بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة الجزء ١٣

بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة0%

بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة مؤلف:
تصنيف: أمير المؤمنين عليه السلام
الصفحات: 617

بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة

مؤلف: الشيخ محمد تقي التّستري
تصنيف:

الصفحات: 617
المشاهدات: 171885
تحميل: 5290


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5 الجزء 6 الجزء 7 الجزء 8 الجزء 9 الجزء 10 الجزء 11 الجزء 12 الجزء 13 الجزء 14
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 617 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 171885 / تحميل: 5290
الحجم الحجم الحجم
بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة

بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة الجزء 13

مؤلف:
العربية

بإسحاق نبيا من الصالحين و باركنا عليه و على إسحاق ١ و الآية تصريح في كون الذبيح إسماعيل ، و ان اختلفت روايات العامة و الخاصة في كونه إسماعيل أو إسحاق و المعول على الآية كما انّه تعالى أجزل عطاء إسماعيل بجعل نبيّناصلى‌الله‌عليه‌وآله و المعصومين من عترته و هم أشرف الأولين و الآخرين من ذريته .

« أ لا ترون ان اللّه سبحانه اختبر الأولين من لدن آدم صلوات اللّه عليه » و في ( الكافي ) عن الصادقعليه‌السلام لمّا أفاض آدم من منى تلقته الملائكة و قالوا له : إنّا حججنا هذا البيت قبلك بألفي عام .

« إلى الآخرين من هذا العالم بأحجار لا تضرّ و لا تنفع » لكونها جمادات .

« و لا تسمع و لا تبصر » هكذا في ( المصرية ) و الصواب : ( و لا تبصر و لا تسمع ) كما في ( ابن أبي الحديد و ابن ميثم ) و بشهادة القرينة .

روى توحيد الصدوق ، ان ابن أبي العوجاء قدم مكة انكارا على من يحج ، و كان العلماء يكرهون مجالسته لخبث لسانه و فساد ضميره فجاء إلى أبي عبد اللّهعليه‌السلام في جماعة من نظرائه و قال له : ( إلى كم تدوسون بهذا البيدر ،

و تلوذون بهذا الحجر ، و تعبدون هذا البيت المرفوع بالطوب و المدر ،

و تهرولون هرولة البعير إذا نفر ، ان من فكّر في هذا الأمر و قدر ، علم ان هذا أسسه غير ذي نظر ، فقل فانك رأس هذا الأمر و سنامه ، و أبوك أسه و نظامه .

فقالعليه‌السلام : ان من أضلّه اللّه و أعمى قلبه ، استوخم الحق فلم يعذبه ،

و صار الشيطان وليّه يورده مناهل الهلكة ثم لا يصدره ، و هذا بيت استعبد اللّه به خلقه ليختبر طاعتهم في اتيانه ، فحثّهم على تعظيمه و زيارته ، و جعله محلّ أنبيائه ، و قبلة للمصلين له فهو شعبة من رضوانه ، و طريق يؤدي إلى غفرانه ،

____________________

( ١ ) الصافات : ١١١ ١١٣ .

١٢١

منصوب على استواء الكمال ، و مجتمع العظمة و الجلال ، خلقه اللّه بألفي عام قبل دحو الأرض ، و أحق من أطيع فيما أمر و زجر اللّه المنشى‏ء للأرواح و الصور فقال : ذكرت فأحلت على غائب فقالعليه‌السلام : ويلك كيف يكون غائبا من هو مع خلقه شاهد ، و إليهم أقرب من حبل الوريد ، يسمع كلامهم و يرى اشخاصهم ،

و يعلم أسرارهم ، و انما يغيب المخلوق الذي إذا انتقل عن مكان اشتغل به مكان ، و خلا من مكان ، فلا يدري في المكان الذي صار إليه ما حدث في المكان الذي كان فيه فقال ابن أبي العوجاء لأصحابه من القاني في بحر هذا سألتكم أن تلتمسوا لي خمره فألقيتموني على جمرة قالوا ما كنت في مجلسه إلاّ حقيرا ، قال انّه ابن من حلق رؤوس من ترون .

« فجعلها » أي : تلك الأحجار التي في ذاك الموضع .

« بيته الحرام جعله للناس قياما » واضح ان الأصل في كلامهعليه‌السلام قوله تعالى :جعل اللّه الكعبة البيت الحرام قياماً للناس . .١ .

اما كونه حراما ففي ( الكافي ) عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله في فتح مكة ان اللّه حرّم مكة يوم خلق السماوات و الأرض و هي حرام إلى أن تقوم الساعة لم يحلّ لأحد قبلي و لا تحل لأحد بعدي و لم تحل لي إلاّ ساعة من نهار .

و اما كونه قياما للناس ، ففي ( تفسير القمي ) : قالوا ما دامت الكعبة قائمة و يحجّوا الناس إليها لم يهلكوا فإذا هدمت و تركوا الحجّ هلكوا .

« ثم جعله باوعر » أي : أغلظ .

« بقاع الأرض حجرا و أقل نتائق » جمع نتيقة و في النهاية النتق الرمي ، يقال للمرأة الكثيرة الولد ناتق لأنّها ترمي بالأولاد رميا و النتق الرفع و منه حديث عليعليه‌السلام « البيت المعمور نتاق الكعبة من فوقها » أي هو مظلّ عليها في

____________________

( ١ ) المائدة : ٩٧ .

