بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة الجزء ١٣

بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة9%

بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة مؤلف:
تصنيف: أمير المؤمنين عليه السلام
الصفحات: 617

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤
  • البداية
  • السابق
  • 617 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 194075 / تحميل: 7305
الحجم الحجم الحجم
بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة

بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة الجزء ١٣

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

كافية لوجوب قبول حديث الولاية المخرج في المسند، ووافية بالردّ على من طعن فيه

وقال ابن الجوزي في ( كتاب الموضوعات ): « فمتى رأيت حديثاً خارجاً عن دواوين الإِسلام: كالموطأ، ومسند أحمد، والصحيحين، وسنن أبي داود، والترمذي، ونحوها، فانظر فيه، فإن كان له نظير في الصحاح والحسان فرتّب أمره، وإن ارتبت به فرأيته يباين الأصول فتأمّل رجال إسناده واعتبر أحوالهم من كتابنا المسمّى بالضعفاء والمتروكين، فإنّك تعرف وجه القدح فيه »(١). .

وفي هذه العبارة عدّ المسند من دواوين الإسلام، وذكره في عداد الموطأ والصحيحين وغيرها من الكتب غير المحتاج إلى نظر والتأمّل في أسانيد أخبارها

اعتماد أبناء روزبهان وتيمية وحجر على ابن الجوزي

فهذا حكم ابن الجوزي في كتابه الموضوعات ولكم اعتمد أمثال أبناء تيميّة وروزبهان وحجر على أحكام ابن الجوزي في كتابه المذكور، خاصّةً في باب فضائل أمير المؤمنينعليه‌السلام وأهل البيت وكذلك صاحب الصواقع و ( الدهلوي ) وأتباعهما ولنذكر نبذة من موارد اعتماد القوم على آراء ابن الجوزي:

قال أبو المؤيد الخوارزمي في أوائل كتابه ( جامع مسانيد أبي حنيفة ): « والدليل على ما ذكرنا أن التعديل متى ترجّح على الجرح يجعل الجرح كأن لم يكن، وقد ذكر ذلك إمام أئمة التحقيق ابن الجوزي في كتاب التحقيق في أحاديث التعليق ».

__________________

(١). الموضوعات ١ / ٩٩.

١٠١

وقال ابن الوزير الصنعاني - في الاُمور الدالة على عدم جواز تكفير أحمد بسبب الإِعتقاد بالتشبيه -: « ومنها - إنّه قد ثبت بالتواتر أنّ الحافظ ابن الجوزي من أئمّة الحنابلة وليس في ذلك نزاع، ولا شك أن تصانيفه في المواعظ وتواليفه في الرقائق مدرس فضلائهم وتحفة علمائهم، فبها يتواعظون ويخطبون، وعليها في جميع أحوالهم يعتمدون، وقد ذكر ابن الجوزي في كتبه هذه ما يقتضي نزاهتهم عن هذه العقيدة، وأنا أورد من كلامه في ذلك »(١). .

وقال ابن حجر المكي - بعد حديث أنا مدينة العلم -: « وقد اضطرب الناس في هذا الحديث، فجماعة منهم ابن الجوزي والنووي وناهيك بهما معرفةً بالحديث وطرقه »(٢). .

وقال ( الدهلوي ) في جواب حديث أنا مدينة العلم: « وذكره ابن الجوزي في الموضوعات».

وقال ابن روزبهان - في بحث حديث النور -: « ذكر ابن الجوزي هذا الحديث بمعناه في كتاب الموضوعات »(٣). .

وقال ابن تيمية في حديث: « أنت أخي ووصيي »: « قال أبو الفرج ابن الجوزي في كتاب الموضوعات »(٤). .

ثناء ابن خلكان على ابن الجوزي

وأثنى ابن خلكان على ابن الجوزي وبالغ في إطرائه حيث ترجمه، وهذه خلاصتها:

__________________

(١). الروض الباسم في الذبّ عن سنّة أبي القاسم.

(٢). الصواعق المحرقة: ١٨٩.

(٣). إبطال الباطل - مخطوط.

(٤). منهاج السنّة ٤ / ٩٥.

١٠٢

« أبو الفرج عبد الرحمن بن أبي الحسن علي الفقيه الحنبلي، الواعظ الملقب جمال الدين، الحافظ، كان علّامة عصره، وإمام وقته في الحديث وصناعة الوعظ، صنف في فنون عديدة منها فكتبه أكثر من أن تعد، وكتب بخطّه شيئاً كثيراً وكانت له في مجالس الوعظ أجوبة نادرة وتوفي ليلة الجمعة ثاني عشر شهر رمضان سنة ٥٩٧ ببغداد، ودفن بباب حرب »(١). .

ثناء الذهبي على ابن الجوزي

وكذلك الذهبي حيث قال:

« ابن الجوزي، الإِمام العلّامة الحافظ، عالم العراق وواعظ الآفاق المفسّر صاحب التصانيف السائرة في فنون العلم حدّث عنه: ابنه الصاحب محيي الدين، وسبطه الواعظ شمس الدين يوسف بن قزغلي، والحافظ عبد الغني، وابن الدبيثي، وابن النجار، وابن خليل والتقي البلداني، وابن عبد الدائم، والنجيب عبد اللطيف، وخلق سواهم وما علمت أحداً من العلماء صنّف ما صنف هذا الرجل حصل له من الحظوة في الوعظ ما لم يحصل لأحدٍ قط »(٢). .

ثناء السيوطي على ابن الجوزي

والسيوطي أيضاً أثنى عليه كذلك، قال:

__________________

(١). وفيات الأعيان ٣ / ١٤٠.

(٢). تذكرة الحفّاظ ٤ / ١٣٤٢.

١٠٣

« ابن الجوزي، الإِمام العلّامة الحافظ، عالم العراق وواعظ الآفاق، جمال الدين أبو الفرج صاحب التصانيف السائرة في فنون العلم وما علمت أحداً من العلماء صنّف ما صنّف، وحصل له من الحظوة في الوعظ ما لم يحصل لأحدٍ قط. قيل: إنّه حضره في بعض المجالس مائة ألف، وحضره ملوك ووزراء وخلفاء، وقال: كتبت بإصبعي ألف مجلّد، وتاب على يدي مائة ألف، وأسلم على يدي عشرون ألفاً »(١). .

كلام ابن الوزير في مدح المسند

وقال محمّد بن إبراهيم الصّنعاني المعروف بابن الوزير - بعد ذكر عبارة ابن دحية حول استشهاد الإِمام الحسين بن عليعليهما‌السلام -: « وفيما ذكره ابن دحية اُوضح دليل على براءة المحدّثين وأهل السنّة فيما افتراه عليهم المعترض من نسبتهم إلى التشيع ليزيد وتصويب قتله الحسين. كيف؟ وهذه رواياتهم مفصحة بضد ذلك كما بيّناه، في مسند أحمد، وصحيح البخاري، وجامع الترمذي، وأمثالها.

وهذه الكتب هي مفزعهم وإلى ما فيها مرجعهم، وهي التي يخضعون لنصوصها ويقصرون التعظيم عليها بخصوصها »(٢). .

وعليه، فمسند أحمد مفزع المحدّثين وإليه مرجعهم وهم خاضعون لنصوصه والأحاديث المروية فيه فويل ( للدهلوي ) المقلّد ( للكابلي ) التابع ( لابن تيمية ) هؤلاء الذين أبطلوا حديث الولاية المخرّج في ( المسند ) و ( جامع الترمذي ) وأمثالهما فإنّهم خرجوا عن طريقة المحدّثين،

__________________

(١). طبقات الحفّاظ: ٤٨٠.

(٢). الروض الباسم في الذبّ عن سنّة أبي القاسم.

١٠٤

وشقّوا عصا المجمعين، وخالفوا سنّة رسول ربّ العالمين.

كلام أبي مهدي المغربي في مدح المسند

وقال أبو مهدي عيسى بن محمّد المغربي - وهو أحد المشايخ السبعة الذين يفتخر شاه ولي الله الدهلوي باتّصال أسناده إليهم - في مدح كتاب ( المسند ) ما نصّه:

« وألّف مسنده، وهو أصل من اُصول هذه الاُمة، جمع فيه ما لم يتّفق لغيره وله التصانيف الفائقة، فمنها المسند، وهو ثلاثون ألفاً وبزيادة ابنه عبد الله أربعون ألف حديث وقال فيه - وقد جمع أولاده وقرأه عليهم -: هذا الكتاب قد جمعته وانتقيته من أكثر من سبعمائة ألف وخمسين ألفاً، فما اختلف فيه المسلمون من حديث رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - فارجعوا إليه، فإنْ وجدتموه فيه وإلّا ليس بحجة »(١). .

كلام عبد الحق الدهلوي في مدح المسند

وقال الشيخ عبد الحقّ الدّهلوي في وصف المسند:

« ومسند الإِمام أحمد معروف بين الناس، جمع فيه أكثر من ثلاثين ألف حديث، وكان كتابه في زمانه أعلى وأرفع وأجمع الكتب »(٢). .

__________________

(١). مقاليد الأسانيد - ترجمة أحمد بن حنبل

(٢). رجال المشكاة - ترجمة أحمد بن حنبل

١٠٥

كلام ولي الله الدهلوي في مدح المسند

وقال عبد الرحيم الدهلوي والد ( الدهلوي ): « الطبقة الثانية: كتب لم تبلغ مبلغ الموطأ والصحيحين ولكنها تتلوها، كان مصنّفوها معروفين بالوثوق والعدالة والحفظ والتبحّر في فنون الحديث، لم يرضوا في كتبهم هذه بالتساهل فيما اشترطوا على أنفسهم، فتلقاها من بعدهم بالقبول واعتنى بها المحدّثون والفقهاء طبقة بعد طبقةً، واشتهرت فيما بين الناس وتعلّق بها القوم شرحا لغريبها وفحصا عن رجالها واستنباطا لفقهها، وعلى تلك الأحاديث بناء عامّة العلوم، كسنن أبي داود وجامع الترمذي ومجتبى النسائي. وهذه الكتب مع الطبقة الاُولى اعتنى بأحاديثها رزين في تجريد الصّحاح، وابن الأثير في جامع الأصول.

