الأمالي الشيخ المفيد

الأمالي الشيخ المفيد0%

الأمالي الشيخ المفيد مؤلف:
المحقق: علي أكبر الغفاري
الناشر: مؤسّسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرّسين بقم المشرّفة
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 357

الأمالي الشيخ المفيد

مؤلف: أبي عبد الله محمد بن محمد بن النعمان العكبرى البغدادى (الشيخ المفيد)
المحقق: علي أكبر الغفاري
الناشر: مؤسّسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرّسين بقم المشرّفة
تصنيف:

الصفحات: 357
المشاهدات: 47671
تحميل: 5974


توضيحات:

الأمالي الشيخ المفيد المقدمة
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 357 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 47671 / تحميل: 5974
الحجم الحجم الحجم
الأمالي الشيخ المفيد

الأمالي الشيخ المفيد

مؤلف:
الناشر: مؤسّسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرّسين بقم المشرّفة
العربية

الشيطان ليدرأ القلوب عن تنبهها(١) ، وتذهلها عن موجود الهدى(٢) ، و معرفة أهل الحق إلا قليلا ممن عصم الله، وليس يعرف تصرف أيامها(٣) ، وتقلب حالاتها، وعاقبة ضرر فتنتها إلا من عصمه الله، ونهج سبيل الرشد، وسلك سبيل القصد ممن استعان على ذلك بالزهد، فكرر التفكر(٤) ، و اتعظ بالعبر(٥) فازدجر، وزهد في عاجل بهجة الدنيا، فتجافى عن لذاتها(٦) ، ورغب في دائم نعيم الآخرة(٧) ، وسعى لها سعيها، وراقب الموت، وسئم الحياة مع القوم الظالمين(٨) ، فعند ذلك نظر إلى ما في الدنيا بعين نيرة حديدة النظر(٩) فأبصر حوادث الفتن، وضلال البدع، وجور الملوك الظلمة. فقد لعمري استدبرتم [ من ] الامور الماضية في الايام الخالية من الفتن المتراكمة والانهماك فيها ما تستدلون(١٠) به على تجنب الغواة وأهل البدع والبغي و

____________________________

(١) في الروضة: « لتثبط القلوب » والتثبيط: التعويق والشغل عن المراد. وفى البحار: « لتدبير القلوب عن نيتها » والمراد تعويقها عن نيتها أو صرفها، وفي المطبوعة: « ليذر القلوب عن تنبيهها ».

(٢) في المطبوعة: « من وجود الهدى ».

(٣) في بعض النسخ: « آنائها » وبعضها: « آياتها ».

(٤) في الروضة والبحار: « فكرر الفكر ». وكذا في التحف.

(٥) في الروضة: « واتعظ بالصبر » وكأنه تصحيف.

(٦) في بعض النسخ: « وتجافى ».

(٧) في بعض النسخ: « ورغب في دائم نعم الاخرة » وفي بعضها: « في نعيم دار القرار » وفي بعضها: « في دار نعيم الاخرة ».

(٨) كذا في النسخ، وسئم: مل، ولكن لا يناسب المتن، والصواب ما في الروضة والتحف: « وشنأ الحياة ».

(٩) في الروضة: « حديدة البصر ».

(١٠) في الروضة: « والانهماك فيما تستدلون به » والانهماك: التمادي في الشئ واللجاج فيه.

٢٠١

الفساد في الارض بغير حق. فاستعينوا بالله، وارجعوا إلى طاعة الله، وطاعة من هو أولى بالطاعة ممن اتبع وأطيع(١) . فالحذر الحذر من قبل الندامة والحسرة، والقدوم على الله، والوقوف بين يديه. وتالله ما صدر قوم قط عن معصية الله إلا إلى عذابه، وما آثر(٢) قوم قط الدنيا على الآخرة إلا ساء منقلبهم وساء مصيرهم. وما العلم بالله و العمل بطاعته إلا إلفان مؤتلفان، [ ف‍ ] من عرف الله خافه، فحثه الخوف على العمل بطاعة الله. وإن أرباب العلم وأتباعهم الّذين عرفوا الله فعملوا له(٣) و رغبوا إليه، وقد قال الله تعالى: ﴿إِنَّمَا يَخْشَى اللَّـهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ(٤) . فلا تلتمسوا شيئا مما في هذه الدنيا بمعصية الله، واشتغلوا في هذه الدنيا بطاعة الله، واغتنموا أيامها، واسعوا لما فيه نجاتكم غدا من عذاب الله، فإن ذلك أقل للتبعة، وأدنى من العذر، وأرجى للنجاة. فقدموا أمر الله وطاعته وطاعة من أوجب الله طاعته بين يدي الامور كلها، ولا تقدموا الامور الواردة عليكم من الطواغيت، من فتن زهرة الدنيا(٥) بين يدي أمر الله وطاعته وطاعة أولي الامر منكم. واعلموا أنكم ونحن عباد الله(٦) ، يحكم علينا وعليكم سيد حاكم غدا، وهو موقفكم ومسائلكم، فأعدوا الجواب قبل الوقوف والمسألة والعرض على رب العالمين، يومئذ لا تكلم نفس إلا بإذنه(٧) .

____________________________

(١) في البحار والمطبوعة: « من طاعة من اتبع وأطيع ».

(٢) في بعض النسخ: « ولا آثر ».

(٣) اي هم الّذين عرفوا الله وآمنوا به وعملوا بدينه.

(٤) الفاطر: ٢٨.

(٥) في الروضة والبحار: « وفتنة زهرة الدنيا » وهكذا في التحف.

(٦) في التحف وبعض نسخ الحديث: « واعلموا أنكم عبيدالله ونحن معكم ».

(٧) اقتباس من قوله تعالى في سورة هود: ١٠٥: ﴿يَوْمَ يَأْتِ لَا تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلَّا بِإِذْنِهِ ﴾.

