بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة الجزء ١٤

بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة0%

بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة مؤلف:
تصنيف: أمير المؤمنين عليه السلام
الصفحات: 639

بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة

مؤلف: الشيخ محمد تقي التّستري
تصنيف:

الصفحات: 639
المشاهدات: 223589
تحميل: 7055


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5 الجزء 6 الجزء 7 الجزء 8 الجزء 9 الجزء 10 الجزء 11 الجزء 12 الجزء 13 الجزء 14
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 639 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 223589 / تحميل: 7055
الحجم الحجم الحجم
بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة

بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة الجزء 14

مؤلف:
العربية

جنودا لا يفقهون ألسنتهم و لا يعرفون وجوههم و لا يرحمون بكاءهم و لأبتعثن فيهم ملكا جبارا قاسيا له عساكر كقطع السحاب و مواكب كأمثال العجاج ، كأن خفقان راياته طيران النسور و كأنّ حمل فرسانه كرّ العقاب ، يعيدون العمران خرابا و يتركون القرى وحشة ، فيا ويل إيليا و سكّانها كيف اذللّهم للقتل و اسلّط عليهم السباء و اعيد بعد لجب الأعراس صراخ الهام ، و بعد صهيل الخيل عواء الذئب و بعد شرفات القصور مساكن السباع و بعد ضوء السرج رهج العجاج ، و لأبدّلن رجالهم بتلاوة الكتاب انتهار الأرباب و بالعزّ الذل و بالنعمة العبودية ، و لأبدلن نساءهم بالطيب التراب و بالمشي على الزرابي الخبب ، و لأجعلن أجسادهم زبلا للأرض و عظامهم ضاحية للشمس .

و في رواية : ثم لآمرنّ السماء فلتكونن طبقا من حديد و الأرض فلتكونن سبيكة من نحاس ، فإن أمطرت السماء و أنبتت الأرض شيئا في خلال ذلك فبرحمتي للبهائم ، ثم أحبسه في زمن الزرع و ارسله في زمن الحصاد ، فإن زرعوا خلال ذلك شيئا سلّطت عليه الآفة ، فإن خلص منه شي‏ء نزعت منه البركة ، فإن دعوني لم أجبهم و إن سألوني لم اعطهم و إن بكوا لم أرحمهم و إن تضرّعوا صرفت وجهي عنهم(١) .

و عن أبي جعفرعليه‌السلام : أما إنّه ليس من سنة أقلّ مطرا من سنة ، و لكن اللَّه يضعه حيث يشاء ، إنّ اللَّه تعالى إذا عمل قوم بالمعاصي صرف عنهم ما كان قدر لهم من المطر في تلك السنة إلى غيرهم و إلى الفيافي و البحار و الجبال ، و إنّ اللَّه تعالى ليعذّب الجعل في جحرها بحبس المطر من الأرض التي بمحلتها بخطايا من بحضرتها ، و قد جعل اللَّه لها السبيل إلى مسلك سوى محلة أهل

____________________

( ١ ) عيون الأخبار ٢ : ٢٦١ ٢٦٢ .

١٢١

المعاصي ثم قال : . .( فاعتبروا يا اولي الأبصار ) (١) .

ثم قالعليه‌السلام : وجدنا في كتاب عليّعليه‌السلام أن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله قال : إذا ظهر الزنا كثر موت الفجأة ، و إذا طفف المكيال أخذهم اللَّه بالسنين و النقص ، و إذا منعوا الزكاة منعت الأرض بركاتها من الزرع و الثمار و المعادن كلها ، و إذا جاروا في الأحكام تعاونوا على الظلم و العدوان ، و إذا نقضوا العهود سلّط اللَّه عليهم شرارهم فيدعو عند ذلك خيارهم فلا يستجاب لهم .

« ليتوب تائب »( و لقد أرسلنا إلى اُمم من قبلك فأخذناهم بالبأساء و الضرّاء لعلهم يتضرعون ) (٢) .

« و يقلع » أي : يكف عن الجناية .

« مقلع و يتذكر متذكر »( و لقد صرفناه بينهم ليذكروا .(٣) ( و لقد يسّرنا القرآن للذكر فهل من مدّكر ) (٤) .

« و يزدجر » أي يمتنع .

« مزدجر »( و لقد جاءهم من الأنباء ما فيه مزدجر ) (٥) .

« و قد جعل اللَّه » هكذا في ( المصرية )(٦) و الصواب : « و قد جعل اللَّه سبحانه » كما في ( ابن أبي الحديد و ابن ميثم و الخطية )(٧) .

« الاستغفار سببا لدرور » من : درّ الضرع باللبن درورا .

____________________

( ١ ) الحشر : ٢ .

( ٢ ) الأنعام : ٤٢ .

( ٣ ) الفرقان : ٥٠ .

( ٤ ) القمر : ١٧ .

( ٥ ) القمر : ٤ .

( ٦ ) الطبعة المصرية : ٢٧٨ .

( ٧ ) شرح ابن أبي الحديد ٧ : ٢٦٨ ، انظر شرح ابن ميثم الرواية ( ١٤٢ ) أما الخطية ففي الصفحة ١١٧ .

١٢٢

« الرزق فقال » حكاية عن نوحعليه‌السلام لقومه .

( استغفروا ربكم إنّه كان غفاراً يرسل السماء عليكم مدراراً ) (١) أي :

تدرّ بالمطر كثيرا و مرارا .

و يمددكم بأموال و بنين (٢) في ( الكافي ) : قال رجل لأبي عبد اللَّهعليه‌السلام :

لا يولد لي فقال : استغفر ربك في السحر مائة مرة فإن نسيته فاقضه(٣) .

