بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة الجزء ٨

بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة0%

بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة مؤلف:
تصنيف: أمير المؤمنين عليه السلام
الصفحات: 668

بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة

مؤلف: الشيخ محمد تقي التّستري
تصنيف:

الصفحات: 668
المشاهدات: 59646
تحميل: 3261


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5 الجزء 6 الجزء 7 الجزء 8 الجزء 9 الجزء 10 الجزء 11 الجزء 12 الجزء 13 الجزء 14
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 668 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • المشاهدات: 59646 / تحميل: 3261
الحجم الحجم الحجم
بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة

بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة الجزء 8

مؤلف:
العربية

قال: الذي يسكت في الفتنة فلا يبدو منه شي‏ء( ١) .

«ان شهد لم يعرف و ان غاب لم يفتقد» هو تفسير للمراد من «النومة».

و عن الصادقعليه‌السلام : طوبى لعبد نومة، عرف الناس فصاحبهم ببدنه و لم يصاحبهم في أعمالهم بقلبه، فعرفهم في الظاهر و لم يعرفوه في الباطن.

«أولئك مصابيح الهدى» المصباح: السراج. «و أعلام السرى» في (النهاية):

في حديث جابر قال له: ما السّرى يا جابر؟ أي: ما أوجب مجيئك في هذا الوقت «السرى»: السير بالليل( ٢) .

«ليسوا بالمساييح» في (النهاية): في الخبر «لا سياحة في الاسلام» ساح في الأرض يسيح سياحة: إذا ذهب فيها، و أصله من السيح، و هو الماء الجاري المنبسط على الأرض، أراد مفارقة الأمصار، و قيل أراد الذين يسيحون في الأرض بالشرّ و النميمة و الإفساد بين الناس، و منه حديث عليّعليه‌السلام «ليسوا بالمساييح البذر» أي: الذين يسعون بالشرّ و النميمة، و قيل: هو من التسييح في الثوب، و هو أن يكون فيه خطوط مختلفة( ٣) .

«و المذاييع البذر» في (النهاية) في ذاع: في حديث عليّعليه‌السلام في وصف الأولياء «ليسوا بالمذاييع البذر» المذاييع جمع مذياع من أذاع الشي‏ء إذا أفشاه، و قيل أراد الذين يشيعون الفواحش، و هو بناء مبالغة. و في «بذر» في حديث فاطمةعليها‌السلام عند وفاة النبيّ قالت لعائشة: «إني إذن لبذرة» البذر الذي يفشي السرّ و يظهر ما يسمعه، و منه حديث عليّعليه‌السلام «ليسوا بالمذاييع البذر» جمع بذور، و يقال: بذرت الكلام بين الناس

____________________

(١) النهاية ٥: ١٣١، (نوم).

(٢) النهاية ٢: ٣٦٤، (سرى).

(٣) النهاية ٢: ٤٣٢، (يسح).

٢٠١

كما تبذر الحبوب» أي: أفشيته و فرّقته( ١) .

و في (الكافي) عن الباقرعليه‌السلام قال النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله : يا معشر من أسلم بلسانه و لم يسلم بقلبه لا تتّبعوا عثرات المؤمنين، فإنه من تتبّع عثرات المسلمين تتبّع اللّه عثراته، و من تتبّع اللّه عثراته يفضحه( ٢) .

«أولئك يفتح اللّه لهم أبواب رحمته، و يكشف عنهم ضرّاء نقمته» في (الكافي) عن الباقرعليه‌السلام : إن اللّه ليدفع بالمؤمن من الواحد عن القرية الفناء.

و عن الصادقعليه‌السلام : قيل له إذا نزل العذاب بقوم يصيب المؤمنين؟ قال: نعم و لكن يخلصون بعده( ٣) .

«أيها الناس سيأتي عليكم زمان يكفأ فيه الاسلام كما يكفأ الإناء بما فيه» في (النهاية): في الحديث «لا تسأل المرأة طلاق أختها لتكتفى‏ء ما في إنائها» هو تفتعل من «كفأت القدر» إذا كببتها لتفرغ ما فيها، يقال «كفأت الإناء و أكفأته» إذا كببته و إذا أملته. و هذا تمثيل لإمالة الضرّة حقّ صاحبتها من زوجها إلى نفسها إذا سألت طلاقها( ٤) .

«أيها الناس إنّ اللّه» هكذا في (المصرية)( ٥ ) و الصواب: (ان اللّه تعالى) كما في الثلاثة( ٦ ) «قد أعاذكم من أن يجور عليكم» و ما ربك بظلام للعبيد( ٧ ) ، إنّ اللّه لا يظلم الناس شيئا و لكنّ الناس أنفسهم يظلمون( ٨ ) ، و ما أصابكم من

____________________

(١) النهاية ٢: ١٧٤ و ١: ١١٠.

(٢) الكافي ٢: ٣٥٥، ٤.

(٣) الكافي ٢: ٢٤٧، ١ و ٣.

