بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة الجزء ١٣

بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة0%

بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة مؤلف:
تصنيف: أمير المؤمنين عليه السلام
الصفحات: 617

بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة

مؤلف: الشيخ محمد تقي التّستري
تصنيف:

الصفحات: 617
المشاهدات: 171912
تحميل: 5290


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5 الجزء 6 الجزء 7 الجزء 8 الجزء 9 الجزء 10 الجزء 11 الجزء 12 الجزء 13 الجزء 14
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 617 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 171912 / تحميل: 5290
الحجم الحجم الحجم
بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة

بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة الجزء 13

مؤلف:
العربية

تجعل لى ؟ قال عمالتي سنة و العمالة بالضم أجرة العامل و كان مبلغها عشرين ألف ألف درهم قال : فاكتب لي بذلك فأسرع إلى منزله و كتب له بذلك .

فأتى عمر بالكتاب ، فلما رآه كتب إلى و الي الكوفة : ان بلالا غرّنا باللّه فكدنا نغتر ، فسبكناه فوجدناه خبثا كلّه ، و لا تستعن على عملك بأحد من آل أبي موسى١ .

١٤ الحكمة ( ٣٩٣ ) و قالعليه‌السلام :

لاَ تَصْحَبِ اَلْمَائِقَ فَإِنَّهُ يُزَيِّنُ لَكَ فِعْلَهُ وَ يَوَدُّ أَنْ تَكُونَ مِثْلَهُ أقول : في ( الكافي ) عنهعليه‌السلام إذا صعد المنبر قال : ينبغي للمسلم ان يجتنب مواخاة الثلاثة : الماجن و الأحمق و الكذّاب ، فأما الماجن فيزيّن لك فعله و يحبّ أن تكون مثله و لا يعينك على أمر دينك و معادك ، و مدخله و مخرجه عليك عار ، و أمّا الأحمق فانّه لا يشير عليك بخير و لا يرجى لصرف السوء عنك ، و لو أجهد نفسه ، و ربما أراد منفعتك فضرّك ، فموته خير من حياته ،

و سكوته خير من نطقه ، و بعده خير من قربه ، و امّا الكذّاب فانّه لا يهنيك معه عيش ، ينقل إليك الحديث و ينقل حديثك حتى انّه يحدّث بالصدق فلا يصدّق و يغري بين الناس بالعداوة .٢ .

و في خبر آخر عنهعليه‌السلام : لا عليك أن تصحب ذا العقل و ان لم تحمد كرمه ، و لكن انتفع بعقله و احترس من سيئى أخلاقه ، و لا تدعن صحبة الكريم فان لم تنتفع بعقله ، و لكن انتفع بكرمه بعقلك و افرر الفرار كلّه

____________________

( ١ ) الكامل للمبرّد ١ : ٣٩٠ .

( ٢ ) الكافي ٢ : ٣٧٦ ح ٦ .

٤٤١

من اللئيم الأحمق١ .

هذا ، و نقل الكراجكي في ( كنزه ) عنهعليه‌السلام في الأصدقاء غير ما نقله المصنف فقرات منها : الناس اخوان ، فمن كانت اخوته في غير ذات اللّه فهي عداوة ، و ذلك قوله عز و جل :الأخلاء يومئذ بعضهم لبعضٍ عدوّ إلاّ المتّقين ٢ ، ابذل لصديقك كلّ المودة و لا تبذل له كلّ الطمأنينة ، و اعطه كلّ المواساة و لا تفض إليه بكلّ الأسرار ، توفي الحكمة حقّها و الصديق واجبه ،

احتمل زلّة وليّك لوقت و ثبة عدوّك ، من وعط أخاه سرّا فقد زانه و من وعظه علانية فقد شانه ، من كرم المرء بكاؤه على ما مضى من زمانه و حنينه إلى أوطانه و حفظه قديم اخوانه اذا كان للمخالطة موضعا لا تكثرن العتاب فانّه يورث الضغينة و يجر إلى البغيضة٣ .

و عن ( التحف ) عنهعليه‌السلام : ابذل لأخيك مالك و دمك ، و لعدوّك عدلك و إنصافك ، و للعامّة بشرك و احسانك ، تسلم على الناس و يسلموا عليك٤ .

هذا ، و قال عبد اللّه بن طاهر :

أميل مع الذمام على ابن عمي

و آخذ للصديق من الشفيق

و ان الفيتني ملكا مطاعا

فانّك واجدي عبد الصديق٥

____________________

( ١ ) الكافي ٢ : ٣٧٥ ح ٥ .

( ٢ ) الزخرف : ٦٧ .

( ٣ ) الكنز ، للكراجكي : ٩٣ ٩٤ .

( ٤ ) التحف : ٢١٢ .

( ٥ ) الأغاني ١٢ : ١١٠ .

