بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة الجزء ١٣

بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة9%

بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة مؤلف:
تصنيف: أمير المؤمنين عليه السلام
الصفحات: 617

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤
  • البداية
  • السابق
  • 617 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 194158 / تحميل: 7309
الحجم الحجم الحجم
بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة

بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة الجزء ١٣

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

أدنى ذم ولو كان أوثق الثقات وعمل بخبره ولاجل ذلك ذكر بريداً العجلي مع جلالته في الثاني ، كما ذكر هشام بن الحكم فيه أيضاً لاجل ورود ذم ما فيه ، أعني كونه من تلاميذ أبي شاكر الزنديق.

2 ـ ان العلاّمة لا يعنون المختلف فيه في القسمين ، بل ان رجح المدح يذكره في الاول ، وان رجح الذم أو توقف يذكره في الثاني.

واما ابن داود فيذكر المختلف فيه في الاول باعتبار مدحه ، وفي الثاني باعتبار جرحه.

3 ـ ان العلاّمة إذا أخذ من الكشي أو النجاشي أو فهرست الشيخ أو رجاله أو الغضائري لا يذكر المستند بل يعبر بعين عبائرهم. نعم فيما إذا نقل عن غيبة الشيخ أو عن رجال ابن عقدة او رجال العقيقي فيما وجد من كتابيهما ، يصرح بالمستند.

كما أنه إذا كان أصحاب الرجال الخمسة مختلفين في رجل ، يصرح بأسمائهم ، وحينئد فإن قال في عنوان شيئاً وسكت عن مستنده ، يستكشف أنه مذكور في الكتب الخمسة ولو لم نقف عليه في نسختنا.

وأما ابن داود فيلتزم بذكر جميع من أخذ عنه ، فلو لم يذكر المستند ، علم انه سقط من نسختنا رمزه ، إلا ما كان مشتبهاً عنده فلا يرمز له.

4 ـ ان العلاّمة يقتصر على الممدوحين في الاول ، بخلاف ابن داود ، فأنه يذكر فيه المهملين أيضاً ، والمراد من المهمل من عنونه الاصحاب ولم يضعفوه.

قال ابن داود : « والجزء الأوّل من الكتاب في ذكر الممدوحين ومن لم يضعفهم الاصحاب ، والمفهوم منه أنه يعمل بخبر رواته مهملون ، لم يذكروا بمدح ولا قدح ، كما يعمل بخبر رواته ممدوحون. نعم هو وان استقصى الممدوحين ، يكنه لم يستقص المهملين.

١٢١

هذه هي الفروق الجوهرية بين الرجالين.

المجهول في مصطلح العلاّمة وابن داود

ان هناك فرقاً بين مصطلح العلاّمة وابن داود ، ومصطلح المتأخرين في لفظ المجهول. فالمجهول في كلامهما غير المهمل الذي عنونه الرجاليون ولم يضعفوه ، بل المراد منه من صرح أئمة الرجال فيه بالمجهولية ، وهو أحد ألفاظ الجرح ، ولذا لم يعنوناه الا في الجزء الثاني من كتابيهما ، المعد للمجروحين ، وقد عقد ابن داود لهم فصلاً في آخر الجزء الثاني من كتابه ، كما عقد فصلاً لكل من المجروحين من العامة والزيدية والواقفية وغيرهم.

لكن المجهول في كلام المتأخرين ، من الشهيد الثاني والمجلسي والمامقاني ، أعم منه ومن المهمل الذي لم يذكر فيه مدح ولا قدح.

وقد عرفت أن العلاّمة لا يعنون المهمل أصلاً ، وابن داود يعنونه في الجزء الاول كالممدوح ، وكان القدماء يعملون بالمهمل كالممدوح ، ويردون المجهول وقد تفطن بذلك ابن داود(1) .

فهذه الكتب الاربعة ، هي الاصول الثانوية لعلم الرجال. اُلّف الاول والثاني منهما في القرن السادس ، كما اُلف الثالث والرابع في القرن السابع ، والعجب أن المؤلفين متعاصرون ومتاثلو التنسيق والمنهج كما عرفت.

وقد ترجم ابن داود العلاّمة في رجاله ، ولم يترجمه العلاّمة في الخلاصة ، وان ذا مما يقضي منه العجب.

هذه هي اصول الكتب الرجالية أوليتها وثانويتها ، وهناك كتب اخرى لم تطبع ولم تنشر ولم تتداولها الايدي ، ولاجل ذلك لم نذكر عنها شيئاً ومن اراد الوقوف عليها فليرجع الى كتاب « مصفى المقال في مؤلفي الرجال » للعلاّمة

__________________

1 ـ قاموس الرجال : 1 / 31.

١٢٢

المتتبع الطهرانيرحمه‌الله .

وهذه هي الاصول الأولية الثمانية والثانوية الأربعة لعلم الرجال ، واما الجوامع الرجالية فسيوافيك ذكرهاعن قريب.

١٢٣
١٢٤

2 ـ الجوامع الرجالية في العصور المتأخرة

* مجمع الرجال.

* منهج المقال.

* جامع الرواة.

* نقد الرجال.

* منتهى المقال.

١٢٥
١٢٦

قد وقفت على الاصول الرجالية ، وهناك جوامع رجالية مطبوعة ومنتشرة يجب على القارئ الكريم التعرف عليها ، وهذه الجوامع الفت في أواخر القرن العاشر إلى أواخر القرن الثاني عشر ، تلقّاها العلماء بالقبول وركنوا اليها ولابد من التعرف عليها(1) .

1 ـ مجمع الرجال

تأليف زكي الدين عناية الله القهبائي ، من تلاميذ المقدس الاردبيلي ( المتوفّى سنة 993 هـ ). والمولى عبد الله التستري ( المتوفّى عام 1021 هـ ) والشيخ البهائي. ( المتوفّى سنة 1031 هـ ). جمع في ذلك الكتاب تمام ما في الاصول الرجالية الأولية ، حتى أدخل فيه كتاب الضعفاء للغضائري وقد طبع الكتاب في عدة أجراء.

2 ـ منهج المقال

تأليف السيد الميرزا محمد بن علي بن إبراهيم الاسترآبادي ( المتوفّى

__________________

(1) قاموس الرجال : ج 1 الصفحة 31.

١٢٧

سنة 1028 هـ ) وهو استاذ المولى محمد أمين الاسترابادي صاحب « الفوائد المدنية ». له كتب ثلاثة في الرجال : الكبير وأسماه « منهج المقال ». والوسيط ، الذي ربما يسمى بـ « تلخيص المقال » أو « تلخيص الاقوال » ، والصغير الموسوم بـ « الوجيز ». والأول مطبوع ، والثاني مخطوط ولكن نسخه شائعة ، والثالث توجد نسخة منه في الخزانة الرضوية كما جاء في فهرسها.

3 ـ جامع الرواة

تأليف الشيخ محمد بن علي الاردبيلي. صرف من عمره في جمعه ما يقرب من عشرين سنة ، وابتكر قواعد رجالية صار ببركتها كثير من الاخبار التي كانت مجهولة أو ضعيفة أو مرسلة ، معلومة الحال ، صحيحة مسندة ، وطبع الكتاب في مجلدين ، وقدم له الامام المغفور له الأستاذ الحاج آقا حسين البروجرديقدس‌سره مقدمة وله أيضاً « تصحيح الأسانيد » الذي أدرجه شيخنا النوري بجميعه أو ملخصه في الفائدة الخامسة من فوائد خاتمة المستدرك.

ومن مزايا هذا الكتاب أنه جمع رواة الكتب الاربعة ، وذكر في كل راو ترجمة من رووا عنه ومن روى عنهم ، وعين مقدار رواياتهم ورفع بذلك ، النقص الموجود في كتب الرجال.

قال في مقدمته : « سنح بخاطره ( يعني نفسه ) الفاتر ـ بتفضله غير المتناهي ـ أنه يمكن استعلام أحوال الرواة المطلقة الذكر ، من الرواي والمروي عنه بحيث لا يبقى اشتباه وغموض ، وعلماء الرجال ( رضوان الله عليهم ) لم يذكروا ولم يضبطوا جميع الرواة ، بل ذكروا في بعض المواضع تحت بعض الاسماء بعنوان أنه روى عنه جماعة ، منهم فلان وفلان ، ولم يكن هذا كافياً في حصول المطلوب ، إلى أن قال : صار متوكلاً على رب الارباب ، منتظماً على التدريج راوي كل واحد من الرواة في سلك التحرير ، حتى انه رأى الكتب الأربعة المشهورة والفهرست للشيخرحمه‌الله والفهرس

١٢٨

للشيخ منتجب الدين ومشيخة الفقيه والتهذيب والاستبصار ، وكتب جميع الرواة الذين كانوا فيها ، ورأى أيضاً كثيراً من الرواة رووا عن المعصوم ، ولم يذكر علماء الرجال روايتهم عنهعليه‌السلام والبعض الذين عدوه من رجال الصادق ، رأى روايته عن الكاظمعليه‌السلام مثلا ، والذين ذكروا ممن لم يرو عنهمعليهم‌السلام رأى انه روي عنهمعليهم‌السلام الى ان قال : ان بعض الرواة الذين وثقوه ولم ينقلوا انه روى عن المعصومعليه‌السلام ورأى انه روى عنهعليه‌السلام ضبطه ايضاً ، حتى تظهر فائدته في حال نقل الحديث مضمراً ـ الى ان قال : ( ومن فوائد هذا الكتاب ) انه بعد التعرف على الراوي والمروي عنه ، لو وقع في بعض الكتب اشتباه في عدم ثبت الراوي في موقعه يعلم انه غلط وواقع غير موقعه.

