• البداية
  • السابق
  • 25 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 31213 / تحميل: 6388
الحجم الحجم الحجم
ديوان الإمام علي (عليه السلام)

ديوان الإمام علي (عليه السلام)

مؤلف:
العربية

ديوان الإمام عليعليه‌السلام

مؤلف

« مؤسسة الأعلمي للمطبوعات »

١

قافية الهمزة

يقولعليه‌السلام في فضل العلم: [البحر البسيط]

الناس من جهة التمثال أكفاء

أبوهم آدم , والأم حوّاءُ(١)

وإنما أمهات الناس أوعية

ستودعات , وللأحساب آباءُ

فإن يكن لهم من أصلهم شرف

يفاخرون به , فالطين والماءُ

وإن أتيت بفخر من ذوي نسب

فإن نسبتنا جود وعلياءُ

ما الفضل إلا لأهل العلم إنهم

على الهدى لمن استهدى أدلاءُ(٢)

وقيمة المرء ما قد كان يحسنه

والجاهلون لأهل العلم أعداءُ

فقم بعلم , ولا تطلب به بدلاً

فالناس موتى , وأهل العلم أحياءُ

يقولعليه‌السلام في الأصدقاء والزمن: [البحر الوافر]

تغيرت المودة والإخاء

وقلّ الصدق , وانقطع الرجاءُ

وأسلمني الزمان إلى صديق

كثير الغدر , ليس له رعاءُ(٣)

ورُبّ أخ وفيت له بحق

ولكن لا يدوم له وفاء

أخلاء إذا استغنيت عنهم

وأعداءٌ إذا نزل البلاء(٤)

__________________________________________

(١) التمثال: أي التشبيه. أكفاء: متساوون.

(٢) أدلاء: مرشدون.

(٣) رعاء: الإبقاء على أخيك.

(٤) أخلاء: مفردها خليل أي صديق.

٢

قافية الألف

وقالعليه‌السلام يرثي النبي صلى الله عليه وآله وسلم: [البحر الطويل]

أمن بعد تكفين النبي ودفنه

نعيش بآلاء , ونجنح للسّلوى(١)

رُزئنا رسول الله حقا , فلن نرى

بذاك عديلاً , ماحيينا من الردى(٢)

وكنت لنا كالحصن , من دون أهله

له معقل حرزٌ حريزٌ من العدى

وكنا بمرآه نرى النور والهدى

صباح مساء , راح فينا أو اغتدى

لقد غشيتنا ظُلمة, بعد فقده

نهاراً وقد زادت على ظلمة الدجى(٣)

فيا خير من ضمّ الجوانح والحشا

ويا خير ميت ضمه الترب والثرى

كأن أمور الناس بعدك ضُمّنت

سفينة موج , حين في البحر قد سما

وضاق فضاء الأرض عنا برُحبه

لفقد رسول الله , إذ قيل قد قضى

فقد نزلت بالمسلمين مصيبة

كصدع الصفا, لا شعب للصدع في الصفا(٤)

فلن يستقل الناس , ما حلّ فيهم

ولن يجبر العظم الذي منهم وهى(٥)

وفي كل وقتٍ للصلاة يهيجها

بلالٌ , ويدعو باسمه كلما دعا

ويطلب أقوام مواريث هالك

وفينا مواريث النبوة والهدى

__________________________________________

(١) الآلاء: النعم. السلوى: العزاء ونسيان المصائب.

(٢) رزئنا: نزلت بنا مصيبة. الردى: الموت.

(٣) الشعب: الشرخ. الصفا: الصخرة.

(٤) وهى: انكسر , وضعف , وسقط.

٣

قافية الباء

قالعليه‌السلام : [البحر الطويل]

لعمرك ما الإنسان إلا بدينه

فلا تترك التقوى اتكالاً على النسبْ

فقد رفع الإسلام سلمان فارس

وقد وضع الشرك الشريف أبا لهبْ

وقالعليه‌السلام في فضل السكوت:

أدّبت نفسي , فما وجدت لها

بغير تقوى الإله , من أدبِِ

في كل حالاتها , وإن قصُرت

أفضل من صمتها , على الكذبِِ

وغيبة الناس , إن غيبتهم

حرّمها ذو الجلال , في الكتبِِ

إن كان من فضة , كلامك يا

نفس فإن السكوت , من ذهبِِ

وقالعليه‌السلام عن الفرج بعد الضيق: [البحر الوافر]

إذا اشتملت على اليأس القلوب

وضاق لما به الصدر الرحيبُ

وأوطنت المكاره واستقرت

وأرست في أماكنها الخطوبُ(١)

ولم تر لانكشاف الضر وجهاً

ولا أغنى بحيلته الأريبُ(٢)

أتاك على قنوط منك غوث

يمنّ به اللطيف المستجيبُ

__________________________________________

(١) الخطوب: المصائب.

