بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة الجزء ١٣

بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة0%

بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة مؤلف:
تصنيف: أمير المؤمنين عليه السلام
الصفحات: 617

بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة

مؤلف: الشيخ محمد تقي التّستري
تصنيف:

الصفحات: 617
المشاهدات: 171937
تحميل: 5291


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5 الجزء 6 الجزء 7 الجزء 8 الجزء 9 الجزء 10 الجزء 11 الجزء 12 الجزء 13 الجزء 14
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 617 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 171937 / تحميل: 5291
الحجم الحجم الحجم
بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة

بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة الجزء 13

مؤلف:
العربية

١٩في الخطبة ( ١٥١ )

 وَ إِنَّ اَلْأَمْرَ بِالْمَعْرُوفِ وَ اَلنَّهْيَ عَنِ اَلْمُنْكَرِ لَخُلُقَانِ مِنْ خُلُقِ اَللَّهِ سُبْحَانَهُ وَ إِنَّهُمَا لاَ يُقَرِّبَانِ مِنْ أَجَلٍ وَ لاَ يَنْقُصَانِ مِنْ رِزْقٍ أقول : انّه عين ما في سابقه و انما زيد في هذا ( لخلقان من خلق اللَّه سبحانه ) .

و كيف كان فقد قال تعالى :ان اللَّه يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها و إذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل ان اللَّه نعما يعظكم به . .١ ان اللَّه يأمر بالعدل و الاحسان و ايتاء ذي القربى و ينهى عن الفحشاء و المنكر و البغي يعظكم لعلّكم تذكرون ٢ .

و في ( الكافي ) عن الصادقعليه‌السلام انما يؤمر بالمعروف و ينهى عن المنكر مؤمن فيتعظ أو جاهل فيتعلم و أما صاحب سوط أو سيف فلا و من تعرّض لسلطان جائر فأصابته بلية لم يؤجر عليها و لم يرزق الصبر عليها .

و عنهعليه‌السلام قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله من طلب برضاء الناس ما يسخط اللَّه كان حامده ذاما و من آثر طاعة اللَّه تعالى بما يغضب الناس كفاه اللَّه عداوة كلّ عدوّ و بغي كلّ باغ و كان اللَّه له ناصرا و ظهيرا .

٢٠ الحكمة ( ١١٠ ) و قالعليه‌السلام :

لاَ يُقِيمُ أَمْرَ اَللَّهِ سُبْحَانَهُ إِلاَّ مَنْ لاَ يُصَانِعُ وَ لاَ يُضَارِعُ

____________________

( ١ ) النساء : ٥٨ .

( ٢ ) النحل : ٩٠ .

٢٠١

وَ لاَ يَتَّبِعُ اَلْمَطَامِعَ في ( تاريخ ) بغداد عن شعيب بن حرب بينا أنا في طريق مكة إذ رأيت الرشيد فقلت لنفسي وجب عليك الأمر و النهي فقالت لي لا تفعل فان هذا رجل جبّار يضرب عنقك فقلت لنفسي لا بد من ذلك .

فلمّا دنا مني صحت يا هارون قد أتعبت الأمة و اتعبت البهائم فقال خذوه فأدخلت عليه و هو على كرسي و بيده عمود يلعب به فقال ممّن الرجل قلت من افناء الناس فقال ممّن ؟ ثكلتك امك قلت من الأبناء أي أبناء خراسان قال فما حملك على أن تدعوني باسمي فقلت أنا أدعو اللَّه باسمه فأقول يا اللَّه يا رحمان و لا أدعوك باسمك و قد رأيت اللَّه سمى في كتابه أحبّ الخلق إليه محمّد و كنى أبغض الخلق إليه أبا لهب فقال أخرجوه فأخرجت .

و في ( الحلية ) عن ابن ( طاووس ) اليماني قال كنت لا أزال أقول لأبي انّه ينبغي أن نخرج على هذا السلطان فخرجنا حجاجا فنزلنا في بعض القرى و فيها عامل يقال له ابن نجيح و كان من أخبث العمّال فشهدنا صلاة الصبح في المسجد فاذا ابن نجيح قد اخبر بطاووس فجاء فقعد بين يديه فسلم عليه فلم يجبه فكلّمه فأعرض عنه ثم عدل إلى الشق الأيسر فأعرض عنه و هكذا فلمّا رأيت ما به قمت إليه فمددت بيده و جعلت أسأله و قلت له ان أبا عبد الرحمان لم يعرفك قال بلى معرفتي به فعل بي ما رأيت فمضى و هو ساكت لا يقول لي شيئا فلمّا دخلت المنزل التفت الي و قال يا لكع بينما أنت زعمت أن تخرج عليهم بسيفك لم تستطع أن تحبس عنهم لسانك .

و في ( كامل ) المبرد روى ان معاوية لمّا نصب يزيد لولاية العهد أقعده فيى قبّة حمراء فجعل الناس يسلمون على معاوية ثم يميلون الى يزيد حتى جاء رجل ففعل ذلك ثم رجع إلى معاوية فقال اعلم انك لو لم تول هذا أمور

٢٠٢

المسلمين لأضعتها و الأحنف جالس فقال له معاوية ما بالك لا تقول يا أبا بحر فقال أخاف اللَّه ان كذبت و أخافكم ان صدقت فلمّا خرج الأحنف لقيه الرجل بالباب فقال له اني لأعلم ان من شرّ خلق اللَّه هذا و ابنه و لكنهم قد استوثقوا من هذه الأمال بالأبواب و الأفقال فلسنا نطمع في استخراجها إلاّ بما سمعت فقال له الأحنف يا هذا امسك فان ذا الوجهين خليق ألا يكون عند اللَّه وجيها و روي ان يزيد قال لمعاوية في يوم بويع له فجعل الناس يمدحونه و اللَّه ما ندري أنخدع الناس أم يخدعوننا فقال له معاوية كلّ من أردت خدعه فتخادع لك حتى تبلغ منه حاجتك فقد خدعته .

