وسائل الشيعة الجزء ٢

وسائل الشيعة10%

وسائل الشيعة مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 566

المقدمة الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠
  • البداية
  • السابق
  • 566 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 366902 / تحميل: 7380
الحجم الحجم الحجم
وسائل الشيعة

وسائل الشيعة الجزء ٢

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

( لا رَيْبَ فِيهِ ) الرّيب والريبة : الشك ، وحقيقته قلق النفس واضطرابها ، سمى به الشك لأنه يقلق النفس ويزيل منها الطمأنينة ، وقد جاء في الحديث : «دع ما يريبك إلى ما لا يريبك ، فإن الشك ريبة والصدق طمأنينة».

والمعنى ـ إن هذا الكتاب لا يعتريه ريب فى كونه من عند الله ، ولا فى هدايته وإرشاده ، ولا فى أسلوبه وبلاغته ، فلا يستطيع أحد أن يأتى بكلام يقرب منه بلاغة وفصاحة ـ وإلى هذا أشار بقوله :( وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنا عَلى عَبْدِنا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ ) .

وارتياب كثير من الناس فيه ، إنما نشأ عن جهل بحقيقته ، أو عن عمى بصيرتهم ، أو عن التعنت عنادا واستكبارا واتباعا للهوى أو تقليدا لسواهم.

( هُدىً لِلْمُتَّقِينَ ) الهدى بالنظر إلى المتقين : هو الدلالة على الصراط المستقيم مع المعونة والتوفيق للعمل بأحكامه ، إذ هم قد اقتبسوا من أنواره وجنوا من ثماره ، وهو لغيرهم هدى ودلالة على الخير وإن لم يأخذوا بهديه وينتفعوا بإرشاده.

وكون بعض الناس لم يهتدوا بهديه لا يخرجه عن كونه هدى ، فالشمس شمس وإن لم يرها الأعمى ، والعسل عسل وإن لم يجد طعمه ذو المرّة.

والمتقين : واحدهم متق ، من الاتقاء وهو الحجز بين الشيئين ، ومنه يقال اتقى بترسه أي جعله حاجزا بين نفسه ومن يقصده ، فكأن المتقى يجعل امتثال أوامر الله واجتناب نواهيه ـ حاجزا بينه وبين العقاب الإلهى.

والعقاب الذي يتّقى ضربان : دنيوى وأخروى وكل منهما يتّقى باتقاء أسبابه.

فعقاب الدنيا يستعان على اتقائه بالعلم بسنن الله فى الخليقة ، وعدم مخالفة النظم التي وضعها فى الكون ، فاتقاء الفشل والخذلان فى القتال مثلا يتوقف على معرفة نظم الحرب وفنونها وآلاتها كما يشير إلى ذلك قوله تعالى :( وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِباطِ الْخَيْلِ ) كما يتوقف على القوة المعنوية من اجتماع الكلمة واتحاد الأمة ، والصبر والثبات والتوكل على الله واحتساب الأجر عنده.

٤١

وعقاب الآخرة يتّقى بالإيمان الخالص والتوحيد والعمل الصالح واجتناب ما يضاد ذلك من الشرك واجتناب المعاصي والآثام التي تضر المرء أو تضر المجتمع.

والمتقون فى هذه الآية هم الذين سمت نفوسهم ، فأصابت ضربا من الهداية واستعدادا لتلقى نور الحق ، والسعى فى مرضاة الله بقدر ما يصل إليه إدراكهم ويبلغ إليه اجتهادهم.

وقد كان من هؤلاء ناس فى الجاهلية ، كرهوا عبادة الأصنام ، وأدركوا أن خالق الكون لا يرضى بعبادتها ، كذلك كان من أهل الكتاب ناس يؤمنون بالله واليوم الآخر ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويسارعون فى الخيرات وأولئك من الصالحين.

( الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ (3) )

الإيضاح

( الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ ) الإيمان تصديق جازم يقترن بإذعان النفس واستسلامها.

وأمارته العمل بما يقتضيه الإيمان ، وهو يختلف باختلاف مراتب المؤمنين فى اليقين.

والغيب ما غاب عنهم علمه كذات الله وملائكته والدار الآخرة وما فيها من البعث والنشور والحساب.

والإيمان بالغيب هو اعتقاد بموجود وراء المحسّات متى أرشد إليه الدليل أو الوجدان السليم ، ومن يعتقد بهذا يسهل عليه التصديق بوجود خالق للسموات والأرض منزه عن المادة وتوابعها ، وإذا وصف له الرسول العوالم التي استأثر الله بعلمها كعالم الملائكة ، أو وصف له اليوم الآخر لم يصعب عليه التصديق به بعد أن يستيقن صدق النبي الذي جاء به.

أما من لا يعرف إلا ما يدركه الحس فإنه يصعب إقناعه ، وقلما تجد الدعوة إلى الحق من نفسه سبيلا.

٤٢

( وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ ) الصلاة فى اللغة الدعاء كما قال تعالى :( وَصَلِّ عَلَيْهِمْ ) ودعاء المعبود بالقول أو بالفعل أو بكليهما يشعر العابد بالحاجة إليه استدرارا للنعمة أو دفعا للنقمة.

والصلاة على النحو الذي شرعه الإسلام من أفضل ما يعبّر عن الشعور بعظمة المعبود وشديد الحاجة إليه لو أقيمت على وجهها. أما إذا خلت من الخشوع والخضوع فإنها تكون صلاة لا روح فيها ، وإن كانت قد وجدت صورتها وهى الكيفيات المخصوصة ؛ ولا يقال للمصلى حينئذ إنه امتثل أمر ربه فأقام الصلاة ، لأن الإقامة مأخوذة من أقام العود إذا سواه وأزال اعوجاجه ، فلا بد فيها من حضور القلب فى جميع أجزائها واستشعار الخشية ومراقبة الخالق كأنك تنظر إليه كما ورد فى الحديث «اعبد الله كأنك تراه ، فإن لم تكن تراه فإنه يراك».

ولما للصلاة من خطر فى تهذيب النفوس والسموّ بها إلى الملكوت الأعلى أبان الله تعالى عظيم آثارها بقوله :( إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ ) وجعلها النبي صلى الله عليه وسلم عماد الدين فقال : «الصلاة عماد الدين والزكاة قنطرة الإسلام».

وقد أمر الله بإقامتها بقوله :( وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ ) وبالمحافظة عليها وإدامتها بقوله :( الَّذِينَ هُمْ عَلى صَلاتِهِمْ دائِمُونَ ) وبأدائها فى أوقاتها بقوله :( إِنَّ الصَّلاةَ كانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتاباً مَوْقُوتاً ) وبأدائها فى جماعة بقوله :( وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ ) وبالخشوع فيها بقوله :( الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خاشِعُونَ ) .

( وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ ) الرزق فى اللغة العطاء ، ثم شاع استعماله فيما ينتفع به الحيوان وجمهرة المسلمين على أن كل ما ينتفع به حلالا كان أو حراما فهو رزق ، وخصه جماعة بالحلال فقط.

والإنفاق والإنفاد أخوان ، خلا أن فى الثاني معنى الإذهاب التام دون الأول ، والمراد بالإنفاق هنا ما يشمل النقمة الواجبة على الأهل والولد وذوى القربى ، وصدقة التطوع.

وفى قوله : مما رزقناهم إيماء إلى أن النفقة المشروعة تكون بعض ما يملك الإنسان ،

٤٣

لا كل ما يملك ، وإلى تعليم الإنسان مبادئ الاقتصاد وحبّ ادّخار المال.

وإن من يجد فى نفسه ميلا إلى بذل أحب الأشياء إليه ، وهو ماله ابتغاء رضوان الله ، وقياما بشكره على أنعمه ، رحمة لأهل البؤس والعوز ـ كان من المتقين المستعدين لهدى القرآن ، وكثير من الناس يصلون ويصومون ، ولكن إذا عرض لهم ما يدعو إلى إنفاق شىء من المال فى سبيل الله ، كأن تدعو الحاجة إلى إنفاقه في مصلحة من مصالح المسلمين أو منفعة عامة لا تقوم إلا بالبذل ـ أعرضوا ونأوا ولم تطاوعهم أنفسهم على بذل شىء منه.

وإنما كان القرآن هدى للمتقين الذين هذه أوصافهم ، لأن الإيمان بالله والإيمان بحياة أخرى بعد هذه الحياة يوفّى فيها كل عامل جزاء عمله ـ يهيّئ النفوس لقبول هديه والاقتباس من أنواره.

وبين ذلك بعضهم بقوله : لأن فى الإيمان النجاة ، وفى الصلاة المناجاة ، وفى لإنفاق زيادة الدرجات ، وبعضهم بقوله : لأن فى الإيمان البشارة ، وفى الصلاة الكفارة ، وفى الإنفاق الطهارة.

( وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ (4) )

الإيضاح

( وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ ) روى ابن جرير عن ابن عباس أن المراد بالمؤمنين هنا من يؤمنون بالنبي والقرآن من أهل الكتاب ، وبالمؤمنين فيما قبلها من يؤمنون من مشركى العرب.

( بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ ) هو القرآن الذي يتلى ، والوحى الذي لا يتلى ، وهو ما
بينه النبي صلى الله عليه وسلم من أعداد الركعات فى الصلاة ، ومقادير الزكاة ، وحدود الجنايات ،

٤٤

قال تعالى :( وَأَنْزَلْنا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ ما نُزِّلَ إِلَيْهِمْ ) وقال :( وَما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحى ) .

ولا بد من معرفة ذلك تفصيلا ، فلا يسع المؤمن جهل ما علم من الدين بالضرورة.

والإنزال هنا بمعنى الوحى ، وسمى إنزالا لما فى جانب الألوهية من علو الخالق على المخلوق ، أو لإنزال جبريل له على النبي صلى الله عليه وسلم لتبليغه للخلق كما قال :( نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ ) .

( وَما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ ) هو التوراة والإنجيل وسائر الكتب السالفة ، فيؤمنون بها إيمانا إجماليا لا تفصيليا.

( وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ ) الدار الآخرة هى دار الجزاء على الأعمال ـ والإيمان بها يتضمن الإيمان بكل ما ورد فبها بالنصوص المتواترة كالحساب والميزان والصراط ، والجنة والنار.

واليقين : هو التصديق الجازم الذي لا شبهة فيه ولا تردد ، ويعرف اليقين بالله واليوم الآخر بآثاره فى الأعمال ، فمن يشهد الزور أو يشرب الخمر أو يأكل حقوق الناس يكن إيمانه بهما خيالا يلوح فى الذهن لا إيمانا يقوم على اليقين ، إذ لم تظهر آثاره فى الجوارح واللسان ، وهو لا يكون إيمانا حقا إلا إذا كان مالكا لزمام النفس مصرفا لها فى أعمالها.

والإيمان على الوجه الصحيح يحصل من أحد طريقين :

(1) البحث والتأمل فيما يحتاج إلى ذلك كالعلم بوجود الله ورسالة الرسل.

(2) خبر الرسول بعد أن تقوم الدلائل على صدقه فيما يبلغ عن ربه ، أو خبر من سمع منه بطريق لا تحتمل ريبا ولا شكا وهى طريق التواتر ، كالعلم بأخبار الآخرة وأحوالها ، والعالم العلوي وأوصافه ، وعلينا أن نقف عند ذلك فلا نزيد فيه شيئا ولا نخلطه بغيره مما جاء عن طريق أهل الكتاب ، أو عن بعض السلف بدون تمحيص

٤٥

ولا تثبت من صحته ، وقد دوّنه المفسرون فى كتبهم وجعلوه من صلب الدين ، وهو ليس منه فى شىء.