٢٠٢

واعلموا أن الله تعالى لا يصدق يومئذ كاذبا، ولا يكذب صادقا، ولا يرد عذر مستحق، ولا يعذر غير معذور، بل له الحجة على خلقه بالرسل وبالاوصياء بعد الرسل. فاتقوا الله عباد الله، واستقبلوا من إصلاح أنفسكم(١) وطاعة الله وطاعة من تولونه فيها، لعل نادما [ و ] قد ندم على ما قد فرط(٢) بالامس في جنب الله، وضيع من حقوق الله(٣) ، فاستغفروا الله وتوبوا إليه، فإنه يقبل التوبة، ويعفو عن السيئة، ويعلم ما تفعلون. وإياكم وصحبة العاصين(٤) ، ومعونة الظالمين، ومجاورة الفاسقين، احذروا فتنتهم، وتباعدوا من ساحتهم، واعلموا أنه من خالف أولياء الله، ودان بغير دين الله، واستبد بأمره دون أمر ولي في نار تلتهب، تأكل أبدانا قد غابت عنها أرواحها وغلبت عليها شقوتها، فهم موتى لا يجدون حر النار(٥) فاعتبروا يا أولي الابصار، واحمدوا الله على ما هداكم، واعلموا أنكم لا تخرجون من قدرة الله

____________________________

(١) في الروضة: « في اصلاح انفسكم » وفي بعض نسخه: « في طاعة الله » وهو الاظهر.

(٢) في بعض النسخ « مما قد فرط ». وقال العلامة المجلسي رحمه الله: قوله « لعل نادما » على سبيل المماشاة، ويمكن أن يندم نادم يوم القيامة على ما قصر بالامس أي في الدنيا أي في قربه وجواره أو في أمره وطاعته أو طاعة مقربى جنابه اعني الائمةعليهم‌السلام ، والحاصل ان امكان وقوع ذلك الندم كاف في الحذر فكيف مع تحققه.

(٣) في المطبوعة والبحار: « من حق الله ». وفي الكافي « واستغفروا ».

(٤) في بعض النسخ: « وصحبة الغاصبين ».

(٥) زاد في الروضة: « لو كانوا أحياء لوجدوا مضض حر النار » وقال في المرآة: الظاهر أن المراد انهم في الدنيا في نار البعد والحرمان والسخط والخذلان، لكنهم لما كانوا بمنزلة الاموات لعدم العلم واليقين لم يستشعروا ألم هذه النار ولم يدركوها كما قال تعالى: ﴿وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكَافِرِينَ ﴾ وقال: ﴿أَمْوَاتٌ غَيْرُ أَحْيَاءٍ وَمَا يَشْعُرُونَ ﴾. ويحتمل أن يكون المراد بالنار اسباب دخولها تسمية للسبب باسم المسبب انتهى.

٢٠٣

إلى غير قدرته، وسيرى الله عملكم(١) ثم إليه تحشرون، فانتفعوا بالعظة، وتادبوا بآداب الصالحين.

٣٤ - وبالاسناد الاول عن عليّ بن مهزيار، عن الحسن، عن عليّ بن الحكم(٢) ، عن أبي حفص الاعشى. ومحمّد بن سنان، عن رجل من بني أسد(٣) جميعا، عن أبي حمزة الثمالي، عن عليّ بن الحسين صلوات الله عليهما قال: خرجت حتّى انتهيت إلى هذا الحائط، فاتكأت عليه فإذا رجل عليه ثوبان أبيضان(٤) ، فنظر في تجاه وجهي(٥) ، ثم قال: يا عليّ بن الحسين مالي أراك كئيبا حزينا ؟ أعلى الدنيا ؟ فرزق الله حاضر للبر والفاجر، قال: قلت: ما على هذا أحزن وإنه لكما تقول. قال: على الآخرة ؟ فهو وعد صادق(٦) ، يحكم فيه ملك قاهر. قلت: ما على هذا أحزن وإنه لكما تقول. قال: فما حزنك(٧) ؟ قلت: مما نتخوف من فتنة ابن الزبير(٨) ، قال: فضحك، ثم قال: يا عليّ بن الحسين هل رأيت قط أحدا خاف الله فلم ينجه ؟

____________________________

(١) في المطبوعة ونسخة: « أعمالكم ». وفي الروضة: « سيرى الله عملكم ورسوله ».

(٢) الحسن هو ابن محبوب. واما عليّ بن الحكم فهو اما الانباري الّذي هو ابن أخت على بن النعمان وتلميذ ابن أبى عمير، أو على بن الحكم الكوفي الثقة. وفي الكافي: « عن ابن محبوب، عن أبى حفص الاعشى » بلا واسطة.

(٣) الظاهر هو عمرو بن خالد الاسدي مولاهم الاعشى الكوفى من أصحاب الصادقعليه‌السلام .

(٤) قيل: لعل الرجل كان هو الخضر على نبينا وآله وعليه‌السلام .

(٥) في الكافي: « ينظر في تجاه وجهى ». قال في القاموس: « وجاهك وتجاهك مثلثتين: تلقاء وجهك ».

(٦) كذا وفي الكافي: « قال: فعلى الاخرة ؟ فوعد صادق ».

(٧) في الكافي: « مم حزنك » وهو الصواب.

(٨) يعني عبدالله، راجع ترجمته مجملا الكافي ج ٢ ص ٤٤ الطبعة الحروفية لدار الكتب الاسلامية.

٢٠٤

قال: قلت: لا، قال: يا عليّ بن الحسين هل رأيت أحدا توكل على الله فلم يكفه ؟: قال: قلت: لا، ثم نظرت فإذا ليس قدامي أحد(١) .

٣٥ - وبالاسناد الاول عن عليّ بن مهزيار، عن القاسم بن عروة، عن رجل، عن أحدهماعليهما‌السلام في معنى قوله جل وعز: ﴿كَذَٰلِكَ يُرِيهِمُ اللَّـهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ(٢) قال: الرجل يكسب مالا فيحرم أن يعمل فيه خيرا فيموت، فيرثه غيره، فيعمل فيه عملا صالحا، فيرى الرجل ما كسب حسنات(٣) في ميزان غيره.

٣٦ - وبالاسناد الاول عن عليّ بن مهزيار، عن ابن أبي عمير، عن هشام ابن سالم، عن أبي عبداللهعليه‌السلام أنه قال: إذا هممت بخير فلا تؤخره، فإن الله تبارك وتعالى ربما اطلع(٤) على عبده وهو على الشئ من طاعته(٥) ، فيقول: وعزتي وجلالي لا أعذبك بعدها أبدا، وإذا هممت بمعصية فلا تفعلها(٦) ، فإن الله تبارك وتعالى ربما اطلع على العبد وهو على شئ من معاصيه، فيقول: وعزتي وجلالي لا أغفر لك أبدا.

