنا عتاب بن بشير ، أخبرنا خُصَيف قال :

كان سليمان إذا نبتت الشجرة قال : لأي داء أنت؟ فتقول : لكذا وكذا. فلما

__________________

وعزاه السيوطي في الدر (١ / ٩٥) لسفيان بن عيينة وسعيد بن منصور وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم.

[٤٤] م الكلبي ضعيف.

[٤٥] عزاه في الدر (١ / ٩٥) لسعيد بن منصور.

٣٥

نبتت شجرة الخُرْنُوبَة قال : لأي شيء أنت؟ قالت : لمسجدك أخربه قال : تخربينه؟! قالت : نعم ، قال : بئس الشجرة أنت. فلم يلبث أن توفي ، فجعل الناس يقولون في مرضاهم : لو كان [لنا] مثل سليمان. فأخذت الشياطين فكتبوا كتاباً فجعلوه في مصلى سليمان وقالوا : نحن ندلكم على ما كان سليمان يداوي به. فانطلقوا فاستخرجوا ذلك [الكتاب] فإذا فيه سحر ورقى. فأنزل الله تعالى :( وَاتَّبَعُوا ما تَتْلُوا الشَّياطِينُ عَلى مُلْكِ سُلَيْمانَ ) إلى قوله :( فَلا تَكْفُرْ ) .

٤٦ ـ قال السّدي : إن الناس في زمن سليمان اكتتبوا السحر فاشتغلوا بتعلمه ، فأخذ سليمان تلك الكتب [وجعلها في صندوق] ودفنها تحت كرسيه ، ونهاهم عن ذلك. فلما مات سليمان وذهب [الذين] كانوا يعرفون دفنه الكتب ، تمثل شيطان على صورة إنسان ، فأتى نفراً من بني إسرائيل فقال : هل أدلكم على كنز لا تأكلونه أبداً؟ قالوا : نعم ، قال : فاحفروا تحت الكرسي ، فحفروا فوجدوا تلك الكتب ، فلما أخرجوها قال الشيطان : إن سليمان كان يضبط الجن والإنس والشياطين والطير بهذا. فاتخذ بنو إسرائيل تلك الكتب ، فلذلك أكثر ما يوجد السحر في اليهود. فبرّأ اللهعزوجل سليمان من ذلك ، وأنزل هذه الآية.

[٢١]

قوله تعالى :( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقُولُوا راعِنا ) الآية. [١٠٤].

٤٧ ـ قال ابن عباس في رواية عطاء : وذلك أن العرب كانوا يتكلمون بها ، فلما سمعتهم اليهود يقولونها للنبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، أعجبهم ذلك. وكان راعنا في كلام اليهود السب القبيح فقالوا : إنا كنا نسب محمداً سراً ، فالآن أعلنوا السب لمحمد لأنه من كلامهم. فكانوا يأتون نبي اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فيقولون : يا محمد ، راعنا ويضحكون ، ففطن بها رجل من الأنصار ، وهو سعد بن عبادة ، وكان عارفاً بلغة اليهود ، فقال : يا أعداء الله ، عليكم لعنة الله ، والذي نفس محمد بيده ، لئن

__________________

[٤٦] مرسل.

[٤٧] عزاه السيوطي في (لباب النقول) ص ١٩ والدر (١ / ١٠٣) لأبي نعيم في الدلائل من طريق السدي الصغير عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس وقال : هذا السند واه.

٣٦

سمعتها من رجل منكم لأضربنّ عنقه. فقالوا : ألستم تقولونها [له؟] فأنزل الله تعالى :( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقُولُوا راعِنا وَقُولُوا انْظُرْنا ) الآية.

[٢٢]

قوله تعالى :( ما يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ ) الآية. [١٠٥].

٤٨ ـ قال المفسرون : إن المسلمين كانوا إذا قالوا لحلفائهم من اليهود : آمنوا بمحمد ، قالوا : هذا الذي تدعوننا إليه ليس بخير مما نحن عليه ، ولَوَددنا لو كان خيراً. فأنزل الله تعالى تكذيباً لهم [هذه الآية].

[٢٣]

قوله تعالى :( ما نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِها نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْها ) . [١٠٦].

