وقعة الجمل

وقعة الجمل0%

وقعة الجمل مؤلف:
المحقق: السيد تحسين آل شبيب الموسوي
تصنيف: متون تاريخية
الصفحات: 167

وقعة الجمل

مؤلف: ضامن بن شدقم بن علي الحسيني المدني
المحقق: السيد تحسين آل شبيب الموسوي
تصنيف:

الصفحات: 167
المشاهدات: 33610
تحميل: 4176

توضيحات:

وقعة الجمل
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 167 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 33610 / تحميل: 4176
الحجم الحجم الحجم
وقعة الجمل

وقعة الجمل

مؤلف:
العربية

فتىً كان يُدنيه الغنى من صديقه

إذا ما هو استغنى ويَبعِد الفقرُ

كان الثريَّا عُلُقت بجبينه

وفي خدّهِ الشعرا وفي جبينه البدرُ

نشوب القتال بين الفريقين

قال المسعودي(١) : وذكره ابنُ ابي الحديد ، ان اصحاب الجمل حملوا على ميمنة عسكر امير المؤمنينعليه‌السلام حتى كشفوها على الميسرة ، فأتى بعض ولد عقيل الى امير المؤمنينعليه‌السلام فوجده [ يخصف نعلاً ](٢) ، فقال له : يا أمير المؤمنين !

فقالعليه‌السلام : « اسكت يا ابن اخي ، انّ لِعمّكَ يوماً لا يعدوه(٣) ، والله لا يبالي عمّك [ وقع على الموت ام الموت وقع عليه ](٤) ،

قال : جعلت فداك ، ان القوم قد بلغت من القوم مرادها من ميمنتك حتى كشفتها على الميسرة بحيث لم تر ، [ وانت جالس تخصف نعلاً ](٥) .

فقالعليه‌السلام : اُسْكُت يا ابن اخي ، انّ لعمك يوماً لا يتعداه ، والله لا

__________________

(١) مروج الذهب م ٢ : ٣٧٥.

(٢) في مروج الذهب : يخفق نعاساً على قربوس فرسه.

(٣) في النسخة الخطية : لا بعده والصواب كما اثبت من مروج الذهب.

(٤) في النسخة : على فرسه من سرجه ، وهذا تصحيف ربما من الناسخ والصواب كما ذكره المسعودي.

(٥) في مروج الذهب : وانت تخفق نعاساً.

١٤١

يبالي عمك أوقع على الموت أو الموت وقع عليه.

ثم انهعليه‌السلام بعث الى صاحب الراية ، وهو ولده محمّد بن الحنفية(١) ، يأمره ان يحمل على القوم ، فأبطأ بالحملة عليهم ، وكان بأزائه [ قومٌ من الرماة قد نفذت سهامهم ](٢) .

فأتاهعليه‌السلام وقال له : « لِمَ لا حملت على القوم ؟ ».

قال : لم أجد متقدماً [ إلا الرماة ، وقد نفدت سِهامهم ](٣) .

فضربه بقائِم سيفهِ ، وقال : [ ما ادركك عِرقٌ من ابيك ](٤) .

أحمل بين الاسنة ، [ فإنّ الموت عليك جنة ](٥) ...

فحمل حتى شبك بين الرماح والسّهام ، وقد اخذ منه الراية وحمل عليّعليه‌السلام على القوم.

وطاف بنو ضبّة بالجمل وهم يرتجزون بهذه الابيات(٦) :

__________________

(١) كان لمحمد يوم البصرة عشرون سنة لان ولادته سنة ١٦ للهجرة ، وتوفي سنة احدى وثمانين عن خمس وستين سنة.

اُنظر : تذكرة الخواص : ١٦٩ ، البداية والنهاية ٩ : ٣٨.

(٢) في مروج الذهب : قوم من الرماة ينتظر نفاد سهامهم.

(٣) في مروج الذهب : الا على سهم أو سنان ، واني منتظر نفاد سهامهم واحمل.

(٤) في مروج الذهب : ادركك عِرق من امك.

(٥) في مروج الذهب : فإنّ الموت أحب اليك من.

(٦) ذكر المسعودي في مروج الذهب م ٢ : ٣٧٥ ، وطافت بنو ضبة بالجمل واقبلوا يرتجزون ويقولون :

نحن بنو ضبة اصحاب الجمل

ننازل الموت إذا الموت نزل

رُدُّوا علينا شيخنا ثمّ بَجَلْ

ننعي ابْنَ عفان بأطراف الاسل

والموت أحلى عندنا من العسلِ

١٤٢

نحن بنو ضبة اصحاب الجمل

ردوا علينا شيخنا ثمّ حبل

عثمان ردوه علينا بأطراف الاسل

الموت أحلى عندنا من العسل

وكانوا بنو ضبّة سبعين رجلاً ، فكلّما لزم خطامَ الجمل رجل منهم قطعت يداه(١) ، حتى لم يبق منهم أحد وعرقب الجمل ، ولم يقع حتى قطعت قوائمه الاربع ، فأخذوه بالسيوف قطعاً ، وكان المعرقب له أبو جعدة بن غوبة الانصاري.

فمن قتل عنده محمد بن طلحة السجّاد(٢) ، قتله عاصمُ بن الغيث ،

__________________

(١) قال المسعودي : قطع على خطام الجمل سبعون يداً ، من بني ضبة منهم سعد بن سود القاضي متقلداً مصحفاً ، كُلما قطعت يد واحد منهم فصُرع قام آخر فأخذ الخطام وقال : انا الغلام الضبي.