(٤) نهج البلاغة ١: ١٩٨، من الخطبة رقم ١٠٣.

(٥) النهاية ٤: ١٨٢، (كفأ).

(٦) شرح ابن أبي الحديد ٧: ١١٠، و ابن ميثم (الطبع الحجري): ١٥٦، هكذا.

(٧) فصلت: ٤٦.

(٨) يونس: ٤٤.

٢٠٢

مصيبة فبما كسبت أيديكم و يعفو عن كثير( ١) .

«و لم يعذكم من أن يبتليكم» أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنّا و هم لا يفتنون. و لقد فتنّا الذين من قبلهم فليعلمنّ اللّه الذين صدقوا و ليعلمنّ الكاذبين( ٢) .

«و قد قال جل من قائل: إنّ في ذلك لآيات و إن كنّا لمبتلين( ٣ ) » و الآية التي ذكرهاعليه‌السلام في سورة المؤمنون و الآية بعد ذكر قصة نوح. فقوله تعالى: ان في ذلك إشارة إلى ما ذكر في قصة نوح، قال تعالى: خلق الموت و الحياة ليبلوكم أيّكم أحسن عملا( ٤ ) و بلوناهم بالحسنات و السيّئات لعلّهم يرجعون( ٥) .

«قال الشريف» هكذا في (المصرية)( ٦ ) و ليس في (الخطية المصححة) أصلا و بدله (ابن أبي الحديد) بقول: «قال الرضي» و لعله إنشاء منه( ٧) .

(قولهعليه‌السلام «و كل مؤمن نومة» أراد به الخامل الذكر القليل الشر) لو قيل «الذي لا يعرف الشر» كان أحسن.

(و المساييح: جمع مسياح و هو الذي يسيح بين الناس بالفساد و النمائم) قد عرفت أن الأصل فيه سيح الماء أو تسييح الثوب.

(و البذر: جمع بذور و هو الذي يكثر سفهه و يلغو منطقه) قال ابن أبي

____________________

(١) الشورى: ٣٠.

(٢) العنكبوت: ٢ و ٣.

(٣) المؤمنون: ٣٠.

(٤) الملك: ٢.

(٥) الاعراف: ١٦٨.

(٦) نهج البلاغة ١: ١٩٨، من الخطبة رقم ١٠٣.

(٧) شرح ابن أبي الحديد ٧: ١١٠.

٢٠٣

الحديد: بذور كصبور الّذي يذيع الأسرار، و ليس كما قال الرضي( ١) .

قلت: قد عرفت أنه من «بذرت الكلام كما تبذر الحبوب»، و حينئذ فما قاله المصنف ليس بذلك البعد. هذا و لو كان المصنف نقل هذا في فصل غريبه كان أنسب.

٦ - الخطبة (١١٣) و من كلام لهعليه‌السلام :

فَلاَ أَمْوَالَ بَذَلْتُمُوهَا لِلَّذِي رَزَقَهَا وَ لاَ أَنْفُسَ خَاطَرْتُمْ بِهَا لِلَّذِي خَلَقَهَا تَكْرُمُونَ بِاللَّهِ عَلَى عِبَادِهِ وَ لاَ تُكْرِمُونَ اَللَّهَ فِي عِبَادِهِ فَاعْتَبِرُوا بِنُزُولِكُمْ مَنَازِلَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ وَ اِنْقِطَاعِكُمْ عَنْ أَوْصَلِ إِخْوَانِكُمْ «فلا أموال بذلتموها للذي رزقها» و أنفقوا ممّا رزقناكم من قبل أن يأتي أحدكم الموت فيقول ربّ لو لا أخّرتني إلى أجل قريب فأصّدّق و أكن من الصالحين( ٢) .

و في (الكافي) عن الباقرعليه‌السلام قال: جاء رجل إلى أبيعليه‌السلام فقال: أخبرني عن قوله تعالى في أموالهم حق معلوم. للسائل و المحروم( ٣ ) ما هذا الحق المعلوم؟ قالعليه‌السلام : هو الشي‏ء يخرجه الرجل من ماله إن شاء أكثر و إن شاء أقلّ على قدر ما يملك، يصل به رحما، و يقري به ضيفا، و يحمل به كلاّ، أو يصل به أخا له في اللّه، أو لنائبة تنوبه. فقال: اللّه أعلم حيث يجعل رسالته.

و عن البزنطي قال: قال الرضاعليه‌السلام : إن صاحب النعمة على خطر أنه تجب

____________________

(١) شرح ابن أبي الحديد ٧: ١١٠.

(٢) المنافقون: ١٠.

(٣) المعارج: ٢٤ ٢٥.

٢٠٤

عليه حقوق للّه، و اللّه إنه لتكون عليّ النعم من اللّه تعالى، فما زال عليّ منها و جل و حرك يده حتى أخرج من الحقوق التي تجب للّه عليّ فيها. قلت: جعلت فداك أنت في قدرك تخاف هذا؟ قال: نعم. فأحمد ربي على ما منّ به عليّ.