(٢) الضر: الضرر. الأريب: العاقل.

٤

قافية التاء

وقالعليه‌السلام : [البحر الطويل]

الم تر أن الدهر يوم وليلة

يكُرّان من سبت جديد إلى سبتِ(١)

فقل لجديد الثوب: لا بد من بلًى

وقل لاجتماع الشمل: لا بد من شتِّ(٢)

وقالعليه‌السلام : [مجزوء الرمل]

إنما الدنيا فناء

ليس للدنيا ثُبوتُ

إنما الدنيا كبيت

نسجته العنكبوتُ

ولقد يكفيك منها

أيها الطالب قوتُ

ولعمري عن قليل

كل من فيها يموتُ

وقالعليه‌السلام :

قد رأيت القرون كيف تفانت

درست ثم قيل: كان وكنتْ

هي دنيا كحية تنفث السم

وإن كانت المَجسّة لانتْ(٣)

كم أمور وقد تشددت فيها

ثم هوّنتها عليّ فهانتْ

__________________________________________

(١) يكران: يتكرران.

(٢) بلي الثوب بلًى وبلاء: رث. والشت: التفرق.

(٣) الجس: اللمس باليد والمجسة: الموضع الذي تقع عليه يده إذا جسه.

٥

قافية الجيم

وقالعليه‌السلام في الحِلم والجهل: [البحر الطويل]

لئن كنت مُحتاجاً إلى الحِلم إنني

إلى الجهل في بعض الأحايين أحوجُ

ولي فرس للحلم بالحلم مُلجم

ولي فرس للجهل بالجهل مُسرجُ

فمن شاء تقويمي فإني مُقوّم

ومن شاء تعويجي فإني مُعوّجُ

وبالجهل لا أرضى ولا هو شيمتي

ولكنني أرضى به حين أُحوجُ

فإن الناس بعض الناس فيه سَماجة

فقد صدقوا والذل بالحُر أسمجُ(١)

ألا ربما ضاق الفضاء بأهله

وأمكن ما بين الأسنّة مَخرجُ

وقالعليه‌السلام : [ البحر المتقارب]

إذا النائبات بلغن المدى

وكادت تذوب لهن المُهجْ

وحلّ البلاء وبان العزاء

فعند التناهي يكون الفرجْ

خطابة للصديقة فاطمة عليها السلام:

قرّبي ذا الفقار فاطم مني

فأخي السيف كل يوم هياجِ(٢)

قرّبي الصارم الحُسام فإني

راكب في الرجال نحو الهياجِ

ورد اليوم ناصح يُنذر النا

س جيوشاً كالبحر ذي الأمواجِ

وردوا مُسرعين يبغون قتلي

وأبيك المُحب بالمعراجِ

سوف أُرضي المليك بالضرب ما

عشت إلى أن أنال ما أنا راجِ(٣)

من ظهور الإسلام أو يأتي المو

ت , شهيداً من شاخب الأوداجِ(٤)

__________________________________________

(١) السماجة: القباحة والخباثة.

(٢) ذا الفقار: سيف الإمام عليعليه‌السلام .

(٣) المليك: الإله والرب.

(٤) شاخب الأوداج: متدفق عروق الرقبة أي شرايينها.

٦

قافية الحاء

قال أبو جرول وهو رجل من هوازن كان من المشركين يوم حنين:

أنا أبو جرْول لا بَراح

حتي نُبيح القوم أو نُباحْ

فقتله أمير المؤمنينعليه‌السلام وقال:

قد علم القوم لدى الصياح

أني في الهيجاء ذو نِطاح

قالعليه‌السلام في التأني [البحر الكامل]

الرفق يُمن والأناة سعادة

فتأن في أمر تُلاق نجاحا(١)

يقولعليه‌السلام في كتمان السر وعدم إفشائه: [البحر المتقارب]

فلا تُفش سرك إلا إليك

فإن لكل نصيح نصيحا

فإني رأيت غُواة الرجال

لا يتركون أديماً صحيحا(٢)

وقال في أدب المُصاحبة: [البحر الطويل]

وصاحب خيار الناس تنج مُسلّماً

ومن صحب الأشرار يوماً سيُجرحُ

وإياك يوماً أن تُمازح جاهلاً

فتلقى الذي لا تشتهي حين يمزحُ

__________________________________________

(١) اليُمن: البركة.

(٢) الغواة: المضلون المنقادون لأهوائهم. الأديم: الجلد المدبوغ.

