بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة الجزء ٩

بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة0%

بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة مؤلف:
تصنيف: أمير المؤمنين عليه السلام
الصفحات: 607

بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة

مؤلف: الشيخ محمد تقي التّستري
تصنيف:

الصفحات: 607
المشاهدات: 53929
تحميل: 4252


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5 الجزء 6 الجزء 7 الجزء 8 الجزء 9 الجزء 10 الجزء 11 الجزء 12 الجزء 13 الجزء 14
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 607 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 53929 / تحميل: 4252
الحجم الحجم الحجم
بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة

بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة الجزء 9

مؤلف:
العربية

القدر» إذا تركت ذلك في أسفلها( ١) .

(و ما أحسن المعنى الذي أرادهعليه‌السلام ) إلى (و اضطر إلى مرافقتهم) أي:

معاونتهم (قعدوا عن نصره و تثاقلوا عن صوته).

في (الأغاني): كان عقيل بن علفة قد اطرد بنيه فتفرّقوا في البلاد و بقي وحده، ثم إنّ رجلا من بني صرمة يقال له بجيل و كان كثير المال و الحاشية حطّم بيوت عقيل بماشيته و لم يكن قبل ذلك أحد يقرب من بيوت عقيل إلاّ لقي شرّا، فطردت أمة له الماشية فضربها بجيل بعصا كانت معه فشجها، فخرج إليه عقيل وحده و قد هرم يومئذ فزجر بجيلا فضربه بجيل بعصاه و احتقره فجعل عقيل يصيح يا علفة يا عملس يا فلان يا فلان بأسماء أولاده مستغيثا بهم و هو يحسب لهرمه أنّهم معه، فقال له أرطأة بن سهية:

أكلت بنيك أكل الضبّ حتى

وجدت مرارة الأكل الوبيل

و لو كان الأولى غابوا شهودا

منعت فناء بيتك من بجيل

و بلغ خبر عقيل إلى ابنه العملس و هو بالشام، فأقبل حتّى نزل عليه ثم عمد إلى بجيل فضربه ضربا مبرحا و عقر عدّة من أهله و أوثقه بحبل و جاء به يقوده حتّى ألقاه بين يدي أبيه، ثم ركب راحلته و عاد من وقته لم يطعم لأبيه طعاما و لم يشرب شرابا( ٢) .

قول المصنّف في الثاني (الياسرون هم الذين يتضاربون بالقداح على الجزور) أي: الابل الذكر و الانثى، ثم لفظ الخبر «الياسر» و هو قال «الياسرون» و كأنّه أراد أن يقول: إنّ اللاّم هنا للجنس.

(و الفالج القاهر و الغالب) هكذا في (المصرية)، و الصواب: (القاهر

____________________

(١) الصحاح الجوهري ٦: ٢٤٣٢.

(٢) الاغاني ١٢: ٢٦٩.

٨١

الغالب) كما في (ابن أبي الحديد و ابن ميثم و الخطية)( ١ ) (يقال فلج عليهم و فلجهم) لم أقف على من جوّز فلجهم، ففي (الجمهرة): فلج الرجل على خصمه و أفلج إذا ظهر عليه( ٢ ) ، و في (الصحاح): فلج على خصمه و أفلجه اللّه عليه( ٣) ، و في (الأساس): فلجت على خصمك و فلجت حجتك( ٤) .

(و قال) هكذا في (المصرية) و الصواب: (قال) كما في (ابن أبي الحديد و ابن ميثم)( ٥ ) و لأنّه قال ذلك شاهدا (الراجز) في الصحاح الرجز داء يصيب الإبل في أعجازها فإذا ثارت الناقة ارتعشت فخذاها ساعة ثم تنشط و منه سمّي الرجز من الشعر لتقارب أجزائه و قلّة حروفه.

(لما رأيت فالجا قد فلجا) ان ذكره شاهدا لكون معنى الفالج القاهر الغالب فصحيح و ان ذكره لصحّة (فلجهم) فهو أعم.

هذا، و لفظ خبري ابن عساكر في العنوان «الأول» هكذا: خطب فقال: أيّها الناس إنّما هلك من هلك ممّن كان قبلكم بركوبهم المعاصي، و لم ينههم الربّانيّون و الأحبار، فأنزل اللّه بهم العقوبات، ألا فمروا بالمعروف، و انهوا عن المنكر قبل أن ينزل بكم الذي نزل بهم، و اعلموا أنّ الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر لا يقطع رزقا، و لا يقرّب أجلا، إنّ الأمر ينزل من السماء كقطر المطر إلى كلّ نفس بما قدّر اللّه لها من زيادة أو نقصان في أهل أو مال أو نفس، فإذا أصاب أحدكم النقصان في أهل أو مال أو نفس في الآخرة عقوبة فلا يكونن ذلك له فتنة إلى آخره «و قد يجمعهما اللّه لأقوام».

