بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة الجزء ١٣

بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة9%

بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة مؤلف:
تصنيف: أمير المؤمنين عليه السلام
الصفحات: 617

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤
  • البداية
  • السابق
  • 617 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 194097 / تحميل: 7307
الحجم الحجم الحجم
بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة

بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة الجزء ١٣

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

وذكره في الحاوي في الضعاف(1) ، وليس في محلّه.

وفيمشكا : ابن محمّد أبو محمّد المتكلّم الحاذق ، عنه أبو أيّوب الخزّاز ، وأبو بصير(2) .

509 ـ ثعلبة بن عمرو :

أبو عمرة الأنصاري ، ل(3) .

وفيهب : بدريّ ، عنه ابنه عبد الرحمن(4) . ثمّ في الكنى : صحابي ، قتل مع عليّعليه‌السلام (5) .

ويأتي في الحصين بن المنذر مدحه ، وفي الكنى أيضا(6) .

أقول : لم يذكره في الحاوي(7) ولا في الوجيزة ، وهو عجيب سيّما من الثاني.

510 ـ ثعلبة بن ميمون :

مولى بني أسد ، ثمّ مولى بني سلامة منهم ، أبو إسحاق النحوي ، كان وجها في أصحابنا ، وكان قارئا فقيها نحويّا لغويّا راوية ، وكان حسن العمل كثير العبادة والزهد ، روى عن أبي عبد الله وأبي الحسنعليهما‌السلام ،جش (8) .

صه إلاّ قوله : منهم أبو إسحاق النحوي ، وزاد(9) : وكان فاضلا متقدّما‌

__________________

(1) حاوي الأقوال : 235 / 1280.

(2) هداية المحدّثين : 28.

(3) رجال الشيخ : 12 / 13 ، وفيه : أبو عميرة.

(4) الكاشف 1 : 118 / 717.

(5) الكاشف 3 : 319 / 303.

(6) يأتي ذلك نقلا عن الكشّي : 7 / 14 ، 8 / 17 ، 11 / 24.

(7) بل ذكره في حاوي الأقوال : 369 / 2185 في باب الكنى بعنوان : أبو عمرة الأنصاري.

(8) رجال النجاشي : 117 / 302.

(9) في نسخة « ش » : وزاد صه.

٢٠١

معدودا في العلماء والفقهاء(1) الأجلّة في هذه العصابة ، سمعه هارون الرشيد يدعو في الوتر فأعجبه(2) .

ثمّ زادجش : له كتاب ، عنه به عبد الله بن المزخرف الحجّال.

وفيكش : حمدويه ، عن محمّد بن عيسى : أنّ ثعلبة بن ميمون مولى محمّد بن قيس الأنصاري ، وهو ثقة خيّر فاضل مقدّم معلوم معدود في العلماء والفقهاء الأجلّة(3) من هذه العصابة(4) ، انتهى.

واعلم أنّه يقال له : أبو إسحاق الفقيه كما في جميل(5) ، وأبو إسحاق النحوي كما فيجش .

وفيتعق : في الوجيزة : ثقة(6) .

قلت : هو من أعاظم الثقات والزهّاد والعبّاد والفقهاء والعلماء الأمجاد.

وربما يتأمّل في وثاقته لعدم ذكرها بلفظها ـ وما فيكش الظاهر أنّه من محمّد بن عيسى ـ وهذا التأمّل في غاية الركاكة.

ولعمري إنّجش لم يكن يدري بأنّه سيجي‌ء من يقنع بمجرّد ثقة بل بمجرّد رجحانه ، ولا يكفيه جميع ما ذكر ، على أنّ محمّد بن عيسى من الثقات الأجلّة كما ستعرف ، مع أنّ ذكركش ذلك ليس مجرّد حكاية ، بل هو في مقام الاعتماد والاعتداد. ومرّ في الفوائد ماله دخل(7) .

__________________

(1) في المصدر : الفضلاء ، القضاة ( خ ل ).

(2) الخلاصة : 30 / 1.

(3) كذا ورد في هامش المصدر عن نسخة ، وفي المتن : والفقهاء والأجلّة.

(4) رجال الكشّي : 412 / 776 ، وقوله : معدود ، لم ترد فيه.

(5) راجع رجال الكشّي : 375 / 705 في تسمية الفقهاء من أصحاب أبي عبد اللهعليه‌السلام .

(6) الوجيزة : 172 / 317.

(7) تعليقة الوحيد البهبهاني : 76.

٢٠٢

واحتمل بعض أن يكون : وهو ثقة. إلى آخره ، من كلامكش ، قال : وهو خلاف الظاهر.

أقول : واحتمل في الحاوي كونه من كلام حمدويه(1) .

ولا يخفى أنّ المتأمّل في وثاقته متأمّل في وثاقة محمّد ، كما يظهر من كلامه ، وعليه فلا كلام معه.

وأمّا سائر الأوصاف السابقة عنجش فلا تفيد أكثر من الحسن ، والوثاقة مأخوذ فيها مضافا إلى العدالة الضبط. نعم على القول بوثاقة محمّد ـ كما هو الصحيح ـ لا مجال للتوقّف في وثاقته إن قلنا بكون التعديل من باب الإخبار أو الظنون الاجتهادية.

وقد ذكره في الحاوي ـ مع ما عرف من طريقته ـ في الثقات.

وفيمشكا : ابن ميمون الثقة ، عنه أبو محمّد عبد الله بن محمّد المزخرف الحجّال ، وابن أبي عمير ، ومحمّد بن إسماعيل بن بزيع ، وعليّ ابن الحكم.

وهو عن زرارة ، وأبي بكر الحضرمي ، والصادق والكاظمعليهما‌السلام (2) .

511 ـ ثوير بن أبي فاختة :

واسم أبي فاختة : سعيد بن علاقة. روىكش عن محمّد بن قولويه ، عن محمّد بن عباد بن بشير ، عن ثوير ، قال : أشفقت على أبي جعفرعليه‌السلام من مسائل هيّأها له عمرو بن ذر وابن قيس الماصر والصلت بن بهرام.

__________________

(1) حاوي الأقوال : 38 / 116.

(2) هداية المحدّثين : 28.

٢٠٣

وهذا لا يقتضي مدحا ولا قدحا ، فنحن في روايته من المتوقّفين ،صه (1) .

وقالشه : دلالة الخبر على القدح أظهر ، لأنّه يدلّ على عدم علمه بحقيقة الإمامعليه‌السلام على ما ينبغي(2) .

وفيجش : ابن أبي فاختة ، أبو جهم الكوفي ، واسم أبي فاختة سعيد ابن علاقة ، يروي عن أبيه ، وكان مولى أم هاني بنت أبي طالب.

قال ابن نوح : حدّثني جدّي ، عن بكر بن أحمد ، عن محمّد بن عبد الله البزّاز ، عن محمود بن غيلان ، عن شبابة بن سوّار ، قال : قلت ليونس ابن أبي إسحاق : مالك لا تروي عن ثوير؟ فإنّ إسرائيل يروي عنه. قال : ما أصنع به ، كان رافضيّا(3) .

وفيقر : ابن أبي فاختة سعيد بن جهمان مولى أم هاني(4) .

وزادق بعد جهمان : الهاشمي(5) .

وزادين علىق : تابعي(6) .

وفيقب : ابن أبي فاختة ـ بمعجمة مكسورة ومثنّاة ـ سعيد بن علاقة ـ بكسر المهملة ـ الكوفي ، أبو الجهم ، ضعيف ، رمي بالرفض ، من الرابعة(7) .

__________________

(1) الخلاصة : 30 / 2.

(2) تعليقة الشهيد الثاني على الخلاصة : 18.

(3) رجال النجاشي : 118 / 303.

(4) رجال الشيخ : 111 / 5.

(5) رجال الشيخ : 161 / 10 ، وفيه بعد أم هاني : كوفي.

(6) رجال الشيخ : 85 / 5 ، والصواب ـ كما في رجال الميرزا ـ بدلق : قر.

(7) تقريب التهذيب 1 : 121 / 54.

٢٠٤

وفيكش : محمّد بن قولويه القمّي ، قال : حدّثني محمّد بن عباد بن بشير(1) ، عن ثوير بن أبي فاختة ، قال : خرجت حاجّا ، فصحبني عمرو(2) بن ذر القاضي وابن قيس الماصر والصلت بن بهرام ، فكانوا إذا نزلوا منزلا قالوا : انظر الآن فقد حرّرنا أربعة آلاف مسألة نسأل أبا جعفرعليه‌السلام عنها(3) عن ثلاثين كلّ يوم ، وقد قلّدناك ذلك.

قال ثوير : فغمّني ذلك. حتّى إذا دخلت(4) المدينة افترقنا ، فنزلت أنا على أبي جعفرعليه‌السلام ، فقلت له : جعلت فداك إنّ ابن ذر وابن قيس الماصر والصلت صحبوني ، وكنت أسمعهم يقولون : قد حرّرنا أربعة آلاف مسألة نسأل أبا جعفرعليه‌السلام عنها ، فغمّني ذلك!

فقال أبو جعفرعليه‌السلام : ما يغمّك من ذلك ، إذ جاءوا فأذن لهم. الحديث(5) .

وفيتعق : قيل : ويقال : ثور ، والظاهر أنّه يذكر مكبّرا ومصغّرا ، كما يأتي في الحسين بن ثور(6) .

وقولشه : دلالة الخبر. إلى آخره ، لا تأمّل في كونه من مشاهير الشيعة ، يظهر بملاحظة ما ذكر وغيره ، وحكاية الإشفاق لا تضرّ بالنسبة إلى‌

__________________

(1) في المصدر : محمّد بن قولويه القمّي ، قال : حدّثني محمّد بن بندار القمّي ، عن أحمد بن محمّد البرقي ، عن أبيه محمّد بن خالد ، عن أحمد بن النضر الجعفي ، عن عباد بن بشير. إلى آخره ، وسيشير إليه المصنّف في آخر الترجمة.

