بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة الجزء ١٣

بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة3%

بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة مؤلف:
تصنيف: أمير المؤمنين عليه السلام
الصفحات: 617

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤
  • البداية
  • السابق
  • 617 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 194127 / تحميل: 7309
الحجم الحجم الحجم
بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة

بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة الجزء ١٣

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

انّه لهو هو ثم أقبلت عليّ فقالت : فداك أبي و امي و اللّه لو استطعت أن أقيك ممّا أنت فيه بنفسي و أهلي لفعلت و كنت بذلك مني حقيقا ، و واللّه لا تركت المعاونة لك و السعي في حاجتك و خلاصك بكلّ حيلة و مال و شفاعة و هذه دنانير و ثياب و طيب فاستعن بها على موضعك و رسولي يأتيك كلّ يوم بما يصلحك حتى يفرّج اللّه عنك ، ثم أخرجت إليّ كسوة و طيبا و مائتي دينار ، و كان رسولها يأتيني في كل يوم بطعام نظيف و يتواصل برها بالسجّان فلا يمتنع من كلّ شي‏ء أريده حتى منّ اللّه عليّ بخلاصي ثم راسلتها فخطبتها فقالت أما من جهتي فأنا لك متابعة مطيعة و الأمر إلى أبي فأتيته فخطبتها إليه فردني و قال ما كنت لأحقق عليها ما قد شاع في الناس عنك في أمرها و قد صيرتنا فضيحة فقمت من عنده منكسا مستحييا و قلت له في ذلك :

رموني و إياها بشنعاء هم بها

أحق أدال اللّه منهم معجلا

بأمر تركناه و ربّ محمد

عيانا فأما عفة أو تجملا

قال إبراهيم ابن المدبر فقلت له ان عيسى صنيعة أخي و هو لي مطيع و أنا أكفيك أمره فلما كان من الغد لقيت عيسى في منزله و قلت له جئتك في حاجة فقال مقضية فقلت جئتك خاطبا إليك ابنتك .

فقال هي لك امة و أنا لك عبد و قد أجبتك فقلت اني خطبتها على من هو خير مني أبا و أما و أشرف صهرا و متصلا محمد بن صالح العلوي فقال لي يا سيدي هذا رجل قد لحقنا بسببه ظنّة و قيلت فينا أقوال فقلت أفليست باطلة ؟

قال : بلى ، قلت فكأنّها لم تقل و إذا وقع النكاح زال كلّ قول و شنيع ، و لم أزل أرفق به حتى أجاب ، و بعثت إلى محمد بن صالح فأحضرته و ما برحت حتى زوجته و سقت الصداق عنه١ و فيه بعث ابن الزبير ابن الأزرق المخزومي على بعض

____________________

( ١ ) الأغاني لأبو الفرج الاصفهاني ١٦ : ٣٦٤ ٣٦٧ .

٢٦١

أعمال اليمن فأعطى أعطية سنية و بث في قريش منها أشياء جزيلة فأثنت عليه قريش و وفدوا إليه فأسنى لهم العطايا و بلغ ذلك ابن الزبير فحسده و عزله بابراهيم بن سعد بن أبي وقاص فلما قدم عليه أراد أن يحاسبه .

فقال له مالك عندي حساب و لا بيني و بينك عمل و قدم مكة فخافت قريش ابن الزبير عليه أن يفتشه أو يكشفه فلبست السلاح و خرجت إليه لتمنعه فلما لقيهم نزلت إليه قريش فسلمت عليه و بسطت له أرديتها و تلقته امائهم و ولائدهم بمجامر الالوة و العود المندلي يبخرون بين يديه حتى انتهى إلى المسجد و طاف بالبيت .

ثم جاء إلى ابن الزبير فسلّم عليه و هم معه مطيفون به فعلم ابن الزبير انّه لا سبيل له إليه فما عرض و لا صرّح له بشي‏ء و مضى إلى منزله .

و في الجهشياري « كان عبد اللّه بن أبي فروة ، و عبد الملك بن مروان ،

و مصعب بن الزبير في حداثتهم اخلاّء لا يكادون يفترقون ، و كان إذا اكتسى عبد الملك كسوة اكتسى الخليلان مثلها فاكتسى عبد الملك حلة ، و اكتسى ابن أبي فروة مثلها ، و بقي مصعب لا يجد ما يكتسي به و كان أقلّهم شيئا فذكر ابن أبي فروة ذلك لأبيه فكساه مثل حليتهما على يد ابنه فلما ولّى مصعب العراق استكتب ابن أبي فروة فكان عنده يوم إذ أتى مصعب بعقد جوهر قد أصيب في بعض بلاد العجم لبعض ملوكهم لا يدري ما قيمته ، فجعل مصعب يقلبه و يعجب منه .

ثم قال لابن أبي فروة ايسّرك ان أهبه لك قال نعم و اللّه أيها الأمير فدعه إليه فرآه قد سر به سرورا شديدا فقال مصعب : و اللّه لأنا بالحلة يوم كسوتنيها أشدّ سرورا منك بهذا ، الآن ، و كان العقد سبب غناء ابن أبي فروة و غنا عقبه ، و ذكر مصعب الزبيري ان عامل خراسان وجد كنزا فيه نخلة كانت

٢٦٢

مصنوعة من الذهب لكسرى عثاكيلها من لؤلؤ و جوهر و ياقوت أحمد و أحضر فحملها إلى مصعب فجمع لها المقوّمين فقوّموها بألفي ألف دينار فقال إلى من أدفعها ؟ فقيل إلى نسائك و أهلك فقال لا بل أرفعها إلى رجل قدم عندنا يدا و أولانا جميلا أدعوا عبد اللّه بن أبي فروة فدفعها إليه فلما قتل مصعب كاتب عبد الملك و بذل له مالا فسلم منه بماله و كان أيسر أهل المدينة .