و فيه : عن الأبرش الكلبي : شكا إلى أبي جعفرعليه‌السلام أنه لا يولد له قال :

استغفر اللَّه في كل يوم أو كل ليلة مائة مرة ، فإنّه تعالى يقول . .( استغفروا ربكم إنّه كان غفارا يرسل السماء عليكم مدرارا و يمددكم بأموال و بنين ) . .(٤) و تتمة الآية الأخيرة و يجعل لكم جنات و يجعل لكم أنهارا .

« فرحم اللَّه امرأ استقبل توبته »( قال هود لقومه و يا قوم استغفروا ربكم ثم توبوا إليه يرسل السماء عليكم مدراراً و يزدكم قوة إلى قوتكم و لا تتولوا مجرمين ) (٥) .

« و استقال خطيئته » في ( الكافي ) عن الصادقعليه‌السلام : أنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله نزل بأرض قرعاء ، فقال لأصحابه : إيتونا بحطب فقالوا : نحن بأرض قرعاء ما بها من حطب قال : فليأت كل إنسان بما قدر عليه فجاؤوا به حتى رموا بين يديه بعضه على بعض فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : هكذا تجتمع الذنوب ثم قال : إيّاكم و المحقّرات من الذنوب ، فإنّ لكل شي‏ء طالبا الا و إنّ طالبها يكتب ما قدموا و آثارهم و كل شي‏ء أحصيناه في إمام مبين .

____________________

( ١ ) نوح : ١٠ ١١ .

( ٢ ) نوح : ١٢ .

( ٣ ) الكافي ٦ : ٦٩٩ .

( ٤ ) نوح : ١٠ ١٢ .

( ٥ ) هود : ٥٢ .

١٢٣

« و بادر منيته »( أن تقول نفس يا حسرتا على ما فرّطت في جنب اللَّه ) . .(١) .

« اللهم إنّا خرجنا إليك من تحت الأستار و الأكنان » و المراد بها لبيوت .

« و بعد عجيج » أي : رفع صوت .

« البهائم و الولدان راغبين في رحمتك » التي وسعت كل شي‏ء .

« و راجين نعمتك » المسبغة على عبادك ظاهرة و باطنة .

« و خائفين من عذابك و نقمتك » أي الآيسين من رحمتك .

« و لا تهلكنا بالسنين » أي : سني القحط و الغلاء .

و في ( القاموس )(٢) : في ( الشغر ) قال ابن هشام حفر السيل عن قبر باليمن فيه امرأة في عنقها سبع مخانق من در و في يديها و رجليها من الأسورة و الخلاخيل و الدماليج سبعة سبعة و في كل إصبع خاتم فيه جوهرة مثمنة و عند رأسها تابوت مملوّ مالا و لوح فيه مكتوب « باسمك اللّهم الرحمن الرحيم ، أنا تاجة بنت ذي شغر بعثت مائرنا الى يوسف فابطأ علينا ، فبعثت لاذنى بمدمن ورق لتأتيني بمدمن طحين فلم تجده ، فبعثت بمد من ذهب فلم تجده ، فبعثت بمد من بحري فلم تجده ، فأمرت به فطحن فلم انتفع به ، فاقتلفت فمن سمع بي فليرحمني و أية امرأة لبست حليا من حليتي فلا ماتت إلاّ ميتتي » .

و في ( الكافي )(٣) عن الصادقعليه‌السلام : إنّ قوما افرغت عليهم النعمة و هم أهل الثرثار ، فعمدوا إلى مخ الحنطة فجعلوها خبزا و جعلوا ينجون به

____________________

( ١ ) هود : ٥٦ .

( ٢ ) القاموس : ٥٣٥ ، مادة ( شغر ) .

( ٣ ) الكافي ٣ : ٦٦٢ ح ١ .

١٢٤

صبيانهم ، حتى اجتمع من ذلك جبل عظيم ، فمرّ بهم رجل صالح و امرأة تفعل ذلك بصبي لها ، فقال : ويحكم اتقوا اللَّه و لا تغيّروا ما بكم من نعمة فقالت له :

كأنّك تخوّفنا بالجوع ، أما ما دام ثرثارنا يجري فإنّا لا نخاف الجوع فأسف اللَّه تعالى فأضعف لهم الثرثار و حبس عنهم قطر السماء و نبات الأرض فاحتاجوا إلى ذلك الجبل و انه كان ليقسم بينهم بالميزان(١) .

و عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله : كان نبي في من كان قبلكم يقال له دانيال ، و إنّه أعطى صاحب معبر رغيفا لكي يعبر به ، فرماه و قال : ما أصنع به ؟ الخبز عندنا يداس بالأرجل فلما رأى ذلك دانيال رفع يده إلى السماء ثم قال : اللهم أكرم الخبر فقد رأيت ما صنع هذا العبد و ما قال فأوحى اللَّه تعالى إلى السماء أن تحبس الغيث و إلى الأرض أن كوني طبقا كالفخار ، فلم يمطروا حتى بلغ من أمرهم أنّ بعضهم أكل بعضا ، فلما بلغ منهم ما أراد اللَّه تعالى من ذلك قالت امرأة لاخرى و لهما ولدان : يا فلانة تعالي حتى نأكل أنا و أنت اليوم ولدي ، و إذا كان غدا أكلنا ولدك قالت لها : نعم ، فأكلتاه فلما أن جاعتا راودت الاخرى على أكل ولدها فامتنعت عليها فقالت لها : بيني و بينك نبي اللَّه فاختصمتا إلى دانيال فقال لهما : بلغ الأمر إلى ذلك ؟ قالتا : و أشدّ فرفع يده إلى السماء فقال : اللهم عد علينا بفضلك و رحمتك و لا تعاقب الأطفال و من فيه خير بذنب صاحب المعبر فأمر اللَّه تعالى إلى السماء أن امطري على الأرض و إلى الأرض أن أنبتي لخلقي ما فاتهم من خيرك ، فإنّي لأرحمنهم بالطفل الصغير(٢) .

« و لا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منّا يا ارحم الراحمين » يؤاخذ اللَّه تعالى الحلماء بفعل السفهاء لانهم لا يأخذون على أيديهم .

