الميزان في تفسير القرآن الجزء ٢٠

الميزان في تفسير القرآن0%

الميزان في تفسير القرآن مؤلف:
تصنيف: تفسير القرآن
الصفحات: 568

الميزان في تفسير القرآن

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: العلامة السيد محمد حسين الطباطبائي
تصنيف: الصفحات: 568
المشاهدات: 198592
تحميل: 4877


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5 الجزء 6 الجزء 7 الجزء 8 الجزء 9 الجزء 10 الجزء 11 الجزء 12 الجزء 13 الجزء 14 الجزء 15 الجزء 16 الجزء 17 الجزء 18 الجزء 19 الجزء 20
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 568 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 198592 / تحميل: 4877
الحجم الحجم الحجم
الميزان في تفسير القرآن

الميزان في تفسير القرآن الجزء 20

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

١

( سورة الملك مكّيّة و هي ثلاثون آية)

( سورة الملك الآيات 1 - 14)

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ( 1 ) الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ ( 2 ) الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا مَّا تَرَىٰ فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِن تَفَاوُتٍ فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَىٰ مِن فُطُورٍ ( 3 ) ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ يَنقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خَاسِئًا وَهُوَ حَسِيرٌ ( 4 ) وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَجَعَلْنَاهَا رُجُومًا لِّلشَّيَاطِينِ وَأَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابَ السَّعِيرِ ( 5 ) وَلِلَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ ( 6 ) إِذَا أُلْقُوا فِيهَا سَمِعُوا لَهَا شَهِيقًا وَهِيَ تَفُورُ ( 7 ) تَكَادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ ( 8 ) قَالُوا بَلَىٰ قَدْ جَاءَنَا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنَا وَقُلْنَا مَا نَزَّلَ اللهُ مِن شَيْءٍ إِنْ أَنتُمْ إِلَّا فِي ضَلَالٍ كَبِيرٍ ( 9 ) وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ ( 10 ) فَاعْتَرَفُوا بِذَنبِهِمْ فَسُحْقًا لِّأَصْحَابِ السَّعِيرِ ( 11 ) إِنَّ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُم بِالْغَيْبِ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ ( 12 ) وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ ( 13 ) أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ ( 14 )

٢

( بيان‏)

غرض السورة بيان عموم ربوبيّته تعالى للعالمين تجاه قول الوثنيّة إنّ لكلّ شطر من العالم ربّاً من الملائكة و غيرهم و إنّه تعالى ربّ الأرباب فقط.

و لذا يعدّ سبحانه كثيراً من نعمه في الخلق و التدبير - و هو في معنى الاحتجاج على ربوبيّته - و يفتتح الكلام بتباركه و هو كثرة صدور البركات عنه، و يكرّر توصيفه بالرحمن و هو مبالغة في الرحمة الّتي هي العطيّة قبال الاستدعاء فقراً و فيها إنذار ينتهي إلى ذكر الحشر و البعث.

و تتلخّص مضامين آياتها في الدعوة إلى توحيد الربوبيّة و القول بالمعاد.

و السورة مكّيّة بشهادة سياق آياتها.

قوله تعالى: ( تَبارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَ هُوَ عَلى‏ كُلِّ شَيْ‏ءٍ قَدِيرٌ ) تبارك الشي‏ء كثرة صدور الخيرات و البركات عنه.

و قوله:( الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ ) يشمل بإطلاقه كلّ ملك، و جعل الملك في يده استعارة بالكناية عن كمال تسلّطه عليه و كونه متصرّفاً فيه كيف يشاء كما يتصرّف ذو اليد فيما بيده و يقلّبه كيف يشاء فهو تعالى يملك بنفسه كلّ شي‏ء من جميع جهاته، و يملك ما يملكه كلّ شي‏ء.

فتوصيفه تعالى بالّذي بيده الملك أوسع من توصيفه بالمليك في قوله:( عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ ) القمر: 55، و أصرح و آكد من توصيفه في قوله:( لَهُ الْمُلْكُ ) التغابن: 1.

و قوله:( وَ هُوَ عَلى‏ كُلِّ شَيْ‏ءٍ قَدِيرٌ ) إشارة إلى كون قدرته غير محدودة بحدّ و لا منتهية إلى نهاية و هو لازم إطلاق الملك بحسب السياق، و إن كان إطلاق الملك و هو من صفات الفعل من لوازم إطلاق القدرة و هي من صفات الذات.

و في الآية مع ذلك إيماء إلى الحجّة على إمكان ما سيأتي من أمر المعاد.

٣

قوله تعالى: ( الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَ الْحَياةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَ هُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ ) الحياة كون الشي‏ء بحيث يشعر و يريد، و الموت عدم ذلك لكنّ الموت على ما يظهر من تعليم القرآن انتقال من نشأة من نشآت الحياة إلى نشأة اُخرى كما تقدّم استفادة ذلك من قوله تعالى:( نَحْنُ قَدَّرْنا بَيْنَكُمُ الْمَوْتَ - إلى قوله -فِي ما لا تَعْلَمُونَ ) الواقعة: 61، فلا مانع من تعلّق الخلق بالموت كالحياة.

على أنّه لو اُخذ عدميّاً كما عند العرف فهو عدم ملكة الحياة و له حظّ من الوجود يصحّح تعلّق الخلق به كالعمى من البصر و الظلمة من النور.

و قوله:( لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا ) غاية خلقه تعالى الموت و الحياة، و البلاء الامتحان و المراد أنّ خلقكم هذا النوع من الخلق و هو أنّكم تحيون ثمّ تموتون خلق مقدّميّ امتحانيّ يمتاز به منكم من هو أحسن عملاً من غيره و من المعلوم أنّ الامتحان و التمييز لا يكون إلّا لأمر مّا يستقبلكم بعد ذلك و هو جزاء كلّ بحسب عمله.

و في الكلام مع ذلك إشارة إلى أنّ المقصود بالذات من الخلقة هو إيصال الخير من الجزاء حيث ذكر حسن العمل و امتياز من جاء بأحسنه فالمحسنون عملاً هم المقصودون بالخلقة و غيرهم مقصودون لأجلهم.

