بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة الجزء ١٣

بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة0%

بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة مؤلف:
تصنيف: أمير المؤمنين عليه السلام
الصفحات: 617

بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة

مؤلف: الشيخ محمد تقي التّستري
تصنيف:

الصفحات: 617
المشاهدات: 171886
تحميل: 5290


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5 الجزء 6 الجزء 7 الجزء 8 الجزء 9 الجزء 10 الجزء 11 الجزء 12 الجزء 13 الجزء 14
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 617 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 171886 / تحميل: 5290
الحجم الحجم الحجم
بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة

بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة الجزء 13

مؤلف:
العربية

عيني و نفسي ثم مسح يده و قال الحمد للّه حنطة الأهواز و تمر الفرات و زيت الشام ثم أخذ نعليه و ارتدى ثم انطلق معي و أتى المسجد الجامع فصلّى ركعتين ثم احتبى فما رأته حلقة إلاّ تقوضت إليه فاجتمع الطالبون و المطلوبون فأكثروا الكلام فقال إلى ما ذا صار أمرهم قالوا إلى كذا و كذا من ابل قال هي عليّ ثم قام » ( فيه ) « مدح شاعر الحسن بن سهل فقال له احتكم و ظن ان همّته قصيرة فقال ألف ناقة فوجم و لم يمكنه و كره ان يفتضع و قال يا هذا ان بلادنا ليست بلاد ابل و لكن ما قال امرؤ القيس :

إذا لم يكن ابل فمعزى

كان قرون جلتها العصى

قد أمرت لك بألف شاة فالق يحيى بن خاقان فأعطاه بكلّ شاة دينارا ( فيه ) كان عبد اللّه بن جدعان التيمي حين كبر أخذ بنو تيم على يده أن يعطي شيئا من ماله فكان الرجل إذا أتاه يطلب منه قال ادن مني فاذا دنا منه لطمه ثم قال له اذهب بلطمتك أو ترضى فترضيه بنو تيم من ماله فقال ابن قيس الرقيات :

و الذي ان أشار نحوك

لطما تبع اللطم نائل

( فيه ) كان سعيد بن العاص إذا أتاه سائل فلم يكن عنده ما سأل قال اكتب على سجلا إلى أيام يسري .

« و بالسيرة العادلة يقهر المناوي » أي : المعادي و لمّا قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله لليهود في مقاسمة الأشجار أما تأخذوا الخرص و أما آخذه قالوا بالعدل قامت السماوات و الأرض .

« و بالحلم عن السفيه تكثر الأنصار عليه » في ( الاستيعاب ) قدم قيس بن عاصم في و فد تميم على النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله في سنة تسع فلما رآه النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال هذا سيد أهل الوبر و قيل للأحنف ممّن تعلمت الحلم قال من قيس بن عاصم رأيته

٢٨١

يوما قاعدا بفناء داره محتبيا بحمائل سيفه يحدث قومه إذ أتى برجل مكتوف و آخر مقتول فقيل له « هذا ابن أخيك قتل ابنك » فو اللّه ما حل حبوته و لا قطع كلامه فلما أتمه التفت إلى ابن أخيه فقال يا ابن اخ بئس ما فعلت أثمت بربك و قطعت رحمك و قتلت ابن عمك و رميت نفسك بسهمك » ثم قال لابن له آخر قم يا بني فوار أخاك و حل كتاف ابن عمك و سق إلى امك مائة ناقة دية ابنها فانها غريبة .

٢١ الحكمة ( ٢٠٧ ) و قالعليه‌السلام :

إِنْ لَمْ تَكُنْ حَلِيماً فَتَحَلَّمْ فَإِنَّهُ قَلَّ مَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ إِلاَّ أَوْشَكَ أَنْ يَكُونَ مِنْهُمْ قال ابن أبي الحديد « التكلف للخلق كالطبع له ألا ترى ان الأعرابي الجلف الجافي إذا دخل المدن و القرى و خالط أهلها و طال مكثه فيهم انتقل عن خلق الاعراب الذيى نشأ عليه و تلطف طبعه و صار شبيها بساكني المدن بل قد شاهدناه من الحيوانات حتى الأسد الذي أبعدها انسا ، ذكر ابن الصابي ان عضد الدولة كانت له اسود يصطاد بها الصيد كالفهود فتمسكه عليه حتى يدركه فيذكيه » قلت و قالوا كسرى ابرويز ربّى فيلا فكان يسجد له إذا رآه .