٣٧ - وبالاسناد الاول عن عليّ بن مهزيار، عن عليّ بن حديد، عن عليّ بن النعمان، عن حمزة بن حمران قال: سمعت أبا عبداللهعليه‌السلام يقول: إذا هم أحدكم بخير فلا يؤخره، فإن العبد ربما صلى الصلاة وصام اليوم(٧) ،

____________________________

(١) للخبر زيادة راجع الارشاد للمؤلف رحمه الله.

(٢) البقرة: ١٦٧.

(٣) كذا في ما عندي من النسخ وكذا أيضا في منقوله في البرهان، والظاهر وان كان له معنى انه تصحيف والصواب ما في المجمع وفيه بعد قوله « صالحا »: « فيرى الاول ما كسبه حسرة في ميزان غيره ».

(٤) اطلع على افتعل: أشرف عليه وعلم به. وبصيغة أفعل أيضا بمعناه.

(٥) في الكافي: « على شئ من طاعته » وهو الصواب.

(٦) في الكافي: « فلا تعملها ».

(٧) في بعض نسخ الكافي: « وصام الصوم » وفي البحار أيضا.

٢٠٥

فيقال له: اعمل ما شئت بعدها فقد غفر [ الله ] لك(١) .

٣٨ - وبالاسناد الاول عن عليّ بن مهزيار [ عن عليّ بن حديد ](٢) قال: أخبرني أبوإسحاق الخراساني صاحب كان لنا قال(٣) : كان أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب صلوات الله عليه يقول: لا ترتابوا فتشكوا ولا تشكوا فتكفروا، ولا ترخصوا لانفسكم فتدهنوا، ولا تداهنوا في الحق فتخسروا، [ و ] إن الحزم(٤) أن تتفقهوا، ومن الفقه أن لا تغتروا، وإن أنصحكم لنفسه أطوعكم لربه، وإن أغشكم لنفسه أعصاكم لربه. من يطع الله يأمن ويرشد(٥) ، ومن يعصه يخب ويندم. واسألوا الله اليقين، وارغبوا إليه في العافية(٦) ، وخير ما دار

____________________________

(١) يعنى أن العبادة التى توجب المغفرة التامة والقرب الكامل من جناب الحق تعالى مستورة على العبد لا يدرى أيها هي، فكلما هم بخير فعليه اتيانها قبل أن تفوته فلعلها تكون هي تلك العبادة، كما روى عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله : « ان لربكم في أيام دهركم نفحات، ألا فتعرضوا لها ». وقوله: « اعمل ما شئت » فان قيل: هذا اغراء بالقبيح، قلت: الاغراء بالقبيح انما يكون إذا علم العبد صدور مثل ذلك العمل عنه، وأنه أي عمل هو، وهو مستور عنه. وهذا الخبر منقول من طرق العامة، وقال القرطبى: الامر في قوله: « اعمل ما شئتت » أمر اكرام كما في قوله تعالى: ﴿ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ آمِنِينَ ﴾ واخبار عن الرجل بأنه قد غفر له ما تقدم من ذنبه، ومحفوظ في الاتى. وقال الابي: يريد بأمر الاكرام أنه ليس اباحه لان يفعل ما يشاء (انتهى بيان البحار ملخصا).

(٢) كذا في نسخة، ولعل الصواب: على بن اسباط كما يظهر من موضعين من الكافي.

(٣) فيه ارسال أو اضمار بأن يكون ضمير قال راجعا إلى الصادق أو الرضاعليهما‌السلام .

(٤) في الكافي: « وان من الحق أن تفقهوا ».

(٥) في الكافي: « يأمن ويستبشر ».

(٦) في النسخ والبحار: « العاقبة ».

٢٠٦

في القلب اليقين. أيها الناس إياكم والكذب، فإن كل راج طالب، وكل خائف هارب(١) .

٣٩ - وبالاسناد الاول عن عليّ بن مهزيار رفعه إلى أبي عبداللهعليه‌السلام قال: كان أمير المؤمنين صلوات الله عليه يقول: قربوا على أنفسكم البعيد، وهونوا عليها الشديد، واعلموا أن عبدا وإن ضعفت حيلته، ووهنت مكيدته إنه لن ينقص مما قدر الله له، وإن قوي في شدة الحيلة، وقوة المكيدة إنه لن يزاد(٢) على ما قدر الله له.

٤٠ - وبالاسناد الاول عن عليّ بن مهزيار، عن ابن أبي عمير، عن هشام، عن أبي عبداللهعليه‌السلام قال: كان أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب صلوات الله عليه يقول للناس بالكوفة: يا أهل الكوفة أتروني(٣) لا أعلم ما يصلحكم ؟ ! بلى ولكني أكره أن اصلحكم بفساد نفسي.

٤١ - وبالاسناد الاول عن عليّ بن مهزيار، عن عاصم(٤) ، عن فضيل الرسان، عن يحيى بن عقيل قال: قال عليعليه‌السلام : إنما أخاف عليكم اثنتين: اتباع الهوى، وطول الامل، فأما اتباع الهوى فيصد عن الحق، وأما طول الامل فينسي الآخرة. ارتجلت الآخرة مقبلة، وارتحلت الدنيا

____________________________

(١) أخرجه في الكافي متفرقا في باب استعمال العلم، وباب الكذب، وباب الشك. وأورد ما في معناه الشريف الرضى (ره) في النهج قسم الخطب تحت رقم ٨٤. ثم للمولى صالح المازندرانى (ره) شرح واف للحديث، فراجع ج ٢ ص ١٧٧ إلى ١٨٠ من شرحه على الكافي.

(٢) في المطبوعة: « لن يزداد » وهو بمعنى « زاد » لازما ومتعديا.

(٣) « أتروني » بحذف النون تخفيفا.

(٤) هو عاصم بن حميد الحناط الكوفى من أصحاب الصادقعليه‌السلام قالوا: ثقة، ولم نعثر على رواية ابن مهزيار عنه بلا واسطة والظاهر سقط الراوى بينهما، وفضيل الرسان هو أخو عبدالله بن الزبير.

