بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة الجزء ٧

بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة0%

بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة مؤلف:
تصنيف: أمير المؤمنين عليه السلام
الصفحات: 621

بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة

مؤلف: الشيخ محمد تقي التّستري
تصنيف:

الصفحات: 621
المشاهدات: 93516
تحميل: 6750


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5 الجزء 6 الجزء 7 الجزء 8 الجزء 9 الجزء 10 الجزء 11 الجزء 12 الجزء 13 الجزء 14
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 621 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 93516 / تحميل: 6750
الحجم الحجم الحجم
بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة

بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة الجزء 7

مؤلف:
العربية

«و أقمع به نخوة الاثيم» ففي (تاريخ الطبري): لما وصل عليّعليه‌السلام في مسيره إلى صفين إلى الرقة امتنعوا من عقد جسر له، فمضى ليعبر على جسر منبج، فقال لهم الأشتر: اقسم باللَّه لئن مضى أمير المؤمنين و لم تجسروا له لا جردن فيكم السيف، ثم لأقتلن الرجال، و لاخربن الأرض، و لآخذن الأموال، فقال بعضهم لبعض: ان الأشتر يفي بما حلف، فقالوا له ننصب لكم جسرا، فوقف الأشتر حتى عبر جميع الناس ثم عبر هو( ١) .

«و أسد» من السداد بالكسر، قال الشاعر:

أضاعوني و أي فتى أضاعوا

ليوم كريهة و سداد ثغر(٢)

«به لهاة» شبه لسان صغير في أقصى سقف الفم «الثغر المخوف» كمصر، فقد عرفت أنهعليه‌السلام لما سمع باضطراب أمر مصر على محمّد بن أبي بكر قال: ليس له إلاّ قيس أو مالك( ٣) .

«فاستعن باللَّه على ما أهمك» فإنّه على كل شي‏ء قدير «و اخلط الشدة بضغث» أي: بمقدار «من اللين و ارفق ما كان الرفق أرفق» فإن الأشخاص مختلفون، و بعضهم يلجون إذا لم يرفق بهم.

«و اعتزم بالشدة حين لا يغني عنك الا الشدة» كالأرذال، فانهم لا يغني عنهم إلاّ الشدّة.

«و اخفض للرعية» إلى آخر الشرح في العنوان (٢٧) من الأصل.

____________________

(١) تاريخ الطبري ٣: ٥٦٣، سنة ٣٦.

(٢) أورده لسان العرب ٣: ٢٠٧، مادة (سد).

(٣) رواه الثقفي في الغارات ١: ٢٥٦، و الطبري في تاريخه ٤: ٧١، سنة ٣٨.

٦٠١

١٠ - من الكتاب (٣٨) و من كتاب لهعليه‌السلام إلى أهل مصر لما ولّى عليهم الأشتر:

أَمَّا بَعْدُ فَقَدْ بَعَثْتُ إِلَيْكُمْ عَبْداً مِنْ عِبَادِ اَللَّهِ لاَ يَنَامُ أَيَّامَ اَلْخَوْفِ وَ لاَ يَنْكُلُ عَنِ اَلْأَعْدَاءِ سَاعَاتِ اَلرَّوْعِ أَشَدَّ عَلَى اَلْكُفَّارِ مِنْ حَرِيقِ اَلنَّارِ وَ هُوَ؟ مَالِكُ بْنُ اَلْحَارِثِ؟ أَخُو؟ مَذْحِجٍ؟ فَاسْمَعُوا لَهُ وَ أَطِيعُوا أَمْرَهُ فِيمَا طَابَقَ اَلْحَقَّ فَإِنَّهُ سَيْفٌ مِنْ سُيُوفِ اَللَّهِ لاَ كَلِيلُ اَلظُّبَةِ وَ لاَ نَابِي اَلضَّرِيبَةِ فَإِنْ أَمَرَكُمْ أَنْ تَنْفِرُوا فَانْفِرُوا وَ إِنْ أَمَرَكُمْ أَنْ تُقِيمُوا فَأَقِيمُوا فَإِنَّهُ لاَ يُقْدِمُ وَ لاَ يُحْجِمُ وَ لاَ يُؤَخِّرُ وَ لاَ يُقَدِّمُ إِلاَّ عَنْ أَمْرِي وَ قَدْ آثَرْتُكُمْ بِهِ عَلَى نَفْسِي لِنَصِيحَتِهِ لَكُمْ وَ شِدَّةِ شَكِيمَتِهِ عَلَى عَدُوِّكُمْ أقول: نذكر مستنده أخيرا «اما بعد فقد بعثت إليكم» يا أهل مصر «عبدا من عباد اللَّه» هو في معنى انه من العباد للَّه «لا ينام ايام الخوف» و قال بشار في عمر بن العلاء:

إذا أيقظتك حروب للعدى

فنبّه لها عمرا ثم نم

فتى لا ينام على دمنة

و لا يشرب الماء الا بدم

و قال البحتري في يوسف بن أبي سعيد:

ماض إذا وقف المشهر لم يقف

يقظ إذ هجع السها لم يهجع

و في (الأغاني): قالت هند زوجة حجر آكل المرار في وصف زوجها: ما رأيت رجلا قط أحزم منه نائما و مستيقظا، ان كان لتنام عيناه و بعض اعضائه حي لا ينام، و كان إذا أراد النوم أمرني أن اجعل عنده عسا مملوا لبنا،

فبينا هو ذات ليلة نائم و أنا قريبة منه أنظر إليه أقبل اسود سالخ إلى رأسه فنحى رأسه، فمال إلى يديه و احداهما مقبوضة و الاخرى مبسوطة، فأهوى

٦٠٢

إليها، فقبضها، فمال إلى رجليه و قد قبض واحدة و بسط الاخرى، فأهوى إليها،

فقبضها، فمال إلى العس شربه ثم مجه، فقلت: يستيقظ فيشرب، فيموت فأستريح منه، فانتبه من نومه فقال: عليّ بالاناء، فناولته، فشمه فاضطربت يداه حتى سقط الاناء فأهريق.

