الأمالي الشيخ المفيد

الأمالي الشيخ المفيد0%

الأمالي الشيخ المفيد مؤلف:
المحقق: علي أكبر الغفاري
الناشر: مؤسّسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرّسين بقم المشرّفة
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 357

الأمالي الشيخ المفيد

مؤلف: أبي عبد الله محمد بن محمد بن النعمان العكبرى البغدادى (الشيخ المفيد)
المحقق: علي أكبر الغفاري
الناشر: مؤسّسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرّسين بقم المشرّفة
تصنيف:

الصفحات: 357
المشاهدات: 47689
تحميل: 5975


توضيحات:

الأمالي الشيخ المفيد المقدمة
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 357 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 47689 / تحميل: 5975
الحجم الحجم الحجم
الأمالي الشيخ المفيد

الأمالي الشيخ المفيد

مؤلف:
الناشر: مؤسّسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرّسين بقم المشرّفة
العربية

 ٣ - قال: حدثنا أبوالحسن عليّ بن بلال المهلبي(١) رحمه الله يوم الجمعة لليلتين(٢) بقيتا من شعبان سنة ثلاث وخمسين وثلاثمائة قال: حدثنا محمّد ابن الحسين بن حميد بن الربيع اللخمي قال: حدثنا سليمان بن الربيع النهدي(٣) قال: حدثنا نصر بن مزاحم المنقري قال: حدثنا يحيى بن يعلى الاسلمي، عن علي ابن الحزور(٤) ، عن الاصبغ بن نباتة رحمه الله قال: جاء رجل إلى أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام بالبصرة فقال: يا أمير المؤمنين هؤلاء القوم الّذين نقاتلهم، الدعوة واحدة، والرسول واحد، والصلاة واحدة، والحج واحد، فبم نسميهم ؟ فقال له أمير المؤمنينعليه‌السلام : سمهم بما سماهم الله عزّوجلّ [ به ] في كتابه(٥) ، أما سمعته تعالى يقول: ﴿تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ مِّنْهُم مَّن كَلَّمَ اللَّـهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ وَلَوْ شَاءَ اللَّـهُ مَا اقْتَتَلَ الَّذِينَ مِن بَعْدِهِم مِّن بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ

____________________________

 (١) أبوالحسن المهلبي عليّ بن بلال بن أبى معاوية الازدي من فقهاء الشيعة، ذكره الشيخ في رجاله وقال: له كتاب الغدير أخبرنا أحمد بن عبدون عنه، وذكره النحاشي وقال: شيخ أصحابنا بالبصرة ثقة سمع الحديث فأكثر وصنف كتاب المتعة، كتاب المسح على الخفين، كتاب المسح على الرجلين، كتاب البيان عن خيرة الرحمن في ايمان أبى طالب وآباء النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله (الكنى). وعنونه ابن النديم وذكر من كتبه كتاب الرشد والبيان.

(٢) في الخطية « مضتا ».

(٣) محمّد بن الحسين بن حميد مصغرا اللخمى بالمعجمة معنون في تاريخ الخطيب كان شيخا وراقا على باب جامع الكوفة. وأما سليمان بن الربيع فلعله أبومحمّد سليمان بن الربيع بن هشام النهدي الكوفى المتوفى ٢٧٤ على ما في تاريخ بغداد.

(٤) هو عليّ بن الحزور بفتح المهملة والزاى والواو المشددة بعدها راء الكوفي الكناسي المعنون في التقريب.

(٥) في أمالي الطوسي بعد في كتابه: « فقال: ما كل ما في كتاب الله أعلمه، قال. ».

١٠١

وَلَـٰكِنِ اخْتَلَفُوا فَمِنْهُم مَّنْ آمَنَ وَمِنْهُم مَّن كَفَرَ(١) . فلما وقع الاختلاف كنا أولى بالله، وبدينه، وبالنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وبالكتاب، وبالحق. فنحن الّذين آمنوا، وهم الّذين كفروا، وشاء الله منا قتالهم فقاتلناهم بمشيئته وأمره و إرادته(٢) .

٤ - قال: أخبرني أبونصر محمّد بن الحسين المقري البصير قال: حدثنا عبدالله بن يحيى القطان قال: حدثنا أحمد بن الحسين بن سعيد القرشي(٣) قال: حدثنا أبي قال: حدثنا الحسين بن مخارق، عن عبد الصمد بن عليّ(٤) عن أبيه، عن عبدالله بن العباس رضي الله عنه قال: لما توفي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله تولى غسله [ أميرالمؤمنين ] عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام ، والعباس معه والفضل بن العباس، فلما

____________________________

(١) البقرة: ٢٥٣، وتمامها: ﴿وَلَوْ شَاءَ اللَّـهُ مَا اقْتَتَلُوا وَلَـٰكِنَّ اللَّـهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ ﴾.

(٢) لا يذهب عليك أنه لما وقع الخلاف والقتال بين طائفتين للذين آمن كلاهما ظاهرا بالله ورسوله ودين الحق أن يدعى واحد منهما أن الحق معه تمسكا بأدلة قوية عنده و واهية عند خصمه، فان الحق لا يكون مع أحد بالاماني والظنون، وانما كان للحق ميزان، والميزان هو الكتاب والسنة المأثورة عن الائمةعليهم‌السلام ، فمن كان عمله موافقا لكتاب الله وسنة رسوله كان الحق معه ويكون من يقابله أو يقاتله على الباطل. غير أن الامر في أمير المؤمنين (عليه‌السلام ) شئ آخر لان الحق معه قطعا على ما صح النص عليه من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وجعله معيارا لتمييز الحق عن الباطل والايمان عن الكفر، وعد سلمه سلمه وحربه حربه، وعلى أنه معصوم. فكل من قاتله فهو على حد الكفر، وبين الامرين بعد بعيد فتأمل.

(٣) في بعض النسخ « أحمد بن الحسن بن سعيد القرشي » وهو بكلا العنوانين معنون في جامع الرواة وهو ابن الحسين أو الحسن بن سعيد الاهوازي، وأما راويه عبدالله بن يحيى القطان فلم نجده بهذا العنوان ويحتمل كونه تصحيف عبدالله بن عمر القطان المعنون في تاريخ بغداد، والعلم عند الله.

(٤) هو عبد الصمد بن عليّ بن عبدالله بن العباس بن عبد المطلب عداده في الكوفيين، كما في الجامع.