وكاد مسند أحمد يكون من جملة هذه الطبقة، فإن الإِمام أحمد جعله أصلاً يعرف به الصحيح والسقيم. قال: ما ليس فيه فلا تقبلوه »(١). .

كلام ( الدهلوي ) في مدح المسند

و ( الدهلوي ) نفسه مدح المسند كذلك، ونقل حكاية جمع أحمد أولاده وقراءته عليهم المسند وما قال لهم في وصفه(٢). .

__________________

(١). حجّة الله البالغة - طبقات كتب الحديث.

(٢). بستان المحدّثين - ترجمة أحمد

١٠٦

(٤)

رواية الترمذي

وأخرج الترمذي حديث الولاية في صحيحه قائلاً:

« حدّثنا قتيبة بن سعيد، نا جعفر بن سليمان الضبعي، عن يزيد الرشك، عن مطرف بن عبد الله، عن عمران بن حصين قال: بعث رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - جيشاً، واستعمل عليهم علي بن أبي طالب، فمضى في السرية، فأصاب جاريةً، فأنكروا عليه، وتعاقد أربعة من أصحاب رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - فقالوا: إذا لقينا رسول الله أخبرناه بما صنع علي، وكان المسلمون إذا رجعوا من سفرٍ بدأوا برسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - فسلّموا عليه ثم انصرفوا إلى رحالهم، فلما قدمت السرية سلّموا على النبيّ، فقام أحد الأربعة فقال:

يا رسول الله، ألم تر إلى علي بن أبي طالب صنع كذا وكذا، فأعرض عنه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم.

ثم قام الثاني، فقال مثل مقالته، فأعرض عنه رسول الله.

ثم قام إليه الثالث فقال مثل مقالته، فأعرض عنه رسول الله.

ثم قام الرابع فقال مثل ما قالوا: فأقبل إليه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم - والغضب يعرف في وجهه - فقال:

ما تريدون من علي! ما تريدون من علي! ما تريدون من علي! إن علياً منّي وأنا منه وهو ولي كلّ مؤمنٍ من بعدي.

هذا حديث حسن غريب لا نعرفه إلّا من حديث جعفر بن سليمان »(١). .

__________________

(١). صحيح الترمذي ٥ / ٦٣٢.

١٠٧

وثاقة رجال الإِسناد

ورجال هذا السند كلّهم ثقات بلا كلام:

١ - الترمذي

أما الترمذي نفسه، فغني عن التعريف، وإنْ شئت الوقوف على طرفٍ من كلماتهم في مدحه والثناء عليه وتوثيقه والإِستناد إليه، فراجع الكتب الرجاليّة وغيرها، مثل:

١ - سير أعلام النبلاء ١٣ / ٢٧٠.

٢ - تذكرة الحفّاظ ٢ / ٦٣٣.

٣ - الوافي بالوفيات ٤ / ٢٩٤.

٤ - تهذيب التهذيب ٩ / ٣٨٧.

٥ - البداية والنهاية ١١ / ٦٦.

٦ - العبر ٢ / ٦٢.

٧ - النجوم الزاهرة ٣ / ٨٨.

٨ - طبقات الحفّاظ: ٢٧٨.

٩ - وفيات الأعيان ٤ / ٢٧٨.

١٠ - شذرات الذهب ٢ / ١٧٤.

١١ - مرآة الجنان ٢ / ١٩٣.

١٢ - الكامل في التاريخ ٧ / ١٥٢.

١٣ - المختصر في أخبار البشر ٢ / ٥٩.

١٤ - اللباب في الأنساب ١ / ١٧٤.

١٠٨

٢ - قتيبة بن سعيد

وأما قتيبة بن سعيد بن جميل بن طريف، فهو محدّث جليل القدر، روى عنه الشيخان وغيرهما:

السمعاني: « قتيبة بن سعيد بن جميل بن طريف بن عبد الله البغلاني، المحدّث المشهور في الشرق والغرب، له رحلة إلى: العراق، والحجاز، والشام، وديار مصر، وعمّر العمر الطويل حتى كتب عنه البطون، ورحل إليه أئمة الدنيا من الأمصار.

سمع مالك بن أنس، والليث، وأقرانهما.

روى عنه الأئمّة الخمسة: البخاري، ومسلم، وأبو داود، وأبو عيسى، وأبو عبد الرحمن، ومن لا يحصى كثرة »(١). .

الذهبي: « قال أبو بكر الأثرم: وسمعته - يعني أحمد بن حنبل - ذكر قتيبة فأثنى عليه وقال: هو آخر من سمع من ابن لهيعة. وقال أحمد بن أبي خيثمة عن يحيى بن معين، وأبو حاتم، والنسائي: ثقة. زاد النسائي: صدوق. وقال أبو داود: قدم قتيبة بغداد سنة ١٦ فجاء، أحمد ويحيى، وقال ابن خراش: صدوق وقال عبد الله بن محمّد بن سيّار الفرهاني: قتيبة صدوق ليس أحد من الكبار إلّا وقد حمل عنه بالعراق »(٢). .

٣ - جعفر بن سليمان

٤ - يزيد الرشك

__________________

(١). الأنساب - البغلاني ٢ / ٢٥٧.

(٢). تذهيب تهذيب الكمال - مخطوط

١٠٩

٥ - مطرف بن عبد الله

وهؤلاء عرفتهم سابقاً فلا نكرّر

(٥)

رواية النسائي

ورواه أبو عبد الرحمن النسائي بإسناده قائلاً:

« ثنا قتيبة بن سعيد قال: ثنا جعفر - يعني ابن سليمان - عن يزيد الرشك، عن مطرف بن عبد الله، عن عمران بن حصين قال: بعث رسول الله صلّى الله عليه وسلّم جيشاً واستعمل عليهم علي بن أبي طالب ».

« ثنا واصل بن عبد الأعلى، عن ابن فضيل، عن الأجلح، عن عبد الله ابن بريدة عن أبيه قال: بعثنا رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - إلى اليمن مع خالد ابن الوليد وبعث علياً على آخر، وقال: إن التقيتما فعليّ على الناس، وإن تفرّقتما فكل واحدٍ منكما على جنده، فلقينا بني زبيد من أهل اليمن، وظفر المسلمون على المشركين، فقاتلنا المقاتلة وسبينا الذرية، فاصطفى علي جارية لنفسه من السبي، فكتب بذلك خالد بن الوليد إلى النبيّ - صلّى الله عليه وسلّم - وأمرني أن أنال منه. قال: فدفعت الكتاب إليه ونلت من علي، فتغيّر وجه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم. فقلت: هذا مكان العائذ، بعثتني مع رجلٍ وألزمتني بطاعته فبلّغت ما اُرسلت به. فقال رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - لي:

لا تقعنَّ يا بريدة في علي، فإنّ عليّاً منّي وأنا منه وهو وليّكم بعدي »(١). .

وثاقة رجال السند

هذا، وقد روى النسائي في هذا الحديث بطريقين، أوّلهما هو عين سند

__________________

(١). خصائص علي بن أبي طالب: ٧٥.

١١٠

الترمذي المتقدّم الذي عرفت وثاقة رجاله فلا حاجة إلى الإِعادة.

ترجمة النسائي

والنسائي نفسه، وإنْ كان غنياً عن التّعريف، لإِجماع القوم على توثيقه والثناء عليه وعلى كتبه وعلومه حتى أنّ الدار قطني قدّمه على جميع محدّثي زمانه كما في ( تذكرة الحفّاظ )، وقال الذهبي ووالد السبكي: بأنّه أحفظ من مسلم بن الحجاج كما في ( مقاليد الأسانيد ) ولكن لا بأس بإيراد بعض الكلمات في حقّه عن كتاب تذكرة الحفّاظ للذهبي باختصار:

« النسائي، الحافظ الإِمام، شيخ الإِسلام، أبو عبد الرحمن أحمد بن شعيب برع في هذا الشأن وتفرّد بالمعرفة والإِتقان وعلوّ الإِسناد قال حافظ خراسان أبو علي النيسابوري: ثنا الإمام في الحديث بلا مدافعة أبو عبد الرحمن النسائي. قال أحمد بن نصر أبو طالب الحافظ: من يصبر على ما يصبر عليه النسائي؟ قال الدارقطني: أبو عبد الرحمن مقدّم على كلّ من يذكر بهذا العلم من أهل عصره. وقال محمّد بن المظفر الحافظ: سمعت مشايخنا بمصر يصفون اجتهاد النسائي في العبادة بالليل والنهار قال الدار قطني: كان أبو بكر الشافعي كثير الحديث ولم يحدّث عن غير النسائي وقال: رضيت به حجة بيني وبين الله وكانت وفاته في شعبان سنة ٣٠٣. وكان أفقه مشايخ مصر في عصره وأعلمهم بالحديث والرجال. قال أبو سعيد بن يونس في تاريخه: كان النسائي إماماً حافظاً ثبتاً »(١). .

وإنْ شئت المزيد فراجع:

وفيات الأعيان ١ / ٧٧.

__________________

(١). تذكرة الحفّاظ ٢ / ٦٩٨.

١١١

الوافي بالوفيات ٦ / ٤١٦.

مرآة الجنان ٢ / ٢٤٠.

طبقات الشّافعية للسبكي ٣ / ١٤.

طبقات الحفّاظ: ٣٠٣.

وغيرها من كتب التاريخ والرجال

اعتبار كتاب الخصائص

وكتاب ( خصائص أمير المؤمنينعليه‌السلام ) للنسائي من أنفس الكتب وأجلّها وأشهرها ألّفه النسائي لمـّا دخل دمشق ووجد المنحرف بها عن أمير المؤمنينعليه‌السلام كثيراً

وقد اعتمد علماء أهل السنّة على هذا الكتاب ونقلوا عنه، كما أنّ غير واحدٍ منهم ذكروه في بحوثهم مستشهدين به على ولاء أهل السنّة لأهل البيتعليهم‌السلام كما أنّا قد بيّنا في بعض المجلّدات السّابقة - وعلى ضوء كلمات القوم - أن ( خصائص أمير المؤمنين ) للحافظ النسائي إنّما هو قطعة من ( سننه ) الكبير، فتكون الأحاديث الواردة فيه من أحد ( الصحّاح الستّة ) عندهم.