____________________

(١) شرح ابن أبي الحديد ١٩: ١١٥.

(٢) جمهرة اللغة ١: ٤٨٧.

(٣) صحاح اللغة للجوهري ١: ٣٣٥.

(٤) أساس البلاغة: ٢٤٦.

(٥) شرح ابن أبي الحديد ١٩: ١١٥.

٨٢

و الثاني قريب منه لكن أوّل من قوله «إنّ الأمر ينزل من السماء» و فيه أيضا «فمن رأى نقصا في أهله أو نفسه أو ماله و رأى لغيره عثرة فلا يكونن ذلك له فتنة»( ١) .

و ما فيه هو الصحيح و يصدقه نقل اليعقوبي و (الكافي) كما مرّ دون ما في المتن و باقي الأسانيد، لكن «عثرة» في هذا مصحف عفوة أو غفيرة.

و للّه الحمد أوّلا و أخيرا.

____________________

(١) ابن عساكر ٣: ٢٦٩ ٢٧١ ح ١٣٩١ ١٣٩٢.

٨٣

تتمة في خرافات العرب

بسم اللّه الرحمن الرحيم الحمد للّه رب العالمين و الصلاة و السلام على محمّد و آله الطاهرين.

و بعد: فقد ذكر ابن أبي الحديد في شرحه على نهج البلاغة مقدارا من خرافات العرب و الأصل فيه الخالع في كتابه «آراء العرب و أديانها»، ذكر ذلك فيما تفرّد به من نسبته إلى النهج أنّ فيه «و قالعليه‌السلام : العين حقّ، و الرقا حقّ، و السحر حقّ، و الفال حق، و الطيرة ليست بحقّ، و العدوى ليست بحق، و الطيب نشرة، و العسل نشرة، و الركوب نشرة، و النظر إلى الخضرة نشرة»، مع أنّه لو كان ذلك من كلامهعليه‌السلام فرضا فليس من النهج قطعا، لأنّ موضوع النهج كلام كان في غاية البلاغة لا ما كان من الأحاديث المتعارفة.

و كيف كان فحيث كان فيها أشياء غريبة و أمور عجيبة أحببت افرادها في موضع، و قد أنقل من غيره في طيّه و أنقل بعده كلام المروج.

قال في شرح فقرة «و العدوى ليست بحق» قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم «لا عدوى و لا هامة و لا صفر» العدوى معروفة، أي: بأن المراد تعدي الداء من حي إلى حي.

و الهامة ما كانت العرب تزعمه في المقتول لا يؤخذ بثأره، و الصفر ما كانت

٨٤

العرب تزعمه من الحية في البطن تعض عند الجوع.

قال: نذكر نكتا ممتعة من مذاهب العرب و تخيّلاتها، أنشد ابن الكلبي لأميّة ابن أبي الصلت:

سنة أزمة تبرّح بالناس

ترى للعضاه فيها صريرا

لا على كوكب تنوء و لا ري

ح جنوب و لا ترى طحرورا

و يسقون باقر السهل للطو

د مهازيل خشية أن تبورا

عاقدين النّيران في ثكن الأذ

ناب منها لكي تهيج البحورا

سلع ما و مثله عشر ما

عامل ما وعالت البيقورا

يروى أن عيسى بن عمر قال: ما أدري معنى هذا البيت أي: البيت الأخير.

و يقال: إن الأصمعي صحّف فيه فقال «و غالت» بالغين المعجمة و قال غيره «عالت» بمعنى أثقلت البقر بما حمّلتها من السلع و العشر. و البيقور البقر، و عائل أي: غالب أو مثقل.

قلت: و السلع بفتحتين: شجر مرّ، و العشر بالضم فالفتح: شجر له صمغ من العضاة.

قال: و كانت العرب إذا أجدبت و أمسكت السماء عنهم و أرادوا أن يستمطروا عمدوا إلى السلع و الشعر فحزّموهما و عقدوهما في أذناب البقر و أضرموا فيهما النيران و أصعدوها في جبل وعر و اتّبعوها يدعون اللّه و يستسقونه، و إنّما يضرمون النيران في أذناب البقر تفاؤلا للبرق بالنار، و كانوا يسوقونها نحو المغرب من دون الجهات، و قال اعرابي:

شفعنا ببيقور إلى هاطل الحيا

فلم يغن عنّا ذاك بل زادنا جدبا

٨٥

فعدنا إلى ربّ الحيا فأجارنا

و صيّر جدب الأرض من بعده خصبا

و قال آخر:

