بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة الجزء ١٣

بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة0%

بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة مؤلف:
تصنيف: أمير المؤمنين عليه السلام
الصفحات: 617

بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة

مؤلف: الشيخ محمد تقي التّستري
تصنيف:

الصفحات: 617
المشاهدات: 171932
تحميل: 5291


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5 الجزء 6 الجزء 7 الجزء 8 الجزء 9 الجزء 10 الجزء 11 الجزء 12 الجزء 13 الجزء 14
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 617 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 171932 / تحميل: 5291
الحجم الحجم الحجم
بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة

بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة الجزء 13

مؤلف:
العربية

حرث لكم .١ .

« و الشهادات » و نقل ( المصرية ) ( و الشهادة ) تحريف .

« استظهارا للمجاحدات » في ( العلل ) عن أبي جعفرعليه‌السلام انما جعل الشهادة في النكاح للميراث .

و للاستظهار في المجاحدات تقبل شهادة النساء و حدهن في ما لا يجوز للرجال أن ينظروا إليه ، و تقبل شهادة القابلة في حياة الولد ، و تقبل شهادتهن و حدهن في الوصية و تقبل شهادة أهل الكتاب في الوصية في السفر إذا لم يوجد مسلمون ، و تقبل شهادة الصبيان على القتل إذا لم يوجد غيرهم .

« و ترك الكذب تشريفا للصدق » .و كونوا مع الصادقين ٢ انما يفتري الكذب الذين لا يؤمنون ٣ .

و في ( الكافي ) عن أبي عبد اللَّهعليه‌السلام ان اللَّه تعالى لم يبعث نبيا إلاّ بصدق الحديث و اداء الأمانة و ان العبد ليصدق حتى يكتب عند اللَّه من الصادقين ،

و يكذب حتى يكتب عند اللَّه من الكاذبين فاذا صدق قال تعالى : صدق و بر ، و إذا كذب قال تعالى : كذب و فجر .

« و السّلام أمانا من المخاوف » في ( الكافي ) عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : من بدأ بالكلام قبل السّلام فلا تجيبوه .

و عن أبي جعفرعليه‌السلام أقبل أبو جهل بن هشام و معه قوم من قريش فدخلوا على أبي طالب فقالوا ان ابن أخيك قد آذانا و آذى آلهتنا فادعه و مره

____________________

( ١ ) البقرة : ٢٢٣ .

( ٢ ) التوبة : ١١٩ .

( ٣ ) النحل : ١٠٥ .

١٨١

فليكف عن آلهتنا و نكفّ عن الهه فبعث إلى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله فلمّا دخل لم ير في البيت إلاّ مشركا قال : السّلام على من اتبع الهدى .

ثم جلس فخبره أبو طالب بما جاؤوا له فقال : أو هل لهم في كلمة خير لهم من هذا يسودون بها العرب و يطأون أعناقهم ؟ فقال أبو جهل : و ما هذه الكلمة ؟ قال : تقولون ( لا إله إلاّ اللَّه ) فوضعوا أصابعهم في آذانهم و خرجوا هرابا و هم يقولون ما سمعنا بهذا في الملّة الآخرة ان هذا إلاّ اختلاف الخبر .

و عنهعليه‌السلام : دخل يهودي على النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله و عنده عايشة فقال السام عليكم فقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : عليك ثم دخل آخر فقال مثل ذلك ، فرد عليه كما رد على صاحبه ثم دخل آخر فقال مثل ذلك فرد عليه كما رد على صاحبه فغضبت عايشة فقالت عليكم السام و الغضب و اللعنة يا معشر اليهود يا اخوة القردة و الخنازير فقال لها النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ان الفحش لو كان ممثلا كان مثال سوء ان الرفق لم يوضع على شي‏ء قط إلاّ زانه ، و لم يرفع عن شي‏ء قط إلاّ شانه قالت اما سمعت إلى قولهم ( السام عليكم ) فقال : بلى اما سمعت ما رددت عليهم ؟

قالت : ( عليكم ) فاذا سلّم عليكم مسلم فقولوا ( سلام عليكم ) و إذا سلّم عليكم كافر فقولوا عليك .

و عنهعليه‌السلام مر أمير المؤمنينعليه‌السلام بقوم فسلّم عليهم فقالوا : عليك السّلام و رحمة اللَّه و بركاته و مغفرته و رضوانه فقالعليه‌السلام لا تجاوزوا بنا ما قالت الملائكة لأبينا إبراهيمعليه‌السلام انما قالوا : « رحمة اللَّه و بركاته عليكم أهل البيت » .

و عنهعليه‌السلام كان عليعليه‌السلام يقول : افشوا السّلام و اطيبوا الكلام و صلّوا بالليل و الناس نيام تدخلوا الجنّة بسلام ثم تلا قوله تعالى : .السّلام

١٨٢

المؤمن المهيمن .١ .

و عنهعليه‌السلام البادي بالسلام أولى باللَّه و برسوله و إذا سلّم من القوم واحد أجزأ عنهم و إذا ردّ واحد اجزأ عنهم .

« و الامامة » هكذا في ابن أبي الحديد و ابن ميثم و هو الصواب و في ( المصرية ) ( و الأمانات ) .

« و نظاما للامة » في ( العلل ) عن هشام بن الحكم قال للصادقعليه‌السلام : دخلت مسجد البصرة فاذا أنا بحلقة كبيرة و إذا أنا بعمرو بن عبيد عليه شملة سوداء مؤتزر بها و شملة مرتد بها و الناس يسألونه فاستفرجت الناس فأفرجوا لي ثم قعدت في آخر القوم على ركبتي ثم قلت : أيها العالم أنا رجل غريب تأذن لي فأسألك عن مسألة ؟ فقال : نعم ، قلت : ألك عين قال يا بني أي شي‏ء هذا من السؤال فقلت هكذا مسألتي ، قال : أرى الألوان و الأشخاص ، قلت : فلك أنف ؟

قال : نعم قلت : ما تصنع به ؟ قال : أشم به الرائحة ، قلت : ألك اذن ؟ قال : نعم ، قلت : فما تصنع بها قال : اسمع به الأصوات قلت : أفلك قلب ؟ قال : نعم قلت : فما تصنع به ؟ قال أميّز به كلّ ما ورد على هذه الجوارح ، قلت أفليس في هذه الجوارح غنى عن القلب ؟ قال : لا قلت و كيف و هي صحيحة سليمة قال يا بني ان الجوارح إذا شكت في شي‏ء فشمته أو رأته أو ذاقته أو سمعته ردّته إلى القلب فيستيقن اليقين و يبطل الشك ، قلت فانما أقام اللَّه القلب لشكّ الجوارح .