١٠٢

فرغ عليعليه‌السلام من غسله كشف الازار عن وجهه ثم قال: بأبي أنت وأمي طبتت حيا وطبت ميتا، انقطع بموتك ما لم ينقطع بموت أحد ممن سواك من النبوة والانباء(١) ، خصصت حتّى صرت مسليا عمن سواك، وعممت حتّى صار الناس فيك سواء(٢) ولولا أنك أمرت بالصبر، ونهيت عن الجزع لانفدنا عليك ماء الشؤون(٣) [ ولكن ما لا يرفع كمد وغصص محالفان، وهما داء الاجل وقلا لك ](٤) ، بأبي أنت وأمي اذكرنا عند ربك، واجعلنا من

____________________________

(١) إذ في موت غيره من الانبياء صلوات الله عليهم كان يرجى نزول الوحى على غيره فأما هوصلى‌الله‌عليه‌وآله فلما كان خاتم الانبياء لم يرج ذلك (البحار).

(٢) في الخطية: « حتّى صارت المصيبة فيك. » قوله: « خصصت » أي في المصيبة، أي اختصت وامتازت مصيبتك في الشدة بين المصائب حتّى صار تذكرها مسليا عما سواها، وعمت مصيبتك الانام بحيث لا يختص بها أحد دون غيره (البحار)، وقال شارح النهج: « النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله وسلم خص أقاربه وأهل بيته حتّى كان فيه الغنى والسلوة لهم عن جميع من سواه، وهو برسالته عام للخلق فالناس في النسبة إلى دينه سواء ».

(٣) أي لافنينا على فراقك ماء عيوننا الجارى من شؤونه وهي منابع الدمع من الرأس.

(٤) الكمد: الحزن الشديد، والمحالف: المعاهد والملازم. وفي بعض النسخ: « مخالقان » والمخالق: المعاشر بالحسن. و « قلا » فعل ماض متصل بالالف التثنية اي الكمد والغصص قليلان في جنب مصيبتك. وما أوردناه في المعقوفين هو في النسخ والبحار، و الظاهر أن فيه تصحيف كما نبه عليه العلامة المجلسي (ره) وأورده في النهج قسم الخطب تحت رقم ٢٣٥ وفيه بعد كلمة الشؤون: « ولكان الداء مماطلا والكمد محالفا وقلا لك ولكنه ما لا يملك رده ولا يستطاع دفعه ». ومماطلا أي يماطل في الذهاب ولا يذهب. والضمير في « لكنه » للموت أو الحزن.

١٠٣

همك(١) . ثم أكب عليه فقبل وجهه ومد الازار عليه.

٥ - قال: حدثني أبوالحسن عليّ بن بلال المهلبي قال: حدثنا علي ابن عبدالله بن أسد الاصفهاني(٢) قال: حدثنا إبراهيم بن محمّد الثقفي قال: حدثنا إسماعيل بن يسار(٣) قال: حدثنا عبدالله بن ملح، عن عبد الوهاب بن إبراهيم الازدي، عن أبي صادق، عن مزاحم بن عبد الوارث، عن محمّد بن زكريا، عن شعيب بن واقد المزني، عن محمّد بن سهل مولى سليمان بن عليّ بن عبدالله بن العباس، عن أبيه، عن قيس مولى عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام قال: إن عليا أمير المؤمنينعليه‌السلام

____________________________

(١) في النهج: « من بالك » والبال: القلب، أي اجعلنا ممن حضر بالك، وتهتم بشأنه وتدعو وتشفع له (البحار).

(٢) تقدم أنه على بن عبدالله بن كوشيد الاصفهانى. وله رواية عن الثقفى في التهذيب باب الدعاء بين الركعات.

(٣) كذا، ولم نجده في الرجال، ويمكن أن يكون تصحيف « اسماعيل بن أبان الوراق » الّذي يروى عنه الثقفي كثيرا، وأما شيخه « عبدالله بن ملح » فلم نعثر عليه، و كونه « عبدالله بن مفلح » المترجم في تاريخ الخطيب ج ١٠ ص ١٨١ وتاريخ أبى نعيم الاصبهاني ج ٢ ص ٩٦ غير معلوم، وأما عبد الوهاب الازدي فلم نجد له عنوانا فيما عندنا من كتب الرجال والتراجم، واما « أبوصادق » فان كان هو عبد خير بن ناجذ المتقدم ذكره فهو من أصحاب أمير المؤمنينعليه‌السلام ورواية الثقفى المتوفى سنة ٢٨٣ عنه بثلاث وسائط بعيدة جدا، كما أن روايته عن محمّد بن زكريا الغلابى الجوهرى مع الواسطة أبعد منها، وان كان غيره فلم نعرفه. وبالجملة في السند اعضال بلا ريب، و لم نعثر على عنوان مزاحم بن عبد الوارث في الرجال. والمظنون أن فيه سقطا، ولعل الصواب أن الثقفى أو عليّ بن عبدالله الاصفهاني رواه تارة باسناده عن أبي صادق، و أخرى عن مزاحم بن عبد الوارث عن محمّد بن زكريا، عن شعيب بن واقد معنعنا عن قيس بن سعد بن عبادة. هذا ما عندنا، والعلم عند الله. وشعيب بن واقد مذكور في مشيخة الصدوق (ره).

١٠٤

كان قريبا من الجبل بصفين(١) فحضرت صلاة المغرب، فأمعن(٢) بعيدا، ثم أذن، فلما فرغ من أذانه إذا رجل مقبل نحو الجبل، أبيض الرأس واللحية والوجه، فقال: السلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته، مرحبا بوصي خاتم النبيين، قائد الغر المحجلين(٣) ، والاغر المأمون(٤) ، والفاضل الفائز بثواب الصديقين، وسيد الوصيين. فقال له أمير المؤمنينعليه‌السلام : وعليك السلام كيف حالك ؟ فقال: بخير، أنا منتظر روح القدس، ولا أعلم أحدا أعظم في الله عزّوجلّ اسمه بلاء، ولا أحسن ثوابا منك، ولا أرفع عند الله مكانا، اصبر يا أخي على ما أنت فيه حتّى تلقى الحبيب، فقد رأيت أصحابنا ما لقوا بالامس من بني إسرائيل، نشروهم بالمناشير، وحملوهم على الخشب، ولو يعلم هذه الوجوه التربة الشايهة(٥) وأومأ بيده إلى أهل الشام ما أعد لهم في قتالك من عذاب وسوء نكال لاقصروا، ولو تعلم هذه الوجوه المبيضة وأومأ بيده

____________________________

(١) ما بين أعالي العراق والشام تقع الصفين، تلك البلدة التي خلدها التاريخ، وخلدت هي تاريخا ظاهرا في حياة الامة العربية والخلافة الاسلامية، وألوان المذاهب الدينية والسياسية التي ولدتها حرب صفين، ونشرت أطيافها في ربوع الدولة الاسلامية، تلك الحرب التي استنفدت من تاريخ الدم المهراق مائة يوم وعشرة أيام، بلغت فيها الوقائع تسعين وقعة فيما يذكر المؤرخون (معجم البلدان).

