بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة الجزء ٩

بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة0%

بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة مؤلف:
تصنيف: أمير المؤمنين عليه السلام
الصفحات: 607

بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة

مؤلف: الشيخ محمد تقي التّستري
تصنيف:

الصفحات: 607
المشاهدات: 53939
تحميل: 4252


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5 الجزء 6 الجزء 7 الجزء 8 الجزء 9 الجزء 10 الجزء 11 الجزء 12 الجزء 13 الجزء 14
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 607 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 53939 / تحميل: 4252
الحجم الحجم الحجم
بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة

بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة الجزء 9

مؤلف:
العربية

يعزم عليهم ليكفّوا عنه فكفّوا، فانطلقوا به حتّى دفنوه في حشّ كوكب( ١) .

قال: و روى الطبري نحو ذلك إلاّ أنّه لم يذكر طلحة بعينه( ٢) .

قال: و روى الواقديّ أنّ عثمان لمّا قتل، تكلّموا في دفنه، فقال طلحة: يدفن بدير سلع يعني مقابر اليهود( ٣) .

قال: و ذكر الطبري في (تاريخه) مثل هذا، إلاّ أنّه ورّى عن طلحة، فقال: قال رجل: يدفن بدير سلع...( ٤) .

«فأراد» أي: طلحة.

«أن يغالط» أي: يوقع الناس في الغلط.

«بما أجلب» و جمع من الجند.

«فيه» متعلق بقوله «يغالط»، أي: في كونه قاتل عثمان.

«ليلبس الأمر» أي: يشتبه.

«و يقع الشكّ» في كونه قاتلا بأن يقول الناس: لو كان قاتلا لما طلب بدمه.

«و و اللّه ما صنع» أي: طلحة.

«في أمر عثمان واحدة» أي: خصلة واحدة.

«من ثلاث» خصال كانت واجبة عليه عقلا.

«لئن كان ابن عفّان ظالما كما كان يزعم» قبل قتله.

«لقد كان ينبغي له أن يؤازر» أي: يعين.

«قاتليه أو أن» هكذا في (المصرية)( ٥ ) ، و الصواب «و أن» كما في (ابن

____________________

(١) نقله عنه ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة ١٠: ٦.

(٢) تاريخ الطبري ٤: ٤١٢، سنة ٣٥، شرح ابن أبي الحديد ١٠: ٧.

(٣) شرح ابن أبي الحديد ١٠: ٧.

(٤) تاريخ الطبري ٤: ٤١٣، سنة ٣٥، شرح ابن أبي الحديد ١٠: ٧.

(٥) نهج البلاغة ٢: ١٠٧.

٣٤١

ميثم)( ١ ) ، و لأنّ الواجب الأمران معا.

«ينابذ» أي: يكاشف بالحرب و العداوة.

«ناصريه» بعد قتله.

«و لئن كان مظلوما لقد كان ينبغي له أن يكون من المنهنهين» أي: الكافّين و الزاجرين.

«عنه» أي: عن قتله.

«و المعذرين» أي: يعملون عملا يصيرون به معذورين.

«فيه» أي: في الدفاع عنه.

«و لئن كان في شكّ من الخصلتين» كونه ظالما و كونه مظلوما.

«لقد كان ينبغي له أن يعتزله و يركد» أي: يسكن و يهدأ.

«جانبا» أي: في جانب.

«و يدع النّاس» محاربيه.

«معه» و في (خلفاء ابن قتيبة): قال الزبير لعبد اللّه بن عامر: من رجال البصرة؟ قال: ثلاثة، كلّهم سيّد مطاع: كعب بن سور في اليمن، و المنذر في ربيعة، و الأحنف في مضر. فكتب هو و طلحة إلى كعب: أمّا بعد، فإنّك قاضي عمر، و شيخ أهل البصرة، و سيّد أهل اليمن، و قد كنت غضبت لعثمان من الأذى، فاغضب له من القتل.

و كتبا إلى الأحنف: أمّا بعد، فإنّك وافد عمر، و سيّد مضر، و حليم أهل العراق، و قد بلغك مصاب عثمان، فنحن قادمون عليك، و العيان أشفى لك من الخبر.

و كتبا إلى المنذر: أمّا بعد، فإنّ أباك كان رئيسا في الجاهلية، و سيّدا في

____________________

(١) في شرح ابن ميثم المطبوع ٣: ٣٤٤ «أوأن» أيضا.

٣٤٢

الإسلام، و إنّك من أبيك بمنزلة المصلّي( ١ ) من السابق، يقال: كاد أو لحق، و قد قتل عثمان من أنت خير منه، و غضب له من هو خير منك.

فلمّا وصلت كتبهما إليهم، قام زياد بن مضر، و النعمان، و غزوان، فقالوا: ما لنا و لهذا الحيّ من قريش؟ يريدون أن يخرجونا من الإسلام بعد أن دخلنا فيه؟ و يدخلونا في الشرك بعد أن خرجنا منه؟ قتلوا عثمان، و بايعوا عليّا، لهم ما لهم، و عليهم ما عليهم. و كتب كعب إليهما: فإن يك عثمان قتل ظالما، فما لكما و له؟ و إن كان قتل مظلوما فغيركما أولى به، و إن كان أمره أشكل على من شهده، فهو على من غاب عنه أشكل. و كتب المنذر: إنّما أوجب حقّ عثمان اليوم حقّه أمس، و قد كان بين أظهركم فخذلتموه، فمتى استنبطتم هذا العلم، و بدا لكم هذا الرأي؟( ٢ ) «فما فعل» أي: طلحة.

«واحدة من الثلاث» المتقدّمة.

«و جاء بأمر لم يعرف بابه، و لم تسلم معاذيره» قيل:

قد عذرتك غير معتذر

إنّ المعاذير يشوبها الكذب( ٣)

في (خلفاء ابن قتيبة): لمّا نزل طلحة و الزبير البصرة، بعث عثمان بن حنيف إليهما عمران بن الحصين، و أبا الأسود، فقال عمران: يا طلحة، إنّكم قتلتم عثمان و لم نغضب له إذ لم تغضبوا، ثمّ بايعتم عليّا فبايعنا من بايعتم، فإن كان قتل عثمان صوابا فمسيركم لماذا؟ و إن كان خطأ فحظّكم منه الأوفر، و نصيبكم منه الأوفى. فقال طلحة: يا هذا، إنّ صاحبك [ يا هذان، إنّ صاحبكما ]

____________________

(١) المصلّي: تالي السابق. (الصحاح ٦: ٣٤٠٢، مادة: صلو).