____________________

( ١ ) الكافي ٦ : ٣٠١ ح ١ .

( ٢ ) الكافي ٦ : ٣٠١ ح ٢ .

١٢٥

و في الخبر : أوحى اللَّه تعالى إلى شعيب النبيّ أنّي معذّب من قومك مائة ألف ، أربعين من شرارهم و ستين من خيارهم فقالعليه‌السلام : يا رب هؤلاء الأشرار فما بال الأخيار فأوحى تعالى إليه : لأنّهم داهنوا أهل المعاصي و لم يغضبوا لغضبي(١) .

« اللهم إنّا خرجنا إليك نشكو إليك ما لا يخفى عليك » و الشكاية إليه تعالى ليس فيها كراهة ، قال تعالى حكاية عن يعقوب : « إنّما أشكو بثّي و حزني إلى اللَّه » و إنّما المذموم الشكاية منه تعالى .

« حين ألجأتنا » أي : اضطرتنا .

« المضايق » جمع المضيقة .

« الوعرة » أي : الصعبة .

« و اجاءتنا » أي : جاءت بنا اضطرارا قال زهير :

و جار سار معتمدا إليكم

أجاءته المخافة و الرجاء(٢)

« المقاحط » جمع المقحطة .

« المجدبة » و الجدب : يبس الأرض و انقطاع المطر .

« و أعيتنا » أي : أعجزتنا .

« المطالب المتعسرة و تلاحمت علينا » أي : صارت كالمتلاحمة الشجة التي أخذت في اللحم .

« الفتن المستصعبة » قال اعرابي : اللهم أنت الرب يستغاث ، لك الحياة و لك الميراث ، و قد دعاك الناس و عندك الغياث ، لم يبق إلاّ عكرس انكاث ، و شيح اصولها مباث ، و طاحت الألبان و الأرماث .

____________________

( ١ ) تهذيب الأحكام للطوسي ٦ : ١٨١ ح ٢١ الباب ٢٢ .

( ٢ ) الصحاح للجوهري : ٤٢ مادة ( جيا ) .

١٢٦

« اللهم إنّا نسألك ألا تردّنا خائبين » خاب الرجل : إذا لم ينل ما طلب .

و في ( الكافي ) عن الصادقعليه‌السلام : لما استسقى النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله و سقي الناس حتى قالوا إنّه الغرق فقال بيده و ردّها « اللهم حوالينا و لا علينا » فتفرق السحاب ، فقالوا : يا رسول اللَّه استسقيت لنا فلم نسق ثم استسقيت فسقينا .

قال : إنّي دعوت و ليس لي في ذلك نية ثم دعوت و لي في ذلك نية(١) .

« و لا تقلبنا واجمين » الواجم الذي اشتدّ حزنه حتى أمسك عن الكلام .

« و لا تخاطبنا بذنوبنا » بأن تقول لنا : يا مذنبون بل خاطبنا باسمك و وصفك يا مرحومين و يا معفوين .

« و لا تقايسنا » و مصدره القياس كالمقايسة .

« بأعمالنا » فنكون من المهلكين .

« اللهم انشر علينا غيثك » المطر عقيب المحل و عند الحاجة إليه .

« و بركتك و رزقك و رحمتك » في ( الروضة ) عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله : إنّ اللَّه تعالى جعل السحاب غرابيل للمطر تذيب البرد حتى يصير ماء لكيلا يضرّ شيئا ، و الذي ترون فيه من البرد و الصواعق نقمة من اللَّه تصيب بها من يشاء من عباده(٢) .

« و اسقنا سقيا نافعة مروية » من ( أرواه ) من الماء .

« معشبة » جائية بالعشب ، أي : الكلاء الرطب في أول الربيع .

« تنبت بها ما قد فات و تحيى بها ما قد مات » .

في ( الروضة )(٣) عن أبي عبد اللَّهعليه‌السلام : اتى قوم النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله فقالوا : إنّ

____________________

( ١ ) الكافي للكليني ٢ : ٢٧٤ الرواية ٥ .

( ٢ ) الكافي ٨ : ٢٣٩ الرواية ٣٢٦ الباب ( ٨ ) .

( ٣ ) الروضة : ٢١٧ ح ٢٦٦ .

١٢٧

بلادنا قد قحطت و توالت السنون علينا فادع اللَّه تعالى يرسل السماء علينا .

فأمر بالمنبر فاخرج و اجتمع الناس فصعده و دعا و أمر الناس أن يؤمّنوا ، فلم يلبث أن هبط جبرئيل فقال : أخبر الناس أنّ ربك قد وعدهم أن يمطرو اليوم كذا و كذا و ساعة كذا و كذا ، فلم يزل الناس ينتظرون ذلك اليوم و تلك الساعة حتى إذا كانت أهاج اللَّه تعالى ريحا فأثارت سحابا و جللت السماء و أرخت عزاليها ، فجاء اولئك النفر بأعيانهم إلى النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله فقالوا : ادع اللَّه أن يكفّ السماء عنّا فإنّا كدنا أن نغرق فاجتمع الناس و دعا النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله و أمر أن يؤمّنوا على دعائه ، فقال له رجل : اسمعنا فإنّ كل ما تقول ليس يسمع فقال : قولوا « اللهم حوالينا و لا علينا ، اللهم صبها في بطون الأودية و في نبات الشجر و حيث يروى أهل الوبر ، اللهم اجعلها رحمة و لا تجعلها عذابا »(١) .

« نافعة الحيا » في ( فقه اللغة ) : إذا أحيى المطر الأرض بعد موتها فهو الحيا ، و في ( الصحاح ) الحيا المطر و الخصب .

« كثيرة المجتنى » من اجتنيت الثمرة .