٢٢ الحكمة ( ٢٢٣ ) و قالعليه‌السلام :

مَنْ كَسَاهُ اَلْحَيَاءُ ثَوْبَهُ لَمْ يَرَ اَلنَّاسُ عَيْبَهُ في توحيد المفضل « قال الصادقعليه‌السلام له « انظر إلى ما خص به الانسان

٢٨٢

دون جميع الحيوان من هذا الخلق الجليل قدره العظيم شأنه أعني الحياء فلو لاه لم يقرّ ضيف و لم يوف بعدة و لم تقض الحوائج و لم يتحر الجميل و لم يتنكب القبيح في شي‏ء من الأشياء حتى ان كثيرا من الامور المفترضة أيضا انما تفعل للحياء فان من الناس من لو لا الحياء لم يرع حق والديه و لم يصل ذا رحم و لم يؤد امانة و لم يعف عن فاحشة أفلا ترى كيف و في الانسان جميع الخلال التي فيها صلاحه و تمام أمره » و في الخبر الحياء و الايمان مقرونان في قرن فاذا ذهب أحدهما تبعه صاحبه » .

٢٣ الحكمة ( ٢٢٩ ) و قالعليه‌السلام :

كَفَى بِالْقَنَاعَةِ مُلْكاً وَ بِحُسْنِ اَلْخُلُقِ نَعِيماً أما الأول ففي ( الكافي ) كان أمير المؤمنينعليه‌السلام يقول : « يا ابن آدم ان كنت تريد من الدنيا ما يكفيك فان أيسر ما فيها يكفيك و ان كنت تريد ما لا يكفيك فان كلّ ما فيها لا يكفيك » و مر النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله براعي ابل فبعث إليه يستسقيه فقال اما ما في ضروعها فصبوح الحي و اما ما في آنيتنا فغبوقهم فقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله اللّهم اكثر ماله و ولده .

ثم مر براعي غنم فبعث إليه يستسقيه فحلب له ما في ضروعها و اكفا ما في أنائه في أناء النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله و بعث إليهصلى‌الله‌عليه‌وآله بشاة فقال هذا ما عندنا و ان أحببت ان نزيدك زدناك فقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله « اللّهم ارزقه الكفاف » فقال له بعض أصحابه « دعوت للذي ردّك بدعاء ، عامتنا نحبه ، و دعوت للذي أسعفك بحاجتك بدعاء كلّنا نكرهه » فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله « ما قل و كفى خير ممّا كثر و ألهى اللّهم ارزق محمّدا و آل محمّد الكفاف » .

٢٨٣

و أما الثاني ففي ( الكافي ) عن الصادقعليه‌السلام « هلك رجل على عهد النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله فأتى الحفارين فاذا بهم لم يحفروا شيئا و شكوا ذلك إليه قالوا ما يعمل حديدنا في الأرض فكانما يضرب به في الصفاء فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله و لم ان كان صاحبكم حسن الخلق ائتوني بقدح من ماء فأتوه به فأدخل يده فيه ثم رشّه على الأرض رشا ثم قال احفروا فحفروا ، فكانما كان رملا ينهال عليهم » ( و عنهعليه‌السلام ) « ما يقدم المؤمن على اللّه تعالى بعمل بعد الفرائض أحبّ إلى اللّه تعالى من ان يسمع الناس بخلقه » .

( و عنهعليه‌السلام ) « البر و حسن الخلق يعمران الديار و يزيدان في الأعمار » .

( و عنهعليه‌السلام ) « الخلق الحسن يميت الخطيئة كما يميت الشمس الجليد » .

و عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله « أكثر ما يلج به امتي الجنّة تقوى اللّه و حسن الخلق » .

( و عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله ) « ان صاحب الخلق الحسن له مثل أجر الصائم القائم » .

( و عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله ) لبني عبد المطلب انّكم لن تسعوا الناس بأموالكم فسعوهم بأخلاقكم » .

( و عنهعليه‌السلام ) نزل على الروح الأمين من عند رب العالمين و قال عليك يا محمد بحسن الخلق فانّه ذهب بخير الدنيا و الآخرة .

و قالصلى‌الله‌عليه‌وآله أشبهكم بي أحسنكم خلقا « و في الخبر عجبت من يشتري العبيد بماله كيف لا يشتري الأحرار بحسن خلقه » .

٢٤ الحكمة ( ٣٩٦ ) و قالعليه‌السلام :

اَلْمَنِيَّةُ وَ لاَ اَلدَّنِيَّةُ وَ اَلتَّقَلُّلُ وَ لاَ اَلتَّوَسُّلُ وَ مَنْ لَمْ يُعْطَ قَاعِداً لَمْ يُعْطَ قَائِماً وَ اَلدَّهْرُ يَوْمَانِ يَوْمٌ لَكَ وَ يَوْمٌ عَلَيْكَ فَإِذَا كَانَ لَكَ فَلاَ تَبْطَرْ

٢٨٤

وَ إِذَا كَانَ عَلَيْكَ فَاصْبِرْ « المنية و لا الدنية » في كنايات الجرجاني لمّا تواترت النكبات على قيس ابن زهير خرج هو و صاحب له من بني أسد يسيحان و عليهما المسوح يتقوتان بما تنبته الأرض إلاّ ان دفعا في ليلة قرة إلى أخبية فوجدا رائحة القتار و هما جائعان فسعيا يريدانه فلما قاربناه أدركت قيسا شهامة النفس و عزّة الانفة فرجع و هو يقول :

أعشبت في الأرض حتى كاد يطردني

إلى الصغار شجاع النفس بالعنف

ثم قال :

« ان كان في ترك الأغذية التلف فان في النزاهة الخلف » .