(2) في المصدر : عمر.

(3) في المصدر : منها.

(4) في المصدر : دخلنا.

(5) رجال الكشي : 219 / 394.

(6) تعليقة الوحيد البهبهاني : 114.

٢٠٥

شيعة ذلك الزمان ، وفي جهم بن أبي الجهم(1) ما له ربط(2) .

أقول : عن كتاب ميزان الاعتدال : ثوير بن أبي فاختة من الروافض(3) .

وفي الوجيزة : فيه مدح وذمّ(4) ، فتأمّل.

ثمّ إنّ الإشفاق لا يستلزم ظنّه عجزهعليه‌السلام ليكون غير عارف بحقيقة الإمامعليه‌السلام ، بل لعلّه لإشفاقه عليهعليه‌السلام أن يتأذى لخبثهم ورداءة لسانهم ، أو لعدم تمكّنهعليه‌السلام من إظهار الحقّ تقيّة منهم ؛ فلا يتوجّه إليه ذمّ أصلا.

هذا ، ولا يخفى ما في سند الرواية من السقط فيصه ورجال الميرزا(5) وسبقهماطس (6) ، لأنّ ثوير ينقر ق فكيف يروي عنه محمّد بن قولويه بواسطة واحدة.

والذي في نسختي من الاختيار ونقله في المجمع عنكش هكذا : محمّد بن قولويه ، عن محمّد بن بندار القميّ ، عن أحمد بن محمّد البرقي ، عن أبيه محمّد بن خالد ، عن أحمد بن النضر الجعفي ، عن عبّاد‌

__________________

(1) قال في التعليقة : 89 في ترجمته : ذكر في ترجمة سعيد بن أبي الجهم أنّ آل أبي الجهم بيت كبير في الكوفة. ولعلّ أبا الجهم هذا هو ثوير بن أبي فاختة ، وجهم هذا هو والد هارون بن الجهم الثقة ، فيكون : جهم ابن ثوير بن أبي فاختة. فعلى هذا يظهر جلالة ثوير وأبيه سعيد. إلى آخره.

(2) تعليقة الوحيد البهبهاني : 76.

(3) ميزان الاعتدال 1 : 375 / 1408.

(4) الوجيزة : 172 / 322.

(5) منهج المقال : 76.

(6) التحرير الطاووسي : 104 / 71.

٢٠٦

ابن بشير ، عن ثوير بن أبي فاختة. إلى آخره(1) .

512 ـ ثوير بن عمرو :

ابن عبد الله المرهبي(2) الهمداني ، أسند عنه ،ق (3) .

__________________

(1) رجال الكشّي : 219 / 394 ، مجمع الرجال : 1 / 302 ، وفيه بدل النضر : النصر.

(2) في نسخة « م » : الرهبي.

(3) رجال الشيخ : 161 / 11 ، وفيه بعد الهمداني زيادة : الكوفي.

٢٠٧
٢٠٨

باب الجيم‌

513 ـ جابر بن شمير :

الأسدي ، كوفي ، أبو العلاء ، أسند عنه ،ق (1) .

514 ـ جابر بن عبد الله :

الأنصاري ، ن(2) ، سين(3) .

وزاد ين قبل الأنصاري : ابن حرام ، وبعده : صاحب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله (4) . ونحوهقر (5) .

وفيي : المدني ، العربي ، الخزرجي(6) .

وفيل : شهد بدرا وثماني عشرة غزوة مع النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، مات سنة ثمان وسبعين(7) .

وفيقب : ابن حرام ، بمهملة وراء(8) .

وفيصه : أوردكش في مدحه روايات كثيرة من غير أن يورد ما يخالفها ، وقد ذكرناها في الكتاب الكبير.

قال الفضل بن شاذان : إنّه من السابقين الّذين رجعوا إلى أمير‌

__________________

(1) رجال الشيخ : 163 / 34.

(2) رجال الشيخ : 66 / 1.

(3) رجال الشيخ : 72 / 1.

(4) رجال الشيخ : 85 / 1 ، وفيه : ابن عمرو بن حزام.

(5) رجال الشيخ : 111 / 1.

(6) رجال الشيخ : 37 / 3.

(7) رجال الشيخ : 12 / 2.

(8) تقريب التهذيب 1 : 122 / 9.

٢٠٩

المؤمنينعليه‌السلام .

وقال ابن عقدة : أنّه منقطع إلى أهل البيتعليهم‌السلام .

وروي مدحه عن محمّد بن مفضل ، عن محمّد بن سنان ، عن حريز ، عن الصادقعليه‌السلام (1) ، انتهى.

وفيكش حديث السابقين(2) .

وفيه أيضا : حمدويه وإبراهيم ابنا نصير ، عن أيّوب بن نوح ، عن صفوان بن يحيى ، عن عاصم بن حميد ، عن معاوية بن عمّار ، عن أبي الزبير المكّي ، قال : سألت جابر بن عبد الله فقلت : أخبرني أيّ رجل كان عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام ؟ فرفع حاجبيه(3) عن عينيه ـ وقد كان سقط على عينيه ـ فقال : ذلك(4) خير البشر ، أما والله إن(5) كنّا لنعرف المنافقين على عهد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ببغضهم إيّاه(6) .

محمّد بن مسعود ، عن عليّ بن محمّد ، عن أحمد بن يحيى(7) ، عن محمّد المنقري(8) ، عن عليّ بن الحكم ، عن فضيل بن عثمان(9) ، عن أبي‌

__________________

(1) الخلاصة : 34 / 1.

(2) رجال الكشّي : 38 / 78 نقل عن الفضل بن شاذان أنّه قال : إنّ من السابقين الّذين رجعوا إلى أمير المؤمنينعليه‌السلام : أبو الهيتم بن التيهان ، وأبو أيّوب ، وخزيمة بن ثابت ، وجابر ابن عبد الله.

(3) في نسخة « م » : حاجبه.

(4) في المصدر : ذاك.

(5) في المصدر : إنّا ( خ‌

(6) رجال الكشّي : 40 / 86.

(7) في المصدر : عن محمّد بن أحمد بن يحيى.

(8) في المصدر : عن محمّد بن السفري.

(9) في المصدر : عن فضل بن عثمان.

٢١٠

الزبير المكّي ، قال : رأيت جابرا يتوكّأ على عصاه وهو يدور سكك(1) المدينة ومجالسهم ويقول : عليّ خير البشر من أبى فقد كفر ، معاشر الأنصار أدّبوا أولادكم على حبّ علي ، فمن أبى فلينظر في شأن أمّه(2) .

أبو محمّد جعفر بن معروف ، عن الحسن بن عليّ بن النعمان ، عن أبيه ، عن عاصم الحنّاط ، عن محمّد بن مسلم ، قال : قال لي أبو عبد اللهعليه‌السلام : إنّ لأبي مناقب ما هي(3) لآبائي ، إنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال لجابر بن عبد الله الأنصاري : إنّك تدرك محمّد بن علي ، فأقرئه منّي السلام.

فأتى جابر منزل عليّ بن الحسينعليه‌السلام ، فطلب محمّد بن عليّعليه‌السلام ، فقال(4) : هو في الكتّاب ، أرسل لك إليه؟ قال(5) : لا ، ولكنّي أذهب إليه.

فذهب في طلبه ، فقال للمعلّم : أين محمّد بن علي؟ قال : هو في تلك الرفقة ، أرسل لك إليه؟ قال : لا ، ولكنّي أذهب إليه.

فجاءه والتزمه(6) وقبّل رأسه وقال : إنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أرسلني إليك برسالة ، أن أقرئك السلام.

قال : عليه وعليك السلام.

ثمّ قال له جابر : بأبي أنت وأمّي اضمن لي أنت الشفاعة يوم القيامة.

__________________

(1) في المصدر : في سكك.

(2) رجال الكشّي : 44 / 93.

(3) في المصدر : ما هنّ.

(4) في المصدر : فقال له عليّعليه‌السلام .

(5) في نسخة « ش » : فقال.

(6) في المصدر : فالتزمه.

٢١١

قال : قد فعلت ذلك يا جابر(1) .

وفيه أحاديث أخر في مدحه.

وفيتعق : في آخر الباب الأوّل منصه عن قي : أنّه من الأصفياء(2) .

ولا يخفى أنّه من الجلالة بمكان لا يحتاج إلى التوثيق.

ووثّقه خالي(3) .

وقيل : لا يبعد استفادة توثيقه من وجوه كثيرة(4) .

أقول : الظاهر أنّه الفاضل عبد النبي الجزائري ، فإنّه مع ما عرفت من طريقته ذكره في الثقات وقال : حاله في الانقطاع إلى أهل البيتعليهم‌السلام والجلالة أشهر من أن يذكر ، ولا يبعد استفادة توثيقه من وجوه كثيرة(5) ، انتهى.

وفيطس نحو ما فيصه إلاّ النقل عن ابن عقدة(6) .

ويأتي في أبيه(7) وفي وردان مدحه(8) .

515 ـ جابر المكفوف :

الكوفي ،ق (9) .

__________________

(1) رجال الكشّي : 42 / 89.

(2) الخلاصة : 192 ، رجال البرقي : 3.

(3) الوجيزة : 173 / 324.

(4) تعليقة الوحيد البهبهاني : 77.

(5) حاوي الأقوال : 43 / 140.

(6) التحرير الطاووسي : 116 / 83.

(7) وفيه نقلا عن رجال الكشّي : 41 / 87 عن أبي جعفرعليه‌السلام قال : كان عبد الله أبو جابر ابن عبد الله من السبعين ومن الاثني عشر ، وجابر من السبعين وليس من الاثني عشر.

