الأمالي الشيخ المفيد

الأمالي الشيخ المفيد0%

الأمالي الشيخ المفيد مؤلف:
المحقق: علي أكبر الغفاري
الناشر: مؤسّسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرّسين بقم المشرّفة
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 357

الأمالي الشيخ المفيد

مؤلف: أبي عبد الله محمد بن محمد بن النعمان العكبرى البغدادى (الشيخ المفيد)
المحقق: علي أكبر الغفاري
الناشر: مؤسّسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرّسين بقم المشرّفة
تصنيف:

الصفحات: 357
المشاهدات: 47686
تحميل: 5975


توضيحات:

الأمالي الشيخ المفيد المقدمة
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 357 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 47686 / تحميل: 5975
الحجم الحجم الحجم
الأمالي الشيخ المفيد

الأمالي الشيخ المفيد

مؤلف:
الناشر: مؤسّسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرّسين بقم المشرّفة
العربية

جأر متبتل الرهبان(١) ، وخرجتم إلى الله تعالى من الاموال والاولاد(٢) التماس القربة إليه في ارتفاع درجة(٣) عنده، أو غفران سيئة أحصتها كتبته، وحفظتها ملائكته لكان قليلا فيما أرجو لكم من ثوابه، وأتخوف عليكم من عقابه. جعلنا الله وإياكم من التائبين العابدين(٤) .

٣ - قال: أخبرني أبوالحسن عليّ بن بلال المهلبي قال: حدثنا عليّ بن عبدالله بن أسد الاصفهاني، قال: حدثنا إبراهيم بن محمّد الثقفي قال: حدثنا عبد الرحمن بن أبي هاشم قال: حدثني يحيى بن الحسين البجلي، عن أبي هارون العبدي، عن زاذان، عن سلمان الفارسي رحمه الله قال: خرج رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يوم عرفة فقال: أيها الناس إن الله باهى بكم في هذا اليوم ليغفر لكم عامة، ويغفر لعلي خاصة، ثم قال: أدن مني يا علي، فدنا منه، فأخذ بيده، ثم قال: إن السعيد، كل السعيد، حق السعيد من أطاعك وتولاك من بعدي، وإن الشقي، كل الشقي، حق الشقي من عصاك ونصب لك عداوة من بعدي.

٤ - قال: أخبرني أبوالحسن عليّ بن بلال المهلبي قال: أخبرني عليّ بن عبدالله الاصفهاني قال: حدثني إبراهيم بن محمّد الثقفي قال: حدثني محمّد بن عليّ قال: حدثنا الحسين بن سفيان، عن أبيه، عن أبي جهضم الازدي(٥) ،

____________________________

(١) الحنين: الانين. الحمام: طائر معروف، وفي النهج: « دعوتم بهديل الحمام » والهديل صوت الحمام في بكائه لفقد الفه. والجأر و: الجؤار: الصوت المرتفع. والمتبتل: المنقطع للعبادة، أي تضرعتم واستغثتم إلى الله بارفع أصواتكم كما يفعله الرهبان المنقطعون للعبادة.

(٢) في نسخة: « بالاموال والاولاد ».

(٣) في بعض النسخ والبحار: « الدرجة » ولكن لا يناسبها « سيئة » بعدها.

(٤) لتمام الكلام راجع نهج البلاغة قسم الخطب الرقم: ٥٢.

(٥) تقدم ص ١٢١ ذكره.

١٦١

عن أبيه قال: لما أخرج عثمان أبا ذر الغفاري رحمه الله من المدينة إلى الشام كان يقوم في كل يوم، فيعظ الناس، ويأمرهم بالتمسك بطاعة الله، ويحذرهم من ارتكاب معاصيه، ويروي عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ما سمعه منه في فضائل أهل بيته عليه وعليهم‌السلام ، ويحضهم على التمسك بعترته. فكتب معاوية إلى عثمان: أما بعد فإن أبا ذر يصبح إذا أصبح، ويمسي إذا أمسى وجماعة من الناس كثيرة عنده فيقول كيت وكيت، فإن كان لك حاجة في الناس قبلي فأقدم أبا ذر إليك، فإني أخاف أن يفسد الناس عليك، والسلام(١) . فكتب إليه عثمان: أما بعد فأشخص إلي أبا ذر حين تنظر في كتابي هذا، والسلام. فبعث معاوية إلى أبي ذر فدعاه، وأقرأه كتاب عثمان، وقال له: النجا(٢) الساعة. فخرج أبوذر إلى راحلته، فشدها بكورها، وأنساعها(٣) ، فاجتمع إليه الناس فقالوا له: يا أبا ذر رحمك الله أين تريد ؟ قال: أخرجوني إليكم غضبا علي، وأخرجوني منكم إليهم الآن عبثا بي، ولا يزال هذا الامر

____________________________

(١) قال ابن بطال (كما في عمدة القارى للعينى ٤: ٢٩١): « انما كتب معاوية يشكو أبا ذر لانه كان كثير الاعتراض عليه والمنازعة له، وكان في جيشه ميل إلى أبي ذر فأقدمه عثمان خشية الفتنة لانه كان رجلا لا يخاف في الله لومة لائم ». هذا والحق أنه لما بنى معاوية الخضراء بدمشق، فقال له أبوذر: يا معاوية ان كانت هذه من مال الله فهى الخيانة، وان كانت من مالك فهو الاسراف. فكتب معاوية ذلك إلى عثمان، فكتب عثمان إليه: أما بعد، فاحمل إلى جندبا يعني أبا ذر على اغلظ مركب وأوعره، فوجه به مع من سار به الليل والنهار وحمله على شارف ليس عليها قتب، بحيث لما قدم المدينة ليس على فخذيه لحم.

(٢) النجا بالمد والقصر: مصدر، ومنصوب على الاغراء أي اسرع.

(٣) الكور بالضم: الرحل. والانساع جمع النسع بالكسر وهو سير ينسج عريضا على هيئة أعنة البغال، تشد به الرحال.

