الأمالي الشيخ المفيد

الأمالي الشيخ المفيد0%

الأمالي الشيخ المفيد مؤلف:
المحقق: علي أكبر الغفاري
الناشر: مؤسّسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرّسين بقم المشرّفة
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 357

الأمالي الشيخ المفيد

مؤلف: أبي عبد الله محمد بن محمد بن النعمان العكبرى البغدادى (الشيخ المفيد)
المحقق: علي أكبر الغفاري
الناشر: مؤسّسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرّسين بقم المشرّفة
تصنيف:

الصفحات: 357
المشاهدات: 47696
تحميل: 5977


توضيحات:

الأمالي الشيخ المفيد المقدمة
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 357 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 47696 / تحميل: 5977
الحجم الحجم الحجم
الأمالي الشيخ المفيد

الأمالي الشيخ المفيد

مؤلف:
الناشر: مؤسّسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرّسين بقم المشرّفة
العربية

فقال: من بايع هؤلاء الخمس(١) ثم مات وهو يحبك فقد قضى نحبه، ومن مات وهو يبغضك مات ميتة جاهلية يحاسب بما عمل في الاسلام، وإن عاش بعدك وهو يحبك ختم الله له بالامن والايمان كلما طلعت شمس أو غربت.

٥ - قال: حدثنا أبوالحسن عليّ بن بلال المهلبي قال: حدثنا عليّ بن عبدالله ابن أسد الاصفهاني قال: حدثنا أبوإسحاق إبراهيم بن محمّد الثقفي قال: أخبرنا محمّد بن عليّ قال: حدثنا الحسين بن سفيان، عن أبيه، عن أبي الجهضم الازدي، عن أبيه(٢) وكان من أهل الشام قال: لما سير عثمان أبا ذر من المدينة إلى الشام كان يقص علينا، فيحمد الله فيشهد شهادة الحق، ويصلي على النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ويقول: أما بعد فإنا كنا في جاهليتنا قبل أن ينزل علينا الكتاب، ويبعث فينا الرسول ونحن نوفي بالعهد، ونصدق الحديث، ونحسن الجوار، ونقري الضيف(٣) ، ونواسي الفقير [ ونبغض المتكبر ]. فلما بعث الله تعالى فينا رسول الله(٤) صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وأنزل علينا كتابه كانت تلك الاخلاق يرضاها الله ورسوله، وكان أحق بها أهل الاسلام، وأولى أن يحفظوها، فلبثوا بذلك ما شاء الله أن يلبثوا. ثم إن الولاة قد أحدثوا أعمالا قباحا ما نعرفها: من سنة تطفى، وبدعة تحيى(٥) ، وقائل بحق مكذب، وأثرة بغير

____________________________

(١) هؤلاء الخمس اشارة إلى أصابعهصلى‌الله‌عليه‌وآله . وفي بعض النسخ: « تابع » بالتاء المثناة الفوقانية فالمراد الصلوات الخمس (البحار). وتقدم مثله في المجلس الاول تحت رقم ٧ وتقدم الكلام فيه.

(٢) الظاهر هو نصر بن عليّ بن صهبان الازدي الجهضمى، وابنه عليّ بن أبى الجهضمي الازدي المتوفى سنة ١٨٧ ومات أبوه « نصر » في أيام خلافة المنصور كما في التقريب.

(٣) قرى الضيف أي أضافه وأكرمه.

(٤) في نسخة: « رسوله ».

(٥) كذا في بعض النسخ والبحار، وفي المخطوطة « ما يزال سنة تطفى وبدعة تحيى ».

١٢١

تقى(١) ، وأمين مستأثر عليه من الصالحين. اللهم إن كان ما عندك خيرا لي فاقبضني إليك غير مبدل ولا مغير. وكان يعيد هذا الكلام ويبديه، فأتى حبيب بن مسلمة معاوية بن أبي سفيان فقال: إن أبا ذر يفسد عليك الناس بقوله كيت وكيت(٢) ، فكتب معاوية إلى عثمان بذلك، فكتب عثمان: أخرجه إلي. فلما صار إلى المدينة نفاه إلى الربذة.

٦ - قال: أخبرني أبوالحسن أحمد بن محمّد بن الحسن قال: حدثني أبي، عن سعد بن عبدالله، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب قال: حدثني يحيى بن عبدالله بن الحسن قال: سمعت جعفر بن محمّدعليهما‌السلام يقول وعنده ناس من أهل كوفة: عجبا للناس يقولون: أخذوا علمهم كله عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فعملوا به واهتدوا، ويرون أنا أهل البيت لم نأخذ علمه، ولم نهتد به ونحن

____________________________

(١) الاثرة بفتح الهمزة والثاء: الاسم من آثر يؤثر ايثارا، إذا اعطى، وقوله « أمين » لا يبعد كونه تصحيف « من ». ويكون كذا: « ومن مستأثر عليه من الصالحين ».

(٢) القارئ جد عليم بأن هذا العمل وهذا القول من مثل هذا الصحابي العظيم الّذي قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في شأنه: « ما أظلت الخضراء ولا أقلت الغبراء من ذي لهجة أصدق من أبى ذر » وقال فيه أبوالدرداء: « لو أن أبا ذر قطع يميني ما أبغضته بعد هذا الكلام الّذي سمعته من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله »، وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله فيه: « من أحب أن ينظر إلى المسيح عيسى بن مريم إلى بره وصدقه وجده فلينظر إلى أبى ذر » إلى غير ذلك من الكثير الطيب ليس الا التعريض بالقوم لما يرى من بدعهم وخروجهم عن سنن الحق والتعيير عليهم، عملا بالتكليف لما ورد عن النبيّ الاقدسصلى‌الله‌عليه‌وآله : « من رأى سلطانا جائرا، مستحلا لحرم الله، ناكثا لعهد الله، مخالفا لسنة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إلى قوله: فلم يعير عليه بفعل ولا قول كان حقا على الله أن يدخله مدخله »، وقال أيضاً « إذا ظهرت البدع فللعالم أن يظهر علمه والا فعليه لعنة الله ».

١٢٢

أهله وذريته، في منازلنا أنزل الوحي، ومن عندنا خرج إلى الناس العلم. أفتراهم علموا واهتدوا، وجهلنا وضللنا ؟ ! إن هذا محال.