( ومن فوائده أيضاً ) ان رواية جمع كثير من الثقات وغيرهم عن شخص واحد تفيد انه كان حسن الحال او كان من مشايخ الاجازة »(1) .

والحق ان الرجال مبتكر في فنه ، مبدع في علمه ، كشف بعمله هذا الستر عن كثير من المبهمات ، ومع انه تحمل في تأليف هذا الكتاب طيلة عشرين سنة ، جهوداً جبارة ، بحيث ميز التلميذ عن الشيخ ، والراوي عن المرويّ عنه ولكن لم يجعل كتاب على اساس الطبقات حتى يقسم الرواة الى طبقة وطبقة ، ويعين طبقة الراوي ومن روى هو عنه او رووا عنه ، مع انه كان يمكنه القيام بهذا العمل في ثنايا عمله بسبر جميع الكتب والمسانيد بامعان ودقة.

4 ـ نقد الرجال

تأليف السيد مصطفى التفريشي ألفه عام 1015 هـ ، وهو من تلاميذ المولى عبدالله التستري وقد طبع في مجلد.

__________________

1 ـ لاحظ المقدمة : 4 ـ 5 بتصرف يسير.

١٢٩

قال في مقدمته : « اردت ان اكتب كتاباً يشتمل على جميع اسماء الرجال من الممدوحين والمذمومين والمهملين ، يخلو من تكرار وغلط ، ينطوي على حسن الترتيب ، يحتوي على جميع اقوال القوم ـ قدس الله ارواحهم ـ من المدح والذم الا شاذاً شديد الشذوذ ».

5 ـ منتهى المقال في أحوال الرجال

المعروف برجال ابي علي الحائري ، تأليف الشيخ ابي علي محمد بن اسماعيل الحائري ( المولود عام 1159 هـ ، والمتوفّى عام 1215 أو 1216 هـ في النجف الاشرف ).

ابتدء في كل ترجمة بكلام الميرزا في الرجال الكبير ، ثم بما ذكره الوحيد في التعليقة عليه ، ثم بكلمات اخرى ، وقد شرح نمط بحثه في اول الكتاب ، وترك ذكر جماعة بزعم انهم من المجاهيل وعدم الفائدة في ذكرهم ، ولكنهم ليسوا بمجاهيل ، بل اكثرهم مهملون في الرجال ، وقد عرفت الفرق بين المجهول والمهمل.

وهذه الكتب الخمسة كلها اُلِّفت بين أواخر القرن العاشر الى أواخر القرن الثاني عشر ، وقد اجتهد مؤلفوها في جمع القرائن على وثاقة الراوي او ضعفها ، واعتمدوا على حدسيات وتقريبات.

هذه هي الجوامع الرجالية المؤلفة في القرون الماضية ، وهناك مؤلفات اخرى بين مطولات ومختصرات اُلفت في القرون الاخيرة ونحن نشير إلى ما هو الدارج بين العلماء في عصرنا هذا.

١٣٠

3 ـ الجوامع الرجالية الدارجة على منهج القدماء

* بهجة الآمال.

* تنقيح المقال.

* قاموس الرجال.

١٣١
١٣٢

قد وقفت على الجوامع الرجالية المؤلفة في القرن الحادي عشر والثاني عشر ، وهناك مؤلفات رجالية اُلفت في أواخر القرن الثالث عشر والقرن الرابع عشر ولكنها على صنفين : صنف تبع في تأليفه خطة الماضين في نقل أقوال الرجاليين السابقين واللاحقين ، وجمع القرائن والشواهد على وثاقة الراوي ، والقضاء بين كلمات اهل الفن ، الى غير ذلك من المزايا التي أوجبت تكامل فن الرجال من حيث الكمية ، من دون إحداث كيفية جديدة وراء خطة السابقين ، وصنف اخر أحدث كيفية جديدة في فن الرجال وأبدع اسلوباً خاصاً لما يهم المستنبط في علم الرجال. فإن الوقوف على طبقة الراوي من حيث الرواية ، ومعرفة عصره وأساتيذه وتلاميذه ، ومدى علمه وفضله ، وكمية رواياته من حيث الكثرة والقلة ، ومقدار ضبطه للرواية ، واتقانه في نقل الحديث ، من اهم الامور في علم الحديث ومعرفة حال الراوي وقد اهملت تلك الناحية في اسلوب القدماء غالباً الا على وجه نادر.

وهذا الاُسلوب يباين خطة الماضين في العصور السابقة.

وعلى ذلك يجب علينا ان نعرف كل صنف بواقعه ونعطي كل ذي حق حقه ، وكل ذي فضل فضله ، بلا تحيز الى فئة ، ولا إنكار فضيلة لأحد.

١٣٣

1 ـ « بهجة الآمال في شرح زبدة المقال في علم الرجال »

تأليف العلاّمة الحاج الشيخ علي بن عبدالله بن محمد بن محب الله بن محمد جعفر العلياري التبريزي ( المولود عام 1236 هـ ، والمتوفّى عام 1327 هـ ) وهذا الكتاب قد اُلف في خمسة مجلدات كبار ، ثلاثة منها شرح مزجي لـ « زبدة المقال في معرفة الرجال » تأليف العلاّمة السيد حسين البروجردي ، وهو منظومة في علم الرجال قال :

سمّيته بزبدة المقال

في البحث عن معرفة الرجال

ناظمه الفقير في الكونين

هو الحسين بن رضا الحسيني

واثنان منها شرح لـ « منتهى المقال » وهي منظومة للشارح تمم بها منظومة البروجردي ، وحيث ان البروجردي لم يذكر المتأخرين ولا المجاهيل من الرواة فأتمها وأكملها الشارح بالنظم والشرح في ذينك المجلدين ، والكتاب مشتمل على مقدمة وفيها أحد عشر فصلاً ، والفصل الحادي عشر في أصحاب الاجماع. وفيه أيضاً عدة أبحاث متفرقة ، والكتاب لو طبع على طراز الطبعة الحديثة لتجاوز عشرة أجزاء وقد طبع منه لحد الآن ستة أجزاء والباقي تحت الطبع.

2 ـ « تنقيح المقال في معرفة علم الرجال »

للعلامة الشيخ عبدالله المامقاني ( المتوفّى عام 1351 هـ ) في ثلاثة أجزاء كبار ، وهو أجمع كتاب ألف في الموضوع ، وقد جمع جلَّ ما ورد في الكتب الرجالية المتقدمة والمتاخرة.

قال العلاّمة الطهراني : « هو أبسط ما كتب في الرجال ، حيث انه أدرج فيه تراجم جميع الصحابة والتابعين ، وسائر أصحاب الائمة وغيرهم من الرواة الى القرن الرابع ، وقليل من العلماء المحدثين في ثلاثة أجزاء كبار لم

١٣٤

يتجاوز جمعه وترتيبه وتهذيبه عن ثلاث سنين ، وهذا مما يعد من خوارق العادات والخاصة من التأييدات ، فلله در مؤلفه من مصنف ما سبقه مصنفو الرجال ، ومن تنقيح ما أتى بمثله الأمثال »(1) . ومما أُخذ عليه ، هو خلطه بين المهمل والمجهول. فان الأول عبارة عمّن لم يذكر فيه مدح ولا قدح ، وقد ذكر ابن داود المهمل في جنب الممدوح ، زعماً منه بأنه يجب العمل بخبره كالممدوح ، وأن غير الحجة في الخبر عبارة عن المطعون.

وأما المجهول فإنّه عبارة عمن صرح أئمة الرجال فيه بالمجهولية وهو أحد ألفاظ الجرح ، فيذكرون المجهول في باب المجروحين ويتعاملون معه معاملة المجروح.

وأنت إذا لاحظت فهرس تنقيح المقال ، الذي طبع مستقلاً وسماه المؤلف « نتيجة التنقيح » لا ترى فيه الا المجاهيل ، والمراد منه الاعم ممن حكم عليه أئمة الرجال بالمجهولية ومن لم يذكر فيه مدح ولا قدح.