وذكر ابن الاثير : ربيعة العقيلي من اصحاب الامام علي عليه‌السلام برز الى العدوي بعد ان تولى زمام الجمل ، فبرز له العقيلي وهو يقول :

يا اُمّنا أعقَّ أمٍ نعلمُ

والأمُّ تغذو ولداً وترحمُ

ألا ترين كم شجاعٍ يُكلمُ

وتُحتلى منه يدٌ ومعصمُ

انظر : الكامل في التاريخ ٣ : ٢٤٨.

(٢) ذكر ابن الاثير في الكامل في التاريخ ٣ : ٢٤٩ ، وكان ممن أخذ بزمام الجمل محمد بن طلحة ، وقال : يا امّتاه مريني بأمرك. قالت : آمرك ان تكون خير بني آدم ان تركت ، فجعل لا يحمل عليه احد الا حمل عليه ، وقال : حاميم لا ينصرون ، واجتمع عليه نفر كلهم ادعى قتله ، المكعبر الاسدي ، والمكعبر الضبي ، ومعاوية بن شداد ، وعفار السعدي النّصري ، فأنفذه بعضهم بالرمح ، ففي ذلك يقول :

وأشعَثَ قوّامٍ بآياتِ رَبّهِ

قليل الاذى فيما ترى العينُ مسلمِ

هتكتُ له بالرمح جيبَ قميصهِ

فخرّ صريعاً لليدينِ وللفمِ

يذكّرني حاميم والرّمحُ شاجرٌ

فهلا تلا حاميم قبل التقدمِ

على غير شيءٍ غير ان ليس تابعاً

علياً ومن لا يتبعِ الحقّ يندمِ

١٤٣

وطلحةُ بن عبد الله.

قال [ المصنف; ] :

فجاء خُزيمة بن ثابت ذو الشهادتين الى امير المؤمنينعليه‌السلام ، وقال : جعلتُ فداك ، لا تنكس رأس محمد ، فأردد الراية إليه ، فدعاه وردها عليه ، فأخذها وقال :

أطعن بها طعن ابيك تحمدِ

لا خير في الحرب إذ لم توقدِ

بالمشرفي والقنا المسددِ

قال : والذي قتل من اصحاب الجمل ستة عشر الف وسبعمائة وسبعون رجلاً(١) ، والذي قتل من أصحاب امير المؤمنين أربعة آلاف رجل وقيل ان عبدالله بن الزبير قبض على خطام الجمل ، فصرخت به عائشةرضي‌الله‌عنه تقول : واثكل اسماء !

__________________

(١) ذكر المدائني أنه رأى بالبصرةِ رجلاً مصطلم الاذن ، فسألته عن قصته ، فذكر أنه خرج يوم الجمل ينظر الى القتلى ، فنظر الى رجل منهم يخفض رأسه ويرفعه وهو يقول :

لقد أوردتنا حومة الموتِ أُمُّنا

فلم تنصرف إلا ونحن رَواءُ

أطعنا بني تيمٍ لشقوة جدنا

وما تيم إلا أعبدٌ وإماءُ

فقلت : سبحان الله ! أتقول هذا عند الموت ؟ قل لا اله الا الله ، فقال : يا ابن اللخناء ، إياي تأمر بالجزع عند الموت ؟ فوليت عنه متعجباً منه ، فصاح لي ادنُ مني ولقّنّي الشهادة ، فصرتُ إليه ، فلما قربت منه استدناني ، ثمّ التقم أذني فذهب بها ، فجعلت ألعنه وأدعو عليه ، فقال : إذا صرت الى امك فقالت مَنْ فعل هذا بك ؟ فقل : عمير بن الاهلب الضبي مخدوع المرأة التي أرادت ان تكون امير المؤمنين.

انظر : مروج الذهب م ٢ : ٣٧٩.

١٤٤

خلِّ عن الخطام ودونك القوم ، خلاه والتقى بمالك النخعي الاشتر ، فاعتركا ملياً حتى سقطاً الى الارض ، فعلاه مالك بالسيف ، فلم يجد له سبيلاً الى قتلهِ ، وعبدالله ينادي من تحته :

اقتلوني ومالكاً واقتلوا مالكاً معي.

فلم يجبه أحد ، ولا احد يعلم من الذي يعنيه لشدة اختلاط الناس ببعضهم ، وثور النقع ، فلو قال اقتلوني ومالك الاشتر ، لقتلا جميعاً(١) ، فقال مالك هذه الابيات(٢) :

أعايشُ لَوْلا أنني كُنتُ طاوياً

ثلاثاً لالفَيتِ ابْنَ أختِكِ هالِكاً

غداة يُنادي والرماحُ تنُوشُهُ

كوقعِ الضَياحي اُقتُلُوني ومالِكاً

فنجاه منّي أكلُه(٣) وشبابُهُ

وأنّي شيخٌ لم اكُنْ مُتماسَكاً

__________________

(١) الكامل في التاريخ ٣ : ٢٥١.

(٢) ذكره الشيخ المجلسي في بحار الانوار ٣٢ : ١٩٢ ، وزاد فيه

فلم يعرفوه إذْ دعاهم وغمّهُ

خدبٌّ عليه في العَجاجَةِ باركاً

وذكر المناسبة التي قال فيها مالك الاشتر هذه الابيات ، قال :

فلما وضعت الحرب أوزارها ، ودخلت عائشة الى البصرة ، دخل عليها عمّار بن ياسر ومعه الاشتر ، فقالت : من معك يا ابا اليقظان ؟ فقال : مالك الاشتر.

فقالت : انت فعلت بعبدالله ما فعلت ؟ فقال : نعم ولولا كوني شيخاً كبيراً وطاوياً لقتلته وأرحت المسلمين منه. قالت : أوما سمعت قول النبيّ (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) : ان المسلم لا يقتل إلا عن كفر بعد ايمان ، أو زنى بعد أحصان ، أو قتل النفس التي حرم الله قتلها ؟

فقال : يا ام المؤمنين على أحد الثلاثة قاتلناه ، ثمّ انشد الشعر.

