بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة الجزء ١٣

بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة0%

بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة مؤلف:
تصنيف: أمير المؤمنين عليه السلام
الصفحات: 617

بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة

مؤلف: الشيخ محمد تقي التّستري
تصنيف:

الصفحات: 617
المشاهدات: 171874
تحميل: 5289


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5 الجزء 6 الجزء 7 الجزء 8 الجزء 9 الجزء 10 الجزء 11 الجزء 12 الجزء 13 الجزء 14
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 617 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 171874 / تحميل: 5289
الحجم الحجم الحجم
بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة

بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة الجزء 13

مؤلف:
العربية

النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله جاء إلى باب فاطمةعليها‌السلام أربعين صباحا بعد ما دخل علي بفاطمة يقول : السّلام عليكم و رحمة اللَّه و بركاته الصلاة يرحمكم اللَّه ، انما يريد اللَّه ليذهب عنكم الرجس أهل البيت و يطهّركم تطهيرا١ .

و في اسناد آخر عنه ، قال : لمّا نزل قوله تعالى :و أمر أهلك بالصلاة .٢ كان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله يأتي باب علي و فاطمة تسعة أشهر كلّ صلاة فيقول الصلاة يرحمكم اللَّه انما يريد اللَّه ليذهب عنكم الرجس أهل البيت و يطهّركم تطهيرا٣ .

و روى ( عيون ابن بابويه ) عن الريان بن الصلت ان الرضاعليه‌السلام حضر مجلس المأمون و قد اجتمع في مجلسه جماعة من علماء أهل العراق و خراسان فقال له المأمون هل فضّل اللَّه العترة على ساير الناس ؟ فقالعليه‌السلام :

ان اللَّه تعالى فضّلهم على ساير الناس في محكم كتابه إلى أن قال بعد ذكر إحدى عشرة آية في تفضيلهم و أما الثانية عشرة فقوله عز و جل :و أمر أهلك بالصلاة و اصطبر عليها .٤ فخصصنا اللَّه بهذه الآية ، إذ أمرنا اللَّه مع الامة بإقامة الصلوات ثم خصصنا من دون الامة فكان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله يجي‏ء إلى باب علي و فاطمة صلوات اللَّه عليهما بعد نزول هذه الآية تسعة أشهر كلّ يوم عند حضور كلّ صلاة خمس مرات فيقول : الصلاة رحمكم اللَّه و ما أكرم اللَّه أحدا من ذراري الأنبياء بمثل هذه الكرامة التي أكرمنا بها الخبر .

و هذه الأخبار الواردة من العامة و الخاصة متفقة على ان آية .. انما

____________________

( ١ ) الخطيب الخوارزمي ، مناقب أمير المؤمنين : ٣٥ الباب الخامس ، طبع حجري في كربلاء .

( ٢ ) طه : ١٣٢ .

( ٣ ) المصدر السابق : ٣٥ .

( ٤ ) طه : ١٣٢ .

١٦١

يريد اللَّه ليذهب عنكم الرجس أهل البيت و يطهّركم تطهيرا ١ في سورة الأحزاب كانت بعد آيةو أمر أهلك بالصلاة و اصطبر عليها . .٢ في سورة طه ، و ادرجوا الاولى في آية نساء النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله اطفاء لنور اللَّه و يأبى اللَّه ذلك حيث جرى الحق على لسانهم في أخبارهم و بالجملة فالآيتان أعظم حجّة على مخالفي أهل البيتعليهم‌السلام .

« و يصبر » أي : يحبس قال تعالى :و اصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة و العشي يريدون وجهه .٣ .

« عليها نفسه » و قد صبرصلى‌الله‌عليه‌وآله نفسه عليها حتى و رمت قدماه فأنزل تعالى :و ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى ٤ .

« ثم ان الزكاة جعلت مع الصلاة قربانا » أي سبب تقرّب إليه تعالى .

« لأهل الاسلام » قال تعالى :فان تابوا أقاموا الصلاة و آتوا الزكاة فاخوانكم في الدين .٥ .

و في ( الكافي ) عن أبي بصير كنّا عند أبي عبد اللَّهعليه‌السلام و معنا بعض أصحاب الأموال فذكروا الزكاة فقالعليه‌السلام : ان الزكاة ليس يحمد بها صاحبها و انما هو شي‏ء ظاهر انما حقن بها دمه و سمّى بها مسلما و من لم يؤدها لم تقبل له صلاة ، و ان عليكم في أموالكم غير الزكاة و عد حقوقا .

و عن أبي جعفرعليه‌السلام بيّنا النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله في المسجد إذ قال قم يا فلان قم يا فلان حتى عد خمسة نفر فقال أخرجوا من مسجدنا لا تصلّوا فيه

____________________

( ١ ) الاحزاب : ٣٣ .

( ٢ ) طه : ١٣٢ .

( ٣ ) الكهف : ٢٨ .

( ٤ ) طه : ٢ .

( ٥ ) التوبة : ١١ .

١٦٢

و أنتم لا تزكّون .

و عن أبي عبد اللَّهعليه‌السلام دمان في الاسلام حلال من اللَّه لا يقضي فيها أحد حتى يبعث اللَّه قائمنا فإذا بعث حكم فيهما بحكم اللَّه لا يريد عليهما بيّنة ، الزاني المحصن يرجمه ، و مانع الزكاة يضرب عنقه .

و عنهعليه‌السلام من منع قيراطا من الزكاة فليمت ان شاء يهوديا أو نصرانيا ،

و ليس بمؤمن و لا مسلم و هو قوله تعالى : .رب ارجعون لعلي أعمل صالحا في ما تركت .١ .

و عن أبي جعفرعليه‌السلام ان اللَّه تعالى قرن الزكاة بالصلاة فقال :و أقيموا الصلاة و آتوا الزكاة .٢ فمن أقام الصلاة و لم يؤت الزكاة لم يقم الصلاة .

