بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة الجزء ١٣

بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة9%

بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة مؤلف:
تصنيف: أمير المؤمنين عليه السلام
الصفحات: 617

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤
  • البداية
  • السابق
  • 617 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 194192 / تحميل: 7310
الحجم الحجم الحجم
بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة

بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة الجزء ١٣

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

شرائطها التي منها الاعتماد على الحسّ دون الحدس. وهو شرط اتّفق عليه العلماء ، ومن المعلوم عدم تحقّق هذا الشَّرط ، لعدم تعاصر المعدِّل ( بالكسر ) والمعدَّل ( بالفتح ) غالباً.

والجواب أنَّه يشترط في الشهادة ، أن يكون المشهود به أمراً حسّياً أو تكون مبادئه قريبة من الحسّ وإن لم يكن بنفسه حسّياً ، وذلك مثل العدالة والشّجاعة فإنَّهما من الأُمور غير الحسيّة ، لكن مبادئها حسّية من قبيل الالتزام بالفرائض والنوافل ، والاجتناب عن اقتراف الكبائر في العدالة ، وقرع الأبطال في ميادين الحرب ، والاقدام على الأُمور الخطيرة بلا تريُّث واكتراث في الشجاعة.

وعلى ذلك فكما يمكن إحراز عدالة المعاصر بالمعاشرة ، اوبقيام القرائن والشَّواهد على عدالته ، أو شهرته وشياعه بين الناس ، على نحو يفيد الاطمئنان ، فكذلك يمكن إحراز عدالة الراوي غير المعاصر من الاشتهار والشياع والأمارات والقرائن المنقولة متواترة عصراً بعد عصر ، المفيدة للقطع واليقين أو الاطمئنان.

ولا شكَّ أنَّ الكشّي والنجاشي والشيخ ، بما أنَّهم كانوا يمارسون المحدِّثين والعلماء ـ بطبع الحال ـ كانوا واقفين على أحوال الرواة وخصوصيّاتهم ومكانتهم من حيث الوثاقة والضبط ، فلأجل تلك القرائن الواصلة اليهم من مشايخهم وأكابر عصرهم ، إلى أن تنتهي إلى عصر الرواة ، شهدوا بوثاقة هؤلاء.

وهناك جواب آخر ؛ وهو أنَّ من المحتمل قويّاً أن تكون شهاداتهم في حق الرواة ، مستندة إلى السَّماع من شيوخهم ، إلى أن تنتهي إلى عصر الرواة ، وكانت الطّبقة النهائيَّة معاشرة لهم ومخالطة إيّاهم.

وعلى ذلك ، لم يكن التَّعديل أو الجرح أمراً ارتجاليّاً ، بل كان مستنداً ، إمّا إلى القرائن المتواترة والشواهد القطعية المفيدة للعلم بعدالة الراوي أو

٤١

ضعفه ، أو إلى السَّماع من شيخ إلى شيخ آخر.

وهناك وجه ثالث ؛ وهو رجوعهم إلى الكتب المؤلفة في العصور المتقدّمة عليهم ، التي كان أصحابها معاصرين للرواة ومعاشرين لهم ، فإنَّ قسماً مهمّاً من مضامين الأصول الخمسة الرجاليّة ، وليدة تلك الكتب المؤلّفة في العصور المتقدّمة.

فتبيَّن أنَّ الأعلام المتقدّمين كانوا يعتمدون في تصريحاتهم بوثاقة الرَّجل ، على الحسّ دون الحدس وذلك بوجوه ثلاثة :

1 ـ الرجوع إلى الكتب التي كانت بأيديهم من علم الرجال التي ثبتت نسبتها إلى مؤلّفيها بالطّرق الصحيحة.

2 ـ السَّماع من كابر عن كابر ومن ثقة عن ثقة.

3 ـ الاعتماد على الاستفاضة والاشتهار بين الأصحاب وهذا من أحسن الطّرق وأمتنها ، نظير علمنا بعدالة صاحب الحدائق وصاحب الجواهر والشيخ الأنصاري وغيرهم من المشايخ عن طريق الاستفاضة والاشتهار في كل جيل وعصر ، إلى أن يصل إلى زمان حياتهم وحينئذ نذعن بوثاقتهم وإن لم تصل الينا بسند خاصّ.

ويدلّ على ذلك ( أي استنادهم إلى الحسّ في التوثيق ) مانقلناه سالفاً عن الشيخ ، من أنّا وجدنا الطائفة ميَّزت الرجال الناقلة ، فوثّقت الثّقات وضعَّفت الضعفاء ، وفرَّقوا بين من يعتمد على حديثه وروايته ، ومن لا يعتمد على خبره ـ إلى آخر ما ذكره.(1)

ولاجل أن يقف القارئ على أنَّ أكثر ما في الأُصول الخمسة الرجالية ـ لا جميعها ـ مستندة إلى شهادة من قبلهم من الاثبات في كتبهم في حق الرواة ،

__________________

1 ـ لاحظ عدة الأُصول : 1 / 366.

٤٢

نذكر في المقام أسامي ثلّة من القدماء ، قد ألَّفوا في هذا المضمار ، ليقف القارئ على نماذج من الكتب الرجاليَّة المؤلَّفة قبل الأُصول الخمسة أو معها ولنكتف بالقليل عن الكثير.

1 ـ الشيخ الصدوق أبو جعفر محمَّد بن عليّ بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي ( المتوفّى 381 هـ ) ، ترجمه النجاشي ( الرقم 1049 ) وعدَّ من تصانيفه كتاب « المصابيح » في من روى عن النبي والأئمةعليهم‌السلام وله ايضاكتاب « المشيخة » ذكر فيه مشايخه في الرجال وهم يزيدون عن مائتي شيخ ، طبع في آخر « من لايحضره الفقيه »(1) .

2 ـ الشيخ أبو عبد الله أحمد بن عبد الواحد البزاز المعروف بـ « ابن عبدون » ( بضم العين المهملة وسكون الباء الموحدة ) ، كما في رجال النجاشي ( الرقم 211 ) وبـ « ابن الحاشر » كما في رجال الشيخ(2) ، والمتوفّى سنة 423 هـ وهو من مشايخ الشيخ الطوسي والنجاشي وله كتاب « الفهرس ». أشار إليه الشيخ الطوسي في الفهرس في ترجمة إبراهيم بن محمد بن سعيد الثقفي(3) .

3 ـ الشيخ أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد المعروف بـ « ابن عقدة » ( بضم العين المهملة وسكون القاف ، المولود سنة 249 هـ والمتوفّى سنة 333 هـ ) له كتاب « الرجال » وهو كتاب جمع فيه أسامي من روى عن جعفر بن محمدعليهما‌السلام وله كتاب آخر في هذا المضمار جمع فيه أسماء الرواة عمن تقدم على الإمام الصّادق من الأئمّة الطاهرينعليهم‌السلام .(4)

__________________

1 ـ ترجمة الشيخ في الرجال ، في الصفحة 495 ، الرقم 25 وفي الفهرس « الطبعة الأولى » الصفحة 156 ، تحت الرقم 695 ، وفي « الطبعة الثانية » الصفحة 184 ، تحت الرقم 709.

2 ـ رجال الشيخ : 450 ، ترجمه الشيخ بـ « أحمد بن حمدون ».

3 ـ الفهرس : 4 ـ 6 ، « الطبعة الأولى » ، تحت الرقم 7 و « الطبعة الثانية » : 27 ـ 29.

4 ـ ذكره الشيخ في الرجال : 44 ، الرقم 30 وفي الفهرس « الطبعة الأولى » ص 28 ،

٤٣

4 ـ أحمد بن علي العلويّ العقيقيّ ( المتوفى عام 280 هـ ) له كتاب « تاريخ الرجال » وهو يروي عن أبيه ، عن إبراهيم بن هاشم القمي.(1)

5 ـ أحمد بن محمّد الجوهري البغدادي ، ترجمه النجاشي ( الرقم 207 ) والشيخ الطوسي(2) وتوفّي سنة 401 هـ ، ومن تصانيفه « الاشتمال في معرفة الرجال ».

6 ـ الشيخ أبو العباس أحمد بن محمّد بن نوح ، ساكن البصرة له كتاب « الرجال الذين رووا عن أبي عبد اللهعليه‌السلام »(3) .

7 ـ أحمد بن محمَّد القمي ( المتوفى سنة 350 هـ ) ترجمه النجاشي ( الرقم 223 ) ، له كتاب « الطبقات ».

8 ـ أحمد بن محمَّد الكوفي ، ترجمه النجاشي ( الرقم 236 ) وعدَّ من كتبه كتاب « الممدوحين والمذمومين »(4) .

9 ـ الحسن بن محبوب السرّاد ( بفتح السين المهملة وتشديد الراء ) أو الزرّاد ( المولود عام 149 هـ ، والمتوفّى عام 224 هـ ) روى عن ستّين رجلاً من

__________________

تحت الرقم 76 ، وفي « الطبعة الثانية » ص 52 ، تحت الرقم 86 ، وذكر في رجال النجاشي تحت الرقم 233.