هذا و في ( الأغاني ) : قال إسحاق بن أيوب بن سلمة : اعتمرت في رجب سنة ( ١٠٥ ) فصادفني ابن ميادة بمكة قدمها معتمرا ، فأصابنا مطر شديد تهدمت منه البيوت و توالت فيه الصواعق ، فجلس إليّ ابن ميادة غد ذاك اليوم ، فجعل يأتيني من قومي و غيرهم فأستخبرهم عن ذلك الغيث فيقولون : صعق فلان و انهدم منزل فلان ، فقال ابن ميادة : هذا العيث لا الغيث .

فقلت : فما الغيث عندك ؟ فقال :

سحائب لا من صيب ذي صواعق

و لا محرقات ماؤهن حميم

____________________

( ١ ) الكافي للكليني ٨ : ٢١٧ ح ٢٦٦ .

١٢٨

إذا ما هبطن الأرض قد مات عودها

بكين بها حتى يعيش هشيم(١)

« تروى » من أرواه من الماء .

« بها القيعان » جمع القاع : المستوي من الأرض .

« و تسيل » من سال الماء و أساله غيره .

« البطنان » جمع البطن : الغامض من الأرض .

« و تستورق الأشجار » أي : يخرج ورقها .

« و ترخص الأسعار انك على كل شي‏ء قدير » فافعل بنا ما سألنا .

و روى ( توحيد الصدوق ) : إنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله مر بالمحتكرين فأمر بحكرتهم أن تخرج إلى بطون الأسواق و حيث تنظر الأبصار إليها ، فقيل لهصلى‌الله‌عليه‌وآله : لو قومت عليهم فغضب حتى عرف الغضب في وجهه و قال : أنا أقوم عليهم ، إنّما السعر إلى اللَّه عزّ و جلّ يرفعه إذا شاء و يخفضه إذا شاء(٢) .

و روى أنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله لما قيل له : لو أسعرت فإنّ الاسعار تزيد و تنقص ، قال : ما كنت لألقى اللَّه تعالى ببدعة لم يحدث لي فيها شيئا ، فدعوا عباد اللَّه يأكل بعضهم من بعض(٣) .

و عن السجادعليه‌السلام : ان اللَّه تعالى و كل بالسعر ملكا يدبره بأمره(٤) .

٣ من الحكمة ( ٤٧٢ ) و قالعليه‌السلام في دعاء استسقى به :

اَللَّهُمَّ اِسْقِنَا ذُلُلَ اَلسَّحَابِ دُونَ صِعَابِهَا

____________________

( ١ ) الأغاني لأبي الفرج الأصفهاني ٢ : ٣٢٣ .

( ٢ ) التوحيد للصدوق : ٣٨٨ ح ٣٣ ، لم يأت الشيخ الطوسي في النهاية على ذكره بل اكتفى بالإشارة ص ١٣٩ .

( ٣ ) من لا يحضره الفقيه للصدوق ٣ : ٢٦٨ ، الرواية ٣٩٦٩ ، الباب ٢ .

( ٤ ) الكافي للكليني ٥ : ١٦٣ الرواية ٣ .

١٢٩

أقول : رواه كتب غريب الحديث ، كما يظهر من ( النهاية ) و حيث إنهعليه‌السلام دعا لذلل السحاب ننقل أوصاف السحاب و أسماءها من ( فقه لغة الثعالبي ) ، فقال : أوّل ما ينشأ السحاب فهو النشؤ ، فإذا انسحب في الهواء فهو السحاب ، فإذا تغيّرت له السماء فهو الغمام ، فإذا كان غيما ينشأ في عرض السماء فلا تبصره و لكن تسمع رعده من بعيد فهو العقر ، فإذا أظلّ السماء فهو العارض ، فإذا كان ذا رعد و برق فهو العراص ، فإذا كانت السحاب قطعا صغارا متدانيا بعضها من بعض فهي النمرة ، فإذا كانت متفرقة فهي القزع ، فإذا كانت قطعا متراكمة فهي الكرفي ، فإذا كانت كأنّها قطع الجبال فهي قلع و كنهور واحدتها كنهورة ، فإذا كانت قطعا مستدقة رقاقا فهي الطخارير واحدتها طخرور ، فإذا كانت حولها قطع من السحاب فهي مكللة ، فإذا كانت سوداء فهي طخياء و متطخطخة ، فإذا رأيتها و حسبتها ماطرة فهي مخيلة ، فإذا غلظ السحاب و ركب بعضه بعضا فهو المكفهر فإذا ارتفع و لم ينبسط فهو النشاص ، فإذا انقطع في أقطار السماء و تلبد بعضه فوق بعض فهو القرد ، و إذا ارتفع و حمل الماء و كثف و أطبق فهو العماء و العماية و الطخاء و الطخاف و الطهاء ، فإذا اعترض اعتراض الجبل قبل أن يطبق السماء فهو الحيا ، فإذا عن فهو العنان ، فإذا أظل الأرض فهو الدجن ، فإذا اسودّ تراكب فهو المحمومي ، فإذا تعلق سحاب دون السحاب فهو الرباب ، فإذا كان سحاب فوق السحاب فهو الغفارة ، فإذا تدلى و دنا من الأرض مثل هدب القطيفة فهو الهيدب ، فإذا كان ذا ماء كثير فهو القنيف ، فإذا كان أبيض فهو المزن و الصبير ، فإذا كان لرعده صوت فهو الهزيم ، فإذا اشتد صوت رعده فهو الأجشّ فإذا كان باردا و ليس فيه ماء فهو الصرار ، فإذا كان خفيفا تسفره الريح فهو الزبرج ، فإذا كان ذا صوت شديد

١٣٠

فهو الصيب ، فإذ اهراق ماؤه فهو الجهام و يقال بل ما لا ماء فيه(١) .

ثم الظاهر أنّ المراد بذلل السحاب سحاب إذا ظهر أمطر و أكثر ، و بصعابها سحاب ترعد و تبرق و تتكاثف و تتداني و لا ترى منها أثرا .