(٢) أي فأبعد.

(٣) قال في النهاية: « ومنه الحديث « غر محجلون من آثار الوضوء » الغرة جمع الاغر، من الغرة: بياض الوجه، يريد بياض وجوهم بنور الوضوء يوم القيامة ».

(٤) قال في النهاية: « فيه المؤمن غر كريم أي ليس بذي نكر فهو ينخدع لانقياده ولينه، ويريد أنه المحمود من طبعه الغرارة وقلة الفطنة للشر وترك البحث عنه، وليس ذلك منه جهلا ولكنه كرم وحسن خلق ». أقول: في بعض النسخ والبحار، « الاعز المأمون ».

(٥) التربة: الفقيرة، كأنها لصقت بالتراب. الشائهة: القبيحة المتنكرة.

١٠٥

إلى أهل العراق ماذا لهم من الثواب في طاعتك لودت أنها قرضت بالمقاريض، والسلام عليك ورحمة الله وبركاته. ثم غاب من موضعه. فقام عمار بن ياسر، وأبو الهيثم بن التيهان، وأبو أيوب الانصاري وعبادة بن الصامت، وخزيمة بن ثابت، وهاشم المرقال(١) في جماعة من شيعة أمير المؤمنينعليه‌السلام وقد كانوا سمعوا كلام الرجل فقالوا: يا أمير المؤمنين من هذا الرجل ؟ فقال لهم أمير المؤمنينعليه‌السلام : هذا شمعون وصي عيسىعليه‌السلام ، بعثه الله يصبرني على قتال أعدائه، فقالوا له: فداك آباؤنا وامهاتنا والله لننصرنك نصرنا لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ولا يتخلف عنك من المهاجرين والانصار إلا شقي، فقال لهم أمير المؤمنينعليه‌السلام معروفا.

٦ - قال: حدثنا أبوالحسن عليّ بن بلال المهلبي قال: حدثنا أبوأحمد العباس بن الفضل بن جعفر الازدي المكي بمصر قال: حدثنا عليّ بن سعيد ابن بشير الرازي قال: حدثنا عليّ بن عبد الواحد، عن محمّد بن أبان(٢) قال: حدثنا محمّد بن تمام بن سابق قال: حدثنا عامر بنسيار، عن أبي الصباح، عن أبي تمام، عن كعب الخير قال: جاء عبدالله بن سلام إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قبل أن يسلم فقال: يا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ما اسم علي فيكم ؟ فقال له النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله : علي عندنا الصديق الاكبر، فقال عبدالله: أشهد أن لا إله إلا الله، وأن

____________________________

(١) هو هاشم بن عتبة بن سعد بن مالك، وسمى مرقالا لان علياعليه‌السلام أعطاه الرابعة بصفين فكان يرقل بها أي يسرع بها مع كونه اعور فقال: « ارقل ليمون » وكان شجاعا بطلا، ارتجز ذاك اليوم ويقول: أعور يبغى أهله محلا * قد عالج الحياة حتّى ملا لا بد أن يغل أو يغلا

(٢) هو محمّد بن أبان العلاف ولم نعثر على شيخه الا في جامع الرواة وقال: كوفى، وأما عامر بن سيار الحلبي فهو المذكور في مشايخ محمّد بن أبان العلاف. راجع تاريخ الخطيب ج ٢ ص ٨١.

١٠٦

محمّدا رسول الله، [ و ] إنا لنجد في التوراة: « محمّد نبي الرحمة، وعلي مقيم الحجة ».

٧ - قال: حدثنا أبوالحسن عليّ بن مالك النحوي قال: حدثنا محمّد بن الفضل قال: حدثنا أبوعبدالله محمّد بن أحمد بن إبراهيم الكاتب قال: حدثنا يموت بن المزرع(١) قال: حدثنا عيسى بن إسماعيل قال: حدثنا الاصمعي قال: حدثنا عيسى بن عمر قال: كان ذوالرمة الشاعر(٢) يذهب إلى النفي في الافعال، وكان رؤبة بن العجاج(٣) يذهب إلى الاثبات فيها، فاجتمعا في يوم من أيامهما عند بلال بن أبي بردة وهو والي البصرة، وبلال يعرف ما بينهما من الخلاف، فحضهما على المناظرة فقال رؤبة: والله ما يفحص طايرا أفحوصا، ولا يقرمص سبع قرموصا(٤) إلا كان ذلك بقضاء الله وقدره.

____________________________

(١) يموت بن المزرع أبوبكر العبدي معنون في تاريخ بغداد توفى ٣٠٣ بطبرية. نقل انه قال: بليت باسمي الّذي سماني أبي به فأني قد عدت مريضا فاستأذنت عليه، فقيل من ذا ؟ قلت: أنا ابن المزرع واسقطت اسمي. وذلك خوفا من أن يتأشم المريض باسمى « يموت ». وراويه هو محمّد بن أحمد الكاتب الحكيمي الّذي تقدم ذكره.

(٢) اسمه غيلان بن عقبة، وكنيته أبوالحارث، أورد ذكره وأخباره ومن أشعاره أبوالفرج في الاغاني ج ١٦ ص ١١٠، توفى في خلافة هشام بن عبد الملك، وله أربعون سنة (هامش البحار). وقال الشريف المرتضى (ره): وممن كان من مشهوري الشعراء ومتقدميهم على مذاهب أهل العدل ذوالرمة.

(٣) اسم العجاج عبدالله بن رؤبة، ينتهي نسبه إلى زيد بن المناة الراجز المشهور من مخضرمي الدولتين ومن أعراب البصرة، سمع من أبى هريرة والنسابة البكري، وعداده في التابعين، روى عنه معمر بن المثنى والنضر بن شميل، مات في زمن المنصور سنة ١٤٥، قاله ياقوت في ارشاد الاريب ج ٤ ص ٢١٤ (هامش البحار).

