بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة الجزء ١٣

بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة0%

بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة مؤلف:
تصنيف: أمير المؤمنين عليه السلام
الصفحات: 617

بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة

مؤلف: الشيخ محمد تقي التّستري
تصنيف:

الصفحات: 617
المشاهدات: 171887
تحميل: 5290


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5 الجزء 6 الجزء 7 الجزء 8 الجزء 9 الجزء 10 الجزء 11 الجزء 12 الجزء 13 الجزء 14
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 617 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 171887 / تحميل: 5290
الحجم الحجم الحجم
بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة

بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة الجزء 13

مؤلف:
العربية

فما زالت تلك دعواهم حتى جعلناهم حصيداً خامدين ١ .

ا لم تر كيف فعل ربك بأصحاب الفيل إلى فجعلهم كعصف مأكول ٢ .

« و انه سيأتي عليكم من بعدي زمان ليس فيه شي‏ء أخفى من الحق و لا أظهر من الباطل و لا أكثر من الكذب على رسولهصلى‌الله‌عليه‌وآله » في ( تفسير القمي ) في قوله تعالى :فهل ينظرون إلاّ الساعة أن تأتيهم بغتة فقد جاء اشراطها .٣ عن ابن عباس ، قال : حججنا مع النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله حجّة الوداع فأخذ بحلقة باب الكعبة ثم أقبل علينا بوجهه ، فقال ألا أخبركم باشراط الساعة و كان أدنى الناس منه يومئذ سلمان فقال بلى فقال : ان من أشراطها إضاعة الصلوات ، و اتباع الشهوات ، و الميل مع الأهواء ، و تعظيم أصحاب المال ، و بيع الدين بالدنيا ،

فعندها يذاب قلب المؤمن في جوفه كما يذاب الملح في الماء ممّا يرى من المنكر ، و لا يستطيع أن يغيّر قال : و ان هذا لكائن ؟ قال : بلى ان عندها يليهم امراء جورة و وزراء فسقة ، و عرفاء ظلمة ، و امناء خونة قال ان هذا لكائن ؟

قال بلى ، ان عندها يكون المنكر معروفا ، و المعروف منكرا ، و يؤتمن الخائن ،

و يخون الأمين ، و يصدق الكاذب ، و يكذب الصادق ، قال و ان هذا لكائن ؟ قال أي : و الذي نفسي بيده فعندها امارة النساء ، و مشاورة الاماء ، و قعود الصبيان على المنابر ، و يكون الكذب ظرفا و الزكاة مغرما ، و الفيي‏ء مغنماً ، و يجفو الرجل و الديه ، و يبرّ صديقه ، و يطلع الكوكب المذنب .

قال و ان هذا لكائن ؟ قال : بلى و عندها تشارك المرأة زوجها في التجارة ،

____________________

( ١ ) الانبياء : ١١ ١٥ .

( ٢ ) الفيل : ١ ٥ .

( ٣ ) محمد : ١٨ .

٨١

و يكون المطر قيظا ( و يفيض ط اللئام فيضا ) و يغيض الكرام غيظا ، و يحتقر الرجل المعسر ، و عندها تقارب الأسواق ، إذ قال هذا لم أبع شيئا ، و قال هذا لم أربح شيئا فلا ترى إلاّ ذاما للّه و عندها يليهم أقوام ان تكلموا قتلوهم ، و ان سكتوا استباحوهم و عندها يؤتى بشي‏ء من المشرق ، و شي‏ء من المغرب ،

و جثثهم جثث الآدميين ، قلوبهم قلوب الشياطين و عندها يكتفي الرجال بالرجال ، و النساء بالنساء ، و يغار على الغلمان كما على الجارية و يشبّه الرجال بالنساء ، و النساء بالرجال ، و عندها تزخرف المساجد ، كما تزخرف البيع و الكنائس ، و يحلّى المصاحف ، و يطول المنارات و تكثر الصفوف بقلوب متباغضة إلى أن قال و عندها تتكلم الرويبضة قال سلمان و ما الرويبضة ؟

قال يتكلم في أمر العامة من لم يكن يتكلم .

و قال ابن أبي الحديد قالشعبة : امام المحدثين تسعة أعشار الحديث كذب و قال الدار قطني : ما الحديث الصحيح في الكذب إلاّ كالشعرة البيضاء في الثور الأسود .

« و ليس عند أهل ذلك الزمان سلعة » أي : متاع .

« أبور » أي : أكسد .

« من الكتاب إذا تلى حق تلاوته » و كما ينبغي .

« و لا أنفق » أي : أروج .

« إذا حرّف » أي : غيّر .

« عن مواضعه » و الأصل في كلامهعليه‌السلام قوله تعالى :من الذين هادوا يحرّفون الكلم عن مواضعه .١ و من الذين هادوا سمّاعون للكذب

____________________

( ١ ) النساء : ٤٦ .

٨٢

سمّاعون لقوم آخرين لم يأتوك يحرّفون الكلم من بعد مواضعه .١ .

