بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة الجزء ١٤

بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة0%

بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة مؤلف:
تصنيف: أمير المؤمنين عليه السلام
الصفحات: 639

بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة

مؤلف: الشيخ محمد تقي التّستري
تصنيف:

الصفحات: 639
المشاهدات: 223497
تحميل: 7055


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5 الجزء 6 الجزء 7 الجزء 8 الجزء 9 الجزء 10 الجزء 11 الجزء 12 الجزء 13 الجزء 14
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 639 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 223497 / تحميل: 7055
الحجم الحجم الحجم
بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة

بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة الجزء 14

مؤلف:
العربية

روى ( الكافي ) عن الصادقعليه‌السلام : ان يوسف لمّا دخل عليه يعقوب دخله عزّ الملك فلم ينزل إليه ، فهبط إليه جبرئيل فقال : يا يوسف ابسط راحتك ، فخرج منها نور ساطع فسار في جو السماء ، فقال له يوسف : ما هذا النور الذي خرج من راحتي ؟ فقال : نزعت النبوّة من عقبك عقوبة لمّا لم تنزل إلى الشيخ يعقوب فلا يكون من عقبك نبي(١) .

و عنهعليه‌السلام : ما من عبد إلاّ و في رأسه حكمة و ملك يمسكها ، فإذا تكبّر قال له : إتّضع وضعك اللَّه فلا يزال أعظم الناس في عينه و هو أصغر الناس في أعين الناس ، و إذا تواضع رفعه اللَّه ثم قال له انتعش نعشك اللَّه فلا يزال أصغر الناس في نفسه و أرفع الناس في أعين الناس(٢) .

و عنهعليه‌السلام قال : أتى رجل النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله فقال : أنا فلان بن فلان حتى عد تسعة فقال له النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : أما إنّك عاشرهم في النار(٣) .

و عنهعليه‌السلام : ان في جهنّم لواديا للمتكبرين يقال له سقر ، شكا إلى اللَّه تعالى شدّة حرّه و سأله أن يأذن له أن يتنفّس ، فتنفّس فأحرق جهنّم(٤) .

قلت : في القرآن جعل « سقر » مؤنثا و في هذا الخبر مذكرا(٥) .

و عنهعليه‌السلام : إنّ المتكبرين يجعلون في صور الذرّ يتوطأهم الناس حتى يفرغ اللَّه من الحساب(٦) .

____________________

( ١ ) الكافي للكليني ٢ : ٣٧ ح ١٥ .

( ٢ ) الكافي للكليني ٢ : ٣١٢ ح ١٦ ، و أورده الفيض الكاشاني في المحجّة البيضاء ٦ : ٢١٧ .

( ٣ ) بحار الأنوار للمجلسي ٣٢ : ١٣١ رواية ٢١٠ عن السكوني .

( ٤ ) الكافي للكليني ٢ : ٣١٠ ح ١١ ، و أورده الفيض الكاشاني في المحجة ٦ : ٢١٦ .

( ٥ ) الآية : و ما أدراك ما سقر ، لا تبقي و لا تذر المدثر : ٢٦ ٢٧ .

( ٦ ) الكافي للكليني ٢ : ٣١٠ ح ١٠ ، و أورده الفيض الكاشاني في المحجّة البيضاء ٦ : ٢١٥ بلفظ مشابه و نسبه إلى الرسول الأكرم صلّى اللَّه عليه و آله .

٣٠١

روى الثالث في باب الفخر و الباقي في باب الكبر .

« و الجبن » كونه ذمّا للرجال واضح و في ( عيون ابن قتيبة ) : كان خالد القسري من الجبناء ، فخرج عليه المغيرة بن سعيد صاحب المغيرية فقال من الدهش : أطعموني ماء فقال بعضهم :

عاد الظلوم ظليما حين جدّ به

و استطعم الماء لمّا جدّ في الهرب

قال : و قال عبيد اللَّه بن زياد للكنة فيه أو دهشة أو جبن : إفتحوا سيوفكم .

فقال ابن مفرغ الحميري :

و يوم فتحت سيفك من بعيد

أضعت و كلّ أمرك للضياع(١)

قال : و قدم الحجّاج على الوليد بن عبد الملك ، فدخل عليه و عليه درع و عمامة سوداء و قوس عربية ، فبعثت إليه امّ البنين بنت عبد العزيز بن مروان فقالت : من هذا الأعرابي المستلام في السلاح عندك و أنت في غلالة ، فبعث إليها : إنّه الحجّاج ، فأعادت إليه الرسول بأن يخلو بك ملك الموت أحيانا أحبّ إليّ من أن يخلو بك الحجّاج ، فأخبره الوليد بذلك و هو يمازحه ، فقال له : دع عنك مفاكهة النساء بزخرف القول ، فإنّما المرأة ريحانة و ليست بقهرمانة فلا تطلعها على سرّك و مكايدة عدوّك فأخبرها الوليد بمقالة الحجّاج فقالت للوليد : حاجتي أن تأمره غدا بأن يأتيني مسلّما ، ففعل ذلك و أتاها الحجّاج فحجبته فلم يزل قائما ، ثم قالت : ايه يا حجّاج أنت الممتنّ على الخليفة بقتال ابن الزبير و ابن الأشعث ، أما و اللَّه لو لا أن اللَّه علم أنّك شرّ خلقه ما ابتلاك برمي الكعبة الحرام ، و أمّا نهيك إيّاه عن مفاكهة النساء و بلوغ لذّاته و أوطاره ، فإن كنّ ينفرجن عن مثله فغير قابل لقولك ، أما و اللَّه لقد نفض نساء الخليفة الطيب من غدائرهن فبعنه في أعطيات أهل الشام حين كنت في أضيق من القرن ، قد

____________________

( ١ ) عيون الأخبار لابن قتيبة ١ : ١٦٥ .

٣٠٢

أظلّتك رماحهم و أثخنك كفاحهم ، قاتل اللَّه القائل حين نظر إليك و سنان غزالة بين كتفيك :

أسد عليّ و في الحروب نعامة

فتخاء تنفر من صفير الصافر

هلاّ كررت على غزالة في الوغى

بل كان قلبك في جوانح طائر

غزالة : امرأة شبيب الخارجي ثم قالت للحجاج : اخرج فخرج(١) .