١٦٢

فيما أرى شأنهم فيما بيني وبينهم حتّى يستريح بر، أو يستراح من فاجر، ومضى. وسمع الناس بمخرجه فأتبعوه حتّى خرج من دمشق، فساروا معه حتّى انتهى إلى دير مران(١) ، فنزل، ونزل معه الناس، فاستقدم فصلى بهم، ثم قال: أيها الناس إني موصيكم بما ينفعكم، وتارك الخطب والتشقيق(٢) ، احمدوا الله عزّوجلّ، قالوا الحمد لله، قال: أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمّدا عبده ورسوله، فأجابوه بمثل ما قال، فقال: أشهد أن البعث حق، وأن الجنة حق، وأن النار حق، وأقر بما جاء من عند الله، فاشهدوا علي بذلك، قالوا: نحن على ذلك من الشاهدين. قال: ليبشر من مات منكم على هذه الخصال برحمة الله وكرامته ما لم يكن للمجرمين ظهيرا، ولا لاعمال الظلمة مصلحا، ولا لهم معينا. أيها الناس أجمعوا مع صلاتكم وصومكم غضبا لله عزّوجلّ إذا عصي في الارض، ولا ترضوا ائمتكم بسخط الله، وإن أحدثوا(٣) ما لا تعرفون فجانبوهم، وأزرؤا عليهم وإن عذبتم وحرمتم وسيرتم حتّى يرضى الله عزّوجلّ، فإن الله أعلا وأجل لا ينبغي أن يسخط برضى المخلوقين، غفر الله لي ولكم، أستودعكم الله، وأقرأ عليكم السلام ورحمة الله. فناداه الناس أن سلم الله عليك ورحمك يا أبا ذر، يا صاحب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ألا نردك إن كان هؤلاء القوم أخرجوك، ألا نمنعك(٤) ؟ فقال لهم: ارجعوا رحمكم الله فإني أصبر منكم على البلوى، وإياكم والفرقة

____________________________

(١) بضم أوله تثنية مر، بالقرب من دمشق، على تل مشرف على مزارع الزعفران (المراصد).

(٢) شقق الكلام: أخرجه أحسن مخرج.

(٣) في نسخة: « وإذا أحدثوا ».

(٤) في نسخة: « انا لا نردك أن كان هؤلاء القوم أخرجوك ولا نمنعك ».

١٦٣

والاختلاف. فمضى حتّى قدم على عثمان، فلما دخل عليه قال له: لا قرب الله بعمرو عينا(١) ، فقال أبوذر: والله ما سماني أبواي عمرا ولكن لا قرب الله من عصاه، وخالف أمره، وارتكب هواه. فقام إليه كعب الاحبار فقال له: ألا تتقي الله يا شيخ تجيب(٢) أمير المؤمنين بهذا الكلام ؟ ! فرفع أبوذر عصى كانت في يده فضرب بها رأس كعب، ثم قال له: يا ابن اليهوديين ما كلامك مع المسلمين ؟ فوالله ما خرجت اليهودية من قلبك بعد(٣) . فقال عثمان: والله لا جمعتني وإياك دار، قد خرفت، وذهب عقلك، أخرجوه من بين يدي حتّى تركبوه قتب ناقته بغير وطاء، ثم انخسوا(٤) به الناقة وتعتعوه حتّى توصلوه الربذة، فنزلوه بها من غير أنيس حتّى يقضي الله فيه ما هو قاض، فأخرجوه متعتعا ملهوزا بالعصي(٥) .

____________________________

(١) في شرح النهج عن الواقدي أن أبا ذر لما دخل على عثمان، قال له: « لا أنعم الله بك عينا يا جنيدب، فقال أبوذر: أنا جنيدب وسماني وسماني به رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إلى آخر ما قال ».

(٢) أي تستقبله بهذا الكلام ؟ وفي نسخة: « وتجيب ».

(٣) ما هذه الشنشنة في الخليفة انه يطرد أبا ذر ويردفه بصلحاء آخرين، ثم يستجلب حوله من يهواه من الامويين ومن انضوى إليه من رواد النهم من أبناء اليهود المعاندين للاسلام والمسلمين ؟ وكان من صالح الخليفة أن يدنى إليه أبا ذر فيستفيد بعلمه وخلقه ونسكه وأمانته وثقته وتقواه وزهده، لكنه لم يفعل، وماذا كان يجديه لو فعل ؟ نعوذ بالله من الخذلان والاستدراج.

(٤) في الاساس: « نخسوا بفلان: نخسوا دابته وطردوه »، وفي البحار: « ثم انجوا » وقال المجلسي (ره): « قوله: ثم انجوا، أي أسرعوا، وقال: تعتعه: أقلقه وأزعجه ».

(٥) لهزه بالمرح: طعنه في صدره، واللهز: الضرب بجميع اليد في الصدر. والعصى بالكسر العظام التي في الجناح، وفي نسخة: « موهونا بالعصا ». قال قاضى القضاة في مغنيه: « أن أبا ذر خرج إلى الربذة مختارا كما رواه بعض ». ونحن لا ننكر ذلك النقل لكن التمسك بهذا النقل الشاذ، وترك القول المستفيض الّذي جاء بخلافه مع العلم بأن نقل الشاذ النادر والاحتجاج به في مقابل المتواتر المستفيض فعل الجاهل الغبي ليس الا عمل من باع دينه بدنيا غيره. نستجير بالله ونعوذ به من الخذلان.

١٦٤

وتقدم أن لا يشيعه أحد من الناس، فبلغ ذلك أمير المؤمنين عليّ بن أبى طالبعليه‌السلام فبكى حتّى بل لحيته بدموعه، ثم قال: أهكذا يصنع بصاحب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ؟ ! إنا لله وإنا إليه راجعون، ثم نهض ومعه الحسن والحسينعليهما‌السلام ، وعبدالله بن العباس، والفضل، وقثم، وعبيدالله حتّى لحقوا أبا ذر، فشيعوه. فلما بصر بهم أبوذر رحمه الله حن إليهم، وبكى عليهم، وقال: بأبي وجوه إذا رأيتها ذكرت بها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وشملتني البركة برؤيتها. ثم رفع يديه إلى السماء وقال: اللهم إني أحبهم، ولو قطعت إربا إربا في محبتهم ما زلت عنها ابتغاء وجهك والدار الآخرة، فارجعوا رحمكم الله، والله أسأل أن يخلفني فيكم أحسن الخلافة. فودعه القوم ورجعوا وهم يبكون على فراقه.