فانفتل عن صاحبه و قال له « دونك و ما تريد فان لي لبثا على هذه الأجارع أرقب داهية القرون الماضية » فمضى صاحبه و رجع من الغد فوجده قد لجأ إلى شجرة الوادي فنال من ثمرها شيئا ثم مات ففي ذلك يقول الحطيئة :

ان قيسا كان ميتته

أسفا و الحر منطلق

شام نارا بالحشا فسعى

و شجاع النفس يختنق

جاء حتى كاد ثم نمى

اسفل الوادي له ورق

فجشا في فمه حشوقه

ثم أغضى و هو مطرق

في دريس ما تعيبه

رب حر ثوبه خلق١

و في ( البحار ) عن المناقب و كذا ( تحف العقول ) و ( اللهوف ) و ( الاحتجاج ) ان الحسينعليه‌السلام قال يوم الطف في خطبته « الا ان الدعيّ ابن الدعيّ قد ركز بين اثنتين القتلة و الذلة و هيهات ماخذ الدنية أبي اللّه ذلك و رسوله و جدود طابت

____________________

( ١ ) المنتخب من كنايات الأدباء للجرجاني : ١١٥ ، مطبعة السعادة ، مصر ١٩٠٨ م .

٢٨٥

و حجور طهرت و أنوف حمية و نفوس أبية لا نؤثر طاعة اللئام على مصارع الكرام الا قد أعذرت و أنذرت ألا اني زاحف بهذه الأسرة على قلّة العتاد و خلة الأصحاب ثم أنشأ يقول :

« فان نهزم فهزامون قدما

و ان نهزم فغير مهزمينا

و ما ان طبنا جين و لكن

منايانا و دولة آخرينا

الا ثم لا تلبثون بعدها إلاّ كريث ما يركب الفرس حتى تدور بكم دور الرحا »١ الخ و في ( الطبري ) في كتاب عمر بن سعد إلى عبيد اللّه « ان الحسين أعطاني ان يرجع » فقال له شمر لينزل على حكمك فكتب إليه « اعرض على الحسين و أصحابه النزول على حكمي فان فعلوا ابعث إليهم سلما و ان أبوا فقاتلهم » .

فلما جاء ابن سعد كتابه قال « لا يستسلم الحسين و اللّه ان نفسا أبيه لبين جنبيه » الخ و لمّا عرض على مصعب الأمان أبى و قال :

« و ان الاولى بالطف من آل هاشم

تأسوا فسنوا للكرام التأسيا »

« و التقلل و لا التوسل » في المعجم « وجه سليمان بن علي و إلي الأهواز إلى الخليل لتأديب ولده فأخرج الخليل لرسول سليمان خبزا يابسا و قال ما دمت أجده فلا حاجة بي إلى سليمان و قال :

أبلغ سليمان اني عنه في سعة

و في غنى غير اني لست ذا مال٢

و كان النضر بن سليمان يقول :

أكلت الدنيا بعلم الخليل

و هو في خص لا يشعر به

____________________

( ١ ) نقله المجلسي في « بحار الأنوار » عن « المناقب » لابن شهر آشوب في ٤٥ ٨ ( تاريخ الحسين بن عليعليه‌السلام ) لكن لا وجود لهذا النص في المناقب ، انظر الجزء ٤ في ( امامة أبي عبد اللّه . ) : ٤٦ .

( ٢ ) معجم الادباء للحموي ٦ : ٧٦ ، ط ٣ ، دار الفكر ، بيروت .

٢٨٦

و في ( ابن أبي الحديد ) قال الشاعر :

اقسم باللّه لمص النوى

و شرب ماء القلب المالحة

أحسن بالإنسان من ذلّة

و من سؤال الأوجه الكالحة

فاستغن باللّه تكن ذا غنى

مغتبطا بالصفقة الرابحة

فالزهد عز و التقى سؤدد

و ذلّة النفس لها فاضحة »

( أيضا )

لمص الثماد و خرط القتاد

و شرب الاجاج او ان الظماء

على المرء أهون من أن يرى

ذليلا لخلق إذا أعدما

و خير لعينيك من منظر

إلى ما بأيدي اللئام

قلت : فهلا قال « ما بأيدي الكرام » .

« و من لم يعط قاعدا لم يعط قائما » في ( الكافي ) عن الصادقعليه‌السلام من أصبح و أمسى و الدنيا أكبر همه جعل الفقر بين عينيه و شئت أمره و لم ينل من الدنيا إلا ما قسم له و من أصبح و أمسى و الآخرة أكبر همّه جعل الغنى في قلبه و جمع له أمره » .