٤٤٢

الفصل السابع و الاربعون في التعازي و التهاني

٤٤٣

١ الحكمة ( ٢٩١ ) و قالعليه‌السلام و قد عزّى الأشعث عن ابن له :

يَا ؟ أَشْعَثُ ؟ إِنْ تَحْزَنْ عَلَى اِبْنِكَ فَقَدِ اِسْتَحَقَّتْ مِنْكَ ذَلِكَ اَلرَّحِمُ وَ إِنْ تَصْبِرْ فَفِي اَللَّهِ مِنْ كُلِّ مُصِيبَةٍ خَلَفٌ يَا ؟ أَشْعَثُ ؟ إِنْ صَبَرْتَ جَرَى عَلَيْكَ اَلْقَدَرُ وَ أَنْتَ مَأْجُورٌ وَ إِنْ جَزِعْتَ جَرَى عَلَيْكَ اَلْقَدَرُ وَ أَنْتَ مَأْزُورٌ يَا ؟ أَشْعَثُ ؟ اِبْنُكَ سَرَّكَ وَ هُوَ بَلاَءٌ وَ فِتْنَةٌ وَ حَزَنَكَ وَ هُوَ ثَوَابٌ وَ رَحْمَةٌ أقول : قول المصنف : « و قد عزّى الأشعث عن ابن له » انّما روى الكليني١ و ابن أبي شعبة أنّهعليه‌السلام عزّاه عن أخ له بهذا الكلام بدون فقرة « سرك . » ، و بدون كلمة « على ابنك » ، ففي ( الكافي ) : علي بن محمد عن صالح بن أبي حمّاد رفعه قال : جاء أمير المؤمنينعليه‌السلام إلى الأشعث يعزّيه بأخ له يقال له عبد الرحمن ، فقال له : ان جزعت فحقّ الرحم أتيت ، و ان صبرت فحقّ اللّه

____________________

( ١ ) الكافي ٣ : ٢٦١ ح ٤٠ و التحف لابن أبي شعبة الحراني : ١٤٥ .

٤٤٤

أديت ، على انّك ان صبرت جرى عليك القضاء و أنت محمود و ان جزعت جرى عليك القضاء و أنت مذموم فقال له الأشعث : انّا للّه و إنّا إليه راجعون فقالعليه‌السلام له : أتدري ما تأويلها ؟ قال : لا ، أنت غاية العلم و منتهاه فقالعليه‌السلام : اما قولك١ « إنّا للّه » فإقرار منك بالملك ، و اما قولك « إنّا للّه و إنّا إليه راجعون » فإقرار منك بالهلك .

و مثله الثاني في ( تحفه )٢ ، و رواه المبرد في ( كامله ) من قوله « ان صبرت إلى و أنت مأزور »٣ .

و كيف كان ، فالتعزية مندوب إليها ، ففي الخبر : قال داودعليه‌السلام : إلهي ما جزاء من يعزّي الحزين و المصاب ابتغاء مرضاتك ؟ قال : أن أكسوه رداء من أردية الايمان أستره به من النار و أدخله به الجنّة٤ .

و في الخبر : قال موسىعليه‌السلام : يا ربّ ما لمن عزّى الثكلى ؟ قال : أظلّه في ظلّي يوم لا ظلّ إلاّ ظلّي٥ .

أيضا قال النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله : من عزّى مصابا كان له مثل أجره من غير أن ينقص من أجر المصاب شي‏ء٦ .

هذا ، و روى الخطيب في محمد بن بشر البغدادي ان النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله عزّى معاذ بن جبل و هو وال باليمن عن ابن له ، فكتب إليه : أعظم اللّه لك الأجر و ألهمك الصبر و رزقك الصبر عند البلاء و الشكر عند الرخاء ، أنفسنا و أموالنا

____________________

( ١ ) الكافي ٣ : ٢٦١ ح ٢٠ .

( ٢ ) التحف : ١٤٥ .

( ٣ ) الكامل للمبرّد ٣ : ١١٧٤ .

( ٤ ) بحار الأنوار ٨٣ : ٩٥ ح ٤٦ الباب ١٦ .

( ٥ ) بحار الأنوار ٨٢ : ١١٣ ، ح ٥٧ الباب ١٦ .

( ٦ ) الكافي ٣ : ٢٠٥ ح ٢ .

٤٤٥

و أهلونا من مواهب اللّه الهنيّة و عواريه المستودعة ، يمتّعنا بها إلى أجل معدود و يقضيها لوقت معلوم ، و حقّه علينا هناك اذا أبلانا الصبر ، فعليك بتقوى اللّه و حسن العزاء ، فان الحزن لا يردّ ميتا و لا يؤخّر أجلا ، و ان الأسف لا يرد ما هو نازل بالعباد١ .

« يا أشعث إن تحزن على ابنك فقد استحقت منك ذلك » هكذا في ( المصرية )٢ و الصواب : « ذلك منك » كما في ( ابن أبي الحديد٣ و ابن ميثم و النسخة الخطية ) .