و عن أبي عبد اللَّهعليه‌السلام صلاة مكتوبة خير من عشرين حجّة ، و حجّة خير من بيت مملوءا ذهبا ينفقه في برّ حتى ينفد ، ثم قال : و لا أفلح من ضيّع عشرين بيتا من ذهب بخمسة و عشرين درهما قيل : و ما معناه ؟ قال : من منع الزكاة ،

وقفت صلوته حتى يزكي .

« فمن أعطاها طيب النفس بها فانها تجعل له كفارة و من النار حجازا » هكذا في ( المصرية ) و الصواب : ( حجابا ) كما في ( ابن أبي الحديد ) و غيره .

« و وقاية » في الخبر أرض القيامة نار ما خلا موضع المؤمن فان صدقته تظلّه .

« فلا يتبعها أحد نفسه و لا يكثرن عليها لهفه » قال ابن أبي الحديد أمر النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله بعض نسائه ان تقسّم شاة على الفقراء ، فقالت لم يبق منها غير عنقها فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : بقي كلّها غير عنقها قال ابن أبي الحديد أخذ شاعر هذا

____________________

( ١ ) المؤمنون : ٩٩ ١٠٠ .

( ٢ ) البقرة : ٤٣ .

١٦٣

المعنى فقال :

يبكي على الذاهب من ماله

و انما يبقى الذي يذهب

قلت الأصل في كلام النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قوله تعالى :ما عندكم ينفد و ما عند اللَّه باق .١ .

« فان من أعطاها غير طيب النفس بها ، يرجوبها و هو أفضل منها فهو جاهل بالسنة مغبون الأجر ، ضال العمل ، طويل الندم » قال تعالى :و ما منعهم أن تقبل منهم نفقاتهم إلاّ انّهم كفروا باللَّه و برسوله و لا يأتون الصلاة إلاّ و هم كسالى و لا ينفقون إلاّ و هم كارهون ٢ .

« ثم اداء الأمانة ، فقد خاب من ليس من أهلها » فقد عد اللَّه تعالى في صفات أهل الايمان رعاية الأمانات و قال نبيهصلى‌الله‌عليه‌وآله : بعثت باداء الأمانة إلى البر و الفاجر .

و عن الصادقعليه‌السلام لو أن قاتل أمير المؤمنينعليه‌السلام إئتمنني على أمانة لأديتها إليه و عن السجادعليه‌السلام : لو أن قاتل أبي أئتمنني على السيف الذي قتله به لأديته إليه .

و عن الصادقعليه‌السلام : من اؤتمن على أمانة فأداها فقد حلّ ألف عقدة من عنقه من عقد النار فبادروا باداء الأمانة فان من اؤتمن على أمانة و كّل به إبليس مائة شيطان من مردة أعوانه ليضلّوه .

و قال تعالى :ان اللَّه يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها .٣ يا أيها الذين آمنوا لا تخونوا اللَّه و الرسول و تخونوا أماناتكم و أنتم تعلمون ٤

____________________

( ١ ) النحل : ٩٦ .

( ٢ ) التوبة : ٥٤ .

( ٣ ) النساء : ٥٨ .

( ٤ ) الانفال : ٢٧ .

١٦٤

فان امن بعضكم بعضنا فليؤد الذي أؤتمن و ليتق اللَّه ربه .١ .

و الحربي الذي ماله و دمه حلال لا يجوز الخيانة في أمانته و في ( الكافي ) عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله حافتا الصراط يوم القيامة الرحم و الأمانة ، فاذا مر الوصول للرحم المؤدي للأمانة نفذ إلى الجنّة ، و إذا مر الخائن للأمانة القطوع للرحم لم ينفعه معه عمل فتكفا به الصراط في النار .

« انها عرضت على السماوات المبنية »و بنينا فوقكم سبعا شدادا ٢ .

« و الأرضين المدحوّة » قال الجوهري : ( مر الفرس يدحو دحوا ) إذا رمى بيديه رميا لا يرفع سنبكه عن الأرض كثيرا و يقال للاّعب بالجوز ( ابعد المدى و ادحه ) أي ارمه .

قال تعالى : . .أم السماء بناها رفع سمكها فسواها و اغطش ليلها و أخرج ضحيها و الأرض بعد ذلك دحاها ٣ .

« و الجبال ذات الطول المنصوبة »و ألقى في الأرض رواسي أن تميد بكم .٤ .

« فلا أطول » اشارة إلى الجبال .

« و لا أعرض » اشارة إلى الأرضين .

« و لا أعلى و لا أعظم » اشارة إلى السماوات .

« منها » أي : من السماوات و الأرضين و الجبال ، و جعل ابن ميثم و الخوئي أطول و أعرض و أعظم كلّها راجعة إلى الجبال كضمير ( منها ) في غير محلّه .

____________________

( ١ ) البقرة : ٢٨٣ .

( ٢ ) النبأ : ١٢ .

( ٣ ) النازعات : ٢٧ ٣٠ .

( ٤ ) النحل : ١٥ .

١٦٥

« و لو امتنع شي‏ء بطول أو عرض أو قوّة أو عزّ لا متنعن » أي : لو صار شي‏ء منيعا بها لصارت منيعة بها حتى تجسر على حمل الأمانة .

هذا ، و في القاموس الممتنع الأسد القوي العزيز في نفسه ، و في ( الصحاح ) المتمنعان البكرة و العناق تمنعان على السنة بفتاءهما و لأنهما يشبعان قبل الجلة و هما المقاتلتان الزمان عن أنفسهما .

« و لكن أشفقن » أي : حذرن .

« من العقوبة و عقلن » أي : فهمن ما جهل من هو أضعف منهن .