٥ - قال: أخبرني أبوبكر محمّد بن عمر الجعابي قال: حدثنا أبوالقاسم الحسن بن عليّ بن الحسن قال: حدثنا جعفر بن محمّد بن مروان، عن أبيه قال: حدثنا محمّد بن إسماعيل الهاشمي قال: حدثنا عبد المؤمن، عن محمّد بن عليّ بن الحسينعليهم‌السلام ، عن جابر بن عبدالله الانصاري قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : أسرع الاشياء عقوبة رجل تحسن إليه ويكافيك على إحسانك بإساءة، ورجل عاهدته فمن شأنك الوفاء له ومن شأنه أن يكذبك، ورجل لا تبغي عليه وهو دائما يبغي عليك، ورجل تصل قرابته فيقطعك.

 ٦ - قال: حدثنا أبوعلي أحمد بن محمّد الصولي بمسجد براثا سنة اثنتين وخمسين وثلاثمائة قال: حدثنا عبد العزيز بن يحيى الجلودي قال: حدثني

١٦٥

محمّد بن زكريا الغلابي قال: حدثنا قيس بن حفص الدارمي قال: حدثنا الحسين الاشقر، عن عمر [ و ] بن عبد الغفار(١) ، عن إسحاق بن الفضل الهاشمي قال: كان من دعاء أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام : « اللهم إني أعوذ بك أن أعادي لك وليا، أو أوالي لك عدوا، أو أرضى لك سخطا أبدا. اللهم من صليت عليه فصلواتنا عليه، ومن لعنته فلعنتنا عليه. اللهم من كان في موته فرح لنا ولجميع المسلمين فأرحنا منه، وأبدل لنا به من هو خير لنا منه حتّى ترينا من علم الاجابة ما نتعرفه في أدياننا ومعايشنا يا أرحم الراحمين ».

وصلّى الله عليه سيدنا محمّد النبيّ وآله وسلم

المجلس الحادي والعشرون

مجلس يوم السبت النصف من شهر رمضان سنة سبع وأربعمائة، سمعه أبوالفوارس

 حدثنا الشيخ الجليل المفيد أبوعبدالله محمّد بن محمّد بن النعمان أدام الله تأييده

 ١ - قال: أخبرني أبوالحسن أحمد بن محمّد بن الحسن بن الوليد قال: حدثني أبي، عن محمّد بن الحسن الصفار، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسن ابن محبوب، عن أبي أيوب الخزاز، عن أبي حمزة الثمالي رحمه الله عن أبي جعفر الباقر محمّد بن عليّعليهما‌السلام قال: سمعته يقول: أربع من كن فيه كمل إسلامه، وأعين على إيمانه، ومحصت عنه ذنوبه، ولقي ربه وهو عنه راض ولو كان فيما بين قرنه إلى قدمه ذنوب حطها الله عنه، وهي: الوفاء بما

____________________________

(١) تقدم أن المراد بالاشقر الحسين بن الحسن الاشقر، وأما قيس بن حفص أبومحمّد الدارمي التميمي البصري مولاهم فمعنون في التقريب. وأما عمرو بن عبد الغفار فالظاهر كونه عمرو بن عبد الغفار بن عمرو الفقيمى الكوفى. وهو وشيخه اسحاق بن الفضل معنونان في الرجال.

١٦٦

يجعل لله على نفسه(١) ، وصدق اللسان مع الناس، والحياء مما يقبح عند الله وعند الناس(٢) ، وحسن الخلق من الاهل والناس. وأربع من كن فيه من المؤمنين أسكنه الله في أعلى عليين، في غرف فوق غرف، في محل الشرف كل الشرف: من آوى اليتيم ونظر له فكان له أبا [ رحيما ]، ومن رحم الضعيف وأعانه وكفاه، ومن أنفق على والديه ورفق بهما وبرهما ولم يحزنهما، ومن لم يخرق بمملوكه، وأعانه على ما يكلفه، ولم يستسعه(٣) فيما لا يطيق.

٢ - قال: أخبرني أبوعبيدالله محمّد بن عمران المرزباني قال: حدثنا محمّد بن أحمد الحكيمي قال: حدثنا محمّد بن إسحاق قال: أخبرنا يحيى بن معين قال: حدثنا عبد الرزاق قال: أخبرنا معمر(٤) ، عن ثابت، عن أنس بن مالك قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ما كان الفحش(٥) في شئ قط إلا شانه، ولا كان الحياء في شئ قط إلا زانه.

٣ - قال: أخبرني أبونصر محمّد بن الحسين المقري قال: حدثنا أبوعبدالله

____________________________

(١) يأتي الحديث بدون ذيله في المجلس الخامس والثلاثين وفيه: « من وفى لله بما جعل على نفسه للناس ».

(٢) يشعر بأن المؤمن التقى ينبغي أن يواظب ما هو معمول به أو منهى عنه في عرف الناس ما لم يخالف حكم الله تعالى فان من لم يراع ذلك سقط من أعين الناس ويخرج مهابته من قلوبهم.

(٣) استسعى العبد استسعاء: كلفه من العمل ما يؤدى به عن نفسه إذا اعتق بعضه ليعتق ما بقي منه.

(٤) هو معمر بن راشد الذى يروى عن ثابت البنانى، وروى عنه عبد الرزاق ابن همام الحافظ.

(٥) أراد بالفحش التعدي في القول والجواب، لا الفحش الّذي من قذع الكلام ورديئه، وقد يكون الفحش بمعنى الزيادة والكثرة (راجع النهاية).