( أُولئِكَ عَلى هُدىً مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (5) )

الإيضاح

الفلح : الشق والقطع ، ومنه سمى الزارع فلّاحا لأنه يشق الأرض ، والمفلح : الفائز بالبغية بعد سعى فى الحصول عليها ، واجتهاد فى إدراكها ، كأنه انفتحت له وجوه النظر ولم تستغلق عليه.

والمشار إليه بأولئك فى الموضعين واحد وهم المؤمنون من غير أهل الكتاب والمؤمنون منهم ، وكرر الإشارة للدلالة على أن اتصافهم بتلك الصفات يقتضى نيل كل واحدة من هاتين الفضيلتين الهدى والفلاح ، وأن كلا منهما كاف فى تميزهم به عن سواهم ، فكيف بهما إذا اجتمعتا.

والتعبير بقوله (على هدى) يفيد التمكن من الهدى وكمال الرسوخ فيه ، كما يتمكن الراكب على الدابة ويستقر عليها ، وقد جاء فى كلامهم : ركب هواه ، وجعل الغواية مركبا.

( إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ (6) خَتَمَ اللهُ عَلى قُلُوبِهِمْ وَعَلى سَمْعِهِمْ وَعَلى أَبْصارِهِمْ غِشاوَةٌ وَلَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ (7) )

تفسير المفردات

الكفر : ستر الشيء وتغطيته ، وقد وصف به الليل كقوله «فى ليلة كفر النجوم غمامها»

٤٦

والزراع كقوله تعالى :( كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَباتُهُ ) من قبل أنهم يغطون الحب بالتراب ، ثم استعمل فى كفر النعم بعدم شكرها ، وفى الكفر بالله ووحدانيته وصفاته وكتبه ورسله.

الختم والطبع والرّين بمعنى واحد : وهو تغطية الشيء ، مع إبعاد ما من شأنه أن يدخله ويمسه ، والمراد بالقلوب العقول ، وبالسمع الأسماع ، وبالأبصار العيون التي تدرك المبصرات من أشكال وألوان ، والغشاوة : الغطاء.

المعنى الجملي

بعد أن بين سبحانه حال المتقين الذين يؤمنون بالغيب ، وبما أنزل إلى الرسول صلى الله عليه وسلم وما أنزل إلى من قبله ، وبين ما آل إليه أمرهم من الهداية والفلاح ، أعقب هذا بشرح طائفة ثانية وهم الكفرة الفجرة ، وأبان أنه قد بلغ من أمرهم فى الغواية والضلال ألا يجدى فيهم الإنذار والتبشير ، وألا تؤثّر فيهم العظة والتذكير ، فهم عن الصراط السوىّ ناكبون ، وعن الحق معرضون ، فالإنذار وعدمه سيان ، فماذا ينفع النور مهما سطع ، والضوء مهما ارتفع ، مع من أغمض عينيه حتى لا يراه بغضا له ، وعداوة لمن دعا إليه ، لأن الجهل أفسد وجدانه ، فأصبح لا يميز بين نور وظلمة ، ولا بين نافع وضارّ.

وقد جرت سنة الله فى مثل هؤلاء الذين مرنوا على الكفر أن يختم على قلوبهم فلا يبقى فيها استعدادا لغير الكفر ، ويختم على سمعهم فلا يسمعون إلا أصواتا لا ينفذ منها إلى القلب شىء ينتفع به ، ويجعل على أبصارهم غشاوة ، إذ هم لما لم ينظروا إلى ما فى الكون من آيات وعبر ، ولم يبصروا ما به يتقون الخطر ، فكأنهم لا يبصرون شيئا ، وكأنه قد ضرب على أبصارهم بغشاوة.

وقد حكم الله عليهم بالعذاب الأليم فى العقبى ، وفقد العز والسلطان والخزي في الدنيا كما قال :( لَهُمْ فِي الدُّنْيا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذابٌ عَظِيمٌ ) .

٤٧

الإيضاح

المراد بالذين كفروا هنا : من علم الله أن الكفر قد رسخ في قلوبهم حتى أصبحوا غير مستعدين للإيمان ، بجحودهم بالنبي صلى الله عليه وسلم وبما جاء به بعد أن بلغتهم رسالته بلاغا صحيحا وعرضت عليهم الدلائل على صحتها للنظر والبحث ، فأعرضوا عنها عنادا واستهزاء.

وسبب كفرهم :

(1) إما عناد للحق بعد معرفته ؛ وقد كان من هذا الصنف جماعة من المشركين واليهود في زمن النبي صلى الله عليه وسلم كأبى لهب وأبي جهل والوليد بن المغيرة وأحبار اليهود.

(2) وإما إعراض عن معرفته واستكبار عن النظر فيه.

والمعرضون عن الحق يوجدون في كل زمان ومكان ، وهؤلاء إذا طاف بهم طائفه الحق لوّوا رءوسهم واستكبروا وهم معرضون ، وفيهم يقول تبارك وتعالى :( إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لا يَعْقِلُونَ. وَلَوْ عَلِمَ اللهُ فِيهِمْ خَيْراً لَأَسْمَعَهُمْ ، وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ ) .

( سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ؟ ) سواء اسم بمعنى مستو كما قال تعالى :( إِلى كَلِمَةٍ سَواءٍ بَيْنَنا وَبَيْنَكُمْ ) والإنذار إخبار بشىء مع التخويف بما يترتب على فعله إن كان مذموما أو تركه إن كان محمودا ، ويراد به هنا التخويف من عذاب الله وعقابه على فعل المعاصي.

( لا يُؤْمِنُونَ ) جملة موضحة لتساوى الإنذار وعدمه في حقهم لا في حقه صلى الله عليه وسلم ، ولا في حق الدعاة إلى دينه ، إذ هم يدعون كل كافر إلى الدين الحق ، لا فرق بين المستعد للإيمان وغير المستعد.

٤٨

( خَتَمَ اللهُ عَلى قُلُوبِهِمْ وَعَلى سَمْعِهِمْ وَعَلى أَبْصارِهِمْ غِشاوَةٌ ) ضرب الله مثلا لحال قلوب أولئك القوم ، وقد تمكن الكفر فيها حتى امتنع أن يصل إليها شىء من الأمور الدينية النافعة لها في معاشها ومعادها ، وحيل بينها وبينه ـ بحال بيوت معدة لحلول ما يأتي إليها مما فيه مصالح مهمة للناس ، لكنه منع ذلك بالختم عليها ، وحيل بينها وبين ما أعدّت لأجله ـ فقد حدث في كل منهما امتناع دخول شىء بسبب مانع قوى ؛ وكذلك حدث مثل هذا في الأسماع فلا تسمع آيات الله المنزلة سماع تأمل وتدبر ، وجعل على الأبصار غشاوة ، فلا تدرك آيات الله المبصرة في الآفاق والأنفس الدالة على الإيمان ؛ ومن ثم لا يرجى تغيير حالهم ولا أن يدخل الإيمان في قلوبهم.

( وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَما هُمْ بِمُؤْمِنِينَ (8) يُخادِعُونَ اللهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَما يَخْدَعُونَ إِلاَّ أَنْفُسَهُمْ وَما يَشْعُرُونَ (9) فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزادَهُمُ اللهُ مَرَضاً وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ بِما كانُوا يَكْذِبُونَ (10) )

المعنى الجملي

ذكر سبحانه أوّلا من أخلص دينه لله ووافق سرّه علنه وفعله قوله ، ثم ثنى بذكر من محّضوا الكفر ظاهرا وباطنا. وهنا ثلث بالمنافقين الذين آمنوا بأفواههم ولم تؤمن قلوبهم ، وهم أخبث الكفرة ، لأنهم ضموا إلى الكفر استهزاء وخداعا وتمويها وتدليسا وفيهم نزل قوله :( إِنَّ الْمُنافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ ) وقوله :( مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذلِكَ لا إِلى هؤُلاءِ وَلا إِلى هؤُلاءِ ) .

وقد وصف الله حال الذين كفروا في آيتين وحال المنافقين في ثلاث عشرة آية ، نعى عليهم فيها خبثهم ومكرهم ، وفضحهم ، واستجهلهم ، واستهزأ بهم ، وتهكم بفعلهم ، ودعاهم صما بكما عميا ، وضرب لهم شنيع الأمثال.

٤٩

فنعى عليهم خبثهم في قوله : ومن الناس من يقول آمنا بالله وباليوم الآخر ، ونفى عليهم مكرهم في قوله : يخادعون الله والذين آمنوا : وفضجهم في قوله : وما هم بمؤمنين ، وفي قوله. وما يخدعون إلا أنفسهم ، وفي قوله : في قلوبهم مرض ، واستجهلهم في قوله :

وما يشعرون ، وفي قوله : ولكن لا يشعرون ، وفي قوله : ولكن لا يعلمون ، وتهكّم بفعلهم فى قوله : أولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى ، ودعاهم صما بكما عميا في قوله : صم بكم عمى فهم لا يرجعون ، وضرب لهم شنيع الأمثال في قوله : مثلهم كمثل الذي استوقد نارا إلخ وفي قوله : أو كصيب من السماء إلخ.

الإيضاح

( وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ ) أصل ناس أناس ويشهد له إنسان وإنسى ، وسموا بذلك لظهورهم وتعلق الإيناس بهم ، كما سمى الجن جنّا لاجتنانهم واختفائهم.

من يقول إلخ هم أولئك النفر من المنافقين الذين كانوا في عصر التنزيل كعبد الله ابن أبيّ بن سلول وأصحابه وأكثرهم من اليهود ، ولهم نظراء في كل عصر ومصر.

واليوم الآخر ـ هو من وقت الحشر إلى ما لا يتناهى ، أو إلى أن يدخل أهل الجنة الجنة ، وأهل النار النار ، وخصّوا بالذكر الإيمان بهما ، إشارة إلى أنهم أحاطوا بجانبي الإيمان أوله وآخره ، وهم لم يكونوا كذلك ، إذا كانوا مشركين بالله لأنهم يقولون عزير ابن الله ، وجاحدين باليوم الآخر ، إذ قالوا : لن تمسنا النار إلا أياما معدودة ، وقد حكى الله عبارتهم ليبين كمال خبثهم ، لأن ما قالوه لو صدر عنهم لا على وجه الخداع والنفاق مع ما هم عليه لم يكن ذلك إيمانا لاتخاذهم الولد واعتقادهم أن الجنة لا يدخلها غيرهم ، فما بالك بهم وهم قالوه تمويها على المؤمنين واستهزاء بهم.

( وَما هُمْ بِمُؤْمِنِينَ ) أي وما هم بداخلين في عداد المؤمنين الصادقين الذين يشعرون

٥٠

تعظيم سلطان الله ، ويعلمون أنه مطّلع على سرهم ونجواهم ، إذ هم كانوا يكتفون ببعض ظواهر العبادات ، ظنا منهم أن ذلك يرضى ربهم ، ثم هم بعد ذلك منغمسون في الشرور والمآثم من كذب وغشّ ، وخيانة وطمع إلى نحو ذلك مما حكاه الكتاب الكريم عنهم ونقله الرواة أجمعون.