و قد ذيّل الكلام بقوله:( وَ هُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ ) فهو العزيز لأنّ الملك و القدرة المطلقين له وحده فلا يغلبه غالب و ما أقدر أحداً على مخالفته إلّا بلاء و امتحاناً و سينتقم منهم و هو الغفور لأنّه يعفو عن كثير من سيّئاتهم في الدنيا و سيغفر كثيراً منها في الآخرة كما وعد.

و في التذييل بالاسمين مع ذلك تخويف و تطميع على ما يدعو إلى ذلك سياق الدعوة.

و اعلم أنّ مضمون الآية ليس مجرّد دعوى خالية عن الحجّة يراد به التلقين كما ربّما يتوهّم بل هي مقدّمة قريبة من الضرورة - أو هي ضروريّة - تستدعي الحكم

٤

بضرورة البعث للجزاء فإنّ الإنسان المتلبّس بهذه الحياة الدنيويّة الملحوقة للموت لا يخلو من أن يحصل له وصف حسن العمل أو خلافه و هو مجهّز بحسب الفطرة بما لو لا عروض عارض السوء لساقه إلى حسن العمل، و قلّما يخلو إنسان من حصول أحد الوصفين كالأطفال و من في حكمهم.

و الوصف الحاصل المترتّب على وجود الشي‏ء الساري في أغلب أفراده غاية في وجوده مقصودة في إيجاده فكما أنّ الحياة النباتيّة لشجرة كذا إذ كانت تؤدّي في الغالب إلى إثمارها ثمرة كذا يعدّ ذلك غاية لوجودها مقصودة منها كذلك حسن العمل و الصلاح غاية لخلق الإنسان، و من المعلوم أيضاً أنّ الصلاح و حسن العمل لو كان مطلوباً لكان مطلوباً لغيره لا لنفسه، و المطلوب بالذات الحياة الطيّبة الّتي لا يشوبها نقص و لا يعرضها لغو و لا تأثيم فالآية في معنى قوله:( كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ وَ نَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَ الْخَيْرِ فِتْنَةً ) الأنبياء: 35.

قوله تعالى: ( الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَماواتٍ طِباقاً ) إلخ، أي مطابقة بعضها فوق بعض أو بعضها يشبه البعض - على ما احتمل - و قد مرّ في تفسير حم السجدة بعض ما يمكننا من القول فيها.

و قوله:( ما تَرى‏ فِي خَلْقِ الرَّحْمنِ مِنْ تَفاوُتٍ ) قال الراغب: الفوت بعد الشي‏ء عن الإنسان بحيث يتعذّر إدراكه، قال تعالى:( وَ إِنْ فاتَكُمْ شَيْ‏ءٌ مِنْ أَزْواجِكُمْ إِلَى الْكُفَّارِ ) . قال: و التفاوت الاختلاف في الأوصاف كأنّه يفوت وصف أحدهما الآخر أو وصف كلّ واحد منهما الآخر، قال تعالى:( ما تَرى‏ فِي خَلْقِ الرَّحْمنِ مِنْ تَفاوُتٍ ) أي ليس فيها ما يخرج عن مقتضى الحكمة. انتهى.

فالمراد بنفي التفاوت اتّصال التدبير و ارتباط الأشياء بعضها ببعض من حيث الغايات و المنافع المترتّبة على تفاعل بعضها في بعض، فاصطكاك الأسباب المختلفة في الخلقة و تنازعها كتشاجر كفّتي الميزان و تصارعهما بالثقل و الخفّة و الارتفاع و الانخفاض فإنّهما في عين أنّهما تختلفان تتّفقان في إعانة من بيده الميزان فيما يريده من تشخيص وزن السلعة الموزونة.

٥

فقد رتّب الله أجزاء الخلقة بحيث تؤدّي إلى مقاصدها من غير أن يفوّت بعضها غرض بعض أو يفوت من بعضها الوصف اللازم فيه لحصول الغاية المطلوبة.

و الخطاب في( ما تَرى‏ ) خطاب عامّ لكلّ من يمكنه الرؤية و في إضافة الخلق إلى الرحمن إشارة إلى أنّ الغاية منه هي الرحمة العامّة، و تنكير( تَفاوُتٍ ) و هو في سياق النفي و إدخال( الرَّحْمنِ ) عليه لإفادة العموم.

و قوله:( فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرى‏ مِنْ فُطُورٍ ) الفطور الاختلال و الوهي، و المراد بإرجاع البصر النظر ثانياً و هو كناية عن المداقّة في النظر و الإمعان فيه.

قوله تعالى: ( ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خاسِئاً وَ هُوَ حَسِيرٌ ) الخاسئ من خسأ البصر إذا انقبض عن مهانة كما قال الراغب، و قال أيضاً: الخاسر المعيا لانكشاف قواه، و يقال للمعيا: حاسر و محسور: أمّا الحاسر فتصوّر أنّه بنفسه قد حسر قوّته، و أمّا المحسور فتصوّر أن التعب قد حسرة، و قوله عزّوجلّ:( يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خاسِئاً وَ هُوَ حَسِيرٌ ) يصحّ أن يكون بمعنى حاسر و أن يكون بمعنى محسور. انتهى.

و قوله:( كَرَّتَيْنِ ) الكرّة الرجعة و المراد بالتثنية التكثير و التكرير، و المعنى: ثمّ ارجع البصر رجعة بعد رجعة أي رجعات كثيرة ينقلب إليك البصر منقبضة مهينة و الحال أنّه كليل مُعيا لم يجد فطوراً.

فقد اُشير في الآيتين إلى أنّ النظام الجاري في الكون نظام واحد متّصل الأجزاء مرتبط الأبعاض.

قوله تعالى: ( وَ لَقَدْ زَيَّنَّا السَّماءَ الدُّنْيا بِمَصابِيحَ ) إلى آخر الآية، المصابيح جمع مصباح و هو السراج سمّي الكواكب مصابيح لإنارتها و إضاءتها و قد تقدّم كلام في ذلك في تفسير سورة حم السجدة.