هذا ، و في ( الاسد ) : استسقى النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله فقال : « اللهم اسقنا » فقال أبو لبابة لهصلى‌الله‌عليه‌وآله : إنّ التمر في المربد و ما في السماء سحاب نراه فقال النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ثلاثا « اللهم اسقنا » و قال في الثالثة « حتى يقوم أبو لبابة عريانا يسدّ ثعلب مربده بإزاره » فاستهلت السماء و أمطرت مطرا شديدا ، فأطافت الأنصار بأبي لبابة و قالوا له : إنّ السماء لن تقلع حتى تقوم عريانا فتسدّ ثعلب مربدك بأزارك كما قال النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقام فسد ثعلب مربده بأزاره فأقلعت السماء(٢) .

قول المصنّف : « قال الرضي » إنّه من كلام الشراح فليس في ( الخطية ) رأسا و في ( ابن ميثم ) « قال السيد »(٣) .

« و هذا من الكلام العجيب الفصاحة » ككثير من كلامهعليه‌السلام .

« و ذلك أنّهعليه‌السلام شبه السحاب ذوات الرعود » قال الثعالبي في ( فقه لغته ) : تقول العرب رعدت السماء ، فإذا زاد صوتها قيل أرزمت و دوّت ، فإذا زاد و اشتدّ قيل قصفت و قعقعت ، فإذا بلغ النهاية قيل جلجلت و هدهدت(٤) .

« و البوارق » قال الثعالبي أيضا : عن الأصمعي و أبي زيد : إذا برق البرق كأنه يبتسم و ذلك بقدر ما يريك سواد الغيم من بياضه قيل انكل انكلالا ، فإذا بدأ من السماء برق يسير قيل أوشمت السماء و منه قيل « أوشم النبت » إذا أبصرت أوّله ، فإذا برق برقا ضعيفا قيل خفى يخفى عن أبي عمرو ، و خفا

____________________

( ١ ) فقه اللغة للثعالبي : ٢٧٤ ٢٧٥ .

( ٢ ) اسد الغابة لابن الأثير ٥ : ٢٨٤ .

( ٣ ) النسخة الخطيّة : سقطت منه العبارة ، شرح ابن ميثم ٥ : ٤٦٥ الرواية ٢٧٦ .

( ٤ ) فقه اللغة للثعالبي : ٢٧٦ .

١٣١

يخفو عن الكسائي ، فإذا لمع لمعا خفيفا قيل لمح و أومض ، فإذا تشقق قيل انعق انعقاقا ، فإذا ملأ السماء و تكشف و اضطرب قيل تبوج ، فإذا كثر و تتابع قيل ارتعج ، فإذا لمع و أطمع ثم عدل قيل له خلب(١) .

« و الرياح و الصواعق » قال الثعالبي أيضا : إذا وقعت الريح بين الريحين فهي النكباء ، فإذا وقعت بين الجنوب و الصبا فهي الجربيا ، فإذا هبت من جهات مختلفة فهي المتناوحة ، فإذا كانت لينة فهي الريدانة ، فإذا جاءت بنفس ضعيف و روح فهي النسيم ، فإذا كان لها حنين كحنين الإبل فهي الحنون ، فإذا ابتدأت بشدة فهي النافجة ، فإذا كانت شديدة فهي العاصف و السيهوج ، فإذا كانت شديدة و لها زفزفة و هي الصوت فهي الزفزافة ، فإذا اشتدت حتى تقلع الخيام فهي الهجوم ، فإذا حرّكت الأغصان تحريكا شديدا و قلعت الأشجار فهي الزعزع و الزعزاع و الزعزعان ، فإذا جاءت بالحصباء فهي الحاصبة ، فإذا درجت حتى ترى لها ذيلا كالرسن في الرمل فهي الدروج ، فإذا كانت شديدة المرور فهي النئوج ، فإذا كانت سريعة فهي المجفل و الجافة ، فإذا هبت من الأرض نحو السماء كالعمود فهي الإعصار و يقال لها زوبعة أيضا ، فإذا هبت بالغبرة فهي الهبوة ، فإذا حملت المور و جرت الذيل فهي الهوجاء ، فإذا كانت باردة فهي الحرجف و الصرصر و العرية فإذا كان مع بردها ندى فهي البليل ، فإذا كانت حارة فهي الحرور و السموم ، فإذا كانت حارة و أتت من قبل اليمن فهي الهيف ، فإذا كانت باردة شديدة تخرق الثوب فهي الخريق ، فإذا ضعفت و جرت فويق الأرض فهي المسفسفة ، فإذا لم تلقح شجرا و لم تحمل مطرا فهي العقيم و قد نطق بها القرآن(٢) .

____________________

( ١ ) فقه اللغة : ٢٧٦ ٢٧٧ .

( ٢ ) فقه اللغة : ٢٧٣ ٢٧٤ .

١٣٢

« بالابل الصعاب التي تقمص برحالها » قال الجوهري : يقال دابة فيها قماص ، و هو أن ترفع يديها و تطرحهما معا و تعجن برجليها ، و في المثل « ما بالعير من قماص » و هو الحمار يضرب لمن ذلّ بعد عزّ(١) .

و في ( الأساس ) : قمصت الناقة بالرديف : مضت به نشيطة ، قال لبيد :

عذافرة تقمص بالردا في

تخونها نزولي و ارتحالي(٢)

« و تقص » هكذا في ( المصرية )(٣) و الصواب : « و تتوقص » كما في ( ابن أبي الحديد و ابن ميثم و الخطية )(٤) .

و في ( الأساس ) : « توقصت الركاب توقصا » ، و هو نزوها مع القرمطة كأنها تكسر الخطو(٥) .

« بركبانها » جمع الركب أصحاب الإبل في السفر .

« و شبه السحاب خالية » هكذا في ( المصرية )(٦) و الصواب : « الخالية » كما في ( ابن أبي الحديد و ابن ميثم و الخطية ) .

« من تلك الروائع » جمع الروعة بالفتح أي : الفزعة .