٧

قافية الدال

ولما هاجرعليه‌السلام من مكة إلى المدينة ومعه الفواطم وأدركه الطلب وهم ثمانية فوارس فشد عليهم بسيفه شدة ضيغم وقال:

خلّوا سبيل المؤمن المجاهد

في الله لا يعبد غير الواحدِ

ويوقظ الناس إلى المساجدِ

قالعليه‌السلام يوم أحد:

أنا عليّ وابن عم المُهتدي

أصول بالله العزيز الأمجدِ

وفالق الإصباح رب المسجدِ

ولهعليه‌السلام في البِطنة: [البحر الطويل]

وحسبك داء أن تبيت بِبطنة

وحولك أكباد تحن إلى القِدِّ(١)

ولهعليه‌السلام في قريش: [البحر الطويل]

قريش بدتنا بالعداوة أولاً

وجاءت لتُطفي نور رب محمدِ

بأفواهم والبيض بالبيض تلتقي

بأيديهم من كل عضب مُهندِ(٢)

__________________________________________

(١) البطنة: الامتلاء الكثير من الطعام.

(٢) العضب: السيف القاطع. المهند: السيف.

٨

قافية الراء

قال مرحب اليهودي يوم خيبر: [الرجز]

قد علمت خيبر أني مرحب

شاكي السلاح بطل مجرّبُ

أطعن أحياناً وحيناً أضرب

إذا الليوث أقبلت تلتهبُ

فأجابه عليعليه‌السلام :

أنا الذي سمّتني أمي حيدره

ضرغام آجام وليث قسورهْ(١)

عبل الذراعين شديد القصره

كليث غابات كريه المنظرهْ(٢)

أكيلكم بالسيف كيل السندره

أضربكم ضرباً يُبين الفِقرهْ(٣)

وأترك القرن بقاع جزره

أضرب بالسيف رقاب الكفرهْ(٤)

ضرب غلام ماجد حزوّره

من يترك الحق يُقوّم صعرهْ(٥)

أقتل منكم سبعة أو عشره

فكلكم أهل فسوق فجرهْ

__________________________________________

(١) آجام: جمع أجمة , وهي مأوى الأسد. قسورة: أسد.

(٢) قصرة: أصل العنق.

(٣) أكيلكم: أقتلكم قتلاً سريعاً. السندرة: مكيال ضخم. الفقرة: أي يزيل فقرة الظهر.

(٤) الجزرة: ما أبيح ذبحه.

(٥) الجزورة: الغلام إذا اشتد وقوي. الصعر: ميل في العنق.

٩

قافية الزاي

روي أن عمرو بن عبد ود نادى يوم الخندق من يبارز فقام عليعليه‌السلام وقال له يا نبي الله أنا , فقال اجلس إنه عمرو ثم كرر عمرو بن عبد ود النداء وجعل يوبّخ المسلمين ويقول أين جنتكم التي تزعمون من قُتل منكم دخلها أفلا يبرز إليّ رجل وقال: [مجزوء الكامل]

ولقد بُحت من الندا

ء بجمعكم هل من مُبارزْ

ووقفت إذ جبن الشجا

ع بموقف القرن المُناجزْ(١)

إني كذلك لم أزل

مُتسرّعاً نحو الهزاهزْ(٢)

إن الشجاعة والسما

حة في الفتى خير الغرائزْ

فبرز إليه عليعليه‌السلام وهو يقول: [مجزوء الكامل]

يا عمرو ويحك قد أتا

ك مُجيب صوتك غير عاجزْ

ذو نيّة وبصيرة

والصدق مُنجي كل فائزْ

ولقد دعوت إلى البرا

ز فتى يُجيب إلى المبارزْ

يُعليك أبيض صارماً

كالملح حتفاً للمُناجزْ

إني لأرجو أن أُقي

م عليك نائحة الجنائزْ

من ضربة نجلاء يب

قى صيتها عند الهزاهزْ(٣)

__________________________________________

(١) القرن المناجز: الخصم المحارب.

(٢) الهزاهز: الحروب والبلايا.

(٣) نجلاء: واسعة.

