موسوعة الإمام المهدي (عج) (تاريخ ما بعد الظهور) الجزء ٣

موسوعة الإمام المهدي (عج) (تاريخ ما بعد الظهور)0%

موسوعة الإمام المهدي (عج) (تاريخ ما بعد الظهور) مؤلف:
الناشر: دار الزهراء (عليها السلام)
تصنيف: الإمام المهدي عجّل الله فرجه الشريف
الصفحات: 679

موسوعة الإمام المهدي (عج) (تاريخ ما بعد الظهور)

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: الشهيد السيد محمد محمد صادق الصدر
الناشر: دار الزهراء (عليها السلام)
تصنيف: الصفحات: 679
المشاهدات: 188683
تحميل: 8740


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 3
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 679 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 188683 / تحميل: 8740
الحجم الحجم الحجم
موسوعة الإمام المهدي (عج) (تاريخ ما بعد الظهور)

موسوعة الإمام المهدي (عج) (تاريخ ما بعد الظهور) الجزء 3

مؤلف:
الناشر: دار الزهراء (عليها السلام)
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

وهذا الوضع العالمي الواحد، سيفتح باب الخيرات، ويزيل أكداس الأطماع والأنانيات، التي تقود الدول في عالم اليوم، ولن يكون للحروب أيُّ موضوع، وسيكون هذا الفتح مفتاح السعادة والرخاء، والسلام والعدل بين البشر أجمعين.

الجهة الثانية: في إلقاء الضوء على موقف الإمام المهدي (ع) من النظام الإداري الداخلي المـُتَّبع في الدول المـُعاصرة.

ولا بدَّ أنَّ القارئ يحمل فكرة كافية عن النظام الإداري... ولكنَّنا سنستعرَّض للنقاط المـُهمَّة فيه، فالدول هيئة ذات كيان معنوي قانوني، تتكوَّن من منطقة مسكونة ذات حدود مُعيَّنة وهيئة حاكمة، ويتولَّى المسؤولية العُلْيا في الدولة مَلِك، أو دكتاتور أو رئيس جمهورية، مع رئيس للوزراء في غير النظام الرئاسي، وعدد من الوزراء، يتكفَّل كل منهم الإشراف على جانب من جوانب المجتمع المـُهمَّة، كالخارجية والدفاع والمالية والاقتصاد والثقافة أو التربية... وغير ذلك ممَّا تحتاجه الدولة في إدارة شؤونها، ممَّا قد يزيد وينقص باختلاف الدول.

ويوجد في جملة من الدول مجلس للبرلمان، يتكفَّل السلطة التشريعية في البلاد، والأساس النظري الذي يقوم عليه هو تمثيل أعضاء المجلس لفئات الشعب المختلفة؛ لكي تكون موافقتهم على القوانين موافقة للشعب نفسه، حتى يكون القانون النافذ على الشعب كأنَّه صادر من الشعب نفسه.

ويوجد في الدول أحزاب، بعضها سرِّي وبعضها عَلَني، وبعضها يُمارس الحُكم فعلاً، إمَّا بمفرده أو مع غيره من الأحزاب.

وترى أكثر الدول لنفسها حق منع الأحزاب، والإذن لها بالنشاط، طبقاً لما ترى الدولة لنفسها من المصالح، ويُمثِّل كل حزب أيديولوجية مُعيَّنة ونظرة خاصة إلى الكون والحياة؛ ومن هنا يقع التناحر النظري والاجتماعي والمصلحي بين الأحزاب، بشكل خفيٍّ حيناً، وسافر أحياناً.

وإذا مارس الحزب الحكم في الدولة وحده، كان ذلك ما يُسمَّى بنظام الحزب الواحد، ويُطبِّق الحزب الحاكم على المجتمع نظرته الخاصة إلى الكون والحياة، ويرى الحزب الحاكم - عادة - حُرِّية الرأي والنشاط السياسي والاجتماعي لنفسه، ومنع أيِّ رأي ونشاط حزبي أو فردي آخر.

٤٦١

والوزارات في الدولة تُدار من قِبَل مديريات عامة أو مؤسَّسات، يتكفَّل كلٌّ منها الإشراف على جانب من جوانب المجتمع، حسب الحاجة.

وتتكفَّل الدولة عادة الإشراف على المؤسَّسات والمرافق العامة، التي يصعب على الأفراد الإشراف عليها، كالجيش والشرطة، والسجون والكمارك، والبرق والبريد، والتعدين وتوزيع الماء والكهرباء، وبعض البنوك، وتزيد الدول الاشتراكية على ذلك الإشراف على كل التجارات والشركات والبنوك، وعمليات الاستيراد والتصدير والصناعات الكبيرة... وغير ذلك.

فما هو رأي الإمام المهدي (ع) في كل ذلك؟ وكيف سيكون شكل دولته العالمية؟

يمكن أن نُلخِّص ما يمكن إثباته تاريخياً وإسلامياً من ذلك، في عدَّة نقاط:

النقطة الأُولى: إنَّ الرئاسة العُلْيَا في الدولة لن تكون ملكية ولا رئاسية ولا دكتاتورية... بل ستكون إمامية، لأنَّ الحاكم الأعلى سيكون هو الإمام المنصوب من قِبَل الله عزَّ وجلَّ، سيُمارس هذا المنصب الإمام المهدي (ع) بنفسه ما دام موجوداً، ويُمارسها خلفاؤه من الأولياء الصالحين بعد وفاته، بالطريقة التي سنُشير إليها في القسم الثالث من هذا التاريخ.

هذا بالنسبة إلى الرئاسة المركزية في الدولة العالمية، ولكنَّ المهدي لن يُباشر بنفسه الإشراف على كل القضايا الجزئية في العالم، بل سيتكفَّل القبض على المقاليد العُلْيا للحُكم، بالمقدار الذي يرى هو المصلحة فيه، ويوكِل قيادة المناطق المختلفة في العالم إلى أصحابه المـُخلصين المـُمحَّصين( حكَّام الله في أرضه ) ، على ما سنعرف تفصيله في الفصل الآتي.

النقطة الثانية: إنَّ دولة الإمام المهدي ستخلو بطبيعة كيانها العقائدي من البرلمان بصفته السلطة التشريعية، فإنَّ هذه السلطة في إيديولوجية هذه الدولة، ليست للشعب ولا لمـُمثِّليه، بل لله عزَّ وجلَّ وحده لا شريك له، طبقاً لتشريعه العادل الكامل.

نعم، يكون للإمام أن يحكم ويتصرَّف في حدود التشريع الأصلي، كما أنَّه سوف يبلغ فقرات جديدة من التشريع الأصلي، لم تكن معروفة قبل ذلك، كما يمكن إيكال البتِّ بعدد من الوقائع الفرعية إلى مجلس يُشبه البرلمان، أو مجالس تُشبه المجالس البلدية... إلاَّ أنَّ وجودها الفعلي في الدولة المهدوية يفتقر إلى الإثبات التاريخي.