قل لبني نهشل أصحاب الحور

أ تطلبون الغيث جهلا بالبقر

و سلع من بعد ذاك و عشر

ليس بذا يجلّل الأرض المطر

و قال آخر:

لمـّا كسونا الأرض أذناب البقر

بالسّلع المعقود فيها و العشر

و قال آخر:

يا كحل قد أثقلت أذناب البقر

بسلع يعقد فيها و عشر

فهل تجودين ببرق و مطر

و قال آخر يعيب العرب بفعلهم هذا:

لادر درّ رجال خاب سعيهم

يستمطرون لدى الإعسار بالعشر

أ جاعل أنت بيقورا مسلّعة

ذريعة لك بين اللّه و المطر

و قال بعض الأذكياء: كلّ أمة قد تحذو في مذاهبها مذاهب ملّة اخرى، و قد كانت الهند تزعم أنّ البقر ملائكة سخط اللّه عليها فجعلها في الأرض و أن لها عنده حرمة، و كانوا يلطخون الأبدان بأخثائها و يغسلون الوجوه ببولها و يجعلونها مهور نسائهم و يتبرّكون بها في جميع أحوالهم، فلعل أوائل العرب حذوا هذا الحذو و انتهجوا هذا المسلك.

و للعرب في البقر خيال آخر، و ذلك أنّهم إذا أوردوها فلم ترد ضربوا الثور ليقتحم الماء فتقتحم البقر بعده. و يقولون: إنّ الجنّ تصد البقر عن الماء و إنّ الشيطان يركب قرني الثور، قال قائلهم:

إنّي و قتلي سليك حين أعقله

كالثور يضرب لما عافت البقر

٨٦

و قال نهشل بن حري:

كذاك الثور يضرب بالهراوى

إذا ما عافت البقر الظماء

و قال آخر:

كالثور يضرب للورو

د إذا تمنّعت البقر

فإنّ كان ليس إلاّ هذا فليس ذاك بعجيب من البقر و لا بمذهب من مذاهب العرب، لأنّه قد يجوز أن تمتنع البقر من الورود حتّى يرد الثور كما تمتنع الغنم من سلوك الطرق أو دخول الدار و الأخبية حتّى يتقدّمها الكبش أو التّيس، و كالنحل تتبع اليعسوب، و الكراكي تتبع أميرها. و لكن الذي تدلّ عليه أشعارهم أن الثور يرد و يشرب و لكن البقر تعاف الماء و قد رأت الثور يشرب فحينئذ يضرب الثور مع إجابته إلى الورود فتشرب البقر عند شربه، و هذا هو العجب، قال الشاعر:

فإنّي إذن كالثور يضرب جنبه

إذا لم يعف شربا و عافت صواحبه

و قال آخر:

فلا تجعلوها كالبقير و فحلها

يكسّر ضربا و هو للورد طائع

و ما ذنبه إن لم يرد بقراته

و قد فاجأتها عند ذاك الشرائع

و قال الأعشى:

لكالثور و الجنّيّ يضرب وجهه

و ما ذنبه إن عافت الماء مشربا

و ما ذنبه إن عافت الماء باقر

و ما إن تعاف الماء إلاّ لتضربا

قال: و اللام في «لتضربا» للعاقبة كقوله «لدوا للموت»( ١) .

(قلت: و في (الأساس): تزعم العرب أن الجن تمتطي الوحش و تجتنب الأرانب لمكان حيضها و لذلك يستدفعون العين بتعليق كعابها). و في (مجالس

____________________

(١) شرح ابن أبي الحديد ١٩: ٣٨٢ ٣٨٥.

٨٧

ثعلب) لامرى‏ء القيس:

يا هند لا تنكحي بوهة

عليه عقيقته أحسبا

مرسعة بين أرباقه

به عسم يبتغي أرنبا

ليجعل في ساقه كعبها

حذار المنية أن يعطبا

قال ثعلب: البوهة طائر يشبه البومة، و عقيقته أي: شعره، و الاحسب أي:

إلى السواد، يبتغي أرنبا ليأخذ عظمها فيصيّره عليه من خشية الجنّ.

و قال الجوهري في «هذذ» تزعم النساء أنّه إذا شقّ عند البضاع شيئا من ثوب صاحبه دام الود بينهما و إلاّ تهاجرا( ١) .