وهذا الخلط لا يختص به ، بل هو رائج من عصر الشهيد الثاني والمجلسي الى عصره مع أن المحقق الداماد قال في الراشحة الثالثة عشر من رواشحه : « لا يجوز اطلاق المجهول الاصطلاحي إلا على من حكم بجهالته أئمة الرجال »(2) .

وقد ذب شيخنا العلاّمة الطهراني هذا الاشكال عن مؤلفه وقال : « ان المؤلف لم يكن غير واقف بكلام المحقق الداماد ، وصرح في الجزء الاول ( أواخر الصفحة 184 ) بأنه لو راجع المتتبع جميع مظان استعلام حال رجل ومع ذلك لم يظفر بشيء من ترجمة أحواله أبداً فلا يجوز التسارع عليه بالحكم بالجهالة ، لسعة دائرة هذا العلم ، وكثرة مدارك معرفة الرجال ، ومن هذا

__________________

1 ـ الذريعة : 4 / 466.

2 ـ الرواشح : 60.

١٣٥

التصريح يحصل الجزم بأن مراده من قوله « مجهول » ليس أنه محكوم بالجهالة عند علماء الرجال ، حتى يصير هو السبب في صيرورة الحديث من جهته ضعيفاً ، بل مراده أنه مجهول عندي ولم أظفر بترجمة مبينة لاحواله »(1) .

3 ـ « قاموس الرجال »

للعلاّمة المحقق الشيخ محمد تقي التستري ، كتبه أولاً بصورة التعليقة على رجال العلاّمة المامقاني ، وناقش كثيراً من منقولاته ونظرياته ، ثم أخرجه بصورة كتاب مستقل وطبع في 13 جزء ، والمؤلف حقاً أحد أبطال هذا العلم ونقاده ، وقد بسطنا الكلام حول الكتاب ، ونشرته صحيفة كيهان في نشرتها المستقلة حول حياة المؤلف بقلم عدة من الاعلام.

غير أنه لا يتبّع في تأليف الكتاب روح العصر ، فترى أنه يكتب عدة صحائف من دون أن يفصل بين المطالب بعنوان خاص ، كما أنه لا يأتي بأسماء الكتب الرجالية والائمة الا بالرموز ، وذلك أوجد غلقاً في قراءة الكتاب وفهم مقاصده ، أضف الى ذلك أنه يروي عن كثير من الكتب التاريخية والحديثية ، ولا يعين مواضعها ، ولكن ما ذكرناه يرجع الى نفس الكتاب ، وأما المؤلف فهو من المشايخ الاعاظم الذين يضن بهم الدهر الا في فترات قليلة وله على العلم وأهله أيادي مشكورة.

وهذه الكتب مع الثناء الوافر على مؤلفيها لا تخلو من عل أو علات والتي يجب أن ننبه عليها.

__________________

1 ـ الذريعة : 4 / 467 ، بتصرف وتلخيص.

١٣٦

4 ـ تطور في تأليف الجوامع الرجالية

* جامع الرواة.

* طرائف المقال.

* مرتب اسانيد الكتب الاربعة.

* معجم رجال الحديث.

١٣٧
١٣٨

إن الجوامع المذكورة مع أهميتها وعظمتها ، فاقدة لبعض ما يهمّ المستنبط والفقيه في تحصيل حجية الخبر وعدمها ، فإنها وإن كانت توقفنا على وثاقة الرّاوي وضعفه إجمالاً ، غير أنها لا تفي ببعض ما يجب على المستنبط تحصيله وإليك بيانه :

1 ـ إنَّ هذه الخطة التي رسمها القدماء وتبعها المتأخرون ، مع أهميتها وجلالتها ، لا تخرج عن اطار التقليد لأئمة علم الرجال في التعرف على وثاقة الرّاوي وضعفه وقليلا من سائر أحواله ، ممّا ترجع إلى شخصيته الحديثية ، وليس طريقا مباشريا للمؤلف الرجالي ، فضلا عمن يرجع اليه ويطالعه ، للتعرّف على أحوال الرّاوي ، بأن يلمس بفهمه وذكائه ويقف مباشرة على كلِّ ما يرجع إلى الراوي من حيث الطبقة والعصر أولا ، ومدى الضبط والاتقان ثانياً ، وكمية رواياته كثرة وقلة ثالثاً ، ومقدار فضله وعلمه وكماله رابعاً ، وهذا بخلاف ما رسمه الاساتذة المتأخرون وخططوه ، فان العالم الرجالي فيه يقف بطريق مباشري دون تقليد ، على هذه الاُمور وأشباهها.

وإن شئت قلت : إن هذه الكتب المؤلفة حول الرجال ، تستمد من قول أئمة الفنّ في جرح الرواة وتعديلهم ، وبالأخص تتبع مؤلفي الاصول الخمسة ، التي نبَّهنا بأسمائهم وكتبهم فيما سبق ، فقول هؤلاء ومن عاصرهم أو تأخر عنهم

١٣٩

هو المعيار في معرفة الرجال وتمييز الثقات عن الضعاف.

ولا ريب أن هذا طريق صحيح يعدّ من الطرق الوثيقة ، لكنه ليس طريقا وحيداً في تشخيص حال الرواة ومعرفتهم ، بل طريق تقليدي لأئمّة الرجال ، وليس طريقاً مباشرياً إلى أحوال الرواة ، ولا يعّد طريقاً أحسن وأتم.

2 ـ لا شكّ أن التحريف والتصحيف تطرق إلى كثير من أسناد الاحاديث المروية في الكتب الاربعة وغيرها ، وربما سقط الراوي من السَّند من دون أن يكون هناك ما يدلّنا عليه ، وعلى ذلك يجب أن تكون الكتب الرجالية بصورة توقفنا على طبقات الرواة من حيث المشايخ والتلاميذ ، حتى يقف الباحث ببركة التعرّف على الطبقات ، على نقصان السَّند وكماله ، والحال أن هذه الكتب المؤلفة كتبت على حسب حروف المعجم مبتدئة بالألف ومنتهية بالياء ، لا يعرف الانسان عصر الرّاوي وطبقته في الحديث ، ولا أساتذته ولا تلامذته إلا على وجه الاجمال والتبعية ، وبصورة قليلة دون الاحصاء ، والكتاب الذي يمكن أن يشتمل على هذه المزية ، يجب أن يكون على طراز رجال الشيخ الذي كتب على حسب عهد النَّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله والأئمةعليهم‌السلام فقد عقد لكل من أصحاب النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله والأئمةعليهم‌السلام أبواباً خاصة يعرف منها حسب الاجمال طبقة الراوي ومشايخه وتلاميذه.

وهذا النَّمط من التأليف وإن كان لا يفي بتلك الاُمنية الكبرى كلّها ، لكنه يفي بها إجمالاً ، حيث نرى أنه يقسِّم الرواة إلى الطبقات حسب الزمان من زمن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله إلى الاعصار التي انقلبت فيها سلسلة الرواة إلى سلسلة العلماء ، وعندئذ يمكن تمييز السَّند الكامل من السند الناقص ، ولو كان الرِّجاليُّون بعد الشيخ يتبعون أثره لأصبحت الكتب الرجالية أكثر فائدة مما هي الآن عليه.

3 ـ إن أسماء كثيرة من الرواة مشتركة بين عدَّة اشخاص. بين ثقة يركن

١٤٠

الحسن المفقود ، و ان الماء أطيب الطيب الموجود .

و الخامسة و السادسة ، الحفظ لماله و الارعاع على حشمه و عياله ،

و اعلمي ان أصل الاحتفاظ بالمال حسن التقدير ، و أصل الارعاع على الحشم و العيال حسن التدبير .

و التاسعة و العاشرة ، لا تفشين له سرّا ، و لا تعصين له أمرا ، فانّك ان أفشيت سره لم تأمني غدره ، و ان عصيت أمره أو غرت صدره .

و قال : و انكح ضرار بن عمرو الضبي ابنته من معبد بن زراة فلمّا أخرجها إليه قال : يا بنية امسكي عليك الفضلين : فضل الغلمة ، و فضل الكلام و ضرار هو الذي رفع عقيرته بعكاظ و قال ألا ان شرّ حائل أم فزوجوا الأمهات و ذلك انّه صرع بين الرماح فاشبل عليه اخوته لامه حتى استنقذوه .

و قال : و من قبيح التبعل ما أوصت اعرابية ابنتها عند هدائها فقالت لها :

اقلعي زج رمحه فان أقر فاقلعي سنانه ، فان أقر فاكسري العظام بسيفه ، فان أقرّ فاقطعي اللحم على ترسه ، فان أقر فضعي الاكاف على ظهره ، فانما هو حمار .