و فيه قال هشام: كانت الاوس قد اسندوا أمرهم يوم بعاث إلى أبي قيس بن أسلت الوابلي، فقام في حربهم و آثرها على كل أمر حتى شحب و تغير،

و لبث أشهرا لا يقرب امرأة، ثم انه جاء ليلة فدق على امرأته ففتحت له، فأهوى إليها بيده فدفعته و أنكرته، فقال انا أبو قيس، فقالت: و اللَّه ما عرفتك حتى تكلمت. فقال في ذلك:

قالت و لم تقصد لقيل الخنى

مهلا فقد أبلغت اسماعي

استنكرت لونا له شاحبا

و الحرب غول ذات أو جاع

من يذق الحرب يجد طعمها

مرا و تتركه بجعجاع

قيل في تأبط شرا:

إذا خاط عينيه كرى النوم لم يزل

كأن من عينيه شجعان فاتك

و يجعل عينيه ربيئة قلبه

إلى سلة من حد احضر باتك

و في (تاريخ بغداد): قال الرشيد للمفضل الضبي: ان قلت أحسن ما قيل في الذئب فلك هذا الخاتم الّذي في يدي و شراؤه الف و ستمائة دينار، فقال قول الشاعر:

ينام باحدى مقلتيه و يتقي

بأخرى المنايا فهو يقظان هاجع

فقال له الرشيد: ما ألقى هذا على لسانك الا لذهاب الخاتم و حلق به إليه فاشترته ام جعفر بألف و ستمائة دينار و بعثت به إليه و قالت:

قد كنت أراك تعجب به، فألقاه إلى الضبي و قال له: خذه و خذ الدنانير

٦٠٣

فما كنا نهب شيئا فنرجع فيه.

و في (العيون): ذكر اعرابي أميرا فقال: كان إذا ولي لم يطابق بين جفونه و أرسل العيون على عيونه، فهو غائب عنهم شاهد معهم، فالمحسن راج، و المسي‏ء خائف.

و قال البحتري:

هجر الهوينا و استعد لحربه

ان المحارب للهوينا هاجر

«و لا ينكل» أي: لا يجبن «عن الأعداء ساعات الروع» بالفتح أي: الفزع قال حسان كما فى ديوانه:

يجيب إلى الجلي و يحتضر الوغى

اخو ثقة يزداد خير و يكرم

«أشد على الكفار» هكذا في (المصرية و ابن ميثم) و في (ابن أبي الحديد و الخطية)( ١ ) (على الفجار).

«من حريق النار» في (صفين نصر): خرج رجل من أهل الشام قلما رؤي أطول و أعظم منه، فدعا إلى المبارزة، فلم يخرج إليه انسان، و خرج إليه الأشتر فقتله: فقال رجل منهم: أقسم باللَّه لا قتلن قاتلك، فحمل على الأشتر فضربه،

فإذا هو بين يدي فرسه و حمل أصحابه فاستنقذوه جريحا، فقال أبو رفيقة السهمي: كان هذا نارا فصادفت اعصارا( ٢) .

و في (تاريخ الطبري): كان الأشتر يوم صفين يقاتل على فرس و في يده صفحة يمانية إذا طأطأها خلت فيها ماء منصبا و إذا رفعها كاد يغشى البصر شعاعها، و جعل يضرب بسيفه و يقول «الغمرات ثم ينجلين»، فبصر به الحارث بن جمهان الجعفي و الأشتر متقنع في الحديد، فدنا منه فقال له: جزاك

____________________

(١) لفظ شرح ابن أبي الحديد ١٦: ١٥٦، و شرح ابن ميثم ٥: ٨٢، «الفجار».

(٢) وقعة صفين: ١٩٦.

٦٠٤

اللَّه خيرا منذ اليوم عن أمير المؤمنين و جماعة المسلمين. فعرفه الأشتر فقال له: مثلك يتخلف عن مثل موطني. فقال له: ما علمت بمكانك الا الساعة و لا أفارقك حتى أموت( ١) .

و في (صفين نصر): قال إبراهيم بن الأشتر: كنت عند عليّعليه‌السلام حين بعث إلى الأشتر ان يأتيه لما كان أهل الشام رفعوا المصاحف و قد أشرف على عسكر معاوية ليدخله، فقال الأشتر لرسوله: قل له: اني قد رجوت ان يفتح اللَّه لي فلا تعجلني، فما هو الا أن علت الاصوات من قبل الأشتر، و ظهرت دلائل الفتح و النصر لاهل العراق، و الخذلان على أهل الشام، فقال القوم لهعليه‌السلام : و اللَّه ما نراك الا أمرته بقتال القوم.

إلى أن قال: فقالوا لهعليه‌السلام لترسلن إلى الأشتر فليأتك أو لنقتلنك كما قتلنا عثمان أو لنسلمنك إلى عدوك، فأقبل الأشتر و صاح: يا أهل الذل و الوهن، أحين علوتم القوم فظنوا أنكم لهم ظاهرون رفعوا المصاحف الخ( ٢) .

و عن عمارة بن ربيعة الجرمي: لما كتبت الصحيفة دعي لها الأشتر فقال: لا صحبتني يميني و لا نفعتني بعدها شمالي ان كتب لي في هذه الصحيفة اسم على صلح و لا موادعة، أو لست على بينة من ربي و يقين من ضلال عدوي، أو لستم قد رأيتم الظفران لم تجمعوا على الخور. فقال له الأشعث: انك ما رأيت ظفرا و لا خورا هلم فاشهد على نفسك، فانه لا رغبة بك عن الناس. فقال: بلى و اللَّه ان بي لرغبة عنك في الدنيا للدنيا و في الآخرة للآخرة، و لقد سفك اللَّه بسيفي هذا دماء رجال ما أنت بخير منهم عندي و لا أحرم. فنظروا إلى الأشعث كأنما قصع على أنفه الحمم.

____________________

(١) تاريخ الطبري ٤: ١٥، سنة ٣٧.

(٢) وقعة صفين: ٤٩٠.