« و هو الانسان انّه كان ظلوما جهولا » واضح انّهعليه‌السلام أشار إلى قوله تعالى :

إنّا عرضنا الأمانة على السماوات و الأرض و الجبال فأبين أن يحملنها و أشفقن منها و حملها الإنسان انّه كان ظلوما جهولا ١ .

و اختلف في المراد من الأمانة فقال ابن أبي الحديد أصحّ ما قيل في تفسير الآية : ان الأمانة ثقيلة المحمل ، لأن حاملها معرّض لخطر عظيم ، فهي بالغة من الثقل و صعوبة الحمل ما لو انها عرضت على السماوات و الأرض و الجبال لامتنعت من حملها و ليس المراد لو عرضت عليها و هي جمادات بل المراد تعظيم شأن الأمانة كما تقول هذا الكلام لا يحمله الجبال و قوله : ( امتلأ الحوض و قال قطني ) و قوله تعالى : .قالتا أتينا طائعين ٢ و مذهب العرب و توسعها و مجازاتها مشهور شائع .

و في تفسير القمي ، المراد بالأمانة الولاية و بالإنسان الظلوم الجهول الأول و نقل البرهان روايه الصفار٣ ، و الصدوق٤ ، و عمر بن إبراهيم الأوسي

____________________

( ١ ) الاحزاب : ٧٢ .

( ٢ ) فصلت : ١١ .

( ٣ ) البحراني ، تفسير البرهان ٣ : ٣٤٢ ، دار الكتب العلمية قم .

( ٤ ) المصدر السابق : ٣٤٠ .

١٦٦

له في كتبهم و كذلك رواية الكليني١ و محمد بن العباس بن ماهيار له٢ و كلامهعليه‌السلام هنا كالآية محتمل للعموم و الخصوص .

١٦ الكتاب ( ٥٢ ) و من كتاب لهعليه‌السلام إلى امراء البلاد في معنى الصلاة :

أَمَّا بَعْدُ فَصَلُّوا بِالنَّاسِ اَلظُّهْرَ حَتَّى تَفِي‏ءَ اَلشَّمْسُ مِنْ مَرْبِضِ اَلْعَنْزِ وَ صَلُّوا بِهِمُ اَلْعَصْرَ وَ اَلشَّمْسُ بَيْضَاءُ حَيَّةٌ فِي عُضْوٍ مِنَ اَلنَّهَارِ حِينَ يُسَارُ فِيهَا فَرْسَخَانِ وَ صَلُّوا بِهِمُ اَلْمَغْرِبَ حِينَ يُفْطِرُ اَلصَّائِمُ وَ يَدْفَعُ اَلْحَاجُّ إِلَى ؟ مِنًى ؟ وَ صَلُّوا بِهِمُ اَلْعِشَاءَ حِينَ يَتَوَارَى اَلشَّفَقُ إِلَى ثُلُثِ اَللَّيْلِ وَ صَلُّوا بِهِمُ اَلْغَدَاةَ وَ اَلرَّجُلُ يَعْرِفُ وَجْهَ صَاحِبِهِ وَ صَلُّوا بِهِمْ صَلاَةَ أَضْعَفِهِمْ وَ لاَ تَكُونُوا فَتَّانِينَ قول المصنّف :

« و من كتاب لهعليه‌السلام إلى » كذا في ( المصرية ) و لكن في ( ابن أبي الحديد و ابن ميثم ) ( و من كتاب لهعليه‌السلام كتبه إلى ) .

« أمراء البلاد » لا أمير مخصوص ، لأن تعليمات الدين عامة .

« في معنى » يجوز بلفظ المكان و المفعول .

« الصلاة » أي : ما يتعلّق بها .

قولهعليه‌السلام :

« أما بعد فصلّوا بالناس الظهر » من حيث الدلوك .

« حتى تفي‏ء » أي : ترجع قال الجوهري : قال ابن السكيت : الظلّ ما نسخته

____________________

( ١ ) البحراني ، تفسير البرهان ٣ : ٣٤٠ .

( ٢ ) المصدر السابق ٣ : ٣٤٢ .

١٦٧

الشمس و الفي‏ء ما نسخ الشمس ، و قال روبه كلّما كانت عليه الشمس فزالت عنه فهو في‏ء و ظلّ و ما لم يكن عليه الشمس فهو ظلّ .

« الشمس » و المراد ظلّها .

« من » هكذا في ( المصرية ) و الصواب : ( مثل ) كما في ( ابن أبي الحديد و ابن ميثم و الخطّية ) .

« مربض العنز » قال الجوهري : ( المرابض للغنم كالمعاطن للابل ) .

« و صلّوا بهم العصر و الشمس بيضاء حية حين يسار فيها فرسخان » في باب وقت الظهر و العصر من ( الكافي ) ، عن يزيد بن خليفة ، قلت لأبي عبد اللَّهعليه‌السلام :

ذكر عمر بن حنظلة أن أوّل صلاة افترضها اللَّه على نبيّهصلى‌الله‌عليه‌وآله الظهر و هو قوله تعالى :أقم الصلاة لدلوك الشمس . .١ فإذا زالت الشمس لم يمنعك إلاّ سبحتك ثم لا تزال في وقت إلى ان يصير الظلّ قامة و هو آخر الوقت فإذا صار الظلّ قامة دخل وقت العصر فلم تزل في وقت العصر حتى يصير الظلّ قامتين و ذلك المساء فقال : صدق .

و عنهعليه‌السلام إذا زالت الشمس فقد دخل وقت الظهر إلاّ ان بين يديها سبحة و ذلك إليك ان شئت طوّلت و ان شئت قصّرت .

و في ( الفقيه ) عن الفضيل و زرارة ، و بكير و محمد بن مسلم ، و بريد العجلي ، عن الباقر و الصادقعليهما‌السلام وقت الظهر بعد الزوال قدمان ، و وقت العصر بعد ذلك قدمان و قال أبو جعفرعليه‌السلام : ان حايط مسجد النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله كان قامة و كان إذا مضى منه ذراع صلّى الظهر و إذا مضى منه ذراعان صلّى العصر .