٢٠٧

مدبرة، ولكل بنون، فكونوا من بني الآخرة، ولا تكونوا من بني الدنيا(١) ، اليوم عمل ولا حساب، وغدا حساب ولا عمل(٢) .

٤٢ - وبالاسناد الاول عن عليّ بن مهزيار، عن فضالة، عن إسماعيل(٣) ، عن أبي عبداللهعليه‌السلام قال: كان أمير المؤمنينعليه‌السلام يقول: نبه بالتفكر قلبك، وجاف عن النوم جنبك(٤) ، واتق الله ربك.

٤٣ - وبالاسناد الاول عن عليّ بن مهزيار، عن واصل بن سليمان، عن ابن سنان قال: سمعت أبا عبداللهعليه‌السلام يقول: كان المسيحعليه‌السلام يقول لاصحابه: إن كنتم أحبائي وإخواني فوطنوا أنفسكم على العداوة والبغضاء من الناس، فإن لم تفعلوا فلستم بإخواني، إنما اعلمكم لتعملوا(٥) ، ولا أعلمكم لتعجبوا. إنكم لن تنالوا ما تريدون إلا بترك ما تشتهون وبصبركم على ما تكرهون(٦) . وإياكم والنظرة فإنها تزرع في قلب صاحبها الشهوة، وكفى بها لصاحبها فتنة. يا طوبى لمن يرى بعينيه(٧) الشهوات، ولم يعمل بقلبه المعاصي. ما أبعد

____________________________

(١) في بعض نسخ الحديث: « من أبناء الدنيا ».

(٢) تقدم مثله في المجلس الحادى عشر، ويأتى في المجلس الحادى والاربعين بطريقين المختلفين. وكثيرا ما يقولهعليه‌السلام ومنها ما قاله عند قدومه من البصرة إلى الكوفة كما في كتاب الصفين.

(٣) هو اسماعيل بن أبى زياد السكوني.

(٤) في نسخة وفي الكافي: « عن الليل جنبك ».

(٥) في بعض النسخ: « لتعلموا ».

(٦) أشارعليه‌السلام بأن الطريق الوحيد إلى الوصول بالمقام الامين ترك الشهوات وتعديل القوتين الشهوية والغضبية والمقاومة عندهما.

(٧) في نسخة: « بعينه ».

٢٠٨

ما قد فات، [ ما ] أدنى ما هو آت ! ويل للمغترين لو قد أزفهم(١) ما يكرهون، وفارقهم ما يحبون، وجاءهم ما يوعدون، [ و ] في خلق هذا الليل والنهار معتبر. ويل لمن كانت الدنيا همه والخطايا عمله كيف يفتضح غدا عند ربه ؟ ! ولا تكثروا الكلام في غير ذكر الله، فإن الّذين يكثرون الكلام في غير ذكر الله قاسية قلوبهم ولكن لا يعلمون(٢) . لا تنظروا إلى عيوب الناس كأنكم رئايا عليهم(٣) ، ولكن انظروا في خلاص أنفسكم، فإنما أنتم عبيد مملوكون. إلى كم يسيل الماء على الجبل لا يلين ؟ ! إلى كم تدرسون الحكمة لا يلين عليها قلوبكم ؟ ! عبيد السوء فلا عبيد اتقياء(٤) ، ولا أحرار كرام، إنما مثلكم كمثل الدفلى(٥) يعجب بزهرها من يراها، ويقتل من طعمها، والسلام.

٤٤ - وبالاسناد الاول عن عليّ بن مهزيار، عن ابن أبي نجران، عن الحسن بن بحر، عن فرات بن أحنف، عن رجل من أصحاب أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب صلوات الله عليه قال: سمعته يقول: تبذل ولا تشهر(٦) ، وأخف شخصك لئلا تذكر وتعلم، واكتم واصمت تسلم. وأومى بيده إلى صدره تسر الابرار وتغيظ الفجار وأومأ بيده إلى العامة.

٤٥ - وبالاسناد الاول عن عليّ بن مهزيار، عن الحسن بن عليّ بن

____________________________

(١) أي أعجلهم. وفي نسخة: « لزمهم » وهذا أنسب لما بعده.

(٢) فيه دلالة على أن كثرة الكلام في الامور المباحة يوجب قساوة القلب، وأما الكلام في الامور الباطلة فقليله كالكثير في ايجاب القساوة والنهى عنه (المرآة).

(٣) أي عيونا وجواسيس عليهم.

(٤) في المطبوعة والبحار: « لا عبيد أتقياء ».

(٥) الدفل بالكسر وكذكرى: نبت مر، فارسيته: « خرزهرة » قتال، زهره كالورد الاحمر، وحمله كالخرنوب (البحار). وخرنوب بالضم: نبت معروف، فارسيته: جنك جنكك، كما في بحر الجواهر.

(٦) التبذل: ترك الاحتشام والتصون، وترك التزين والتهيى بالهيئة الحسنة الجميلة.

٢٠٩

فضال قال: سمعت أبا الحسنعليه‌السلام (١) يقول: ما التقت فئتان [ قتالا ] قط إلا نصر الله أعظمها عفوا(٢) .

٤٦ - وبالاسناد الاول عن عليّ بن مهزيار، عن الحسن بن محبوب، عن هشام بن سالم، عن حبيب السجستاني، عن أبي جعفر محمّد بن عليّ الباقرعليهما‌السلام قال: إن في التوراة مكتوبا فيما ناجى الله تعالى به موسىعليه‌السلام أن قال له: يا موسى خفني في سر أمرك أحفظك من وراء عورتك، واذكرني في خلوتك وعند سرور لذتك(٣) أذكرك عند غفلاتك، وأملك غضبك عمن ملكتك عليه أكف عنك غضبي، واكتم مكنون سري في سريرتك، وأظهر في علانيتك المدارأة عني(٤) لعدوي وعدوك من خلقي، ولا تستسب لي عندهم(٥) بإظهارك مكنون سري فتشرك عدوي وعدوك في سبي.