١٦٧

الحسين بن عليّ الرازي قال: حدثنا جعفر بن محمّد الحنفي(١) قال: حدثني يحيى بن هاشم السمسار قال: حدثنا عمرو بن شمر قال: حدثنا حماد، عن أبي الزبير(٢) ، عن جابر بن عبدالله بن حرام الانصاري قال: أتيت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فقلت: يا رسول الله من وصيك ؟ قال: فأمسك عني عشرا لا يجيبني، ثم قال: يا جابر ألا أخبرك عما سألتني ؟ فقلت: بأبي وأمي أنت، أم والله لقد سكت عني حتّى ظننت أنك وجدت علي(٣) . فقال: ما وجدت عليك يا جابر، ولكن كنت أنتظر ما يأتيني من السماء، فأتاني جبرئيلعليه‌السلام فقال: يا محمّد إن ربك [ يقرئك السلام و ] يقول لك: إن عليّ بن أبي طالب وصيك وخليفتك على أهلك وأمتك، والذائد عن حوضك، وهو صاحب لوائك، يقدمك إلى الجنة(٤) . فقلت: يا نبي الله أرأيت من لا يؤمن بهذا أقتتله ؟ قال: نعم يا جابر، ما وضع هذا الموضع إلا ليتابع عليه(٥) ، فمن تابعه كان معي غدا، ومن خالفه

____________________________

(١) كذا، وهو جعفر بن عبدالله بن جعفر بن عبدالله بن جعفر بن محمّد (ابن الحنفية) ابن على بن أبى طالب وقد يقال له جعفر بن عبدالله المحمّدى أو جعفر بن عبدالله رأس المدرى، والنسبة إلى جده الاعلى أو « محمّد » تصحيف « عبدالله ». وراويه أبوعبدالله الحسين بن عليّ الرازي يمكن أن يكون هو أبا عبدالله الاسدي الّذي تقدم في غير مورد روايته عن جعفر بن عبدالله العلوي لكن تقدم أنه الحسين بن محمّد أبوعبدالله. ويمكن أن يكون هو الحسين بن عليّ الدينارى أبوعبدالله المعنون في الجرح والتعديل.

(٢) هو محمّد بن مسلم بن تدرس بضم الراء الاسدي مولاهم أبوالزبير المكى، روى عن جابر بن عبدالله الانصاري، وروى عنه فضيل بن عثمان ومعاوية بن عمار، قال ابن حجر: صدوق الا انه يدلس، مات سنة ١٢٦.

(٣) أي غضبت على.

(٤) قدم فلان القوم: سبقهم وفي البحار: « يتقدمك ».

(٥) في البحار: « ليبايع عليه ».

١٦٨

لم يرد علي الحوض أبدا.

٤ - قال: أخبرني أبوبكر محمّد بن عمر الجعابي قال: حدثنا أبوالعباس أحمد بن محمّد بن سعيد الهمداني قال: حدثنا عمر بن أسلم قال: حدثنا سعيد بن يوسف البصري، عن خالد بن عبد الرحمن المدايني(١) ، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن أبي ذر الغفاري رضي الله عنه قال: رأيت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وقد ضرب كتف عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام بيده وقال: يا علي من أحبنا فهو العربي، ومن أبغضنا فهو العلج(٢) ، شيعتنا أهل البيوتات والمعادن والشرف(٣) ومن كان مولده صحيحا، وما على ملة إبراهيمعليه‌السلام إلا نحن وشيعتنا، وساير الناس منها برآء، وإن لله ملائكة يهدمون سيئات شيعتنا كما يهدم القدوم البنيان(٤) .

٥ - قال: أخبرنا أبوالحسن عليّ بن محمّد الكاتب قال: أخبرنا الحسن بن عليّ الزعفراني، عن إبراهيم بن محمّد الثقفي قال: حدثنا محمّد بن عليّ قال: حدثنا الحسين بن سفيان، عن أبيه قال: حدثنا لوط بن يحيى قال: حدثني عبد الرحمن بن جندب، عن أبيه قال: لما بويع عثمان سمعت المقداد بن الاسود الكندي رحمه الله يقول لعبد الرحمن بن عوف: والله يا عبد الرحمن ما رأيت مثل ما أتي إلى أهل(٥) هذا البيت بعد نبيهمصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقال له عبد الرحمن:

____________________________

(١) كذا، والظاهر كونه اما خالد بن أبى كريمة أبا عبد الرحمن المدائني وهو اصفهاني الاصل له ترجمة ضافية في تاريخ بغداد وتاريخ أبى نعيم وتهذيب ابن حجر، واما خالد بن عبد الرحمن الخراساني المعنون فيها، ولم نجد راويه، وكذا عمر بن أسلم.

(٢) العلج بالكسر فالسكون: الرجل الضخم من كفار العجم، وبعضهم يطلقه على الكافر مطلقا.

(٣) المراد بأهل البيوتات والمعادن القبائل الشريفة والانساب الصحيحة (البحار).

(٤) القدوم بفتح القاف: آلة ينحت بها الخشب. وفي البحار: « كما يهدم القوم البنيان ».

(٥) كذا، وفي اللغة أتى فلان مجهولا وهى وتغير وأشرف عليه العدو، والقياس « اتى على فلان » واتى فلان من مأمنه أي جاءه الهلاك من جهة أمنه.

١٦٩

وما أنت وذاك يا مقداد ؟ ! قال: إني والله أحبهم لحب رسول الله لهم ويعتريني والله وجد لا أبثه بثة، لتشرف قريش على الناس بشرفهم(١) واجتماعهم على نزع سلطان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله من أيديهم. فقال له عبد الرحمن: ويحك والله لقد اجتهدت نفسي لكم، فقال له المقداد: أما والله لقد تركت رجلا من الّذين يأمرون بالحق وبه يعدلون، أما والله لو أن لي على قريش أعوانا لقاتلتهم قتالي إياهم يوم بدر واحد. فقال له عبد الرحمن: ثكلتك أمك يا مقداد لا يسمعن هذا الكلام منك الناس، أما والله إني لخائف أن تكون صاحب فرقة وفتنة. قال جندب: فأتيته بعد ما انصرف من مقامه، وقلت له: يا مقداد أنا من أعوانك، فقال: رحمك الله إن الّذي نريد لا يغني(٢) فيه الرجلان والثلاثة. فخرجت من عنده، فدخلت على عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام فذكرت له ما قال وما قلت. قال: فدعا لنا بالخير.

٦ - قال: أخبرني أبوعبيدالله محمّد بن عمران المرزباني قال: أخبرني أبوعبدالله محمّد بن أحمد الحكيمي قال: حدثنا إسماعيل بن إسحاق القاضي(٣) قال:

____________________________

(١) أي أصابني والله حزن شديد لا أقدر على اظهاره وذلك لان تشرف قريش على الناس كان من أجل شرفهم ومع ذلك اجتمعوا على نزع الخلافة عنهم.