« و الدهر يومان يوم لك و يوم عليك » في ( المروج ) كان بزرجمهر وزير ابرويز و الغالب عليه إلى ثلاث عشرة سنة من ملكه ثم اتهمه بالميل إلى بعض الزنادقة من الثنوية فأمر بحبسه و كتب إليه « كان من ثمرة علمك و عقلك ان صرت أهلا للقتل » فأجابه « اما ان كان معي الجد كنت انتفع بثمرة عقلي فالآن إذ لا جد معي انتفع بثمرة الصبر و ان فقد كثير الخير فقد استرحت من كثير من الشر » فدعا ابرويز به و أمر بكسر فمه فقال « فمي أهل لمّا هو شرّ » قال لم قال « لأني كنت أصفك للناس بما ليس فيك لا تقتلني بالشك مع اليقين الذي قد علمته مني فمن الذي يثق بك بعد » فغضب و أمر بضرب عنقه .

٢٨٧

« فاذا كان لك فلا تبطر ، و إذا كان عليك فاصبر » زاد التحف بعد الفقرتين « و بكليهما ستختبر » قيل في كامل « إذا سر لم يبطر و ليس لنكبة المت به بالخاشع المتضائل » هذا ابن أبي الحديد جعل العنوان ثلاثة عناوين فجعل من لم يعط قاعدا لم يعط قائما » عنوانا ثانيا و الباقي ثالثا و اما ابن ميثم فكما هنا جعل الكل واحدا .

٢٥ الحكمة ( ٤١٠ ) و قالعليه‌السلام :

اَلتُّقَى رَئِيسُ اَلْأَخْلاَقِ لان التقوى لا تصدق الا بعد اجتماع جميع مكارم الاخلاق و هو في مقابل حب الدنيا الذي هو رأس كل خطيئة .

٢٦ الحكمة ( ٤٦٠ ) و قالعليه‌السلام :

اَلْحِلْمُ وَ اَلْأَنَاةُ تَوْأَمَانِ يُنْتِجُهُمَا عُلُوُّ اَلْهِمَّةِ أقول : نسبه إليهعليه‌السلام ابن المعتز في بديعه و روي انّهعليه‌السلام قال ذلك لمّا اخبر عن انو شروان بأنّه كان فيه الحلم و الاناة و في ( طبقات كاتب الواقدي ) في عنوان و فد عبد القيس في عام الفتح ان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال لرأسهم عبد اللّه بن عوف الأشج « فيك خصلتان يحبهما اللّه الحلم و الاناة » و يقال انّه لم يغضب قط .

و في ( كامل المبرد ) حدث ابن عايشة عن أبيه ان رجلا من أهل الشام دخل المدينة فقال رأيت رجلا على بغلة لم أر أحسن وجها و لا أحسن لباسا

٢٨٨

و لا أفره مركبا منه فسألت عنه فقيل لي الحسن بن علي بن أبي طالب فامتلأت له بغضا فصرت إليه فقلت ءانت ابن أبي طالب فقال أنا ابن ابنه فقلت له بك و بأبيك أسبهما فقال احسبك غريبا قلت أجل فقال « ان لنا منزلا واسعا و معونة على الحاجة و ما لا نواسي به » فانطلقت و ما على وجه الأرض أحبّ إليّ منه .

و قال رجل لرجل من آل الزبير كلاما أقذع له فيه فأعرض الزبيري عنه ،

ثم دار كلام فسبّ الزبيري علي بن الحسينعليهما‌السلام فأعرض عنه فقال الزبيري ما يمنعك من جوابي فقالعليه‌السلام « ما منعك من جواب الرجل » و قال رجل لرجل و كان سبّه و لم يك التفت إليه « اياك أعني » فقال له الرجل و عنك اعرض .

و في ( الطرائف ) الموضوع لمدح الأشياء و ذمّها ، أما مدح الاناة فقال تعالىيا أيها الذين آمنوا ان جاءكم فاسق بنبأ فتبيّنوا أن تصيبوا قوما بجهالة ١ و قال حكيم ينبغي للوالي ان يتثبت في ما أنهى إليه و يأخذ بأدب سليمانعليه‌السلام حيث قالقال سننظر أصدقت أم كنت من الكاذبين ٢ و قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله « من تأنى أصاب أو كاد و من تعجّل أخطأ أو كاد »٣ و اما ذمّة فقيل لأبي العيناء لا تعجل فان العجلة من الشيطان فقال لو كانت من الشيطان لمّا قال كليم اللّه .و عجلت إليك ربّ لترضى ٤ و قال محمد بن بشير :

كم من مضيع فرصة قد أمكنت لغد

و ليس غد له بموات

حتى إذا فاتت و فات طلابها

ذهبت عليها نفسه حسرات

قلت : ما نقله في ذم الاناة تخليط و مغالطة فان ما نقله أولا من الاستباق

____________________

( ١ ) الحجرات : ٦ .

( ٢ ) النمل : ٢٧ .

( ٣ ) الطرائف و اللطائف للمقدسي : ٦٤ ، طبع حجري كتابة الخوانساري ١٢٨٦ ه .