« الرحم » لشاعر :

و سميته يحيى ليحيا و لم يكن

إلى رد أمر اللّه فيه سبيل

تيمنت فيه الفال حين رزقته

و لم أدر ان الفال فيه يفيل٤

في ( الجزري ) في وقائع سنة ( ٦١٢ ) : توفي ولد الخليفة و كان يلقّب الملك المعظّم و حزن عليه الخليفة حزنا لم يسمع بمثله حتى انّه أرسل إلى أطراف الأصحاب ينهاهم عن إنفاذ رسول إليه يعزّيه بولده ، و لم يقرأ كتابا و لا سمع رسالة و انقطع و خلا بهمومه و أحزانه ، و رؤي عليه من الحزن و الجزع ما لم يسمع بمثله ، و مشى جميع الناس بين يدي التابوت إلى تربة جدّته عند قبر معروف الكرخي ، و لما أدخل التابوت اغلقت الأبواب و سمع الصراخ العظيم من داخل التربة ، فقيل ان ذلك صوت الخليفة ، و اما العامة ببغداد فانّهم وجدوا عليه وجدا شديدا ، و دامت المناجاة عليه في أقطار بغداد ليلا و نهارا ، و لم يبق

____________________

( ١ ) الخطيب ٢ : ٨٩ .

( ٢ ) في الطبعة المصححة « ذلك منك » : ٧٢٧ الحكمة ( ٢٩٣ ) .

( ٣ ) شرح ابن أبي الحديد ١٩ : ١٩٢ ، وردت عبارة « منك ذلك » في شرح ابن ميثم ٥ : ٣٩١ ح ٢٧٥ أمّا النسخة الخطية فقد سقط النص منها .

( ٤ ) شرح ابن أبي الحديد ١٩ : ١٩٤ .

٤٤٦

ببغداد محلّة إلاّ و فيها النوح ، و لم تبق المرأة إلاّ و أظهرت الحزن١ .

و عن الزبير بن بكار : ان ابن الزبير خطب بعد قتل المصعب أخيه : أتانا من العراق خبر أحزننا و أفرحنا ، فأما الذي أحزننا فإن لفراق الحميم لذعة يجدها حميمه عند المصيبة٢ .

« و ان تصبر ففي اللّه » أي : في ثوابه « من كلّ مصيبة خلف » .

قال الجاحظ : كان عليّعليه‌السلام اذا عزّى قوما قال : ان تجزعوا فأهل ذلك الرحم ، و ان تصبروا ففي ثواب اللّه عوض من كلّ فائت ، و ان أعظم مصيبة أصيب بها المسلمون محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله .

و قال سهل بن هارون : التهنئة بآجل الثواب أولى من التعزية على عاجل المصيبة .

« يا أشعث ان صبرت جرى عليك القدر و أنت مأجور » .

خطوب المنايا صرحت عن مواهب

مواهب أجر من نتاج المصائب

روي ان داودعليه‌السلام مات له ولد فحزن عليه ، فأوحى إليه : ما كان يعدل هذا الولد عندك ؟ قال : مل‏ء الأرض ذهبا قال تعالى فلك عندي مل‏ء الأرض ثوابا٣ .

« و ان جزعت جرى عليك القضاء و أنت مأزور » ماضي مأزور « وزر » من باب علم و حسب و شرف ، و أصله موزور ، و انّما قيل مأزور في قبال مأجور و لو أفرد عنه يقال موزور .

____________________

( ١ ) الكامل للجزري ١٢ : ٣٠٨ .

( ٢ ) الموفقيات : ٥٤٠ .

( ٣ ) بحار الأنوار ٨٢ : ١٢١ ح ١٤ ب ١٧ .

٤٤٧

و في ( المعجم ) : عن الصولي قال : لما مات غلام أبي الجهم من عمّال ابن الزيّات خاطب ملك الموت و قال :

و قد ملأوا الأرض عرضا و طولا

و أقبلت تسعى إلى واحدي ضرارا

كأنّي قتلت الرسولا

فسوف ادين بترك الصلاة

و اصطبح الخمر صرفا شمولا١

و قالوا : كان رجل من عاد مسمّى بحمار ، فمات أولاد له بصاعقة فكفر كفرا عظيما ، فلا يمرّ بأرضه أحد إلاّ دعاه إلى الكفر ، فان أجابه و إلاّ قتله ، و به يضرب المثل في قولهم « أكفر من حمار » .

و قيل : المصيبة واحدة إن صبرت ، و إلاّ فمصيبتان ، و المصيبة بالأجر أعظم من المعصية بالاخر .

ان يكن ما أصبت به جليلا

فذهاب العزاء فيه أجلّ

كل آت لا شك آت و ذو ال

جهل معنى و الهم و الحزن فضل

و لما مات ابنا الفرزدق قال :

فما ابناك إلاّ من بني الناس فاصبري

فلن يرجع الموتى حنين المآتم

و في ( الجزري ) : مات ابن للسلطان ملك شاه في سنة ( ٤٧٤ ) فجزع عليه جزعا شديدا و حزن عليه حزنا عظيما و منع من أخذه و غسله حتى تغيّرت رائحته و أراد قتل نفسه مرّات٢ .

« يا أشعث ابنك » هكذا في ( المصرية )٣ و لكن كلمة « ابنك » زائدة قطعا لعدم وجودها في ( ابن أبي الحديد و ابن ميثم و الخطية ) ، و أما « يا أشعث » فإنّما

____________________

( ١ ) المعجم ١ : ١٦٩ .

( ٢ ) الكامل في التاريخ لبن الاثير ١٠ : ١٢٢ .

( ٣ ) الطبعة المصححة لا وجود لها : ٧٢٧ .