٥ الحكمة ( ٧ )

اَلصَّدَقَةُ دَوَاءٌ مُنْجِحٌ وَ أَعْمَالُ اَلْعِبَادِ فِي عَاجِلِهِمْ نُصْبُ أَعْيُنِهِمْ فِي آجِلِهِمْ أقول : و جعله ابن ميثم و الخطّية جزء العنوان الثاني و لا يأباه ابن أبي الحديد .

« الصدقة دواء منجح » قال ابن أبي الحديد هو مثل قول النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله داووا مرضاكم بالصدقة .

١٤١

« و أعمال العباد في عاجلهم نصب أعينهم في آجلهم » قال :هو من قوله تعالى يوم تجد كلّ نفس ما عملت من خير محضرا و ما عملت من سوء . .١ فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره و من يعمل مثقال ذرة شرا يره ٢ و من كلام بعضهم انما تقدّم على ما قدمت ، و لست تقدم على ما تركت فاثر ما تلقاه غدا على ما لا تراه أبدا .

٦ من غريب كلامه ( ٦ ) و في حديثهعليه‌السلام :

إِنَّ اَلرَّجُلَ إِذَا كَانَ لَهُ اَلدَّيْنُ اَلظَّنُونُ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُزَكِّيَهُ لِمَا مَضَى إِذَا قَبَضَهُ فالظنون الذي لا يعلم صاحبه أ يقضيه من الذي هو عليه أم لا فكأنه الذي يظن به فمرة يرجوه و مرة لا يرجوه و هذا من أفصح الكلام و كذلك كل أمر تطلبه و لا تدري على أي شي‏ء أنت منه فهو ظنون و على ذلك قول ؟ الأعشى ؟

من يجعل الجد الظنون الذي

جنب صوب اللجب الماطر

مثل الفراتي إذا ما طما

يقذف بالبوصي و الماهر

و الجد البئر العادية في الصحراء و الظنون التي لا يعلم فيها ماء أم لا « ان الرجل إذا كان له الدين الظنون يجب عليه أن يزكيه لما مضى إذا قبضه » الأصل في نسبته إليهعليه‌السلام أبو عبيدة على نقل ابن أبي الحديد فقال : العمل

____________________

( ١ ) آل عمران : ٣٠ .

( ٢ ) الزلزلة : ٧ ٨ .

١٤٢

عندنا على قول عليعليه‌السلام من كون الزكاة بعد القبض على الدائن و ان كان لا يرجوه ، لا على المديون كما روي عن إبراهيم » إلاّ انّه غير معلوم ، فقال الجزري في نهايته ، في حديث عمر : ( لا زكاة في الدين الظنون ) أي الذي لا يدري صاحبه يصل إليه أم لا ، و منه حديث علي و قيل عثمان ( في الدين الظنون يزكيه إذا قبضه لمّا مضى )١ و لا أثر لنا في الظنون إذا كان بالمعنى الذي ذكره المصنف بل قال السيد و الشيخان : ( لا زكاة في الدين إلاّ إذا كان تأخيره من جهة مالكه ) و حينئذ فيمكن حمل ( الظنون ) على ما إذا ظن انّه إذا أراد الداين أخذه أمكنه ، و هكذا نقل ابن ميثم تفسيره عن بعض و ظاهر العماني و الاسكافي وجوب الزكاة على المديون مطلقا و به قال الحلي٢ .

هذا و نقل ابن ميثم في الشقشقية عن الكيدري عن بعض الكتب القديمة في تفسير الكتاب المذكور فيها الذي ناولهعليه‌السلام سوادي ان في ذاك الكتاب كان عشر مسائل و خامستها ( رجل عليه من الدين ألف درهم و له في كيسه ألف درهم فضمّنه ضامن بألف درهم فحال عليهما الحول فالزكاة على أي المالين يجب ؟ فقال : ان ضمن الضامن باجازة من عليه الدين فلا يكون عليه و ان ضمنه من غير اذنه فالزكاة مفروضة في ماله ) .

قول المصنف .

« فالظنون الذي » و في ( ابن ميثم ) ( هو الذي ) .

____________________

( ١ ) النهاية لابن الأثير ٣ : ١٦٤ ، مادة ( ظن ) منشورات اسماعيليان قم .

( ٢ ) يقول العلاّمة : و اما الدين : فإن كان معسرا أو جاحدا أو مما طلا ، أو كان مؤجلا ، لم تجب فيه الزكاة نهاية الأحكام ٢ : ٣٠٣ ، مؤسسة اسماعيليان ، قم ، و يقول المحقق الحلّي في « المعتبر » : للاصحاب في زكاة الدين قولان : أحدهما لا زكاة فيه حتى يحصل إلى صاحبه ، و يحول عليه الحول . و الآخر فيه الزكاة إذا كان تأخيره من جهة صاحبه ، بأن يكون على ملي باذل و هو مذهب الشيخين في النهاية و المبسوط ، و مذهب الشافعي و أبي حنيفة ، و مالك و أحمد :

راجع « المعتبر في شرح المختصر » لنجم الدين المحقق الحلي ٢ : ٤٩ ، مؤسسة سيد الشهداء ، قم .

١٤٣

« لا يعلم صاحبه أ يقضيه » هكذا في المصرية ، و الصواب : « ايقبضه » كما في ابن أبي الحديد و ابن ميثم و الخطية .

« من الذي هو عليه أم لا » إلى فمرة يرجوه و مرة لا يرجوه » هكذا في ( المصرية و ابن أبي الحديد و الخطّية ) و لكن في ( ابن ميثم ) ( تارة يرجوه و تارة لا يرجوه ) .

« و هذا من أفصح الكلام » حيث عبّر عن معنى كثير بلفظ يسير .

« و كذلك كلّ امر تطلبه و لا تدري على أي شي‏ء أنت منه » و في ( الجمهرة ) ( و الظنون الذي لا يوثق بما عنده ، و كذلك في الركى أي لا يوثق بمائها ) .

« و على ذلك قول الأعشى » في تفضيل عامر على علقمة ( ما ) هكذا في ( المصرية ) و نسخة من ابن ميثم و لكن في ( ابن أبي الحديد و الخطّية ) ( من ) .

« يجعل الجد » بالضم .

« الظنون الذي جنب » أي : تجنب .

« صوب » أي : جانب .

« اللجب » وصف للسحاب المقدر ، و اللجب بالكسر الصوت .

« الماطر » .

« مثل الفراتي » أي : الفرات و الياء للتوكيد كقوله : « و الدهر بالانسان دواري » .

« إذا ما طما » من ( طما الماء ) إذا ارتفع .

« يقذف » أي : يرمي .

« بالبوصي » في ( الجمهرة ) البوصي السفينة و كانت بالفارسية بالزاي ،

فقلبتها العرب صادا .

« و الماهر » أي : السابح .

١٤٤

« و الجد البئر » اقتصر عليه ابن ميثم و زاد ابن أبي الحديد ( العادية في الصحراء ) و قال المعروف ان الجد بئر في موضع كثير الكلأ لا في الموات .

و مثل قول الأعشى قول الأخطل في يزيد :

يقلن إذا ما استقبل الصيف و قدة

وجر على الجد الظنون فانفدا

٧ الحكمة ( ١٤٥ ) و قالعليه‌السلام :

كَمْ مِنْ صَائِمٍ لَيْسَ لَهُ مِنْ صِيَامِهِ إِلاَّ اَلظَّمَأُ وَ كَمْ مِنْ قَائِمٍ لَيْسَ لَهُ مِنْ قِيَامِهِ إِلاَّ اَلسَّهَرُ وَ اَلْعَنَاءُ حَبَّذَا نَوْمُ اَلْأَكْيَاسِ وَ إِفْطَارُهُمْ « كم من صائم ليس له من صيامه إلاّ الظمأ » هكذا في ( المصرية ) و الصواب :

( إلاّ الجوع و الظمأ ) كما في ( ابن أبي الحديد و ابن ميثم و الخطّية ) .

في ( الكافي ) عن الصادقعليه‌السلام إذا صمت فليصم سمعك و بصرك و شعرك و جلدك و عدّد أشياء غير هذا و قال : لا يكن يوم صومك كيوم فطرك .

و عنهعليه‌السلام ان الصيام ليس من الطعام و الشراب وحده فإذا صمتم فاحفظوا ألسنتكم و غضّوا أبصاركم و لا تنازعوا و لا تحاسدوا و سمع النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله امرأة تسب جارية لها و هي صائمة ، فدعا بطعام فقال لها : كلي ،

فقالت اني صائمة فقال كيف تكونين صائمة و قد سببت جاريتك ، ان الصوم ليس من الطعام و الشراب .

« و كم من قائم ليس له من قيامه إلاّ السهر » أي : عدم النوم في الليل .