( ٤ ) طه : ٨٤ .

٢٨٩

إلى الخيرات و ما نقله ثانيا من تضييع الفرصة و ليس واحد منهما من الاناة في شي‏ء فان الاناة و تركها في أمر لم يعلم عاقبته كعقوبة من لم يعلم جنايته و لعلّه يكشف بعد ترك الاناة فيه و عقوبته برائته فيكون قتل نفسا بغير حق و كما قالعليه‌السلام ( الحلم و الاناة نتيجة علو الهمة ) قالعليه‌السلام ( فان الفقر نتيجة الكسل و العجز روى ( الكافي ) في كراهة كسل معيشته عنهعليه‌السلام ان الأشياء لمّا ازدوجت ازدوج الكسل و العجز فنتجا بينهما الفقر )١ .

٢٧ الخطبة ( ٢٣٦ ) و من كلام لهعليه‌السلام يحثّ فيه أصحابه على الجهاد :

وَ اَللَّهُ مُسْتَأْدِيكُمْ شُكْرَهُ وَ مُوَرِّثُكُمْ أَمْرَهُ وَ مُمْهِلُكُمْ فِي مِضْمَارٍ مَحْدُودٍ لِتَتَنَازَعُوا سَبَقَهُ فَشُدُّوا عُقَدَ اَلْمَآزِرِ وَ اِطْوُوا فُضُولَ اَلْخَوَاصِرِ وَ لاَ تَجْتَمِعُ عَزِيمَةٌ وَ وَلِيمَةٌ مَا أَنْقَضَ اَلنَّوْمَ لِعَزَائِمِ اَلْيَوْمِ وَ أَمْحَى اَلظُّلَمَ لِتَذَاكِيرِ اَلْهِمَمِ وَ صَلَّى اَللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ اَلنَّبِيِّ اَلْأُمِيِّ ، وَ عَلَى آلِهِ مَصَابِيحِ اَلدُّجَى وَ اَلْعُرْوَةِ اَلْوُثْقَى ، وَ سَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا أقول : من الغريب عدم ذكر العنوان في ( ابن أبي الحديد ) هنا بل بعد ( ٢١٥ ) .

« و اللّه مستاديكم شكره » في ( الكافي ) عن الصادقعليه‌السلام مكتوب في التوراة « اشكر من أنعم عليك و انعم على من شكرك فانّه لا زوال للنعماء إذا شكرت و لا بقاء لها إذا كفرت و الشكر زيادة في النعم و امان من الغير » و قال

____________________

( ١ ) المصدر السابق : ٦٥ .

٢٩٠

تعالىو أما بنعمة ربك فحدّث ١ .

« و مورثكم أمره »وعد اللّه الذين آمنوا و عملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم و ليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم و ليبدلنهم من بعد خوفهم امنا يعبدونني لا يشركون بي شيئا .٢ .

« و ممهلكم في مضار محدود » هكذا في ( المصرية ) و الصواب ( و ممهلكم في مضمار ممدود ) كما في ( ابن ميثم و الخطّية ) .

« لتتنازعوا سبقه » .فاستبقوا الخيرات إلى اللّه مرجعكم جميعاً . سابقوا إلى مغفرة من ربكم و جنّة عرضها كعرض السماء و الأرض . .٣ هذا و في كامل الجزري لمّا ولّى المعتز يعقوب الصفار و علي بن شبل كرمان ليغلب احدهما الآخر أقبل يعقوب و طوّق بن المفلس من قبل علي بن شبل إليها و لم يقاتلا و ارتحل يعقوب بعد شهرين و أظهر الارتحال إلى سجستان فقعد طوق للأكل و الشرب و الملاهي و إذا هو بيعقوب قد قطع مرحلتين في يوم ففر أصحاب طوق و أسر هو فنزع خفه فتساقط منه كسر خبز يابسة فقال يا طوق هذا خفي لم أنزعه منذ شهرين من رجلي و خبزي فيه آكل منه و أنت جالس في الشراب .

« فشدوا عقد المآزر » « قوم إذا حاربوا شدّوا مآزرهم دون النساء و لو بانت باطهار » في ( الطبري ) لمّا كشف أمر إبراهيم بن عبد اللّه بن الحسن اهديت إلى المنصور امرأتان من المدينة احديهما فاطمة بنت محمد بن عيسى بن طلحة بن عبيد اللّه و الاخرى ام الكريم بنت عبد اللّه من ولد خالد بن أسيد بن أبي

____________________

( ١ ) الضحى : ١١ .

( ٢ ) النور : ٥٥ .

( ٣ ) الحديد : ٢١ .

٢٩١

العيص فلم ينظر إليهما فاتته ريسانة فقالت ان هاتين المرأتين قد خبثت أنفسهما و ساعت ظنونهما لمّا ظهر من جفائك لهما فنهرها و قال ليست هذه الأيام من أيام النساء لا سبيل لي إليهما حتى أعلم ارأس إبراهيم لي أم رأسي لإبراهيم١ .