و قوله:( وَ جَعَلْناها رُجُوماً لِلشَّياطِينِ ) أي و جعلنا الكواكب الّتي زيّنّا بها السماء رجوماً يرجم بها من استرق السمع من الشياطين كما قال تعالى:( إِلَّا مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ فَأَتْبَعَهُ شِهابٌ مُبِينٌ ) الحجر: 18، و قال:( إِلَّا مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ فَأَتْبَعَهُ

٦

شِهابٌ ثاقِبٌ ) الصافّات: 10.

قيل: إنّ الجملة دليل أنّ المراد بالكواكب المزيّنة بها السماء مجموع الكواكب الأصليّة و الشهب السماويّة فإنّ الكواكب الأصليّة لا تزول عن مستقرّها و الكواكب و النجم يطلقان على الشهب كما يطلقان على الأجرام الأصليّة.

و قيل: تنفصل من الكواكب شهب تكون رجوماً للشياطين أمّا الكواكب أنفسها فليست تزول إلّا أن يريد الله إفناءها.

و هذا الوجه أوفق للأنظار العلميّة الحاضرة، و قد تقدّم بعض الكلام في معنى رمي الشياطين بالشهب.

و قوله:( وَ أَعْتَدْنا لَهُمْ عَذابَ السَّعِيرِ ) أي و هيّأنا للشياطين و هم أشرار الجنّ عذاب النار المسعّرة المشتعلة.

قوله تعالى: ( وَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ عَذابُ جَهَنَّمَ وَ بِئْسَ الْمَصِيرُ ) لمّا أورد بعض آيات ربوبيّته تعالى عقّبها بالوعيد على من كفر بربوبيّته على ما هو شأن هذه السورة من تداخل الحجج و الوعيد و الإنذار.

و المراد بالّذين كفروا بربوبيّته أعمّ من الوثنيّين النافين لربوبيّته لغير أربابهم القائلين بأنّه تعالى ربّ الأرباب فقط، و النافين لها مطلقاً و المثبتين لربوبيّته مع التفريق بينه و بين رسله كاليهود و النصارى حيث آمنوا ببعض رسله و كفروا ببعض.

و الآية مع ذلك متّصلة بقوله:( الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَ الْحَياةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَ هُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ ) لما فيها من الإشارة إلى البعث و الجزاء متّصلة بما قبلها كالتعميم بعد التخصيص.

قوله تعالى: ( إِذا أُلْقُوا فِيها سَمِعُوا لَها شَهِيقاً وَ هِيَ تَفُورُ تَكادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ ) قال الراغب: الشهيق طول الزفير و هو ردّ النفس و الزفير مدّة انتهى، و الفوران كما في المجمع، ارتفاع الغليان، و التميّز: التقطّع و التفرّق، و الغيظ: شدّة الغضب، و المعنى: إذا طرح الكفّار في جهنّم سمعوا لها شهيقا - أي تجذبهم إلى داخلها كما يجذب الهواء

٧

بالشهيق إلى داخل الصدر - و هي تغلي بهم فترفعهم و تخفضهم تكاد تتلاشى من شدّة الغضب.

قوله تعالى: ( كُلَّما أُلْقِيَ فِيها فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُها أَ لَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ ) الفوج - كما قاله الراغب - الجماعة المارّة المسرعة، و في قوله:( كُلَّما أُلْقِيَ فِيها فَوْجٌ ) إشارة إلى أنّ الكفّار يلقون في النار جماعة جماعة كما يشير إليه قوله:( وَ سِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلى‏ جَهَنَّمَ زُمَراً ) الزمر: 71، و إنّما يلقون كذلك بلحوق التابعين لمتبوعيهم في الضلال كما قال تعالى:( وَ يَجْعَلَ الْخَبِيثَ بَعْضَهُ عَلى‏ بَعْضٍ فَيَرْكُمَهُ جَمِيعاً فَيَجْعَلَهُ فِي جَهَنَّمَ ) الأنفال: 37، و قد تقدّم بعض توضيحه في ذيل الآية من سورة الأنفال.

و الخزنة جمع خازن و هو الحافظ على الشي‏ء المدّخر و المراد بهم الملائكة الموكّلون على النار المدبّرون لأنواع عذابها قال تعالى:( عَلَيْها مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدادٌ ) التحريم: 6، و قال:( وَ ما أَدْراكَ ما سَقَرُ - إلى أن قال -عَلَيْها تِسْعَةَ عَشَرَ وَ ما جَعَلْنا أَصْحابَ النَّارِ إِلَّا مَلائِكَةً ) المدّثّر: 31.

و المعنى: كلّما طرح في جهنّم جماعة من جماعات الكفّار المسوقين إليها سألهم الملائكة الموكّلون على النار الحافظون لها - توبيخاً - أ لم يأتكم نذير؟ و هو النبيّ المنذر.

قوله تعالى: ( قالُوا بَلى‏ قَدْ جاءَنا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنا ) إلى آخر الآية حكاية جوابهم لسؤال الخزنة، و فيه تصديق أنّهم قد جاءهم نذير فنسبوه إلى الكذب و اعتراف.

و قوله:( ما نَزَّلَ اللهُ مِنْ شَيْ‏ءٍ ) بيان لتكذيبهم، و كذا قوله:( إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا فِي ضَلالٍ كَبِيرٍ ) و قيل: قوله:( إِنْ أَنْتُمْ ) إلخ، كلام الملائكة يخاطبون به الكفّار بعد جوابهم عن سؤالهم بما أجابوا، و هو بعيد من السياق، و كذا احتمال كونه من كلام الرسل الّذين كذّبوهم تحكيه الملائكة لاُولئك الكفّار.