٤٤٨

هي في الأول١ .

« سرّك و هو بلاء و فتنة »إنّما أموالكم و أولادكم فتنة .٢ .

« و حزنك و هو ثواب و رحمة » عزّى رجل الهادي بن المهدي العباسي عن ابن له فقال :

كان لك من زينة الحياة الدّنيا

و هو اليوم من الباقيات الصالحات

و قال الطائي :

عليك بثوب الصبر إذ فيه ملبس

فإن ابنك المحمود بعد ابنك الصبر

و في ( الطبري ) : قدم المهدي البصرة فمر في سكة قريش و كانوا يتشأمون بها و صاحب شرطته أمامه و ابنته البانوقة بينه و بين صاحب الشرطة في هيئة الفتيان عليها قباء أسود و منطقة و شاشة متقلّدة السيف و كان ثدياها قد رفعا القباء ، ثم ماتت ببغداد فأظهر عليها المهدي جزعا لم يسمع بمثله ، فجلس للناس يعزونه ، فأكثر الناس و أجمعوا على أنّهم لم يسمعوا تعزية أو جز و أبلغ من تعزية شبيب ابن شيبة ، فقال له : اللّه خير لها منك ، و ثواب اللّه خير لك منها ، و أنا أسأل ألا يحزنك و لا يفتنك٣ .

و روى ( الاستيعاب ) عن ابراهيم بن الأشتر عن أبيه عن أم ذر زوجة أبي ذر قالت : بكيت فقال أبو ذر : ما يبكيك ؟ فقلت : ما لي لا أبكي و أنت تموت بفلاة إلى أن قال فقال : فابشري و لا تبكي ، فانّي سمعت النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : لا يموت بين امرئين مسلمين ولدان أو ثلاثة فيصبران و يحتسبان فيريان النار أبدا ،

و قد مات لنا ثلاثة من الولد .٤ .

____________________

( ١ ) شرح نهج البلغة لابن ميثم ٥ : ٣٩١ ح ٧٥ .

( ٢ ) التغابن : ١٥ .

( ٣ ) تاريخ الطبري ٦ : ١٦٩ .

( ٤ ) الاستيعاب ١ : ٢٥٣ ٢٥٤ .

٤٤٩

و في ( كامل المبرد ) : قالت الخنساء ترثي أخاها معاوية بن عمرو من أبيها و أمّها :

أريقي من دموعك و استفيقي

و صبرا ان أطقت و لن تطيقي

إلى أن قالت :

فلا و اللّه لا تسلاك نفسي

لفاحشة أتيت و لا عقوق

و لكنّي رأيت الصبر خيرا

من النعلين و الرأس الحليق

و قال في معنى البيت الأخير : ان المرأة اذا كانت أصيبت بحميم جعلت في يديها نعلين تصفق بهما صدرها و وجهها١ .

و نظرت أعرابية إلى امرأة حولها عشرة من بنيها كأنّهم الصقور ،

فقالت : لقد ولدت لكم حزنا طويلا .

و قيل لاعرابية مات ابنها : ما أحسن عزاءك فقالت : ان فقدي إيّاه آمنني من المصيبة بعده٢ .

هذا ، و قيل لأعرابي : كيف حزنك اليوم على ولدك ؟ فقال : ما ترك حب الغداء و العشاء لي حزنا .

٢ الحكمة ( ٤١٣ ) و قالعليه‌السلام :

مَنْ صَبَرَ صَبْرَ اَلْأَحْرَارِ وَ إِلاَّ سَلاَ سُلُوَّ اَلْأَغْمَارِ وَ فِي خَبَرٍ آخَرَ أَنَّهُ ع قَالَ ؟ لِلْأَشْعَثِ بْنِ قَيْسٍ ؟ مُعَزِّياً إِنْ صَبَرْتَ صَبْرَ اَلْأَكَارِمِ وَ إِلاَّ سَلَوْتَ سُلُوَّ اَلْبَهَائِمِ

____________________

( ١ ) الكامل للمبرّد ٣ : ١٢١٧ .

( ٢ ) نهاية الارب ٥ : ١٦٤ .

٤٥٠

« من صبر صبر الأحرار و إلاّ سلا سلّو الأغمار » .

الأصل في سلا « سلا سلوا » مثل قعد قعودا ، و أما « سلى سليا » فلغة قال أبو زيد : السلو : طيب نفس الألف عن ألفه ، كما أنّ الأصل في الغمر الصبي الذي لا عقل له ، و يقال لكلّ من لا خير فيه و لا غناء عنده .

و في ( المروج ) : اعتلّت حبابة مغنية يزيد بن عبد الملك و كانت ذات يوم غنّته فطرب طربا ثم قال : أريد أن أطير .

فقالت : فعلى من تدع الامة ؟ قال : إليك و أقام أياما لا يظهر للناس ، ثمّ ماتت فأقام أياما لا يدفنها جزعا عليها حتى جيفت ، فقيل : ان الناس يتحدّثون بجزعك و ان الخلافة تجلّ عن ذلك ، فدفنها و أقام على قبرها فقال :

فان تسل عنك النفس أو تدع الهوى

فباليأس تسلو النفس لا بالتجلّد

و قالوا أيضا : لمّا توفيت أكبّ عليها يتشممها أياما حتى أنتنت إلى أن قال و طعن في جنازتها فدفنوه إلى سبعة عشر يوما١ .