( يُخادِعُونَ اللهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا ) الخدع : أن توهم غيرك خلاف ما تخفيه لتحول بينه وبين ما يريد ، وأصله من قولهم : خدع الضبّ إذا توارى في جحره ، وضب خادع إذا أوهم حارسه الإقبال عليه ثم خرج من باب آخر.

والخدع هنا من جانب المنافقين لله وللمؤمنين ، والتعبير بصيغة المخادعة للدلالة على المبالغة في حصول الفعل وهو الخدع ، أو للدلالة على حصوله مرّة بعد أخرى ، كما يقال مارست الشيء وزاولته ، إذ هم كانوا مداومين على الخدع ، إذ أعمالهم الظاهرة لا تصدقها بواطنهم ، وهذا لا يكون إلا من مخادع ، لا من تائب خاشع.

وخداعهم للمؤمنين بإظهار الإيمان وإخفاء الكفر ، للاطلاع على أسرارهم وإذاعتها إلى أعدائهم من المشركين واليهود ، ودفع الأذى عن أنفسهم.

( وَما يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ ) إذ ضرر عملهم لا حقّ بهم ، فهم يغرّون أنفسهم بالأكاذيب ويلقونها في مهاوى الهلاك والردى.

( وَما يَشْعُرُونَ ) يقال شعر به يشعر شعورا : علم به وفطن ، والفطنة إنما تتعلق بخفايا الأمور ، فالشعور لا يكون إلا في إدراك ما دقّ وخفى من شىء حسى أو عقلى.

وقد نفى الشعور عنهم في مخادعتهم لله ، لأنهم لم يحاسبوا أنفسهم على أقوالهم ولم يراقبوه في أفعالهم ، ولم يفكروا فيما يرضيه ، بل جروا في ريائهم على ما ألفوا وتعوّدوا فهم يعملون عمل المخادعين وما يشعرون ، فإذا عرض لهم زاجر من الدين يحول بينهم وبين ما يشتهون ـ وجدوا لهم من المعاذير ما يسهل أمره ، إما بأمل في المغفرة ، أو تحريف في أوامر الكتاب ، لما رسخ في نفوسهم من عقائد الزيغ التي يسمونها إيمانا ، وهم في الحقيقة مخدوعون ، وعن الصراط السوىّ ناكبون.

٥١

والمشاهد أن الإنسان إذا همّ بعمل وناجى نفسه ، وجد كأن في قلبه خصمين مختصمين ، أحدهما يميل به إلى اللذة ويسير به في طريق الضلال والغواية ، وثانيهما يأمره بالسير في الطريق القويم وينهاه عن اتباع النفس والهوى ، ولقد جاء في كلامهم عن المتردد «فلان يشاور نفسيه».

ولا يترجح عنده جانب الشر إلا إذا خدع نفسه وصرفها عن الحق ، وزين لها اتباع الباطل ، وإنما يكون ذلك بعد مشاورة ومذاكرة تجول في الخاطر وتهجس فى النفس ، ربما لا يلتفت إليها الإنسان ولا يشعر بما يجول بين جنبيه.

( فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ ) القلوب هنا العقول ، وهو تعبير معروف عند العرب ، كأنهم لاحظوا أن القلب يظهر فيه أثر الوجدان الذي هو السائق إلى الأعمال كاضطرا به حين الخوف أو اشتداد الفرح.

ومرضها ما يطرأ عليها مما يضعف إدراكها وتعقلها لفهم الدين ومعرفة أسراره وحكمه ، وفقدان هذا الإدراك هو الذي عبّر عنه القرآن بقوله :( لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِها ) .

ومن أسباب ذلك الجهل والنفاق والشك والارتياب والحسد والضغينة إلى غير ذلك مما يفسد الاعتقاد والأخلاق ويجعل أحكام العقل في اضطراب.

وقد وجد هذا المرض عند هؤلاء المنافقين حين كانوا في فترة من الرسل فلم يكن لهم حظ من قراءة كتب الدين إلا تلاوتها ، ولا من أعماله إلا إقامة صورها دون أن تنفذ أسرارها إلى القلوب ، فتهذب النفوس وتسمو بها إلى فضائل الأخلاق والتفقه فى الدين.

( فَزادَهُمُ اللهُ مَرَضاً ) بعد أن جاء النذير البشير ومعه البرهان القاطع ، والنور الساطع ، وأبوا أن يتبعوه ، وزاد تمسكهم بما كانوا عليه ، فكان ذلك النور عمى في أعينهم ، ومرضا في قلوبهم ، وتحرّقت قلوبهم حسرة على ما فاتهم من الرياسة ، وحسدا على ما يرونه من ثبات أمر الرسول وعلوّ شأنه يوما بعد يوم.

٥٢

( وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ ) أليم ، من ألم يألم فهو أليم بمعنى مؤلم (بفتح اللام) إذ يصل ألمه إلى القلوب ، وصف به العذاب نفسه لبيان أن الألم بلغ الغاية حتى سرى من المعذّب (بفتح اللام) إلى العذاب المتعلق به.

( بِما كانُوا يَكْذِبُونَ ) أي بسبب كذبهم في دعواهم الإيمان بالله واليوم الآخر ، فهم لم يصدّقوا بأعمالهم ما يزعمونه من حالهم ، وقد جعل العذاب جزاء الكذب دون سائر موجباته الأخرى كالكفر وغيره من أعمال السوء ، للتحذير منه وبيان فظاعته وعظم جرمه ، وللإشعار بأن الكفر من محتوياته ، وإليه ينتهى في حدوده وغاياته ، ومن ثمّ حذّر منه القرآن أتمّ التحذير ، فما فشا في أمة إلا كثرت فيها الجرائم ، وشاعت فيها الرذائل ، فهو مصدر كل رذيلة ، ومنشأ كل كبيرة ، وقد روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : «إياكم والكذب فإنه مجانب للإيمان».

( وَإِذا قِيلَ لَهُمْ لا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قالُوا إِنَّما نَحْنُ مُصْلِحُونَ (11) أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلكِنْ لا يَشْعُرُونَ (12) وَإِذا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا كَما آمَنَ النَّاسُ قالُوا أَنُؤْمِنُ كَما آمَنَ السُّفَهاءُ أَلا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهاءُ وَلكِنْ لا يَعْلَمُونَ (13) )

تفسير المفردات

الفساد : خروج الشيء عن حد الاعتدال ، والصلاح ضده ، والفساد في الأرض :

هيج الحروب والفتن التي تؤدى إلى اختلال أمر المعاش والمعاد ، والسفه : خفة في العقل وفساد في الرأى ، ومنه قيل ثوب سفيه : أي ردىء النسج.

٥٣

المعنى الجملي

عدد الله في هذه الآيات الثلاث بعض شناعاتهم المترتبة على كفرهم ونفاقهم ، ففصل بعض خبائثهم وجناياتهم ، وذكر بعض هفواتهم ، ثم أظهر فسادها وأبان بطلانها ، فحكى ما أسداه المؤمنون إليهم من النصائح حين طلبوا منهم ترك الرذائل التي تؤدى إلى الفتنة والفساد ، والتمسك بأهداب الفضائل واتباع ذوى الأحلام الراجحة ، والعقول الناضجة ، ثم ما أجابوا به مما دل على عظيم جهلهم وتماديهم في سفههم وغفلتهم.

الإيضاح

( وَإِذا قِيلَ لَهُمْ لا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ ) المنهي عنه هنا الأسباب المؤدية إلى الفساد من إفشاء أسرار المؤمنين إلى الكفار وإغرائهم بالمؤمنين ، وتنفيرهم من اتباع محمد صلى الله عليه وسلم والأخذ بما جاء به من الإصلاح ، إلى نحو أولئك من فنون الشر وصنوف الفتن ، كما يقول إنسان لآخر : لا تقتل نفسك بيدك ، ولا تلق بيديك إلى التهلكة ، إذا أقدم على ما هذه عاقبته.

( قالُوا إِنَّما نَحْنُ مُصْلِحُونَ ) أي لا شأن لنا إلا الإصلاح ، فنحن بعيدون عن شوائب الإفساد باتباعنا رؤساءنا الذين استنبطوا تعاليمهم من الأنبياء ، فكيف ندع ما تلقيناه منهم ونعتنق دينا جديدا لا عهد لنا به من قبل؟

وهكذا شأن المفسدين في كل زمان يدّعون في إفسادهم أنه هو الإصلاح بعينه ، فإن كانوا على بينة من إفسادهم وضلالهم ، فهم يدّعون ذلك ليبرئوا أنفسهم من وصمة الإفساد بالتمويه والخداع ، وإن كانوا مسوقين إليه تقليدا للرؤساء ، فهم يدّعونه عن اعتقاد ، وإن كان السير على منهاجه مفسدا للأمة في الحقيقة والواقع ، إذ هم عطّلوا وسائل البحث التي تميز الإصلاح من الإفساد ، فهم بصدهم عن سبيل الإسلام الداعي

٥٤

إلى الوحدة والالتئام ، يدعون إلى الفرقة والانفصام ، وأىّ إفساد في الأرض أعظم من التنفير من اتباع الحق ، والسير على منهاج الباطل ومؤازرة أهله.

( أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ ) أي هم وحدهم هم المفسدون دون من أو مأوا إليهم ، لأن لهم سلفا صالحا تركوا الاقتداء بهم ، وفي هذا الأسلوب مبالغة في الرد عليهم. ودلالة على السخط العظيم.

( وَلكِنْ لا يَشْعُرُونَ ) بهذا الإفساد لأنه أصبح غريزة في طباعهم بما تمكن فيها من الشبه بتقليدهم أحبارهم الذين أشربت قلوبهم تعظيمهم والثقة بآرائهم.

( وَإِذا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا كَما آمَنَ النَّاسُ ) الذين اتبعوا قضية العقل وسلكوا سبيل الرشاد ، وكان للإيمان سلطان على نفوسهم ، وعليه بنوا تصاريف أعمالهم كعبد الله ابن سلام وأشباهه من أحبارهم.

( قالُوا أَنُؤْمِنُ كَما آمَنَ السُّفَهاءُ؟ ) أرادوا بالسفهاء أتباع النبي صلى الله عليه وسلم.

أما المهاجرون منهم فلأنهم عادوا قومهم وأقاربهم وهجروا أوطانهم وتركوا ديارهم ، ليتّبعوا النبي صلى الله عليه وسلم ويسيروا على هديه. وأما الأنصار فلأنهم شاركوا المهاجرين فى ديارهم وأموالهم.

ولا يستبعد ممن انهمك في السفاهة وتمادى في الغواية ، وممن زيّن له سوء عمله فرآه حسنا وظن الضلال هدى أن يسمى الهدى سفها وضلالا.

( أَلا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهاءُ ) وحدهم دون من عرّضوا بهم ونسبوهم إلى السفه ، إذ هم لهم سلف صالح تركوا الاقتداء بهم واكتفوا بانتظار شفاعتهم ، وإن لم يجروا على هديهم وسنتهم ، بخلاف أولئك الذين لا سلف لهم إلا عابدو أصنام ، وقد هداهم الله وصارت قلوبهم مطمئنة بالإيمان.