٤٧ - وبالاسناد الاول عن عليّ بن مهزيار، عن ابن محبوب، عن الفضل ابن يونس، عن أبي الحسن الاولعليه‌السلام إنه قال: أبلغ خيرا، وقل خيرا، ولا تكونن إمعة. قلت: وما الامعة ؟ قال: لا تقل أنا مع الناس وأنا كواحد من الناس(٦) ، إن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: أيها الناس هما نجدان: نجد خير

____________________________

(١) هو على بن موسى الرضاعليه‌السلام .

(٢) في الكافي: « الا نصر أعظمهما عفوا »، وقال العلامة المجلسي (ره): يدل على أن نية العفو تورث الغلبة على الخصم (البحار).

(٣) في البحار في الموضعين على صيغة الجمع أي خلواتك ولذاتك.

(٤) في المطبوعة: « منى »، وقال الفيض (ره): لما كان أصل الدرء الدفع وهو مأخوذ في المدارأة عديت بعن.

(٥) أي لا تطلب سبى فان من لم يفهم السر يسب من تكلم به، « فتشرك » أي تكون شريكا له لانك أنت الباعث له عليه (الوافى). وفي بعض نسخ الكافي: « ولا تسبب ».

(٦) الامعة بكسر الهمزة وتشديد الميم هو الّذي لا رأى له، فهو يتابع كل أحد على رأيه، والهاء فيه للمبالغة، ويقال فيه: « امع » أيضا. ولا يقال للمرأة: امعة، وهمزته أصلية لانه لا يكون أفعل وصفا. وقيل: هو الذى يقول لكل أحد: أنا معك.

٢١٠

ونجد شر، فما بال نجد الشر أحب إليكم من نجد الخير ؟ !.

والحمد لله رب العالمين، وصلّى الله على سيدنا محمّد وعترته الطاهرين وسلم تسليما

المجلس الرابع والعشرون

مجلس يوم الاربعاء الثاني والعشرين من شهر رمضان سنة ثمان وأربعمائة، وهو أول مجلس أملى فيه في هذا الشهر

حدثنا الشيخ المفيد أبوعبدالله محمّد بن محمّد بن النعمان أيد الله حراسته في مسجده بدرب رياح في اليوم المؤرخ فيه

 ١ - قال: أخبرني أبوغالب أحمد بن محمّد الزراري قال: حدثني أبوطاهر محمّد بن سليمان الزراري قال: حدثنا محمّد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن محمّد بن يحيى الخزاز، عن غياث بن إبراهيم، عن أبي عبدالله الصادق جعفر بن محمّد صلوات الله عليهما، عن أبيه، عن جدهعليهم‌السلام قال: كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إذا خطب حمد الله وأثنى عليه ثم قال(١) : أما بعد فإن أصدق الحديث كتاب الله، وأفضل الهدى هدى محمّد، وشر الامور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة. ويرفع صوته، وتحمار وجنتاه(٢) ، ويذكر الساعة وقيامها حتّى كأنه منذر جيش(٣) ، يقول: صبحتكم الساعة، مستكم الساعة(٤) ، ثم يقول: بعثت

____________________________

(١) كذا والقياس « ثم يقول ».

(٢) تحمار: تصير أحمر على التدريج. والوجنة: ما ارتفع من الخدين. وفي المطبوعة: « تجمر وجنتاه ».

(٣) هو الّذي يجئ مخبرا للقوم بما قد دهمهم من عدو أو غيره.

(٤) أي نزلت بكم الساعة صباحا ومساء، والمراد ستنزل وصيغة الماضي للتحقق، والساعة القيامة، وفي النسخ: « صحبتكم الساعة » وهو تصحيف.

٢١١

أنا والساعة كهاتين ويجمع بين سبابتيه، من ترك مالا فلاهله، ومن ترك دينا فعلي وإلي(١) .

٢ - قال: أخبرني أبونصر محمّد بن الحسين المقري قال: حدثنا عبد الكريم بن محمّد البجلى قال: حدثنا محمّد بن عليّ قال: حدثنا زيد بن المعدل، عن أبان بن عثمان الاجلح، عن زيد بن على بن الحسين، عن أبيهعليهما‌السلام قال: وضع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في مرضه الذى توفى فيه رأسه في حجر أم الفضل واغمي عليه، فقطرت قطرة من دموعها على خده، ففتح عينيه وقال لها: مالك يا أم الفضل ؟ قالت: نعيت(٢) إلينا نفسك، وأخبرتنا أنك ميت، فإن يكن الامر لنا(٣) فبشرنا، وإن يكن في غيرنا فأوص بنا. قال: فقال لها النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله : أنتم المقهورون المستضعفون من بعدي(٤) .

٣ - قال: أخبرني أبوالحسن عليّ بن خالد المراغي قال: حدثنا أبوطالب محمّد بن أحمد بن البهلول قال: حدثنا أبوالعباس أحمد بن الحسن الضرير قال: حدثنا أحمد بن محمّد قال: حدثنا أحمد بن يحيى قال: حدثنا إسماعيل بن أبان قال: حدثني يونس بن أرقم قال: حدثني أبوهارون العبدي، عن أبي عقيل(٥) قال: كنا عند أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب صلوات الله عليه فقال:

____________________________

(١) كذا والصواب: « ومن ترك دينا أو ضياعا فعلى والى »، وقال السيوطي: فيه لف ونشر مرتب، ف‍ « على » راجع إلى الدين، و « إلى » راجع إلى الضياع اهـ. والخبر تقدم في المجلس السابق تحت رقم ١٤ بسند آخر مع اختلاف يسير.

(٢) النعى: خبر الموت.

(٣) في المطبوعة: « فينا ».

(٤) أخبرصلى‌الله‌عليه‌وآله عما يجرى القضاء لاهل بيته بما يرجى له حسن المثوبة، من اجتماع الامة على خضد شوكتهم وغصب حقهم.

(٥) أبوهارون اسمه عمارة بن جوين، وأبو عقيل يروى عن علي أمير المؤمنينعليه‌السلام في الغارات ص ٥٨٥ حديث افتراق الامة قريب المضمون لحديثنا هذا وهو مشترك. قال الاستاذ الارموى (ره): لم نتمكن من تعيينه ويمكن أن ينطبق على من ذكره ابن أبى حاتم في الجرح والتعديل بهذه العبارة: « أبوعقيل مولى لبنى زريق، سمع عائشة، روى عنه أبوبكر بن عثمان، سمعت أبى يقول ذلك ».