٦٠٥

ثم قال الأشتر: و لكني قد رضيت بما صنع أمير المؤمنينعليه‌السلام ، و دخلت فيما دخل فيه، و خرجت مما خرج منه، فانه لا يدخل إلا في هدى و صواب( ١) .

و فيه أيضا: مشى القوم ليلة الهرير بعضهم إلى بعض بالسيف و عمد الحديد و الأشتر يسير فيما بين الميمنة و الميسرة، فيأمر كل قبيلة أو كتيبة من القراء بالاقدام على الّتي تليها، فاجتلدوا بالسيوف و عمد الحديد من صلاة الغداة إلى نصف الليل لم يصلوا صلاة، فلم يزل يفعل ذلك الأشتر بالناس حتى أصبح و المعركة خلف ظهره، و افترقوا على سبعين ألف قتيل، ثم استمر القتال من نصف الليل الثاني إلى ارتفاع الضحى، و الأشتر يقول لأصحابه و هو يزحف بهم نحو أهل الشام: ازحفوا قيد رمحي هذا، و إذا فعلوا قال: ازحفوا قاب هذا القوس، فإذا فعلوا سألهم مثل ذلك حتى ملّ اكثر الناس الاقدام، فلما رأى ذلك قال: أعيذكم باللَّه أن ترضعوا الغنم سائر اليوم.

ثم دعا بفرسه و ركز رايته و خرج يسير في الكتائب و يقول: ألا من يشري نفسه للَّه و يقاتل مع الأشتر حتى يظهر أو يلحق باللَّه إلى أن قال فلما رأي عليّعليه‌السلام جاء الظفر من قبل الأشتر أخذ يمده بالرجال، و أقبل الأشتر على فرس كميت محذوف قد وضع مغفره على قربوس السرج و هو يقول:

أصبروا، فقال رجل في تلك الحال: أي رجل هذا لو كانت له نية. فقال له صاحبه: و أي نية أعظم من هذه ان رجلا فيما ترى قد سبح في الدماء و ما أضجرته الحرب، و قد غلت هام الكماة و بلغت القلوب الحناجر، و هو كما ترى جذعا يقول هذه المقالة: اللهم لا تبقنا بعد هذا( ٢) .

«و هو مالك بن الحارث» بن عبد يغوث بن مسلمة بن ربيعة بن الحارث بن

____________________

(١) وقعة صفين: ٥١١.

(٢) وقعة صفين: ٤٧٥ ٤٨٠، و النقل بتقطيع.

٦٠٦

جذيمة بن سعد بن مالك بن النخع من مذحج كما في (ذيل الطبري)( ١ ) «أخو مذحج» قال الجوهري: قال سيبويه: الميم من نفس الكلمة. و قال الحموي: قال ابن الاعرابي: أقامت مذلة بعد زوجها ادد بن زيد بن يشجب على ولديها منه مالك وطي و لم تزوج، فقيل: «إذحجت على ولدها» أي أقامت، فسمى مالك وطي مذحجا. و قال ابن الكلبي: ولد ادد بن زيد بن يشجب بن عريب بن زيد بن كهلان بن سبأ مالكا و جلهمة، و هو طي‏ء، و أمهما ذلة، و هي مذحج، كانت قد ولدتهما عند اكمة يقال لها مذحج فلقبت بها، و يقال لولدها مالك وطي مذحج.

و قال ابن إسحاق: مذحج هو ابن يحابر بن مالك بن زيد بن كهلان، و لم يتابع على ذلك الخ( ٢ ) قلت: و تبعه الجوهري.

«فاسمعوا له و أطيعوا أمره فيما طابق الحق» قال ابن أبي الحديد: كانعليه‌السلام من شدة صلابته في الدين لم يسامح نفسه في حق أحب الخلق إليه ان يهمل هذا القيد، قال النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله : لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق( ٣) .

قلت: أمير المؤمنينعليه‌السلام و شيعته لم ينتظروا أن يطيعهم الناس في غير الحق على الفرض، و لما بعثعليه‌السلام قيس بن سعد بن عبادة إلى مصر خطبهم و قال لهم: أيها الناس إنّا بايعنا خير من نعلم بعد نبينا، فقوموا فبايعوا على كتاب اللَّه و سنة رسوله، فان نحن لم نعمل بهما فلا بيعة لنا عليكم( ٤) .

«فانه سيف من سيوف اللَّه» قال ابن أبي الحديد: هذا لقب خالد بن الوليد، و اختلف فيمن لقبّه به، و الصحيح أنه لقبه به أبو بكر لقتاله

____________________

(١) منتخب ذيل المذيل: ١٤٨.

(٢) معجم البلدان ٥: ٨٩.

(٣) شرح ابن أبي الحديد ١٦: ١٥٨.

(٤) رواه الثقفي في الغارات ١: ٢١١.

٦٠٧

أهل الردة و قتله مسيلمة( ١) .

قلت: لعمر اللَّه ان خالدا كان سيفا لقتل عباد اللَّه، فقتل مالك بن نويرة المؤمن غدرا و زنا بامرأته حتى سخر في ذلك فاروقهم صدّيقهم، و قال له: هذا الّذي سميته سيف اللَّه حصل فيه رهق، و من العجب ان الأشتر الّذي كان بتلك الدرجة في الشدة على أعداء الدين، و في جهاد المنافقين، لا يسمّونه بذلك، مع نص من كان مثل نفس النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله بذلك، و يسمّون من اتخذ إلهه هواه سيف اللَّه.

«لا كليل الظبة» ظبة السيف طرفه، و كلها عدم تأثيرها.

«و لا نابي الضريبة» نابي الضريبة من لم تعمل ضربته في الضريبة،

قال: «ليث يدق الاسد الهموسا و الاقهبين الفيل و الجاموسا» و قال آخر:

حامى الحقيقة، نسال الوديقة، معتاق الوسيقة، لا نكس، و لا وكل.

«فأن أمركم أن تنفروا» أي: تشخصوا «فانفروا و ان أمركم أن تقيموا فأقيموا» لأنه لا يأمركم إلاّ بما فيه صلاحكم.