و في ( الحلية ) عن أبي سعيد الخدري لمّا نزلإذا جاء نصر اللَّه و الفتح ١ قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ( أنا و أصحابي خير و الناس خير لا هجرة بعد الفتح ) فحدثت بهذا الحديث مروان و كان أميرا على المدينة فقال كذبت و كان عنده زيد بن ثابت و رافع بن خديج و هما معه على السرير فقلت اما ان هذين لو شائا لحدثاك و لكن هذا يعني رافعا يخشى على عرافة قومه و هذا يعني زيدا يخشى أن تنزعه عن الصدقة .

٢١ الحكمة ( ١٧٤ ) و قالعليه‌السلام :

مَنْ أَحَدَّ سِنَانَ اَلْغَضَبِ لِلَّهِ قَوِيَ عَلَى قَتْلِ أَشِدَّاءِ اَلْبَاطِلِ أقول قريب منه قوله :

إذا كان هادي الفتى في البلاد صدر القناة ما أطاع الأمير في ( تاريخ بغداد ) كانت الخيزران أم الرشيد قد وجهت رجلا نصرانيا على الطراز

____________________

( ١ ) النصر : ١ .

٢٠٣

بالكوفة و كتب إلى موسى بن عيسى ألا يعصي له أمرا فكان مطاعا بالكوفة فخرج يوما معه جماعة من أصحابه عليه جبّة خز و طيلسان على برذون فاره و إذا رجل بين يديه مكتوف و هو يقول « وا غوثاه باللَّه ثم بالقاضي » و إذا آثار سياط في ظهره فسلّم على شريك و جلس إلى جانبه فقال المضروب لشريك أنا رجل أعمل الوشي كراء مثلي مائة في الشهر أخذني هذا مذ أربعة أشهر فاحتبسني في طراز يجري على القوت ولي عيال قد ضاعوا فأفلت اليوم منه فلحقني ففعل بظهري ما ترى .

فقال قم يا نصراني فاجلس مع خصمك فقال يا هذا أنا من خدم السيدة مر به إلى الحبس قال قم ويلك فاجلس معه كما يقال لك فجلس معه فقال له شريك ما هذه الآثار التي بظهر هذا الرجل من أثرها به قال أنا ضربته بيدي أسواطا و هو يستحق أكثر ، مر به إلى الحبس ، فألقى شريك كسائه و دخل داره فأخرج سوطا ربذيا ثم ضرب بيده إلى مجامع ثوب النصراني و قال للرجل انطلق إلى أهلك .

ثم رفع السوط فجعل يضرب به النصراني و يقول له لا تضرب و اللَّه المسلم بعدها أبدا فهمّ أعوانه أن يخلصوه فقال شريك من ههنا من فتيان الحي خذوا هؤلاء فاذهبوا بهم إلى الحبس فهرب القوم جميعا و افردوا النصراني فضربه أسواطا فجعل النصراني يعصر عينيه و يبكي و يقول له ستعلم فألقى شريك السوط في الدهليز و قام النصراني إلى البرذون ليركبه فاستعصى عليه و لم يكن له من يأخذ بركابه فجعل يضرب البرذون .

فقال له شريك و يلك ارفق به فانه أطوع للَّه منك فمضى النصراني فقيل لشريك يكون لفعلك هذا عاقبة مكروهة فقال « أعز أمر اللَّه يعزّك اللَّه » و ذهب النصراني إلى موسى بن عيسى فقال له من فعل هذا بك قال شريك و غضب

٢٠٤

الأعوان و صاحب الشرط ، فقال موسى لا و اللَّه ما أتعرض لشريك ، فمضى النصراني إلى بغداد فما رجع .

و فيه تقدم إلى شريك القاضي وكيل لمؤنسه مع خصم له فجعل يستطيل على خصمه ادلالا بموضعه من مؤنسه فقال له شريك كفّ لا أبا لك قال اتقول لي هذا و أنا وكيل مؤنسه ، فأمر به شريك فصفع عشر صفعات فانصرف و دخل على مؤنسه و شكا فكتب مؤنسه إلى المهدي فعزل شريكا و كان قبل هذا قد دخل شريك على المهدي فقال له ما ينبغي أن تقلد الحكم بين المسلمين قال و لم قال لخلافك على الجماعة و قولك بالامامة .

قال أما قولك بخلافي على الجماعة فعن الجماعة أخذت ديني فكيف أخالفهم و هم أصلي في ديني و أما قولك ( و قولي بالامامة ) فما أعرف إلاّ كتاب اللَّه و سنّة رسوله .

و أما قولك مثلك ما يقلد الحكم بين المسلمين فهذا شي‏ء أنتم فعلتموه فان كان خطأ فاستغفروا اللَّه منه و ان كان صوابا فامسكوا عليه فقال له المهدي ما تقول في علي بن أبي طالب ؟

قال أقول فيه ما قاله فيه جداك العباس و عبد اللَّه قال و ما قالا فيه ؟ قال فاما العباس فمات و علي عنده أفضل الصحابة و قد كان يرى كبراء المهاجرين يسألونه عمّا ينزل بهم من النوازل و ما احتاج هو إلى أحد حتى لحق باللَّه و أما عبد اللَّه فانّه كان يضرب بين يديه بسيفين و كان في حروبه رأسا متبعا و قائدا مطاعا فلو كانت إمامته على جور كان أوّل من يقعد عنها أبوك لعلمه بدين اللَّه و فقهه في أحكام اللَّه فسكت المهدي و أطرق و لم يمض بعد هذا المجلس إلاّ قيل حتى عزل شريكا .