ثم قال : أتدري لم جعل الذراع و الذراعان ، لمكان النافلة لك أن تتنفّل من

____________________

( ١ ) الاسراء : ٧٨ .

١٦٨

زوال الشمس إلى أن يمضي ذراع فإذا بلغ فيؤك ذراعا بدأت بالفريضة و تركت النافلة و إذا بلغ فيؤك ذراعين بدأت بالفريضة و تركت النافلة .

و فيه ، قال أبو جعفرعليه‌السلام لأبي بصير : ما خدعوك فلا يخدعونك من العصر صلّها و الشمس بيضاء نقية فان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال : الموتور أهله و ماله من ضيّع صلاة العصر ، قيل ما الموتور اهله و ماله ؟ قال : لا يكون له أهل و لا مال في الجنّة قيل : و ما تضييع العصر ؟ قال : يدعها حتى تصفر الشمس أو تغيب .

« و صلّوا بهم المغرب حين يفطر الصائم » في باب وقت افطار ( الكافي ) عن الصادقعليه‌السلام ان تقوم بحذاء القبلة و تتفقد الحمرة التي ترتفع من المشرق ،

فإذا جازت قمّة الرأس إلى ناحية المغرب فقد وجب الافطار و سقط القرص .

و عن الصادقعليه‌السلام إذا غابت الحمرة من المشرق فقد غابت الشمس في شرق الأرض و غربها .

« و يدفع الحاجّ » يعني من عرفات إلى المشعر .

في ( الكافي ) عن الصادقعليه‌السلام قيل له : متى الافاضة من عرفات ؟ قال : إذا ذهبت الحمرة يعني من الجانب الشرقي .

و عنهعليه‌السلام ان المشركين كانوا يفيضون قبل أن تغيب الشمس فخالفهم النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله فأفاض بعد غروبها .

و عنهعليه‌السلام وقت المغرب إذا ذهبت الحمرة من المشرق و تدري كيف ذاك ان المشرق مطلّ على المغرب هكذا و رفع يمينه فوق يساره فاذا غابت ههنا ذهبت الحمرة ، من ههنا .

و عنهعليه‌السلام اتى جبرئيلعليه‌السلام لكلّ صلاة بوقتين غير صلاة المغرب فان وقتها واحد و روي ان لها وقتين و آخر وقتها سقوط الشفق قال الكليني :

١٦٩

و ليس هذا ممّا يخالف الحديث الأول ان لها وقتا واحدا لأن الشفق هو الحمرة و ليس بين غيبوبة الشمس و غيبوبة الشفق إلاّ شي‏ء يسير و ذلك ان علامة غيبوبة الشمس بلوغ الحمرة القبلة ، و ليس بينه و بين غيبوبة الشفق الاّ قدر ما يصلّي الإنسان صلاة المغرب و نوافلها إذا صلاّها على تؤدة و سكون ،

و تفقدت ذلك غير مرّة و لذلك صار وقت المغرب ضيّقا .

« و صلّوا بهم العشاء حين يتوارى الشفق إلى ثلث الليل » في ( الكافي ) عن الصادقعليه‌السلام تجب العتمة إذا غاب الشفق أي الحمرة و عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله لو لا ان أشقّ على امتي لأخرت العشاء إلى ثلث الليل .

« و صلّوا بهم الغداة و الرجل يعرف وجه صاحبه » في ( الكافي ) عن الصادقعليه‌السلام وقت الفجر حين ينشق الفجر إلى أن يتجلل الصبح السماء ، و لا ينبغي تأخير ذلك عمدا لكنّه وقت لمن شغل أو نسي أو نام .

هذا ، و قد ذكر تعالى مواقيت الخمس في قوله عز و جل :أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل و قرآن الفجر إن قرآن الفجر كان مشهودا ١ و في قوله عز اسمه :و أقم الصلاة طرفي النهار و زلفا من الليل ان الحسنات يذهبن السيئات ذلك ذكر للذاكرين ٢ روي ان زرارة سأل الباقرعليه‌السلام هل سمّى اللَّه الصلوات الخمس في كتابه فقال : نعم قال : « أقم الصلاة لدلوك الشمس الآية و دلوك الشمس زوالها و غسق الليل انتصافه و في ما بينهما أربع صلوات و قرآن الفجر الخامسة و قال تعالى : « و أقم الصلاة إلى و زلفا من الليل و هي صلاة العشاء الآخرة » .

و في ( العلل ) عن الرضاعليه‌السلام ان قيل لم جعلت الصلوات في هذه الأوقات

____________________

( ١ ) الاسراء : ٧٨ .

( ٢ ) هود : ١١٤ .

١٧٠

قيل لأنّها مشهورة معلومة يعرفها الجاهل و العالم غروب الشمس مشهور معرفتها فوجب عنده المغرب و سقوط الشفق مشهور فوجوب عنده عشاء الاخرة ، و طلوع الفجر مشهور فوجب عنده صلاة الصبح ، و زوال الشمس مشهور فوجب عنده الظهر ، و لم يكن للعصر وقت مشهور مثل الأربعة فجعل وقتها الفراغ من الظهر إلى أن يصير الظلّ من كلّ شي‏ء أربعة أضعافه .

« و صلّوا بهم صلاة أضعفهم و لا تكونوا فتانين » و عنهعليه‌السلام آخر ما فارقت عليه حبيبي ان قال : إذا صلّيت فصل صلاة أضعف من خلفك .

و في ( الاسد ) ، مر حزم بن أبي كعب الأنصاري بمعاذ بن جبل ، و هو يؤم قومه في صلاة المغرب فقرأ بالبقرة فانصرف حزم فلمّا أتوا النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال :

معاذ ابدع حزم ، قال حزم : افتتح سورة البقرة فصلّيت ثم انصرفت فقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : يا معاذ لا تكن فتانا فان خلفك الضعيف و الكبير و ذا الحاجة .