١١٢

(٦)

رواية الحسن بن سفيان النسوي

ورواه الحسن بن سفيان النسوي البالوزي، كما جاء في كتاب الوصابي اليمني حيث روى:

« عن عمران بن حصين -رضي‌الله‌عنه - قال: سمعت رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - يقول: إنّ علياً منّي وأنا منه وهو وليّ كلّ مؤمنٍ بعدي.

أخرجه أبو داود الطيالسي في مسنده، والحسن بن سفيان في فوائده، وأبو نعيم في فضائل الصحابة »(١). .

ترجمة الحسن بن سفيان

والحسن بن سفيان من أكابر المحدّثين الثقات كما يظهر من ترجمته:

١ - السمعاني: « البالوزي - بفتح الباء الموحّدة بعدها الألف واللّام والواو وفي آخرها الزاء - هذه النسبة إلى بالوز، وهي قرية من قرى نسا على ثلاث أو أربع فراسخ منها.

خرجت إليها لزيارة قبر أبي العباس الحسن بن سفيان بن عامر بن عبد العزيز بن النعمان بن عطاء الشيباني البالوزي النسوي من قرية بالوز.

كان محدّث خراسان في عصره، وكان مقدّماً في الفقه والعلم والأدب، وله الرحلة إلى: العراق، والشام، ومصر، والكوفة وصنّف: المسند

__________________

(١). أسنى المطالب في مناقب علي بن أبي طالب - مخطوط.

١١٣

الكبير، والجامع، والمعجم. وهو الرّاوية بخراسان لمصنفات الأئمة وكانت إليه الرحلة بخراسان من أقطار الأرض. سمع منه: أبو حاتم محمّد بن حبان البستي، وأبو بكر أحمد بن إبراهيم الإسماعيلي، وأبو أحمد عبد الله بن عدي الجرجاني الحافظ، وإمام الأئمة أبو بكر محمّد بن إسحاق بن خزيمة ومات في سنة ٣٠٣ وقبره بقرية بالوز مشهور يزار، زرته »(١). .

٢ - الذهبي: « الحسن بن سفيان بن عامر، الحافظ الإِمام، شيخ خراسان قال الحاكم: كان محدّث خراسان في عصره، متقدّماً في التثبّت والكثرة والفهم والفقه والأدب. وقال ابن حبان: كان الحسن ممّن رحل وصنّف وحدّث على تيقّظ، مع صحة الديانة والصلابة في السنّة. وقال أبو بكر أحمد ابن الرازي الحافظ: ليس للحسن في الدنيا نظير »(٢). .

وكذلك ترجم له السبكي وابن قاضي شهبة في ( طبقاتهما ) والسيوطي في ( طبقات الحفّاظ ) حيث ذكروا كلمة الحاكم وغيره في مدحه، ووصفوه بالحفظ والأمامة والتثبّت، وكذلك تجد ترجمته في غيرها من الكتب.

(٧)

رواية أبي يعلى الموصلي

ورواه أبو يعلى أحمد بن علي الموصلي حيث قال:

« حدّثنا عبيد الله، ثنا جعفر بن سليمان، نا يزيد الرشك، عن مطرف بن عبد الله، عن عمران بن حصين، قال: بعث رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم -

__________________

(١). الأنساب - البالوزي ٢ / ٥٨.

(٢). تذكرة الحفاظ ٢ / ٧٠٣.

١١٤

سرية، واستعمل عليهم علي بن أبي طالب، قال: فمضى على السرية. قال عمران: وكان المسلمون إذا قدموا من سفرٍ أو من غزوةٍ أتوا رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - قبل أنْ يأتوا منازلهم، فأخبروه بمسيرهم. قال: فأصاب علي جاريةً، فتعاقد أربعة من أصحاب رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - إذا قدموا على رسول الله ليخبروا به. قال: فقدمت السرية على رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - فأخبروه بمسيرهم، فقام أحد الأربعة فقال:

يا رسول الله، أصاب علي جاريةً. فأعرض عنه.

ثم قام الثاني فقال: يا رسول الله صنع علي كذا وكذا. فأعرض عنه.

قال: ثم قام الثالث فقال: يا رسول الله، صنع علي كذا وكذا. فأعرض عنه.

ثم قام الرابع فقال: يا رسول الله صنع علي كذا وكذا.

قال: فأقبل رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - مغضباً والغضب يعرف في وجهه فقال: ما تريدون من علي؟ علي منّي فأنا منه وهو وليّ كلّ مؤمنٍ بعدي »(١). .

وثاقة رجال الإسناد

ولا يخفى وثاقة رجال هذا السند:

١ - عبيد الله القواريري

أمّا عبيد الله، فهو عبيد الله بن عمر القواريري:

__________________

(١). مسند أبي يعلى ١ / ٢٩٣ رقم ٣٥٥.

١١٥

السمعاني: « كان ثقةً صدوقاً، مكثراً من الحديث روى عنه: أبو قدامة السرخسي، ومحمّد بن إسحاق الصنعاني، وأبو داود السجستاني، وأبو زرعة وأبو حاتم الرازيان، وأحمد بن أبي خيثمة، وأبو القاسم البغوي، وأبو يعلى الموصلي، وغيرهم.

وكان أحمد بن سيّار المروزي يقول: لم أر في جميع من رأيت مثل مسدّد بالبصرة، والقواريري ببغداد، وصدقة بمرو. وثّقه يحيى بن معين وغيره. وقال أبو علي جزرة الحافظ: القواريري. أثبت من الزهراني وأشهر وأعلم بحديث البصرة، وما رأيت أحدا أعلم بحديث البصرة منه.

وتوفي في ذي الحجة سنة ٢٣٥ »(١). .

الذهبي: « خ م د س - عبيد الله بن عمر القواريري، أبو سعيد البصري الحافظ. حدّث بمائة ألف حديث. سمع: حماد بن زيد، وأبا عوانة، وخلقا. وعنه: خ م د، والفريابي، والبغوي، وخلق. وكان يذكر مع مسدّد والزهراني. مات في ذي الحجة ٢٣٥ »(٢). .

ابن حجر: « وعنه: البخاري ومسلم وأبو داود قال ابن معين والعجلي والنسائي: ثقة. وقال صالح جزرة: ثقة صدوق قال: وهو أثبت من الزهراني وأشهر وأعلم بحديث البصرة. قال ابن سعد: ثقة كثير الحديث. وقال أبو حاتم: صدوق وذكره ابن حبان في الثقات. وقال مسلمة بن قاسم: ثقة. وفي الزهرة: روى عنه البخاري خمسة، ومسلم أربعين »(٣). .

٢ - جعفر بن سليمان

٣ - يزيد الرشك

__________________

(١). الأنساب - القواريري

(٢). الكاشف ٢ / ٢٠٣ وانظر العبر ودول الإسلام حوادث سنة ٢٣٥.

(٣). تهذيب التهذيب ٧ / ٣٦ وانظر تقريب التهذيب أيضاً ١ / ٥٣٧.

١١٦

٤ - المطرف بن عبد الله

وهؤلاء عرفت وثاقتهم وشيئاً من مناقبهم فيما سبق.

ترجمة أبي يعلى

ولنذكر طرفاً من كلماتهم في الثناء على أبي يعلى الموصلي:

١ - ابن حبّان: « أحمد بن علي بن المثنى بن يحيى بن عيسى بن هلال التميمي أبو يعلى، من أهل الموصل، من المتقنين في الروايات والمواظبين على رعاية الدين وأسباب الطاعات. مات سنة ٣٠٧ »(١). .

٢ - الذهبي: « أبو يعلى الموصلي، الحافظ الثقة، محدّث الجزيرة قال يزيد بن محمّد الأزدي: كان أبو يعلى من أهل الصّدق والأمانة والدين والعلم ووثقه ابن حبان ووصفه بالإِتقان والدين ثم قال: وبينه وبين النبيّ ثلاثة أنفس. وقال الحاكم: كنت أرى أبا علي الحافظ معجبا بأبي يعلى وإتقانه وحفظه لحديثه حتى كان لا يخفى عليه منه إلّا اليسير. قال الحاكم: هو ثقة مأمون »(٢). .

٣ - الذهبي أيضاً: « كان ثقة صالحاً متقناً يحفظ حديثه. توفي وله ٩٧ سنة »(٣). .

٤ - الصفدي: « الحافظ صاحب المسند، سمع جماعةً كباراً، وله تصانيف في الزهد وغيره. غلّقت له الأسواق يوم جنازته. وكانت وفاته سنة ٣٠٧ وكنيته أبو يعلى »(٤). .

__________________

(١). الثقات ٨ / ٥٥.

(٢). تذكرة الحفّاظ ٢ / ٧٠٧.

(٣). العبر حوادث ٣٠٧.

(٤). الوافي بالوفيات ٧ / ٢٤١.

١١٧

وكذلك تجد ترجمته في المصادر الاُخرى، وقد وصفوه جميعاً: بالحافظ الثبت الثقة محدّث الجزيرة صاحب المسند

(٨)

رواية ابن جرير الطبري وتصحيحه

رواه محمد بن جرير الطبري في ( تهذيب الآثار ). فقد ذكر المتّقي ما نصه:

« عن عمران بن حصين: بعث رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - سرية واستعمل عليها علياً، فغنموا، فصنع علي شيئاً أنكروه. وفي لفظ: فأخذ علي من الغنيمة جاريةً، فتعاقد أربعة من الجيش إذا قدموا على رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - أن يعلموه، وكانوا إذا قدموا من سفرٍ بدءوا برسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - فسلّموا عليه ونظروا إليه، ثم ينصرفون إلى رحالهم. فلمـّا قدمت السرية سلّموا على رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - فقام أحد الأربعة فقال:

يا رسول الله، ألم تر أن علياً قد أخذ من الغنيمة جارية؟ فأعرض عنه.

ثم قام الثاني فقال مثل ذلك. فأعرض عنه.

ثم قام الثالث فقال مثل ذلك. فأعرض عنه.

ثم قام الرابع. فأقبل إليه رسول الله يعرف الغضب في وجهه فقال: ما تريدون من علي! علي منّي وأنا من علي وعلي وليّ كلّ مؤمنٍ بعدي.