قال : نعم قلت : فلا بد من القلب ، و إلاّ لم تستيقن الجوارح ، قال : نعم قلت : ان اللَّه لم يترك جوارحك حتى جعل لها إماما يصحح لها الصحيح و ينفي ما شككت فيه و يترك هذا الخلق كلّهم في حيرتهم و شكّهم و اختلافهم لا يقيم لهم إماما يردّون إليه شكّهم و حيرتهم فسكت و قال : من أنت ؟ قلت من أهل الكوفة ، قال

____________________

( ١ ) الحشر : ٢٣ .

١٨٣

فاذن أنت هشام ثم ضمّني إليه و أقعدني في مجلسه و ما نطق حتى قمت فقال أبو عبد اللَّهعليه‌السلام له : من علّمك هذا ؟ قال جرى على لساني ، قال يا هشام هذا و اللَّه مكتوب في صحف إبراهيم و موسى .

« و الطاعة تعظيما للإمامة » في العلل عنهعليه‌السلام : انما الطاعة للَّه و لرسوله و لولاة الأمر ، و انما أمر بطاعة أولي الأمر لأنّهم معصومون مطهّرون لا يأمرون بمعصية .

١٨ الحكمة ( ٣٧٣ )

وَ رَوَى ؟ اِبْنُ جَرِيرٍ اَلطَّبَرِيُّ ؟ فِي تَارِيخِهِ : عَنْ ؟ عَبْدِ اَلرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى ؟

اَلْفَقِيهِ وَ كَانَ مِمَّنْ خَرَجَ لِقِتَالِ ؟ اَلْحَجَّاجِ ؟ مَعَ ؟ اِبْنِ اَلْأَشْعَثِ ؟ أَنَّهُ قَالَ فِي مَا كَانَ يَحُضُّ بِهِ اَلنَّاسَ عَلَى اَلْجِهَادِ إِنِّي سَمِعْتُ ؟ عَلِيّاً ع ؟ يَقُولُ يَوْمَ لَقِينَا أَهْلَ ؟ اَلشَّامِ ؟ أَيُّهَا اَلْمُؤْمِنُونَ مَنْ رَأَى عُدْوَاناً يُعْمَلُ بِهِ وَ مُنْكَراً يُدْعَى إِلَيْهِ فَأَنْكَرَهُ بِقَلْبِهِ فَقَدْ سَلِمَ وَ بَرِئَ وَ مَنْ أَنْكَرَهُ بِلِسَانِهِ فَقَدْ أُجِرَ وَ هُوَ أَفْضَلُ مِنْ صَاحِبِهِ وَ مَنْ أَنْكَرَهُ بِالسَّيْفِ لِتَكُونَ كَلِمَةُ اَللَّهِ هِيَ اَلْعُلْيَا وَ كَلِمَةُ اَلظَّالِمِينَ هِيَ اَلسُّفْلَى فَذَلِكَ اَلَّذِي أَصَابَ سَبِيلَ اَلْهُدَى وَ قَامَ عَلَى اَلطَّرِيقِ وَ نُوِّرَ فِي قَلْبِهِ اَلْيَقِينُ الحكمة ( ٣٧٤ ) وَ فِي كَلاَمٍ آخَرَ لَهُ يَجْرِي هَذَا اَلْمَجْرَى :

فَمِنْهُمُ اَلْمُنْكِرُ لِلْمُنْكَرِ بِيَدِهِ وَ لِسَانِهِ وَ قَلْبِهِ فَذَلِكَ اَلْمُسْتَكْمِلُ لِخِصَالِ اَلْخَيْرِ وَ مِنْهُمُ اَلْمُنْكِرُ بِلِسَانِهِ وَ قَلْبِهِ وَ اَلتَّارِكُ بِيَدِهِ فَذَلِكَ مُتَمَسِّكٌ بِخَصْلَتَيْنِ مِنْ خِصَالِ اَلْخَيْرِ وَ مُضَيِّعٌ خَصْلَةً وَ مِنْهُمُ اَلْمُنْكِرُ بِقَلْبِهِ

١٨٤

وَ اَلتَّارِكُ بِيَدِهِ وَ لِسَانِهِ فَذَلِكَ اَلَّذِي ضَيَّعَ أَشْرَفَ اَلْخَصْلَتَيْنِ مِنَ اَلثَّلاَثِ وَ تَمَسَّكَ بِوَاحِدَةٍ وَ مِنْهُمْ تَارِكٌ لِإِنْكَارِ اَلْمُنْكَرِ بِلِسَانِهِ وَ قَلْبِهِ وَ يَدِهِ فَذَلِكَ مَيِّتُ اَلْأَحْيَاءِ وَ مَا أَعْمَالُ اَلْبِرِّ كُلُّهَا وَ اَلْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اَللَّهِ عِنْدَ اَلْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَ اَلنَّهْيِ عَنْ اَلْمُنْكَرِ إِلاَّ كَنَفْثَةٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ وَ إِنَّ اَلْأَمْرَ بِالْمَعْرُوفِ وَ اَلنَّهْيَ عَنِ اَلْمُنْكَرِ لاَ يُقَرِّبَانِ مِنْ أَجَلٍ وَ لاَ يَنْقُصَانِ مِنْ رِزْقٍ وَ أَفْضَلُ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ كَلِمَةُ عَدْلٍ عِنْدَ إِمَامٍ جَائِرٍ الحكمة ( ٣٧٥ ) وَ عَنْ ؟ أَبِي جُحَيْفَةَ ؟ قَالَ سَمِعْتُ ؟ أَمِيرَ اَلْمُؤْمِنِينَ ع ؟ يَقُولُ :