قال : و قال المدائني : رأى عمرو بن العاص يوما معاوية يضحك ، فقال له : ممّ تضحك ؟ قال : من حضور ذهنك عند ابدائك سوءتك يوم ابن أبي طالب ، أما و اللَّه لقد وافقته منّانا كريما ، و لو شاء أن يقتلك قتلك فقال له عمرو : أما و اللَّه إنّي لعن يمينك حين دعاك ابن أبي طالب إلى البراز فاحولّت عيناك و ربا سحرك و بدا منك ما أكره ذكره لك ، فمن نفسك فاضحك أو ، دع(٢) .

قال : و كان بالبصرة شيخ من بني نهشل يقال له : عروة بن مرثد و يكنّى أبا الأغرّ ، ينزل ببني اخت له من قريش في سكّة بني مازن ، فخرج رجالهم إلى ضياعهم في شهر رمضان و خرج النساء يصلين في مسجدهم و لم يبق في الدار إلاّ الإماء ، فدخل كلب يعتسّ فرأى بيتا فدخله و انصفق الباب ، فسمع الحركة بعض الإماء فظنت أنّ لصا دخل الدار ، فذهبت إحداهن إلى أبي الأغرّ فأخبرته ، فقال : ما يبتغي اللص ثم أخذ عصاه و جاء فوقف على باب البيت و قال : إيه يا ملامان ، أما و اللَّه انّك بي لعارف فهل أنت إلاّ من لصوص بني مازن شربت حامضا خبيثا حتى إذا دارت القدوح في رأسك منّتك نفسك الأماني و قلت أطرق ديار بني عمرو و الرجال خلوف و النساء يصلين في مسجدهم فلم يبق في الدار إلاّ الإماء ، و أيم اللَّه لتخرجن أو لأهتفن هتفة مشؤومة يلتقي

____________________

( ١ ) ابن قتيبة ، عيون الأخبار ١ : ١٧٠ .

( ٢ ) المصدر نفسه ١ : ١٦٩ .

٣٠٣

فيها الحيّان عمرو و حنظلة ، و تجي‏ء سعد بعدد الحصا و تسيل عليك الرجال من هاهنا و هاهنا ، و لئن فعلت لتكونن أشأم مولود .

فلمّا رأى انّه لا يجيبه أحد أخذ باللّين فقال : اخرج بأبي أنت و امّي ، أنت مستور ، إنّي و اللَّه ما أراك تعرفني و لو عرفتني لقنعت بقولي و اطمأننت إليّ ، أنا فديتك أبو الأغر النهشلي خال القوم و جلدة بين أعينهم لا يعصونني و لن تضارّ الليلة ، فأخرج فأنت في ذمّتي ، و عندي قوصرتان أهداهما إليّ ابن اختي البار الوصول ، فخذ إحداهما فانتبذها حلالا من اللَّه و رسوله .

و كان الكلب إذا سمع الكلام أطرق و إذا سكت وثب يريد المخرج فتهاتف أبو الأغر ثم تضاحك و قال : يا ألام الناس و أوضعهم لا أرى اني لك الليلة في واد و أنت في واد ، أقلب السوداء و البيضاء فتصيخ و تطرق و إذا سكت عنك و ثبت تريغ المخرج ، و اللَّه لتخرج أو لألجن عليك البيت ، فلما طال وقوفه جاءت إحدى الإماء فقالت : أعرابي مجنون و اللَّه ما أرى في البيت شيئا ، فدفعت البيت فخرج الكلب شدّا و حاد عنه أبو الأغرّ ساقطا على قفاه ، ثم قال : تاللَّه ما رأيت كالليلة ، و اللَّه ما أراه إلاّ كلبا ، أما و اللَّه لو علمت بحاله لولجت عليه .

و كان لأبي حية النميري سيف ليس بينه و بين الخشبة فرق و كان يسمّيه لعاب المنيّة قال جار له : أشرفت عليه ليلة و قد انتضاه و شمّر و هو يقول : أيّها المغترّ بنا و المجتري علينا بئس و اللَّه ما اخترت لنفسك ، خير قليل و سيف صقيل ، لعاب المنية الذي سمعت به ، مشهور ضربته لا تخاف نبوته ، اخرج بالعفو عنك و إلاّ دخلت بالعقوبة عليك ، إنّي و اللَّه إن أدع قيسا تملأ الأرض خيلا و رجلا ، يا سبحان اللَّه ما أكثرها و أطيبها ثم فتح الباب و إذا كلب قد خرج فقال : الحمد للَّه الذي مسخك كلبا و كفاني حربا(١) .

____________________

( ١ ) ابن قتيبة ، عيون الأخبار ١ : ١٦٨ .

٣٠٤

« و البخل » في ( الكافي ) عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال لبني سلمة : من سيّدكم ؟ قالوا :

رجل فيه بخل فقال : و أيّ داء أدوى من البخل ؟ ثم قال : بل سيّدكم الأبيض الجسد البراء بن معرور(١) .

« فإذا كانت المرأة مزهوّة » أي : معجبة بنفسها قال الجوهري : للعرب أحرف لا يتكلّمون بها إلاّ على سبيل المفعول به و ان كانت بمعنى الفاعل ، كقولهم « عنى بالأمر » و « نتجت الناقة » و « زهي الرجل »(٢) ، و فيه لغة اخرى « زها يزهو » ، و منه قولهم « ما أزهاه »(٣) لأن التعجب لا يبنى من المجهول .

« لم تمكّن من نفسها » في ( العيون ) لابن قتيبة قال المنصور : قال أبي :

حججت فرأيت امرأة من كلب شريفة قد حجّت ، فرآها عمر بن أبي ربيعة فجعل يكلّمها و يتبعها كلّ يوم ، فقالت لزوجها ذات يوم : إنّي أحبّ أن أتوكّأ عليك إذا رحت إلى المسجد ، فراحت متوكّئة على زوجها فلمّا أبصرها عمر ولّى ، فقالت المرأة له : على رسلك يا فتى .

تعدو الذئاب على من لا كلاب له

و تتّقى مربض المستأسد الحامي

و أمّا ان لم تكن مزهوّة فلا تدفع يد لامس ، بل تتعلق بكلّ رجل آنس(٤) .