٤٦٢

النقطة الثالثة: ليس هناك ما يُلقي الضوء على نوعية العلاقات بين المناطق المحكومة لأصحاب الإمام المهدي (ع).

إلاَّ أنَّ هذا ممَّا لا ينبغي التساؤل عنه، بعد العلم بأنَّ حكمها المركزي واحد، وإيديولوجيَّتها العامة واحدة، وقانونها العام الأصلي واحد، ومعه لا يبقى لحاكم المنطقة إلاَّ التطبيقات التي لا تجعل للدولة سيادة كاملة أو شخصية قانونية مُستقلَّة عن الحُكم المركزي، شأنها في ذلك - إن صحَّ التمثيل - شأن الولاية الواحدة في الولايات المـُتَّحدة الأمريكية، أو الجمهورية الواحدة من جمهوريات الاتِّحاد السوفيتي، مع فارق في الإيديولوجية والتشريع مع كلتا الدولتين.

النقطة الرابعة: لا شكَّ أنَّ الشكل الإداري للحُكم - سواء على مستوى المركز أم المناطق... - سيُمارس على الشكل المعهود للناس في زمانه، أعني الشكل المعهود لهم قبل الظهور مباشرة، من دون إدخال تغييرات غريبة على الأذهان فيه، وإن شملته إصلاحات كبيرة بطبيعة الحال.

ومعه؛ فنستطيع القول: إنَّه لو تمَّ الافتراض الذي سرنا عليه، وهو افتراض ظهور المهدي (ع) في هذا القرن... فسيكون الشكل الإداري لدولته، هو الشكل الإداري العام المعهود في الدولة المعاصرة، وهو إدارتها عن طريق الوزراء أولاً، والمـُدراء العامِّين ثانياً، والمؤسَّسات الاجتماعية ثالثاً، بل قد يُستفاد من بعض الأخبار وجود رئيس للوزراء، وقائد أعلى للجيش في دولته.

لكن، لا ينبغي أن نُشير إلى الاختلافات بين الأشكال الإدارية المـُعاصرة، لأنَّ الدولة المهدوية سوف لن تتَّبع شكلاً مُعيَّناً من هذه الأشكال، بعد الذي عرفناه من أنَّها تُدخل عناصر التطوير على الشكل العام، بالنحو المـُطابق للمصلحة العادلة في عصر الدولة المهدوية.

النقطة الخامسة: في شأن الأحزاب في دولة المهدي (ع).

يمكن أن نُقسِّم الأحزاب من زاويتين:

الزاوية الأُولى: الانقسام الأوَّلي للأحزاب... بحيث يحقُّ لأيِّ إنسان أن يتَّخذ ما يشاء من الرأي والعقيدة، وأن يُدافع عمَّا يشاء من الآراء، وبهذا تنقسم الأحزاب - مثلاً - إلى يمينيَّة ويساريَّة وغير ذلك.

الزاوية الثانية: الانقسام في داخل مُعتقد مُعيَّن، كالانقسام في داخل المعسكر

٤٦٣

الشيوعي أو في داخل المعسكر الرأسمالي، باعتبار الاختلاف على التفاصيل مع الاتِّفاق على عدد من الأصول الموضوعية.

والانقسام الأول: لا شكَّ أنَّه محظور في دولة المهدي (ع)، قد يستحقُّ الفرد عليه القتل فيما إذا تضمَّن اتجاهه مُخالفةً صريحة للأُطروحة العادلة الكاملة، وقد رأينا أنَّ مصير كل مُنحرف في دولة المهدي (ع) هو القتل.

وأمَّا الانقسام الثاني: ونريد به الانقسام في الاعتقاد بصحَّة الأُطروحة العادلة الكاملة، وعدم وجود مُخالفة صريحة لما تتبنَّاه الدولة المهدوية وتُركِّز عليه، فهل تكون الانقسامات الحزبية مُجازة في داخل هذا المضمون المشترك أو لا؟

لا يوجد في هذا الصدد أيُّ دليل صالح للإثبات أو النفي، نعم، لا دليل من القواعد العامة المعروفة على منع مثل هذه الانقسامات... كيف وإنَّ التربية للبشرية مبتنية عادة على التنافس، ووجدان الحقيقة منطلق في الأغلب من النقاش والجدل الحُرِّ؟!

ولئن كان التخطيط العام لعصر ما قبل الظهور، قد أبرز - بوضوح - فشل الزاوية الأُولى من الانقسام الحزبي، وكونه شرَّاً على البشرية... فإنَّ الزاوية الثانية لم تنزل إلى عالم التجربة بعد، ولم يظهر صلاحيتها من زيفها في مقام التطبيق، فإن رأت الدولة المهدوية المصلحة في إجازة هذا الانقسام الثاني، لا يكون في ذلك مخالفة للقواعد العامة المعروفة.

نعم، سيذوب هذا الانقسام تدريجياً؛ نتيجةً للتربية المـُركَّزة التي تُمارسها الدولة المهدوية للبشرية، إذ سيصل البشر إلى مرحلة تكون مُدرِكة للمصالح والمفاسد في التفاصيل، كما هي مُدركة لها في الخطوط العريضة والقواعد العامة؛ ومعه يكون الانقسام غير ذي موضوع، إلاَّ أنَّ هذا لن يحدث في حياة الإمام المهدي نفسه على أيِّ حال.

النقطة السادسة: في سيطرة الدولة المهدوية على المرافق العامة للمجتمع.

لا شكَّ في سيطرة الدولة على المرافق التي يتعذَّر على الأفراد السيطرة عليها، كالجيش والقضاء، والسجون والبرق والبريد ونحوها، كما لا شكَّ في سيطرتها على ما ترى المصلحة في السيطرة عليه، لعلَّ منها بعض الشركات والبنوك، وكذلك ما تُنشؤه الدولة نفسها من معامل وما تقوم به من تجارات.

ولا دليل على أنَّ الدولة المهدوية ستمنع القطَّاع الخاص، من المعامل والبنوك والتجارات، غير أنَّه من الواضح - على ما سنُبرهن عليه في الكتاب الآتي - أنَّ المؤسَّسات

٤٦٤

التي توجِدها الدولة وترعاها، وتنشر الرفاه والخير في المجتمع على أساسها، ستجعل القطَّاع الخاص يذوب ذوباناً تلقائياً، وتقلُّ أهمِّيَّته تدريجياً، إلى أن تنعدم، وسيستغني الأفراد بفيض الدولة المـُباشر، ولعلَّ فيما يأتي في الفصل التالي ما يُلقي حزمة من الضوء على ذلك.

هذا، وينبغي الإلماح إلى الجيش والشرطة والسجون ستذوب أهمِّيَّتها تدريجياً أيضاً؛ نتيجةً للتربية المـُركَّزة المـُستمرَّة التي تقوم بها الدولة المهدوية للبشرية، بحيث تصل بها إلى مستوى عالٍ من الفهم والإخلاص.