١٢٢

السماء ، و منه حديثه الآخر في صفة مكة « و الكعبة أقلّ نتائق الدنيا مدرا » و الأصل فيه ان يقلع الشي‏ء من مكانه فترفعه لترمى به ، و أراد بها ههنا البلاد لرفع بنائها و شهرتها في موضعها .

« الأرض » هكذا في ( المصرية ) و الصواب : ( الدنيا ) كما في ( ابن أبي الحديد و ابن ميثم و الخطّية ) و كما عرفته من النهاية و لأنّه ذكرت ( الأرض ) قبله و البلاغة لا يجوز تكرارها .

« مدرأ » أي : الطين المتماسك لا يخرج منه الماء .

« و أضيق بطون الأودية » جمع الوادي النهر .

« قطرا » أي : ناحية و جانبا و في رواية ( الكافي ) ( و أضيق بطون الأودية معاشا و أغلظ محال المسلمين مياها ) و كيف كان هو ناظر إلى قوله تعالى حكاية عن إبراهيمعليه‌السلام ربنا اني أسكنت من ذريتي بوادٍ غير ذي زرع عِنْدَ بيتك المحرم . .١ .

« بين جبال خشنة و رمال دمثه » أي : ليّنة يغور الماشي فيها .

« و عيون وشلة » أي : قليلة الماء و في المثل ( وهل بالرمل أوشال ) .

« و قرى منقطعة » بينها فواصل كثيرة .

« لا يزكو » أي : لا يتنعم .

« بها خف » أي : الابل .

« و لا حافر » أي : الخيل .

« و لا ظلف » أي : البقرة و الشاة و الظبي .

« ثم أمر آدم و ولده أن يثنوا » أي : يعطفوا .

« اعطافهم » أي : جوانبهم .

____________________

( ١ ) ابراهيم : ٣٧ .

١٢٣

« نحوه » في ( الكافي ) عن أبي جعفرعليه‌السلام صلّى في مسجد الخيف سبعمائة نبي و ان بين الركن و المقام لمشحون من قبور الأنبياء و ان آدم لفي حرم اللّه عزّ و جلّ .

و عن أبي الحسنعليه‌السلام ان سفينة نوح كانت مأمورة طافت بالبيت حيث غرقت الأرض ثم أتت منى في أيامها ثم رجعت السفينة و كانت مأمورة فطافت بالبيت طواف النساء .

و عن أبي جعفرعليه‌السلام حجّ موسىعليه‌السلام و معه سبعون نبيّا من بني إسرائيل ، و خطم ابلهم من ليف يلبون و يجيبهم الجبال و على موسى عباءتان قطوانيتان يقول لبيك عبدك ابن عبدك .

و عنهعليه‌السلام ان سليمان حجّ البيت في الجن و الانس و الطير و الرياح و كسا البيت القباطي و عن الصادقعليه‌السلام ان حيال الميزاب مصلّى شبّر و شبير إبني هارون .

و قال تعالى : .و عهدنا إلى إبراهيم و إسماعيل ان طهرا بيتي للطائفين و العاكفين و الركع السجود ١ .

« فصار مثابة » أي : مرجعا و يقال للمنزل مثابة لأن أهله يتصرفون في أمورهم ثم يرجعون إليه قال تعالى :و إذ جعلنا البيت مثابة للناس و أمنا ٢ .

« لمنتجع » في الصحاح النجعة طلب الكلا ، و المنتجع المنزل في طلب الكلا .

« أسفارهم و غاية » أي : نهاية .

« لملقى » أي : لمحل القاء .

____________________

( ١ ) البقرة : ١٢٥ .

( ٢ ) البقرة : ١٢٥ .

١٢٤

« رحالهم » قال تعالى لإبراهيم :و اذن في الناس بالحجّ يأتوك رجالا و على كلّ ضامرٍ يأتين من كلّ فج عميق ليشهدوا منافع لهم .١ و في الصحاح الرحل مسكن الرجل و ما يستصحبه من الأثاث و رحل البعير أصغر من القتب ، و قالوا في القذف : ( يا ابن ملقى ارحل الركبان ) .

« تهوى إليه ثمار الأفئدة » الأصل فيه قوله تعالى حكاية عن إبراهيمعليه‌السلام في الدعاء لذريّته : .فاَجْعَلْ أفئدة من الناس تهوى إليهم .٢ .

و المراد بثمار الأفئدة موداتهم قال الكميت :

خلائق انزلتك بقاع مجد

و أعطتك الثمار بها القلوب

و قال ابن مقبل :

لفتاة جعفى ليالي تجتني

ثمر القلوب بجيد آدم خاذل

و في حديث المبايعة ( فأعطاه صفقة يده و ثمرة قلبه ) و في خبر موت الولد يقول تعالى لملائكته قبضتم ثمرة فؤاده .

« من مفاوز » جمع المفاوزة الصحراء الموحش و اختلف ابن الأعرابي و الأصمعي في وجه التسمية قال الأول : المفازة من ( فوز ) أي هلك و قال الثاني من ( الفوز ) تفؤلا بالسلامة .

« قفار » جمع القفر ما لا نبات فيه و لا ماء .