ش. وابن جرير وصحّحه »(١). .

__________________

(١). كنز العمال ١٣ / ١٤٢ رقم ٣٦٤٤٤.

١١٨

ترجمة الطبري

ولابن جرير الطبري في كتب القوم تراجم مفصّلة، نلخص بعضها فيما يلي:

١ - ياقوت الحموي: « قال أبو محمّد عبد العزيز بن محمّد الطبري: كان أبو جعفر من الفضل والعلم والذكاء والحفظ على ما لا يجهله أحد عرفه، لجمعه من علوم الإِسلام ما لم نعلمه اجتمع لأحدٍ من هذه الاُمة، ولا ظهر من كتب المصنّفين وانتشر من كتب المؤلّفين ما انتشر له.

وكان راجحاً في علوم القرآن، والقراءات، وعلم التاريخ من الرسل والخلفاء والملوك، واختلاف الفقهاء، مع الرواية لذلك على ما في كتابه:

البسيط، والتهذيب، وأحكام القراءات، من غير تعويل على المناولات والإجازات ولا على ما قيل في الأقوال، بل يذكر ذلك بالأسانيد المشهورة.

وقد بان فضله في علم اللغة والنحو على ما ذكره في كتاب التفسير وكتاب التهذيب مخبراً عن حاله فيه.

وقد كان له قدم في علم الجدل، يدل على ذلك مناقضاته في كتبه على المعارضين لمعاني ما أتى به.

وكان فيه من الزهد والورع والخشوع والأمانة، وتصفية الأعمال وصدق النية وحقائق الأفعال ما دل عليه كتابه في آداب النفوس ».

« كان أبو جعفر يذهب في جلّ مذاهبه إلى ما عليه الجماعة من السلف وطريق أهل العلم المتمسكين بالسّنن، شديداً على مخالفيهم، ماضياً على منهاجهم، لا تأخذه في ذلك ولا في شيء لومة لائم ».

« كان أبو جعفر يذهب في الإِمامة إلى إمامة أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، وما عليه أصحاب الحديث في التفضيل، وكان يكفّر من خالفه في كلّ مذهب

١١٩

إذا كانت أدلّة العقول تدفع كالقول في القدر، وقول من كفّر أصحاب رسول الله من الروافض والخوارج، ولا يقبل أخبارهم ولا شهاداتهم، وذكر ذلك في كتابه في الشهادات، وفي الرسالة، وفي أول ذيل المذيّل »(١). .

٢ - السمعاني: « وكان أحد أئمة العلماء، يحكم بقوله ويرجع إلى رأيه، لمعرفته وفضله. وكان قد جمع من العلوم ما لم يشاركه فيه أحدُ من أهل عصره، وكان حافظاً لكتاب الله، عارفاً بالقراءات، بصيرا بالمعاني، فقيها في أحكام القرآن، عالما بالسّنن وطرقها وصحيحها وسقيمها وناسخها ومنسوخها، عارفا بأقوال الصحابة والتابعين ومن بعدهم من المخالفين في الأحكام ومسائل الحلال والحرام، عارفاً بأيّام الناس وأخبارهم قال أبو بكر محمّد بن إسحاق بن خزيمة: ما أعلم على أديم الأرض أعلم من محمّد بن جرير وتوفي سنة ٣١٠ »(٢). .

٣ - النووي: « هو الإِمام البارع في أنواع العلوم، وهو في طبقة الترمذي والنسائي. قال الحافظ أبو بكر الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد: إستوطن الطبري بغداد فأقام بها حتى توفي، وكان أحد الأئمة والعلماء، يحكم بقوله ويرجع إلى رأيه »(٣). .

٤ - الذهبي: « الإِمام العلم الفرد الحافظ أبو جعفر الطبري، أحد الأعلام وصاحب التصانيف قال أبو بكر الخطيب: كان ابن جرير أحد الأئمة وقال أبو حامد الإسفرائيني: لو سافر رجل إلى الصّين في تحصيل تفسير ابن جرير لم يكن كثيراً قال الفرغاني: بثّ مذهب الشافعي ببغداد سنتين واقتدى به، ثمّ اتّسع علمه وأدّاه اجتهاده إلى ما اختاره في كتبه. وقد عرض عليه القضاء فأبى. قال محمّد بن علي بن سهل الإِمام: سمعت ابن جرير قال: من

__________________

(١). معجم الأدباء ٥ / ٢٥٤ - ٢٦٨.

(٢). الأنساب - الطّبري ٨ / ٢٠٥ - ٢٠٧.

(٣). تهذيب الأسماء واللّغات ١ / ٧٨.

١٢٠

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

معاوي ان تأتنا مزبدا

بخضرية تلق رجراجه

أسنتها من دماء الرجال

إذا جالت الخيل مجاجه

فوارسها كأسود الضراب

إلى اللّه في القتل محتاجه

و ليست لدى الموت و قافة

و ليست لدى الخوف فجاجه

و ليس لهم غير جدّ اللقاء

إلى طول أسيافهم حاجه

خطاهم مقدم أسيافهم

و أذرعهم غير اخداجه

و عندك من وقعهم مصدق

و قد أخرجت أمس اخراجه

فشنت عليهم ببيض السيوف

بها فقع لجاجه

فقال أهل الشام له : يا أخي بني الحارث اروناها فانّها جيدة فأعادها عليهم حتى رووها١ .

« و اعلموا أنّكم بعين اللّه و مع ابن عم رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله » في ( صفين نصر ) : قال قيس بن سعد بن عبادة لأصحابه في خطبته في صفين : أنتم مع هذا اللواء الذي كان يقاتل عن يمينه جبرئيل و عن يساره ميكائيل ، و القوم مع لواء أبي جهل و الأحزاب٢ .

و في ( العقد ) : في وفود ام سنان المذحجية أنّها قالت في صفين :

يا آل مذحج لا مقام فشمّروا

ان العدو لآل أحمد يقصد

هذا عليّ كالهلال تحفّه

وسط السماء من الكواكب أسعد

خير الخلائق و ابن عم محمد

ان يهدكم بالنور منه تهتدوا

ما زال مذ شهد الحروب مظفّرا

و النصر فوق لوائه ما يفقد٣

____________________

( ١ ) صفين ، لنصر بن مزاحم : ٤٥٤ .

( ٢ ) وقعة صفين لنصر بن مزاحم : ٤٤٦ .

( ٣ ) العقد الفريد ٢ : ١٠٩ .

٥٢١

« فعاودوا الكر و استحيوا من الفر » في ( العقد ) في وفود ام الخير بنت حريش على معاوية ، التفت معاوية إلى جلسائه فقال : أيّكم يحفظ كلامها يوم صفين لما قتل عمار ؟ فقال رجل : أنا أحفظ بعض كلامها قال : هات قال : كأني بها بين بردين زئبرين كثيفي النسيج ، و هي على جمل أرمك و بيدها سوط منتشر الضفيرة ، و هي كالفحل يهدر في شقشقته تقول : أيّها الناس اتقوا ربّكم إلى أن قال فأين تريدون ، أفرارا عن أمير المؤمنين أم رغبة عن الاسلام ،

هلموا إلى الامام العادل و الوصي التقي و الصديق الأكبر ، انّها إحن بدرية و أحقاد جاهلية ، فإلى أين تريدون عن ابن عم رسول اللّه و صهره و أبي سبطيه الذي خلق من طينته و تفرّع من نبعته و جعله باب دينه و أبان ببعضه المنافقين ، و ها هو ذا مفلق الهام و مكسّر الأصنام صلّى و النّاس مشركون و أطاع و الناس كارهون ، فلم يزل في ذلك حتى قتل مبارزيه و أفنى أهل أحد و هزم الأحزاب و قتل اللّه به أهل خيبر و فرّق به جمع أهوائهم ، فيالها من وقائع زرعت في قلوب نفاقا و ردة و شقاقا و زادت المؤمنين ايمانا١ .

« فإنّه عار في الأعقاب فالناس يعيرون بفعال آبائهم و امهاتهم » ففي ( مقاتل الطالبيين ) : أرسل معاوية إلى ابنة الأشعث ، اني مزوّجك بيزيد ابني على أن تسمّي الحسن بن علي ، و بعث إليها بمائة ألف درهم ، فسوّغها المال و لم يزوّجها منه فخلف عليها رجل من آل طلحة فأولدها ، فكان إذا وقع بينهم و بين بطون قريش كلام عيّروهم و قالوا : يا بني مسمّة الأزواج٢ .

و في ( الطبري ) : قال هشام بن عمرو التغلبي للمنصور : انصرفت إلى منزلي فلقيتني اختي فرأيت من جمالها و عقلها و دينها ما رضيتها للخليفة

____________________

( ١ ) بن عبد ربه : العقد الفريد ٢ : ١١٦ .

( ٢ ) أبو الفرج الاصفهاني : مقاتل الطالبيين : ٤٦ .

٥٢٢

فجئت لأعرضها عليه ، فأطرق المنصور و جعل ينكت الأرض بخيزرانة في يده و قال : اخرج يأتك أمري فلما ولى قال : يا ربيع لو لا بيت قاله جرير في بني تغلب لتزوّجت أخته ، و هو قول جرير :

لا تطلبن خؤولة في تغلب

فالزنج أكرم منهم أخوالا

فأخاف أن تلد لي ولدا

فيعيّر بهذا البيت١ .

و في ( كامل المبرد ) : لمّا رأى أبو بلال مرداس و كان لا يرى الخروج جد ابن زياد في طلب الشراة عزم على الخروج ، فقال لأصحابه : انّه و اللّه ما يسعنا المقام بين هؤلاء الظالمين ، تجري علينا أحكامهم مجانبين للعدل مفارقين للفصل و اللّه ان الصبر على هذا لعظيم و ان تجريد السيف و اخافة السبيل لعظيم ، و لكنّا ننتبذ عنهم و لا نجرّد سيفا و لا نقاتل إلاّ من قاتلنا .