٤٩ ـ قال المفسرون : إن المشركين قالوا : ألا ترون إلى محمد يأمر أصحابه بأمر ثم ينهاهم عنه ويأمرهم بخلافه ، ويقول اليوم قولاً ويرجع عنه غداً؟ ما هذا القرآن إلَّا كلام محمد يقوله من تلقاء نفسه ، وهو كلام يناقض بعضه بعضاً. فأنزل الله تعالى :( وَإِذا بَدَّلْنا آيَةً مَكانَ آيَةٍ ) الآية. وأنزل أيضاً :( ما نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِها نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْها أَوْ مِثْلِها ) الآية.

[٢٤]

قوله تعالى :( أَمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَسْئَلُوا رَسُولَكُمْ ) الآية. [١٠٨].

٥٠ ـ قال ابن عباس : نزلت هذه الآية في عبد الله بن أبي أمية ورهط من قريش ، قالوا : يا محمد اجعل لنا الصفا ذهباً ، ووسع لنا أرض مكة ، وفَجَّر الأنهارَ خلالها تفجيراً ـ نُؤْمِنْ بك. فأنزل الله تعالى هذه الآية.

وقال المفسرون : إن اليهود وغيرهم من المشركين تمنوا على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فمن قائل يقول : ايتنا بكتاب من السماء جملة كما أتى موسى بالتوراة ،

__________________

[٤٨] بدون سند.

[٤٩] بدون سند.

[٥٠] بدون إسناد.

٣٧

ومن قائل يقول ـ وهو عبد الله بن أبي أمية المخزومي ـ : ايتنا بكتاب من السماء فيه : «من رب العالمين إلى ابن أبي أمية ، اعلم أنني قد أرسلت محمداً إلى الناس». ومن قائل يقول : لن نؤمن لك أو تأتي بالله والملائكة قبيلاً. فأنزل الله تعالى هذه الآية.

[٢٥]

قوله تعالى :( وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ ) الآية. [١٠٩].

٥١ ـ قال ابن عباس : نزلت في نفر من اليهود قالوا للمسلمين بعد وقعة أحد : ألم تروا إلى ما أصابكم؟ ولو كنتم على الحق ما هزمتم ، فارجعوا إلى ديننا فهو خير لكم.

أخبرنا الحسن بن محمد الفارسي ، أخبرنا محمد بن عبد الله بن الفضل.

٥٢ ـ أخبرنا أحمد بن محمد [بن الحسن] ، حدَّثنا محمد بن يحيى ، حدَّثنا أبو اليمان ، أخبرنا شعيب ، عن الزهري ، أخبرني عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك ، عن أبيه :

أَن كعب بن الأشرف اليهودي كان شاعراً ، وكان يهجو النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، ويحرض عليه كفار قريش في شعره ، وكان المشركون واليهود من [أهل] المدينة حين قدمها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، يؤذون النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم وأصحابه أشد الأذى ، فأمر الله تعالى نبيه بالصبر على ذلك والعفو عنهم ، وفيهم أنزلت :( وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ ) إلى قوله :( فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا ) .

[٢٦]

قوله تعالى :( وَقالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصارى عَلى شَيْءٍ ) [١١٣].

__________________

[٥١] بدون إسناد.

[٥٢] أخرجه أبو داود في كتاب الخراج والإمارة (٣٠٠٠).

وعزاه السيوطي في الدر (١ / ١٠٧) لأبي داود وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في الدلائل.

٣٨

٥٣ ـ نزلت في يهود أهل المدينة ونصارى أهل نجران ، وذلك أن وفد نَجْرَان لما قدموا على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، أتاهم أحبار اليهود فتناظروا حتى ارتفعت أصواتهم ، فقالت اليهود : ما أنتم على شيء من الدين ، وكفروا بعيسى والإنجيل ، وقالت لهم النصارى : ما أنتم على شيء من الدين ، وكفروا بموسى والتوراة. فأنزل الله تعالى هذه الآية.

[٢٧]

قوله تعالى :( وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَساجِدَ اللهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ ) الآية. [١١٤].

٥٤ ـ نزلت في طَطُوس الرومي وأصحابه من النصارى ، وذلك أنهم غزوا بني إسرائيل فقتلوا مقاتِلَتَهم ، وسَبَوْا ذراريهم ، وحرّقوا التوراة وخرّبوا بيت المقدس ، وقذفوا فيه الجيف. وهذا [معنى] قول ابن عباس في رواية الكلبي.

٥٥ ـ وقال قتادة [والسُّدّي] : هو بُخْتُنَصَّر وأصحابه ، غزوا اليهود وخربوا بيت المقدس ، وأعانتهم على ذلك النصارى من أهل الروم.