« و العناء » أي : المشقة .

فالخوارج كانوا أهل سهر و عناء في قيام الليل و تلاوة القرآن و كذلك

١٤٥

كثير من الفرق الباطلة عاملة ناصبة و في الخبر الناصب لأهل البيت سواء صلّى أم زنا .

« حبذا نوم الأكياس و افطارهم » لأن نومهم و افطارهم أيضا عبادة لكونهما منهم لاستجمام قوى النفس حتى يقدروا على اداء الفرائض و النوافل و لذا قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : أنا لا أصوم جميع الأيام ، و لا أقوم جميع الليل ، و نهى من فعل ذلك .

٨ الحكمة ( ١٤٦ ) و قالعليه‌السلام :

سُوسُوا إِيمَانَكُمْ بِالصَّدَقَةِ وَ حَصِّنُوا أَمْوَالَكُمْ بِالزَّكَاةِ وَ اِدْفَعُوا أَمْوَاجَ اَلْبَلاَءِ بِالدُّعَاءِ أقول : هو ممّا رواه ( تحف ) ابن أبي شعبة ممّا قالهعليه‌السلام من الأربعمائة في آداب الدين و الدنيا .

« سوسوا » أي : دبروا .

« ايمانكم بالصدقة »فامّا من أعطى و اتّقى و صدق بالحسنى فسنيسّره لليسرى ١ .

« و حصنوا » أي : احفظوا .

« أموالكم بالزكاة » في ( الكافي ) عن الصادقعليه‌السلام ما ضاع مال في بر و لا بحر إلاّ بتضييع الزكاة و لا يصاد من الطير إلاّ ما ضيع تسبيحه .

و عنهعليه‌السلام ما من رجل يمنع درهما في حقه إلاّ أنفق اثنين في غير حقه .

و عنهعليه‌السلام ما أدّى أحد الزكاة فنقصت من ماله و لا منعها أحد فزادت

____________________

( ١ ) الليل : ٥ ٧ .

١٤٦

في ماله .

« و ادفعوا أمواج البلاء بالدعاء » في ( الكافي ) عن الصادقعليه‌السلام ان الدعاء يرد القضاء ينقضه كما ينقض السلك و قد أبرم ابراما .

و عنهعليه‌السلام ان اللَّه ليدفع بالدعاء الأمر الذي علم أن يدعى له فيستجيب ،

و لو لا ما وفق العبد من ذلك الدعاء لأصابه منه ما يجتثه من جديد الأرض .

و عن أبي الحسنعليه‌السلام الدعاء يرد ما قدر قدر و ما لم يقدر ؟ قيل : كيف ما لم يقدّر ؟ قال : حتى لا يكون .

هذا و لعل الأصل في قولهعليه‌السلام ( سوسوا ايمانكم بالصدقة ) ما رواه ( الجعفريات ) عنهعليه‌السلام عن آبائهعليهم‌السلام ان أمير المؤمنينعليه‌السلام مر بالسوق فنادى بأعلى صوته : ان أسواقكم هذه يحضرها ايمان فشوبوا ايمانكم بالصدقة فان اللَّه لا يقدّس من حلف باسمه كاذبا١ .

٩ الحكمة ( ١٣٧ ) و قالعليه‌السلام :

اِسْتَنْزِلُوا اَلرِّزْقَ بِالصَّدَقَةِ أقول : هو أيضا من حديث الاربعمائة ، في ( الكافي ) عن الصادقعليه‌السلام قال لابنه محمد كم فضل معك من تلك النفقة ؟ قال : أربعون دينارا ، قال : أخرج و تصدّق بها ، قال : انّه لم يبق معي غيرها ، قال تصدّق بها فان اللَّه تعالى يخلفها أما علمت انّ لكلّ شي‏ء مفتاحا و مفتاح الرزق الصدقة فتصدّق بها ، ففعل فما لبثعليه‌السلام عشرة أيام حتى جاءه من موضع أربعة آلاف دينار ، فقال : يا بني أعطينا اللَّه أربعين دينارا فأعطانا أربعة آلاف .

____________________

( ١ ) الجعفريات ( الاشعثيات ) لمحمد الأشعث : ٢٣٦ طبع حجري ، ايران ، ١٣٧٠ ه ق .

١٤٧

و عنهعليه‌السلام ما أحسن عبد الصدقة في الدنيا إلاّ أحسن اللَّه الخلافة على ولده من بعده و حسن الصدقة يقضي الدين و يخلف على البركة .

و نظير كلامهعليه‌السلام هذا كلام آخر لهعليه‌السلام ( في سعة الأخلاق كنوز الأرزاق ) « إذا ابطأت عليك الأرزاق استغفر اللَّه يوسّع عليك » .

١٠ الحكمة ( ٢٥٨ ) و قالعليه‌السلام :

إِذَا أَمْلَقْتُمْ فَتَاجِرُوا اَللَّهَ بِالصَّدَقَةِ أي افتقرتم قال تعالى : .و لا تقتلوا أولادكم من املاق .١ .

« فتاجروا اللَّه بالصدقة » قال ابن أبي الحديد جاء في الأثر ان عليّاعليه‌السلام عمل ليهودي في سقي نخل له في حياة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله فخبزه قرصا فلمّا هم أن يفطر عليه أتاه سائل يستطعم فدفعه إليه و بات طاويا فتاجر اللَّه بتلك الصدقة فعد الناس هذه الصدقة من أعظم السخاء و أعظم العبادة ، و قال بعض شعراء الشيعة فيه و يذكر إعادة الشمس عليه ، و أحسن في ما قال :

جاد بالقرص و انطوى ملأ جنبيه

وعاء في الطعام و هو سغوب

فأعاد القرص المنير عليه القرص

و المقرض الكرام كسوب

قلت : و نظير اجادة هذا الشاعر في وصفهعليه‌السلام في الجمع بين قرص الخبز و قرص الشمس .

قول الجامي في وصفهعليه‌السلام مشيرا إلى ايثاره ذاك و وصف شجاعته بالفارسية :

ملك دنيا به سنان گرفت

و ملك عقبى به سه نان

____________________

( ١ ) الانعام : ١٥١ .

١٤٨

١١ الحكمة ( ١٣٨ ) و قالعليه‌السلام :

مَنْ أَيْقَنَ بِالْخَلَفِ جَادَ بِالْعَطِيَّةِ أقول : في ( ابن ميثم و الخطّية ) جزء سابقه ، ثم هو أيضا من حديث الأربعمائة و روي معناه عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله .

و في ( الكافي ) عن أبي الحسنعليه‌السلام من أيقن بالخلف سخت نفسه بالنفقة و المعنى من أيقن بالخلف في الدنيا الذي و عد تعالى في قوله : .و ما أنفقتم من شي‏ء فهو يخلفه و هو خير الرازقين ١ و بالخلف في الآخرة و ذخرها كما أخبر تعالى :ما عندكم ينفد و ما عند اللَّه باق .٢ سهل عليه الجود بعطاه البتة ، و من لم يسهل عليه بعد ذلك فانما هو من ضعف يقينه بوعده تعالى .

و في ( تاريخ بغداد ) ، قال الفضل بن سهل : رأيت جملة البخل سوء الظن باللَّه تعالى ، و جملة السخاء حسن الظن باللَّه تعالى ، قال عز و جل :الشيطان يعدكم الفقر .٣ و قال عز و جل : .و ما أنفقتم من شي‏ء فهو يخلفه و هو خير الرازقين ٤ .

و في ( الكافي ) عن البزنطي كتب الرضاعليه‌السلام إلى الجوادعليه‌السلام بلغني ان الموالي إذا ركبت أخرجوك من الباب الصغير و انما ذلك من بخل منهم لئلا ينال منك أحد خيرا ، أسألك بحقي عليك لا يكن مدخلك و مخرجك إلاّ من الباب

____________________

( ١ ) سبأ : ٣٩ .

( ٢ ) النحل : ٩٦ .

( ٣ ) البقرة : ٢٦٨ .

( ٤ ) سبأ : ٣٩ .

١٤٩

الكبير فإذا ركبت فليكن معك ذهب و فضة ثم لا يسألك أحد شيئا إلاّ أعطيته ،

و من سألك من عمومتك أن تبرّه فلا تعطه أقل من خمسين دينارا و الكثير إليك ، و من سألك من عماتك فلا تعطها أقلّ من خمسة و عشرين دينارا و الكثير إليك ، اني انما أريد بذلك أن يرفعك اللَّه فانفق و لا تخش من ذي العرش اقتارا .

و عن أبي جعفرعليه‌السلام ان الشمس لتطلع و معها أربعة أملاك : ملك ينادي يا صاحب الخير أتمّ و أبشر ، و ملك ينادي يا صاحب الشرّ انزع و اقصر ، و ملك ينادي أعط منفقا خلفا و آت ممسكا تلفا ، و ملك ينضحها بالماء ، و لو لا ذلك اشتعلت الأرض .