1 ـ ترجمه النجاشي في رجاله ، تحت الرقم 196 ، والشيخ في الفهرس « الطبعة الأولى » الصفحة 24 ، تحت الرقم 63 ، وفي « الطبعة الثانية » الصفحة 48 ، تحت الرقم 73 ، وفي الرجال في الصفحة 453 ، الرقم 90.

2 ـ رجال الشيخ : 449 ، الرقم 64 ، والفهرس « الطبعة الأولى » الصفحة 33 ، تحت الرقم 89 ، وفي « الطبعة الثانية » الصفحة 57 ، تحت الرقم 99.

3 ـ ترجمه الشيخ في رجاله : 456 ، الرقم 108 وفي الفهرس « الطبعة الأولى » الصفحة 37 ، تحت الرقم 107 ، وفي « الطبعة الثانية » الصفحة 61 ، تحت الرقم 117.

4 ـ ذكره الشيخ في الرجال : 454 ، وقال في الفهرس « الطبعة الأولى » بعد ترجمته في الصفحة 29 ، تحت الرقم 78 : « توفي سنة 346 هـ » ويكون في « الطبعة الثانية » من الفهرس في الصفحة 53 ، تحت الرقم 88.

٤٤

اصحاب الصادقعليه‌السلام وله كتاب « المشيخة » وكتاب « معرفة رواة الأخبار »(1) .

10 ـ الفضل بن شاذان ، الّذي يُعدُّ من أئمّة علم الرجال وقد توفّي بعد سنة 254 هـ ، وقيل 260 هـ ، وكان من أصحاب الرضا والجواد والهاديعليهم‌السلام وتوفّي في أيام العسكريعليه‌السلام (2) ينقل عنه العلاّمة في الخلاصة في القسم الّثاني في ترجمة « محمد بن سنان » ـ بعد قوله : والوجه عندي التوقّف فيما يرويه ـ « فإنَّ الفضل بن شاذان ـ رحمهما الله ـ قال في بعض كتبه : إنَّ من الكذّابين المشهورين ابن سنان »(3) .

إلى غير ذلك من التآليف للقدماء في علم الرِّجال وقد جمع أسماءها وما يرجع اليها من الخصوصيّات ، المتتبع الشيخ آغا بزرگ الطهراني في كتاب أسماه « مصفى المقال في مصنّفي علم الرجال »(4) .

والحاصل ، أنّ التتبّع في أحوال العلماء المتقدّمين ، يشرف الإنسان على الاذعان واليقين بأنَّ التوثيقات والتضعيفات الواردة في كتب الأعلام الخمسة وغيرها ، يستند إمّا إلى الوجدان في الكتاب الثّابتة نسبته إلى مؤلّفه ، أو إلى النّقل والسّماع ، أو إلى الاستفاضة والاشتهار ، أو إلى طريق يقرب منها.

__________________

1 ـ راجع رجال الشيخ الطوسي : 347 ، الرقم 9 والصفحة 372 ، الرقم 11 والفهرس « الطبعة الأولى » الصفحة 46 ، تحت الرقم 151 ، وفي « الطبعة الثانية » الصفحة 72 ، تحت الرقم 162.

2 ـ ذكره النجاشي في رجاله تحت الرقم 840 والشيخ في الفهرس « الطبعة الأولى » الصفحة 124 ، تحت الرقم 552 ، وفي « الطبعة الثانية » الصفحة 150 ، تحت الرقم 564 ، وفي الرجال في الصفحة 420 ، الرقم 1 ، والصفحة 434 ، الرقم 2.

3 ـ الخلاصة : 251 ، طبع النجف.

4 ـ طبع الكتاب عام 1378.

٤٥

السابع : التوثيق الإجمالي

إنَّ الغاية المُتوخّاة من علم الرجال ، هو تمييز الثِّقة عن غيره ، فلو كانت هذه هي الغاية منه ، فقد قام مؤلّف الكتب الأربعة بهذا العمل ، فوثَّقوا رجال أحاديثهم واسناد رواياتهم على وجه الاجمال دون التَّفصيل ، فلو كان التَّوثيق التفصيلي من نظراء النَّجاشي والشَّيخ وأضرابهما حجَّة ، فالتَّوثيق الاجمالي من الكليني والصَّدوق والشيخ أيضاً حجَّة ، فهؤلاء الأقطاب الثَّلاثة ، صحَّحوا رجال أحاديث كتبهم وصرَّحوا في ديباجتها بصحّة رواياتها.

يقول المحقّق الكاشاني في المقدّمة الثانية من مقدّمات كتابه « الوافي » في هذا الصَّدد ، ما هذا خلاصته(1) : « إنَّ أرباب الكتب الأربعة قد شهدوا على صحَّة الروايات الواردة فيها. قال الكليني في أوَّل كتابه في جواب من التمس منه التَّصنيف : « وقلت : إنَّك تحبُّ أن يكون عندك كتاب كاف يجمع من جميع فنون علم الدّين ما يكتفي به المتعلم ، ويرجع إليه المسترشد ، ويأخذ منه مَنْ يُريد علم الدين والعمل به بالآثار الصحيحة عن الصادقين ، والسنن القائمة التي عليها العمل وبها يؤدّي فرض الله وسنّة نبيّه إلى أن قالقدس‌سره : وقد يسَّر الله له الحمد تأليف ما سألت ، وأرجو أن يكون بحيث توخَّيت ». وقال الصَّدوق في ديباجة « الفقيه » : « إنّي لم أقصد فيه قصد المصنّفين في إيراد جميع ما رووه ، بل قصدت إلى إيراد ما أفتي به وأحكم بصحّته ، وأعتقد فيه أنَّه حجَّة فيما بيني وبين ربي ـ تقدَّس ذكره ـ ، وجميع ما فيه مستخرج من كتب مشهورة عليها المُعوَّل وإليها المرجع ». وذكر الشيخ في « العدّة » أنَّ جميع ما أورده في كتابيه ( التهذيب والاستبصار ) ، إنَّما أخذه من الأُصول المعتمد عليها.

والجواب : أنَّ هذه التَّصريحات أجنبيَّة عمّا نحن بصدده ، أعني وثاقة

__________________

1 ـ الوافي : 1 / 11 ، المقدمة الثانية.

٤٦

رواة الكتب الأربعة.

أَمّا أوّلاً : فلأن المشايخ شهدوا بصحَّة روايات كتبهم ، لا بوثاقة رجال رواياتهم ، وبين الأمرين بون بعيد ، وتصحيح الروايات كما يمكن أن يكون مستنداً إلى إحراز وثاقة رواتها ، يمكن أن يكون مستنداً إلى القرائن المنفصلة التي صرّح بها المحقّق البهائي في « مشرق الشمسين » والفيض الكاشاني في « الوافي » ومع هذا كيف يمكن القول بأنَّ المشايخ شهدوا بوثاقة رواة أحاديث كتبهم؟ والظّاهر كما هو صريح كلام العَلَمين ، أنَّهم استندوا في التَّصحيح على القرائن لا على وثاقة الرواة ، ويدلّ على ذلك ما ذكره الفيض حول هذه الكلمات ، قالقدس‌سره بعد بيان اصطلاح المتأخّرين في تنويع الحديث المعتبر : « وسلك هذا المسلك العلاّمة الحلّيرحمه‌الله وهذا الاصطلاح لم يكن معروفاً بين قدمائنا ـ قدس الله أرواحهم ـ كما هو ظاهر لمن مارس كلامهم ، بل كان المتعارف بينهم إطلاق الصحيح على كلِّ حديث اعتضد بما يقتضي الاعتماد عليه ، واقترن بما يوجب الوثوق به ، والركون إليه (1) كوجوده في كثير من الأُصول الأربعمائة المشهورة المتداولة بينهم التي نقلوها عن مشايخهم بطرقهم المتّصلة بأصحاب العصمةعليهم‌السلام (2) وكتكرّره في أصل أو أصلين منها فصاعداً بطرق مختلفة ـ وأسانيد عديدة معتبرة (3) وكوجوده في أصل معروف الانتساب إلى أحد الجماعة الّذين أجمعوا على تصديقهم ، كزرارة ومحمَّد بن مسلم والفضيل بن يسار (4) ، أو على تصحيح مايصحّ عنهم ، كصفوان بن يحيى ، ويونس بن عبد الرّحمن ، وأحمد بن محمَّد بن أبي نصر البزنطي (5) ، أو العمل بروايتهم ، كعمار الساباطي ونظرائه (6) وكاندراجه في أحد الكتب التي عرضت على أحد الأئمّة المعصومينعليهم‌السلام فأثنوا على مؤلّفيها ، ككتاب عبيد الله الحلبي الّذي عرض على الصّادقعليه‌السلام وكتابي يونس بن عبد الرحمن والفضل بن شاذان المعروضين على العسكريعليه‌السلام (7) وكأخذه من أحد الكتب التي شاع

٤٧

بين سلفهم الوثوق بها والاعتماد عليها ، سواء كان مؤلّفوها من الإماميّة ، ككتاب الصَّلاة لحريز بن عبد الله السجستاني وكتب ابني سعيد ، وعليّ بن مهزيار ، أو من غير الإماميّة ، ككتاب حفص بن غياث القاضي ، والحسين بن عبيد الله السعدي ، وكتاب القبلة لعلي بن الحسن الطاطري إلى أن قال : فحكموا بصحَّة حديث بعض الرواة من غير الإماميّة كعليّ بن محمد بن رياح وغيره لما لاح لهم من القرائن المقتضية للوثوق بهم والاعتماد عليهم ، وإن لم يكونوا في عداد الجماعة الَّذين انعقد الاجماع على تصحيح ما يصحّ عنهم إلى أن قال : فإن كانوا لا يعتمدون على شهادتهم بصحَّة كتبهم فلا يعتمدوا على شهادتهم وشهادة أمثالهم من الجرح والتعديل إلى أن قال : نعم ، إذا تعارض الخبران المعتمد عليهما على طريقة القدماء فاحتجنا إلى الترَّجيح بينهما ، فعلينا أن نرجع إلى حال رواتهما في الجرح والتعَّديل المنقولين عن المشايخ فيهم ونبني الحكم على ذلك كما اُشير إليه في الأخبار الواردة في التراجيح بقولهمعليهم‌السلام « فالحكم ما حكم به أعدلهما وأورعهما واصدقهما في الحديث » وهو أحد وجوه التّراجيح المنصوص عليها ، وهذا هو عمدة الأسباب الباعثة لنا على ذكر الأسانيد في هذا الكتاب »(1) .