و عن الصادقعليه‌السلام : إن اللّه تعالى فرض للفقراء في أموال الأغنياء فريضة لا يحمدون إلاّ بأدائها، و هي الزكاة، و بها حقنوا دماءهم، و بها سمّوا المسلمين، و لكنه تعالى فرض في أموال الاغنياء حقوقا غير الزكاة، فقال: و الذين في أموالهم حق معلوم. للسائل و المحروم فالحق المعلوم غير الزكاة، و قال تعالى و أقرضوا اللّه قرضا حسنا( ١ ) ، و هذا غير الزكاة، و قال تعالى أيضا:

و أنفقوا مما رزقناهم سرّا و علانية( ٢ ) . و الماعون أيضا غير الزكاة، و هو القرض يقرضه، و المتاع يعيره و المعروف يصنعه، و مما فرض اللّه عزّ و جلّ في المال غير الزكاة و الذين يصلون ما أمر اللّه به أن يوصل( ٣) .

و في الخبر: إنّ الدينار و الدرهم أهلكا من كان قبلكم و هما مهلكاكم( ٤) .

و في الخبر: يا ابن آدم ما من يوم جديد إلاّ و يأتي فيه برزقك من عندي، و ما من ليلة إلاّ و يأتي الملائكة من عندك بعمل قبيح، خيري إليك نازل و شرك إلي صاعد.

و في (الحلية) عن وهب بن منبه أن سائحا وردنا أي: تبيعا له كان يأتي طعامهما في كل ثلاثة أيام مرة، فإذا هما لم يأتهما طعام إلاّ لأحدهما فقال الكبير لردنه لقد أحدث أحدنا حدثا منع به برزقه فتذكر ما صنعت. قال الردن:

ما صنعت شيئا، ثم تذكر فقال: بلى قد جاءنا مسكين إلى الباب فأجفت الباب

____________________

(١) المزمل: ٢٠.

(٢) الرعد: ٢٢.

(٣) الكافي ٣: ٤٩٨ ٥٠٢ ح ٨ و ١١ و ١٩. و الآية ٢١ من سورة الرعد.

(٤) الكافي ٢: ٣١٦ ح ٦.

٢٠٥

في وجهه. فقال الكبير: من ثم أتينا فاستغفرا فجاءهما رزقهما بعد كما كان يأتيهما( ١) .

«و لا أنفس خاطرتم بها للذي خلقها» و الناس يخاطرون بأنفسهم للملوك و الامراء فكيف لا يخاطرون بها لخالقها و هي ملكه، و هو أمر قبيح كعدم بذل المال لرازقه، فيكون حاله حال من ينكر خالقيّته و رازقيّته.

و في (الحلية) عن وهب: قال تعالى لموسىعليه‌السلام : و عزّتي يا ابن عمران لو أن هذه النفس التي وكزتها فقتلتها اعترفت لي ساعة من ليل أو نهار بأنّي لها خالق أو رازق لأذقتك فيها طعم العذاب، و لكنّي عفوت عنك أنها لم تعترف لي ساعة أني لها خالق أو رازق( ٢ ) ، و قد قال تعالى إن اللّه اشترى من المؤمنين أنفسهم و أموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون في سبيل اللّه فيقتلون و يقتلون وعدا عليه حقا في التوراة و الإنجيل و القرآن و من أوفى بعهده من اللّه فاستبشروا ببيعكم الذي بايعتم به و ذلك هو الفوز العظيم( ٣) .

و بعد كونه تعالى هو المشتري و الثمن الجنة و كتاب البيع التوراة و الانجيل و القرآن في كون المعاملة بتلك المثابة التي هي الفوز العظيم الذي ينبغي الاستبشار بها يكون الراغب عن تلك المعاملة بالبخل بالمال و النفس اللذين هما عارية عندك على مالكهما موردا للملامة و في غاية اللآمة، و لذا قالعليه‌السلام ما قال توبيخا.

«تكرمون باللّه على عباده و لا تكرمون اللّه في عباده» و هو أيضا قبيح عقلا كعدم بذل المال و النفس للرازق و الخالق، بل من يكرم على العباد للّه يكون

____________________

(١) حلية الأولياء ٤: ٥٧.

(٢) حلية الأولياء ٤: ٦٠.

(٣) التوبة: ١١١.

٢٠٦

إكرامه للّه في عباده ألزم عليه ممن لا يكرم باللّه، و وجه خطابهعليه‌السلام للذين كانوا يدّعون منزلة لأنفسهم بكونهم صحابة النبيّ‏ّصلى‌الله‌عليه‌وآله كطلحة و الزبير و سعد و نظرائهم، و يطّرد في جميع طبقات الاشراف.

و في (عيون أخبار الرضاعليه‌السلام ) قال: إنّا أهل البيت وجب حقّنا برسول اللّه، فمن أخذ بهصلى‌الله‌عليه‌وآله حقا و لم يعط من نفسه مثله فلا حق له( ١) .