ولعلَّ الجيش هو أسرعها ذوباناً؛ لأنَّ المفروض كونه سنداً للدفاع الخارجي، ضدَّ اعتداء الدول الأخرى، ومع وجود الدولة العالمية، لا توجد دول أخرى على الإطلاق... فتنتفي الحاجة إلى الجيش من هذه الناحية.

وأمَّا الشرطة والسجون، فستذوب تدريجاً بذوبان الجريمة الذي هو النتيجة الطبيعية لوصول البشرية في تربيتها إلى درجة عالية من الكمال، غير أنَّ هذا المستوى لن يحدث - عادة - في حياة الإمام المهدي، وإن كان لن يحدث أيضاً إلاَّ طبقاً للأُسس التربوية العامة التي هو يضعها، من أجل إيصال البشرية للكمال.

الجهة الثالثة: في إلقاء الضوء على موقف الإمام المهدي (ع) من القضايا والمشاكل الاجتماعية السائدة قبل الظهور.

وإذا أردنا أن نُشخِّص هذه المشاكل من وجهة النظر الإسلامية، التي تمَّ التمحيص على أساسها في التخطيط العام السابق على الظهور... نجدها تندرج في خطٍّ سلوكيٍّ مُشترك، شامل لكل العالم البشري - بشكل عام - وهو الانحدار الخُلقي الفضيع، الذي وصله الناس على اختلاف أديانهم ومذاهبهم، ولغاتهم وألوانهم وثقافاتهم.

وقد نشأت من هذا الانحدار الخُلقي آلاف المشاكل في كل مجتمع من مجتمعات البشرية على الإطلاق، على مختلف الأصعدة... ابتداءً من الغشِّ والتغابن في المعاملات والتسامح في حقوق الآخرين وأموالهم، وانتهاءً بابتناء القيمة الأساسية للعلاقات، على الأساس المالي إلى جانب التعامل بالربا، وصيرورته ضرورة من ضرورات الحياة... وتبذُّل النساء، وشرب الخمور، وإعلان الفجور، والسير في الزواج والطلاق والميراث على الخطِّ المدني، وتأسيس المدارس والمسابح والمسارح والسينمات المـُختلطة والداعرة، وأنت تسمع الأغاني المـُثيرة وترى الأفلام المـُسفِّة في كل راديو وتلفزيون.ونشر الصور والأفكار الداعرة المثيرة جنسيَّاً، والتي تحثًّ على الجريمة في كثير من الأحيان، نشرها في الأعمِّ الأغلب

٤٦٥

من صُحف ومجلاَّت ومُسلسلات العالم، بمختلف لغاتها ومذاهبها ومقاصدها.

وقد أصبح السير خلال هذا الخطِّ أمراً طبيعياً للفرد، بل لا تستقيم حياته - في رأيه - إلاَّ به، وأصبح صوت الفضيلة وشجب هذا الانحدار والنداء بالمحافظة على السلوك المتَّزن وأمراً غريباً موحشاً مُلفتاً للنظر، فقد( أصبح المـُنكَر معروفاً والمعروف منكراً ) ، وعاد( الإسلام غريباً كما بدأ، فطوبى للغُرباء ) .

وموقف الإمام المهدي عليه السلام في كل ذلك واضح كل الوضوح، وهو الشطب على الانحدار جملة وتفصيلاً، وإبداله إلى جوِّ الفضيلة والعدل والكمال.

والمـُهمُّ في المقام هو أن نُلقي بعض الضوء على البديل الرئيسي لهذا الوضع المـُنحدِر، بحيث يستتبُّ معه النظام ويسود العدل الكامل، مع المحافظة - بطبيعة الحال - على العمق الحقيقي للفكر والوعي في مجتمع ما بعد الظهور، في طيِّ الكتمان رهيناً بحصول وقته.

إن ما نُدركه الآن من ذلك، وهو كما يلي:

إنَّ الإمام المهدي عليه السلام في دولته العادلة العالمية، سوف لن يُلغي الإذاعة والتلفزيون، ولا المسرح، ولا السينما، ولا المصايف، ولا المسابح، ولا المدارس، ولا المـُستشفيات، ولا البنوك، ولا الصُّحف، ولا المجلاَّت، ولا المـُسلسلات.

فإنَّ أساس الفكرة من وجود كل هذه الأمور أنَّه موجودة لخير البشرية، وتسهيل الحاجات الاجتماعية والفردية، فمن الطبيعي أن تأخذ دولة العدل بزمام المـُبادرة، لاتِّخاذ هذه الأمور وسيلة نحو التكامل، وزرع الأخلاق والفضيلة والتكافل والتراحم بين البشر، وبالتالي وسيلة لتربية البشرية بشكل عام، والوصول بها إلى كمالها الأعلى المنشود.

فالإذاعة والتلفزيون والمسرح والسينما والصُّحف، ستكون وسائل لنشر الأفكار الهادية العادلة، وللترفيه البريء، والمصايف والمسابح ستكون موجودة بدون الانحدار اللا أخلاقي، بل مع الارتفاع بها إلى مستوى العدل والمصلحة الحقيقية، فإنَّ الترفيه غير مقتصر على الانحدار الحيواني ومُباشرة الرذيلة كما هو معلوم، فإنَّ في صور الطبيعة الكونية من العجائب والطرائف ما يُعجب النفس، ويُسرُّ الخاطر، ويُبهج الفؤاد، الشيء الكثير، ولا يكون الاقتصار على الترفيه المـُنحدر، إلاَّ نتيجة لسوء السلوك وقصور التصوُّر؛ وبالتالي لنتيجة الفشل في التمحيص العام.

وأمَّا المدارس على اختلاف مستوياتها وأنواعها... فستكون طُرقاً لتربية الفرد وتثقيفه وتكامله، بالشكل الحق الذي يربط الكون بخالقه العظيم إيجاداً وتشريعاً، ربطاً

٤٦٦

وثيقاً، والسير بالبشرية في هذا الطريق... وتُهمل كل الجهات التي تحمل الفرد على الانحراف واللا أخلاقية والعنصرية وعبادة المادَّة.

ومُجمل القول: إنَّ مناهج المدارس بشكل عام ستُحافظ على شكلها المنهجي الأكاديمي، ولكنَّها لن تُحافظ على شكلها العقائدي الجديد العادل المطلوب لتربية البشرية في خطِّها الطويل.

وسيكون سفور النساء، بمعنى انكشافهنَّ لأعيُن الرجال بشكل لا أخلاقي ولا إسلامي، ممنوعاً بطبيعة الحال ومُعاقباً عليه، فضلاً عن الانحدار نحو الرذيلة بأيِّ شكل من أشكالها.

ولكنَّ ذلك لن يمنع بأيِّ حال من دراسة المرأة لأعلى العلوم، وتلقِّيها لأدقِّ المعارف وحصولها على أحسن وأوسع النتائج، ولا يمنع حفاظها من قيامها بأيِّ شكل من أشكال التجارة والعمل، ولا يمنع اتِّصالها بالمجتمع وإزجائها لحاجتها المشروعة، مع الرجال والنساء معاً، وستُنظِّم الدولة العلاقة الاجتماعية بين الجنسين بقانون.

