بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة الجزء ١٣

بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة0%

بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة مؤلف:
تصنيف: أمير المؤمنين عليه السلام
الصفحات: 617

بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة

مؤلف: الشيخ محمد تقي التّستري
تصنيف:

الصفحات: 617
المشاهدات: 171857
تحميل: 5288


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5 الجزء 6 الجزء 7 الجزء 8 الجزء 9 الجزء 10 الجزء 11 الجزء 12 الجزء 13 الجزء 14
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 617 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 171857 / تحميل: 5288
الحجم الحجم الحجم
بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة

بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة الجزء 13

مؤلف:
العربية

معاوي ان تأتنا مزبدا

بخضرية تلق رجراجه

أسنتها من دماء الرجال

إذا جالت الخيل مجاجه

فوارسها كأسود الضراب

إلى اللّه في القتل محتاجه

و ليست لدى الموت و قافة

و ليست لدى الخوف فجاجه

و ليس لهم غير جدّ اللقاء

إلى طول أسيافهم حاجه

خطاهم مقدم أسيافهم

و أذرعهم غير اخداجه

و عندك من وقعهم مصدق

و قد أخرجت أمس اخراجه

فشنت عليهم ببيض السيوف

بها فقع لجاجه

فقال أهل الشام له : يا أخي بني الحارث اروناها فانّها جيدة فأعادها عليهم حتى رووها١ .

« و اعلموا أنّكم بعين اللّه و مع ابن عم رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله » في ( صفين نصر ) : قال قيس بن سعد بن عبادة لأصحابه في خطبته في صفين : أنتم مع هذا اللواء الذي كان يقاتل عن يمينه جبرئيل و عن يساره ميكائيل ، و القوم مع لواء أبي جهل و الأحزاب٢ .

و في ( العقد ) : في وفود ام سنان المذحجية أنّها قالت في صفين :

يا آل مذحج لا مقام فشمّروا

ان العدو لآل أحمد يقصد

هذا عليّ كالهلال تحفّه

وسط السماء من الكواكب أسعد

خير الخلائق و ابن عم محمد

ان يهدكم بالنور منه تهتدوا

ما زال مذ شهد الحروب مظفّرا

و النصر فوق لوائه ما يفقد٣

____________________

( ١ ) صفين ، لنصر بن مزاحم : ٤٥٤ .

( ٢ ) وقعة صفين لنصر بن مزاحم : ٤٤٦ .

( ٣ ) العقد الفريد ٢ : ١٠٩ .

٥٢١

« فعاودوا الكر و استحيوا من الفر » في ( العقد ) في وفود ام الخير بنت حريش على معاوية ، التفت معاوية إلى جلسائه فقال : أيّكم يحفظ كلامها يوم صفين لما قتل عمار ؟ فقال رجل : أنا أحفظ بعض كلامها قال : هات قال : كأني بها بين بردين زئبرين كثيفي النسيج ، و هي على جمل أرمك و بيدها سوط منتشر الضفيرة ، و هي كالفحل يهدر في شقشقته تقول : أيّها الناس اتقوا ربّكم إلى أن قال فأين تريدون ، أفرارا عن أمير المؤمنين أم رغبة عن الاسلام ،

هلموا إلى الامام العادل و الوصي التقي و الصديق الأكبر ، انّها إحن بدرية و أحقاد جاهلية ، فإلى أين تريدون عن ابن عم رسول اللّه و صهره و أبي سبطيه الذي خلق من طينته و تفرّع من نبعته و جعله باب دينه و أبان ببعضه المنافقين ، و ها هو ذا مفلق الهام و مكسّر الأصنام صلّى و النّاس مشركون و أطاع و الناس كارهون ، فلم يزل في ذلك حتى قتل مبارزيه و أفنى أهل أحد و هزم الأحزاب و قتل اللّه به أهل خيبر و فرّق به جمع أهوائهم ، فيالها من وقائع زرعت في قلوب نفاقا و ردة و شقاقا و زادت المؤمنين ايمانا١ .

« فإنّه عار في الأعقاب فالناس يعيرون بفعال آبائهم و امهاتهم » ففي ( مقاتل الطالبيين ) : أرسل معاوية إلى ابنة الأشعث ، اني مزوّجك بيزيد ابني على أن تسمّي الحسن بن علي ، و بعث إليها بمائة ألف درهم ، فسوّغها المال و لم يزوّجها منه فخلف عليها رجل من آل طلحة فأولدها ، فكان إذا وقع بينهم و بين بطون قريش كلام عيّروهم و قالوا : يا بني مسمّة الأزواج٢ .

و في ( الطبري ) : قال هشام بن عمرو التغلبي للمنصور : انصرفت إلى منزلي فلقيتني اختي فرأيت من جمالها و عقلها و دينها ما رضيتها للخليفة

____________________

( ١ ) بن عبد ربه : العقد الفريد ٢ : ١١٦ .

( ٢ ) أبو الفرج الاصفهاني : مقاتل الطالبيين : ٤٦ .

٥٢٢

فجئت لأعرضها عليه ، فأطرق المنصور و جعل ينكت الأرض بخيزرانة في يده و قال : اخرج يأتك أمري فلما ولى قال : يا ربيع لو لا بيت قاله جرير في بني تغلب لتزوّجت أخته ، و هو قول جرير :

لا تطلبن خؤولة في تغلب

فالزنج أكرم منهم أخوالا

فأخاف أن تلد لي ولدا

فيعيّر بهذا البيت١ .

و في ( كامل المبرد ) : لمّا رأى أبو بلال مرداس و كان لا يرى الخروج جد ابن زياد في طلب الشراة عزم على الخروج ، فقال لأصحابه : انّه و اللّه ما يسعنا المقام بين هؤلاء الظالمين ، تجري علينا أحكامهم مجانبين للعدل مفارقين للفصل و اللّه ان الصبر على هذا لعظيم و ان تجريد السيف و اخافة السبيل لعظيم ، و لكنّا ننتبذ عنهم و لا نجرّد سيفا و لا نقاتل إلاّ من قاتلنا .