وثانياً : سلَّمنا أنَّ منشأ حكمهم بصحَّتها هو الحكم بوثاقة رواتها ، لكن من أين نعلم أنَّهم استندوا في توثيقهم إلى الحسِّ ، إذ من البعيد أن يستندوا في توثيق هذا العدد الهائل من الرواة الواردة في هذه الكتب إلى الحسّ ، بل من المحتمل قويّاً ، أنَّهم استندوا إلى القرائن التي يستنبط وثاقتهم منها ، ومثله يكون حجَّة للمستنبط ولمن يكون مثله في حصول القرائن.

وثالثاً : نفترض كونهم مستندين في توثيق الرُّواة إلى الحسِّ ، ولكنَّ الأخذ بقولهم إنَّما يصحّ لو لم تظهر كثرة أخطائهم ، فإنَّ كثرتها تسقط قول

__________________

1 ـ الوافي : 1 / 11 ـ 12 ، المقدمة الثانية.

٤٨

المخبر عن الحجّية في الإخبار عن حسٍّ أيضاً ، فكيف في الاخبار عن حدس. مثلاً إنَّ كثيراً من رواة الكافي ضعّفهم النجاشي والشيخ ، فمع هذه المعارضة الكثيرة يسقط قوله عن الحجّية. نعم ، إن كانت قليلة لكان لاعتبار قوله وجه. وإنَّ الشيخ قد ضعَّف كثيراً من رجال « التهذيب والاستبصار » في رجاله وفهرسه ، فكيف يمكن أن يعتمد على ذلك التَّصحيح.

فظهر أنَّه لا مناص عن القول بالحاجة إلى علم الرجال وملاحظة أسناد الروايات ، وأنَّ مثل هذه الشهادات لا تقوم مكان توثيق رواة تلك الكتب.

الثامن : شهادة المشايخ الثلاثة

إذا شهد المشايخ الثلاثة على صحَّة روايات كتبهم ، وأنَّها صادرة عن الأئمّة بالقرائن التي أشار إليه المحقّق الفيض ، فهل يمكن الاعتماد في هذا المورد على خبر العدل أو لا؟

الجواب : أنَّ خبر العدل وشهادته إنَّما يكون حجَّة إذا أخبر عن الشَّيء عن حسٍّ لا عن حدس ، والاخبار عنه بالحدس لا يكون حجَّة إلا على نفس المخبر ، ولا يعدو غيره إلا في موارد نادرة ، كالمفتي بالنّسبة إلى المستفتي. وإخبار هؤلاء عن الصُّدور إخبار عن حدس لا عن حسٍّ.

توضيح ذلك ؛ أنَّ احتمال الخلاف والوهم في كلام العادل ينشأ من أحد أمرين :

الأوّل : التعمُّد في الكذب وهو مرتفع بعدالته.

الثاني : احتمال الخطأ والاشتباه وهو مرتفع بالأصل العقلائي المسلَّم بينهم من أصالة عدم الخطأ والاشتباه ، لكن ذاك الأصل عند العقلاء مختصٌّ بما إذا أخبر بالشيء عن حسٍّ ، كما إذا أبصر وسمع ، لا ما إذا أخبر عنه عن حدس ، واحتمال الخطأ في الإبصار والسَّمع مرتفع بالأصل المسلَّم بين العقلاء ، وأمّا احتمال الخطأ في الحدس والانتقال من المقدّمة إلى النتيجة ،

٤٩

فليس هنا أصل يرفعه ، ولأجل ذلك لا يكون قول المحدس حجَّة الا لنفسه.

والمقام من هذا القبيل ، فإنَّ المشايخ لم يروا بأعينهم ولم يسمعوا بآذانهم صدور روايات كتبهم ، وتنطّق أئمّتهم بها ، وإنَّما انتقلوا إليه عن قرائن وشواهد جرَّتهم إلى الاطمئنان بالصّدور ، وهو إخبار عن الشيء بالحدس ، ولا يجري في مثله أصالة عدم الخطأ ولايكون حجَّة في حق الغير.

وإن شئت قلت : ليس الانتقال من تلك القرائن إلى صحَّة الروايات وصدورها أمراً يشترك فيه الجميع أو الأغلب من النّاس ، بل هو أمر تختلف فيه الأنظار بكثير ، فرُبَّ إنسان تورثه تلك القرائن اطمئناناً في مقابل إنسان آخر ، لا تفيده إلا الظنَّ الضعيف بالصحَّة والصدور ، فإذن كيف يمكن حصول الاطمئنان لأغلب النّاس بصدور جميع روايات الكتب الأربعة التي يناهز عددها ثلاثين ألف حديث ، وليس الإخبار عن صحَّتها كالاخبار عن عدالة إنسان أو شجاعته ، فإنَّ لهما مبادئ خاصَّة معلومة ، يشترك في الانتقال عنها إلى ذينك الوصفين أغلب الناس أو جميعهم ، فيكون قول المخبر عنهما حجَّة وإن كان الإخبار عن حدس ، لأنَّه ينتهي إلى مبادئ محسوسة ، وهي ملموسة لكلّ من أراد أن يتفحَّص عن أحوال الإنسان. ولا يلحق به الإخبار عن صحِّة تلك الروايات ، مستنداً إلى تلك القرائن التي يختلف الناس في الانتقال عنها إلى الصحَّة إلى حدٍّ ربَّما لا تفيد لبعض الناس إلا الظّنَّ الضَّعيف. وليس كلُّ القرائن من قبيل وجود الحديث في كتاب عرض على الإمام ونظيره ، حتّى يقال إنَّها من القرائن الحسيّة ، بل أكثرها قرائن حدسية.

فان قلت : فلو كان إخبارهم عن صحَّة كتبهم حجَّة لأنفسهم دون غيرهم ، فما هو الوجه في ذكر هذه الشهادات في ديباجتها؟

قلت : إنَّ الفائدة لا تنحصر في العمل بها ، بل يكفي فيها كون هذا الإخبار باعثاً وحافزاً إلى تحريك الغير لتحصيل القرائن والشواهد ، لعلَّه يقف

٥٠

أيضاً على مثل ما وقف عليه المؤلِّف وهو جزء علَّة لتحصيل الرُّكون لا تمامها.

ويشهد بذلك أنَّهم مع ذاك التَّصديق ، نقلوا الروايات بإسنادها حتّى يتدبَّر الآخرون في ما ينقلونه ويعملوا بما صحَّ لديهم ، ولو كانت شهادتهم على الصحَّة حجَّة على الكلّ ، لما كان وجه لتحمّل ذاك العبء الثقيل ، أعني نقل الروايات بإسنادها. كلّ ذلك يعرب عن أنَّ المرمى الوحيد في نقل تلك التصحيحات ، هو إقناع أنفسهم وإلفات الغير إليها حتّى يقوم بنفس ما قام به المؤلّفون ولعلَّه يحصِّل ما حصَّلوه.

٥١
٥٢

الفصل الثالث

المصادر الاولية لعلم الرجال

1 ـ الاصول الرجالية الثمانية.

2 ـ رجال ابن الغضائري.

٥٣
٥٤

الاصول الرجالية الثمانية

* رجال الكشي.

* فهرس النجاشي.

* رجال الشيخ وفهرسه.

* رجال البرقي.

* رسالة أبي غالب الزراري.

* مشيخة الصدوق.

* مشيخة الشيخ الطوسي.

٥٥
٥٦

اهتم علماء الشيعة من عصر التابعين الى يومنا هذا بعلم الرجال ، فألفوا معاجم تتكفل لبيان أحوال الرواة وبيان وثاقتهم أو ضعفهم ، وأول تأليف ظهر لهم في أوائل النصف الثاني من القرن الاول هو كتاب « عبيد الله بن أبي رافع » كاتب أمير المؤمنينعليه‌السلام ، حيث دون أسماء الصحابة الذين شايعوا علياً وحضروا حروبه وقاتلوا معه في البصرة وصفين والنهروان ، وهو مع ذلك كتاب تاريخ ووقائع.