وسيكون التحاقد الطبقي مُنعدماً في المجتمع المهدوي، باعتبار ما سنعرف من توفير الدولة فرص العمل للجميع بسخاء وترتيب، وما سيناله كل فرد من أرباح وما يتقاضاه من الدولة من هبات، ما يُغنيه عن التفكير في الحقد الطبقي أساساً، فضلاً عن التثقيف الإيديولوجي ضدَّ هذا المفهوم الذي يتضمَّن الانشقاق الاجتماعي المروع.

وسيكون التحاقد العنصري بين ذوي اللغات المـُختلفة غير موجود أيضاً، بل سيكون الجميع أخوة في العقيدة والهدف، أخوة في الإيمان والعمل، لا تفاضل بينهم إلاَّ بحسب ما يناله كل فرد من كمال حقيقي.

وسنرى لكل الذي قلنا هنا نتائجه المـُهمَّة الموسَّعة، في بعض فصول هذا الباب، وسنسمع العديد من النصوص المـُثبتة له، بعد أن تكلَّمنا الآن في حدود القواعد الإسلامية المعروفة فقط.

٤٦٧

٤٦٨

الفصل الثالث

ضمانات التطبيق السريع العميق

للعدل الكامل في العالم

تمهيد:

تحدَّثنا في فصل سابق عن ضمانات انتصار المهدي (ع)، في سيطرته على العالم، ضدَّ قوى الشرِّ والظلم الموجودة قبل ظهوره.

والآن نتحدَّث عن الضمانات التي يملكها الإمام المهدي، في التطبيق السريع والأكيد والعميق للأطروحة العادلة الكاملة، في عالم كان يضجُّ بالظلم والآلام والمشاكل.

وهي ضمانات موجودة في شخصه وأصحابه والظروف العالمية، لا يمكن أن تتوفَّر لأيِّ شخص آخر.

وهي ضمانات تشترك في بعض تفاصيلها مع الضمانات السابقة، أعني أنَّ شيئاً واحداً كما يكون ضماناً للانتصار، فإنَّه ضمان للتطبيق أيضاً، وإن اختصَّ التطبيق بضمانات خاصة به على أيِّ حال.

وأغلب هذه الضمانات تُنتج مستويين للتطبيق:

المستوى الأول: الشروع في التطبيق لأول مرَّة، في العالم الذي كان يعجُّ بالآلام ويضجُّ من المظالم والمشاكل.

المستوى الثاني: الاستمرار بالتطبيق والسير به نحو التعمُّق والتكامل، في الخطِّ التربوي المـُستمرِّ للبشرية جمعاء، وسيكون لهذا المستوى ضمانات خاصة به.

ونحن حين نتحدَّث عن هذه الضمانات، إنَّما نتحدَّث – كما فعلنا دائماً – ضمن الإمكانيات المـُتوفِّرة، والمستوى الفكري في عصر ما قبل الظهور.

٤٦٩

وسنفتح الحديث عن هذه الضمانات على كلا المستويين كلٍّ على حِدَةٍ.

المستوى الأول: ضمانات التطبيق العادل لأول مرَّة في التاريخ البشري، بعد انتهاء الفتح الإسلامي، وهي بنفسها الضمانات لو أُريد البدء بالتطبيق على نطاق محدود قبل انتهاء الفتح العالمي، فإنَّ كل منطقة يتمُّ فتحها يبدأ المهدي (ع) بتطبيق العدل فيها، حتى ما إذا استوعب الفتح العالم كلَّه، كان التطبيق عالمياً كاملاً.

وعلى أيِّ حال، فالضمانات هي الضمانات، وهذه الضمانات على ثلاثة أقسام:

القسم الأول: الضمانات الموضوعية للدولة المهدوية... أعني المـُتوفِّرة له في الواقع على صعيد المجتمع والحياة.

الضمان الأول: وجود الأُطروحة العادلة الكاملة المـُعدَّة للتطبيق في العالم، ضمن التخطيط العام السابق على الظهور، مُتمثِّلة بالإسلام، كما سبق أن برهنَّا.

ومن المعلوم أنَّ القانون إذا لم يكن مُعدَّاً سلفاً، أو كان غير عادل كامل، كان ذلك أكبر عقبة في طريق التطبيق، وبالتالي في جني الثمار الاجتماعية الخيرة المطلوبة؛ ومن هنا كان وجود هذا القانون ضماناً أكيداً في النجاح، والدولة المهدوية تملك هذا القانون، حسب ما يعرفه المهدي نفسه.

إنَّه الأُطروحة العادلة الكاملة، مُتمثِّلة بالإسلام، بكل ( فقراته ) التي عرفناها:

الفقرة الأُولى: الأحكام الحقيقية التي كانت مُعلَنة قبل الظهور.

الفقرة الثانية: الأفكار والمفاهيم الناتجة عن تطوُّر الفكر الإسلامي.

الفقرة الثالثة: الأحكام والمفاهيم التي كانت تالفة يومئذ، والآن يتمُّ تجديدها وإعلانها.

الفقرة الرابعة: الأحكام والمفاهيم المؤجَّلة التي لم تُعلَن قبل ذلك، وكان إعلانها منوطاً بتحقُّق الدولة العالمية، فيكون الوقت عند تحقُّقها قد آن لإعلانها.

الفقرة الخامسة: الأنظمة التفصيلية التي يسنُّها القائد المهدي (ع) نفسه في حدود الأحكام الثابتة في الشريعة وعلى ضوئها، من أجل ضبط الوقائع المختلفة، وهي لا تقصر في وجوب إطاعتها عن تلك الأحكام.

٤٧٠

الفقرة السادسة: القواعد العامة التي يضعها المهدي (ع) للحُكَّام الذين يوزِّعهم على الأرض، تلك القواعد التي تُمكِّنهم من مُمارسة الحُكم والقضاء العادلين في مناطق العالم.

الفقرة السابعة: القواعد العامة التي يضعها المهدي (ع) لخاصته، من أجل استمرار تربية البشرية وتكاملها في المدى البعيد.

وبهذه الفقرات تستطيع الأطروحة العادلة الكاملة أن تأخذ طريقها إلى التطبيق، وتربية البشرية بالتدريج.

الضمان الثاني: نقصان البشرية نقصاناً كبيراً، كما سبق أن سمعنا من الأخبار، وفهمنا أنَّه إنَّما يكون مع وجوب حرب عالمية مُدمِّرة قبل الظهور.

وقد كان هذا أحد الضمانات المـُهمَّة لانتصار الإمام المهدي (ع) وسيطرته على العالم، وسيكون هو - على تقدير وجوده - ضماناً أكيداً لسهولة التطبيق وشموله؛ إذ من المعلوم أنَّ التطبيق العام على البشر حال كونهم قليلين أسهل بكثير منه حال كونهم كثيرين، وخاصة إذا كان النقصان بالنِّسَب الكبيرة التي سمعنا.