« سحيقة » أي : بعيدة .

« و مهاوي » جمع المهوى و المهواة ما بين الجبلين .

« فجاج » جمع الفج الطريق الواسع بين الجبلين .

« عميقة » واضح ان الأصل في كلامهعليه‌السلام قوله تعالى : .يأتين من كلّ

____________________

( ١ ) الحج : ٢٧ ٢٨ .

( ٢ ) ابراهيم : ٣٧ .

١٢٥

فج عميق ١ .

« و جزائر بحار منقطعة » قال الجوهري : الجزيرة واحدة جزائر البحر سميّت بذلك لانقطاعها عن معظم الأرض .

« حتى يهزوا مناكبهم ذللا » في ( الكافي ) عن الصادقعليه‌السلام إذا مررت بوادي محسر واد عظيم بين جمع و منى و إلى منى أقرب فاسع فيه حتى تجاوزه فان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله حرّك ناقته و قال : اللّهم سلم لي عهدي و اقبل توبتي و أجب دعوتي و اخلفني في من تركت بعدي و روي عن عمر بن يزيد قال : الرمل في وادي محسر قدر مائة ذراع .

و روي عن سماعة ، قال : سألته عن السعي بين الصفا و المروة ، قال : إذا انتهيت إلى الدار التي على يمينك عند أوّل الوادي فاسع حتى تنتهي إلى أوّل زقاق عن يمينك بعد ما تجاوز الوادي إلى المروة ، فإذا انتهيت إليه فكفّ عن السعي و امش مشيا ، و إذا جئت من عند المروة فأبدأ من عند الزقاق الذي و صفت لك ، فاذا انتهيت إلى الباب الذي قبل الصفا بعد ما تجاوز الوادي فاكفف عن السعي و امش مشيا و ليس على النساء سعي .

و روى ( الصدوق ) ، ان من سها عن السعي يرجع القهقري إلى المكان الذي يجب فيه السعي و انّه ليس على النساء هرولة و روى الشيخ ان الراكب ليس عليه سعي و لكن ليسرع شيئا .

« يهللون » هكذا في ( المصرية ) و كذا ( ابن أبي الحديد ) و قال : و في رواية ( يهلون ) ( و ابن ميثم ) اقتصر على ( يهلون ) و نسخته بخط المصنف ، فلا بد أن النهج كان كذلك و هو الأصح فهلل أي قال : « لا إله إلاّ اللّه » و انما ههنا ( يهلّون ) بالضم من ( أهلّ المحرم ) إذا رفع صوته أي بالتلبية ، قال ابن أحمر :

____________________

( ١ ) الحج : ٢٧ .

١٢٦

يهلّ بالفرقد ركبانها

كما يهلّ الراكب المعتمر

و قال تعالى : .و ما أهل به لغير اللّه .١ .

« للّه حوله » و المراد في اهلال الحج .

« و يرملون » بالفتح .

« على أقدامهم » و المراد الهرولة بين الصفا و المروة على ما مر .

« شعثا » أي : منتشري الشعر و متغيريه لبعد تعهده و لا يجوز للمحرم حلق شعره .

« غبرا » في ألبستهم و أبدانهم و يقال للشي‏ء المندرس أغبر لوقوع الغبار عليه قال :

فأنزلهم دار الضياع فأصبحوا

على مقعد من موطن العزّ أغبر

و ( شعث ) و ( غبر ) جمع ( أشعث ) و ( أغبر ) .

« له » أي : للّه تعالى .

« قد نبذوا » أي : طرحوا .

« السرابيل » أي : الألبسة .

« وراء ظهورهم » لأن المحرم لا يجوز له لبس المخيط و يقتصر على ازار و رداء .

هذا ، و كانت سيرة الجاهلية ان من طاف منهم في ثيابه ، كان واجبا عليه التصدّق به فكان بعضهم يستعير ثوبا للطواف لئلا يجب عليه التصدّق به و إذا لم يجد عارية و كرى و كان ثوبه منحصرا يطوف عريانا ، فجاءت امرأة جميلة فطلبت عارية و كرى فلم تجده و لم يكن لها لباس غير ما عليها فطافت عريانة و أشرف لها الناس فوضعت احدى يديها على قبلها و الأخرى على دبرها

____________________

( ١ ) البقرة : ١٧٣ .

١٢٧

و قالت :

اليوم يبدو بعضه أو كلّه

فما بدا منه فلا أحله

فلمّا فرغت خطبها جماعة ، فقالت ان لي زوجا .

« و شوّهوا » أي : قبحوا .

« باعفاء » أي : اكثار .

« الشعور محاسن خلقهم » و في الخبر اعف شعرك للحجّ إذا رأيت هلال ذي القعدة و للعمرة شهرا .

« ابتلاء » هو و الثلاثة المعطوفة عليها مفاعيل لها لقوله ( ثم أمر آدم و ولده ) .

« عظيما و امتحانا شديدا و اختبارا مبينا و تمحيصا » من ( محصت الذهب بالنار ) إذا خلصته ممّا يشوبه .

« بليغا » أي : بالغ الكمال .

« جعله اللّه سببا لرحمته و وصلة إلى جنته » في ( الكافي ) عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله الحجّ ثوابه الجنّة و العمرة كفّارة لكلّ ذنب .