روى سليم بن قيس ان معاوية قدم المدينة في خلافته فقال لابن عباس انّا كتبنا في الآفاق ننهى عن ذكر مناقب علي و آله فكفّ لسانك ، فقال : يا معاوية اتنهانا عن قراءة القرآن ؟ قال لا قال أفتنهانا عن تأويله ؟ قال نعم قال فنقرأه ، و لا نسأل عمّا عنى اللّه به قال : سل عن ذلك من يتأوله غير ما يتأوله أنت و أهل بيتك قال : انما أنزل القرآن على أهل بيتي فاسأل عنه آل أبي سفيان اتنهانا يا معاوية أن نعبد اللّه بالقرآن بما فيه من حلال و حرام فلا تسأل الأمة عن ذلك حتى تعلم فتهلك ، قال : أقرأوا القرآن و لا تؤلّوه و لا ترووا شيئا ممّا أنزل اللّه فيكم و ارووا ما سوى ذلك ، قال ابن عباس ان اللّه تعالى يقوليريدون أن يطفئوا نور اللّه بأفواههم و يأبى اللّه إلاّ أن يتم نوره و لو كره الكافرون ٢ قال يا ابن عباس أربع على نفسك ، و كف لسانك و ان كنت لا بد فاعلا و ليكن ذلك سرّا لا تسمعه أحدا علانية .

« و لا في البلاد شي‏ء أنكر من المعروف و لا أعرف من المنكر » روى ( الكافي ) عن الصادقعليه‌السلام قال : قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : كيف بكم إذا فسدت نساؤكم ، و فسق شبّانكم و لم تأمروا بمعروف ، و لم تنهوا عن المنكر فقيل له و يكون ذلك ؟

قال : نعم و شرّ من ذلك كيف بكم إذا أمرتم بالمنكر و نهيتم عن المعروف ، فقيل له و يكون ذلك ؟ قال نعم و شرّ من ذلك كيف بكم إذا رأيتم المنكر معروفا و المعروف منكرا ، هذا و قولهعليه‌السلام « و ليس عند أهل ذلك الزمان » .

إلى هنا مر في العنوان الثالث من الفصل الثامن عشر بلفظ ( ليس فيهم سلعة أبور من الكتاب إذا تلي حق تلاوته و لا سلعة أنفق بيعا و لا أغلى

____________________

( ١ ) المائدة : ٤١ .

( ٢ ) التوبة : ٣٢ .

٨٣

ثمنا من الكتاب إذا حرّف عن موضعه و لا عندهم أنكر من المعروف و لا أعرف من المنكر ) .

« فقد نبذ » أي : القى .

« الكتاب حملته و تناساه حفظته »و لمّا جاءهم رسول من عند اللّه مصدق لمّا معهم نبذ فريق من الذين أوتوا الكتاب كتاب اللّه و راء ظهورهم كأنّهم لا يعلمون ١ .

« فالكتاب يومئذ و أهله طريدان منفيان » هكذا في ( المصرية ) و الصواب :

( منفيان طريدان ) كما في ابن أبي الحديد و ابن ميثم و الخطية .

في ( المروج ) أمر المتوكل في سنة ( ٢٣٦ ) بهدم قبر الحسينعليه‌السلام و إزالة أثره ، و ان يعاقب من وجد به ، و منع الناس من زيارته و زيارة أبيه .

« و صاحبان مصطحبان » قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : في ( المستفيض ) عنه اني تارك فيكم الثقلين كتاب اللّه و عترتي ، و انهما لا يفترقان حتى يردا على الحوض .

« لا يؤويهما مؤو » من آويته إذا أنزلته بك و أما ( أويت ) فبمعنى نزلت قال تعالى : .سآوي إلى جبل يعصمني من الماء .٢ و وهم الجوهري فنسب إلى أبي زيدان اوى و آوى بمعنى .

و عدم أيواء مؤولهما لانهما لا يراعيان غير الحق و الناس فارون من الحق فرار المعز من الذئب .

« فالكتاب و أهله في ذلك الزمان في الناس » بالجسم .

« و ليسا فيهم و معهم » هكذا في ( المصرية ) ، و لكن في ابن أبي الحديد

____________________

( ١ ) البقرة : ١٠١ .

( ٢ ) هود : ٤٣ .

٨٤

و الخطية ( و ليسا فيهم و معهم و ليسا معهم ) و كذا ابن ميثم على ما يفهم من تفسيره و ان كانت نسخته بلفظ ( و ليسا معهم ) و عليه فقوله ( و معهم ) عطف على ( في الناس ) فيكون المعنى ( فالكتاب و أهله في الناس و ليسا فيهم و الكتاب و أهله مع الناس و ليسا معهم ) .

« لأن الضلالة لا توافق الهدى » علّة لعدم كون الكتاب في الناس و معهم .

« و ان اجتمعا » صورة لاستحالة اجتماع الضدين حقيقة .

« فاجتمع القوم » أي : ناس ليسوا أهله .

« على الفرقة » عن الهدى و الحق الذي في الكتاب .

« و افترقوا عن الجماعة » مع أهله .

« كأنهم أئمة الكتاب و ليس الكتاب امامهم » و قال الرسوليا رب ان قومي اتخذوا هذا القرآن مهجورا ١ .

« فلم يبق عندهم منه إلاّ اسمه » دون معناه .

« و لا يعرفون إلاّ خطّه و زبره » بالفتح أي : كتابته و المزبر القلم قال : « قد قضى الأمر و جف المزبر » .

روى ( الروضة ) عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال : سيأتي على الناس زمان لا يبقى من القرآن إلاّ رسمه ، و من الاسلام إلاّ اسمه ، يسمّون به و هم أبعد الناس منه ،

مساجدهم عامرة و هي خراب من الهدى ، فقهاء ذلك الزمان شرّ فقهاء تحت ظلّ السماء ، منهم خرجت الفتنة ، و إليهم تعود .