«فإنه لا يقدم و لا يحجم» بتقديم الجيم و الحاء على ما قال الجوهري، فقال في «جحم» اجحم عن الشي‏ء كفّ عنه مثل «أحجم». و قال في «حجم»:

«حجمته فأحجم» أي كففته فكف، و هو من النوادر الخ.

و انما كان من النوادر لان القاعدة كون «فعل» لازما و «أفعل» متعديا،

و هو بالعكس.

«و لا يقدم و لا يؤخر إلاّ عن أمري» فيجب عليكم اطاعته مثلي «و قد آثرتكم» أي: اخترتكم «به على نفسي» لأنه كانت ملازمته له و حضوره عنده ذا آثار مهمة «لنصيحته لكم و شدة شكيمته على عدوكم» في (الصحاح): الشكيمة في

____________________

(١) شرح ابن أبي الحديد ١٦: ١٥٨.

٦٠٨

اللجام الحديدة المعترضة في فم الفرس الّتي فيها الفاس، و فلان شديد الشكيمة إذا كان شديد النفس انفا ابيا، و فلان ذو شكيمة إذا كان لا ينقاد، قال عمرو بن شاس الاسدي يخاطب امرأته في ابنه عرار:

و ان عرارا ان يكن ذا شكيمة

تعافينها منه فما أملك الشيم

و شكمت الوالي: إذا رشوته كأنك شددت فمه بالشكيم.

هذا، و وراه (تاريخ الطبري) و (غارات الثقفي) و (أمالي المفيد)، روى الأوّل عن أبي مخنف و الثاني عن المدائني باسنادهما عن مولى الأشتر قال:

لما هلك وجدنا في ثقله رسالة عليّعليه‌السلام إلى أهل مصر: أما بعد فقد بعثت إليكم عبدا من عبيد اللَّه لا ينام أيام الخوف، و لا ينكل عن الاعادي حذار الدوائر، أشد على الكفار من حريق النار، و هو مالك بن الحارث أخو مذحج، فاسمعوا له و أطيعوا، فانه سيف من سيوف اللَّه لانابي الضريبة و لا كليل الحد، فان أمركم أن تقدموا فأقدموا، و ان أمركم أن تنفروا فانفروا، فانه لا يقدم و لا يحجم الا بأمري، و قد آثرتكم به على نفسي لنصحه لكم و شدة شكيمته على عدوكم،

عصمكم اللَّه بالهدى و ثبتكم على اليقين( ١) .

و روى الثاني أيضا و الثالث عن الشعبي عن صعصعة قال: كتب عليّعليه‌السلام إلى أهل مصر: أما بعد فاني قد بعثت إليكم عبدا من عباد اللَّه لا ينام ايام الخوف، و لا ينكل عن الاعداء حذار الدوائر، لا ناكل من قدم، و لا واه في عزم، من أشد عباد اللَّه بأسا و اكرمهم حسبا، أضر على الفجار من حريق النار،

و أبعد الناس من دنس أو عار، و هو مالك بن الحرث الأشتر، لا نابي الضريبة و لا كليل الحد، حليم في السلم رزين في الحرب، ذو رأي أصيل و صبر جميل،

____________________

(١) تاريخ الطبري ٤: ٧٢، سنة ٣٨، و الغارات ١: ٢٦٦.

٦٠٩

فاسمعوا له و أطيعوا أمره، فان امركم بالنفر فانفروا الخ( ١) .

و رواه (الاختصاص) باسناده عن عبد اللَّه بن جعفر، الا أنه خبر غير صحيح، حيث تضمن انهعليه‌السلام بعثه بعد قتل محمّد بن أبي بكر، مع أن مالكا سم قبل محمّد كما يأتي في الآتي، و نسبته إلى المفيد أيضا غير معلومة( ٢) .

١١ - الكتاب (٣٤) و من كتاب لهعليه‌السلام : إلى محمّد بن أبي بكر لما بلغه توجّده من عزله بالأشتر عن مصر ثم توفّي الأشتر في توجّهه إلى مصر قبل وصوله إليها:

أَمَّا بَعْدُ فَقَدْ بَلَغَنِي مَوْجِدَتُكَ مِنْ تَسْرِيحِ؟ اَلْأَشْتَرِ؟ إِلَى عَمَلِكَ وَ إِنِّي لَمْ أَفْعَلْ ذَلِكَ اِسْتِبْطَاءً لَكَ فِي اَلْجَهْدَ وَ لاَ اِزْدِيَاداً فِي اَلْجِدِّ وَ لَوْ نَزَعْتُ مَا تَحْتَ يَدِكَ مِنْ سُلْطَانِكَ لَوَلَّيْتُكَ مَا هُوَ أَيْسَرُ عَلَيْكَ مَئُونَةً وَ أَعْجَبُ إِلَيْكَ وِلاَيَةً إِنَّ اَلرَّجُلَ اَلَّذِي كُنْتُ وَلَّيْتُهُ أَمْرَ؟ مِصْرَ؟ كَانَ رَجُلاً لَنَا نَاصِحاً وَ عَلَى عَدُوِّنَا شَدِيداً نَاقِماً فَرَحِمَهُ اَللَّهُ فَلَقَدِ اِسْتَكْمَلَ أَيَّامَهُ وَ لاَقَى حِمَامَهُ وَ نَحْنُ عَنْهُ رَاضُونَ أَوْلاَهُ اَللَّهُ رِضْوَانَهُ وَ ضَاعَفَ اَلثَّوَابَ لَهُ فَأَصْحِرْ لِعَدُوِّكَ وَ اِمْضِ عَلَى بَصِيرَتِكَ وَ شَمِّرْ لِحَرْبِ مَنْ حَارَبَكَ وَ اُدْعُ إِلى‏ سَبِيلِ رَبِّكَ ١ ٤ ١٦: ١٢٥ وَ أَكْثِرِ اَلاِسْتِعَانَةَ بِاللَّهِ يَكْفِكَ مَا أَهَمَّكَ وَ يُعِنْكَ عَلَى مَا نَزَلَ بِكَ إِنْ شَاءَ اَللَّهُ أقول: رواه الطبري و الثقفي مع جواب محمّد، روى الأوّل عن أبي مخنف

____________________

(١) الغارات ١: ٢٦٠، و أمالي المفيد: ٨١، المجلس ٩، و رواية الثقفي عن الشعبي عن صعصعة و رواية المفيد عن هشام الكلبي.