قال: و من مذاهب العرب تعليق الحلي و الجلاجل على اللّديغ، يرون أنّه يفيق بذلك، و يقال: إنّه إنّما يعلّق عليه لأنّهم يرون أنّه إن نام يسري السمّ فيه فيهلك فشغلوه بالحلي و الجلاجل و أصواتها عن النوم. و هذا قول النّضر بن شميل، و بعضهم يقول: إنّه إذا علّق عليه حلي الذهب برأ و إن علّق الرصاص أو حلي الرصاص مات، و قال النابغة:

فبتّ كأنّي ساورتني ضئيلة

من الرقش في أنيابها السم ناقع

يسهّد من ليل التمام سليمها

لحلي النساء في يديها قعاقع

و قال بعض بني عذرة:

كأني سليم ناله كلم حيّة

ترى حوله حلي النساء مرصّعا

و قال آخر:

و قد علّلوا بالبطل في كلّ موضع

و غرّوا كما غرّ السليم الجلاجل

و قال جميل و ظرف في قوله و لو قاله العباس بن الأحنف لكان ظريفا:

إذا ما لديغ ابرأ الحلي داءه

فحليك أمسى يا بثينة دائيا

____________________

(١) صحاح الجوهري ٢: ٥٧٣.

٨٨

و قال عويمر النبهاني و هو يؤكد قول النضر بن شميل:

فبت معنّى بالهموم كأنني

سليم نفى عنه الرقاد الجلاجل

و قال آخر:

كأنّي سليم سهد الحلي عينه

فراقب من ليل التمام الكواكبا

و يشبه مذهبهم في ضرب الثور، مذهبهم في العرّ يصيب الإبل فيكوى الصحيح ليبرأ السقيم، قال النابغة:

و كلفتني ذنب امرى‏ء و تركته

كذي العرّ يكوى غيره و هو راتع

و قال بعض الأعراب:

كمن يكوني الصحاح يروم برءا

به من كلّ جرباء الإهاب

و قال آخر:

فألزمتني ذنبا و غيري جرّه

حنانيك لا تكوي الصحيح بأجربا

و من تخيلات العرب و مذاهبهم أنّهم كانوا يفقأون عين الفحل من الإبل إذا بلغت ألفا كأنّهم يدفعون عنها العين، قال الشاعر:

فقأنا عيونا من فحول بهاذر

و أنتم برعي البهم أولى و أجدر

و قال آخر:

وهبتها و كنت ذا امتنان

تفقأ فيها أعين البعران

و قال آخر:

أعطيتها ألفا و لم تبخل بها

ففقأت عين فحيلها معتافا

و قد ظنّ قوم أنّ بيت الفرزدق و هو:

غلبتك بالمفقّى‏ء و المعنى

و بيت المختبي و الخافقات

من هذا القبيل و ليس الأمر على ذلك و انما أراد قوله لجرير:

و لست و لو فقّأت عينك واجدا

أخا كلقيط أو أبا مثل دارم

٨٩

و أ راد ب «المعنى» قوله لجرير أيضا:

و انّك إذ تسعى لتدرك دارما

لأنت المعنّى يا جرير المكلّف

و أراد بقوله «المختبي» قوله:

بيت زرارة مختب بفنائه

و مجاشع و أبو الفوارس نهشل

و أراد بقوله «بيت الخافقات» قوله:

و معصّب بالتاج يخفق فوقه

خرق الملوك له خميس جحفل

فأمّا مذهبهم في البليّة و هي ناقة تعقل عند القبر حتى تموت فمذهب مشهور، و «البليّة» أنّهم إذا مات كريم منهم بلوا ناقته أو بعيره فعكسوا عنقها و أداروا رأسها إلى مؤخرها و تركوها في حفيرة لا تطعم و لا تسقى حتى تموت، و ربّما أحرقت بعد موتها، و ربّما سلخت و ملى‏ء جلدها ثماما. و كانوا يزعمون أنّ من مات و لم يبل عليه، حشر ماشيا، و من كانت له بليّة حشر راكبا على بليته. قال جريبة بن الأشيم الفقعسي لابنه سعد:

يا سعد إمّا أهلكنّ فإنّني

اوصيك إنّ أخا الوصاة الأقرب

لا أعرفنّ أباك يحشر خلفكم

تعبا يجرّ على اليدين و ينكب

و احمل أباك على بعير صالح

وتق الخطيئة إنّه هو أصوب

و لعلّ لي ممّا جمعت مطية

في الحشر أركبها إذا قيل اركبوا

و قال جريبة أيضا:

إذا مت فادفني بجدّاء ما بها

سوى الأصرخين أو يفوّز راكب

فإن أنت لم تعقر عليّ مطيتي

فلا قام في مال لك الدهر حالب

و لا تدفننّي في صوى و ادفنني

بديمومة تنزو عليها الجنادب

قال: و قد ذكرت في مجموعي المسمّى ب «العبقري الحسان» أن الحسين بن محمد بن جعفر الخالع ذكر في كتابه «آراء العرب و أديانها» هذه الأبيات