انظر : بحار الانوار ٣٢ : ١٩١.

(٣) في الاصل : سيفه والصواب كما ورد في بحار الانوار.

١٤٥

ولمّا سقط الجمل بالهودج ، انهزم القوم عنهُ ، فكانوا كرمادٍ اشتدت به الريح في يوم عاصف(١) .

فجاء محمدُ بنُ ابي بكررضي‌الله‌عنه وادخل يده الى اختهِ ، فقالت له : من هذا المتهجم على حرم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ؟

قال : انا اقرب الناس اليك ، وابغضهم لكِ ، انا أخوك محمد بعثني اليك أمير المؤمنين ، يقول لك ، هل اصابك شيء من السلاح ؟

__________________

(١) قال الشيخ المفيد; : ولمّا رأى أمير المؤمنينعليه‌السلام جُرأة القوم على القتال وصبرهم على الهلاك ، نادى أصحاب ميمنته ان يميلوا على ميسرة القوم ، ونادى اصحاب ميسرته ان يميلوا على ميمنتهم ، ووقفعليه‌السلام في القلب فما كان بأسرع من ان تضعضع القوم ، واخذت السيوف من هاماتهم مأخذها ، فأنكشفوا وقد قتل منهم ما لا يحصى كثرة ، واصيب من اصحاب امير المؤمنين نفرٌ كثير ، وأحاطت الازَدُ بالجمل يقدُمُهُم كعبُ بن سُور ، وخطام الجمل بيده ، واجتمع إليه من كان أنفل بالهزيمة ونادت عائشة :

يا بنيَّ الكرَّة الكرةَّ ! اصبروا فإنّي ضامنةٌ لكم الجنّة ؛ فحفُّوا بها من كل جانب واستقدموا بُردة كانت معها ، وقلبت يمينها على منكبها الايمن الى الايسر ، والايسر الى الايمن ، كما كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ يصنع عند الاستسقاء ؛

ثم قالت : ناولوني كفاً من تُرابٍ ؛ فناولوها ، فحثت به وجُوه أصحاب امير المؤمنينعليه‌السلام وقالت : شاهت الوُجُوهُ ! كما فعل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ بأهل بَدْرٍ ، قال : وجرَّ كعبُ بنُ سُورٍ بالخطام ، وقال : اللهم إن تحقن الدِماءَ وتُطفي هذه الفتنة فاقْتُلْ علياً ، ولما فعلت عائشة ما فعلت من قلب البرد وحصبِ اصحاب أمير المؤمنينعليه‌السلام بالتراب ، قالعليه‌السلام :

« ما رَمَيْتِ إذ رَمَْتِ يا عائشةُ ولكنّ الشيطانَ رمى وليعُودنَّ وبالُكِ عليك إنْ شاء الله ».

انظر : مصنفات الشيخ المفيد م ١ : ٣٢٨ ، الفتوح م ١ : ٤٨٤.

١٤٦

قالت : ما اصابني إلا سهم لم يضرّني(١) .

ثم جاء إليها امير المؤمنينعليه‌السلام بذاته ، حتى وقف عليها ، وضرب الهودج بالقضيب ، وقال :

« يا حميراء ! هل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ أمرك بهذا الخروج عليّ ؟ ألم يأمرك ان تقري في بيتك ؟ والله ما انصفكِ الذين أخرجوكِ من بيتكِ ، إذ صانوا حلائلهم وابرزوكِ !! »

ثم انهعليه‌السلام أمر اخاها محمداً ان يُنزلها في دار آمنة بنت الحارث [ ابن طلحة الطلحات ] ، فرفع الهودج وجعل يضرب الجمل بسيفهِ.

[ امير المؤمنينعليه‌السلام يأمر بأعادة عائشة الى المدينة ]

قال المسعودي(٢) : ثمّ انّ اميرَ المؤمنينعليه‌السلام بعث عبدالله بن العبّاس الى عائشة يأمرها بالذهاب الى المدينة المنورة ، فدخل عليها بغير اذنها ، فاجتذب وسادةً وجلس عليها.

فقالت له : يا ابن عباس ، لقد أخطأت السُّنة المأمور بها بدخولك

__________________

(١) روى بن ابي سبرة عن علقمه ، عن امه ، قال : سمعت عائشة تقول : لقد رأيتني يوم الجمل وانّه على هودجي الدروع الحديدية ، والنبل يخلص اليّ منها وانا في الهودج ، فهوّن ذلك عليّ ما صنعنا بعثمان ، ألبنا عليه حتى قتلناه ، وجرينا عليه الغواة ، فنعوذ بالله من الفرقة بين المسلمين.

انظر : مصنفات الشيخ المفيد م ١ : ٣٨١.

(٢) مروج الذهب م ٢ : ٣٧٦.

١٤٧

علينا بغير اذنٍ منّا ، وجلوسك على رَحْلِنا بغير إذننا(١) !

فقال : نعم ، لو كُنْتِ في البيتِ الذي تَرَكَكِ فيهِ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ لما دخلتُ(٢) عَلَيكِ إلا بأذنِكِ ، ولا جلستُ(٣) على رَحْلِكِ إلا بأمركِ ، بعثني امير المؤمنينعليه‌السلام إليك يَأمُركِ بسُرعة الاوبة ، والتأهب للذهاب الى المدينة.

قالت : أبَيتُ عمّا قلت ، وخالفتُ امرَ من وصفت(٤) ، فمضى إليه واخبره بأمتناعها ، [ فبعثهعليه‌السلام إليها ثانية ](٥) ، وقال : ان امير المؤمنين يعزم عليك ان ترجعي(٦) .