٩ الحكمة ( ٢٧ ) و قالعليه‌السلام :

أَفْضَلُ اَلزُّهْدِ إِخْفَاءُ اَلزُّهْدِ أقول : فاذا أشاعه فهو دليل حرصه على الدنيا لازهده فيها فالزهد ليس ترك التنعم من نعمه تعالى بل ترك التعلّق بالدنيا كما قال تعالى :لكيلا تأسوا على ما فاتكم و لا تفرحوا بما آتاكم .١ فقالواعليهم‌السلام جمع اللّه تعالى الزهد في هاتين الكلمتين ، و في ( الكافي ) عن الصادقعليه‌السلام قال : بينا أنا في المطاف و إذا برجل يجدّب ثوبي ، و إذا هو عباد بن كثير البصري .

فقال يا جعفر بن محمد تلبس مثل هذه الثياب و أنت في هذا الموضع مع المكان الذي أنت فيه من عليّ فقلت ثوب قرقبي اشتريته بدينار و كان عليعليه‌السلام في زمان يستقيم له ما لبس و لو لبست مثل ذلك اللباس في زماننا لقال الناس هذا مراء مثل عباد و روى أيضا اعتراض سفيان الثوري عليهعليه‌السلام في لباسه ، و قال له ما لبس النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله مثل ذلك فقالعليه‌السلام : ان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله كان في زمان قتر مقتر و ان الدنيا أرخت بعد ذلك عزاليها فأحق أهلها بها أبرارها

____________________

( ١ ) الحديد : ٢٣ .

٢٦٣

ثم تلاعليه‌السلام قل من حرم زينة اللّه التي أخرج لعبادهو الطيبات من الرزق .١ و نحن أحق من أخذ منها ما أعطاه اللّه غير اني يا ثوري ما ترى عليّ من ثوب لبسته للناس ثم اجتذب يد سفيان إليه و رفع الثوب الأعلى و أخرج ثوبا تحت ذلك على جلده غليظا فقال هذا لبسته لنفسي و ما رأيته للناس .

ثم جذب ثوبا على سفيان أعلاه غليظ جشن و داخل ذلك ثوب لين فقال لبست أنت هذا الأعلى للناس و لبست هذا لنفسك تسترها .

١٠ الحكمة ( ٣٣ ) و قالعليه‌السلام :

كُنْ سَمْحاً وَ لاَ تَكُنْ مُبَذِّراً وَ كُنْ مُقَدِّراً وَ لاَ تَكُنْ مُقَتِّراً أقول : التبذير و التقدير مذمومان أما الأول فقال تعالى : .و لا تبذر تبذيرا ان المبذرين كانوا اخوان الشياطين و كان الشيطان لربه كفورا ٢ .

و أما الثاني فقال تعالى :قل لو أنتم تملكون خزائن رحمة ربي اذن لأمسكتم خشية الإنفاق و كان الإنسان قتورا ٣ و انما الممدوح السمح المقدر فقال تعالى :و الذين إذا أنفقوا لم يسرفوا و لم يقتروا و كان بين ذلك قواما ٤ .

و في الخبر أخذ الصادقعليه‌السلام قبضة من حصى و قبضها بيده فقال هذا « الاقتار » الذي ذكره اللّه تعالى .

____________________

( ١ ) الاعراف : ٣٢ .

( ٢ ) الاعراف : ٣٢ .

( ٣ ) الاسراء : ٢٦ ٢٧ .

( ٤ ) الاسراء : ١٠٠ .

٢٦٤

ثم أخذ قبضة أخرى و أرخى كفّه كلّها ثم قال هذا « الاسراف » الذي ذكره تعالى ثم أخذ قبضة اخرى فأرخى بعضها و أمسك بعضها و قال هذا « القوام » الذي ذكره تعالى .

و في ( الكافي ) جاء سائل إلى الصادقعليه‌السلام فقام إلى مكتل فيه تمر فملأ يده فناوله ثم جاء آخر فسأله فقام فأخذ بيده فناوله ، ثم جاء آخر فسأله فقام فأخذ فناوله بيده ثم جاء آخر فقالعليه‌السلام : اللّه رازقنا و إياك ثم قال ان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله كان لا يسأله أحد إلاّ أعطاه فأرسلت امرأة ابنها إليه يسأله و قالت له : فإن قال ليس عندنا شي‏ء فقل اعطني قميصك ، ففعل فأخذصلى‌الله‌عليه‌وآله قميصه فرمى به إليه فأدبه اللّه تعالى على القصد فقال :و لا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك و لا تبسطها كلّ البسط فتقعد ملوما محسورا ١ و روي ان الكاظمعليه‌السلام سئل عن النفقة على العيال فقال بين المكروهين الاسراف و الاقتار .

١١ الحكمة ( ٤٢٥ ) و قالعليه‌السلام :

إِنَّ لِلَّهِ عِبَاداً اِخْتَصُّهُمْ اَللَّهُ بِالنِّعَمِ لِمَنَافِعِ اَلْعِبَادِ فَيُقِرُّهَا فِي أَيْدِيهِمْ مَا بَذَلُوهَا فَإِذَا مَنَعُوهَا نَزَعَهَا مِنْهُمْ ثُمَّ حَوَّلَهَا إِلَى غَيْرِهِمْ « ان للّه عبادا اختصهم اللّه بالنعم لمنافع العباد » هكذا في ( المصرية ) و الصواب : ان « للّه عبادا يختصهم بالنعم » الخ كما في ( ابن أبي الحديد و ابن ميثم ) و يشهد لكونه « يختصهم » السياق فبعده « فيقرّها » و لزيادة لفظ الجلالة تقدمه هذا و في ( الكافي ) عن الصادقعليه‌السلام « ان من بقاء المسلمين و بقاء الاسلام ان تصير

____________________

( ١ ) الاسراء : ٢٩ .