و فيه أيضا أتت شريكا يوما امرأة من ولد جرير البجلي الصحابي و هو

٢٠٥

في مجلس الحكم فقالت أنا باللَّه ثم بالقاضي امرأة من ولد جرير صاحب النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ورددت فقال لها أيها عنك الآن من ظلمك قالت الأمير موسى بن عيسى كان لي بستان على شاطئ الفرات لي فيه نخل ورثته عن آبائي و قاسمت اخوتي و بنيت بيني و بينهم حايطا و جعلت فيه فارسيا يحفظ النخل و يقوم ببستاني فاشترى الأمير من أخوتي جميعا و ساومني و أرغبني فلم أبعه فلمّا كان في هذه الليلة بعث بخمسمائة فاعل فاقتلعوا الحائط فأصبحت لا أعرف من نخلي شيئا و اختلط بنخل اخوتي فقال يا غلام طينه فختم .

ثم قال لها أمضي إلى بابه حتى يحضر معك فجاءت المرأة بالطينة فأخذها الحاجب و دخل على موسى فقال أعدي شريك عليك قال ادع لي صاحب الشرط فدعا به فقال امضي إلى شريك فقل يا سبحان اللَّه ما رأيت أعجب من أمرك امرأة ادّعت دعوى لم تصح أعديتها عليّ فقال له صاحب الشرطة ان رأى الأمير أن يعفيني فليفعل .

فقال امض و يلك فخرج و أمر غلمانه أن يتقدموا إلى الحبس بفراش و غيره من آلة الحبس فلمّا جاء فوقف بين يدي شريك فأدّى الرسالة قال خذيا غلام بيده فضعه في الحبس قال قد و اللَّه يا أبا عبد اللَّه عرفت انّك تفعل بي هذا فقدمت ما يصلحني إلى الحبس و بلغ موسى بن عيسى الخبر .

فوجّه الحاجب إليه فقال هذا من ذاك رسول أي شي‏ء عليه فلمّا وقف بين يديه و أدّى الرسالة قال الحقه بصاحبه فحبس فلمّا صلّى الأمير العصر بعث إلى إسحاق بن صباح الأشعثي و جماعة من وجوه أهل الكوفة من أصدقاء شريك فقال امضوا إليه و ابلغوه السّلام و اعلموه انّه قد استخف بي و اني لست كالعامة فمضوا و هو جالس في مسجده بعد العصر فدخلوا فأبلغوه الرسالة فلمّا انقضى كلامهم قال لهم مالي لا أراكم جئتم في غيره من

٢٠٦

الناس كلمتموني من ههنا من فتيان الحي فيأخذ كلّ واحد منكم بيد رجل فيذهب به إلى الحبس لا ينم و اللَّه إلاّ فيه قالوا أجاد أنت قال حقّا حتى لا تعودوا برسالة ظالم فحبسهم و ركب موسى بن عيسى في الليل إلى باب الحبس ففتح الباب و أخرجهم جميعا .

فلمّا كان الغد و جلس شريك للقضاء جاء السجّان فأخبره فدعا بالقمطر فختمها و وجه بها إلى منزله و قال لغلامه الحقني بثقلي إلى بغداد و اللَّه ما طلبنا هذا الأمر منهم و لكن أكرهونا عليه و لقد ضمنوا لنا الاعزاز فيه إذ تقلدناه لهم و مضى نحو قنطرة الكوفة إلى بغداد و بلغ موسى بن عيسى الخبر .

فركب في موكبه فلحقه و جعل يناشده اللَّه و يقول يا أبا عبد اللَّه تثبت أنظر اخوانك تحبسهم دع أعواني قال نعم لأنّهم مشوا لك في أمر لم يجب عليهم المشي فيه و لست ببارح حتى يردوا جميعا إلى الحبس و إلاّ مضيت إلى الخليفة فاستعفيته ممّا قلدني فأمر بردهم جميعا إلى الحبس و هو واقف مكانه حتى جاءه السجّان فقال قد رجعوا .

فقال لأعوانه خذا بلجامه و قودوه بين يدي جمعا إلى مجلس الحكم فمروا به بين يديه حتى أدخل معه مجلس القضاء فقال أين الجويرية المتظلمة منه فجاءت فقال هذا خصمك قد حضر و هو جالس معها بين يديه .

فقال موسى أولئك يخرجون من الحبس قبل كلّ شي‏ء قال شريك أما الآن فنعم أخرجوهم ثم قال له ما تقول في ما تدّعيه قال صدقت قال ترد جميع ما أخذ منها و تبني حائطا سريعا كما هدم قال أفعل هل بقي شي‏ء تدّعيه قال تقول المرأة بيت الفارسي و متاعه قال و يرد ذلك بقي شي‏ء تدّعينه قالت لا و جزاك اللَّه خيرا قال قومي و زبرها ثم و ثب من مجلسه فأخذ بيد موسى بن عيسى فأجلسه في مجلسه ثم قال السّلام عليك أيها الأمير تأمر

٢٠٧

بشي‏ء قال أي شي‏ء وضحك .