« و من قبل ما مثلوا » قيل ( ما مثلوا ) في تأويل المصدر مبتدأ لقوله ( و من قبل ) .

« بالصالحين كلّ مثله » إشارة إلى زمن عثمان و عمله مع أبي ذر و عمّار

____________________

( ١ ) الفرقان : ٣٠ .

٨٥

و الأشتر و غيرهم كلّ شرّ من الضرب و النفي و غيرهما ، و في الخلفاء في ما كتبعليه‌السلام لأهل العراق لمّا سألوه عن الثلاثة مشيرا إلى عثمان و خواصه و هؤلاء الذين لو ولّوا عليكم لأظهروا فيكم الغضب و الفخر و التسلّط بالجبروت ، و ما حكموا بالرشاد١ .

« و سموا صدقهم على اللّه » في حديثهم عن رسولهصلى‌الله‌عليه‌وآله .

« فرية » أي : افتراء .

و في رواية الجاحظ و الواقدي و غيرهما ان أبا ذر لمّا أرجع به معاوية من الشام إلى المدينة قال له عثمان : يا جنيدب لا أنعم اللّه بك عينا ، فقال أبو ذر :

أنا جندب و سمّاني النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله عبد اللّه فاخترت اسم النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله على اسمي٢ .

فقال له عثمان أنت الذي تزعم انّا نقول يد اللّه مغلولة و ان اللّه فقير و نحن أغنياء فقال أبو ذر لو كنتم لا تقولون هذا لأنفقتم مال اللّه على عباده و لكنّي اشهد سمعت النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول إذا بلغ بنو أبي العاص ثلاثين رجلا جعلوا مال اللّه دولا و عباده خولا٣ فقال عثمان لمن حضرا سمعتموها من النبي ؟ قالوا لا قال عثمان : ويلك يا أبا ذر أتكذب على رسول اللّه فقال أبو ذر لمن حضر أما تدرون اني صدقت قالوا لا و اللّه ما ندري ، فقال عثمان ادعوا لي عليّا فلمّا جاء قال عثمان لأبي ذر أقصص عليه حديثك في بني العاص فأعاده فقال عثمان لعليعليه‌السلام سمعت هذا من النبي ؟ قال لا و صدق أبو ذر فقال كيف عرفت صدقه قال لأني سمعت النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : ( ما ألّت الخضراء و لا أقلّت الغبراء من ذي لهجة أصدق من أبي ذر ) فقال من حضر أما هذا فسمعناه كلّنا من

____________________

( ١ ) الامامة و السياسة لابن قتيبة : ١٥٨ ، مصطفى البابي الحلبي ١٩٦٩ م .

( ٢ ) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ٣ : ٥٥ باب ( ٤٣ ) اما رواية الواقدي فذكرها ابن أبي الحديد في « شرحه » ٨ :

٢٥٨ باب ١٣٠ .

( ٣ ) نقله المجلسي في « بحار الأنوار » ٢٢ : ٤١٦ رواية ٣٠ .

٨٦

النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله فقال : أبو ذرّ أحدثكم اني سمعت هذا من النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله فتتهموني ما كنت أظن اني أعيش حتى أسمع هذا من أصحاب محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله و رواه المسعودي في ( مروجه )١ .

« و جعلوا في الحسنة عقوبة السيئة » كما قال تعالىفي أصحاب الاخدود و ما نقموا منهم إلاّ أن يؤمنوا باللّه العزيز الحميد . .٢ و ما نقموا من هؤلاء الذين مثلوا بهم إلاّ انّهم تولوا أهل بيت نبيهمعليه‌السلام الذي هو أصل الحسنات قال تعالى : .و من يقترف حسنة نزد له فيها حسنا .٣ ففي مقاتل أبي الفرج في خطبة الحسنعليه‌السلام بعد أبيه ( إنّا من أهل البيت الذين أذهب اللّه عنهم الرجس و طهّرهم تطهيرا و الذين افترض اللّه مودتهم في كتابه إذ يقول :

و من يقترف حسنة نزد له فيها حسنا .٤ فاقتراف الحسنة مودتنا أهل البيت ) .

« و انما هلك من كان قبلكم بطول آمالهم ، و تغيب آجالهم حتى نزل بهم الموعود »ينادونهم ألم نكن معكم قالوا بلى و لكنكم فتنتم أنفسكم و تربصتم و ارتبتم و غرتكم الاماني حتى جاء أمر اللّه و غرّكم باللّه الغرور ٥ .

« الذي ترد عنه المعذرة »يوم لا ينفع الظالمين معذرتهم و لهم اللعنة و لهم سوء الدار ٦ .

« و ترفع عنه التوبة »و ليست التوبة للذين يعملون السيئات حتى إذا

____________________

( ١ ) مروج الذهب للمسعودي ٢ : ٣٥١ دار المعروفة بيروت .

( ٢ ) البروج : ٨ .

( ٣ ) الشورى : ٢٣ .

( ٤ ) الشورى : ٢٣ .

( ٥ ) الحديد : ١٤ .

( ٦ ) المؤمن : ٥٢ .

٨٧

حضر أحدهم الموت قال اني تبت الآن .١ .

« و تحل معه القارعة » أي : الداهية المهلكة و الأصل فيها مقارعة الكتائب بأسلحتهم قال ( بهن فلول من قراع الكتائب ) .