٢١٢

لتفرقن(١) هذه الامة على ثلاث وسبعين فرقة، والّذي نفسي بيده أن الفرق كلها ضالة إلا من اتبعني وكان من شيعتي.

٤ - قال: حدثنا أبوجعفر محمّد بن عليّ بن الحسين قال: حدثني أبي قال: حدثني محمّد بن يحيى العطار قال: حدثنا أحمد بن محمّد بن عيسى، عن عليّ بن الحكم، عن هشام بن سالم، عن سليمان بن خالد، عن أبي عبدالله جعفر بن محمّد الصادق، عن آبائهعليهم‌السلام قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لعليعليه‌السلام : يا علي أنت مني وأنا منك: وليك وليي ووليي ولي الله، وعدوك عدوي وعدوي عدو الله. يا علي أنا حرب لمن حاربك، وسلم لمن سالمك. يا علي لك كنز في الجنة وأنت ذو قرنيها(٢) . يا علي أنت قسيم الجنة والنار، لا يدخل الجنة إلا من عرفك وعرفته(٣) ، ولا يدخل النار إلا من أنكرك وأنكرته. يا علي أنت والائمة من ولدك(٤) على الاعراف يوم القيامة تعرف المجرمين بسيماهم، والمؤمنين بعلاماتهم. يا علي لولاك لم يعرف المؤمنون بعدي.

____________________________

(١) في المطبوعة: « لتفترقن ».

(٢) قال في النهاية: « انه قال لعلى: » ان لك بيتا في الجنة، وانك ذوقرنيها « أي طرفي الجنة وجانبيها ».

(٣) أي عرفك بالامامة وعرفته بالاطاعة لك وللائمة من ولدك وهكذا الانكار. وفي كثير من الاحاديث أنهعليه‌السلام يعرف شيعته باسمهم واسم أبيهم وكذا بجملة نعوتهم.

(٤) في المطبوعة: « من بعدك ».

٢١٣

 ٥ - قال: أخبرني أبوالقاسم جعفر بن محمّد بن قولويه رحمه الله عن أبيه قال: حدثنا محمّد بن يحيى، وأحمد بن إدريس جميعا، عن عليّ بن محمّد بن عليّ بن سعد الاشعري، عن الحسين بن نصر بن مزاحم العطار، عن أبيه، عن عمرو بن شمر، عن جابر بن يزيد الجعفي، عن أبي جعفر الباقرعليه‌السلام قال: سمعت جابر بن عبدالله بن حرام الانصاري يقول: لو نشر سلمان وأبو ذر رحمهما الله لهؤلاء الّذين ينتحلون مودتكم أهل البيت لقالوا: هؤلاء الكذابون(١) ولو رأى هؤلاء أولئك لقالوا: مجانين.

٦ - قال: أخبرني أبوالحسن أحمد بن محمّد بن الحسن، عن أبيه، عن محمّد بن الحسن الصفار، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن يونس بن عبد الرحمن، عن محمّد بن ياسين قال: سمعت أبا عبدالله جعفر بن محمّدعليهما‌السلام يقول: ما ينفع العبد يظهر حسنا ويسر سيئا، أليس إذا رجع إلى نفسه علم أنه ليس كذلك، والله تعالى يقول: ﴿بَلِ الْإِنسَانُ عَلَىٰ نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ(٢) ، إن السريرة إذا صلحت قويت العلانية.

وصلّى الله على سيدنا محمّد النبيّ الامي وآله الطاهرين وسلم تسليما

____________________________

(١) في المطبوعة: « لهؤلاء الكذابون ». والمعنى انه لو نشرا مناقبكم أو ما في مودتكم أهل البيت في الّذين انتحلوها لرموهما بالكذب. ولو رآهم هؤلاء يعني سلمان وأضرابه لقالوا: اولئك الّذين لا يعقلون.

(٢) القيامة: ١٤.

٢١٤

المجلس الخامس والعشرون

مجلس يوم الاثنين السابع والعشرين من شهر رمضان سنة ثمان وأربعمائة

 حدثنا الجليل الشيخ المفيد أبوعبدالله محمّد بن محمّد بن النعمان أيد الله تمكينه

 ١ - قال: أخبرني أبوالحسن أحمد بن محمّد بن الحسن بن الوليد رحمه الله قال: حدثني أبي قال: حدثنا محمّد بن الحسن الصفار قال: حدثنا أحمد بن محمّد بن خالد قال: حدثني أبي قال: حدثنا أحمد بن النضر الخزاز، عن عمرو بن شمر، عن جابر بن يزيد، عن أبي جعفر محمّد بن عليّ بن الحسينعليهم‌السلام قال: قام أبوذر الغفاري رضي الله عنه عند الكعبة فنادى: أنا جندب بن السكن، فاكتنفه الناس، فقال: معاشر الناس لو أن أحدكم أراد السفر لاعد ما يصلحه، أفما تريدون لسفر يوم القيامة ما يصلحكم ؟ فقام إليه رجل وقال له: أرشدنا رحمك الله، فقال أبوذر رحمه الله صوم يوم شديد الحر(١) للنشور، وحج البيت الحرام لله تعالى لعظائم الامور، وصلاة ركعتين في سواد الليل لوحشه القبور. اجعلوا الكلام كلمتين: كلمة خير تقولونها، وكلمة شر تسكتون عنها، وصدقة منك على مسكني لعلك تنجو بها يا مسكين(٢) من يوم عسير. اجعل الدنيا درهمين اكتسبتهما: درهما تنفقه على عيالك، ودرهما تقدمه لآخرتك، والثالث يضر ولا ينفع فلا ترده. اجعل الدنيا كلمتين: كلمة في طلب الحلال، وكلمة للآخرة، والثالثة تضر ولا تنفع فلا تردها، ثم قال: قتلني هم يوم لا أدركه.

٢ - قال: أخبرني أبوالحسن عليّ بن خالد المراغي قال: حدثنا عبد الكريم

____________________________

 (١) في الخصال: « صم يوما شديد الحر للنشور » بلفظ الامر وكذا فيما يأتي.