(٢) الإمامة و السياسة ١: ٦٠ ٦١، و نقله الشارح بتلخيص.

(٣) الصحاح للجوهري ٢: ٧٣٧، مادة (عذر).

٣٤٣

لا يرى أنّ معه في هذا الأمر غيره، و ليس على هذا بايعناه. فقال أبو الأسود لعمران: أمّا هذا، فقد صرّح أنّه إنّما غضب للملك. ثمّ أتيا الزبير، فقال لهما: إنّ طلحة و إيّاي كروح في جسدين، و إنّه و اللّه يا هذان، قد كان منّا في عثمان فلتات، احتجنا إلى المعاذير( ١) .

و فيه: لمّا قال مروان و كان مع طلحة و الزبير في مسيرهما إلى البصرة لسعيد بن العاص: اريد البصرة، أطلب قتلة عثمان. قال له سعيد:

هؤلاء قتلة عثمان معك. إنّ هذين الرجلين قتلا عثمان، و هما يريدان الأمر لأنفسهما، فلمّا غلبا عليه قالا: نغسل الدم بالدم، و الحوبة بالتوبة( ٢) .

و فيه بعد ذكر خطبة عائشة و اختلاف الناس فبينماهم كذلك إذ أتاهم رجل من أشراف البصرة، بكتاب كان كتبه طلحة في التأليب على قتل عثمان، فقال له: هل تعرف هذا الكتاب؟ قال: نعم. قال: فما ردّك عمّا كنت عليه؟ و كنت أمس تكتب إلينا تؤلّبنا على قتل عثمان، و أنت اليوم تدعونا إلى الطلب بدمه؟

قالا: ذكرنا ما كان من طعننا عليه، و خذلاننا إيّاه، فلم نجد مخرجا إلاّ الطلب بدمه. قال: ما تأمراني به؟ قالا: بايعنا على قتال عليّ، و نقض بيعته. قال:

أ رأيتما إن أتانا بعدكما من يدعونا إلى ما تدعون إليه، ما نصنع؟ قالا: لاتبايعه.

قال: ما أنصفتما، أ تأمراني أن اقاتل عليّاعليه‌السلام و أنقض بيعته و هي في أعناقكما، و تنهياني عن بيعة من لا بيعة عليه لكما [ له عليكما ]...( ٣ ) ؟

و لو أراد التوبة كما زعما أخيرا من حوبة قتل عثمان كان عليهما أن يسلّما أنفسهما إلى أولياء عثمان ليقتلوهما كما صرّح بذلك الأشتر لا أن

____________________

(١) الإمامة و السياسة ١: ٦٤ ٦٥، و نقله الشارح بتلخيص.

(٢) المصدر نفسه ١: ٦٣، و نقله الشارح بتصرّف.

(٣) المصدر نفسه ١: ٦٨ ٦٩، و نقله الشارح بتصرّف و تلخيص.

٣٤٤

يقتلا الناس، و يقاتلا أمير المؤمنينعليه‌السلام مع اعتزاله.

١٤ - الكتاب (٥٤) و من كتاب لهعليه‌السلام إلى طلحة و الزبير مع عمران بن الحصين الخزاعيّ، ذكره أبو جعفر الإسكافي في كتاب (المقامات) في مناقب أمير المؤمنينعليه‌السلام :

أَمَّا بَعْدُ فَقَدْ عَلِمْتُمَا وَ إِنْ كَتَمْتُمَا أَنِّي لَمْ أُرِدِ اَلنَّاسَ حَتَّى أَرَادُونِي وَ لَمْ أُبَايِعْهُمْ حَتَّى بَايَعُونِي وَ إِنَّكُمَا مِمَّنْ أَرَادَنِي وَ بَايَعَنِي وَ إِنَّ اَلْعَامَّةَ لَمْ تُبَايِعْنِي لِسُلْطَانٍ غَالِبٍ وَ لاَ لِعَرَضٍ حَاضِرٍ فَإِنْ كُنْتُمَا بَايَعْتُمَانِي طَائِعَيْنِ فَارْجِعَا وَ تُوبَا إِلَى اَللَّهِ مِنْ قَرِيبٍ وَ إِنْ كُنْتُمَا بَايَعْتُمَانِي كَارِهَيْنِ فَقَدْ جَعَلْتُمَا لِي عَلَيْكُمَا اَلسَّبِيلَ بِإِظْهَارِكُمَا اَلطَّاعَةَ وَ إِسْرَارِكُمَا اَلْمَعْصِيَةَ وَ لَعَمْرِي مَا كُنْتُمَا بِأَحَقِّ اَلْمُهَاجِرِينَ بِالتَّقِيَّةِ وَ اَلْكِتْمَانِ وَ إِنَّ دَفْعَكُمَا هَذَا اَلْأَمْرَ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَدْخُلاَ فِيهِ كَانَ أَوْسَعَ عَلَيْكُمَا مِنْ خُرُوجِكُمَا مِنْهُ بَعْدَ إِقْرَارِكُمَا بِهِ وَ قَدْ زَعَمْتُمَا أَنِّي قَتَلْتُ؟ عُثْمَانَ؟ فَبَيْنِي وَ بَيْنَكُمَا مَنْ تَخَلَّفَ عَنِّي وَ عَنْكُمَا مِنْ أَهْلِ؟ اَلْمَدِينَةِ؟ ثُمَّ يُلْزَمُ كُلُّ اِمْرِئٍ بِقَدْرِ مَا اِحْتَمَلَ فَارْجِعَا أَيُّهَا اَلشَّيْخَانِ عَنْ رَأْيِكُمَا فَإِنَّ اَلْآنَ أَعْظَمُ أَمْرِكُمَا اَلْعَارُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَجَمَّعَ اَلْعَارُ وَ اَلنَّارُ وَ اَلسَّلاَمُ قول المصنّف: «و من كتاب لهعليه‌السلام إلى طلحة و الزبير مع عمران بن الحصين الخزاعي» روى الكشي عن الفضل بن شاذان أنّ عمران من السابقين الذين رجعوا إلى أمير المؤمنينعليه‌السلام ( ١) .

____________________

(١) اختيار معرفة الرجال (الكشّيّ) ١: ١٧٩ ١٨٨، و ذكره شيخ الطائفة في رجاله: ٢٤، في الصحابة.