(٢) في بعض النسخ « لا يكفى ».

(٣) الظاهر كونه اسماعيل بن اسحاق الازدي الّذي ولى قضاء الجانب الشرقي ببغداد سنة ست وأربعين ومأتين. يروى عن سعيد بن يحيى بن سعيد الاموى، عن عمه محمّد بن سعيد. وسقط عن بعض النسخ « سعيد بن يحيى عن »، وفي أمالي الطوسى « سعيد بن يحيى قال: حدثنا يحيى بن سعيد » وهو أبوه.

١٧٠

حدثنا سعيد بن يحيى، عن محمّد بن سعيد قال: حدثنا عبد الملك بن عمير اللخمي(١) قال: قدم جارية بن قدامة السعدي على معاوية ومع معاوية على السرير الاحنف بن قيس والحباب المجاشعي، فقال له معاوية: من أنت ؟ فقال: أنا جارية بن قدامة، قال: وكان نبيلا فقال له معاوية: ما عسيت أن تكون(٢) ، هل أنت إلا نحلة ؟ فقال: لا تفعل يا معاوية، قد شبهتني بالنحلة وهي والله حامية اللسعة، حلوة البصاق(٣) ، ووالله ما معاوية إلا كلبة تعاوى الكلاب، وما أمية إلا تصغير أمة. فقال معاوية: لا تفعل، قال: إنك فعلت ففعلت. قال له: فادن اجلس معي على السرير، فقال: لا أفعل، قال: ولم ؟ قال: لاني رأيت هذين قد أما طاك عن مجلسك فلم أكن لاشاركهما. قال: له معاوية: أدن اسارك، فدنا منه، فقال له: يا جارية إني اشتريت من هذين [ الرجلين ] دينهما. قال: ومني فاشتر يا معاوية، قال له: لا تجهر.

٧ - قال: أخبرني أبوعبيدالله محمّد بن عمران المرزباني قال: حدثنا محمّد بن أحمد الحكيمي قال: حدثنا محمّد بن إسحاق(٤) قال: أخبرنا داود بن

____________________________

(١) هو عبد الملك بن عمير بن سويد اللخمى الفقيه الكوفى المتوفى سنة ١٣٦ وله يومئذ مائة وثلاث سنين.

(٢) كذا في امالي الطوسى والبحار، وفي النسخ: « وكان قليلا ما عسيت أن تكون ».

(٣) النحلة: واحدة النحل بالفتح وهو ذباب العسل، يقع على الذكر والانثى. والحامية من قولهم حمى النار حموا كعتو: إذا اشتد حرها، فالنحلة شديد حر لسعتها، حلوة لعابها وهو العسل (هامش البحار). نقول: تشبيهه اياه بالنحلة كأنه لضعف بدنه، ثم ان الكلمة في نسخة البحار كانت « النخلة » وجرى في بيانه على قلم الشارح ما جرى.

(٤) الظاهر كونه محمّد بن اسحاق أبا بكر الصاغانى المتقدم ذكره.

١٧١

المحبر قال: حدثنا عنبسة بن عبد الرحمن القرشي(١) قال: حدثنا خالد بن يزيد اليماني، عن أنس بن مالك قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : كفارة الاغتياب أن تستغفر لمن اغتبته.

وصلّى الله على سيدنا محمّد النبيّ وآله وسلم

المجلس الثاني والعشرون

مجلس يوم السبت الثاني والعشرين من شهر رمضان سنة سبع وأربعمائة، سمعه أبوالفوارس

حدثنا الشيخ الجليل المفيد أبوعبدالله محمّد بن محمّد بن النعمان أدام الله تأييده

 ١ - قال: حدثنا أبوبكر محمّد بن عمر بن سالم بن البراء المعروف بابن الجعابي رحمه الله قال: حدثنا أبوالعباس أحمد بن محمّد بن سعيد الهمداني المعروف بابن عقدة قال: حدثنا يحيى بن زكريا بن شيبان قال: حدثنا محمّد بن مروان الذهلي، عن عمرو بن سيف الازدي قال: قال لي أبوعبدالله جعفر بن محمّدعليهما‌السلام : لا تدع طلب الرزق من حله فإنه عون لك على دينك(٢) ، واعقل

____________________________

(١) كذا وقال في فيض القدير: أخرجه ابن أبى الدنيا في كتاب الصمت عن أبى عبيدة بن عبد الوارث بن عبد الصمد، عن أبيه، عن عتبة بن عبد الرحمن القرشى، عن خالد بن يزيد اليماني، عن أنس بن مالك، وحكم ابن الجوزى بوضعه وقال: عتبة متروك وتعقبه المؤلف بأن البيهقى أخرجه في الشعب، عن عتبة هـ. نقول: مراد ابن الجوزى تضعيف السند لا الخبر. وأما « عنبسة » فهو ابن عبد الرحمن بن عيينة بن سعيد بن العاص بن سعيد بن العاص بن أمية، وقال ابن حجر: « وقال بعضهم: عنبسة بن أبي عبد الرحمن الاموى » فالصواب « عنبسة » لا « عتبة »، وعتبة بن عبد الرحمن لم نعثر على عنوانه.

(٢) في أمالي ابن الشيخ: « فانه أعون لك على دينك ».

١٧٢

راحلتك وتوكل.

٢ - قال: حدثنا أبوبكر محمّد بن عمر الجعابي قال: حدثنا أبوالعباس أحمد بن محمّد قال: حدثنا محمّد بن عبدالله بن غالب قال: حدثنا الحسين بن عليّ بن رباح(١) ، عن سيف بن عميرة قال: حدثنا محمّد بن مروان قال: حدثنا عبدالله ابن أبي يعفور، عن أبي عبدالله جعفر بن محمّدعليهما‌السلام قال: ثلاثة لا يقبل الله لهم صلاة: عبد آبق من مواليه حتّى يرجع إليهم فيضع يده في أيديهم، ورجل أم قوما وهم له كارهون، وامرأة تبيت وزوجا عليها ساخط.