« و في خبر آخر أنّه قال للأشعث بن قيس معزّيا : إن صبرت صبر الأكارم و إلاّ سلوت سلوّ البهائم »٢ .

قال ابن أبي الحديد : حكاه أبو تمام فقال :

و قال علي في التعازي لأشعث

و خاف عليه بعض تلك المآثم

أتصبر للبلوى عزاء و حسبة

فتوجر أم تسلو سلو البهائم٣

قلت : و قد أخذه آخر فقال :

إذا أنت لم تسل اصطبارا و حسبة

سلوت على الأيام مثل البهائم

____________________

( ١ ) المروج ٣ : ١٩٨ .

( ٢ ) شرح ابن أبي الحديد ٢٠ : ٥٠ .

( ٣ ) المصدر نفسه ٢٠ : ٥٠ .

٤٥١

و في خبر آخر رواه المبرّد في ( كامله ) : كان عليعليه‌السلام يقول عند التعزية :

« عليكم بالصبر فإنّ به يأخذ الحازم و إليه يعود الجازع »١ و في خبر آخر رواه ابن أبي شعبة في ( تحفه ) أنّهعليه‌السلام عزّى ابن عباس عن مولود صغير له مات فقال : لمصيبة في غيرك لك أجرها أحبّ إليّ من مصيبة فيك لغيرك ثوابها ،

فكان لك الأجر لا بك و حسن لك العزاء لا عنك و عوّضك اللّه عنه مثل الذي عوّضه منك٢ .

و في ( تنبيه القالي ) عن حذيفة : ما خلق اللّه تعالى شيئا إلاّ صغيرا ثم يكبر إلاّ المصيبة فانّه خلقها كبيرة ثم تصغر٣ .

و في ( الأغاني ) : كثر بكاء غيلان بن سلمة الثقفي على ابنه نافع لما قتل مع خالد بن الوليد بدومة الجندل ، فعوتب في ذلك فقال : و اللّه لا تسمح عيني بمائها فأضنّ به على نافع ، فلما تطاول العهد انقطع ذلك فقال : بلى نافع و بلى الجزع و فنيت الدموع و اللحاق به قريب٤ .

هذا ، و في ( كامل المبرد ) : قال ابن عياش : نزلت بي مصيبة أو جعتني فذكرت قول ذي الرمة :

لعل انحدار الدمع يعقب راحة

من الوجد أو يشفي نجي البلابل

فخلوت فبكيت فسلوت٥ .

____________________

( ١ ) الكامل لأبي العباس المبرد ٣ : ١١٧٤ .

( ٢ ) تحف العقول لأبي شعبة : ١٤٥ .

( ٣ ) ذكره في النوادر و ليس في التنبيه : ١٩٦ .

( ٤ ) الأغاني ١٣ : ٢٠٨ .

( ٥ ) الكامل في الأدب ١ : ٨٠ .

٤٥٢

٣ الحكمة ( ٤٤٨ ) و قالعليه‌السلام :

مَنْ عَظَّمَ صِغَارَ اَلْمَصَائِبِ اِبْتَلاَهُ اَللَّهُ بِكِبَارِهَا أقول : في ( كامل المبرد ) : قال علي بن الحسينعليه‌السلام حين مات ابنه فلم ير منه جزع ، فسئل عن ذلك فقال : أمر كنّا نتوقعه فلما وقع لم ننكره١ .

و قيل : ان حارث بن عبد اللّه الباهلي كان له بنون سبعة حلب لهم في علبة فمج فيها أفعى فبعث بها إليهم فشربوها فماتوا جميعا ، و هلكت لجار له شاة فجعل يعلن بالبكاء عليها ، فقال قائل :

يا أيها الباكي على شاته

يبكي جهارا غير اسرار

ان الرزيئات و أمثالها

ما لقي الحارث في الدار٢

و قالوا : دخل كعب البقر الهاشمي على محمد بن عبد اللّه بن طاهر يعزّيه بأخيه فقال : أعظم اللّه مصيبة الأمير فقال : أما فيك فقد فعل٣ .

٤ الحكمة ( ١٨٩ ) و قالعليه‌السلام :

مَنْ لَمْ يُنْجِهِ اَلصَّبْرُ أَهْلَكَهُ اَلْجَزَعُ أقول : كما في يزيد بن عبد الملك في جاريته حبابة أهلكه الجزع لما لم يصبر فمات بعدها بأيام٤ .

____________________

( ١ ) الكامل للمبرّد ٣ : ١٢٠٤ .

( ٢ ) الكامل للمبرّد ٣ : ١٢٠٤ .

( ٣ ) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ١٨ : ١٦١ .

( ٤ ) مروج الذهب للمسعودي ٣ : ٢٠٩ .

٤٥٣

و روى ( الكافي ) عن الصادقعليه‌السلام قال : ان الصبر و البلاء يستبقان إلى المؤمن فيأتيه البلاء و هو صبور ، و ان الجزع و البلاء يستبقان إلى الكافر فيأتيه البلاء و هو جزوع١ .