« و النقمة » أي : الانتقام .و لو ترى إذا الظالمون في غمرات الموت و الملئكة باسطوا أيديهم أخرجوا أنفسكم اليوم تجزون عذاب الهون بما كنتم تقولون على اللّه غير الحق و كنتم عن آياته تستكبرون ٢ .

« أيها الناس من استنصح اللّه » بقبول مواعظ رسله و حكم كتبه .

« وفق » لرشده .

« و من اتخذ قوله دليلا هدى للتي » أي : للطريقة التي .

« هي أقوم » و الأصل فيه قوله تعالى :ان هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم .٣ .

« فان جار اللّه آمن »ان الذين قالوا ربنا اللّه ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا و لا تحزنوا و ابشروا بالجنة التي كنتم توعدون ٤ .

« و عدوا اللّه » هكذا في ( المصرية ) و الصواب : ( و عدوه ) كما في ابن أبي الحديد و ابن ميثم و الخطية .

« خائف »و يوم يحشر أعداء اللّه إلى النار فهم يوزعون ٥ الآية .

« و انّه لا ينبغي لمن عرف عظمة اللّه »فقال ان يشأ يذهبكم و يأت بخلق

____________________

( ١ ) النساء : ١٨ .

( ٢ ) الانعام : ٩٣ .

( ٣ ) الاسراء : ٩ .

( ٤ ) فصلت : ٣٠ .

( ٥ ) فصلت : ١٩ .

٨٨

جديد و ما ذلك على اللّه بعزيز ١ قل اللّهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء و تنزع الملك ممّن تشاء و تعز من تشاء و تذل من تشاء بيدك الخير انّك على كلّ شي‏ء قدير تولج الليل في النهار و تولج النهار في الليل و تخرج الحي من الميت و تخرج الميت من الحي و ترزق من تشاء بغير حساب ٢ قل لو كان البحر مداداً لكلمات ربي لنفد البحر قبل أن تنفد كلمات ربي و لو جئنا بمثله مددا ٣ .

« أن يتعظّم » فانّه ابن آدم المسكين مكتوم الأجل ، مكنون العلل ، محفوظ العمل ، تولمه البقة ، و تقتله الشرقة ، و تنتنه العرقة » .

« فان رفعة الذين يعرفون ما عظمته ان يتواضعوا له » قال ابن أبي الحديد قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : ان اللّه قد أذهب عنكم حمية الجاهلية ، و فخرا بالآباء ، الناس بنو آدم ، و آدم من تراب ، مؤمن تقي ، و فاجر شقي ، لينتهين أقوام يفخرون برجال انما هم فحم من فحم جهنم ، أو ليكونن أهون على اللّه من جعلات تدفع النتن بأنفها .

« و سلامة الذين يعلمون ما قدرته ان يستسلموا له » عن الزهري قال : دخلت مع السجّادعليه‌السلام على عبد الملك فلمّا رأى أثر السجود بين عينيه ، قال : لقد بين عليك الاجتهاد و لقد سبق لك من اللّه الحسنى ، و أنت بضعة من النبي ، قريب النسب و كيد السبب ، و انك لذو فضل عظيم على أهل بيتك ، و ذوي عصرك ،

و لقد أوتيت من الفضل و العلم و الورع و الدين ما لم يؤته أحد إلاّ من مضى من سلفك و أقبل يطريه .

____________________

( ١ ) ابراهيم ١٩ ٢٠ .

( ٢ ) آل عمران : ٢٦ ٢٧ .

( ٣ ) الكهف : ١٠٩ .

٨٩

فقالعليه‌السلام : كلّ ما وصفته من فضل اللّه و تأييده و توفيقه فأين شكره على ما أنعم ، و اللّه لو تقطّعت أعضائي و سالت مقلتاي على صدري لم أشكر عشر العشير من نعمة واحدة من نعمه التي لا تحصى لا و اللّه ، لا يراني اللّه يشغلني شي‏ء عن شكره و ذكره في ليل و لانهار ، و لا سرّ و لا علانية ، و لو لا ان لأهلي عليّ حقا و ان لساير الناس من خاصّهم و عامهم عليّ حقوقا لا يسعني إلاّ القيام بها حسب الوسع حتى أؤديها إليهم ، لرميت بطرفي إلى السماء ،

و بقلبي إلى اللّه ثم لم أرددهما حتى يقضي اللّه على نفسي .

« فلا تنفروا من الحق نفار الصحيح من الأجرب » لئلا يسري الجرب إليه ،

و في الصحاح الأجر بان عبس و ذبيان تحوموا لقوتهم كما تتحامى الجرب .

« و البارئ » أي : السالم من الداء .

« من ذي القسم » و في الخبر ( فرّ من المجذوم فرارك من الأسد ) .