ثم مضى حتى نزل آسك بين رامهرمز و ارجان فجهّز ابن زياد اسلم بن زرعة في ألفين و وجّهه إليه و قد تتام أصحاب مرداس أربعين رجلا ، فلما صار إليهم أسلم صاح به أبو بلال : انّا لا نريد قتالا و لا نحتجن فيئا ، فما الذي تريد ؟ قال : اريد أن أردكم إلى ابن زياد قال مرداس : اذن يقتلنا قال : و ان ثم حملوا على أسلم حملة رجل واحد ، فانهزم هو و أصحابه من غير قتال ، فلما ورد أسلم على ابن زياد غضب عليه غضبا شديدا و قال : ويلك تمضي في ألفين فتنهزم لحمة أربعين٢ .

و كان أسلم يقول : لأن يذمّني ابن زياد حيّا أحبّ إليّ من أن يمدحني ميّتا .

و كان إذا خرج إلى السوق أو مرّ بصبيان صاحوا به : أبو بلال و راك ،

____________________

( ١ ) تاريخ الطبري ٦ : ٢٩٠ .

( ٢ ) ابو العباس المبرد ٣ : ٩٩١ .

٥٢٣

و ربما صاحوا به : يا معبد خذه كان معبد أحد أصحاب أبي بلال كاد أن يأخذه لما انهزم مبرّد فشكا ذلك إلى ابن زياد فأمر الشرط أن يكفّوا الناس عنه ففي ذلك يقول عيسى بن فاتك من الشراة :

أ ألفا مؤمن فيما زعمتم

و يهزمهم بآسك أربعونا

كذبتم ليس كما زعمتم

و لكن الخوارج مؤمنونا

هم الفئة القليلة غير شك

على الفئة الكثيرة ينصرونا١

« و نار يوم الحساب » قال ابن أبي الحديد و الجهاد مع الإمام كالجهاد مع النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ٢ ، و قال تعالىفي الفرار عن الجهاد مع النبي و من يولهم يومئذ دبره الاّ متحرّفا لقتال أو متحيّزا إلى فئة فقد باء بغضب من اللّه و مأواه جهنّم .٣ .

قلت : و قد كان النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله و آله مأمورا بجهاد الكفّار و المنافقين في قوله تعالى لهيا أيها النبي جاهد الكفّار و المنافقين .٤ و تصدّى للجهاد مع الكفار بنفسه ، و فوّض جهاد المنافقين إلى أمير المؤمنينعليه‌السلام لكونه كنفسه .

« و طيبوا عن أنفسكم نفسا » يعني : طيبوا نفسا في قتل نفوسكم في سبيل اللّه لأنّه يبدل بحياة طيبة ، قال تعالىو لا تحسبنّ الذين قتلوا في سبيل اللّه أمواتاً بل أحياءٌ عند ربّهم يرزقون ٥ .

و في ( الطبري ) : لما خطب الحسينعليه‌السلام أصحابه بذي حسم بعد ورود الحر قام زهير بن القين و قال : و اللّه لو كانت الدنيا لنا باقية و كنّا فيها مخلدين

____________________

( ١ ) أبو العباس المبرد : الكامل ٣ : ٩٩٥ .

( ٢ ) شرح ابن ابي الحديد ٥ : ١٧٤ .

( ٣ ) الأنفال : ١٦ .

( ٤ ) التوبة : ٧٣ .

( ٥ ) آل عمران : ١٦٩ .

٥٢٤

الا ان فراقها في نصرك و مواساتك لآثرنا الخروج معك١ .

« و امشوا إلى الموت مشيا سجحا » بتقديم الجيم على الحاء ، أي : سهلا .

و في ( صفين نصر ) : قال عتبة بن جويرية يوم صفين : ألا ان مرعى الدنيا قد أصبح شجرها هشيما و أصبح زرعها حصيدا و جديدها سملا و حلوها مرّ المذاق ، ألا و اني انبئكم نبأ امرئ صادق اني سئمت الدنيا و عزفت نفسي عنها و قد كنت أتمنى الشهادة و أتعرّض لها في كلّ حين فأبى اللّه إلاّ أن يبلغني في هذا اليوم ، ألا و اني متعرّض ساعتي هذه لها و قد طمعت ان لا احرمها ، فما تنتظرون عباد اللّه من جهاد أعداء اللّه ، أخوف الموت القادم عليكم الذاهب بأنفسكم لا محالة أو من ضربة كف أو جبين بالسيف ، أتستبدلون الدنيا بالنظر إلى وجه اللّه عز و جل أو مرافقة النبيين و الصديقين و الشهداء و الصالحين في دار القرار ؟ ما هذا بالرأي السديد ، يا إخوتاه اني قد بعت هذه الدار بالتي امامها ، و هذا وجهي إليه لا يبرح اللّه وجوهكم و لا يقطع اللّه أرحامكم .

فتبعه أخواه عبيد اللّه و عوف و قالا : لا نطلب رزق الدنيا بعدك ، قبّح اللّه العيش بعدك ، اللّهم انّا نحتسب أنفسنا عندك فاستقدموا فقاتلوا حتى قتلوا٢ .

و في خطبة الأشتر في صفين : ان هؤلاء القوم و اللّه لن يقاتلوكم إلاّ عن دينكم ليطفئوا السنّة و يحيوا البدعة ، و يدخلوكم في أمر قد أخرجكم اللّه منه بحسن البصيرة ، فطيبوا عباد اللّه نفسا بدمائكم دون دينكم .٣ .

« و عليكم بهذا السواد الأعظم » و كان الأشتر أيضا يحرّض و يقول : عليكم

____________________

( ١ ) تاريخ الامم و الملوك للطبري ٤ : ٣٠٥ .

( ٢ ) وقعة صفين لنصر بن مزاحم : ٢٦٣ .

( ٣ ) وقعة صفين لنصر بن مزاحم : ٢٥٠ .

٥٢٥

بهذا السواد الأعظم ، فان اللّه عز و جل لو قد فضّه تبعه من بجانبيه كما يتبع مؤخر السيل مقدّمه١ .

« و الرواق المطنب » في ( صفين نصر ) : نصب لمعاوية منبر ، فقعد عليه في قبّة ضربها ألقي عليها الثياب و الأرائك و أحاط به أهل يمن و قال : لا يقربن أحد هذا المنبر لا تعرفونه إلا قتلتموه كائنا من كان ، و كان على رأس معاوية رجل قائم معه ترس مذهّب يستره من الشمس٢ .

و لقد قصد رواق معاوية جمع من أصحابهعليه‌السلام كما أمرهم لكن لم يكن طيه مقدرا ، فممن قصده أبو شداد قيس بن المكشوح ، ففي ( صفين نصر ) :

قالت بجيلة له : خذ رايتنا فقال : غيري خير لكم مني قالوا : لا نريد غيرك قال :

فو اللّه لئن أعطيتمونيها لا أنتهي بكم دون صاحب الترس المذهب فقالوا :

اصنع ما شئت فأخذها ثم زحف بها و هم حوله يضربون الناس حتى انتهى إلى صاحب الترس فاقتتلوا هنا لك قتالا شديدا و شدّ بسيفه نحو صاحب الترس ، فعرض له رومي من دونه لمعاوية فضرب قدم أبي شدّاد فقطعها ،

و ضرب أبو شداد ذلك الرومي فقتله ، و أسرعت إلى أبي شداد الأسنّة فقتل .

فأخذ الراية بعده عبد اللّه بن قلع الأحمسي و قال :

لا يبعد اللّه أبا شداد

حيث أصاب دعوة المنادي

و شدّ بالسيف على الأعادي

نعم الفتى كان له الطراد

و في طعان الخيل و الجلاد

ثم قاتل حتى قتل ، فأخذها بعده أخوه عبد الرحمن بن قلع ، فقاتل حتى قتل ، ثم أخذها عفيف بن إياس الأحمسي ، فلم تزل بيده حتى تحاجز الناس .

____________________

( ١ ) المصدر نفسه .

( ٢ ) وقعة صفين لنصر بن مزاحم : ٢٥٨ .

٥٢٦

و منهم عكبر بن جدير الأسدي و كان فارس أهل الكوفة الذي لا ينازع فلما نادى عوف بن مجزأة المرادي الذي كان فارس أهل الشام لا ينازع هل من مبارز ؟ خرج إليه عكبر فطعن عوفا فصرعه و معاوية على التل في اناس من قريش و غيرهم ، فوجّه عكبر فرسه فملا فروجه ركضا يضربه بالسوط مسرعا نحو التل ، فنظر إليه معاوية فقال : ان هذا الرجل مغلوب على عقله أو مستأمن فاسألوه فناداه رجل فلم يجبه حتى انتهى إلى معاوية و جعل يطعن في أعراض الخيل و رجا أن يفردوا له معاوية ، فقتل رجالا و قام القوم دون معاوية بالسيوف و الرماح ، فلما لم يصل إلى معاوية نادى :

أولى لك يابن هند

أنا الغلام الأسدي

فرجع إلى علي فقالعليه‌السلام : ما ذا دعاك يا عكبر إلى ما صنعت ؟ قال : أردت غرة ابن هند و انكسر أهل الشام لقتل المرادي و هدر معاوية دم عكبر فقال عكبر : يد اللّه فوق يد معاوية١ .

و منهم عبد اللّه بن بديل الخزاعي ، ففي ( صفين نصر ) : قال الشعبي : كان على ابن بديل سيفان و درعان ، فجعل يضرب الناس بسيفه قدما و هو يقول :

لم يبق إلاّ الصبر و التوكل

و أخذك الترس و سيفا مصقل

ثم التمشي في الرعيل الأول

مشي الجمال في حياض المنهل

و اللّه يقضي ما يشا و يفعل

و لم يزل يضرب بسيفه حتى انتهى إلى معاوية ، فأزاله عن موقفه و جعل ينادي : يا آل ثارات عثمان يعني أخا له كان قتل فظن معاوية و أصحابه انّه يعني عثمان بن عفان حتى أزال معاوية عن موقفه ، فأقبل أصحابه على ابن بديل يرضخونه بالصخر حتى أثخنوه و قتل ، و أقبل إليه

____________________

( ١ ) نصر بن مزاحم : وقعة صفين ٢٥٨ .