و في ( عيونه ) أيضا : كان أخوان يغيب أحدهما و يخلفه الآخر في أهله ، فهويت امرأة الغائب أخا زوجها ، فأرادته على نفسها فامتنع ، فلمّا قدم زوجها سألها عن حالها فقالت : ما حال امرأة تراود في كلّ حين فقال : أخي و ابن امّي لا أفضحه و لكن لا اكلّمه أبدا ، ثم حجّ و حجّ أخوه و المرأة ، فلمّا كانوا بوادي الدّوم هلك الأخ و دفنوه و قضوا حجّهم و رجعوا ، فمرّوا بذلك الوادي ليلا

____________________

( ١ ) الكافي للكليني ٤ : ٤٤ ح ٣ .

( ٢ ) الصحاح للجوهري ٦ : ٢٣٧١ مادة ( زها ) .

( ٣ ) الصحاح للجوهري ٦ : ٢٣٧١ مادة ( زها ) نسبها إلى ابن دريد .

( ٤ ) عيون الأخبار لابن قتيبة ٤ : ١٢٠ ١٢١ بتصرف .

٣٠٥

فسمعوا هاتفا يقول :

أجدك تمضي الدّوم ليلا و لا ترى

عليك لأهل الدّوم أن تتكلّما

و بالدوم ثاو لو ثويت مكانه

و مرّ بوادي الدّوم حيّا لسلّما

فظنّت المرأة ان النداء من السماء ، فقالت لزوجها : هذا مقام العائذ ، كان من أخيك و منّي كيت و كيت ، فقال : و اللَّه لو حلّ قتلك لقتلتك ، ففارقها و ضرب قبة على قبر أخيه و قال :

هجرتك في طول الحياة و أبتغي

كلامك لمّا صرت رمسا و أعظما

ذكرت ذنوبا فيك اجترمتها

أنا منك فيها كنت أسوء و أظلما

و لم يزل مقيما على القبر حتى مات و دفن بجنبه ، و القبران معروفان ١ .

و فيه أيضا : سار أردشير إلى الحضر و كان ملك السواد و كان من أعظم ملوك الطوائف ، فحاصره فيها زمانا لا يجد إليه سبيلا ، حتى رقيت ابنة ملك السواد يوما فرأت أردشير فعشقته ، فنزلت و أخذت نشابة و كتبت عليها إن أنت شرطت لي أن تتزوجني دللتك على موضع تفتتح منه هذه المدينة بأيسر حيلة و أخف مؤونة ، ثم رمت بالنشابة نحو أردشير ، فكتب الجواب في نشابة « لك الوفاء بما سألت » ، فكتبت إليه تدلّه على الموضع ، فأرسل إليه أردشير فافتتحه و دخل هو و جنوده و أهل المدينة غارون ، فقتلوا ملكها و أكثر مقاتلتها و تزوّجها ، فبينما هي ذات ليلة على فراشها أنكرت مكانها حتى سهرت لذلك عامة ليلتها ، فنظروا في الفراش فوجدوا تحت المجس ورقة من ورق الآس قد أثّرت في جلدها ، فسألها أردشير عمّا كان أبوها يغذوها به فقالت : كان أكثر غذائها الشهد و الزبد و المخ فقال أردشير : ما أجد ببالغ لك في الحباء و الاكرام مبلغ أبيك ، و لئن كان جزاؤه عندك على جهد إحسانه مع لطف قرابته و عظم

____________________

( ١ ) المصدر نفسه .

٣٠٦

حقّه جهد إساءتك ما أنا بآمن لمثله منك ثم أمر بأن تعقد قرونها بذنب فرس شديد المراح جموح ثم يجري ، ففعل ذلك حتى تساقطت عضوا عضوا(١) .

و في ( كامل الجزري ) في ذكر يوم البردان كان حجر الكندي أغار على البحرين فبلغ ذلك زياد بن هبولة الغساني ، فسار إلى أهل حجر و سبى امرأته هندا ، فلما عاد حجر طلبه إلى أن قال بعد ذكر بعثه رجلا مسمّى بسدوس ليتجسس له الخبر و دنا سدوس من قبة زياد ليسمع كلامه و دنا زياد من هند امرأة حجر فقبّلها و داعبها و قال لها : ما ظنّك الآن بحجر فقالت :

ما هو ظن و لكنه يقين ، إنّه و اللَّه لن يدع طلبك حتى تعاين القصور الحمر تعني قصور الشام ، و كأنّي به في فوارس من بني شيبان يذمرهم و يذمرونه و هو شديد الكلب تزبد شفتاه كأنّه أكل مرارا ، فالنجاء النجاء فإنّ وراءك طالبا حثيثا و جمعا كثيفا و كيدا متينا و رأيا صليبا فرفع زياد يده و لطمها ثم قال لها : ما قلت هذا إلاّ من عجبك به و حبّك له فقالت : و اللَّه ما أبغضت أحدا بغضي له و لا رأيت رجلا أحزم منه نائما و مستيقظا ، إن كان لتنام عيناه فبعض أعضائه مستيقظ ، و كان إذا أراد النوم أمرني أن أجعل عنده عسا من لبن ، فبينا هو ذات ليلة نائم و أنا قريبة منه أنظر إليه إذ أقبل أسود سالخ إلى رأسه فنحى رأسه ، فمال إلى يده فقبضها فمال إلى رجله فقبضها فمال إلى العس فشربه ثم مجّه فقلت : يستيقظ فيشربه فيموت فاستريح منه ، فانتبه من نومه فقال : عليّ بالإناء فناولته فشمّه ثم ألقاه فهريق فقال : أين ذهب الأسود ؟ فقلت : ما رأيته .

فقال : كذبت و اللَّه و سدوس يسمع ذلك فسار حتى أتى حجرا و قال له :

أتاك المرجفون بأمر غيب

على دهش و جئتك باليقين

فمن يك قد أتاك بأمر لبس

فقد آتي بأمر مستبين

____________________

( ١ ) عيون الأخبار لابن قتيبة ٤ : ١١٩ ١٢٠ .