قوله تعالى: ( وَ قالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ ما كُنَّا فِي أَصْحابِ السَّعِيرِ ) يطلق السمع و يراد به إدراك الصوت و القول بالجارحة و ربّما يراد به ما هو الغاية منه عند العقلاء و هو الالتزام بمقتضاه من الفعل و الترك، و يطلق العقل على تمييز الخير من الشرّ

٨

و النافع من الضارّ، و ربّما يراد به ما هو الغاية منه و هو الالتزام بمقتضاه من طلب الخير و النفع و اجتناب الشرّ و الضرّ، قال تعالى:( لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِها وَ لَهُمْ أَعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ بِها وَ لَهُمْ آذانٌ لا يَسْمَعُونَ بِها أُولئِكَ كَالْأَنْعامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ ) الأعراف: 179.

و أكثر ما ينتفع بالسمع عامّة الناس لقصورهم عن تعقّل دقائق الاُمور و إدراك حقيقتها و الاهتداء إلى مصالحها و مفاسدها و إنّما ينتفع بالعقل الخاصّة.

فقوله:( لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ ) اُريد بالسمع استجابة دعوة الرسل و الالتزام بمقتضى قولهم و هم النصحاء الاُمناء، و بالعقل الالتزام بمقتضى ما يدعون إليه من الحقّ بتعقّله و الاهتداء العقليّ إلى أنّه حقّ و من الواجب أن يخضع الإنسان للحقّ.

و إنّما قدّم السمع على العقل لأنّ استعماله من شأن عامّة الناس و هم الأكثرون و العقل شأن الخاصّة و هم آحاد قليلون.

و المعنى: لو كنّا في الدنيا نطيع الرسل في نصائحهم و مواعظهم أو عقلنا حجّة الحقّ ما كنّا اليوم في أصحاب السعير و هم مصاحبو النار المخلّدون فيها.

و قيل: إنّما جمع بين السمع و العقل لأنّ مدار التكليف على أدلّة السمع و العقل.

قوله تعالى: ( فَاعْتَرَفُوا بِذَنْبِهِمْ فَسُحْقاً لِأَصْحابِ السَّعِيرِ ) كانوا إنّما قالوا:( لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ ما كُنَّا فِي أَصْحابِ السَّعِيرِ ) ندامة على ما فرّطوا في جنب الله و فوّتوا على أنفسهم من الخير فاعترفوا بأنّ ما أتوا به كان تبعته دخول النار و كان عليهم أن لا يأتوا به، و هذا هو الذنب فقد اعترفوا بذنبهم.

و إنّما أفرد الذنب بناء على إرادة معنى المصدر منه و هو في الأصل مصدر.

و قوله:( فَسُحْقاً لِأَصْحابِ السَّعِيرِ ) السحق تفتيت الشي‏ء كما ذكره الراغب و هو دعاء عليهم.

قوله تعالى: ( إِنَّ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَ أَجْرٌ كَبِيرٌ ) لمّا ذكر حال الكفّار و ما يجازون به على كفرهم قابلة بحال المؤمنين بالغيب لتمام التقسيم و ذكر من وصفهم الخشية لأنّ المقام مقام الإنذار و الوعيد.

٩

و عدّ خشيتهم خشية بالغيب لكون ما آمنوا به محجوباً عنهم تحت حجب الغيب.

قوله تعالى: ( وَ أَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ ) رفع شبهة يمكن أن تختلج في قلوبهم مبنيّة على الاستبعاد و ذلك أنّه تعالى ساق الكلام في بيان ربوبيّته لكلّ شي‏ء المستتبعة للبعث و الجزاء و ذكر ملكه و قدرته المطلقين و خلقه و تدبيره و لم يذكر علمه المحيط بهم و بأحوالهم و أعمالهم و هو ممّا لا يتمّ البعث و الجزاء بدونه.

و كان من الممكن أن يتوهّموا أنّ الأعمال على كثرتها الخارجة عن الإحصاء لا يتأتّى ضبطها و خاصّة ما تكنّه الصدور منها فإنّ الإنسان يقيس الأشياء بنفسه و يزنها بزنة نفسه و هو غير قادر على إحصاء جزئيّات الأعمال الّتي هي حركات مختلفة متقضيّة و خاصّة أعمال القلوب المستكنّة في زواياها.

فدفعه بأنّ إظهار القول و إخفاءه سواء بالنسبة إليه تعالى فإنّه عليم بذات الصدور، و السياق يشهد أنّ المراد استواء خفايا الأعمال و جلاياها بالنسبة إليه، و إنّما ذكر أسرار القول و جهره من حيث ظهور معنى الخفاء و الظهور فيه بالجهر و الإسرار.

قوله تعالى: ( أَ لا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَ هُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ ) استفهام إنكاريّ مأخوذ حجّة على علمه تعالى بأعمال الخلق ظاهرها و باطنها و سرّها و جهرها و ذلك أنّ أعمال الخلق - و من جملتها أعمال الإنسان الاختياريّة - و إن نسبت إلى فواعلها لكنّ الله سبحانه هو الّذي يريدها و يوجدها من طريق اختيار الإنسان و اقتضاء سائر الأسباب فهو الخالق لأعيان الأشياء و المقدّر لها آثارها كيفما كانت و الرابط بينها و بين آثارها الموصل لها إلى آثارها، قال تعالى:( اللهُ خالِقُ كُلِّ شَيْ‏ءٍ وَ هُوَ عَلى‏ كُلِّ شَيْ‏ءٍ وَكِيلٌ ) الزمر: 62، و قال:( الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى وَ الَّذِي قَدَّرَ فَهَدى‏ ) الأعلى: 3، فهو سبحانه محيط بعين من خلقه و أثره و من أثره أعماله الظاهرة و الباطنة و ما أسرّه و ما جهر به و كيف يحيط به و لا يعلمه.

و في الآية إشارة إلى أنّ أحوال الأشياء و أعمالها غير خارجة عن خلقها لأنّه

١٠

تعالى استدلّ بعلمه بمن خلق على علمه بخصوصيّات أحواله و أعماله و لو لا كون الأحوال و الأعمال غير خارجة عن وجود موضوعاتها لم يتمّ الاستدلال.