ثم مضى حتى نزل آسك بين رامهرمز و ارجان فجهّز ابن زياد اسلم بن زرعة في ألفين و وجّهه إليه و قد تتام أصحاب مرداس أربعين رجلا ، فلما صار إليهم أسلم صاح به أبو بلال : انّا لا نريد قتالا و لا نحتجن فيئا ، فما الذي تريد ؟ قال : اريد أن أردكم إلى ابن زياد قال مرداس : اذن يقتلنا قال : و ان ثم حملوا على أسلم حملة رجل واحد ، فانهزم هو و أصحابه من غير قتال ، فلما ورد أسلم على ابن زياد غضب عليه غضبا شديدا و قال : ويلك تمضي في ألفين فتنهزم لحمة أربعين٢ .

و كان أسلم يقول : لأن يذمّني ابن زياد حيّا أحبّ إليّ من أن يمدحني ميّتا .

و كان إذا خرج إلى السوق أو مرّ بصبيان صاحوا به : أبو بلال و راك ،

____________________

( ١ ) تاريخ الطبري ٦ : ٢٩٠ .

( ٢ ) ابو العباس المبرد ٣ : ٩٩١ .

٥٢٣

و ربما صاحوا به : يا معبد خذه كان معبد أحد أصحاب أبي بلال كاد أن يأخذه لما انهزم مبرّد فشكا ذلك إلى ابن زياد فأمر الشرط أن يكفّوا الناس عنه ففي ذلك يقول عيسى بن فاتك من الشراة :

أ ألفا مؤمن فيما زعمتم

و يهزمهم بآسك أربعونا

كذبتم ليس كما زعمتم

و لكن الخوارج مؤمنونا

هم الفئة القليلة غير شك

على الفئة الكثيرة ينصرونا١

« و نار يوم الحساب » قال ابن أبي الحديد و الجهاد مع الإمام كالجهاد مع النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ٢ ، و قال تعالىفي الفرار عن الجهاد مع النبي و من يولهم يومئذ دبره الاّ متحرّفا لقتال أو متحيّزا إلى فئة فقد باء بغضب من اللّه و مأواه جهنّم .٣ .

قلت : و قد كان النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله و آله مأمورا بجهاد الكفّار و المنافقين في قوله تعالى لهيا أيها النبي جاهد الكفّار و المنافقين .٤ و تصدّى للجهاد مع الكفار بنفسه ، و فوّض جهاد المنافقين إلى أمير المؤمنينعليه‌السلام لكونه كنفسه .

« و طيبوا عن أنفسكم نفسا » يعني : طيبوا نفسا في قتل نفوسكم في سبيل اللّه لأنّه يبدل بحياة طيبة ، قال تعالىو لا تحسبنّ الذين قتلوا في سبيل اللّه أمواتاً بل أحياءٌ عند ربّهم يرزقون ٥ .

و في ( الطبري ) : لما خطب الحسينعليه‌السلام أصحابه بذي حسم بعد ورود الحر قام زهير بن القين و قال : و اللّه لو كانت الدنيا لنا باقية و كنّا فيها مخلدين

____________________

( ١ ) أبو العباس المبرد : الكامل ٣ : ٩٩٥ .

( ٢ ) شرح ابن ابي الحديد ٥ : ١٧٤ .

( ٣ ) الأنفال : ١٦ .

( ٤ ) التوبة : ٧٣ .

( ٥ ) آل عمران : ١٦٩ .

٥٢٤

الا ان فراقها في نصرك و مواساتك لآثرنا الخروج معك١ .

« و امشوا إلى الموت مشيا سجحا » بتقديم الجيم على الحاء ، أي : سهلا .

و في ( صفين نصر ) : قال عتبة بن جويرية يوم صفين : ألا ان مرعى الدنيا قد أصبح شجرها هشيما و أصبح زرعها حصيدا و جديدها سملا و حلوها مرّ المذاق ، ألا و اني انبئكم نبأ امرئ صادق اني سئمت الدنيا و عزفت نفسي عنها و قد كنت أتمنى الشهادة و أتعرّض لها في كلّ حين فأبى اللّه إلاّ أن يبلغني في هذا اليوم ، ألا و اني متعرّض ساعتي هذه لها و قد طمعت ان لا احرمها ، فما تنتظرون عباد اللّه من جهاد أعداء اللّه ، أخوف الموت القادم عليكم الذاهب بأنفسكم لا محالة أو من ضربة كف أو جبين بالسيف ، أتستبدلون الدنيا بالنظر إلى وجه اللّه عز و جل أو مرافقة النبيين و الصديقين و الشهداء و الصالحين في دار القرار ؟ ما هذا بالرأي السديد ، يا إخوتاه اني قد بعت هذه الدار بالتي امامها ، و هذا وجهي إليه لا يبرح اللّه وجوهكم و لا يقطع اللّه أرحامكم .

فتبعه أخواه عبيد اللّه و عوف و قالا : لا نطلب رزق الدنيا بعدك ، قبّح اللّه العيش بعدك ، اللّهم انّا نحتسب أنفسنا عندك فاستقدموا فقاتلوا حتى قتلوا٢ .

و في خطبة الأشتر في صفين : ان هؤلاء القوم و اللّه لن يقاتلوكم إلاّ عن دينكم ليطفئوا السنّة و يحيوا البدعة ، و يدخلوكم في أمر قد أخرجكم اللّه منه بحسن البصيرة ، فطيبوا عباد اللّه نفسا بدمائكم دون دينكم .٣ .

« و عليكم بهذا السواد الأعظم » و كان الأشتر أيضا يحرّض و يقول : عليكم

____________________

( ١ ) تاريخ الامم و الملوك للطبري ٤ : ٣٠٥ .

( ٢ ) وقعة صفين لنصر بن مزاحم : ٢٦٣ .