(٢) الاختصاص: ٧٩.

٦١٠

و الثاني عن المدائني، قالا: لما بلغ محمّد بن أبي بكر أن عليّاعليه‌السلام قد بعث الأشتر شقّ عليه، فكتب عليّ إلى محمّد بن أبي بكر عند مهلك الأشتر و ذلك حين بلغه موجدة محمّد لقدوم الأشتر عليه اما بعد فقد بلغني موجدتك من تسريح الأشتر إلى عملك، و اني لم أفعل ذلك استبطاءا لك في الجهاد، و لا ازديادا مني لك في الجد، و لو نزعت ما تحت يدك من سلطانك لوليتك ما هو أيسر عليك في المؤنة، و أعجب إليك ولاية منه ان الرجل الّذي كنت وليته مصر كان لنا نصيحا، و على عدونا شديدا، و قد استكمل ايامه، و لاقى حمامه، و نحن عنه راضون، فرضى اللَّه عنه و ضاعف له الثواب، و أحسن له المآب، اصبر لعدوك، و شمر للحرب، و ادع إلى سبيل ربك بالحكمة و الموعظة الحسنة،

و اكثر ذكر اللَّه و الاستعانة به و الخوف منه، يكفك ما أهمك و يعنك على ما ولاك، اعاننا اللَّه و اياك على ما لا ينال الا برحمته. و السلام عليك.

فكتب إليه محمّد بن أبي بكر: أما بعد فانّي فقد انتهى إليّ كتاب أمير المؤمنين، ففهمته، و عرفت ما فيه، و ليس أحد من الناس بأرضى مني برأي أمير المؤمنين، و لا أجهد على عدوّه، و لا أرأف بوليه مني، و قد خرجت فعسكرت، و آمنت الناس، الا من نصب لنا حربا، و أظهر لنا خلافا، و أنا متبع أمر أمير المؤمنين، و حافظه، و ملتجي‏ء إليه، و قائم به( ١) .

قول المصنّف: (و من كتاب لهعليه‌السلام ) الخ، هكذا في (المصرية و ابن ميثم)،

و لكن في (ابن أبي الحديد) «في توجهه إلى هناك»، بدل «في توجهه إلى مصر»( ٢) .

قول المصنّف: (أما بعد) هكذا في (المصرية)، و ليس كله في (ابن أبي

____________________

(١) تاريخ الطبري ٤: ٧٢ و ٧٣، سنة ٣٨، و الغارات ١: ٢٦٧.

(٢) شرح ابن ميثم ٥: ٧٤، و شرح ابن أبي الحديد ١٦: ١٤٢.

٦١١

الحديد و ابن ميثم و الخطية)( ١ ) ، فيعلم عدم وجوده في النهج.

«فقد» هكذا في (المصرية)، و الصواب: «و قد» كما في (ابن أبي الحديد و ابن ميثم و الخطية)( ٢ ) «بلغني» و في (ابن أبي الحديد) «بلغتني»( ٣ ) «موجدتك» يأتي «وجد» لمعان و لكل مصدر، قال الجوهري: وجد مطلوبه وجودا، و وجد ضالته وجدانا، و وجد في المال وجدا و وجدا و وجدا وجدة أي: استغنى،

و وجد في الحزن وجدا بالفتح، و وجد عليه في الغضب موجدة.

«من تسريح» أي: ارسال «الأشتر إلى عملك» حكومة مصر «و اني لم أفعل ذلك استبطاءا لك في الجهد» بالفتح و الضم «و لا ازديادا في الجدّ» هكذا في (المصرية)، و الصواب: «و لا ازديادا لك في الجدّ» كما في (ابن أبي الحديد و ابن ميثم و الخطية)( ٤) .

«و لو نزعت ما تحت يدك من سلطانك» في مصر «لولّيتك ما هو أيسر عليك مؤنة و أعجب إليك ولاية» كما أنهعليه‌السلام لما عزل قيس بن سعد بن عبادة عن مصر قال له: أقم معي على شرطتي حتى نفرغ من أمر هذه الحكومة أي:

الحكمين ثم أخرج إلى آذربيجان( ٥) .

«ان الرجل الّذي كنت وليته أمر مصر» أي: الأشتر «كان رجلا لنا ناصحا و على عدونا شديدا ناقما) أي: كارها، فلم يكن بعد عمّار مثل الأشتر في أصحابهعليه‌السلام .

و في (تاريخ الطبري): لما أخبر الّذي سقى الأشتر السم، معاوية بمهلك

____________________

(١) كذا في شرح ابن ميثم ٥: ٧٥، لكن توجد الكلمة في شرح ابن أبي الحديد ١٦: ١٤٢.

(٢) لفظ شرح ابن أبي الحديد ١٦: ١٤٢، و شرح ابن ميثم ٥: ٧٤، مثل المصرية.

(٣) لفظ شرح ابن أبي الحديد ١٦: ١٤٢، مثل المصرية.

(٤) شرح ابن أبي الحديد ١٦: ١٤٢، و شرح ابن ميثم ٥: ٧٤.

(٥) رواه الثقفي في الغارات ١: ٢٥٧.

٦١٢

الأشتر قام معاوية خطيبا و قال: كانت لعلي يدان يمينان قطعت احداهما يوم صفين يعني عمارا و قطعت الاخرى اليوم يعني الأشتر( ١) .

و في (تاريخ الطبري): بلغ معاوية بعد التحكيم ان عليّاعليه‌السلام يقنت في صلاة الغداة و يلعنه مع عمرو و أبي الاعور و حبيب و عبد الرحمن بن خالد و الضحاك و الوليد، فكان إذا قنت لعنه مع الحسنين و ابن عباس و الأشتر( ٢) .