٢٦٥

الأموال عند من يعرف فيها الحق يصنع فيها المعروف و ان من فناء الاسلام و فناء المسلمين ان تصير الأموال في أيدي من لا يعرف فيها الحق و لا يصنع فيها المعروف » و عن الباقرعليه‌السلام : « ان اللّه تعالى جعل للمعروف أهلا من خلقه حبّب إليهم فعاله و وجّه لطلاّب المعروف الطلب إليهم و يسّر لهم قضاءه كما يسّر الغيث للأرض المجدبة ليحييها و يحيي به أهلها و انّه تعالى جعل للمعروف أعداء من خلقه بغّض إليهم المعروف و بغّض إليهم فعاله و حظر على طلاب المعروف الطلب و حظر عليهم قضاءه كما حرّم الغيث على الأرض المجدبة ليهلكها و يهلك أهلها » و عن الصادقعليه‌السلام : « ان للجنّة بابا يقال له المعروف لا يدخله إلاّ أهل المعروف » و عنهعليه‌السلام « أهل المعروف في الدنيا هم أهل المعروف في الآخرة يقال لهم ان ذنوبكم قد غفرت لكم فهبوا حسناتكم لمن شئتم » و عنهعليه‌السلام قالوا للنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ان أهل المعروف يعرفون بمعروفهم في الدنيا فبم يعرفون في الآخرة ؟ فقال إذا ادخل اللّه تعالى أهل الجنة الجنّة أمر ريحا عبقة طيبة فلزقت بأهل المعروف فلا يمر أحد منهم بملأ من أهل الجنّة إلاّ وجدوا ريحه فقالوا هذا من أهل المعروف .

و في ( وزراء الجهشياري ) دعا الرشيد صالحا صاحب المصلّى حين تنكّر للبرامكة فقال له : أخرج إلى منصور بن زياد ، فقل له قد صحت عليك عشرة آلاف الف درهم فاحملها إلى في يومك هذا فان هو دفعها إليك كاملة قبل مغيب الشمس من يومك هذا و إلاّ فاحمل رأسه اليّ و إيّاك و مراجعتي في شي‏ء من أمره قال صالح :

فخرجت إلى منصور و هو في الدار فعرفته الخبر .

٢٦٦

فقال : انّا للّه و انّا إليه راجعون ذهبت و اللّه نفسي ثم حلف انّه لا يعرف موضع ثلاثمائة ألف درهم فكيف عشرة آلاف الف درهم فقال له صالح جد في عملك فقال له امض بي إلى منزلي حتى أوصي و اتقدّم في أمري فمضى فما هو ان دخل حتى ارتفع الصراخ من منازله و حجر نسائه فأوصى و خرج و ما فيه لحم و لادم ، فقال صالح : امض بنا إلى أبي علي يحيى بن خالد لعل اللّه أن يأتينا بفرج من جهته فمضى معه فدخل على يحيى و هو يبكي فقال يحيى ما وراءك ؟ فقص عليه القصة فقلق يحيى بأمره و أطرق مفكّرا ثم دعا خازنه فقال كم عندك من المال ؟ قال : خمسة آلاف ألف درهم ، قال احضرني مفاتيحها فأحضرها ثم وجّه إلى الفضل انّك أعلمتني ان عندك فداك أبوك ألفي ألف درهم قدرت أن تشتري بها ضيعة و قد أصبت لك ضيعة يبقى ذكرها و شكرها و تحمدن ثمرتها فوجّه إلينا بالمال فوجّه به .

ثم قال للرسول امض إلى جعفر فقل له ابعث إلى فداك أبوك ألف ألف درهم بحق لزمني ، فوجّه إليه فقال صالح هذه ثمانية آلاف ألف ألف درهم ثم أطرق أطراقه لأنّه لم يكن بقي عنده شي‏ء ثم رفع رأسه إلى خادم على رأسه و قال له امض إلى دنانير فقل لها وجهي الي بالعقد الذي كان الخليفة و هبك إيّاه فجاء به فاذا عقد كعظم الذراع فقال لصالح : اشتريت هذا للخليفة بمائة ألف و عشرين ألف دينار فوهبه لدنانير و قد حسبناه عليك بألفي ألف درهم و هذا تمام المال فانصرف و خل عن صاحبنا قال صالح فأخذت ذلك و رددت منصورا معي فلما صرنا بالباب انشد منصور متمثلا :

٢٦٧

فما بقيا عليّ تركتماني

و لكن خفتما صرد النبال

فقال صالح : ما على ظهر الأرض كلّها رجل هو أنبل من رجل خرجنا من عنده و لا سمعت بمثله في من مضى و لا يكون مثله في من بقى ، و لا على ظهر الأرض رجل أخبث سريرة و لا أردء طبعا من هذا النبطي إذ لم يشكر من أحياه ، قال و صرت إلى الرشيد فقصصت عليه قصة المال و طويت عنه ما قاله المنصور لأني خفت ان سمعه ان يقتله .