( ٣ ) وقعة صفين لنصر بن مزاحم : ٢٥٠ .

٥٢٥

بهذا السواد الأعظم ، فان اللّه عز و جل لو قد فضّه تبعه من بجانبيه كما يتبع مؤخر السيل مقدّمه١ .

« و الرواق المطنب » في ( صفين نصر ) : نصب لمعاوية منبر ، فقعد عليه في قبّة ضربها ألقي عليها الثياب و الأرائك و أحاط به أهل يمن و قال : لا يقربن أحد هذا المنبر لا تعرفونه إلا قتلتموه كائنا من كان ، و كان على رأس معاوية رجل قائم معه ترس مذهّب يستره من الشمس٢ .

و لقد قصد رواق معاوية جمع من أصحابهعليه‌السلام كما أمرهم لكن لم يكن طيه مقدرا ، فممن قصده أبو شداد قيس بن المكشوح ، ففي ( صفين نصر ) :

قالت بجيلة له : خذ رايتنا فقال : غيري خير لكم مني قالوا : لا نريد غيرك قال :

فو اللّه لئن أعطيتمونيها لا أنتهي بكم دون صاحب الترس المذهب فقالوا :

اصنع ما شئت فأخذها ثم زحف بها و هم حوله يضربون الناس حتى انتهى إلى صاحب الترس فاقتتلوا هنا لك قتالا شديدا و شدّ بسيفه نحو صاحب الترس ، فعرض له رومي من دونه لمعاوية فضرب قدم أبي شدّاد فقطعها ،

و ضرب أبو شداد ذلك الرومي فقتله ، و أسرعت إلى أبي شداد الأسنّة فقتل .

فأخذ الراية بعده عبد اللّه بن قلع الأحمسي و قال :

لا يبعد اللّه أبا شداد

حيث أصاب دعوة المنادي

و شدّ بالسيف على الأعادي

نعم الفتى كان له الطراد

و في طعان الخيل و الجلاد

ثم قاتل حتى قتل ، فأخذها بعده أخوه عبد الرحمن بن قلع ، فقاتل حتى قتل ، ثم أخذها عفيف بن إياس الأحمسي ، فلم تزل بيده حتى تحاجز الناس .

____________________

( ١ ) المصدر نفسه .

( ٢ ) وقعة صفين لنصر بن مزاحم : ٢٥٨ .

٥٢٦

و منهم عكبر بن جدير الأسدي و كان فارس أهل الكوفة الذي لا ينازع فلما نادى عوف بن مجزأة المرادي الذي كان فارس أهل الشام لا ينازع هل من مبارز ؟ خرج إليه عكبر فطعن عوفا فصرعه و معاوية على التل في اناس من قريش و غيرهم ، فوجّه عكبر فرسه فملا فروجه ركضا يضربه بالسوط مسرعا نحو التل ، فنظر إليه معاوية فقال : ان هذا الرجل مغلوب على عقله أو مستأمن فاسألوه فناداه رجل فلم يجبه حتى انتهى إلى معاوية و جعل يطعن في أعراض الخيل و رجا أن يفردوا له معاوية ، فقتل رجالا و قام القوم دون معاوية بالسيوف و الرماح ، فلما لم يصل إلى معاوية نادى :

أولى لك يابن هند

أنا الغلام الأسدي

فرجع إلى علي فقالعليه‌السلام : ما ذا دعاك يا عكبر إلى ما صنعت ؟ قال : أردت غرة ابن هند و انكسر أهل الشام لقتل المرادي و هدر معاوية دم عكبر فقال عكبر : يد اللّه فوق يد معاوية١ .

و منهم عبد اللّه بن بديل الخزاعي ، ففي ( صفين نصر ) : قال الشعبي : كان على ابن بديل سيفان و درعان ، فجعل يضرب الناس بسيفه قدما و هو يقول :

لم يبق إلاّ الصبر و التوكل

و أخذك الترس و سيفا مصقل

ثم التمشي في الرعيل الأول

مشي الجمال في حياض المنهل

و اللّه يقضي ما يشا و يفعل

و لم يزل يضرب بسيفه حتى انتهى إلى معاوية ، فأزاله عن موقفه و جعل ينادي : يا آل ثارات عثمان يعني أخا له كان قتل فظن معاوية و أصحابه انّه يعني عثمان بن عفان حتى أزال معاوية عن موقفه ، فأقبل أصحابه على ابن بديل يرضخونه بالصخر حتى أثخنوه و قتل ، و أقبل إليه

____________________

( ١ ) نصر بن مزاحم : وقعة صفين ٢٥٨ .

٥٢٧

معاوية و معه عبد اللّه بن عامر و كان لابن بديل أخا و صديقا فألقى ابن عامر عمامته على وجهه و ترحّم عليه ، فقال له معاوية : اكشف عن وجهه فقال له ابن عامر : و اللّه لا يمثل به و فيّ الروح فقال له معاوية : اكشف عن وجهه قد وهبته لك ، فكشف فلما رآه معاوية قال : هذا كبش القوم و ربّ الكعبة ، و ما مثله إلاّ كما قال الشاعر :

أخو الحرب ان عضّت به عضّها

و ان شمّرت عن ساقها الحرب شمّرا

و يحمي إذا ما الموت كان لقاؤه

لدى الشتر يحمي الأنف ان يتأخرا

كليث هزبر كان يحمى ذماره

رمته المنايا قصدها فتفطرا

لو قدرت نساء خزاعة على أن يقاتلنني لفعلن فضلا عن رجالها١ .

و منهم أخوان من الأنصار ، ففي ( صفين نصر ) : حمل غلامان من الأنصار أخوان حتى انتهيا إلى سرادق معاوية فقتلا عنده٢ .