 ٣ - قال: أخبرني أبوالحسن أحمد بن محمّد بن الحسن بن الوليد قال: حدثني أبي، عن سعد بن عبدالله، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن بكر بن صالح، عن الحسن بن علي، عن عبدالله بن إبراهيم(٢) قال: حدثني الحسين بن زيد، عن جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن جدهعليهم‌السلام قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : لما أسري بي إلى السماء [ و ] انتهيت إلى سدرة المنتهى(٣) نوديت: يا محمّد استوص بعلي خيرا، فإنه سيد المسلمين(٤) ، وإمام المتقين، وقائد الغر المحجلين يوم القيامة.

____________________________

 (١) الظاهر كونه « الحسن بن عليّ بن بقاح » وصحف في النسخ، والعلم عند الله.

 (٢) الحسن بن على هو ابن فضال التيملى مولى تيم الله بن ثعلبة جليل القدر عظيم المنزلة وكان فطحيا استبصر في آخر عمره. وعبدالله بن ابراهيم هو ابن أبي عمرو الغفاري حليف الانصار فتارة يقال له الانصاري واخرى الغفاري، له كتاب روى عنه الحسن بن عليّ بن فضال.

(٣) في النهاية « في حديث الاسراء: ثم رفعت إلى سدرة المنتهى » السدر: شجر النبق وسدرة المنتهى: شجرة في أقصى الجنة إليها ينتهى علم الاولين والاخرين ولا يتعداها.

(٤) في المطبوعة: « سيد الوصيين » وفي بعض النسخ: « سند المسلمين ».

١٧٣

 ٤ - قال: أخبرني أبوالحسن عليّ بن محمّد الكاتب قال: أخبرنا الحسن بن عليّ الزعفراني قال: أخبرنا إبراهيم بن محمّد الثقفي قال: حدثني عثمان بن أبي شيبة(١) ، عن عمرو بن ميمون، عن جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن جدهعليهم‌السلام قال: قال أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام على منبر الكوفة: أيها الناس إنه كان لي من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله عشر خصال، هن أحب إلي مما طلعت عليه الشمس: قال لي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : يا علي أنت أخي في الدنيا والآخرة، وأنت أقرب الخلائق إلي يوم القيامة في الموقف بين يدي الجبار، ومنزلك في الجنة مواجه منزلي كما يتواجه منازل الاخوان في الله عزّوجلّ، وأنت الوارث مني، وأنت الوصي من بعدي في عداتي وأمري، وأنت الحافظ لي في أهلي عند غيبتي، وأنت الامام لامتي، والقائم بالقسط في رعيتي، وأنت وليي، ووليي ولي الله، وعدوك عدوي، وعدوي عدو الله.

٥ - قال: أخبرني أبوبكر محمّد بن عمر الجعابي قال: حدثنا أبوالعباس أحمد بن محمّد بن سعيد الهمداني قال: حدثنا أحمد بن عبد الحميد بن خالد(٢) قال: حدثنا محمّد بن عمرو بن عتبة، عن الحسين الاشقر، عن محمّد بن أبي عمارة الكوفي

____________________________

(١) هو عثمان بن محمّد بن ابراهيم بن عثمان العبسى أبوالحسن بن أبى شيبة الكوفى، قال ابن حجر: « ثقة حافظ شهير، وله أوهام، وقيل: كان لا يحفظ القرآن، مات سنة ٢٣٩ وله ثلاث وثمانون سنة ». نقول: روى ابن أبى الحديد في شرحه عن الثقفي، عنه، الا أن في مشيخة صاحب الغارات وأسناده أيضا: عبدالله بن محمّد بن أبى شيبة العبسى.

(٢) لم نجد بهذا العنوان أحدا فيما عندنا من الرجال، واما شيخه ففي بعض النسخ « محمّد بن عمر بن عتبة ». وفي أمالى الطوسى في غير موضع « محمّد بن عمرو بن عتبة » وهو معنون في الجرح والتعديل وقال: يكنى أبا جعفر مجهول الحال.

١٧٤

قال: سمعت جعفر بن محمّدعليهما‌السلام يقول: من دمعت عينه فينا(١) دمعة لدم سفك لنا(٢) ، أو حق لنا نقصناه، أو عرض انتهك لنا أو لاحد من شيعتنا بوأه الله تعالى بها في الجنة حقبا.

٦ - قال: حدثنا أبوالحسن عليّ بن بلال المهلبي قال: حدثنا عليّ بن عبدالله بن أسد الاصفهاني قال: حدثنا إبراهيم بن محمّد الثقفي قال: حدثني محمّد بن عبدالله بن عثمان قال: حدثني عليّ بن أبي سيف(٣) ، عن أبي حباب(٤) ، عن ربيعة(٥) وعمارة وغيرهما: أن طائفة من أصحاب أميرالمؤمنين عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام مشوا إليه عند تفرق الناس عنه وفرار كثير منهم إلى معاوية طلبا لما في يديه من الدنيا، فقالوا له: يا أميرالمؤمنين أعط هذه الاموال، وفضل هؤلاء الاشراف من العرب وقريش على الموالي(٦) والعجم، ومن

____________________________

(١) في نسخة:« عيناه فينا ».

(٢) في المطبوعة: « سفك منا ».

(٣) هو أبوالحسن المدائني المؤرخ المعروف.

(٤) في بعض النسخ وأمالى ابن الشيخ وفي المستدرك نقلا عن مجالس المفيد: « على بن أبى حباب » لكن في الغارات: « أبى حباب ». ولم نجد « عليّ بن أبى حباب » وأما أبوحباب فالظاهر كونه سعيد بن يسار ففى التقريب: أبوالحباب بضم أوله وموحدتين الاولى خفيفة سعيد بن يسار المدنى المتوفى سنة ١١٧. والّذي يخطر بالبال تصحيف النسخ والصواب ظاهرا هو أبوجناب يحيى بن أبي حية الكلبى الّذي روى عن ربيعة غير مرة كما في كتاب نصر ابن مزاحم وشرح ابن أبي الحديد على النهج، وهو معنون في التقريب والتهذيب.

(٥) الظاهر كونه ربيعة الجرمى أو ابن ناجذ الكوفى الاسدي وأما عمارة فهو اما عمارة بن ربيعة الجرمى أو عمارة بن عمير والعلم عند الله.