و عن الصادقعليه‌السلام الحاجّ و المعتمر و فد اللّه ان سألوه أعطاهم ، و ان دعوه أجابهم ، و ان شفعوا شفعهم ، و ان سكتوا ابتدأهم ، و يعوضون بالدرهم ألف درهم .

« و لو أراد سبحانه » و في ( ابن ميثم ) ( و لو أراد اللّه سبحانه ) .

« ان يجعل بيته الحرام و مشاعره العظام » في الصحاح المشاعر مواضع المناسك و المشعر الحرام أحد المشاعر .

« بين جنات و أنهار و سهل » نقيض الحزن و الجبل .

« و قرار » أي : المستقر من الأرض .

١٢٨

« جمّ » أي : كثير .

« الأشجار داني الثمار » لكثرتها .

« ملتف البنا » هكذا في النهج ، و لكن في ( الكافي ) ( ملتف النبات ) و هو أصحّ فيكون في معنى قوله :و جنات الفافا ١ .

« متصل القوى » هكذا في ( المصرية ) ، و الصواب : ( القرى ) كما في ( ابن أبي الحديد و ابن ميثم و الخطّية ) و حينئذ فمتصل القرى هنا في قبال قوله قبل ( و قرى منقطعة ) .

« بين برة » بالضم القمح و هو الحنطة .

« سمراء » لون الحنطة .

« و روضة خضراء » قال الجوهري : الروضة من البقل و العشب .

« و أرياف » أي : اراض فيها خصب .

« محدقة » أي : محيطة لا ذات حدائق كما قال الخوئي فلا يشتق من الحديقة و انما زادت رواية ( الكافي ) بعد ( و طرق عامرة ) ( و حدائق كثيرة ) .

« و عراص » جمع العرصة كل بقعة بين الدور واسعة ليس فيها شي‏ء من بناء .

« مغدقة » أي : كثيرة الماء و الندى و النبت .

« و رياض » هكذا في ( المصرية ) ، و الصواب : ( و زروع ) كما في ( ابن أبي الحديد و ابن ميثم و الخطّية ) ، و كما في الكافي .

« ناضرة » ذات رونق .

« و طرق عامرة » أي : معمورة مثل ( ماء دافق ) و ( عيشة راضية ) قال الجوهري : ( عمرت الخراب فهو عامر و معمور ) .

____________________

( ١ ) النبأ : ١٦ .

١٢٩

« لكان قد صغر قدر الجزاء على حسب ضعف البلاء » و في ( الكافي ) ( قد صغر الجزاء ) بدون ( قدر ) .

و صدقعليه‌السلام فان الجزاء يختلف بحسب كمية العمل و كيفيته و بحسب أهميته ، و لذا كانت ضربتهعليه‌السلام يوم الخندق أفضل من عبادة الثقلين كما ان بيعتهم يوم السقيفة أعظم و زرا من أوزار الثقلين .

« و لو كان » هكذا في ( المصرية ) و الصواب : ( و لو كانت ) كما في ( ابن أبي الحديد و ابن ميثم و الخطيّة ) و كذا ( الكافي ) .

« الأساس » اما بالكسر جمع الاس ، مثل عس و عساس و اما بالمد جمع الأسس مثل سبب و أسباب ، و ليس بالفتح فيكون مفردا بشهادة ( كانت ) و ( عليها ) و لعطف ( الأحجار ) عليها .

« المحمول عليها و الأحجار المرفوع بها » قال ابن أبي الحديد يجوز أن يكون نائب الفاعل في ( المحمول ) و ( المرفوع ) ضمير البيت و يجوز أن يكون النائب ( عليها ) و ( بها ) قلت بل يتعيّن أن يكون النائب الضمير لأن المعنى حمل البيت على الأساس و رفع البيت بالأحجار و ليس مثل ( زيد ممرور به ) في كون ( به ) نائبا لأنّه لا يقال ( ممرور زيد ) .

« بين زمردة خضراء و ياقوته حمراء و نور و ضياء » في ( المعجم ) ( كوكبان ) جبل قرب صنعاء و إليه ينسب ( قصر كوكبان ) قيل سمّى ( كوكبان ) لأن قصره كان مبنيا بالفضة و الحجارة ، و داخله بالياقوت و الجوهر و كان ذلك الدّر و الجوهر يلمع بالليل كما يلمع الكوكب .

« لخفف ذلك مسارعة » هكذا في ( المصرية ) ، و الصواب : ( مصارعة ) كما في ( ابن أبي الحديد و ابن ميثم ) و في ( الكافي ) و لكن قال ابن أبي الحديد و روى ( مضارعة ) و معناه مقارنة الشك و دنوه من النفس و أصله من ( مضارعة

١٣٠

القدر ) إذا حان إدراكها ، و من مضارعة الشمس إذا دنت للمغيب و قال الراوندي : أي مماثلة الشك و مشابهته ، و هذا بعيد لأنّه لا معنى للمماثلة و المشابهة هنا و الرواية الصحيحة بالمهملة .