٣٤٥

و عن (جامع الأصول): سئل عمران عن متعة النساء، فقال: أتانا بها كتاب اللّه، و أمرنا بها رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ثمّ قال فيها رجل برأيه ما شاء( ١) .

و في (حلية أبي نعيم) في محمّد بن واسع مسندا عنه، قال: تمتّعنا مع النّبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مرّتين، فقال رجل برأيه ما شاء. قال أبو نعيم: هو حديث صحيح أخرجه مسلم في (صحيحه)( ٢) .

و روى الكشّي في أبي عبد اللّه الجدليّ، عن أبي داود قال: حدّثني عمران بن الحصين الخزاعي أنّ النّبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أمر فلانا و فلانا أن يسلّما على عليّعليه‌السلام بإمرة المؤمنين، فقالا: من اللّه أو من رسوله؟ «فقال: من اللّه و من رسوله»( ٣) .

قال ابن أبي الحديد: هو عمران بن الحصين بن عبيد بن خلف بن عبد [ بن ] نهم بن سالم بن غاضرة...( ٤) .

قلت: أخذ ما قاله عن أبي عمرو. قال ابن مندة و أبو نعيم جدّ جدّه عبد نهم بن حذيفة بن جهمة بن غاضرة( ٥ ) . و قال الكلبي: جدّ جدّه عبد نهم بن جرمة بن جهيمة كما في (الجزري)( ٦) .

و في (الجزري): قال محمّد بن سيرين: لم نر في البصرة أحدا من أصحاب النّبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يفضل على عمران، و كان مجاب الدعوة و لم يشهد الفتنة( ٧) .

____________________

(١) نقله عن جامع الأصول، الميرداماد الإسترابادي في تعليقه على رجال الكشّيّ ١: ١٨٧، و تجده في صحيح البخاري ٤: ١٦٤٢ ح ٤٢٤٦، صحيح مسلم (باب الحج جواز التمتّع رقم ١٢٢٦)، مسند أحمد ٤: ٤٣٦.

(٢) حلية الأولياء ٢: ٣٥٥، صحيح مسلم:

(٣) اختيار معرفة الرجال (الكشّي) ١: ٣٠٨. و ليست هذه العبارة في المصدر.

(٤) شرح ابن أبي الحديد ١٧: ١٣٢.

(٥) أسد الغابة في معرفة الصحابة ٤: ١٣٧.

(٦) المصدر نفسه.

(٧) أسد الغابة ٤: ١٣٧ ١٣٨.

٣٤٦

و روى عنه: أنّ النّبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم نهى عن الكيّ فاكتوينا فما أفلحنا، و كان في مرضه تسلّم عليه الملائكة، فاكتوى ففقد التسليم، ثمّ عادت إليه و كان به استسقاء فطال به سنين و هو صابر عليه، و شقّ بطنه و أخذ منه شحم و ثقب له سرير فبقى ثلاثين سنة توفى سنة (٥٢)( ١) .

«ذكره أبو جعفر الاسكافي» محمّد بن عبد اللّه، قال ابن أبي الحديد: عدّه قاضي القضاة في الطبقة السابقة من المعتزلة مع عباد بن سليمان الصيمري و مع زرقان و مع عيسى بن الهيثم الصوفي، و جعل أوّل الطبقة ثمامة بن أشرس أبا معن ثم الجاحظ ثم أبا موسى عيسى بن صبيح المردار ثم أبا عمران يونس بن عمران ثمّ محمّد بن إسماعيل بن العسكري ثم عبد الكريم بن روح العسكري ثمّ أبا يعقوب يوسف بن عبد اللّه الشحام ثم أبا الحسين الصالحي ثم جعفر بن جرير و جعفر بن ميسر ثم أبا عمران بن النقاش ثم أبا سعيد أحمد بن سعيد الأسدي ثم عبّاد بن سليمان ثم أبا جعفر الاسكافي، و قال: كان أبو جعفر فاضلا، عالما، صنّف سبعين كتابا في علم الكلام، و هو الذي نقض كتاب العثمانية على الجاحظ في حياته، فدخل الجاحظ الوراقين ببغداد فقال: من هذا الغلام السوادي الذي بلغني أنّه تعرّض لنقض كتابي.

و أبو جعفر جالس، فاختفى منه حتى لم يره و كان علوي الرأي، محققا، منصفا، قليل العصبية، يقول بالتفضيل و يبالغ فيه( ٢) .

«في كتاب المقامات» و ذكره ابن قتيبة في (خلفائه) و زاد: و زعمتما أنّي آويت قتلة عثمان فهؤلاء بنو عثمان فليدخلوا في طاعتي ثم يخاصموا إليّ قتلة أبيهم، و ما أنتما و عثمان إن كان قتل ظالما أو مظلوما؟ و لقد بايعتماني و أنتما

____________________

(١) المصدر نفسه ٤: ١٣٨.

(٢) شرح ابن أبي الحديد ١٧: ١٣٢ ١٣٣.

٣٤٧

بين خصلتين قبيحتين: نكث بيعتكما، و إخراجكما أمّكما( ١) .

و ذكره أعثم الكوفي في عنوان محاربة الجمل( ٢) .

«في مناقب أمير المؤمنينعليه‌السلام » هكذا في (المصرية)( ٣) .

و قوله: (في مناقب أمير المؤمنينعليه‌السلام ) زائدة فليس في (ابن أبي الحديد و ابن ميثم و الخطية)( ٤ ) ، و الظاهر أنّه كان حاشية خلط بالمتن، مع انّه لم يعلم موضوع المقامات، هل هو في المناقب أو شي‏ء آخر؟

قولهعليه‌السلام : «أما بعد فقد علمتما و إن كتمتما أنّي لم أرد الناس حتى أرادوني و لم أبايعهم حتى بايعوني» في (الطبري) قال أبو بشير العابدي: كنت بالمدينة حين قتل عثمان، و اجتمع المهاجرون و الأنصار فيهم طلحة و الزبير فأتوا عليّاعليه‌السلام فقالوا: هلم نبايعك. فقال لهم: لا حاجة لي في أمركم، أنا معكم فمن اخترتم فقد رضيت به. فقالوا: و اللّه لا نختار غيرك. فاختلفوا إليه مرارا، ثمّ أتوه في آخر ذلك فقالوا له: لا يصلح الناس إلا بإمرة و قد طال الأمر. فقال لهم: إنّكم قد اختلفتم إليّ و أتيتم عندي مرارا، و إنّي قائل لكم قولا إن قبلتموه قبلت أمركم و إلاّ فلا حاجة لي فيه. قالوا: ما قلت من شي‏ء قبلناه. فقال: إنّي كنت كارها لأمركم فأبيتم إلاّ أن أكون عليكم، ألا و إنّه ليس لي أمر دونكم ألا إنّ مفاتيح مالكم معي، ألا و إنّه ليس أن آخذ منه درهما دونكم، رضيتم؟ قالوا: نعم. قال:

اللهمّ اشهد عليهم. ثمّ بايعهم على ذلك( ٥) .