٢٢ الحكمة ( ٢٤٩ ) و قالعليه‌السلام :

أَفْضَلُ اَلْأَعْمَالِ مَا أَكْرَهْتَ نَفْسَكَ عَلَيْهِ في ( الأمالي ) عن الباقرعليه‌السلام كان عليعليه‌السلام ليأكل أكل العبد و يجلس جلسة العبد و ان كان ليشتري القميصين السنبلايين فيخيّر غلامه خيرهما ثم يلبس الآخر فان جاز أصابعه قطعه و ان جاز كعبه حذفه و لقد ولّى خمس سنين ما وضع آجرة على آجرة و لا لبنة على لبنة و لا أقطع قطيعا و لا أورث بيضاء و لا حمراء و انّه كان ليطعم الناس خبز البر و اللحم و ينصرف إلى منزله و يأكل خبز الشعير و الزيت و الخل .

و ما ورد عليه أمران كلاهما للَّه رضى إلاّ أخذ بأشدهما على بدنه و لقد اعتق الف مملوك من كدي يده تربت فيه يداه و عرق فيه وجهه و ما أطاق عمله أحد من الناس و انّه كان يصلّي في اليوم و الليلة ألف ركعة ، و كان أقرب الناس شبها به علي بن الحسينعليه‌السلام ما أطاق عمله أحد من الناس بعده .

و روي فوق كلّ عقوق عقوق حتى يقتل والديه و فوق كلّ بر بر حتى يقتل في سبيل اللَّه .

٢٣ الحكمة ( ٣٦٨ ) و قالعليه‌السلام :

إِنَّ اَللَّهَ سُبْحَانَهُ وَضَعَ اَلثَّوَابَ عَلَى طَاعَتِهِ وَ اَلْعِقَابَ عَلَى مَعْصِيَتِهِ ذِيَادَةً لِعِبَادِهِ عَنْ نِقْمَتِهِ وَ حِيَاشَةً لَهُمْ إِلَى جَنَّتِهِ

٢٠٨

أقول في ( العلل ) عن الرضاعليه‌السلام فان قيل لم أمر اللَّه تعالى العباد و نهاهم قيل لأنّه لا يكون بقاؤهم و صلاحهم إلاّ بالأمر و النهي و المنع من الفساد و التغاصب فان قيل فلم يجب أن يعبدوه قيل لئلا يكونوا ناسين لذكره و لا تاركين لأدبه و لا لاهين عن أمره و نهيه إذ كان فيه صلاحهم و قوامهم فلو تركوا بغير تعبّد لطال عليهم الأمد فقست قلوبهم ، هذا و ( ذيادة ) من ( ذدته عن كذا ) دفعته عنه و ( حياشة ) من ( حشت الصيد أحوشه إلى الخبالة ) إذا جئته من حواليه لتصرفه إليها .

٢٤ الحكمة ( ٢٧٨ ) و قالعليه‌السلام :

قَلِيلٌ تَدُومُ عَلَيْهِ أَرْجَى مِنْ كَثِيرٍ مَمْلُولٍ مِنْهُ و الحكمة ( ٤٤٤ ) و قالعليه‌السلام :

قَلِيلٌ تَدُومُ عَلَيْهِ خَيْرٌ مِنْ كَثِيرٍ مَمْلُولٍ مِنْهُ أقول هو تكرار اعتذر في الديباجة عنه بقوله « و ربما بعد العهد بما اختير أولا فأعيد بعضه سهوا أو نسيانا لا قصدا و اعتمادا » .

و في ( الكافي ) عن أبي جعفرعليه‌السلام ما من شي‏ء أحبّ إلى اللَّه تعالى من عمل يداوم عليه و ان قل و عن الصادقعليه‌السلام إذا كان الرجل على عمل فليدم عليه سنة ثم يعدل عنه ان شاء و ذلك ان ليلة القدر يكون فيها في عامه ذلك ما شاء اللَّه أن يكون .

و عنهعليه‌السلام مر بي أبي و أنا بالطواف و أنا حدث و قد اجتهدت فرآني و أنا اتصاب عرقا فقال يا بني ان اللَّه إذا أحب عبدا أدخله الجنّة و رضى عنه باليسير .

٢٠٩

و عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ان هذا الدين متين فاوغلوا فيه برفق و لا تكرهوا عبادة اللَّه إلى عباده و في خبر و لا تبغض إلى نفسك عبادة ربك .

و عن الصادقعليه‌السلام ان من المسلمين من له سهم و من له سهمان و من له ثلاثة و من له أربعة إلى أن قال فليس ينبغي أن تحمل صاحب السهم على ما عليه صاحب السهمين و لا صاحب السهمين على ما عليه صاحب الثلاثة إلى أن قال و سأضرب لك مثلا كان له جار نصراني فدعاه إلى الاسلام و زيّنه له فأجابه فأتاه سحرا فقرع عليه الباب و قال له توضأ للصلاة فتوضأ و خرج معه فصليا ما شاء اللَّه ثم صليا الفجر ثم مكثا حتى أصبحا فقام الجار لمنزله فقال له الرجل أين تذهب النهار قصير و الذي بينك و بين الظهر قليل فجلس معه إلى الظهر ثم قال له و ما بين الظهر و العصر قليل فحبسه حتى صلّى العصر ثم قام و أراد أن ينصرف فقال له ان هذا آخر النهار و أقلّ من أوّله فاحتبسه حتى صلّى المغرب ثم أراد أن ينصرف فقال له انما بقي صلاة واحدة فمكث حتى صلّى العشاء الاخرة ثم تفرّقا فلمّا كان سحرا غدا عليه فضرب عليه الباب و قال له أخرج قال اطلب لهذا الدين من هو أفرغ مني و أنا انسان مسكين و لي عيال فأدخله في شي‏ء أخرجه منه هذا و قال ابن أبي الحديد قال الشاعر :