(8) في رجال الكشّي : 123 / 194 عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال : ارتدّ الناس بعد قتل الحسينعليه‌السلام إلاّ ثلاثة : أبو خالد الكابلي ويحيى بن أم الطويل وجبير بن مطعم.

وعن حمزة بن محمّد الطيّار مثله وزاد فيه : جابر بن عبد الله الأنصاري.

(9) رجال الشيخ : 163 / 32.

٢١٢

وفيصه : روىكش عن محمّد بن مسعود ، عن عليّ بن الحسن(1) ، عن العبّاس ، عن جابر المكفوف : أنّ الصادقعليه‌السلام وصله بثلاثين دينارا وعرض بمدحه.

وروى ابن عقدة عن عليّ بن الحسن ، عن عبّاس بن عامر ، عن جابر المكفوف ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال : دخلت عليهعليه‌السلام فقال : أما يصلونك؟ فقلت : ربما فعلوا. فوصلني بثلاثين دينارا ، ثمّ قال : يا جابر ، كم من عد إن غاب لم يفقدوه وإن شهد لم يعرفوه ، في أطمار(2) ، لو أقسم على الله لأبرّ قسمه(3) ، انتهى.

وفيكش : محمّد بن مسعود ، قال : حدّثني عليّ بن الحسن. إلى آخر ما نقله عن ابن عقدة(4) .

أقول : الروايتان واحدة إلاّ أنّ الذي فيكش بدل ابن عقدة : محمّد ابن مسعود ، والثانية بلفظها والأولى بمعناها ، كما فيطس أيضا(5) .

هذا ، وفي الوجيزة : ممدوح(6) .

516 ـ جابر بن يزيد :

روىكش فيه مدحا وبعض الذم ، والطريقان ضعيفان ، ذكرناهما في الكتاب الكبير.

وقال السيّد عليّ بن أحمد العقيقي العلوي : روى أبي ، عن عمّار بن‌

__________________

(1) في نسخة « ش » : عن محمّد عن علي بن الحسن.

(2) أطمار جمع طمر بالكسر ، وهو الثوب الخلق ، تاج العروس : 3 / 360.

(3) الخلاصة : 35 / 3.

(4) رجال الكشّي : 335 / 613.

(5) التحرير الطاووسي : 115 / 82.

(6) الوجيزة : 173 / 325.

٢١٣

أبان(1) ، عن الحسين بن أبي العلاء : أنّ الصادقعليه‌السلام ترحّم عليه وقال : إنّه كان يصدق علينا.

وقال ابن عقدة : روى محمّد بن أحمد(2) بن البرّاء الصائغ ، عن أحمد ابن الفضل ، عن(3) حنّان بن سدير ، عن زياد بن أبي الحلال : أنّ الصادقعليه‌السلام ترحّم على جابر وقال : إنّه كان(4) يصدق علينا ، ولعن المغيرة وقال : إنّه كان يكذب علينا.

وقالغض : جابر بن يزيد الجعفي الكوفي ثقة في نفسه ولكن جلّ من روى عنه ضعيف فممّن أكثر عنه من الضعفاء عمرو بن شمر الجعفي ، ومفضّل بن صالح السكوني(5) ، ومنخل بن جميل الأسدي. وأرى الترك لما روى هؤلاء عنه والوقف في الباقي إلاّ ما خرج شاهدا.

وقالجش : جابر بن يزيد الجعفي لقي أبا جعفر وأبا عبد اللهعليهما‌السلام ، ومات في أيّامه سنة ثمان وعشرين ومائة ، روى عنه جماعة غمز فيهم وضعّفوا ، منهم : عمرو(6) بن شمر ، ومفضّل بن صالح ، ومنخل بن جميل ، ويوسف بن يعقوب ، وكان في نفسه مختلطا.

وكان شيخنا أبو عبد الله محمّد بن محمّد بن النعمان ينشدنا أشعارا كثيرة في معناه تدلّ على الاختلاط ، ليس هذا موضعا لذكرها.

والأقوى عندي الوقف(7) فيما يرويه هؤلاء عنه كما قاله الشيخ ابن‌

__________________

(1) في المصدر : روي عن أبي عمّار بن أبان.

(2) في المصدر : أحمد بن محمّد.

(3) في المصدر : ابن.

(4) كان ، لم ترد في نسخة « ش ».

(5) في المصدر : والسكوني.

(6) في نسخة « م » : عمر.

(7) في المصدر : التوقّف.

٢١٤

الغضائري ،صه (1) .

وفيجش : ابن يزيد أبو عبد الله وقيل : أبو محمّد الجعفي ، عربيّ قديم. نسبه(2) : بني(3) الحارث بن عبد يغوث بن كعب بن الحارث بن معاوية بن وائل بن مرار بن(4) جعفي. لقي أبا جعفر وأبا عبد اللهعليهما‌السلام . إلى آخره(5) .

وزاد بعد لذكرها : وقلّ ما يورد عنه شي‌ء في الحلال والحرام.

له كتب ، منها التفسير ، الربيع بن زكريّا الورّاق ، عن عبد الله بن محمّد ، عنه به.

وهذا عبد الله بن محمّد يقال له : الجعفي ، ضعيف.

ثمّ ذكر له عدّة من الكتب وجملة من الطرق(6) .

وفيست : له أصل ، ابن أبي جيد ، عن ابن الوليد ، عن الصفّار ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن عبد الرحمن بن أبي نجران ، عن المفضّل ابن صالح ، عنه.

ورواه حميد ، عن إبراهيم بن سليمان ، عنه.

وله كتاب التفسير ، عمّار(7) بن مروان ، عن منخل بن جميل ، عنه به(8) .

__________________

(1) الخلاصة : 35 / 2.

(2) في نسخة « ش » : نسبته.

(3) في المصدر : ابن.

(4) ابن ، لم ترد في نسخة « م ».

(5) إلى آخره ، لم ترد في نسخة « ش ».

(6) رجال النجاشي : 128 / 332.

(7) كذا ورد في فهرست طبعة مشهد : 73 / 139 والمصادر التي تنقل عنه ، والموجود في طبعه النجف : 45 / 157 : عثمان.

(8) الفهرست : 45 / 157.

٢١٥

وفيقر : ابن يزيد بن حارث بن عبد يغوث الجعفي ، توفّي سنة ثمان وعشرين ومائة على ما ذكر ابن حنبل ، وقال يحيى بن معين : مات سنة اثنين وثلاثين(1) .

وفيق : تابعي ؛ أسند عنه ، روى عنهما(2) .

وفيهب : عنه شعبة والسفيانان ، من أكبر علماء الشيعة ، وثّقه شعبة فشذّ وتركه الحفّاظ(3) .

وفيقب : ضعيف ، رافضي ، من الخامسة ، مات سنة سبع وعشرين ومائة ، وقيل : سنة اثنين وثلاثين(4) .

واعلم أنّ قولصه : التوقّف فيما يرويه هؤلاء ، مشعر بقبول ما يرويه عنه الثقات ، ولعلّه الصواب ، فإنّ(5) تلك الإشعار إن كان ممّا(6) قيلت فيه فلعلّه لسخافة ما نقله عنه هؤلاء الضعفاء ، وإن نقلت عنه أو مضمونها فلعلّ ذلك أيضا من فعل هؤلاء ؛ على أنّ قائلها غير معلوم. وكأنّ مستند نسبة الاختلاط ليس إلاّ هذا ، والله العالم.

وفيكش : حمدويه وإبراهيم ، عن محمّد بن عيسى ، عن عليّ بن الحكم ، عن زياد بن أبي الحلال ، قال : اختلف أصحابنا في أحاديث جابر الجعفي ، فقلت : أنا(7) أسأل أبا عبد اللهعليه‌السلام . فلمّا دخلت ابتدأني وقال : رحم الله جابر الجعفي كان يصدق علينا ، لعن الله المغيرة بن سعيد‌

__________________

(1) رجال الشيخ : 111 / 6.

(2) رجال الشيخ : 163 / 30.

(3) الكاشف 1 : 122 / 748.

(4) تقريب التهذيب 1 : 123 / 17.

(5) في نسخة « ش » : لأنّ.

(6) في نسخة « ش » : فيما.

(7) في المصدر : لهم.

٢١٦

كان يكذب علينا(1) .

جبرئيل بن أحمد ، حدّثني محمّد بن عيسى ، عن عبد الله بن جبلّة الكناني ، عن ذريح المحاربي ، قال : سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن جابر الجعفي وما روى ، فلم يجبني ـ وأظنّه قال : سألته بجمع فلم يجبني ـ فسألته الثانية ، فقال لي : يا ذريح ، دع ذكر جابر ، فإنّ السفلة إذا سمعوا بأحاديثه شيّعوا(2) ـ أو قال : أذاعوا ـ(3) .

وروي عن سفيان الثوري أنّه قال : جابر الجعفي صدوق في الحديث إلاّ أنّه كان يتشيّع(4) . وحكي عنه أنّه قال : ما رأيت أورع بالحديث من جابر(5) .

وفيتعق : قولجش : روى عنه جماعة غمز فيهم وضعّفوا ، الظاهر أنّه يشير إلى غمزغض وتضعيفه(6) ولم يسندهما إلى نفسه ، ويشير إليه أنّه لم يطعن في بعضهم في ترجمته.

وقوله : قال(7) شيخنا أبو عبد الله ، الظاهر من عبارته في الردّ على الصدوق الآتية في زياد بن المنذر وثاقته(8) .

وقال جدّي : الظاهر أنّه كان من أصحاب أسرارهماعليهما‌السلام ، وكان يذكر بعض المعجزات التي لا تدركها عقول الضعفاء ، فنسبوا إليه ما‌

__________________

(1) رجال الكشّي : 191 / 336.

(2) في المصدر : شنّعوا.

(3) رجال الكشّي : 193 / 340.