« و اطووا فضول الخواصر » الخصر وسط الانسان وطي فضل الخواصر كناية عن ترك الافراط في الأكل في الكامل مات يعقوب بن الليث الصفار بجنديسابور من القولنج سنة ( ٢٦٥ ) كان الأطباء أمروه بالاحتقان فاختار الموت و كان المعتمد انفذ إليه رسولا يستميله و يقلده أعمال فارس فجعل عنده سيفا و رغيفا من الخبز الخشكار و بصلا و قال للرسول قل للمعتمد اني عليل فان مت استرحت أنا منك و أنت مني و ان عوفيت ليس بيني و بينك إلاّ هذا السيف أما آخذ ثأري و أما ارجع إلى هذا الخبز و البصل .

« و لا تجتمع عزيمة و وليمة » هكذا في ( المصرية ) و الصواب ( لا تجتمع عزيمة و وليمة ) كما في ( ابن ميثم ) فليس المقام مقام الوصل لأنّه كالتعليل لشدّ عقد المآزر و طي فضول الخواصر و في الجمهرة الوليمة طعام العرس و الوضيمة طعام المأتم و في الخبر إذا دعيتم إلى جنازة و وليمة أجيبوا الجنازة لأنها تذكّر الآخرة دون الوليمة فانها تذكر الدنيا .

« ما أنقض النوم لعزائم اليوم » كرره المصنف سهوا في ( ٤٣٠ ) هو و سابقه و لاحقه كالامثال .

« و أمحى الظلم لتذاكير الهمم » و قالوا في عكسه « كلام الليل يمحوه النهار » .

« و صلّى اللّه على سيّدنا محمّد النبي الامي و على آله مصابيح الدجى

____________________

( ١ ) تاريخ الامم و الملوك للطبري ٤ : ٤٧٢ ، دار الكتب العلمية ط ٢ ، ١٩٨٨ ، بيروت .

٢٩٢

و العروة الوثقى و سلم تسليما كثيرا » هكذا في ( المصرية ) و لكن في ( الخطّية ) بدله « و الحمد للّه كثيرا » و في ( ابن ميثم ) « و هذا آخر الخطب و الأوامر و يتلوه المختار من الكتب و الرسائل انشاء اللّه تعالى بمعونته و عصمته و توفيقه و هدايته » و الظاهر صحته حيث انّه المناسب و ان نسخته بخط مصنفه لكن ابن أبي الحديد لم ينقل عن المصنف شيئا أصلا فختم الخطب بعنوان ( هم عيش العلم ) ( ٢٣٤ ) .

٢٩٣

الفصل الرابع و الاربعون في ذمائم الصفات

٢٩٤

١ الحكمة ( ٢ ) و قالعليه‌السلام :

أَزْرَى بِنَفْسِهِ مَنِ اِسْتَشْعَرَ اَلطَّمَعَ وَ رَضِيَ بِالذُّلِّ مَنْ كَشَفَ عَنْ ضُرِّهِ وَ هَانَتْ عَلَيْهِ نَفْسُهُ مَنْ أَمَّرَ عَلَيْهَا لِسَانَهُ أقول : قالعليه‌السلام هذا الكلام مع زيادات ، للأشتر ففي ( تحف العقول لابن أبي شعبة الحلبي ) قالعليه‌السلام للأشتر : يا مالك احفظ عنّي هذا الكلام و عه ، يا مالك بخس مروّته من ضعف يقينه ، و أزرى بنفسه من استشعر الطّمع .

و رضي الذّلّ من كشف ضرّه ، و هانت عليه نفسه من اطلع على سرّه ، و أهلكها من أمّر عليه لسانه١ .

« أزرى بنفسه » أي : تهاون بها .

« من استشعر الطمع » أي : جعله شعارا له .

____________________

( ١ ) تحف العقول لابن أبي شعبة : ٢٠١ ٢٠٢ .

٢٩٥

في ( الكافي ) عن أبي جعفرعليه‌السلام : بئس العبد عبد له طمع يقوده ، و بئس العبد عبد له رغبة تذله١ .

و عن السجادعليه‌السلام : رأيت الخير كلّه قد اجتمع في قطع الطمع عمّا في أيدي النّاس٢ .