٧ - قال: أخبرني أبوالحسن عليّ بن مالك النحوي قال: حدثني محمّد بن الفضل الكاتب قال: حدثنا عيسى بن حميد قال: سمعت أبا عبدالله الربعي(١) يقول: حدثنا الاصمعي قال: دخلت البصرة، فبينا أنا أمشي بشارعها إذ بصرت بجارية أحسن الناس وجها، وإذا هي كالشن البالي(٢) فلم أزل أتبعها وأحبس نفسي عنها حتّى انتهت من المقابر إلى قبر فجلست عنده، ثم أنشأت تقول بصوت ما يكاد يبين: هذا والله المسكن لا ما به نغر أنفسنا، هذا والله المفرق بين الاحباب، والمقرب من الحساب، وبه عرفان الرحمة من العذاب. يا أبه فسح الله لك في قبرك، وتغمدك بما تغمد به نبيك، أما إني لا أقول خلاف ما أعلم، كان علمي بك جوادا، إذا أتيت أتيت وسادا، وإذا اعتمدت وجدت عمادا. ثم قالت:

يا ليت شعري كيف غيرك البلى

 

أم كيف صار جمال وجهك في الثرى

لله درك أي كهل غيبوا

 

تحت الجنادل، لا تحس و لا ترى

لبا وحلما بعد حزم زانه

 

بأس وجود حين يطرق للقرى

لما نقلت إلى المقابر والبلى

 

دنت الهموم فغاب عن عيني الكرى(٣)

وصلّى الله على سيدنا محمّد النبيّ وآله الطاهرين وسلم تسليما

____________________________

 (١) أبوعبدالله الربعي يطلق على محمّد بن يزيد ابن ماجة القزويني، ومحمّد بن سلمة بن قربا نزيل عسقلان، والثانى مترجم في تاريخ الخطيب ج ٥ ص ٣٤٦.

 (٢) الشن بالفتح: القربة الخلق الصغيرة يكون الماء فيها أبرد من غيرها.

(٣) كرى الرجل: نعس.

١٢٣

المجلس الخامس عشر

مجلس يوم السبت الثالث من شعبان سنة سبع وأربعمائة

 حدثنا الشيخ المفيد أبوعبدالله محمّد بن محمّد بن النعمان أدام الله تأييده

 ١ - قال: حدثني أبوحفص عمر بن محمّد قال: حدثنا عليّ بن مهرويه القزويني قال: حدثنا داود بن سليمان الغازي قال: حدثنا الرضا عليّ بن موسى قال: حدثني أبي موسى بن جعفر قال: حدثني أبي جعفر بن محمّد قال: حدثني أبي محمّد بن عليّ قال: حدثني أبي عليّ بن الحسين قال: حدثني أبي الحسين بن عليّ قال: حدثني أبي عليّ بن أبي طالبعليهم‌السلام قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : أتاني ملك فقال: يا محمّد إن ربك يقرئك السلام ويقول: إن شئت جعلت لك بطحاء(١) مكة ذهبا. قال: فرفعت رأسي إلى السماء وقلت: يا رب أشبع يوما فأحمدك، وأجوع يوما فأسألك.

٢ - قال: أخبرني أبوعبيدالله محمّد بن عمران المرزباني قال: حدثنا أحمد بن محمّد بن عيسى المكي قال: حدثنا عبدالله بن أحمد بن حنبل قال: حدثني أبي قال: حدثني الحسين بن الحسن(٢) قال: حدثنا شريك، عن أبي ربيعة الايادي(٣) ورأينا معمرا يسمع منه عن ابن بريدة، عن أبيه قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : إن الله أمرني بحب أربعة من أصحابي، وأخبرني أنه يحبهم،

____________________________

(١) البطحاء أصله المسيل الواسع فيه دقاق الحصى، وهو موضع بعينه قريب من ذى قار. وبطحاء مكة ممدود (المراصد).

(٢) يعني الحسين بن الحسن الاشقر وقد تقدم ذكره.

(٣) أبوربيعة الايادي، اسمه عمر بن ربيعة. قال ابن مندة: روى عن عبدالله بن بريدة [ وعبدالله ثقة ] وعن الحسن البصري، وروى عنه شريك بن عبدالله النخعي، وقال ابن معين: شريك صدوق ثقة، وقال الساجي: ينسب إلى التشيع المفرط. نقول: الخير رواه ابن عبد البر في الاستيعاب عن سليمان وعبدالله ابني بريدة مختصرا.

١٢٤

قلنا: من هم يا رسول الله ؟ وليس منا أحد إلا أن يكون منهم. فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : ألا إن عليا منهم يقولها ثلاثا والمقداد بن الاسود، وأبو ذر الغفاري وسلمان الفارسي.

٣ - قال: حدثني أبوالحسن عليّ بن محمّد الكاتب قال: حدثني الحسن بن عليّ الزعفراني قال: حدثنا أبوإسحاق إبراهيم بن محمّد الثقفي قال: حدثنا الحسن بن الحسين الانصاري قال: حدثنا سفيان، عن فضيل بن الزبير قال: حدثني فروة بن مجاشع، عن أبي جعفر محمّد بن عليّعليهما‌السلام قال: جاءت عائشة إلى عثمان فقالت له: أعطني ما كان يعطيني أبي وعمر بن الخطاب(١) ، فقال لها: لا أجد(٢) لك موضعا في الكتاب ولا في السنة، وإنما كان أبوك و عمر بن الخطاب يعطيانك بطيبة من أنفسهما، وأنا لا أفعل. قالت له: فأعطني ميراثي من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقال لها: أو لم تجئني أنت ومالك بن أوس النصري(٣) فشهدتما ان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لا يورث، حتّى منعتما فاطمة ميراثها، وأبطلتما حقها، فكيف تطلبين اليوم ميراثا من النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ؟ فتركته وانصرفت. وكان عثمان إذا خرج إلى الصلاة أخذت قميص رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله على قصبة(٤) فرفعته عليها، ثم قالت: إن عثمان قد خالف صاحب هذا القميص

____________________________

(١) راجع سيرة الخلفاء في بيت مال المسلمين وكيفية ايثارهم أهل بيتهم الادنين ثم الامثل فالامثل ممن يقرب منهم، المجلد الثامن من البحار وكتاب الغدير لشيخنا الاميني (ره).

(٢) في المطبوعة: « لم أجد له موضعا الخ ».

(٣) مالك بن اوس النصرى هو أبوسعيد المدنى وفي رؤيته النبيّ اختلاف وأنه توفى سنة اثنتين أو احدى وتسعين فلم يكن يومذاك في سن من يقبل شهادته، نعم ذكره ابن سعد في طبقة من ادرك النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ورآه وقال: لم يحفظ عنه شيئا، ويقولون أنه ركب الخيل في الجاهلية، قال: وكان قديما ولكنه تأخر اسلامه.