و عنهعليه‌السلام من يضمن أربعة بأربعة أبيات في الجنّة انفق و لا تخف فقرا و انصف الناس من نفسك ، و افش السّلام في العالم ، و اترك المراء و ان كنت محقا .

و عن صفوان دخل علي الرضاعليه‌السلام مولى له فقال له : هل أنفقت اليوم شيئا ؟ فقال : لا فقالعليه‌السلام فمن أين يخلف اللَّه علينا انفق و لو درهما واحدا .

و عن أمير المؤمنينعليه‌السلام من يبسط يده بالمعروف إذا وجده يخلف اللَّه له ما أنفق في دنياه و يضاعف في آخرته .

و في ( المجمع ) عن الكلبي ، عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله من تصدّق بصدقة فله مثلاها في الجنّة ، فقال أبو الدحداح الأنصاري : ان لي حديقتين فان تصدقت باحديهما فان لي مثليها في الجنّة ؟ قال نعم ، قال : و ام الدحداح معي ؟ قال نعم قال و الصبية معي ؟ قال نعم فتصدّق بأفضل حديقتيه و دفعها إلى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله فنزل :من ذا الذي يقرض اللَّه قرضا حسنا فيضاعفه له أضعافا كثيرة .١

____________________

( ١ ) البقرة : ٢٤٥ .

١٥٠

فضاعف اللَّه صدقته ألفي ألف و ذلك قوله تعالى : .أضعافا كثيرة .١ فرجع أبو الدحداح فوجد ام الدحداح و الصبية في الحديقة التي جعلها صدقة فقام على الباب و تحرج أن يدخل فنادى و قال اني جعلت حديقتي هذه صدقة و اشتريت مثليها في الجنة و ام الدحداح معي و الصبية معي قالت : بارك اللَّه لك في ما شريت و في ما اشتريت فخرجوا و اسلموا الحديقة إليهصلى‌الله‌عليه‌وآله فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله كم من نخل متدل عذوقها في الجنّة لأبي الدحداح٢ .

١٢ الحكمة ( ٣٠٤ ) و قالعليه‌السلام :

إِنَّ اَلْمِسْكِينَ رَسُولُ اَللَّهِ فَمَنْ مَنَعَهُ فَقَدْ مَنَعَ اَللَّهَ وَ مَنْ أَعْطَاهُ فَقَدْ أَعْطَى اَللَّهَ في ( الكافي ) عن أبي جعفرعليه‌السلام ان اللَّه تعالى يبعث يوم القيامة ناسا من قبورهم مشدودة أيديهم إلى أعناقهم لا يستطيعون أن يتناولوا بها قيس أنملة معهم ملائكة يعيرونهم تعييرا شديدا يقولون هؤلاء الذين منعوا خيرا قليلا من خير كثير هؤلاء الذين أعطاهم اللَّه فمنعوا حق اللَّه في أموالهم .

١٣ الحكمة ( ٣٢٨ ) و قالعليه‌السلام :

إِنَّ اَللَّهَ سُبْحَانَهُ فَرَضَ فِي أَمْوَالِ اَلْأَغْنِيَاءِ أَقْوَاتَ اَلْفُقَرَاءِ فَمَا جَاعَ فَقِيرٌ إِلاَّ بِمَا مُتِّعَ بِهِ غَنِيٌّ وَ اَللَّهُ تَعَالَى جَدُّهُ سَائِلُهُمْ عَنْ ذَلِكَ

____________________

( ١ ) البقرة : ٢٤٥ .

( ٢ ) مجمع البيان للطبري ١ : ٣٤٩ دار احياء التراث العربي ، بيروت .

١٥١

هكذا في ( ابن أبي الحديد و ابن ميثم و الخطّية ) و زادت ( المصرية ) ( منه ) قبل ( غني ) و نقصت ( جده ) بعد ( تعالى ) .

في ( الكافي ) عن أبي جعفر الأحول قال سألني رجل من الزنادقة فقال كيف صارت الزكاة من كلّ ألف خمسة و عشرين درهما ؟ فقلت له : انما ذلك مثل الصلاة ثلاث و ثنتان و تربع فقبل مني ثم لقيت بعد ذلك أبا عبد اللَّهعليه‌السلام فسألته عن ذلك ، فقال ان اللَّه تعالى حسب الأموال و المساكين فوجد ما يكفيهم من كلّ ألف خمسة و عشرين و لو لم يكفهم لزادهم فرجعت إليه فأخبرته فقال جائت هذه المسألة على الابل من الحجاز ثم قال لو اني اعطيت أحدا طاعة لأعطيت صاحب هذا الكلام .

و عن قثم قلت لأبي عبد اللَّهعليه‌السلام جعلت فداك اخبرني كيف صارت من كلّ ألف خمسة و عشرين لم يكن أقلّ أو أكثر ما وجهها ؟ فقال : ان اللَّه عز و جل خلق الخلق كلّهم فعلم صغيرهم و كبيرهم و غنيهم و فقيرهم فجعل من كلّ ألف انسان خمسة و عشرين مسكينا ، و لو علم ان ذلك لا يسعهم لزادهم لأنّه خالقهم و هو أعلم بهم .

١٤ الحكمة ( ٢٩٩ ) و قالعليه‌السلام :

مَا أَهَمَّنِي ذَنْبٌ أُمْهِلْتُ بَعْدَهُ حَتَّى أُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ أقول و زاد ابن أبي الحديد « و اسأل اللَّه العافية » في ( الفقيه ) عن الصادقعليه‌السلام إيّاكم و الكسل فان ربكم رحيم يشكر القليل ان الرجل يصلّي الركعتين يريد بهما وجه اللَّه تعالى فيدخله اللَّه الجنّة و انّه ليصوم يوما تطوعا يريد به وجه اللَّه تعالى فيدخله اللَّه به الجنّة .

١٥٢

و عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ما من صلاة يحضر وقتها إلاّ نادى ملك بين يدي الناس قوموا إلى نيرانكم التي أوقدتموها على ظهوركم فاطفئوها بصلاتكم .

و في ( الكافي ) عن الصادقعليه‌السلام في قوله تعالى : . ان الحسنات يذهبن السيئات .١ أي صلاة المؤمن بالليل تذهب بما عمل من ذنب في النهار و عنهعليه‌السلام من صلّى ركعتين يعلم ما يقول فيهما انصرف و ليس بينه و بين اللَّه ذنب .

و في ( ثواب الأعمال ) عن الصادقعليه‌السلام يؤتى يوم القيامة بشيخ فيدفع إليه كتابه ظاهره ممّا يلي الناس لا يرى إلاّ مساوى‏ء فيطول ذلك عليه فيقول يا رب : أ تامر بي إلى النار ؟ فيقول جل جلاله : يا شيخ انا استحيي أن أعذبك و قد كنت تصلّي لي في دار الدنيا اذهبوا بعبدي إلى الجنّة .

١٥ الخطبة ( ١٩٤ ) و من كلام لهعليه‌السلام كان يوصى به أصحابه :

تَعَاهَدُوا أَمْرَ اَلصَّلاَةِ وَ حَافِظُوا عَلَيْهَا وَ اِسْتَكْثِرُوا مِنْهَا وَ تَقَرَّبُوا بِهَا فَإِنَّهَا كانَتْ عَلَى اَلْمُؤْمِنِينَ كِتاباً مَوْقُوتاً ١٨ ٢٢ ٤ : ١٠٣أَ لاَ تَسْمَعُونَ إِلَى جَوَابِ أَهْلِ اَلنَّارِ حِينَ سُئِلُوا ما سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ قالُوا لَمْ نَكُ مِنَ اَلْمُصَلِّينَ ١ ٩ ٧٤ : ٤٢ ٤٣ وَ إِنَّهَا لَتَحُتُّ اَلذُّنُوبَ حَتَّ اَلْوَرَقِ وَ تُطْلِقُهَا إِطْلاَقَ اَلرِّبَقِ وَ شَبَّهَهَا ؟ رَسُولُ اَللَّهِ ص ؟ بِالْحَمَّةِ تَكُونُ عَلَى بَابِ اَلرَّجُلِ فَهُوَ يَغْتَسِلُ مِنْهَا فِي اَلْيَوْمِ وَ اَللَّيْلَةِ خَمْسَ مَرَّاتٍ فَمَا عَسَى أَنْ يَبْقَى عَلَيْهِ مِنَ اَلدَّرَنِ وَ قَدْ عَرَفَ حَقَّهَا رِجَالٌ مِنَ اَلْمُؤْمِنِينَ اَلَّذِينَ لاَ تَشْغَلُهُمْ عَنْهَا زِينَةُ مَتَاعٍ وَ لاَ قُرَّةُ عَيْنٍ مِنْ وَلَدٍ وَ لاَ مَالٍ يَقُولُ اَللَّهُ سُبْحَانَهُرِجالٌ لا

____________________

( ١ ) هود : ١١٤ .