و منهم رجل آخر ، ففيه قال رجل من أصحاب عليعليه‌السلام : أما و اللّه لأحملن على معاوية حتى أقتله ، فركب فرسا ثم ضربه حتى قام على سنابكه ثم دفعه فلم ينهنهه شي‏ء عن الوقوف على رأس معاوية ، فهرب معاوية و دخل خباء ،

فنزل الرجل عن فرسه و دخل عليه ، فخرج معاوية من جانب الخباء الآخر ،

فخرج الرجل في أثره فاستصرخ معاوية بالناس ، فأحاطوا به و حالوا بينهما ،

فقال معاوية : و يحكم ان السيوف لم يؤذن لها في هذا و لو لا ذلك لم يصل إليكم فعليكم بالحجارة ، فرضخوه حتى همد فعاد معاوية إلى مجلسه٣ .

و منهم سبعة آلاف من ربيعة التي كانعليه‌السلام يمدحها و يقول فيهم

____________________

( ١ ) وقعة صفين لنصر بن مزاحم : ٢٤٥ .

( ٢ ) المصدر نفسه : ٤٢٥ ( طبعة القاهرة ) .

( ٣ ) المصدر نفسه : ٢٧٠ .

٥٢٨

« ربيعة السامعة المطيعة » الاّ انّهم لم يظفروا لغدر أميرهم خالد بن المعمر ،

أطمعه معاوية و خيّب اللّه رجاءه ففي ( صفين نصر ) : تبايع سبعة آلاف من ربيعة و تحالفت بالأيمان العظيمة على ألا ينظر رجل منهم خلفه حتى يردوا سرادق معاوية ، فأقبلوا نحوه فلما نظر إليهم معاوية قال :

إذا قلت قد ولّت ربيعة أقبلت

كتائب منها كالجبال تجالد

و قال لعمرو : ما ترى ؟ قال : ان تخلّي سرادقك اليوم فقام معاوية و خلّى لهم سرادقه و رحله ، و خرج فارا عنه ببعض مضارب أهل الشام في أخريات الناس ، فانتهت ربيعة إلى سرادقه و رحله و بعث معاوية إلى خالد بن المعمر انّك قد ظفرت و لك إمرة خراسان ان لم تتمّ ، فقطع خالد القتال و لم يتمّه و قال لربيعة قد برّت أيمانكم فحسبكم ، فلما كان عام الجماعة أمّره معاوية على خراسان فمات قبل أن يبلغها ١ .

« فاضربوا ثبجه » بالفتح أي : وسطه .

« فان الشيطان » و المراد به معاوية .

« كامن » أي : مختف .

« في كسره » بكسره أي أسفل شقة البيت التي تلي الأرض من حيث يكسر جانباه من عن يمينك و يسارك .

« قد قدم للوثبة » أي : المساورة إلى قدام .

« يدا و أخّر للنكوص » أي : الرجوع إلى العقب .

« رجلا » قد عرفت ان من يقصد رواقه يهرب منه في خباء إلى خباء و يعمل حيلة لدفعه .

و برز يوما في قبال سعيد بن قيس ثم فر منه و ركض فرسه ،

____________________

( ١ ) وقعة صفّين لنصر بن مزاحم : ٣٠٦ .

٥٢٩

فقال سعيد :

يا لهف نفسي فاتني معاوية

فوق طمر كالعقاب هاوية

و قال أيمن بن خريم و كان أنسك رجل من أهل الشام و أشعره و كان في ناحية معتزلا :

و ان سعيدا إذ برزت لرمحه

لفارس همدان الذي يشعب الصدعا

ملي‏ء بضرب الدارعين بسيفه

إذا الخيل أبدت من سنابكها نقعا

رجعت فلم تظفر بشي‏ء أردته

سوى فرس أعيت و أبت بها طلعا

« فصمدا صمدا » بالتسكين أي : قصدا قصدا ، و اما بالتحريك فهو : السيد الذي يقصد إليه في الحوائج .

« حتى ينجلي عمود الحق و أنتم الأعلون و اللّه معكم و لن يتركم أعمالكم » في ( الصحاح ) : « و لن يتركم أعمالكم » أي : لن ينتقصكم في أعمالكم كما تقول « دخلت البيت » و أنت تريد دخلت في البيت١ .

و قولهعليه‌السلام « و أنتم الأعلون و اللّه معكم و لن يتركم أعمالكم » لفظ القرآن ،

قال تعالى :فلا تهنوا و تدعوا إلى السلم و أنتم الأعلون و اللّه معكم و لن يتركم أعمالكم ٢ .

في ( صفين نصر ) : ركب عليعليه‌السلام بغلة النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله الشهباء ، ثم تعصّب بعمامة النبي السوداء ، ثم نادى : أيها الناس من يشري نفسه للّه بربح ، هذا يوم له ما بعده ، ان عدوّكم قد قرح كما قرحتم .

فانتدب له ما بين العشرة آلاف إلى اثني عشر ألفا وضعوا سيوفهم على عواتقهم و تقدّمهم عليعليه‌السلام منقطعا على بغلة النبي و هو يقول :

____________________

( ١ ) الصحاح للجوهري ٢ : ٨٤٣ .

( ٢ ) محمّد : ٣٥ .

٥٣٠

دبّوا دبيب النمل لا تفوتوا

و أصبحوا بحربكم و بيتوا

حتى تنالوا الثأر أو تموتوا

أو لا فإنّي طالما عصيت

قد قلتم لو جيتنا فجيت

ليس لكم ما شيتم و شيت

بل ما يريد المحيي المميت

فتبعه عدي بن حاتم بلوائه و هو يقول :

أ بعد عمار و بعد هاشم

و ابن بديل فارس الملاحم

نرجو البقاء مثل حلم الحالم

و قد عضضنا أمس بالأباهم

فاليوم لا نقرع سن نادم

ليس امرؤ من يومه بسالم

و تقدّم الأشتر و هو يقول :

حرب بأسباب الردى تأجج

يهلك فيها البطل المدجّج

يكفيك همدانها و مذحج

قوم إذا ما أحمشوها أنفجوا

روحوا إلى اللّه و لا تعرجوا

دين قويم و سبيل منهج

و حمل الناس حملة واحدة ، فلم يبق لأهل الشام صف إلاّ انتقض و اهمدوا ما أتوا عليه حتى أفضى الأمر إلى مضرب معاوية ، و عليعليه‌السلام يضربهم بسيفه و هو يقول :

