بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة الجزء ٨

بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة0%

بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة مؤلف:
تصنيف: أمير المؤمنين عليه السلام
الصفحات: 668

بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة

مؤلف: الشيخ محمد تقي التّستري
تصنيف:

الصفحات: 668
المشاهدات: 59634
تحميل: 3260


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5 الجزء 6 الجزء 7 الجزء 8 الجزء 9 الجزء 10 الجزء 11 الجزء 12 الجزء 13 الجزء 14
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 668 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • المشاهدات: 59634 / تحميل: 3260
الحجم الحجم الحجم
بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة

بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة الجزء 8

مؤلف:
العربية

و كنت أذم اليك الزمان

فأصبحت فيك أذم الزمانا

و كنت أعدك للنائبات

فها أنا أطلب منك الأمانا

«و كأنك لم تكن اللّه تريد بجهادك، و كأنك لم تكن على بينة من ربك، و كأنك انما كنت تكيد هذه الامة عن دنياهم، و تنوي غرتهم عن فيئهم، فلما امكنتك الشدة» بالفتح أي: الحملة «في خيانة الامة أسرعت الكرة» قال ابن أبي الحديد: لا يجوز أن يقال الكرة إلاّ بعد فرة، فكأنه لما كان مقلعا في ابتداء الحال عن التعرض لأموالهم كان كالفار عنها، فلذلك قال: «اسرعت الكرة»( ١) .

قلت: على ما قاله «فلان كرار غير فرار» ليس بصحيح، و انما ما قال معنى «كر بعد ما فر» لا معنى مطلق الكر، قال في القاموس: كرّ عليه عطف، و الكرة الحملة كالكرّى كبشرى الخ( ٢ ) . و قال امرؤ القيس في وصف فرسه:

مكر مفرّ مقبل مدبر معا

كجلمود صخر حطه السيل من عل

أي: يصلح للكر و الفر «و عاجلت الوثبة و اختطفت» أي: استلبت «ما قدرت عليه من أموالهم المصونة لأراملهم» قال ابن السكيت: الأرامل المساكين من رجال و نساء «و أيتامهم اختطاف الذئب» و لاختطافه كثيرا سمي خاطفا «الأزل» أي: الخفيف الوركين، و في المثل «هو أسمع من الذئب الأزل»( ٣ ) ، قال الجوهري: و السمع الأزل الذئب الارسح يتولد بين الذئب و الضبع، و هذه الصفة لازمة له كما يقال «الضبع العرجاء».

«دامية» اختلف في الدم هل أصله دمو بالتحريك كما قال بعضهم، أو دمي بالسكون كما قال سيبويه لجمعه على دماء، فيكون مثل ظبي و ظباء،

____________________

(١) شرح ابن أبي الحديد ١٦: ١٦٩.

(٢) القاموس المحيط ٢: ١٢٥ و ١٢٦، مادة (كرّ).

(٣) أورده لسان العرب ١١: ٣٠٨، مادة (زلل).

١٠١

و دلو و دلاء، أو دمى بالتحريك كما قال المبرد لكون تثنيته دميان( ١) .

«المعزى» أي: المعز، قال سيبويه: معزى مذكر ملحق بدرهم، و قال الفراء: مؤنثة و يشهد له وصفه( ٢ ) «الكسيرة فحملته الى الحجاز» أي: مكة «رحيب الصدر بحمله غير متأثم من أخذه».

دخل اعرابي على هشام فقال له: عظني. فقال له: كفى بالقرآن واعظا، ثم أخذ في قراءة سورة المطففين الى قوله تعالى: يوم يقوم الناس لربّ العالمين( ٣ ) . ثم قال له: هذا جزاء من يطفف في الكيل و الميزان، فما ظنك بمن أخذه كلّه.

«كأنك لا أبا لغيرك حدرت» أي: أنزلت «الى» هذا في (المصرية) و نسخة ابن أبي الحديد، و في (ابن ميثم و الخطية) «على»( ٤ ) «اهلك تراثا» هكذا في (المصرية)، و الصواب: «تراثك» كما في (ابن أبي الحديد و ابن ميثم و الخطية)( ٥ ) «من أبيك و امك» في حليته «فسبحان اللّه أما تؤمن بالمعاد» يوم تجد كلّ نفس ما عملت من خير محضرا و ما عملت من سوء تود لو أن بينها و بينه أمدا بعيدا( ٦ ) (أو ما تخاف نقاش الحساب) أي: استقصاءه و به فسر قوله تعالى: و يخافون سوء الحساب( ٧) .

«أيّها المعدود كان عندنا من ذوي الألباب» الذين لا يلتفتون الى القشريات،

____________________

(١) رواه عنهما ابن منظور في لسان العرب ١٤: ٢٦٨، مادة (دمى).

(٢) رواه عنهما ابن منظور في لسان العرب ٥: ٤١٠ و ٤١١، مادة (معز).