(4) في نسخة « م » : تشيّع.

(5) رجال الكشّي : 195 / 346.

(6) وتضعيفه ، لم ترد في نسخة « م ».

(7) في التعليقة : وكان.

(8) الرسالة العددية ـ ضمن مصنفات الشيخ المفيد ـ : 9 / 35.

٢١٧

نسبوا ، سيّما الغلاة والعامّة.

وروى مسلم في أوّل كتابه ذموما كثيرة في جابر(1) ، والكلّ يرجع إلى الرفض وإلى القول بالرجعة(2) .

ووثّقه خالي(3) .

وغض مع إكثاره في الطعن في الأجلّة قال فيه : ثقة في نفسه(4) . وهذا ينادي بكمال وثاقته.

وقولصه : كما قال الشيخ ابن الغضائري ، فيه شي‌ء إلاّ أنّ الأمر فيه سهل.

وببالي أنّ الكفعمي عدّه من البوّابين لهمعليهم‌السلام (5) .

وقوله : اختلف أصحابنا في أحاديث جابر ، نقله في بصائر الدرجات عن أحمد بن محمّد ، عن عليّ بن الحكم ، عن زياد بن أبي الحلال ، قال : اختلف الناس في جابر بن يزيد وأحاديثه وأعاجيبه. إلى آخره(6) .

وهذا يدلّ على أنّ منشأ الاختلاف نقل الأعاجيب عنهمعليهم‌السلام (7) .

ويأتي في خالد بن نجيح ونصر بن الصباح ما له ربط.

أقول : ذكره في الحاوي في الضعاف ، قال(8) : لقدحجش فيه ،

__________________

(1) صحيح مسلم : 1 / 20.

(2) روضة المتقين : 14 / 76.

(3) الوجيزة : 173 / 326.

(4) راجع الخلاصة : 35 / 2.

(5) مصباح الكفعمي : 2 / 218.

(6) بصائر الدرجات : 479 / 4 ، باختلاف كثير ، ولم نجد عين النصّ فيه.

(7) تعليقة الوحيد البهبهاني : 77.

(8) في نسخة « ش » : وقال.

٢١٨

وتوثيقغض لا يصلح لمعارضته(1) .

قلت : كلامجش ليس صريحا في ضعفه ، وعلى فرضه فالترجيح للتوثيق لترحّم الإمامعليه‌السلام عليه بل تزكيته ، وعدم مقاومتها لقدحجش طريف ، والسند كما ترى صحيح ، مضافا إلى الحديث الآخر الصريح في جلالته أيضا والسند أيضا معتبر.

ويأتي في يونس بن عبد الرحمن : أنّ علم الأئمّةعليهم‌السلام انتهى إلى أربعة أحدهم جابر(2) .

وفي حاشية المجمع من المصنّف عن ميزان الاعتدال : جابر بن يزيد(3) الجعفي الكوفي أحد علماء الشيعة ، ورع في الحديث ما رأيت أورع منه ، صدوق. وذكر ذمّه كثيرا في التشيّع(4) .

والذي نقله في مجالس المؤمنين عن الميزان هكذا : جابر بن يزيد الجعفي أحد علماء الشيعة. وعن ابن مهدي : أنّه كان ورعا في الحديث ما رأيت أورع منه. قال الشعبي : صدوق. وعدّه يحيى بن أبي بكر من أوثق الناس. وقال : وكيع : ثقة. وروى عبد الحاكم(5) عن الشافعي : أنّ سفيان الثوري كان يقول للشعبي : إن قلت في جابر قلت فيك(6) ، انتهى. أي : إن طعنت فيه طعنت فيك.

وأمّا الاستناد إلى الأشعار فعجيب من مثلجش ، كانت منه أو فيه.

__________________

(1) حاوي الأقوال : 241 / 1324.

(2) رجال الكشّي : 485 / 917.

(3) في المصدر زيادة : ابن الحارث.

(4) مجمع الرجال : 2 / 7 ، والذي فيه : وذكر ذمّه أيضا كثيرا.

(5) في الميزان والمجالس : الحكم.

(6) مجالس المؤمنين : 1 / 306.

٢١٩

وما مرّ عنتعق : من أنّ قولصه فيه شي‌ء ، هو : أنّ الذي حكم بهغض ترك ما يرويه هؤلاء والوقف في الباقي ، لا الوقف فيما يرويه هؤلاء كما أورده الفاضل عبد النبي الجزائري أيضا وكذا المحقّق الشيخ محمّد على العلاّمةرحمه‌الله .

والجواب : أنّ المراد من الوقف الترك ، كما اعترف به الأخير.

والمراد بالمماثلة في خصوص هذا المقدار لا غير ، وإليه الإشارة في قوله دام فضله : إلاّ أنّ الأمر سهل.

وفيمشكا : ابن يزيد الجعفي ، عنه عمرو بن شمر ، وعبد الرحمن بن كثير ، وحريز ، وأبو جميلة المفضّل بن صالح ، والسكوني(1) ، وعبد الله بن محمّد ، والمنخل بن جميل الأسدي ، ويوسف بن يعقوب ، وإبراهيم بن سليمان(2) .

517 ـ الجارود بن المنذر :

أبو المنذر الكندي ، النخّاس ، الكوفي ، روى عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، ثقة ثقة ،صه (3) .

وزادجش : له كتاب ، عليّ بن الحسن بن رباط ، عنه به(4) .

وفيست : ابن المنذر له كتاب ، ابن أبي جيد ، عن ابن الوليد ، عن الصفّار ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن صفوان بن يحيى ، عنه(5) .

__________________

(1) في المصدر : وأبو جميلة المفضّل بن صالح السكوني.

(2) هداية المحدّثين : 28.

(3) الخلاصة : 37 / 6. وفيها : الكندي ، أبو المنذر ، النخّاس ، كوفي.

(4) رجال النجاشي : 130 / 334.

(5) الفهرست : 45 / 158.

٢٢٠

الفصل الثالث و الاربعون في مكارم الاخلاق

٢٢١

١ الحكمة ( ٤٤٦ ) وَ قَالَ ع ؟

 لِغَالِبِ بْنِ صَعْصَعَةَ ؟ أَبِي ؟ اَلْفَرَزْدَقِ ؟ فِي كَلاَمٍ دَارَ بَيْنَهُمَا مَا فَعَلَتْ إِبِلُكَ اَلْكَثِيرَةُ قَالَ ذَعْذَعَتْهَا اَلْحُقُوقُ يَا ؟ أَمِيرَ اَلْمُؤْمِنِينَ ؟ فَقَالَ ع ذَلِكَ أَحْمَدُ سُبُلِهَا أقول : قال ابن أبي الحديد دخل غالب بن صعصعة المجاشعي عليهعليه‌السلام أيام خلافته و غالب شيخ كبير و معه ابنه همام : الفرزدق و هو غلام يومئذ فقالعليه‌السلام له من الشيخ قال أنا غالب بن صعصعة قالعليه‌السلام ذو الابل الكثيرة قال نعم قال ما فعلت ابلك ؟ قال « ذعذعتها الحقوق و أذهبتها الحمالات و النوائب » قال « ذاك أحمد سبلها » من هذا الغلام معك قال ابني قال ما اسمه قال همام و قد رويته الشعر و كلام العرب و يوشك أن يكون شاعرا مجيدا

٢٢٢

فقال « لو أقرأته القرآن فهو خير له » فكان الفرزدق بعد ، يروي هذا الحديث و يقول ما زالت كلمته في نفسي حتى قيد نفسه بقيد و آلى ان لا يفكّه حتى يحفظ القرآن فما فكّه حتى حفظ .

قول المصنّف .

« لغالب بن صعصعة » أما غالب ففي ( الأغاني ) مسندا عن عوانة قال تراهن نفر من كلب ثلاثة على أن يختاروا من تميم و بكر نفرا ليسائلوهم فأيهم أعطى و لم يسألهم عن نسبهم من هم فهو أفضلهم فاختار كلّ رجل منهم رجلا اختاروا عمير بن سليك الشيباني و طلبة بن قيس بن عاصم المنقري و غالب بن صعصعة المجاشعي فأتوا عميرا فسألوه مائة ناقة فقال من أنتم فانصرفوا عنه ثم أتوا طلبه فقال لهم مثل قول الشيباني فأتوا غالبا فسألوه فأعطاهم مائة ناقة و راعيها و لم يسألها فساروا ليلة ثم ردوها و أخذ صاحب غالب الرهن و في ذلك يقول الفرزدق « و إذ نادبت كلب على الناس أيّهم أحق بتاج الماجد المكرم على نفرهم من نزار ذوي العلا و أهل الجراثيم التي لم تهدم فلم يجز عن أحسابهم غير غالب جرى لعنان كلّ أبيض خضرم » .

و عن الأصمعي قال جاءت امرأة إلى قبر غالب أبي الفرزدق فضربت عليه فسطاطا فأتاها الفرزدق فسألها عن أمرها فقالت اني عائذة بقبر غالب من أمر نزل بي قال ما هو قالت ان ابنا لي أغزي إلى السند مع تميم بن زيد و هو واحدي قال انصرفي فعلي انصرافه إليك ان شاء اللَّه و كتب من وقته إلى تميم :

« تميم بن زيد لا تكونن حاجتي

بظهر فيخفى عليّ جوابها

و هل لي حبيشا و اتخذ فيه منّة

لحرمة أم ما يسوغ شرابها

أتتني فعاذت يا تميم بغالب

و بالحفرة السافي عليه ترابها »

فعرض تميم جميع من معه من الجند فلم يدع احدا اسمه ( حبيش ) أو

٢٢٣

( حنيش ) إلاّ وصله و اذن له في الانصراف إلى أهله » و أما صعصعة في ( الأغاني ) كان يقال له محيي الموؤودات و ذلك انّه مر برجل من قومه و هو يحفر قبرا و امرأته تبكي فقال لها صعصعة ما يبكيك قالت يريد أن يأد ابنتي هذه فقال له ما حملك على هذا قال الفقر قال فاني اشتريتها منك بناقتين يتبعهما أولادهما تعيشون بألبانهما و لا تأد الصبية قال قد فعلت ، فأعطاه الناقتين و جملا كان تحته فحلا و قال في نفسه ان هذه لمكرمة ما سبقني إليها أحد من العرب ، فجعل على نفسه ألا يسمع بموؤدة إلاّ فداها فجاء الاسلام و قد فدى ثلاثمائة و قيل اربعمائة .