(٤) في أمالي السيد (ره): « ما فحص » و « لا تقرمص » كلاهما على صيغة الماضي. قال الجزري: افحوص القطاة: موضعها الّذي تجثم فيه [ أي تلبد وتقيم فيه ] وتبيض كأنها تفحص عنه التراب أي تكشفه، والفحص: البحث والكشف. وقال: في مناظرة ذي الرمة ورؤبة: ما تقرمص.، القرموص: حفرة يحفرها الرجل يكتن فيها من البرد، يأوى إليها الصيد، وهي واسعة الجوف ضيقة الرأس، وقرمص وتقرمص: إذا دخلها، وتقرمص السبع: إذا دخلها للاصطياد (البحار).

١٠٧

فقال له ذوالرمة: والله ما أذن الله للذئب أن يأخذ حلوبة عالة عيائل ضرائك(١) . فقال له رؤبة: أفبمشيئته أخذها أم بمشيئة الله ؟ فقال: ذوالرمة: بل بمشيئته وإرادته. فقال رؤبة: هذا والله الكذب على الذئب(٢) ! فقال ذوالرمة: والله الكذب على الذئب أهون من الكذب على رب الذئب(٣) . فقال(٤) : وأنشدني أبوالحسن عليّ بن مالك النحوي في أثر هذا الحديث لمحمود الوراق:

أعاذل(٥) لم آت الذنوب على جهل

 

ولا أنها من فعل غيري ولا فعلي

ولا جرأة مني على الله جئتها

 

ولا أن جهلي لا يحيط به عقلي

و لكن يحسن الظن مني بعفو من

 

تفرد بالصنع الجميل و بالفضل

فإن صدق الظن الّذي قد ظننته

 

ففي فضله ما صدق الظن من مثلي

____________________________

(١) الحلوبة: التي بها لبن يحلب، وأكثر ذلك في النوق، وقد تستعمل في غيرها. والعالة: جمع عائل، وهو الفقير. والعيائل: جمع عيل بتشديد الياء وهو ذو العيال. والضرائك: جمع ضريك وهو الفقير سيئ الحال.

(٢) وفي رواية السيد: « هذا كذب على الذئب ثان » فالمعنى انه كذب ثان على الذئب بعد ما كذب عليه في قصة يوسف (البحار). أقول: وذكر له معنى آخر فراجع هامش الغرر ج ١ ص ٢٠.

(٣) إلى هنا رواه السيد المرتضى (ره) في الغرر بسند آخر عن أبى عبيدة مع اختلاف في بعض الالفاظ.

(٤) يعني الشيخ المفيد (ره).

(٥) عذله: لامه فهو عاذل.

١٠٨

وإن نالني منه العقاب فإنما

 

أتيت من الانصاف في الحكم والعدل

 ٨ - قال: أخبرني أبوالحسن عليّ بن مالك النحوي قال: حدثنا محمّد بن الفضل بإسناده الاول إلى الاصمعي، عن عيسى بن عمر(١) قال: سأل رجل أبا عمرو بن العلاء(٢) حاجة فوعده، ثم إن الحاجة تعذرت على أبي عمرو، فلقيه الرجل بعد ذلك، فقال له: يا أبا عمرو وعدتني وعدا فلم تنجزه ! قال أبوعمرو: فمن أولى بالغم أنا أو أنت ؟ فقال الرجل: أنا، فقال أبوعمرو: لا والله بل أنا، فقال له الرجل: وكيف ذاك ؟ فقال: لانني وعدتك وعدا فابت(٣) بفرح الوعد، وأبت بهم الانجاز، وبت فرحا مسرورا، وبت ليلتي مفكرا مغموما، ثم عاق القدر عن بلوغ الارادة، فلقيتني مذلا، ولقيتك محتشما(٤) .

٩ - قال: حدثنا أبوبكر محمّد بن عمر الجعابي يوم الاثنين لخمس بقين

____________________________

(١) هو عيسى بن عمر النحوي أبوعمر البصري الثقفى المتوفى سنة ١٤٧، ومات قبل أبي عمرو بن العلاء.

(٢) هو أبوعمرو بن العلاء المازنى البصري، قيل: ان كنيته اسمه وقيل: اسمه زبان بن العلاء، أحد القراء السبعة، كان أعلم الناس بالقرآن الكريم والعربية والشعر وهو في النحو في الطبقة الرابعة بل الثالثة. وكان أبوعمرو ومن أشراف العرب ووجوهها، مدحه الفرزدق وغيره، وكان أعلم الناس بالقراءات والعربية وأيام العرب، وكان دفاتره إلى السقف ثم تنسك فأحرقها. وعنه أخذ أبوزيد الانصاري وابو عبيدة والاصمعى واكثر نحاة ذلك العصر. وينقل من تقواه: انه كان لما يدخل شهر رمضان لا يقرأ شعرا ولا ينشد بيتا حتّى يذهب الشهر، مات سنة ١٥٤، ودفن بالكوفة (راجع الكنى والالقاب للمحدث القمي ره).

(٣) آب أوبا ومآبا: رجع، والاول مخاطب والثاني متكلم.

(٤) احتشم: انقبض واستحيا. أي لقيتك خجلانا لعدم انجازي ما وعدتك.

١٠٩

من شعبان سنة ثلاث وخمسين وثلاثمائة قال: حدثنا أبوجعفر(١) محمّد بن عبدالله بن عليّ بن الحسين بن زيد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام قال: حدثني الرضا عليّ بن موسى، عن أبيه موسى بن جعفر، عن أبيه جعفر بن محمّد، عن أبيه محمّد بن علي، عن أبيه عليّ بن الحسين، عن أبيه الحسين بن علي، عن أبيه أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالبعليهم‌السلام قال: قال لي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : يا علي بكم يفتح هذا الامر، وبكم يختم(٢) ، عليكم بالصبر، فإن العاقبة للمتقين، أنتم حزب الله، وأعداؤكم حزب الشيطان، طوبى لمن أطاعكم، وويل لمن عصاكم، أنتم حجة الله على خلقه، والعروة الوثقى، من تمسك بها اهتدى، ومن تركها ضل. أسأل الله لكم الجنة، لا يسبقكم أحد إلى طاعة الله، فأنتم أولى بها.

١٠ - قال: أخبرني أحمد بن محمّد بن الحسن، عن أبيه، عن محمّد بن الحسن الصفار، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن مالك بن عطية، عن أبي حمزة الثمالي قال: كان عليّ بن الحسين زين العابدينعليهما‌السلام يقول: ابن آدم إنك لا تزال بخير ما كان لك واعظ من نفسك، وما كانت المحاسبة لها من همك،، وما كان الخوف لك شعارا، والحزن لك دثارا(٣) . إنك ميت ومبعوث موقوف بين يدي الله عزّوجلّ [ فأعد جوابا ].