و رواه ( الفقيه ) ، و فيه ، قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله لمعاذ : إيّاك أن تكون فتانا عليك ( بالشمس و ضحيها ) و ذواتها .

هذا ، و في ( بديع ابن المعتز ) قال عباس الخياط في امام بطي‏ء القراءة ( ان قرأ العاديات في رجب لم يقرأ آياتها إلى رجب أي أخر بل هو لا يستطيع في سنة أن يختم تبت يدا أبي لهب ) ١ .

١٧ الحكمة ( ٢٥٢ ) و قالعليه‌السلام :

فَرَضَ اَللَّهُ اَلْإِيمَانَ تَطْهِيراً مِنَ اَلشِّرْكِ وَ اَلصَّلاَةَ تَنْزِيهاً عَنِ اَلْكِبْرِ وَ اَلزَّكَاةَ تَسْبِيباً لِلرِّزْقِ وَ اَلصِّيَامَ اِبْتِلاَءً لِإِخْلاَصِ اَلْخَلْقِ وَ اَلْحَجَّ تَقْوِيَةً

____________________

( ١ ) ابن المعتز ، البديع : ٦٨ مكتب المثنى ، بغداد .

١٧١

لِلدِّينِ وَ اَلْجِهَادَ عِزّاً لِلْإِسْلاَمِ وَ اَلْأَمْرَ بِالْمَعْرُوفِ مَصْلَحَةً لِلْعَوَامِّ وَ اَلنَّهْيَ عَنِ اَلْمُنْكَرِ رَدْعاً لِلسُّفَهَاءِ وَ صِلَةَ اَلرَّحِمِ مَنْمَاةً لِلْعَدَدِ وَ اَلْقِصَاصَ حَقْناً لِلدِّمَاءِ وَ إِقَامَةَ اَلْحُدُودِ إِعْظَاماً لِلْمَحَارِمِ وَ تَرْكَ شُرْبِ اَلْخَمْرِ تَحْصِيناً لِلْعَقْلِ وَ مُجَانَبَةَ اَلسَّرِقَةِ إِيجَاباً لِلْعِفَّةِ وَ تَرْكَ اَلزِّنَا تَحْصِيناً لِلنَّسَبِ وَ تَرْكَ اَللِّوَاطِ تَكْثِيراً لِلنَّسْلِ وَ اَلشَّهَادَاتِ اِسْتِظْهَاراً عَلَى اَلْمُجَاحَدَاتِ وَ تَرْكَ اَلْكَذِبِ تَشْرِيفاً لِلصِّدْقِ وَ اَلسَّلاَمَ أَمَاناً مِنَ اَلْمَخَاوِفِ وَ اَلْأَمَانَةَ نِظَاماً لِلْأُمَّةِ وَ اَلطَّاعَةَ تَعْظِيماً لِلْإِمَامَةِ أقول : روى أحمد بن أبي طاهر البغدادي في ( بلاغات نسائه )١ ،

و الصدوق في ( علله ) نظيره عن سيّدة النساء صلوات اللَّه عليها في خطبتها في فدك و لفظ الأول : « زعمتم حقّا لكم أ للَّه فيكم عهد قدمه إليكم و نحن بقيته استخلفنا عليكم ، و معنا كتاب اللَّه بيّنة بصائره إلى أن قالت ففرض اللَّه الايمان تطهيرا لكم من الشرك ، و الصلاة تنزيها عن الكبر ، و الصيام تثبيتا للاخلاص ، و الزكاة تزييدا في الرزق ، و الحج تثنية للدين ، و العدل مشكاة للقلوب ، و طاعتنا نظاما و إمامتنا أمنا من الفرقة ، و حبنا عزّا للاسلام ، و الصبر منجاة ، و القصاص حقنا للدماء ، و الوفاء بالنذر تعرّضا للمغفرة .

و توفية المكاييل و الموازين تغييرا للبخسة ، و النهي عن شرب الخمر تنزيها عن الرجس ، و قذف المحصنات اجتنابا للعنة ، و ترك السرق ايجابا للعفة ، و حرم الشرك اخلاصا له بالربوبية ،اتقوا اللَّه حق تقاته و لا تموتن إلاّ و أنتم مسلمون ٢ الخبر .

« فرض اللَّه الايمان تطهيرا من الشرك » أي : من رجسه ، قال تعالى : . .

____________________

( ١ ) راجع بلاغات النساء لابن أبي طاهر : ١٦ طبع النجف الأشرف .

( ٢ ) آل عمران : ١٠٢ .

١٧٢

فاجتنبوا الرجس من الأوثان .١ و في ( العلل ) عن الرضاعليه‌السلام فان قيل لم أمر الخلق بالاقرار باللَّه و برسوله و حجّته ، و بما جاء من عنده قيل : لعلل كثيرة ،

منها ان من لم يقرّ باللَّه لم يتجنب معاصيه و لم ينته عن ارتكاب الكبائر و لم يراقب أحدا في ما يشتهي و يستلذ من الفساد و الظلم ، و إذا فعل الناس هذه الأشياء و ارتكب كلّ انسان ما يشتهي و يهواه من غير مراقبة لأحد كان في ذلك فساد الخلق أجمعين و وثوب بعضهم على بعض فغصبوا الفروج و الأموال و أبا حوا الدماء و السبي ، و قتل بعضهم بعضا من غير حق و لا جرم فيكون في ذلك خراب الدنيا و هلاك الخلق ، و فساد الحرث و النسل .