على أنّ الأحوال و الأعمال من مقتضيات موضوعاتها و الّذي ينتسب إليه وجود الشي‏ء ينتسب إليه آثار وجوده.

و قوله:( وَ هُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ ) أي النافذ في بواطن الأشياء المطّلع على جزئيات وجودها و آثارها، و الجملة حالية تعلّل ما قبلها و الاسمان الكريمان من الأسماء الحسنى ذيّلت بهما الآية لتأكيد مضمونها.

( بحث روائي)

في الكافي، بإسناده عن سفيان بن عيينة عن أبي عبداللهعليه‌السلام في قول الله عزّوجلّ:( لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا ) قال: ليس يعني أكثركم عملاً و لكن أصوبكم عملاً، و إنّما الإصابة خشية الله و النيّة الصادقة و الخشية.

ثمّ قال: الإبقاء على العمل حتّى يخلص أشدّ من العمل.

ألا و العمل الخالص الّذي لا تريد أن يحمدك عليه أحد إلّا الله، و النيّة أفضل من العمل ألا و إنّ النيّة هي العمل. ثمّ تلا قوله:( قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلى‏ شاكِلَتِهِ ) يعني على نيّته.

و في المجمع، قال أبو قتادة: سألت النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عن قوله تعالى:( أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا ) ما عنى به؟ فقال: يقول: أيّكم أحسن عقلاً. ثمّ قال: أتمّكم عقلاً و أشدّكم لله خوفاً، و أحسنكم فيما أمر الله به و نهى عنه نظراً و إن كان أقلّكم تطوّعاً.

و فيه، عن ابن عمر عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنّه تلا قوله تعالى:( تَبارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ - إلى قوله -أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا ) ثمّ قال: أيّكم أحسن عقلاً، و أورع عن محارم الله و أسرع في طاعة الله.

و في تفسير القمّيّ في قوله تعالى:( الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَماواتٍ طِباقاً ) قال: بعضها طبق لبعض.

١١

و فيه في قوله تعالى:( مِنْ تَفاوُتٍ ) قال: من فساد.

و فيه في قوله تعالى:( ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ ) قال: انظر في ملكوت السماوات و الأرض.

و فيه في قوله تعالى:( بِمَصابِيحَ ) قال: بالنجوم.

و فيه في قوله تعالى:( سَمِعُوا لَها شَهِيقاً ) قال: وقعاً.

و فيه في قوله تعالى:( تَكادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ ) قال: على أعداء الله.

و فيه في قوله تعالى:( وَ قالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ ما كُنَّا فِي أَصْحابِ السَّعِيرِ ) قال: قد سمعوا و عقلوا و لكنّهم لم يطيعوا و لم يقبلوا، و الدليل على أنّهم قد سمعوا و عقلوا و لم يقبلوا، قوله:( فَاعْتَرَفُوا بِذَنْبِهِمْ فَسُحْقاً لِأَصْحابِ السَّعِيرِ ) .

أقول: يعنيعليه‌السلام أنّه يدلّ على أنّ المراد من عدم السمع و العقل عدم الإطاعة و القبول بعد السمع و العقل أنّه تعالى سمّى قولهم ذلك اعترافاً بالذنب، و لا يعدّ فعل ذنباً من فاعله إلّا بعد العلم بجهة مساءته بسمع أو عقل.

١٢

( سورة الملك الآيات 15 - 22)

هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ ( 15 ) أَأَمِنتُم مَّن فِي السَّمَاءِ أَن يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ ( 16 ) أَمْ أَمِنتُم مَّن فِي السَّمَاءِ أَن يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ ( 17 ) وَلَقَدْ كَذَّبَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ ( 18 ) أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صَافَّاتٍ وَيَقْبِضْنَ مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا الرَّحْمَنُ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ بَصِيرٌ ( 19 ) أَمَّنْ هَذَا الَّذِي هُوَ جُندٌ لَّكُمْ يَنصُرُكُم مِّن دُونِ الرَّحْمَنِ إِنِ الْكَافِرُونَ إِلَّا فِي غُرُورٍ ( 20 ) أَمَّنْ هَذَا الَّذِي يَرْزُقُكُمْ إِنْ أَمْسَكَ رِزْقَهُ بَل لَّجُّوا فِي عُتُوٍّ وَنُفُورٍ ( 21 ) أَفَمَن يَمْشِي مُكِبًّا عَلَىٰ وَجْهِهِ أَهْدَىٰ أَمَّن يَمْشِي سَوِيًّا عَلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ ( 22 )

( بيان‏)

في الآيات كرّة بعد كرّة بآيات التدبير الدالّة على ربوبيّته تعالى مقرونة بالإنذار و التخويف أعني قوله:( هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا ) الآية، و قوله:( أَ وَ لَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ ) الآية بعد قوله:( الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَ الْحَياةَ ) الآية، و قوله:( الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَماواتٍ ) الآية، و قوله:( وَ لَقَدْ زَيَّنَّا ) الآية.

قوله تعالى: ( هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَناكِبِها وَ كُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَ إِلَيْهِ النُّشُورُ ) الذلول من المراكب ما يسهل ركوبه من غير أن يضطرب و يجمح و المناكب جمع منكب و هو مجتمع ما بين العضد و الكتف و أستعير لسطح الأرض، قال

١٣

الراغب: و استعارته للأرض كاستعارة الظهر لها في قوله:( ما تَرَكَ عَلى‏ ظَهْرِها مِنْ دَابَّةٍ ) و تسمية الأرض ذلولاً و جعل ظهورها مناكب لها يستقرّ عليها و يمشي فيها باعتبار انقيادها لأنواع التصرّفات الإنسانيّة من غير امتناع، و قد وجّه كونها ذلولاً ذا مناكب بوجوه مختلفة تؤل جميعها إلى ما ذكرنا.

و الأمر في قوله:( وَ كُلُوا مِنْ رِزْقِهِ ) للإباحة و النشور و النشر إحياء الميّت بعد موته و أصله من نشر الصحيفة و الثوب إذا بسطهما بعد طيّهما.