٣٠٧

ثم قص عليه ما سمع فجعل حجر يعبث بالمرار و يأكل منه غضبا و أسفا و لا يشعر أنّه يأكله من شدّة الغضب ، فلما فرغ سدوس من حديثه وجد حجر المرار فسمّي يومئذ آكل المرار ( و المرار نبت شديد المرارة لا تأكله دابة إلاّ قتلها ) ثم أمر حجر فنودي في الناس و ركب و سار إلى زياد فاقتتلوا فانهزم زياد إلى أن قال و أخذ حجر زوجته فربطها في فرسين ثم ركضهما حتى قطعاها و يقال بل أحرقها و قال :

إنّ من غرّه النساء بشي‏ء

بعد هند لجاهل مغرور

حلوة العين و الحديث و مرّ

كلّ شي‏ء أجنّ منها الضمير

كل انثى و إن بدا لك منها

آية الحبّ حبّها خيتعور(١)

« و إذا كانت بخيلة حفظت مالها و مال زوجها » و في ( بخلاء الجاحظ ) طلّق ابن شحمة العنبري امرأة لبخلها ، فقيل له : إنّ البخل إنّما يعيب الرجل و متى سمعت بامرأة هجيت في البخل ؟ قال : ليس ذلك بي أخاف أن تلد لي مثلها(٢) .

« و إذا كانت جبانة فرقت من كلّ شي‏ء يعرض لها » في ( عيون ابن قتيبة ) : قال خالد الحذّاء : خطبت امرأة من بني أسد ، فجئت لأنظر إليها و بيني و بينها رواق يشف ، فدعت بجفنة مملوءة ثريدا مكلّلة باللحم فأتت على آخرها ، فاتي بإناء مملو لبنا أو نبيذا فشربته حتى كفأته على وجهها ثم قالت : يا جارية ارفعي السجف ، فاذا هي جالسة على جلد أسد و إذا شابة جميلة ، فقالت : يا عبد اللَّه أنا أسدة من بني أسد على جلد أسد و هذا مطعمي و مشربي ، فإن أحببت أن تتقدّم فافعل فقلت : استخير اللَّه ، فخرجت و لم أعد(٣) .

____________________

( ١ ) الكامل في التاريخ لابن الأثير ١ : ٥٠٨ ٥٠٩ .

( ٢ ) البخلاء للجاحظ : ١٩٥ ، هو ثوب بن شحمة العنزي من فرسان العرب .

( ٣ ) عيون الأخبار لابن قتيبة ٤ : ٧ .

٣٠٨

٥ الخطبة ( ٧٨ ) و من خطبة لهعليه‌السلام :

بعد حرب جمل في ذم النساء مَعَاشِرَ اَلنَّاسِ إِنَّ اَلنِّسَاءَ نَوَاقِصُ اَلْإِيمَانِ نَوَاقِصُ اَلْحُظُوظِ نَوَاقِصُ اَلْعُقُولِ فَأَمَّا نُقْصَانُ إِيمَانِهِنَّ فَقُعُودُهُنَّ عَنِ اَلصَّلاَةِ وَ اَلصِّيَامِ أَيَّامَ حَيْضِهِنَّ وَ أَمَّا نُقْصَانُ عُقُولِهِنَّ فَشَهَادَةُ اِمْرَأَتَيْنِ كَشَهَادَةِ رَجُلٍ وَاحِدٍ وَ أَمَّا نُقْصَانُ حُظُوظِهِنَّ فَمَوَارِيثُهُنَّ عَلَى اَلْأَنْصَافِ مِنْ مَوَارِيثِ اَلرِّجَالِ فَاتَّقُوا شِرَارَ اَلنِّسَاءِ وَ كُونُوا مِنْ خِيَارِهِنَّ عَلَى حَذَرٍ وَ لاَ تُطِيعُوهُنَّ فِي اَلْمَعْرُوفِ حَتَّى لاَ يَطْمَعْنَ فِي اَلْمُنْكَرِ هكذا في ( الطبعة المصرية )(١) و فيها سقط و تحريف ، ففي ( ابن أبي الحديد(٢) و ابن ميثم )(٣) : « و من كلام لهعليه‌السلام بعد فراغه من حرب الجمل في ذمّ النساء » .

ثم إنّ كلامهعليه‌السلام و إن كان في مطلق النّساء إلاّ أن الباعث له عليه عمل عائشة ، و قال ابن أبي الحديد : هذا الفصل كلّه رمز إلى عائشة(٤) .

قلت : فهو نظير قوله تعالى :( ضرب اللَّه مثلاً للذين كفروا امرأت نوح و امرأت لوط كانتا تحت عبدين من عبادنا صالحين فخانتاهما فلم يغنيا عنهما من اللَّه شيئاً و قيل ادخلا النار مع الداخلين ) (٥) فهو في عمومه مثل لمطلق الكفّار لكنّه خصوصا رمز إلى عائشة و صاحبتها بنت صاحب أبيها كما اعترف به الزمخشري(٦) و رواه صحيح مسلم(٧) .

« معاشر الناس إن النساء نواقص الإيمان نواقص الحظوظ نواقص العقول » و نواقص القيامة في دمائهن فدية الرجل ألف دينار و دية

____________________

( ١ ) راجع الطبعة المصرية ، شرح محمّد عبده : ٢٨٢ ورد لفظ « الجمل » ١٨٢ .

( ٢ ) راجع شرح ابن أبي الحديد ٦ : ٢١٤ خطبة ( ٧٩ ) تحقيق محمّد أبو الفضل .

( ٣ ) لفظ شرح ابن ميثم شبيه لمّا ورد في الطبعة المصرية راجع النسخة المنقحة ٢ : ٢٢٣ .

( ٤ ) شرح ابن أبي الحديد ٦ : ٢١٤ .

( ٥ ) التحريم : ١٠ .

( ٦ ) الكشاف للزمخشري ٤ : ٥٧١ .

( ٧ ) صحيح مسلم ١٥ : ٢٠٣ .

٣٠٩

المرأة خمسمائة دينار .

و مر في السابع من فصل صفّين قولهعليه‌السلام : « و لا تهيجوا النساء بأذى و إن شتمن أعراضكم و سببن امراءكم ، فإنّهن ضعيفات القوى و الأنفس و العقول ، و إن كنّا لنؤمر بالكفّ عنهنّ و إن كنّ لمشركات ، و إن كان الرجل ليتناول المرأة في الجاهلية بالقهر أو الهراوة فيعيّر بها هو و عقبه من بعده » .

« فأمّا نقصان إيمانهن فقعودهن عن الصّلاة و الصيام أيّام حيضهن » و كذلك أيّام نفاسهن .

كما لا يجوز لهن فيها دخول المساجد و لا قراءة العزائم و لهما دخل في كمال الإيمان ، كما لا يجوز الاستمتاع منهن من حيث أمر اللَّه فيها و لا يقع الطلاق بهن فيها .