(٣) المطففين: ٦.

(٤) لفظ شرح ابن أبي الحديد ١٦: ١٦٧، و شرح ابن ميثم ٥: ٨٨ «الى».

(٥) شرح ابن أبي الحديد ١٦: ١٦٧، و شرح ابن ميثم ٥: ٨٨.

(٦) آل عمران: ٣٠.

(٧) الرعد: ٢١.

١٠٢

قال الشاعر:

حسبتك لب الجود بذلا و همة

فأدخلت فيما كنت أحسبه و هنا

و كنت كما قدرت لب سماحة

و لكن كلب الجوز اذ فارق الدهنا

و قال آخر:

باللّه يا ناقض العهود من

بعدك من أهل ودنا نثق

«كيف تسيغ» قال الجوهري: يقال ساغ الشراب يسوغ أي: سهل مدخله في الحلق، و سغته أسوغه و أسيغه يتعدى و لا يتعدى الخ، و تبعه (القاموس)( ١) .

و قال ابن دريد: ساغ لي الشراب يسوغ اذا سهل لك شربه، و أسغته اذا شربته، و مثله الأساس( ٢ ) ، و الصواب: ما قال الأخيران. و عليه فتسيغ بضم التاء، قال تعالى: و لا يكاد يسيغه( ٣ ) و مقتضى كلام الأولين جواز الفتح.

«شرابا و طعاما و أنت تعلم انك تأكل حراما و تشرب حراما» كمن يسيغ شرابا و طعاما و هو يعلم انّه يأكل و يشرب مسموما.

«و تبتاع الاماء» في خبر (العقد) المتقدم: فلما نزل مكة اشترى من عطاء ابن جبير مولى بني كعب ثلاث مولدات حجازيات، يقال لهن شادن و حوراء و فتون بثلاثة آلاف دينار.

«و تنكح النساء من مال اليتامى و المساكين و المؤمنين و المجاهدين الذين أفاء اللّه عليهم هذه الأموال و أحرز بهم هذه البلاد» روى (الاستبصار) أن الصفار كتب الى أبي محمدعليه‌السلام : رجل اشترى ضيعة أو خادما بمال أخذه من قطع

____________________

(١) صحاح اللغة، و القاموس المحيط ٣: ١٠٨، مادة (سوغ).

(٢) جمهرة اللغة، و أساس البلاغة: ٢٢٤ مادة (سوغ).

(٣) ابراهيم: ١٧.

١٠٣

الطريق أو من سرقة، هل يحل له ما يدخل عليه من ثمرة هذه الضيعة، أو يحل له أن يطأ هذا الفرج الذي اشتراه من سرقة أو قطع الطريق؟ فوقّع: لا خير في شي‏ء أصله حرام، و لا يحل له استعماله( ١) .

«فاتق اللّه و أردد الى هؤلاء القوم أموالهم، فانك ان لم تفعل ثم امكنني اللّه منك لاعذرن الى اللّه فيك، و لأضربنك بسيفي الّذي ما ضربت به أحدا إلاّ دخل النار» قال شباب التستري بالفارسية و أجاد:

قضا ز قهر خدا چونكه گشت آبستن

بيك شكم دو پسر زاد ذوالفقار و سقر

هذا، و في (الطبري) في غزوة احد: قال طلحة بن عثمان صاحب لواء المشركين: يا معشر أصحاب محمد، انكم تزعمون ان اللّه يعجلنا بسيوفكم الى النار، و يعجلكم بسيوفنا الى الجنة، فهل منكم أحد يعجله الله بسيفي الى الجنة، أو يعجلني بسيفه الى النار. فقام إليه عليعليه‌السلام فقال: و الّذي نفسي بيده لا افارقك حتى اعجلك بسيفي الى النار، أو تعجلني بسيفك الى الجنة، فضربه، فقطع رجله، فسقط، فانكشفت عورته، فقال: انشدك اللّه و الرحم يابن عم، فتركه فكبّر النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله الخ( ٢) .

«و اللّه لو ان الحسن و الحسين فعلا مثل الّذي فعلت ما كانت لهما عندي هوادة» أي: صلح و ميل «و لا ظفرا مني بإرادة».

هذا نظير ما روي أن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: لو سرقت فاطمة لقطعتها يدها.

ففي (المناقب) عن صحيح الدار قطني: أمر النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله بقطع لص فقال:

قدمته في الاسلام و تأمره بالقطع. فقال: لو كانت ابنتي فاطمة، فسمعت

____________________

(١) الاستبصار ٣: ٦٧ ح ٢، و التهذيب ٧، ١٣٨ ح ٨٥.

(٢) تاريخ الطبري ٢: ١٩٤، سنة ٣.