أضربهم و لا أرى معاوية

الأخزر العين العظيم الحاوية

هوت به في النار ام هاوية

فدعا معاوية بفرسه لينجو عليه ، فلما وضع رجله في الركاب تمثّل بأبيات عمرو بن الأطنابة :

أبت لي عفّتي و أبي بلائي

و أخذي الحمد بالثمن الربيح

و اعزامي على المكروه نفسي

و ضربي هامة البطل المشيح

و قولي كلّما جشأت و جاشت

مكانك تحمدي أو تستريحي

٥٣١

فثنى رجله من الركاب و نزل و استصرخ بعك و الأشعريين ، فجالدوا عنه . و انتهى إلى مكيدة عمرو في رفع المصاحف١ .

١٠ الخطبة ( ٢٣٩ ) و من كلام لهعليه‌السلام يحثّ أصحابه على الجهاد :

وَ اَللَّهُ مُسْتَأْدِيكُمْ شُكْرَهُ وَ مُوَرِّثُكُمْ أَمْرَهُ وَ مُمْهِلُكُمْ فِي مِضْمَارٍ مَمْدُودٍ لِتَتَنَازَعُوا سَبَقَهُ فَشُدُّوا عُقَدَ اَلْمَآزِرِ وَ اِطْوُوا فُضُولَ اَلْخَوَاصِرِ لاَ تَجْتَمِعُ عَزِيمَةٌ وَ وَلِيمَةٌ مَا أَنْقَضَ اَلنَّوْمَ لِعَزَائِمِ اَلْيَوْمِ وَ أَمْحَى اَلظُّلَمَ لِتَذَاكِيرِ اَلْهِمَمِ وَ صَلَّى اَللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ اَلنَّبِيِ اَلْأُمِّيِ ، وَ عَلَى آلِهِ مَصَابِيحِ اَلدُّجَى وَ اَلْعُرْوَةِ اَلْوُثْقَى ، وَ سَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا أقول : هذا العنوان في نسخنا و في ( ابن ميثم ) آخر الخطب ( ٢٣٦ )٢ و لكن ابن أبي الحديد نقله بعد عنوان « قد أحيى عقله » ( ٢١٥ )٣ .

قول المصنّف : « و من كلام لهعليه‌السلام يحثّ أصحابه على الجهاد » هكذا في ( المصرية )٤ و فيه سقط ، ففي ( ابن ميثم ) : ( يحثّ فيه )٥ .

قولهعليه‌السلام « و اللّه مستأديكم » أي : طالب أدائكم .

« شكره » استأدى شكر عباده في آيات كثيرة .و اشكروا لي و لا تكفرون ٦ ، .و اشكروا للّه إن كنتم إيّاه تعبدون ٧ ، .ان اشكر لي

____________________

( ١ ) وقعة صفين لنصر بن مزاحم : ٤٠٣ .

( ٢ ) شرح نهج البلاغة لابن ميثم ٤ : ٣٣٤ .

( ٣ ) شرح ابن ابي الحديد ١١ : ١٤٢ .

( ٤ ) الطبعة المصرية : ٥١٠ هكذا الاصل ص ١٨٧ .

( ٥ ) في ابن ميثم : ٤ : ٣٣٤ ذكره في خطبة : ٢٤٠ و ليس ٢٣٦ .

( ٦ ) البقرة : ١٥٢ .

( ٧ ) البقرة : ١٧٢ .

٥٣٢

و لوالديك إليّ المصير ١ ،و لقد آتينا لقمان الحكمة ان اشكر للّه و من يشكر فانّما يشكر لنفسه و من كفر فان اللّه غني حميد ٢ و عن الصادقعليه‌السلام : أو حى تعالى إلى موسىعليه‌السلام ان اشكر لي حقّ شكري قال : كيف و ليس شكر أشكرك به إلاّ و أنت أنعمت به علي ؟ قال : الآن شكرتني حين قلت ان ذلك مني٣ .

« و مورثكم أمره »وَعَدَ اللّهُ الذين آمنوا منكم و عملوا الصالحات ليستخلفنَّهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم و ليمكنَّن لهم دينهم الذي ارتضى لهم و ليبدّلنّهم من بعد خوفهم أَمنا .٤ .

« و يمهلكم في مضمار » في ( القاموس ) : تضمير الفرس أن تعلفه حتى يسمن ثم ترده إلى القوت و ذلك أربعين يوما ، و هذه المدّة تسمّى المضمار ،

و الموضع الذي يضمر فيه الخيل أيضا مضمار٥ .

« محدود » هكذا في ( المصرية )٦ و الصواب : « ممدود » كما في ( ابن ميثم و الخطية )٧ .

« لتتنازعوا سبقه » أي : سبق المضمار .فاستبقوا الخيرات أينما تكونوا يأت بكم اللّه جميعاً .٨ ، .فاستبقوا الخيرات إلى اللّه مرجعكم

____________________

( ١ ) لقمان : ١٤ .

( ٢ ) لقمان : ١٢ .

( ٣ ) الكافي للكليني ٢ : ٩٨ رواية ٢٧ .

( ٤ ) النور : ٥٥ .

( ٥ ) الفيروز آبادي القاموس المحيط : ٥٥١ .

( ٦ ) الطبعة المصرية : ٥١٠ .

( ٧ ) ابن ميثم ٤ : ٣٣٤ بلفظ ( محدود ) اما النسخة الخطية : ٢٢٨ بلفظ ( محدود ) .

( ٨ ) البقرة : ١٤٨ .

٥٣٣

جميعاً .١ ،سابقوا إلى مغفرة من ربّكم و جنّة عرضها كعرض السماء و الأرض أُعدّت للذين آمنوا باللّه و رسله . .٢ .

« فشدوا عقد المآزر » .