وصلّى الله على سيدنا محمّد النبيّ وآله وسلم تسليما

____________________________

(١) مهمل، الا أن النجاشي عنون أباه « عبدالله بن عليّ » وقال روى عن الرضاعليه‌السلام وعنه ابنه محمّد.

(٢) ولعل هذا معنى قوله (عليه‌السلام ) للحارث الهمداني: « نحن الاولون ونحن الاخرون » وهكذا في أقوال ساير الائمةعليهم‌السلام .

(٣) الشعار بفتح وكسر الشين: ما يمس الجسد من اللباس، والدثار: الثوب الّذي فوق الشعار.

١١٠

المجلس الثالث عشر

مجلس يوم السبت التاسع عشر من رجب سنة سبع وأربعمائة

 حدثنا الشيخ الجليل المفيد أبوعبدالله محمّد بن محمّد بن النعمان أدام الله تأييده في هذا اليوم

 ١ - قال: أخبرني أبوحفص عمر بن محمّد الصيرفي قال: حدثنا عليّ بن مهرويه القزويني قال: حدثنا داود بن سليمان الغاري قال: حدثنا الرضا عليّ بن موسى قال: حدثني أبي موسى بن جعفر قال: حدثني أبي جعفر بن محمّد قال: حدثني أبي محمّد بن عليّ قال: حدثني أبي عليّ بن الحسين قال: حدثني أبي الحسين بن عليّ قال: حدثني أبي أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالبعليهم‌السلام قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ثلاثة أخافهن على أمتي: الضلالة بعد المعرفة، ومضلات الفتن، وشهوة الفرج والبطن(١) .

٢ - قال: حدثنا أبوبكر محمّد بن عمر الجعابي قال: حدثنا محمّد بن يحيى ابن سليمان بن زياد المروزي(٢) قال: حدثنا عبيدالله بن محمّد العيشي قال: حدثنا حماد بن سلمة، عن أيوب(٤) ، عن أبي قلابة، عن أبي هريرة قال:

____________________________

(١) في نسخة والبحار: « وشهوة البطن والفرج ». يدل أيضا على عدم عدالة كل واحد من الصحابة لانه تنبيه على وقوع الفتن بعدهصلى‌الله‌عليه‌وآله ولا يخفى أن في الفتن التباس الحق بالباطل ومزج بعضه ببعض وانما الغبار على من أثارها ولا يكون كلا الطرفين محقا.

(٢) هو أبوبكر الوراق، نزيل بغداد، وصاحب أبى عبيد، قال ابن حجر: صدوق مات سنة ٢٩٨ على الصحيح وأما شيخه عبيدالله بن محمّد بن عائشة، فاسم جده حفص بن عمر بن موسى بن عبيدالله بن معمر التيمى، وقيل: له: ابن عائشة، والعاشى، والعيشي، نسبة إلى عائشة بنت طلحة، لانه من ذريتها، ثقة جواد، رمى بالقدر ولم يثبت، مات سنة ٢٢٨ كما في التقريب، وصحف في النسخ وفي البحار ب‍ « العبسى ».

(٤) هو أيوب بن كيسان السختياني أبوبكر البصري. وأبو قلابة هو عبدالله بن زيد الجرمى.

١١١

قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : شهر رمضان شهر مبارك افترض الله(١) صيامه، يفتح فيه أبواب الجنان، ويصفد فيه الشياطين، فيه ليلة [ هي ] خير من ألف شهر، من حرمها فقد حرم يردد ذلك ثلاث مرات.

٣ - قال: أخبرني أبوالقاسم جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن سعد بن عبدالله، عن أحمد بن أبي عبدالله البرقي قال: حدثني بكر بن صالح الرازي، عن سليمان بن جعفر الجعفري قال: سمعت أبا الحسنعليه‌السلام يقول لابي: مالي رأيتك عند عبد الرحمن بن يعقوب ؟ قال: إنه خالي، فقال له أبوالحسنعليه‌السلام : إنه يقول في الله قولا عظيما، يصف الله تعالى ويحده، والله لا يوصف. فإما جلست معه وتركتنا وإما جلست معنا وتركته. فقال: إن(٢) هو يقول ما شاء أي شئ علي منه إذا لم أقل ما يقول ؟ فقال له أبوالحسنعليه‌السلام : أما تخافن أن تنزل به نقمة فتصيبكم جميعا ؟ أما علمت بالّذي كان من أصحاب موسى وكان أبوه من أصحاب فرعون، فلما لحقت خيل فرعون موسىعليه‌السلام تخلف عنه ليعظه، وأدركه موسى وأبوه يراغمه(٣) حتّى بلغا طرف البحر فغرقا جميعا، فأتى موسى الخبر، فسأل جبرئيل عن حاله، فقال له: غرق رحمه الله ولم يكن على رأي أبيه، لكن النقمة إذا نزلت لم يكن لها عمن قارب المذنب(٤) دفاع !.

٤ - قال: أخبرني أبوالحسن أحمد بن محمّد بن الحسن بن الوليد، عن أبيه، عن محمّد بن الحسن الصفار، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن أبي جميلة، عن أبان بن تغلب، عن أبي عبدالله جعفر بن محمّدعليهما‌السلام قال:

____________________________

(١) في بعض النسخ: « فرض الله ».

(٢) في بعض النسخ: « فقال أبى: هو يقول »، وهذا أشبه بما في الكافي.

(٣) المراغمة: الهجران، والتباعد، والمغاضبة، أي يبالغ في ذكر ما يبطل مذهبه ويذكر ما يغضبه (البحار).

(٤) في بعض النسخ: « الذنب »، والظاهر أنه تصحيف.

١١٢

بلغ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله عن قوم من قريش أنهم قالوا: أيرى محمّد أنه قد أحكم الامر في أهل بيته، ولئن مات لنعزلنها عنهم، ولنجعلها في سواهم. فخرج رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله حتّى قام في مجمعهم، ثم قال: يا معشر قريش كيف بكم وقد كفرتم بعدي ثم رأيتموني في كتيبة من أصحابي أضرب وجوهكم ورقابكم بالسيف ؟ فنزل جبرئيلعليه‌السلام في الحال فقال: يا محمّد إن ربك يقرئك السلام ويقول لك: قل: إن شاء الله، [ أ ] وعلي بن أبي طالب. فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : إن شاء الله، [ أ ] وعلي بن أبي طالب يتولى ذلك منكم(١) .