« بالإبل الذلل التي تحتلب طيعة » أي : طائعة .

« و تقعد » في ( الصحاح ) : القعود البعير الذي يقتعده الراعي في كل حاجة ، و هو بالفارسية رخت ، و بتصغيره جاء المثل « اتخذوه قعيد الحاجات » إذا امتهنوا الرجل في حوائجهم .

____________________

( ١ ) الصحاح للجوهري ٢ : ٥٤ مادة ( قمص ) .

( ٢ ) أساس البلاغة للزمخشري : ٣٧٧ .

( ٣ ) الطبعة المصرية : ٢٧٨ .

( ٤ ) شرح ابن أبي الحديد ٢٠ : ٢٢٩ ، و ابن ميثم ٥ : ٤٦٥ بلفظ « تقص » .

( ٥ ) أساس البلاغة : ٥٠٦ مادة ( وقص ) .

( ٦ ) الطبعة المصرية : ٢٧٨ .

١٣٣

« مسمحة » أي : ذلولة .

هذا ، و روى ( العيون ) : أنّ المأمون لما جعل الرضاعليه‌السلام ولي عهده احتبس المطر ، فجعل بعض حاشية المأمون من المتعصبين عليهعليه‌السلام يقولون انظروا لما جاءنا علي بن موسى و صار ولي عهدنا حبس عنا المطر ، فاتصل ذلك بالمأمون فاشتد عليه فقال لهعليه‌السلام : لو دعوت اللَّه قال : نعم قال :

متى و كان يوم الجمعة فقال : يوم الاثنين قال النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله : أتاني البارحة في منامي و معه أمير المؤمنينعليه‌السلام فقال : يا بني انتظر يوم الاثنين فابرز إلى الصحراء و استسق فإنّ اللَّه تعالى سيسقيهم و أخبرهم بما يريك اللَّه مما لا يعلمون من حالهم ليزداد علمهم بفضلك و مكانك من ربك تعالى فلما كان يوم الاثنين غدا إلى الصحراء و خرج الخلائق ينظرون ، فصعد المنبر فحمد اللَّه و أثنى عليه ثم قال : « اللهم يا ربّ أنت عظّمت حقنا أهل البيت فتوسلوا بنا كما أمرت و أمّلوا فضلك و رحمتك و توقّعوا إحسانك و نعمتك فاسقهم سقيا نافعا عاما غير رائث و لا ضائر ، و ليكن ابتداء مطرهم بعد انصرافهم من مشهدهم هذا إلى منازلهم و مقارّهم » فو الذي بعث محمّدا بالحق لقد نسجت الرياح في الهواء الغيوم و أرعدت و أبرقت و تحرك الناس كأنهم يريدون التنحي عن المطر ، فقالعليه‌السلام : على رسلكم فليس هذا الغيم لكن إنّما هو لأهل بلد كذا .

فمضت السحابة و عبرت ثم جاءت اخرى تشتمل على رعد و برق فتحركوا فقالعليه‌السلام : على رسلكم انما هو لأهل بلد كذا حتى جاءت عشر سحابة في كلها يقولعليه‌السلام : هي لبلد كذا ثم أقبلت سحابة فقالعليه‌السلام : هذه لكم فاشكروا اللَّه و إنّها ممسكة عنكم إلى ان تدخلوا مقارّكم فانصرفوا إلى ان قربوا من بيوتهم فجاءت بوابل المطر فملأت الأودية و الحياض و الغدران و الفلوات ، فجعلوا

١٣٤

يقولون : هنيئا لولد رسول اللَّه كراماته تعالى . .(١) .

٤ من الخطبة ( ٥٣ ) و من كلام لهعليه‌السلام في ذكر يوم النحر :

وَ مِنْ تَمَامِ اَلْأُضْحِيَّةِ اِسْتِشْرَافُ أُذُنِهَا وَ سَلاَمَةُ عَيْنِهَا فَإِذَا سَلِمَتِ اَلْأُذُنُ وَ اَلْعَيْنُ سَلِمَتِ اَلْأُضْحِيَّةُ وَ تَمَّتْ وَ لَوْ كَانَتْ عَضْبَاءَ اَلْقَرْنِ تَجُرُّ رِجْلَهَا إِلَى اَلْمَنْسَكِ قال الشريف : و المنسك هنا المذبح قول المصنّف : « و من كلام لهعليه‌السلام في ذكر يوم النحر » هكذا في ( المصرية )(٢) و لكن في ( ابن ميثم ) : « و من كلام لهعليه‌السلام يوم النحر في صفة الأضحية » و في ( الخطية و ابن أبي الحديد ) : « و منها في ذكر يوم النحر و صفة الأضحية » و الصواب : ما في ( ابن ميثم ) لأنّ العنوان ليس فيه إلاّ صفة الأضحية(٣) .

و كيف كان فالعنوان جزء من خطبتهعليه‌السلام في يوم النحر رواها ( الفقيه ) بتمامها في باب صلاة العيدين إلى أن قال : و إنّ هذا يوم حرمته عظيمة و بركته مأمولة و المغفرة فيه مرجوة ، فأكثروا ذكر اللَّه تعالى و استغفروه و توبوا إليه إنّه هو التواب الرحيم ، و من ضحى منكم بجذع من المعز فإنّه لا يجزي عنه و الجذع من الضأن يجزي ، و من تمام الأضحية استشراف عينها و اذنها و إذا سلمت العين و الاذن تمت الأضحية ، و إن كانت عضباء القرن أو

____________________

( ١ ) عيون أخبار الرضا للصدوق : ١٣ .

( ٢ ) الطبعة المصرية المصححة « في ذكر النحر و صفة الأضحية » : ١٥٥ .

( ٣ ) شرح ابن أبي الحديد ٤ : ٢٤ ، شرح ابن ميثم ٢ : ١٤٢ ورد « في ذكر يوم النحر » ، النسخة الخطية : ٣٧ « في ذكر يوم النحر و صفة الأضحية » .