أَوَّلُ مَا تُغْلَبُونَ عَلَيْهِ مِنَ اَلْجِهَادِ اَلْجِهَادُ بِأَيْدِيكُمْ ثُمَّ بِأَلْسِنَتِكُمْ ثُمَّ بِقُلُوبِكُمْ فَمَنْ لَمْ يَعْرِفْ بِقَلْبِهِ مَعْرُوفاً وَ لَمْ يُنْكِرْ مُنْكَراً قُلِبَ فَجُعِلَ أَعْلاَهُ أَسْفَلَهُ وَ أَسْفَلُهُ أَعْلاَهُ قول المصنف : « و روى ابن جرير الطبري في تاريخه » أي : في احداث سنة ( ٨٣ ) في هزيمة ابن الأشعث بدير الجماجم ( عن هشام بن محمد عن أبي مخنف عن أبي الزبير الهمداني ) عن عبد الرحمن بن أبي ليلى الفقيه » ذكر الخطيب في ( تاريخ بغداد ) أباه فقال : كان أبو ليلى خصيصا بعليعليه‌السلام يسمر معه و منقطعا إليه و ورد المدائن في صحبته و شهد صفين معه و في ولده جماعة يذكرون بالفقه و يعرفون بالعلم .

و عبد الرحمن بن أبي ليلى نفسه أيضا ممدوح كأبيه فروى ( أمالي المفيد ) عن إبراهيم الثقفي بإسناده ان عبد الرحمن بن أبي ليلى قام إلى عليعليه‌السلام فقال : اني سائلك لاخذ عنك و قد انتظرنا أن تقول . من أمرك شيئا فلم تقله الاّ تحدّثنا عن أمرك هذا ، أكان بعهد من النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أو شي‏ء رأيته فأنّا قد أكثرنا فيك الأقاويل و أوثقه عندنا ما سمعناه من فيك انّا كنّا نقول لو

١٨٥

رجعت إليكم بعد النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله لم ينازعكم فيها أحد و اللَّه ما أدري إذا سئلت ما أقول أزعم أن القوم كانوا أولى بما كانوا فيه منك فعلى م نصّبك النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله بعد حجّة الوداع ، فقال : أيها الناس من كنت مولاه فعليّ مولاه ، و ان تك أولى منهم فعلى م نتولاّهم فقالعليه‌السلام : ان اللَّه تعالى قبض نبيّهصلى‌الله‌عليه‌وآله و أنا يوم قبضه أولى بالناس مني بقميصي إلى أن قال فقال عبد الرحمان فأنت يا أمير المؤمنين لعمرك كما قال الأول :

لعمري لقد أيقظت من كان نائما

و أسمعت من كانت له أذنان

ثم الأمر كما قال المصنف من ان القائل ( سمعت عليّاعليه‌السلام يقول ) الخ عبد الرحمان بن أبي ليلى هذا و توهم الجزري في تاريخه ان القائل ذلك جبلة بن زحر الجعفي الذي جعله ابن الأشعث أميرا على القرّاء فقال : ( فلمّا حملت كتائب الحجاج على القرّاء و عليهم جبلة نادى جبلة يا عبد الرحمان بن أبي ليلى يا معشر القرّاء : ان الفرار ليس بأحد أقبح به منكم اني سمعت عليّاعليه‌السلام يقول الخ و منشأ و همه ان الطبري قال : « قال أبو الزبير الهمداني كنت في خيل جبلة فلمّا حمل عليه أهل الشام مرّة بعد مرّة نادانا عبد الرحمان بن أبي ليلى الفقيه فقال يا معشر القرّاء » الخ فقرء « نادانا عبد الرحمان » « نادى يا عبد الرحمان » و جعل الفاعل ضمير جبلة .

« و كان » عبد الرحمان بن أبي ليلى .

« ممّن خرج لقتال الحجاج » كجملة من الأجلاّء منهم سعيد بن جبير .

« مع ابن الأشعث » و هو عبد الرحمان بن محمد بن الأشعث بن قيس الكندي و كان الحجاج وجهه إلى سجستان لحرب رتبيل صاحب الترك فخلع ابن الأشعث الحجاج و قال لا عدوّ لنا أعدى منه و رجع إليه لحربه و كان خبيثا فأعان على قتل مسلم بن عقيل فبلال بن أسيد الذي آوت أمّه مسلما أخبر ابن

١٨٦

الأشعث هذا بذلك فأقبل حتى أتى أباه و هو عند ابن زياد فسار فقال له ابن زياد ما قال : قال أخبرني : ان ابن عقيل في دار من دورنا ؟ قال : ذلك لأن أم بلال كانت مولاة الأشعث .

و لمّا قال أصحاب المختار بعد هزيمته لمصعب نحن أهل قبلتكم و لسنا تركا و لا ديلما و قد ملكتم فاسجحوا و قد قدرتم فاعفوا فرق لهم الناس و رقّ لهم مصعب و أراد أن يخلّي سبيلهم فقال ابن الأشعث هذا ، و قال لمصعب اخترنا أو اخترهم فأمر مصعب بقتلهم .

و اما خروج كميل و سعيد بن جبير و ابن أبي ليلى معه انما كان لغرض التخلّص من سلطان عبد الملك و حكومة الحجاج ، فخرج القرّاء معه و كان شعارهم كما في ( الحلية ) يا ثارات الصلاة١ و يأتي كلام سعيد و الشعبي و أبي البختري في ذلك .

« انّه قال في ما كان يحض به الناس على الجهاد » و حض الناس أيضا أبو البختري و سعيد بن جبير ففي الطبري كان أبو البختري يقول أيها الناس قاتلوهم على دينكم و دنياكم ، فو اللَّه لئن ظهروا عليكم ليفسدون عليكم دينكم و ليغلبن على دنياكم و قال الشعبي : يا أهل الاسلام ، قاتلوهم و لا يأخذكم حرج من قتالهم فو اللَّه ما أعلم قوما على بسيط الأرض أعمل بظلم و لا أجور منهم في الحكم و قال سعيد بن جبير قاتلوهم و لا تأثموا من قتالهم ، قاتلوهم على جورهم في الحكم و تجبرهم في الدين و استذلالهم الضعفاء و اماتتهم الصلاة .