قلت : و كما لا معنى للمشابهة هنا كما قاله الراوندي لا صحّة لمّا قاله ابن أبي الحديد نفسه من كونه من ( مضارعة القدر ) و من ( مضارعة الشمس ) فلم يستعمل ما قاله و انما يقال ( تضريع القدر ) و ( تضريع الشمس ) قال الجوهري :

( و تضريع الشمس دنوها للغروب ، و يقال أيضا ( ضرعت القدر ) أي حان ان تدرك و المضارعة المشابهة ) و حينئذ فالصواب ان يقال بسقوط تلك الرواية لعدم معنى له و منه يظهر خطأ الخوئي في قوله و في بعض الروايات مضارعة بالمعجمة أي المقاربة .

« الشك في الصدور و لوضع مجاهدة إبليس » الذي يوسوس في الصدور .

« عن القلوب ، و لنفي معتلج » من ( اعتلجت الأمواج ) التطمت .

« الريب » أي : الشك .

« من الناس » .

في ( طبقات كاتب الواقدي ) و ( تاريخ الطبري ) في قصة أصحاب الفيل ان ابرهة رأى الناس يتجهزون أيام الموسم للحجّ إلى بيت اللّه ، فسأل أين يذهب الناس ؟ فقالوا : إلى بيت اللّه بمكة ، قال ممّا هو ؟ قالوا : من حجارة قال :

و ما كسوته ؟ قالوا : ما يأتي من ههنا الوصائل ، قال : و المسيح لأبنينّ لكم خيرا منه فبنى لهم بيتا عمله بالرخام الأبيض و الأحمر و الأصفر و الأسود و حلاّه بالذهب و الفضة ، و حفّه بالجوهر و جعل له أبوابا عليها صفائح الذهب ،

و مسامير الذهب ، و فصل بينهما بالجوهر ، و جعل فيها ياقوتة حمراء عظيمة ،

و جعل له حجابا ، و كان يوقد فيه بالمندني و يلطخ جدرانه بالمسك فيسود

١٣١

حتى يغيب الجوهر و أمر الناس فحجّوه فحجّه كثير من قبائل العرب سنين و مكث فيه رجال يتعبدون و يتألهون و نسكوا له .

و كان نفيل الخثعمي يورض له ما يكره فأمهل ، فلمّا كان ليلة من الليالي لم ير أحدا يتحرّك فقام فجاء بعذرة فلطّخ بها قبلته ، و جمع جيفا فألقاها فيه فأخبر ابرهة بذلك فغضب غضبا شديدا ، و قال انما فعلت العرب هذا غضبا لبيتهم لأنقضنه حجرا حجرا الخ .

« و لكن اللّه يختبر » أي : يمتحن .

« عباده بأنواع الشدائد » اختبر تعالى مسلمي مكة بالصلاة إلى بيت المقدس و اختبر عز و جل مسلمي المدينة بالصلاة إلى الكعبة على خلاف هواهم .

« و يتعبدهم بأنواع المجاهد » تعبد تعالى عباده بعد حجّ بيته بزيارة نبيهصلى‌الله‌عليه‌وآله و زيارة المعصومين من عترته تكملة للحجّ ليميّز بين المتعبّد و المتمرد و في ( كامل المبرد ) ، و ممّا كفرت الفقهاء به الحجاج قوله و الناس يطوفون بقبر النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله انما يطوفون بأعواد و رمة .

« و يبتليهم بضروب » أي : اقسام .

« المكاره » قال تعالى :و إذ قال موسى لقومه يا قوم انكم ظلمتم أنفسكم باتخاذكم العجل فتوبوا إلى بارئكم فاقتلوا أنفسكم ذلكم خير لكم عند بارئكم .١ فلمّا فصل طالوت بالجنود قال ان اللّه مبتليكم بنهر فمن شرب منه فليس مني و من لم يطعمه فانّه مني إلاّ من اغترف غرفة بيده فشربوا منه إلاّ قليلا منهم .٢ .

____________________

( ١ ) البقرة : ٥٤ .

( ٢ ) البقرة : ٢٤٩ .

١٣٢

« اخراجا للتكبّر من قلوبهم » و هو دليل على كون التكبر في نهاية المنفورية عند الشارع .

« و اسكانا للتذلل » أي : التواضع .

« في نفوسهم » و هو دليل على كون التواضع في غاية المحبوبية عنده .

« و ليجعل » عطف على ( اخراجا ) و عطف الفعل على شبهه و بالعكس كثير .

« ذلك » أي : الاختبار ، بأنواع الشدائد و ما عطف عليه .

« أبوابا فتحا إلى فضله » و في ( الكافي ) ( أبوابا إلى فضله ) .

« و أسبابا ذللا لعفوه » زاد في ( الكافي ) ( و فتنه كما قال تعالى :آلم أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا و هم لا يفتنون و لقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمنّ اللّه الذين صدقوا و ليعلمنّ الكاذبين ١ .

« فاللّه اللّه في عاجل البغي » روى ( عقاب الأعمال ) عن أبي جعفرعليه‌السلام قال في كتاب عليعليه‌السلام : ثلاث خصال لا يموت صاحبها أبدا حتى يرى و بالهن :

البغي ، و قطيعة الرحم ، و اليمين الكاذبة يبادر اللّه بها .