١٣ في الخطبة ( ١٤٩ )

إِنَّ مِنْ عَزَائِمِ اَللَّهِ فِي اَلذِّكْرِ اَلْحَكِيمِ اَلَّتِي عَلَيْهَا يُثِيبُ وَ يُعَاقِبُ وَ لَهَا يَرْضَى وَ يَسْخَطُ أَنَّهُ لاَ يَنْفَعُ عَبْداً وَ إِنْ أَجْهَدَ نَفْسَهُ وَ أَخْلَصَ فِعْلَهُ أَنْ يَخْرُجَ مِنَ اَلدُّنْيَا لاَقِياً رَبَّهُ بِخَصْلَةٍ مِنْ هَذِهِ اَلْخِصَالِ لَمْ يَتُبْ مِنْهَا أَنْ يُشْرِكَ بِاللَّهِ فِيمَا اِفْتَرَضَ عَلَيْهِ مِنْ عِبَادَتِهِ أَوْ يَشْفِيَ غَيْظَهُ بِهَلاَكِ نَفْسٍ أَوْ يَعُرَّ بِأَمْرٍ فَعَلَهُ غَيْرُهُ أَوْ يَسْتَنْجِحَ حَاجَةً إِلَى اَلنَّاسِ بِإِظْهَارِ بِدْعَةٍ فِي دِينِهِ أَوْ يَلْقَى اَلنَّاسَ بِوَجْهَيْنِ أَوْ يَمْشِيَ فِيهِمْ بِلِسَانَيْنِ أقول : رواه اجمال طلب معيشة ( الكافي ) عن أبي عبد اللّهعليه‌السلام قال : كان أمير المؤمنينعليه‌السلام كثيرا ما يقول : اعلموا علما يقينا ان اللّه جلّ و عز لم يجعل العبد و ان اشتدّ جهده ، و عظمت حيلته ، و كثرت مكائده ، ان يسبق ما سمّى له

٩٠

في الذكر الحكيم ، و لم يخل من العبد في ضعفه و قلّة حيلته ، ان يبلغ ما سمّى له في الذكر الحكيم ، أيها الناس انّه لن يزداد امرؤ نقيرا بحذقه ، و لم ينتقص امرؤ نقيرا لحمقه ، فالعالم بهذا العامل به أعظم الناس راحة في منفعته و العالم بهذا التارك له أعظم الناس شغلا في مضرّته ، و رب منعم عليه مستدرج بالاحسان إليه ، و رب مغرور في الناس مصنوع له ، فاتق اللّه أيها الساعي من سعيك ،

و قصر من عجلتك ، و انتبه من سنّة غفلتك ، و تفكّر في ما جاء عن اللّه عز و جل على لسان نبيّهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، و احتفظوا بهذه الحروف السبعة ، فانها من قول أهل الحجى ، و من عزائم اللّه في الذكر الحكيم ، انّه ليس لأحد أن يلقى اللّه جلّ و عزّ بخلّة من هذه الخلال ، الشرك باللّه جلّ و عزّ في ما افترض عليه ، أو اشفاء غيظ بهلاك نفسه ، أو اقرار بأمر يفعله غيره ، أو يستنجح إلى مخلوق باظهار بدعة في دينه ، أو يسره ان يحمده الناس بما لم يفعل ، و المتجبر المختال ، و صاحب الابهة و الزهو .

و رواه ( تحف عقول ) ابن أبي شعبة الحلبي ، مرفوعا عنهعليه‌السلام هكذا : « ان من عزائم اللّه في الذكر الحكيم التي لها يرضى و لها يسخط ، و لها يثيب و عليها يعاقب ، انّه ليس بمؤمن و ان حسن قوله ، و زيّن وصفه غيره ، إذا خرج من الدنيا فلقى اللّه بخصلة من هذه الخصال لم يتب منها الشرك باللّه في ما افترض عليه من عبادته ، أو شفاء غيظ بهلاك نفسه ، أو يقرّ بعمل فعله غيره ، أو يستنجح حاجة إلى الناس بإظهار بدعة في دينه ، أو سرّه ان يحمده الناس بما لم يفعل من خير أو مشى في الناس بوجهين و لسانين و التجبّر و الابهة « ان من عزائم اللّه » العزائم في قبال الرخص كقوله لقمان في ما حكى اللّه تعالى عنه :يا بني أقم الصلاة و امر بالمعروف و انه عن المنكر و اصبر على

٩١

ما أصابك ان ذلك من عزم الأمور ١ .

و عزائم القرآن معروفة ، و عزائم السجود أربعة و أولوا العزم من الرسل خمسة .

« في الذكر الحكيم » أي : القرآن قال تعالى :ذلك نتلوه عليك من الآيات و الذكر الحكيم ٢ .

« التي عليها يثيب و يعاقب » في الواجبات و المحرّمات .

« و لها يرضى و يسخط » عطف على ( عليها يثيب و يعاقب ) و قد عرفت ان التحف قدم الثاني هو الأنسب .

« انّه لا ينفع عبدا و ان أجهد » أي : ألقى في المشقة .

« نفسه و أخلص فعله » و صار فعالا .

« ان يخرج من الدنيا لاقيا ربه بخصلة من هذه الخصال لم يتب منها » ( هذه الخصال ) اشارة إلى خصال ذكرها بعد ، إلاّ ان المتن عدّها أربعة أو خمسة و عدّها ( التحف ) سبعة ، و صرّح خبر ( الكافي ) بكونها سبعة .

« أن يشرك باللّه في ما افترض عليه من عبادته »ان اللّه لا يغفر أن يشرك به .٣ .

و اذ قال لقمان لابنه و هو يعظه يا بني لا تشرك باللّه ان الشرك لظلم عظيم و وصينا الانسان بوالديه حملته أمه و هنا على وهن و فصاله في عامين ان اشكر لي و لوالديك إلي المصير و ان جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما . .٤ .

____________________

( ١ ) لقمان : ١٧ .

( ٢ ) آل عمران : ٥٨ .