____________________

(١) الإمامة و السياسة ١: ٧٠.

(٢) كتاب الفتوح ٢: ٤٦٥.

(٣) نهج البلاغة ٣: ١٢٢.

(٤) هكذا في شرح ابن أبي الحديد ١٧: ١٣١، و لكن في شرح ابن ميثم المطبوع ٥: ١٨٧ بزيادة «في مناقب أمير المؤمنينعليه‌السلام ».

(٥) تاريخ الطبري ٤: ٤٢٧ ٤٢٨، سنة ٣٥.

٣٤٨

«و إنّكما ممّن أرادني و بايعني» في (الطبري) عن أبي المليح قال: لما قتل عثمان خرج عليّعليه‌السلام إلى السوق و ذلك يوم السبت لثماني عشرة ليلة خلت من ذي الحجّة فاتبعه الناس و بهشوا في وجهه، فدخل حايط بني عمرو بن مبذول، و قال لأبي عمرة بن محصن: أغلق الباب. فجاء الناس فقرعوا الباب فدخلوا، و فيهم طلحة و الزبير فقالا: يا علي ابسط يدك. فبايعه طلحة و الزبير، فنظر حبيب بن ذؤيب الى طلحة حين بايع، فقال: أوّل من بدأ بالبيعة يد شلاء، لا يتم هذا الأمر...( ١) .

«و إنّ العامّة لم تبايعني لسلطان غالب» هكذا في (المصرية)( ٢ ) ، و الصواب:

(غاصب) كما في (ابن أبي الحديد و ابن ميثم و الخطية)( ٣ ) ، كما في بيعة أبي بكر فعن البراء بن عازب كما روت العامّة عنه: لم أزل لبني هاشم محبّا، فلما قبض النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم خفت أن تتمالأ قريش على إخراج هذا الأمر عنهم، فأخذني ما يأخذ الوالهة العجول، فكنت أتردد إلى بني هاشم و هم عند النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في الحجرة، و أتفقد وجوه قريش، فإنّي كذلك إذ فقدت أبا بكر و عمر، و إذا قائل يقول: القوم في سقيفة بني ساعدة، و إذا قائل آخر يقول: قد بويع أبو بكر، فلم ألبث و إذا أنا بأبي بكر قد أقبل و معه عمر و أبو عبيدة و جماعة من أصحاب السقيفة و هم محتجزون بالازر الصنعائية، لا يمرون بأحد إلاّ خبطوه و قدموه، فمدوا يده فمسحوه على يد أبي بكر يبايعه شاء ذلك أو أبى، فأنكرت عقلي...( ٤) .

هذا و في (خلفاء ابن قتيبة): دعا عبد الملك في مرض موته ابنه الوليد

____________________

(١) المصدر نفسه ٤: ٤٢٨، سنة ٣٥.

(٢) نهج البلاغة ٣: ١٢٢.

(٣) في شرح ابن أبي الحديد ١٧: ١٣١، و شرح ابن ميثم ٥: ١٨٨ «غالب» أيضا.

(٤) شرح ابن أبي الحديد ١: ٢١٩.

٣٤٩

و قال له: حضر الوداع. فبكى الوليد، فقال له عبد الملك: لا تعصر عينيك عليّ كما تعصر الأمة الوكساء، إذا متّ فاغسلني و كفّني و صلّ عليّ و أسلمني إلى عمر بن عبد العزيز يدليني في حفرتي، و اخرج أنت إلى الناس و البس لهم جلد نمر، و اقعد على المنبر و ادع الناس الى بيعتك، فمن مال بوجهه كذا فقل له بالسيف كذا، و تنكّر للصديق و القريب و اسمح للبعيد. فلما توفي و مات من يومه ذلك خرج الوليد إلى الناس و قعد على المنبر، ثم دعا الناس الى البيعة فلم يختلف عليه أحد، ثم كان أوّل ما ظهر من أمر الوليد أن أمر بهدم كلّ دار من دار عبد الملك إلى قبره، فهدمت من ساعتها و سوّيت بالأرض لئلاّ يعرج بسرير عبد الملك يمينا و شمالا، ثم كتب ببيعته إلى الآفاق فلم يختلف عليه أحد( ١) .

«و لا لعرض حاضر» هكذا في (المصرية)( ٢ ) ، و لكن في نسخة (ابن أبي الحديد و ابن ميثم)( ٣ ) : «و لا لحرص حاضر»، و في (سقيفة الجوهري) عن القاسم بن محمّد قال: لمّا توفّى النّبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم اجتمعت الأنصار إلى سعد إلى أن قال: فتكلّم أبو بكر و قال: نحن الامراء و أنتم الوزراء، و الأمر بيننا نصفان كشق الابلمة. فبويع، و كان أول من بايعه بشير بن سعد والد النعمان بن بشير، فلما اجتمع الناس قسم قسما بين نساء المهاجرين و الأنصار فبعث إلى امرأة من بني عدي بن النجار قسمها مع زيد بن ثابت، فقالت: ما هذا؟ قال قسم قسمه أبو بكر للنساء. قالت: أ تراشوني عن ديني؟ و اللّه لا أقبل منه شيئا.

فردته( ٤) .

____________________

(١) الامامة و السياسة ٢: ٥٧ ٥٨.

(٢) نهج البلاغة ٣: ١٢٢.

(٣) هكذا في شرح ابن أبي الحديد ١٧: ١٣١، و لكن في شرح ابن ميثم المطبوع ٥: ١٨٨ «و لا لعرض حاضر» أيضا.

(٤) شرح ابن أبي الحديد ٢: ٥٢ ٥٣.

٣٥٠

«فان كنتما بايعتماني طائعين» هكذا في (النهج)( ١ ) ، و كأن «طائعين» محرّف «راغبين» لأن بعده «و إن كنتم بايعتماني كارهين»، و مقابل الكراهة الرغبة لا الطائعية، كما ان مقابل الطوع الإكراه لا الكره ففي (الصحاح): «يقال جاء فلان طائعا غير مكره»( ٢ ) ، اللهمّ إلاّ أن يقال: بأن المراد بالطوع هنا الرغبة فتصحّ المقابلة.