موؤودة و قد فخر بذلك الفرزدق في عدّة قصائد و منها :

أبي أحد الغيثين صعصعة الذي

متى يخلف الجوزاء و الدلو يمطر

أجار بنات الوائدين و من يجر

على الفقر يعلم انه غير مخفر

على حين لا تحيى البنات و إذ هم

عكوف على الاصنام حول المدور

إلى أن قال :

فقال لها في‏ء فاني بذمتي

لبنتك جار من أبيها القنور١

و روى مسندا عن صعصعة أيضا قال قدمت على النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله فعرض عليّ الاسلام فأسلمت و علّمني آيات من القرآن فقلت يا رسول اللَّه اني عملت أعمالا في الجاهلية هل فيها من أجر إلى أن قال قال ظهر الاسلام و قد أحييت ثلاثمائة و ستين موؤودة اشتري كلّ واحدة منهن بناقتين عشراوين و جمل فقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله اني حملت حمالات في الجاهلية و على منها ألف بعير فأديت من ذلك سبعمأة فقال له ان الاسلام أمر بالوفاء و نهى عن الغدر فقال حسبي

____________________

( ١ ) الأغاني لأبو الفرج الاصفهاني ٢١ : ٢٧٨ .

٢٢٤

حسبي و وفى بها١ .

و روي ان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال له ما شي‏ء بلغني عنك فعلته قال رأيت الناس يموجون على غير وجه و لم أدر أين الوجه غير اني علمت انّهم ليسوا عليه و رأيتهم يئدون بناتهم فعلمت ان ربهم لم يأمرهم بذلك فلم أتركهم يئدون و فديت من قدرت عليه و روي انّه قال للنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أوصني قال احفظ ما بين لحييك و ما بين رجليك .

« أبي الفرزدق » في ( الأغاني ) الفرزدق لقب غلب عليه و تفسيره الرغيف الضخم الذي تجففه النساء للفتوت و قيل بل هو القطعة من العجين تبسط فيخبز منها الرغيف شبه وجهه بذلك لأنّه كان غليظا جهما و اسمه همام٢ و قال هاشم العنزي ضمّني و الفرزدق مجلس فتجاهلت عليه فقال أو ما تعرف الفرزدق قلت الفرزدق شي‏ء يتخذه النساء عندنا يتسمّن به فضحك و قال الحمد للَّه الذي جعلني في بطون نسائكم .

و روى القحذمي قال لقى الفرزدق الحسينعليه‌السلام متوجها إلى الكوفة خارجا من مكة في اليوم السادس من ذي الحجة فقال له الحسين صلوات اللَّه عليه ما وراءك قال يا ابن رسول اللَّه أنفس الناس معك و أيديهم عليك قال ويحك مع و قر بعير من كتبهم يدعونني و يناشدونني اللَّه قال فلما قتل الحسينعليه‌السلام قال الفرزدق فان غضبت العرب لابن سيدها و خيرها فاعلموا انّه سيدوم عزّها و تبقى هيبتها و ان صبرت عليه و لم تتغيّر لم يزدها اللَّه إلاّ ذلا إلى آخر الدهر و أنشد في ذلك :

« فان أنتم لا تثاروا لابن خيركم

فالقوا السلاح و اغزلوا بالمغازل »

____________________

( ١ ) المصدر السابق ٢١ : ٢٧٩ .

( ٢ ) الأغاني لأبو الفرج الاصفهاني ٢١ : ٢٧٦ .

٢٢٥

و عن الشعبي قال حجّ الفرزدق بعد ما كبر و قد أتت له سبعون سنة و كان هشام بن عبد الملك قد حجّ في ذلك العام فرأى علي بن الحسينعليه‌السلام في غمار الناس في الطواف فقال من هذا الشاب الذي تبرق اسرة وجهه كأنّه مرآة صينية تترائى فيها عذارى الحي وجوهها فقالوا هذا علي بن الحسين بن علي بن أبي طالبعليه‌السلام فقال الفرزدق :

هذا الذي تعرف البطحاء و طأته

و البيت يعرفه و الحل و الحرم

هذا ابن خير عباد اللَّه كلّهم

هذا التقي النقي الطاهر العلم

هذا ابن فاطمة ان كنت جاهله

بجده أنبياء اللَّه قد ختموا

و ليس قولك من هذا بضائره

العرب تعرف من أنكرت و العجم

إذا رأته قريش قال قائلها

إلى مكارم هذا ينتهي الكرم

يغضي حياء و يغضي من مهابته

فما يكلّم إلاّ حين يبتسم

بكفه خيزران ريحها عبق

من كفّ أروع في عرنينه شمم

يكاد يمسكه عرفان راحته

ركن الحطيم إذا ما جاء يستلم

اللَّه شرّفه قدما و عظّمه

جرى له ذلك في لوحة القلم

أي الخلائق ليست في رقابهم

لا ولية هذا أوله نعم

من يشكر اللَّه يشكر أولية ذا

فالدين من بيت هذا ناله الامم

ينمى إلى ذروة الدين التي قصرت

عنها الأكفّ و عن إدراكها القدم

من جدّه دان فضل الأنبياء له

و فضل امته دانت له الامم

مشتقة من رسول اللَّه نبعته

طابت مغارسه و الخيم و الشيم

ينشق ثوب الدجى عن نور غرّته

كشمس تنجاب عن اشراقها الظلم

من معشر حبّهم دين و بغضهم

كفر و قربهم منجى و معتصم

مقدم بعد ذكر اللَّه ذكرهم

في كلّ بر و مختوم به الكلم

٢٢٦

ان عد أهل التقى كانوا أئمتهم

أو قيل من خير أهل الأرض قيل هم

لا يستطيع جواد بعد جودهم

و لا يدانيهم قوم و ان كرموا

يستدفع الشر و البلوى بحبهم

و يسترب به الاحسان و النعم

فغضب هشام فحبسه بين مكة و المدينة فقال الفرزدق :

أ تحبسني بين المدينة و التي

إليها قلوب الناس تهوى منيبها

يقلب رأسا لم يكن رأس سيد

و عينا له حولاء باد عيوبها

فبلغ شعره هشام فوجه فأطلقه .

و فيه بعد ذكر و فود الأحنف و جارية بن قدامة و جون بن قتادة ،

و الحتات التميميين على معاوية و اعطائه جوائزهم و موت الحتات بالطعن و حبس معاوية جائزته و قال الفرزدق لمعاوية :

فما بال ميراث الحتات أخذته

و ميراث حرب جامد لك ذائبه

ألست أعزّ الناس قوما و اسرة

و أمنعهم جارا إذا ضيم جانبه

و ما ولدت بعد النبي و آله

كمثلي حصان في الرجال يقاربه

أبي غالب و المرء ناجية الذي

إلى صعصع ينمي فمن ذا يناسبه

و بيتي إلى جنب الثريا فناؤه

و من دونه البدر المضى‏ء كواكبه

أنا ابن الجبال الصم في عدد الحصى

و عرق الثرى عرقي فمن ذا يحاسبه

أنا ابن الذي أحيى الوئيد و ضامن

على الدهر إذ عزت لدهر مكاسبه

و كم من أب لي يا معاوي لم يزل

أغر يباري الريح ما أزور جانبه

نمته فروع المالكين و لم يكن

أبوك الذي من عبد شمس يقاربه

« و في كلام دار بينهما ما فعلت ابلك الكثيرة » لم أقف عليه مسندا و ابن أبي الحديد كالمصنف نقله مرسلا و الذي وقفت عليه مسندا في أمر غالب انّه نحر ابله مفاخرة مع سحيم الرياحي فحرّم أمير المؤمنينعليه‌السلام لحومها لكون

٢٢٧

نحرها لا للَّه روى ( الأغاني ) « عن ابن دريد عن أبي حاتم عن أبي عبيدة عن جهم السليطي عن إياس بن شبة بن عقال بن صعصعة قال أجدبت بلاد تميم و أصابت بني حنظلة سنة أي قحط في خلافة عثمان فبلغهم خصب عن بلاد كلب بن وبرة فانتجعها بنو حنظلة فنزلوا أقصى الوادي و تسرّع غالب بن صعصعة فيهم وحده دون بني مالك فنحر ناقة فأطعمهم إياها فلما وردت ابل سحيم بن وثيل الرياحي حبس منها ناقة فنحرها من غد فقيل لغالب انما نحر سحيم موائمة أي مساواة لك فضحك و قال كلا و لكنه امرؤ كريم و سوف أنظر ذلك .

فلما وردت إبل غالب حبس منها ناقتين فنحرهما فأطعمهما بني يربوع فعقر سحيم ناقتين و قال غالب الآن علمت ان يوائمني فعقر غالب عشرا فأطعمها بني يربوع فعقر سحيم عشرا فلما بلغ غالبا فعله ضحك و كانت ابله ترد لخمس فلما وردت عقرها كلّها عن آخرها فالمكثر يقول كانت اربعمائة و المقلل مائة فأمسك سحيم حينئذ ثم انّه عقر في خلافة علي بن أبي طالبعليه‌السلام بكناسة الكوفة مائتي ناقة و بعير ، فخرج الناس بالزنابيل و الأطباق و الحمال لأخذ اللحم و رآهم عليعليه‌السلام فقال أيها الناس انها لا تحلّ لكم انما أهلّ بها لغير اللَّه تعالى .