و في ( الأغاني ) : لمّا ولي خالد بن عتاب الرياحي إصبهان خرج إليه أعشى همدان و كان صديقه بالكوفة فلم يجد عنده ما يحبّ ، فقال يهجوه :

و ما كنت ممّن ألجأته خصاصة

إليك و لا ممّن تغر المواعد

و لكنّها الأطماع و هي مذلّة

دنت بي و أنت النازح المتباعد٣

في ( الحلية ) : مر فتح الموصلي بصبيين مع أحدهما كسرة عليها عسل و مع الآخر كسرة عليها كامخ ، فقال للذي على خبزه العسل : أطعمني من خبزك قال : إن كنت كلبا لي قال : نعم فأطعمه و جعل في فمه خيطا و جعل يقوده ، فقال فتح : لو رضيت بخبزك ما كنت كلبا٤ لهذا قال الشاعر :

كلفني حبي للدراهم

و قلّة البقوى على المغارم

خدمة من لست له بخادم

و لبعضهم :

إنّ الجديدين في طول اختلافهما

لا يفسدان و لكن يفسد الناس

لا يطمعا طمعا يدني إلى طبع

إنّ المطامع فقر و الغنى الياس

للناس مال و لي مالان مالهما

إذا تحارس أهل المال حراس

مالي الرضا بالذي أصبحت أملكه

و مالي اليأس ممّا يملك الناس

____________________

( ١ ) الكافي للكليني ٣ : ٣٢٠ .

( ٢ ) الكافي ٢ : ١٤٨ ح ٣ .

( ٣ ) الأغاني ٦ : ٤٥ .

( ٤ ) حلية الأولياء ٨ : ٢٩٣ .

٢٩٦

« و رضي بالذل من كشف عن ضرّه » قال ابن أبي الحديد : سمع الأحنف رجلا يقول : لم أنم الليلة من وجع ضرسي و جعل يكثر فقال : يا هذا لم تكثر ؟

فو اللّه لقد ذهبت عيني منذ ثلاثين سنة فما شكوت ذلك إلى أحد و لا أعلمت بها أحدا١ .

« و هانت عليه نفسه من أمر عليها لسانه » في ( الأغاني ) : مر مروان بن أبي حفصة برجل من تيم اللات بن ثعلبة يعرف بالجني ، فقال له مروان : زعموا أنّك تقول الشعر فقال له : إن شئت عرفتك ذلك فقال له مروان : ما أنت و الشعر ؟ ما أرى من طريقك و لا مذهبك و لا تقوله فقال له الجني : اجلس و اسمع فجلس ، فقال له الجني يهجوه :

ثوى اللؤم في العجلان يوما و ليلة

و في دار مروان ثوى آخر الدهر

غدا اللؤم يبغي مطرحا لرحاله

فنقب في بر البلاد و في البحر

فلما أتى مروان خيم عنده

و قال رضينا بالمقام إلى الحشر

و ليس لمروان على العرس غيرة

و لكن مروانا يغار على القدر

فقال له مروان : ناشدتك اللّه إلاّ كففت ، فأنت أشعر الناس فحلف الجني بالطلاق ثلاثا انّه لا يكفّ حتى يصير إليه بنفر من رؤساء أهل اليمامة ثم يقول بحضرتهم : « قاق في استي بيضة » ، فجلبهم إليه مروان و فعل ذلك بحضرتهم ،

فانصرفوا و هم يضحكون من فعله و قال بعضهم : اللّسان أجرح جوارح الإنسان٢ .

____________________

( ١ ) شرح ابن أبي الحديد ١٨ : ٨٤ .

( ٢ ) الأغاني ١٠ : ٩٢ ٩٣ .

٢٩٧

٢ الكتاب ( ٧٩ ) و من كتاب لهعليه‌السلام لمّا استخلف إلى أمراء الأجناد :

أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّمَا أَهْلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ أَنَّهُمْ مَنَعُوا اَلنَّاسَ اَلْحَقَّ فَاشْتَرَوْهُ وَ أَخَذُوهُمْ بِالْبَاطِلِ فَاقْتَدَوْهُ كتبعليه‌السلام ذلك إليهم لأن أمراء الأجناد كانوا أيام عثمان مقتدرين على منع حق الناس و أخذهم بالباطل .

« أمّا بعد فانّما اهلك من كان قبلكم انّهم منعوا الناس الحق فاشتروه » يعني إن كنتم كذلك ، تهلكون كما هلك من كان قبلكم بذلك و المراد أنّ النّاس صاروا مضطرين إلى شراء حقوقهم منهم .

« و اخذوهم بالباطل فاقتدوه » هكذا « فاقتدوه » بالقاف في النسخ ، و قال ابن أبي الحديد : المراد أنّ الخلف اقتدوا بآبائهم الذين أخذوا بالباطل في ارتكاب الباطل ظنّا انّه حق لما نشؤوا عليه١ .

قلت : اللفظ لا يفيد ما قال و المعنى لا يجيزه ، لأنّهعليه‌السلام في مقام ذم الامراء دون الرعايا ، و الصواب : أن يقال : « اقتدوه » محرّف « افتدوه » بالفاء ، أي : أعطوا الفدية لئلا يؤخذ بالباطل و منه يظهر أيضا ما في قول ابن أبي الحديد و روي « فاستروه » بالسين أي : اختاروه و الفاعل الظلمة٢ .

أي : منعوا النّاس حقّهم من المال و اختاروه لأنفسهم ، فإنّ ما قاله كالمثلة للكلام و المرام .