وألف عبدالله بن جبلة الكناني ( المتوفى عام 219 هـ ) وابن فضّال وابن محبوب وغيرهم في القرن الثاني الى أوائل القرن الثالث ، كتباً في هذا المضمار ، واستمر تدوين الرجال الى أواخر القرن الرابع.

ومن المأسوف عليه ، أنه لم تصل هذه الكتب الينا ، وانما الموجود عندنا ـ وهو الذي يعد اليوم اصول الكتب الرجالية(1) ـ ما دوّن في القرنين الرابع والخامس ، واليك بيان تلك الكتب والاصول التي عليها مدار علم الرجال ، واليك اسماؤها وأسماء مؤلفيها وبيان خصوصيات مؤلفاتهم.

__________________

1 ـ المعروف أن الاصول الرجالية اربعة أو خمسة بزيادة رجال البرقي ، لكن عدها ثمانية بلحاظ أن الجميع من تراث القدماء ، وان كان بينها تفاوت في الوزن والقيمة ، فلاحظ.

٥٧

1 ـ رجال الكشّي

هو تأليف محمد بن عمر بن عبد العزيز المعروف بالكشّي ، والكشّ ـ بالفتح والتشديد ـ بلد معروف على مراحل من سمرقند ، خرج منه كثير من مشايخنا وعلمائنا ، غير أن النجاشي ضبطه بضم الكاف ، ولكن الفاضل المهندس البرجندي ضبطه في كتابه المعروف « مساحة الارض والبلدان والاقاليم » بفتح الكاف وتشديد الشين ، وقال : « بلد من بلاد ما وراء النهر وهو ثلاثة فراسخ في ثلاثة فراسخ ».

وعلى كل تقدير ; فالكشي من عيون الثقات والعلماء والاثبات. قال النجاشي : « محمد بن عمر بن عبد العزيز الكشي أبو عمرو ، كان ثقة عيناً وروى عن الضعفاء كثيراً ، وصحب العياشي وأخذ عنه وتخرج عليه وفي داره التي كانت مرتعاً للشيعة وأهل العلم. له كتاب الرجال ، كثير العلم وفيه أغلاط كثيرة »(1) .

وقال الشيخ في الفهرست : « ثقة بصير بالاخبار والرجال ، حسن الاعتقاد ، له كتاب الرجال »(2) .

وقال في رجاله : « ثقة بصير بالرجال والأخبار ، مستقيم المذهب »(3) .

وأما اُستاذه العيّاشي أبو النَّضر محمّد بن مسعود بن محمّد بن عيّاش السلمي السمرقندي المعروف بالعيّاشي ، فهو ثقة صدوق عين من عيون هذه الطائفة قال لنا أبو جعفر الزاهد : أنفق أبو النَّضر على العلم والحديث تركة أبيه وسائرها وكانت ثلاثمائة ألف دينار وكانت داره كالمسجد بين ناسخ أو

__________________

1 ـ رجال النجاشي : الرقم 1018.

2 ـ فهرس الشيخ « الطبعة الاولى » الصفحة 141 ، الرقم 604 ، و : « الطبعة الثانية » ، الصفحة 167 الرقم 615.

3 ـ رجال الشيخ : 497.

٥٨

مقابل أو قارئ أو معلِّق ، مملوءة من الناس(1) وله كتب تتجاوز على مائتين.

قد أسمى الكشّي كتابه الرجال بـ « معرفة الرجال » كما يظهر من الشّيخ في ترجمة أحمد بن داود بن سعيد الفزاري(2) .

وربَّما يقال بأنه أسماه بـ « معرفة الناقلين عن الأئمة الصادقين » أو « معرفة الناقلين » فقط ، وقد كان هذا الكتاب موجوداً عند السيد ابن طاووس ، لأنه تصدّى بترتيب هذا الكتاب وتبويبه وضمِّه الى كتب أُخرى من الكتب الرجاليَّة وأسماه بـ « حلّ الاشكال في معرفة الرجال » وكان موجوداً عند الشهيد الثاني ، ولكن الموجود من كتاب الكشّي في هذه الاعصار ، هو الذي اختصره الشيخ مسقطاً منه الزوائد ، واسماه بـ « اختيار الرجال » ، وقد عدَّه الشيخ من جملة كتبه ، وعلى كل تقدير فهذا الكتاب طبع في الهند وغيره ، وطبع في النجف الاشرف وقد فهرس الناشر أسماء الرواة على ترتيب حروف المعجم. وقام اخيراً المتتبع المحقق الشيخ حسن المصطفوي بتحقيقه تحقيقاً رائعاً وفهرس له فهارس قيّمة ـ شكر الله مساعيه ـ.

كيفية تهذيب رجال الكشي

قال القهبائي : « إن الاصل كان في رجال العامة والخاصة فاختار منه الشيخ ، الخاصة »(3) .

والّظاهر عدم تماميّته ، لأنه ذكر فيه جمعاً من العامة رووا عن ائمّتنا

__________________

1 ـ راجع رجال النجاشي : الرقم 944.

2 ـ ذكره في « ترتيب رجال الكشي » الذي رتب فيه « اختيار معرفة الرجال » للشيخ على حروف التهجي ، والكتاب غير مطبوع بعد ، والنسخة الموجودة بخط المؤلف عند المحقق التستري دام ظله.

3 ـ راجع فهرس الشيخ : « الطبعة الاولى » الصفحة 34 ، الرقم 90 ، و : « الطبعة الثانية » الصفحة 58 ، الرقم 100.

٥٩

كمحمد بن اسحاق ، ومحمد بن المنكدر ، وعمرو بن خالد ، وعمرو بن جميع ، وعمرو بن قيس ، وحفص بن غياث ، والحسين بن علوان ، وعبد الملك بن جريج ، وقيس بن الربيع ، ومسعدة بن صدقة ، وعباد بن صهيب ، وأبي المقدام ، وكثير النوا ، ويوسف بن الحرث ، وعبد الله البرقي(1) .

والظاهر أن تنقيحه كان بصورة تجريده عن الهفوات والاشتباهات التي يظهر من النجاشي وجودها فيه.

ان الخصوصية التي تميز هذا الكتاب عن سائر ما ألف في هذا المضمار عبارة عن التركيز على نقل الروايات المربوطة بالرواة التي يقدر القارئ بالامعان فيها على تمييز الثقة عن الضعيف وقد ألفه على نهج الطبقات مبتدءاً بأصحاب الرسول والوصي الى أن يصل الى أصحاب الهادي والعسكريعليهما‌السلام ثم الى الذين يلونهم وهو بين الشيعة كطبقات ابن سعد بين السنة.

2 ـ رجال النجاشي

هو تأليف الثبت البصير الشيخ أبي العباس(2) أحمد بن علي بن أحمد بن العباس ، الشهير بالنجاسي ، وقد ترجم نفسه في نفس الكتاب وقال : « أحمد بن علي بن أحمد بن العباس بن محمد بن عبد الله بن إبراهيم بن محمد بن عبد الله بن النجاشي ، الذي ولي الاهواز وكتب الى أبي عبد اللهعليه‌السلام يسأله وكتب اليه رسالة عبد الله بن النجاشي المعروفة(3) ولم ير لأبي عبداللهعليه‌السلام مصنَّف غيره.

__________________

1 ـ قاموس الرجال : 1 / 17.

2 ـ يكنى بـ « أبي العباس » تارة وبـ « أبي الحسين » اخرى.

3 ـ هذه الرسالة مروية في كشف الريبة ونقلها في الوسائل في كتاب التجارة ، لاحظ : الجزء 12 ، الباب 49 من أبواب ما يكتسب به.

٦٠

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

عيني و نفسي ثم مسح يده و قال الحمد للّه حنطة الأهواز و تمر الفرات و زيت الشام ثم أخذ نعليه و ارتدى ثم انطلق معي و أتى المسجد الجامع فصلّى ركعتين ثم احتبى فما رأته حلقة إلاّ تقوضت إليه فاجتمع الطالبون و المطلوبون فأكثروا الكلام فقال إلى ما ذا صار أمرهم قالوا إلى كذا و كذا من ابل قال هي عليّ ثم قام » ( فيه ) « مدح شاعر الحسن بن سهل فقال له احتكم و ظن ان همّته قصيرة فقال ألف ناقة فوجم و لم يمكنه و كره ان يفتضع و قال يا هذا ان بلادنا ليست بلاد ابل و لكن ما قال امرؤ القيس :

إذا لم يكن ابل فمعزى

كان قرون جلتها العصى

قد أمرت لك بألف شاة فالق يحيى بن خاقان فأعطاه بكلّ شاة دينارا ( فيه ) كان عبد اللّه بن جدعان التيمي حين كبر أخذ بنو تيم على يده أن يعطي شيئا من ماله فكان الرجل إذا أتاه يطلب منه قال ادن مني فاذا دنا منه لطمه ثم قال له اذهب بلطمتك أو ترضى فترضيه بنو تيم من ماله فقال ابن قيس الرقيات :

و الذي ان أشار نحوك

لطما تبع اللطم نائل

( فيه ) كان سعيد بن العاص إذا أتاه سائل فلم يكن عنده ما سأل قال اكتب على سجلا إلى أيام يسري .