و في (عيون القتيبي): ذم رجل الأشتر فقال له قائل: اسكت فان حياته هزمت أهل الشام، و ان موته هزم أهل العراق.

و في (أمثال الكرماني): يحكي ان معاوية لما بلغه موت الأشتر قال:

واها ما أبردها على الفؤاد( ٣) .

«فرحمه اللَّه» قال ابن أبي الحديد في موضع آخر: قالعليه‌السلام في مالك بعد موته: رحم اللَّه مالكا، فلقد كان لي كما كنت للنبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ( ٤) .

«فلقد استكمل أيامه، و لاقى حمامه» بالكسر أي: الموت «و نحن عنه راضون،

أولاه اللَّه رضوانه و ضاعف الثواب له».

قال ابن أبي الحديد: لست أشك ان الأشتر بهذه الدعوة يغفره اللَّه، و يكفّر ذنوبه، و يدخله الجنة، و لا فرق عندي بينها و بين دعوة النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، و يا طوبى لمن حصل له من عليّعليه‌السلام بعض هذا( ٥) .

«فأصحر» من «أصحر» إذا خرج إلى الصحراء «لعدوك، و امض على بصيرتك، و شمّر لحرب من حاربك» من «شمر اذياله للامر» إذا تأهب له «و ادع إلى

____________________

(١) تاريخ الطبري ٤: ٧٢، سنة ٣٨.

(٢) تاريخ الطبري ٤: ٥٢، سنة ٣٧.

(٣) مجمع الامثال ٢: ٣٦٢.

(٤) شرح ابن أبي الحديد ١٥: ٩٨.

(٥) شرح ابن أبي الحديد ١٦: ١٤٤.

٦١٣

سبيل ربك» هو لفظ القرآن( ١ ) «و اكثر الاستعانة باللَّه يكفك ما أهمك» لقدرته على كل شي‏ء «و يعنك على ما نزل بك» هكذا في (المصرية)، و لكن في (ابن أبي الحديد و الخطية) «ينزل بك»( ٢ ) «ان شاء اللَّه» هكذا في (المصرية و ابن أبي الحديد)، و لكن في (ابن ميثم)( ٣ ) «و السلام» و هو الأصح.

١٢ - الحكمة (٤٤٣) و قالعليه‌السلام و قد جاءه نعي الأشتر:

مَالِكٌ؟ وَ مَا؟ مَالِكٌ؟ وَ اَللَّهِ لَوْ كَانَ جَبَلاً لَكَانَ فِنْداً وَ لَوْ كَانَ حَجَراً لَكَانَ صَلْداً لاَ يَرْتَقِيهِ اَلْحَافِرُ وَ لاَ يُوفِي عَلَيْهِ اَلطَّائِرُ قال؟ الرضي؟: الفند المنفرد من الجبال أقول: رواه موفقيات الزبير بن بكار عن المدائني عن ابن الكلبي عن أبي مخنف عن نفيل بن علقمة بن قيس قال: دخلنا على أمير المؤمنين عليّعليه‌السلام صبيحة جاء نعي الأشتر، فلما نظر إلينا قال: رحم اللَّه مالكا و ما مالك، لو كان من جبل لكان فندا، أو من حجر لكان صلدا، على مثل مالك فلتبك البواكي، و هل يوجد مثل مالك. فما زال يتلهف عليه حتى كأنه المصاب به دوننا.

قول المصنّف: (و قالعليه‌السلام و قد جاءه نعي الأشتر) مالك بن الحارث النخعي، في غارات الثقفي عن الشعبي: هلك الأشتر حين أتى عقبة أفيق.

و عن عاصم بن كليب عن أبيه ان عليّاعليه‌السلام لما بعث الأشتر واليا عليها و بلغ معاوية خبره بعث رسولا يتبع الأشتر إلى مصر و أمره باغتياله، فحمل

____________________

(١) النحل: ١٢٥.

(٢) شرح ابن أبي الحديد ١٦: ١٤٢.

(٣) شرح ابن أبي الحديد ١٦: ١٤٢، و شرح ابن ميثم ٥: ٧٤.

٦١٤

معه مزودين فيهما شراب، و صحب الأشتر فاستسقى الأشتر يوما فسقاه من أحدهما ثم استسقى يوما آخر فأمنه و سقاه من الآخر و فيه سم، فمالت عنقه و طلب الرجل ففاته.

و عن مغيرة الضبي ان معاوية دس للاشتر مولى لآل عمر، فلم يزل المولى يذكر للاشتر فضل عليّعليه‌السلام و بني هاشم حتى اطمأن إليه و استأنس به، فقدم الأشتر يوما ثقله فاستسقى ماءا فقال له مولى عمر: هل لك في شربة سويق، فسقاه شربة سويق فيها سم فمات، و قد كان معاوية قال لاهل الشام لما دس إلى الأشتر مولى عمر: ادعوا على الأشتر، فدعوا عليه فلما بلغه موته قال: ألا ترون كيف استجيب لكم( ١) .

قولهعليه‌السلام «مالك و ما مالك» الظاهر ان «مالك» مبتدأ و جملة «و ما مالك» خبره لبيان عظم الأمر، مثل قوله تعالى: الحاقة. ما الحاقة. و ما ادراك ما الحاقة( ٢ ) ، و قال زهير بن جذيمة حين قتل ابنه شاس:

شاس و ما شاس، و الباس و ما الباس

لو لا مقتل شاس لم يكن بيننا باس

ثم انصرف إلى قومه، فكان لا يقدر على غنوي و كان قتله غنوي الا قتله.

«و اللَّه» هكذا في (المصرية) أخذا من (ابن أبي الحديد)، و ليس في (ابن ميثم)( ٣) .

«لو كان جبلا لكان فندا» في (الجمهرة): الفند: القطعة العظيمة من الجبل، و الجمع أفناد، و به سمي الفند الزماني من فرسان العرب لعظم

____________________

(١) الغارات ١: ٢٦٢ و ٢٦٣.

(٢) الحاقة: ١ ٣.