اني كثرت عليه في زيارته

فملّ و الشي‏ء مملول إذا كثر

٢٥ الحكمة ( ٣١٢ ) و قالعليه‌السلام :

إِنَّ لِلْقُلُوبِ إِقْبَالاً وَ إِدْبَاراً فَإِذَا أَقْبَلَتْ فَاحْمِلُوهَا عَلَى اَلنَّوَافِلِ وَ إِذَا أَدْبَرَتْ فَاقْتَصِرُوا بِهَا عَلَى اَلْفَرَائِضِ

٢١٠

أقول و عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قريبا منه ففي ( الكافي ) عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله ان للقلوب إقبالا و إدبارا فاذا أقبلت فتنفلوا و إذا أدبرت فعليكم بالفريضة و روي ان أبا الحسن الأولعليه‌السلام كان إذا اهتم ترك النافلة .

٢٦ الحكمة ( ٣٩ ) و قالعليه‌السلام :

لاَ قُرْبَةَ بِالنَّوَافِلِ إِذَا أَضَرَّتْ بِالْفَرَائِضِ و الحكمة ( ٢٧٩ ) و قالعليه‌السلام :

إِذَا أَضَرَّتِ اَلنَّوَافِلُ بِالْفَرَائِضِ فَارْفُضُوهَا أي اتركوها في ( المقنع ) لا يجوز أن يتطوّع الرجل و عليه شي‏ء من الفرائض كذلك وجدته في كلّ الأحاديث١ .

و روى الشيخ عن زرارة سألت أبا جعفرعليه‌السلام عن ركعتي الفجر قال قبل الفجر إلى أن قال أتريد أن تقايس لو كان عليك من شهر رمضان أكنت تتطوع ، إذا دخل عليك وقت الفريضة فابدأ بالفريضة٢ .

و عن معاوية بن عمار عن الصادقعليه‌السلام في امرأة أوصت بثلثها يتصدّق به عنها و يعتق عنها و يحجّ عنها فلم يسع المال ذلك فقال ابدأ بالحج فان الحج فريضة و ما بقي فضعه في النوافل أي العتق و الصدقة .

و في ( الكافي ) عن الباقرعليه‌السلام جعل الذراع و الذراعان لمكان الفريضة فاذا بلغ الفي‏ء ذراعا بدأت بالفريضة و تركت النافلة عنهعليه‌السلام قال لي رجل من

____________________

( ١ ) الصدوق ، المقنع و الهداية : ٦٤ ( باب الرجل يتطوّع بالصيام ) ، مطبوعات دار العلم ، قم .

( ٢ ) الصدوق ، الاستبصار ١ : ٢٨٣ رواية ( ٥ ) .

٢١١

أهل المدينة مالي لا أراك تتطوع بين الاذان و الإقامة كالناس قلت انا إذا أردنا أن نتطوع كان تطوعنا في غير وقت فريضة فإذا دخلت الفريضة فلا تطوع .

هذا و قالعليه‌السلام أيضا في ذلك غير ما نقله المصنف ما رواه الحلبي في ( تحفه ) فقال : قالعليه‌السلام لا تقضوا النافلة في وقت الفريضة و لكن ابدأوا بالفريضة ثم صلّوا ما بدا لكم و لا يصل الرجل نافلة في وقت فريضة و لا يتركها إلاّ من عذر و ليقض بعد ذلك إذا أمكنه القضاء فانّه عز و جل يقولالذين هم على صلوتهم دائمون ١ و هم الذين يقضون ما فاتهم من الليل بالنهار و من النهار بالليل .

هذا ، و في خبر ان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله نام عن صلاة الصبح حتى طلعت الشمس فقضى أولا النافلة ثم الفريضة لفوت الوقتين و على صحّة الخبر فهو استثناء من العنوان ( لا قربة بالنوافل إذا أضرّت بالفرائض ) و كذا العنوان الآخر لكون قضاء الفريضة فورا .

٢٧ الحكمة ( ٣٢ ) و قالعليه‌السلام :

فَاعِلُ اَلْخَيْرِ خَيْرٌ مِنْهُ وَ فَاعِلُ اَلشَّرِّ شَرٌّ مِنْهُ أقول و ورد ( نية المؤمن خير من عمله و نيّة الكافر شرّ من عمله ) و وجه الكلامين كلامهعليه‌السلام و كلام الخبر أن الخير و الشر الخارجيين جزئيان منقطعان و فاعلهما كنيتي المؤمن و الكافر موجبان لصدور الخير و الشر دائما .

هذا ، و في ( الخصال ) عنهعليه‌السلام جمع الخير كلّه في ثلاث خصال : النظر

____________________

( ١ ) المعارج : ٢٣ .

٢١٢

و السكوت و الكلام فكلّ نظر ليس فيه اعتبار فهو سهو و كلّ سكوت ليس فيه فكرة فهو غفلة و كلّ كلام ليس فيه ذكر فهو لغو فطوبى بمن كان نظره عبرا و سكوته فكرا و كلامه ذكرا و بكى على خطيئته و أمن الناس شرّه .