فأمنعت بالاجابة للامر فجهزهاعليه‌السلام ، واتاها في اليوم الثاني ، ومعه بنوه الحسنُ والحسين واولاده جميعاً واخوته وبنو هاشم(٧) ، فدخلوا عليها فلما [ ابصرته صاحت مع من عندها من النسوة ](٨) في وجههعليه‌السلام ، يا قاتل الاحبة !

فقالعليه‌السلام : « لو كنت قاتل الاحبةِ لقتلتُ من في هذا البيت ».

__________________

(١) في مروج الذهب : وجلست على رحلنا بغير امرنا.

(٢) في مروج الذهب : دخلنا.

(٣) في مروج الذهب : جلسنا.

(٤) في مروج الذهب : وخالفت ما من وصفت.

(٥) في مروج الذهب : فرده إليها.

(٦) في مروج الذهب : وقال : قل لها : ان أبيتِ عمّا قلتُ لكِ ، ما تعلمين.

(٧) في مروج الذهب : وغيرهم وشيعته من همدان.

(٨) وفيه أيضاً : ابصرت به النسوان صحن.

١٤٨

وهو يشير الى احدِ تلك البيوت ، قد اختلى فيه مروان بن الحكم ، وعبد الله بن الزبير ، وعبد الله بن عامر ، [ وجماعة من بني اميّة ](١) ، فضرب كل من كان معه على قائم سيفهِ ، لما علموا منهعليه‌السلام ، مخافة من خروجهم عليهم فيغتالونهم.

فقالت عائشة [ بعد كلام بينهما ](٢) : قد صار ما صار ، فأحب الآن ان اقيمَ معك لعلي اسيرُ لقتال عدوك.

فقال : « بل ارجعي الى البيت الذي ترككِ فيه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ .

فسألته ان يؤمن ابن اختها عبدالله بن الزبير ، فأمنه ، وتكلم الحسن والحسين8 في مروان ، فأمنه(٣) .

فقالت : والله ، اني قد ازددت يا ابن ابي طالب كرباً ، ووددت اني

__________________

(١) سقطت من مروج الذهب.

(٢) في مروج الذهب : بعد خطب طويل كان بينهما.

(٣) في مروج الذهب م ٢ : ٣٧٨ وأمن الوليد بن عقبة وولد عثمان وغيرهم من بني اميّة ، وأمّن الناس جميعاً ، وقد كان نادى يوم الوقعة ، من ألقى سلاحه فهو آمن ، ومن دخل داره فهو آمن.

وخرجت امرأة من عبد القيس تطوف في القتلى ، فوجدت ابنين لها قد قتلا ، وقد كان قُتل زوجها وأخوان لها فيمن قتل قبل مجيء عليّ البصرة ، فأنشأت تقول :

شهدت الحروب فشيبتني

فلم أر يوماً كيوم الجمل

أضرّ على مؤمنٍ فتنةً

وأقتله لشجاع بطل

فليت الظعينة في بيتها

وليتك عسكر لم ترحل

مروج الذهب م ٢ : ٣٧٨.

١٤٩

لم اخرج هذا المخرج ، ولقد علمت بما قد اصابني فيه.

وقال له مروان بن الحكم : يا امير المؤمنين ، اني احبّ ان ابايعَكَ ، واكون في خدمتك !

فقالعليه‌السلام : « اولم تبايعني ، بعد ان قتل عثمان ، ثمّ نكثت ، فلا حاجة لي ببيعتك ، انها كف يهودية.

لو بايعني بيده لغدر بأسته ، اما ان له امرةً كلعقة الكلب انفه ، وهو ابن الاكبش الاربعة ، وستلقى الامة منه ، ومن ولده يوماً احمر ».

قال المسعودي : ولمّا توجهت عائشةرضي‌الله‌عنه الى المدينة ، بعث امير المؤمنينعليه‌السلام معها اخاها عبد الرحمن بن ابي بكر(١) ، وثلاثين رجلاً ، وعشرين امرأةً من ذوات الدّين من آل عبد قيس وهمدان ، ولزم عليهم بخدمتِها(٢) ، فلما وصلت المدينة ، قيل لها : كيف رأيت مسيرك وما صنع معكِ عليّعليه‌السلام ؟

قالت : والله ، لقد كنت بخير ، ولقد اجاد ابن ابي طالب واكثر بالعطاء(٣) ، [ ولكنّه بعث معي رجالاً انكرتهم ، فعرفها النسوة امرهن ،

__________________

(١) مروج الذهب م ٢ : ٣٧٩.

(٢) في مروج الذهب : ألبسهن العمائم وقلدهن السيوف ، وقال لهن : لا تعلمن عائشة أنكن نسوة وتلثمن كأنكن رجال.

(٣) في مستدرك احقاق الحقّ وبالاسناد عن العوام بن حوشب قال : حدثني ابن عمّ لي من بني الحارث بن تيم الله يقال له مجمع قال : دخلت مع أمي على عائشة.

١٥٠

فسجدت وقالت : ما ازددت والله يابن ابي طالب الا كرماً ، ووددت اني لم اخرج ، وان اصابتني كيت وكيت من امور ذكرتها ](١) .