و في ( الكافي ) عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ان أعجل الشرّ عقوبة البغي و عن أمير المؤمنينعليه‌السلام أيها الناس ان البغي يقود أصحابه إلى النار و ان أوّل من بغى على اللّه تعالى عناق بنت آدم ، و أول قتيل قتله اللّه عناق و كان مجلسها جريب في جريب و كان لها عشرون اصبعا في كلّ اصبع ظفران مثل المنجلين فسلط اللّه عليها أسدا كالفيل و ذئبا كالبعير و نسرا مثل البغل فقتلتها ، و قد قتل اللّه تعالى الجبابرة على أفضل أحوالهم و آمن ما كانوا .

و عنهعليه‌السلام يقول إبليس لجنوده : القوا بينهم الحسد و البغي ، فانما

____________________

( ١ ) العنكبوت : ١ ٣ .

١٣٣

يعدلان عند اللَّه تعالى الشرك و كان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله يتعوّذ كلّ يوم من ست خصال : من الشك و الشرك ، و الحمية ، و الغضب ، و البغي و الحسد .

« و آجل وخامة الظلم »فتلك بيوتهم خاوية بما ظلموا .١ فقطع دابر القوم الذين ظلموا .٢ . و سيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون .

« و سوء عاقبة الكبر » في ( الخصال ) عن الصادقعليه‌السلام قال الحواريون لعيسىعليه‌السلام يا معلم الخير أعلمنا أي الأشياء أشدّ ؟ فقال : غضب اللَّه تعالى قالوا بم نتقيه ؟ قال : بأن لا تغضبوا قالوا و ما بدء الغضب ؟ قال : الكبر و التجبر و محقرة الناس .

و عنهعليه‌السلام أصول الكفر ثلاثة : الحرص و الاستكبار و الحسد اما الاستكبار فابليس أمر بالسجود فأبى الخبر .

« فانها مصيدة إبليس العظمى و مكيدته الكبرى » في ( الخصال ) عن الصادقعليه‌السلام قال ابليس لجنوده : إذا استمكنت من ابن آدم في ثلاث لم ابال ما عمل فانّه غير مقبول منه إذا استكثر عمله و نسى ذنبه ، و دخله العجب .

هذا ، و في ( كامل ) المبرد قال الأصمعي : سمعت اعرابيا يقول لآخر :

أترى هذه العجم تنكح نسائنا في الجنّة ، قال : أرى ذلك و اللَّه بالأعمال الصالحة ،

قال توطأ و اللَّه رقابنا قبل ذلك و يروى ان ناسكا من الهجيم بن عمرو بن تميم كان يقول : اللّهم اغفر للعرب خاصة و للموالي عامة و أما العجم فهم عبيدك و الأمر إليك و كان نافع بن عيسى من بني نوفل بن عبد مناف إذا مرّت عليه جنازة فان قيل قرشي قال و اقوماه و ان قيل عربي قال و امادتاه ، و ان قيل مولى أو عجم قال اللّهم عبادك تأخذ من شئت و تدع من شئت .

____________________

( ١ ) النمل : ٥٢ .

( ٢ ) الانعام : ٤٥ .

١٣٤

« التي تساور » أي : تغالب و تواثب .

« قلوب الرجال مساورة السموم القاتلة » في ( الكافي ) عن الصادقعليه‌السلام النظر سهم من سهام إبليس مسموم و كم من نظرة أورثت حسرة طويلة .

« فما تكدى » من ( أكدى الحافر ) إذا بلغ الكدية أي الأرض الصلبة التي لا تحفر و الظاهر كون الفاعل ضمير المصيدة و المكيدة .

« ابدا و لا تشوى » من ( رماه فأشواه ) إذا لم يصب المقتل .

« أحدا لا عالما لعلمه » و عنهعليه‌السلام رب عالم قتله جهله و معه علمه لا ينفعه ) .

و في ( الخصال ) عنهعليه‌السلام ان اللَّه تعالى يعذب ستة بستة : العرب بالعصبية ، و الدهاقنة بالكبر ، و الامراء بالجور ، و الفقهاء بالحسد ، و التجار بالخيانة ، و أهل الرستاق بالجهل .

« و لا مقلا في طمره » أي : ثوبه الخلق .

« و عن ذلك ما حرس اللَّه عباده المؤمنين بالصلوات و الزكوات و مجاهدة الصيام في الأيام المفروضات » فقال تعالى في أمر الصلاة : .و أقم الصلاة ان الصلاة تنهى عن الفحشاء و المنكر و لذكر اللَّه أكبر .١ و في الزكاة :خذ من أموالهم صدقة تطهرهم بها و تزكيهم .٢ و في الصيام : .كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلّكم تتقون أياما معدودات ٣ .

« تسكينا لأطرافهم » أول ( العلل ) لايجاب الصلوات .

و في ( الكافي ) عن حمّاد بن عيسى قال لي أبو عبد اللَّهعليه‌السلام يوما أتحسن ان تصلّي قلت : أحفظ كتاب حريز في الصلاة فقال : لا عليك قم فصلّ ، فقمت

____________________

( ١ ) التوبة : ١٠٣ .

( ٢ ) التوبة : ١٠٣ .

( ٣ ) البقرة : ١٨٣ ١٨٤ .