وهذا الضمان هنا - كما كان هناك - نافع على تقدير وجوده، وغير مُضرٍّ على تقدير عدمه، بمعنى أنَّ البشر لو بقوا على كثرتهم، ولم تحدث حرب عالمية أو أيُّ سبب لنقصان... فكل ما يحصل هو ترتُّب نتائج هذا الضمان بشكلها المباشر، ولا يعني بأيِّ حال انخرام الهدف المهدوي أو تعذُّر الانتصار أو التطبيق... بعد أن كان للضمانات الأخرى دورها الكامل في إنجاز ذلك.

الضمان الثالث: زوال الناس المـُنحرفين الفاشلين في التمحيص، وغير القابلين للتربية في التخطيط العام الجديد، ذلك النقصان الذي يُباشره المهدي وأصحابه بسيوفهم وأسلحتهم، طبقاً للأسلوب الذي عرفناه وتوخِّياً للنتيجة التي ذكرناها.

الضمان الرابع: الهيبة والرهبة التي يكتسبها الحُكم المهدوي في قلوب الناس؛ الأمر الذي يجعل عصيان قانونه والخروج على تعاليمه - ولو في الخفاء - أمراً مُتعذِّراً.

يحدث ذلك نتيجة لعدَّة عوامل مُهمَّة، نذكر عدداً منها:

العامل الأول: الأساس العقائدي والأخلاقي الذي تُرسِّخه الدولة المهدوية في

٤٧١

نفوس الناس... من الإخلاص للقانون واحترام العدل والإيمان بصدق أهدافه، مع وضوح أنَّ الإخلال بقوانين تلك الدولة إخلال بالعدل وأهدافه

العامل الثاني: الإشراف المـُترتِّب المضبوط على أفعال الناس، نتيجةً لمـُمارسة كل المـُخلصين - وهو في تزايد مُستمرُّ - هذا الواجب المقدس، وتصحيح ما قد يقع فيه الأفراد من أخطاء وهفوات.

العامل الثالث: ما يقوم به المهدي (ع ) شخصيَّاً وبعض خاصَّته - بتعليمه - من أفعال وأقوال وطريقة في قيادة الدولة وتدبير أُمور المجتمع، ممَّا يعجز عن مثله الآخرون، وقد عجزت الدول السابقة كلُّها؛ نتيجةً للخصائص العُلْيَا التي اتَّصف بها المهدي (ع) وخاصته، ممَّا عرفناه، وسنُشير إليه غير بعيد.

العامل الرابع: كثرة القتل الذي يقوم به المهدي (ع)، وأصحابه للمـُنحرفين لمدَّة ثمانية أشهُر، يقتل مَرَجاً ولا يستتيب أحداً، الأمر الذي يُحدث الأثر النفسي الكبير - ولمدَّة طويلة كافية للتربية - في التهيَّب والخشوع والتصاغر تجاه الحُكم المهدوي.

الأمر الذي يجعل عصيان قانون الدولة مُتعذِّراً، ويفسح مجالاً عريضاً للدولة، لإجراء قانونها وأنظمتها في كل المجالات.

العامل الخامس: إنَّ هناك بعض التصرُّفات صعبة التفسير ومجهولة السبب، يقوم بها المهدي (ع) لأجل مصالح واقعية يعرفها، ويمكن أن نجد منها بعض النماذج:

فمن ذلك: ما أخرجه النعماني(1) ، عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله (ع) أنَّه قال: ( بينما الرجل على رأس القائم يأمر وينهى، إذ أمر بضرب عنقه، فلا يبقى بين الخافقين إلاَّ خافه ).

وما أخرجه المجلسي في البحار(2) ، عن السيد علي بن عبد الحميد في كتاب ( الغيبة ) بإسناده رفعه إلى جابر، عن أبي جعفر (ع) - في خبر عن القائم يقول فيه -: ( إنَّما سُمِّي المهدي لأنَّه يهدي لأمر خفيٍّ، حتى إنَّه يبعث إلى رجل لا يعلم الناس له ذنب فيقتله... ) الحديث.

وأمثال هذه التصرُّفات، وهي واقعية الصحَّة، مجهولة لدى الناس، تجعل الفرد -

____________________

(1) ص126.

(2) ص200 ج13.

٤٧٢

كل فرد - يُعيد النظر لجديَّة بالغةٍ في قيامه بأيِّ انحراف أو عصيان.

فبهذه العوامل ونحوها، تكتسب الدولة المهدوية هيبتها في صدور الناس على كل المستويات، الأمر الذي يجعل عصيان قانونها صعباً جدَّاً، ومن ثَمَّ يكون أخذها بزمام المبادرة للتربية والتطبيق العادل سهلاً مُيسَّراً.

الضمان الخامس: ما عرفناه مُفصَّلاً من إنتاج التخطيط الإلهي السابق على الظهور نتيجة مُهمَّة، وهي يأس الرأي العام العالمي من المبادئ والأُطروحات المـُعلَنة، التي ادَّعت حلَّ مشاكل البشرية قبل الظهور، والشوق إلى حلٍّ عادل شامل يخرج البشرية من وهدتها العميقة.

وهذا الجوُّ الفكري والنفسي، يُهيِّئ للدعوة المهدوية والدولة المهدوية أفضل الفرص للتطبيق العادل الشامل، كما سبق أن علافنا مُفصَّلاً، فلا حاجة إلى التكرار.

القسم الثاني: الضمانات المـُنبثقة من شخص الإمام المهدي (ع)، باعتبار ما يملك من خصائص وصفات.

الخصيصة الأُولى: العصمة التي تُمثِّل درجة عالية جدَّاً، وضرورية التأثير... من الإخلاص والإيمان وتقديم مصالح الهدف الأعلى الإلهي على كل مصلحة؛ وبالتالي فهي تقتضي فعل كل ما هو مشروع ومطلوب في الشرع الإلهي، وترك كل ما هو غير مشروع منه، ونعني بما هو مشروع وغير مشروع معناه الدقيق الشامل لمسؤوليات القيادة، وليس لمسؤوليات الفرد الاعتيادي فقط.

وقد عرفنا أنَّ هذه الصفة ممَّا قامت عليه الضرورة في المذهب الإمامي، ووافق عليه جملة من الباحثين العامة كابن عربي في الفتوحات، ومَن تابعه بعض مَن تأخَّر عنه.

الخصيصة الثانية: أنَّه متى ما أراد أن يعلم شيئاً أعلمه الله تعالى إيَّاه، كما نطقت بذلك الروايات، وقد سبق أن بحثناه في تاريخ الغيبة الكبرى(1) .