« اني سمعت عليّاعليه‌السلام » هكذا في ( المصرية ) و في ابن أبي الحديد بدل (عليه‌السلام ) ( رفع اللَّه درجته في الصالحين و أثابه ثواب الشهداء و الصديقين )

____________________

( ١ ) حلية الأولياء لأبي نعيم الاصفهاني ٤ : ٣٧٩ ترجمة ٢٩١ .

١٨٧

و هكذا في ( الطبري ) .

« يقول يوم لقينا أهل الشام » أي : في صفين .

« أيها المؤمنون انّه من رأى عدوانا يعمل به و منكرا يدعى إليه فأنكره بقلبه فقد سلم و برى‏ء » في ( الكافي ) عن الصادقعليه‌السلام حسب المؤمن غيرا إذا رأى منكرا ان يعلم اللَّه تعالى من قلبه انكاره .

« و من أنكر بلسانه فقد أجر و هو أفضل من صاحبه » الذي مضى و أنزل من صاحبه الذي يأتي إذا قدر على الانكار بالأعلى من اللسان و إلاّ فهو الأعلى ففي ( الكافي ) عن الصادقعليه‌السلام لمّا نزلتيا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم و أهليكم نارا .١ جلس رجل من المسلمين يبكي و قال : أنا عجزت عن نفسي فكلفت أهلي ، فقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله حسبك أن تأمرهم بما تأمر به نفسك و تنهاهم عمّا تنهى عنه نفسك .

« و من أنكره بالسيف لتكون كلمة اللَّه هي العليا و كلمة الظالمين هي السفلى فذلك الذي أصاب سبيل الهدى و قام على الطريق و نوّر في قلبه اليقين » و زاد في رواية الطبري « فقاتلوا هؤلاء المحلين المحدثين المبتدعين الذين قد جهلوا الحق فلا يعرفون ، و عملوا بالعدوان فلا ينكرونه » إلاّ ان المصنف لم ينقله لاحتماله كونه انشاء من ابن أبي ليلى .

و نظير خطبتهعليه‌السلام خطبة ابنه الحسينعليه‌السلام بالبيضة ففي ( الطبري ) قال أبو مخنف عن عقبة بن أبي العيزاران الحسينعليه‌السلام خطب أصحابه و أصحاب الحر بالبيضة فحمد اللَّه و أثنى عليه ثم قال : أيها الناس ان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال من رأى سلطانا جائرا مستحلاّ لحرم اللَّه ، ناكثا لعهد اللَّه ، مخالفا لسنّة رسوله ،

يعمل في عباده بالإثم و العدوان فلم يغيّر عليه بفعل و لا قول كان حقّا على اللَّه

____________________

( ١ ) التحريم : ٦ .

١٨٨

أن يدخله مدخله ألا و ان هؤلاء قد لزموا طاعة الشيطان و تركوا طاعة الرحمان و أظهروا الفساد و عطّلوا الحدود ، و استأثروا بالفي‏ء ، و أحلّوا حرام اللَّه و حرّموا حلاله ، و أنا أحقّ من غير .

قول المصنّف :

« و في كلام آخر له يجري هذا المجري » هكذا في ( المصرية ) ، و لكن في حد ( و قالعليه‌السلام في كلام له غير هذا المجرى ) .

و رواه ( فقه الرضا ) هكذا ، روي أن أمير المؤمنينعليه‌السلام كان يخطب فعارضه رجل و قال : حدّثنا عن ميت الأحياء فقطععليه‌السلام الخطبة و قال منكر للمنكر بقلبه و لسانه و يديه فخلال الخير حصّلها كلّها ، و تارك بلسانه و يده ،

و منكر للمنكر بقلبة و تارك بلسانه و يده فخلّة من خلال الخير حاز و تارك للمنكر بقلبه و لسانه و يده فذلك ميّت الأحياء ثم عاد إلى خطبته١ .

« فمنهم المنكر للمنكر بيده و لسانه و قلبه فذلك المستكمل لخصال الخير » لا ريب ان مع التمكن من الثلاث تجب الثلاث لكن اختلف في ان الانكار باليد هل يجوز إذا وصل إلى حد الجراح و القتل أم لا قال الشيخ في اقتصاده : الظاهر من مذهب شيوخنا الإمامية ان هذا الجنس من الانكار لا يكون إلاّ للأئمةعليهم‌السلام أو لمن يأذن له الامامعليه‌السلام فيه و كان المرتضى يخالف في ذلك و يقول : يجوز فعل ذلك بغير اذنه لأن ما يفعل باذنهم يكون مقصودا و هذا بخلاف ذلك لأنّه غير مقصود ، انما قصده المدافعة و الممانعة فان وقع ضرر فهو غير مقصود .

« و منهم المنكر للمنكر بلسانه و قلبه و التارك بيده فذلك متمسك بخصلتين من خصال الخير و مضيّع خصلة » في ( عيون القتيبي ) قال مالك بن دينار : بلغنا أن حبرا من أحبار بني اسرائيل كان يغشاه الرجال و النساء فغمز بعض بنيه

____________________

( ١ ) ( فقه الامام الرضا ) : ٥١ ( باب الأمر بالمعروف . ) طبع حجري ١٢٧٤ ه ق ايران .

١٨٩

النساء فرآهم فقال : مهلا يا بني مهلا فسقط عن سريره فانقطع نخاعه و اسقطت امرأته و قتل بنوه في الجيوش و قيل له : ما يكون من جنسك حبر أبدا ما كان غضبك لي إلاّ أن قلت يا بني مهلا .

« و منهم المنكر بقلبه و التارك بيده و لسانه فذلك الذي ضيّع أشرف الخصلتين من الثلاث و تمسك بواحدة » قال ابن أبي الحديد في اللام ( الخصلتين ) زائده و أصله ( أشرف خصلتين من الثلاث ) لأنّه لا وجه لتعريف المعهود ههنا بل في ( الثلاث ) فاثبات اللام فيها أحسن كما تقول ( قتلت أشرف رجلين من الرجال الثلاثة ) .