٩٠

و استشهد بها على ما كانوا يعتقدون في البلية. و قلت: إنّه وهم في ذلك و إنّه ليس في هذه الأبيات دلالة على هذا المعنى و لا لها به تعلّق، و إنّما هي وصية لولده أن يعقر مطيته بعد موته إمّا لكيلا يركبها غيره بعده أو على هيئة القربان كالهدي المعقور بمكة، أو كما كانوا يعقرون عند القبور. و مذهبهم في العقر على القبور كقول زياد الأعجم في المغيرة بن المهلب:

ان السماحة و المروة ضمّنا

قبرا بمرو على الطّريق الواضح

فإذا مررت بقبره فاعقر به

كوم الهجان و كلّ طرف سابح

و قال آخر:

نفرت قلوصي عن حجارة حرة

بنيت على طلق اليدين وهوب

لا تنفري يا ناق منه فإنّه

شرّيب خمر مسعر لحروب

لو لا السّفار و بعد خرق مهمه

لتركتها تحبو على العرقوب

و مذهبهم في العقر على القبور مشهور، و ليس في هذا الشعر ما يدل على مذهبهم في البلية( ١) .

قلت: و في خبر، إنّ أمير المؤمنينعليه‌السلام استشهد من بعض الصحابة قول النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فيه: «من كنت مولاه فهذا علي مولاه» فأنكر فقال له: ان كنت سمعت و لم تشهد لي فلا أماتك اللّه إلاّ ميتة الجاهلية، فلمّا مات جاء قومه بالخيل و الإبل فعقرتها على باب منزله.

و المراد به الأشعث بن قيس، و في لطائف معارف الثعالبي هو أوّل من دفن في داره، فإنّه لمّا مات لم يقدر على إخراجه من كثرة الزحام و كان الرجل ينزل عن دابته فيعقرها و الآخر يجي‏ء براحلته فينحرها، فخاف الحسن بن

____________________

(١) شرح ابن أبي الحديد ١٩: ٣٨٥ ٣٨٩.

٩١

علي أن يعقر الناس على قبره فأمر بدفنه في داره( ١) .

قال: فإن ظنّ ظانّ أنّ قوله «أو يفوّز راكب» فيه إيماء إلى ذلك، فليس الأمر كما ظنّه، و معنى البيت ادفنّي بفلاة جدّاء مقطوعة عن الإنس ليس بها إلاّ الذئب و الغراب أو أن يعتسف راكبها المفازة( ٢) .

و أخطأ الخالع أيضا في هذا الباب إيراده قول مالك بن الريب:

و عطّل قلوصي في الركاب فإنّها

ستبرد أكبادا و تبكي بواكيا

فظنه من هذا الباب، و إنما أراد الشاعر لا تركبوا راحلتي بعدي و عطّلوها بحيث لا يشاهدها أعاديّ و أصادقي ذاهبة جائية تحت راكبها فيشمت العدوّ و يساء الصّديق.

و قد أخطأ في مواضع اخر و أورد أشعارا في غير موضعها و ظنّها مناسبة و منها أنّه ذكر مذهب العرب في الحلي و وضعه على اللّديغ، و استشهد عليه بقول الشاعر:

يلاقي من تذكّر آل ليلى

كما يلقى السليم من العداد

فالعداد معاودة السمّ الملسوغ في كلّ سنة في الوقت الذي لدغ فيه، و ليس هذا من باب الحلي بسبيل.

و من ذلك إيراده قول الفرزدق «غلبتك بالمفقّى‏ء» في باب فق‏ء عيون الفحول إذا بلغت الإبل ألفا، و سنذكر كثيرا من المواضع التي وهم فيها.

و ممّا ورد في البلية قول بعضهم:

أ بنيّ زوّدني إذا فارقتني

في القبر راحلة برحل فاتر

للبعث أركبها إذا قيل اركبوا

مستوسقين معا لحشر الحاشر

____________________

(١) لطائف المعارف للثعالبي.

(٢) شرح ابن أبي الحديد ١٩: ٣٨٩.

٩٢

و قال عويم النبهاني:

أبنيّ لا تنس البليّة إنّها

لأبيك يوم نشوره مركوب

و من تخيلات العرب و مذاهبها ما حكاه ابن الأعرابي قال: كانت العرب إذا نفرت الناقة فسمّيت لها أمّها سكنت من النّفار، قال الراجز:

أقول و الوجناء بي تقحم

ويلك قل ما اسم أمّها يا علكم

«علكم» اسم عبده، و إنّما سأل عبده ترفّعا أن يعرف اسم أمّها، لأنّ العبيد بالإبل أعرف و هم رعاتها. و أنشد السّكّري:

فقلت له ما اسم امّها هات فادعها

تجبك و يسكن روعها و نفارها( ١)

قلت: و في أساس الزمخشري يقولون: الناقة النادة تسكن إذا سميت أمّها، و كذلك يسكن الجمل النادّ إذا سمّي أبوه( ٢ ) . قلت: و لعلّ وجه سكونهما أنّهما عند سماع اسمهما يتوجه خيالهما إلى الام و الأب فيسكنان عن النفور و الند.