وقلنا: إنَّ هذه الخصيصة تُعتبر من أعظم شرائط القيادة العالمية التي تكون بدونها مُتعذِّرة تماماً، فإنَّ الله تعالى حيث أوكل إلى المهدي (ع) هذه القيادة العامة، وعلمنا أنَّه يجب في اللطف الإلهي أن يُعطي الله عزَّ وجلَّ كل فرد منصوب لمـُهمَّة القدرة على تنفيذ تلك المـُهمَّة، أو أن يختار الفرد القادر لو أمكن، وبالتالي لابدَّ من التساوق بين قابليَّات الفرد

____________________

(1) ص515 وما بعدها.

٤٧٣

ومهامِّه، لا يختلف في ذلك الأنبياء عن الأولياء.

وحيث تتوقَّف القيادة العالمية على خبرة واسعة جدَّاً، يتعذَّر الحصول عليها بأيِّ تنظيم بشري أو أيِّ جهاز الكتروني، وخاصة إذا كان المطلوب هو تطبيق العدل المطلق وضمان استمراره.

إذن؛ فيتعيَّن صدق تلك الروايات وصحَّة مضمونها، ووجود هذه الصفة للمهدي (ع)، وهي أنَّه متى ما أراد أن يعلم أعلمه الله تعالى.

وممَّا يدعم ذلك بالنسبة إلى شخص المهدي (ع) ما أخرجه في البحار(1) ، عن السيد علي بن عبد الحميد في كتابه ( الغيبة )، بإسناده رفعه إلى أبي الجارود، قال: قلت لأبي جعفر: جُعلت فداك، أخبرني عن صاحب هذا الأمر.

قال: ( يُمسي أخوف الناس ويُصبح من آمن الناس، يوحى إليه هذا الأمر ليله ونهاره ).

قال: قلت: يوحى إليه يا أبا جعفر؟

قال: ( يا أبا الجارود، إنَّه ليس وحي نبوَّة، ولكنَّه يوحى إليه كوحيه إلى مريم بنت عمران، وإلى أُمِّ موسى وإلى النحل، يا أبا الجارود، إنَّ قائم آل محمد لأكرم عند الله من مريم بنت عمران وأُمِّ موسى والنحل ).

ويتمُّ فَهْم هذه الرواية ضمن عدَّة نقاط:

النقطة الأُولى: إنَّ الوحي غير خاص بالأنبياء، بل قد يشمل غيرهم أيضاً، وقد نصَّ القرآن على عدَّة موارد من ذلك:

المورد الأول: إنَّ مريم بنت عمران (ع) تلقَّت الوحي عن طريق الملائكة، قال الله تعالى:( وَإِذْ قَالَتِ الْمَلائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاءِ الْعَالَمِينَ... - إلى أن يقول: -إِذْ قَالَتِ الْمَلائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهاً فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ ) (2) .

بل ظاهر إحدى الآيات أنَّها تلقَّت الوحي من الله تعالى مُباشرة:( قَالَتْ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ قَالَ كَذَلِكِ اللَّهُ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ... ) (3) .

____________________

(1) ص200 ج13.

(2) آل عمران: 3/ 42و45.

(3) آل عمران: 3/ 47.

٤٧٤

فإنَّها خاطبت الله مباشرة، فورد الجواب مباشراً أيضاً، بحسب ظاهر العبارة.

المورد الثاني: إنَّ أُمَّ موسى تلقَّت الوحي أيضاً.

قال الله تعالى:( إِذْ أَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّكَ مَا يُوحَى ) (1) .

وقال عزَّ وجلَّ:( وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ... ) (2) .

المورد الثالث: الحواريُّون: وهو خاصَّة أصحاب النبي عيسى (ع).

قال الله تعالى:( وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوَارِيِّينَ أَنْ آمِنُوا بِي وَبِرَسُولِي قَالُوا آمَنَّا وَاشْهَدْ بِأَنَّنَا مُسْلِمُونَ ) (3) .

ولم يكن الحواريون أنبياء أو رُسلاً في حياة المسيح (ع)، باعتراف المسيحيِّين أنفسهم.

المورد الرابع: النحل: فإنَّها تلقَّت الوحي بالتعليم بما يخصُّ مصالحها، وما يُقيم لها حياتها، قال الله تعالى:( وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ * ثُمَّ كُلِي مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلاً... ) (4) .

وقد نصَّت الرواية على ثلاثة موارد من هذه الأربعة:

النقطة الثانية: إنَّ نوع الوحي يختلف في هذه الموارد الأربعة، فهو في النحل ليس أكثر من الأسلوب الفطري لحياة النحلة نفسها... كل ما في الأمر أنَّه بالنسبة إلى خالق الكون، ليس أُسلوباً ( أعمى )، بل هو مُدبَّر بحكمة وإتقان.

وأمَّا أمُّ موسى، فلا نستطيع أن نقول أكثر من أنَّها قد ( خطر ) في بالها، وقد فكَّرت بأن تضع ابنها في صندوق وتُلقيه في النيل، فهي لم تشعر أنَّها فكرة ذاتية لها ليست

____________________

(1) طه: 20/ 38.

(2) القصص: 28/7.

(3) 5/ 111.

(4) 16/69.

٤٧٥

( مستوردة ) من أعلى، غير أنَّ القرآن الكريم يُخبرنا أنَّها إنَّما فكَّرت بذلك نتيجةً للتسديد الإلهي.

وأمَّا بالنسبة إلى مريم والحواريِّين، فظاهر القرآن الكريم، ثبوت الوحي ( لفظاً ومعنى ) بالنسبة إليهم، مع احتمال أن يُراد به ( الإلهام ) أيضاً، وهو إلقاء المعنى في الذهن من دون لفظ... فإنَّه من معاني الوحي لغةً أيضاً.

وعلى أيِّ حال، فتشبيه الإمام المهدي (ع) بهؤلاء، في الرواية لا يستدعي أكثر من ثبوت أقلِّ المراتب له (ع)، بمعنى أنَّه لا تثبت الزيادة إلاَّ بدليل آخر.

النقطة الثالثة: لا شكَّ أنَّ المهدي (ع) من أعاظم الأولياء، يكفينا أنَّه اختاره الله لتنفيذ غرضه الكبير من خلق البشر، وإنجاز العدل الكامل على وجه الأرض أفضل بكثير من مريم والحواريين وأُمِّ موسى، فضلاً عن النحل.

النقطة الرابعة: إنَّ كل صفة ( كمالية ) ثبت وجودها في الأقلِّ شأناً، فهي ثابتة لا محالة في نظائره ( باعتبار المساواة )، وفي الأفضل ( باعتبار الأولوية )، خُذْ مثلاً أنَّ ( الكاسب ) إذا استطاع أن يشتري داراً، فأحرى ( بالتاجر ) أن يشتري مثلها أو أفضل منها، أو إذا استطاع المـُتخرِّج من إحدى الكلِّيات تأليف كتاب نافع، فالحامل لشهادة الدكتوراه أولى بالقدرة على ذلك.

النقطة الخامسة: أنَّه يثبت من ذلك، أنَّ أيَّ مرتبة ثبتت في إحدى هذه الموارد، ففي الإمكان ثبوتها للمهدي (ع) بالأولوية.