قال فحدّثني من حضر ذلك قال كان الفرزدق يومئذ مع أبيه و هو غلام فجعل غالب يقول يا بني اردد علي ، و الفرزدق يردها عليه و يقول له يا أبة اعقر ،

قال جهم فلم يغن عن سحيم فعله و لم يجعل كغالب إذ لم يطق فعله » .

و في كتاب النجاشي في عنوان ربعي بن عبد اللَّه بن الجارود بن أبي سبرة الهذلي « و هو الذي روى حديث الابل » .

ثم روى باسناده « عن ربعي قال سمعت الجارود يحدّث قال كان رجل

٢٢٨

من بني رياح يقال له سحيم بن أثيل نافر غالبا أبا فرزدق بظهر الكوفة على أن يعقر هذا من ابله مائة و هذا من ابله إذا وردت الماء فلما وردت قاموا إليها بالسيوف فجعلوا يضربون عراقيبها فخرج الناس على الحميرات و البغال يريدون اللحم و عليعليه‌السلام بالكوفة فجاء على بغلة رسول اللَّهصلى‌الله‌عليه‌وآله إلينا و هو ينادي أيها الناس لا تأكلوا من لحومها فانما اهل بها لغير اللَّه » و في ديوان الفرزدق « و أورثني ضرب العراقيب غالب » و فيه أيضا :

« إذا ما رأوا نارا يقولون ليتها

و قد خصرت أيديهم نار غالب

إلى نار ضراب العراقيب لم يزل

له من ذبابي سيفه خير حالب »

و مر ان صعصعة أبا غالب ذعذع ابله الكثيرة في فداء الموؤودات و انّه كان عليه من الحمالات ألف بعير أدّى منها سبعمائة و بقي عليه ثلاثمائة .

فأمره النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله بالوفاء فلعلّ المراد بقولهعليه‌السلام « ما فعلت ابلك الكثيرة لغالب على رواية المصنف الابل التي كانت لأبيه كما ان جوابه « ذعذعتها الحقوق » محمول على الحقوق التي كانت على أبيه لكن في ديوان الفرزدق أيضا « اني أنا ابن حمّال المئين غالب » .

« قال ذعذعتها الحقوق يا أمير المؤمنين » أي : فرقتها في ( الكافي ) عن الصادقعليه‌السلام ان اللَّه تعالى فرض في أموال الأغنياء حقوقا غير ( الزكاة ) قال عز و جلو الذين في أموالهم حق معلوم ١ فالحق المعلوم غير ( الزكاة ) هو شي‏ء يفرضه الرجل على نفسه في ماله يجب عليه أن يفرضه على قدر طاقته و سعة ماله ان شاء في كلّ يوم و ان شاء في كلّ جمعة و ان شاء في كلّ شهر و قال تعالىو اقرضوا اللَّه قرضا حسنا .٢ و هو أيضا غير الزكاة و قال

____________________

( ١ ) المعارج : ٢٤ .

( ٢ ) المزمل : ٢٠ .

٢٢٩

تعالى أيضاو انفقوا ممّا رزقناهم سرّا و علانية .١ و الماعون أيضا من الحقوق و هو القرض يقرضه و المتاع يعيره و المعروف يصنعه و ممّا فرض تعالى في المال غير الزكاة قوله عز و جلو الذين يصلون ما أمر اللَّه به أن يوصل .٢ و في خبر « الزكاة الظاهرة في كلّ ألف خمسة و عشرون و أما الزكاة الباطنة فلا تستأثر على أخيك بما هو أحوج إليه منك » هذا ، و في تاريخ بغداد قال الأصمعي : قال لي رجل من أهل الشام قدمت المدينة فقصدت منزل إبراهيم بن هرمة فاذا بنية صغيرة له تلعب بالطين فقلت لها : أين أبوك ؟ قالت :

و فد إلى بعض الأجواد فما لنا به علم منذ مدّة فقلت : انحري لنا ناقة فانّا أضيافك قالت : و اللَّه ما عندنا ، قلت : فشاة قالت : و اللَّه ما عندنا قلت : فدجاجة قالت و اللَّه ما عندنا ، قلت فاعطينا بيضة قالت و اللَّه ما عندنا قلت فباطل ما قال أبوك :

« كم ناقة قد و جأت منحرها

بمستهل الشؤبوب أو جمل٣

قالت فذلك الفعل من أبي ، هو الذي أصارنا إلى ان ليس عندنا شي‏ء و رواه ابن قتيبة في عيونه لكن فيه « قال عبد العزيز بن عمران نزلت ببنت ابن هرمة إلى أن قال قلت : فأين قول أبيك ؟

لا امتع العوذ بالفصال

و لا ابتاع إلا قريبة الأجل

قالت : ذاك افناها فبلغ ابن هرمة قول ابنته فقال اشهد انها ابنتي و ان داري لها دون الذكور من ولدي » .

« فقالعليه‌السلام : ذلك أحمد سبلها » في ( الكافي ) عن الرضاعليه‌السلام ان صاحب

____________________

( ١ ) الرعد : ٢٢ .

( ٢ ) الرعد : ٢١ .

( ٣ ) تاريخ بغداد للخطيب البغدادي ٦ : ١٢٨ .

٢٣٠

النعمة على خطر انّه يجب عليه حقوق للَّه فيها و اللَّه انّه لتكون على النعم من اللَّه تعالى فما أزال منها على و جل و حرّك يده حتى أخرج من الحقوق التي يجب للَّه عليّ فيها قال البزنطي : قلت انت في قدرك تخاف هذا ؟ قال نعم ، فاحمد ربي على ما من به عليّ .

٢ الحكمة ( ١٠ ) و قالعليه‌السلام :

إِذَا قَدَرْتَ عَلَى عَدُوِّكَ فَاجْعَلِ اَلْعَفْوَ عَنْهُ شُكْراً لِلْقُدْرَةِ عَلَيْهِ أقول : قال إبن أبي الحديد ضلّ الأعشى في طريقه فأصبح بأبيات علقمة بن علاثة فقال قائده و نظر إلى قباب الادم و اسوء صباحاه يا أبا بصير هذه و اللَّه أبيات علقمة فخرج فتيان الحي فقبضوا على الأعشى فأتوا به علقمة فمثل بين يديه ، فقال : الحمد للَّه الذي أظفرني بك من غير ذمة و لا عقد عليك قال الأعشى أو تدري لِمَ ذلك ؟ قال نعم لأنتقم منك اليوم بتقوا لك على الباطل مع احساني قال : ( لا و اللَّه و لكن اظفرك اللَّه بي ليبلو قدر حلمك فيّ ) فأطرق علقمة ،

فاندفع الاعشى فقال :

أعلقم قد صيرتني الامور إليك

و ما كان بي منكص

كساكم علاثة أثوابه

و ورثكم حلمه الأحوص

فهب لي نفسي فدتك النفوس

فلا تزال تنمى و لا تنقص

فقال قد فعلت ، أما و اللَّه لو قلت في بعض ما قلته في ( عامر ) لأغنيتك طول حياتك و لو كنت قلت في ( عامر ) بعض ما قلته في ما اذاقك برد الحياة ، و قال المأمون لإبراهيم بن المهدي لمّا ظفر به اني قد شاورت في أمرك فأشير عليّ بقتلك إلاّ اني وجدت قدرك فوق ذنبك فكرهت قتلك للازم حرمتك فقال إبراهيم

٢٣١

ان المشير أشار بما تقتضيه السياسة و توجبه العادة إلاّ انّك أبيت أن تطلب النصر إلاّ من حيث عودته من العفو فان قتلت فلك نظراء و ان عفوت فلا نظير لك ، قال قد عفوت فاذهب آمنا .

و روي ان مصعبا لمّا ولّى العراق عرض الناس ليدفع إليهم أرزاقهم ،

فنادى مناديه أين عمرو بن جرموز ؟ فقيل له : أنّه أبعد في الأرض ، قال أو ظن الأحمق اني اقتله بأبي قولوا له فليظهر آمنا و ليأخذ عطاءه مسلما قلت في مستجاد التنوخي في ٢١ من عناوينه لمّا أفضت الخلافة إلى بني العباس استخفى رجال من بني أمية و منهم إبراهيم بن سليمان بن عبد الملك حتى أخذ له داود بن العباس أمانا و كان إبراهيم عالما حدثا فخص بالسفاح فقال له حدثني بما مر بك في اختفائك قال : كنت مختفيا بالحيرة في منزل شارف على الصحراء فبينا أنا على ظهر بيت إذا نظرت إلى أعلام سود قد خرجت من الكوفة تريد الحيرة فوقع في روعي انها تريدني فخرجت من الدار متنكرا حتى أتيت الكوفة و لا أعرف بها أحدا اختفي عنده فبقيت متلددا فإذا أنا بباب كبير و رحبة واسعة فدخلت فيها و إذا رجل و سيم حسن الهيئة على فرس قد دخل الرحبة و معه جماعة من غلمانه و اتباعه .

فقال لي من أنت ؟ و ما حاجتك ؟ قلت : رجل مستخف يخاف على دمه استجار بمنزلك فادخلني منزله .

ثم صيّرني في حجرة تلي حرمه فكنت عنده في كلّ ما أحب من مطعم و مشرب و ملبس و لا يسألني عن شي‏ء من حالي إلاّ انّه يركب في كلّ يوم ركبة فقلت له يوما أراك تدمن الركوب ففيم ذلك ؟

فقال : ان إبراهيم بن سليمان قتل أبي صبرا و قد بلغني انّه مستخف و أنا أطلبه لأدرك منه ثأري فكثر و اللّه تعجبي من ادبارنا إذ ساقني القدر إلى حتفي

٢٣٢

في منزل من يطلب دمي و كرهت الحياة فسألت الرجل عن اسمه و اسم أبيه فأخبرني فعرفت ان الخبر صحيح و أنا كنت قتلت أباه صبرا .