١٠٤

فحزنت، فنزل جبرئيل بقوله تعالى: لئن أشركت ليحبطن عملك( ١) ، فحزن النبيّ فنزل: لو كان فيهما آلهة إلاّ اللّه لفسدتا( ٢ ) ، فتعجب النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله من ذلك فنزل جبرئيل و قال: لو كانت فاطمة حزنت من قولك فهذه الآيات لموافقتها( ٣) .

«حتى آخذ الحق منهما و أزيل» هكذا في (المصرية)، و الصواب: «و ازيح» كما في (ابن أبي الحديد و ابن ميثم و الخطية)( ٤ ) و ان كانا بمعنى‏.

«الباطل عن مظلمتهما، و أقسم باللّه رب العالمين ما يسرني ان ما أخذته من أموالهم حلال لي أتركه ميراثا لمن بعدي» فيكون حسابه عليّ و التمتع به لغيري.

«فضحّ رويدا» قال الجوهري: ضح رويدا أي: لا تعجل، قال زيد الخيل:

و لو أن نصرا أصلحت ذات بينها

لضحّت رويدا عن مطالبها عمرو

و نصر و عمر ابنا قعين بطنان من بني أسد.

و في (النهاية) ان العرب كانوا يسيرون في ظعنهم، فاذا مروا ببقعة من الأرض فيها كلاء و عشب قال قائلهم: ألا ضحوا رويدا، أي: ارفقوا بالابل حتى يتضحى، أي: تنال من هذا المرعى الخ( ٥) .

و في (أمثال العسكري): ضح رويدا، أي: ارفق بالأمر، و ضحّ من الضحى، و هو ارتفاع النهار، و أصل المثل في رعي الابل ضحى، و الضحى للابل بمنزلة الغداء للإنسان.

____________________

(١) الزمر: ٨١.

(٢) الأنبياء: ٢٢.

(٣) مناقب السروي ٣: ٣٢٤.

(٤) شرح ابن أبي الحديد ١٦: ١٦٨، و شرح ابن ميثم ٥: ٨٩.

(٥) النهاية ٣: ٧٦، مادة (ضحا).

١٠٥

و في (أمثال الميداني): ضح رويدا، ضح أمر من التضحية، أي: لا تعجل في ذبحها، ثم استعير في النهي عن العجلة في الأمر، و يقال: ضح رويدا لم ترع، أي: لم تفزع، و يقال: ضح رويدا يدرك الهيجاء حمل، يعني حمل بن بدر، قال زيد الخيل:

فلو أن نصرا أصلحت ذات بينها

لضحت رويدا عن مطالبها عمرو

و لكن نصرا ارتعت و تخاذلت

و كانت قديما من خلائقها الغفر( ١)

«فكأنك قد بلغت المدى» أي: نهاية أجلك و انقضاء أيامك «و دفنت تحت الثرى» أي: التراب «و عرضت عليك أعمالك» و كل انسان ألزمناه طائره في عنقه و نخرج له يوم القيامة كتابا يلقاه منشورا. اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا( ٢) .

«بالمحل الّذي ينادي الظالم فيه بالحسرة» ان تقول نفس يا حسرتا على ما فرطت في جنب اللّه( ٣ ) «و يتمنى المضيّع فيه» أخذت المصرية «فيه» عن ابن أبي الحديد، و ليست في (ابن ميثم)( ٤ ) «الرجعة» أو تقول حين ترى العذاب لو أن لي كرة فأكون من المحسنين( ٥) .

«و لات حين مناص» و الأصل فيه قوله تعالى‏: كم أهلكنا قبلهم من قرن فنادوا و لات حين مناص( ٦) .

____________________

(١) مجمع الأمثال ١: ٤١٩.

(٢) الاسراء: ١٣ و ١٤.

(٣) الزمر: ٥٦.

(٤) شرح ابن أبي الحديد ١٦: ١٦٨، و شرح ابن ميثم ٥: ٨٩.

(٥) الزمر: ٥٨.

(٦) ص: ٣.

١٠٦

١١ - الكتاب (٧١) و من كتاب لهعليه‌السلام إلى المنذر بن الجارود العبديّ و قد خان في بعض ما ولاّه من أعماله:

أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ صَلاَحَ أَبِيكَ غَرَّنِي مِنْكَ وَ ظَنَنْتُ أَنَّكَ تَتَّبِعُ هَدْيَهُ وَ تَسْلُكُ سَبِيلَهُ فَإِذَا أَنْتَ فِيمَا رُقِّيَ إِلَيَّ عَنْكَ لاَ تَدَعُ لِهَوَاكَ اِنْقِيَاداً وَ لاَ تُبْقِي لِآخِرَتِكَ عَتَاداً تَعْمُرُ دُنْيَاكَ بِخَرَابِ آخِرَتِكَ وَ تَصِلُ عَشِيرَتَكَ بِقَطِيعَةِ دِينِكَ وَ لَئِنْ كَانَ مَا بَلَغَنِي عَنْكَ حَقّاً لَجَمَلُ أَهْلِكَ وَ شِسْعُ نَعْلِكَ خَيْرٌ مِنْكَ وَ مَنْ كَانَ بِصِفَتِكَ فَلَيْسَ بِأَهْلٍ أَنْ يُسَدَّ بِهِ ثَغْرٌ أَوْ يُنْفَذَ بِهِ أَمْرٌ أَوْ يُعْلَى لَهُ قَدْرٌ أَوْ يُشْرَكَ فِي أَمَانَةٍ أَوْ يُؤْمَنَ عَلَى خِيَانَةٍ فَأَقْبِلْ إِلَيَّ حِينَ يَصِلُ إِلَيْكَ كِتَابِي هَذَا إِنْ شَاءَ اَللَّهُ قال؟ الرضي؟ و؟ المنذر؟ هذا هو الذي قال فيه؟ أمير المؤمنين ع؟ إنه لنظار في عطفيه مختال في برديه تفال في شراكيه أقول: رواه اليعقوبي مع زيادات و اختلاف، فقال: و كتب عليعليه‌السلام الى المنذر بن الجارود و هو على اصطخر: أما بعد، فان صلاح أبيك غرني منك، فإذا أنت لا تدع انقيادا لهواك أزري ذلك بك. بلغني انك تدع عملك كثيرا، و تخرج لاهيا متنزها، تطلب الصيد، و تلعب بالكلاب، أقسم لئن كان حقا لنثيبنك فعلك، و جاهل أهلك خير منك، فأقبل إلى حين تنظر في كتابي. فأقبل، فعزله و أغرمه ثلاثين ألفا، ثم تركها لصعصعة بعد أن أحلفه عليها فحلف، و ذلك ان عليّا دخل على صعصعة يعوده و قال له: انك ما علمت حسن المعونة خفيف المؤنة.

فقال صعصعة: و أنت و اللّه يا أمير المؤمنين بذات اللّه عليم، و ان اللّه في صدرك عظيم. فقال له علي: لا تجعلها ابهة على قومك ان عادك امامك. قال: لا و لكنه منّ

١٠٧

من اللّه علي ان عادني أهل البيت و ابن عم رسول ربّ العالمين. فقال له صعصعة: هذه ابنة الجارود تعصر عينيها كل يوم لحسبك أخاها المنذر، فأخرجه و أنا أضمن ما عليه من أعطيات ربيعة. فقالعليه‌السلام له: و لم تضمنها و زعم لنا انّه لم يأخذها، فليحلف و نخرجه. فقال له صعصعة: أراه و اللّه سيحلف. فقالعليه‌السلام : و أنا و اللّه أظن ذلك، أما انّه نظّار في عطنيه، مختال في برديه، تفال في شراكيه، فليحلف بعد أو ليدع. فحلف، فخلى سبيله. و نقل عن تاريخ ابن واضح أيضا( ١) .

قول المصنّف: (و من كتاب لهعليه‌السلام الى المنذر بن الجارود العبدي) أي:

المنسوب الى عبد القيس، قال ابن أبي الحديد: قال أبو عبيدة في تاجه: لعبد القيس ست خصال فاق بها العرب: منها أسود العرب بيتا، و أشرفهم رهطا الجارود هو و ولده. و منها أشجع العرب حكيم بن جبلة، قطعت رجله يوم الجمل، فأخذها بيده و زحف على قاتله، فضربه بها حتى قتله و هو يقول:

يا نفس لا تراعي

ان قطعت كراعي

ان معي ذراعي

فلا يعرف في العرب أحد صنع صنيعه، و منها أعبد العرب هرم بن حيان صاحب أويس القرني، و منها أجود العرب عبد اللّه بن سوار بن همام، غزا السند في أربعة آلاف، ففتحها و أطعم الجيش كلّه ذاهبا و قافلا، فبلغه ان رجلا من الجيش مرض، فاشتهى خبيصا، فأمر باتخاذ الخبيص لأربعة آلاف انسان، فأطعمهم حتى فضل، و تقدم اليهم ألا يوقد أحد منهم نارا لطعام في عسكره مع ناره. و منها أخطب العرب مصقلة بن رقية به يضرب المثل، فيقال أخطب من مصقلة، و منها أهدى العرب في الجاهلية، و أبعدهم نفرا و أثرا في

____________________

(١) رواه اليعقوبي في تاريخه ٢: ٢٠٣، و تاريخ ابن واضح هو نفس كتاب تاريخ اليعقوبي.

١٠٨

الأرض في عدوه، و هو دعيميس الرمل كان يعرف بالنجوم هداية، و كان أهدى من القطا، يدفن بيض النعام في الرمل مملوا ماء ثم يعود إليه فيستخرجه( ١) .

قلت: لم لم يذكر في أخطبهم صعصعة فلم يكن أحد أخطب منه. و كيف كان فكما كان مصقلة خطيبا كان أبناه كرز و رقبة أيضا خطيبين كما في معارف ابن قتيبة، قال: و كان لكرز خطبة يقال لها العجوز.