و منها ان اللَّه عز و جل يكون حكيما و لا يوصف بالحكمة إلاّ الذي يحظر الفساد و يأمر بالصلاح و يزجر عن الظلم ، و ينهى عن الفحشاء ، و لا يكون حظر الفساد و الأمر بالصلاح ، و النهي عن الفواحش إلاّ بعد الإقرار باللَّه و بمعرفة الآمر و الناهي ، فلو ترك الناس بغير إقرار باللَّه و لا معرفة لم يثبت أمر بصلاح ،

و لا نهي عن فساد إذ لا آمر و لا ناهي و منها إنّا قد وجدنا الخلق يفسدون بأمور باطنة مستورة عن الخلق ، فلو لا الإقرار باللَّه و خشيته بالغيب لم يكن أحد إذا خلا بشهوته و إرادته يراقب أحدا في ترك معصية ، و انتهاك حرمة و ارتكاب كبيرة ، إذا فعل ذلك مستورا عن الخلق غير مراقب لأحد فكان يكون في ذلك هلاك الخلق أجمعين ، فلم يكن قوام الأمر و صلاحهم إلاّ بالاقرار منهم بعليم خبير يعلم السرّ و أخفى ، آمر بالصلاح ناه عن الفساد ليكون في ذلك انزجار عمّا يخلون به من أنواع الفساد .

« و الصلاة تنزيها عن الكبر » لأن في الصلاة يجعل وجهه و هو أشرف أعضائه على التراب فيزول الكبر عنه قهرا .

____________________

( ١ ) الحج : ٣٠ .

١٧٣

و في ( العلل ) عن الرضاعليه‌السلام علّة الصلاة انّها إقرار للَّه بالربوبية ، و خلع الانداد و قيام بين يدي الجبّار بالذلّ و المسكنة و الخضوع و اعتراف و الطلب للإقالة من سالف الذنوب ، و وضع الوجه على الأرض كلّ يوم خمس مرات اعظاما للَّه تعالى ، و ان يكون ذاكرا غير ناس و لا بطرا و يكون خاشعا متذللا راغبا طالبا للزيادة في الدين و الدنيا مع ما فيه من الانزجار ، و المداومة على ذكر اللَّه تعالى بالليل و النهار لئلا ينسى العبد سيّده و مدبره و خالقه فيبطر و يطغى فيكون في ذكره لربه و قيامه بين يديه زاجرا له عن المعاصي و مانعا من أنواع الفساد .

« و الزكاة تسبيبا للرزق » أي : رزق المساكين و لئلا يحملهم الاضرار على نهب أموال الأغنياء .

و في ( العلل ) عن الرضاعليه‌السلام : ان علّة الزكاة من أجل قوت الفقراء و تحصين أموال الأغنياء لأن اللَّه تعالى كلّف أهل الصحّة القيام بشأن أهل الزمانة من البلوى كما قال تعالى :لتبلون في أموالكم و أنفسكم .١ في أموالكم اخراج الزكاة ، و في أنفسكم توطين النفس على الصبر مع ما في ذلك من اداء شكر نعمه تعالى ، و الطمع في الزيادة و هم عظة لأهل الغنى و عبرة لهم ليستدلوا على فقر الآخرة بهم ، و ما لهم في ذلك من الحث على الشكر و الخوف ان يصيروا مثلهم .

« و الصيام ابتلاء لاخلاص الخلق » لاشتماله على ترك اللذائذ من المطاعم و المشارب و المناكح و تركها في غاية الصعوبة ، فيكون دليلا على كمال الاخلاص .

و أيضا هو أمر عدمي لا يعلمه إلاّ اللَّه ان لم يخبر صاحبه به ، و لذا ورد في

____________________

( ١ ) آل عمران : ١٨٦ .

١٧٤

الحديث القدسي : « الصوم لي و أنا أجزي به » و في تاريخ بغداد صام داود الطائي أربعين سنة ما علم به أهله و كان خرّازا فكان يحمل غذائه معه و يتصدّق به في الطريق و يرجع إلى أهله يفطر عشاء لا يعلمون انّه صائم .

و في ( العلل ) عن الرضاعليه‌السلام علّة الصوم لعرفان مسّ الجوع و العطش ليكون العبد ذليلا مستكينا مأجورا محتسبا صابرا ، فيكون ذلك دليلا على شدائد الآخرة مع ما فيه من الانكسار له عن الشهوات واعظا له في العاجل ،

دليلا على الاجل ليعلم مبلغ ذلك من أهل المسكنة في الدنيا و الآخرة١ .

« و الحج تقوية للدين » في ( العلل ) عن الصادقعليه‌السلام : لا يزال الدين قائما ما قامت الكعبة .

« و الجهاد عزّا للاسلام » و في ( الكافي ) عنهعليه‌السلام : ان اللَّه تعالى فرض الجهاد و عظّمه ، و جعله نصره و ناصره و اللَّه ما صلحت دنيا و لا دين إلاّ به .

و عن الصادقعليه‌السلام ان اللَّه تعالى بعث رسول بالاسلام إلى الناس عشر سنين فأبوا ان يقبلوا أمره إلاّ بالقتال و عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله الخير كلّه في السيف و تحت ظلّ السيف و لا يقيم الناس إلاّ السيف و السيوف مقاليد الجنّة و النار .

« و الأمر بالمعروف مصلحة للعوام » في ( الكافي ) عن الصادقعليه‌السلام : كان إذا مر بجماعة يختصمون لا يجوزهم حتى يقول ثلاثا : « اتقوا اللَّه » يرفع بها صوته .

« و النهي عن المنكر ردعا » أي : كفا .

« للسفهاء » عن الشنائع .

و في ( الكافي ) عنهعليه‌السلام أمرنا النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أن نلقى أهل المعاصي بوجوه مكفهرة و عنهعليه‌السلام انما هلك من كان قبلكم حيث ما عملوا من المعاصي ، و لم

____________________

( ١ ) الصدوق ، علل الشرائع ٢ : ٣٧٨ .