و عنهعليه‌السلام قال : لا تعدّن مصيبة أعطيت عليها الصبر و استوجبت من اللّه تعالى عليها الثواب ، انّما المصيبة التي يحرم صاحبها أجرها و ثوابها اذا لم يصبر عند نزولها٢ .

هذا ، و في ( الحلية ) مات للشبلي ابن كان اسمه غالبا فجزت امه شعرها عليه ، و كان للشبلي لحية كبيرة فأمر بحلق الجميع ، فقيل له : يا استاذ ما حملك على هذا ؟ فقال : جزّت هذه شعرها على مفقود فكيف لا أحلق لحيتي أنا على موجود٣ .

قلت : و من العجب ، هذا أحد معروفي مشائخ الصوفية و هذه أعماله ، مع انّه نقل عن خير النساج قال : جاءنا الشبلي و هو سكران فنظرنا و لم يكلّمنا ،

فانهجم على الجنيد في بيته و هو جالس مع امرأته مكشوفة الرأس فهمّت أن تغطي رأسها فقال لها الجنيد : لا عليك ليس هو هناك قال فصفق على رأس الجنيد و أنشأ يقول :

« عودوني الوصال و الوصال عذب . »٤ .

و قال : قال رجل : نراك جسيما بدينا و المحبة تضمني فأنشأ :

أحب قلبي و ما درى بدني

و لو درى ما أقام في السمن٥

و نقل ان أبا بكر بن مجاهد قال له : أخبرت انّك تحرق الثياب و الخبز

____________________

( ١ ) الكافي ٣ : ٢٢٣ ح ٣ .

( ٢ ) الكافي ٣ : ٢٢٤ ح ٧ .

( ٣ ) الحلية ١٠ : ٣٧٠ .

( ٤ ) الحلية ١٠ : ٣٦٧ .

( ٥ ) الحليّة ١٠ : ٣٧١ .

٤٥٤

و الأطعمة و ما ينتفع به الناس من منافعهم و مصالحهم ، أين هذا من العلم و الشرع ؟ فقال له :قول اللّه فطفق مسحا بالسوق و الأعناق ١ أين هذا من العلم ؟ فسكت ابن مجاهد و قال : كأنّي لم أقرأها قط٢ .

قلت : و كفاهما خزيا استدلالا و اقتناعا .

٥ الحكمة ( ٣٥٧ ) وَ عَزَّى قَوْماً عَنْ مَيِّتٍ مَاتَ لَهُمْ فَقَالَ :

إِنَّ هَذَا اَلْأَمْرَ لَيْسَ لَكُمْ بَدَأَ وَ لاَ إِلَيْكُمُ اِنْتَهَى وَ قَدْ كَانَ صَاحِبُكُمْ هَذَا يُسَافِرُ فَعُدُّوهُ فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ فَإِنْ قَدِمَ عَلَيْكُمْ وَ إِلاَّ قَدِمْتُمْ عَلَيْهِ « إنّ هذا الأمر » أي : الموت الذي نزل بصاحبهم .

« ليس لكم بدأ » هكذا في النسخ ، و لكن الظاهر ان الأصل « ليس بكم بدأ » .

« و لا إليكم انتهى » أخذ المعنى الفرزدق فقال لمّا مات ابناه مخاطبا لامرأته :

و قد رزى‏ء الأقوام قبلي بابنهم

و اخوانهم فاقني حياء الكرائم

و مات أبي و المنذران كلاهما

و عمرو بن كلثوم شهاب الأراقم

و قد كان مات الأقرعان و حاجب

و عمرو أبو عمرو و قيس بن عاصم

و قد مات بسطام بن قيس بن خالد

و مات أبو غسان شيخ اللهازم

و قد مات خيراهم فلم يهلكاهم

عشية بانا رهط كعب و حاتم

فما ابناك إلاّ من بني الناس فاصبري

فلن يرجع الموتى حنين المآتم٣

____________________

( ١ ) ص ٣٣ .

( ٢ ) الحلية ١٠ : ٣٧٤ .

( ٣ ) ديوان الفرزدق ٢ : ٢٠٦ .

٤٥٥

و عزّى رجل آخر فقال : و العجب كيف يعزّي ميت ميتا عن ميت .

و في ( عيون الصدوق ) : نعي إلى الصادقعليه‌السلام اسماعيل بن جعفر و هو أكبر أولاده و هو يريد أن يأكل و قد اجتمع ندماؤه فتبسّم ثم دعا بطعامه و قعد معهم و جعل يأكل أحسن من أكله سائر الأيام و يحثّهم على الأكل و يضع بين أيديهم و يعجبون منه ألا يرون للحزن أثرا ، فلما فرغوا قالوا : يابن رسول اللّه لقد رأينا عجبا ، أصبت بمثل هذا الابن و أنت كما ترى قال : و مالي لا أكون كما ترون و قد جاءني خبر أصدق الصادقين أنّي ميّت و إيّاكم ، ان قوما عرفوا الموت فجعلوه نصب أعينهم لم ينكروا من يخطفه الموت منهم و سلموا لأمر خالقهم عزّ و جل١ .