١٣٥

بين يديه متوجها إلى القبلة فاستفتحت و ركعت و سجدت فقال لا تحسن أن تصلّي ما أقبح بالرجل منكم أن يأتي عليه ستون سنة أو سبعون فما يقيم صلاة واحدة بحدودها فأصابني الذلّ في نفسي فقلت فعلّمني فقامعليه‌السلام مستقبل القبلة منتصبا فأرسل يديه جميعا على فخذيه قد ضمّ أصابعه و قرّب بين قدميه حتى كان بينهما ثلاثة أصابع مفرجات و استقبل بأصابع رجليه لم يحرفهما عن القبلة بخشوع و استكانة الخبر .

« و تخشيعا لأبصارهم » في ( الفقيه ) عن الصادقعليه‌السلام في خبر و اخشع ببصرك و لا ترفعه إلى السماء و ليكن نظرك إلى موضع سجودك الخبر .

« و تذليلا لنفوسهم » في ( العلل ) عن الرضاعليه‌السلام ان علّة الصلاة انها اقرار بالربوبية للَّه تعالى و خلع الأنداد و قيام بين يدي الجبار جلّ جلاله بالذلّ و المسكنة و الخضوع و الاعتراف .

« و تخفيضا لقلوبهم » عن الارتفاع .

« و إذهابا للخيلاء » أي : الكبر .

« عنهم لما في ذلك » أي : اداء الصلاة .

« من تعفير » من ( عفره في التراب ) مرغه .

« عتاق » أي : كرائم .

« الوجوه بالتراب تواضعا » له تعالى .

« و التصاق كرائم الجوارح » و هي الكفّان و الركبتان و الابهامان .

« بالأرض تصاغرا » في نفوسهم ، و في خبر ( العلل ) المتقدّم بعد ما مر و الطلب للإقالة من سالف الذنوب و وضع الوجه على الأرض كلّ يوم خمس مرات اعظاما للَّه تعالى و ان يكون ذاكرا غير ناس و لا بطرا و يكون خاشعا متذللا طالبا للزيادة في الدين و الدنيا مع ما فيه من الانزجار و المداومة على

١٣٦

ذكر اللَّه تعالى بالليل و النهار لئلا ينسى العبد سيّده و مدبره و خالقه فيبطر و يطغى و يكون في ذكره لربه و قيامه بين يديه زاجرا له عن المعاصي و مانعا له عن أنواع الفساد .

« و لحوق » أي : لصوق .

« البطون بالمتون » أي : الظهور .

« من الصيام » أي : من جوعه .

« تذللا » و في ( العلل ) عن الرضاعليه‌السلام علّة الصوم لعرفان مس الجوع و العطش ليكون العبد ذليلا مستكينا مأجورا محتسبا صابرا مع ما فيه من الانكسار عن الشهوات و اعظا له في العاجل ، دليلا على العاجل ليعلم مبلغ ذلك من أهل الفقر و المسكنة في الدنيا و الآخرة .

« مع ما في الزكاة من صرف ثمرات الأرض » الغلات الأربع وجوبا و باقي الحبوبات استحبابا .

« و غير ذلك » من الأنعام الثلاثة و النقدين .

« إلى أهل المسكنة و الفقر » في ( العلل ) عن الصادقعليه‌السلام ان اللَّه تعالى أشرك بين الأغنياء و الفقراء في الأموال فليس لهم ان يصرفوها إلى غير شركائهم .

و عنهعليه‌السلام ان اللَّه عز و جل فرض للفقراء في أموال الأغنياء ما يكتفون به .

و لو علم ان الذي فرض لهم لم يكفهم لزادهم ، فانما يؤتي الفقراء في ما أوتوا من منع من منعهم لا من الفريضة .

« انظروا إلى ما في هذه الأفعال » الصلاة و الصيام و الزكاة .

« من قمع » أي : قلع .

« نواجم » من ( نجم النبت ) ظهر و طلع الفخر .

١٣٧

« و قدع » من ( قدعت فرسي ) أي : كففته عن جريه الكثير .

« طوالع الكبر » .

و في ( العلل ) سئل الباقرعليه‌السلام عن علّة النهي عن الصلاة و هو متوشح فوق القميص فقالعليه‌السلام : لعلّة التكبر في موضع الاستكانة و الذل .

٤ الحكمة ( ١٣٦ )

اَلصَّلاَةُ قُرْبَانُ كُلِّ تَقِيٍّ وَ اَلْحَجُّ جِهَادُ كُلِّ ضَعِيفٍ وَ لِكُلِّ شَيْ‏ءٍ زَكَاةٌ وَ زَكَاةُ اَلْبَدَنِ اَلصِّيَامُ وَ جِهَادُ اَلْمَرْأَةِ حُسْنُ اَلتَّبَعُّلِ أقول : هو مأخوذ من أربعمائة باب للدين و الدنيا ، المروي عنهعليه‌السلام ذكره ابن أبي شعبة الحلبي في تحفه .

« الصلاة قربان كلّ تقي » في ( الكافي ) عن الصادقعليه‌السلام سئل عن أفضل ما يتقرّب به العباد إلى ربهم ؟ فقالعليه‌السلام : ما أعلم شيئا بعد المعرفة أفضل من هذه الصلوات ألا ترى ان العبد الصالح عيسىعليه‌السلام قال : .و أوصاني بالصلاة و الزكاة ما دمت حيا ١ .