(٣) شرح ابن أبي الحديد ٢٠: ٩٣، و شرح ابن ميثم ٥: ٤٥٥.

٦١٥

خلقه، قال الشاعر:

كأنه فند من الافناد

و قال شريح التغلبي:

و عنترة الفلحاء جاء ملاما

كأنك فند من عماية اسود

و في (الأغاني): لقب سهل بن شيبان البكري بالفند، شبه بالفند من الجبل القطعة منه لعظم خلقه، و شهد الفند حرب بكر و تغلب و قد قارب المائة فأبلى.

و قال ابن الكلبي: لما كان يوم التحالق أقبل الفند الزماني إلى بني شيبان و هو شيخ كبير قد جاوز مائة سنة و معه بنتان له شيطانتان من شياطين الانس، فكشفت احداهما عنها و تجردت و جعلت تصيح ببني شيبان و من معهم من بكر:

دعا دعا دعا دعا

حرّ الجياد و البطا

يا حبذا المحلقون بالضحى

ثم تجردت الاخرى و أقبلت تقول:

ان تقبلوا نعانق

و نفرش النمارق

أو تدبروا نفارق

فراق غير وامق

و قال أيضا: لحق الفند الزماني رجلا من بني تغلب يقال له مالك بن عوف قد طعن صبيا من صبيان بكر، فهو في رأس قناته و هو يقول «يا ويس أم الفرخ»، فطعنه الفند و هو وراؤه مردف له، فأنفذهما جميعا و جعل يقول:

أيا طعنة ما

شيخ كبير يفن بال

تعنيت بها اذكره

الشكة امثالي

تقيم الماتم الاعلى

على جهدوا عوال

٦١٦

و عن هشام قال: أرسلت بنو شيبان في محاربتهم بني تغلب إلى بني حنيفة يستنجدونهم، فوجهوا إليهم بالفند الزماني في سبعين رجلا و قالوا: انا قد بعثنا إليكم ألف رجل( ١) .

و يكفيه أنه كما فخرت أخت عمرو بن عبدود فارس يوم الخندق بكون أمير المؤمنينعليه‌السلام قاتل أخيها، كذلك فخرت اخت عمرو بن يثربي الضبي فارس يوم الجمل، و قاتل زيد بن صوحان، و عمرو الجملي، و علباء السدوسي بكون الأشتر قاتل أخيها، فقالت:

لو غير الأشتر ناله لندبته

و بكيته ما دام هضب ابان

لكنه من لا يعاب بقتله

اسد الاسود و فارس الاقران

«و لو كان حجرا لكان صلدا» أي: صلبا، ذكر فقرة «و لو كان حجرا لكان صلدا» (المصرية) أخذا عن (ابن أبي الحديد)، و ليست في (ابن ميثم)( ٢ ) ، و لعل نسخة ابن أبي الحديد زادتها من الروايات، ففي (غارات الثقفي) عن أشياخ من النخع قالوا: دخلنا على عليّعليه‌السلام حين بلغه موت الأشتر، فوجدناه يتلهف و يتأسف عليه ثم قال: للَّه درّ مالك، و ما مالك لو كان من جبل لكان فندا و لو كان من حجر لكان صلدا، و اللَّه ليهدنّ موتك عالما و ليفرحن عالما، و على مثل مالك فلتبك البواكي، و هل مرجو كمالك و هل موجود كمالك. قال علقمة النخعي: فما زالعليه‌السلام يتلهف و يتأسف حتى ظننّا أنه المصاب به دوننا و عرف ذلك في وجهه أياما( ٣) .

«لا يرتقيه الحافر» أي: ذو حافر، أي: دابة.

____________________

(١)

(٢) شرح ابن أبي الحديد ٢٠: ٩٣، و شرح ابن ميثم ٥: ٤٥٥.

(٣) الغارات ١: ٢٦٥.

٦١٧

«و لا يوفى» هكذا في (المصرية و ابن أبي الحديد)، و في نسخة ابن ميثم( ١ ) «و لا يرقى» «عليه الطائر» و الفقرتان كنايتان عن علو مقامه.

و في (تاريخ الطبري): قيل لعليّعليه‌السلام بعد ما كتبت صحيفة التحكيم: ان الأشتر لا يقر بما فيها، و لا يرى الا قتال القوم. فقال: و أنا و اللَّه ما رضيت و لا أحببت أن ترضوا، و أما الّذي ذكرتم من ترك الأشتر أمري و ما أنا عليه، فليس من أولئك، و لست أخافه على ذلك، يا ليت لي فيكم مثله اثنين، يا ليت فيكم مثله واحدا يرى في عدوي ما أرى، اذن لخفت عليّ مؤنتكم، و رجوت أن يستقيم لي بعض أودكم( ٢) .

و في (غارات الثقفي): و لما بلغ عليّاعليه‌السلام موت الأشتر قال: انا للَّه و انا إليه راجعون و الحمد للَّه رب العالمين، اللهم اني أحتسبه عندك، فان موته من مصائب الدهر. ثم قال: رحم اللَّه مالكا فقد وفى بعهده و قضى نحبه، و لقي ربه،

مع أنا قد وطنا أنفسنا أن نصبر على كل مصيبة بعد مصابنا برسول اللَّهصلى‌الله‌عليه‌وآله فانها من أعظم المصيبات( ٣) .

____________________

(١) كذا في شرح ابن أبي الحديد ٢٠: ٩٣، لكن لفظ شرح ابن ميثم ٥: ٤٥٥، مثل المصرية أيضا.

(٢) تاريخ الطبري ٤: ٤٢، سنة ٣٧.

(٣) الغارات ١: ٢٦٤.