٢٨ الحكمة ( ٩٤ ) وَ سُئِلَ ع عَنِ اَلْخَيْرِ مَا هُوَ فَقَالَ :

لَيْسَ اَلْخَيْرُ أَنْ يَكْثُرَ مَالُكَ وَ وَلَدُكَ وَ لَكِنَّ اَلْخَيْرَ أَنْ يَكْثُرَ عِلْمُكَ وَ أَنْ يَعْظُمَ حِلْمُكَ وَ أَنْ تُبَاهِيَ اَلنَّاسَ بِعِبَادَةِ رَبِّكَ فَإِنْ أَحْسَنْتَ حَمِدْتَ اَللَّهَ وَ إِنْ أَسَأْتَ اِسْتَغْفَرْتَ اَللَّهَ وَ لاَ خَيْرَ فِي اَلدُّنْيَا إِلاَّ لِرَجُلَيْنِ رَجُلٍ أَذْنَبَ ذُنُوباً فَهُوَ يَتَدَارَكُهَا بِالتَّوْبَةِ وَ رَجُلٍ يُسَارِعُ فِي اَلْخَيْرَاتِ أقول : رواه تذكرة سبط ابن الجوزي عن ( حلية أبي نعيم ) مسندا عن عبد خير قال قال عليعليه‌السلام لي « ليس الخير أن يكثر مالك و ولدك و لكن الخير أن يكثر علمك و يعظم حلمك و لا خير في الدنيا إلاّ لأحد رجلين رجل أذنب ذنوبا فهو يتدارك ذلك بتوبة و رجل يسارع في الخيرات و لا يقلّ عمل في تقوى فكيف يقل ما يتقبّل » و رواه الحلية في ابن خفيف١ .

قول المصنف « و سئلعليه‌السلام عن الخير » قد عرفت من رواية الحلية انّهعليه‌السلام قال لعبد خير و في ( الأمالي ) عنهعليه‌السلام لا يزال الناس بخير ما تفاوتوا فاذا استووا هلكوا٢ و روى ان رجلا قال لهعليه‌السلام أوصني فقال أوصيك ألا يكون لعمل الخير عندك غاية في الكثرة و لا لعمل الإثم عندك غاية في القلّة٣

____________________

( ١ ) أبو نعيم الاصفهاني ، حلية الأولياء ١٠ : ٣٨٨ ، و ذكره سبط ابن الجوزي في تذكرة الخواص : ١٣١ طبع المطبعة الحيدرية في النجف الأشرف بتاريخ ١٩٦٤ م .

( ٢ ) الصدوق ، الأمالي : ٢٦٧ و نقله المجلسي في بحار الأنوار ٧١ : ٣٨٣ رواية ١ باب ١٥ .

( ٣ ) ذكره المجلسي في بحار الأنوار ٧٨ : ٤٩ رواية ٧٠ باب ١٦ .

٢١٣

و عنهمعليهم‌السلام أبواب الخير ثلاثة : الصوم و الصدقة و صلاة الليل و عنهمعليهم‌السلام جعل الخير كلّه في بيت و جعل مفتاحه الزهد في الدنيا .

قولهعليه‌السلام « ليس الخير أن يكثر مالك و ولدك »ا يحسبون انما نمدّهم به من مال و بنين نسارع لهم في الخيرات بل لا يشعرون ١ « و لكن الخير أن يكثر علمك و يعظم حلمك و ان تباهي الناس بعبادة ربك فان أحسنت حمدت اللَّه و ان أسأت استغفرت اللَّه »ان الذين هم من خشية ربهم مشفقون و الذين هم بآيات ربهم يؤمنون و الذين هم بربهم لا يشركون أولئك يسارعون في الخيرات و هم لها سابقون ٢ .

و قيل لهعليه‌السلام كما في ( المروج ) من خيار العباد قال الذين إذا أحسنوا استبشروا و إذا أساؤوا استغفروا و إذا ابتلوا صبروا و إذا غضبوا غفروا و في ( الأسد ) كتب سلمان إلى أبي الدرداء كتبت اليّ ان اللَّه رزقك مالا و ولدا ، فاعلم ان الخير ليس بكثرة المال و الولد بل ان يكثر حلمك و ان ينفعك علمك و كتبت الى انك نزلت الأرض المقدسة ان الأرض لا تعمل لأحد اعمل كأنّك ترى و أعدد نفسك من الموتى :

« و لا خير في الدنيا إلاّ لرجلين رجل أذنب ذنبا فهو يتداركها بالتوبة و رجل يسارع في الخيرات »يا أيها الذين آمنوا لا تلهكم أموالكم و لا أولادكم عن ذكر اللَّه و من يفعل ذلك فأولئك هم الخاسرون ٣ .

____________________

( ١ ) المؤمنون : ٥٥ ٥٦ .

( ٢ ) المؤمنون : ٥٧ ٦١ .

( ٣ ) المنافقون : ٩ .

٢١٤

٢٩ الحكمة ( ٣٨٧ ) و قالعليه‌السلام :

مَا خَيْرٌ بِخَيْرٍ بَعْدَهُ اَلنَّارُ وَ مَا شَرٌّ بِشَرٍّ بَعْدَهُ اَلْجَنَّةُ وَ كُلُّ نَعِيمٍ دُونَ اَلْجَنَّةِ مَحْقُورٌ وَ كُلُّ بَلاَءٍ دُونَ اَلنَّارِ عَافِيَةٌ ( أقول ) : هو جزء خطبتهعليه‌السلام الوسيلة التي خطب بها بعد سبعة أيام من وفاة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله حين فرغ من جمع القرآن و تدوينه كما رواه ( روضة الكافي ) مسندا عن جابر الجعفي عن الباقرعليه‌السلام عنهعليه‌السلام .

« ما خير بخير بعده النار و ما شرّ بشرّ بعده الجنّة » في الدعاء ( اللّهم اني أسألك خير الخير رضوانك و الجنّة و أعوذ بك من شرّ الشرّ سخطك و النار ) .