١٥٣

تُلْهِيهِمْ تِجارَةٌ وَ لا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اَللَّهِ وَ إِقامِ اَلصَّلاةِ وَ إِيتاءِ اَلزَّكاةِ ١ ١٦ ٢٤ : ٣٧١ وَ كَانَ ؟ رَسُولُ اَللَّهِ ص ؟ نَصِباً بِالصَّلاَةِ بَعْدَ اَلتَّبْشِيرِ لَهُ بِالْجَنَّةِ لِقَوْلِ اَللَّهِ سُبْحَانَهُوَ أْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَ اِصْطَبِرْ عَلَيْها ١ ٧ ٢٠ : ١٣٢٢ فَكَانَ يَأْمُرُ بِهَا أَهْلَهُ وَ يُصْبِرُ عَلَيْهَا نَفْسَهُ ثُمَّ إِنَّ اَلزَّكَاةَ جُعِلَتْ مَعَ اَلصَّلاَةِ قُرْبَاناً لِأَهْلِ اَلْإِسْلاَمِ فَمَنْ أَعْطَاهَا طَيِّبَ اَلنَّفْسِ بِهَا فَإِنَّهَا تُجْعَلُ لَهُ كَفَّارَةً وَ مِنَ اَلنَّارِ حِجَازاً وَ وِقَايَةً فَلاَ يُتْبِعَنَّهَا أَحَدٌ نَفْسَهُ وَ لاَ يُكْثِرَنَّ عَلَيْهَا لَهَفَهُ فَإِنَّ مَنْ أَعْطَاهَا غَيْرَ طَيِّبِ اَلنَّفْسِ بِهَا يَرْجُو بِهَا مَا هُوَ أَفْضَلُ مِنْهَا فَهُوَ جَاهِلٌ بِالسُّنَّةِ مَغْبُونُ اَلْأَجْرِ ضَالُّ اَلْعَمَلِ طَوِيلُ اَلنَّدَمِ ثُمَّ أَدَاءَ اَلْأَمَانَةِ فَقَدْ خَابَ مَنْ لَيْسَ مِنْ أَهْلِهَا إِنَّهَا عُرِضَتْ عَلَى اَلسَّمَاوَاتِ اَلْمَبْنِيَّةِ وَ اَلْأَرَضِينَ اَلْمَدْحُوَّةِ وَ اَلْجِبَالِ ذَاتِ اَلطُّولِ اَلْمَنْصُوبَةِ فَلاَ أَطْوَلَ وَ لاَ أَعْرَضَ وَ لاَ أَعْلَى وَ لاَ أَعْظَمَ مِنْهَا وَ لَوِ اِمْتَنَعَ شَيْ‏ءٌ بِطُولٍ أَوْ عَرْضٍ أَوْ قُوَّةٍ أَوْ عِزٍّ لاَمْتَنَعْنَ وَ لَكِنْ أَشْفَقْنَ مِنَ اَلْعُقُوبَةِ وَ عَقَلْنَ مَا جَهِلَ مَنْ هُوَ أَضْعَفُ مِنْهُنَّ وَ هُوَ اَلْإِنْسَانُ إِنَّهُ كانَ ظَلُوماً جَهُولاً ١٩ ٢٢ ٣٣ : ٧٢ أقول : الأصل فيه ما رواه ( الكافي ) ( في الباب الثالث عشر من جهاده ) عن عقيل الخزاعي ان أمير المؤمنينعليه‌السلام كان إذا حضر الحرب يوصي المسلمين بكلمات ، يقول : تعاهدوا الصلاة و حافظوا عليها ، و استكثروا منها و تقرّبوا بها ،

فانها كانت على المؤمنين كتابا موقوتا ، و قد علم ذلك الكفار حين سئلوا ما سلككم في سقر ؟ قالوا لم نك من المصلّين ، و قد عرف حقّها من طرقها و اكرم

____________________

( ١ ) النور : ٣٧ .

( ٢ ) طه : ١٣٢ .

١٥٤

بها من المؤمنين الذين لا يشغلهم عنها زين متاع و لا قرّة عين من مال و لا ولد ،

يقول اللَّه عز و جل :رجال لا تلهيهم تجارة و لا بيع عن ذكر اللَّه و اقام الصلاة .١ و كان رسول اللَّهصلى‌الله‌عليه‌وآله منصبا لنفسه بالبشرى له بالجنة من ربه ، فقال عز و جل :و أمر أهلك بالصلاة و اصطبر عليها .٢ و كان يأمر بها أهله و يصبر عليها نفسه ، ثم ان الزكاة جعلت مع الصلاة قربانا لأهل الاسلام على أهل الاسلام ، و من لم يعطها طيب النفس بها ، يرجو بها من الثمن ما هو أفضل منها فانّه جاهل بالسنّة ، مغبون الأجر ضال العمر ، طويل الندم بترك امر اللَّه تعالى و الرغبة عمّا عليه صالحوا عباد اللَّه ، يقول اللَّه تعالى :

و يتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى .٣ فقد خسر من ليس من أهلها و ضلّ عمله ، عرضت على السماوات المبنية ، و الأرض المهاد و الجبال المنصوبة ، فلا أطول و لا أعرض و لا أعلى و لا أعظم ، لو امتنعن من طول أو عرض أو عظم أو قوّة أو عزّة امتنعن ، و لكن اشفقن من العقوبة الخبر .

قول المصنف :

و من كلام لهعليه‌السلام كان يوصي به أصحابه » قد عرفت من خبر ( الكافي ) انّهعليه‌السلام كان يوصي بذلك عند القتال ، و انما كانعليه‌السلام يفعل ذلك كيلا يتهاونوا بها وقت الحرب بعذر الحرب و لها شرع تعالى صلاة الخوف فقال :و إذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلاة فلتقم طائفة منهم معك الآية .٤ .

قولهعليه‌السلام :

« تعاهدوا » في معنى تعهدوا قال ابن دريد : قد يجيي تفعل و تفاعل بمعنى

____________________

( ١ ) النور : ٣٧ .

( ٢ ) طه : ١٣٢ .

( ٣ ) النساء : ١١٥ .

( ٤ ) النساء : ١٠٢ .

١٥٥

كتعهد و تعاهد و تضحك و تضاحك و تلعب و تلاعب ، و قد يفترقان مثل تكبر من الكبر و ( تكابر ) من السن .

« أمر الصلاة » في ( الكافي ) عن أبان بن تغلب : صلّيت خلف أبي عبد اللَّهعليه‌السلام بالمزدلفة فلمّا انصرف التفت اليّ فقال : الصلوات الخمس المفروضات من أقام حدودهن و حافظ على مواقيتهن لقى اللَّه يوم القيامة و له عنده عهد يدخله به الجنّة ، و من لم يقم حدودهن و لم يحافظ على مواقيتهن لقى اللَّه و لا عهد له ان شاء عذّبه و ان شاء غفر له .

« و حافظوا عليها »ان الانسان خلق هلوعا إذا مسّه الشرّ جزوعا و إذا مسّه الخير منوعا إلاّ المصلّين الذين هم على صلوتهم دائمون و الذين في أموالهم حق معلوم للسائل و المحروم و الذين يصدقون بيوم الدين و الذين هم من عذاب ربهم مشفقون ان عذاب ربهم غير مأمون و الذين هم لفروجهم حافظون إلاّ على أزواجهم أو ما ملكت ايمانهم فانهم غير ملومين فمن ابتغى و راء ذلك فأولئك هم العادون و الذين هم لأماناتهم و عهدهم راعون و الذين هم بشهاداتهم قائمون و الذين هم على صلواتهم يحافظون أولئك في جنات مكرمون ١ .

فسّر قوله تعالى في أول الآية : .على صلوتهم دائمون ٢ بالنافلة و في آخر الآية .على صلوتهم يحافظون ٣ بالفريضة ، روى ذلك ( الكافي ) عن أبي جعفرعليه‌السلام و قال تعالى :حافظوا على الصلوات و الصلاة الوسطى .٤ .

____________________

( ١ ) المعارج : ١٩ ٣٥ .

( ٢ ) المعارج : ٢٣ .

( ٣ ) المعارج : ٣٤ .

( ٤ ) البقرة : ٢٣٨ .