١٣٥

تجر برجلها فلا تجزي و إذا ضحيتم فكلوا و أطعموا و اهدوا و احمدوا اللَّه على ما رزقكم من بهيمة الأنعام .(١) .

قولهعليه‌السلام : « و من كمال » هكذا في ( المصرية )(٢) و الصواب : « و من تمام » كما في ( ابن أبي الحديد و ابن ميثم و الخطية )(٣) ، و كما في مستنده ( الفقيه ) .

« الأضحية » في ( إصلاح المنطق ) قال الأصمعي : فيها أربع لغات أضحية و أضحيّة و جمعها أضاحي و ضحية و جمعها ضحايا و أضحاة و جمعها أضحى ، كما يقال أرطاة و أرطى ، و به سمي يوم الأضحى و قال الفراء :

الأضحى مؤنثة و قد تذكّر يذهب بها إلى اليوم و أنشد :

رأيتكم بني الحذواء لما

دنا الأضحى و صللت اللحام

توليتم بودكم و قلتم

لعك منك أقرب أو جذام(٤)

« استشراف اذنها » قد عرفت أنّ رواية ( الفقيه ) « استشراف عينها و اذنها » .

قال الجوهري : استشرفت الشي‏ء إذا رفعت بصرك تنظر إليه و بسطت كفك فوق حاجبك كالذي يستظل من الشمس ، و منه قول ابن نظير :

فيا عجبا للناس يستشرفونني

كأن لم يروا بعدي محبّا و لا قبلي(٥)

و روى ( المعاني )(٦) و ( التهذيب ) عنهعليه‌السلام قال : أمرنا النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله في الأضاحي أن نستشرف العين و الاذن ، و نهانا عن الخرقاء و الشرقاء

____________________

( ١ ) من لا يحضره الفقيه للصدوق ١ : ٥٢٠ الرواية ١٤٨٤ .

( ٢ ) الطبعة المصرية : ١٥٥ .

( ٣ ) شرح ابن ميثم ٢ : ١٤٢ بلفظ « من كمال » أما ابن أبي الحديد و الخطية فبلفظ « من تمام » ٤ : ٤ .

( ٤ ) إصلاح المنطق لابن السكيت : ٢٩٨ .

( ٥ ) الصحاح للجوهري ٣ : ١٣٨٠ .

( ٦ ) معاني الأخبار ٢ : ٥٨ .

١٣٦

و المقابلة و المدابرة(١) .

و زاد الأوّل « الخرقاء » أن يكون في الاذن ثقب مستدير و « الشرقاء » المشقوقة الاذن باثنين حتى ينفذ إلى الطرف ، و « المقابلة » أن يقطع من مقدم اذنها شي‏ء ثم يترك ذلك معلقا لاينين كأنه زغبة ، و « المدابرة » ان يفعل ذلك بمؤخر اذن الشاة .

و في ( النهاية ) بعد ذكر تفسير ( الصحاح ) للاستشراف و منه حديث الأضاحي « أمرنا أن نستشرف العين و الاذن » أي : نتأمل سلامتهما من آفة(٢) .

و في ( المغرب ) : قوله « فاستشرفوا العين و الاذن » أي : تأملوا سلامتهما من آفة أو عور .

و مما ذكرنا يظهر لك ما في قول ابن أبي الحديد و الخوئي استشراف اذنها : انتصابها و ارتفاعها ، اذن شرفاء أي : منتصبة ، و قول ابن ميثم و استشراف اذنها : طولها .(٣) .

« و سلامة عينها » قد عرفت أنّ في رواية ( الفقيه ) بدل ما هنا ( استشراف اذنها و سلامة عينها ) : « استشراف عينها و اذنها » .

« و إذا سلمت الاذن و العين » قد عرفت أنّ رواية ( الفقيه ) بلفظ : « و إذا سلمت العين و الاذن » .

« سلمت الأضحية » في ( الكافي ) عن الصادقعليه‌السلام : إن كان شق اذن الأضحية وسما فلا بأس ، و إن كان شقّا فلا يصلح(٤) .

و في ( الفقيه ) : سئل الكاظمعليه‌السلام عن الرجل يشتري الأضحية عوراء فلا

____________________

( ١ ) تهذيب الأحكام للطوسي ٥ : ٢١٢٠ الرواية ٥٤ من الباب ١ ، و في من لا يحضره الفقيه ٢ : ٤٨٩ .

( ٢ ) النهاية لابن الأثير ٢ : ٤٦٢ مادة ( شرف ) .

( ٣ ) راجع شرح ابن أبي الحديد ٤٠ : ٤ ، و شرح ابن ميثم ٢ : ١٤٢ .

( ٤ ) الكافي للكليني ٤ : ٤٩١ ح ١١ .

١٣٧

يعلم الا بعد شرائها هل تجزي عنه ؟ قال : نعم إلا أن يكون هديا واجبا فلا يجوز أن يكون ناقصا(١) .

و في ( التهذيب ) : عن أحدهماعليهما‌السلام في ما إذا كانت الاذن مشقوقة أو مثقوبة بسمة فقال : ما لم يكن منها مقطوعا فلا بأس(٢) .

و مر خبر شريح : نهانا النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله عن الخرقاء و الشرقاء و المقابلة و المدابرة و مرّ كون الجميع من عيوب الاذن .

« و لو كانت عضباء القرن » قال أبو زيد كما في ( الصحاح ) العضباء :

الشاة المكسورة القرن الداخل و هو المشاش .(٣) .

و في ( الجمهرة ) ظبي أعضب : إذا انكسر أحد قرنيه ، و الانثى عضباء و يتشاءم به ، قال الأخطل :

إنّ السيوف غدوها و رواحها

تركت هوازن مثل قرن الأعضب

و قال غيره :

غراب و ظبي اعضب القرن خبرا

ببين و صردان العشي تصيح(٤)

هذا ، و في ( الصحاح ) ناقة عضباء أي : مشقوقة الاذن(٥) ، و أمّا ناقة النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله التي تسمى العضباء فإنما كان ذلك لقبا لها و لم تكن مشقوقة الأذن(٦) .