٦١٨

الفهرست

الفصل السادس عشر في أدعيته عليه‌السلام.... ٢

١ - من الخطبة ١٧٦: «اللّهمّ اغفر لي ما أنت أعلم به منّي...». ٣

٢ - من الخطبة ٢١٣: «الحمد للَّه الّذي لم يصبح بي ميّتا و لا سقيما...». ٦

٣ - من الخطبة ٢٢٣: «اللّهمّ صن وجهي باليسار،...». ١٥

٤ - من الخطبة ٤٦: «اللّهمّ إنّي أعوذ بك من وعثاء السّفر...». ١٩

٥ - من الخطبة ٢٢٥: «اللّهمّ إنّك آنس الآنسين لأوليائك...». ٢٢

٦ - الحكمة ٢٧٦: «اللّهمّ إنّي أعوذ بك من أن تحسن في لامعة العيون...». ٢٩

٧ - من الخطبة ٨٩: «اللّهمّ أنت أهل الوصف الجميل و التّعداد الكثير...». ٣١

٨ - من الكتاب ١٥: «اللّهمّ أفضت إليك القلوب، و مدّت الأعناق...». ٣٥

٩ - من الخطبة ٢١٠: «اللّهمّ أيّما عبد من عبادك سمع مقالتنا العادلة...». ٤٢

الفصل السابع عشر في وصفه عليه‌السلام لعجائب خلقه تعالى  ٤٧

١ - من الخطبة ١٥٣: «و من لطائف صنعته و عجائب حكمته...». ٤٩

٢ - من الخطبة ١٦٣: «ابتدعهم خلقا عجيبا من حيوان و ساكن...». ٦٠

٣ - من الخطبة ١٨٣: «و لو فكّروا في عظيم القدرة...». ٩٠

الفصل الثامن عشر في العلوم مذمومها و ممدوحها ١٥١

١ - من الخطبة ٧٧: «أتزعم أنّك تهدي إلى السّاعة الّتي من سار فيها...». ١٥٣

٢ - من الخطبة ٢٠٨: «انّ في أيدي النّاس حقّا و باطلا...». ٢٠١

٣ - من الخطبة ١٧: «انّ أبغض الخلائق إلى اللَّه رجلان...». ٢٩٨

٤ - من الخطبة ٨٥: «و آخر قد تسمّى عالما و ليس به...». ٣٢٦

٥ - الحكمة ١٨٣: «ما اختلفت دعوتان إلاّ كانت إحداهما ضلالة». ٣٣٠

٦ - من الخطبة ١٨: «ترد على أحدهم القضيّة في حكم من الأحكام...». ٣٣٣

٧ - الحكمة ٢٠٥: «كلّ وعاء يضيق بما جعل فيه إلاّ وعاء العلم...». ٣٥٣

٨ - الحكمة ٣٣٨: «العلم علمان: مطبوع و مسموع...». ٣٥٤

٩ - الحكمة ٩٢: «أوضع العلم ما وقف على اللّسان...». ٣٥٥

١٠ - الحكمة ٣٦٦: «العلم مقرون بالعمل، فمن علم عمل...». ٣٥٨

٦١٩

١١ - الحكمة ٩٨: «اعقلوا الخبر إذا سمعتموه عقل رعاية لا عقل رواية...». ٣٥٩

١٢ - الحكمة ٣٧٢: «يا جابر، قوام الدّين و الدّنيا بأربعة...». ٣٦٠

١٣ - الحكمة ٤٥٧: «منهومان لا يشبعان: طالب علم، و طالب دنيا». ٣٦٦

١٤ - الحكمة ٤٧٨: «ما أخذ اللَّه على أهل الجهل أن يتعلّموا حتّى أخذ...». ٣٦٩

١٥ - الحكمة ٤: «نعم القرين الرّضى، و العلم وراثة كريمة...». ٣٧١

١٦ - الحكمة ٨١: «قيمة كلّ امرئ ما يحسنه...». ٣٧٩

١٧ - الحكمة ٨٢: «اوصيكم بخمس لو ضربتم إليها آباط اللّيل...». ٣٨٤

١٨ - الحكمة ٢٧٤: «لا تجعلوا علمكم جهلا، و يقينكم شكّا...». ٣٩٠

١٩ - الحكمة ٢٨٤: «قطع العلم عذر المتعلّلين...». ٣٩٢

٢٠ - الحكمة ٢٨٨: «إذا أرذل اللَّه عبدا حظر عليه العلم...». ٣٩٤

٢١ - الحكمة ٣٨٢: «لا تقل ما لا تعلم، بل لا تقل كلّ ما تعلم...». ٣٩٥

٢٢ - الحكمة ٩٠: «الفقيه كلّ الفقيه من لم يقنّط النّاس من رحمة اللَّه...». ٣٩٦

٢٣ - الحكمة ١٧٢: «النّاس أعداء ما جهلوا...». ٣٩٧

٢٤ - من الخطبة ١٥٢: «فليصدق رائد أهله و ليحضر عقله...». ٣٩٨

٢٥ - الحكمة ٧٣: «من نصب نفسه للنّاس إماما فعليه أن يبدأ بتعليم...». ٤٠٢

الفصل التاسع عشر فيما ارشد الثاني في مصالح الاسلام ٤٠٥

١ - من الخطبة ١٤٤: «أنّ هذا الأمر لم يكن نصره و لا خذلانه بكثرة...». ٤٠٧

٢ - من الخطبة ١٣٢: «و قد توكّل اللَّه لأهل هذا الدّين باعزاز الحوزة...». ٤٢٠

الفصل العشرون في حبه و بغضه عليه‌السلام.... ٤٢٩

١ - الحكمة ٤٥: «لو ضربت خيشوم المؤمن...». ٤٣١

٢ - الحكمة ١١٧: «هلك فيّ رجلان محبّ غال و مبغض قال»
و الحكمة ٤٦٩: «يهلك فيّ رجلان: محبّ مفرط و باهت مفتر»  ٤٤٣

الفصل الحادي و العشرون في شجاعته عليه‌السلام و مهابته و مناعته ٤٦٣

١ - من الكتاب ٤٥: «و كأنّي بقائلكم يقول إذا كان هذا...». ٤٦٥

٢ - الحكمة ٣١٨: «ما لقيت رجلا إلاّ أعانني على نفسه...». ٤٨٨

٣ - من الخطبة ١٩٠: «أنا وضعت في الصّغر بكلاكل العرب...». ٤٩٥

٦٢٠