« و قد كان صاحبكم هذا يسافر فعدوه في بعض أسفاره » هكذا في ( المصرية )٢ و الصواب : « سفراته » كما في ( ابن أبي الحديد و ابن ميثم و الخطية )٣ .

« فإن قدم عليكم و إلاّ فأنتم قدمتم عليه » أخذ كلامهعليه‌السلام هذا الحجاج ، فكتب إلى الوليد في جواب تعزيته له بأخيه محمّد : ما التقيت أنا و محمد منذ كذا و كذا سنة إلاّ عاما واحدا ، و ما غاب عنّي غيبة ، أنا لقرب اللقاء فيها أرجى من غيبته هذه في دار لا يفترق فيها .

و قال البحتري للذفافي في أخيه :

نودي كما أودي و نشرب كأسه

الملأى و نسلك نهجه المسلوكا٤

و قال أخو لبيد :

____________________

( ١ ) العيون للصدوق ٢ : ٢ ، و نقله المجلسي في بحار الأنوار ٤٧ : ١٨ ح ٧ .

( ٢ ) الطبعة المصرية المصححة : ٧٤٠ الحكمة ( ٣٥٧ ) .

( ٣ ) شرح ابن أبي الحديد ١٩ : ٢٧٤ .

( ٤ ) ديوان البحتري ٢ : ٩٠ .

٤٥٦

و انا و اخوان لنا قد تتابعوا

لكالمغتدي و الرائح و المتهجر

و في ( أمالي القالي ) : قال رجل من محارب يعزّي ابن عم له على ولده :

و ان أخاك الكاره الورد وارد

و انّك مرأى من أخيك و مسمع

و انّك لا تدري بأيّة بلدة

صداك و لا عن أي جنبيك تصرع

أتجزع ان نفس أتاها حمامها

فهلا التي عن بين جنبيك تدفع١

و قالوا : مات ابن لسليمان بن علي فجزع عليه جزعا شديدا حتى امتنع من الطعام و الشراب و جعل الناس يعزّونه فلا يحفل بذلك ، فدخل عليه يحيى بن منصور فقال : عليكم نزل كتاب اللّه فأنتم أعلم بفرائضه ، و منكم كان رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله فأنتم أعلم بسنّته ، و لست ممّن يعلم من جهل و لا يقوّم من عوج ، و لكن اعزّيك ببيت شعر قال : هاته قال :

و هون ما ألقى من الوجد أنّني

اساكنه في داره اليوم أو غد٢

قال : أعد فأعاد فقال : يا غلام الغداء .

و قال ابن أبي الحديد قال ابراهيم بن المهدي في ولد له :

يؤوب إلى أو طانه كلّ غائب

و أحمد في الغياب ليس يؤوب

تبدل دارا غير داري و جيرة

سواي و أحداث الزمان تنوب

أقام بها مستوطنا غير انّه

على طول أيام المقام غريب

و اني و ان قدّمت قبلي عالم

بأني و إن أبطأت عنك قريب

و ان صباحا نلتقي في مسائه

صباح إلى قلبي الغداة حبيب٣

و قال وضّاح اليمن في رثاء أبيه و أخيه لما أتاه نعيهما :

____________________

( ١ ) الأمالي للقالي : ١٠٥ ، ذيل الأمالي .

( ٢ ) البيان و التبيين للجاحظ ٣ : ٩٧ .

( ٣ ) شرح ابن أبي الحديد ١٩ : ٢٧٤ .

٤٥٧

سأصبر للقضاء فكلّ حي

سيلقى سكرة الموت المذوق

فما الدّنيا بقائمة و فيها

من الأحياء ذو عين رموق

و للأحياء أيام تقضى

يلف ختامها سوقا بسوق

كذلك يبعثون و هم فرادى

ليوم فيه توفية الحقوق١

هذا و في ( كامل المبرّد ) : قال رجل من أصحابنا : شهدت رجلا في طريق مكّة معتكفا على قبر و هو يردّد شيئا و دموعه تكفّ من لحيته ، فدنوت لأسمع ما يقول ، فجعلت العبرة تحول بينه و بين الإبانة ، فقلت له : يا هذا فرفع رأسه إليّ و كأنّما هب من رقدة فقال : ما تشاء فقلت : أعلى أبيك تبكي ؟ قال : لا قلت .

فعلى ابنك ؟ قال : لا ، و لا على نسيب و لا صديق و لكن على من هو أخصّ منهم .

قلت : أو يكون أحد أخص ممّن ذكرت ؟ قال : نعم من أخبرك عنه ، ان هذا المدفون كان عدوّا لي من كلّ باب ، يسعى عليّ في نفسي و في مالي و في ولدي ، فخرج إلى الصيد أيأس ما كنت من عطبه و أكمل ما كان من صحته ، فرمى ظبيا فأفصده فذهب ليأخذه فإذا هو قد أنفذه حتى نجم سهمه من صفحة الظبي ، فعثر فتلقى بفؤاده ظبة السهم فلحقه أولياؤه فانتزعوا السهم و هو و الظبي ميتان ، فنمى إليّ خبره فأسرعت إلى قبره مغتبطا بفقده ، فانّي لضاحك السن إذ وقعت عيني على صخرة فرأيت عليها كتابا فهلم فاقرأه و أو مأ إلى الصخرة فاذا عليها :

و ما نحن إلاّ مثلهم غير اننا

أقمنا قليلا بعدهم و تقدّموا

قلت : اشهد انّك تبكي على من بكاؤك عليه أحقّ من النسيب٢ .