قال [ المصنف; ] ؛ ومن كلام امير المؤمنينعليه‌السلام ، لما أظفره الله تعالى على اصحاب الجمل ، بعد ان حمد الله عزّوجلّ واثنى عليه ، صلى على النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ، قال : « اما بعدُ ، ايّها الناسُ :

انّ الله عزّوجلّ ، ذو رحمةٍ واسعةٍ ، ومغفرةٍ دائمة ، وعفوٍ جم ، وعقابٍ اليمٍ ، قضى ان رحمتهُ وسعت كل شيء ، ومغفرتهُ لأهل طاعتهِ من خلقه ، وبرحمتهِ اهتدى المهتدون ، وقضى ان نقمتهُ وسطواته وعقابهُ على اهل معصيته من خلقه ، وبعد الهُدى والبينات ما ضلّ الضّالُّون ، فما ظنكم يا اهل البصرة وقد نكثتُم بيعتي ، وظاهرتُم على عدوِّي(٢) ». « وقمتُ بالحجةِ واقلتُ العثرة ، والزلة من اهل الردة ،

__________________

فسألتها امي قالت : كيف رأيت خروجك يوم الجمل ؟ قالت : انه كان قدراً من الله تعالى. فسألتها عن علي قالت : سألتني عن أحب الناس كان الى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ . لقد رأيت علياً وفاطمة وحسناً وحسيناً وقد جمع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ لفوعاً عليهم ثمّ قال : هؤلاء اهل بيتي وخاصتي ، فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً.

انظر : احقاق الحقّ ٢ : ٥٤٦.

(١) نص ما ذكره المسعودي في مروج الذهب وقد سقط من النسخة.

(٢) الارشاد ١ : ٢٥٧ ، بحار الانوار ٣٢ : ٢٣٠ ، « خطبة الامامعليه‌السلام المحصورة بين الاقواس كما جاء في الارشاد وبحار الانوار ».

اما ما زاده المصنف وقد حصرناه أيضاً بين قوسين فهو ما ورد في كتاب الامام عليّ عليه‌السلام الى اهل الكوفة عندما تحقق النصر على اصحاب الجمل وفتح البصرة ، وربما وقع المصنف في وهمٍ ، فنبهنا عنه ».

١٥١

فأستتبت من نكث فيهم بيعتي ، فلم يرجع عمّا اصرّ عليه ، فقَتل الله تعالى من قتل منهم الناكث ، وولى الدبر الى مصيرهم بشقائِهم ، فكانت المرأة عليها اشأم من ناقة الحجر ، فخذلوا وأدبروا دبراً ، فقطعت بهم الاسباب فلما حَل بهم ما قدروا سألوني العفو ، فقبلتُ منهم القول وغمدتُ عنهم السيف ، واجريت الحقّ والسنّة بينهم ، واستعملت عبدالله بن العبّاس عليهم »(١) .

فقام إليه رجل منهم ، وقال : نظُنُّ خيراً ، ونراك قد ظفرت وقدرت ، فإنّ عاقبت فقد اجترمنا ذلك ، وان عفوت [ فأنت محلُ العفو ، والعفو أحبُّ الى الله عزّوجلّ ، والينا ](٢) .

فقالعليه‌السلام : « قد عفوتُ عنكم ، فإيّاكم والفتنة فأنها أشدّ من القتل ، فأنّكم اوّل الرّعيةِ لنكث البيعة ، وشقَّ عصا هذه الامة »(٣) .

__________________

(١) لم تردك تكملة الخطبة في الارشاد أو في بحار الانوار.

(٢) في الارشاد : وإن عفوت فالعفو أحبُّ الى الله.

(٣) قال الواقدي : ولما فرغَ امير المؤمنينعليه‌السلام من أهل الجمل جاءهُ قومٌ من فتيان قريش يسألونه الامان وأن يقبل منهم البيعة ، فأستشفعوا إليه بعبدالله بن عباس ، فشفعه وأمرهم في الدخول عليه ، فلما مثلوا بين يديه قال لهم : « ويلكم يا معشر قريش علام تقاتلونني ! على أنْ حكمت فيكم بغير عدلٍ ! أو قسمت بينكم بغير سويّةٍ ! أو استأثرت عليكم ! أو تبعدي عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ، أو لقلة بلاءٍ في الاسلام ! ». فقالوا : يا امير المؤمنين نحن إخوة يوسفعليه‌السلام فأعفُ عنّا ، واستغفر لنا ، فنظر الى أحدهم فقال له : « من انت ؟ ». قال : أنا مساحق بن مخرمة معترف بالزلة ، مقرٌّ بالخطيئة ، تائب من ذنبي. فقالعليه‌السلام : « قد صفحت عنكم ». وتقدم إليه مروان بن

١٥٢

ثم جلس ، فأتاه الناس وبايعوه.

من كلامهعليه‌السلام حين قتل طلحة وانفضّ اهل البصرة

ومن كلامهعليه‌السلام ، لمّا طاف على القتلى يوم الجمل ، قال الشيخ المفيد; في ارشاده(١) :

قال امير المؤمنينعليه‌السلام : « بنا [ تسنّمتم ](٢) الشرف ، وبنا [ انفجرتم ](٣) عن السّرار ، وبنا اهتديتم في الظلماءِ ، [ وقر ](٤) سمعٌ لم يفقهِ الواعية للنبأة كيف يُراعُ من أصمَّتهُ الصَّيحةُ ، رُبط جنانُ لم يُفارقهُ الخَفَقان ، ما زَلتُ أتوقعُ بكم عواقِبَ الغدْر ، وأتوسَّمكم بحيلةِ المغترِّين ، سترني عنكم جلبابُ الدّينِ ، وبصَّرنيكم صدق النية ، اقمت لكم الحقّ حيث تعرفون ، ولا دليل وتحتفرون ولا تُميهون(٥) اليوم ،

__________________

الحكم وهو متكئ على رجل ، فقالعليه‌السلام : « أبك جراحة ؟ ». قال : نعم يا امير المؤمنين وما أراني لما بي إلا ميتاً ! فتبسم أمير المؤمنينعليه‌السلام وقال : « لا والله ما انت لِما بك ميّتٌ ، وستلقى هذه الامة منك ومن ولدك يوماً أحمر ».