و المعنى: هو الّذي جعل الأرض مطاوعة منقادة لكم يمكنكم أن تستقرّوا على ظهورها و تمشوا فيها تأكلون من رزقه الّذي قدّره لكم بأنواع الطلب و التصرّف فيها.

و قوله:( وَ إِلَيْهِ النُّشُورُ ) أي و يرجع إليه نشر الأموات بإخراجهم من الأرض و إحيائهم للحساب و الجزاء، و اختصاص رجوع النشر به كناية عن اختصاص الحكم بالنشور به و الإحياء يوم القيامة فهو ربّكم المدبّر لأمر حياتكم الدنيا بالإقرار على الأرض و الهداية إلى مآرب الحياة، و له الحكم بالنشور للحساب و الجزاء.

و في عدّ الأرض ذلولاً و البشر على مناكبها تلويح ظاهر إلى ما أدّت إليه الأبحاث العلميّة أخيراً من كون الأرض كرّة سيّارة.

قوله تعالى: ( أَ أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّماءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ فَإِذا هِيَ تَمُورُ ) إنذار و تخويف بعد إقامة الحجّة و توبيخ على مساهلتهم في أمر الربوبيّة و إهمالهم أمر الشكر على نعم ربّهم بالخضوع لربوبيّته و رفض ما اختلقوه من الأنداد.

و المراد بمن في السماء الملائكة المقيمون فيها الموكّلون على حوادث الكون و إرجاع ضمير الإفراد إلى( مَنْ ) باعتبار لفظه و خسف الأرض بقوم كذا شقّها و تغييبهم في بطنها و المور على ما في المجمع التردّد في الذهاب و المجي‏ء مثل الموج.

و المعنى: ء أمنتم في كفركم بربوبيّته تعالى الملائكة المقيمين في السماء الموكلين باُمور العالم أن يشقّوا الأرض و يغيّبوكم فيها بأمر الله فإذا الأرض تضطرب ذهاباً و مجيئاً بزلزالها.

١٤

و قيل: المراد بمن في السماء هو الله سبحانه و المراد بكونه في السماء كون سلطانه و تدبيره و أمره فيها لاستحالة أن يكون تعالى في مكان أو جهة أو محاطاً بعالم من العوالم، و هذا المعنى و إن كان لا بأس به لكنّه خلاف الظاهر.

قوله تعالى: ( أَمْ أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّماءِ أَنْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حاصِباً فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ ) الحاصب الريح الّتي تأتي بالحصاة و الحجارة، و المعنى: أ أمنتم من في السماء أن يرسل عليكم ريحاً ذات حصاة و حجارة كما أرسلها على قوم لوط قال تعالى:( إِنَّا أَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ حاصِباً إِلَّا آلَ لُوطٍ ) القمر: 34.

و قوله:( فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ ) النذير مصدر بمعنى الإنذار و الجملة متفرّعة على ما يفهم من سابق الكلام من كفرهم بربوبيّته تعالى و أمنهم من عذابه و المعنى ظاهر.

و قيل: النذير صفة بمعنى المنذر و المراد به النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم و هو سخيف.

قوله تعالى: ( وَ لَقَدْ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَكَيْفَ كانَ نَكِيرِ ) المراد بالنكير العقوبة و تغيير النعمة أو الإنكار، و الآية كالشاهد يستشهد به على صدق ما في قوله:( فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ ) من الوعيد و التهديد.

و المعنى: و لقد كذّب الّذين من قبلهم من الاُمم الهالكة رسلي و جحدوا بربوبيّتي فكيف كان عقوبتي و تغييري النعمة عليهم أو كيف كان إنكاري ذلك عليهم حيث أهلكتهم و استأصلتهم.

و في الآية التفات من الخطاب إلى الغيبة في قوله:( مِنْ قَبْلِهِمْ ) إشعاراً بسقوطهم - لجهالتهم و إهمالهم في التدبّر في آيات الربوبيّة و عدم مخافتهم من سخط ربّهم - عن تشريف الخطاب فأعرض عن مخاطبتهم فيما يلقى إليهم من المعارف إلى خطاب النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

قوله تعالى: ( أَ وَ لَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صافَّاتٍ وَ يَقْبِضْنَ ما يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا الرَّحْمنُ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْ‏ءٍ بَصِيرٌ ) المراد بكون الطير فوقهم طيرانه في الهواء، و صفيف الطير بسطه جناحه حال الطيران و قبضه قبض جناحه حاله، و الجمع في( صافَّاتٍ وَ يَقْبِضْنَ ) لكون المراد بالطير استغراق الجنس.

١٥

و قوله:( ما يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا الرَّحْمنُ ) كالجواب لسؤال مقدّر كأنّ سائلاً يسأل فيقول: ما هو المراد بإلفات نظرهم إلى صفيف الطير و قبضه فوقهم؟ فاُجيب بقوله:( ما يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا الرَّحْمنُ ) .

و قرار الطير حال الطيران في الهواء من غير سقوط و إن كان مستنداً إلى أسباب طبيعيّة كقرار الإنسان على بسيط الأرض و السمك في الماء و سائر الاُمور الطبيعيّة المستندة إلى علل طبيعيّة تنتهي إليه تعالى لكن لمّا كان بعض الحوادث غير ظاهر السبب للإنسان في بادي النظر سهل له إذا نظر إليه أن ينتقل إلى أنّ الله سبحانه هو السبب الأعلى الّذي ينتهي إليه حدوثه و وجوده، و لذا نبهّهم الله سبحانه في كلامه بإرجاع نظرهم إليها و دلالتهم على وحدانيّته في الربوبيّة.

و قد ورد في كلامه تعالى شي‏ء كثير من هذا القبيل كإمساك السماوات بغير عمد و إمساك الأرض و حفظ السفن على الماء و اختلاف الأثمار و الألوان و الألسنة و غيرها ممّا كان سببه الطبيعيّ القريب خفيّاً في الجملة يسهل للذهن الساذج الانتقال إلى استناده إليه تعالى ثمّ إذا تنبّه لوجود أسبابه القريبة بنوع من المجاهدة الفكرية وجد الحاجة بعينها في أسبابه حتّى تنتهي إليه تعالى و أنّ إلى ربّك المنتهى.