قلت بل التعريف واجب فيهما أما ( الثلاث ) فلأنّه ليس الكلام في كلّ ثلاث خصال بل الخصال الثلاث المعهودة من الانكار باليد و اللسان و القلب و قد عرفت بالإضافة في قوله قبل ( لخصال الخير ) و قوله ( من خصال الخير ) و عرفت هنا باللام و أما ( الخصلتين ) فلو نكروا قيل ( أشرف خصلتين ) لصار المعنى واحدة أشرف مع ان المراد كون الخصلتين أشرف و أيضا الخصلتان معهودتان كالثلاث فلا وجه لترك التعريف و ما ذكره من المثال من صنعه لا تتكلّم العرب بمثله .

« و منهم تارك لانكار المنكر بلسانه و قلبه و يده فذلك ميت الأحياء » في ( الكافي ) عن الصادقعليه‌السلام أوحى اللَّه تعالى إلى شعيب اني معذّب من قومك مائة ألف أربعين ألفا من شرارهم و ستين ألفا من خيارهم ، فقال : يا ربّ هؤلاء الأشرار فما بال الأخيار قال عز و جل : لأنّهم داهنوا أهل المعاصي و لم يغضبوا لغضبي .

و عنهعليه‌السلام و يل لقوم لا يدينون اللَّه بالأمر بالمعروف و النهي عن المنكر .

« و ما أعمال البر كلّها و الجهاد في سبيل اللَّه عند الأمر بالمعروف و النهي عن

١٩٠

المنكر إلاّ كنفثة » قال الجوهري : النفث شبيه بالنفح .

« في بحر لجي » لأنّهما سببان للاتيان بالواجبات و ترك المحرّمات .

و يكفي في فضلهما مضافا إلى قولهعليه‌السلام قول الصادقعليه‌السلام الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر خلقان من خلق اللَّه فمن نصرهما أعزّه اللَّه ، و من خذلهما خذله اللَّه .

و في ( الكافي ) عن الباقرعليه‌السلام يكون في آخر الزمان قوم ينبغ فيهم قوم مراءون ينعرون و ينسكون حدثاء سفهاء لا يوجبون أمرا بمعروف و لا نهيا عن منكر إلاّ إذا آمنوا الضرر يطلبون لأنفسهم الرخص و المعاذير يتبعون زلاّت العلماء و فساد عملهم يقبلون على الصلوات و الصيام و ما لا يكلّمهم في نفس و لا مال و لو أضرّت الصلاة بسائر ما يعملون بأموالهم و أبدانهم لرفضوها كما رفضوا أسمى الفرائض و أشرفها ان الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر سبيل الأنبياء و منهاج الصلحاء فريضة عظيمة بها تقام الفرائض و تأمن المذاهب و تحلّ المكاسب و ترد المظالم و تعمّر الأرض و تنتصف من الأعداء و تستقيم الأمور فأنكروا بقلوبكم و الفظوا بألسنتكم و صكّوا بها جباههم و لا تخافوا في اللَّه لومة لائم فان اتعظوا و إلى الحق رجعوا فلا سبيل عليهم فجاهدوا بأبدانكم و ابغضوهم بقلوبكم غير طالبين سلطانا و لا باغين مالا حتى يفيئوا إلى أمر اللَّه تعالى .

« و ان الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر لا يقربان من أجل و لا ينقصان من رزق » رواه ( الكافي ) عنهعليه‌السلام مع زيادة قبله و بعده مشتملة على علّة الكلام ففيه خطبعليه‌السلام و قال أما بعد فانما هلك من كان قبلكم حيثما عملوا من المعاصي و لم ينههم الربانيون و الأحبار عن ذلك و انهم لمّا تمادوا في المعاصي و لم ينههم الربانيون و الأحبار عن ذلك نزلت بهم العقوبات فأمروا

١٩١

بالمعروف و انهوا عن المنكر و اعلموا ان الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر لن يقربا أجلا و لن يقطعا رزقا ان الأمر ينزل من السماء إلى الأرض كقطر المطر إلى كلّ نفس بما قدّر اللَّه لها من زيادة أو نقصان .

« و أفضل من ذلك » هكذا في ( المصرية ) و الصواب : ( و أفضل ذلك ) بدون من كما في ابن أبي الحديد و ابن ميثم و الخطية .

« كلمة عدل عند امام جائر » روى ابن داود في سننه عن طارق بن شهاب قال أخرج مروان المنير يوم عيد و بدأ بالخطبة قبل الصلاة فقام رجل فقال يا مروان خالفت السنّة أخرجت المنبر يوم عيد و لم يكن يخرج فيه و بدأت بالخطبة قبل الصلاة فقال أبو سعيد الخدري من هذا فقالوا فلان بن فلان فقال أما هذا فقد قضى ما عليه سمعت النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول من رأى منكرا فاستطاع أن يغيّره بيده فليغيّره بيده فان لم يستطع فبلسانه و ان لم يستطع فبقلبه و ذلك أضعف الايمان١ .

و في ( الكشي ) عن ابن عايشة ان هشاما حجّ في خلافة أخيه الوليد أو أبيه عبد الملك فطاف بالبيت فأراد أن يستلم الحجر فلم يقدر عليه من الزحام فنصب له منبر فجلس عليه و أطاف به أهل الشام فبينا هو كذلك إذ أقبل علي بن الحسينعليه‌السلام و عليه ازار ورداء من أحسن الناس وجها و أطيبهم رائحة بين عينيه سجادة كأنها ركبة عير فجعل يطوف بالبيت فإذا بلغ إلى موضع الحجر تنحى الناس عنه حتى يستلمه هيبة له و اجلالا فغاظ ذلك هشام فقال له رجل من أهل الشام من هذا الذي هابه الناس هذه الهيبة و أخرجوا له عن الحجر يا هشام فقال لا أعرفه لئلا يرغب فيه أهل الشام فقال الفرزدق و كان حاضرا لكني أعرفه فقال الشامي من هذا يا أبا فراس فقال :

____________________

( ١ ) سنن أبي داود ١ : ٩٦ ، حديث ١١٤٠ و كذلك رقم ٤٣٤٠ .