انظر : مصنفات الشيخ المفيد م ١ : ٤١٣.

(١) الارشاد ١ : ٢٥٣ ، بحار الانوار ٣٢ : ٢٣٦ ح ١٩٠.

(٢) في النسخة : اكتسبتم ، والصواب كما جاء في الارشاد.

(٣) في النسخة : افتخرتم من السراء.

(٤) في النسخة : وقرع.

(٥) أماه الحافر يميه : إذا أنبط الماء ووصل إليه عند حفره البئر.

انظر : الصحاح ـ موه ـ ٦ : ٢٢٥.

١٥٣

نطق لكم العجماء ذات البيان ، عزبَ فهمّ امرءٍ تخلف عني ، ما شككت في الحقّ منذ أريته ](١) ، كان بنو يعقوب على المحجة العظمى حتى عقوا اباهم ، وباعوا أخاهم ، وبعد الاقرار كانت توبتهم ، وباستغفار ابيهم واخيهم غُفِرَ لهم ».

من كلامهعليه‌السلام عندما طاف بالقتلى (٢)

« هذه قُرَيْشٌ ، جَدَعْتَ أنفي ، وشَفَيْتَ نَفْسي ؛ لقد تقدَّمتُ اليكم(٣) احذِّرُكم عضَّ السّيوفِ ، فكُنتُم أَحداثاً لا عِلمَ لكم بما تَرونَ ، [ فَناشَدتُكم العهدَ والميثاق ، فتماديتُمْ في الغي والطُغيان ، وأبيتُمْ إلا القتالَ ، فناهضتُكمْ بالجهادِ ](٤) .

ولكنَّه الحَيْنُ(٥) وسُوء المَصرع ، فأَعوذُ بالله مِن سوء المصرع ».

فمرَّعليه‌السلام [ بمعبد بن المقداد ](٦) ، فقالعليه‌السلام :

« رَحِمَ الله أبا هذا ، أَمَا إنّه لو كان حيّاً لكانَ رأيُهُ أحسن من رأي هذا ».

__________________

(١) في النسخة : رأيته.

(٢) انظر : الارشاد ١ : ٢٥٤ ـ ٢٥٦ ، بحار الانوار ٣٢ : ٢٠٧ ح ١٦٣. مصنفات الشيخ المفيد م ١ : ٣٩١ ، ٣٩٢ ، ٣٩٤.

(٣) سقطت من النسخة الخطية واثبتناها من الارشاد.

(٤) سقطت من الارشاد.

(٥) الحين : الهلاك.

(٦) في الاصل : سعيد ، وصوابه كما في الارشاد.

١٥٤

فقال عمّار بن ياسر : الحمدُللهِ الذي [ رَفَعَكَ ](١) يا امير المؤمنين(٢) ، وجَعَلَ خدَّهُ الأسفلَ ، إنّا واللهِ يا أميرَ المؤمنين [ ما نُبالي مَنْ عَنَدَ عَنِ الحقِّ مِنْ ولَدٍ ووالدٍ. فقال أميرُ المؤمنين ](٣) : « رحمِكَ اللهُ وجَزاكَ عنِ الحقِّ خيراً ».

ثم انهعليه‌السلام مرّ بعبدِاللهِ بن رَبْيعَة بن دَرَّاجٍ ، فقالعليه‌السلام : « هذا البائسُ ما كانَ أخرجَهُ ؟ أدينُ أخرجهُ أمْ نَصْرٌ لعُثمان ؟! واللهِ ما كان رأيُ عُثمان فيهِ ولا في [ ابيه ](٤) لحسنٍ ».

ثمَّ إنهُعليه‌السلام مرّ بمَعْبدِ بن زُهَير بن أبي اميّة(٥) ، فقالعليه‌السلام : « لو كانت الفتنةُ برأسِ الثريّا لَتَنَاولها هذا الغُلامُ ، واللهِ ما كان فيها بذي نحيزة(٦) ، ولقد أخبرني مَنْ أَدركهُ إنّه لَيُولْولَ فرقاً من السَّيف ».

ثم مرّعليه‌السلام بمسلمة بن قَرَظَةَ ، فقالعليه‌السلام : « البرُّ أخرجَ هذا ! والله لَقد كلَّمني أن أكلِّمَ له عُثمانَ في شيءٍ كان يدَّعيه قَبلَهُ بمكة ، [ فأعطاهُ

__________________

(١) في الارشاد : أوقعه.

(٢) سقط من الارشاد.

(٣) سقطت من النسخة واثبتناها من الارشاد.

(٤) في النسخة : ابنه.

(٥) في الاصل ( اميّة ) ، والصواب هو : معبد بن زهير بن ابي اُميّة بن عبدالله بن عمرو بن مخزوم القرشي المخزومي ابن أخي ام سلمة زوج النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ .

انظر : اسد الغابة ٤ : ٣٩١ ، الاصابة ٣ : ٤٧٩/٤٣٢٧.

(٦) النحيزة : الطبيعة. الصحاح ـ نحز ـ ٣ : ٨٩٨.

١٥٥

ايّاه ](١) ، ثمّ قال [ لي ](٢) لَولا أنتَ ما اعطيتهُ [ اياه ](٣) ، إنّ هذا [ ما علمت ](٤) بئسَ أخو العشِيرةِ ، ثمّ جاءَ المشُومُ لِلحَين(٥) ، [ ناصراً يُطالب دم عُثمان ] »(٦) .