قوم إذا ما حاربوا شدّوا مآزرهم

دون النساء و لو باتت بأطهار

و في السير : لما بلغ المهلب خلع ابن الأشعث للحجاج لما أرسله إلى رتبيل في أهل العراق و رجوعهم إلى حربه ، كتب إليه ان أهل العراق قد أقبلوا إليك و هم مثل السيل ليس يردّهم شي‏ء حتى ينتهي إلى قراره ، و ان لأهل العراق شدّه في أوّل مخرجهم و صبابة إلى أبنائهم و نسائهم ، فاتركهم حتى يسقطوا إلى أهاليهم و يشمّوا أولادهم ثم واقعهم فإنّك منصور فلما قرأ كتابه سبّه و قال : ما الي نظر بل لابن عمه يعني ابن الأشعث حيث ان كلاّ منهما كان يمنيا ثم سار الحجاج من البصرة ليلقي ابن الأشعث ، فنزل تستر و قدم بين يديه مقدمة إلى دجيل ، فلقوا عنده خيلا لابن الأشعث فانهزم أصحاب الحجاج و قتل جمع كثير منهم ، فرجع إلى البصرة فتبعه ابن الأشعث فقتل منهم و أصاب بعض أثقالهم ، فترك الحجاج البصرة لأهل العراق و أقبل حتى نزل الزاوية ، و لما رجع نظر في كتاب المهلب فقال : للّه درّه أي صاحب حرب هو٣ .

هذا و في ( الأغاني ) عن حمّاد الراوية دخلت يوما على الوليد و كان آخر يوم لقيته فاستنشدني فأنشدته كلّ ضرب من شعر الجاهلية و الاسلام فما هشّ لشي‏ء منه حتى أخذت في السخف ، فأنشدته لعماد بن كناذ :

اشتهى منك منك منك مكانا بجنب ذا

فأجي فيه فيه فيه بأير كمثل ذا

____________________

( ١ ) المائدة : ٤٨ .

( ٢ ) الحديد : ٢١ .

( ٣ ) الكامل في التاريخ لبن الأثير ٤ : ٤٦٤ ٤٦٥ .

٥٣٤

ليت أيري و حرك يوما جميعا تجابذا

فأخذ ذا بشعر ذا و أخذ ذا بقعر ذا

فضحك حتى استلقى و شرب حتى سكر ، فعلمت ان أمره قد أدبر ، ثم أدخلت على أبي مسلم فاستنشدني فأنشدته قول الأفوه إلى قوله :

تهدى الأمور بأهل الرشد ما صلحت

و ان تولّت فبالأشرار تنقاد

فقال : انا ذاك الذي تنقاد به الناس ، فأيقنت حينئذ أن أمره مقبل١ و فيه : لما ظهرت المسودة بخراسان كتب نصر بن سيار إلى الوليد يستمدّه ، فتشاغل عنه فكتب نصر إليه :

أرى خلل الرماد و ميض جمر

و أحر بأن يكون له ضرام

فان النار بالعودين تذكى

و ان الحرب مبدؤها الكلام

فقلت من التعجب ليت شعري

أ أيقاظ اميّة أم نيام

فكتب إليه الوليد : قد أقطعتك خراسان فاعمل لنفسك أو دع ، فانّي مشغول عنك بابن سريج و معبد و الغريض٢ .

و فيه قال أبو سفيان في غزوة سويق بعد بدر يحرّض قريشا :

ان يك يوم القليب كان لهم

فان ما بعده لكم دول

آليت لا أقرب النساء و لا

يمس رأسي و جلدي الغسل

حتى تبيدوا قبائل الأوس

و الخزرج ان الفؤاد مشتعل٣

و في ( الجزري ) : و قد بلغ من حزم عضد الدولة انّه تدلّه بفتاة ، فلما خشي على ملكه من تدلّهه بها أمر بتغريقها .

و لبعضهم :

____________________

( ١ ) الأغاني لأبي الفرج الإصفهاني ٧ : ٥٦ ٥٧ .

( ٢ ) الأغاني لأبي الفرج الإصفهاني ٧ : ٥٦ .

( ٣ ) الأغاني لأبي الفرج الإصفهاني ٦ : ٣٥٨ .

٥٣٥

و من كان بالبيض الكواعب مغرما

فما زلت بالبيض القواطع مغرما

و من تيمت سمر الحسان فؤاده

فما زلت بالسمر العوالي متيما١

« و اطووا فضول الخواصر » جمع الخصر ، أي وسط الإنسان ، و طي فضول الخواصر كناية عن عدم اهتمامهم بطعامهم و عدم كونهم عبيد بطونهم .

و في ( الكامل ) : لما ولّى المعتز يعقوب الصفار و علي بن شبل كرمان ليغلب أحدهما الآخر ، أقبل يعقوب نفسه و طوق بن المغلس من قبل علي بن شبل إليها و لم يقاتلا ، و ارتحل يعقوب بعد شهرين و أظهر الارتحال إلى سجستان ، فقعد طوق للأكل و الشرب و الملاهي و إذا هو بيعقوب قد طوى مرحلتين في يوم و رجع ، ففرّ أصحاب طوق و اسر طوق ، فنزع يعقوب خفّه فتساقط منه كسر خبز يابسة ، فقال : يا طوق هذا خفي لم أنتزعه منذ شهرين من رجلي و خبزي فيه آكل منه و أنت جالس في الشراب٢ .

« و لا » هكذا في ( المصرية )٣ و الصواب : « لا » كما في ( ابن ميثم ) لأنّه مستأنفة كالمثل لا عطف٤ .

« تجتمع عزيمة » ما صممت على فعله .

« و وليمة » في ( الجمهرة ) : الوليمة : طعام العرس ، و الوضيمة : طعام المأتم٥ .

في ( الكامل ) : مات يعقوب الصفار بجنديسابور من قولنج و كان

____________________

( ١ ) ابن الاثير الكامل في التاريخ لم نعثر عليه .