و ممّا كانت العرب كالمجتمعة عليه (الهامة)، و ذلك أنّهم كانوا يقولون ليس من ميت يموت و لا قتيل يقتل إلاّ و يخرج من رأسه هامة، فإن كان قتل و لم يؤخذ بثاره نادت الهامة على قبره: «اسقوني فإنّي صديّة»، و عن هذا قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم «لا هامة»( ٣) .

و حكي أن أبا زيد قال «الهامّة» مشددة الميم إحدى هوام الأرض، و إنّها هي المنادية المذكورة. و قيل: إن أبا عبيد قال: ما أرى أبا زيد حفظ هذا.

و قد يسمّونها «الصدى» و الجمع أصداء، قال: «و كيف حياة أصداء

____________________

(١) شرح ابن أبي الحديد ١٩: ٣٨٩ ٣٩١.

(٢) أساس البلاغة: ٣٥٦، مادة: (قحم).

(٣) شرح ابن أبي الحديد ١٩: ٣٩١.

٩٣

و هام»، و قال أبو دواد الأيادي:

سلّط الموت و المنون عليهم

فلهم في صدى المقابر هام

و قال بعضهم لابنه:

و لا ترقون لي هامة فوق مرقب

فإن زقاء الهام للمرء عائب

تنادي ألا اسقوني و كلّ صدى به

و تلك التي تبيضّ منها الذوائب

يقول له لا تترك ثاري إن قتلت فإنّك إن تركته صاحب هامتي: اسقوني، فإنّ كلّ صدى و هو ها هنا العطش بأبيك، و تلك التي تبيض منها الذوائب لشدّتها، كما يقال: «أمر يشيب رأس الوليد»، و يحتمل أن يريد صعوبة الأمر عليه و هو مقبور إذا لم يثأر به، و يحتمل أن يريد به صعوبة الأمر على ابنه، يعني أنّ ذلك عار عليك. و قال ذو الأصبع:

يا عمرو إلاّ تدع شتمي و منقصتي

أضربك حيث تقول الهامة اسقوني( ١)

قلت: و أنشد البيت عبد الملك بن مروان لعمرو بن سعيد لمّا قتله. قال:

و قال آخر:

[ فيا رب ان أهلك و لم ترو هامتي

بليلى أمت لا قبر أعطش من قبري( ٢)

و يحتمل هذا البيت أن يكون خارجا عن هذا المعنى الذي نحن فيه و أن يكون ريّ هامته الذي طلبه من ربه هو وصال ليلى في الدنيا، و هم يكنّون عمّا يشفيهم بأنّه يروي هامتهم. و قال معلّس الفقعسي:

و إنّ أخاكم قد علمت مكانه

بسفح قبا تسفي عليه الأعاصر

له هامة تدعو إذا الليل جنّها

بني عامر هل للهلاليّ ثائر

____________________

(١) شرح ابن أبي الحديد ١٩: ٣٩١ ٣٩٢.

(٢) شرح ابن أبي الحديد ١٩: ٣٩٥ ح ٣٩٢.

٩٤

و قال توبة بن الحميّر:

و لو أنّ ليلى الأخيلية سلّمت

عليّ و دوني جندل و صفائح

لسلّمت تسليم البشاشة أو زقا

إليها صدى من جانب القبر صائح

و قال قيس بن الملوح و هو المجنون:

و لو تلتقي أصداؤنا بعد موتنا

و من دوننا رمس من الأرض أنكب

لظلّ صدى رمسي و إن كنت رمّة

لصوت صدى ليلى يهشّ و يطرب

و قال حميد بن ثور:

ألا هل صدى أمّ الوليد مكلّم

صداي إذا ما كنت رمسا و أعظما

و ممّا أبطله الإسلام قول العرب بالصّفر، زعموا أن في البطن حيّة إذا جاع الإنسان عضّت على شر سوفه و كبده، و قيل: هو الجوع بعينه، ليس أنّها تعضّ بعد حصول الجوع.