و عن الباقرعليه‌السلام كان عليعليه‌السلام بكرة يطوف في أسواق الكوفة سوقا سوقا و معه الدرة على عاتقه و كان لها طرفان و كانت تسمى السبية فيقف على سوق فينادي يا معشر التجار قدموا الاستخارة و تبركوا بالسهولة و اقتربوا من المبتاعين و تزينوا بالحلم و تناهوا عن اليمين و جانبوا الكذب و تجافوا عن الظلم و انصفوا المظلومين و لا تقربوا الربا و أوفوا الكيل و الميزان و لا تبخسوا الناس أشياءهم و لا تعثوا في الأرض مفسدين ثم ينشد هذه الأبيات :

تفنى اللذاذة ممّن نال صفوتها

من الحرام و يبقى الاثم و العار

تبقى عواقب سوء في مغبّتها

لا خير في لذّة ما بعدها النار

و عنهعليه‌السلام ما من رجل يغدو و يروح إلى سوقه فيقول حين يضع رجله في السوق اللّهم اني أسألك خيرها و خير أهلها و أعوذ بك من شرّها و شرّ أهلها إلاّ و كلّ اللَّه تعالى به من يحفظه و يحفظ عليه حتى يرجع إلى منزله

٢١٥

و يقول له قد اجرتك من شرّها و شرّ أهلها يومك هذا .

هذا و عدوا في الرجال حجر الخير و حجر الشرّ و سلمة الخير و سلمة الشر .

« و كلّ نعيم دون الجنة فهو » هكذا في ( المصرية ) و كلمة ( فهو ) زائدة لعدم وجودها في ابن أبي الحديد و ابن ميثم و الخطية .

« محقور و كلّ بلاء دون النار عافية » في الطبري لمّا زحف عمر بن سعد يوم الطف قال له الحر بن يزيد أمقاتل أنت هذا الرجل قال أي و اللَّه إلى أن قال فأخذ الحر يدنو من الحسينعليه‌السلام قليلا قليلا فقال له رجل من قومه يقال له المهاجر بن أوس ما تريد أ تريد أن تحمل ؟ فسكت و أخذه مثل العرواء فقال للحر و اللَّه ان أمرك لمريب و اللَّه ما رأيت منك في موقف قط مثل شي‏ء أراه الآن و لو قيل لي من أشجع أهل الكوفة ما عدوتك فما هذا الذي أرى منك قال اني و اللَّه أخيّر نفسي بين الجنّة و النار و و اللَّه لا اختار على الجنّة شيئا و لو قطعت و حرقت ثم ضرب فرسه فالحق بالحسينعليه‌السلام .

٣٠ الحكمة ( ٤٢٢ ) و قالعليه‌السلام :

اِفْعَلُوا اَلْخَيْرَ وَ لاَ تَحْقِرُوا مِنْهُ شَيْئاً فَإِنَّ صَغِيرَهُ كَبِيرٌ وَ قَلِيلَهُ كَثِيرٌ وَ لاَ يَقُولَنَّ أَحَدُكُمْ إِنَّ أَحَداً أَوْلَى بِفِعْلِ اَلْخَيْرِ مِنِّي فَيَكُونَ وَ اَللَّهِ كَذَلِكَ إِنَّ لِلْخَيْرِ وَ اَلشَّرِّ أَهْلاً فَمَهْمَا تَرَكْتُمُوهُ مِنْهُمَا كَفَاكُمُوهُ أَهْلُهُ « افعلوا الخير » في ( الكافي ) عن الصادقعليه‌السلام في التوراة مكتوب يا ابن آدم تفرّغ لعبادتي املأ قلبك غنى و لا آكلك إلى طلبك و عليّ أن أسد فاقتك و أملأ قلبك خوفا مني و ألا تفرغ لعبادتي املأ قلبك شغلا بالدنيا ثم لا اسد فاقتك

٢١٦

و اكلك إلى طلبك .

« و لا تحقروا منه شيئا فان صغيره كبير و قليله كثير » فيه عنهعليه‌السلام أيضا إذا همّ أحدكم بعمل فلا يؤخره فان العبد ربما صلّى الصلاة أو صام الصيام فيقال له اعمل ما شئت بعدها فقد غفر لك و في خبر آخر و لا يستقل ما يتقرّب به إلى اللَّه تعالى و لو بشقّ تمرة .

و عنهعليه‌السلام إذا هممت بشي‏ء فلا تؤخره فانه تعالى ربما اطّلع و هو على شي‏ء من الطاعة فيقول و عزتي و جلالي لا أعذبك بعدها أبدا و إذا هممت بسيئة فلا تعملها فانّه ربما اطلع تعالى على العبد و هو على شي‏ء من المعصية فيقول و عزتي و جلالي لا أغفر لك بعدها أبدا .

« و لا يقولن أحدكم ان أحدا أولى بفعل الخير مني فيكون و اللَّه كذلك » فيه عنهعليه‌السلام إذا هم أحدكم بخير أو صلة فان عن يمينه و شماله شيطانين فليبادر لا يكفاه عن ذلك .

« ان للخير و الشر أهلا فمهما تركتموه منهما كفاكموه أهله » فيه عن أبي جعفرعليه‌السلام ان اللَّه ثقل الخير على أهل الدنيا كثقله في موازينهم يوم القيامة و ان اللَّه تعالى خفف الشر على أهل الدنيا كخفته في موازينهم يوم القيامة .