( ٢ ) الكامل ٧ : ١٩١ .

( ٣ ) الطبعة المصرية : ٥١٠ .

( ٤ ) ابن ميثم ٤ : ٣٣٤ بلفظ « لا » .

( ٥ ) ابن دريد ضمهرة اللغة ٢ : ٩٨٧ .

٥٣٦

المعتمد قد أرسل إليه رسولا يستميله و يقلّده أعمال فارس فجعل عنده سيفا و رغيفا من الخبز الخشكار و بصلا ، فقال لرسوله : قل له اني عليل ، فان متّ استرحت أنا و أنت و ان عوفيت فليس بيني و بينك إلاّ هذا السيف ، اما آخذ ثاري و اما أرجع إلى هذا الخبز و البصل١ .

« ما أنقض النوم لعزائم اليوم » كرّره المصنف في ( ٤٤٠ ٣ ) و كيف كان فهو كالمثل لحال كثير من الناس يمنعهم الكسل عن كثير من مقاصدهم ، و من أمثالهم « أحزم لو أعزم » .

و قال الشاعر :

لست بليلي و لكني نهر

لا أدلج الليل و لكن ابتكر

قال سيبويه معنى « نهر » نهاريّ في مقابل الليلي٢ .

« و أمحى الظلم » جمع الظلمة .

« لتذاكير الهمم » هو في معنى الأول لبيان حال ناس ليسوا بذوي جدّ في الامور ، قال الشاعر :

فلا تقربن أمر الصريمة بامرى‏ء

إذا رام أمرا عوّقته عواذله

و قل للفؤاد ان نزابك نزوة

من الروع أفرغ أكثر الروع باطله

و قريب منه و ان كان لفظه بالعكس قولهم « كلام الليل يمحوه النهار » .

« و صلّى اللّه على سيّدنا محمّد النبيّ الامّي » زادت ( الخطية ) قبل الكلام :

« و الحمد للّه كثيرا »٣ .

« و على آله مصابيح الدجى » أي : سرج الظلم .

____________________

( ١ ) الكامل في التاريخ لابن الاثير ٧ : ٣٢٥ .

( ٢ ) كتاب سيبويه ٣ : ٣٨٤ .

( ٣ ) النسخة الخطية ، لا وجود للعبارة : ٢٢٩ .

٥٣٧

« و العروة الوثقى » لأن و لايتهم شرط قبول الايمان باللّه الذي قال . .

فمن يكفر بالطاغوت و يؤمن باللّه فقد استمسك بالعروة الوثقى .١ .

قال الرضاعليه‌السلام لأهل نيسابور بعد روايته لهم عن آبائهعليهم‌السلام عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله عن اللّه تعالى كون « لا إله إلاّ اللّه » حصنه الذي من دخل فيه أمن من عذابه : بشروطها و أنا من شروطها٢ .

« و سلّم تسليما كثيرا » ليس قوله « و صلّى اللّه » إلى هنا في ( ابن ميثم ) و لعلّه ترك نقله لعدم تعلّق غرض به٣ ، لكن فيه بعد شرح العنوان : « و هذا آخر الخطب و الأوامر و يتلوه المختار من الكتب و الرسائل إن شاء اللّه تعالى بعونه و عصمته و توفيقه و هدايته » فان لم يكن من إنشائه فكذا كان كلام المصنّف ، و قد عرفت ان ابن أبي الحديد نقله في الوسط فلا مجال لأن يكون فيه شي‏ء غير العنوان٤ .

١١ الخطبة ( ١٢٢ ) و من كلام لهعليه‌السلام في حثّ أصحابه على القتال :

فَقَدِّمُوا اَلدَّارِعَ وَ أَخِّرُوا اَلْحَاسِرَ وَ عَضُّوا عَلَى اَلْأَضْرَاسِ فَإِنَّهُ أَنْبَى لِلسُّيُوفِ عَنِ اَلْهَامِ وَ اِلْتَوُوا فِي أَطْرَافِ اَلرِّمَاحِ فَإِنَّهُ أَمْوَرُ لِلْأَسِنَّةِ وَ غُضُّوا اَلْأَبْصَارَ فَإِنَّهُ أَرْبَطُ لِلْجَأْشِ وَ أَسْكَنُ لِلْقُلُوبِ وَ أَمِيتُوا اَلْأَصْوَاتَ فَإِنَّهُ أَطْرَدُ لِلْفَشَلِ وَ رَايَتَكُمْ فَلاَ تُمِيلُوهَا وَ لاَ تُخِلُّوهَا وَ لاَ تَجْعَلُوهَا إِلاَّ بِأَيْدِي شُجْعَانِكُمْ وَ اَلْمَانِعِينَ اَلذِّمَارَ مِنْكُمْ فَإِنَّ اَلصَّابِرِينَ

____________________

( ١ ) البقرة : ٢٥٦ .

( ٢ ) المجلسي بحار الأنوار ٣ : ٥ الرواية ١٤ الباب ١ .

( ٣ ) ابن ميثم لم ترد العبارة انظر ٤ : ٣٣٥ .

( ٤ ) شرح ابن ابي الحديد ذكر بعده ( ٢٧ ) خطبة أو كلام للامام أمير المؤمنينعليه‌السلام .