١٧٥

ينههم الربانيون و الأحبار عن ذلك .

و عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ان اللَّه تعالى ليبغض المؤمن الضعيف الذي لا دين له قيل و ما المؤمن الذي لا دين له ؟ قال : الذي لا ينهى عن المنكر .

و عن الصادقعليه‌السلام : ان اللَّه تعالى بعث ملكين إلى أهل مدينة ليقلباها على أهلها فلمّا انتهيا إلى المدينة وجدا رجلا يدعو اللَّه و يتضرّع فقال أحد الملكين لصاحبه أما ترى هذا الداعي ؟ فقال قد رأيته و لكن أمضي لمّا أمر به ربي ، فقال لا و لكن حتى أراجع ربي فراجع فقال تعالى : امض لمّا أمرتك فان ذا رجل لم يتمعر وجهه غيظا لي قط .

« و صلة الرحم منماة » من النمو .

« للعدد » في ( الكافي ) عن سليمان بن هلال ، قلت لأبي عبد اللَّهعليه‌السلام ان آل فلان يبر بعضهم بعضا و يتواصلون فقال : اذن تنمى أموالهم و ينمون فلا يزالون في ذلك حتى يتقاطعوا فإذا فعلوا ذلك انقشع عنهم .

و عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : ان القوم ليكونون فجرة و لا يكونون بررة فيصلون أرحامهم فتنمى أموالهم و تطول أعمارهم فكيف إذا كانوا أبرارا بررة .

و عن الصادقعليه‌السلام : ان صلة الرحم تزكي الأعمال و تنمي الأموال و تيسّر الحساب و تدفع البلوى التي تزيد في الحساب .

« و القصاص حقنا » أي : حفظا .

« للدماء »و لكم في القصاص حياة .١ .

« و إقامة الحدود إعظاما للمحارم » في الكافي عن أبي جعفرعليه‌السلام : حد يقام في الأرض أزكى فيها من مطر أربعين ليلة و أيامها .

« و ترك شرب الخمر تحصينا » أي : حفظا .

____________________

( ١ ) البقرة : ١٧٩ .

١٧٦

« للعقل » في ( المعجم ) كان السيرافي على مذهب أبي حنيفة فجرى حديث تحليل النبيذ عنده فقال له بعض الخراسانيين دعنا من حديث أبي حنيفة و الشافعي ما ترى أنت في شرب النبيذ ؟ فقال : اما المذهب فمعروف لا عدول عنه ، و اما الذي يقتضيه العقل فتركه ، و اعلم انّه لو كان المسكر حلالا في كتاب اللَّه أو سنّة رسوله لكان يجب على العاقل تركه بحجّة العقل و الاستحسان فان شاربه محمول على كلّ معصية مدفوع إلى كلّ بلية ، مذموم عند كلّ ذي عقل و مروة يحيله عن مراتب العقلاء و الفضلاء و الادباء ، و يجعله من جملة السفهاء ، و مع ذلك فيضرّ بالدماغ و العقل و الكبد و الذهن و يولّد القروح في الجوف ، و يسلب شاربه ثوب الصلاح و المروة و المهابة ، حتى يصير بمنزلة المخبط المخريق و المثبج يقول بغير فهم ، و يأمر بغير علم ،

و يضحك من غير عجب ، و يبكي من غير سبب ، و يخضع لعدوّه ، و يصول على وليّه ، و يعطي من لا يستحق العطية ، و يمنع من يستوجب الصلة ، و يبذر في الموضع الذي يحتاج فيه أن يمسك و يمسك في الموضع الذي يحتاج فيه أن يبذر ، يصير حامده ذاما ، و أفعاله ملاما ، عبده لا يوقره ، و أهله لا تقربه ، و ولده يهرب منه ، و أخوه يفزع عنه ، يتمرّغ في قيئه ، و يتقلّب في سلحه ، و يبول في ثيابه ، و ربما قتل قريبه ، و شتم نسيبه ، و طلّق امرأته ، و كسّر آلة البيت ، و لفظ بالخنى ، و قال كلّ غليظ و فحش ، يدعو عليه جاره و يزري به أصحابه ، عند اللَّه ملوم ، و عند الناس مذموم ، و ربما يستولي عليه في حال سكره مخائل الهموم فيبكي دما و يشقّ جيبه حزنا و ينسى القريب ، و يتذكّر البعيد ، و الصبيان يضحكون منه ، و النسوان يفتعلن النوادر عليه ، و مع ذلك فبعيد من اللَّه ، قريب من الشيطان ، قد خالف الرحمن في طاعة الشيطان ، و تمكّن من ناصيته و زيّن في عينه اتيان الكبائر ، و ركوب الفواحش ، و استحلال الحرام ، و إضاعة

١٧٧

الصلوات ، و الحنث في الايمان ، سوى ما حل به عند الافاقة من الندامة ،

و يستوجب من عذاب اللَّه يوم القيامة١ .

و في الجهشياري : حكي انّه ثقل على كتّاب المنصور تفقده الأعمال و مراعاته لها فقالوا المتطببة لو زينت له شرب النبيذ حتى يتشاغل عنّا لأعظمت المنة علينا فوعدهم بذلك و لم يزل يقول له في الوقت بعد الوقت لو سخنت معدتك لأصلح جسمك و نفذ طعامك فيقول بماذا ؟ فيقول بشراب العسل فلمّا ألح عليه بذلك استدعى شيئا منه فشربه في اليوم الأول فاستطابه فعاد إليه في اليوم الثاني و ازداد منه فخدره ثم عاد إليه في اليوم الثالث فأبطأ عن صلاة الظهر و العصر و العشاء فلمّا كان من غد دعا بما عنده من الشراب فأراقه ، ثم قال : لا ينبغي لمثلي أن يشرب شيئا يشغله .