١٠

قافية السين

ولهعليه‌السلام في السيف والخنجر:

السيف والخنجر ريحاننا

أفّ على النرجس والآسِ

شرابنا من دم أعدائنا

وكأسنا جمجمة الراسِ

وقالعليه‌السلام :

لا تتهم ربك فيما قضى

وهوّن الأمر على النفسِ

لكل هم فرج عاجل

يأتي على المُصبح والمُمسي

وينسب إليهعليه‌السلام : [البحر البسيط]

العلم زين فكن للعلم مكتسبا

وكن له طالباً ما عشت مقتبسا

واركن إليه وثق بالله واغن به

وكن حليماً رزين العقل محترساً

لا تسأمن فإما كنت منهمكاً

في العلم يوماً وإما كنت منغمسا

وكن فتى ناسكاً محض التقى ورعاً

للدين مغتنما للعلم مفترسا

فمن تخلّق بالآداب ظل بها

رئيس قوم إذا ما فارق الرُؤسا

واعلم هُديت بأن العلم خير صفا

أضحى لطالبه من فضله سلسا

وينسب إليهعليه‌السلام : [البحر الطويل]

أيحسب أولاد الجهالة أننا

على الخيل لسنا مثلهم في الفوارسِ

١١

قافية الصاد

وقالعليه‌السلام :

أتمّ الناس أعرفهم بنقصه

وأقمعهم لشهوته وحرصهْ

فدان على السلامة من يُداني

ومن لم ترض صحبته فأقصهْ(١)

ولا تستغل عافية بشيء

ولا تسترخصن أذى لرخصهْ

وخلّ الفحص ما استغنيت عنه

فكم مُستجلب عيباً بفحصهْ(٢)

لما بلغ عمرو بن العاص مسير عليعليه‌السلام إلى صفين قال:

لا تحسبني يا عليّ غافلا

لأوردنّ الكوفة القنابلا

بجمعي العام وجمعي قابلا

فبلغ ذلك علياًعليه‌السلام فقال:

لأوردنّ العاصي ابن العاصي

سبعين ألفاً عاقدي النواصي

مُستحلقين حلق الدلاص

قد جنّبوا الخيل مع القلاصِ(٣)

آساد غيل حين لا مناصِ

__________________________________________

(١) أقصه: أبعده.

(٢) الفحص: الاختبار.

(٣) الدلاص: حليقي الشعر. القلاص: جمع قلوص وهي الناقة.

١٢

قافية الضاد

وقالعليه‌السلام : [البحر الطويل]

سأمنح مالي كل من جاء طالباً

وأجعله وقفاً على القرض والفرضِ

فإما كريم صُنت بالمال عرضه

وإما لئيم صُنت من لؤمه عِرضي(١)

وقالعليه‌السلام :

إذا أذن الله فـي حـاجـة

أتاك النجاح بها يركضُ

وإن أذن الله فـي غـيـرهـا

أتى دونها عارض يعرضُ

وقالعليه‌السلام : [البحر الوافر]

لنا ما تدّعون بغير حق

إذا ميز الصحاح من المراضِ

عرفتم حقنا فجحدتموه

ما عُرف السواد من البياضِ

كتاب الله شاهدنا عليكم

وقاضينا الإله فنعم قاضِ

وينسب إليهعليه‌السلام :أنه قال في جواب معاوية:

إن كنت ذا علم بما الله قضى

فاثبت أُصادقك وسيفي مُنتضى

__________________________________________

(١) صنت: حفظت.

١٣

قافية الطاء

وقالعليه‌السلام :

نحن نؤمّ النمط الأوسطا

لسنا كمن قصّر أو أفرطا

وقالعليه‌السلام : [البحر البسيط]

اصبر على الدهر لا تغضب على أحد

فلا ترى غير ما في اللوح مخطوطُ

ولا تُقيمن بدار لا انتفاع بها

فالأرض واسعة والرزق مبسوطُ

قافية الظاء

وقالعليه‌السلام :

نوم امرىء خير له من يقظه

لم يُرض فيها الكاتبين الحفظه

وفي صروف الدهر للمرء عِظهْ

قافية العين

قالعليه‌السلام :

لا تصنع المعروف في ساقط

فذاك صُنع ساقط ضائعُ

وضعه في حرّ كريم , يكن

عُرفك مِسكاً عَرفه ضائعُ(١)

وينسب إليهعليه‌السلام : [البحر الطويل]

ذنوبي إن فكرت فيها كثيرة

ورحمة ربي من ذنوبي أوسعُ

فما طمعي في صالح قد عملته

ولكنني في رحمة الله أطمعُ

فإن يك غفران فذاك برحمة

وإن لم يكن أُجزى بما كنت أصنعُ

مليكي ومولائي وربي وحافظي

وإني له عبد أُقرّ وأخضعُ

ينسب إليهعليه‌السلام : [البحر الطويل]

تجوّع فإن الجوع من عمل التقى

وإن طويل الجوع يوماً سيشبعُ

وجانب صغار الذنب لا تركبنّها

فإن صغار الذنب يوماً ستُجمعُ

وقالعليه‌السلام : [البحر الطويل]

وكن معدناً للحلم واصفح عن الأذى

فإنك لاق ما عملت وسامعُ

__________________________________________

(١) عرفه ضائع: عبيره فائح منتشر.