فأما لفظ الحديث «لا عدوى و لا هامة و لا صفر» فإنّ أبا عبيدة معمر بن المثنى قال: هو «صفر» الشهر الذي بعد المحرم. نهىعليه‌السلام عن تأخيرهم المحرّم إلى صفر، يعني ما كانوا يفعلونه من النسي‏ء، و لم يوافق أحد من العلماء أبا عبيدة على هذا التفسير. قال الشاعر:

لا يتأرّى لمـّا في القدر يرقبه

و لا يعض على شرسوفه الصفر

و قال بعض شعراء بني عبس يذكر قيس بن زهير لمّا هجر الناس و سكن الفيافي و أنس بالوحش، ثم رأى ليلة نارا فعشا إليها فشمّ عندها قتار اللّحم فنازعته شهوته فغلبها و قهرها و مال إلى شجرة سلم فلم يزل يكدمها و يأكل من خبطها إلى أن مات:

إنّ قيسا كان ميتته

كرم و الحيّ منطلق

شام نارا بالهوى فهوى

و شجاع البطن يختفق

٩٥

في دريس ليس يستره

ربّ حرّ ثوبه خلق

و قوله: «بالهوى» إسم موضع بعينه. و قال أبو النجم العجلي:

إنّك يا خير فتى نستعدي

على زمان مسّنا بجهد

عضّا كعضّ صفر بكبد

و قال آخر:

أردّ شجاع البطن قد تعلمينه

و أوثر غيري من عيالك بالطّعم

و من خرافات العرب أن الرجل منهم كان إذا أراد دخول قرية فخاف وباءها أو جنّها، وقف على بابها قبل أن يدخلها فنهق نهيق الحمار، ثم علّق عليه كعب أرنب، كأنّ ذلك عوذة له و رقية من الوباء و الجن، و يسمّون هذا النهيق: التعشير قال شاعرهم:

و لا ينفع التّعشير إن حمّ واقع

و لا زعزع يغني و لا كعب أرنب

و قال الهيثم بن عدي: خرج عروة بن الورد إلى خيبر في رفقة ليمتاروا، فلمّا قربوا منها عشّروا و عاف عروة أن يفعل فعلهم و قال:

لعمري لئن عشّرت من خيفة الردى

نهاق حمير إنّني لجزوع

فلا و ألت تلك النفوس و لا أتوا

قفولا إلى الأوطان و هي جميع

و قالوا ألاّ انهق لا تضرّك خيبر

و ذلك من فعل اليهود ولوع

أي: كذب. فيقال إن رفقته مرضوا و مات بعضهم و نجا عروة من الموت و المرض. و قال آخر:

لا ينجينّك من حمام واقع

كعب تعلّقه و لا تعشير ]( ١)

قلت: و الأصل في وجه تسميتهم له بالتعشير ان الحمار يتابع في نهيقه بين عشر نهقات.

____________________

(١) شرح ابن أبي الحديد ١٩: ٣٩٢ ٣٩٥.

٩٦

[ قال: و يشابه هذا أنّ الرجل منهم كان إذا ضلّ في فلاة قلب قميصه و صفّق بيديه كأنّه يومي بهما إلى إنسان فيهتدي. قال أعرابي:

قلت ثيابي و الظنون تجول بي

و ترمي برحلي نحو كلّ سبيل

فلأيا بلأي ما عرفت جليّتي

و أبصرت قصدا لم يصب بدليل

و قال أبو العملّس الطائي:

فلو أبصرتني بلوى بطان

اصفّق بالبنان على البنان

فأقلب تارة خوفا ردائي

و أصرخ تارة بأبي فلان

لقلت أبو العملّس قد دهاه

من الجنّان خالعة العنان

و الأصل في قلب الثياب التفأول بقلب الحال، و قد جاء في الشريعة الإسلامية نحو ذلك في الإستسقاء( ١) .

و من مذاهب العرب أنّ الرجل منهم كان إذا سافر عمد إلى خيط فعقده في غصن شجرة أو في ساقها، فإذا عاد نظر إلى ذلك الخيط، فإن وجده بحاله علم أن زوجته لم تخنه، و إن لم يجده أو وجده محلولا قال: خانتني، و ذلك العقد يسمّى «الرتم». و يقال: بل كانوا يعقدون طرفا من غصن الشجر بطرف غصن آخر. قال الراجز:

هل ينفعنك اليوم إن همت بهم

كثرة ما توصي و تعقاد الرّتم

و قال آخر:

خانته لمـّا رأت شيبا بمفرقه

و غرّه حلفها و العقد للرّتم

و قال آخر:

لا تحسبنّ رتائما عقّدتها

تنبيك عنها باليقين الصادق

و قال آخر:

____________________

(١) شرح ابن أبي الحديد ١٩: ٣٩٥.