« و بالسيرة العادلة يقهر المناوي » أي : المعادي و لمّا قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله لليهود في مقاسمة الأشجار أما تأخذوا الخرص و أما آخذه قالوا بالعدل قامت السماوات و الأرض .

« و بالحلم عن السفيه تكثر الأنصار عليه » في ( الاستيعاب ) قدم قيس بن عاصم في و فد تميم على النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله في سنة تسع فلما رآه النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال هذا سيد أهل الوبر و قيل للأحنف ممّن تعلمت الحلم قال من قيس بن عاصم رأيته

٢٨١

يوما قاعدا بفناء داره محتبيا بحمائل سيفه يحدث قومه إذ أتى برجل مكتوف و آخر مقتول فقيل له « هذا ابن أخيك قتل ابنك » فو اللّه ما حل حبوته و لا قطع كلامه فلما أتمه التفت إلى ابن أخيه فقال يا ابن اخ بئس ما فعلت أثمت بربك و قطعت رحمك و قتلت ابن عمك و رميت نفسك بسهمك » ثم قال لابن له آخر قم يا بني فوار أخاك و حل كتاف ابن عمك و سق إلى امك مائة ناقة دية ابنها فانها غريبة .

٢١ الحكمة ( ٢٠٧ ) و قالعليه‌السلام :

إِنْ لَمْ تَكُنْ حَلِيماً فَتَحَلَّمْ فَإِنَّهُ قَلَّ مَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ إِلاَّ أَوْشَكَ أَنْ يَكُونَ مِنْهُمْ قال ابن أبي الحديد « التكلف للخلق كالطبع له ألا ترى ان الأعرابي الجلف الجافي إذا دخل المدن و القرى و خالط أهلها و طال مكثه فيهم انتقل عن خلق الاعراب الذيى نشأ عليه و تلطف طبعه و صار شبيها بساكني المدن بل قد شاهدناه من الحيوانات حتى الأسد الذي أبعدها انسا ، ذكر ابن الصابي ان عضد الدولة كانت له اسود يصطاد بها الصيد كالفهود فتمسكه عليه حتى يدركه فيذكيه » قلت و قالوا كسرى ابرويز ربّى فيلا فكان يسجد له إذا رآه .

٢٢ الحكمة ( ٢٢٣ ) و قالعليه‌السلام :

مَنْ كَسَاهُ اَلْحَيَاءُ ثَوْبَهُ لَمْ يَرَ اَلنَّاسُ عَيْبَهُ في توحيد المفضل « قال الصادقعليه‌السلام له « انظر إلى ما خص به الانسان

٢٨٢

دون جميع الحيوان من هذا الخلق الجليل قدره العظيم شأنه أعني الحياء فلو لاه لم يقرّ ضيف و لم يوف بعدة و لم تقض الحوائج و لم يتحر الجميل و لم يتنكب القبيح في شي‏ء من الأشياء حتى ان كثيرا من الامور المفترضة أيضا انما تفعل للحياء فان من الناس من لو لا الحياء لم يرع حق والديه و لم يصل ذا رحم و لم يؤد امانة و لم يعف عن فاحشة أفلا ترى كيف و في الانسان جميع الخلال التي فيها صلاحه و تمام أمره » و في الخبر الحياء و الايمان مقرونان في قرن فاذا ذهب أحدهما تبعه صاحبه » .

٢٣ الحكمة ( ٢٢٩ ) و قالعليه‌السلام :

كَفَى بِالْقَنَاعَةِ مُلْكاً وَ بِحُسْنِ اَلْخُلُقِ نَعِيماً أما الأول ففي ( الكافي ) كان أمير المؤمنينعليه‌السلام يقول : « يا ابن آدم ان كنت تريد من الدنيا ما يكفيك فان أيسر ما فيها يكفيك و ان كنت تريد ما لا يكفيك فان كلّ ما فيها لا يكفيك » و مر النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله براعي ابل فبعث إليه يستسقيه فقال اما ما في ضروعها فصبوح الحي و اما ما في آنيتنا فغبوقهم فقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله اللّهم اكثر ماله و ولده .

ثم مر براعي غنم فبعث إليه يستسقيه فحلب له ما في ضروعها و اكفا ما في أنائه في أناء النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله و بعث إليهصلى‌الله‌عليه‌وآله بشاة فقال هذا ما عندنا و ان أحببت ان نزيدك زدناك فقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله « اللّهم ارزقه الكفاف » فقال له بعض أصحابه « دعوت للذي ردّك بدعاء ، عامتنا نحبه ، و دعوت للذي أسعفك بحاجتك بدعاء كلّنا نكرهه » فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله « ما قل و كفى خير ممّا كثر و ألهى اللّهم ارزق محمّدا و آل محمّد الكفاف » .

٢٨٣

و أما الثاني ففي ( الكافي ) عن الصادقعليه‌السلام « هلك رجل على عهد النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله فأتى الحفارين فاذا بهم لم يحفروا شيئا و شكوا ذلك إليه قالوا ما يعمل حديدنا في الأرض فكانما يضرب به في الصفاء فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله و لم ان كان صاحبكم حسن الخلق ائتوني بقدح من ماء فأتوه به فأدخل يده فيه ثم رشّه على الأرض رشا ثم قال احفروا فحفروا ، فكانما كان رملا ينهال عليهم » ( و عنهعليه‌السلام ) « ما يقدم المؤمن على اللّه تعالى بعمل بعد الفرائض أحبّ إلى اللّه تعالى من ان يسمع الناس بخلقه » .

( و عنهعليه‌السلام ) « البر و حسن الخلق يعمران الديار و يزيدان في الأعمار » .

( و عنهعليه‌السلام ) « الخلق الحسن يميت الخطيئة كما يميت الشمس الجليد » .

و عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله « أكثر ما يلج به امتي الجنّة تقوى اللّه و حسن الخلق » .

( و عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله ) « ان صاحب الخلق الحسن له مثل أجر الصائم القائم » .

( و عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله ) لبني عبد المطلب انّكم لن تسعوا الناس بأموالكم فسعوهم بأخلاقكم » .

( و عنهعليه‌السلام ) نزل على الروح الأمين من عند رب العالمين و قال عليك يا محمد بحسن الخلق فانّه ذهب بخير الدنيا و الآخرة .

و قالصلى‌الله‌عليه‌وآله أشبهكم بي أحسنكم خلقا « و في الخبر عجبت من يشتري العبيد بماله كيف لا يشتري الأحرار بحسن خلقه » .

٢٤ الحكمة ( ٣٩٦ ) و قالعليه‌السلام :

اَلْمَنِيَّةُ وَ لاَ اَلدَّنِيَّةُ وَ اَلتَّقَلُّلُ وَ لاَ اَلتَّوَسُّلُ وَ مَنْ لَمْ يُعْطَ قَاعِداً لَمْ يُعْطَ قَائِماً وَ اَلدَّهْرُ يَوْمَانِ يَوْمٌ لَكَ وَ يَوْمٌ عَلَيْكَ فَإِذَا كَانَ لَكَ فَلاَ تَبْطَرْ

٢٨٤

وَ إِذَا كَانَ عَلَيْكَ فَاصْبِرْ « المنية و لا الدنية » في كنايات الجرجاني لمّا تواترت النكبات على قيس ابن زهير خرج هو و صاحب له من بني أسد يسيحان و عليهما المسوح يتقوتان بما تنبته الأرض إلاّ ان دفعا في ليلة قرة إلى أخبية فوجدا رائحة القتار و هما جائعان فسعيا يريدانه فلما قاربناه أدركت قيسا شهامة النفس و عزّة الانفة فرجع و هو يقول :

أعشبت في الأرض حتى كاد يطردني

إلى الصغار شجاع النفس بالعنف

ثم قال :

« ان كان في ترك الأغذية التلف فان في النزاهة الخلف » .

فانفتل عن صاحبه و قال له « دونك و ما تريد فان لي لبثا على هذه الأجارع أرقب داهية القرون الماضية » فمضى صاحبه و رجع من الغد فوجده قد لجأ إلى شجرة الوادي فنال من ثمرها شيئا ثم مات ففي ذلك يقول الحطيئة :

ان قيسا كان ميتته

أسفا و الحر منطلق

شام نارا بالحشا فسعى

و شجاع النفس يختنق

جاء حتى كاد ثم نمى

اسفل الوادي له ورق

فجشا في فمه حشوقه

ثم أغضى و هو مطرق

في دريس ما تعيبه

رب حر ثوبه خلق١

و في ( البحار ) عن المناقب و كذا ( تحف العقول ) و ( اللهوف ) و ( الاحتجاج ) ان الحسينعليه‌السلام قال يوم الطف في خطبته « الا ان الدعيّ ابن الدعيّ قد ركز بين اثنتين القتلة و الذلة و هيهات ماخذ الدنية أبي اللّه ذلك و رسوله و جدود طابت

____________________

( ١ ) المنتخب من كنايات الأدباء للجرجاني : ١١٥ ، مطبعة السعادة ، مصر ١٩٠٨ م .