( وَلكِنْ لا يَعْلَمُونَ ) ما الإيمان وما حقيقته؟ حتى يعلموا أن المؤمنين سفهاء أو عقلاء.

٥٥

وقد ختمت هذه الآية بلا يعلمون ، وسابقتها بلا يشعرون ، لأن الإيمان لا يتم إلا بالعلم اليقيني ، والفائدة المرجوّة منه وهى السعادة في المعاش والمعاد لا يدركها إلا من يعلم حقيقته ويدرك كنهه ، فهم قد أخطأوا في إدراك مصلحتهم ومصلحة غيرهم.

أما نفاقهم وإفسادهم في الأرض فقد بلغ من الوضوح مبلغ الأمور المحسوسة ، التي تصل إلى الحواس والمشاعر ، ولكن لا حس لهم حتى يدركوه.

( وَإِذا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قالُوا آمَنَّا وَإِذا خَلَوْا إِلى شَياطِينِهِمْ قالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّما نَحْنُ مُسْتَهْزِؤُنَ (14) اللهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ (15) أُولئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلالَةَ بِالْهُدى فَما رَبِحَتْ تِجارَتُهُمْ وَما كانُوا مُهْتَدِينَ (16) )

تفسير المفردات

اللقاء المصادفة تقول : لقيته ولاقيته إذا صادفته واستقبلته ، خلوا إما من خلوت بفلان وإلى فلان إذا انفردت به ، وإما من خلا بمعنى مضى ، ومنه القرون الخالية ، واطلب الأمر وخلاك ذم : أي جاوزك ومضى عنك. والشيطان كل عات متمرد من الإنس والجن كما قال :( شَياطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُوراً ) والاستهزاء : السخرية ، تقول هزأت به واستهزأت كأجبت واستجبت ؛ وأصل المادة تفيد الخفة يقال ناقة تهزأ به : أي تسرع. يمدهم : أي يزيدهم من مدّ الجيش وأمده إذا زاد عدده وقواه. والطغيان : (بضم الطاء وكسرها) مجاوزة الحدّ فى كل شىء. والعمه : ظلمة البصيرة كالعمى في البصر وأثره الحيرة والاضطراب بحيث لا يدرى الإنسان أين يتوجه ، يقال عمه فهو عمه وعامه وجماعة عمّه.

٥٦

المعنى الجملي

وصف الله في هذه الآيات حال جماعة من المنافقين كانوا في عصر التنزيل قد بلغ من دعارتهم وتمرّدهم في النفاق وفساد الأخلاق أن كانوا يظهرون بوجهين ، ويتكلمون بلسانين ، فإذا لقوا المؤمنين قالوا آمنا بما أنتم به مؤمنون ، وإذا خلوا إلى شياطينهم دعاة الفتنة والإفساد الذين يصدون عن سبيل الحق قالوا لهم إنما نقول ذلك لهم استهزاء بهم ، وقد فضح الله بهتانهم وأوعدهم شديد العقاب على استهزائهم وزادهم حيرة في أمورهم ؛ ثم ذكر أنهم قد اختاروا الضلالة على الهدى ، إذ هم أهملوا العقل في فهم الكتاب بعد أن تمكنت منهم التقاليد والعادات ، وتحكمت فيهم البدع ، فخسروا في تجارتهم ، وما كانوا مهتدين فيها ، لأنهم باعوا ما وهبهم الله من النور والهدى ، بضلالات البدع والأهواء.

الإيضاح

( وَإِذا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قالُوا آمَنَّا ، وَإِذا خَلَوْا إِلى شَياطِينِهِمْ قالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّما نَحْنُ مُسْتَهْزِؤُنَ ) أي وإذا رأى المنافقون. المؤمنين واجتمعوا بهم قالوا كذبا وبهتانا : آمنا كإيمانكم وصدقنا كتصديقكم ، وإذا انفردوا بأمثالهم من دعاة الفتنة والإفساد قالوا لهم : إنا على عقيدتكم ، وموافقوكم على دينكم ، وإنما نظهر لهم الإيمان استهزاء بهم ، لنشاركهم في الغنائم ، ونحفظ أموالنا وأولادنا ونساءنا من أيديهم ونطلع على أسرارهم.

( اللهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ ) أي الله يجازيهم بالعقاب على استهزائهم (وسمى هذا الجزاء استهزاء للمشاكلة في اللفظ كما سمى جزاء السيئة سيئة) ويزيدهم في عتوهم وكفرهم ، ويجعلهم حائرين مترددين في الضلال عقوبة لهم على استهزائهم.

٥٧

( أُولئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلالَةَ بِالْهُدى ، فَما رَبِحَتْ تِجارَتُهُمْ وَما كانُوا مُهْتَدِينَ ) أي هؤلاء قد رغبوا عن الهدى وسلوك الطريق المستقيم ، ومالوا إلى الضلال واشتروه ، ولكن لم تكن تجارتهم رابحة ، إذ هم أضاعوا رأس المال وهو ما كان لهم من الفطرة السليمة ، والاستعداد لإدراك الحقائق ونيل الكمال ، فأصبحوا خاسرين آيسين من الربح.

وإن من كانت هذه حالهم فلا علم لهم بطرق التجارة ، فإن التاجر إن فاته الربح في صفقة فربما تداركه في أخرى ما دام رأس المال موجودا ، أما وقد فقد رأس المال فلا سبيل إلى الربح بحال.

( مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ ناراً فَلَمَّا أَضاءَتْ ما حَوْلَهُ ذَهَبَ اللهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُماتٍ لا يُبْصِرُونَ (17) صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لا يَرْجِعُونَ (18) )

تفسير المفردات

المثل والمثل والمثيل كالشّبه والشّبه والشبيه وزنا ومعنى ، ثم استعمل في بيان حال الشيء وصفته التي توضحه وتبين حاله كقوله :( مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ ) إلخ.

وقوله :( وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلى ) واستوقد النار : طلب وقودها ، أي سطوعها وارتفاع لهبها بفعله أو فعل غيره ، ويقال ضاءت النار وأضاءت وأضاءته النار ، أي أظهرته بضوئها. وترك : أي صير. والصمم آفة تمنع السماع. والبكم : الخرس. والعمى : عدم البصر عما من شأنه أن يبصر.

المعنى الجملي

نهج القرآن الكريم نهج العرب في أساليبها ، فضرب الأمثال التي تجلى المعاني

٥٨

أتم جلاء ، وتحدث في النفوس من الأثر ما لا يقدر قدره ولا يسبر غوره ، لما فيها من إبراز المعقولات الخفية في معرض المحسوسات الجليّة ، وإظهار ما ينكر في لباس ما يعرف ويشهر ، وعلى هذا السنن ضرب الله مثل المنافقين ، فصوّر حالهم حينما أسلموا أوّلا ودخل نور الإيمان في قلوبهم ، ثم داخلهم الشكّ فيه فكفروا به ، إذ لم يدركوا فضائله ولم يفقهوا محاسنه ، وصاروا لا يبصرون مسلكا من مسالك الهداية ولا يدركون وسيلة من وسائل النجاة ، وقد أضاء ذلك النور قلوب من حولهم من المؤمنين المخلصين ـ بحال جماعة أوقدوا نارا لينتفعوا بها في جلب خير أو دفع ضر ، فلما أضاءت ما حولهم من الأشياء والأماكن ، جاءها عارض خفىّ أو أمر سماوىّ كمطر شديد ، أو ريح عاصف جرفها وبدّدها فأصبحوا في ظلام دامس ، لا يتسنى لهم الإبصار بحال.

ثم جعلهم مرّة أخرى كالصمّ البكم العمى الذين فقدوا هذه المشاعر والحواس ، إذ هم حين لم ينتفعوا بآثارها فكأنهم فقدوها ، فما فائدة السمع إلا الإصاخة إلى نصح الناصح وهدى الواعظ ، وما منفعة اللسان إلا الاسترشاد بالقول ، وطلب الدليل والبرهان ، لتتجلى المعقولات ، وتتضح المشكلات ، وما مزية البصر إلا النظر والاعتبار ، لزيادة الهدى والاستبصار ، فمن لم يستعملها في شىء من ذلك فكأنه فقدها ، وأنّى لمثله أن يخرج من ضلالة ، أو يرجع إلى هدى؟

الإيضاح

( مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ ناراً ، فَلَمَّا أَضاءَتْ ما حَوْلَهُ ذَهَبَ اللهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُماتٍ لا يُبْصِرُونَ ) أي مثل المنافقين وحالهم كحال الذين استوقدوا نارا ، فلما أضاءت ما حولهم من الأمكنة والأشياء ، أطفأ الله نارهم التي منها استمدوا نورهم بنحو مطر شديد أو ريح عاصف فصيرهم لا يبصرون شيئا ، لأن النور قد زال ولم يبق منه أثر ولا عين.

٥٩

( صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ ) وصفهم الله بهذه الصفات مع سلامة مشاعرهم ، من قبل أنهم فقدوا منفعة السمع ، فلا يصغون لعظة واعظ ولا إرشاد مرشد ، بل هم لا يفقهون إن سمعوا فكأنهم صمّ لا يسمعون ، كما فقدوا منفعة الاسترشاد وطلب الحكمة ، فلا يطلبون برهانا على قضية ، ولا بيانا عن مسألة تخفى عليهم ، فكأنهم بكم لا يتكلمون وفقدوا منافع الإبصار من النظر والاعتبار ، فلا يرون ما يحلّ بهم من الفتن فينزجروا ، ولا يبصرون ما تتقلّب به أحوال الأمم فيعتبروا.

( فَهُمْ لا يَرْجِعُونَ ) أي فهم لا يعودون من الضلالة إلى الهدى الذي تركوه وأضاعوه ، إذ من فقد حواسه لا يسمع صوتا يهتدى به ، ولا يصيح لينقذ نفسه ، ولا يرى بارقا من النور يتجه إليه ويقصده ، ولا تزال هذه حاله ، ظلمات بعضها فوق بعض حتى يتردّى فى مهاوى الهلاك.

( أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّماءِ فِيهِ ظُلُماتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ يَجْعَلُونَ أَصابِعَهُمْ فِي آذانِهِمْ مِنَ الصَّواعِقِ حَذَرَ الْمَوْتِ وَاللهُ مُحِيطٌ بِالْكافِرِينَ (19) يَكادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصارَهُمْ كُلَّما أَضاءَ لَهُمْ مَشَوْا فِيهِ وَإِذا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قامُوا وَلَوْ شاءَ اللهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصارِهِمْ إِنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (20) )

تفسير المفردات

الصيّب : المطر يصوب وينزل ، من الصوب وهو النزول. والرعد : هو الصوت الذي يسمع في السحاب أحيانا عند تجمعه. والبرق : هو الضوء الذي يلمع في السحاب غالبا ، وربما لمع في الأفق حيث لاسحاب ، وأسباب هذه الظواهر اتحاد كهربيّة السحاب الموجبة بالسالبة كما تقرر ذلك في علم الطبيعيات. والصاعقة : نار عظيمة تنزل أحيانا

٦٠

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

٣٩ - باب استحباب تلقين المحتضر التوبة والاستغفار والدعاء المأثور.