 (٢) في الخصال « يا مستكين ».

٢١٥

ابن محمّد البجلي قال: حدثنا عثمان بن أبي شيبة قال: حدثنا محمّد بن مصعب القرقساني(١) قال: حدثنا الاوزاعي قال: حدثنا شداد أبوعمار، عن واثلة بن الاسقع قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : إن الله اصطفى من ولد إبراهيم إسماعيل، واصطفى من إسماعيل كنانة، واصطفى من كنانة قريشا، واصطفى من قريش بني هاشم، واصطفاني من بني هاشم.

٣ - قال: أخبرني أبوالحسن عليّ بن خالد المراغي قال: حدثنا عليّ بن سليمان(٢) قال: حدثنا محمّد بن الحسن النهاوندي قال: حدثنا أبوالخزرج الاسدي قال: حدثنا محمّد بن الفضيل(٣) قال: حدثنا أبان بن أبي عياش قال: حدثنا جعفر بن إياس، عن أبي سعيد الخدري قال: وجد قتيل على عهد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فخرجعليه‌السلام مغضبا حتّى رقى المنبر، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: يقتل رجل من المسلمين لا يدري من قتله ؟ ! والّذي نفسي بيده لو أن أهل السماوات والارض اجتمعوا على قتل مؤمن(٤) أو رضوا به لادخلهم الله في النار. والّذي نفسي بيده لا يجلد أحد أحدا ظلما(٥) إلا جلد غدا في نار جهنم

____________________________

(١) محمّد بن مصعب بن صدقة القرقسائى، بقافين المضمومين وسين مهملة، قال ابن حجر: صدوق كثير الغلط، وقال ابن الاثير: كان حافظا الا أنه كثير الغلط فضعف لذلك، مات سنة ٢٠٨.

(٢) كأنه عليّ بن سليمان أبوعبدالله الحكيمي المترجم في تاريخ بغداد، وأما محمّد بن الحسن النهاوندي فلم نجد بهذا العنوان أحدا واحتمال كونه محمّد بن الحسن ابن كوثر بن عليّ البربهارى المتوفى سنة ٢٦٦ وتصحيف النسخ لمشاكلة الخط قريب.

(٣) هو محمّد بن الفضيل بن غزوان المعنون في الرجال. وأما راويه فلم نعرف من هو.

(٤) ينبغي أن يحمل على قتله بسبب ايمانه، ويدل عليه حسنة سماعة، راجع الفقيه ج ٤ ص ٩٧ طبع مكتبة الصدوق تحت رقم ٥١٧١.

(٥) خرج به من أقيم به الحدود فانه بأمر الله تعالى.

٢١٦

مثله. والّذي نفسي بيده لا يبغضنا أهل البيت أحد إلا أكبه الله على وجهه في نار جهنم(١) .

٤ - قال: حدثنا أبوجعفر محمّد بن عليّ بن الحسين قال: حدثني أبي قال: حدثنا سعد بن عبدالله، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن محمّد بن سنان، عن المفضل بن عمر الجعفي، عن جابر بن يزيد، عن أبي جعفر محمّد بن عليّ بن الحسين، عن أبيه، عن جدهعليهم‌السلام قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لعلي بن أبي طالبعليه‌السلام : يا علي أنا وأنت وابناك الحسن والحسين وتسعة من ولد الحسين أركان الدين ودعائم الاسلام، من تبعنا نجا، ومن تخلف عنا فإلى النار.

٥ - قال: أخبرني أبوعبدالله محمّد بن داود الحتمي إجازة قال: حدثنا أبوبكر عبدالله بن سليمان بن الاشعث(٢) قال: حدثنا أحمد بن محمّد بن عبدان قال: حدثنا إبراهيم الحربي قال: حدثنا سعيد بن داود بن [ أبي ] زنبر(٣) قال: حدثنا مالك بن أنس، عن عمه أبي سهيل بن مالك(٤) ، عن أبيه قال: إني لواقف مع المغيرة بن شعبة عند نهوض عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام من المدينة إلى البصرة إذ

____________________________

(١) كب الاناء كبا لازم متعد وأكب اكبابا: قلبه وصرعه.

(٢) هو أبوبكر بن أبي داود السجستاني المعنون في تاريخ بغداد ج ٧ ص ٤٦٤، يروى عن أحمد بن محمّد بن عبدان بن فضال أبوالطيب الاسدي الصفار، وهو يروى عن ابراهيم بن اسحاق بن ابراهيم أبى اسحاق الحربى الذى كان اماما في العلم، رأسا في الزهد. راجع تاريخ الخطيب ج ٤ ص ٥٨ وج ٦ ص ٢٧.

(٣) هو أبوعثمان سعيد بن داود بن أبي زنبر الزنبرى المترجم في التهذيب، سكن بغداد وحدث بها عن مالك. وصحف في النسخ بسعيد بن داود بن الزبير. وفي اللباب: الزنبرى بفتح الزاى وسكون النون وفتح الباء الموحدة وفي آخرها الراء.

(٤) هو نافع بن مالك بن أبى عامر الاصبحي أبوسهيل التيمى المدنى، يروى عنه ابن أخيه مالك بن أنس بن مالك بن أبي عامر المدنى أحد الائمة الاربعة الفقهاء.

٢١٧

أقبل عمار بن ياسر رضي الله عنه فقال له: هل لك في الله عزّوجلّ يا مغيرة(١) ؟ فقال: وأين هو [ لي ] يا عمار ؟. قال: تدخل في هذه الدعوة فتلحق بمن سبقك وتسود من خلفك. فقال له المغيرة: أو خير من ذلك يا أبا اليقظان ؟ قال عمار: وما هو ؟ قال: ندخل بيوتنا، ونغلق علينا أبوابنا حتّى يضئ لنا الامر فنخرج ونحن مبصرون، ولا نكون كقاطع السلسلة أراد الضحك فوقع في الغم، فقال له عمار: هيهات هيهات أجهل بعد علم، وعمى بعد استبصار ؟ ! ولكن اسمع قولي، فوالله لن تراني إلا في الرعيل الاول(٢) . قال: فطلع عليهما أمير المؤمنين صلوات الله عليه فقال: يا أبا اليقظان ما يقول لك الاعور فإنه والله دائبا يلبس الحق بالباطل، ويموه فيه(٣) ، ولن يتعلق من الدين إلا بما يوافق الدنيا، ويحك يا مغيرة إنها دعوة تسوق من يدخل فيها إلى الجنة. فقال له المغيرة: صدقت يا أمير المؤمنين إن لم أكن معك فلن أكون عليك.