١٤

قافية الغين

وينسب إليهعليه‌السلام : [البحر الطويل]

أرى المرء والدنيا كماء وحاسب

يضمّ عليه الكفّ , والكفّ فارغهْ

قافية الفاء

ولهعليه‌السلام في الصفات الإلهية:

قد كنت يا سيدي بالقلب معروفا

ولم تزل سيدي بالحق موصوفا

وكنت إذ ليس نور يستضاء به

ولا ظلام على الآفاق معكوفا

فربتنا بخلاف الخلق كلهم

وكل ما كان في الأوهام معروفا

ومن يُرده على التشبيه مُمتثلاً

يرجع أخا حصر بالعجز مكنوفا(١)

وفي المعارج تلقى موج قدرته

موجاً يعارض صرف الريح مكفوفا(٢)

فاترك أخا جدل بالدين مُشتبهاً

قد باشر الشك منه الرأي مؤوفا

واصحب أخا مِقة حباً لسيده

وبالكرامات من مولاه محفوفا(٣)

أمسى دليل الهدى في الأرض منتشراً

وفي السماء جميل الحال معروفا

وينسب إليهعليه‌السلام : [البحر المتقارب]

أيا صاحب الذنب لا تقنطنّ

فإن الإله رؤوف رؤوفْ(٤)

ولا ترحلنّ بلا عُدّة

فإن الطريق مَخوف مَخوفْ

__________________________________________

(١) حصر: عجز في الكلام. مكنوفاً: محاطاً.

(٢) المعارج: المصاعد أو السلالم.

(٣) مقة: حب وغرام.

(٤) لا تقنطن: لا تيأسن.

١٥

قافية القاف

وقالعليه‌السلام : [البحر المتقارب]

رضيت بما قسم الله لي

وفوّضت أمري إلى خالقي(١)

كما أحسن الله فيما مضى

كذلك يُحسن فيما بقي

وينسب إليهعليه‌السلام :

ما تركت بدر لنا صديقا

ولا لنا من خلفنا طريقا

وينسب إليهعليه‌السلام :

أرى حرباً مُغيّبة وسِلماً

وعهداً ليس بالعهد الوثيقِ

أتاه رجل فقال أريد أن أبني مسجداً فقال: من حلالك؟ فسكت , ثم إنه مضى فبنى مسجداً فقالعليه‌السلام : [البحر الطويل]

سمعتك تبني مسجداً من خيانة

وأنت بحمد الله غير موفقِ

كمُطعمة الزهاد من كدّ فرجها

لها الويل لا تزن ولا تتصدقِ

١٦

قافية الكاف

روي أن علياًعليه‌السلام لما هاجر المدينة ومعه الفواطم جعل أبو واقد الليثيّ يسوق بالرواحل سوقاً عنيفاً فقال لهعليه‌السلام : ارفق بالنسوة فإنهن من الضعايف، قال أخاف أن يدركنا الطلب فقال أرجع عليك وجعلعليه‌السلام يسوق بهن سوقاً رفيقاً وهو يقول:

لا شيء إلا الله فارفع ظنّكا

يكفيك رب الناس ما أهمّكا

وحمل يوم بدر وزعزع الكتيبة وهو يقول:

لن آكل التمر بظهر مكة

من بعدها حتى تكون البِركهْ(١)

وينسب إليهعليه‌السلام : [البحر البسيط]

العجز عن درك الإدراك إدراك

والبحث عن سرّ ذات السرّ إشراكُ

وفي سرائر همّات الورى همم

عن دركها عجزت جنّ وأملاكُ(٢)

وينسب إليهعليه‌السلام : [مجزوء الكامل]

قومي إذا اشتبك القنا

جعلوا الصدور لها مسالكْ

اللاّبسون دروعهم

فوق الصدور لأجل ذلكْ

__________________________________________

(١) البركة: حوض الكوثر.

(٢) أملاك: الملائكة.

١٧

قافية اللام

وقالعليه‌السلام : [البحر الكامل]

ما اعتاض باذل وجهه بسؤاله

إن الكريم إذا حباك بموعد

وإذا السؤال مع النوال وزنته

رجح السؤال وخفّ كل نوالِ

واذا ابتليت ببذل وجهك سائلاً

فابذله للمتكرم المفضالِ

إن الكريم إذا حباك بموعد

أعطاكه سلساً بغير مِطالِ(١)

وينسب إليهعليه‌السلام : [البحر الطويل]

فإن تكن الدنيا تُعدّ نفيسة

فإن ثواب الله أعلى وأنبلُ(٢)

وإن تكن الأرزاق حظاً وقسمة

فقلّة حرص المرء في الكسب أجملُ

وإن تكن الأموال للترك جمعها

فما بال متروك به المرء يبخلُ

وإن تكن الأبدان للموت أنشئت

فقتل امرىء بالسيف في الله أفضلُ

وقالعليه‌السلام : [بحر الرجز]

خوّفني مُنجّم أخو خَبَل

تراجع المرّيخ في بيت الحَملْ(٣)

__________________________________________

(١) مطال: تأجيل وتسويف.