نعم، ( وقوع ) ذلك لا يدلُّ عليه التشبيه - كما قلنا - إلاَّ بأقلِّ مراتبه... ولكنَّه ليس هو المرتبة الضئيلة الثابتة للنحل على أيِّ حال.

النقطة السادسة: إنَّنا جعلنا هذه الرواية مؤيِّدة لقاعدة الإلهام بالنسبة إلى المهدي، ولكنَّها لا تصلح وحدها دليلاً.

أولاً: إنَّها لا تدلُّ إلاَّ على وقوع أقلِّ مراتب ( الوحي ) للمهدي (ع)، وهو – على كلِّ حال – أقلُّ من قاعدة الإلهام، إذا أراد الإمام أن يعلم أعلمه الله تعالى ذلك.

ثانياً: إنَّها مرفوعة، بمعنى أنَّها مجهولة الراوي، فلا تصلح للإثبات التاريخي.

ولكنَّها - على أيِّ حال - تحتوي على نقطة قوَّة هي اختصاصها بالمهدي، بخلاف الروايات الأخرى، فإنَّها عامة لكل إمام معصوم، فتثبت الخصيصة الثانية للمهدي بالعموم، لا بالتنصيص، وإن كان العموم كافياً على كل حال.

٤٧٦

الخصيصة الثالثة: تكامل القيادة في شخصه (ع) بدرجات أعلى من ( مُجرَّد ) العصمة... واطِّلاعه على قوانين المجتمع والتاريخ البشري، بشكل لا يمكن لأحد غيره الاطِّلاع عليها.

كما سبق أن ثبَّتنا ذلك في التاريخ السابق(1) ، وفي هذا التاريخ.

والقائد المعصوم عموماً، قابل للقيادة العالمية، إلاَّ أنَّ المهدي ببقائه الطويل ومُعاصرته لمئات الأجيال البشرية، طبقاً للفهم الإمامي، تتكامل فيه صفة القيادة، ويكون في إمكانه الوصول إلى الأهداف المنوطة به والموكولة إليه، بشكل أسرع وأسهل وأعمق.

القسم الثالث: الضمانات المـُنبثقة من صفات أصحابه عليه وعليهم السلام.

ونُشير هنا إلى ما سبق أن عرفناه مُفصَّلاً من شجاعتهم وإخلاصهم للعقيدة، والهدف ولإمامهم القائد (ع)، فإنَّ كل ذلك يُشكِّل نقطة قوَّة وضمانات لانتصار المهدي (ع)...

ونودُّ هنا أن نُشير إلى أمر آخر، سبق أن أشرنا إليه، وهو علمهم وفقاهتهم وحسن تدبيرهم لأمور المجتمع... وقد سمعنا وصفهم في الروايات بأنَّهم، النُّجباء والفقهاء، وهم الحُكَّام وهم القضاة(2) .

وسيأتي في الفصل الآتي التعرُّض إلى طريقة حصولهم على مثل هذا العلم الواسع المـُدِّبر للعالم، وأمَّا هنا، فأودُّ أن أُبيِّن وجه الحاجة إلى مثل هذا العدد الكبير من الفقهاء والحُكَّام، بحيث لو كانوا يُمثِّلون بعض هذا العدد أو بعض هذه الثقافة، لما أمكن نجاح الدولة المهدوية العالمية؛ ومن هنا كان اتِّصافهم بهذه الصفات، وهذا العدد من أهمِّ ضمانات نجاح التطبيق العالمي.

ومن هنا - أيضاً - اقتضى التخطيط السابق على الظهور إيجادهم لإنجاح هذه التجربة، لمشاركتهم - أولاً – بصفتهم قادة عسكريين في الفتح العالمي، ومشاركتهم - ثانياً - بصفتهم رؤساء وحُكَّاماً لمناطق العالم وأقاليمه في الدولة العالمية.

ويحتاج بيان هذا المقصود إلى تقديم عدَّة مُقدِّمات:

المـُقدِّمة الأُولى: إنَّه ثبت في الفقه الإسلامي، أنَّ رئيس الدولة لابدَّ أن يكون

____________________

(1) انظر ص514 وما بعدها، وانظر ص517 أيضاً.

(2) انظر الملاحم والفتن ص171.

٤٧٧

جامعاً لشرائط خاصة، وحاصلاً على مؤهِّلات مُعيَّنة، لكي يكون أهلاً لتولي هذا المنصب الكبير، وكذلك لابدَّ أن يكون القاضي جامعاً لشرائط مُعيَّنة، لكي يكون نافذ الحُكم في نظر الإسلام، وقابلاً لحلِّ مشاكل المرافعات بين الناس.

وأهمُّ هذه الشرائط المشتركة بين الحاكم والقاضي معاً: العدالة، والفقاهة. ويُراد بالعدالة درجة كبيرة من الإخلاص والاستعداد للتضحية، تكفُّ صاحبها عن العصيان، وعن التمرُّد عن تعاليم الله، ويُراد بالفقاهة الاطِّلاع على أحكام الشرع الإسلامي اطِّلاعاً واسعاً، يُسمَّى بالاجتهاد في لغة الفقه لما قبل الظهور.

المـُقدِّمة الثانية: إنَّ القدرة الفردية، مهما كانت كبيرة وعميقة، فهي قاصرة عن أن تباشر الحكم في العالم كله بمفردها، بحيث يكون لها مباشرة البتِّ في كل الوقائع الجزئية من شؤون الأفراد والمجتمع؛ لأنَّها تعدُّ بالملايين في الساعة الواحدة، فضلاً عن اليوم الواحد فالأكثر منه، وقد سبق أن قرَّبنا ذلك.

نعم، يمكن للمعجزة أن تُذلِّل ذلك، فتُعطي للفرد طاقة غير محدودة، إلاَّ أنَّ مثل هذه المعجزة لا يمكن افتراضها في حق الإمام المهدي؛ لكونها مخالفة لقانون المعجزات؛ وذلك لأجل وجود البديل الواضح لها، وهو مباشرة الحكم العالمي عن طرق الأفراد الكثيرين المـُتمثِّلين بأصحابه المـُمحَّصين، وإذا كان للمعجزة بديل طبيعي لم يكن لها مجال للتحقُّق والوقوع.

المـُقدِّمة الثالثة: إنَّ المناطق التي يحتوي عليها العالم المسكون كثيرة، يكفينا من ذلك أنَّ الدول الأعضاء في الأُمَم المـُتَّحدة الآن يزيد عددهم على المئة بأكثر من عشرة، وهناك مناطق أو دول غير مشاركة في هذه الهيئة العالمية، ككل المـُستعمرات وأغلب جُزر المـُحيطات والمناطق القطبية.

هذا، مضافاً إلى أنَّ بعض الدول شاسعة المساحة جدَّاً، كالصين والاتِّحاد السوفيتي، والولايات المـُتَّحدة، وكندا، واستراليا وغيرها، فلو حصلت المصلحة في تقسيم هذه الدول إلى عدَّة أقاليم في الدولة العالمية، حصلنا على عدد متزايد من الدول مع ضمِّها إلى ما سبق، بحيث يمكن أن تصل أقاليم الدولة العالمية إلى مئتين.