«فارجعا و توبا إلى اللّه من قريب» من نكث البيعة فقد قال تعالى:... فمَن نكث فإنّما ينكث على نفسه...( ٣) .

و كان بين ابن الزبير و ابن عبّاس مشاجرة، فقال ابن الزبير لابن عبّاس معرضا بأسر العبّاس أبيه يوم بدر و فدائه نفسه و خلو الزبير من ذلك:

و صديق متبحح في الشرف الانيق خير من طليق. فقال له ابن عبّاس: و أماما ذكرت من الطليق فو اللّه لقد ابتلي فصبر و انعم عليه فشكر، و ان كان و اللّه وفيّا كريما، غير ناقض بيعته بعد توكيدها، و لا مسلّم كتيبة بعد التأمر عليها. فقال ابن الزبير: أ تعيّر الزبير بالجبن؟ و اللّه انّك لتعلم منه خلاف ذلك. قال ابن عبّاس: و اللّه إنّي لا أعلم إلاّ انّه فر و ماكر، و حارب فما صبر، و بايع فما تمّم، و قطع الرحم، و أنكر الفضل، و رام ما ليس له بأهل.

و كان بين القاسم بن محمّد بن يحيى بن طلحة و هو على شرطة عيسى بن موسى و بين إسماعيل بن جعفر الصادقعليه‌السلام مشاجرة، فقال القاسم لإسماعيل: لم يزل فضلنا و إحساننا سابقا عليكم يا بني هاشم و على بني عبد مناف. فقال إسماعيل: أي فضل و إحسان أسديتموه إلى بني عبد

____________________

(١) نهج البلاغة ٣: ١٢٢.

(٢) الصحاح ٣: ١٢٥٥، مادة (طوع).

(٣) الفتح: ١٠.

٣٥١

مناف، أغضب أبوك جدّي بقوله: «ليموتن محمّد و لنجولنّ بين خلاخيل نسائه كما جال بين خلاخيل نسائنا». فأنزل تعالى مراغمة لأبيك:... و ما كان لكم أن تؤذوا رسول اللّه و لا أن تنكحوا أزواجه من بعده أبدا...( ١ ) ، و منع ابن عمّك امّي حقّها من فدك و غيرها من ميراث أبيها و اجلب أبوك على عثمان و حصره حتى قتل و نكث بيعة عليّعليه‌السلام و شام السيف في وجهه و أفسد قلوب المسلمين عليه...

«و إن كنتما بايعتماني كارهين فقد جعلتما لي عليكما السبيل بإظهاركما الطاعة و اسراركما المعصية» فعلى كلّ حال لم يكن لهما النكث طائعين كانا أو كارهين، و انّما كان لهما النكث لو كانا مكرهين، مع انّه لم يكن قطعا و إن كانا ادعياه باطلا كما نسبا قتل عثمان مع كونهما هما المحرّضين في قتله إليهعليه‌السلام باطلا.

روى الطبري عن سعد بن أبي وقاص: أنّ طلحة قال: «بايعت و السيف فوق رأسي» و قال سعد: لا أدري أنّ السيف كان على رأسه أم لا، إلاّ انّي أعلم انّه بايع كارها( ٢) .

«و لعمري ما كنتما بأحق المهاجرين بالتقيّة و الكتمان» و الظاهر وقوع سقط في الكلام من المصنّف أو من نقل عنه، و أنّ الأصل «المهاجرين و الأنصار» فتخلف جمع كثير من الأنصار أيضا عن البيعة معهعليه‌السلام فتركهم.

ففي (الطبري): لمّا قتل عثمان بايعت الأنصار عليّاعليه‌السلام ، إلاّ حسان بن ثابت و كعب بن مالك و مسلمة بن مخلد و أبو سعيد الخدري و محمّد بن مسلمة و النعمان بن بشير و زيد بن ثابت و رافع بن حديج و فضالة بن عبيد

____________________

(١) الاحزاب: ٥٣.

(٢) تاريخ الطبري ٤: ٤٣١، سنة ٣٥.

٣٥٢

و كعب بن عجرة كانوا عثمانية فقال رجل لعبد اللّه بن حسن: كيف أبى هؤلاء بيعة عليّعليه‌السلام ؟ قال: أمّا حسان فكان شاعرا لا يبالي ما يصنع، و أمّا زيد فولاّه عثمان الديوان و بيت المال، فلما حصر عثمان قال: يا معشر الأنصار كونوا أنصار اللّه مرّتين. فقال له أبو أيوب: ما تنصره إلاّ أنّه أكثر لك من العضدان، فأمّا كعب فاستعمله على صدقة مزينة و ترك عثمان له ما أخذ منهم، و أما المهاجرون فكان منهم سعد بن أبي وقاص و عبد اللّه بن عمر( ١) .

و في (خلفاء ابن قتيبة): خاطب عليّعليه‌السلام بين الصفّين طلحة فقال له:

أو ما بايعتني طائعا غير مكره؟ فقال طلحة: بايعتك و السيف في عنقي. قال: أ لم تعلم انّي ما أكرهت أحدا على البيعة، و لو كنت مكرها أحدا لأكرهت سعدا و ابن عمر و محمّد بن مسلمة، أبو البيعة و اعتزلوا فتركتهم( ٢) .

و فيه: أنّ عمّارا دعا ابن عمر و سعدا و محمّد بن مسلمة إلى بيعتهعليه‌السلام فأبوا، فأخبر عليّاعليه‌السلام بذلك فقالعليه‌السلام : دع هؤلاء الرهط، اما ابن عمر فضعيف، و أما سعد فحسود و ذنبي إلى محمّد بن مسلمة انّي قتلت أخاه يوم خيبر( ٣) .

و ذكر المسعودي: تخلّف قدامة بن مظعون و وهبان بن صيفي و عبد اللّه بن سلام و المغيرة بن شعبة عن بيعتهعليه‌السلام أيضا( ٤) .

و يمكن أن يقال بعدم سقط و أنّهعليه‌السلام اقتصر على ذكر المهاجرين، لأن طلحة و الزبير كانا منهم، و ان كان جمع من الأنصار أيضا تخلّفوا عن بيعتهعليه‌السلام فتركهم.