«و قد خان في بعض ما ولاّه من أعماله» هكذا في (المصرية)، و لكن في (ابن أبي الحديد و ابن ميثم): «و قد كان استعمله على بعض النواحي فخان الأمانة»، و زاد الأول «في بعض ما ولاّه من أعماله»( ٢ ) . و كيف كان فقد عرفت من رواية اليعقوبي أنّهعليه‌السلام استعمله على اصطخر.

قولهعليه‌السلام «أما بعد فان صلاح أبيك» قال أبو عمر في استيعابه قال ابن إسحاق: قدم الجارود بن عمرو في سنة عشر على النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله وفد عبد القيس و كان نصرانيا، فأسلم و حسن اسلامه( ٣) .

قال ابن أبي الحديد: قال أبو عبيدة قال عمر: لو لا اني سمعت النبيّ يقول:

ان هذا الأمر لا يكون إلاّ في قريش لما عدلت بالخلافة عن الجارود الخبر( ٤) .

قلت: قول عمر في الجارود مما قالعليه‌السلام فيه: «فمني الناس لعمر اللّه بخبط و شماس و تلوّن و اعتراض»( ٥ ) ، فتارة يقول فيه هكذا و اخرى يعمل معه شططا، فرووا ايضا ان عمر كان قاعدا و الدرة معه و الناس حوله إذ أقبل

____________________

(١) نقله عنه ابن أبي الحديد في شرحه ١٨: ٥٦.

(٢) كذا في شرح ابن أبي الحديد ١٨: ٥٤، لكن في شرح ابن ميثم ٥: ٢٣٧ مثل المصرية.

(٣) الاستيعاب ١: ٢٤٨.

(٤) شرح ابن أبي الحديد ١٨: ٥٦.

(٥) رواه الشريف الرضي في نهج البلاغة ١: ٣٣، ضمن الخطبة الشقشقية.

١٠٩

الجارود، فقال رجل: هذا سيد ربيعة، فسمعها عمر و من حوله و سمعها الجارود، فلما دنا منه خفقه بالدرة، فقال: ما لي و لك؟ قال: ويلك سمعتها؟ قال:

و سمعتها فمه؟ قال: خشيت أن تخالط القوم و يقال هذا أمير، فأحببت أن اطأطى‏ء منك( ١) .

و اختلف في اسمه و اسم أبيه، و الجوهري قال: بشر بن عمرو، و اختلفوا في وجه تلقيبه بالجارود، ففي الاستيعاب: قيل له الجارود لأنه أغار في الجاهلية على بكر بن وائل، فأصابهم فجردهم، و قد ذكر ذلك الفضل العبدي في شعره فقال:

و دسناهم بالخيل من كل جانب

كما جرّد الجارود بكر بن وائل( ٢)

و في (الصحاح): سمّى الجارود لأنّه فر بابله الى أخواله بني شيبان و بابله داء، ففشا ذلك الداء في ابل أخواله فأهلكها، و فيه قال: «كما جرد الجارود بكر بن وائل» و لا يبعد صحة الثاني، و شيبان أخوال الجارود أيضا من بكر بن وائل، فالشعر لا ينافيه.

ثم ان الأول قال الشعر للفضل العبدي( ٣ ) ، و قال ابن دريد: الشعر للمفضل النكري، إلاّ انّه لا تنافي بين النكري و العبدي، لأن نكرة من عبد القيس، و الفضل و المفضل أحدهما تصحيف الآخر.

و كيف كان فقال ابن دريد: قتل بفارس بعقبة الطين شهيدا، و في الاسد:

و قيل ان عثمان بن أبي العاص بعث الجارود في بعث الى ساحل فارس، فقتل بموضع يعرف بعقبة الجارود( ٤) .

____________________

(١) رواه ابن أبي الحديد في شرحه ١٢: ٧٣.

(٢) الاستيعاب ١: ٢٤٨.

(٣) الاستيعاب ١: ٢٤٨، و لفظه أيضا «المفضل».

(٤) اسد الغابة ١: ٢٦١.

١١٠

«ما» هكذا في (المصرية)، و هي زائدة لخلو غيرها عنها( ١ ) ، و لأنه لا معنى لها «غرّني منك و ظننت أنك تتبع هديه» أي: سيرته، و في الخبر: «و اهدوا هدي عمار»( ٢ ) . «و تسلك سبيله».

«فإذا أنت فيما رقي» أي: رفع «إلى عنك لا تدع لهواك انقيادا» و هو شر خصلة قال تعالى‏: ا فرأيت من اتخذ الهه هواه( ٣ ) «و لا تبقى لآخرتك عتادا» أي: عدة «تعمر دنياك بخراب آخرتك» فتكون من الذين قال تعالى فيهم: أولئك الذين اشتروا الحياة الدنيا بالآخرة فلا يخفف عنهم العذاب و لا هم ينصرون( ٤) .