٦ - قال: حدثني أبوجعفر محمّد بن عليّ بن الحسين قال: حدثني أبي قال: حدثني محمّد بن يحيى العطار قال: حدثنا محمّد بن أحمد بن يحيى، عن الحسن بن عليّ الكوفي، عن العباس بن عامر القصباني، عن أحمد بن رزق الغمشاني، عن يحيى ابن أبي العلاء، عن جابر، عن أبي جعفر محمّد بن عليّ بن الحسين، عن أبيه، عن جدهعليهم‌السلام قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : إنه إذا كان يوم القيامة، وسكن أهل الجنة الجنة، وأهل النار النار، مكث عبد في النار سبعين خريفا والخريف سبعون سنة، ثم إنه يسأل الله عزّوجلّ ويناديه فيقول: يا رب أسألك بحق محمّد وأهل بيته لما رحمتني.

____________________________

(١) كذا.

(٢) الرعيل: اسم كل قطعه متقدمة من خيل ورجال.

(٣) موه الخبر على فلان: أخبره بخلاف ما سأله وزوره عليه ولبسه.

٢١٨

فيوحي الله جل جلاله إلى جبرئيلعليه‌السلام [ أن ] اهبط إلى عبدي فأخرجه، فيقول جبرئيل: وكيف لي بالهبوط في النار ؟ فيقول الله تبارك وتعالى: إنه قد أمرتها أن تكون عليك بردا وسلاما. قال: فيقول: يا رب فما علمي بموضعه ؟ فيقول: إنه في جب من سجين. فيهبط جبرئيلعليه‌السلام إلى النار فيجده معقولا على وجهه فيخرجه. فيقف بين يدي الله عزّوجلّ، فيقول الله تعالى: يا عبدي كم لبثت في النار تناشدني ؟ فيقول: يا رب ما أحصيته. فيقول الله عزّوجلّ له: أما وعزتي وجلالي لولا ما(١) سألتني بحقهم عندي لاطلت هوانك في النار، ولكنه حتم على نفسي أن لا يسألني(٢) عبد بحق محمّد وأهل بيته إلا غفرت له ما كان بيني وبينه(٣) ، وقد غفرت لك اليوم، ثم يؤمر به إلى الجنة(٤) .

 ٧ - قال: أخبرني أبوجعفر محمّد بن عليّ بن الحسين قال: حدثنا محمّد بن على ماجيلويه قال: حدثنا عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن محمّد بن أبي عمير، عن معاوية بن عمار، عن أبي عبداللهعليه‌السلام قال: كان بالمدينة رجل بطال يضحك أهل المدينة من كلامه، فقال يوما لهم: قد أعياني هذا الرجل يعني عليّ بن الحسينعليهما‌السلام فما يضحكه مني شئ(٥) ولا بد من أن أحتال(٦) في

____________________________

(١) في بعض النسخ: فلولا من سألتنى بحقهم وفي بعض نسخ الحديث: « لولا ما سألتنى به » و « ما » في الصلب مصدرية وهنا موصولة.

(٢) في ثواب الاعمال: « ولكني حتمت على نفسي ».

(٣) أي دون ما بينه وبين الناس.

(٤) رواه الصدوق (ره) في المعاني ص ٢٢٦ وثواب الاعمال ص ١٨٥ والخصال ص ٤٨٤ كلها طبع مكتبة الصدوق، وأيضا في الامالى ص ٣٩٨ كما في البحار ج ٩٤ ص ٢.

(٥) في نسخة: « فما يضحكه من شئ ».

(٦) في نسخة: « من أن يحتال ».

٢١٩

أن اضحكه. قال: فمر عليّ بن الحسينعليهما‌السلام ذات يوم ومعه موليان له، فجاء ذلك [ الرجل ] البطال حتّى انتزع رداءه من ظهره، واتبعه الموليان فاسترجعا الرداء منه وألقياه عليه، وهو مخبت(١) لا يرفع طرفه من الارض. ثم قال لمولييه: ما هذا ؟ فقالا له: رجل بطال يضحك أهل المدينة ويستطعم منهم بذلك. قال: فقولا له: يا ويحك إن لله يوما يخسر فيه البطالون.

وصلّى الله على سيدنا محمّد النبيّ وآله وسلم تسليما

المجلس السادس والعشرون

مجلس يوم الاثنين الثاني من شهر رمضان سنة تسع وأربعمائة مما سمعه أبوالفوارس وحده

 حدثنا الشيخ الجليل المفيد أبوعبدالله محمّد بن محمّد بن النعمان أيد الله تمكينه

 ١ - قال: حدثني أبوحفص عمر بن محمّد بن عليّ الصيرفي المعروف بابن الزيات قال: حدثنا أبوعلي محمّد بن همام الاسكافي قال: حدثنا جعفر بن محمّد بن مالك(٢) قال: حدثنا أحمد بن سلامة الغنوي قال: حدثنا محمّد بن الحسين العامري(٣) قال: حدثنا أبومعمر، عن أبي بكر بن عياش، عن الفجيع العقيلي قال: حدثني الحسن بن عليّ بن أبي طالبعليهما‌السلام قال: لما حضرت

____________________________

(١) في المطبوعة: « وهو محتب » من الاحتباء وهو نوع جلوس. وفي نسخة: « وهو مخبت » وهذا أنسب، والاخبات: الاطمئنان والانصات.

(٢) هو جعفر بن محمّد بن مالك بن عيسى بن سابور أبوعبدالله الكوفى مولى وكان ضعيفا لا يحتج به.

(٣) الظاهر كونه محمّد بن الحسين بن ابراهيم العامري المعروف بابن اشكاب المعنون في تاريخ الخطيب وتهذيب التهذيب.

٢٢٠