٢٨٥

و حجور طهرت و أنوف حمية و نفوس أبية لا نؤثر طاعة اللئام على مصارع الكرام الا قد أعذرت و أنذرت ألا اني زاحف بهذه الأسرة على قلّة العتاد و خلة الأصحاب ثم أنشأ يقول :

« فان نهزم فهزامون قدما

و ان نهزم فغير مهزمينا

و ما ان طبنا جين و لكن

منايانا و دولة آخرينا

الا ثم لا تلبثون بعدها إلاّ كريث ما يركب الفرس حتى تدور بكم دور الرحا »١ الخ و في ( الطبري ) في كتاب عمر بن سعد إلى عبيد اللّه « ان الحسين أعطاني ان يرجع » فقال له شمر لينزل على حكمك فكتب إليه « اعرض على الحسين و أصحابه النزول على حكمي فان فعلوا ابعث إليهم سلما و ان أبوا فقاتلهم » .

فلما جاء ابن سعد كتابه قال « لا يستسلم الحسين و اللّه ان نفسا أبيه لبين جنبيه » الخ و لمّا عرض على مصعب الأمان أبى و قال :

« و ان الاولى بالطف من آل هاشم

تأسوا فسنوا للكرام التأسيا »

« و التقلل و لا التوسل » في المعجم « وجه سليمان بن علي و إلي الأهواز إلى الخليل لتأديب ولده فأخرج الخليل لرسول سليمان خبزا يابسا و قال ما دمت أجده فلا حاجة بي إلى سليمان و قال :

أبلغ سليمان اني عنه في سعة

و في غنى غير اني لست ذا مال٢

و كان النضر بن سليمان يقول :

أكلت الدنيا بعلم الخليل

و هو في خص لا يشعر به

____________________

( ١ ) نقله المجلسي في « بحار الأنوار » عن « المناقب » لابن شهر آشوب في ٤٥ ٨ ( تاريخ الحسين بن عليعليه‌السلام ) لكن لا وجود لهذا النص في المناقب ، انظر الجزء ٤ في ( امامة أبي عبد اللّه . ) : ٤٦ .

( ٢ ) معجم الادباء للحموي ٦ : ٧٦ ، ط ٣ ، دار الفكر ، بيروت .

٢٨٦

و في ( ابن أبي الحديد ) قال الشاعر :

اقسم باللّه لمص النوى

و شرب ماء القلب المالحة

أحسن بالإنسان من ذلّة

و من سؤال الأوجه الكالحة

فاستغن باللّه تكن ذا غنى

مغتبطا بالصفقة الرابحة

فالزهد عز و التقى سؤدد

و ذلّة النفس لها فاضحة »

( أيضا )

لمص الثماد و خرط القتاد

و شرب الاجاج او ان الظماء

على المرء أهون من أن يرى

ذليلا لخلق إذا أعدما

و خير لعينيك من منظر

إلى ما بأيدي اللئام

قلت : فهلا قال « ما بأيدي الكرام » .

« و من لم يعط قاعدا لم يعط قائما » في ( الكافي ) عن الصادقعليه‌السلام من أصبح و أمسى و الدنيا أكبر همه جعل الفقر بين عينيه و شئت أمره و لم ينل من الدنيا إلا ما قسم له و من أصبح و أمسى و الآخرة أكبر همّه جعل الغنى في قلبه و جمع له أمره » .

« و الدهر يومان يوم لك و يوم عليك » في ( المروج ) كان بزرجمهر وزير ابرويز و الغالب عليه إلى ثلاث عشرة سنة من ملكه ثم اتهمه بالميل إلى بعض الزنادقة من الثنوية فأمر بحبسه و كتب إليه « كان من ثمرة علمك و عقلك ان صرت أهلا للقتل » فأجابه « اما ان كان معي الجد كنت انتفع بثمرة عقلي فالآن إذ لا جد معي انتفع بثمرة الصبر و ان فقد كثير الخير فقد استرحت من كثير من الشر » فدعا ابرويز به و أمر بكسر فمه فقال « فمي أهل لمّا هو شرّ » قال لم قال « لأني كنت أصفك للناس بما ليس فيك لا تقتلني بالشك مع اليقين الذي قد علمته مني فمن الذي يثق بك بعد » فغضب و أمر بضرب عنقه .

٢٨٧

« فاذا كان لك فلا تبطر ، و إذا كان عليك فاصبر » زاد التحف بعد الفقرتين « و بكليهما ستختبر » قيل في كامل « إذا سر لم يبطر و ليس لنكبة المت به بالخاشع المتضائل » هذا ابن أبي الحديد جعل العنوان ثلاثة عناوين فجعل من لم يعط قاعدا لم يعط قائما » عنوانا ثانيا و الباقي ثالثا و اما ابن ميثم فكما هنا جعل الكل واحدا .

٢٥ الحكمة ( ٤١٠ ) و قالعليه‌السلام :

اَلتُّقَى رَئِيسُ اَلْأَخْلاَقِ لان التقوى لا تصدق الا بعد اجتماع جميع مكارم الاخلاق و هو في مقابل حب الدنيا الذي هو رأس كل خطيئة .

٢٦ الحكمة ( ٤٦٠ ) و قالعليه‌السلام :

اَلْحِلْمُ وَ اَلْأَنَاةُ تَوْأَمَانِ يُنْتِجُهُمَا عُلُوُّ اَلْهِمَّةِ أقول : نسبه إليهعليه‌السلام ابن المعتز في بديعه و روي انّهعليه‌السلام قال ذلك لمّا اخبر عن انو شروان بأنّه كان فيه الحلم و الاناة و في ( طبقات كاتب الواقدي ) في عنوان و فد عبد القيس في عام الفتح ان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال لرأسهم عبد اللّه بن عوف الأشج « فيك خصلتان يحبهما اللّه الحلم و الاناة » و يقال انّه لم يغضب قط .

و في ( كامل المبرد ) حدث ابن عايشة عن أبيه ان رجلا من أهل الشام دخل المدينة فقال رأيت رجلا على بغلة لم أر أحسن وجها و لا أحسن لباسا

٢٨٨

و لا أفره مركبا منه فسألت عنه فقيل لي الحسن بن علي بن أبي طالب فامتلأت له بغضا فصرت إليه فقلت ءانت ابن أبي طالب فقال أنا ابن ابنه فقلت له بك و بأبيك أسبهما فقال احسبك غريبا قلت أجل فقال « ان لنا منزلا واسعا و معونة على الحاجة و ما لا نواسي به » فانطلقت و ما على وجه الأرض أحبّ إليّ منه .

و قال رجل لرجل من آل الزبير كلاما أقذع له فيه فأعرض الزبيري عنه ،

ثم دار كلام فسبّ الزبيري علي بن الحسينعليهما‌السلام فأعرض عنه فقال الزبيري ما يمنعك من جوابي فقالعليه‌السلام « ما منعك من جواب الرجل » و قال رجل لرجل و كان سبّه و لم يك التفت إليه « اياك أعني » فقال له الرجل و عنك اعرض .

و في ( الطرائف ) الموضوع لمدح الأشياء و ذمّها ، أما مدح الاناة فقال تعالىيا أيها الذين آمنوا ان جاءكم فاسق بنبأ فتبيّنوا أن تصيبوا قوما بجهالة ١ و قال حكيم ينبغي للوالي ان يتثبت في ما أنهى إليه و يأخذ بأدب سليمانعليه‌السلام حيث قالقال سننظر أصدقت أم كنت من الكاذبين ٢ و قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله « من تأنى أصاب أو كاد و من تعجّل أخطأ أو كاد »٣ و اما ذمّة فقيل لأبي العيناء لا تعجل فان العجلة من الشيطان فقال لو كانت من الشيطان لمّا قال كليم اللّه .و عجلت إليك ربّ لترضى ٤ و قال محمد بن بشير :

كم من مضيع فرصة قد أمكنت لغد

و ليس غد له بموات

حتى إذا فاتت و فات طلابها

ذهبت عليها نفسه حسرات

قلت : ما نقله في ذم الاناة تخليط و مغالطة فان ما نقله أولا من الاستباق

____________________

( ١ ) الحجرات : ٦ .

( ٢ ) النمل : ٢٧ .

( ٣ ) الطرائف و اللطائف للمقدسي : ٦٤ ، طبع حجري كتابة الخوانساري ١٢٨٦ ه .

( ٤ ) طه : ٨٤ .

٢٨٩

إلى الخيرات و ما نقله ثانيا من تضييع الفرصة و ليس واحد منهما من الاناة في شي‏ء فان الاناة و تركها في أمر لم يعلم عاقبته كعقوبة من لم يعلم جنايته و لعلّه يكشف بعد ترك الاناة فيه و عقوبته برائته فيكون قتل نفسا بغير حق و كما قالعليه‌السلام ( الحلم و الاناة نتيجة علو الهمة ) قالعليه‌السلام ( فان الفقر نتيجة الكسل و العجز روى ( الكافي ) في كراهة كسل معيشته عنهعليه‌السلام ان الأشياء لمّا ازدوجت ازدوج الكسل و العجز فنتجا بينهما الفقر )١ .