و هنّ و إن يقضين شهر رمضان إلاّ أنّهن يحرمن فضل الشهر ، و أمّا الصلاة فلا قضاء أيضا لها ، و قد سمّى اللَّه تعالى الصلاة إيمانا في قوله جل و علا :( و ما كان اللَّه ليضيع إيمانكم ) (١) لمّا قال المسلمون بعد تحويل القبلة من بيت المقدس إلى الكعبة فهل كانت صلواتنا الأولية بلا ثمرة .

و في ( الفقيه ) قال الباقرعليه‌السلام : إنّ الحيض للنساء نجاسة رماهن اللَّه تعالى بها و قد كنّ في زمن نوحعليه‌السلام إنّما تحيض المرأة في السنة حيضة حتى خرج نسوة من مجانّهنّ و كنّ سبعمائة فانطلقن فلبسن المعصفرات و تحلّين و تعطّرن ثم خرجن فتفرّقن في البلاد ، فجلسن مع الرجال و شهدن الأعياد معهم و جلسن في صفوفهم فرماهنّ اللَّه تعالى عند ذلك بالحيض و كسر شهوتهن ، و كان غيرهن من النساء اللواتي لم يفعلن مثل ما فعلن يحضن في كلّ سنة حيضة ، فامتزج القوم فحضن بنات هؤلاء و هؤلاء في كل شهر

____________________

( ١ ) البقرة : ١٤٣ .

٣١٠

حيضة ، فكثر أولاد اللاتي يحضن في كلّ شهر حيضة لاستقامة الحيض ، و قلّ أولاد اللاّتي يحضن في السنة حيضة لفساد الدم ، فكثر نسل هؤلاء و قل نسل اولئك .

هذا ، و روى أنّ الصادقعليه‌السلام سئل عن قوله تعالى( لهم فيها أزواج مطهرة ) (١) فقال : اللاّئي لا يحضن و لا يحدثن .

و سئلعليه‌السلام عن المشوّهين في خلقهم فقال : هم الذين يأتي آباؤهم نساءهم في الطمث .

و روي : إنّ المرأة إذا اشتبه عليها دم الحيض و دم القرحة فربّما كانت قرحة في الفرج فعليها أن تستلقي على قفاها ، فإن خرج الدم من الجانب الأيمن فهو من القرحة و ان خرج من الأيسر فهو من الحيض .

و روي : أنّ المرأة إذا افتضّها زوجها و لم يرق دمها و لا تدري دم الحيض هو أم دم العذرة ، فعليها أن تدخل قطنة فإنّ خرجت مطوقة بالدم فهو من العذرة و ان خرجت منغمسة فهو من الحيض(٢) .

« و أمّا نقصان عقولهنّ فشهادة امرأتين » هكذا في ( الطبعة المصرية )(٣) و زاد ابن أبي الحديد(٤) و الخطية ) « منهن » و في ( ابن ميثم )(٥) « الامرأتين منهن » .

« كشهادة رجل واحد » هكذا في ( الطبعة المصرية ) و في ( ابن أبي الحديد و ابن ميثم ) « الرجل الواحد »(٦) .

____________________

( ١ ) النساء : ٥٧ .

( ٢ ) لصدوق من لا يحضره الفقيه ١ : ٨٨ و قد ذكر المجلسي تفسير الإمام الصادقعليه‌السلام للآية في بحار الأنوار ٧ : ١٣٩ .

( ٣ ) الطبعة المصرية شرح محمّد عبده ١٨٣ .

( ٤ ) شرح ابن أبي الحديد ٦ : ٢١٤ .

( ٥ ) راجع ابن ميثم : شرح نهج البلاغة ٢ : ٢٢٣ .

( ٦ ) المصدر نفسه .

٣١١

ثم كون شهادة اثنتين منهن كشهادة واحد منهم في الأموال و في غيرها تفصيل ، قال المفيد في ( مقنعته ) : لا تقبل شهادة النساء في الطلاق و النكاح و الحدود و في الهلال ، و تقبل شهادة امرأتين مسلمتين مستورتين فيما لا يراه الرجال كالعذرة و عيوب النساء و الحيض و النفاس و الولادة و الاستهلال و الرضاع ، و إذا لم يوجد على ذلك إلاّ شهادة امرأة واحدة مأمونة قبلت ، و تقبل شهادة امرأة واحدة في ربع الوصية لا في جميعها(١) .

و في ( الكافي ) عن الصادقعليه‌السلام : يجوز في حد الزنا ثلاثة رجال و امرأتان ، و لا يجوز إذا كان رجلان و أربع نسوة ، و لا يجوز شهادتهن في الرّجم(٢) .

« و أمّا نقصان حظوظهن فمواريثهن على الأنصاف » روى ( الكافي ) أنّ ابن أبي العوجاء قال للصادقعليه‌السلام : ما بال المرأة المسكينة الضعيفة تأخذ سهما واحدا و يأخذ الرجل سهمين ؟ فقالعليه‌السلام : إنّ المرأة ليس عليها جهاد و لا نفقة و لا عليها معقلة إنّما ذلك على الرجال(٣) .

و روى : ان الفهفكي سأل العسكريعليه‌السلام عن ذلك ، فأجابه بما أجاب الصادقعليه‌السلام ابن أبي العوجاء ، و كان إسحاق النخعي حاضرا فتخيّل في نفسه ان هذه مسألة ابن أبي العوجاء ، فقالعليه‌السلام لاسحق : نعم هذه مسألة ابن أبي العوجاء و الجواب واحد و أوّلنا و آخرنا في العلم سواء(٤) .

هذا ، و اما كون ارث الاخت من الام مثل ارث الاخ منها و كون ارث الخالة مثل ارث الخال ، فلأن الأصل فيهما المرأة الام و الاخت .

____________________

( ١ ) المفيد : المقنعة : ٧٢٧ .

( ٢ ) الكافي ٧ : ٣٩٠ ح ٣ .

( ٣ ) الكليني ، الكافي ٧ : ٨٥ ح ٢ .

( ٤ ) المصدر نفسه .

٣١٢

و أما استواء الام مع الأب في اجتماعهما مع الولد بدون اخوة ، فلأن المناط فيهما الابوّة و الامومة لا الذّكورة و الانوثة و هما في الحق سواء .