٥ - قال: أخبرني محمّد بن عمران المرزباني قال: حدثنا أبوبكر أحمد بن محمّد بن عيسى المكي(٢) قال: حدثنا عبدالله بن أحمد بن حنبل قال: حدثنا عبد الرحمن بن صالح قال: حدثنا محمّد بن سعد الانصاري، عن عمر بن عبدالله ابن يعلى بن مرة، عن أبيه، عن جده يعلى بن مرة(٣) قال: سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول لعلي بن أبي طالبعليه‌السلام : يا علي أنت ولي الناس بعدي، فمن أطاعك فقد أطاعني، ومن عصاك فقد عصاني.

٦ - قال: حدثنا أبوبكر محمّد بن عمر الجعابي قال: حدثنا أبوعبدالله محمّد بن القاسم المحاربي قال: حدثنا إسماعيل بن إسحاق الراشدي قال: حدثنا محمّد بن الحارث(٤) قال: حدثنا إبراهيم بن محمّد، عن مسلم الاعور، عن

____________________________

(١) فيه بيان لقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله له: « وأنت تقضى دينى وتنجز عداتي » كما مر الايعاز إليه فيما تقدم.

(٢) يكنى أبا بكر وتوفى سنة ٣٢٢. له ترجمة في تاريخ بغداد ج ٥ ص ٦٤، وقد تقدم.

(٣) يعلى بن مرة صحابي يروى عنه ابنه عبدالله وجماعة (التقريب).

(٤) لم نجده الا ان في الكافي عده فيمن حضر وصية أبى ابراهيم موسى بن جعفرعليهما‌السلام للنص على ابنه، وعده الشيخ (ره) في أصحاب الكاظم (عليه‌السلام ). وأما « ابراهيم بن محمّد » فالظاهر كونه ابن محمّد بن سعد بن أبي وقاص فانه من اتباع التابعين. وأما شيخه مسلم الاعور فهو ابن كيسان الضبى الملائى البراد الاعور، أبوعبدالله الكوفى، وضعفه القوم لتقديمه علياعليه‌السلام على عثمان.

١١٣

حبة العرني، عن أبي الهيثم بن التيهان الانصاري قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : إن الله عزّوجلّ خلق الارواح قبل الاجساد بألفي عام وعلقها بالعرش، وأمرها بالتسليم علي والطاعة لي، وكان أول من سلم علي وأطاعني من الرجال روح عليّ بن أبي طالب (عليه‌السلام ).

٧ - قال: أخبرني أبوالحسن عليّ بن بلال المهلبي قال: حدثنا عليّ بن عبدالله الاصفهاني قال: حدثنا إبراهيم بن محمّد الثقفي قال: حدثنا يوسف بن سعيد الارحبي قال: حدثنا عبيدالله بن موسى العبسي(١) ، عن كامل، عن حبيب ابن أبي ثابت(٢) قال: لما حضر القوم الدار للشورى جاء المقداد بن الاسود الكندي رحمه الله فقال: أدخلوني معكم، فإن لله عندي نصحا ولي بكم خيرا، فأبوا، فقال: أدخلوا رأسي واسمعوا مني، فأبوا عليه ذلك، فقال: أما إذا أبيتم فلا تبايعوا رجلا لم يشهد بدرا، ولم يبايع بيعة الرضوان، وانهزم يوم أحد يوم التقى الجمعان(٣) .

____________________________

(١) هو عبيدالله بن موسى بن أبي المختار، باذام العبسى الكوفى، أبومحمّد، ثقة، كان يتشيع مات سنة ٢١٣ على الصحيح (التقريب) يروى عن كامل بن العلاء التميمي السعدى، قال ابن معين: ثقة. ولم نعثر على عنوان يوسف بن سعيد، انما ذكر فيمن روى عن عبيدالله بن موسى « يوسف بن موسى بن راشد أبويعقوب القطان ».

(٢) حبيب بن أبي ثابت: قيس ويقال: هند بن دينار الاسدي، مولاهم أبويحيى الكوفى. قال ابن حجر: ثقة فقيه جليل القدر، وكان كثير الارسال والتدليس مات سنة ١١٩ ولم ينص عليه أحد. ففى السند سقط أو ارسال. وعد الشيخ اياه من أصحاب أمير المؤمنين فيه شئ لاستلزام ذلك كونه من المعمرين وكان يوم الشورى سنة أربع وعشرين.

(٣) يوم التقى الجمعان عطف بيان ليوم أحد، أي جمع المسلمين وسيدهم رسولصلى‌الله‌عليه‌وآله وجمع المشركين وسيدهم أبوسفيان. ومراده بالرجل عثمان بن عفان فانه لم يكن من البدريين، وكان في بيعة الرضوان بمكة، وعدوه من منهزمي أحد.

١١٤

فقال عثمان: أم والله لئن وليتها لاردنك إلى ربك الاول. فلما نزل بالمقداد الموت قال: أخبروا عثمان أني قد رددت إلى ربي الاول والآخر. فلما بلغ عثمان موته جاء حتّى قام(١) على قبره فقال: رحمك الله كنت وإن كنت، يثني عليه خيرا، فقال له الزبير: لاعرفنك بعد الموت تندبني * وفي حياتي ما زودتني زادي(٢) فقال: يا زبير تقول هذا، أتراني أحب أن يموت مثل هذا من أصحاب محمّدعليه‌السلام وهو علي ساخط ؟ !

 ٨ - قال: أخبرني أبوالقاسم جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن سعد بن عبدالله، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن هشام، عن مرازم(٣) ، عن الصادق جعفر بن محمّدعليهما‌السلام قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ما بال أقوام من أمتي إذا ذكر عندهم إبراهيم وآل إبراهيم استبشرت قلوبهم، وتهللت(٤) وجوههم، وإذا ذكرت وأهل بيتي اشمأزت قلوبهم، وكلحت وجوههم ؟ ! والّذي بعثني بالحق نبيا لو أن رجلا لقي الله بعمل سبعين نبيا ثم لم يأت(٥) بولاية أولي الامر منا أهل البيت(٦) ما قبل الله منه صرفا ولا عدلا(٧) .

____________________________

(١) في المطبوعة: « حتّى وقف على قبره » وفي البحار: « حتّى أتى قبره ».

(٢) البيت لعبيد بن الابرص كما في ديوانه. ونقل ذلك ابن أبى الحديد في قصة عثمان مع ابن مسعود (ره) وفيه « لا ألفينك بعد الموت الخ » والظاهر هو الصواب.

(٣) هو مرازم بن حكيم الازدي يروى عنه هشام بن ابراهيم الاحمر.