٥٣٨

عَلَى نُزُولِ اَلْحَقَائِقِ هُمُ اَلَّذِينَ يَحُفُّونَ بِرَايَاتِهِمْ وَ يَكْتَنِفُونَهَا حِفَافَيْهَا وَ وَرَاءَهَا وَ أَمَامَهَا لاَ يَتَأَخَّرُونَ عَنْهَا فَيُسْلِمُوهَا وَ لاَ يَتَقَدَّمُونَ عَلَيْهَا فَيُفْرِدُوهَا أَجْزَأَ اِمْرُؤٌ قِرْنَهُ وَ آسَى أَخَاهُ بِنَفْسِهِ وَ لَمْ يَكِلْ قِرْنَهُ إِلَى أَخِيهِ فَيَجْتَمِعَ عَلَيْهِ قِرْنُهُ وَ قِرْنُ أَخِيهِ وَ اَيْمُ اَللَّهِ لَئِنْ فَرَرْتُمْ مِنْ سَيْفِ اَلْعَاجِلَةِ لاَ تَسْلَمُوا مِنْ سَيْفِ اَلْآخِرَةِ وَ أَنْتُمْ لَهَامِيمُ اَلْعَرَبِ وَ اَلسَّنَامُ اَلْأَعْظَمُ إِنَّ فِي اَلْفِرَارِ مَوْجِدَةَ اَللَّهِ وَ اَلذُّلَّ اَللاَّزِمَ وَ اَلْعَارَ اَلْبَاقِيَ وَ إِنَّ اَلْفَارَّ لَغَيْرُ مَزِيدٍ فِي عُمُرِهِ وَ لاَ مَحْجُوزٍ بَيْنَهُ وَ بَيْنَ يَوْمِهِ اَلرَّائِحُ إِلَى اَللَّهِ كَالظَّمْآنِ يَرِدُ اَلْمَاءَ اَلْجَنَّةُ تَحْتَ أَطْرَافِ اَلْعَوَالِي اَلْيَوْمَ تُبْلَى اَلْأَخْبَارُ وَ اَللَّهِ لَأَنَا أَشْوَقُ إِلَى لِقَائِهِمْ مِنْهُمْ إِلَى دِيَارِهِمْ اَللَّهُمَّ فَإِنْ رَدُّوا اَلْحَقَّ فَافْضُضْ جَمَاعَتَهُمْ وَ شَتِّتْ كَلِمَتَهُمْ وَ أَبْسِلْهُمْ بِخَطَايَاهُمْ إِنَّهُمْ لَنْ يَزُولُوا عَنْ مَوَاقِفِهِمْ دُونَ طَعْنٍ دِرَاكٍ يَخْرُجُ مِنْهُ اَلنَّسِيمُ وَ ضَرْبٍ يَفْلِقُ اَلْهَامَ وَ يُطِيحُ اَلْعِظَامَ وَ يُنْدِرُ اَلسَّوَاعِدَ وَ اَلْأَقْدَامَ وَ حَتَّى يُرْمَوْا بِالْمَنَاسِرِ تَتْبَعُهَا اَلْمَنَاسِرُ وَ يُرْجَمُوا بِالْكَتَائِبِ تَقْفُوهَا اَلْحَلاَئِبُ وَ حَتَّى يُجَرَّ بِبِلاَدِهِمُ اَلْخَمِيسُ يَتْلُوهُ اَلْخَمِيسُ وَ حَتَّى تَدْعَقَ اَلْخُيُولُ فِي نَوَاحِرِ أَرْضِهِمْ وَ بِأَعْنَانِ مَسَارِبِهِمْ وَ مَسَارِحِهِمْ أقول الدعق الدق أي تدق الخيول بحوافرها أرضهم و نواحر أرضهم متقابلاتها و يقال منازل بني فلان تتناحر أي تتقابل أقول : العنوان جمع بين روايات ، فصدره إلى قوله « لا تسلموا من سيف الآخرة » رواية مع زيادة و نقيصة ، ففي ( الطبري ) : قال أبو مخنف : حدّثني عبد الرحمن بن أبي عمرة الأنصاري عن أبيه و مولى له ان علياعليه‌السلام حرّض الناس يوم صفين فقال : ان اللّه عز و جل قد دلّكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم ،

٥٣٩

تشفي بكم على الخير و الإيمان باللّه عز و جل و برسوله و الجهاد في سبيله ،

و جعل ثوابه مغفرة الذنب و مساكن طيبة في جنّات عدن ، ثم أخبركم أنّه يحب الذين يقاتلون في سبيله صفّا كأنّهم بنيان مرصوص ، فسووا صفوفكم كالبنيان المرصوص و قدّموا الدارع و أخّروا الحاسر ، و عضّوا على الأضراس فانّه أنبى للسيوف عن الهام ، و التووا في أطراف الرماح فانّه أصون للأسنة ،

و غضوا الأبصار فانّه أربط للجأش و اسكن للقلوب ، و أميتوا الأصوات فانّه أطرد للفشل و أولى بالوقار ، راياتكم فلا تميلوها و لا تجعلوها إلاّ بأيدي شجعانكم ، فان المانع للذمار و الصابر عند نزول الحقائق هم أهل الحفاظ الذين يحفون براياتهم و يكنفونها يضربون حفافيها خلفها و أمامها و لا يضيعونها أجزأ أمرء قذقرنه و آسى أخاه بنفسه و لم يكل قرنه إلى أخيه فيكسب بذلك لائمة و يأتي به دناءة ، و انى لا يكون هذا هكذا و هذا يقاتل اثنين و هذا ممسك بيده يدخل قرنه على أخيه هاربا منه أو قائما ينظر إليه ، من يفعل هذا يمقته اللّه عز و جل ، فلا تعرضوا لمقت اللّه سبحانه فانّما مردّكم إلى اللّه ، قال اللّه عز من قائل لقوم . لن ينفعكم الفرار إن فررتم من الموت أو القتل و إذا لا تمتعون إلاّ قليلاً١ و ايم اللّه لئن سلمتم من سيف العاجلة لا تسلمون من سيف الآخرة ، استعينوا بالصدق و الصبر ، فان بعد الصبر ينزل اللّه النصر٢ و رواه نصر في ( صفينه ) عن عمر عن عبد الرحيم بن عبد الرحمن عن أبيه مثله٣ .

و رواه ( الكافي ) في باب ما يوصيعليه‌السلام عند القتال عن مالك بن أعين

____________________

( ١ ) تاريخ الامم و الملوك للطبري ٤ : ١٦ .

( ٢ ) تاريخ الطبري ٤ : ١١ .

( ٣ ) وقعة صفين لنصر بن مزاحم : ٢٣٥ .

٥٤٠