(٤) القصبة: واحدة القصاب وهي بالكسر مسناة تبنى في اللحف لئلا يستجمع السيل فينهدم عراق الحائط.

١٢٥

وترك سنته.

٤ - قال: أخبرني أبوالحسين محمّد بن المظفر البزاز قال: حدثنا أبوعبدالله جعفر بن محمّد الحسني قال: حدثنا إدريس بن زياد الكفرثوثي قال: حدثنا حنان بن سدير، عن سديف المكي قال: حدثني محمّد بن عليّعليهما‌السلام وما رأيت محمّديا قط يعدله قال: حدثني جابر بن عبدالله الانصاري قال: نادى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في المهاجرين والانصار، فحضروا بالسلاح وصعد النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله المنبر، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: يا معاشر المسلمين من أبغضنا أهل البيت بعثه الله يوم القيامة يهوديا. قال جابر: فقمت إليه فقلت: يا رسول الله وإن شهد أن لا إله إلا الله، وأن محمّدا رسول الله ؟ فقال: وإن شهد أن لا إله إلا الله، فإنما احتجز من سفك دمه، أو يؤدي الجزية عن يد وهو صاغر(١) . ثم قالصلى‌الله‌عليه‌وآله : من أبغضنا أهل البيت بعثه الله يوم القيامة يهوديا، فإن أدرك الدجال كان معه(٢) ، وإن هو لم يدركه بعث في قبره فآمن به. إن ربي عزّوجلّ مثل لي أمتي في الطين، وعلمني أسماءهم كما علم آدم الاسماء كلها، فمر بي أصحاب الرايات فاستغفرت الله لعلي وشيعته. قال حنان بن سدير: فعرضت هذا الحديث على أبي عبدالله جعفر بن محمّدعليهما‌السلام فقال لي: أنت سمعت هذا من سديف ؟ فقلت: الليلة سبع منذ سمعته منه، فقال: إن هذا الحديث ما ظننت(٣) أنه خرج من في أبي إلى أحد.

____________________________

(١) يدل على أن الاسلام وهو الاقرار بالشهادتين باللسان يحقن به الدم ويمنع به من الجزية وانما الثواب على الايمان ومن جملتها الولاية لاهل البيتعليهم‌السلام .

(٢) قد كثر ذكر الدجال في الروايات وهو كل خداع ويلبس على الناس امورهم ولا سيما في دينهم ومعتقداتهم، وأصل الدجل: الخلط، يقال: دجل إذا لبس وموه. وأما الذى ذكر في الروايات باسمه ونعته وأنه يظهر في آخر الزمان يدعى الالوهية فهو أحد مصاديقه وأتمها.

(٣) في البحار: « ما طننته ».

١٢٦

 ٥ - قال: أخبرني أبوعبيدالله محمّد بن عمران المرزباني قال: حدثني محمّد بن موسى بن حماد قال: حدثنا محمّد بن سهل قال: أخبرنا هشام بن محمّد بن السائب، عن أبي مخنف لوط بن يحيى، عن الحارث بن حصيرة، عن عبد الرحمن ابن عبيد بن الكنود(١) قال: قدم أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام من البصرة إلى الكوفة لاثنتي عشرة ليلة خلت من رجب(٢) ، فأقبل حتّى صعد المنبر، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: أما بعد، فالحمد لله الّذي نصر وليه، وخذل عدوه، وأعز الصادق المحق، وأذل الكاذب المبطل(٣) . عليكم يا أهل هذا المصر بتقوى الله، وطاعة من أطاع الله من أهل بيت نبيكمصلى‌الله‌عليه‌وآله الّذين هم أولى بطاعتكم فيما أطاعوا الله فيه من المنتحلين المدعين المقابلين إلينا(٤) يتفضلون بفضلنا ويجاحدوناه(٥) ، وينازعونا حقنا ويدفعونا عنه(٦) ، وقد ذاقوا وبال ما اجترحوا فسوف يلقون غيا. إنه قد قعد عن نصرتي رجال منكم فأنا عليهم عاتب زار(٧) ، فاهجروهم، وأسمعوهم ما يكرهون حتّى يعتبوا(٨) أو نرى

____________________________

(١) هو عبد الرحمن بن عبيد بن الكنود الّذي يعرف في الاسناد بأبى الكنود.

(٢) سنة ستّ وثلاثين.

(٣) في بعض النسخ: « وأذل الناكث المبطل ».

(٤) في بعض النسخ: « القائلين الينا » وكأنه تصحيف.

(٥) في الارشاد وبعض نسخ الحديث: « ويجاحدونا أمرنا ».

(٦) في بعض نسخ الحديث: « يباعدوننا عنه ». نقول: وردت الافعال الثلاثة هنا بحذف نون الرفع من غير ناصب وجازم وهي لغة صحيحة، أنظر خزانة الادب: ٣ / ٥٢٥، ٥٢٦.

(٧) عتب عليه: وجد عليه موجدة وأنكر منه شيئا من فعله، وزرى عمله عليه: عابه عليه وعاتبه.

(٨) كذا في النسخ، والصواب كما في الارشاد « يعتبونا »، قال الجوهري: اعتبني فلان إذا عاد إلى مسرتي راجعا عن الاساءة. وفي بعض نسخ الحديث بعد هذا: « ليعرف بذلك حزب لله عند الفرقة ».

١٢٧

منهم ما نرضى(١) . فقام إليه مالك بن حبيب التميمي اليربوعي وكان صاحب شرطته فقال: والله إني لارى الهجر وإسماع المكروه لهم قليلا(٢) ، والله لئن أمرتنا لنقتلنهم. فقال له أمير المؤمنينعليه‌السلام : يا مال جزت المدى، وعدوت الحد، وأغرقت في النزع(٣) . فقال: يا أمير المؤمنين. لبعض الغشم أبلغ في أمور * تنوبك من مهادنة الاعادي(٤) فقال أمير المؤمنينعليه‌السلام : ليس هكذا قضى الله يا مال، قال الله تعالى: ﴿النَّفْسَ بِالنَّفْسِ(٥) فما بال بعض الغشم ؟ وقال الله سبحانه: ﴿وَمَن قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلَا يُسْرِف فِّي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنصُورًا(٦) .

____________________________

(١) في الارشاد: « ونرى منهم ما نحب ».

(٢) في بعض النسخ: « وسماع الكره ». أي ان هذا لا يروعهم عن المخالفة ولا يدفعهم إلى رضانا فلا بد لنا من الحرب معهم والضرب بالاعناق. وفي بعض نسخ الحديث. « والله لو أمرتنا لنقتلنهم ».