٥٦ ـ وقال ابن عباس في رواية عطاء : نزلت في مشركي أهل مكة ومَنْعِهم المسلمين من ذكر الله تعالى في المسجد الحرام.

[٢٨]

قوله تعالى :( وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ ) [١١٥].

٥٧ ـ اختلفوا في سبب نزولها.

__________________

[٥٣] عزاه السيوطي في لباب النقول (ص ٢١) لابن أبي حاتم عن ابن عباس وزاد نسبته في الدر (١ / ١٠٨) لابن إسحاق وابن جرير.

[٥٤] الكلبي ضعيف ، وقد مرت ترجمته في رقم (١٠)

[٥٥] مرسل.

[٥٦] بدون إسناد. وعزاه السيوطي في الدر (١ / ١٠٨) لابن إسحاق وابن أبي حاتم عن ابن عباس.

[٥٧] أخرجه الدارقطني (١ / ٢٧١) والبيهقي في السنن (٢ / ١٢) وقال البيهقي : الطريق إلى عبد الملك العرزمي غير واضح لما فيه من الوجادة وغيرها وصحيح عن عبد الملك بن أبي سليمان

٣٩

فأخبرنا أبو منصور المنصوري ، أخبرنا علي بن عمر الحافظ ، حدَّثنا أبو محمد إسماعيل بن علي ، حدَّثنا الحسن بن علي بن شبيب العمري ، حدَّثنا أحمد بن عبيد الله بن الحسن العنبري ، قال : وجدت في كتاب أبي : حدَّثنا عبد الملك العَرْزَمِيّ ، حدَّثنا عطاء بن أبي رَبَاح ، عن جابر بن عبد الله ، قال :

بعث رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، سَرِيَّة كنتُ فيها ، فأصابتنا ظلمة فلم نعرف القبلة ، فقالت طائفة منا : قد عرفنا القبلة ، هي هاهنا قِبَلَ الشمال. فصلّوا وخطّوا خطوطاً. وقال بعضنا : القبلة هاهنا قِبَلَ الجنوب ، [فصلوا] وخطوا خطوطاً. فلما أصبحوا وطلعت الشمس أصبحت تلك الخطوط لغير القبلة. فلما قَفَلْنَا من سفرنا سألنا النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، عن ذلك فسكت ، فأنزل الله تعالى :( وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ ) الآية.

٥٨ ـ وأخبرنا أبو منصور ، أخبرنا علي ، حدَّثنا يحيى بن صاعد ، حدَّثنا

__________________

العرزمي عن سعيد بن جبير عن عبد الله بن عمر بن الخطاب أن الآية إنما نزلت في التطوع [حديث ٥٩] أ. ه.

وأخرجه الحاكم (١ / ٢٠٦) والدارقطني (١ / ٢٧١) والبيهقي (٢ / ١٠) من طريق محمد بن سالم أبي سهل وهو ضعيف [تقريب ٢ / ١٦٣].

والحديث عزاه السيوطي في لباب النقول (ص ٢٢) للدارقطني وابن مردويه.

[٥٨] إسناده ضعيف : في إسناده أشعث بن سعيد السمان : قال الحافظ في التقريب : متروك [تقريب ١ / ٧٩] وفي إسناده : عاصم بن عبيد الله قال الحافظ في التقريب : ضعيف [تقريب ١ / ٣٨٤].

وأخرجه الترمذي في الصلاة (٣٤٥) وفي التفسير (٢٩٥٧).

وأخرجه ابن ماجة في الصلاة (١٠٢٠) والدارقطني (١ / ٢٧٢).

والبيهقي في السنن (٢ / ١١) والعقيلي في الضعفاء (١ / ٣١).

وقد حَسَّن إسناده المرحوم أحمد شاكر في تعليقه على الترمذي. ولكنه استدرك ذلك في تعليقه على نفس الحديث في تفسير الطبري في تفسير هذه الآية حيث قال : وقد ذهبت في شرحي للترمذي رقم ٣٤٥ إلى تحسين إسناده ولكني أستدرك الآن وأرى أنه حديث ضعيف.

وزاد السيوطي نسبته في الدر (١ / ١٠٩) لأبي داود الطيالسي وعبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم وأبي نعيم في الحلية.

وأخرجه ابن جرير (١ / ٤٠١)

٤٠

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607