فقلت يا هذا قد وجب عليّ حقك و من حقك عليّ أن أدلّك على خصمك و أقرب عليك الخطوة قال و ما ذاك قلت أنا إبراهيم بن سليمان قاتل أبيك فخذ بثأرك فقال اني لأحسبك رجلا قد أمضك الاختفاء فأحببت الموت قلت بل الحق ما قلت لك أنا قتلته يوم كذا و كذا بسبب كذا و كذا .

فلما عرف صدقي أربد وجهه و أحمرت عيناه و أطرق مليّا ثم قال أما أنت فستلقى أبي فيأخذ بثأره منك و أما أنا فغير مخفر ذمتي فأخرج عني فلست آمن نفسي عليك و اعطاني ألف دينار فلم آخذها و خرجت من عنده فهذا أكرم رجل رأيته بعد أمير المؤمنينعليه‌السلام ١ .

و في ( الأغاني ) لمّا قال عبد اللّه بن طاهر قصيدته التي يفخر فيها بمآثر أبيه و أهله و يفخر بقتله المخلوع عارضة محمد بن يزيد الأموي الحصني و كان رجلا من ولد مسلمة بن عبد الملك فأفرط في السب و تجاوز الحد في قبح الرد و توسط بين القوم و بين بني هاشم فأربى في التوسط فكان في ما قاله فيه ( من حسين من أبوك من مصعب غالتكم غول ) فلما ولّى عبد اللّه بن طاهر الشام علم الحصني انّه لا يفلت منه ان هرب ، فثبت في موضعه و أحرز حرمه و ترك أمواله و دوابه و كلّ ما كان يملكه في موضعه و فتح باب حصنه و جلس عليه ، قال محمد بن الفضل الخراساني و هو من وجوه قوّاد عبد اللّه و نحن نتوقع من عبد اللّه أن يوقع به فلما شارفنا بلده و كنّا على أن نصبحه دعاني عبد اللّه بن طاهر في الليل .

فقال لي بت عندي الليلة و ليكن فرسك معدا عندك ، ففعلت فلما كان في

____________________

( ١ ) المستجاد من خصلات الأجواد للتنوخي : ٣٢ ٣٤ ، تحقيق محمد كرد علي ١٩٧٠ م .

٢٣٣

السحر صبح الحصني فرأى بابه مفتوحا و رآه جالسا مسترسلا فقصده و سلّم عليه و نزل عنده و قال له ما أجلسك ههنا ؟ و حملك على أن فتحت بابك و لم تتحصن من هذا الجيش المقبل و لم تتنح عن عبد اللّه بن طاهر مع ما في نفسه عليك و ما بلغه عنك ؟ فقال ( ان ما قلت لم يذهب علي و لكني تأملت أمري و علمت اني أخطأت خطيئة حملني عليها نزق الشباب و غرّة الحداثة ، و اني ان هربت منه لم أفته فباعدت البنات و الحرم و استسلمت بنفسي و كلّ ما أملك فانّا أهل بيت قد أسرع القتل فينا ولي بمن مضى أسوة فاني أثق بأن الرجل إذا قتلني و أخذ مالي شفى غيظه و لم يتجاوز ذلك إلى الحرم و لا له فيهن أرب و لا يوجب جرمي أكثر ممّا بذلته ) .

فواللّه ما لقاه عبد اللّه إلاّ بدموعه تجري على لحيته .

ثم قال له أتعرفني ؟ قال لا و اللّه ، قال ( أنا عبد اللّه بن طاهر و قد امن اللّه روعتك و حقن دمك و صان حرمك و حرس نعمتك ، و عفا عن ذنبك و ما تعجلت إليك و حدي إلاّ لتأمن من قبل هجوم الجيش ، و لئلا يخالط عفوي روعة تلحقك ) فبكى الحصني و قام فقبّل رأسه ، فضمّه عبد اللّه بن طاهر و أدناه .

ثم قال أما فلا بد يا أخي من عتاب جعلني اللّه فداك قلت شعرا في قومي أفخر بهم و لم أطعن فيه على حسبك و لا ادّعيت فضلا عليك ، و فخرت بقتل رجل هو و ان كان من قومك إلاّ انّه من القوم الذين ثارك عندهم فكان يسعك السكوت أو ان لم تسكت لا تعرق و لا تسرف فقال ( ايها الأمير قد عفوت فاجعله العفو الذي لا يخالطه تثريب و لا يكدر صفوه تأنيب ) قال قد فعلت ، ثم دعا بدواة فكتب له بتسويغه خراجه ثلاث سنين و قال له ان نشطت لنا فالحق بنا و إلاّ فأقم بمكانك ، فقال فأنا أتجهّز و الحق بالأمير ، ففعل و لحق به بمصر و لم يزل معه حتى رحل عبد اللّه إلى العراق فودعه و قام ببلده ) .

٢٣٤

و في كامل الجزري لمّا ظفر عماد الدولة علي بن بابويه على ياقوت و ملك شيراز وجد في ما غنم برانس لبود عليها أذناب الثعالب ، و وجدوا قيودا و أغلالا فسأل أصحاب ياقوت عنها فقالوا ان هذه اعدّت لكم لتجعل عليكم و يطاف بكم في البلاد فأشار أصحاب ابن بويه ان يفعل بهم مثل ذلك فأبى و قال انّه بغي و لوم و ظفرت و لقد لقي ياقوت بغيه ثم أحسن إلى الاسارى و أطلقهم و قال هذه نعمة و الشكر عليها واجب يقتضي المزيد و خيّر الاسارى بين المقام عنده و اللحوق بياقوت فاختاروا المقام عنده فخلع عليهم .

و في السير ضرب الحجاج أعناق أسرى ثم قدم رجلا ليضرب عنقه ،

فقال و اللّه لئن كنّا أسأنا في الذنب فما أحسنت في العفو فقال الحجاج أف لهذه الجيف أما كان فيها يحسن مثل هذا و أمسك عن القتل و قال أبو تمام :

إذا سيفه أضحى على الهام حاكما

غدا العفو منه و هو في السيف حاكم

٣ الحكمة ( ١٩ ) و قالعليه‌السلام :

أَقِيلُوا ذَوِي اَلْمُرُوءَاتِ عَثَرَاتِهِمْ فَمَا يَعْثُرُ مِنْهُمْ عَاثِرٌ إِلاَّ وَ يَدُ اَللَّهِ بِيَدِهِ يَرْفَعُهُ أقول : و روى المصنف في مجازاته النبوية قريبا منه عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله فقال ثمة « و من ذلك قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله « أقيلوا ذوي الهيئات عثراتهم فان أحدهم ليعثر و يده بيد اللّه يرفعها » و قال هذا القول منهصلى‌الله‌عليه‌وآله مجاز و المراد بذكر يد اللّه ههنا معونة اللّه تعالى و نصرته فكأنّهصلى‌الله‌عليه‌وآله أراد أن أحدهم ليعثر و ان معونة اللّه لمن وراءه تنهضه من سقطته و تقيله من عثرته ، إلا انّهصلى‌الله‌عليه‌وآله لمّا جاء بلفظ العثار أخرج الكلام بعده على عرف العادات لأن العادة جارية أن يكون المنهض

٢٣٥

للعاثر و المقيم للواقع انما يستنهضه بيده ، و يستعين عليه بجلده ، و المراد بذي الهيئات هنا ذوو الأديان لاذوو و الملابس الحسنة ، كما يظن من لا علم له لأن هيئة الدين و ظاهره أحسن الهيئات و الظواهر و أفخم المعارض و الملابس ، بل الظاهر كون أصلهما واحدا و مثل ذاك الاختلاف اليسير يقع في الروايات لكلام واحد قطعي كما لا يخفى إلاّ أن المصنف لم يتفطّن ثمة ، و هنا لذلك حتى يشير إليه كما أشار غير مرّة إلى مثله ثمة و هنا .

و رواه زكاة ( الكافي ) مسندا عن الصادقعليه‌السلام هكذا « أقيلوا لأهل المعروف عثراتهم ، و اغفروها لهم فان كفّ اللّه عز و جل عليهم هكذا قال سيف بن عميرة و أومأعليه‌السلام بيده كأنّه يظلّ بها شيئا » و علم الأئمةعليهم‌السلام من أمير المؤمنينعليه‌السلام و علمه من النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله و علمه من اللّه تعالى ثم التعبير ( بالمروءات ) كما هنا أحسن من التعبير ( بالهيئات ) كما في المخابرات .

« أقيلوا ذوي المروءات عثراتهم » الأصل في الإقالة إقالة البيع ، و المراد الغض عمّا صدر من أهل المروءة كان لم يكن و في الخصال ست من المروءات ثلاث منها في الحضر و ثلاث منها في السفر ، فأما التي في الحضر :

فتلاوة كتاب اللّه تعالى ، و عمارة مساجد اللّه و اتخاذ الاخوان في اللّه تعالى ،

و أما التي في السفر : فبذل الزاد ، و حسن الخلق ، و المزاح في غير معاصي اللّه .

و قال ابن أبي الحديد « لام معاوية ابنه يزيد على سماع الغناء و حب القيان و قال له اسقطت مروءتك ، فقال يزيد : أتكلم بلساني كلّه ؟ قال نعم ،

و بلسان أبي سفيان بن حرب و هند بنت عتبة مع لسانك ، قال : و اللّه لقد حدّثني عمرو بن العاص و استشهد على ذلك ابنه عبد اللّه بن عمرو بن العاص فصدقة ان أبا سفيان كان يخلع على المغني الفاضل المضاعف من ثيابه :

و لقد حدّثني ان جاريتي عبد اللّه بن جدعان غنتاه يوما فأطربتاه فجعل يخلع

٢٣٦

عليهما أثوابه ثوبا ثوبا حتى تجرّد تجرد العير ، و لقد كان هو و عفان بن أبي العاص ربما حملا جارية العاص بن وائل فمرا بها على الأبطح ، و جلّة قريش ينظرون إليهما مرّة على ظهر أبيك و مرّة على ظهر عفان ، فما تنكر مني فقال معاوية اسكت لحاك اللّه ما أحد الحق بأبيك .