(٣) المدى: الغاية، وفي بعض النسخ: « وعدوت الحق ». وأغرق النازع في القوس: استوفى مدها، والنزع: الرمي، والكلام يقال لمن بالغ في الشئ.

(٤) كذا في النسخ وشرح النهج، وقيل: يمكن أن يكون « تنوء بك » وناء به الحمل: أثقله. والصواب ما في المتن من نابه الامر أي أصابه. والمراد أن اعمال بعض الظلم على الاعداء والمخالفين في امور تصيبك وتزلزل اركان حكومتك ويصدك عن النيل بالمقصود الحق أبلغ إلى المراد من المهادنة والرفق وكف التضييق عليهم.

(٥) وفي بعض النسخ الحديث: « فما بال ذكر الغشم ». أجابعليه‌السلام بان المقصود مهما عظم وتقدس لا يسوغ الظلم والتعدى في سبيل نيله ولا يوجهه مهما قل وصغر، بل يكون خلاف المقصود وانما لنا المشى على مهيع الحق فان نلنا فهو، والا لم يكن بنا بأس، وما على الرسول الا البلاغ المبين. والاية في المائدة: ٤٥.

(٦) الاسراء: ٣٣. زاد في شرح النهج الحديدي هنا نقلا عن نصر بن مزاحم: « والاسراف في القتل أن تقتل غير قاتلك فقد نهى الله عنه وذلك هو الغشم ».

١٢٨

فقام إليه أبوبردة بن عوف الازدي وكان عثمانيا تخلف عنه يوم الجمل وحضر معه صفين على ضعف نية في نصرته فقال: يا أمير المؤمنين أرأيت القتلى حول عائشة وطلحة والزبير بم قتلوا ؟ فقال أمير المؤمنينعليه‌السلام بما قتلوا شيعتي وعمالي، وبقتلهم أخا ربيعة العبدي رحمه الله في عصابة من المسلمين قالوا: لا ننكث البيعة [ كما نكثتم ]، ولا نغدر كما غدرتم، فوثبوا عليهم فقتلوهم ظلما وعدوانا، فسألتهم أن يدفعوا إلي قتلة إخواني منهم اقتلهم بهم(١) ، ثم كتاب الله حكم بيني وبينهم، فأبوا علي وقاتلوني وفي أعناقهم بيعتي ودماء نحو ألف من شيعتي فقتلتهم بذلك(٢) ، أفي شك أنت من ذلك ؟ فقال: قد كنت في شك، فأما الآن فقد عرفت، واستبان لي خطأ القوم، فإنك أنت المهتدي المصيب. ثم إن علياعليه‌السلام تهيأ لينزل، فقام رجال ليتكلموا، فلما رأوه قد نزل جلسوا ولم يتكلموا. قال: أبوالكنود: وكان أبوبردة مع حضوره صفين ينافق أمير المؤمنينعليه‌السلام ويكاتب معاوية سرا، فلما ظهر معاوية أقطعه قطيعة بالفلوجة(٣) ، وكان عليه كريما.

____________________________

(١) في بعض النسخ: « لنقتلهم بهم ».

(٢) في بعض نسخ الحديث: « فقتلتهم بهم ». وينبه (عليه‌السلام ) أن سبب قتاله اياهم أمران: أحدهما نكث البيعة وقد أوجب الله الوفاء بها، والاخر اجراء حكم المحارب أو القصاص، قال الله تعالى: ﴿وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾.

(٣) أقطع الامير فلانا قطيعة: جعل له غلة أرض رزقا له. والفلوجة كما في المراصد بالفتح ثم التشديد وواو ساكنة وجيم قال الليث: فلاليج السواد: قراها. والفلوجة الكبرى والفلوجة الصغرى: قريتان كبيرتان من سواد بغداد والكوفة قرب عين التمر. قلت: والمشهور هي هذه التي على شاطئ الفرات، عندها فم نهر الملك من الجانب الشرقي.

١٢٩

 ٦ - قال: حدثنا أبوجعفر محمّد بن عليّ بن موسى قال: حدثنا أبي قال: حدثنا عليّ بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن أبان بن عثمان، عن أبي عبدالله جعفر بن محمّدعليهما‌السلام قال: إذا كان يوم القيامة جمع الله الاولين والآخرين في صعيد واحد ثم أمر مناديا فنادى(١) : غضوا أبصاركم ونكسوا رؤوسكم حتّى تجوز فاطمة ابنة محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله الصراط. قال: فتغض الخلائق أبصارهم فتأتي فاطمةعليها‌السلام على نجيب من نجب الجنة يشيعها سبعون ألف ملك، فتقف موقفا شريفا من مواقف القيامة، ثم تنزل عن نجيبها فتأخذ قميص الحسين بن عليّعليهما‌السلام بيدها مضمخا بدمه، وتقول: يا رب هذا قميص ولدي وقد علمت ما صنع به. فيأتيها النداء من قبل الله عزّوجلّ: يا فاطمة لك عندي الرضا، فتقول: يا رب انتصر لي من قاتله، فيأمر الله تعالى عنقا(٢) من النار فتخرج من جهنم فتلتقط قتلة الحسين بن عليّعليهما‌السلام كما يلتقط الطير الحب، ثم يعود العنق بهم(٣) إلى النار فيعذبون فيها بأنواع العذاب، ثم تركب فاطمةعليها‌السلام نجيبها حتّى تدخل الجنة، ومعها الملائكة المشيعون لها، وذريتها بين يديها، وأولياءهم من الناس عن يمينها وشمالها.

٧ - قال: أخبرني أبوبكر محمّد بن عمر الجعابي قال: حدثنا أبوعلي الحسين ابن محمّد الكندي(٤) قال: حدثنا عمرو بن محمّد بن الحارث، عن أبيه محمّد بن الحارث

____________________________

(١) في المطبوعة والبحار: « في صعيد واحد فينادى مناد الخ » والجملة ساقطة في أكثر النسخ.

(٢) أي قطعة وطائفة منها.

(٣) الظاهر أن الباء هنا للمعية أي معهم، ويمكن أن يكون « يعود » تصحيف « يقود » ولكن لا يناسبه الباء.