١٩٢

هذا الذي تعرف البطحاء وطأته

و البيت يعرفه و الحلّ و الحرم

هذا ابن خير عباد اللَّه كلّهم

هذا التقيّ النقيّ الطاهر العلم

إلى أن قال :

يكاد يمسكه عرفان راحته

ركن الحطيم إذا ما جاء يستلم

إلى أن قال :

من معشر حبّهم دين و بغضهم

كفر و قربهم منجى و معتصم

يستدفع السوء و البلوى بحبّهم

و يستربّ به الاحسان و النعم

مقدّم بعد ذكر اللَّه ذكرهم

في كلّ يوم و مختوم به الكلم

ان عد أهل التقى كانوا أئمتهم

أو قيل من خير أهل الأرض قيل هم

فغضب هشام و أمر بحبس الفرزدق الخبر و رواه ( الحلية ) ( و الإرشاد ) ( و الأغاني ) ( و مناقب الكنجي ) الشافعي١ و في الأخير قال القسطلاني قال القرطبي لو لم يكن للفرزدق عند اللَّه عمل إلاّ هذا لدخل به الجنّة لأنّه كلمة حق عند ذي سلطان جائر٢ .

و في المعجم كان ابن السكيت يعقوب بن اسحاق من أعلم الناس باللغة و الشعر راوية ثقة و لم يكن بعد ابن الأعرابي مثله و كان قد خرج إلى سر من رأى فصيّره عبد اللَّه بن يحيى بن خاقان إلى المتوكل فضمّ إليه ولده يؤدبهم و أسنى له الرزق فبينما هو مع المتوكل يوما جاء المعتز و المؤيد فقال له المتوكل أيّهما أحبّ إليك إبناي هذان أم الحسن و الحسين فذكر ابن السكيت الحسنين بما هما أهله و سكت عن ابنيه .

و قيل : قال له : ان قنبرا خادم عليعليه‌السلام أحبّ الي من ابنيك و كان يتشيّع

____________________

( ١ ) كفاية الطالب للكنجي الشافعي : ٤٥٢ ٤٥٣ دار احياء تراث أهل البيت قم .

( ٢ ) المصدر نفسه : ٤٥٤ تحقيق الأميني .

١٩٣

فأمر المتوكل الأتراك فسلّوا لسانه و داسوا بطنه و حمل إلى بيته فعاش يوما و بعض آخر و مات سنة ( ٢٤٣ ) و قيل سنة ( ٢٤٦ )١ .

و قال ابن أبي الحديد كلمة العدل عند الامام الجائر نحو ما روى ان زيد بن أرقم رأى ابن زياد و يقال بل يزيد يضرب بقضيب في يده ثنايا الحسينعليه‌السلام فقال له ارفع يدك عنها فطالما رأيت النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله يقبّلها .

قلت : خلط في قوله ( أنكر زيد على ابن زياد و قيل بل على يزيد ) و كان أنكر على كلّ من ابن زياد و يزيد صحابي زيد على ابن زياد و أبو برزة على يزيد روى ( الطبري ) ذلك و المصداق الكامل لقولهعليه‌السلام انكار عبد اللَّه بن عفيف الأزدي على عبيد اللَّه ففي ( الطبري ) عن حميد بن مسلم بعد ذكر ورود أهل البيت مجلسه لمّا دخل عبيد اللَّه القصر نودي للصلاة جامعة فاجتمع الناس في المسجد الأعظم فصعد المنبر و قال الحمد للَّه الذي أظهر الحق و أهله و نصر أمير المؤمنين يزيد بن معاوية و حزبه و قتل الكذّاب ابن الكذّاب الحسين بن علي و شيعته فلم يفرغ من مقالته حتى و ثب عليه عبد اللَّه بن عفيف الأزدي .

ثم الغامدي ثم أحد بني و البة و كان شيعة عليعليه‌السلام و كانت عينه اليسرى ذهبت يوم الجمل معهعليه‌السلام فلمّا كان يوم صفين ضرب على رأسه ضربة و على حاجبه اخرى فذهبت عينه الاخرى فكان لا يكاد يفارق المسجد الأعظم يصلّي فيه إلى الليل ثم ينصرف فقال يا ابن مرجانة ان الكذّاب ابن الكذاب أنت و أبوك و الذي و لاّك و أبوه يا ابن مرجانة أتقتلون أبناء النبيين و تتكلمون بكلام الصديقين فقال ابن زياد عليّ به فوثبت عليه الجلاوزة فأخذوه فنادى بشعار الأزد يا مبرور و عبد الرحمان بن مخنف الأزدي جالس فقال و يح غيرك أهلكت نفسك و أهلكت قومك و حاضر الكوفة يومئذ

____________________

( ١ ) معجم الأدباء للحموي : ٢٠ ٥٠ ٥١ .

١٩٤

من الأزد سبعمائة مقاتل فوثب إليه فتية من الأزد فانتزعوه فأتوا به أهله فأرسل إليه من أتاه به فقتله و أمر بصلبه في السبخة فصلب هنالك ثم نصب رأس الحسين فجعل يدار به في الكوفة .

قول المصنف : « و عن أبي جحيفة » الظاهر ان دونه عطفا على ( عن عبد الرحمان ) ثم في الاستيعاب أبو جحيفة هو وهب الخير السوائي جعله عليعليه‌السلام على بيت المال بالكوفة و شهد معه مشاهده و روي انّه ما أكل مل‏ء بطنه حتى فارق الدنيا بعد قول النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله له ( اكفف جشأك فان أكثر الناس شبعا في الدنيا أطولهم جوعا يوم القيامة ) .

و عنونه الخطيب في ( تاريخ بغداد ) و روى عنه حديث ذي الثدية و ان أمير المؤمنينعليه‌السلام أخبرهم بوجوده في قتلى النهروان فتفقدوه حتى وجدوه .

« قال سمعت أمير المؤمنينعليه‌السلام يقول أول » هكذا في ( المصرية ) و الصواب : ( ان أول ) كما في ( ابن أبي الحديد و ابن ميثم و الخطية ) .