٢٧ الخطبة ( ٢٣٦ ) و من كلام لهعليه‌السلام يحثّ فيه أصحابه على الجهاد :

وَ اَللَّهُ مُسْتَأْدِيكُمْ شُكْرَهُ وَ مُوَرِّثُكُمْ أَمْرَهُ وَ مُمْهِلُكُمْ فِي مِضْمَارٍ مَحْدُودٍ لِتَتَنَازَعُوا سَبَقَهُ فَشُدُّوا عُقَدَ اَلْمَآزِرِ وَ اِطْوُوا فُضُولَ اَلْخَوَاصِرِ وَ لاَ تَجْتَمِعُ عَزِيمَةٌ وَ وَلِيمَةٌ مَا أَنْقَضَ اَلنَّوْمَ لِعَزَائِمِ اَلْيَوْمِ وَ أَمْحَى اَلظُّلَمَ لِتَذَاكِيرِ اَلْهِمَمِ وَ صَلَّى اَللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ اَلنَّبِيِّ اَلْأُمِيِّ ، وَ عَلَى آلِهِ مَصَابِيحِ اَلدُّجَى وَ اَلْعُرْوَةِ اَلْوُثْقَى ، وَ سَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا أقول : من الغريب عدم ذكر العنوان في ( ابن أبي الحديد ) هنا بل بعد ( ٢١٥ ) .

« و اللّه مستاديكم شكره » في ( الكافي ) عن الصادقعليه‌السلام مكتوب في التوراة « اشكر من أنعم عليك و انعم على من شكرك فانّه لا زوال للنعماء إذا شكرت و لا بقاء لها إذا كفرت و الشكر زيادة في النعم و امان من الغير » و قال

____________________

( ١ ) المصدر السابق : ٦٥ .

٢٩٠

تعالىو أما بنعمة ربك فحدّث ١ .

« و مورثكم أمره »وعد اللّه الذين آمنوا و عملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم و ليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم و ليبدلنهم من بعد خوفهم امنا يعبدونني لا يشركون بي شيئا .٢ .

« و ممهلكم في مضار محدود » هكذا في ( المصرية ) و الصواب ( و ممهلكم في مضمار ممدود ) كما في ( ابن ميثم و الخطّية ) .

« لتتنازعوا سبقه » .فاستبقوا الخيرات إلى اللّه مرجعكم جميعاً . سابقوا إلى مغفرة من ربكم و جنّة عرضها كعرض السماء و الأرض . .٣ هذا و في كامل الجزري لمّا ولّى المعتز يعقوب الصفار و علي بن شبل كرمان ليغلب احدهما الآخر أقبل يعقوب و طوّق بن المفلس من قبل علي بن شبل إليها و لم يقاتلا و ارتحل يعقوب بعد شهرين و أظهر الارتحال إلى سجستان فقعد طوق للأكل و الشرب و الملاهي و إذا هو بيعقوب قد قطع مرحلتين في يوم ففر أصحاب طوق و أسر هو فنزع خفه فتساقط منه كسر خبز يابسة فقال يا طوق هذا خفي لم أنزعه منذ شهرين من رجلي و خبزي فيه آكل منه و أنت جالس في الشراب .

« فشدوا عقد المآزر » « قوم إذا حاربوا شدّوا مآزرهم دون النساء و لو بانت باطهار » في ( الطبري ) لمّا كشف أمر إبراهيم بن عبد اللّه بن الحسن اهديت إلى المنصور امرأتان من المدينة احديهما فاطمة بنت محمد بن عيسى بن طلحة بن عبيد اللّه و الاخرى ام الكريم بنت عبد اللّه من ولد خالد بن أسيد بن أبي

____________________

( ١ ) الضحى : ١١ .

( ٢ ) النور : ٥٥ .

( ٣ ) الحديد : ٢١ .

٢٩١

العيص فلم ينظر إليهما فاتته ريسانة فقالت ان هاتين المرأتين قد خبثت أنفسهما و ساعت ظنونهما لمّا ظهر من جفائك لهما فنهرها و قال ليست هذه الأيام من أيام النساء لا سبيل لي إليهما حتى أعلم ارأس إبراهيم لي أم رأسي لإبراهيم١ .

« و اطووا فضول الخواصر » الخصر وسط الانسان وطي فضل الخواصر كناية عن ترك الافراط في الأكل في الكامل مات يعقوب بن الليث الصفار بجنديسابور من القولنج سنة ( ٢٦٥ ) كان الأطباء أمروه بالاحتقان فاختار الموت و كان المعتمد انفذ إليه رسولا يستميله و يقلده أعمال فارس فجعل عنده سيفا و رغيفا من الخبز الخشكار و بصلا و قال للرسول قل للمعتمد اني عليل فان مت استرحت أنا منك و أنت مني و ان عوفيت ليس بيني و بينك إلاّ هذا السيف أما آخذ ثأري و أما ارجع إلى هذا الخبز و البصل .

« و لا تجتمع عزيمة و وليمة » هكذا في ( المصرية ) و الصواب ( لا تجتمع عزيمة و وليمة ) كما في ( ابن ميثم ) فليس المقام مقام الوصل لأنّه كالتعليل لشدّ عقد المآزر و طي فضول الخواصر و في الجمهرة الوليمة طعام العرس و الوضيمة طعام المأتم و في الخبر إذا دعيتم إلى جنازة و وليمة أجيبوا الجنازة لأنها تذكّر الآخرة دون الوليمة فانها تذكر الدنيا .

« ما أنقض النوم لعزائم اليوم » كرره المصنف سهوا في ( ٤٣٠ ) هو و سابقه و لاحقه كالامثال .

« و أمحى الظلم لتذاكير الهمم » و قالوا في عكسه « كلام الليل يمحوه النهار » .

« و صلّى اللّه على سيّدنا محمّد النبي الامي و على آله مصابيح الدجى

____________________

( ١ ) تاريخ الامم و الملوك للطبري ٤ : ٤٧٢ ، دار الكتب العلمية ط ٢ ، ١٩٨٨ ، بيروت .

٢٩٢

و العروة الوثقى و سلم تسليما كثيرا » هكذا في ( المصرية ) و لكن في ( الخطّية ) بدله « و الحمد للّه كثيرا » و في ( ابن ميثم ) « و هذا آخر الخطب و الأوامر و يتلوه المختار من الكتب و الرسائل انشاء اللّه تعالى بمعونته و عصمته و توفيقه و هدايته » و الظاهر صحته حيث انّه المناسب و ان نسخته بخط مصنفه لكن ابن أبي الحديد لم ينقل عن المصنف شيئا أصلا فختم الخطب بعنوان ( هم عيش العلم ) ( ٢٣٤ ) .

٢٩٣

الفصل الرابع و الاربعون في ذمائم الصفات

٢٩٤

١ الحكمة ( ٢ ) و قالعليه‌السلام :

أَزْرَى بِنَفْسِهِ مَنِ اِسْتَشْعَرَ اَلطَّمَعَ وَ رَضِيَ بِالذُّلِّ مَنْ كَشَفَ عَنْ ضُرِّهِ وَ هَانَتْ عَلَيْهِ نَفْسُهُ مَنْ أَمَّرَ عَلَيْهَا لِسَانَهُ أقول : قالعليه‌السلام هذا الكلام مع زيادات ، للأشتر ففي ( تحف العقول لابن أبي شعبة الحلبي ) قالعليه‌السلام للأشتر : يا مالك احفظ عنّي هذا الكلام و عه ، يا مالك بخس مروّته من ضعف يقينه ، و أزرى بنفسه من استشعر الطّمع .

و رضي الذّلّ من كشف ضرّه ، و هانت عليه نفسه من اطلع على سرّه ، و أهلكها من أمّر عليه لسانه١ .

« أزرى بنفسه » أي : تهاون بها .

« من استشعر الطمع » أي : جعله شعارا له .

____________________

( ١ ) تحف العقول لابن أبي شعبة : ٢٠١ ٢٠٢ .

٢٩٥

في ( الكافي ) عن أبي جعفرعليه‌السلام : بئس العبد عبد له طمع يقوده ، و بئس العبد عبد له رغبة تذله١ .

و عن السجادعليه‌السلام : رأيت الخير كلّه قد اجتمع في قطع الطمع عمّا في أيدي النّاس٢ .

و في ( الأغاني ) : لمّا ولي خالد بن عتاب الرياحي إصبهان خرج إليه أعشى همدان و كان صديقه بالكوفة فلم يجد عنده ما يحبّ ، فقال يهجوه :

و ما كنت ممّن ألجأته خصاصة

إليك و لا ممّن تغر المواعد

و لكنّها الأطماع و هي مذلّة

دنت بي و أنت النازح المتباعد٣

في ( الحلية ) : مر فتح الموصلي بصبيين مع أحدهما كسرة عليها عسل و مع الآخر كسرة عليها كامخ ، فقال للذي على خبزه العسل : أطعمني من خبزك قال : إن كنت كلبا لي قال : نعم فأطعمه و جعل في فمه خيطا و جعل يقوده ، فقال فتح : لو رضيت بخبزك ما كنت كلبا٤ لهذا قال الشاعر :

كلفني حبي للدراهم

و قلّة البقوى على المغارم

خدمة من لست له بخادم

و لبعضهم :

إنّ الجديدين في طول اختلافهما

لا يفسدان و لكن يفسد الناس

لا يطمعا طمعا يدني إلى طبع

إنّ المطامع فقر و الغنى الياس

للناس مال و لي مالان مالهما

إذا تحارس أهل المال حراس

مالي الرضا بالذي أصبحت أملكه

و مالي اليأس ممّا يملك الناس

____________________

( ١ ) الكافي للكليني ٣ : ٣٢٠ .