«و تصل عشيرتك بقطيعة دينك» كما كان عثمان، قال تعالى‏: قل ان كان آباؤكم و ابناؤكم و اخوانكم و أزواجكم و عشيرتكم و أموال اقترفتموها و تجارة تخشون كسادها و مساكن ترضونها أحب اليكم من اللّه و رسوله و جهاد في سبيله فتربصوا حتى يأتي اللّه بأمره( ٥) .

«و لئن كان ما بلغني عنك حقا لحمل» هكذا في (المصرية)، و الصواب:

«لجمل» كما في غيرها( ٦ ) «أهلك» قالعليه‌السلام : «جمل أهلك» لأنّه أهون جمل يستعمله كلّ أحد، و قال ابن أبي الحديد: يضرب المثل بالجمل في الهوان، قال الشاعر:

لقد عظم البعير بغير لب

و لم يستغن بالعظم البعير

يصرّفه الصبي بكل وجه

و يحبسه على الخسف الجرير

____________________

(١) شرح ابن أبي الحديد ١٨: ٥٤، و شرح ابن ميثم ٥: ٢٢٧.

(٢) رواه ابن الأثير في النهاية ٥: ٢٥٣، مادة (هدا).

(٣) الجاثية: ٢٣.

(٤) البقرة: ٨٦.

(٥) التوبة: ٢٤.

(٦) شرح ابن أبي الحديد ١٨: ٥٤، و شرح ابن ميثم ٥: ٢٢٧.

١١١

و تضربه الوليدة بالهراوي

فلا غير لديه و لا نكير

 (١) و هو كما ترى، لأن كلامهعليه‌السلام في مقام و الشعر في مقام، فان الشاعر انما أراد أن يقول ان الطول و العرض في الجسم ليس بمغن اذا لم يكن قرينا بلب كالبعير الطويل العريض، فهو مثل للانسان ذي الجسم بلا عقل.

و كيف كان فمثل جمل الأهل في الهوان بغير الاستقاء، و من أمثالهم «أذل من بعير سانية»( ٢ ) و أيضا «سير السواني سفر لا ينقطع»( ٣ ) . قال الجوهري: السانية الناضحة، و هي الناقة التي يستقى عليها.

«و شسع نعلك خير منك» و نظير كلامهعليه‌السلام في الجمع بين الجمل و النعل في الهوان قول الطرماح:

قبيلته أذلّ من السواني

و أعرف للهوان من الخصاف

الخصاف النعل، و في التشبيه بالنعل فقط قول البعيث:

و كل كليبي صفيحة وجهه

أذل على مس الهوان من النعل

و كما يضرب المثل في الهوان بجمل الأهل و شسع النعل، كذلك يضرب بحمار الأهل و الوتد، قال الشاعر:

ان الهوان حمار الأهل يعرفه

و الحر ينكره و الحرة الأجد

و لا يقيم بدار الذل يعرفها

إلاّ الأذلان غير الأهل و الوتد

هذا على الخسف معكوس برمته

و ذا يشج فلا يرثى له أحد

و يضرب المثل بشسع النعل أيضا للمرأة في سهولة انفصالها بالطلاق، فرووا انّهعليه‌السلام قال للنبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله في عائشة لما رميت: «ان هي إلاّ شسع نعلك»( ٤) .

____________________

(١) شرح ابن أبي الحديد ١٨: ٥٨.

(٢) أورده الميداني في مجمع الأمثال ١: ٢٨٢، و الزمخشري في المستقصي ١: ١٣٢.

(٣) أورده المداني في مجمع الأمثال ١: ٣٤٢.

(٤) رواه ابن أبي الحديد في شرحه ٩: ١٩٤.

١١٢

«و من كان بصفتك فليس بأهل أن يسد به ثغر أو ينفذ به أمر» فان سداد الثغور و انفاذ الامور انما يكونا بالرجال اللائقين، قال العرجي:

أضاعوني و أي فتى أضاعوا

ليوم كريهة و سداد ثغر

«أو يعلى له قدر» فان اعلاء القدر انما يكون لرجال متسلطين على هواهم لا مقهورين له.

«أو يشرك في أمانة أو يؤمن على خيانة» هكذا في (المصرية)، و نقله ابن أبي الحديد «على جباية» من جباية الخراج، و قال: نقله الراوندي «على خيانة» و لم يرو الرواية الصحيحة التي ذكرناها( ١ ) . قلت: و ابن ميثم( ٢ ) أيضا مثل الراوندي و نسخته بخط المصنف، و عليه «على» بمعنى مع كقوله تعالى‏ و يطعمون الطعام على حبّه( ٣) .

«فأقبل إلي حين يصل إليك كتابي هذا ان شاء اللّه» ان شاء اللّه قيد «يصل» لا «أقبل».