فقال لي الرشيد اما اني قد علمت انّه ان نجا لم ينج إلاّ بأهل هذا البيت و قال اقبض المال و اردد العقد على ( دنانير ) فاني لم أكن لأهب هبة و ترجع اليّ قال صالح : فلم أطب نفسا ترك تعريف يحيى ما قال منصور فقلت له لمّا رأيته بعد أن أطنبت في شكره و وصف ما كان منه لقد أنعمت على غير شاكر قابل أكرم فعل بالام قول قال و كيف ذاك فأخبرته بما قال فجعل و اللّه يطلب له المعاذير و يقول « يا أبا علي ان المتحوب القلب ربما سبقه لسانه بما ليس في ضميره و قد كان الرجل في حال عظيم » فقلت و اللّه ما أدري من أي أمر بك أعجب أمن الأول أم من الثاني و لكني أعلم ان الدهر لا يخلف مثلك .

( أيضا ) حكي ان المأمون قال يوما لمحمد بن عباد المهلبي بلغني ان فيك سرفا فقال له « ان البخل مع الوجود سوء ظن باللّه تعالى و اني لأهمّ بالإمساك فاذكر قول اشجع السلمي في جعفر البرمكي :

يحب الملوك ندى جعفر

و لا يصنعون كما يصنع

و ليس بأوسعهم في الغنى

و لكن معروفة أوسع

٢٦٨

و كيف ينالون غاياته

و هم يجمعون و لا يجمع »

فأمر له المأمون بمأة ألف دينار و قال له استعن بها على مروءتك .

« يقرها في أيديهم ما بذلوها فاذا منعوها نزعها منهم ثم حولها إلى غيرهم » و الأصل فيه قوله تعالى : .ان اللّه لا يغيّر ما بقوم حتى يغيّروا ما بأنفسهم . .١ و قال ابن أبي الحديد قال الشاعر :

« لم يعطك اللّه ما أعطاك من نعم

إلاّ لتوسع من يرجوك احسانا

فان منعت فاخلق ان تصادفها

تطير عنك زرافات و وجدانا »

١٢ الخطبة ( ١٦١ ) و من خطبة لهعليه‌السلام :

لِيَتَأَسَّ صَغِيرُكُمْ بِكَبِيرِكُمْ وَ لْيَرْأَفْ كَبِيرُكُمْ بِصَغِيرِكُمْ وَ لاَ تَكُونُوا كَجُفَاةِ اَلْجَاهِلِيَّةِ لاَ فِي اَلدِّينِ يَتَفَقَّهُونَ وَ لاَ عَنِ اَللَّهِ يَعْقِلُونَ كَقَيْضِ بَيْضٍ فِي أَدَاحٍ يَكُونُ كَسْرُهَا وِزْراً وَ يُخْرِجُ حِضَانُهَا شَرّاً « ليتأس صغيركم بكبيركم » الصدوق في ( ثواب أعماله ) عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ( من عرف فضل شيخ كبير فوقّره لسنّه آمنه اللّه من فزع يوم القيامة ، و من تعظيم اللّه عز و جل إجلال ذي الشيبة المؤمن ) .

« و ليرأف كبيركم بصغيركم » جاء ( رأف ) بالضم و الفتح و الكسر قال الجوهري « قال أبو زيد » « رؤفت بالرجل و رأفت به أراف و رئفت به كلّ ذلك من كلام العرب » و على الأول فليقل ( و ليرؤف ) كما في ( ابن أبي الحديد ) و على الأخيرين ( فليرأف ) كما في ( المصرية ) هذا و في أدب الشرع معاملة الكبير مع

____________________

( ١ ) الرعد : ١١ .

٢٦٩

الصغير معاملته مع ولده كما ان الصغير عليه أن يعامل الكبير معاملة والده و ان من كان في سنّه يجعله كأخيه .

« و لا تكونوا كجفاة الجاهلية » في ( الأغاني ) قتلت بنو سهم و هم بطن من هذيل عمرو بن عاصية السلمي فاستسقاهم ماء فمنعوه ثم قتلوه فقالت اخته

هلا سقيتم بني سهم أسيركم

نفسي فدائك من ذي غلة صادي

فغزا أخوه هذيلا يطلبهم بدم أخيه فقتل منهم نفرا و سبى امرأة فجرّدها ثم ساقها معه عارية إلى بلاد بني سليم فقالت اخته :

الا مت سليم في السياق و أفحشت

و تفرط في سوق العنيف اسارها

لعلّ فتاة منهم ان يسوقها

فوارس منّا و هي باد شوارها١

و قد صاروا أجفى منهم فقتلوا أهل بيت نبيّهم في الشهر الحرام مع تحريم أهل الجاهلية القتال فيه « لا في الدين يتفقهون » .فلو لا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين و لينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلّهم يحذرون ٢ .

« و لا عن اللّه يعقلون »و ما أوتيتم من شي‏ء فمتاع الحياة الدنيا و زينتها و ما عند اللّه خير و أبقى أفلا تعقلون ٣ و هو الذي يحيي و يميت و له اختلاف الليل و النهار أفلا تعقلون ٤ أفلم يسيروا في الأرض فتكون لهم قلوب يعقلون بها أو آذان يسمعون بها فانها لا تعمي الأبصار و لكن تعمى القلوب التي في الصدور ٥ و لئن سألتهم من نزل من السماء ماء فأحيى به

____________________

( ١ ) الأغاني لأبو الفرج الاصفهاني ١٢ : ١٠٨ .

( ٢ ) التوبة : ١٢٢ .

( ٣ ) القصص : ٦٠ .

( ٤ ) المؤمنون : ٨٠ .

( ٥ ) الحج : ٤٦ .