( ٢ ) الكافي ٢ : ١٤٨ ح ٣ .

( ٣ ) الأغاني ٦ : ٤٥ .

( ٤ ) حلية الأولياء ٨ : ٢٩٣ .

٢٩٦

« و رضي بالذل من كشف عن ضرّه » قال ابن أبي الحديد : سمع الأحنف رجلا يقول : لم أنم الليلة من وجع ضرسي و جعل يكثر فقال : يا هذا لم تكثر ؟

فو اللّه لقد ذهبت عيني منذ ثلاثين سنة فما شكوت ذلك إلى أحد و لا أعلمت بها أحدا١ .

« و هانت عليه نفسه من أمر عليها لسانه » في ( الأغاني ) : مر مروان بن أبي حفصة برجل من تيم اللات بن ثعلبة يعرف بالجني ، فقال له مروان : زعموا أنّك تقول الشعر فقال له : إن شئت عرفتك ذلك فقال له مروان : ما أنت و الشعر ؟ ما أرى من طريقك و لا مذهبك و لا تقوله فقال له الجني : اجلس و اسمع فجلس ، فقال له الجني يهجوه :

ثوى اللؤم في العجلان يوما و ليلة

و في دار مروان ثوى آخر الدهر

غدا اللؤم يبغي مطرحا لرحاله

فنقب في بر البلاد و في البحر

فلما أتى مروان خيم عنده

و قال رضينا بالمقام إلى الحشر

و ليس لمروان على العرس غيرة

و لكن مروانا يغار على القدر

فقال له مروان : ناشدتك اللّه إلاّ كففت ، فأنت أشعر الناس فحلف الجني بالطلاق ثلاثا انّه لا يكفّ حتى يصير إليه بنفر من رؤساء أهل اليمامة ثم يقول بحضرتهم : « قاق في استي بيضة » ، فجلبهم إليه مروان و فعل ذلك بحضرتهم ،

فانصرفوا و هم يضحكون من فعله و قال بعضهم : اللّسان أجرح جوارح الإنسان٢ .

____________________

( ١ ) شرح ابن أبي الحديد ١٨ : ٨٤ .

( ٢ ) الأغاني ١٠ : ٩٢ ٩٣ .

٢٩٧

٢ الكتاب ( ٧٩ ) و من كتاب لهعليه‌السلام لمّا استخلف إلى أمراء الأجناد :

أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّمَا أَهْلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ أَنَّهُمْ مَنَعُوا اَلنَّاسَ اَلْحَقَّ فَاشْتَرَوْهُ وَ أَخَذُوهُمْ بِالْبَاطِلِ فَاقْتَدَوْهُ كتبعليه‌السلام ذلك إليهم لأن أمراء الأجناد كانوا أيام عثمان مقتدرين على منع حق الناس و أخذهم بالباطل .

« أمّا بعد فانّما اهلك من كان قبلكم انّهم منعوا الناس الحق فاشتروه » يعني إن كنتم كذلك ، تهلكون كما هلك من كان قبلكم بذلك و المراد أنّ النّاس صاروا مضطرين إلى شراء حقوقهم منهم .

« و اخذوهم بالباطل فاقتدوه » هكذا « فاقتدوه » بالقاف في النسخ ، و قال ابن أبي الحديد : المراد أنّ الخلف اقتدوا بآبائهم الذين أخذوا بالباطل في ارتكاب الباطل ظنّا انّه حق لما نشؤوا عليه١ .

قلت : اللفظ لا يفيد ما قال و المعنى لا يجيزه ، لأنّهعليه‌السلام في مقام ذم الامراء دون الرعايا ، و الصواب : أن يقال : « اقتدوه » محرّف « افتدوه » بالفاء ، أي : أعطوا الفدية لئلا يؤخذ بالباطل و منه يظهر أيضا ما في قول ابن أبي الحديد و روي « فاستروه » بالسين أي : اختاروه و الفاعل الظلمة٢ .

أي : منعوا النّاس حقّهم من المال و اختاروه لأنفسهم ، فإنّ ما قاله كالمثلة للكلام و المرام .

هذا ، و في ( اليعقوبي ) : قال الزهري : كنت يوما عند عمر بن عبد العزيز إذ أتاه كتاب من عامل له كتب أنّ مدينته تحتاج إلى مرمة ، فقلت له : إنّ بعض

____________________

( ١ ) شرح ابن أبي الحديد ١٨ : ٧٧ .

( ٢ ) شرح ابن أبي الحديد ١٨ : ٧٧ .

٢٩٨

عمّال عليّعليه‌السلام كتب إليه بمثل هذا ، فكتبعليه‌السلام في جوابه : « أمّا بعد فحصّنها بالعدل و نقّ طرقها من الجور » فكتب عمر بن عبد العزيز أيضا ذلك في جواب عامله١ .

٣ الحكمة ( ٣ ) و قالعليه‌السلام :

اَلْبُخْلُ عَارٌ وَ اَلْجُبْنُ مَنْقَصَةٌ وَ اَلْفَقْرُ يُخْرِسُ اَلْفَطِنَ عَنْ حُجَّتِهِ وَ اَلْمُقِلُّ غَرِيبٌ فِي بَلْدَتِهِ وَ اَلْعَجْزُ آفَةٌ وَ اَلصَّبْرُ شَجَاعَةٌ وَ اَلزُّهْدُ ثَرْوَةٌ وَ اَلْوَرَعُ جُنَّةٌ أقول : نقله ( التحف ) كالأول جزء وصيته للأشتر مع زيادات ، و فيه بدل قوله « و الزهد ثروة » : « و الشكر ثروة »٢ .

ثم ان ابن أبي الحديد جعل هذا عنوانين ، الأول إلى قوله « في بلدته » و بالعكس جعل ابن ميثم ستة من عناوين المتن من الثاني إلى السابع عنوانا واحدا ، و هو الأصح حيث إنّ نسخة ابن ميثم بخط المصنّف ، و لأنّ الجميع وصيتهعليه‌السلام للأشتر كما يفهم من ( التحف )٣ .

« البخل عار » قال الرضاعليه‌السلام : البخيل بعيد من اللّه بعيد من الجنّة قريب من النار٤ .

كان محمد بن يحيى البرمكي بخيلا بخلاف باقي بيته ، و قال أبوه لأحد خواصّه سوءة له : أنت خاص به و ثوبك مخرق ؟ قال : و اللّه ما أقدر على إبرة

____________________

( ١ ) تاريخ اليعقوبي ٢ : ٣٠٦ .

( ٢ ) التحف : ١٣٨ .

( ٣ ) شرح ابن أبي الحديد ١٨ : ٨٧ الحكمة ( ٣ ) ، و ابن ميثم ٥ : ٢٣٨ ( جزء من الحكمة ٢ ) .

( ٤ ) بحار الأنوار للمجلسي ٧١ : ٣٥٢ ، ح ٧ .

٢٩٩

أخيطه بها ، و لو ملك محمد بيتا من بغداد إلى النوبة مملوا إبرا ثم جاءه جبرئيل و ميكائيل و معهما يعقوب النبي يضمنان له عنه إبرة و يسألانه إعارته إيّاها ليخيط بها قميص يوسف الذي قدّ من دبره ، ما فعل قال : فصف مائدته قال :

هي فتر في فتر ، و صحافه منقورة من حب الخشخاش و بين نديمه و بين الرغيف نقدة جوزة قال : فمن يحضره ؟ قال : الكرام الكاتبون قال : فمن يأكل معه ؟ قال : الذباب .

و في ( العيون ) : كان عمر بن يزيد الأسدي على شرطة الحجاج فأصابه قولنج فحقنه الطبيب بدهن كثير فانحل بطنه في الطست ، فقال الغلام : ما تصنع به ؟ قال : أصبه قال : لا ، و لكن ميّز منه الدهن ، و استصبح به١ .

و قيل : لو لم يكن في ذمّة إلاّ قوله تعالى :و لا يحسبن الذين يبخلون بما آتاهم اللّه من فضله هو خيرا لهم بل هو شرّ لهم سيطوقون ما بخلوا به يوم القيامة . .٢ لكفى .

و قالوا : أبخل الناس بماله أجودهم بعرضه .

و قال عبد الملك لمصعب : لا يسود أخوك لثلاث : لبخله و عجبه و استبداده٣ .

و قال الشاعر :

لا يسود امرؤ بخيل و لو

مس بيافوخه عنان السماء٤

و في ( بخلاء الجاحظ ) بعد ذكر حبّ الناس للجواد و مدحهم له و إفراطهم فيه : ثم وجدنا هؤلاء بأنعاتهم للبخيل على ضدّ هذه الصفة و على خلاف هذا

____________________

( ١ ) لا وجود له في عيون الأخبار ، بل هو موجود في البخلاء للجاحظ : ٣١٥ .

( ٢ ) آل عمران : ١٨٠ .

( ٣ ) شرح ابن أبي الحديد ٢٠ : ٣٢٨ .

( ٤ ) الظرئف و اللطائف للثعلبي : ٧٢ .

٣٠٠

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617