[ ٢٦٤٩ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن عبد الرحمن بن أبي هاشم، عن سالم بن أبي سلمة، عن أبي عبدالله (عليه‌السلام ) قال: حضر رجلاً الموت، فقيل: يا رسول الله، إن فلاناً قد حضره الموت، فنهض رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) ومعه ناس من أصحابه حتّى أتاه وهو مغمى عليه، قال: فقال: يا ملك الموت، كفّ عن الرجل حتّى أُسائله فأفاق الرجل: فقال النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) : ما رأيت ؟ قال: رأيت بياضاً كثيراً وسواداً كثيراً، قال: فأيّهما كان أقرب إليك(١) ؟ فقال: السواد، فقال النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) : قل: اللّهمّ اغفر لي الكثير من معاصيك واقبل منّي اليسير من طاعتك، فقاله، ثمّ أُغمي عليه، فقال: يا ملك الموت، خفّف عنه حتّى أسائله فأفاق الرجل، فقال: ما رأيت ؟ قال رأيت بياضاً كثيراً وسواداً كثيراً، قال: فأيّهما أقرب إليك ؟ فقال: البياض، فقال رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) : غفر الله لصاحبكم، قال: فقال أبو عبدالله (عليه‌السلام ) : إذا حضرتم ميّتاً فقولوا له هذا الكلام ليقوله.

[ ٢٦٥٠ ] ٢ - محمّد بن علي بن الحسين قال: قال رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) في آخر خطبة خطبها: من تاب قبل موته بسنة تاب الله عليه، ثم قال: وإنّ السنة لكثيرة، من تاب قبل موته بشهر تاب الله عليه، ثمّ قال: وإنّ

__________________

الباب ٣٩

فيه ٣ أحاديث

١ - الكافي ٣: ١٢٤ / ١٠.

(١) في نسخة: منك (هامش المخطوط ).

٢ - الفقيه ١: ٧٩ / ٣٥٤، وأورد قطعة منه في الحديث ٨ من الباب ٣٦ من هذه الابواب وأورده بتمامه عن الفقيه وثواب الأعمال والزهد في الحديث ٦ من الباب ٩٣ من أبواب جهاد النفس.

٤٦١

الشهر لكثير(١) ، ومن تاب قبل موته بيوم تاب الله عليه، ثم قال: وإنّ يوماً(٢) لكثير، من تاب قبل موته بساعة تاب الله عليه، ثمّ قال: وإنّ الساعة لكثيرة، من تاب وقد بلغت نفسه هذه - وأهوى بيده إلى حلقه - تاب الله عليه.

[ ٢٦٥١ ] ٣ - قال: وقال الصادق (عليه‌السلام ) : اعتقل لسان رجل من أهل المدينة(٣) فدخل عليه رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) ، فقال له: قل: لا إله إلّا الله، فلم يقدر عليه، فأعاد عليه رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) ، فلم يقدر عليه، وعند رأس الرجل امرأة فقال لها: هل لهذا الرجل أُمّ ؟ قالت: نعم يا رسول الله، أنا أُمّه، فقال لها: أفراضية أنت عنه أم لا ؟ فقالت: [ لا ](٤) بل ساخطة، فقال لها رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) : فإنّي أُحبّ أن ترضي عنه، فقالت: قد رضيت عنه لرضاك يا رسول الله، فقال له: قل: لا إله إلّا الله، فقال: لا إله إلّا الله، فقال [ له ](٥) : قل: يا من يقبل اليسير، ويعفو عن الكثير أقبل منّي اليسير، واعف عني الكثير إنّك أنت العفوّ الغفور، فقالها، فقال له: ماذا ترى ؟ فقال: أرى أسودين قد دخلا عليّ، فقال: أعدها، فأعادها، فقال: ما ترى ؟ فقال: قد تباعدا عنّي، ودخل أبيضان، وخرج الأسودان فما أراهما، ودنا الأبيضان منّي الآن يأخذان بنفسي، فمات من ساعته.

أقول: ويأتي ما يدلّ على ذلك في جهاد النفس وغيره(٦) .

__________________

(١) في المصدر بعد قوله لكثير هكذا: من تاب قبل موته بجمعة تاب الله عليه، ثمّ قال إن الجمعة لكثيرة.

(٢) في نسخة: اليوم. ( هامش المخطوط ).

٣ - الفقيه ١: ٧٨ / ٣٥٠.

(٣) في المصدر زيادة: على عهد رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) في مرضه الذي مات فيه.

(٤، ٥) اثبتناهما من المصدر.

(٦) يأتي ما يدل عليه في الباب ٩٣ من أبواب جهاد النفس.

٤٦٢

٤٠ - باب استحباب نقل من اشتدّ عليه النزع الى مصلّاه الذي كان يصلّي فيه أو عليه.

[ ٢٦٥٢ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن عبدالله بن سنان، عن أبي عبدالله (عليه‌السلام ) قال: إذا عسر على الميّت موته ونزعه قرّب إلى مصلاّه(١) الذي كان يصلّي فيه.

ورواه الشيخ بإسناده عن الحسين بن سعيد، مثله(٢) .

[ ٢٦٥٣ ] ٢ - وعن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد، عن حريز، عن زرارة قال: إذا اشتدّ(٣) عليه النزع فضعه في مصلاّه الذي كان يصلّي فيه أو عليه.

ورواه الشيخ بإسناده عن علي بن إبراهيم مثله(٤) .

[ ٢٦٥٤ ] ٣ - وعنه، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن الحسين بن عثمان، عن ذريح قال: سمعت أبا عبدالله (عليه‌السلام ) يقول: قال علي بن الحسين: إنّ أبا سعيد الخدري كان من أصحاب رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) ، وكان مستقيماً، فنزع ثلاثة أيّام فغسله أهله ثمّ حمل إلى مصلّاه فمات فيه.

__________________

الباب ٤٠

فيه ٧ أحاديث

١ - الكافي ٣: ١٢٥ / ٢.

(١) في نسخة التهذيب: المصلىٰ ( هامش المخطوط ).

(٢) التهذيب ١: ٤٢٧ / ١٣٥٦.

٢ - الكافي ٣: ١٢٦ / ٣.

(٣) في المصدر: اشتدّت.

(٤) التهذيب ١: ٤٢٧ / ١٣٥٧.

٣ - الكافي ٣: ١٢٥ / ١، ورواه الكشي في رجاله ١: ٢٠٤ / ٨٥.

٤٦٣

[ ٢٦٥٥ ] ٤ - وعن الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد، عن الوشّاء، عن أبان، عن ليث المرادي، عن أبي عبدالله (عليه‌السلام ) ، قال: قال: إنّ أبا سعيد الخدري قد رزقه الله هذا الرأي، وإنّه اشتدّ نزعه(١) فقال: احملوني إلى مصلاّي، فحملوه، فلم يلبث أن هلك.

[ ٢٦٥٦ ] ٥ - محمّد بن الحسن بإسناده عن محمّد بن علي بن محبوب، عن العباس بن معروف، عن عبدالله بن المغيرة، عن ذريح، عن أبي عبدالله (عليه‌السلام ) ، قال: ذُكر أبو سعيد الخدري فقال: كان من أصحاب رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) وكان مستقيماً، قال: فنزع ثلاثة أيّام، فغسله أهله ثمّ حملوه إلى مصلاّه فمات فيه، الحديث.

ورواه الكشّي في كتاب ( الرجال ): عن حمدويه، عن أيّوب بن نوح، عن عبدالله بن المغيرة(٢) .

وروى الذي قبله عن محمّد بن مسعود، عن الحسين بن إشكيب، عن محمّد(٣) بن أحمد، عن أبان بن عثمان، عن ليث المرادي، نحوه.

والذي قبلهما عن حمدويه، عن يعقوب بن يزيد، عن ابن أبي عمير، نحوه.

[ ٢٦٥٧ ] ٦ - الحسين بن بسطام وأخوه عبدالله في كتاب ( طبّ الأئمة (عليهم‌السلام ) ): عن الخضر بن محمّد، عن العبّاس بن محمّد، عن حمّاد بن

__________________

٤ - الكافي ٣: ١٢٦ / ٤، ورواه الكشي في رجاله ١: ٢٠٢ / ٨٤.

(١) في نسخة: نزعه عليه. ( هامش المخطوط ).

٥ - التهذيب ١: ٤٦٥ / ١٥٢١، وأورد ذيله في الحديث ١ من الباب ٣٥ من هذه الابواب، وأورد قطعة منه في الحديث ١ من الباب ٥ من أبواب غسل الميّت.

(٢) رجال الكشي ١: ٢٠١ / ٨٣.

(٣) في نسخة: محسن. ( هامش المخطوط ).

٦ - طبّ الأئمّة: ٧٩.

٤٦٤

عيسى، عن حريز قال: كنّا عند أبي عبدالله (عليه‌السلام ) ( فقال له رجل )(١) : إنّ أخي منذ ثلاثة أيّام في النزع وقد اشتدّ عليه(٢) الأمر فادع له، فقال: الّلهمّ سهّل عليه سكرات الموت، ثمّ أمره وقال: حوّلوا فراشه إلى مصلاّه الذي كان يصلّي فيه، فإنّه يُخفّف عليه إن كان في أجله تأخير، وإن كانت منيته قد حضرت فإنّه يُسهّل عليه إن شاء الله.

[ ٢٦٥٨ ] ٧ - وعن الأحوص بن محمّد، عن عبد الرحمن بن أبي نجران، عن حمّاد بن عيسى، عن حريز بن عبدالله، عن أبي جعفر (عليه‌السلام ) قال: إذا دخلت على مريض وهو في النزع الشديد فقل له: ادع بهذا الدعاء يخفّف الله عنك: أعوذ بالله العظيم ربّ العرش الكريم، من كلّ عرق نفار(٣) ، ومن شر حرّ النار، سبع مرات، ثمّ لقّنه كلمات الفرج، ثمّ حوّل وجهه إلى مصلّاه الذي كان يصلّي فيه، فإنّه يخفّف عنه ويسهّل أمره بإذن الله.

٤١ - باب استحباب قراءة الصافّات ويس عند المحتضر.

[ ٢٦٥٩ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن محمّد بن يحيى، عن موسى بن الحسن، عن سليمان الجعفري قال: رأيت أبا الحسن (عليه‌السلام ) يقول لابنه القاسم: قم يا بنيّ فاقرأ عند رأس أخيك:( وَالصَّافَّاتِ صَفًّا ) حتى تستتمّها،

__________________

(١) في المصدر: فجاءه رجل فقال يا بن رسول الله

(٢) وفيه: به.

٧ - طبّ الأئمّة: ١١٨.

(٣) نفر الجرح نفوراً إذا ورم ونفرت العين وغيرها من الأعضاء هاجت وورمت وقال أبو عبيد: وأراه مأخوذاً من نفار الشيء من الشيء انّما هو تجافيه عنه وتباعده منه. ( لسان العرب ٥: ٢٢٧ ).

الباب ٤١

فيه حديث واحد

١ - الكافي ٣: ١٢٦ / ٥.

٤٦٥

فقرأ، فلمّا بلغ( أَهُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَم مَّنْ خَلَقْنَا ) (١) قضى الفتى، فلمّا سجّي وخرجوا أقبل عليه يعقوب بن جعفر فقال له: كنّا نعهد الميّت إذا نزل به الموت يقرأ عنده:( يس *وَالْقُرْآنِ الحَكِيمِ ) فصرت تأمرنا بالصافّات، فقال: يا بنيّ، لم ( تُقرأ عند )(٢) مكروب من موت(٣) قط إلّا عجّل الله راحته.