(٤) كذا، ولم نعثر عليه وليس هو تصحيف « أبي على الحسن بن محمّد بن سماعة الكندى » لانه توفى سنة ٢٦٣ وولد الجعابى سنة ٢٨٤. وفي نسخة « أبوعليّ بن الحسين ابن محمّد الكندى ». ويمكن أن يكون في السند سقط بين الجعابى والكندي والعلم عند الله. وأما شيخه « عمرو بن محمّد بن الحارث » ففى بعض النسخ « عمر بن محمّد بن الحارث » ولم نجده.

١٣٠

قال: أخبرني الصباح بن يحيى المزني، عن الحارث بن حصيرة، عن أبيه قال: قال أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام لشيعته: كونوا في الناس كالنحلة في الطير، ليس شئ من الطير إلا وهو يستضعفها(١) ، ولو يعلمون ما في أجوافها من البركة لم يفعلوا ذلك بها(٢) . خالطوا الناس بألسنتكم وأجسادكم، وزايلوهم بقلوبكم وأعمالكم، لكل امرء ما اكتسب، وهو يوم القيامة مع من أحب(٣) .

٨ - قال: أخبرني أبوالحسن [ عليّ بن ] أحمد بن إبراهيم الكاتب قال: حدثنا أبوعلي محمّد بن همام الاسكافي قال: حدثني محمّد بن أحمد الترمذي قال: حدثنا عبيدالله بن عمر القواريري قال: حدثنا جعفر بن سليمان الضبعي قال: سمعت مالك بن دينار يقول: أتيت الجبانة(٤) فوقفت عليها ثم قلت:

أتيت القبور فناديتها

فأين المعظم والمحتقر

وأين الملبي(٥) إذا ما دعي

وأين العزيز إذا ما افتخر

____________________________

 (١) في البحار: « يستخفها ».

(٢) كذا ورواه أبوعبدالله النعماني (ره) في « الغيبة » عن الحارث بن حصيرة، عن الاصبغ بن نباته عنهعليه‌السلام وفيه: « ولو علمت الطير ما في أجوافها من البركة لم تفعل بها ذلك ». نقول: أي أنها لم تفعل بها ما تفعل من عدم التعرض لها، وقال العلامة المجلسي (ره): « كالنحل في الطير، أمر بالتقية أي لا تظهروا لهم ما في أجوافكم من دين الحق كما أن النحل لا يظهر ما في بطنها على الطيور، والا لافنوها ».

(٣) له تتمة في معنى التمحيص والامتحان، فراجع كتاب الغيبة للنعماني طبع مكتبة الصدوق ص ٢٥ وص ٢١٠.

(٤) الجبانه بالفتح والتشديد: المقبرة والصحراء.

(٥) أي المجيب، من التلبية.

١٣١

وأين المدل(١) بسلطانه

وأين القوي إذا ما قدر

قال: فأجابني صوت من ناحية المقابر ولا أرى له صورة:

تفانوا جميعا فما مختبر

 

تفانوا جميعا فما مختبر

تروح وتغدو بنات الثرى

 

فتمحو محاسن تلك الصور

فيا سائلي عن أناس مضوا

 

أما لك فيما ترى معتبر

وصلّى الله على سيدنا محمّد وآله الطاهرين وسلم تسليما

المجلس السادس عشر

مجلس يوم السبت العاشر من شعبان سنة سبع وأربعمائة

حدثنا الشيخ الجليل المفيد أبوعبدالله محمّد بن محمّد بن النعمان أدام الله عزه

 ١ - قال: أخبرني أبوالحسن عليّ بن خالد المراغي قال: حدثنا الحسين ابن محمّد البزاز(٢) قال: حدثني أبوعبدالله جعفر بن عبدالله العلوي المحمّدي قال: حدثنا يحيى بن هاشم الغساني، عن أبي عاصم النبيل(٣) ، عن سفيان، عن أبي إسحاق، عن علقمة بن قيس، عن نوف البكالي قال: بت ليلة عند أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام فرأيته يكثر الاختلاف من منزله وينظر إلى السماء، قال: فدخل كبعض ما كان يدخل، فقال: أنائم أنت أم رامق(٤) ؟

____________________________

(١) الا دلال بفتح المهملة التدلل والتغنج والاجتراء، وأدل عليه أي اجترأ.

(٢) هو الحسين بن محمّد أبوعبدالله البزاز المعروف بابن المطبقى العلوى، وصحف في بعض النسخ بالزرارى.

(٣) هو الضحاك بن مخلد بن الضحاك بن مسلم الشيباني البصري، قال ابن حجر: ثقة ثبت مات سنة ٢١٢ أو بعدها. روى عنه يحيى بن هاشم بن كثير بن قيس أبوزكريا السمسار، وروى هو عن سفيان الثوري، عن ابى اسحاق السبيعى.

(٤) أرادعليه‌السلام بالرامق اليقظان في قبال النائم، يقال: رمقه، إذا لحظه لحظا خفيفا.

١٣٢

فقلت: بل رامق يا أمير المؤمنين، ما زلت أرمقك منذ الليلة بعيني وأنظر ما تصنع. قال: يا نوف طوبى للزاهدين في الدنيا الراغبين في الآخرة، قوم يتخذون أرض الله بساطا، وترابه وسادا، وكتابه شعارا، ودعاءه دثارا(١) ، وماءه طيبا، يقرضون الدنيا قرضا على منهاج المسيحعليه‌السلام (٢) . إن الله تعالى أوحى إلى عيسىعليه‌السلام : يا عيسى عليك بالمنهاج الاول تلحق ملاحق المرسلين، قل لقومك يا أخا المنذرين: أن لا يدخلوا بيتا من بيوتي إلا بقلوب طاهرة، وأيد نقية، وأبصار خاشعة، فإني لا أسمع من داع دعاني(٣) ولاحد من عبادي عنده مظلمة، ولا استجيب له دعوة ولي قبله حق لم يرده إلي. فإن استطعت يا نوف أن لا تكون عريفا(٤) ، ولا شاعرا(٥) ، ولا صاحب كوبة، ولا صاحب عرطبة فافعل(٦) . فإن داودعليه‌السلام رسول رب العالمين خرج ليلة من الليالي فنظر

____________________________

(١) الوساد مثلثة المتكأ وكل ما يتوسد به من قماش وتراب وغير ذلك. وأصل الشعار ما يلى البدن من الثياب، أي يقرؤونه سرا للاعتبار بمواعظه والتفكر في دقائقه، والدثار ما يعلو البدن من الثياب، والمراد منه جهرهم به اظهارا للذلة والخشوع لله تعالى.

(٢) أي مزقوها كما يمزق الثوب المقراض على طريق المسيحعليه‌السلام في الزهادة. وفي النهج « اولئك قوم اتخذوا الارض بساطا، وترابها فراشا، وماءها طيبا، والقرآن شعارا، والدعاء دثارا، ثم قرضوا الدنيا قرضا على منهاج المسيح ».