« ما تغلبون عليه من الجهاد بأيديكم ثم بألسنتكم » كان عبد الملك يقول لست الخليفة المستضعف و لا المداهن و لا المأفون يعني عثمان و معاوية و يزيد فمن قال لي اتق اللَّه ضربت الذي فيه عيناه .

« ثم بقلوبكم » هكذا في النسخ و الظاهر كونه مصحف .

« لا بقلوبكم » فلا يمكن أن يغلب أحد على قلبه إلاّ من الهه فهو الذي يحول بين المرأ و قلبه .

و لا يصح ( ثم بقلوبكم ) إلاّ بأن يكون ( تغلبون عليه ) محرّف ( تقلبون إليه ) كما رواه ( تفسير ) القمي ففيه ( قالعليه‌السلام ان أول ما تقلبون إليه من الجهاد ) الجهاد بايديكم ثم الجهاد بقلوبكم فمن لم يعرف قلبه و لم ينكر منكر أنكس

١٩٥

فجعل أسفله أعلاه أبدا فلا يقبل خيرا أبدا )١ .

« فمن لم يعرف بقلبه معروفا و لم ينكر منكرا قلب فجعل أعلاه أسفله » فيصير مسخا .

« و أسفله أعلاه » هكذا في ( المصرية ) و هو زائد لعدم وجوده في ( ابن أبي الحديد و ابن ميثم و الخطية ) و لفهمه ممّا قبله .

روى ( سنن أبي داود ) عن ابن مسعود قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : ان أوّل ما دخل النقص على بني اسرائيل كان الرجل يلقى الرجل فيقول يا هذا اتق اللَّه و دع ما تصنع فانّه لا يحل لك ثم يلقاه من الغد فلا يمنعه ذلك أن يكون أكيله و شريبه و قعيده فلمّا فعلوا ذلك ضرب اللَّه قلوب بعضهم ببعض .

ثم قال لعن الذين كفروا من بني اسرائيل على لسان داود و عيسى ابن مريم إلى فاسقون ٢ ثم قال كلا و اللَّه لتأمرون بالمعروف و لتنهون عن المنكر و لتأخذن على يدي الظالم و لتاطرنه على الحق اطرا و لتقصرنه على الحق قصرا أو ليضربن اللَّه بقلوب بعضكم على ثم ليلعننكم كما لعنهم٣ .

و في مجازات المصنف عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله لتأمرن بالمعروف و لتنهن عن المنكر أو ليلحينكم اللَّه كما لحيت عصاي هذه و أشار إلى عود في يده و قال تعالىلو لا ينهاهم الربانيون و الأحبار عن قولهم الاثم و أكلهم السحت لبئس ما كانوا يصنعون ٤ فلو لا كان من القرون من قبلكم أولوا بقية ينهون عن الفساد في الأرض إلاّ قليلا ممّن أنجينا منهم و اتبع الذين ظلموا ما اترفوا فيه

____________________

( ١ ) تفسير القمي ١ : ٢١٣ .

( ٢ ) المائدة : ٧٨ ٨١ .

( ٣ ) هو حديثان الأول برقم ٤٣٣٦ و الثاني برقم ٤٣٣٧ راجع ( سنن أبي داود ) ٤ ١٢١ ١٢٢ طبع مصر .

( ٤ ) المائدة : ٦٣ .

١٩٦

و كانوا مجرمين ١ .و قالت امة منهم لِمَ تعظون قوما اللَّه مهلكهم أو معذبهم عذابا شديدا قالوا معذرة إلى ربكم و لعلّهم يتقون فلمّا نسوا ما ذكروا به أنجينا الذين ينهون عن السوء و أخذنا الذين ظلموا بعذاب بئيس بما كانوا يفسقون ٢ .

و في صفين نصر لمّا أمر عليعليه‌السلام الناس بالمسير إلى الشام دخل ابن المعتم العبسي و حنظلة بن الربيع التميمي في رجال كثير من غطفان و تميم عليهعليه‌السلام فقال له حنظلة لا تعجل إلى قتال أهل الشام فاني لا أدري إذا التقيتم لمن تكون الغلبة و على من تكون الدبرة .

و تكلّم ابن المعتم و من معهما بمثل حنظلة فقالعليه‌السلام بعد الثناء عليه تعالى أما بعد فان اللَّه وارث العباد و البلاد و رب السماوات السبع و الأرضين السبع و إليه ترجعون يؤتي الملك من يشاء و ينزعه عمّن يشاء و يعزّ من يشاء و يذلّ من يشاء أما الدبرة فانها على الضالين العاصين ظفروا أو ظفر بهم و أيم اللَّه اني لأسمع كلام قوم ما أراهم ان يعرفوا معروفا و لا ينكروا منكرا .

و في ( الأمالي ) عن الباقرعليه‌السلام ان اللَّه ليعذب الجعل في جحرها بحبس المطر عن الأرض التي هي بمحلتها بخطايا من بحضرتها و قد جعل اللَّه لها السبيل إلى مسلك سوى محلة أهل المعاصي و قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله إذا لم يأمروا بالمعروف و لم ينهوا عن المنكر و لم يتّبعوا الأخيار من أهل بيتي سلّط اللَّه عليهم شرارهم فيدعو عند ذلك خيارهم فلا يستجابون٣ .

و عنهمعليهم‌السلام لا يحلّ لعين مؤمنة ترى اللَّه يعصى ان تطرف حتى تغيّره

____________________

( ١ ) هود : ١١٦ .

( ٢ ) الاعراف : ١٦٤ ١٦٥ .

( ٣ ) الصدوق ، الأمالي : ٣٠٨ ، ٩٧ ٧٢ رواية ٥ مؤسسة الوفاء ، و نقله المجلسي في بحار الأنوار .

١٩٧

و في العقاب عن الصادقعليه‌السلام من نشأ في قوم ثم لم يؤدب على معصيته فان أول ما يعاقبهم فيه ان ينقص من أرزاقهم .

و عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله إذا تركت أمتي الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر فلنؤذن بوقاع من اللَّه تعالى .