٥٢٧

معاوية و معه عبد اللّه بن عامر و كان لابن بديل أخا و صديقا فألقى ابن عامر عمامته على وجهه و ترحّم عليه ، فقال له معاوية : اكشف عن وجهه فقال له ابن عامر : و اللّه لا يمثل به و فيّ الروح فقال له معاوية : اكشف عن وجهه قد وهبته لك ، فكشف فلما رآه معاوية قال : هذا كبش القوم و ربّ الكعبة ، و ما مثله إلاّ كما قال الشاعر :

أخو الحرب ان عضّت به عضّها

و ان شمّرت عن ساقها الحرب شمّرا

و يحمي إذا ما الموت كان لقاؤه

لدى الشتر يحمي الأنف ان يتأخرا

كليث هزبر كان يحمى ذماره

رمته المنايا قصدها فتفطرا

لو قدرت نساء خزاعة على أن يقاتلنني لفعلن فضلا عن رجالها١ .

و منهم أخوان من الأنصار ، ففي ( صفين نصر ) : حمل غلامان من الأنصار أخوان حتى انتهيا إلى سرادق معاوية فقتلا عنده٢ .

و منهم رجل آخر ، ففيه قال رجل من أصحاب عليعليه‌السلام : أما و اللّه لأحملن على معاوية حتى أقتله ، فركب فرسا ثم ضربه حتى قام على سنابكه ثم دفعه فلم ينهنهه شي‏ء عن الوقوف على رأس معاوية ، فهرب معاوية و دخل خباء ،

فنزل الرجل عن فرسه و دخل عليه ، فخرج معاوية من جانب الخباء الآخر ،

فخرج الرجل في أثره فاستصرخ معاوية بالناس ، فأحاطوا به و حالوا بينهما ،

فقال معاوية : و يحكم ان السيوف لم يؤذن لها في هذا و لو لا ذلك لم يصل إليكم فعليكم بالحجارة ، فرضخوه حتى همد فعاد معاوية إلى مجلسه٣ .

و منهم سبعة آلاف من ربيعة التي كانعليه‌السلام يمدحها و يقول فيهم

____________________

( ١ ) وقعة صفين لنصر بن مزاحم : ٢٤٥ .

( ٢ ) المصدر نفسه : ٤٢٥ ( طبعة القاهرة ) .

( ٣ ) المصدر نفسه : ٢٧٠ .

٥٢٨

« ربيعة السامعة المطيعة » الاّ انّهم لم يظفروا لغدر أميرهم خالد بن المعمر ،

أطمعه معاوية و خيّب اللّه رجاءه ففي ( صفين نصر ) : تبايع سبعة آلاف من ربيعة و تحالفت بالأيمان العظيمة على ألا ينظر رجل منهم خلفه حتى يردوا سرادق معاوية ، فأقبلوا نحوه فلما نظر إليهم معاوية قال :

إذا قلت قد ولّت ربيعة أقبلت

كتائب منها كالجبال تجالد

و قال لعمرو : ما ترى ؟ قال : ان تخلّي سرادقك اليوم فقام معاوية و خلّى لهم سرادقه و رحله ، و خرج فارا عنه ببعض مضارب أهل الشام في أخريات الناس ، فانتهت ربيعة إلى سرادقه و رحله و بعث معاوية إلى خالد بن المعمر انّك قد ظفرت و لك إمرة خراسان ان لم تتمّ ، فقطع خالد القتال و لم يتمّه و قال لربيعة قد برّت أيمانكم فحسبكم ، فلما كان عام الجماعة أمّره معاوية على خراسان فمات قبل أن يبلغها ١ .

« فاضربوا ثبجه » بالفتح أي : وسطه .

« فان الشيطان » و المراد به معاوية .

« كامن » أي : مختف .

« في كسره » بكسره أي أسفل شقة البيت التي تلي الأرض من حيث يكسر جانباه من عن يمينك و يسارك .

« قد قدم للوثبة » أي : المساورة إلى قدام .

« يدا و أخّر للنكوص » أي : الرجوع إلى العقب .

« رجلا » قد عرفت ان من يقصد رواقه يهرب منه في خباء إلى خباء و يعمل حيلة لدفعه .

و برز يوما في قبال سعيد بن قيس ثم فر منه و ركض فرسه ،

____________________

( ١ ) وقعة صفّين لنصر بن مزاحم : ٣٠٦ .

٥٢٩

فقال سعيد :

يا لهف نفسي فاتني معاوية

فوق طمر كالعقاب هاوية

و قال أيمن بن خريم و كان أنسك رجل من أهل الشام و أشعره و كان في ناحية معتزلا :

و ان سعيدا إذ برزت لرمحه

لفارس همدان الذي يشعب الصدعا

ملي‏ء بضرب الدارعين بسيفه

إذا الخيل أبدت من سنابكها نقعا

رجعت فلم تظفر بشي‏ء أردته

سوى فرس أعيت و أبت بها طلعا

« فصمدا صمدا » بالتسكين أي : قصدا قصدا ، و اما بالتحريك فهو : السيد الذي يقصد إليه في الحوائج .

« حتى ينجلي عمود الحق و أنتم الأعلون و اللّه معكم و لن يتركم أعمالكم » في ( الصحاح ) : « و لن يتركم أعمالكم » أي : لن ينتقصكم في أعمالكم كما تقول « دخلت البيت » و أنت تريد دخلت في البيت١ .

و قولهعليه‌السلام « و أنتم الأعلون و اللّه معكم و لن يتركم أعمالكم » لفظ القرآن ،

قال تعالى :فلا تهنوا و تدعوا إلى السلم و أنتم الأعلون و اللّه معكم و لن يتركم أعمالكم ٢ .

في ( صفين نصر ) : ركب عليعليه‌السلام بغلة النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله الشهباء ، ثم تعصّب بعمامة النبي السوداء ، ثم نادى : أيها الناس من يشري نفسه للّه بربح ، هذا يوم له ما بعده ، ان عدوّكم قد قرح كما قرحتم .

فانتدب له ما بين العشرة آلاف إلى اثني عشر ألفا وضعوا سيوفهم على عواتقهم و تقدّمهم عليعليه‌السلام منقطعا على بغلة النبي و هو يقول :

____________________

( ١ ) الصحاح للجوهري ٢ : ٨٤٣ .

( ٢ ) محمّد : ٣٥ .

٥٣٠

دبّوا دبيب النمل لا تفوتوا

و أصبحوا بحربكم و بيتوا

حتى تنالوا الثأر أو تموتوا

أو لا فإنّي طالما عصيت

قد قلتم لو جيتنا فجيت

ليس لكم ما شيتم و شيت

بل ما يريد المحيي المميت

فتبعه عدي بن حاتم بلوائه و هو يقول :

أ بعد عمار و بعد هاشم

و ابن بديل فارس الملاحم

نرجو البقاء مثل حلم الحالم

و قد عضضنا أمس بالأباهم

فاليوم لا نقرع سن نادم

ليس امرؤ من يومه بسالم

و تقدّم الأشتر و هو يقول :

حرب بأسباب الردى تأجج

يهلك فيها البطل المدجّج

يكفيك همدانها و مذحج

قوم إذا ما أحمشوها أنفجوا

روحوا إلى اللّه و لا تعرجوا

دين قويم و سبيل منهج

و حمل الناس حملة واحدة ، فلم يبق لأهل الشام صف إلاّ انتقض و اهمدوا ما أتوا عليه حتى أفضى الأمر إلى مضرب معاوية ، و عليعليه‌السلام يضربهم بسيفه و هو يقول :

أضربهم و لا أرى معاوية

الأخزر العين العظيم الحاوية

هوت به في النار ام هاوية

فدعا معاوية بفرسه لينجو عليه ، فلما وضع رجله في الركاب تمثّل بأبيات عمرو بن الأطنابة :

أبت لي عفّتي و أبي بلائي

و أخذي الحمد بالثمن الربيح

و اعزامي على المكروه نفسي

و ضربي هامة البطل المشيح

و قولي كلّما جشأت و جاشت

مكانك تحمدي أو تستريحي

٥٣١

فثنى رجله من الركاب و نزل و استصرخ بعك و الأشعريين ، فجالدوا عنه . و انتهى إلى مكيدة عمرو في رفع المصاحف١ .

١٠ الخطبة ( ٢٣٩ ) و من كلام لهعليه‌السلام يحثّ أصحابه على الجهاد :

وَ اَللَّهُ مُسْتَأْدِيكُمْ شُكْرَهُ وَ مُوَرِّثُكُمْ أَمْرَهُ وَ مُمْهِلُكُمْ فِي مِضْمَارٍ مَمْدُودٍ لِتَتَنَازَعُوا سَبَقَهُ فَشُدُّوا عُقَدَ اَلْمَآزِرِ وَ اِطْوُوا فُضُولَ اَلْخَوَاصِرِ لاَ تَجْتَمِعُ عَزِيمَةٌ وَ وَلِيمَةٌ مَا أَنْقَضَ اَلنَّوْمَ لِعَزَائِمِ اَلْيَوْمِ وَ أَمْحَى اَلظُّلَمَ لِتَذَاكِيرِ اَلْهِمَمِ وَ صَلَّى اَللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ اَلنَّبِيِ اَلْأُمِّيِ ، وَ عَلَى آلِهِ مَصَابِيحِ اَلدُّجَى وَ اَلْعُرْوَةِ اَلْوُثْقَى ، وَ سَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا أقول : هذا العنوان في نسخنا و في ( ابن ميثم ) آخر الخطب ( ٢٣٦ )٢ و لكن ابن أبي الحديد نقله بعد عنوان « قد أحيى عقله » ( ٢١٥ )٣ .

قول المصنّف : « و من كلام لهعليه‌السلام يحثّ أصحابه على الجهاد » هكذا في ( المصرية )٤ و فيه سقط ، ففي ( ابن ميثم ) : ( يحثّ فيه )٥ .

قولهعليه‌السلام « و اللّه مستأديكم » أي : طالب أدائكم .

« شكره » استأدى شكر عباده في آيات كثيرة .و اشكروا لي و لا تكفرون ٦ ، .و اشكروا للّه إن كنتم إيّاه تعبدون ٧ ، .ان اشكر لي

____________________

( ١ ) وقعة صفين لنصر بن مزاحم : ٤٠٣ .

( ٢ ) شرح نهج البلاغة لابن ميثم ٤ : ٣٣٤ .