و كيف كان، فهما كانا أقوى من سعد و ابن عمر، فكيف لم يتقيا و هما

____________________

(١) تاريخ الطبري ٤: ٤٢٩ ٤٣١، سنة ٣٥.

(٢) الإمامة و السياسة ١: ٧٤ ٧٥.

(٣) الإمامة و السياسة ١: ٥٣ ٥٤.

(٤) مروج الذهب ٢: ٣٦١.

٣٥٣

اتقيا، فيكون معلوما كذبهما؟ و ان كان سيف الذي يروي الطبري عن السّري عن شعيب عنه روى إكراههما، و لا غرو فإن سيفا ذاك أحد الوضّاعين، و رواياته جميع خلاف السير و خلاف العقل و النقل، فروى عمّن افترى عليه:

أنّه لما اجتمع الناس على عليّعليه‌السلام ذهب الأشتر فجاء بطلحة فقال له: دعني أنظر ما يصنع الناس. فلم يدعه و جاء به يتله تلا عنيفا، و صعد المنبر فبايع.

و جاء حكيم بن جبلة بالزبير حتّى بايع فكان الزبير يقول: جاءني لص من لصوص عبد القيس فبايعت و اللج في عنقي.

«و إنّ دفعكما هذا الأمر من قبل أن تدخلا فيه كان أوسع عليكما من خروجكما منه بعد اقراركما به» في (الطبري) قال الزهري: قد بلغنا أنّ عليّاعليه‌السلام قال لطلحة و الزبير: إن أحببتما أن تبايعا لي، و إن أحببتما بايعتكما؟ فقالا: بل نبايعك.

و قالا بعد ذلك: إنّما صنعنا ذلك خشية على أنفسنا، و قد عرفنا أنّه لم يكن ليبايعنا. فظهرا إلى مكّة بعد قتل عثمان بأربعة أشهر( ١) .

«و قد زعمتما أنّي قتلت عثمان فبيني و بينكما من تخلّف عني و عنكما» فلا يكون متّهما بالميل إلى من معه.

«من أهل المدينة ثم يلزم كلّ امرى‏ء بقدر ما احتمل» فغاية ما قالوا: إنّهعليه‌السلام خذل عثمان و كان راضيا بقتله و كان منتظرا لقتله، و كانعليه‌السلام لا ينكر ذلك، بل يقرّبه كما مرّ عند قولهعليه‌السلام : «ما أمرت به و لا نهيت عنه»، و أما هما فكانت دخالتهما في قتله من الواضحات.

فمن تخلّف عنه و عنهما عبيد اللّه بن عمر و مع أنّهعليه‌السلام أراد قتله بدم الهرمزان ففرّ منهعليه‌السلام إلى معاوية، و طلب منه معاوية أن ينسب قتل عثمان إليهعليه‌السلام ، لم يرض مع لجاه إليه بذلك، بل نسبه إلى طلحة و الزبير، و إنّما نسب

____________________

(١) تاريخ الطبري ٤: ٤٢٩، سنة ٣٥.

٣٥٤

إليهعليه‌السلام انتظاره قتل عثمان.

فقال نصر بن مزاحم في (صفّينه): في حديث محمّد بن عبيد اللّه عن الجرجاني قال: لمّا قدم عبيد اللّه بن عمر على معاوية أرسل معاوية إلى عمرو بن العاص فقال: إنّ اللّه أحيا لنا عمر بالشام بقدوم عبيد اللّه و قد رأيت أن أقيمه خطيبا فيشهد على عليّ بقتل عثمان و ينال منه. فقال عمرو: الرأي ما رأيت.

فبعث إليه فأتى فقال له معاوية: يا بن أخ إنّ لك اسم أبيك فانظر بمل‏ء عينيك و تكلّم بكلّ فيك، فأنت المأمون المصدّق، فاشتم عليّا و اشهد عليه أنّه قتل عثمان. فقال: أمّا شتمه فإنّه ابن أبي طالب، و امّه فاطمة بنت أسد بن هاشم، فما عسى أن أقول في حسبه، و أمّا بأسه فهو الشجاع المطرق، و أمّا أيّامه فما قد عرفت، و لكنّي ملزمه دم عثمان. فقال عمرو: اذن و اللّه قد نكأت القرحة. فلما خرج عبيد اللّه قال معاوية لعمرو: أما و اللّه لو لا قتله الهرمزان و مخافته من عليّ على نفسه ما أتانا أبدا، أ لم تر إلى تقريظه عليّا؟ فقال عمرو: يا معاوية إن لم تغلب فاخلب. فخرج حديثه إلى عبيد اللّه فلما قام خطيبا تكلّم بحاجته حتّى إذا أتى إلى أمر عليّعليه‌السلام أمسك، فقال له معاوية: إنّك بين عي أو خيانة. فقال:

كرهت أن أقطع الشهادة على رجل لم يقتل عثمان، و قال أبياتا و منها مشيرا إليهعليه‌السلام و ذاكرا لطلحة و الزبير:

و لكنّه قد قرّب القوم و دبوا

حواليه دبيب العقارب

فما قال أحسنتم و لا قد أسأتم

و أطرق إطراق الشجاع المواثب

و قد كان فيها للزبير عجاجة

و طلحة فيها جاهد غير لاعب( ١)

و في (خلفاء ابن قتيبة): ذكروا أنّه لما كان في الصباح بعد قتل عثمان اجتمع الناس في المسجد، و كثر الندم و التأسف على عثمان و سقط في أيديهم

____________________

(١) وقعة صفين: ٨٢ ٨٤.

٣٥٥

و أكثر الناس على طلحة و الزبير و اتّهموهما بقتل عثمان، فقال الناس لهما: قد وقعتما في أمر عثمان فخليا عن أنفسكما. فقال طلحة: أيّها الناس إنّا و اللّه ما نقول اليوم إلاّ ما قلناه أمس، انّ عثمان خلط الذنب بالتوبة حتى كرهنا ولايته و كرهنا أن نقتله، و سرّنا أن نكفاه و قد كثر فيه اللجاج، و أمره إلى اللّه.

ثم قام الزبير فقال: أيّها الناس إنّ اللّه قد رضى لكم الشورى فأذهب بها الهوى، و قد تشاورنا فرضينا عليّا فبايعوه، و أمّا قتل عثمان فإنّا نقول فيه: إنّ أمره إلى اللّه و قد أحدث أحداثا و اللّه وليّه في ما كان فقام الناس فأتوا عليّا في داره، فقالوا: نبايعك( ١) .