ثمَّ مرّعليه‌السلام بعبدِاللهِ بن حميدِ بن زُهَير ، فقالعليه‌السلام : « إنّ هذا أيضاً ممّن أوضَعَ في قتالنا ، [ ثمّ أنَّه يزعمُ إنّهُ يطلبُ رِضاءَ اللهِ بذلك ](٧) ، ولقد كَتَبَ اليَّ كتاباً يُؤذي عُثمان فيه ، فأعطاهُ شيئاً فَرضِي عنه ».

ثمَّ مَرّعليه‌السلام بعبداللهِ بن حَكيم بنِ حزام ، فقالعليه‌السلام : « إنَّ هذا قد خَالفَ أباه في الخروج ، وأبوهُ حيثُ لم ينصُرنا وقد أَحسن في بيعته لنا ، وإن كان قد كَفَّ وجَلسَ حيثُ شكَّ في القتال ، وما ألوم اليوم مَنْ كفَّ عنّا وعن غيرنا ، ولكنَّ [ اللوم على ](٨) الذي قاتلنا ».

ثمَّ مرّعليه‌السلام بعبدالله بنِ المغيرةِ بن الأخْنَس بن [ شريق ](٩) ،

__________________

(١) في الارشاد : فأعطاه عثمان.

(٢) سقطت من الارشاد.

(٣) سقطت من الارشاد.

(٤) في النسخة الخطية : اما علمت ان هذا ، والصواب كما اثبت من الارشاد.

(٥) في النسخة الخطية : لحينه.

(٦) في الارشاد : ينصر عثمان.

(٧) في الارشاد : زعم يطلب الله بذلك.

(٨) في الارشاد : المليم.

(٩) سقطت من الارشاد.

١٥٦

فقالعليه‌السلام : « وأما هذا [ فقتل ابوه ](١) يَوم قُتِلَ عُثمان [ في الدار ](٢) خَرَجَ مُغْضَباً لقتلَ أبيهِ ، وهو غُلامٌ حَدَثٌ [ حينَ قتله ](٣) ».

ثم مرَّعليه‌السلام [ بعبدالله بن عُثمان ](٤) بن الأخْنَس بن شريق ، فقالعليه‌السلام : « وأمَّا هذا فكأنّي أنظُرُ إليه ، وقد أخذ القومَ السُّيوفُ هارباً يغدو من الصَّفِّ ، [ فَنْهنَهْتُ ](٥) عنهُ فلم يَسمعْ مَنْ [ نَهْنَهْتُ ](٦) ، حتى قتل ، وكان هذا ممّا خَفِيَ على فتيان قُريش ، أغمار لا عِلمَ لهم بالحربِ ، خُدِعوا [ واستُزِلُّوا ](٧) ، فلمّا وقفوا [ وَقَعوا ](٨) فقتلوا ».

ثمَّ مرَّعليه‌السلام [ بكَعبِ بن سُور ](٩) ، فقالعليه‌السلام : « وأمّا هذا الَّذي خَرَجَ علينا ، وفي عُنُقِه المُصحَفُ ، يزعُمُ أنّه ناصرُ [ أمِّهِ ](١٠) ، يدعو الناسَ الى ما فيه وهو لا يعلَمُ بما فيهِ ، ثمَّ استفتح [ وخابَ كُلّ ](١١) جبّار عَنيدٍ ، أمَّا

__________________

(١) سقطت من المخطوطة واثبتناها من الارشاد.

(٢) سقطت أيضاً واثبتناها من الارشاد.

(٣) في النسخة : حين قتل ، والصواب كما في الارشاد.

(٤) في النسخة الاصلية : عبدالله بن ابي عثمان ، وهذا تصحيف ربما من الناسخ واثبتت الصواب من الارشاد.

(٥) في النسخة الاصلية : فنهيت.

(٦) في النسخة كلمة مبهمة ويحتمل من تصحيفات الناسخ.

(٧) في النسخة : يستنبزوا.

(٨) في النسخة الكلمة غير واضحة واثبتناها من الارشاد.

(٩) في النسخة : كعب بن ثور ، وهو تصحيف والصواب كما في الارشاد.

(١٠) سقطت من النسخة واثبتت من الارشاد.

(١١) في النسخة [ وجاء معه ] وهو تصحيف والصواب كما في الارشاد.

١٥٧

إنه دعا الله أَن يقتُلني فقتلهُ اللهُ تعالى ».

أجلِسُوا [ كَعبَ بن سُورٍ ](١) فأجلسَ ، فقالَ لَهُعليه‌السلام : « يا كعبُ ، قد وَجدْتُ ما وَعَدَني ربي حَقّاً ، فَهَل وَجدْتَ ما وَعَدَك ربُّكَ حقّاً ؟ ».

ثم قالعليه‌السلام : « أضجعُوهُ ».

ثمَّ مرّعليه‌السلام بطلحة بن عُبيدِاللهِ(٢) ، فقالعليه‌السلام : « وأمَّا هذا فَهو النّاكثُ لبيعتي ، والمُنْشئ الفِتنَة في الأمّةِ ، والمُجلُبِ عَلَيَّ ، والدّاعي إلى قَتْلي وقتل عترتي ».

اجلسوا [ طلحة بن عبيدالله ](٣) فأُجلِس ، ثمَّ قالَعليه‌السلام له : « يا طلحة ، قد وجدْتُ ما وَعَدَني ربّي حقّاً ، فهلْ وجدْتَ ما وَعَدَك ربُّكَ حقّاً ؟! » ثمّ قالعليه‌السلام : « أضجعُوه » ، فأُضجع.

وسارَعليه‌السلام ، فقالَ لهُ بعضَ أصحابه : يا امير المؤمنين ، رأيتك تُكلّمُ كعباً وطلحة بعد أنْ قُتِلا ، فَهل يفْقَهان ما قلت لهُما ؟!