( ٣ ) شرح ابن ابي الحديد ١١ : ١٤٢ .

( ٤ ) الطبعة المصرية : ٥١٠ هكذا الاصل ص ١٨٧ .

( ٥ ) في ابن ميثم : ٤ : ٣٣٤ ذكره في خطبة : ٢٤٠ و ليس ٢٣٦ .

( ٦ ) البقرة : ١٥٢ .

( ٧ ) البقرة : ١٧٢ .

٥٣٢

و لوالديك إليّ المصير ١ ،و لقد آتينا لقمان الحكمة ان اشكر للّه و من يشكر فانّما يشكر لنفسه و من كفر فان اللّه غني حميد ٢ و عن الصادقعليه‌السلام : أو حى تعالى إلى موسىعليه‌السلام ان اشكر لي حقّ شكري قال : كيف و ليس شكر أشكرك به إلاّ و أنت أنعمت به علي ؟ قال : الآن شكرتني حين قلت ان ذلك مني٣ .

« و مورثكم أمره »وَعَدَ اللّهُ الذين آمنوا منكم و عملوا الصالحات ليستخلفنَّهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم و ليمكنَّن لهم دينهم الذي ارتضى لهم و ليبدّلنّهم من بعد خوفهم أَمنا .٤ .

« و يمهلكم في مضمار » في ( القاموس ) : تضمير الفرس أن تعلفه حتى يسمن ثم ترده إلى القوت و ذلك أربعين يوما ، و هذه المدّة تسمّى المضمار ،

و الموضع الذي يضمر فيه الخيل أيضا مضمار٥ .

« محدود » هكذا في ( المصرية )٦ و الصواب : « ممدود » كما في ( ابن ميثم و الخطية )٧ .

« لتتنازعوا سبقه » أي : سبق المضمار .فاستبقوا الخيرات أينما تكونوا يأت بكم اللّه جميعاً .٨ ، .فاستبقوا الخيرات إلى اللّه مرجعكم

____________________

( ١ ) لقمان : ١٤ .

( ٢ ) لقمان : ١٢ .

( ٣ ) الكافي للكليني ٢ : ٩٨ رواية ٢٧ .

( ٤ ) النور : ٥٥ .

( ٥ ) الفيروز آبادي القاموس المحيط : ٥٥١ .

( ٦ ) الطبعة المصرية : ٥١٠ .

( ٧ ) ابن ميثم ٤ : ٣٣٤ بلفظ ( محدود ) اما النسخة الخطية : ٢٢٨ بلفظ ( محدود ) .

( ٨ ) البقرة : ١٤٨ .

٥٣٣

جميعاً .١ ،سابقوا إلى مغفرة من ربّكم و جنّة عرضها كعرض السماء و الأرض أُعدّت للذين آمنوا باللّه و رسله . .٢ .

« فشدوا عقد المآزر » .

قوم إذا ما حاربوا شدّوا مآزرهم

دون النساء و لو باتت بأطهار

و في السير : لما بلغ المهلب خلع ابن الأشعث للحجاج لما أرسله إلى رتبيل في أهل العراق و رجوعهم إلى حربه ، كتب إليه ان أهل العراق قد أقبلوا إليك و هم مثل السيل ليس يردّهم شي‏ء حتى ينتهي إلى قراره ، و ان لأهل العراق شدّه في أوّل مخرجهم و صبابة إلى أبنائهم و نسائهم ، فاتركهم حتى يسقطوا إلى أهاليهم و يشمّوا أولادهم ثم واقعهم فإنّك منصور فلما قرأ كتابه سبّه و قال : ما الي نظر بل لابن عمه يعني ابن الأشعث حيث ان كلاّ منهما كان يمنيا ثم سار الحجاج من البصرة ليلقي ابن الأشعث ، فنزل تستر و قدم بين يديه مقدمة إلى دجيل ، فلقوا عنده خيلا لابن الأشعث فانهزم أصحاب الحجاج و قتل جمع كثير منهم ، فرجع إلى البصرة فتبعه ابن الأشعث فقتل منهم و أصاب بعض أثقالهم ، فترك الحجاج البصرة لأهل العراق و أقبل حتى نزل الزاوية ، و لما رجع نظر في كتاب المهلب فقال : للّه درّه أي صاحب حرب هو٣ .

هذا و في ( الأغاني ) عن حمّاد الراوية دخلت يوما على الوليد و كان آخر يوم لقيته فاستنشدني فأنشدته كلّ ضرب من شعر الجاهلية و الاسلام فما هشّ لشي‏ء منه حتى أخذت في السخف ، فأنشدته لعماد بن كناذ :

اشتهى منك منك منك مكانا بجنب ذا

فأجي فيه فيه فيه بأير كمثل ذا

____________________

( ١ ) المائدة : ٤٨ .

( ٢ ) الحديد : ٢١ .

( ٣ ) الكامل في التاريخ لبن الأثير ٤ : ٤٦٤ ٤٦٥ .

٥٣٤

ليت أيري و حرك يوما جميعا تجابذا

فأخذ ذا بشعر ذا و أخذ ذا بقعر ذا

فضحك حتى استلقى و شرب حتى سكر ، فعلمت ان أمره قد أدبر ، ثم أدخلت على أبي مسلم فاستنشدني فأنشدته قول الأفوه إلى قوله :

تهدى الأمور بأهل الرشد ما صلحت

و ان تولّت فبالأشرار تنقاد

فقال : انا ذاك الذي تنقاد به الناس ، فأيقنت حينئذ أن أمره مقبل١ و فيه : لما ظهرت المسودة بخراسان كتب نصر بن سيار إلى الوليد يستمدّه ، فتشاغل عنه فكتب نصر إليه :

أرى خلل الرماد و ميض جمر

و أحر بأن يكون له ضرام

فان النار بالعودين تذكى

و ان الحرب مبدؤها الكلام

فقلت من التعجب ليت شعري

أ أيقاظ اميّة أم نيام

فكتب إليه الوليد : قد أقطعتك خراسان فاعمل لنفسك أو دع ، فانّي مشغول عنك بابن سريج و معبد و الغريض٢ .

و فيه قال أبو سفيان في غزوة سويق بعد بدر يحرّض قريشا :

ان يك يوم القليب كان لهم

فان ما بعده لكم دول

آليت لا أقرب النساء و لا

يمس رأسي و جلدي الغسل

حتى تبيدوا قبائل الأوس

و الخزرج ان الفؤاد مشتعل٣

و في ( الجزري ) : و قد بلغ من حزم عضد الدولة انّه تدلّه بفتاة ، فلما خشي على ملكه من تدلّهه بها أمر بتغريقها .

و لبعضهم :

____________________

( ١ ) الأغاني لأبي الفرج الإصفهاني ٧ : ٥٦ ٥٧ .

( ٢ ) الأغاني لأبي الفرج الإصفهاني ٧ : ٥٦ .

( ٣ ) الأغاني لأبي الفرج الإصفهاني ٦ : ٣٥٨ .

٥٣٥

و من كان بالبيض الكواعب مغرما

فما زلت بالبيض القواطع مغرما

و من تيمت سمر الحسان فؤاده

فما زلت بالسمر العوالي متيما١

« و اطووا فضول الخواصر » جمع الخصر ، أي وسط الإنسان ، و طي فضول الخواصر كناية عن عدم اهتمامهم بطعامهم و عدم كونهم عبيد بطونهم .

و في ( الكامل ) : لما ولّى المعتز يعقوب الصفار و علي بن شبل كرمان ليغلب أحدهما الآخر ، أقبل يعقوب نفسه و طوق بن المغلس من قبل علي بن شبل إليها و لم يقاتلا ، و ارتحل يعقوب بعد شهرين و أظهر الارتحال إلى سجستان ، فقعد طوق للأكل و الشرب و الملاهي و إذا هو بيعقوب قد طوى مرحلتين في يوم و رجع ، ففرّ أصحاب طوق و اسر طوق ، فنزع يعقوب خفّه فتساقط منه كسر خبز يابسة ، فقال : يا طوق هذا خفي لم أنتزعه منذ شهرين من رجلي و خبزي فيه آكل منه و أنت جالس في الشراب٢ .

« و لا » هكذا في ( المصرية )٣ و الصواب : « لا » كما في ( ابن ميثم ) لأنّه مستأنفة كالمثل لا عطف٤ .

« تجتمع عزيمة » ما صممت على فعله .

« و وليمة » في ( الجمهرة ) : الوليمة : طعام العرس ، و الوضيمة : طعام المأتم٥ .

في ( الكامل ) : مات يعقوب الصفار بجنديسابور من قولنج و كان

____________________

( ١ ) ابن الاثير الكامل في التاريخ لم نعثر عليه .

( ٢ ) الكامل ٧ : ١٩١ .

( ٣ ) الطبعة المصرية : ٥١٠ .

( ٤ ) ابن ميثم ٤ : ٣٣٤ بلفظ « لا » .

( ٥ ) ابن دريد ضمهرة اللغة ٢ : ٩٨٧ .

٥٣٦

المعتمد قد أرسل إليه رسولا يستميله و يقلّده أعمال فارس فجعل عنده سيفا و رغيفا من الخبز الخشكار و بصلا ، فقال لرسوله : قل له اني عليل ، فان متّ استرحت أنا و أنت و ان عوفيت فليس بيني و بينك إلاّ هذا السيف ، اما آخذ ثاري و اما أرجع إلى هذا الخبز و البصل١ .

« ما أنقض النوم لعزائم اليوم » كرّره المصنف في ( ٤٤٠ ٣ ) و كيف كان فهو كالمثل لحال كثير من الناس يمنعهم الكسل عن كثير من مقاصدهم ، و من أمثالهم « أحزم لو أعزم » .

و قال الشاعر :

لست بليلي و لكني نهر

لا أدلج الليل و لكن ابتكر

قال سيبويه معنى « نهر » نهاريّ في مقابل الليلي٢ .

« و أمحى الظلم » جمع الظلمة .

« لتذاكير الهمم » هو في معنى الأول لبيان حال ناس ليسوا بذوي جدّ في الامور ، قال الشاعر :

فلا تقربن أمر الصريمة بامرى‏ء

إذا رام أمرا عوّقته عواذله

و قل للفؤاد ان نزابك نزوة

من الروع أفرغ أكثر الروع باطله

و قريب منه و ان كان لفظه بالعكس قولهم « كلام الليل يمحوه النهار » .