(٤) تهلل فلان: تلالا وجهه من السرور، وكلح وجهه: تكشر في عبوس أو عبس فأفرط في تعبسه. وقيل: الكلوح في الاصل بدو الاسنان عند العبوس.

(٥) في بعض النسخ: « لم يلقه ».

(٦) في المطبوعة: « اولى الامر من أهل البيت ».

(٧) قال في النهاية: قد تكررت هاتان اللفظتان في الحديث، فالصرف: التوبة، وقيل النافلة. والعدل: الفدية، وقيل الفريضة.

١١٥

 ٩ - قال: أخبرني أبوالحسن عليّ بن بلال المهلبي قال: حدثنا عليّ بن عبدالله الاصفهاني قال: حدثنا إبراهيم بن محمّد الثقفي قال: أخبرني محمّد بن عليّ قال: حدثنا إبراهيم بن هراسة(١) قال: حدثنا جعفر بن زياد الاحمر، عن زيد بن عليّ بن الحسينعليهما‌السلام قال: قرأ ﴿وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنزٌ لَّهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا فَأَرَادَ رَبُّكَ أَن يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنزَهُمَا زهما(٢) ، ثم قال: حفظهما ربهما لصلاح أبيهما، فمن أولى بحسن الحفظ منا ؟ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله جدنا، وابنته سيدة نساء الجنة أمنا، وأول من آمن بالله ووحده وصلى أبونا(٣) .

١٠ - قال: أخبرني أبوالحسن عليّ بن مالك النحوي قال: حدثنا محمّد بن الفضل قال: حدثنا محمّد بن أحمد بن إبراهيم الكاتب قال: حدثنا يموت بن المزرع قال: حدثنا عيسى بن إسماعيل، عن الاصمعي قال: سمعت أعرابيا وذكر السلطان فقال: لئن عزوا بالظلم في الدنيا ليذلن بالعدل في الآخرة، رضوا بقليل من كثير، وبيسير من خطير، وإنما يلقون العدم(٤) حين لا ينفع الندم. قال: وأنشدني أبوالحسن لابي العتاهية(٥) :

سبحان ذي الملكوت أية ليلة

 

مخضت بوجه صباح يوم الموقف

لو أن نفسا و همتها نفسها

 

ما في المعاد مصور لم تطرف

كتب الفناء على البرية ربها

 

و الناس بين مقدم و مخلف

وصلّى الله على سيدنا محمّد النبيّ وآله وسلم

____________________________

(١) قال في القاموس: ابراهيم بن هراسة وهو متروك الحديث وقال الزبيدى: تركه الجماعة، قال الذهبي في الديوان: تكلم فيه أبوعبيدة وغيره انتهى. وفي بعض النسخ: « ابراهيم بن أبى هراسة ».

(٢) الكهف: ٨٢.

(٣) فإذا لا نخاف بأسهم.

(٤) العدم: الفقدان، وغلب فقدان المال والفقر.

(٥) أبوالعتاهية بالتخفيف هو أبوإسحاق اسماعيل بن القاسم بن سويد العنزي، كان فريد زمانه ووحيد أوانه في طلاقة الطبع ورشاقة النظم وخصوصا في الزهديات ومذمة الدنيا فمنها قوله: الناس في غفلاتهم * ورحى المنية تطحن وقوله: هب الدنيا تساق اليك عفوا * أليس مصير ذاك إلى زوال وقوله: الا انما التقوى هي العز والكرم * وحبك للدنيا هو الذل والسقم وهو من المتقدمين في طبقة بشار وأبى نواس، وشعره كثير، ولد في سنة ١٣٠ بعين النمر وهي بليدة بالحجاز في قرب المدينة الطيبة، ونشأ بالكوفة وسكن بغداد، وكان يبيع الجرار، وكان الشعر عنده سهلا جدا، حتّى يحكى أنه قال يوما: لو شئت أن أجعل كلامي كله شعرا لقلت. وكان نقش خاتمه: سيكون الّذي قضى * غضب العبد أو رضى والشعر في الديوان المطبوع ببيروت: لله در أبيك أية ليلة * مخضت صبيحتها بيوم الموقف لو أن عينا شاهدت من نفسها * يوم الحساب تمثلا لم تطرف

١١٦

المجلس الرابع عشر

مجلس يوم السبت السادس والعشرون من رجب سنة سبع وأربعمائة

حدثنا الشيخ المفيد أبوعبدالله محمّد بن محمّد بن النعمان أدام الله تأييده

 ١ - قال: حدثنا أبوبكر محمّد بن عمر الجعابي قال: حدثنا أبوجعفر محمّد بن عبدالله بن عليّ العلوي الزيدي(١) قال: حدثنا الرضا عليّ بن موسىعليهما‌السلام قال: حدثني أبي العبد الصالح موسى بن جعفر قال: حدثني أبي الصادق جعفر بن محمّد قال: حدثني أبي الباقر محمّد بن عليّ قال: حدثني أبي زين العابدين عليّ بن الحسين قال: حدثني أبي الحسين بن عليّ الشهيد قال: حدثني أبي

____________________________

(١) هو أخو جعفر بن عبدالله رأس المدرى المتقدم ذكره.

١١٧

أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالبعليهم‌السلام قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : من أدى فريضة فله عند الله دعوة مستجابة.

٢ - قال: أخبرني أبوالحسين محمّد بن المظفر البزاز(١) قال: حدثنا أبوالقاسم عبد الملك بن عليّ الدهان(٢) قال: حدثنا أبوالحسن عليّ بن الحسن، عن الحسن بن بشير، عن أسعد بن سعيد، عن جابر قال: سمع أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام رجلا يشتم قنبرا وقد رام قنبر أن يرد عليه، فناداه أمير المؤمنين عليعليه‌السلام : مهلا يا قنبر، دع شاتمك مهانا ترض الرحمن، وتسخط الشيطان، وتعاقب عدوك. فوالّذي فلق الحبة وبرأ النسمة ما أرضى المؤمن ربه بمثل الحلم، ولا أسخط الشيطان بمثل الصمت، ولا عوقب الاحمق بمثل السكوت عنه.

٣ - قال: أخبرني أبونصر محمّد بن الحسين البصير المقري قال: حدثنا أبوالحسن عليّ بن الحسن الصيدلاني قال: حدثنا أبوالمقدام أحمد بن محمّد مولى بني هاشم قال: حدثنا أبونصر المخزومي(٣) ، عن الحسن بن أبي الحسن البصري(٤)

____________________________

 (١) في بعض اسانيد الارشاد كناه بأبي بكرة، قال في الشذرات: أبوالحسين محمّد بن المظفر بن موسى بن عليّ البغدادي، توفى ٣٧٩ وله ثلاث وتسعون سنة، كان من أعيان الحفاظ. قال ابن ناصر الدين: كان محدث العراق حافظا ثقة نبيلا مكثرا متقنا يميل إلى التشيع قليلا.