و عن الصادقعليه‌السلام : كان عليّ بن الحسين لا يسافر إلاّ مع رفقة لا يعرفونه، و يشترط عليهم أن يكون من مساعدي الرفقة فيما يحتاجون إليه، فسافر مرة مع قوم، فرآه رجل، فعرفه، فقال لهم، أ تدرون من هذا؟ قالوا: لا. قال: هذا علي بن الحسينعليهما‌السلام ، فوثبوا إليه و قبّلوا يده و رجله و قالوا: يا ابن رسول اللّه، أردت أن تصلينا نار جهنّم، لو بدرت منّا إليك يد أو لسان أما كنّا هلكنا إلى آخر الدهر، فما الذي يحملك على هذا؟ فقال: إنّي سافرت مرّة مع قوم يعرفونني، فأعطوني بالنبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ما لا أستحق، فإنّي أخاف أن تعطوني مثل ذلك، فصار كتمان أمري أحبّ إلي( ٢) .

«فاعتبروا بنزولكم منازل من كان قبلكم» في (صفين نصر) في مسيرهعليه‌السلام إلى صفّين: ثم مضى نحو ساباط حتى انتهى إلى مدينة (بهر سير) و إذا رجل من أصحابه يقال له جرير بن سهم بن طريف من بني مالك بن ربيعة ينظر إلى آثار كسرى و هو يتمثل بقول ابن يعقوب التميمي:

جرت الرياح على مكان ديارهم

فكأنّهم كانوا على ميعاد

فقالعليه‌السلام : أ فلا قلت: كم تركوا من جنات و عيون. و زروع و مقام كريم.

و نعمة كانوا فيها فاكهين. كذلك و أورثناها قوما آخرين. فما بكت عليهم

____________________

(١) عيون أخبار الرضاعليه‌السلام ٢: ٣٢٨ ح ٩.

(٢) أخرجه ابن بابويه، في عيون أخبار الرضا ٢: ١٤٣ ح ١٣.

٢٠٧

السماء و الأرض و ما كانوا منظرين( ١ ) ان هؤلاء كانوا وارثين فأصبحوا موروثين، إن هؤلاء لم يشكروا النعمة فسلبوا دنياهم بالمعصية، إيّاكم و كفر النعم لا تحل بكم النقم( ٢) .

و قال ابن أبي الحديد: أنّ الأصل في قولهعليه‌السلام قوله تعالى و سكنتم في مساكن الذين ظلموا أنفسهم و تبيّن لكم كيف فعلنا بهم و ضربنا لكم الأمثال( ٣) .

«و انقطاعكم عن أوصل اخوانكم» و الظاهر أن المراد اعتبروا بانقطاعكم عن إخوانكم الذين كانوا في كمال الوصل معكم ليلا و نهارا كما تعتبرون بمساكن من كان قبلكم، و الحاصل: إعتبروا بآثار المتقدمين عليكم و بأشخاص المعاشرين معكم، و إنكم لا بدّ أن تسلكوا مسلكهم و تهلكون كمهلكهم.

و مرت شكايتهعليه‌السلام من قريش في ١٨ ٨، في الإمامة الخاصة.

____________________

(١) الدخان: ٢٥ ٢٩.

(٢) وقعة صفين لنصر بن مزاحم: ١٤٢.

(٣) شرح ابن أبي الحديد ٧: ٢٨٢ ٢٨٣. و الآية ٤٥ من سورة إبراهيم.

٢٠٨

الفصل السادس و العشرون في نقص الناس و اختلافهم و عجائب قلوبهم و صفة ارذالهم

٢٠٩

٢١٠

١ - الحكمة (٣٤٣) و قالعليه‌السلام :

اَلْأَقَاوِيلُ مَحْفُوظَةٌ وَ اَلسَّرَائِرُ مَبْلُوَّةٌ وَ كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ رَهِينَةٌ ١ ٥ ٧٤: ٣٨ وَ اَلنَّاسُ مَنْقُوصُونَ مَدْخُولُونَ إِلاَّ مَنْ عَصَمَ اَللَّهُ سَائِلُهُمْ مُتَعَنِّتٌ وَ مُجِيبُهُمْ مُتَكَلِّفٌ يَكَادُ أَفْضَلُهُمْ رَأْياً يَرُدُّهُ عَنْ فَضْلِ رَأْيِهِ اَلرِّضَا وَ اَلسُّخْطُ وَ يَكَادُ أَصْلَبُهُمْ عُوداً تَنْكَؤُهُ اَللَّحْظَةُ وَ تَسْتَحِيلُهُ اَلْكَلِمَةُ اَلْوَاحِدَةُ مَعَاشِرَ اَلنَّاسِ اِتَّقُوا اَللَّهَ فَكَمْ مِنْ مُؤَمِّلٍ مَا لاَ يَبْلُغُهُ وَ بَانٍ مَا لاَ يَسْكُنُهُ وَ جَامِعٍ مَا سَوْفَ يَتْرُكُهُ وَ لَعَلَّهُ مِنْ بَاطِلٍ جَمَعَهُ وَ مِنْ حَقٍّ مَنَعَهُ أَصَابَهُ حَرَاماً وَ اِحْتَمَلَ بِهِ آثَاماً فَبَاءَ بِوِزْرِهِ وَ قَدِمَ عَلَى رَبِّهِ آسِفاً لاَهِفاً قَدْ خَسِرَ اَلدُّنْيا وَ اَلْآخِرَةَ ذلِكَ هُوَ اَلْخُسْرانُ اَلْمُبِينُ ٢١ ٢٨ ٢٢: ١١ «الأقاويل محفوظة» و لقد خلقنا الانسان و نعلم ما توسوس به نفسه