« و صلّى اللّه على سيّدنا محمّد النبيّ الامّي » زادت ( الخطية ) قبل الكلام :

« و الحمد للّه كثيرا »٣ .

« و على آله مصابيح الدجى » أي : سرج الظلم .

____________________

( ١ ) الكامل في التاريخ لابن الاثير ٧ : ٣٢٥ .

( ٢ ) كتاب سيبويه ٣ : ٣٨٤ .

( ٣ ) النسخة الخطية ، لا وجود للعبارة : ٢٢٩ .

٥٣٧

« و العروة الوثقى » لأن و لايتهم شرط قبول الايمان باللّه الذي قال . .

فمن يكفر بالطاغوت و يؤمن باللّه فقد استمسك بالعروة الوثقى .١ .

قال الرضاعليه‌السلام لأهل نيسابور بعد روايته لهم عن آبائهعليهم‌السلام عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله عن اللّه تعالى كون « لا إله إلاّ اللّه » حصنه الذي من دخل فيه أمن من عذابه : بشروطها و أنا من شروطها٢ .

« و سلّم تسليما كثيرا » ليس قوله « و صلّى اللّه » إلى هنا في ( ابن ميثم ) و لعلّه ترك نقله لعدم تعلّق غرض به٣ ، لكن فيه بعد شرح العنوان : « و هذا آخر الخطب و الأوامر و يتلوه المختار من الكتب و الرسائل إن شاء اللّه تعالى بعونه و عصمته و توفيقه و هدايته » فان لم يكن من إنشائه فكذا كان كلام المصنّف ، و قد عرفت ان ابن أبي الحديد نقله في الوسط فلا مجال لأن يكون فيه شي‏ء غير العنوان٤ .

١١ الخطبة ( ١٢٢ ) و من كلام لهعليه‌السلام في حثّ أصحابه على القتال :

فَقَدِّمُوا اَلدَّارِعَ وَ أَخِّرُوا اَلْحَاسِرَ وَ عَضُّوا عَلَى اَلْأَضْرَاسِ فَإِنَّهُ أَنْبَى لِلسُّيُوفِ عَنِ اَلْهَامِ وَ اِلْتَوُوا فِي أَطْرَافِ اَلرِّمَاحِ فَإِنَّهُ أَمْوَرُ لِلْأَسِنَّةِ وَ غُضُّوا اَلْأَبْصَارَ فَإِنَّهُ أَرْبَطُ لِلْجَأْشِ وَ أَسْكَنُ لِلْقُلُوبِ وَ أَمِيتُوا اَلْأَصْوَاتَ فَإِنَّهُ أَطْرَدُ لِلْفَشَلِ وَ رَايَتَكُمْ فَلاَ تُمِيلُوهَا وَ لاَ تُخِلُّوهَا وَ لاَ تَجْعَلُوهَا إِلاَّ بِأَيْدِي شُجْعَانِكُمْ وَ اَلْمَانِعِينَ اَلذِّمَارَ مِنْكُمْ فَإِنَّ اَلصَّابِرِينَ

____________________

( ١ ) البقرة : ٢٥٦ .

( ٢ ) المجلسي بحار الأنوار ٣ : ٥ الرواية ١٤ الباب ١ .

( ٣ ) ابن ميثم لم ترد العبارة انظر ٤ : ٣٣٥ .

( ٤ ) شرح ابن ابي الحديد ذكر بعده ( ٢٧ ) خطبة أو كلام للامام أمير المؤمنينعليه‌السلام .

٥٣٨

عَلَى نُزُولِ اَلْحَقَائِقِ هُمُ اَلَّذِينَ يَحُفُّونَ بِرَايَاتِهِمْ وَ يَكْتَنِفُونَهَا حِفَافَيْهَا وَ وَرَاءَهَا وَ أَمَامَهَا لاَ يَتَأَخَّرُونَ عَنْهَا فَيُسْلِمُوهَا وَ لاَ يَتَقَدَّمُونَ عَلَيْهَا فَيُفْرِدُوهَا أَجْزَأَ اِمْرُؤٌ قِرْنَهُ وَ آسَى أَخَاهُ بِنَفْسِهِ وَ لَمْ يَكِلْ قِرْنَهُ إِلَى أَخِيهِ فَيَجْتَمِعَ عَلَيْهِ قِرْنُهُ وَ قِرْنُ أَخِيهِ وَ اَيْمُ اَللَّهِ لَئِنْ فَرَرْتُمْ مِنْ سَيْفِ اَلْعَاجِلَةِ لاَ تَسْلَمُوا مِنْ سَيْفِ اَلْآخِرَةِ وَ أَنْتُمْ لَهَامِيمُ اَلْعَرَبِ وَ اَلسَّنَامُ اَلْأَعْظَمُ إِنَّ فِي اَلْفِرَارِ مَوْجِدَةَ اَللَّهِ وَ اَلذُّلَّ اَللاَّزِمَ وَ اَلْعَارَ اَلْبَاقِيَ وَ إِنَّ اَلْفَارَّ لَغَيْرُ مَزِيدٍ فِي عُمُرِهِ وَ لاَ مَحْجُوزٍ بَيْنَهُ وَ بَيْنَ يَوْمِهِ اَلرَّائِحُ إِلَى اَللَّهِ كَالظَّمْآنِ يَرِدُ اَلْمَاءَ اَلْجَنَّةُ تَحْتَ أَطْرَافِ اَلْعَوَالِي اَلْيَوْمَ تُبْلَى اَلْأَخْبَارُ وَ اَللَّهِ لَأَنَا أَشْوَقُ إِلَى لِقَائِهِمْ مِنْهُمْ إِلَى دِيَارِهِمْ اَللَّهُمَّ فَإِنْ رَدُّوا اَلْحَقَّ فَافْضُضْ جَمَاعَتَهُمْ وَ شَتِّتْ كَلِمَتَهُمْ وَ أَبْسِلْهُمْ بِخَطَايَاهُمْ إِنَّهُمْ لَنْ يَزُولُوا عَنْ مَوَاقِفِهِمْ دُونَ طَعْنٍ دِرَاكٍ يَخْرُجُ مِنْهُ اَلنَّسِيمُ وَ ضَرْبٍ يَفْلِقُ اَلْهَامَ وَ يُطِيحُ اَلْعِظَامَ وَ يُنْدِرُ اَلسَّوَاعِدَ وَ اَلْأَقْدَامَ وَ حَتَّى يُرْمَوْا بِالْمَنَاسِرِ تَتْبَعُهَا اَلْمَنَاسِرُ وَ يُرْجَمُوا بِالْكَتَائِبِ تَقْفُوهَا اَلْحَلاَئِبُ وَ حَتَّى يُجَرَّ بِبِلاَدِهِمُ اَلْخَمِيسُ يَتْلُوهُ اَلْخَمِيسُ وَ حَتَّى تَدْعَقَ اَلْخُيُولُ فِي نَوَاحِرِ أَرْضِهِمْ وَ بِأَعْنَانِ مَسَارِبِهِمْ وَ مَسَارِحِهِمْ أقول الدعق الدق أي تدق الخيول بحوافرها أرضهم و نواحر أرضهم متقابلاتها و يقال منازل بني فلان تتناحر أي تتقابل أقول : العنوان جمع بين روايات ، فصدره إلى قوله « لا تسلموا من سيف الآخرة » رواية مع زيادة و نقيصة ، ففي ( الطبري ) : قال أبو مخنف : حدّثني عبد الرحمن بن أبي عمرة الأنصاري عن أبيه و مولى له ان علياعليه‌السلام حرّض الناس يوم صفين فقال : ان اللّه عز و جل قد دلّكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم ،

٥٣٩

تشفي بكم على الخير و الإيمان باللّه عز و جل و برسوله و الجهاد في سبيله ،

و جعل ثوابه مغفرة الذنب و مساكن طيبة في جنّات عدن ، ثم أخبركم أنّه يحب الذين يقاتلون في سبيله صفّا كأنّهم بنيان مرصوص ، فسووا صفوفكم كالبنيان المرصوص و قدّموا الدارع و أخّروا الحاسر ، و عضّوا على الأضراس فانّه أنبى للسيوف عن الهام ، و التووا في أطراف الرماح فانّه أصون للأسنة ،

و غضوا الأبصار فانّه أربط للجأش و اسكن للقلوب ، و أميتوا الأصوات فانّه أطرد للفشل و أولى بالوقار ، راياتكم فلا تميلوها و لا تجعلوها إلاّ بأيدي شجعانكم ، فان المانع للذمار و الصابر عند نزول الحقائق هم أهل الحفاظ الذين يحفون براياتهم و يكنفونها يضربون حفافيها خلفها و أمامها و لا يضيعونها أجزأ أمرء قذقرنه و آسى أخاه بنفسه و لم يكل قرنه إلى أخيه فيكسب بذلك لائمة و يأتي به دناءة ، و انى لا يكون هذا هكذا و هذا يقاتل اثنين و هذا ممسك بيده يدخل قرنه على أخيه هاربا منه أو قائما ينظر إليه ، من يفعل هذا يمقته اللّه عز و جل ، فلا تعرضوا لمقت اللّه سبحانه فانّما مردّكم إلى اللّه ، قال اللّه عز من قائل لقوم . لن ينفعكم الفرار إن فررتم من الموت أو القتل و إذا لا تمتعون إلاّ قليلاً١ و ايم اللّه لئن سلمتم من سيف العاجلة لا تسلمون من سيف الآخرة ، استعينوا بالصدق و الصبر ، فان بعد الصبر ينزل اللّه النصر٢ و رواه نصر في ( صفينه ) عن عمر عن عبد الرحيم بن عبد الرحمن عن أبيه مثله٣ .

و رواه ( الكافي ) في باب ما يوصيعليه‌السلام عند القتال عن مالك بن أعين

____________________

( ١ ) تاريخ الامم و الملوك للطبري ٤ : ١٦ .

( ٢ ) تاريخ الطبري ٤ : ١١ .

( ٣ ) وقعة صفين لنصر بن مزاحم : ٢٣٥ .

٥٤٠

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617