و في ( الاستيعاب ) : كان قيس بن عاصم قد حرّم على نفسه الخمر في الجاهلية ، و كان سبب ذلك انّه غمز عكنة ابنته و هو سكران و سبّ أبويها و رأى القمر فتكلّم و أعطى الخمّار كثيرا من ماله فلمّا أفاق أخبر بذلك فحرّمها على نفسه و قال :

رأيت الخمر صالحة و فيها

خصال تفسد الرجل الحليما

فلا و اللَّه أشربها صحيحا

و لا أشقى بها أبدا سقيما

و لا أعطي بها ثمنا حياتي

و لا أدعو لها أبدا لها نديما

فان الخمر تفضح شاربيها

و تجنيهم بها الأمر العظيما

و هو الذي قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله فيه لمّا رآه : « هذا سيد أهل الوبر و كان مشهورا بالحلم قيل للأحنف بن قيس ممّن تعلم الحلم ؟ قال : من قيس بن عاصم الخبر .

____________________

( ١ ) الحموي ، معجم الادباء ٨ : ١٦٧ ١٦٨ دار الفكر لبنان .

١٧٨

و في ( الحلية ) عن يزيد بن الأصم ان رجلا في الجاهلية شرب فسكر فجعل يتناول القمر فحلف لا يدعه حتى ينزله فكان يثب و يخر و يكدح وجهه فلم يزل يفعل ذلك حتى خر فنام فلمّا أصبح قال لأهله : و يحكم ما شأني ؟ قالوا كنت تحلف لتنزلن القمر فتثب فتخر فلقيت منه ما لقيت ، فقال إن شرابا حملني على أن أنزل القمر لا أعود إليه أبدا .

و في ( القاموس ) خضف أي ضرط ، و المخضفة الخمر لأنها تزيل العقل ،

فيضرط شاربها .

و في ( الفقيه ) عن أبي جعفرعليه‌السلام قال تعالى لنبيّهصلى‌الله‌عليه‌وآله : اني شكرت لجعفر بن أبي طالب أربع خصال فدعاه فأخبره ، فقال : لو لا ان اللَّه تعالى أخبرك ما أخبرت ما كذبت قط لأن الكذب ينقص المروءة ، و ما زنيت قط لأني خفت إذا علمت عمل بي ، و ما عبدت صنما قط لأني علمت انّه لا يضر و لا ينفع ،

و ما شربت خمرا لأني علمت اني ان شربتها زال عقلي فضرب النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله يده على عاتقه ، و قال حق على اللَّه أن يجعل لك جناحين تطير بهما مع الملائكة في الجنّة .

و كلّف بعض الخلفاء نصيب الشاعر الشرب فقال : اني أسود اللون منتن الريح و انما يقربني الملوك لعقلي فكيف ازيل عقلي ذكر أبو الفرج في ( أغانيه ) في مطيع بن اياس قصّة ما حاصلها : انه كان له نديمان حمّاد عجرد و يحيى بن زياد الحارثي و كانوا من الزنادقة فمر بهم معامل من تجّار الكوفة في مجلسهم فدعاه مطيع إلى لذاتهم و قال له أنت الشريك لنا على شريطة أن تشتم الملائكة فنفر و قال قبّح اللَّه عشرتكم فقال له حمّاد أساء مطيع لا ذنب للملائكة أنت شريك على أن تشتم الأنبياء فانهم تعبدونا بكلّ أمر متعب فقال له و أنت أيضا قبّحك اللَّه لا أدخل فدعاه يحيى فقال قبّحهم اللَّه لقد كلفاك شططا

١٧٩

انزل و لا تصل اليوم فشتمه و قال : و لا هذا فقال انزل كيف شئت فنزل فقدم يحيى الطعام فأكلوا ثم شربوا فلمّا دبت الكأس في التاجر قال له مطيع ايما أحب إليك تشتم الملائكة أو تنصرف عنّا فشتمهم ثم قال له حمّاد أيهما أحب إليك تشتم الأنبياء أو تنصرف عنّا فشتمهم فقال له يحيى تترك صلاتك اليوم أو تنصرف عنّا قال بل اتركها يا بني الزانية و لا أنصرف فعمل بسبب شرب الخمر كلّ ما أرادوه منه .

و قال ابن أبي الحديد في الحديث المرفوع ان ملكا ظالما خيّر انسانا بين ان يجامع أمه ، أو يقتل نفسا مؤمنة أو يشرب الخمر حتى يسكر فرأى ان الخمر أدونها فشرب حتى سكر فلمّا غلب عليه السكر قام إلى امه فوطئها و قام إلى تلك النفس المؤمنة فقتلها و قال : الخمر جماع الاثم و أم المعاصي .

« و مجانبة السرقة ايجابا للعفة » حتى جعل فيه حدا و سوّى فيه بين الرجل و المرأة فقال :السارق و السارقة فاقطعوا أيديهما جزاء بما كسبا نكالا من اللَّه . .١ بل ورد فيه تأديب غير البالغ ، ففي ( الكافي ) عن أبي جعفرعليه‌السلام أتى عليعليه‌السلام بغلام قد سرق فطرف أصابعه ، ثم قال : أما لئن عدت لأقطعنها ثم قال : اما انّه ما عمله إلاّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله و أنا .

« و ترك الزنا تحصينا للنسب » في ( العلل ) عن الرضاعليه‌السلام حرّم الزنا لمّا فيه من الفساد ، من قتل الأنفس و ذهاب الأنساب و ترك التربية للأطفال و فساد المواريث و ما أشبهه من وجوه الفساد .

« و ترك اللواط تكثيرا للنسل » و لذا قال لوط لقومه :ءانكم لتأتون الرجال و تقطعون السبيل و تأتون في ناديكم المنكر .٢ و قال تعالى :نساؤكم

____________________

( ١ ) المائدة : ٣٨ .

( ٢ ) العنكبوت : ٢٩ .

١٨٠