قول المصنّف: (قال الرضي) هكذا في (المصرية) و ليس الكلام من المصنف بل من ابن أبي الحديد، لخلو (ابن ميثم و الخطية) عنه( ٤ ) (و المنذر) هكذا في (المصرية)، و الصواب: «و المنذر بن الجارود» كما في (ابن أبي الحديد و ابن ميثم و الخطية)( ٥ ) (هذا هو الذي قال فيه أمير المؤمنين) الحق مع المصنف من كون القائل في المنذر ما يأتي هوعليه‌السلام في المنذر، و توهم الجاحظ أن القائل في المنذر صعصعة، فقال في بيانه: وصف صعصعة

____________________

(١) شرح ابن أبي الحديد ١٨: ٥٤ و ٥٨، و شرح الراوندي ٢: ٢٤٩.

(٢) شرح ابن ميثم ٥: ٢٢٧ و ٢٢٨.

(٣) الانسان: ٨.

(٤) يوجد الكلام في شرح ابن أبي الحديد ١٨: ٥٤، و شرح ابن ميثم ٥: ٢٢٧.

(٥) كذا في شرح ابن أبي الحديد ١٨: ٥٤، لكن في شرح ابن ميثم ٥: ٢٢٧ مثل المصرية.

١١٣

المنذر عند علي كرم اللّه وجهه، فقال: «أما و اللّه انّه مع ذلك لنظّار في عطفيه، تفال في شراكيه، تعجبه حمرة برديه»( ١) .

(انّه لنظّار في عطفيه) قال الجوهري: عطفا الرجل جانباه من لدن رأسه الى وركيه.

و كونه نظارا في عطفيه كناية عن كبره كقوله تعالى‏ ثاني عطفه( ٢) .

و نظيره في الكناية عن الكبر قولهم «فلان يضرب أصدريه و أزدريه».

قال المبرد في كامله: لا يتكلم منه بواحد. و قولهم «فلان ينفض مذوريه» أي:

ناحيتيه، قال: و الكل وصف الخيلاء( ٣) .

(مختال في برديه) قد عرفت أن الجاحظ بدله بقوله «تعجبه حمرة برديه»، الا ان اليعقوبي نقله كالمتن( ٤ ) . قال الجوهري: الخال و الخيلاء، و الخيلاء الكبر، تقول منه اختال، و قال العجاج: «و الخال ثوب من ثياب الجهال».

و في (الكافي): أوصى النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله رجلا من تميم، فقال له: إيّاك و اسبال الازار و القميص، فان ذلك من المخيلة، و اللّه لا يحب المخيلة( ٥) .

(تفّال) في الصحاح: التفل شبيه بالبزق و هو أقل منه، أوله البزق، ثم التفل، ثم النفث، ثم النفح. (في شراكيه) أي: شراكي نعله.

ثم ان (المصرية و ابن أبي الحديد) اقتصرا في كلام المصنف على ما

____________________

(١) البيان و التبيين ١: ١٢٢ و ٣: ١١٢.

(٢) الحج: ٩.

(٣) كامل المبرد ٢: ٤٣.

(٤) البيان و التبيين ١: ١٢٢ و ٣: ١١٢، و تاريخ اليعقوبي ٢: ٢٠٤.

(٥) الكافي ٦: ٤٥٦ ح ٥.

١١٤

مر، و زاد ابن ميثم (يعني انه ينفض التراب من شراكيه اذا اصابهما الغبار)( ١) .

هذا، و في الخبر: ما لبس النعل السوداء أحد إلاّ اختال فيها( ٢) .

و المنذر بن الجارود هذا هو الذي أتى بكتاب الحسينعليه‌السلام إليه لما كتب إليه فيمن كتب إليه من أشراف البصرة يدعوهم الى نصرته الى ابن زياد مع رسولهعليه‌السلام فقتله ابن زياد.

ففي (تاريخ الطبري): كتب الحسينعليه‌السلام مع مولى لهم يقال له سليمان، كتب بنسخة الى رؤوس الأخماس بالبصرة مالك بن مسمع البكري، و الأحنف بن قيس، و المنذر بن الجارود، و مسعود بن عمرو، و قيس بن الهيثم، و عمرو بن عبيد اللّه بن معمر، فجاءت منه نسخة واحدة الى أشرافها «أما بعد فان اللّه اصطفى محمداصلى‌الله‌عليه‌وآله على خلقه، و أكرمه بنبوته، و اختاره لرسالته، ثم قبضه اللّه إليه، و قد نصح لعباده، و بلّغ ما ارسل به، و كنّا أهله و أولياءه و أوصياءه، و ورثته، و أحقّ الناس بمقامه في الناس، فاستأثر علينا قومنا بذلك، فرضينا، و كرهنا الفرقة، و أحببنا العافية، و نحن نعلم انّا أحقّ بذلك الحق المستحق علينا ممن تولاه الى أن قال و قد بعثت رسولي اليكم بهذا الكتاب، و أنا أدعوكم الى كتاب اللّه و سنّة نبيهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فان السنّة قد اميتت و البدعة قد احييت، و ان تسمعوا قولي و تطيعوا أمري أهدكم سبيل الرشاد» فكل من قرأ الكتاب من أشراف الناس كتمه غير المنذر بن الجارود، فانّه خشي بزعمه أن يكون دسيسا من قبل عبيد اللّه، فجاءه بالرسول من العشية التي يريد في صبيحتها أن يسبق الى الكوفة و اقرأه كتابه، فقدم الرسول،

____________________

(١) راجع شرح ابن أبي الحديد ١٨: ٥٤، و شرح ابن ميثم ٥: ٢٢٧.