١٥٦

و في ( الكافي ) عن أبي جعفرعليه‌السلام كلّ سهو في الصلاة يطرح منها غير ان اللَّه يتمّ بالنوافل ان أوّل ما يحاسب به العبد الصلاة فان قبلت قبل ما سواها ان الصلاة إذا ارتفعت في أوّل وقتها رجعت إلى صاحبها و هي بيضاء مشرقة ،

تقول : حفظتني حفظك اللَّه ، و إذا ارتفعت في غير وقتها بغير حدودها رجعت إلى صاحبها و هي سوداء مظلمة تقول : ضيعتني ضيّعك اللَّه .

و عنهعليه‌السلام ايما مؤمن حافظ على الصلوات المفروضة فصلاّها لوقتها فليس هذا من الغافلين و عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله لا يزال الشيطان زعرا من المؤمن ما حافظ على الصلوات الخمس ، فاذا ضيعهن تجرأ عليه فأدخله في العظائم .

« و استكثروا منها » قال عيسىعليه‌السلام في المهد :اني عبد اللَّه آتاني الكتاب و جعلني نبيا و جعلني مباركا أين ما كنت و أوصاني بالصلاة و الزكاة ما دمت حيا ١ .

« و تقربوا بها » في ( الكافي ) عن الرضاعليه‌السلام الصلاة قربان كلّ تقي .

و عنهعليه‌السلام أقرب ما يكون العبد من اللَّه عز و جل و هو ساجد و ذلك قوله تعالىو اسجد و اقترب ٢ .

« فانها .كانت على المؤمنين كتابا موقوتا ٣ » و إذا خرج وقتها يجب قضاؤها .

« أ لا تسمعون إلى جواب أهل النار حين سئلوا ما سلككم في سقر قالوا لم نك من المصلين » فالآية تدل على كون الكفار معاقبين بالفروع كالاصول و اما سقوط القضاء عن الكافر إذا أسلم فتفضل و لا تضاد ، فالعقد يوجب المهر كلّه ،

____________________

( ١ ) مريم : ٣٠ ٣١ .

( ٢ ) العلق : ١٩ .

( ٣ ) النساء : ١٠٣ .

١٥٧

و الطلاق قبل المس يسقط نصفه .

« و انها لتحت » أي : تناثر .

« الذنوب حت الورق » من الشجر قال الخوئي عن مجالس ابن الشيخ قال سلمان كنّا مع النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله في ظلّ شجرة ، فأخذ غصنا منها فنفضه فتساقط ورقه ،

فقال : ألا تسألوني عمّا صنعت قالوا : اخبرنا ، فقال ، ان العبد المسلم إذا قام إلى الصلاة تحاطت خطاياه كما تحاطت ورق هذه الشجرة .

« و تطلقها اطلاق الربق » قال الجوهري الربق بالكسر حبل فيه عدّة عرى يشدّ به البهم ، و الواحدة من العروة ربقة ، و الربيقة البهيمة المربوطة في الربق .

في ( الفقيه ) عن الصادقعليه‌السلام لمّا هبط آدم من الجنّة ظهرت به شامة سوداء في وجهه من قرنه إلى قدمه فطال بكاؤه عليه فأتاه جبرئيلعليه‌السلام فقال له ما يبكيك ؟ قال : من هذه الشامة قال : قم فصلّ فهذا وقت الصلاة الأولى فقام فصلّى فانحطت إلى عنقه فجاءه في الصلاة الثانية فقال قم فصلّ فصلّى إلى سرته فجاءه في الصلاة الثالثة فقال : قم فصل فصلّى فانحطت إلى ركبتيه فجاءه في الرابعة فقال قم فصل فصلّى فانحطت إلى قدميه فجاءه في الصلاة الخامسة فقال قم فصلّ فقام فصلّى فخرج منها فحمد اللَّه فقال له جبرئيل مثل ولدك في هذه الصلوات كمثلك من هذه الشامة ، من صلّى من ولدك في كلّ يوم و ليلة خمس صلوات خرج من ذنوبه كما خرجت من هذه الشامة .

هذا ، و قال الخوئي ( و تطلقها اطلاق الربق ) على القلب ، و المراد انها تطلق اعناق النفوس من أغلال الذنوب اطلاق أعناق البهائم من الارباق مع انّه لا قلب و انما هو توهم كون الربق فاعل الاطلاق مع انّه مفعولها كما في حت الورق فكما ان المعنى في الأول ان الصلاة تحت الذنوب كحثّك للورق كذلك

١٥٨

المعنى في الثاني ان الصلاة تطلق الذنوب اطلاقك الربق عن البهائم .

هذا ، و كما شبهت الصلاة مع الذنوب في كلامهعليه‌السلام بحت الورق و اطلاق الربق كذلك شبّهت معها في كلام النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله بماء يطفى‏ء النار ففي الفقيه قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ما من صلاة يحضر وقتها إلاّ نادى ملك بين يدي الناس قوموا إلى نيرانكم التي أو قد تموها على ظهوركم فأطفئوها بصلاتكم .

« و شبهها رسول اللَّهصلى‌الله‌عليه‌وآله بالحمة » في ( الصحاح ) الحمة العين الحارة يستشفى بها الأعلاء و في الحديث ( العالم كالحمة ) .

« فهو يغتسل منها في اليوم و الليلة خمس مرات فما عسى ان يبقى عليه من الدرن » أي : الوسخ .

و درن المعاصي باطني و سئل الامام ، هل يعلم الملكان إذا هم بالحسنة أو السيئة ؟ فقالعليه‌السلام : هل يستوي ريح الطيب و ريح الكنيف فإذا همّ بالحسنة يخرج نفسه متطيبا ، و إذا همّ بالسيئة خرج نفسه منتنا و ورد في الكذب انّه يخرج من قلبه تعفّن يبلغ العرش فيلعنه من في السماء .

« و قد عرف حقّها رجال من المؤمنين الذين لا يشغلهم زينة متاع ، و لا قرّة عين من مال و لا ولد » ناظرة إلى قوله تعالىالمال و البنون زينة الحياة الدنيا و الباقيات الصالحات خير عند ربك ثوابا و خير أملا ١ .

«يقول اللَّه سبحانه رجال لا تلهيهم تجارة و لا بيع عن ذكر اللَّه و اقام الصلاة و ايتاء الزكاة .٢ » و بعده .يخافون يوما تتقلب فيه القلوب و الأبصار ٣ و قال تعالى :الذين إن مكّناهم في الأرض أقاموا الصلاة و آتوا الزكاة . .٤ .

____________________

( ١ ) الكهف : ٤٦ .

( ٢ ) النور : ٣٧ .

( ٣ ) النور : ٣٧ .

( ٤ ) الحج : ٤١ .

١٥٩

« و كان رسول اللَّهصلى‌الله‌عليه‌وآله نصبا » أي : تعبا .

« بالصلاة بعد التبشير له بالجنة » هكذا في النسخ ، و الظاهر ان كون قوله ( بعد التبشير له بالجنّة ) مصحف « بعد الأمر له بالصلاة » كما يشهد له قوله بعد .

«يقول اللَّه سبحانه و أمر أهلك بالصلاة و اصطبر عليها .١ » أي : احمل نفسك على الصبر عليها .

« فكان يأمر أهله » خصوصا كما يأمر باقي الناس عموما .

في ذيل الطبري مسندا عن أبي الحمراء ، قال : رابطت المدينة ستة أشهر على عهد النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله فرأيته إذا طلع الفجر جاء إلى باب علي و فاطمةعليهما‌السلام فقال :

الصلاة انما يريد اللَّه ليذهب عنكم الرجس أهل البيت و يطهّركم تطهيرا٢ و رواه الثعلبي في ( تفسيره ) عن أبي الحمراء٣ و رواه ( أماليا ) الشيخين أيضا٤ .

و روى الأندلسي في ( جمعه للصحاح الستة ) عن ( سنن أبي داود ) ،

و ( موطأ مالك ) عن أنس ان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله كان يمر بباب فاطمة إذا خرج إلى صلاة الفجر حين نزلت هذه الآية ، فيقول الصلاة انما يريد اللَّه ليذهب عنكم الرجس أهل البيت و يطهّركم تطهيرا٥ .

و روى اخطب الخطباء في اسناد له عن أبي سعيد الخدري ، ان

____________________

( ١ ) طه : ١٣٢ .

( ٢ ) الطبري : ذيل المذيل ( تاريخ الطبري ) : ٨٣ منشورات الأعلمي ، بيروت .

( ٣ ) ذكره ابن طاووس في الطرائف : ١٢٨ نقلا عن الثعلبي .

( ٤ ) الطوسي ، الأمالي ٥ : ٤٣ المجلس ( ٢١ ) رقم ( ١١٧٤ ) .

( ٥ ) ذكره ابن طاووس في الطرائف : ١٢٨ و نقله المجلسي بحار الأنوار ٣٥ : ٢٢٣ رواية ( ٣٠ ) و الأندلسي هو نفسه الحميدي صاحب كتاب الجمع بين الصحيحين .

١٦٠

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617