و عن الصادقعليه‌السلام ما أقر قوم بالمنكر بين أظهرهم لا يغيّرونه إلاّ أوشك أن يعمّهم اللَّه بعقاب من عنده و عن عليعليه‌السلام ان اللَّه تعالى لا يعذّب العامة بذنب الخاصة إذا عملت الخاصة بالمنكر سرّا من غير أن تعلم العامة فاذا عملت الخاصة بالمنكر جهارا فلم تغيّر ذلك العامة استوجب الفريقان العقوبة و لا يحضرن أحدكم رجلا يضربه سلطان جائر ظلما و لا مقتولا و لا مظلوما إذا لم ينصره لأن نصرة المؤمن على المؤمن فريضة واجبة إذا هو حضره و العافية أوسع ما لم تلزمك الحجّة .

و لمّا جعل التفضّل في بني إسرائيل جعل الرجل منهم يرى أخاه على الذنب فينهاه فلا ينتهي فلا يمنعه ذلك أن يكون أكيله و جليسه و شريبه حتى ضرب اللَّه تعالى قلوب بعضهم ببعض يقول تعالى لعن الذين كفروا من بني اسرائيل على لسان داود و عيسى بن مريم ذلك بما عصوا و كانوا يعتدون .

كانوا لا يتناهوا عن منكر فعلوه لبئس ما كانوا يفعلون ١ .

و روى العياشي عن الصادقعليه‌السلام في قوله تعالىكانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه . .٢ قال اما انّهم لم يكونوا يدخلون مداخلهم و لا يجلسون مجالسهم و لكن كانوا إذا لقوهم ضحكوا في وجوههم و أنسوا بهم .

و في ( الروضة ) عن الصادقعليه‌السلام لاخذن البرى‏ء منكم بذنب السقيم و لم

____________________

( ١ ) المائدة : ٧٨ ٧٩ .

( ٢ ) المائدة : ٧٩ .

١٩٨

لا أفعل و يبلغكم عن الرجل ما يشينه و يشينني فتجالسونهم و تحدثونهم :

أما لأحملن ذنوب سفهائكم على علمائكم قال الحرث النصري فدخلني من ذلك أمر عظيم فقال نعم ما يمنعكم إذا بلغكم عن الرجل ما تكرهونه أن تأتوه فتؤنبوه فقلت اذن لا يقبل فقال اذن فاهجروه و لا تجالسوه .

و في ( الكافي ) ان اللَّه تعالى أوحى إلى داود اني قد غفرت ذنبك و جعلت عار ذنبك على بني اسرائيل فقال يا رب كيف و أنت لا تظلم قال انّهم لم يعاجلوك بالنكرة و في ( مجالس الشيخ ) عن الصادقعليه‌السلام كان شيخ ناسك يعبد اللَّه في بني اسرائيل فبينا هو يصلّي و في عبادته إذ بصر بغلامين صبيين إذ أخذا ديكا و هما ينتفان ريشه فأقبل على ما هو فيه من العبادة و لم ينههما فأوحى اللَّه تعالى إلى الأرض ان سيخي به فساخت به و هو يهوي أبد الابدين١ .

و عن ( المشكاة ) عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله لا يزال الناس بخير ما أمروا بالمعروف و نهوا عن المنكر و تعاونوا على البر فاذا لم يفعلوا ذلك نزعت منهم البركات و سلّط بعضهم على بعض و لم يكن لهم ناصر في الأرض و لا في السماء٢ .

و عن العياشي عن الصادقعليه‌السلام في قوله تعالىقل قد جاءكم رسل من قبلي بالبيّنات و بالذي قلتم فلم قتلتموهم ان كنتم صادقين .٣ قد علم ان هؤلاء لم يقتلوا و لكن كان هو اهم مع الذين قتلوا فسمّاهم قاتلين .

و عنهعليه‌السلام قال لمحمّد بن الأرقط تنزلون الكوفة ترون قتلة الحسينعليه‌السلام بين أظهركم قال ما بقي منهم أحد قال أنت لا ترى القاتل إلاّ من

____________________

( ١ ) الطوسي ، الأمالي ، ٦٦٩ ، حديث ( ١٤٠٧ ) مؤسسة البعثة .

( ٢ ) الطبرسي ، مشكاة الأنوار في غرر الأخبار : ٤٩ ( فصل ١٣ ) ، المطبعة الحيدرية ، النجف .

( ٣ ) آل عمران : ١٨٣ .

١٩٩

ولى القتل أما تسمع إلى قوله تعالى .قل قد جاءكم رسل من قبلي .١ الآية .

و عنهعليه‌السلام ان اللَّه تعالى بعث إلى بني اسرائيل نبيا يقال له أرميا فقال قل لهم ما بلد بنفسه من كرام البلدان و غرس فيه من كرام الغروس فاخلف فأنبت خرنوبا فقال لهم فضحكوا منه فأوحى إليه ان البلد البيت المقدس و الغرس بنو اسرائيل فعملوا بمعاصي فلأسلطن عليهم في بلدهم من يسفك دماءهم و يأخذ أموالهم و ان بكوا لم أرحم بكاءهم لأخربنها مائة عام ثم لأعمرنها فلمّا حدّثهم جزعت العلماء فقالوا ما ذنبنا و لم نكن نعمل بعملهم فأوحى إليه قل لهم انّكم رأيتم المنكر فلم تنكروه و سلّط عليهم بخت نصر ففعل بهم ما قد ذكر .

هذا و في ( الأغاني ) عن المدائني قال لمّا خرج ابن الأشعث على الحجاج كان معه أبو حزابة فمروا بدستبي و بها ( مستراد الصناجة ) و كان لا يبيت بها أحد إلاّ بمائة درهم فبات بها أبو حزابة و رهن عندها سرجه فلمّا أصبح وقب لعبد الرحمان و قال :

أمر عضال نابني في العج

كانني مطالب بخرج

و مستراد ذهبت بالسرج

في فتنة الناس و هذا الهرج

فعرف ابن الأشعث القصة و ضحك و أمر بأن يفك له سرجه و يعطي معه ألف درهم و بلغت القصة الحجاج فقال ايجاهر في عسكره بالفجور فيضحك و لا ينكر ظفرت به ان شاء اللَّه .

____________________

( ١ ) آل عمران : ١٨٣ .

٢٠٠