فقالعليه‌السلام : « [ أمَ ](٤) وَاللهِ ، إنّهما لقد سَمِعا كلامي ، كما سَمِعَ أهلُ

__________________

(١) سقطت من الاصل.

(٢) هو طلحة بن عبيدالله بن عثمان بن عبيدالله بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة ، وهو ابن عمّ أبي بكر الصديق ، ويكنى ابا محمد ، وأمه الصعبة ، وكانت تحت ابي سفيان بن حرب ، وقتل وهو ابن اربع وستين ، وقيل غير ذلك ، ودفن بالبصرة ، وقبره فيها الى هذه الغالية ، وقبر الزبير بوادي السباع.

انظر : مروج الذهب م ٢ : ٣٧٤.

(٣) سقطت من الاصل.

(٤) في النسخة : ايم.

١٥٨

القَلِيب كلامَ رسولِ اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ يومَ بَدْرِ »(١) .

قال المسعودي : ولمّا ان مَنَّ الله تعالى عليهِ بما هو اهله من الظفرِ على أصحاب الجمل ، دخل عليه بجماعةٍ من اصحابه الى بيت مالَ المسلمين بالبصرة ، فنظر الى ما فيه من العينِ والورق ، فأدام انظر إليه ، فجعل يقول : « يا صفراء ويا بيضاء ، غُرِّي غيري »(٢) .

ثم قالعليه‌السلام : « اقسموه بين اصحابي ، خمسمائة خمسمائة » ،

__________________

(١) عن محمد بن الحنفية; ، قال : فوالله لقد رأيتُ أوّل قتيل من القوم كعب بن سُور بعدَ ان قُطِعت يمينهُ التي كان الخِطام بها ، فأخذه بشماله وقُتل بعد ذلك ، وقُتِلَ معه أخوهُ وابناه. ثمّ اخذ خطام الجمل بعده رجل منهم وهو يقول :

يا اُمَّنا عائِشَ لا تُراعِي

كُلُّ بَنيكِ بَطَلٌ شُجاعُ

فما بَرَحَ حتى قطعت يداهُ وطُعِنَ فهلك ؛ فقام مقامه آخر منهم فقطعت يمينه وضُرِبَ على رأسه فهلَكَ ؛ فما زال كل منّ اخذ بخطام الجمل قُطِعتُ يداهُ أو جُذَّ ساقه حتى هلَكَ منهم ثمانمائةِ رجلٍ ، وقبل ذلك قُتِلَ حول الجمل سبعون رجلاً من قريش.

مصنفات الشيخ المفيد م ١ : ٣٤٩ ، تاريخ الطبري ٤ : ٥١٨.

(٢) قال الشيخ المفيد ( رضي الله تعالى عنه ) : ورجع طلحة والزبير ، ونزلا دار الاماره ، وغلبا على بيت المال ، فتقدمت عائشة وحملت مالاً منه لتفرقه على انصارها فدخل عليها طلحة والزبير في طائفة معهما واحتملا منه شيئاً كثيراً ، فلما خرجا جعلا على ابوابه الاقفال ، ووكلا به من قبلهما قوماً ، فأمرت عائشة بختمه ، فبرز لذلك طلحة يختمه فمنعه الزبير ، وأراد ان يختمه الزبير دونه فتدافعا ! فبلغ عائشة ذلك فقالت : يختمها عني ابن اختي عبدالله بن الزبير ، فختم يومئذٍ بثلاثة ختوم.

وقال أيضاً : ولمّا خرج عثمان بن حنيف من البصرة ، وعاد طلحة والزبير الى بيت المال ، فتأملاً الى ما فيه من الذهب والفضة قالوا : هذه الغنائم التي وعدنا الله بها ، واخبرنا انه يجعلها لنا !!

انظر : مصنفات الشيخ المفيد م ١ : ٢٨٤ ، ٢٨٥.

١٥٩

فقسموه فأصابَ كل رجل منهم خمسمائة ، فلم يزد درهماً ولا نقص درهماً !

فكان عدد اصحابه اثني عشر الفاً ، وقبضعليه‌السلام على ما اصابه في معسكرهم ، فباعه وقسمه أيضاً عليهم ، ولم يزد لنفسه ولا لأولاده واهل بيته عن اصحابه بشيء ابداً.

ثم اتاه رجلٌ من اصحابه لم يكن حاضر القسمة ، فقال : يا امير المؤمنين ، اني لم آخذ شيئاً لعدم حضوري عند القسمة ، فالسبب الموجب لغيابي عنها هو كيت وكيت ، فأعطاه ما اصابه من القسمة(١) .

ومن كلامهعليه‌السلام حين قدم الكوفة من البصرة

ثم توجهعليه‌السلام الى الكوفة. قال [ المسعودي ] : فقال حين قدومه إليها ؛ بعد ان حمد الله واثنى عليه ، وصلى على النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ :

« أمَّا بعدُ ، فالحمدُ للهِ الّذي نَصرَ وَليه ، وخَذلَ عدوَّه ، وأعزَّ الصَادِق المُحِقَّ ، وأذلَّ الكاذِب المُبطِلَ.

ايّها الناس عليكم(٢) بتقوى الله حقَّ تقاتِهِ ، واطاعةِ مَن اطاعَ اللهَ من اهلِ بيتِ نبيِّكم ، الذين هم أَولى بطاعتِكم من المُنتَحِلينَ المُدَّعين القَائلينَ الينا ، يتفضَّلون بفضلنا ، ويُجاحِدونا في أمرِنا ، وينازعونا حقّنا

__________________

(١) مروج الذهب م ٢ : ٣٨٠.

(٢) في الارشاد : يا اهل هذا المصر.

١٦٠