( ٣ ) النساء : ٤٨ .

( ٤ ) لقمان : ١٣ ١٥ .

٩٢

« أو يشفي غيظه بهلاك نفس »و من يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالداً فيها و غضب اللّه عليه و لعنه و أعد له عذاباً عظيماً . .١ .

« أو يعر » في ( الصحاح ) ( عره بشر ) لطخه به و في نسخ ابن أبي الحديد و ابن ميثم و الخطية ( أو يقر ) بالقاف إلاّ ان الأول فسّره باللطخ و هو معنى العر لا القر .

« بأمر فعله » الفاعل ضمير ( عبدا ) .

« غيره » مفعول ( يعر ) و الأصل : ( يعر غيره بأمر فعله هو ) قال تعالى :

و من يكسب خطيئة أو اثماً ثم يرم به بريئاً فقد احتمل بهتاناً و اثماً مبيناً ٢ .

« أو يستنجح حاجة إلى الناس باظهار بدعة في دينه »فمن أظلم ممّن كذّب على اللّه .٣ و من أظلم ممّن افترى على اللّه كذباً أو قال أوحي إلي و لم يوح إليه شي‏ء .٤ .فمن أظلم ممّن افترى على اللّه كذباً ليضلّ الناس بغير علم . .٥ .

و في ( عقاب أعمال ) الصدوق عن الصادقعليه‌السلام : من مشى إلى صاحب بدعة فوقّره فقد مشى في هدم الاسلام .

« أو يلقى الناس بوجهين أو يمشي فيهم بلسانين » قد عرفت ان ( التحف ) جعلهما شيئا واحداً فقال : ( أو مشى في الناس بوجهين و لسانين ) و هو الأصح فالوجهان انما باللسانين كما ان المراد باللسانين التكلّم بكيفيتين فالظاهر ان ( أو يمشي ) محرّف ( و يمشي ) .

____________________

( ١ ) النساء ٩٣ .

( ٢ ) النساء : ١١٢ .

( ٣ ) الزمر : ٣٢ .

( ٤ ) الانعام : ٩٣ .

( ٥ ) الانعام : ١٤٤ .

٩٣

و كيف كان فروى ( الكافي ) في باب ذي اللسانين عن الصادقعليه‌السلام : قال من لقى المسلمين بوجهين و لسانين جاء يوم القيامة و له لسانان من نار .

و حكى تعالى عن المنافقين :و إذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا و إذا خلوا إلى شياطينهم قالوا إنّا معكم انما نحن مستهزؤون ١ .

هذا ، و قد عرفت ان ( الكافي ) ( و التحف ) زادا في الخصال على ما في ( النهج ) « أو يسره أن يحمده الناس بما لم يفعل » و حينئذ فالأصل فيه قوله :

لا تحسبن الذين يفرحون بما اتوا و يحبون أن يحمدوا بما لم يفعلوا فلا تحسبنَّهم بمفازة من العذاب و لهم عذاب أليم ٢ و زادا ( صاحب التجبر و الابهة ) كما مر .

____________________

( ١ ) البقرة : ١٤ .

( ٢ ) آل عمران : ١٨٨ .

٩٤

الفصل الثاني و الاربعون في ما بيّنهعليه‌السلام من العبادات و المعاملات و الخير و الشر

٩٥

١ الخطبة ( ١٠٦ ) و من خطبة لهعليه‌السلام :

إِنَّ أَفْضَلَ مَا تَوَسَّلَ بِهِ اَلْمُتَوَسِّلُونَ إِلَى اَللَّهِ سُبْحَانَهُ وَ تَعَالَى اَلْإِيمَانُ بِهِ وَ بِرَسُولِهِ وَ اَلْجِهَادُ فِي سَبِيلِهِ فَإِنَّهُ ذِرْوَةُ اَلْإِسْلاَمِ وَ كَلِمَةُ اَلْإِخْلاَصِ فَإِنَّهَا اَلْفِطْرَةُ وَ إِقَامُ اَلصَّلاَةِ فَإِنَّهَا اَلْمِلَّةُ وَ إِيتَاءُ اَلزَّكَاةِ فَإِنَّهَا فَرِيضَةٌ وَاجِبَةٌ وَ صَوْمُ شَهْرِ رَمَضَانَ فَإِنَّهُ جُنَّةٌ مِنَ اَلْعِقَابِ وَ حَجُّ ؟ اَلْبَيْتِ ؟

وَ اِعْتِمَارُهُ فَإِنَّهُمَا يَنْفِيَانِ اَلْفَقْرَ وَ يَرْحَضَانِ اَلذَّنْبَ وَ صِلَةُ اَلرَّحِمِ فَإِنَّهَا مَثْرَاةٌ فِي اَلْمَالِ وَ مَنْسَأَةٌ فِي اَلْأَجَلِ وَ صَدَقَةُ اَلسِّرِّ فَإِنَّهَا تُكَفِّرُ اَلْخَطِيئَةَ وَ صَدَقَةُ اَلْعَلاَنِيَةِ فَإِنَّهَا تَدْفَعُ مِيتَةَ اَلسُّوءِ وَ صَنَائِعُ اَلْمَعْرُوفِ فَإِنَّهَا تَقِي مَصَارِعَ اَلْهَوَانِ أَفِيضُوا فِي ذِكْرِ اَللَّهِ فَإِنَّهُ أَحْسَنُ اَلذِّكْرِ وَ اِرْغَبُوا فِيمَا وَعَدَ اَلْمُتَّقِينَ فَإِنَّ وَعْدَهُ أَصْدَقُ اَلْوَعْدِ وَ اِقْتَدُوا بِهَدْيِ نَبِيِّكُمْ فَإِنَّهُ أَفْضَلُ اَلْهَدْيِ وَ اِسْتَنُّوا بِسُنَّتِهِ فَإِنَّهَا أَهْدَى اَلسُّنَنِ وَ تَعَلَّمُوا ؟