(٣) في البحار: « دعاءه ».

(٤) العريف: القيم بأمور القبيلة أو الجماعة من الناس يلي أمورهم ويتعرف الامير منه أحوالهم.

(٥) كذا في جميع النسخ والبحار، وفي نهج البلاغة: « شرطيا » بضم فسكون نسبة إلى الشرطة واحد الشرط كرطب وهم أعوان الحاكم.

(٦) الكوبة: بفتح فسكون: الطبل، والعرطبة: الطنبور. وقد قيل أيضا: ان العرطبة الطبل، والكوبة الطنبور.

١٣٣

في نواحي السماء ثم قال: والله رب داود إن هذه الساعة لساعة ما يوافقها عبد مسلم يسأل الله فيها خيرا إلا أعطاه إياه، إلا أن يكون عريفا، أو شاعرا، أو صاحب كوبة، أو صاحب عرطبة(١) .

٢ - قال: أخبرني أبوالحسن عليّ بن بلال المهلبي قال: حدثنا عبدالله بن راشد الاصفهاني(٢) قال: حدثنا إبراهيم بن محمّد الثقفي قال: أخبرنا أحمد بن شمر(٣) قال: حدثنا عبدالله بن ميمون المكي مولى بني مخزوم، عن جعفر الصادق بن محمّد الباقر، عن أبيهعليهم‌السلام : إن أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام أتي بخبيص(٤) فأبى أن يأكله، فقالوا له: أتحرمه ؟ قال: لا، ولكني أخشى أن تتوق إليه نفسي فأطلبه(٥) ، ثم تلا هذه الآية: ﴿أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا وَاسْتَمْتَعْتُم بِهَا(٦) .

٣ - قال: أخبرني أبوالحسن عليّ بن محمّد الكاتب قال: حدثنا الحسن بن عليّ الزعفراني قال: حدثنا إبراهيم بن محمّد الثقفي قال: حدثني أبوعمرو

____________________________

(١) أورده الرضى ره في النهج قسم الحكم تحت رقم ١٠٤ باختصار.

(٢) كذا في النسخ، والظاهر كونه هنا وفيما يأتي عليّ بن عبدالله بن أسد أو كوشيد أو راشد الاصفهانى المتقدم ذكره الراوي عن الثقفى كثيرا وسقط « على بن » من النسخ.

(٣) كذا ولم نجد بهذا العنوان أحدا فيما عندنا من كتب الرجال والتراجم ويحتمل ضعيفا كونه تصحيف أحمد بن بشير المخزومى أبى بكر الكوفى. وأما عبدالله بن ميمون فهو عبدالله بن ميمون المكى القداح المخزومي. وقد يروى عن القداح أحمد بن شيبان ويحتمل قويا كون « شمر » تصحيف شيبان حيث انهم يكتبون عثمان « عثمن » وسفيان « سفين » وهكذا يكتبون شيبان « شيبن » فإذا كتبت النون بالخط الديواني الترسلى واتصلت النقطة بالكلمة تصير صورتها صورة « شمر » ومثل هذا كثير في المخطوطات.

(٤) الخبيص: طعام معمول من التمر والزبيب والسمن، والحلواء.

(٥) تاق إليه اي اشتاق.

(٦) الاحقاف: ٢٠. وتمام الاية ﴿فَالْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ ﴾.

١٣٤

حفص بن عمر الفرا(١) قال: حدثنا زيد بن الحسن الانماطي(٢) ، عن معروف ابن خربوذ قال: سمعت أبا عبيدالله(٣) مولى العباس يحدث أبا جعفر محمّد بن عليّعليهما‌السلام قال: سمعت أبا سعيد الخدري يقول: إن آخر خطبة خطبنا بها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لخطبة خطبنا في مرضه الّذي توفي فيه، خرج متوكئا على عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام وميمونة مولاته، فجلس على المنبر، ثم قال: يا أيها الناس إني تارك فيكم الثقلين وسكت، فقام رجل فقال: يا رسول الله ما هذان الثقلان ؟ فغضب حتّى احمر وجهه ثم سكن، وقال: ما ذكرتهما إلا وأنا أريد أن أخبركم بهما ولكن ربوت(٤) فلم أستطع، سبب طرفه بيد الله وطرف بأيديكم، تعملون فيه كذا وكذا(٥) ، ألا وهو القرآن والثقل الاصغر أهل بيتي، ثم قال: وايم الله إني لاقول لكم هذا ورجال في أصلاب أهل الشرك أرجى عندي من كثير منكم، ثم قال: والله لا يحبهم عبد إلا أعطاه الله نورا يوم القيامة حتّى يرد علي الحوض، ولا يبغضهم عبد إلا احتجب الله(٦) عنه يوم القيامة. فقال أبوجعفر

____________________________

(١) تقدم الكلام فيه ص ٤٧ واحتمال كونه حفص بن عمر أبا عمرو الضرير الازدي بعيد.

(٢) هو زيد بن الحسن ابو الحسين القرشى الكوفى الانماطى المترجم في تاريخ بغداد ج ٨ ص ٤٤٢.

(٣) في المطبوعة « أبا عبدالله ».

(٤) الربو: التهيج وتواتر النفس الّذي يعرض للمسرع في مشيه وحركته.

(٥) أخبرصلى‌الله‌عليه‌وآله عن الفتن التي أحدثت الامة بعده صلوات الله عليه من البدع والتحريفات في دينه وكتابه وتأويل الكلم من بعد مواضعه لاغراضهم الفاسدة التي جلها سياسية كما فعلت اليهود والنصارى في دينهم وكتبهم. وقد ورد عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله أنه قال: « لتركبن سنن من كان قبلكم حذو النعل بالنعل والقذة بالقذة ».

(٦) كذا في جل النسخ والمطبوعة والبحار وفي بعض النسخ « الا احتجبه الله عنه ».

١٣٥

عليه‌السلام : إن أبا عبيدالله يأتينا بما يعرف(١) .