٢٧٠

الأرض من بعد موتها ليقولن اللّه قل الحمد للّه بل أكثرهم لا يعقلون ١ و ( يتفقهون ) و ( يعقلون ) ان كانا بالخطاب كما في ( ابن أبي الحديد ) فالمراد المخاطبون المشبهون بجفاة الجاهلية و ان كانا بالغيبة فالمراد بهما المشبه بهم .

« كقيض بيض في اداح يكون كسرها وزرا و يخرج حضانها شرّا » في نهاية ابن الأثير « في حديث عليعليه‌السلام ( لا تكونوا كقيض بيض في أداح يكون كسرها وزرا و يخرج حضانها شرّا القيض قشر البيض ، و منه حديث ابن عباس « إذا كان يوم القيامة مدت الأرض مد الأديم فاذا كان ذلك قيضت هذه السماء الدنيا عن أهلها » : أي شقت من ( قاض الفرخ البيضة فانقاضت ) الخ .

قال ابن أبي الحديد في معنى الكلام « شبههم ببيض الأفاعي في الأعشاش يظن بيض القطا فلا يحل لمن رآه أن يكسره لأنّه يظنّه بيض القطا و حضانه يخرج شرا لأنّه يفقص عن أفعى ، و استعار لفظة الاداحي للأعشاش لأن الاداحي لا تكون إلاّ للنعام تدحو بأرجلها و تبيض فيه و دحوها توسيعها من ( دحوت الأرض ) و القيض : الكسر » الخ و تبعه ابن ميثم و الخوئي و لم أدر من أين خص البيض ببيض الأفاعي فالبيض مطلق و القيض غير دال عليه و لعلّه استند إلى وصف ( و يخرج حضانها شرّا ) إلاّ انّه لا بد في اللفظ من إيماء و ليس كما ان قوله القيض الكسر بلا وجه لأنّه يصير المعنى ( ككسر بيض يكون كسرها وزرا ) و انما القيض القشر كما عرفته من النهاية و في ( القاموس ) « القيض القشرة العليا اليابسة على البيضة أو هي التي خرج ما فيها من فرخ أو ماء و موضعها المقيض » و قال أوس بن حجر يصف قوسا كما في اللسان في ملك .

____________________

( ١ ) العنكبوت : ٦٣ .

٢٧١

فملك بالليط التي تحت قشرها كغرقى بيض كنه القيض من عل كما ان قوله « استعار لفظة الأداحي للأعشاش » لأن الأداحي لا تكون إلاّ للنعام » أيضا بلا وجه فالقطا الذي يفحص في الأرض أيضا له أدحى قال الجوهري « عش الطائر موضعه في افنان الشجر فاذا كان في بجل أو جدار فهو و كر و وكن و إذا كان في الأرض فهو أفحوص و أدحى » فتراه صرح بأن الطير قد يكون له عش و قد يكون له و كر و قد يكون له أدحى و انما توهم ابن أبي الحديد ما قال من قول الجوهري « مدحى النعامة موضع بيضها ، و ادحيها موضعها الذي تفرخ فيه و هو أفعول من ( دحوت ) لأنّها تدحو برجلها ثم تبيض فيه و ليس للنعام عش » فتراه انما قال ليس لها عش بل ادحى و لم يقل ان الأدحى منحصر بها و بالجملة كون المراد بالكلام ما ذكر غير معلوم و الحقيقة فيه لم أقف عليها بعد نسأل منه تعالى الإرشاد انّه ولي الرشاد و لا يبعد أن يكون المراد بالقيض التشقق فانشدوا كما في اللسان لأبي ذؤيب :

فراق كقيض السن فالصبر انّه

لكلّ اناس عثرة و جبور

هذا و في الدميري يقال للقطاة أم ثلاث لأنها أكثر ما تبيض ثلاث قال الشاعر .

و ام ثلاث ان شببن عققنها

و ان متن كان الصبر منها على نصب

أي ان شبت فراخها فارقتها فكان ذلك عقوقا لها و ان متن لم تصبر إلاّ و هي قلقة و النصب و التعب و قال « النعامة تترك بيضها و تخرج لتحصيل طعم فان وجدت بيض نعامة اخرى تحضنه و تنسى بيضها و لعلّها ان تصاد فلا ترجع و لذا يضرب بها المثل في ذلك قال ابن هرمة :

فاني و تركي ندى الأكرمين

و قدحي بكفي زنادا شحاحا

كتاركة بيضها بالعراء

و ملبسة بيض اخرى جناحا

٢٧٢

و في ( ديوان معاني ) شعر العسكري من أجود ما قيل في بيض الحديد من قديم الشعر قول سلامة بن جندل .

إذا ما علونا ظهر نشز كانما

على الهام منا قيض بيض مفلق

و المفهوم منه انّه شبّه بيض الحديد ببيض الطير .

١٣ الحكمة ( ٥٥ ) و قالعليه‌السلام :

اَلصَّبْرُ صَبْرَانِ صَبْرٌ عَلَى مَا تَكْرَهُ وَ صَبْرٌ عَمَّا تُحِبُّ أقول : و في ( الكافي ) عن الصادقعليه‌السلام إذا كان يوم القيامة يقوم عنق من الناس فيأتون باب الجنّة فيضربونه فيقال لهم من أنتم ؟ فيقولون أهل الصبر فيقال لهم على ما صبرتم فيقولون كنّا نصبر على طاعة اللّه و نصبر عن معاصي اللّه فيقول تعالى صدقوا ادخلوهم الجنّة و هو قوله تعالى .انما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب ١ .

و عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله الصبر ثلاثة صبر عند المصيبة و صبر على الطاعة و صبر على المعصية فمن صبر عند المصيبة حتى يردها بحسن عزائها كتب اللّه له ثلاثمائة درجة ما بين الدرجة إلى الدرجة كما بين السماء و الأرض و من صبر على الطاعة كتب اللّه له ستمائة درجة ما بين الدرجة إلى الدرجة كما بين تخوم الأرض إلى العرش و من صبر عن المعصية كتب اللّه له تسعمائة درجة ما بين الدرجة إلى الدرجة كما بين تخوم الأرض إلى منتهى العرش » .

و عن الصادقعليه‌السلام « من ابتلى من المؤمنين ببلاء فصبر عليه كان له مثل أجر ألف شهيد » .

____________________

( ١ ) الزمر : ١٠ .

٢٧٣

و عنهعليه‌السلام « انّه تعالى أنعم على قوم فلم يشكروا فصارت عليهم و بالا ،

و ابتلي قوما بالمصائب فصبروا فصارت عليهم نعمة » .

و عنهعليه‌السلام « ان اللّه تعالى بعث محمداصلى‌الله‌عليه‌وآله بالصبر و الرفق فقال و اصبر على ما يقولون و اهجرهم هجرا جميلاو ذرني و المكذبين أولي النعمة .١ و قال .ادفع بالتي هي أحسن فاذا الذي بينك و بينه عداوة كأنّه ولي حميم و ما يلقاها إلاّ الذين صبروا و ما يلقاها إلاّ ذو حظ عظيم ٢ فصبر حتى نالوه بالعظائم فضاق صدره فانزل تعالىو لقد نعلم انك يضيق صدرك بما يقولون فسبّح بحمد ربك و كن من الساجدين ٣ ثم كذّبوه و رموه فأنزلو لقد كذبت رسل من قبلك فصبروا على ما كذبوا و اوذوا حتى اتاهم نصرنا .٤ فالزم النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله نفسه الصبر ، فتعدوا و ذكروا اللّه فقال لا صبر لي على ذكر ربي فانزل تعالىو لقد خلقنا السماوات و الأرض و ما بينهما في ستة أيام و ما مسّنا من لغوب فاصبر على ما يقولون . .٥ فصبر في جميع أحواله ثم بشّر في عترته بالائمة و وصفوا بالصبر فقالو جعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لمّا صبروا و كانوا بآياتنا يوقنون ٦ .

فعند ذلك قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله « الصبر من الايمان كالرأس من الجسد فشكر تعالى ذلك له فأنزل .و تمت كلمة ربك الحسنى على بني اسرائيل بما

____________________

( ١ ) المزمل : ١٠ ١١ .

( ٢ ) فصلت : ٣٤ ٣٥ .

( ٣ ) الحجر : ٩٧ ٩٨ .

( ٤ ) الانعام : ٣٤ .

( ٥ ) ق : ٣٨ .

( ٦ ) السجدة : ٢٤ .

٢٧٤

صبروا و دمرنا ما كان يصنع فرعون و قومه و ما كانوا يعرشون ١ .

فقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله بشرى و انتقام فأباح اللّه تعالى له قتال المشركين فأنزل .فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم و خذوهم و احصروهم و اقعدوا لهم كلّ مرصد . .٢ فقتلهم اللّه على أيدي النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله و احبائه و عجّل له ثواب صبره ، مع ما ادّخر له في الآخرة ، فمن صبر و احتسب لم يخرج من الدنيا حتى يقر اللّه تعالى عينه في أعدائه مع ما يدّخر له في آخرته .

١٤ الحكمة ( ٥٧ ) و ( ٤٧٥ ) و قالعليه‌السلام :

اَلْقَنَاعَةُ مَالٌ لاَ يَنْفَدُ أقول : هذا من المواضع التي كررها المصنف كما عرفت سهوا و أما قوله و قد روى بعضهم هذا الكلام عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله فانما هو في الموضع الثاني اتفق عليه الكلّ ابن أبي الحديد و ابن ميثم و ( الخطّية ) و نقل ( المصرية ) تحريف .

و أما في الموضع الأول فانما تفرّد بنقله ابن أبي الحديد و ليس في ( ابن ميثم ) الذي نسخته بخط المصنف .

و كيف كان فسر الحياة الطيبة في قوله تعالىمن عمل صالحا من ذكر أو أنثى و هو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة .٣ بالقناعة و لبعضهم ( إذا شئت أن تحيا سعيدا فلا تكن على حالة إلاّ رضيت بدونها و من طلب العليا من العيش لم يزل حقيرا و في الدنيا أسير غبونها ) و قال بعض الحكماء لابنه

____________________

( ١ ) الاعراف : ١٣٧ .

( ٢ ) التوبة : ٥ .

( ٣ ) النحل : ٩٧ .

٢٧٥

« العبد حرّ إذا قنع و الحر عبد إذا طمع » و عنهعليه‌السلام « من رضي في الدنيا بما يجزيه كان أيسر ما فيها يكفيه و من لم يرض من الدنيا بما يجزيه لم يكن فيها شي‏ء يكفيه » و عن الباقرعليه‌السلام « اياك أن تطمح بصرك إلى من هو فوقك فكفى بما قال اللّه لنبيّهصلى‌الله‌عليه‌وآله و لا تعجبك أموالهم و لا أولادهم . و لا تمدن عينك إلى ما متعنا به أزواجا منهم زهرة الحياة الدنيا . فان دخلك من ذلك شي‏ء فاذكر عيش رسوله فانما كان قوته الشعير و حلوه التمر الخبر .