و فيه أيضا : كانت للنبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ناقة تسمى قصواء و لم تكن

____________________

( ١ ) من لا يحضره الفقيه للصدوق ٢ : ٤٩٦ رواية ٣٥٩ الباب ( ٢ ) .

( ٢ ) تهذيب الأحكام ٥ : ٢١٣ ، رواية ٥٧ الباب ( ١ ) .

( ٣ ) تهذيب الأحكام للطوسي ٥ : ٢١٢ الرواية ٥٤ الباب ( ١ ) .

( ٤ ) جمهرة اللغة ١ : ٣٥٤ ، مادة ( عضب ) .

( ٥ ) الصحاح للجوهري ١ : ١٨٤ ، مادة ( عضب ) .

( ٦ ) المصدر نفسه ١ : ١٨٤ مادة ( عضب ) .

١٣٨

مقطوعة الاذن(١) .

و مثله ( القاموس ) : و قال في ( جدع ) : لم تكن ناقة النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله جدعاء و لا عضباء و لا قصواء و إنّما هن ألقاب مع أنّهما وهما(٢) ، فإنّ ابن دريد إنّما قال :

كان اسمها العضباء و لم يقل لم يكن بها عيب(٣) ، و كذلك الطبري إنّما روى عن محمّد بن إبراهيم التيمي « ان اسم ناقة النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله كان القصواء و الجدعاء و العضباء » و لم يقل لم يكن بها عيب(٤) .

و مما يوضح أنّ الاسم لم يكن مجردا ما رواه الطبري عن سعيد بن المسيب قال : كان اسم ناقة النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله العضباء و كان في طرف اذنها جدع(٥) .

و كيف كان ، فالمصنف حرف الرواية و أسقط جواب ( لو ) فجعلها وصلية فحصر عيب الأضحية في العين و الاذن .

و كيف تجزى عضباء القرن و قد روى المشائخ الثلاثة عن السكوني عن جعفر عن آبائهعليهما‌السلام عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله : لا يضحي بالعرجاء بين عرجها ، و لا بالعوراء بين عورها ، و لا بالعجفاء و لا بالخرقاء ، و لا بالجذعاء و لا بالعضباء .

و زاد الأوّل و لا الجرباء » و قال الأخيران العضباء مكسورة القرن .

و روى الأوّلان صحيحا عن جميل عن الصادقعليه‌السلام في الأضحية يكسر قرنها قال : ان كان القرن الداخل صحيحا فهو يجزي(٦) .

و رواه الأخير هكذا : في المقطوع القرن أو المكسور القرن إذا كان القرن

____________________

( ١ ) المصدر نفسه ٤ : ٢٤٦٢ مادة ( قصا ) .

( ٢ ) القاموس المحيط : ٩١٤ ، مادة ( جدع ) .

( ٣ ) جمهرة اللغة ١ : ٣٥٤ مادة ( عضب ) .

( ٤ ) تاريخ الامم و الملوك للطبري ٢ : ٤٢٢ .

( ٥ ) المصدر نفسه ٢ : ٤٢٢ .

( ٦ ) الكافي للكليني ٤ : ٢٢٠ رواية ٧ .

١٣٩

الداخل صحيحا و إن كان القرن الظاهر الخارج مقطوعا(١) .

و قال ابن بابويه : قال الصفار إذا ذهب من القرن الداخل ثلثاه و بقي ثلثه فلا بأس بأن يضحى به(٢) .

« تجر رجلها إلى المنسك » قد عرفت أنّ رواية الصدوق ( و إن كانت عضباء القرن أو تجر برجلها فلا تجزي ) فالمصنّف حرّف في حذف الجواب و العاطف و الظاهر أنّ قوله « إلى المنسك » مصحف « فلا تجزى » فليس كلمة « إلى المنسك » في رواية ( الفقيه ) و لا مناسبة لها ، و إن كان ( مصباح الشيخ ) أيضا نقله مثل المصنّف(٣) ، فكما أنّ إجزاء العضباء خلاف مذهبنا كذلك إجزاء العرجاء ، فقد عرفت ثمة رواية الثلاثة عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله : لا يضحى بالعرجاء بيّن عرجها(٤) .

ثم قد عرفت حكم عيب العين و الاذن و القرن و الرجل ، و أمّا باقي الاعضاء فقال ابن أبي عقيل يكره أن يضحى بالخصي ، و قال ابن الجنيد : لا يجوز في الهدي نقص بعض الأعضاء ، و قال الشيخ في ( النهاية ) : لا يجوز في الهدي الخصى إلا أن لا يتمكن ، و قال بجواز الموجوء(٥) ، و قال العماني كما في ( المختلف ) لا تصحّ بالجداء و هي التي ليس لها إلاّ ضرع واحد ، و الأخبار ظاهرة في الجواز(٦) .

قول المصنّف : « و المنسك هنا المذبح » ليس في ( ابن ميثم ) رأسا و كيف

____________________

( ١ ) تهذيب الأحكام للطوسي ٥ : ٢١٣ ، رواية ٥٦ باب ١ .

( ٢ ) من لا يحضره الفقيه للصدوق ٢ : ٤٩٦ رواية ٣٠٦٢ الباب ( ٢ ) .

( ٣ ) مصباح المتهجد : ٣٧ .

( ٤ ) تهذيب الأحكام للطوسي ٥ : ٢١٣ ، رواية ٥٥ الباب ( ١ ) .

( ٥ ) النهاية في مجرد الفقه و الفتاوي للطوسي : ٢٥٧ .

( ٦ ) لا وجود له في ( مختلف الشيعة ) للعلاّمة الحلّي .

١٤٠