٤ - قال: أخبرني أبوالقاسم جعفر بن محمّد رحمه الله عن محمّد بن عبدالله بن جعفر الحميري، عن أبيه، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن ابن أبي عمير، عن عمر بن يزيد، عن أبي عبداللهعليه‌السلام قال: مر سلمان رضي الله عنه على الحدادين بالكوفة، فرأى شابا صعق والناس قد اجتمعوا حوله، فقالوا له: يا أبا عبدالله هذا الشاب قد صرع، فلو قرأت في أذنه(٢) . قال: فدنا منه سلمان، فلما رآه الشاب أفاق، وقال: يا أبا عبدالله ليس بي ما يقول هؤلاء القوم، ولكني مررت بهؤلاء الحدادين وهم يضربون بالمرزبات(٣) ، فذكرت قوله تعالى: ﴿وَلَهُم مَّقَامِعُ مِنْ حَدِيدٍ(٤) فذهب عقلي خوفا من عقاب الله تعالى، فاتخذه سلمان أخا، ودخل قلبه حلاوة محبته في الله تعالى، فلم يزل معه حتّى مرض الشاب، فجاءه سلمان فجلس عند رأسه وهو يجود بنفسه، فقال: يا ملك الموت ارفق بأخي، فقال: يا أبا عبدالله إني بكل مؤمن رفيق.

٥ - قال: أخبرني أبوبكر محمّد بن عمر الجعابي قال: حدثنا أبوالعباس أحمد بن محمّد بن سعيد ابن عقدة أن أحمد بن يحيى بن زكريا حدثهم قال: حدثنا محمّد بن عليّ قال: حدثنا أبوبدر، عن عمرو بن يزيد بن مرة(٥) ، عن سويد بن غفلة، عن عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ما من عبد اهتم بمواقيت الصلاة ومواضع الشمس إلا ضمنت له الروح عند الموت، وانقطاع الهموم والاحزان، والنجاة من النار. كنا مرة رعاة الابل فصرنا اليوم رعاة الشمس.

____________________________

(١) في هامش البحار: « بما نعرف خ ل ».

(٢) في الكشى: « فلو جئت فقرأت في أذنه ».

(٣) المرزبات جمع المرزبة: المطرقة الكبيرة التي تكون للحداد.

(٤) الحج: ٢١.

(٥) السند هكذا والمظنون أن فيه تصحيفا من قبل النساخ وكأن الصواب « أحمد ابن يحيى بن زكريا، عن محمّد بن العلاء، عن أبى بدر، عن عمر بن محمّد بن زيد، عن ميسرة، عن سويد » وأبو بدر هو شجاع بن الوليد، وميسرة هو أبوصالح مولى كندة، وكلهم معنونون في التهذيب والتاريخ.

١٣٦

 ٦ - قال: أخبرني أبوالحسن عليّ بن أحمد بن إبراهيم الكاتب قال: حدثنا أبوعلي محمّد بن همام الاسكافي قال: حدثنا عبدالله بن جعفر الحميري قال: حدثني أحمد بن أبي عبدالله البرقي قال: حدثني القاسم بن يحيى، عن جده الحسن بن راشد، عن محمّد بن مسلم، عن أبي عبداللهعليه‌السلام قال: اعلموا أن الله تعالى يبغض من خلقه المتلون، فلا تزولوا عن الحق وأهله، فإن من استبد بالباطل وأهله هلك، وفاتته الدنيا وخرج منها [ صاغرا ](١) .

٧ - قال: حدثني أبوحفص عمر بن محمّد الصيرفي قال: حدثنا أبوالحسن أحمد بن الحسين الصوفي(٢) قال: حدثنا عبدالله بن مطيع قال: حدثنا خالد بن عبدالله، عن ابن أبي ليلى، عن عطية، عن كعب الاحبار قال: مكتوب في التوراة: من صنع معروفا إلى أحمق فهي خطيئة تكتب عليه.

وصلّى الله على محمّد وآله الطيبين الطاهرين وسلم تسليما.

____________________________

(١) اعلم أن معرفة الحق وتمييزه والملازمة له من أركان الايمان وأحمزها أيضا، وأن الحق له آية يعرف بها ولا ربط له بالكثرة والقلة والاقبال والادبار، فربما يكون الحق وأهله في الخمول بحيث لا يعبؤ به وبهم ولا يسلك سبيله، كما قال مولانا أمير المؤمنينعليه‌السلام : أيها الناس لا تستوحشوا في طريق الهدى لقلة أهله فان الناس قد اجتمعوا على مائدة شبعها قصير وجوعها طويل انتهى. ولفظة « صاغرا » غير موجودة في النسخ وصححناه من البحار.

(٢) هو أبوالحسن احمد بن الحسين الصوفى العطشى من كبار مشايخ البغداديين، روى عن عبدالله بن مطيع بن راشد البكري، وهو عن خالد بن عبدالله الواسطي المزني مولاهم، وهو عن عبد الرحمن بن أبى ليلى، عن عطية بن سعد بن جنادة العوفى.

١٣٧

المجلس السابع عشر

مجلس يوم السبت السابع عشر من شعبان سنة سبع وأربعمائة، مما سمعه أبوالفوارس وحده وسمعته وأبو محمّد عبد الرحمن أخي والحسين بن عليّ النيشابوري بقراءة سيدنا الشيخ الجليل المفيد أدام الله تأييده

حدثنا الشيخ الجليل المفيد أبوعبدالله محمّد بن محمّد بن النعمان أيد الله عزه

 ١ - قال: أخبرني أبوعبيدالله محمّد بن عمران المرزباني قال: أخبرني أبوعبدالله محمّد بن أحمد الحكيمي(١) قال: حدثنا محمّد بن إسحاق الصاغاني قال: أخبرني سليمان بن أيوب قال: حدثنا جعفر بن سليمان، عن ثابت، عن أنس قال: مرض رجل من الانصار فأتاه النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله يعوده، فوافقه وهو في الموت، فقال: كيف تجدك ؟ قال: أجدني أرجو رحمة ربي، وأتخوف من ذنوبي، فقال النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله : ما اجتمعتا في قلب عبد في مثل هذا الموطن إلا أعطاه الله رجاءه، وآمنه مما يخافه.

٢ - قال: أخبرني أبوالحسن عليّ بن محمّد بن حبيش الكاتب قال: حدثنا الحسن بن عليّ الزعفراني قال: حدثنا إبراهيم بن محمّد الثقفي قال: حدثنا المسعودي(٢) قال: حدثنا يحيى بن سالم العبدي قال: حدثنا ميسرة(٣) ، عن المنهال بن عمرو، عن زر بن حبيش قال: مر عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام على بغلة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وسلمان في ملأ، فقال سلمان رحمة الله عليه: ألا

____________________________

(١) عنونه الخطيب بعنوان محمّد بن أحمد بن ابراهيم بن قريش الكاتب. وقد تقدم، روى عن محمّد بن اسحاق الصاغانى الحافظ المعنون في التقريب، عن سليمان بن أيوب ابن سليمان البصري، عن جعفر بن سليمان الضبعى أبى سليمان البصري، عن ثابت البنانى.