هذا ، و حيث ان الخير و الشر من الامور النسبية فقد يترك بعض أهل الشر شرّا فظيعا لأشرّ منه كما ترك المغيرة قتل حجر بن عدي لزياد بن أبيه ففي الطبري أقام المغيرة على الكوفة عاملا لمعاوية سبع سنين و أشهرا و هو أحسن شي‏ء سيرة غير انّه لا يدع ذمّ عليعليه‌السلام و الوقوع فيه و العيب لقتلة عثمان و اللعن لهم و الدعاء لعثمان بالرحمة و التزكية لأصحابه فكان حجر إذا سمع ذلك قال بل إياكم ذمم اللَّه و لعن ثم قام فقال ان اللَّه تعالى يقول .كونوا

٢١٧

قوامين بالقسط شهداء للَّه .١ و أنا أشهد ان من تذمون و تعيرون لأحق بالفضل و ان من تزكون و تطرون أولى بالذم فيقول له المغيرة يا حجر لقد رمى بسهمك إذ كنت أنا الوالي عليك ويحك اتق السلطان و اتق غضبه و سطوته فان غضبة السلطان أحيانا ممّا يهلك أمثالك كثيرا ثم يكفّ عنه و يصفح فلم يزل حتى كان في آخر امارته قام المغيرة فقال في علي و عثمان كما كان يقول و كانت مقالته اللّهم ارحم عثمان و تجاوز عنه و اجزه بأحسن عمله فانّه عمل بكتابك و اتبع سنّة نبيّك و جمع كلمتنا و حقن دماءنا و قتل مظلوما اللّهم فارحم انصاره و أولياءه و محبيه و الطالبين بدمه و يدعو على قتلته فقام حجر فنعر نعرة بالمغيرة سمعها كلّ من كان في المسجد و من كان خارجا منه و قال إنّك لا تدري بمن تولع من هرمك و قد أصبحت مولعا بذم أمير المؤمنين و تقريظ المجرمين فنزل المغيرة فدخل و استأذن عليه قومه فاذن لهم فقالوا على م تترك هذا الرجل يقول هذه المقالة و يجتري عليك في سلطانك هذه الجرأة فقال لهم المغيرة اني قد قتلته انه سيأتي بعدي أمير فيحسبه مثلي فيصنع به شبيها بما ترونه يصنع بي فيأخذه عند أوّل و هلة فيقتله شرّ قتلة انّه قد اقترب أجلي و لا أحبّ ان ابتدى‏ء أهل هذا المصر بقتل خيارهم فيسعدوا بذلك و أشقى و يعز في الدنيا معاوية و يذلّ يوم القيامة المغيرة .

هذا و عن ( دعوات القطب ) الراوندي عن الصادقعليه‌السلام مرض أمير المؤمنينعليه‌السلام فعاده قوم فقالوا كيف أصبحت قال بشرّ فقالوا سبحان اللَّه هذا كلام مثلك فقال يقول تعالى .و نبلوكم بالشرّ و الخير فتنة و إلينا

____________________

( ١ ) النساء : ١٣٥ .

٢١٨

ترجعون ١ فالخير الصحة و الغنى ، و الشرّ المرض و الفقر ابتلاء و اختبارا٢ .

هذا ، و لنا حجران حجر الخير و هو حجر بن عدي من أصحاب أمير المؤمنينعليه‌السلام و حجر الشرّ من أصحاب معاوية و في اللسان و في بني قشير سلمتان سلمة بن قشير ابن القشيرية و هو سلمة الخير و سلمة بن قشير ابن لبيني بنت كعب بن كلاب و هو سلمة الشر .

 ٣١ الحكمة ( ٤٤٧ ) و قالعليه‌السلام :

مَنِ اِتَّجَرَ بِغَيْرِ فِقْهٍ فَقَدِ اِرْتَطَمَ فِي اَلرِّبَا أي ارتبك فيه من ( ارتطم في الوحل ) و رواه ( الكافي ) عنهعليه‌السلام هكذا « من اتجر بغير علم ارتطم في الربا ثم ارتطم .

و روي عنهعليه‌السلام لا تقعدون في السوق إلاّ من يعقل الشراء و البيع يا معشر التجار الفقه ثم المتجر و اللَّه للربا في هذه الامة أخفى من دبيب النمل على الصفا شوبوا ايمانكم بالصدق ، التاجر فاجر و الفاجر في النار إلاّ من أخذ الحق و أعطى الحق .

هذا ، و في نزول أسباب الواحدي مسندا عن ابن عباس بلغنا ان آية الربا نزلت في بني عمرو بن عمير بن عوف من ثقيف و في بني المغيرة من بني مخزوم و كان بنو المغيرة يربون لثقيف فلما أظهر اللَّه تعالى رسوله على مكة

____________________

( ١ ) الانبياء : ٣٥ .

( ٢ ) الدعوات لقطب الدين الراوندي : ١٦٨ حديث ٤٦٩ ، مدرسة الامام المهدي ، قم ، و نقله عنه « البحار » ٨١ : ٢٠٩ « و المستدرك » ١ : ٩٥ .

٢١٩

وضع يومئذ الربا كلّه فأتى بنو عمرو و بنو المغيرة إلى عتاب بن أسيد و هو على مكة فقال بنو المغيرة ما جعلنا أشقى الناس بالربا .

وضع عن الناس غيرنا و قال بنو عمرو صولحنا على ان لنا ربانا فكتب عتاب في ذلك إلى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله فنزلتيا أيها الذين آمنوا اتقوا اللَّه و ذروا ما بقي من الربوا ان كنتم مؤمنين فان لم تفعلوا فاذنوا بحرب من اللَّه و رسوله . .١ فعرف بنو عمر و ان لايدان لهم بحرب يقول تعالى .و أن تبتم فلكم رؤوس أموالكم لا تظلمون فتأخذون أكثر و لا تظلمون ٢ فتبخسون منه .

____________________

( ١ ) البقرة : ٢٧٨ .

( ٢ ) البقرة : ٢٧٩ .

٢٢٠