ورواه الشيخ بإسناده عن محمّد بن يحيى(٤) .

٤٢ - باب كراهة ترك الميت وحده.

[ ٢٦٦٠ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن علي بن محمّد، عن صالح بن أبي حمّاد، وعن الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد جميعاً، عن الوشّاء، عن أحمد بن عائذ، عن أبي خديجة، عن أبي عبدالله (عليه‌السلام ) قال: ليس من ميّت يموت ويُترك وحده إلّا لعب الشيطان في جوفه.

ورواه الشيخ بإسناده عن محمّد بن يعقوب، مثله(٥) .

[ ٢٦٦١ ] ٢ - محمّد بن علي بن الحسين قال: قال الصادق (عليه‌السلام ) : لا تدعنّ ميّتك وحده، فإنّ الشيطان يعبث(٦) في جوفه.

__________________

(١) الصافات ٣٧: ١١.

(٢) في المصدر: يقرأ عبد.

(٣) كتب المصنف على قوله ( من موت ) علامة نسخة.

(٤) التهذيب ٤: ٤٢٧ / ١٣٥٨.

يأتي ما يدل على ذلك في الحديث ٢ من الباب ٤٨ من أبواب قراءة القرآن.

الباب ٤٢

فيه حديثان

١ - الكافي ٣: ١٣٨ / ١.

(٥) التهذيب ١: ٢٩٠ / ٨٤٤.

٢ - الفقيه ١: ٨٦ / ٣٩٩.

(٦) في هامش الاصل ( به ) عن نسخة.

٤٦٦

٤٣ - باب كراهة حضور الحائض والجنب عند المحتضر وقت خروج روحه وعند تلقينه.

[ ٢٦٦٢ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، وعن عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد جميعاً، عن ابن محبوب، عن علي بن أبي حمزة قال: قلت لأبي الحسن (عليه‌السلام ) : المرأة تقعد عند رأس المريض، وهي حائض، في حدّ الموت ؟ فقال: لا بأس أن تمرضه، فإذا خافوا عليه وقرب ذلك فلتتنحّ(١) عنه وعن قربه، فإنّ الملائكة تتأذّى بذلك.

ورواه الحميري في ( قرب الإِسناد ) عن أحمد بن محمّد، عن ابن محبوب، مثله(٢) .

محمّد بن الحسن بإسناده عن سهل بن زياد، مثله(٣) .

[ ٢٦٦٣ ] ٢ - وبإسناده عن محمّد بن أحمد بن يحيى، عن رجل، عن المسمعي، عن إسماعيل بن يسار، عن يونس بن يعقوب، عن أبي عبدالله (عليه‌السلام ) قال: لا تحضر الحائض الميّت ولا الجنب عند التلقين، ولا بأس أن يليا غسله.

[ ٢٦٦٤ ] ٣ - محمّد بن علي بن الحسين في ( العلل ) عن أبيه، بإسناد متّصل

__________________

الباب ٤٣

فيه ٣ أحاديث

١ - الكافي ٣: ١٣٨ / ١، وأورده أيضاً في الحديث ١ من الباب ٤٦ من أبواب الحيض.

(١) في هامش الاصل ( فلتنحا ) عن نسخة.

(٢) قرب الاسناد: ١٢٩.

(٣) التهذيب ١: ٤٢٨ / ١٣٦١.

٢ - التهذيب ١: ٤٢٨ / ١٣٦٢.

٣ - علل الشرائع ١: ٢٩٨ / ١ الباب ٢٣٦.

٤٦٧

يرفعه إلى الصادق (عليه‌السلام ) ، أنّه قال: لا يحضر الحائض والجنب عند التلقين، لأنّ الملائكة تتأذّى بهما.

٤٤ - باب كراهة مسّ الميّت عند خروج الروح، واستحباب تغميضه، وشدّ لحييه، وتغطيته بثوب بعد ذلك.

[ ٢٦٦٥ ] ١ - محمّد بن الحسن بإسناده عن أحمد بن محمّد، عن علي بن الحكم، عن ابن بكير، عن زرارة قال: ثقل ابن لجعفر وأبو جعفر جالس في ناحيةٍ، فكان إذا دنى منه إنسان قال: لا تمسّه، فإنّه إنّما يزداد ضعفاً، وأضعف ما يكون في هذه الحال، ومن مسّه على هذه الحال أعان عليه، فلما قضى الغلام أمر به، فغُمّض عيناه، وشدّ لحياه، الحديث.

[ ٢٦٦٦ ] ٢ - وعنه، عن علي بن الحكم، عن أبان بن عثمان، عن الحارث بن يعلى بن مرّة، عن أبيه، عن جدّه قال: قبض رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) فسُتر بثوب، ورسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) خلف الثوب، وعلي (عليه‌السلام ) عند طرف ثوبه، وقد وضع خدّيه على راحته، والريح تضرب طرف الثوب على وجه علي، قال: والناس على الباب في المسجد ينتحبون ويبكون، الحديث.

[ ٢٦٦٧ ] ٣ - وبإسناده عن سعد بن عبدالله، عن يعقوب بن يزيد، عن محمّد بن شعيب، عن أبي كهمس قال: حضرت موت إسماعيل وأبو عبدالله (عليه‌السلام ) جالس عنده، فلمّا حضره الموت شدّ لحييه، وغمّضه، وغطّى عليه الملحفة، الحديث.

وبإسناده عن علي بن الحسين، عن سعد بن عبدالله، مثله(١) .

__________________

الباب ٤٤

فيه ٣ أحاديث

١ - التهذيب ١: ٢٨٩ / ٨٤١، ويأتي ذيله في الحديث ٦ من الباب ٨٥ من أبواب الدفن.

٢ - التهذيب ١: ٤٦٨ / ١٥٣٥، ويأتي ذيله في الحديث ٢ من الباب ١ من أبواب غسل الميت.

٣ - التهذيب ١: ٢٨٩ / ٨٤٢.

(١) التهذيب ١: ٣٠٩ / ٨٩٨.

٤٦٨

ورواه الصدوق في كتاب ( إكمال الدين ) كما يأتي في أحاديث كتابة اسم الميّت على الكفن(١) ، ويأتي هناك ما يدلّ على المقصود هنا(٢) .

٤٥ - باب استحباب الإِسراج عند الميّت ليلاً، ودوام الإِسراج في ذلك البيت.

[ ٢٦٦٨ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن عثمان بن عيسى، عن عدّة من أصحابنا قال: لما قبض أبو جعفر (عليه‌السلام ) أمر أبو عبدالله (عليه‌السلام ) بالسراج في البيت الذي كان يسكنه حتّى قبض أبو عبدالله (عليه‌السلام ) ، ثمّ أمر أبو الحسن (عليه‌السلام ) بمثل ذلك في بيت أبى عبدالله (عليه‌السلام ) حتّى أُخرج(٣) به إلى العراق، ثمّ لا أدري(٤) ما كان.

ورواه الشيخ بإسناده عن محمّد بن يعقوب(٥) .

ورواه الصدوق مرسلاً، نحوه(٦) .

٤٦ - باب حكم موت الحمل دون أُمّه، وبالعكس.

[ ٢٦٦٩ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي

__________________

(١) يأتي في الحديث ١ من الباب ٢٩ من أبواب التكفين.

(٢) يأتي في الباب ٢٩ من أبواب التكفين ويأتي ما يدل على المقصود في الحديث ١٠ من الباب ١٣ من أبواب الدفن.

الباب ٤٥

فيه حديث واحد

١ - الكافي ٣: ٢٥١ / ٥.

(٣) كتب المصنف علامة نسخة على همزة أخرج.

(٤) كتب في الهامش ( يدري ) عن نسخة في الفقيه.

(٥) التهذيب ١: ٢٨٩ / ٨٤٣.

(٦) الفقيه ١: ٩٧ / ٤٥٠.

الباب ٤٦

فيه ٨ أحاديث

١ - الكافي ٣: ٢٠٦ / ١.

٤٦٩

عمير، عن بعض أصحابه، عن أبي عبدالله (عليه‌السلام ) ، في المرأة تموت ويتحرّك الولد في بطنها، أيشقّ بطنها ويخرج الولد ؟ قال: فقال: نعم، ويخاط بطنها.

[ ٢٦٧٠ ] ٢ - وعن حميد بن زياد، عن الحسن بن محمّد بن سماعة، عن محمّد بن أبي حمزة، عن علي بن يقطين قال: سألت العبد الصالح (عليه‌السلام ) عن المرأة تموت وولدها في بطنها ؟ قال: يشقّ بطنها ويُخرج ولدها.

[ ٢٦٧١ ] ٣ - وعن عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن أبيه، عن وهب بن وهب، عن أبي عبدالله (عليه‌السلام ) قال: قال أمير المؤمنين (عليه‌السلام ) : إذا ماتت المرأة وفي بطنها ولد يتحرّك شقّ(١) بطنها ويخرج الولد.

وقال في المرأة يموت في بطنها الولد فيتخوّف عليها، قال: لا بأس أن يدخل الرجل يده فيقطعه ويخرجه.

ورواه في موضع آخر، مثله، إلّا أنّه قال: يتحرّك فيتخوّف عليه، وزاد في آخره: إذا لم ترفق به النساء(٢) .

ورواه الحميري في ( قرب الإِسناد ) عن السندي بن محمّد، عن أبي البختري وهب بن وهب، مثله، إلّا أنّه ترك الحكم الأوّل(٣) .

[ ٢٦٧٢ ] ٤ - وعنهم، عن سهل بن زياد، عن إسماعيل بن مهران، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي عبدالله (عليه‌السلام ) ، قال: سألته عن المرأة تموت ويتحرّك الولد في بطنها، أيشقّ بطنها ويستخرج ولدها ؟ قال: نعم.

__________________

٢ - الكافي ٣: ١٥٥ / ١، والتهذيب ١: ٣٤٣ / ١٠٠٥.

٣ - الكافي ٣: ١٥٥ / ٣، والتهذيب ١: ٣٤٤ / ١٠٠٨.

(١) في نسخة: يشق ( هامش المخطوط )

(٢) الكافي ٣: ٢٠٦ / ٢.

(٣) قرب الأسناد: ٦٤.

٤ - الكافي ٣: ١٥٥ / ٢.

٤٧٠

ورواه الشيخ بإسناده عن محمّد بن يعقوب، وكذا الحديثان قبله(١) .

[ ٢٦٧٣ ] ٥ - قال الكليني: وفي رواية ابن أبي عمير، زاد فيه: يخرج الولد ويخاط بطنها.

[ ٢٦٧٤ ] ٦ - محمّد بن الحسن بإسناده عن أحمد بن محمّد، عن الحسن بن علي بن يقطين، عن أخيه الحسين، عن علي بن يقطين قال: سألت أبا الحسن موسى (عليه‌السلام ) عن المرأة تموت وولدها في بطنها يتحرّك ؟ قال: يشقّ عن الولد.

[ ٢٦٧٥ ] ٧ - وبإسناده عن ابن أبي عمير، عن ابن أُذينة قال: يُخرج الولد ويخاط بطنها.