١٦ الحكمة ( ١٤٠ ) و قالعليه‌السلام :

مَا عَالَ مَنِ اِقْتَصَدَ أقول : هكذا في ( المصرية ) و الصواب ما في ( ابن ميثم ) « ما عال امرؤ اقتصد » و كذا ابن أبي الحديد ( ما عال ) يعني ما افتقر و اما ( ما أعال ) فمعناه ما كثرت عياله و لا معنى له هنا و المقتصد لا يفتقر و يمكنه إعانة آخرين بخلاف غير المقتصد فانّه مع عدم تيسر نفع منه إلى غيره يصير معسرا يوما و الاقتصاد محمود حتى في الانفاق في سبيل اللّه قال تعالىو الذين إذا انفقوا لم يسرفوا و لم يقتروا و كان بين ذلك قواما ١ و كذا في باقي العبادات ففي ( الكافي ) عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله « ان هذا الدين متين فاوغلوا فيه برفق و لا تكرهوا عبادة اللّه إلى عباده فتكونوا كالراكب المنبت الذي لا سفرا قطع و لا ظهرا أبقى .

١٧ الحكمة ( ١٥٣ ) و قالعليه‌السلام :

لاَ يَعْدَمُ اَلصَّبُورُ اَلظَّفَرَ وَ إِنْ طَالَ بِهِ اَلزَّمَانُ مصداق قولهعليه‌السلام و شاهد كلامهعليه‌السلام قصّة يوسفعليه‌السلام مع اخوته قال تعالىقال هل علمتم ما فعلتم بيوسف و أخيه إذا أنتم جاهلون قالوا ءانك لأنت يوسف قال انا يوسف و هذا أخي قد منّ اللّه علينا انّه من يتّق و يصبر فان

____________________

( ١ ) الفرقان : ٦٧ .

٢٧٦

اللّه لا يضيع أجر المحسنين قالوا تاللّه لقد آثرك اللّه علينا و ان كنّا لخاطئين ١ و لنعم ما قيل بالفارسية :

صبر و ظفر هر دو دوستان قديم‏اند

بر اثر صبر نوبت ظفر آيد

١٨ الحكمة ( ٢٠٦ ) و قالعليه‌السلام :

أَوَّلُ عِوَضِ اَلْحَلِيمِ مِنْ حِلْمِهِ أَنَّ اَلنَّاسَ أَنْصَارُهُ عَلَى اَلْجَاهِلِ أقول : رواه ابن قتيبة في ( عيونه ) عنهعليه‌السلام إلاّ انّه قال بدل ( على الجاهل ) ( على الجهول ) و روي عن الصادقعليه‌السلام ان الملائكة أيضا أنصاره على الجاهل فروي عنهعليه‌السلام « إذا وقع بين رجلين منازعة نزل ملكان فيقولان للسفيه منهما قلت و قلت و أنت أهل لمّا قلت و ستجزى بما قلت و يقولان للحليم منهما صبرت و حلمت سيغفر اللّه لك ان أتممت على ذلك » فان رد الحليم عليه ارتفع الملكان » .

١٩ الحكمة ( ٤١٨ ) و قالعليه‌السلام :

اَلْحِلْمُ عَشِيرَةٌ أقول : قال الأحنف « اصبت الحلم انصر لي من الرجال » و في ( الطبري ) كانت في فارس امرأة لم تلد إلاّ الملوك الأبطال فدعاها كسرى أبرويز فقال اني أريد أن أبعث إلى الروم جيشا و استعمل عليهم رجلا من بنيك فاشيري عليّ أيّهم استعمل قالت هذا فلان و هو اروغ من ثعلب و أحذر من صقر ، و هذا فرخان و هو أنفذ من سنان و هذا شهر براز و هو أحلم من كذا ، فاستعمل أيّهم

____________________

( ١ ) يوسف : ٨٩ ٩١ .

٢٧٧

شئت قال فاني قد استعملت الحليم فاستعمل شهر براز الحليم فسار إلى الروم و ظهر عليهم الخبر .

و في ( العيون ) كان المتمشمش بن معاوية عم الأحنف يفضل في حلمه على الأحنف قيل فأمره أبو موسى أن يقسم خيلا في بني تميم فقسّمها فقال رجل من بني سعد ما منعك أن تعطيني فرسا و وثب عليه فمرش وجهه فقام إليه قوم ليأخذوه فقال دعوني و إيّاه اني لا اعان على واحد ثم انطلق به إلى أبي موسى فلما رآه سأله عمّا بوجهه فقال دع هذا و لكن ابن عمي ساخط فاحمله على فرس فحمله » .

هذا و فيه قال معاوية لا ينبغي أن يكون الهاشمي غير جواد و لا الزبيري غير شجاع و لا المخزومي غير تياه و لا الاموي غير حليم فبلغ ذلك الحسنعليه‌السلام فقال قاتله اللّه أراد أن يجود بنو هاشم فينفد ما بأيديهم و يتشجّع آل الزبير فيفنوا و يتيه بنو مخزوم فيبغضهم الناس و يحلم بنو اميه فيتحببوا إلى الناس .