(٢) نفيسة: ثمينة.

(٣) الخبل: الجنون.

١٨

قافية الميم

ولهعليه‌السلام في الإحسان:

أرى الإحسان عند الحُرّ ديناً

وعند القِنّ منقصة وذمّاً(١)

كقطر صار في الأصداف درّاً

وفي شدق الأفاعي صار سُمّاً

وقالعليه‌السلام :

ليبك على الإسلام من كان باكياً

فقد تُركت أركانه ومعالمهْ

لقد ذهب الإسلام إلا بقيّة

قليل من الناس الذي هو لازمهْ

وينسب إليهعليه‌السلام :

كيفيّة المرء ليس المرء يُدركها

فكيف كيفيّة الجبار في القدمِ(٢)

هو الذي أنشأ الأشياء مُبتدعاً

فكيف يُدركه مُستحدث النسمِ(٣)

وينسب إليهعليه‌السلام : [البحر الكامل]

وإذا طلبت إلى كريم حاجة

فلقاؤك يكفيك والتسليمُ

وإذا رآك مُسلّماً ذكر الذي

حمّلته فكأنه ملزومُ

__________________________________________

(١) القن: العبد هو وأبواه.

(٢) كيفية المرء: حقيقته وأسرار وجوده.

(٣) مستحدث النسم: المخلوق حديثاً.

١٩

قافية النون

قالعليه‌السلام يوم بدر: [البحر الرجز]

قد عرف الحرب العوان أني

بازل عامين حديث سنِّ

سنحنح الليل كأني جنّي

أستقبل الحرب بكل فنِّ(١)

معي سلاحي ومعي مِجنّي

وصارم يُذهب كل ضِغنِ(٢)

أقصي به كل عدو عني

لمثل هذا ولدتني أمي(٣)

وقالعليه‌السلام :

سيف رسول الله في يميني

وفي يساري قاطع الوتينِ(٤)

فكل من بارزني يجيني

أضربه بالسيف عن قريني(٥)

محمد وعن سبيل الدين

هذا قليل من طِلاب العينِ

اليوم أبلو حسبي وديني

بصارم تحمله يميني

__________________________________________

(١) سنحنح: أي لا ينام الليل.

(٢) مجني: ترسي.

(٣) أقصي به: أبعد به.

(٤) الوتين: الشريان الأبهر في القلب.

(٥) يجيني: يأتيني.

٢٠

قولهعليه‌السلام : وان لم تكن تلك المعرفة التي من جهة الرؤية ايمانا لم تخل هذه المعرفة التي من جهة الاكتساب ان تزول « أ » ولا تزول في المعاد.

أقول: يعنى إذا تبين فساد اللازم الذي هو القول بعدم وجود مؤمن في الدنيا أصلا بالنص والإجماع والضرورة تبين فساد الملزوم الذي هو انحصار الايمان في المعرفة الضرورية فثبت ان المعرفة الكسبية ايمان ويلزم زوالها في الآخرة واليه أشار بقولهعليه‌السلام لم تخل هذه المعرفة ان تزول اى لم تخل من حكم الزوال اى لا بد من زوالها.

وبعض الأصحاب قال: ان النقطة زائدة من النساخ لتقدم مثل هذا اللفظ وهو هناك بالمعجمة قطعا فتوهم انه هنا كذلك وانما هو بالمهملة وتشديد اللام والمعنى لم يجز أو لم يحل اعتقاد ان تزول بل تبقى « انتهى » وفيه بعد وعلى ما قلناه معناه صحيح.

والحاصل ان المراد انه لا بد من زوال المعرفة الكسبية عند حصول المعرفة الضرورية لاستحالة اجتماع الضدين في محل واحد والا لزم أن يكون في القلب معرفة ضرورية وكسبية فيجوز اجتماع ظنين مختلفين أو يقينين كذلك أو ظن ويقين بشي‌ء واحد من غير ان يزيل أحدهما الأخر أو اتصاف الظن أو اليقين بضعف وشدة باعتبار معلوم واحد أو مظنون واحد وكل ذلك محال فعلم من ذلك انه يجب زوال المعرفة الكسبية في الآخرة إذا حصلت المعرفة اليقينية فيلزم عدم وجود مؤمن في الآخرة.