بل مر أنّ ابن طلحة مع كونه مع أبيه و الزبير يحاربه أقرّ بأن ثلث دم عثمان على أبيه، فغضب عليه أبوه و قال له: كن كابن الزبير. فقال له: لم أقل إلاّ حقّا.

«فارجعا أيّها الشيخان عن رأيكما، فإن الآن أعظم أمركما العار» في (الطبري) قال قتادة: سار عليّعليه‌السلام من الزاوية يريد طلحة و الزبير، و سارا من الفرضة يريدان عليّاعليه‌السلام ، فالتقوا عند قصر عبيد اللّه بن زياد في النصف من جمادى الآخرة سنة (٣٦) فلما تراءى الجمعان خرج الزبير على فرس عليه سلاح فقيل لعليّعليه‌السلام : هذا الزبير. فقالعليه‌السلام : أما أنّه أحرى الرجلين ان ذكر باللّه أن يذكر.

و خرج طلحة فخرج إليهما عليعليه‌السلام و قال لهما: لقد أعددتما سلاحا و خيلا و رجالا إن كنتم أعددتما عند اللّه عذرا فاتّقيا اللّه و لا تكونا كالتي نقضت غزلها من بعد قوّة أنكاثا( ٢ ) أ لم أكن أخاكما في دينكما تحرّمان دمي و احرّم دماءكما فهل من حدث أحلّ لكما دمي؟ قال طلحة: ألّبت الناس على عثمان. قال

____________________

(١) الإمامة و السياسة ١: ٤٦.

(٢) النحل: ٩٢.

٣٥٦

عليّعليه‌السلام : يومئذ يوفيهم اللّه دينهم الحقّ و يعلمون أنّ اللّه هو الحقّ المبين( ١ ) يا طلحة تطلب بدم عثمان؟ فلعن اللّه قتلة عثمان إلى أن قال بعد ذكره للزبير قول النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم له: (و لتقاتلنه و أنت ظالم)، قال الزبير: و لو ذكرت ما سرت مسيري هذا، و اللّه لا اقاتلك أبدا و رجع إلى عايشة فقال لها: ما كنت في موطن مذ عقلت إلاّ و أنا أعرف فيه أمري غير موطئي هذا. قالت: ما تريد؟ قال:

أن أدعهم و أذهب. فقال له ابنه: أحسست رايات ابن أبي طالب و علمت أنّها تحملها فتية أنجاد قال: إنّي قد حلفت ألاّ اقاتله و أحفظه ما قال له فقال له ابنه: كفر عن يمينك و قاتله. فدعا بغلام له يقال له مكحول فأعتقه فقال بعضهم:

لم أر كاليوم أخا اخوان

أعجب من مكفّر الأيمان

بالعتق في معصية الرحمن

أيضا:

يعتق مكحولا لصون دينه

كفّارة للّه عن يمينه

و النكث قد لاح على جبينه( ٢)

«من قبل أن يتجمّع» هكذا في (المصرية)( ٣ ) و الصواب: (يجتمع) كما في (ابن أبي الحديد و ابن ميثم و الخطية)( ٤) .

«العار و النار» في (جمل المفيد): في رواية سفيان بن عنبسة عن أبي موسى عن الحسن بن أبي الحسن قال: خرج طلحة من رساتيق أقطعه إيّاها عثمان، فلم يعرف له ذلك حتّى سعى في دمه، فلما كان يوم البصرة خرج

____________________

(١) النور: ٢٥.

(٢) تاريخ الطبري ٤: ٥٠١ ٥٠٢، سنة ٣٦.

(٣) نهج البلاغة ٣: ١٢٣.

(٤) هكذا في شرح ابن أبي الحديد ١٧: ١٣١، و لكن في شرح ابن ميثم المطبوع ٥: ١٨٨ «يتجمّع» أيضا.

٣٥٧

للقتال و قد لبس درعا استجن به من السهام إذ أتاه سهم فأصابه و كان أمر اللّه قدرا مقدورا.

قال الحسن: و رأيته يقول حين أصابه السهم: ما رأيت كاليوم مصرع شيخ أضيع من مصرعي. قال: و قد كان قبل ذلك جاهد جهادا مع النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم و وقاه بيده فضيع أمر نفسه. قال: و لقد رأيت قبره مأوى الشقاء، فيضع عنده غريبه ثم يقضي عنده حاجته.

و أما الزبير فإنّه أتى حيّا من أحياء العرب فقال: أجيروني و كان قبل ذلك يجير و لا يجار عليه قالوا: و ما الذي أخافك، و اللّه ما أخافك إلاّ ابنك؟

فاتبعه ابن جرموز تولّة من أتاليل العرب فقتله، و هذا قبره بوادي السباع مخرأة للثعالب. قال: فخرجا و لم يدركا ما طلبا، و لم يرجعا إلى ما تركا فعزّ عليّ هذه الشقوة التي كتبت عليهما( ١) .

و فيه: و في رواية عبد اللّه بن جعفر عن ابن أبي عون إلى أن قال: فلمّا رأى عليّعليه‌السلام رأس الزبير و سيفه، هزّ السيف و قال: سيف طالما قاتل بين يدي الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، و لكن الحين و مصارع السوء، ثم تفرّس في وجه الزبير و قال: لقد كان لك بالرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم صحبة و منه قرابة، و لكن دخل الشيطان منخرك، فأوردك هذا المورد( ٢) .

و فيه: و مرعليه‌السلام في قتلى الجمل على طلحة بعد كعب بن سور فرأى طلحة صريعا، فقال أجلسوه. فاجلس، فقال: يا طلحة بن عبيد اللّه قد وجدت ما وعدني ربّي حقّا، فهل وجدت ما وعدك ربّك حقّا؟ إلى أن قال: فوقف رجل من القرّاء أمامه فقال: يا أمير المؤمنين ما كلامك هذه، الهام قد صديت

____________________

(١) الجمل للمفيد: ٣٨٤ ٣٨٥، شرح ابن أبي الحديد ٩: ١١٣ ١١٤.

(٢) الجمل: ٣٨٩ ٣٩٠.

٣٥٨

لا تسمع كلاما و لا ترد جوابا؟ فقالعليه‌السلام : انّهما ليسمعان كلامي كما تسمع أصحاب القليب كلام النّبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، و لو أذن لهما في الجواب لرأيت عجبا( ١) .