المـُقدِّمة الرابعة: إنَّه ليست الحاجة مُقتصرة في كل منطقة على خصوص شخص الرئيس الذي يحكمها، بل تحتاج المنطقة أو الإقليم إلى جهاز إداري وقضائي كامل، يكون كل الأشخاص الرئيسيين فيه مُتَّصفين بالأهلية التي عرفناها... بما فيهم الرئيس والوزراء

٤٧٨

والمـُدراء العامين والقضاة، وكل مَن كان بمنزلتهم وأهمِّيَّتهم في الدولة.

يتَّضح من هذه المـُقدِّمات وجه الحاجة إلى هذا العدد: الثلاثمئة والثلاثة عشر من القادة، والفقهاء، والحُكَّام والقضاة، إن لم نقل: إنَّه رقم يقلُّ عن الحاجة بقليل أو بكثير، فإنَّنا لو سرنا على حسابنا السابق، فاعتبرنا لكل إقليم من الأقاليم المئتين عشرة أشخاص مؤهَّلين بالدرجة العالية، كانت الحاجة مُقتضية لوجود ألفي شخص من هذا القبيل.

غير أنَّنا ينبغي أن نلتفت إلى أنَّ الصفات العُلْيا لا ينبغي أن نتوخَّاها في كل إقليم إلاَّ لشخصين، هما الرئيس الأعلى والقاضي الأعلى، وأمَّا الباقون فيمكن اتِّصفاهم بنفس الصفات بدرجة أقلِّ، فإذا لم تبلغ إقليم الدولة العالمية إلى مئتين، بل اقتصرت على مئة وخمسين مثلاً، فتكون الحاجة مُقتضية لوجود ثلاثمئة من ذوي المؤهَّلات العالية، لا أكثر.

ويبقى من هؤلاء الخاصة ثلاثة عشر، ربَّما يتولُّون مهامَّ الحكم المركزي في العالم، إلى جنب الإمام المهدي نفسه، وقد نصَّت الروايات التي سنسمعها في الفصل لقادم، على وجود اثني عشر نقيباً من هؤلاء مع الإمام نفسه، والعدد الذي استنتجناه تقريبي على كل حال.

هذا، وستتمُّ تغطية الحاجة في أشخاص الوزراء والمـُدراء، وباقي القضاة وغيرهم، من الأفراد المـُتَّصفين الدرجة الثانية من درجات الإخلاص التي عرفناها، فإنَّها مساوقة مع وجود العدالة والفقاهة ببعض مراتبها أيضاً، بالمقدار الذي يؤهِّل المـُتَّصفين بها إلى تولِّي هذه المناصب.

وعلى أيِّ حال، فإذا استطعنا أن نعتبر كل صفة من صفات الإمام المهدي ضماناً مُستقلاَّ ًللتطبيق العادل، الذي نتحدَّث عنه... لوضوح أنَّه لو تخلَّف أيُّ واحد منها كان موجباً لفشل التجربة العالمية أو تضرُّرها على أقلِّ تقدير، فاعتبرنا عددهم ضماناً مُستقلاَّ ً، وعدالتهم المـُتمثِّلة بإخلاصهم للعقيدة والقائد ضماناً ثانياً، وفقاهتهم ضماناً ثالثاً، وأضفناها إلى الضمانات السابقة، زادت الضمانات المـُتوفِّرة للمهدي، للبدء بالتطبيق العادل على عشرة.

ولسنا بحاجة - بعد هذا - إلى القول: بأنَّ مجموع هذه الضمانات لا يمكن أن يتوفَّر لغير الإمام المهدي، مهما كانت حركته قويَّة أو دولته واسعة، أو قانونه عميقاً، وسواء كان أساسه مصلحياً أم عقائدياً على مرِّ التاريخ.

المستوى الثاني: في ضمانات دوام التطبيق واستمراره، بعد إنجازه واستتبابه لأول

٤٧٩

مرَّة... سواء في حياة الإمام المهدي أم بعده.

وهي - أيضاً - عدَّة ضمانات، نُدركها الآن بوضوح:

الضمان الأول: اتِّضاح صحَّة التجربة المهدوية العالمية أمام الناس أجمعين، أو أمام الرأي العام العالمي بالتعبير المـُعاصر... ومدى السعادة والرفاه الذي يعيشه المجتمع، نتيجة لهذه التجربة وهذا التطبيق.

وهذا الوضوح يجعل الناس تلقائياً مؤيِّدين لبقاء واستمرار نظام المهدي أطول مدَّة ممكنة، ومُدافعين عن ذلك بما يملكون من رأي وسلاح.

وينبغي هنا أن نلتفت إلى أنَّه عند اتِّضاح صحَّة التجربة المهدوية، تخرج ( الأُطروحة العادلة الكاملة ) التي يُطبِّقها عن كونها مُجرَّد أُطروحة، فإنَّ الأُطروحة ما تكون مُحتملة الصحَّة... وسيكون ذاك التطبيق العالمي الكامل لها مُثبتاً لجدارتها وصحَّتها، وحُسن نتائجها بالحسِّ والعيان.

الضمان الثاني: اتِّضاح مدى الانسجام الذي حصل بين أفراد المجتمع، والأُخوَّة التي سادتهم، والطمأنينة والسلام المـُسيطرة على ربوعهم... ربوع البشرية كلها.

وهذا الوضوح له نفس الأثر النفسي السابق بطبيعة الحال، وسنعرف تفاصيلها في فصل آتٍ من هذا الباب، يتعلَّق بإنجازات المهدي في دولته على الصعيدين الاقتصادي والاجتماعي.

الضمان الثالث: تربية أجيال الأُمَّة... والأُمَّة يومئذ تُمثِّل البشرية كلها... تربية صالحة، وتكميل إيمانها وإخلاصها، عن طريق التربية المـُركَّزة المـُستمرَّة، تكميلاً يجعلها لا ترضى عن إطاعة حكم الله وتنفيذ عدله الكامل بديلاً.

ومعناه - على وجه التعيين - أنَّه ستتمسَّك بحرارة بنظامها المهدوي الجديد، بصفته مُمثِّلاً لعدل الله وشريعته.

الضمان الرابع: تربية جماعة من خاصة الناس وعظمائهم إيماناً وإخلاصاً وثقافة، تربيتهم عن طريق التثقيف العميق والمـُستمرّ، والنجاح في التمحيصات القويَّة المختلفة، التي سوف نُشير إلى بعضها... تربيتهم لكي يكونوا أولياء صالحين لتولِّي مهامِّ الرئاسة العالمية بعد المهدي... أو تولِّي رئاسة المناطق المـُختلفة بعد رؤسائها المـُختلفين، فيما إذا ماتوا أو انعزلوا أو نُقلوا.

٤٨٠