(٦) قال العلامة المجلسي (ره) في المرآة: « قال المطرزى في المغرب: أن الموالى بمعنى العتقاء، لما كانت غير غرب في الاكثر غلبت على العجم حتّى قالوا: الموالى أكفاء بعضها لبعض، والعرب أكفاء بعضها لبعض، وقال عبد الملك في الحسن البصري: أمولى هو أم عربي ؟ فاستعملوها استعمال الاسمين المتقابلين ». راجع تعليقة ٥٥ لكتاب الغارات.

١٧٥

تخاف(١) خلافه عليك من الناس وفراره إلى معاوية. فقال لهم أمير المؤمنينعليه‌السلام : أتأمروني أن أطلب النصر بالجور ؟ لا والله لا أفعل(٢) ما طلعت شمس، و [ ما ] لاح في السماء نجم. [ والله ] لو كانت أموالهم(٣) لي لواسيت بينهم، فكيف وإنما هي أموالهم ؟ ! قال: ثم أرم(٤) أمير المؤمنينعليه‌السلام طويلا ساكتا، ثم قال: من كان له مال فإياه والفساد، فإن إعطاء المال في غير حقه تبذير وإسراف، وهو وإن كان ذكرا لصاحبه في الدنيا فهو يضيعه عند الله عزّوجلّ، ولم يضع رجل ماله في غير حقه وعند غير أهله إلا حرمه الله شكرهم و [ إن ] كان لغيره ودهم، فإن بقي معه من يوده ويظهر له الشكر فإنما هو ملق وكذب، يريد التقرب به إليه لينال منه مثل الّذي كان يأتي إليه من قبل، فإن زلت بصاحبه النعل(٥) واحتاج إلى معونته أو مكافأته فشر خليل وألام خدين(٦) . ومن صنع المعروف فيما آتاه [ الله ] فليصل به القرابة، وليحسن فيه الضيافة، وليفك به العاني(٧) ، وليعن به الغارم وابن السبيل والفقراء والمجاهدين

____________________________

(١) في النسخ: « من يخاف خلافه عليك » وعلى هذا يكون قراءته على صيغة المجهول.

(٢) في البحار: « لا أضل ».

(٣) في المخطوط « كان ما لهم ».

(٤) كذا في النسخ: « ارم » بالراء المهملة والميم المشددة أي سكت وأمسك عن الكلام، ويروى « ازم » بالتخفيف وهو بمعناه.

(٥) يقال: « زلت به نعله » مثل يضرب لمن نكب وزالت نعمته.

(٦) الخدين: الصديق.

(٧) أي ليطلق الاسير والعانى الاسير، من عنا يعنو عنوة أي أخذ قهرا.

١٧٦

في سبيل الله، وليصبر نفسه علي النوائب والخطوب، فإن الفوز بهذه الخصال أشرف مكارم الدنيا ودرك فضائل الآخرة(١) .

٧ - قال: أخبرنا أبوبكر محمّد بن عمر الجعابي قال: حدثنا أبوالعباس أحمد بن محمّد بن سعيد قال: حدثنا عليّ بن الحسن قال: حدثنا العباس بن عامر، عن أحمد بن رزق، عن إسحاق بن عمار قال: قال لي أبوعبداللهعليه‌السلام : يا إسحاق كيف تصنع بزكاة مالك إذا حضرت ؟ قلت: يأتوني إلى المنزل فأعطيهم، فقال لي: ما اراك يا إسحاق إلا [ و ] قد أذللت المؤمن(٢) ، فإياك إياك، إن الله تعالى يقول: من اذل لي وليا فقد أرصد لي بالمحاربة.

٨ - قال: أخبرني أبوالقاسم جعفر بن محمّد بن قولويه رحمه الله قال: حدثني أبي، عن سعد بن عبدالله، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن حنان بن سدير، عن أبيه قال: كنت عند أبي عبداللهعليه‌السلام فذكر عنده المؤمن وما يجب من حقه، فالتفت إلي أبوعبداللهعليه‌السلام فقال: يا أبا الفضل ألا أحدثك بحال المؤمن عند الله ؟ قلت: بلى فحدثني جعلت فداك. فقال: إذا قبض الله روح المؤمن صعد ملكاه إلى السماء فقالا: يا رب عبدك ونعم العبد، فيقول الجليل الجبار: اهبطا إلى الدنيا فكونا عند قبر

____________________________

(١) رواه الثقفى في الغارات ج ١ ص ٧٧، والطوسي في أماليه الجزء السابع، وأورده الشريف الرضى في النهج قسم الخطب تحت رقم ١٢٤ مع اختلاف يسير، ونقله العلامة المجلسي في البحار ج ٨ باب النوادر. وقال ابن أبى الحديد: « اعلم ان هذه مسألة فقهية ورأى عليعليه‌السلام وأبى بكر فيها واحد وهو التسوية بين المسلمين في قسمة الفئ والصدقات، والى هذا ذهب الشافعي رحمه الله وأما عمر فانه لما ولي الخلافة فضل بعض الناس على بعض ففضل السابقين على غيرهم، وفضل المهاجرين من قريش على غيرهم من المهاجرين، وفضل المهاجرين كافة على الانصار كافة، وفضل العرب على العجم، وفضل الصريح على المولى إلى آخر ما قال ».

(٢) في أمالى الطوسى: « الا قد ذللت المؤمنين ».

١٧٧

عبدي، ومجداني وسبحاني وهللاني وكبراني، واكتبا ذلك لعبدي حتّى أبعثه من قبره. ثم قال لي: ألا أزيدك ؟ قلت: بلى زدني، قال: إذا بعث الله المؤمن من قبره خرج معه مثال يقدمه(١) ، فكلما رأى المؤمن هولا من أهوال القيامة قال له المثال: لا تجزع ولا تحزن وأبشر بالسرور والكرامة من الله عزّوجلّ، قال: فما يزال يبشره بالسرور والكرامة من الله عزّوجلّ حتّى يقف بين يدي الله سبحانه فيحاسبه حسابا يسيرا، ويأمر به إلى الجنة والمثال أمامه، فيقول له المؤمن: رحمك الله نعم الخارج خرجت معي من قبري، ما زلت تبشرني بالسرور والكرامة من الله عزّوجلّ حتّى كان ذلك، فمن أنت ؟ فيقول له المثال: أنا السرور الّذي أدخلته(٢) على أخيك المؤمن في الدنيا، خلقني الله منه(٣) لابشرك.