٩٧

يعلّل عمرو بالرّتائم قلبه

و في الحي ظبي قد احلّت محارمه

فما نفعت تلك الوصايا و لا جنت

عليه سوى ما لا يحبّ رتائمه

و قال آخر:

ما ذا الذي تنفعك الرّتائم

إذ أصبحت و عشقها ملازم

و هي على لذّاتها تداوم

يزورها طبّ الفؤاد عارم

بكلّ أدواء النساء عالم

و قد كانوا يعقدون الرّتم للحمّى و يرون أن من حلّها انتقلت الحمّى إليه، قال الشاعر:

حللت رتيمة فمكثت شهرا

أكابد كلّ مكروه الدواء ]( ١)

قلت: و تأتي «الرتيمة» أيضا لمّا يعقد في اليد للتذكرة كما قال ثعلب في مجالسه و أنشد:

إذا لم تكن حاجاتنا في نفوسنا

لإخواننا لم تغن عنّا الرتائم( ٢)

و قال ابن السكّيت: إنّ العرب كانت تقول: إنّ المرأة المقلات و هي التي لا يعيش لها ولد إذا وطئت القتيل الشريف عاش ولدها، قال بشر بن أبي حازم:

قظل مقاليت النساء تطأنه

يقلن ألاّ يلقى على المرء مئزر

و قال أبو عبيدة: تتخطّاه المقلاة سبع مرات فذلك وطاها له.

و قال ابن الأعرابي: يمرّون به و يطأون حوله. و قيل إنّما كانوا يفعلون ذلك بالشريف يقتل غدرا أو قودا، و قال الكميت:

و تطيل المرزّءات المقاليت

إليه القعود بعد القيام

____________________

(١) شرح ابن أبي الحديد ١٩: ٣٩٦.

(٢) مجالس الثعلبي.

٩٨

و قال آخر:

تركنا الشعثمين برمل خبت

تزورهما مقاليت النساء

و قال آخر:

بنفسي الذي تمشي المقاليت حوله

يطال له كشحا هضيما مهشّما

و قال آخر:

تباشرت المقاليت حين قالوا

ثوى عمرو بن مرّة بالحفير

و من تخيّلات العرب و خرافاتها أن الغلام منهم كان إذا سقطت له سن أخذها بين السبابة و الابهام و استقبل الشمس إذا طلعت و قذف بها و قال: يا شمس، أبدليني بسن أحسن منها و ليجر في ظلمها «إياتك» أو «إياؤك»، و هما جميعا شعاع الشمس، قال طرفة «سقته إياة الشمس»، و إلى هذا الخيال أشار شاعرهم بقوله:

شادن يجلو إذا ما ابتسمت

عن أقاح كأقاح الرمل غر

بدّلته الشمس من منبته

بردا أبيض مصقول الأثر

و قال آخر:

و أشنب واضح عذب الثنايا

كأنّ رضا به صافي المدام

كسته الشمس لونا من سناها

فلاح كأنّه برق الغمام

و قال آخر:

بذي اشر عذب المذاق تفرّدت

به الشمس حتى عاد أبيض ناصعا

و الناس اليوم في صبيانهم على هذا المذهب.

و كانت العرب تعتقد أن دم الرئيس يشفي من عضة الكلب الكلب، قال الشاعر:

بناة مكارم و اساة جرح

دماؤهم من الكلب الشفاء

٩٩

و قال ابن الزبير الأسدي:

من خير بيت علمناه و أكرمه

كانت دماؤهم تشفي من الكلب

و قال الكميت:

أحلامكم لسقام الجهل شافية

كما دماؤكم تشفي من الكلب

و من تخيّلات العرب أنّهم كانوا إذا خافوا على الرجل الجنون و تعرّض الأرواح الخبيثة له نجّسوه بتعليق الأقذار عليه كخرقة الحيض و عظام الموتى قالوا: و أنفع من ذلك أن تعلّق عليه طامث عظام موتى ثم لا يراها يومه ذلك و أنشدوا للممزّق العبديّ:

فلو أن عندي جارتين و راقيا

و علّق انجاسا عليّ المعلّق

قالوا: و التنجيس يشفي إلاّ من العشق، قال أعرابي:

يقولون علّق يا لك الخير رمّة

و هل ينفع التنجيس من كان عاشقا

و قالت امرأة و قد نجّست ولدها فلم ينفعه و مات:

نجّسته لو ينفع التنجيس

و الموت لا تفوته النفوس

و كان أبو مهديّة يعلّق في عنقه العظام و الصوف حذر الموت، و أنشدوا:

أتوني بأنجاس لهم و منجّس

فقلت لهم ما قدّر اللّه كائن

و من مذاهبهم أنّ الرجل منهم كان إذا خدرت رجله ذكر من يحبّ أو دعاه فيذهب خدرها، قال:

على أنّ رجلي لا يزال امذلالها

مقيما بها حتى أجيلك في فكري

و قال كثير:

إذا مذلت رجلي ذكرتك أشتفي

بدعواك من مذل بها فيهون

و قال جميل:

و أنت لعيني قرّة حين نلتقي

و ذكرك يشفيني إذا خدرت رجلي

١٠٠