و عنهعليه‌السلام أحب الأعمال إلى اللَّه تعالى الصلاة و هي : آخر وصايا الأنبياء فما أحسن من الرجل أن يغتسل أو يتوضأ فيسبغ الوضوء ثم يتنحى حيث لا يراه أنيس فيشرف عليه و هو راكع أو ساجد ان العبد إذا سجد فأطال الصلاة نادى إبليس ياويله أطاع و عصيت و سجد و أبيت .

و عنهعليه‌السلام إذا قام العبد إلى الصلاة نزلت عليه الرحمة من أعنان السماء إلى أعنان الأرض و حفّت به الملائكة و ناداه ملك لو يعلم هذا المصلّي ما في الصلاة ما انفتل .

____________________

( ١ ) مريم : ٣١ .

١٣٨

« و الحج جهاد كلّ ضعيف » في ( الكافي ) عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله الحجّ أحد الجهادين و هو جهاد الضعفاء و نحن الضعفاء اما انّه ليس أفضل من الحجّ إلاّ الصلاة ،

و في الحج ههنا صلاة و ليس في الصلاة حج ، لا تدع الحجّ و أنت تقدر عليه أما ترى انّه يشعث فيه رأسك و يقشف فيه جلدك و تمتنع فيه من النظر إلى النساء و انا نحن ههنا قريب و لنا مائة قرى متصلة ما نبلغ الحجّ حتى يشق علينا فكيف أنتم في بعد البلاد و ما من ملك و لا سوقة يصل إلى الحج إلاّ بمشقة في تغيير مطعم أو مشرب أو ريح أو شمس لا يستطيع ردها و ذلك قوله تعالى :

و تحمل اثقالكم إلى بلد لم تكونوا بالغيه إلاّ بشقّ الأنفس ان ربكم لرؤوف رحيم ١ .

و عن الثمالي ، قال رجل لعلي بن الحسينعليه‌السلام تركت الجهاد و خشونته و لزمت الحج و لينه ، فقالعليه‌السلام له : ويحك أما بلغك ما قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله في حجّة الوداع لمّا وقف بعرفة ان ربكم تطول عليكم في هذا اليوم فغفر لمحسنكم و شفع محسنكم في مسيئكم فأفيضوا مغفورا لكم .

و روى ( الفقيه ) ان الرجل قال لهعليه‌السلام آثرت الحج و قد قال تعالى :ان اللَّه اشترى من المؤمنين أنفسهم و أموالهم بأن لهم الجنة .٢ فقالعليه‌السلام : فاقرأ ما بعدها التائبون العابدون . إلى آخر الآية فإذا رأيت هؤلاء فالجهاد معهم يومئذ أفضل .

و عن الرضاعليه‌السلام قيل له : بلغنا انّه قيل لبعض آبائك في بلادنا موضع رباط يقال له قزوين و عدوّ يقال له الديلم فهل من جهاد أو رباط ؟ فقال عليكم بهذا البيت فحجّوه ، أما يرضى أحدكم أن يكون في بيته ينفق على عياله ينتظر

____________________

( ١ ) النحل : ٧ .

( ٢ ) التوبة : ١١١ .

١٣٩

أمرنا فان أدركه كان كمن شهد بدرا مع النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله و ان لم يدركه كان كمن قام مع قائمنا في فسطاطه هكذا و هكذا و جمع بين سبابتيه فقالعليه‌السلام هو على ما ذكر .

« و لكلّ شي‏ء زكاة » حتى ان زكاة الجاه قضاء حوائج الناس .

« و زكاة البدن الصيام » في ( العلل ) عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ما من مؤمن يصوم شهر رمضان احتسابا أوجب اللَّه له سبع خصال أوّلها يذوب الحرام من جسده .

« و جهاد المرأة حسن التبعل » في ( الكافي ) عنهعليه‌السلام كتب اللَّه الجهاد على الرجال و النساء فجهاد الرجل بذل ماله و نفسه حتى يقتل في سبيل اللَّه ، و جهاد المرأة أن تصبر على ما ترى من أذى زوجها و غيرته و في الاستيعاب قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله لأسماء بنت يزيد بن السكن الأنصارية ان حسن تبعل احداكن لزوجها و طلبها لمرضاته و اتباعها لموافقته يعدل كلّ ما ذكرت للرجال أي ما فضلوا به من الجمعات و شهود الجنائز و الجهاد فانصرفت و هي تهلل و تكبر استبشارا بما قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله لها .

هذا ، و قال ابن أبي الحديد أوصت إمرأة بنتها ليلة هدائها فقالت لها : لو تركت الوصية لأحد لحسن أدب و كرم لتركتها لك لكنها تذكرة للغافل انّك قد خلفت العش الذي فيه درجت ، و الوكر الذي منه خرجت إلى منزل لم تعرفيه ،

و قرين لم تألفيه فكوني له أمة يكن لك عبدا و احفظي عني خصالا عشرا أما الأولى و الثانية ، فحسن الصحابة بالقناعة ، و جميل المعاشرة بالسمع و الطاعة ، ففي حسن الصحابة راحة القلب ، و في جميل المعاشرة رضى الربّ .

و الثالثة و الرابعة ، التفقد لمواقع عينه و التعهد لمواضع أنفه ، فلا يقع عينه منك على قبيح ، و لا يجد أنفه منك خبيث ريح ، و اعلمي ان الكحل أحسن

١٤٠