٩٦

اَلْقُرْآنَ ؟ فَإِنَّهُ أَحْسَنُ اَلْحَدِيثِ وَ تَفَقَّهُوا فِيهِ فَإِنَّهُ رَبِيعُ اَلْقُلُوبِ وَ اِسْتَشْفُوا بِنُورِهِ فَإِنَّهُ شِفَاءُ اَلصُّدُورِ وَ أَحْسِنُوا تِلاَوَتَهُ فَإِنَّهُ أَنْفَعُ اَلْقَصَصِ وَ إِنَّ اَلْعَالِمَ اَلْعَامِلَ بِغَيْرِ عِلْمِهِ كَالْجَاهِلِ اَلْحَائِرِ اَلَّذِي لاَ يَسْتَفِيقُ مِنْ جَهْلِهِ بَلِ اَلْحُجَّةُ عَلَيْهِ أَعْظَمُ وَ اَلْحَسْرَةُ لَهُ أَلْزَمُ وَ هُوَ عِنْدَ اَللَّهِ أَلْوَمُ أقول : و رواه ( أمالي ) الشيخ ، ( و علل ) الصدوق ( و تحف ) ابن أبي شعبة ،

و كذا ( الكافي ) ، و نقل عن كتاب الحسين بن سعيد الأهوازي١ ، أما الأول فروى مسندا عن أبي بصير عن الباقرعليه‌السلام قال : قال أمير المؤمنينعليه‌السلام : أفضل ما توسل به المتوسلون الايمان باللّه و برسوله و الجهاد في سبيله ، و كلمة الاخلاص فانها الفطرة ، و إقامة الصلاة فانها الملة ، و ايتاء الزكاة فانها من فرائض اللّه ، و صيام شهر رمضان ، فانّه جنّة من عذاب اللّه ، و حجّ البيت فانّه منفاة للفقر ، و مدحضة للذنب ، وصلة الرحم ، فانها مثراة للمال و منسائة في الاجل ، و الصدقة في السر فانها تذهب الخطيئة ، و تطفئ غضب الرب ، و صنايع المعروف ، فانها تدفع ميتة السوء ، و تقي مصارع الهو ان ، الا فاصدقوا ، فان اللّه مع من صدق ، و جانبوا الكذب فان الكذب مجانب الايمان ألا و ان الصادق على شفا منجاة و كرامة ، ألا و ان الكاذب على شفا مخزاة و هلكة ، ألا و قولوا خيرا تعرفوا به ، و اعملوا به تكونوا من أهله ، و أدوا الأمانة إلى من أئتمنكم ، و صلوا من قطعكم ، و عودوا بالفضل على من سالمكم .

و رواه ( العلل ) باسناده عن حماد بن عيسى عن إبراهيم بن عمر يرفعه إليهعليه‌السلام مثله و مثله عن كتاب الحسين بن سعيد .

و نقله ( تحف الحلبي ) مع إضافات و نقله عنه ( الخوئي ) أيضا فقال ( خطبتهعليه‌السلام المعروفة بالديباج ) ( الحمد للّه فاطر الخلق ، و فالق الاصباح ،

____________________

( ١ ) كتاب الزهد لحسين بن سعيد الأهوازي : ١٣ تحقيق عرفانيان ط ٢ ، قم .

٩٧

و منشر الموتى ، و باعث من في القبور ، و اشهد ان لا إله إلاّ اللّه وحده لا شريك له ، و ان محمّدا عبده و رسولهصلى‌الله‌عليه‌وآله . عباد اللّه ان أفضل ما توسل به المتوسلون إلى اللّه جل ذكره ، الايمان بنبيه و رسله ، و ما جاءت من عند اللّه ، و الجهاد في سبيله ، فانّه ذروة الاسلام ، و كلمة الاخلاص ، فانها الفطرة ، و إقامة الصلاة فانها الملة ، و ايتاء الزكاة فانها فريضة ، و صوم شهر رمضان فانّه جُنّة حصينة ، و حجّ البيت و العمرة ، فانهما ينفيان الفقر و يكفران الذنب ، و يوجبان الجنّة ، و صلة الرحم فانها ثروة في المال ، و منسأة في الأجل ، و تكثير للعدد ،

و الصدقة في السرّ فانها تكفر الخطا ، و تطفى‏ء غضب الرب تبارك و تعالى و صدقة في العلانية ، فانها تدفع ميتة السوء ، و صنايع المعروف ، فانها تقي مصارع السوء ، و أفيضوا في ذكر اللّه جلّ ذكره فانّه أحسن الذكر ، و هو أمان من النفاق ، و براءة من النار و تذكير لصاحبه ، عند كلّ خير يقسمه اللّه جلّ و عز و له دوي تحت العرش ، و ارغبوا في ما وعد المتقون ، فان و عد اللّه أصدق الوعد ، و كلّ ما وعد فهو آت كما وعد ، فاقتدوا بهدي رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله فانّه أفضل الهدي و استنوا بسنته ، فانها أشرف السنن ، و تعلّموا كتاب اللّه تعالى فانّه أحسن الحديث ، و أبلغ الموعظة ، و تفقهوا فيه فانّه ربيع القلوب ،