و من العجب أنّ العامة وضعوا في مقابل هذا منكرا عجبا ففي (العقد الفريد): من حديث سفيان الثوري، لمّا انقضى يوم الجمل خرج علي في ليلة ذلك اليوم و معه مولاه، و بيده شمعة يتصفّح وجوه القتلى، حتى وقف على طلحة في بطن واد متعفّرا، فجعل يمسح الغبار عن وجهه و يقول: اعزز عليّ يا أبا محمّد أن أراك متعفّرا تحت نجوم السماء و بطون الأودية، إنّا للّه و إنّا إليه راجعون، شفيت نفسي و قتلت معشري، إلى اللّه أشكو عجري و بجري. ثمّ قال: و اللّه اني لأرجو أن أكون أنا و عثمان و طلحة و الزبير من الذين قال اللّه فيهم: و نزعنا ما في صدورهم من غل إخوانا على سرر متقابلين( ٢ ) ، و إذا لم يكن نحن فمن هم( ٣ ) ؟ و كم لإخواننا أخبار نظير هذا، مما يجعل الملاحدة أحقّ من الموحدة إن فرض تحققها.

١٥ - الخطبة (٢٢) و من خطبة لهعليه‌السلام :

أَلاَ وَ إِنَّ اَلشَّيْطَانَ قَدْ ذَمَرَ حِزْبَهُ وَ اِسْتَجْلَبَ جَلَبَهُ لِيَعُودَ اَلْجَوْرُ إِلَى أَوْطَانِهِ وَ يَرْجِعَ اَلْبَاطِلُ إِلَى نِصَابِهِ وَ اَللَّهِ مَا أَنْكَرُوا عَلَيَّ مُنْكَراً وَ لاَ جَعَلُوا بَيْنِي وَ بَيْنَهُمْ نَصِفاً وَ إِنَّهُمْ لَيَطْلُبُونَ حَقّاً هُمْ تَرَكُوهُ وَ دَماً هُمْ سَفَكُوهُ فَلَئِنْ كُنْتُ شَرِيكَهُمْ فِيهِ فَإِنَّ لَهُمْ لَنَصِيبَهُمْ مِنْهُ وَ لَئِنْ كَانُوا وَلُوهُ

____________________

(١) الجمل: ٣٩٢، الإرشاد ١: ٢٥٦ ٢٥٧.

(٢) الحجر: ٤٧.

(٣) العقد الفريد ٥: ٧٠.

٣٥٩

دُونِي فَمَا اَلتَّبِعَةُ إِلاَّ عِنْدَهُمْ وَ إِنَّ أَعْظَمَ حُجَّتِهِمْ لَعَلَى أَنْفُسِهِمْ يَرْتَضِعُونَ أُمّاً قَدْ فَطَمَتْ وَ يُحْيُونَ بِدْعَةً قَدْ أُمِيتَتْ يَا خَيْبَةَ اَلدَّاعِي مَنْ دَعَا وَ إِلاَ مَ أُجِيبَ وَ إِنِّي لَرَاضٍ بِحُجَّةِ اَللَّهِ عَلَيْهِمْ وَ عِلْمِهِ فِيهِمْ فَإِنْ أَبَوْا أَعْطَيْتُهُمْ حَدَّ اَلسَّيْفِ وَ كَفَى بِهِ شَافِياً مِنَ اَلْبَاطِلِ وَ نَاصِراً لِلْحَقِّ وَ مِنَ اَلْعَجَبِ بَعْثُهُمْ إِلَيَّ أَنْ أَبْرُزَ لِلطِّعَانِ وَ أَنْ أَصْبِرَ لِلْجِلاَدِ هَبِلَتْهُمُ اَلْهَبُولُ لَقَدْ كُنْتُ وَ مَا أُهَدَّدُ بِالْحَرْبِ وَ لاَ أُرْهَبُ بِالضَّرْبِ وَ إِنِّي لَعَلَى يَقِينٍ مِنْ رَبِّي وَ غَيْرِ شُبْهَةٍ مِنْ دِينِي و في الخطبة (١٣٧) و من كلام لهعليه‌السلام في معنى طلحة و الزبير:

وَ اَللَّهِ مَا أَنْكَرُوا عَلَيَّ مُنْكَراً وَ لاَ جَعَلُوا بَيْنِي وَ بَيْنَهُمْ نِصْفاً وَ إِنَّهُمْ لَيَطْلُبُونَ حَقّاً هُمْ تَرَكُوهُ وَ دَماً هُمْ سَفَكُوهُ فَإِنْ كُنْتُ شَرِيكَهُمْ فِيهِ فَإِنَّ لَهُمْ نَصِيبَهُمْ مِنْهُ وَ إِنْ كَانُوا وَلُوهُ دُونِي فَمَا اَلطَّلِبَةُ إِلاَّ قِبَلَهُمْ وَ إِنَّ أَوَّلَ عَدْلِهِمْ لَلْحُكْمُ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَ إِنَّ مَعِي لَبَصِيرَتِي مَا لَبَسْتُ وَ لاَ لُبِسَ عَلَيَّ وَ إِنَّهَا لَلْفِئَةُ اَلْبَاغِيَةُ فِيهَا اَلْحَمَأُ وَ اَلْحُمَّةُ وَ اَلشُّبْهَةُ اَلْمُغْدِفَةُ وَ إِنَّ اَلْأَمْرَ لَوَاضِحٌ وَ قَدْ زَاحَ اَلْبَاطِلُ عَنْ نِصَابِهِ وَ اِنْقَطَعَ لِسَانُهُ عَنْ شَغْبِهِ وَ اَيْمُ اَللَّهِ لَأُفْرِطَنَّ لَهُمْ حَوْضاً أَنَا مَاتِحُهُ لاَ يَصْدُرُونَ عَنْهُ بِرِيٍّ وَ لاَ يَعُبُّونَ بَعْدَهُ فِي حَسْيٍ و في الخطبة (١٠) و من خطبة لهعليه‌السلام :

أَلاَ وَ إِنَّ اَلشَّيْطَانَ قَدْ جَمَعَ حِزْبَهُ وَ اِسْتَجْلَبَ خَيْلَهُ وَ رَجِلَهُ وَ إِنَّ مَعِي لَبَصِيرَتِي مَا لَبَّسْتُ عَلَى نَفْسِي وَ لاَ لُبِّسَ عَلَيَّ وَ اَيْمُ اَللَّهِ لَأُفْرِطَنَّ لَهُمْ

٣٦٠