هذا ، و في ( اليعقوبي ) : قال الزهري : كنت يوما عند عمر بن عبد العزيز إذ أتاه كتاب من عامل له كتب أنّ مدينته تحتاج إلى مرمة ، فقلت له : إنّ بعض

____________________

( ١ ) شرح ابن أبي الحديد ١٨ : ٧٧ .

( ٢ ) شرح ابن أبي الحديد ١٨ : ٧٧ .

٢٩٨

عمّال عليّعليه‌السلام كتب إليه بمثل هذا ، فكتبعليه‌السلام في جوابه : « أمّا بعد فحصّنها بالعدل و نقّ طرقها من الجور » فكتب عمر بن عبد العزيز أيضا ذلك في جواب عامله١ .

٣ الحكمة ( ٣ ) و قالعليه‌السلام :

اَلْبُخْلُ عَارٌ وَ اَلْجُبْنُ مَنْقَصَةٌ وَ اَلْفَقْرُ يُخْرِسُ اَلْفَطِنَ عَنْ حُجَّتِهِ وَ اَلْمُقِلُّ غَرِيبٌ فِي بَلْدَتِهِ وَ اَلْعَجْزُ آفَةٌ وَ اَلصَّبْرُ شَجَاعَةٌ وَ اَلزُّهْدُ ثَرْوَةٌ وَ اَلْوَرَعُ جُنَّةٌ أقول : نقله ( التحف ) كالأول جزء وصيته للأشتر مع زيادات ، و فيه بدل قوله « و الزهد ثروة » : « و الشكر ثروة »٢ .

ثم ان ابن أبي الحديد جعل هذا عنوانين ، الأول إلى قوله « في بلدته » و بالعكس جعل ابن ميثم ستة من عناوين المتن من الثاني إلى السابع عنوانا واحدا ، و هو الأصح حيث إنّ نسخة ابن ميثم بخط المصنّف ، و لأنّ الجميع وصيتهعليه‌السلام للأشتر كما يفهم من ( التحف )٣ .

« البخل عار » قال الرضاعليه‌السلام : البخيل بعيد من اللّه بعيد من الجنّة قريب من النار٤ .

كان محمد بن يحيى البرمكي بخيلا بخلاف باقي بيته ، و قال أبوه لأحد خواصّه سوءة له : أنت خاص به و ثوبك مخرق ؟ قال : و اللّه ما أقدر على إبرة

____________________

( ١ ) تاريخ اليعقوبي ٢ : ٣٠٦ .

( ٢ ) التحف : ١٣٨ .

( ٣ ) شرح ابن أبي الحديد ١٨ : ٨٧ الحكمة ( ٣ ) ، و ابن ميثم ٥ : ٢٣٨ ( جزء من الحكمة ٢ ) .

( ٤ ) بحار الأنوار للمجلسي ٧١ : ٣٥٢ ، ح ٧ .

٢٩٩

أخيطه بها ، و لو ملك محمد بيتا من بغداد إلى النوبة مملوا إبرا ثم جاءه جبرئيل و ميكائيل و معهما يعقوب النبي يضمنان له عنه إبرة و يسألانه إعارته إيّاها ليخيط بها قميص يوسف الذي قدّ من دبره ، ما فعل قال : فصف مائدته قال :

هي فتر في فتر ، و صحافه منقورة من حب الخشخاش و بين نديمه و بين الرغيف نقدة جوزة قال : فمن يحضره ؟ قال : الكرام الكاتبون قال : فمن يأكل معه ؟ قال : الذباب .

و في ( العيون ) : كان عمر بن يزيد الأسدي على شرطة الحجاج فأصابه قولنج فحقنه الطبيب بدهن كثير فانحل بطنه في الطست ، فقال الغلام : ما تصنع به ؟ قال : أصبه قال : لا ، و لكن ميّز منه الدهن ، و استصبح به١ .

و قيل : لو لم يكن في ذمّة إلاّ قوله تعالى :و لا يحسبن الذين يبخلون بما آتاهم اللّه من فضله هو خيرا لهم بل هو شرّ لهم سيطوقون ما بخلوا به يوم القيامة . .٢ لكفى .

و قالوا : أبخل الناس بماله أجودهم بعرضه .

و قال عبد الملك لمصعب : لا يسود أخوك لثلاث : لبخله و عجبه و استبداده٣ .

و قال الشاعر :

لا يسود امرؤ بخيل و لو

مس بيافوخه عنان السماء٤

و في ( بخلاء الجاحظ ) بعد ذكر حبّ الناس للجواد و مدحهم له و إفراطهم فيه : ثم وجدنا هؤلاء بأنعاتهم للبخيل على ضدّ هذه الصفة و على خلاف هذا

____________________

( ١ ) لا وجود له في عيون الأخبار ، بل هو موجود في البخلاء للجاحظ : ٣١٥ .

( ٢ ) آل عمران : ١٨٠ .

( ٣ ) شرح ابن أبي الحديد ٢٠ : ٣٢٨ .

( ٤ ) الظرئف و اللطائف للثعلبي : ٧٢ .

٣٠٠