(٢) لم نجده، وشيخه عليّ بن الحسن هو ابن فضال، والحسن بن بشير معنون في « صه » وأسعد بن سعيد معنون في منهج المقال بعنوان أسعد بن سعيد النخعي الكوفى فان كان هو فهو والا لم نعثر عليه، وفي نسخة « اسد بن سعيد » ولم نجده.

(٣) لم نعثر على أبى الحسن الصيدلاني ولا على أبى المقدم ولا على أبى نصر المخزومي بهذه العناوين فيما عندنا من كتب الرجال. وفي نسخه: « أبوالحسن عليّ بن الحسن الصيدانى ».

(٤) هو الحسن بن يسار البصري المعروف، ولد لسنتين بقيتا من خلافة عمر، و توفى سنة ١١٠ وفي هامش خلاصة تذهيب الكمال: « قال يونس بن عبيد: قلت له: انك تقول: « قال رسول الله » ولم تدركه ؟ قال: يا ابن أخي أنا في زمان كما ترى (وكان في عمل الحجاج) وكل شى سمعتني أقول: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله » فهو عن علي ابن أبى طالب غير انى في زمان لا استطيع أن أذكر عليا ».

١١٨

قال: لما قدم علينا أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام البصرة مر بي وأنا أتوضأ، فقال: يا غلام أحسن وضوءك يحسن الله إليك. ثم جازني فأقبلت أقفو إثره، فحانت(١) مني التفاته فنظر إلي فقال: يا غلام ألك إلي حاجة ؟ قلت: نعم، علمني كلاما ينفعني الله به. فقال: يا غلام من صدق الله نجا، ومن أشفق على دينه سلم من الردى، ومن زهد في الدنيا قرت عينه بما يرى من ثواب الله عزّوجلّ. ألا أزيدك يا غلام ؟ قلت: بلى يا أمير المؤمنين، قال: ثلاث خصال من كن فيه سلمت له الدنيا والآخرة، من أمر بالمعروف وائتمر به، ونهى عن المنكر وانتهى عنه، وحافظ على حدود الله. يا غلام أيسرك أن تلقى الله يوم القيامة وهو عنك راض ؟ قلت: نعم يا أمير المؤمنين، قال: كن في الدنيا زاهدا، وفي الآخرة راغبا، وعليك بالصدق في جميع امورك، فإن الله تعبدك(٢) وجميع خلقه بالصدق. ثم مشى حتّى دخل سوق البصرة، فنظر إلى الناس يبيعون ويشترون، فبكىعليه‌السلام بكاء شديدا، ثم قال: يا عبيد الدنيا وعمال أهلها إذا كنتم بالنهار تحلفون، وبالليل في فرشكم تنامون(٣) ، وفي خلال ذلك عن الآخرة تغفلون فمتى تحرزون(٤) الزاد، وتفكرون في المعاد ؟ فقال له رجل: يا أمير المؤمنين إنه لا بد لنا من المعاش، فكيف نصنع ؟ فقال أمير المؤمنينعليه‌السلام : إن طلب المعاش من حله لا يشغل عن عمل الآخرة، فإن

____________________________

(١) كذا في النسخ وفي بعضها « فحانت منه التفاته » والصواب ما في النهاية وهو: « فكانت مني لفته، هي المرة الواحدة من الالتفات ».

(٢) تعبده أي دعاه للطاعة أو اتخذه عبدا له. وفي النسخ: « يعبدك ».

(٣) في بعض النسخ والبحار: « فراشكم تنامون ».

(٤) في البحار: « تجهزون » وهذا أنسب.

١١٩

قلت: لا بد لنا من الاحتكار لم تكن معذورا. فولى الرجل باكيا، فقال له أمير المؤمنينعليه‌السلام : أقبل علي أزدك بيانا، فعاد الرجل إليه، فقال له: اعلم يا عبدالله أن كل عامل في الدنيا للآخرة لا بد أن يوفى أجر عمله في الآخرة، وكل عامل دينا للدنيا عمالته(١) في الآخرة نار جهنم. ثم تلا أمير المؤمنينعليه‌السلام قوله تعالى: ﴿فَأَمَّا مَن طَغَىٰ ، وَآثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا ، فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَىٰ(٢) .

٤ - قال: أخبرني أبوعبيدالله محمّد بن عمران المرزباني قال: حدثنا محمّد بن الحسين الجوهري قال: حدثنا هارون بن عبيدالله المقري قال: حدثنا عثمان بن سعيد قال: حدثنا أبويحيى التميمي(٣) ، عن كثير، عن أبي مريم الخولاني، عن مالك بن ضمرة قال: سمعت عليا أمير المؤمنينعليه‌السلام يقول: ألا إنكم معرضون على لعني ودعاي كذابا(٤) ، فمن لعنني كارها مكرها يعلم الله أنه كان مكرها وردت أنا وهو على محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله معا. ومن أمسك لسانه فلم يلعني سبقني كرمية سهم أو لمحة بالبصر. ومن لعنني منشرحا صدره بلعني فلا حجاب بينه وبين الله(٥) ، ولا حجة له عند محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ألا إن محمّداصلى‌الله‌عليه‌وآله أخذ بيدي يوما

____________________________

(١) العمالة بالضم والكسر أجر العامل، رزقه.

(٢) النازعات: ٣٩ - ٣٧.

(٣) كذا في النسخ ولم نجده وقد يخطر بالبال أن فيه سقطا وتصحيفا وكونه أبا حيان يحيى بن سعيد التيمى. و « كثير » هو ابن النواء المتقدم ذكره.

(٤) يظهر مما في نهج البلاغة أنه (عليه‌السلام ) يريد زمان معاوية على أنه أمر الناس بالعراق والشام وغيرهما بسبه ولعنه والبراءة منه (عليه‌السلام ) وخطب بذلك على منابر الاسلام وصار ذلك بدعة أموية في أيام الخلفاء إلى أن قام عمر بن عبد العزيز فأزاله.

(٥) قال العلامة المجلسي (ره): « أي لا يحجبه شئ عن عذاب الله تعالى ». نقول: الاظهر أنه تصحيف « حجة » وفي الكتاب العزيز: ﴿لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ لَا حُجَّةَ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ ﴾.

١٢٠