(٢) هو كما في الغارات ج ١ ص ٢٠ يوسف بن كليب المسعودي ولم نعثر على عنوانه في الكتب الرجالية والتراجم، وكذا يحيى بن سالم العبدى.

(٣) هو ميسرة بن حبيب النهدي أبوخازم الكوفى.

١٣٨

تقومون تأخذون بحجزته تسألونه ؟ فو [ الله ] الّذي فلق الحبة وبرأ النسمة لا يخبركم بسر نبيكم أحد غيره، وإنه لعالم الارض وزرها(١) ، وإليه تسكن، ولو فقدتموه لفقدتم العلم، وأنكرتم الناس(٢) .

٣ - قال: أخبرني أبوالحسن عليّ بن بلال المهلبي قال: حدثنا عبدالله بن راشد الاصفهاني(٣) قال: حدثنا إبراهيم بن محمّد الثقفي قال: أخبرنا إسماعيل بن صبيح قال: حدثنا سالم بن أبي سالم المصري(٤) ، عن أبي هارون العبدي قال: كنت أرى رأي الخوارج لا رأي لي غيره حتّى جلست إلى أبي سعيد الخدري رحمه الله فسمعته يقول: أمر الناس بخمس، فعملوا بأربع وتركوا واحدة، فقال له رجل: يا أبا سعيد ما هذه الاربع التي عملوا بها ؟ قال: الصلاة، والزكاة والحج، وصوم شهر رمضان. قال: فما الواحدة التي تركوها ؟ قال: ولاية عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام ، قال الرجل: وإنها المفترضة معهن ؟ قال أبوسعيد: نعم ورب الكعبة، قال الرجل: فقد كفر الناس إذن ! قال أبوسعيد: فما ذنبي ؟.

٤ - قال: أخبرني أبونصر محمّد بن الحسين المقرى قال: حدثنا أبوعبدالله الحسين بن محمّد البزاز(٥) قال: حدثنا أبوعبدالله جعفر بن عبدالله العلوي

____________________________

(١) قال في النهاية: « وفي حديث أبى ذر، قال يصف عليا: وانه لعالم الارض وزرها الّذي تسكن إليه أي قوامها، وأصله من زر القلب [ بالكسر ] وهو عظم صغير يكون قوام القلب به. وأخرج الهروي هذا الحديث عن سلمان ».

(٢) يأتي شطر من هذا الحديث بسند آخر في آخر الكتاب.

(٣) كذا في بعض النسخ وفي بعضها « عبدالله بن أسد » وقلنا فيما تقدم لم نجد بهذا العنوان أحدا، ويمكن أن يكون فيه سقط والاصل عليّ بن عبدالله بن أسد أو كوشيد أو راشد الاصفهانى كما تقدم ذكره، وصحف جده كوشيد تارة بأسد وأخرى براشد أو بالعكس.

(٤) هو سالم بن أبي سالم الجيشاني المصري، يروى عنه اسماعيل بن صبيح اليشكرى الكوفى.

(٥) تقدم كونه الحسين بن محمّد البزاز المعروف بابن المطبقى العلوى.

١٣٩

المحمّدي قال: حدثنا يحيى بن هاشم الغساني، عن معمر بن سليمان، عن ليث بن أبي سليم، عن عطاء بن أبي رباح، عن ابن عباس قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : أيها الناس لزموا مودتنا أهل البيت، فإنه من لقي الله بودنا دخل الجنة بشفاعتنا، فوالّذي نفس محمّد بيده لا ينفع عبدا عمله إلا بمعرفتنا وولايتنا.

٥ - قال: أخبرني أبوالحسن أحمد بن محمّد بن الوليد رحمه الله، عن أبيه عن سعد بن عبدالله، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن محمّد بن سنان، عن إسحاق بن عمار قال: سمعت أبا عبداللهعليه‌السلام يقول وهو قائم عند قبر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : أسأل [ الله ] الّذي انتجبك واصطفاك وأصفاك وهداك وهدى بك أن يصلي عليك، ﴿إِنَّ اللَّـهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا(١) .

٦ - قال: أخبرني أبوالقاسم جعفر بن محمّد رحمه الله، عن أبيه، عن سعد بن عبدالله، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن موسى بن طلحة، عن أبي محمّد أخي يونس بن يعقوب، عن أخيه يونس قال: كنت بالمدينة، فاستقبلني جعفر ابن محمّدعليهما‌السلام في بعض أزقتها، فقال: اذهب يا يونس فإن بالباب رجلا منا أهل البيت، قال: فجئت إلى الباب فإذا عيسى بن عبدالله جالس، فقلت له: من أنت ؟ قال: [ أنا ] رجل من أهل قم. قال: فلم يكن بأسرع من أن أقبل أبوعبداللهعليه‌السلام على حمار، فدخل على الحمار الدار، ثم التفت إلينا فقال: ادخلا، ثم قال: يا يونس أحسب أنك أنكرت قولي لك « أن عيسى بن عبدالله منا أهل البيت » ؟ قال: قلت: إي والله جعلت فداك، لان عيسى بن عبدالله رجل من أهل قم، فكيف يكون منكم أهل البيت ؟ قال: يا يونس عيسى بن عبدالله رجل منا حيا، وهو منا ميتا(٢) .

____________________________

(١) الاحزاب: ٥٦.

(٢) في اختيار رجال الكشي « وهو منا حي وهو منا ميت ». ونقل عن حمدويه بن نصير، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطاب عن أحمد بن أبي نصر، عن يونس بن يعقوب قال: دخل عيسى بن عبدالله القمى على أبى عبداللهعليه‌السلام فأوصاه باشياء ثم ودعه وخرج عنه، فقالعليه‌السلام لخادمه: ادعه، فانصرف فخرج إليه فأوصاه بأشياء ثم ودعه وخرج عنه، فقال لخادمة: ادعه، فانصرف إليه فأوصاه بأشياء ثم قال: يا عيسى بن عبدالله ان الله عزّوجلّ يقول: ﴿وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ ﴾ وانك منا أهل أهل البيت، فإذا كانت الشمس من ههنا من العصر فصل ست ركعات، قال: ثم ودعه وقبل ما بين عينى عيسى فانصرف. نقول: هو عيسى بن عبدالله بن سعد بن مالك الاشعري نزيل قم، والمدفون بها ظاهرا.

١٤٠