٢٠ الحكمة ( ٢٢٤ ) و قالعليه‌السلام :

بِكَثْرَةِ اَلصَّمْتِ تَكُونُ اَلْهَيْبَةُ وَ بِالنَّصَفَةِ يَكْثُرُ اَلْمُوَاصِلُونَ وَ بِالْإِفْضَالِ تَعْظُمُ اَلْأَقْدَارُ وَ بِالتَّوَاضُعِ تَتِمُّ اَلنِّعْمَةُ وَ بِاحْتِمَالِ اَلْمُؤَنِ يَجِبُ اَلسُّؤْدُدُ وَ بِالسِّيرَةِ اَلْعَادِلَةِ يُقْهَرُ اَلْمُنَاوِئُ وَ بِالْحِلْمِ عَنِ اَلسَّفِيهِ تَكْثُرُ اَلْأَنْصَارُ عَلَيْهِ « بكثرة الصمت تكن الهيبة » في ( الكافي ) عن الرضاعليه‌السلام « ان الصمت باب من أبواب الحكمة ان الصمت يكسب المحبة انّه دليل على كلّ خير » و عن

٢٧٨

عيسىعليه‌السلام « لا تكثروا الكلام في غير ذكر اللّه فان الذين يكثرون الكلام في غير ذكر اللّه قاسية قلوبهم و لكن لا يعلمون » و عن الرضاعليه‌السلام كان الرجل من بني اسرائيل إذا أراد العبادة صمت قبل ذلك عشر سنين » و قال ابن أبي الحديد قال يحيى البرمكي ما رأيت أحدا قط صامتا إلاّ هبته حتى يتكلّم فاما أن تزداد تلك الهيبة أو تنقص .

« و بالنصفة يكثر المواصلون » هكذا في ( المصرية ) و الصواب ( الواصلون ) كما في ( ابن أبي الحديد و ابن ميثم و الخطّية ) قيل لقيس بن عاصم بم سدت قومك قال ببذل الندى و كف الأذى و نصر المولى ) و في ( الكافي ) عنهعليه‌السلام « الا انّه من ينصف الناس من نفسه لم يزده اللّه إلاّ عزّا » و عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله و هو يريد غزوة و جاءئه أعرابي و أخذ بغرز راحلته و قال علّمني عملا ادخل به الجنّة قال « ما أحببت أن يأتيه الناس إليك فاته إليهم و ما كرهت أن يأتيه الناس إليك فلا تأته إليهم ، خل سبيل الراحلة » .

و عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله « ثلاث من كن فيه أو واحدة منهن كان في ظلّ عرش اللّه يوم لا ظل إلاّ ظلّه رجل أعطى الناس من نفسه ما هو سائلهم و رجل لم يقدّم رجلا و لم يؤخر رجلا حتى يعلم ان ذلك للّه رضا و رجل لم يعب أخاه المسلم بعيب حتى ينفي ذلك العيب عن نفسه و انّه لا ينفى منها عيبا إلاّ بدا له عيب و كفى بالمرء شغلا بنفسه من الناس » و عن الصادقعليه‌السلام « من أنصف الناس من نفسه رضى به حكما لغيره » .

و عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله « من واسى الفقير من ماله و أنصف الناس من نفسه فذلك المؤمن حقا » و عن الصادقعليه‌السلام ثلاثة هم أقرب الخلق إلى اللّه يوم القيامة حتى يفرغ من الحساب رجل لم تدعه قدرته في حال غضبه إلى أن يحيف على من تحت يده و رجل مشى بين اثنين فلم يمل مع احدهما على الآخر

٢٧٩

بشعيرة و رجل قال بالحق في ما له و عليه » و عنهعليه‌السلام « ما ابتلى المؤمن بشي‏ء أشدّ عليه من ثلاث خصال المواساة في ذات يده و الانصاف من نفسه و ذكر اللّه كثيرا أما اني لا أقول « سبحان اللّه و الحمد للّه و لا إله إلاّ اللّه و اللّه أكبر » و لكن ذكر اللّه عند ما أحل له و ما حرم عليه » و في خبر آخر و لكن ذكر اللّه إذا هجمت على طاعة أو معصية « و بالافضال تعظم الأقدار »

« إذا المرء أثرى ثم قال لقومه

أنا السيد المقضي إليه المعمم

و لم يعطهم شيئا أبوا أن يسودهم

و هان عليهم رغمه و هو ألوم »

« و بالتواضع تتم النعمة » في ( الكافي ) عن الصادقعليه‌السلام أوحى اللّه تعالى إلى موسى تدري لم اصطفيتك بكلامي دون خلقي قال يا رب و لم ذاك ، فأوحى إليه « اني قلبت عبادي ظهر البطن فلم أجد فيهم أحدا أذلّ لي نفسا منك انّك إذا صليت وضعت خدّك على التراب .

« و باحتمال المؤن يجب السودد » قال الشاعر :

لا تحسب المجد تمرا أنت آكله

لن تبلغ المجد حتى تلعق الصبرا

و في أخلاق أبي حيان قيل لعدي بن حاتم من السيد قال الأحمق في ماله الذليل في عرضه المطرح لحقده المعني بأمر جماعته١ و فيه قال أبو الأسود الدؤلي لعبيد اللّه بن زياد انك لن تسود حتى تصبر على سرار الشيوخ البخر٢ .

و في ( العيون ) « قال قتيبة بن مسلم أرسلني أبي إلى ضرار بن القعقاع بن معبد ابن زرارة فقال : قل له : قد كان في قومك دماء و جراح و قد أحبوا أن تحضر المسجد في من يحضر فأتيته فأبلغته فقال يا جارية غذيني فجاءت بأرغفة خشن فثردتهن في مريس ثم برقهن فأكل فجعل شأنه يصغر في

____________________

( ١ ) أخلاق الوزيرين لأبو حيان التوحيدي : ٩٢ تحقيق الطنجي ، المجمع العلمي ، دمشق .

( ٢ ) المصدر نفسه : ٩١ ٩٢ تحقيق الطنجي ، المجمع العلمي ، دمشق .

٢٨٠

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617