[ ٢٦٧٦ ] ٨ - محمّد بن عمر بن عبد العزيز الكشّي في كتاب ( الرجال ): عن حمدويه بن نصير، عن محمّد بن عيسى، عن ابن فضّال، عن ابن بكير، عن محمّد بن مسلم، أنّ امرأة سألته فقالت: لي بنت عروس ضربها الطلق، فما زالت تطلق حتّى ماتت، والولد يتحرّك في بطنها ويذهب ويجيىء، فما أصنع ؟ قال: قلت: يا أمة الله، سئل محمّد بن علي الباقر (عليه‌السلام ) عن مثل ذلك ؟ فقال: يشقّ بطن الميّت ويُستخرج الولد.

٤٧ - باب استحباب تعجيل تجهيز الميّت ودفنه، ليلاً مات أو نهاراً، مع عدم اشتباه الموت.

[ ٢٦٧٧ ] ١ - محمّد بن الحسن بإسناده عن أبي علي الأشعري، عن محمّد بن

__________________

(١) التهذيب ١: ٣٤٤ / ١٠٠٦.

٥ - الكافي ٣: ١٥٥ / ٢.

٦ - التهذيب ١: ٣٤٣ / ١٠٠٤.

٧ - التهذيب ١: ٣٤٤ / ١٠٠٧.

٨ - رجال الكشي ١: ٣٨٥ / ٢٧٥.

الباب ٤٧

فيه ٧ أحاديث

١ - التهذيب ١: ٤٢٧ / ١٣٥٩.

٤٧١

سالم، عن أحمد بن النضر، عن عمرو بن شمر، عن جابر، عن أبي جعفر (عليه‌السلام ) قال: قال رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) : يا معشر الناس، لا ألقينّ(١) رجلاً مات له ميت ليلاً فانتظر به الصبح، ولا رجلاً مات له ميّت نهاراً فانتظر به اللّيل، لا تنتظروا بموتاكم طلوع الشمس ولا غروبها، عجّلوا بهم إلى مضاجعهم يرحمكم الله.

قال الناس: وأنت يا رسول الله يرحمك الله.

ورواه الكليني، عن أبي علي الأشعري(٢) .

ورواه الصدوق مرسلاً(٣) .

[ ٢٦٧٨ ] ٢ - وبإسناده عن محمّد بن أحمد بن يحيى، عن إبراهيم بن هاشم، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبدالله، عن أبيه، عن آبائه (عليهم‌السلام ) قال: قال رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) : ثلاثة ما أدري أيّهم أعظم جرماً: الذي يمشي مع الجنازة بغير رداء، أو الذي يقول: قفوا، أو الذي يقول: استغفروا له غفر الله لكم(٤) .

ورواه الصدوق في ( الخصال ) مرسلاً(٥) .

ورواه أيضاً فيه عن أبيه، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، مثله(٦) ، إلّا أنّه قال بدل قوله: ( قفوا ): ارفقوا به.

__________________

(١) وفي نسخة: ألفينّ ( هامش المخطوط ).

(٢) الكافي ٣: ١٣٧ / ١.

(٣) الفقيه ١: ٨٥ / ٣٨٥.

٢ - التهذيب ١: ٤٦٢ / ١٥٠٧، وتقدم صدره في الحديث ٦ من الباب ٢٧ من هذه الابواب.

(٤) في هامش المخطوط ما لفظه: الظاهر أن المراد: الذي يأمر بالاستغفار له ولا يستغفر هو له، بدليل قوله: غفر الله لكم، وينبغي أن يقول: غفر الله له، أو المراد: من يأمر بالاستغفار له ويجزم بأنه مذنب محتاج إلىٰ الاستغفار، ويحتمل إرادة مرجوحية مطلق الكلام كما يأتي في السلام. ( منه قده ) راجع الباب ٤٢ من أبواب العشرة من كتاب الحج.

(٥) الخصال: ١٩١ / ٢٦٥.

(٦) الخصال: ١٩٢ / ٢٦٦.

٤٧٢

[ ٢٦٧٩ ] ٣ - ورواه أيضاً فيه عن محمّد بن أحمد السناني المكتب، عن أحمد بن يحيى القطان، عن بكر بن عبدالله بن حبيب، عن تميم بن بهلول، عن أبيه، عن عبدالله بن الفضل الهاشمي، عن أبي عبدالله (عليه‌السلام ) قال: ثلاثة لا أدري أيّهم أعظم جرماً: الذي يمشي خلف جنازة في مصيبة غيره بغير رداء، والذي يضرب على فخذه عند المصيبة، والذي يقول: ارفقوا وترحّموا عليه يرحمكم الله.

[ ٢٦٨٠ ] ٤ - وبإسناده عن علي بن الحسين بن بابويه، عن أحمد بن إدريس، عن محمّد بن سالم، عن أحمد بن النضر، عن عمرو بن شمر، عن جابر قال: قلت لأبي جعفر (عليه‌السلام ) : إذا حضرت الصلاة على الجنازة في وقت مكتوبة، فبأيّهما أبدأ ؟ فقال عجّل الميّت إلى قبره، إلّا أن تخاف أن يفوت وقت الفريضة، ولا تنتظر بالصلاة على الجنازة طلوع الشمس ولا غروبها.

[ ٢٦٨١ ] ٥ - وبإسناده عن محمّد بن يحيى، عن محمّد بن أحمد، عن العبّاس بن معروف، عن اليعقوبي، عن موسى بن عيسى، عن محمّد بن ميسّر، عن هارون بن الجهم، عن السكوني، عن أبي عبدالله (عليه‌السلام ) قال: قال رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) : إذا مات الميّت أوّل النهار فلا يقيل(١) إلّا في قبره.

ورواه الكليني عن محمّد بن يحيى، مثله(٢) .

[ ٢٦٨٢ ] ٦ - وبإسناده عن علي بن محمّد، عن محمّد بن خالد، عن عبدالله بن

__________________

٣ - الخصال: ١٩١ / ٢٦٥.

٤ - التهذيب ٣: ٣٢٠ / ٩٩٥، وأورده في الحديث ٢ من الباب ٣١ من أبواب صلاة الجنازة.

٥ - التهذيب ١: ٤٢٨ / ١٣٦٠.

(١) القائلة الظهيرة، القيلولة: نومة نصف النهار، ( لسان العرب ١١: ٥٧٧ ).

(٢) الكافي ٣: ١٣٨ / ٢.

٦ - التهذيب ١: ٤٣٣ / ١٣٨٨ والاستبصار ١: ١٩٥ / ٦٨٤، يأتي ذيله في الحديث ٨ من الباب ٣١ من أبواب غسل الميت.

٤٧٣

المغيرة، عن بعض أصحابنا، عن عيص، عن أبي عبدالله، عن أبيه (عليهما‌السلام ) قال: إذا مات الميّت فخذ في جهازه وعجّله، الحديث.

[ ٢٦٨٣ ] ٧ - محمّد بن علي بن الحسين قال: قال رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) : كرامة الميّت تعجيله.

٤٨ - باب وجوب تأخير تجهيز الميّت مع اشتباه الموت ثلاثة أيّام، إلّا أن يتحقّق قبلها أو يشتبه بعدها.

[ ٢٦٨٤ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن الحكم، عن أبي الحسن (عليه‌السلام ) ، في المصعوق والغريق، قال: يُنتظر به ثلاثة أيّام إلّا أن يتغيّر قبل ذلك.

ورواه الشيخ بإسناده عن محمّد بن يعقوب، مثله(١) .

[ ٢٦٨٥ ] ٢ - وعنه، عن محمّد بن عيسى، عن يونس، عن إسماعيل بن عبد الخالق بن أخي شهاب بن عبد ربّه قال: قال أبو عبدالله (عليه‌السلام ) : خمس ينتظر بهم، إلّا(١) أن يتغيّروا: الغريق، والمصعوق، والمبطون، والمهدوم، والمدخن.

ورواه الصدوق في ( الخصال ) عن أبيه، عن سعد، عن محمّد بن عيسى(٢) .

__________________

٧ - الفقيه ١: ٨٥ / ٣٨٨، تقدم ما يدل على ذلك في الحديث ١ من الباب ٣٥ من هذه الابواب، ويأتي ما يدل عليه في الحديث ٦ من الباب ١٠ من أبواب الدفن.

الباب ٤٨

فيه ٥ أحاديث

١ - الكافي ٣: ٢٠٩ / ١.

(١) التهذيب ١: ٣٣٨ / ٩٩٢.

٢ - الكافي ٣: ٢١٠ / ٥.

(٢) في نسخة: إلىٰ ( هامش المخطوط ).

(٣) الخصال: ٣٠٠ / ٧٤.

٤٧٤

ورواه الشيخ عن المفيد، عن محمّد بن أحمد بن داود، عن أبيه، عن علي بن الحسين(٣) ، عن محمّد بن أحمد بن يحيى، عن محمّد بن أحمد، عن محمّد بن عيسى، مثله(٤) .

[ ٢٦٨٦ ] ٣ - وعن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن علي بن الحكم، عن سيف بن عميرة، عن إسحاق بن عمّار قال: سألته - يعني أبا عبدالله (عليه‌السلام ) - عن الغريق، أيُغسّل ؟ قال: نعم، ويستبرأ، قلت: وكيف يستبرأ ؟ قال: يترك ثلاثة أيّام قبل أن يُدفن، وكذلك أيضاً صاحب الصاعقة، فإنّه(١) ربّما ظنّوا أنّه مات ولم يمت.

ورواه الشيخ بإسناده عن علي بن الحسين، عن محمّد بن أحمد بن علي، عن عبدالله بن الصلت، عن علي بن الحكم، مثله(٢) ، إلّا أنّه قال في إحدى الروايتين بعد قوله: أن يدفن: إلّا أن يتغيّر قبل، فيغسّل ويدفن.

[ ٢٦٨٧ ] ٤ - وعنه، عن محمّد بن أحمد، عن أحمد بن الحسن، عن عمرو بن سعيد، عن مصدّق بن صدقة، عن عمّار، عن أبي عبدالله (عليه‌السلام ) قال: الغريق يحبس حتّى يتغيّر، ويعلم أنّه قد مات، ثمّ يغسّل ويكفّن، قال: وسئل عن المصعوق ؟ فقال: إذا صعق حبس يومين ثمّ يغسّل ويكفّن.

[ ٢٦٨٨ ] ٥ - وعن أحمد بن مهران، عن محمّد بن علي، عن علي بن أبي حمزة قال: أصاب الناس بمكّة - سنة من السنين - صواعق كثيرة، مات من ذلك

__________________

(١) قي المصدر زيادة: عن محمّد بن يحيىٰ.

(٢) التهذيب ١: ٣٣٧ / ٩٨٨ وفيه الا ان يتغيروا.

٣ - الكافي ٣: ٢٠٩ / ٢ وأورد صدره في الحديث ٥ من الباب ٤ من أبواب غسل الميت.

(٣) في نسخة: ( فانهم ) ( هامش المخطوط ).

(٤) التهذيب ١: ٣٣٨ / ٩٩٠.

٤ - الكافي ٣: ٢١٠ / ٤ وأورد صدره في الحديث ١ من الباب ٤ من أبواب غسل الميت.

٥ - الكافي ٣: ٢١٠ / ٦.

٤٧٥

خلق كثير، فدخلت على أبي إبراهيم (عليه‌السلام ) فقال مبتدئاً من غير أن أسأله: ينبغي للغريق والمصعوق أن يتربّص به(١) ثلاثاً لا يدفن، إلّا أن يجيء منه ريح تدلّ على موته، قلت: جعلت فداك، كأنّك تخبرني أنّه قد دفن ناس كثير أحياءاً فقال: نعم يا علي، قد دفن ناس كثير أحياء، ما ماتوا إلّا في قبورهم.