وأيضا فقد ثبت ان الايمان في الدنيا مشروط باعتقاد ان الله لا يرى فان زال ذلك في المعاد لزم المحال لان الله واحد لا يتغير حاله ولا يتبدل حكم رؤيته في الدنيا والآخرة فالأيمان بأنه لا يرى لا يجوز تغيره في المعاد لأن العلة في عدم رؤيته واحدة في الحالين وإذا قلنا ان الايمان هو المعرفة الكسبية المشروطة بعدم الرؤية فلا شك ان الضرورية ضدها ومع قطع النظر عن التضاد اما ان يفيد الرؤية المعرفة فيلزم

٢١

تحصيل الحاصل أولا فيلزم ان يكون الكسب أقوى من الرؤية حيث يحصل به الايمان دونها وهو معلوم البطلان وليس الخبر كالعيان.

وقوله: ولا يزول في كتاب التوحيد للصدوقرحمه‌الله ولن تزول(١) وهو أبلغ لدلالته على التأبيد على قول أكثر النحويين ولا يخفى ان عدم الزوال مسبب عن عدم إمكان الرؤية بقوله لم تخل تلك المعرفة ان تزول والله اعلم.

قولهعليه‌السلام فهذا دليل على ان الله تعالى لا يرى بالعين إذا العين تؤدى الى ما وصفناه.

أقول: هنا تقدير مضاف أي إذ رؤية العين بل لا بد من تقدير جملة من المضافات كما في قوله تعالى: حكاية عن السامري( فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِنْ أَثَرِ الرَّسُولِ ) (٢) حيث قدّروه من اثر حافر فرس الرسول، وهنا ذات العين لا تؤدى الى هذه المفاسد بل تقديره إذ جواز رؤية العين واعتقاد جواز رؤية العين تؤدى الى ما وصفناه اى لوازم فاسدة يدل فسادها على فساد ملزوماتها وهي ان لا يكون في الدنيا مؤمن أولا يكون في الآخرة مؤمن أو تحصيل الحاصل أو اجتماع الضدين في محل واحد أو اجتماعهما في حكم واحد عند أصحاب القياس أو عدم تضاد الضرورة والكسب والظن واليقين أو اليقينين المتفاوتين أو الظنين كذلك وكل ذلك محال وبعض هذه اللوازم مصرح بها والباقي يفهم مما تقدم تقريره والله اعلم.

__________________

(١) وفي المطبوعة من نسخ التوحيد عندنا أولا تزول مكان ولن تزول.

(٢) طه: ٩٦.

٢٢

فائدة (٤)

في توضيح حديث أحمد بن إسحاق في باب الرؤية أيضا من الكافي قولهعليه‌السلام لا تجوز الرؤية ما لم يكن بين الرائي والمرئي هواء ينفذه البصر(١) .

أقول: لا يخفى ان من أعجب حواس الحيوانات البصر وقد تحير العقلاء والعلماء في وجه إدراكه الأشياء هل هو بخروج الشعاع من العين واتصاله بالمرئى فيلزم الحركة والانتقال على العرض، أو خروج جوهر من العين مع صغرها فيتصل بنصف كرة العالم ونحوها وكلاهما محال أم هو بانطباع صورة المرئي في العين فيلزم انطباع العظيم في الصغير مع بقاء كل منهما على حاله وهو محال أم بقوة خلقها الله للنفس تدرك المرئي عند حصول الشرائط ولعله أقرب فإن فيه الاعتراف بالعجز عن الإحاطة بكنه الأسرار الإلهية والإقرار بالقصور عن ادراك غايات الحكم الربانية، والشرائط عشرة، سلامة الحاسة وكثافة المبصر وعدم القرب والبعد المفرطين والمقابلة أو حكمها ووقوع الضوء على المرئي وكونه غير مفرط وعدم الحجاب والتعمد للابصار وتوسط الشفاف. وعند اجتماعها تجب الرؤية والمخالف مكابر لا يلتفت الى خلافه وما قلناه مع كونه من القطعيات البديهية يدل عليه أحاديث رؤية الهلال وغيرها.

ثم لا يخفى ان أكثر هذه الشرائط بل كلها يستفاد من كلام الامامعليه‌السلام

__________________

(١) ج ١ ص ٩٧

٢٣

مع اختصاره وبلاغته فان نفوذ البصر مع اختلال شرط منها محال أو ليس بلازم

قولهعليه‌السلام فيه: فاذا انقطع الهواء عن الرائي والمرئي لم تصح الرؤية.