و استشفوا بنوره ، فانّه شفاء لمّا في الصدور ، و احسنوا تلاوته فانّه أحسن القصص ، و إذا قرى‏ء عليكم القرآن فاستمعوا له و انصتوا لعلّكم ترحمون ، و إذا هديتم لعلم فاعملوا بما علمتم لعلّكم تفلحون ، و اعلموا عباد اللّه : ان العالم العامل بغير علم كالجاهل الحائر الذي لا يستفيق من جهله بل الحجّة عليه أعظم ، و هو عند اللّه ألوم ، و الحسرة أدوم على هذا العالم المنسلخ من علمه ،

مثل ما على هذا الجاهل المتحير في جهله و كلاهما حائر بائر مضل مفتون ما هم فيه و باطل ما كانوا يعملون .

٩٨

و روى ( الكافي ) في باب استعمال العلم مسندا عن محمّد البرقي رفعه قال : قال أمير المؤمنينعليه‌السلام : في كلام له خطب به على المنبر : أيها الناس إذا علمتم فاعملوا بما علمتم لعلّكم تهتدون ، ان العالم العامل بغيره كالجاهل الحائر الذي لا يستفيق عن جهله ، بل قد رأيت ان الحجّة عليه أعظم ، و الحسرة أدوم على هذا العالم المنسلخ عن علمه ، منها على هذا الجاهل المتحير في جهله ، و كلاهما حائر بائر ، لا ترتابوا فتشكوا ، و لا تشكوا فتكفروا ، و لا ترخصوا لأنفسكم فتدهنوا ، و لا تدهنوا في الحق فتخسروا ، و ان من الحق ان تفقهوا ، و من الفقه ألا تغتروا ، و ان أنصحكم لنفسه أطوعكم لربه ، و اغشّكم لنفسه أعصاكم لربه و من يطع اللّه يأمن و يستسر و من يعص اللّه يخب و يندم .

قول المصنف :

« و من خطبة لهعليه‌السلام » قد عرفت ان ( التحف ) قال ان هذه الخطبة معروفة بالديباج لكن ليس في ما نقل لفظ ديباج فان وصفت بالوسيلة فله مناسبة .

قولهعليه‌السلام :

« ان أفضل ما توسل به المتوسلون » أي : تقرّب به المتقربون ، و هو واجب عقلا و قد نبّه تعالى عليه :يا أيها الذين آمنوا اتقوا اللّه و ابتغوا إليه الوسيلة . .١ .

ثم الذي و قفنا عليه توسل كما في كلامهعليه‌السلام و وسل مجردا كما في قول لبيد :

أرى الناس لا يدرون ما قدر أمرهم

بلى كلّ ذي دين إلى اللّه واسل

و أما ( وسل ) مضعفا فلم نقف عليه و ان قاله الجوهري و الفيروز آبادي .

« إلى اللّه سبحانه و الايمان به و برسوله » جعلهعليه‌السلام أول الوسائل لأنّه

____________________

( ١ ) المائدة : ٣٥ .

٩٩

الأصل ، قال تعالى :آمن الرسول بما انزل إليه من ربه و المؤمنون كلّ آمن باللّه و ملئكته و كتبه و رسله لا نفرّق بين أحدٍ من رسله و قالوا سمعنا و أطعنا غفرانك ربنا و إليك المصير ١ .

« و الجهاد في سبيله » و منه الأمر بالمعروف ، و النهي عن المنكر و منه جهاد النفس قال تعالى : .و جاهدوا في سبيله لعلّكم تفلحون ٢ .

« فانّه ذروة » بالكسر و الضم أي : أعلى .

« الاسلام و كلمة » عطف على ( الايمان ) .

« الاخلاص » روى ( ثواب الأعمال ) عن الصادقعليه‌السلام من قال لا إله إلاّ اللّه مخلصا دخل الجنّة و اخلاصه بها ان ( تحجزه ) ( لا إله إلاّ اللّه ) عمّا حرّم اللّه .

و روي عن حذيفة : لا تزال ( لا إله إلاّ اللّه ) ترد غضب الرب عن العباد ما كانوا لا يبالون ما انتقص من دنياهم إذا سلم دينهم ، فاذا كانوا لا يبالون ما انتقص من دينهم إذا سلمت دنياهم ثم قالوها ردت عليهم و قيل كذبتم و لستم بها صادقين .

« فانها الفطرة » التي فطر اللّه الناس عليها .

« و اقام الصلاة ، فانها الملة » أي : الدين و الشريعة .

روى فضل صلاة ( الكافي ) عن معاوية بن وهب قال : سألت أبا عبد اللّهعليه‌السلام عن أفضل ما يتقرّب به العباد إلى ربهم ما هو ؟ فقال : ما علم شيئا بعد المعرفة أفضل من هذه الصلاة ألا ترى ان العبد الصالح عيسى بن مريمعليه‌السلام قال : .و أو صاني بالصلاة و الزكاة ما دمت حيّا ٣ .

____________________

( ١ ) البقرة : ٢٨٥ .

( ٢ ) المائدة : ٣٥ .

( ٣ ) مريم : ٣٠١ .

١٠٠