____________________________

(١) يقدم وزان يكرم أي يقويه ويشجعه، من الاقدام في الحرب وهو الشجاعة وعدم الخوف. ويجوز أن يقرأ على وزن ينصر، وماضيه قدم كنصر أي يتقدمه، كما قال الله تعالى: ﴿يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ﴾ ولفظ أمامه حينئذ تأكيد (البحار نقلا عن الشيخ البهائي قدس سره).

(٢) كذا والظاهر فيه سقط والصواب: « كنت أدخلته » كما في الكافي وثواب الاعمال. قال في البحار نقلا عن البهائي (ره): « أنا السرور الذى كنت أدخلته » فيه دلالة على تجسم الاعمال في النشأة الاخروية، وقد ورد في بعض الاخبار تجسم الاعتقادات أيضا. فالاعمال الصالحة والاعتقادات الصحيحة تظهر صورا نورانية مستحسنة موجبة لصاحبها كمال السرور والابتهاج، والاعمال السيئة والاعتقادات الباطلة تظهر صورا ظلمانية مستقبحة توجب له غاية الحزن والتألم كما قاله جماعة من المفسرين عند قوله تعالى: ﴿يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُّحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِن سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا ﴾ ويرشد إليه قوله تعالى: ﴿يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتًا لِّيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ ﴾. ومن جعل التقدير « ليروا جزاء أعمالهم » ولم يرجع ضمير ﴿يَرَهُ ﴾ إلى العمل فقد أبعد.

(٣) لفظ « منه » ليس في بعض النسخ، وهى اما سببية أو للابتداء.

١٧٨

 ٩ - قال: أخبرني أبوالقاسم جعفر بن محمّد رحمه الله عن أبيه، عن سعد ابن عبدالله، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن محمّد بن أبي عمير، عن محمّد الجعفي، عن أبيه قال: كنت كثيرا ما أشتكي عيني ؟ فشكوت ذلك إلى أبي عبداللهعليه‌السلام فقال: الا أعلمك دعاء لدنياك وآخرتك، وتكفي به وجع عينك ؟ قلت: بلى، قال: تقول في دبر الفجر ودبر المغرب: « اللهم إني أسالك بحق محمّد وآل محمّد عليك، أن تصلي على محمّد وآل محمّد، وأن تجعل النور في بصري، والبصيرة في ديني، واليقين في قلبي، والاخلاص في عملي، والسلامة في نفسي، والسعة في رزقي، والشكر لك أبدا ما أبقيتني ».

وصلّى الله على سيدنا محمّد النبيّ الامي وآله وسلم تسليما

المجلس الثالث والعشرون

حدثنا الشيخ الجليل المفيد أبوعبدالله محمّد بن محمّد بن النعمان الحارثي أدام الله حراسته(١)

 ١ - قال: حدثني أحمد بن محمّد، عن أبيه محمّد بن الحسن بن الوليد القمي عن محمّد بن الحسن الصفار، عن العباس بن معروف، عن عليّ بن مهزيار، عن الحسين بن سعيد الاهوازي، عن النضر بن سويد، وابن أبي نجران جميعا، عن عاصم(٢) ، عن أبي بصير، عن أبي جعفر محمّد بن عليّ الباقر صلوات الله عليهما إنه قال: إن أبا ذر - رحمه الله - كان يقول: يا مبتغي العلم كأن شيئا من الدنيا لم يكن شيئا إلا عملا ينفع خيره، ويضر شره إلا من رحم الله. يا مبتغي العلم لا يشغلك أهل ولا مال عن نفسك، أنت يوم تفارقهم

____________________________

(١) كذا في جميع النسخ بدون ذكر زمان المجلس ومكانه.

(٢) هو عاصم بن حميد الحناط الكوفي.

١٧٩

كضيف بت فيهم ثم غدوت من عندهم إلى غيرهم، والدنيا والآخرة كمنزل نزلته ثم عدلت عنه إلى غيره، وما بين الموت والبعث إلا كنومة نمتها ثم استيقظت منها. يا مبتغي العلم قدم لمقامك بين يدي الله فإنك مرتهن بعملك، وكما تدين تدان. يا مبتغي العلم صل قبل أن لا تقدر على ليل ولا نهار تصلي فيه، إنما مثل الصلاة لصاحبها بإذن كمثل رجل دخل على سلطان فأنصت له حتّى فرغ من حاجته، كذلك المرء المسلم ما دام في صلاته لم يزل الله ينظر إليه حتّى يفرغ من صلاته. يا مبتغي العلم تصدق قبل ألا تقدر أن تعطي شيئا ولا تمنع منه، إنما مثل الصدقة لصاحبها كمثل رجل طلبه القوم بدم فقال: لا تقتلوني واضربوا لي أجلا لا سعى في مرضاتكم، كذلك المرء المسلم بإذن الله، كلما تصدق بصدقة حل عقدة من رقبته(١) حتّى يتوفى الله أقواما وقد رضي عنهم، ومن رضي الله عنه فقد عتق من النار. يا مبتغي العلم إن قلبا ليس فيه من الحق شئ كالبيت الخراب الّذي لا عامر له. يا مبتغي العلم إن هذا اللسان مفتاح خير ومفتاح شر فاختم على فمك(٢) كما تختم على ذهبك وورقك. يا مبتغي العلم إن هذه الامثال ضربها الله للناس، وما يعقلها إلا العالمون.

٢ - وبالاسناد الاول عن عليّ بن مهزيار، عن ابن أبي عمير، عن النضر ابن سويد، عن ابن سنان(٣) ، عن أبي عبدالله جعفر بن محمّد الصادق صلوات الله

____________________________

(١) في البحار: « في رقبته ».

(٢) في أكثر النسخ والبحار: « قلبك » وهو تصحيف.

(٣) يعني عبدالله بن سنان بن طريف مولى بني هاشم ثقة لا يطعن عليه.

١٨٠