هذا ، و ورد أن لبن الجارية أيضا دون لبن الغلام وزنا ، فنقل ابن طاوس في تشريفه عن مجموع المرزبان أن رجلا أودع شريحا أيام كونه قاضيا من قبل عمر امرأتين حاملين ، فولدتا غلاما و جارية و كلّ منهما تدّعي الغلام ، فلم يدر شريح كيف يحكم بينهما ، فجمع عمر الصحابة و سألهم فلم يدروا ، فأتوهعليه‌السلام و هو في حائط له و قصّوا عليه ذلك ، فأخذعليه‌السلام من الأرض شيئا و قال : الحكم فيه أهون من هذا ، فأحضر المرأتين و أحضر قدحا و دفعه إلى احداهما و قال لها احلبي فيه ، فحلبت ثم وزن القدح و دفعه إلى الاخرى و قال لها احلبي فيه فحلبت ثم وزنه ، فكان أحد اللبنين أخف ، فقال لصاحبة الخفيف خذي ابنتك و لصاحبة الثقيل خذي ابنك ، و قالعليه‌السلام لعمر : إنّ اللَّه تعالى حطّ المرأة عن الرجل فجعل عقلها و ميراثها دون عقله و ميراثه ، و كذلك لبنها دون لبنه فقال له عمر : لقد أرادك الحق يا أبا الحسن و لكن قومك أبوا فقالعليه‌السلام له :

خفّض عليك أبا حفص(١) ( إن يوم الفصل كان ميقاتاً ) (٢) .

قلت : و كذلك قيمتها نصف قيمته ، فدية المرأة نصف دية الرجل .

« فاتّقوا شرار النّساء » في ( عيون القتيبي ) : كان ابن عباس يقول : مثل المرأة السوء كان قبلكم رجل صالح له امرأة سوء ، فعرض له رجل فقال : إنّي رسول من اللَّه إليك أنّه قد جعل لك ثلاث دعوات ، فسل ما شئت من دنيا و آخرة ، ثم نهض فرجع الرجل إلى منزله فقالت له امرأته : مالي أراك مفكّرا محزونا ، فأخبرها فقالت : ألست امرأتك و في صحبتك و بناتك مني فاجعل لي

____________________

( ١ ) التشريف بالمنن أو الملاحم و الفتن لابن طاووس : ١٥٤ .

( ٢ ) النبأ : ١٧ .

٣١٣

دعوة ، فأبى فأقبل عليه ولده و قلن امّنا ، فلم يزلن به حتى قال لك دعوة ، فقالت اللّهم اجعلني أحسن الناس وجها فصارت كذلك ، فجعلت توطى‏ء فراشها و هو يعظها فلا تتعظ ، فغضب يوما فقال : اللّهم اجعلها خنزيرة ، فتحوّلت كذلك ، فلمّا رأين بناته ما نزل بأمهن بكين و ضربن على وجوههن و نتفن شعورهن ، فرقّ لهن فقال : اللّهم اعدها كما كانت أو لا ، فذهبت دعواته الثلاث فيها(١) .

و في القاموس : كان اسم تلك المرأة بسوس .

و في ( تاريخ بغداد ) : قال الواقدي دخلت يوما على المهدي ، فدعا بمحبرته و دفتره فكتب عنّي أشياء حدّثته بها ، ثم نهض و قال : كن مكانك حتى أعود إليك و دخل إلى دار الحرم ثم خرج متنكّرا ممتلئا غيظا قلت : خرجت على خلاف حال دخولك فقال : دخلت على الخيزران ، فوثبت عليّ و مدّت يدها إليّ و خرقت ثوبي و قالت : يا قشّاش أيّ خير رأيت منك ؟ و إنّما اشتريتها من نخّاس و رأت مني ما رأت و عقدت لابنيها ولاية العهد فقلت : قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله « إنّهنّ يغلبن الكرام و يغلبهنّ اللئام » و قال : « خيركم خيركم لأهله و أنا خيركم لأهلي » و قد خلقت المرأة من ضلع أعوج إن قوّمته كسرته و حدثته في هذا الباب بكل ما حضرني ، فسكن غضبه و أسفر وجهه و أمر لي بألفي دينار و انصرفت ، فلمّا دخلت منزلي و افاني رسول الخيزران و قال : تقرأ عليك ستي السّلام و تقول لك يا عم قد سمعت جميع ما كلّمت به الخليفة فأحسن اللَّه جزاك ، و هذه ألفا دينار إلاّ عشرة دنانير لم أحب أن اساوي صلة الخليفة ، و وجهت إليّ بأثواب(٢) .

« و كونوا من خيارهن على حذر » .

____________________

( ١ ) عيون الأخبار لابن قتيبة ٤ : ١١٧ .

( ٢ ) الخطيب البغدادي ، تاريخ بغداد ١٤ : ٤٣١ .

٣١٤

قال عمر بن أبي ربيعة :

لا تأمنن الدهر انثى بعدها

بعد الّذي أعطتك من أيمانها

ما لا يطيق من العهود ثبير

فإذا و ذلك كان ظلّ سحابة

نفحت به في المعصرات دبور(١)

و قال الطائي :

فلا تحسبن هندا لها الغدر وحدها

سجية نفس كلّ غانية هند(٢)

و قال الأعشى :

أرى سفها بالمرء تعليق لبّه

بغانية خود متى تدن تبعد(٣)

و في الخبر عن الصادقعليه‌السلام قال لامرأة سعد : هنيئا لك يا خنساء ، فلو لم يعطك اللَّه شيئا إلاّ ابنتك ام الحسين لقد أعطاك اللَّه خيرا كثيرا ، إنّما مثل المرأة الصالحة في النساء كمثل الغراب الأعصم و هو الأبيض في إحدى الرجلين في الغربان(٤) .

« و لا تطيعوهن في المعروف حتى لا يطمعن في المنكر » في ( الكافي ) عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : من أطاع امرأته أكبّه اللَّه على وجهه في النار قيل : و ما تلك الطاعة .

قال : تطلب منه الذهاب إلى الحمامات و العرسات و العيدات و النياحات و الثياب الرقاق .

و في ( نوادر نكاح الفقيه ) عن أبي جعفرعليه‌السلام : لا تشاوروهن في النجوى

____________________

( ١ ) لم يذكر عمر بن أبي ربيعة البيت الأول و هو اني لآمن غدرهن نذير « بعد الذي » شطر البيت الثاني ، راجع ديوان عمر بن أبي ربيعة : ١٣١ .