قال في الكشّاف: فإن قلت: لم قيل: و يقبضن و لم يقل: و قابضات؟ قلت: لأنّ الأصل في الطيران هو صفّ الأجنحة لأنّ الطيران في الهواء كالسباحة في الماء و الأصل في السباحة هو مدّ الأطراف و بسطها و أمّا القبض فطارئ على البسط للاستظهار به على التحرّك فجي‏ء بما هو طار غير أصل بلفظ الفعل على معنى أنّهنّ صافّات و يكون منهنّ القبض تارة كما يكون من السابح. انتهى.

و هو مبنيّ على أن تكون الآية هي مجموع قوله:( صافَّاتٍ وَ يَقْبِضْنَ ) و هو الطيران، و يمكن أن يستفاد أنّ الآية عدم سقوطهنّ و هن صافّات، و آية اُخرى أنّهنّ ربّما يقبضن و لا يسقطن حينما يقبضن.

و لا يخفى ما في ذكر طيران الطير في الهواء بعد ذكر جعل الأرض ذلولاً و الإنسان على مناكبها من اللطف.

١٦

قوله تعالى: ( أَمَّنْ هذَا الَّذِي هُوَ جُنْدٌ لَكُمْ يَنْصُرُكُمْ مِنْ دُونِ الرَّحْمنِ إِنِ الْكافِرُونَ إِلَّا فِي غُرُورٍ ) توبيخ و تقريع لهم في اتّخاذهم آلهة من دون الله لينصروهم و لذا التفت عن الغيبة إلى الخطاب فخاطبهم ليشتدّ عليهم التقريع.

و قوله:( أَمَّنْ هذَا الَّذِي ) إلخ، معناه بل من الّذي يشار إليه فيقال: هذا جند لكم ينصركم من دون الرحمن إن أرادكم بسوء أو عذاب؟ فليس دون الله من ينصركم عليه، و فيه إشارة إلى خطإهم في اتّخاذ بعض خلق الله آلهة لينصروهم في النوائب و هم مملوكون لله لا يملكون لأنفسهم نفعاً و ضرّاً و لا لغيرهم.

و إذ لم يكن لهم جواب أجاب تعالى بقوله:( إِنِ الْكافِرُونَ إِلَّا فِي غُرُورٍ ) أي أحاط بهم الغرور و غشيهم فخيّل إليهم ما يدّعون من اُلوهيّة آلهتهم.

قوله تعالى: ( أَمَّنْ هذَا الَّذِي يَرْزُقُكُمْ إِنْ أَمْسَكَ رِزْقَهُ بَلْ لَجُّوا فِي عُتُوٍّ وَ نُفُورٍ ) أي بل من الّذي يشار إليه بأنّ هذا هو الّذي يرزقكم إن أمسك الله رزقه فينوب مقامه فيرزقكم؟ ثمّ أجاب سبحانه بقوله:( بَلْ لَجُّوا فِي عُتُوٍّ وَ نُفُورٍ ) أي إنّ الحقّ قد تبيّن لهم لكنّهم لا يخضعون للحقّ بتصديقه ثمّ اتّباعه بل تمادوا في ابتعادهم من الحقّ و نفورهم منه، و لجّوا في ذلك.

قوله تعالى: ( أَ فَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلى‏ وَجْهِهِ أَهْدى‏ أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيًّا عَلى‏ صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ ) إكباب الشي‏ء على وجهه إسقاطه عليه، و قال في الكشّاف: معنى أكبّ دخل في الكبّ و صار ذا كبّ.

استفهام إنكاري عن استواء الحالين تعريضاً لهم بعد ضرب حجاب الغيبة عليهم و تحريمهم من تشريف الحضور و الخطاب بعد استقرار اللجاج فيهم، و المراد أنّهم بلجاجهم في عتوّ عجيب و نفور من الحقّ كمن يسلك سبيلاً و هو مكبّ على وجه لا يرى ما في الطريق من ارتفاع و انخفاض و مزالق و معاثر فليس هذا السائر كمن يمشي سويّا على صراط مستقيم فيرى موضع قدمه و ما يواجهه من الطريق على استقامة، و ما يقصده من الغاية و هؤلاء الكفّار سائرون سبيل الحياة و هم يعاندون الحقّ على علم به فيغمضون عن معرفة ما عليهم أن يعرفوه و العمل بما عليهم أن يعملوا به و لا

١٧

يخضعون للحقّ حتّى يكونوا على بصيرة من الأمر و يسلكوا سبيل الحياة و هم مستوون على صراط مستقيم فيأمنوا الهلاك.

و قد ظهر أنّ ما في الآية مثل عامّ يمثّل حال الكافر الجاهل اللجوج المتمادي على جهله و المؤمن المستبصر الباحث عن الحقّ.

( بحث روائي)

في الكافي، بإسناده عن سعد عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: القلب أربعة: قلب فيه نفاق و إيمان، و قلب منكوس، و قلب مطبوع، و قلب أزهر. فقلت: ما الأزهر، قال: فيه كهيئة السراج.

فأمّا المطبوع فقلب المنافق، و أمّا الأزهر فقلب المؤمن إن أعطاه شكر و إن ابتلاه صبر، و أمّا المنكوس فقلب المشرك ثمّ قرأ هذه الآية( أَ فَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلى‏ وَجْهِهِ أَهْدى‏ أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيًّا عَلى‏ صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ ) ، فأمّا القلب الّذي فيه إيمان و نفاق فقوم كانوا بالطائف فإن أدرك أحدهم أجله على نفاقه هلك و إن أدركه على إيمانه نجى.

أقول: و رواه في تفسير البرهان، عن ابن بابويه بإسناده عن الفضيل عن سعد الخفّاف عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: إنّ القلوب أربعة، و ساق الحديث إلى آخره إلّا أنّ فيه: و قلب أزهر أنور.