٢١١

و نحن أقرب إليه من حبل الوريد. إذ يتلقّى المتلقيان عن اليمين و عن الشمال قعيد. ما يلفظ من قول إلاّ لديه رقيب عتيد. و جاءت سكرة الموت بالحقّ ذلك ما كنت منه تحيد. و نفخ في الصور ذلك يوم الوعيد. و جاءت كلّ نفس معها سائق و شهيد. لقد كنت في غفلة من هذا فكشفنا عنك غطاءك فبصرك اليوم حديد( ١) .

«و السرائر مبلوة» في الدنيا و الآخرة، أمّا الدنيا فعن الصادقعليه‌السلام : ما من عبد يسرّ خيرا فذهبت الأيّام حتى يظهر اللّه له خيرا، و ما من عبد يسرّ شرا فذهبت الأيّام حتى يظهر اللّه له شرا( ٢ ) . و أما الآخرة فقوله تعالى يوم تبلى السرائر( ٣ ) أي: تكشف هنالك تبلو كل نفس ما أسلفت وردوا إلى اللّه مولاهم الحق و ظل عنهم ما كانوا يفترون( ٤) .

«و كلّ نفس بما كسبت رهينة» هو عين قوله تعالى: كل نفس بما كسبت رهينة( ٥ ) و في التفسير: مرهونة، كلّ نفس مأخوذة بعملها في النار( ٦) .

«و الناس منقوصون مدخولون» في عقولهم كغش يدخل في الذهب و الفضة.

و قال النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله : الناس كإبل مئة لا تكاد تجد فيها راحلة( ٧) .

و في الديوان و نسب إلى دعبل أيضا:

____________________

(١) ق: ١٦ ٢٢.

(٢) الكافي ٢: ٢٢٤ ح ١٢، منشورات المكتبة الإسلامية، طهران.

(٣) الطارق: ٩.

(٤) يونس: ٣٠.

(٥) المدثر: ٣٨.

(٦) مجمع البيان ١٠: ٣٦١.

(٧) سنن ابن ماجة ٢: ١٣٢١ ح ٣٩٩٠.

٢١٢

ما أكثر الناس لا بل ما أقلهم

و اللّه يعلم أنّي لم أقل فندا

إنّي لأفتح عيني حين أفتحها

على كثير و لكن لا أرى أحدا( ١)

و في شرحه الفارسي:

دم جمعى كه بصورت مردمند

و به حقيقت حيوان بى دمند

«إلاّ من عصم اللّه» و إنّ كثيرا من الخلطاء ليبغي بعضهم على بعض الا الذين آمنوا و عملوا الصالحات و قليل ما هم( ٢) .

في (عيون القتيبي): كان بين حاتم طي و أوس بن حارثة ألطف ما يكون بين اثنين، فقال النعمان بن المنذر لجلسائه: و اللّه لأفسدنّ ما بينهما. فقالوا: لا تقدر على ذلك. قال: بلى فقلّما جرّبت الرجال في شي‏ء إلاّ بلغته، فدخل عليه أوس فقال له: ما الذي يقول حاتم؟ قال: و ما يقول؟ قال: يقول: إنه أفضل منك و أشرف. قال: أبيت اللعن، صدق و اللّه لو كنت أنا و أهلي و ولدي لحاتم لانهبنا في مجلس واحد، ثم خرج و هو يقول:

يقول لي النعمان لا من نصيحة

أرى حاتما في قوله متطاولا

له فوقنا باع كما قال حاتم

و ما النصح فيما بيننا كان حاولا

ثم دخل عليه حاتم و قال له مثل مقالته لأوس قال: صدق. أين عسى أن أقع من أوس، له عشرة ذكور أخسّهم أفضل مني، ثم خرج و هو يقول:

يسائلني النّعمان كي يستزلني

و هيهات لي أن استضام فأصرعا

كفاني نقصا أن أضيم عشيرتي

بقول أرى في غيره متوسّعا

فقال النعمان: ما سمعت بأكرم من هذين الرجلين( ٣) .

____________________

(١) انظر كتاب «شعر دعبل بن علي الخزاعي» للدكتور عبد الكريم الاشتر: ١٢١، نقله عن العقد ١: ٣٢٥.

(٢) ص: ٢٤.

(٣) عيون الأخبار ٢: ٢٣ ٢٤، نقله بتصرف.