( ٢ ) لا وجود له في ديوان حاتم الطائي و لا في معجم الادباء .

( ٣ ) ديوان الأعشى : ٩٩ .

( ٤ ) ذكره المجلس هكذا مثل المرأة الصالحة في النساء كمثل الغراب الأعصم في مائة غراب ، بحار الأنوار ٦٤ : ٢٥١ رواية ٧ .

٣١٥

و لا تطيعوهن في ذي قرابة ، ان المرأة إذا كبرت ذهب خير شطريها و بقي شرّها ذهب جمالها و احتد لسانها و عقم رحمها ، و ان الرجل إذا كبر ذهب شرّ شطريه و بقي خيرهما ثبت عقله و استحكم رأيه و قل جهله(١) .

و قالعليه‌السلام : كل امرى‏ء تدبّره امرأة فهو ملعون(٢) .

و قالعليه‌السلام : في خلافهن البركة(٣) .

و كان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله إذا أراد الحرب دعا نساءه فاستشارهن ثم خالفهن(٤) .

و قال ابن أبي الحديد : لمّا نزل علي البصرة كتبت عائشة إلى زيد بن صوحان العبدي : أما بعد ، فأقم في بيتك و خذّل الناس عن علي فكتب إليها زيد :

إنّ اللَّه أمرك بأمر و أمرنا بأمر ، أمرك أن تقرّي في بيتك و أمرنا أن نجاهد ، و قد أتاني كتابك فأمرتني أن أصنع خلاف ما أمرني اللَّه فأكون قد صنعت ما أمرك اللَّه به و صنعت ما أمرني اللَّه به ، فأمرك عندي غير مطاع و كتابك غير مجاب و السّلام(٥) .

هذا ، و في السير ان خالد بن يزيد بن معاوية قال لامرأته رملة بنت الزبير :

فإن تسلمي اسلم و إن تتنصّري

تعلّق رجال بين أعينهم صلبا(٦)

و قد مر في فصل كلامهعليه‌السلام الجامع بين مصالح الدّنيا و الدين في وصيتهعليه‌السلام لابنه : و اياك و مشاورة النساء ، فإنّ رأيهن إلى أفن و عزمهن إلى

____________________

( ١ ) راجع ص ٧٧ فقد مرّ ذكره .

( ٢ ) الفقيه ٣ : ٤٦٨ ح ٤٦٢١ .

( ٣ ) راجع ص ٧٧ فقد مرّ ذكره .

( ٤ ) المصدر نفسه .

( ٥ ) شرح ابن أبي الحديد ٦ : ٢٢٦ .

( ٦ ) أبو الفرج الأصفهاني : في الأغاني ١٧ : ٣٤٤ ورد بلفظ ( نسلم ) بدلا من ( اسلم ) .

٣١٦

وهن ، و اكفف عليهن من أبصارهن بحجابك إيّاهن ، فإنّ شدّة الحجاب أبقى عليهن ، و ليس خروجهن بأشدّ من إدخالك من لا يوثق به عليهن ، و إن استطعت أن لا يعرفن غيرك فافعل ، و لا تملّك المرأة من أمرها ما جاوز نفسها ، فإنّ المرأة ريحانة و ليست بقهرمانة ، و لا تعد بكرامتها نفسها و لا تطمعها في أن تشفع لغيرها ، و إيّاك و التغاير في غير موضع غيرة ، فإنّ ذلك يدعو الصحيحة إلى السقم و البريئة إلى الريب فراجع شرحه(١) .

هذا ، و في ( الأغاني ) مات عكرمة و كثيّر عزة في يوم واحد ، فأخرجت جنازتاهما فما تخلفت امرأة بالمدينة و لا رجل عن جنازتيهما ، و قيل مات اليوم اشعر الناس و أعلم الناس ، و غلب النساء على جنازة كثيّر يبكينه و يذكرن عزّة في ندبتهنّ له ، فقال أبو جعفر محمد بن علي : أفرجوا لي عن جنازة كثيّر لأرفعها ، و جعل يضربهن بكمه و يقول تنحّين يا صواحبات يوسف فانتدبت له امرأة منهنّ فقالت : يا ابن رسول اللَّه لقد صدقت إنّا لصواحبات يوسف و قد كنّا له خيرا منكم له فقال أبو جعفرعليه‌السلام لبعض مواليه : احتفظ بها حتى تجيئني بها إذا انصرفنا ، فلما انصرف اتي بتلك المرأة كأنّها شرارة النار ، فقال لها : أنت القائلة إنّكّنّ ليوسف خير منّا قالت : نعم أتؤمنني غضبك يا ابن رسول اللَّه قال : أنت آمنة فأبيني قالت : نحن يا ابن رسول اللَّه دعوناه إلى اللّذات من المطعم و المشرب و التمتّع و التنعّم و أنتم معاشر الرجال القيتموه في الجبّ و بعتموه بأبخس الأثمان و حبستموه في السّجن فأيّنا كان أرأف ؟ فقال : للَّه درك و لن تغالب امرأة إلاّ غلبت .

ثم قال لها : ألك بعل ؟ قالت : لي من الرجال من أنا بعله فقال : صدقت مثلك من

____________________

( ١ ) راجع الكتاب .

٣١٧

تملك بعلها و لا يملكها(١) .

و في ( فصل مكارم أخلاقه و علمه ) : روي أنّهعليه‌السلام كان جالسا في أصحابه فمرّت بهم امرأة جميلة ، فرمقها القوم بأبصارهم فقالعليه‌السلام : إن أبصار هذه الفحول طوامح ، و إنّ ذلك سبب هبابها ، فإذا نظر أحدكم إلى امرأة تعجبه فليلامس أهله فإنّما هي امرأة كامرأة(٢) .

و في ( فصل الجمل ) : و أمّا فلانة فأدركها رأي النساء وضعن غلا في صدرها كمرجل القين ، و لو دعيت لتنال من غيري ما أتت إليّ لم تفعل(٣) .

و في ٦ من فصل آداب الحرب : و لا تهيجوا النساء بأذى و إن شتمن أعراضكم و سببن امراءكم ، فإنّهنّ ضعيفات القوى و الأنفس و العقول ، و إن كنّا لنؤمر بالكفّ عنهنّ و إنّهنّ لمشركات ، و ان كان الرجل ليتناول المرأة في الجاهلية بالفهر أو الهراوة فيعيّر بها و عقبه من بعده(٤) .