و قوله:( فهم قوم كانوا بالطائف) المراد به الطائف الشيطانيّ الّذي ربّما يمسّ الإنسان قال تعالى:( إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذا مَسَّهُمْ طائِفٌ مِنَ الشَّيْطانِ تَذَكَّرُوا فَإِذا هُمْ مُبْصِرُونَ ) الأعراف: 201، فالمعنى أنّهم يعيشون مع طائف شيطانيّ يمسّهم حيناً بعد حين فإن أدركهم الأجل و الطائف معهم هلكوا و إن أدركهم و هم في حال الإيمان نجوا.

و اعلم أنّ هناك روايات تطبّق قوله:( أَ فَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلى‏ وَجْهِهِ ) الآية على من حاد عن ولاية عليّعليه‌السلام و من يتّبعه و يواليه، و هي من الجري و الله أعلم.

١٨

( سورة الملك الآيات 23 - 30)

قُلْ هُوَ الَّذِي أَنشَأَكُمْ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلًا مَّا تَشْكُرُونَ ( 23 ) قُلْ هُوَ الَّذِي ذَرَأَكُمْ فِي الْأَرْضِ وَإِلَيْهِ تُحْشَرُونَ ( 24 ) وَيَقُولُونَ مَتَىٰ هَذَا الْوَعْدُ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ ( 25 ) قُلْ إِنَّمَا الْعِلْمُ عِندَ اللهِ وَإِنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُّبِينٌ ( 26 ) فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَقِيلَ هَذَا الَّذِي كُنتُم بِهِ تَدَّعُونَ ( 27 ) قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَهْلَكَنِيَ اللهُ وَمَن مَّعِيَ أَوْ رَحِمَنَا فَمَن يُجِيرُ الْكَافِرِينَ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ ( 28 ) قُلْ هُوَ الرَّحْمَنُ آمَنَّا بِهِ وَعَلَيْهِ تَوَكَّلْنَا فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ ( 29 ) قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْرًا فَمَن يَأْتِيكُم بِمَاءٍ مَّعِينٍ ( 30 )

( بيان‏)

آيات اُخر يذكّرهم الله تعالى بها دالّة على وحدانيّته تعالى في الخلق و التدبير مقرونة بالإنذار و التخويف، جارية على غرض السورة و هو التذكرة بالوحدانيّة مع الإنذار غير أنّه تعالى لما أشار إلى لجاجهم و عنادهم للحقّ في قوله السابق:( بَلْ لَجُّوا فِي عُتُوٍّ وَ نُفُورٍ ) غير السياق بالإعراض عن خطابهم و الالتفات إلى خطاب النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بأمره أن يتصدّى خطابهم و يقرع أسماعهم آياته في الخلق و التدبير الدالّة على توحّده في الربوبيّة و إنذارهم بعذاب الله، و ذلك قوله:( قُلْ هُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ ) إلخ،

١٩

( قُلْ هُوَ الَّذِي ذَرَأَكُمْ ) إلخ،( قُلْ إِنَّمَا الْعِلْمُ ) إلخ،( قُلْ أَ رَأَيْتُمْ إِنْ أَهْلَكَنِيَ اللهُ ) إلخ،( قُلْ هُوَ الرَّحْمنُ ) إلخ،( قُلْ أَ رَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ ماؤُكُمْ غَوْراً ) إلخ.

قوله تعالى: ( قُلْ هُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ وَ جَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَ الْأَبْصارَ وَ الْأَفْئِدَةَ قَلِيلًا ما تَشْكُرُونَ ) الإنشاء إحداث الشي‏ء ابتداء و تربّيه.

ما في ذيل الآية من لحن العتاب في قوله:( قَلِيلًا ما تَشْكُرُونَ ) و قد تكرّر نظيره في غير موضع من كلامه كما في سورة المؤمنون(1) و الم السجدة(2) يدلّ على أنّ إنشاءه تعالى الإنسان و تجهيزه بجهاز الحسّ و الفكر من أعظم نعمه تعالى الّتي لا يقدّر قدرها.

و ليس المراد بإنشائه مجرّد خلقه كيفما كان بل خلقه و إحداثه من دون سابقه في مادّته كما أشار إليه في قوله يصف خلقه طوراً بعد طور:( وَ لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ ثُمَّ جَعَلْناهُ نُطْفَةً فِي قَرارٍ مَكِينٍ ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً - إلى أن قال -ثُمَّ أَنْشَأْناهُ خَلْقاً آخَرَ ) المؤمنون: 14، فصيرورة المضغة إنساناً سميعاً بصيراً متفكّراً بتركيب النفس الإنسانيّة عليها خلق آخر لا يسانخ أنواع الخلقة المادّيّة الواردة على مادّة الإنسان من أخذها من الأرض ثمّ جعلها نطفة ثمّ علقة ثمّ مضغة فإنّما هي أطوار مادّيّة متعاقبة بخلاف صيرورتها إنساناً ذا شعور فلا سابقة لها تماثلها أو تشابهها فهو الإنشاء.

و مثله قوله:( وَ مِنْ آياتِهِ أَنْ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ إِذا أَنْتُمْ بَشَرٌ تَنْتَشِرُونَ ) الروم: 20 (انظر إلى موضع إذا الفجائيّة).

فقوله:( هُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ ) إشارة إلى خلق الإنسان.

و قوله:( وَ جَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَ الْأَبْصارَ وَ الْأَفْئِدَةَ ) إشارة إلى تجهيزه بجهاز الحسّ و الفكر، و الجعل إنشائيّ كجعل نفس الإنسان كما يشير إليه قوله:( وَ هُوَ الَّذِي أَنْشَأَ لَكُمُ السَّمْعَ وَ الْأَبْصارَ وَ الْأَفْئِدَةَ قَلِيلًا ما تَشْكُرُونَ ) المؤمنون: 78.

____________________

(1) الآية 78.

(2) الآية 9

٢٠