(٢) اخرجه الكليني في الكافي ٦: ٤٦٥ ح ١.

١١٥

فضرب عنقه، و كفاه بذلك خزيا( ١) .

هذا، و في الأغاني: كان الفرزدق في حلقة في المسجد الجامع و فيها المنذر بن الجارود، فقال المنذر للفرزدق من الذي يقول:

وجدنا في كتاب بني تميم

أحق الخيل بالركض المعار

فقال له الفرزدق: الذي يقول:

لشارب قهوة و خدين زير

و عبديّ لنسوته يخار

وجدنا الخيل في أبناء بكر

و أفضل خيلهم خشب وقار

فخجل المنذر حتى ما قدر على الكلام.

و ذكر عتابهعليه‌السلام لكميل في فصل آداب الحرب( ٢) .

____________________

(١) تاريخ الطبري ٤: ٣٦٥ سنة ٦٠.

(٢) ذكر في العنوان ١٣ من الفصل الثامن و الأربعين.

١١٦

الفصل الرابع و العشرون في حلفهعليه‌السلام و تعليمه إحلاف الظالم و تقيّته

١١٧

١١٨

١ - الحكمة (٢٧٧) وَ قَالَ ع: لاَ وَ اَلَّذِي أَمْسَيْنَا مِنْهُ فِي غُبَّرِ لَيْلَةٍ دَهْمَاءَ تَكْشِرُ عَنْ يَوْمٍ أَغَرَّ مَا كَانَ كَذَا وَ كَذَا «لا و الذي» الذي يظهر من استعمالات لغة العرب في مثل كلامهعليه‌السلام من كون الجواب منفيا لزوم زيادة لا في أول القسم إيذانا بكون الجواب منفيا، قال تعالى: فلا و ربّك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم( ١ ) و قالوا:

قسم العرب «لا بذي تسلم ما كان كذا و كذا». قال ابن السكيت: و تأويله: لا و اللّه الذي يسلّمك ما كان كذا و كذا( ٢ ) . و قال الجوهري: قولهم «لا و الذي أخرج النار من الوثيمة» أي: من الصخرة( ٣ ) . و في تنبيه البكري على أوهام القالي تقول

____________________

(١) النساء: ٦٥.

(٢) عن لسان العرب ٦٢: ٢٦١، مادة (سلم).

(٣) صحاح الجوهري ٥: ٢٠٤٨.

١١٩

العرب «لا و الذي أخرج قابية من قوب» صوابه «قوبا من قابية» أي: فرخا من بيضة( ١ ) ، و قال الشاعر:

فلا و أبيك ابنة العامري

لا يدّعي القوم أني أفر

و قال ابن نهشل:

فلا و أبيك لا أنساك حتى

تجاوب هامتي في القبر هاما

و قال أعرابي أغير على إبله، كما في (العيون)( ٢) :

لا و الذي أنا عبد في عبادته

لو لا شماتة أعداء ذوي إحن

ما سرّني أنّ إبلي في مباركها

و أنّ شيئا قضاه اللّه لم يكن

ولد عبل في بخيل:

صدّق أليّته إن قال مجتهدا

لا و الرغيف فذاك البرّ من قسمه( ٣)

و قال جبان:

لا و الذي منع الأبصار رؤيته

ما يشتهي الموت عندي من له إرب

و قال اميّة بن حرثان:

فلا و أبيك ما باليت وحدي

و قال عوف التيمي:

فلا و أبيك لا تكفي سهيلا( ٤)

و قال عبد اللّه بن يزيد عامل ابن الزبير على الكوفة في سليمان بن صرد و أصحابه لما طلبوا بدم الحسينعليه‌السلام : لا و الذي هو ربهم لا يقتلهم

____________________

(١) التنبيه على أوهام أبي علي القالي في أماليه: ٤١ و ٤٢.

(٢) عيون الأخبار ٣: ١١٤.

(٣) عيون الأخبار ٢: ٣٦، و فيه «... إذ قال مجتهدا...» و ٣: ٢٤٦، و فيه «إن...» و انظر ديوان أبي تمام، باب الهجاء، قافية الميم.

(٤) معجم الشعراء للمرزباني: ١٢٤.

١٢٠