هذا ، و في ( النهاية ) في حديث عليعليه‌السلام : « خير النساء الحارقة » و في رواية « كذبتكم الحارقة » الحارقة المرأة الضيّقة الفرج ، و قيل التي تغلبها شهوتها حتى تحرق أنيابها بعضا على بعض أي تحكها ، يقول عليكم بها ، و منه حديثه الآخر « وجدتها حارقة طارقة فائقة »(٥) .

هذا ، و في ( نوادر نكاح الفقيه ) عن الفضيل قلت لأبي عبد اللَّهعليه‌السلام : شي‏ء تقوله الناس ، ان أكثر أهل النار يوم القيامة النساء قال : و أنّى ذلك و قد يتزوج

____________________

( ١ ) الأغاني ٩ : ٣٧ ٣٨ .

( ٢ ) نهج البلاغة ، قصار الحكم ، الحكمة : ٤٢٠ راجع الكتاب .

( ٣ ) راجع الكتاب .

( ٤ ) المصدر نفسه .

( ٥ ) ابن الأثير : النهاية ١ : ٣٧١ ، و قيل الحارقة : النكاح على جنب .

٣١٨

الرجل في الآخرة ألفا من نساء الدّنيا في قصر من درة واحدة(١) .

و روى عمار الساباطي عنهعليه‌السلام : أكثر أهل الجنة : المستضعفين من النساء ، علم اللَّه تعالى ضعفهن فرحمهن(٢) .

و قال الصادقعليه‌السلام : الحياء عشرة أجزاء تسعة في النساء و واحدة في الرجال ، فاذا خفضت المرأة ذهب جزء من حياها ، و إذا تزوجت ذهب جزء ، و إذا افترعت ذهب جزء ، و إذا ولدت ذهب جزء و بقي لها خمسة ، فاذا فجرت ذهب حياؤها كلّه و إذا عفّت بقي لها خمسة أجزاء(٣) .

و قالعليه‌السلام « الخيّرات الحسان » من نساء أهل الدّنيا و هن أجمل من الحور العين(٤) .

٦ من غريب كلامه رقم ( ٤ ) و في حديثهعليه‌السلام :

إِذَا بَلَغَ اَلنِّسَاءُ نَصَّ اَلْحِقَاقِ فَالْعَصَبَةُ أَوْلَى قال الرضي : و النص منتهى الأشياء و مبلغ اقصاها كالنص في السير لأنّه أقصى ما تقدر عليه الدابة ، و تقول نصصت الرجل عن الأمر إذا استقصيت مسألته عنه لتستخرج ما عنده فيه ، فنص الحقاق يريد به الإدراك لأنّه منتهى الصغر ، و الوقت الذي يخرج منه الصغير إلى حد الكبير ، و هو من أفصح الكنايات عن هذا الأمر ، فإذا بلغ النساء ذلك فالعصبة أولى بالمرأة من امّها إذا كانوا محرما ، مثل الاخوة و الاعمام ، و بتزويجها ان أرادوا ذلك .

____________________

( ١ ) من لا يحضره الفقيه ٣ : ٤٦٨ ح ٤٦٢٧ .

( ٢ ) المصدر نفسه .

( ٣ ) ذكر الهندي في كنز العمّال الجزء الأوّل من الحديث خطبة رقم ( ٥٧٦٩ ) بنسبة للرسول الاكرم صلّى اللَّه عليه و آله .

( ٤ ) الصدوق : من لا يحضره الفقيه ٣ : ٤٦٩ .

٣١٩

و الحقاق : محاقّة الام للعصبة في المرأة ، و هو الجدال و الخصومة و قول كلّ واحد منهما للآخر : « أنا أحقّ منك بهذا » يقال منه : حاققته حقاقا مثل جادلته جدالا ، و قد قيل : إنّ « نصّ الحقاق » بلوغ العقل و هو الإدراك ، لأنّهعليه‌السلام إنّما أراد منتهى الأمر الذي تجب فيه الحقوق و الأحكام و من رواه « نص الحقائق » فإنّما أراد جمع حقيقه ، هذا معنى ما ذكره أبو عبيدة ، و الذي عندي أنّ المراد بنص الحقاق هاهنا ، بلوغ المرأة إلى الحد الذي يجوز تزويجها و تصرفها في حقوقها تشبيها بالحقاق من الابل و هو جمع حقّة و حقّ و هو الذي استكمل ثلاث سنين و دخل في الرابعة و عند ذلك يبلغ إلى الحد الذي يتمكّن فيه من ركوب ظهره و نصه ، و الحقائق أيضا جمع حقة ، فالروايتان جميعا ترجعان إلى معنى واحد ، و هذا أشبه بطريقة العرب من المعنى المذكور قول المصنف « و في حديثهعليه‌السلام » لم يعلم كونه حديثه كما يأتي .

« إذا بلغ النساء » هو من قبيل قوله تعالى :( و قال نسوة في المدينة ) (١) في عدم تأنيث الفعل مع كون الفاعل مؤنثا حقيقيا لكونه اسم جمع .

« نص الحقاق » هكذا في ( الطبعة المصرية ) ، و في ( ابن أبي الحديد و ابن ميثم ) « نص الحقائق »(٢) « و هو الصحيح لأصحية نسختهما و لا سيما الثاني لكونها بخط المصنف ، و يشهد له ما يأتي منهما من الزيادة .

و كيف كان ففي الأساس : الماشطة تنصّ العروس فتقعدها على المنصّة ، و هي تنتصّ عليها أي : ترفعها ، و « نص فلان سيّدا » أي : نصب(٣) ،

____________________

( ١ ) يوسف : ٣٠ .

( ٢ ) الطبعة المصرية و ابن أبي الحديد بلفظ ( نص الحقاق ) راجع الطبعة المصرية : ٧١٥ ، و ابن أبي الحديد ١٩ : ١٠٨ ، اما ابن ميثم فقد ذكر بعد إيراد النص « و الحقائق أيضا » ٥ : ٣٧٣ .

( ٣ ) الزمخشري أساس البلاغة : ٤٥٩ مادة ( نصص ) و العين للفراهيدي ٧ : ٨٦ مادة ( نص ) ، و الصحاح للجوهري ٣ :

١٠٥٨ مادة ( نصص ) و ابن المنظور ، لسان العرب ١٤ : ١٦٢ مادة ( نصص ) .

٣٢٠