٢١٣

و روى (الروضة) عن الصادقعليه‌السلام : الناس معادن كمعادن الذهب و الفضة، فمن كان له في الجاهلية أصل فله في الاسلام أصل( ١) .

«سائلهم متعنت» أي: يريد ايقاع مجيبه في العنت، أي: المشقة و يظهر زلّته و جهله.

و في السير: قال رجل من العمال لأعرابي: ما أحسبك تعرف كم تصلّي في اليوم و الليلة؟ قال: فإن عرفت، أ تجعل لي على نفسك مسألة. قال: نعم. قال:

ان الصلاة أربع و أربع

ثم ثلاث بعدهن أربع

ثم صلاة الفجر لا تضيّع

قال: صدقت هات مسألتك. فقال كم فقار ظهرك؟ قال: لا أدري. قال:

فتحكم بين الناس و تجهل هذا من نفسك؟

و عن (صفوة الأخبار): قام ابن الكوّا إلى أمير المؤمنينعليه‌السلام فقال: أخبرني عن بصير بالليل بصير بالنهار، و عن بصير بالنهار أعمى بالليل، و عن بصير بالليل أعمى بالنهار. فقالعليه‌السلام له: سل عمّا يعنيك و دع ما لا يعنيك، أمّا بصير بالليل بصير بالنهار فهذا رجل آمن بالرسل الّذين مضوا، و أدرك النبيّ فآمن به، فأبصر في ليله و نهاره، و أما أعمى بالليل بصير بالنهار فرجل جحد الأنبياء الّذين مضوا و أدرك النبيّ فآمن به، فعمى بالليل و أبصر بالنهار، و أما أعمى بالنهار بصير بالليل فرجل آمن بالأنبياء و جحد النبيّ، فأبصر بالليل و أعمى بالنهار( ٢) .

«و مجيبهم متكلف» في (الكافي) عن الصادقعليه‌السلام : إذا سئل الرجل منكم عما لا يعلم فليقل لا أدري و لا يقل «اللّه أعلم» فيوقع في قلب صاحبه شكا.

____________________

(١) الكافي ٨: ١٧٧، ١٩٧.

(٢) نقله عن عيون الأخبار، بحار الأنوار ٤٠: ٢٨٣ ح ٤٥، نقلا عن كتاب: صفوة الأخبار.

٢١٤

و عنهعليه‌السلام : للعالم إذا سئل عن شي‏ء و هو لا يعلم أن يقول «اللّه أعلم» و ليس لغير العالم أن يقول ذلك.

و عنهعليه‌السلام : من أفتى الناس و هو لا يعلم الناسخ من المنسوخ، و المحكم من المتشابه، فقد هلك و أهلك( ١) .

«يكاد أفضلهم رأيا يرده عن فضل رأيه الرضا و السخط» في (الخصال) عن النبيّ‏ّصلى‌الله‌عليه‌وآله : ثلاث خصال من كنّ فيه استكمل خصال الايمان: الذي إذا رضي لم يدخله رضاه في إثم و لا باطل، و إذا غضب لم يخرجه الغضب من الحق، و إذا قدر لم يتعاط ما ليس له( ٢ ) ، و قال تعالى: و لا يجر منكم شنآن قوم على ألا تعدلوا أعدلوا هو أقرب للتقوى( ٣ ) ، و لو على أنفسكم أو الوالدين و الأقربين( ٤) .

و في (المعجم) عن إسحاق الموصلي: دخلت على الأصمعي فأنشدته أبياتا قلتها و نسبتها إلى بعض الأعراب، و هي:

هل إلى أن تنام عيني سبيل

إنّ عهدي بالنوم عهد طويل

غاب عنّي من لا اسمّي فعيني

كل يوم وجدا عليه تسيل

إنّ ما قلّ منك يكثر عندي

و كثير ممّن تحبّ القليل

فجعل يعجب بها و يرددها، فقلت له: إنّها بنات ليلتها. فقال: لا جرم إنّ أثر التوليد فيها بيّن. فقلت: و لا جرم إنّ أثر الحسد فيك ظاهر( ٥) .

ثم إن المذموم من اختلاف حال الرضا و السخط أن يدّعي في الرّضا

____________________

(١) الكافي ١: ٤٢ ٤٣، ح ٥، ٦، ٩.

(٢) الخصال: ١٠٥ ح ٦٦.

(٣) المائدة: ٨.

(٤) النساء: ١٣٥.

(٥) معجم الادباء ٦: ٤٣.

٢١٥

لصاحبه الباطل و ينكر في السخط له الحق، و أما لو تحرّى الحق في كل منهما فلا، فقالوا: وفد عمرو بن الأهتم و الزبرقان بن بدر على النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله فسأل عمرا عن الزبرقان فقال: مطاع في عشيرته، شديد العارضة، مانع لما وراء ظهره.