ورواه الشيخ بإسناده عن محمّد بن يعقوب(٢) .

٤٩ - باب عدم جواز ترك المصلوب بغير تجهيز أكثر من ثلاثة أيّام.

[ ٢٦٨٩ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن محمّد بن يحيى، عن محمّد بن أحمد، عن العباس بن معروف، عن اليعقوبي، عن موسى بن عيسى، عن محمّد بن ميسّر، عن هارون بن الجهم، عن السكوني، عن أبي عبدالله (عليه‌السلام ) قال: قال رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) : لا تقرّوا المصلوب بعد ثلاثة ( أيّام )(٣) حتّى ينزل ويدفن.

ورواه الشيخ بإسناده عن محمّد بن يعقوب(٤) .

أقول: ويأتي ما يدلّ على ذلك في الحدود في حدّ المحارب(٥) .

__________________

(١) في بعض نسخه: بهما ( هامش المخطوط ).

(٢) التهذيب ١: ٣٣٨ / ٩٩١.

الباب ٤٩

فيه حديث واحد

١ - الكافي ٣: ٢١٦ / ٣.

(٣) ليس في المصدر وفي هامش الاصل: عن نسخة في الكافي والتهذيب.

(٤) التهذيب ١: ٣٣٥ / ٩٨١.

(٥) يأتي في الباب ٥ من أبواب حد المحارب.

٤٧٦

أبواب غسل الميت

١ - باب وجوبه

[ ٢٦٩٠ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة، عن أبي عبدالله (عليه‌السلام ) - في حديث - قال: غسل الجنابة واجب - إلى أن قال - وغسل الميّت واجب.

ورواه الصدوق والشيخ كما مرّ(١) .

[ ٢٦٩١ ] ٢ - محمّد بن الحسن بإسناده عن أحمد بن محمّد، عن علي بن الحكم، عن أبان بن عثمان، عن الحارث بن يعلى بن مرّة، عن أبيه، عن جدّه - في حديث - قال: لمّا قبض رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) سمعنا صوتاً في البيت: أنّ نبيّكم طاهر مطهّر فادفنوه ولا تغسّلوه، قال: فرأيت عليّاً (عليه‌السلام ) رفع رأسه فزعاً فقال: اخسأ عدوّ الله، فإنّه أمرني بغسله وكفنه ودفنه وذا سنّة.

قال: ثمّ نادى مناد آخر غير تلك النغمة: يا علي بن أبي طالب، أستر عورة نبيك ولا تنزع القميص.

__________________

أبواب غسل الميت

الباب ١

فيه ٤ أحاديث

١ - الكافي ٣: ٤٠ / ٣، وأورده بتمامه في الحديث ٣ من الباب ١، وأورد قطعة منه في الحديث ٢ من الباب ١٦ من أبواب الاغسال المسنونة، وأورد قطعة منه في الحديث ٢ من الباب ١ من أبواب الحيض.

(١) مرَّ في الحديث ٣ من الباب ١ من أبواب الجنابة.

٢ - التهذيب ١: ٢٦٨ / ١٥٣٥.

٤٧٧

[ ٢٦٩٢ ] ٣ – محمّد بن علي بن الحسين في ( عيون الأخبار ) وفي ( العلل ) بأسانيد تأتي عن محمّد بن سنان، أنّ الرضا (عليه‌السلام ) كتب إليه في جواب مسائله: علّة غسل الميّت أنّه يغسّل لأنّه يطهّر وينظّف من أدناس أمراضه، وما أصابه من صنوف علله، لأنّه يلقى الملائكة، ويباشر أهل الآخرة، فيستحبّ إذا ورد على الله عزّ وجلّ ولقي(١) أهل الطهارة ويماسّونه ويماسّهم أن يكون طاهراً نظيفاً موجهاً به إلى الله عزّ وجلّ، ليطلب ( وجهه وليشفع )(٢) له، وعلّة أُخرى أنّه(٣) يخرج منه المنيّ(٤) الذي منه خلق، فيجنب، فيكون غسله له.

[ ٢٦٩٣ ] ٤ - وبإسناده عن الفضل بن شاذان، عن الرضا (عليه‌السلام ) قال: إنّما أُمر بغسل الميّت لأنّه إذا مات كان الغالب عليه النجاسة والآفة والأذى، فأحبّ أن يكون طاهراً إذا باشر أهل الطهارة من الملائكة الذين يلونه ويماسّونه فيما بينهم نظيفاً موجّهاً به إلى الله عزّ وجلّ.

وقد روي عن بعض الأئمّة (عليهم‌السلام )(٥) أنّه قال: ليس من ميّت يموت إلّا خرجت منه الجنابة فلذلك وجب الغسل.

أقول: وأكثر أحاديث الأبواب الآتية تدلّ على ذلك(٦) ، ويأتي في التيمّم أحاديث(٧) فيما إذا اجتمع ميّت وجنب ومحدث وهناك ماء يكفي أحدهم، منها

__________________

٣ - عيون أخبار الرضا (عليه‌السلام ) ٢ : ٨٩ / ١ وعلل الشرائع: ٣٠٠ / ٣ الباب ٢٣٨ وأورد قطعة منه في الحديث ١٢ من الباب ١ من أبواب غسل المس.

(١) ليس في العلل.

(٢) في العيون: به ويشفع.

(٣) في العلل زيادة: يقال.

(٤) في العلل: القذى، وفي هامش الاصل عن العلل: الاذىٰ.

٤ - عيون أخبار الرضا (عليه‌السلام ) ٢: ١١٤ / ١.

(٥) نفس المصدر ٢: ١١٤.

(٦) تأتي في الابواب ٣، ٤، ١٢، ١٣، ١٤، ١٥، ١٧، من هذه الابواب.

(٧) تأتي في أحاديث الباب ١٨ من أبواب التيمم.

٤٧٨

ما يدلّ على وجوب غسل الميّت أيضاً(١) ، لترجيحه على غسل الجنابة، وما تضمّن بعضها من أنّه سنة(٢) ، فهو محمول على أنّ وجوبه علم من السنّة لا من القرآن، وله نظائر، وقوله في حديث محمّد بن سنان: فيستحب(٣) ، يراد به أنّ هذا الاستحباب علّة للوجوب في أصل الشرع، وأنّ الله لـمّا أحبّ ذلك أوجبه، والله أعلم.

٢ - باب كيفيّة غسل الميّت وجملة من أحكامه.

[ ٢٦٩٤ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، ومحمّد بن خالد، عن النضر بن سويد، عن ابن مسكان، عن أبي عبدالله (عليه‌السلام ) ، قال: سألته عن غسل الميّت ؟ فقال(٤) : اغسله بماء وسدر، ثمّ اغسله على أثر ذلك غسلة أُخرى بماء وكافور وذريرة(٥) إن كانت، واغسله الثالثة بماء قراح، قلت: ثلاث غسلات لجسده كلّه ؟ قال: نعم قلت: يكون عليه ثوب إذا غُسل ؟ قال: إن استطعت أن يكون عليه قميص فغسله(٦) من تحته، وقال: أُحبّ لمن غسل الميّت أن يلفّ على يده الخرقة حين يغسله.

[ ٢٦٩٥ ] ٢ - وعن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن

__________________

(١) في الحديث ٥ من الباب ١٨ من أبواب التيمم.

(٢) في الحديث ١ من الباب ١٨ من أبواب التيمم.

(٣) في الحديث ٣ من الباب ١ من أبواب غسل الميت.

الباب ٢

فيه ١٤ حديثاً

١ - الكافي ٣: ١٣٩ / ٢، والتهذيب ١: ١٠٨ / ٢٨٢ و ١: ٣٠٠ / ٨٧٥.

(٤) في نسخة التهذيب: فقلت ( هامش المخطوط ).

(٥) الذريرة: فتات قصب الطيب، يجاء به من الهند وقيل من نهاوند. ( لسان العرب ٣: ٣٠٧ ).

(٦) في نسخة: تغسله ( هامش المخطوط ).

٢ - الكافي ٣: ١٣٨ / ١، والتهذيب ١: ٢٩٩ / ٨٧٤.

٤٧٩

حمّاد، عن الحلبي، عن أبي عبدالله (عليه‌السلام ) قال: إذا أردت غسل الميّت فاجعل بينك وبينه ثوباً يسترعنك عورته، إمّا قميص وإمّا غيره، ثمّ تبدأ بكفّيه ورأسه(١) ثلاث مرّات بالسدر، ثمّ سائر جسده، وابدأ بشقّه الأيمن، فإذا أردت أن تغسل فرجه فخذ خرقةً نظيفةً فلفّها على يدك اليسرى، ثمّ أدخل يدك من تحت الثوب الذي على فرج الميّت فاغسله من غير أن ترى عورته، فإذا فرغت من غسله بالسدر فاغسله مرّة أُخرى بماء وكافور وبشيء من حنوط، ثمّ اغسله بماءٍ بحتٍ غسلة أُخرى، حتّى إذا فرغت من ثلاث غسلات(٢) جعلته في ثوبٍ نظيفٍ(٣) ثمّ جفّفته.

[ ٢٦٩٦ ] ٣ - وعنه، عن أبيه، عن رجاله، عن يونس، عنهم (عليهم‌السلام ) قال: إذا أردت غسل الميّت فضعه على المغتسل مستقبل القبلة، فإن كان عليه قميص فأخرج يده من القميص واجمع قميصه على عورته، وارفعه من رجليه إلى فوق الركبة، وإن لم يكن عليه قميص فألق على عورته خرقة، واعمد الى السدر فصيّره في طشت وصبّ عليه الماء واضربه بيدك حتّى ترتفع رغوته، واعزل الرغوة في شيء، وصبّ الآخر في الأجانة(٤) التي فيها الماء، ثمّ اغسل يديه ثلاث مرّات كما يغسل الإِنسان من الجنابة إلى نصف الذراع، ثمّ اغسل فرجه ونقّه(٥) ، ثمّ اغسل رأسه بالرغوة وبالغ في ذلك واجتهد أن لا يدخل الماء منخريه ومسامعه، ثمّ اضجعه على جانبه الأيسر، وصبّ الماء من نصف رأسه إلى قدميه ثلاث مرّات، وادلك بدنه دلكاً رفيقاً. وكذلك ظهره وبطنه، ثمّ اضجعه على جانبه الأيمن وافعل به مثل ذلك، ثمّ صبّ ذلك الماء من الأجانة واغسل الأُجانة بماء قراح، واغسل يديك إلى المرفقين.

__________________

(١) في نسخة التهذيب: وتغسل رأسه ( هامش المخطوط ).

(٢ و ٣) ليس في المصدر وقد كتب المصنف كلمة ( نضيف ) في الهامش عن التهذيب.

٣ - الكافي ٣: ١٤١ / ٥، والتهذيب ١: ٣٠١ / ٨٧٧، وتقدّمت قطعة منه في الحديث ١ من الباب ٤٤ من أبواب الجنابة.

(٤) الاجانة: اناء تغسل فيه الثياب، ويغتسل منه. ( مجمع البحرين ٦: ١٩٧ ).

(٥) في هامش الاصل ( وأنقه ) عن نسخة.

٤٨٠

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566