أقول: هذا يتحقق مع فقد كل واحد من الشرائط السابقة ولو بالتأمل والعناية على ان تحققه مع فقد البعض كاف في ثبوت أصل المطلب وما يترتب عليه إثباتا ونفيا أو المراد الهواء المعهود أي الذي ينفذه البصر فاللام للعهد الذكرى وكونه للجنسية ممكن لأنه عبر ثانيا بانقطاعه لا بعد منه كما اعتبر في الأول وجوده فتغيير الأسلوب قرينة على ذلك ومع اختلال اى شرط كان ينقطع الهواء عن الرائي من حيث كونه رائيا أو مطلقا أو عن المرئي كذلك أو عنهما فلا تصح الرؤية.

قولهعليه‌السلام : وكان في ذلك الاشتباه.

أقول: يحتمل معنيين أحدهما: أن يراد وكان في ذلك اشتباه المرئي على الرائي اى كان في انقطاع الهواء عدم الرؤية وبقاء المرئي على اشتباهه فلا تصح الرؤية ولا تتضح حاله للرائى بها وهذا الوجه قريب يناسب ما قبله دون ما بعده.

وثانيهما: ان يراد وكان في ذلك اى الحكم المذكور وحصول الرؤية مع الشروط وعدمها مع عدمها الاشتباه بين الرائي والمرئي في الشرائط المعتبرة بينهما والأوصاف الموجودة فيهما المجوزة لكون كل واحد منهما رائيا للآخر من المقابلة وكون كل منهما في جهة وكونه جسما مركبا ومغايرته لبصره واحتياجه إلى الشرائط وافتقاره الى آلة يبصر بها وغير ذلك مما يمتنع نسبته الى الله سبحانه وتعالى عن ذلك علوا كبيرا وهذا الوجه يناسب ما بعده من التعليل الاتى.

قولهعليه‌السلام فيه: لأن الرائي متى ساوي المرئي في السبب الموجب بينهما في الرؤية وجب الاشتباه وكان في ذلك التشبيه.

أقول: لا يخفى ان المساواة في الأسباب والشرائط يلزم منها الاشتباه في الأوصاف وان لم يلزم منها المساواة في كل وجه فيلزم هنا كون الله في مكان

٢٤

وكونه مقابلا أو حكمه الى غير ذلك من الأشياء المذكورة سابقا وغيرها من الأشياء المقتضية لكونه تعالى مرئيا وما يترتب على ذلك وما يستلزمه فيلزم مشابهته تعالى لخلقه فيما يوجب نسبة النقص والاحتياج اليه المستلزمين للإمكان والحدوث المنافيين للوجوب والقدم وهذه كلها مفاسد معلومة البطلان فيلزم بطلان ملزومها الذي هو الرؤية لما علم من الأدلة القطعية على بطلان المشابهة المذكورة.

قولهعليه‌السلام فيه: لأن الأسباب لا بد من اتصالها بالمسببات.

أقول: يعنى انه لا بد من حصول الشروط واتصالها بالمشروط بها في الوجود فلو لم يكن بينهما اتصال بان كان أحد الشرائط معدوما أو الجميع لم يمكن كون المشروط موجودا ويمكن ان يراد بالأسباب العلل التامة وان مسبباتها اعنى معلولاتها لا تنفك عنها اى لا توجد بدون وجودها ولا يتأخر وجود أحدهما عن الأخر كما اشتهر بينهم وفيه ما فيه وكلا الوجهين يناسب خصوص المقام.

إذا عرفت هذا فهنا فائدة تترتب على بعض ما تقدم وهي ان المرئي في حال حكم المقابلة كما يرى الشي‌ء في المرآت هل هو عين المرئي أم شبح آخر يغايره وان شابهه يبنى ذلك على الخلاف السابق في حصول الرؤية ويفهم من كلام بعضهم ان الصورة المرئية في المرآت ليست عين المرئي ولا غيره وهو غير معلوم(١) ثم ان الذي يترجح ويظهر مما تقدم انها عين المرئي وكذلك ما رواه الكليني(٢) في آخر باب الرؤية عن هشام بن الحكم في جملة كلام ان البصر إذا لم يجد له منفذا لرجع راجعا فحكى ما رواه كالناظر في المرآة فتدبر ويتفرع على ذلك ما لو رأى صورة المرآة في المرآة إذا قابلتها ببعض أعضائها التي تحرم رؤيتها في غير هذه الصورة وكذا إذا قابلت الماء الصافي أو نحوهما هل تكون تلك الرؤية محرمة أم لا وكذا حيث يكون النظر ينشر الحرمة هل يحكم بان مثل هذه الرؤية ينشر الحرمة أم لا.

__________________

(١) وهو غير معقول - خ ل

(٢) ج ١ ص ٩٩ ح ١٢.

٢٥