فقال الزبرقان: انه ليعلم مني أكثر من هذا و لكنه حسدني. فقال عمرو: أما و اللّه انه لزمر المروة، ضيّق العطن، أحمق الوالد، لئيم الخال، و اللّه يا رسول اللّه ما كذبت في الاولى، و لقد صدقت في الاخرة، و لكني رجل رضيت فقلت أحسن ما علمت، و سخطت فقلت أقبح ما وجدت. فقال النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله : إنّ من البيان لسحرا( ١) .

«و يكاد أصلبهم عودا» صلب العود كناية عن الشدة في الامور، قال الشاعر:

و من يك ذا عود صليب

ليكسر عود الدهر فالدهر كاسره

«تنكؤه» من نكأت القرحة: إذا قشرتها.

«اللحظة» النظر بمؤخر العين.

«و تستحيله» أي: تقلبه عن الحالة التي كان عليها «الكلمة الواحدة».

و كان خالد بن المعمر من أصلب أصحابهعليه‌السلام عودا فاستحاله كلمة واحدة من معاوية، ففي (صفين نصر) قام و قال: من يبايع على الموت و شرى نفسه للّه، فبايعه سبعة آلاف على ان لا ينظر رجل منهم حتى يرد سرادق معاوية، فاقتتلوا قتالا شديدا و كسروا جفون سيوفهم إلى أن قال فخلّى معاوية عن سرادقه و خرج فارّا لائذا إلى بعض مضارب العسكر، فدخل فيه و بعث إلى خالد: أنت قد ظفرت، و لك إمرة خراسان إن لم تتم، فطمع في ذلك و لم يتم، فأمّره معاوية حين بايعه الناس على خراسان،

____________________

(١) أخرجه اسد الغابة ٢: ١٩٤، بفرق في اللفظ.

٢١٦

فمات قبل أن يصل إليها( ١) .

و قيل: الهدية تفقأ عين الحكيم و تسفّه عقل الحليم.

و في (الحلية) عن وهب: إذا دخلت الهدية من الباب خرج الحق من الكوّة( ٢) .

و في (عيون القتيبي): إستعمل الحجاج المغيرة بن عبيد اللّه الثقفي على الكوفة، فكان يقضي بين الناس، فأهدى إليه رجل، سراجا من شبه، و بلغ ذلك خصمه فبعث إليه ببغلة، فلما اجتمعا عنده جعل يحمل على صاحب السراج و جعل صاحب السراج يقول إن امري أضوء من السراج، فلما أكثر عليه قال له: ويحك ان البغلة رمحت السراج فكسرته( ٣) .

و مرّ طارق صاحب شرطة خالد القسري في موكبه على ابن شبرمة فقال ابن شبرمة:

أراها و إن كانت تحبّ كأنّها

سحابة صيف عن قريب تقشّع

اللّهمّ لي ديني و لهم دنياهم، فاستعمل بعد ذلك على القضاء فقال له ابنه:

أ تذكر يوم مرّ بك طارق في موكبه و قلت ما قلت؟ فقال: يا بني إنّهم يجدون مثل أبيك و لا يجد مثلهم أبوك، إنّ أباك أكل من حلوائهم و حطّ في أهوائهم( ٤) .

و تقدمت كلثم بنت سريع و أخوها الوليد إلى عبد الملك بن عمير قاضي الكوفة و كان ابنه يرمى بها، فقضى لها فقال هذيل الأشجعي:

أتاه رفيق بالشهود يسوقهم

على ما ادّعت من صامت المال و الخول

____________________

(١) صفين لنصر بن مزاحم: ٣٠٦.

(٢) حلية الأولياء ٤: ٦٤.

(٣) عيون الأخبار ١: ٥٢، و نقله المصنف بتصرف يسير.

(٤) عيون الأخبار ١: ٥٦، نقله بتصرف يسير.

٢١٧

فأدلى وليد عند ذاك بحقه

و كان وليد ذا مراء و ذا جدل

ففتّنت القبطيّ حتى قضى لها

بغير قضاء اللّه في السّور الطّول

إذا ذات دلّ كلّمته لحاجة

فهمّ بأن يقضي تنحنح أو سعل

و كان عبد الملك يقول بعد ذلك: ربما جاءتني السعلة أو التنحنح و أنا في المتوضأ فأكفّ عن ذلك( ١) .

«معاشر الناس اتقو اللّه فكم من مؤمل ما لا يبلغه» فلا يبيع آخرته لأمل من دنياه لعله لا يبلغه.

«و بان ما لا يسكنه» فلا يخرب دار بقائه لدار إن سكنها سكنها أيّاما و لعله لا يسكنها ساعة.

«و جامع ما سوف يتركه» و تركتم ما خوّلناكم وراء ظهوركم( ٢) .

فجمع عمرو بن العاص قناطر من ذهب، فلما مات أخذها معاوية.

«و لعله من باطل جمعه و من حق منعه» عن الرضاعليه‌السلام : لا يجتمع المال إلاّ بخمس خصال: ببخل شديد، و أمل طويل، و حرص غالب، و قطيعة الرحم، و إيثار الدّنيا على الآخرة( ٣) .