هذا ، الا ليفزك و يفضحك و ان كان أبو سفيان ما علمت لثقيل الحكم يقظان الرأي ، عازب الهوى ، طويل الأناءة ، بعيد القعر ، و ما سودته قريش إلاّ لفضله » قلت فعلى نقل عمرو بن العاص كان يزيد بن عبد الملك و ابنه الوليد بن يزيد اقتديا في طربهما المعروف أولا بشيخيهما أبي سفيان والد معاوية و عفان والد عثمان و ثانيا بيزيد بن معاوية جدّهما لأمهما و انكار معاوية في أبيه دفعا للعار عنه غير مسموع بعد البيّنة و يأتي في ( ٨ ) ماله ربط .

« فما يعثر منهم عاثر » العثرة الزلّة .

« إلاّ و يد اللّه بيده » هكذا في ( المصرية ) : ( إلاّ و يده بيد اللّه ) كما في غيرها .

« يرفعه » و قد عرفت من مجازات المصنف المراد من ذلك ، و في ( الخصال ) مسندا عن السجادعليه‌السلام قال : خرج النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ذات يوم و صلّى الفجر ثم قال : معاشر الناس أيكم ينهض إلى ثلاثة نفر قد حلفوا باللات و العزى ليقتلوني و قد كذبوا و رب الكعبة ؟ فأحجم الناس و ما تكلّم أحد فقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ما أحسب ان علي بن أبي طالب فيكم ، فقام إليه عامر بن قتادة فقال انّه و عك في هذه الليلة و لم يخرج يصلّي معك فتأذن لي أن أخبره ، فقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله شأنك فمضى فأخبره فخرج أمير المؤمنينعليه‌السلام و كأنّه نشط من عقال و عليه ازار قد عقد طرفيه على رقبته فقال يا رسول اللّه ما الخبر ؟ فقال هذا رسول ربي يخبرني عن ثلاثة نفر قد نهضوا اليّ ليقتلوني و قد كذبوا و ربّ الكعبة فقالعليه‌السلام : أنا لهم سرية و حدي هذا البس على ثيابي فقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله بل

٢٣٧

هذه ثيابي و هذا درعي و هذا سيفي فألبسه و درّعه و عمّمه و قلّده و أركبه فرسه ، و خرجعليه‌السلام فمكث ثلاثة أيام لا يأتيه جبرئيل بخبر السماء و لا خبر من الأرض ، فأقبلت فاطمةعليها‌السلام بالحسن و الحسينعليهما‌السلام تصحبهما و تقول أوشك أن يؤتم هذان الغلامان فاسبل النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله عينه يبكي ثم قال معاشر الناس من يأتيني بخبر علي ابشره بالجنّة ، و افترق الناس في الطلب لعظيم ما رأوا بالنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله و أقبل عامر بن قتادة يبشر بهعليه‌السلام ، و دخلعليه‌السلام و معه اسيران و رأس و ثلاثة أبعرة ، و ثلاثة أفراس ، و هبط جبرئيلعليه‌السلام فخبّر النبيعليه‌السلام بما كان .

فقال لهعليه‌السلام تحب أن أخبرك بما كنت فيه ؟ فقال : المنافقون هو منذ الساعة قد أخذه المخاض و هو الساعة يريد أن يحدثه ، فقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : بل تحدّث أنت يا أبا الحسن لتكون شهيدا على القوم ؟ فقال نعم ، لمّا صرت في الوادي رأيت هؤلاء ركبانا على الأباعر فنادوني من أنت فقلت أنا علي بن أبي طالب ابن عم رسول اللّه ، فقالوا ما نعرف للّه من رسول ، سواء علينا و قعنا عليك أو على محمّد و شد على هذا المقتول و دار بيني و بينه ضربات و هبت ريح حمراء و سمعت صوتك فيها و أنت تقول قد قطعت لك جربان درعه فاضرب حبل عاتقه فضربته ثم هبّت ريح سوداء سمعت صوتك فيها و أنت تقول :

( قد قلبت لك الدرع عن فخذه فاضرب فخذه ) فضربته فقطعته و وكزته و قطعت رأسه و رميت به ، و قال لي هذان الرجلان بلغنا ان محمدا رفيق شفيق و احملنا إليه و لا تعجل علينا و صاحبنا كان يعد بألف فارس فقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أما الصوت الأول الذي صك مسامعك فصوت جبرئيل ، و أما الصوت الآخر فصوت ميكائيل قدم إلى حد الرجلين فقدم فقال : قل لا إله إلاّ اللّه و اني رسوله فقال : لنقل جبيل أبي قبيس أحب إليّ من أن أقول هذه الكلمة ، فقال : اخره

٢٣٨

و اضرب عنقه ثم قال : قدم الآخر فقدم فقال ، قل لا إله إلاّ اللّه و اني رسوله فقال الحقني بصاحبي قال : أخّره يا أبا الحسن و اضرب عنقه فأخره و قامعليه‌السلام ليضرب عنقه فهبط جبرئيلعليه‌السلام فقال يا محمّد ان ربّك يقرئك السلام و يقول لك : لا تقتله فانّه حسن الخلق سخي في قومه ، فقال الرجل و هو تحت السيف هذا رسول ربك يخبرك ؟ قال : نعم ، فقال و اللّه ما ملكت درهما مع اخ لي و لا قطبت وجهي في حرب و أنا أشهد ان لا إله إلاّ اللّه و انك رسوله ، فقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : هذا ممّن جرّه حسن خلقه و سخاؤه إلى جنات النعيم .

٤ الحكمة ( ٢٣ ) و قالعليه‌السلام :

مِنْ كَفَّارَاتِ اَلذُّنُوبِ إِغَاثَةُ اَلْمَلْهُوفِ وَ اَلتَّنَفُّسُ عَنِ اَلْمَكْرُوبِ أقول : في الخبر « كفارة عمل السلطان قضاء حوائج الاخوان » و في المعجم في كتاب هلال بن المحسن ان رجلا اتصلت عطلته فزوّر كتابا عن الوزير أبي الحسن بن الفرات إلى أبي زنبور المادراني عامل مصر يتضمن الوصاية به و التأكيد في الاقبال عليه و الاحسان إليه ، و خرج إلى مصر فلقيه به فارتاب أبو زنبور في أمره لتغيّر الخطاب على ما جرت به العادة و كون الدعاء أكثر ممّا يقتضيه محله فراعاه مراعاة قريبة و وصله بصلة قليلة ، و احتبسه عنده على وعد وعده به .

و كتب إلى أبي الحسن بن الفرات يذكر الكتاب الوارد عليه و أنفذه بعينه إليه و استثبته فيه ، فوقف ابن الفرات على الكتاب المزوّر فوجد فيه ذكر الرجل و انّه من ذوي الحرمات و الحقوق الواجبة عليه فعرض الكتاب على كتّابه و عرّفهم الصورة فيه و عجب إليهم منها و ممّا أقدم عليه الرجل و قال لهم ما

٢٣٩

الرأي في أمر الرجل ؟ فقال بعضهم بتأديبه أو حبسه ، و قال آخر اقطع ابهامه لئلا يعاود مثل هذا و لئلا يقتدي به غيره و قال أحسنهم محضرا يكتب إلى أبي زنبور بطرده و حرمانه ، فقال ابن الفراد ما أبعدكم عن الحرية رجل توسل بنا المشقة إلى مصر في تأميل الصلاح بجاهنا و يكون أحسن أحواله عند أحسنكم محضرا تكذيب ظنّه لا كان هذا أبدا ، ثم انّه أخذ القلم من دواته و وقع على الكتاب المزوّر .

« هذا كتابي و لست أعلم لم أنكرت أمره و اعترضتك فيه شبهة و ليس كلّ من خدمنا تعرفه و هذا رجل خدمني في أيام نكبتي فأحسن تفقده و وفّر رفده » ورد الكتاب إلى أبي زنبور ، فلما مضت مدّة دخل يوما على ابن الفرات رجل ذو هيئة مقبولة و أقبل يدعو له و يبكي و يقبّل الأرض فقال ابن الفرات من أنت بارك اللّه فيك و هذه كانت كلمته قال أنا صاحب الكتاب المزوّر إلى عامل مصر الذي صححه كرم الوزير و تفضله ، فضحك ابن الفرات و قال له كم وصل إليك منه ؟ قال : وصل الي من ماله و تقسيط قسطه على عمّاله عشرون ألف دينار ، فقال ابن الفرات الحمد للّه الزمنا فانّا نعرضك لمّا يزداد به صلاح حالك ثم اختبره فوجده كاتبا سديدا١ الخ .

و في ( الخصال ) عن الباقرعليه‌السلام « ثلاث منجيات » خوف اللّه في السر و العلن ، و القصد في الغنى و الفقر ، و كلمة العدل في الرضا و السخط .

و ثلاث موبقات : شح مطاع ، و هوى متبع ، و اعجاب المرء بنفسه و ثلاث درجات : افشاء السلام ، و إطعام الطعام ، و الصلاة و الناس نيام و ثلاث كفارات : اسباغ الوضوء في السبرات ، و المشي بالليل و النهار إلى الصلوات ،

و المحافظة على الجماعات » .

____________________

( ١ ) معجم الادباء للحمري ١٩ : ٢٩٥ ٢٩٧ دار الفكر بيروت .

٢٤٠

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617