قلت : لأنّه بكاء على نفسه و لا أعزّ من نفسه .

____________________

( ١ ) الأغاني ٦ : ٢٢٩ .

( ٢ ) الكامل للمبرّد ٣ : ١٢٥٥ .

٤٥٨

هذا ، و قالوا : مات ابن لصالح بن عبد القدوس المرمي بالزندقة ، فجزع عليه فقال له أبو الهذيل : لا أعرف لحزنك وجها اذا كان الناس عندك كالزرع .

قال : انّما أتوجع عليه لأنّه لم يقرأ كتاب الشكوك قال : ما هو ؟ قال : كتاب وضعته من قرأه يشكّ فيما كان حتى يتوهّم انّه لم يكن ، و فيما لم يكن حتى يتوهم انّه قد كان فقال له أبو الهذيل : فشك أنت في موت ابنك و اعمل على انّه لم يمت و ان كان قد مات ، و شك أيضا في انّه قد قرأ كتاب الشكوك و ان كان لم يقرأه .

هذا ، و لهعليه‌السلام كلام آخر لم ينقله المصنّف ذكره المبرّد في ( كامله ) فقال في باب اختصار الخطب : كان علي بن أبي طالبعليه‌السلام يقول عند التعزية :

« عليكم بالصبر فانّ به يأخذ الحازم و إليه يعود الجازع »١ .

٦ الحكمة ( ٣٥٤ )

وَ هَنَّأَ بِحَضْرَتِهِ رَجُلٌ رَجُلاً بِغُلاَمٍ وُلِدَ لَهُ فَقَالَ لَهُ لِيَهْنِئْكَ اَلْفَارِسُ فَقَالَ ع لاَ تَقُلْ ذَلِكَ وَ لَكِنْ قُلْ شَكَرْتَ اَلْوَاهِبَ وَ بُورِكَ لَكَ فِي اَلْمَوْهُوبِ وَ بَلَغَ أَشُدَّهُ وَ رُزِقْتَ بِرَّهُ قول المصنّف : « و هنّأ بحضرته رجل رجلا فقال ليهنئك الفارس » في ( عيون القتيبي ) : قال الناجي : كنت عند الحسن البصري فقال رجل : ليهنئك الفارس فقال الحسن : لعلّه يكون بغالا٢ .

« فقالعليه‌السلام لا تقل ذلك » و كما نهى عن « ليهنئك الفارس » في الولادة نهى

____________________

( ١ ) الكامل للمبرّد ٣ : ١١٧٤ ، مرّ في صفحة ١٢١ .

( ٢ ) العيون للقتيبي ٣ : ٦٨ .

٤٥٩

عن « بالرفاء و البنين » في التزويج ، ففي ( تاريخ بغداد ) : قدم عقيل البصرة فتزوج امرأة فقالوا : بالرفاء و البنين فقال : لا تقولوا ذلك ، فانّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله نهانا عن ذلك و أمرنا أن نقول : « بارك اللّه لك و بارك عليك »١ .

هذا و في ( فتوح البلاذري ) : دمون الذي تزوج أبو موسى الأشعري ابنته فولدت له أبا بردة خطة بالبصرة و فيه قالوا : الرفاء و البنون و خبز و كمون في بيت الدمون٢ .

و قالوا : فارق شقيق بن مسليل امرأة و قال لها :

فامّا نكحت فلا بالرفا

اذا ما فعلت و لا بالبنينا

اذا حملت إلى داره

اعد لظهرك سوطا متينا

و كذلك نهى عن قول « استأثر اللّه بفلان » في التكنية عن موته ، ففي ( صفين نصر ) : لما قدم عليعليه‌السلام الكوفة نزل على باب المسجد ، فدخل و صلّى ثم تحوّل و جلس إليه الناس ، فسأل عن رجل من أصحابه كان ينزل الكوفة فقال قائل « استأثر اللّه به » فقالعليه‌السلام : ان اللّه لا يستأثر بأحد من خلقه ، انما أراد اللّه بالموت اعزاز نفسه و إذلال خلقه٣ و قرأ .وَ كُنْتُم أَمْوَاتا فأحْياكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُم ثُمَّ يُحْيِيكُمْ .٤ .

و كذلك نهى عن قولهم « طاب استحمامك » .

ففي ( الكافي ) : قال أبو مريم الأنصاري : ان الحسن بن عليعليه‌السلام خرج من الحمام فلقيه انسان فقال : طاب استحمامك فقال يا لكع و ما تصنع بالاست ههنا ، فقال : « طاب حميك » فقال : أما تعلم ان الحميم العرق قال « طاب

____________________

( ١ ) تاريخ بغداد ١١ : ٤٢ .

( ٢ ) الفتوح للبلاذري : ٤٩٢ .

( ٣ ) وقعة صفين لنصر بن مزاحم : ٥ .

( ٤ ) البقرة : ٢٨ .

٤٦٠