و عن الباقرعليه‌السلام : ليس من شيعتنا من له مئة ألف، و لا خمسون ألفا، و لا أربعون ألفا، و لو شئت أن أقول ثلاثون ألفا لقلت، و ما جمع رجل قط عشرة

____________________

(١) عيون الأخبار ١: ٦٣.

(٢) الأنعام: ٩٤.

(٣) اخرجه الخصال ١: ٢٨٢ ح ٣٩.

٢١٨

آلاف من حلها. قال ابو الحسن: من دراهم.

و عن أويس القرني: ان حقوق اللّه لم تترك عند مسلم درهما.

«أصابه حراما و احتمل به أثاما» بالفتح أي: جزاء اثمه، قال تعالى: يلق أثاما( ١) .

«فباء» أي: رجع.

«بوزره» أي: إثمه و ثقله.

«و قدم على ربه آسفا لاهفا» إلى.

«ذلك هو الخسران المبين» لا من يبيع متاعه بأقلّ ممّا شراه.

و في (الطبري) عن عوانة، قال عبيد اللّه لعمر بن سعد بن قتله الحسينعليه‌السلام : أين الكتاب الّذي كتبت به إليك في قتل الحسين؟ قال: مضيت لأمرك و ضاع الكتاب. قال: لتجيئنّ به. قال: ضاع. قال: و اللّه لتجيئني به. قال:

ترك و اللّه يقرأ على عجائز قريش اعتذارا إليهن بالمدينة، أما و اللّه لقد نصحتك في حسين نصيحة لو نصحتها إلى سعد بن أبي وقاص كنت قد أدّت حقّه.

قال عثمان بن زياد أخو عبيد اللّه: صدق و اللّه لوددت أنّه ليس من بني زياد رجل إلاّ و في أنفه خزامة إلى يوم القيامة، و أنّ حسينا لم يقتل...( ٢) .

٢ - الحكمة (٢٨٣) و قالعليه‌السلام :

جَاهِلُكُمْ مُزْدَادٌ وَ عَالِمُكُمْ مُسَوِّفٌ «جاهلكم مزداد» أي: من الخطأ لجهله بكونه خطأ أو بعقوبة عمله.

____________________

(١) الفرقان: ٦٨.

(٢) تاريخ الطبري ٥: ٤٦٧.

٢١٩

«و عالمكم مسوّف» أي: بالأعمال الصالحة و بالتوبة من القبيحة لطول أمله، و كل منهما هالك: الجاهل بترك تعلّمه مع إتمام الحجة عليه، و العالم بترك عمله.

٣ - الخطبة (٢٢٩) و من كلام لهعليه‌السلام : روى اليمانيّ عن أحمد بن قتيبة عن عبد اللّه بن يزيد عن مالك بن دحية قال: كنّا عند أمير المؤمنينعليه‌السلام و قد ذكر عنده اختلاف الناس فقال:

إِنَّمَا فَرَّقَ بَيْنَهُمْ مَبَادِئُ طِيْنَتِهِمْ وَ ذَلِكَ أَنَّهُمْ كَانُوا فِلْقَةً مِنْ سَبَخِ أَرْضٍ وَ عَذْبِهَا وَ حَزْنِ تُرْبَةٍ وَ سَهْلِهَا فَهُمْ عَلَى حَسَبِ قُرْبِ أَرْضِهِمْ يَتَقَارَبُونَ وَ عَلَى قَدْرِ اِخْتِلاَفِهِمْ يَتَفَاوَتُونَ فَتَامُّ اَلرُّوَاءِ نَاقِصُ اَلْعَقْلِ وَ مَادُّ اَلْقَامَةِ قَصِيرُ اَلْهِمَّةِ وَ زَاكِي اَلْعَمَلِ قَبِيحُ اَلْمَنْظَرِ وَ قَرِيبُ اَلْقَعْرِ بَعِيدُ اَلسَّبْرِ وَ مَعْرُوفُ اَلضَّرِيبَةِ مُنْكَرُ اَلْجَلِيبَةِ وَ تَائِهُ اَلْقَلْبِ مُتَفَرِّقُ اَللُّبِّ وَ طَلِيقُ اَللِّسَانِ حَدِيدُ اَلْجَنَانِ أقول: قول المصنّف: «و من كلام لهعليه‌السلام » ليس في نسخة ابن ميثم رأسا «روى اليماني» هكذا في (المصرية( ١ ) الاولى)، و نقله (ابن أبي الحديد و الخطية) «روى ذعلب اليمامي» نسبة إلى اليمامة، و نقله (ابن ميثم) على ما في النسخة «روى ابو محمد اليماني» نسبة إلى اليمن( ٢) .

«عن محمد بن قتيبة عن عبد اللّه بن يزيد عن مالك بن دحية» قال ابن أبي

____________________

(١) نهج البلاغة ٢: ٢٥٥، من الخطبة ٢٣٤.

(٢) شرح ابن أبي الحديد ١٣: ١٨، و ابن ميثم ٣١٤، (الطبع الحجري) و فيه: «و من كلام لهعليه‌السلام روى ابو محمد اليماني»

٢٢٠